الدراسات البحثيةالعلاقات الدوليةالنظم السياسي

الإنتخابات التركية “2015 ” ومدي تأثيرها على الدول العربية

إعداد الباحثة / ناديه عبدالرحمن أبوعلى

 المركز الديمقراطى العربى

عناصر الورقة البحثية

الباب الأول

هدف الدراسة البحثية
محتويات الورقة البحثية
نتائج الورقة البحثية

الباب الثاني.

الفصل الأول
الدور التركي والسعي إلي الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط في ظل غياب الأنظمة العربية
لانتخابات التركية ومدي تأثيرها على بعض الدول العربية
الأسباب الدافعة لتزايد الدورالتركي الإقليمي في المنطقة
الفصل الثاني
الإنتخابات التركية2015
السيناريوهات التى كانت متوقعة قبل أعلان نتيجة الإنتخابات
العملية الأنتخابية للبرلمان التركي 2015ونتائجها
أبرز النتائج الانتخابية على الصعيد المحلي

الباب الثاني

الفصل الأول
العلاقات العربية التركية في الشرق الأوسط وتأثرها بنتيجة الإنتخابات
أولا العلاقات التركية العربية
العلاقات السورية التركية ومدي تأثيرها بنتيجة الإنتخابات
الفصل الثاني
الانتخابات التركية وانعكاستها على المنطقة العربية
أولاً: انعكاسات نتائج الانتخابات البرلمانية على السياسة الخارجية التركية
الانتخابات المحلِية التركية .. ومدي تأثيرها على العراق

الباب الثالث

الفصل الأول
مستقبل الدور التركي في القضية الفلسطينية
الفصل الثاني
تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني
توتر العلاقات التركية
رؤية الأحزاب التركية للعلاقة مع إسرائيل في ضوء الانتخابات القادمة
تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني
الخاتمة
المراجع

أهدف الدراسة البحثية:
الهدف: يهدف هذا البحث إلى دراسة دور القوى السياسية التركية بعد انتخابات 2015 وتراجع الحزب الحاكم في حصولة على 40,8% من عدد المقاعد في تحديد سياسة الدولة لمنطقة الشرق الأوسط بعدما انفرد بتشكيل حكومتة منذ 2002 , حيث أصبح لا يستطيع تشكيل حكومة بمفردة ،استنادا إلى مجموعة من الحقائق والمتغيرات التي برزت على الساحتين الدولية والإقليمية، وكان من شأنها أضطراب الدور التركي بكونه قوة فاعلة بعد تراجع الحزب الحاكم في الإنتخابات البرلمانية , وإثر الوجود السياسي والعسكري التركي في المنطقة في ظل الأزمات العربية وغياب الأنظمة ، هذا من جانب ومن جانب آخر بروز ظاهرة الصراع المتنامي بين القوى السياسية التركية أثر تصاعد الحضور الشعبي الكردي بجانب تراجع الحركات الإسلامية والاثنية، وما حققته من نتائج في الانتخابات المحلية يمثل صفعة للإسلاميين والحزب الحاكم. وكذلك دراسة العوامل التي أدت إلى هذا التغيير الحاصل في الخارطة السياسية التركية، وفهمها لمعرفة دوافع خططها المستقبلية في ظل الأطروحات الشرق أوسطية، وكذلك لتعاظم الدور التركي في العالم العربي والإسلامي وتراجعة فى ظل سقوط الأخوان المسلمون وما يمكن أن تلعبه في المفاوضات بين العرب وإسرائيل في ظل تاريخ العلاقات التركية الصهيونية .
محتويات الورقة البحثية
تعددة تحت عنوانها الرئيسي الإنتخابات التركية ومدى تأثيرها على الدول العربية , الباب الأول يشمل هدف الدراسة البحثية و محتويات الورقة البحثية و نتائج الورقة البحثية كذلك الباب الثاني.ويشمل الفصل الأول بعنوان الدور التركي والسعي إلي الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط في ظل غياب الأنظمة العربية والانتخابات التركية ومدي تأثيرها على بعض الدول العربية كذلك الأسباب الدافعة لتزايد الدورالتركي الإقليمي في المنطقة اما الفصل الثاني شمل الإنتخابات التركية2015 و السيناريوهات التى كانت متوقعة قبل أعلان نتيجة الإنتخابات و العملية الأنتخابية للبرلمان التركي 2015ونتائجها كذلك أبرز النتائج الانتخابية على الصعيد المحلي أما الباب الثاني يتمثل في الفصل الأول بعنوان العلاقات العربية التركية في الشرق الأوسط وتأثرها بنتيجة الإنتخابات والعلاقات التركية العربية
كذلك العلاقات السورية التركية ومدي تأثيرها بنتيجة الإنتخابات أما الفصل الثاني فشمل الانتخابات التركية وانعكاستها على المنطقة العربية كذلك انعكاسات نتائج الانتخابات البرلمانية على السياسة الخارجية التركية
الانتخابات المحلِية التركية .. ومدي تأثيرها على العراق أما الباب الثالث فشمل الفصل الأول بعنوان مستقبل الدور التركي في القضية الفلسطينية والفصل الثاني شمل تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني
توتر العلاقات التركية كذلك رؤية الأحزاب التركية للعلاقة مع إسرائيل في ضوء الانتخابات القادمةوتأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني وفي النهاية تأتى الخاتمة والمراجع

نتائج الورقة البحثية
من أهم النتائج ما يلي :
– إن لطموحات تركيا والرغبة في أداء دور قيادي إقليمي في الشرق الأوسط كان بارزا بقيادة أردغان الا أن النهاية كانت مخيبة للأمال حيت تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن فها هو الحزب الحاكم , حزب العدالة والتنمية يتلقى صفعة من الناخبين الأتراك بحصولة على أقل من 50 % مما يجعلة غير قادر على تشكيل حكومة منفرداً
– يبدوا إن تركيا تتبنى مشروع الشرط الأوسط في المنطقة وتعد مركز الثقل والأداة التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية. حيث إن تركيا لا يمكنها التخلص من الاتفاقيات والمعاهدات التي تربطها مع الكيان الصهيوني. إن التغير أصبح حاضراً في الساحة التركية ومفروضاَ على وجه تركيا العلماني بعد الانتخابات. ولقد نشطت تركيا في السياسة الخارجية من خلال بذلها للجهود الدبلوماسية في إيجاد تقارب سوري إسرائيلي لحل موضوع الجولان
– كذلك لعبت دوراً مهماً في إشكاليات العلاقة الأمريكية السورية والإيرانية في التقارب وبوادر التقارب مع أرمينيا وموقفها من حرب غزة ومشاركتها في مؤتمرات الدول الإسلامية والجامعة العربية ومشاركتها في (مؤتمر تحالف الحضارات)، وغيرها من المشاركات الأخرى. ولكن ساءت علاقتها بعد سقوط الأخوات مع كثيراً من الدول العربية التى تمثل مركز قوة وثقل في الشرق الأوسط مثل مصر وبعض دول الخليج ,
– مما كان له أثرة وتداعياتة على هذه الأنتخابات التى أطاحة بحلم أوردغان السلطوية . ما يلي :
* تغليب الحوار السياسي والمبادرات الدبلوماسية في معالجة الأزمات، ورفض سياسات الحصار والعزل، وتشجيع سياسات الانخراط الإيجابي.
* الاهتمام بالمدخل الاقتصادي لمعالجة الخلافات، وتعزيز الاعتماد المتبادل بين اقتصادات المنطقة.
* ضرورة الحفاظ علي وحدة الكيانات القائمة وطابعها المتعدد في إطار تعزيز التعايش الثقافي.
* أهمية التنسيق الأمني ورفض سياسات المحاور وتأكيد مفهوم الأمن للجميع، مع عدم استبعاد إمكانية استخدام القوة العسكرية، لكن في إطار التوظيف الذكي لعناصر القوة التركية.
من الواضح أن السنوات المقبلة ستشهد مجموعة من التسويات السياسية، ستكون تركيا أحد الأطراف المهمة المشاركة في صياغة هذه التسويات، وشكل الحكومة التركية وتركيبتها له دور مهم في شكل العلاقة القادمة، في ظل عدم استفراد حزب العدالة والتنمية التركي في الحكومة والقرار التركي.
الشعب التركي قال كلمته في الانتخابات الأخيرة، ولكن الشعوب العربية ما زالت مغيَّبة عن قول كلمتها، في ظل استمرار الأنظمة الاستبدادية في الاستفراد في الحكم والقرار العربي على الجملة، وفي ظل تدهور مآلات الانتفاضة الشعبية إلى حروب أهلية وفوضى عارمة لا تعرف نتيجتها بعد.
من المبكر التنبؤ بمعالم العلاقة التركية العربية، التي كان من المتوقع إنشاء تحالف سعودي- تركي يشكل نواة لقوة سنيّة قادرة على إنشاء توازن سياسي مقابل القوتين الإقليميتين الأكثر تأثيراً في صياغة المنطقة المتمثلة بإسرائيل وإيران، مع التشابك الحتمي بالنفوذ الأمريكي والروسي، في محاولة رسم الخريطة الدولية التي يجري إعدادها على نار هادئة في ظل التغيرات الكبيرة التي تنبىء بها الأحداث الجارية على الجبهات العربية المشتعلة.

الباب الثاني.
الانتخابات التركية ومدي تأثيرها على بعض الدول العربية

المقدمــــــــــــة
لدى أردوغان طموح جيوسياسي كبير بيتوسع خارج حدوده حيث يرى أنه ينبغي على تركيا أن تصبح قوة كبيرة في الشرق الأوسط لكي تكتسب النفوذ الكافي لدى أوروبا ، ويعتبر البعض أنها محاولة لأردوغان وأوغلو بلورة معارضة سنية معتدلة تحل محل النظام السوري العلوي للرئيس بشار الأسد ، لكسب تعاطف العالم الإسلامي لمعارضته لسياسة إسرائيل.
ففاجأت الانتخابات البرلمانية التركية التي انتهت منذ أيام وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات التركية عن نتائجها المخيبة لأمال حزب العدالة و التنمية , ففي العام 2002 كان أول ظهور للعدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التركية، وقد تصدّر الحزب الانتخابات بنسبة وصلت لـ 34.28% بزعامة الرئيس التركي الحالي رجب طيب اردوغان.
وواصل الحزب نجاحاته وتصدّره المشهد في البلاد بنسبة ارتفعت لتصل لـ 46.58% في عام2007، وفي عام 2011 كانت نتيجة هائلة كشفت عن تأييد شعبي للحزب الحاكم في البلاد بنسبة تأييد وصلت لـ 49.83%.
لكن الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد مؤخّرا، بالإضافة لتغيّرات داخل الحزب كما يقول المراقبون والمتابعون للشأن التركي تسبّبت في النتيجة الأخيرة التي وصل لها الحزب الحاكم بالبلاد والمتصدر منذ 13عاما، ليتصدّر المشهد مرّة أخرى بانتخابات 2015 لكن بنسبة ليست كسابقاتها، حيث فاز بنسبة 40.87% هي نسبة لا تؤهّله للتغيرات السياسية والاقتصادية التي كان يطمح لها.
وعلى ما يبدو أن نتائج الأعوام الأخيرة لم تكن مرضية بالشكل الكافي للمواطن التركي الذي دفع ملايين الأتراك للعدول عن قرارهم وهو ما أدى للنتيجة الحالية.وهذا الترجع يعزا لأسباب سنذكرها خلال البحث .
ويبدوا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، حيث كان يتوقّع أن تتحسّن مؤشّرات الاقتصاد التركي عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي، ولكن نظرا للنتائج المعلنة والتي لم تمكّن حزبا بمفرده من الأحزاب المتنافسة من تشكيل حكومة، واستبعاد الاحتمالات الخاصة بتكوين حكومة ائتلافية، فإن حالة الترقّب الإيجابية انقلبت إلى عكسها، حيث هوت البورصة التركية بوتيرة متسارعة، وفقدت الليرة التركية نحو 5% من قيمتها أمام الدولار في يوم واحد.
ورغم أن العدالة والتنمية أكثر الأحزاب تساهلا مع الأكراد وحقّقت تركيا في عهده خطوات قوية في عملية السلام، إلا أنهم يرفضون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما أعلنوا رفضهم أي ائتلافات حكومية مع الحزب الحاكم العدالة والتنمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول
الدور التركي والسعي إلي الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط في ظل غياب الأنظمة العربية
أن المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها المنطقة، وشهدها العالم، ساهمت في وضع تركيا أمام خيارات إستراتيجية، تتأرجح ما بين غياب وعزلة عن عالم عربي وٕاسلامي يرتبط بها جغرافيًّا وتاريخيًّا، وبين تعنت ورفض أوروبي لا يقبل بها أو بمشاركتها، ولكنه يخشى تركها وانفلاتها. فما كان من تركيا إلاَّ أن اختارت عمقها الإستراتيجي مع الإبقاء على حبل الود موصولًا مع غربها الأوروبي. ويمكن تقسيم الدور التركي إلي .

أولا- الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط قبل الثورات العربية :

شهدت السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بالدور التركي في منطقة الشرق الأوسط وقضاياها، لاسيما بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلي السلطة في تركيا في نوفمبر 2002، وحرص قيادات الحكومة الجديدة علي تأكيد تبنيهم رؤية مختلفة نوعيا لسياسة تركيا وعلاقاتها الخارجية في الدوائر المختلفة، وبخاصة في الدائرة الشرق الأوسطية. وعزز من هذا الاهتمام ما شهدته عناصر القوة التركية من تطورات إيجابية خلال هذه الفترة، لاسيما في أبعادها الاقتصادية، حيث نجحت تركيا في احتلال المرتبة الأولي بين اقتصادات المنطقة (والسادسة عشرة علي المستوي العالمي) من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي. وصاحب ذلك زيادة حضور الدور التركي ونشاطه في العديد من القضايا المحورية في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالقضية العراقية، أو الصراع العربي – الإسرائيلي بمساراته المتعددة، أو أزمة البرنامج النووي الإيراني، أو طرح تركيا كنموذج في قضايا الإصلاح في المنطقة بأبعاده المختلفة، وغيرها من القضايا(1).

وقد أثار هذا الدور التركي النشط بأبعاده المتعددة الجدل حول طبيعته وحقيقة الدوافع المحركة له بين اتجاهات تبرز الطابع البراجماتي للسياسة التركية وتركيزها علي تحقيق المصالح الوطنية، وفقا لحسابات قصيرة الأمد، وأخري تؤكد تحول السياسة الخارجية نحو الشرق في إطار استعادة تركيا ذاتها الحضارية الإسلامية تحت قيادة حزب ذي مرجعية إسلامية، وثالثة تؤكد استمرار التوجه الغربي لتركيا وأدوارها بالوكالة في المنطقة مع ارتباط نشاط تركيا بمساعيها لزيادة أهميتها الاستراتيجية لتعزيز فرص انضمامها للاتحاد الأوروبي. وفي مقابل ذلك، تزايدت تدريجيا مساحة أنصار الخطاب التركي الرسمي لحكومة العدالة من استرشاد السياسة التركية في عهدهم برؤية جديدة متعددة الأبعاد، تري تكاملا لا تعارضا بين الهويات والتوجهات المتعددة للسياسة التركية، وتتمثل عناصرها الأساسية في(2):
إلا أن الدور التركي واجهته العديد من الصعوبات، من أهمها: حدود القدرات الذاتية، وصعوبة الحفاظ علي الصياغات والمعادلات التوازنية علي كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية بشكل متزامن، واعتماد العديد من هذه الصياغات التوفيقية علي تعاون الفاعلين المؤثرين علي المستويات كافة. ومثلت الثورات العربية مناسبة جديدة لإعادة استحضار هذه الإشكاليات والجدالات المحيطة بالدور التركي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-1 Graham E. Fuller، The New Turkish Republic: Turkey as a Pivotal State in the Muslim World (Washington، DC: United States Institute of Peace، 2008).

2- أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي ..ترجمة: محمد جابر ثلجي وطارق عبدالجليل (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للنشر، 2010)
http://www.islamstory.com/books/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A

ثانيا- موقف تركيا من الدول العربية خلال الثورات:
لكن السياسة التركية جاءت أكثر تحفظا بشكل عام إزاء التدخلات الخارجية في ليبيا، حيث عارضت فرض العقوبات وخطط التدخل العسكري بقيادة فرنسا ثم الناتو، وبدت تركيا أقرب إلي تبني مدخل الإسهام في جهود الإغاثة الإنسانية، مع الإبقاء علي قنوات مفتوحة مع طرفي الصراع لأداء دور الوسيط. وجاء الموقف التركي أكثر حذرا في حالة البحرين. فرغم الجهود الدبلوماسية
والاتصالات التركية بقيادات البحرين والسعودية وإيران، فإن الموقف التركي اكتفي بدعوة الأطراف كافة إلي ضبط النفس، والدعوة للإصلاح بشكل عام دون انتقاد مباشر للنظام البحريني، ومطالبة المحتجين بالاستجابة لمبادرات الإصلاح في الآن ذاته، مع التحذير
من مخاطر الانقسام السني – الشيعي في المنطقة. وبالمثل، تراجع بروز الدور التركي في الحالة اليمنية، حيث تجنبت التدخل المباشر، واكتفت بمناشدات عامة لتحسين مستقبل اليمن من خلال التحول الديمقراطي، وعبرت عن دعمها المبادرة الخليجية لانتقال السلطة لمعالجة الأزمة اليمنية. وأخيرا، تبنت تركيا مدخلا مزدوجا في التعامل مع تطورات الأوضاع في سوريا، يجمع بين حماية النظام الصديق لتركيا ودعمه من جهة، والتعاطف مع الثوار والتأييد الضمني لهم ولمطالبهم من جهة أخري، مع تنشيط دور المجتمع المدني التركي في استضافة أنشطتهم علي الأراضي التركية(1).
تراجع علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط
قد تغيرت امور كثيرة بسبب اختلافات بين انقرة والعواصم العربية في المواقف من موجة التغيير التي سميت ثورات الربيع العربي، فقد أيدت حكومة اردوغان ما جرى في ليبيا واليمن، والثورة ضد نظام بشار الأسد في سورية، لكنها عارضت بقوة الإطاحة بنظام الرئيس المصري محمد مرسي الذي ينتمي الى الإخوان المسلمين.
وأصبحت منطقة الشرق الأوسط تطرح مجموعة من المتاعب أمام أردوغان، فسورية بنظام الاسد أصبحت عدواً، وتقف وراءها إيران والعراق، وتدهورت علاقات تركيا مع مصر بعد رحيل مرسي ونظامه، الى حد إعلان حكومتها ان المسلسلات والاعمال التلفزيونية التركية لم يعد مرحباً بها في مصر. كما أصبح لبنان منطقة محظورة على الأتراك، بعد اختطاف طيارين تركيين في أراضيه.
وبسبب الخلافات حول التغيير في مصر، وربما اعتبارات أخرى، وجدت انقرة أن علاقاتها مع دول الخليج دخلت في مرحلة من الفتور او الغموض، ما أثر في الروابط الاقتصادية خصوصاً التبادلات التجارية، إذ قال وزير الطاقة التركي تانير يلدز، إنه يأمل في ألا يكون تأجيل تنفيذ بعض المشروعات الاستثمارية لدول الخليج في تركيا له خلفية سياسية. كما أن أردوغان لا يمكنه ان يتجاهل مواقف الجارتين المهمتين العراق وإيران وما يجري فيهما.(2)
وحال العلاقات التركية الأوروبية ليس افضل، وإن كان اقل توتراً، فقد وجهت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انتقادات لاذعة لما وصفته بقمع المتظاهرين، وطريقة تعامل قوات الأمن التركية معهم في «ميدان تقسيم» في يونيو الماضي. وقد رد وزير الشؤون الاوروبية التركي ايغيمن باغيس، على تلك الانتقادات بشيء من التجاهل والاستخفاف، إذ قال إن فرص بقاء ميركل في السلطة ضئيلة. ولم يكتف الوزير التركي بذلك، بل وجه انتقادات الى الاتحاد الاوروبي قائلاً، ان التعصب والعنجهية يمنعان بلاده من الانضمام اليه. غير أن الوزير فوجئ بنجاح ميركل وحزبها في الانتخابات الاخيرة، التي شهدتها ألمانيا قبل أيام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- Burhan Koroglu، زTurkey’s Position Towards the popular Arab Revolutionsس، Afro-Middle East Center، April 2014، http://amec.org.za/articles-presentations/71-turkey/225-turkeys-position-towards-the-popular-arab-revolutions.
2- ترجمة : عقل عبد الله… علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط تتراجع ..صحيفة الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2013-09-30-1.611042

الأسباب الدافعة لتزايد الدورالتركي الإقليمي في المنطقة والنابعة من البيئة الإقليميةهى كالآتي:

1- حالة الفراغ التي تسود المنطقة بعد انهيار النظام الإقليمي العربي، وحالة التفكك والتردي اللذين اعتريا الوضع العربي بشكل عام، وخصوصًا بعد الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003
2- تمتلك الدول العربية مفاتيح أساسية في الصراع الجيوبوليتيكي العالمي، ولا يمكن تصنيف إمكاناتها فقط في خانة موارد الطاقة من نفط وغاز. فالدول العربية تطل على المضايق المتحكمة في السلسلة البحرية الأهم في العالم المتجهة من الشرق الأوسط شرقًا وحتى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية غربًا، أي في مضايق هرمز وباب المندب وقناة السويس وجبل طارق. وتشكل هذه المضايق عنق الزجاجة للسلسلة البحرية الأهم في نصف الكرة الغربي، تأسيسًا على ذلك لا يمكن حصر أهمية الدول العربية في النفط والغاز فقط، بل إن جغرافيتها السياسية لا تقل عن -إن لم تكن تتفوق على- الأهمية الجيوبوليتيكية لكل من إيران وتركيا في حسم الصراعات الكونية.
3- تتمدد تركيا إقليميًّا في المنطقة بتكاليف سياسية أقل بكثير من العائد السياسي الذي تجنيه، بحيث إن الجدوى الإستراتيجية من لعب هذا الدور تكون متحققة تمامًا في حالة الشرق الأوسط. وتكفي هنا الإشارة إلى الدور الإقليمي الإيراني، الذي استثمرت فيه إيران ماليًّا وأيديولوجيًّا لبناء شبكة من التحالفات مع الدول والحركات والأحزاب السياسية لمدة ثلاثين عامًا
4- أن الشرق الأوسط هو المجال الجغرافي الوحيد في جوار تركيا الذي يمكنها فيه لعب دور إقليمي دون الاصطدام بقوى عالمية، بالمقارنة بالقوقاز حيث النفوذ الروسي، أو في ألبانيا والبوسنة حيث نفوذ دول أوروبا الوسطى.
5- الصورة الإيجابية لتركيا عند شرائح عربية واسعة، والترحيب غير المسبوق لأوسع القطاعات العربية بدور تركي في المنطقة لأول مرة منذ قيام الجمهورية عام 1923. ووصل الأمر إلى حد الحديث عن “النموذج التركي”، وضرورة الاستفادة من الدروس التي يقدمها، مثل التناوب السلمي على السلطة، وإدماج التيارات الإسلامية في العملية الديمقراطية، والفصل بين الحزب والدولة، وتوسيع هامش المناورة تحت سقف التحالف مع القطب العالمي الأوحد. السبب الموضوعي السادس لدور تركيا الإقليمي يتلخص في توافر تاريخ مشترك بين تركيا والعرب، ووجود تقارب ثقافي وحضاري ومذهبي بين تركيا والدول العربية، وهو ما لا يجعل تركيا عنصرًا وافدًا إلى المنطقة ويسهل قيامها بهذا الدور.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- د.رانية طاهر .. الدور الإقليمي التركي في ظل ثورات الربيع العربي ..مجلة رؤية تركية
http://rouyaturkiyyah.com/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8/
الفصل الثاني
الإنتخابات التركية2015
معركة سياسية تسبق الانتخابات التركية مع توقعات وتكهنات:

شهد تركيا تنافسا بين الأحزاب مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في السابع من حزيران/يونيو، وسط طموح مختلف الأطراف السياسية في البلاد لحسم المعركة لصالحها. ويسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى تحقيق نسبة تتراوح بين 50 و55 في المئة من مقاعد البرلمان ليستمر في مسيرة حكم البلاد. أما حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض، الحزب الثاني من حيث النفوذ السياسي في البلاد، فهو يفرط بالتفاؤل في الفوز بأكثر من 300 مقعد بحسب مراقبين.(1)
التوقعات قبل الإقتراع للإنتخابات التركية

تبدو الانتخابات البرلمانية التركية في السابع من يونيو/حزيران الجاري مختلفة عن كل سابقاتها لدرجة وصفها بالمحورية والتاريخية، أولًا: لعدم إمكانية القطع بنتائجها، وثانيًا: لما سيترتب عليها من نتائج وانعكاسات قد تؤثِّر على مجمل المشهد السياسي التركي وتوجهات البلاد بعدها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) – مزيد من التفاصيل حور سير الحملات الانتخابية في تقرير مراسل الحرة علام صبيحات من اسطنبول:
الحرة TV
http://www.alhurra.com/content/turkey-vote-elections/272510.html

تحمل الانتخابات البرلمانية 2015 أهمية خاصة لسبيين رئيسين:

الأول: هو صعوبة التكهن بنتائجها كما سابقاتها في ظل حسابات معقدة سببها النظام الانتخابي التركي الذي يشترط على الأحزاب الحصول على نسبة 10% من أصوات الناخبين لدخول البرلمان.
الثاني: هو الاستحقاقات المترتبة على نتائج هذه الانتخابات، وفي مقدمتها صياغة دستور جديد للبلاد، وإتمام عملية السلام الداخلية مع الأكراد، وتغيير النظام السياسي في البلاد إلى نظام رئاسي.
ولئن كانت كل استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى تقدم العدالة والتنمية على كافة الأحزاب المنافسة، إلا أن السؤال الأهم يتعلق بعدد النواب الذين سيتمكن الحزب من إيصالهم لمجلس الأمة الكبير (البرلمان) بما يمكِّنه من تشكيل الحكومة أولًا، ثم إتمام برنامجه ووعوده ثانيًا، وخصوصًا موضوع الدستور الجديد. والحال كذلك، يبدو أن الانتخابات القادمة ستحدد وجهة ومصير تركيا -وقبلها حزب العدالة والتنمية- في المستقبل القريب، وهو ما نراة من توقعات فيما يلي .

التوقعات واستطلاعات الرأي

لا يمكن الجزم بدقة شركات استطلاع الرأي والتزامها بالحياد والموضوعية في بلد حديث التجربة الديمقراطية كتركيا وهو ما ستوضحة نتيجة الانتخابات فيما بعد ، وخصوصًا في ظل الاستقطاب السياسي الحاد وتعقيدات الحسابات وانعكاساتها في هذه الانتخابات. لكن باعتبار أن لكل انتخابات (رئاسية وبرلمانية ومحلية) فلسفتها وآلياتها الخاصة، فقد اخترنا استقراء مصداقية أهم شركات الاستطلاع من خلال توقعاتها للانتخابات البرلمانية في 2007 و2011، ثم تحليل ما تقدمه من توقعات للانتخابات المقبلة.
كما توقع البعض أن تكون تركيا قاب قوسين أو أدنى من نقطة تحول من شأنها أن تؤثر بشكل كبير في الاتجاه السياسي، حزب العدالة والتنمية الذي حكم على مدى الـ13 عامًا الماضية يمكن أن يخسر هذه المرة، ووفقًا لبعض استطلاعات الرأي، فإن أصوات الحزب في انتخابات 7 يونيو قد لا تخوله الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة بمفرده. وهو ما يتضح فيما يأتي
أمَّا توقعات هذه الشركات وآخر استطلاعاتها للرأي الخاصة بالانتخابات القادمة فهي كالتالي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بتحليل الجدول، وغيره من الاستطلاعات التي اطَّلعت عليها كباحث، يمكننا رصد التالي:
ثمة فوارق غير بسيطة بين نتائج الشركات المختلفة.
معظم استطلاعات الرأي تتوقع لحزب الشعوب الديمقراطي نسبة أدنى أو أعلى قليلًا من 10%، وهو ما يعني أن قدر الحزب ونتائج الانتخابات ككل لن يُحسَم بنسبة مقبولة من التأكيد قبل انتهاء عمليات فرز الأصوات.
يشير كل استطلاعات الرأي إلى تراجع العدالة والتنمية، وتقدم الشعب الجمهوري والحركة القومية، بالمقارنة مع نتائج 2011.(1)

الأسباب الرئيسية لهذه التحولات في الإنتخابية في تركيا
الأسباب الرئيسية لهذه التحولات هي التغييرات الهائلة التي طرأت على الدوائر الانتخابية في تركيا على مدى السنوات الماضية، وردود الفعل على النظام الانتخابي الجائر، فالنظام الحالي يوجب على أي حزب يرغب بتمثيل نفسه في البرلمان أن يتجاوز عتبة الـ10% من الأصوات.
هذه العتبة تشكل مصدر قلق حقيقي لحزب الشعب الديمقراطي ذي الأغلبية الكردية، الذي قرر أن ينتقل من مرحلة الحركة السياسية إلى مرحلة الحزب الوطني في وقت سابق من فبراير، وكان قراره لخوض الانتخابات كحزب، خطوة غير متوقعة ومحفوفة بالمخاطر بالنسبة للكثيرين.
في جميع الانتخابات البرلمانية السابقة، عمد الأكراد إلى الترشح كأعضاء مستقلين بغية الحصول على المقاعد المخصصة للمستقلين في البرلمان والتغلب على مشكلة العتبة الحزبية، وبمجرد انتخابهم ضمن البرلمان كأعضاء مستقلين، كانوا يتحزبون ضمن مجموعة واحدة، ولكن بعد انتخابات 2011 التي استطاع فيها حزب الشعب الديمقراطي الحصول على 35 مقعدًا، دخل الحزب اليوم باعتباره حزب وطني ساعيًا لاغتنام المزيد من مقاعد البرلمان، والاستفادة من منحة الخزينة السخية المخصصة للأحزاب المنتخبة في البرلمان(2)
السيناريوهات التى كانت متوقعة قبل أعلان نتيجة الإنتخابات كالتالي :
السيناريو الأول: أردوغان وحزبه يحققان غالبية الثلثين في البرلمان
يحتاج أردوغان وفقا لذلك السيناريو إلى الفوز بحوالي 367 مقعدا في البرلمان من أصل 550 مقعدا، هي كل مقاعد البرلمان التركي. الهدف المعلن لأردوغان هو تغيير الدستور الحالي من دون الحاجة إلى استفتاء شعبي، ما سيمكنه من البقاء في حكم تركيا حتى العام 2024. في هذه الحالة سيدخل أردوغان تاريخ تركيا من أوسع أبوابه ويحقق أحلامه العراض بشخصية النظام التركي على قياسه وقيافته، مع ذلك يبدو هذا السيناريو مستبعدا للغاية، لأن المؤشرات واستطلاعات الرأي كافة تشير إلى تراجع في شعبية حزب «العدالة والتنمية» على خلفيات متنوعة، منها الخوف من تغيير الدستور الذي اعتاد عليه الأتراك منذ قيام جمهوريتهم في العام 1923. وفي هذا السياق يبدو مستبعدا أيضاً أن يحقق حزب العدالة والتنمية 360 مقعدا، ما يمكنه من عرض التعديلات الدستورية على استفتاء شعبي لإقرارها. لذلك، فمن غير المتوقع أن يحقق أردوغان أحلامه الرئاسية في هذه الانتخابات.
السيناريو الثاني: أردوغان وحزبه يحققان الغالبية البرلمانية بأكثرية مريحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) – المصدر : الخبر للأديان والمذاهب: .. الانتخابات البرلمانية التركية: المتنافسون والتوقعات
http://www.alkhabar.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA_a72358.html

(2)- مجلة نون بوست… الأحزاب السياسية التركية تحشد المؤيدين للانتخابات المقبلة
http://www.noonpost.net/content/6575

يطمح حزب «العدالة والتنمية» إلى إحراز عدد أكبر من المقاعد البرلمانية من التي يمتلكها الآن والبالغة 311 مقعدا. في هذه الحالة، سيستطيع أردوغان الحفاظ على ماء وجهه والمحاججة بأن نتيجة الانتخابات تعكس قبولا متزايدا بسياسات الحزب والحكومة ورئاسة الجمهورية. وكما في السيناريو السابق، تشير استطلاعات الرأي الى أن شعبية الحزب في تراجع، وبالتالي يبدو هذا السيناريو مستبعدا بدوره.
السيناريو الثالث: أردوغان وحزبه يحققان نسبة النصف زائدا واحدا من مقاعد البرلمان.
لا يمكن استبعاد هذا السيناريو من قائمة الاحتمالات، كما أن هذا السيناريو ممكن جداً من طريقين. الأول في حال الفوز بـ276 مقعدا مباشرة. والثاني في حال أخفق حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي اليساري في تجاوز نسبة العشرة في المئة اللازمة للتمثل في البرلمان، فتذهب كل أصواته إلى الحزب الأكبر بموجب القانون الانتخابي التركي، وعندها يستطيع حزب «العدالة والتنمية» تحقيق النصف زائدا واحدا حتى ولو امتلك نسبة 42 في المئة من الأصوات فقط!
السيناريو الرابع: أردوغان وحزبه يفشلان في تحقيق الغالبية البرلمانية ويشكلان الحكومة مع ذلك.
تشير استطلاعات الرأي إلى تراوح شعبية الحزب الحاكم بين 41 في المئة وحتى 44 في المئة من الأصوات، وفي حال نجح حزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي في تجاوز حاجز العشرة بالمئة، فستبقى حصة أردوغان وحزبه على حالها ولن يتمكن من الحصول على أصوات حسابية. في هذه الحالة يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يشكل الحكومة من دون غالبية برلمانية، وذلك في ضوء التشرذم والتناحر اللذين تعرفهما المعارضة التي ستملك في هذه الحالة الغالبية البرلمانية مجتمعة، لكنها ستكون غير قادرة على تشكيل حكومة ائتلافية بسبب العداء الواضح بين حزب «الحركة القومية» اليميني المتشدد، ثالث أكبر الأحزاب التركية (يملك 52 مقعدا في البرلمان التي تنتهي ولايته اليوم)، وحزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي، رابع أكبر الأحزاب التركية (يملك 29 مقعدا في البرلمان التركي التي تنتهي ولايته اليوم حصل عليها من ترشح نوابه كمستقلين). الأرجح أن هذا السيناريو سيقود الى انتخابات مبكرة قبل نهاية السنة، لأن طلبات حجب الثقة المتكررة عن الحكومة ستضعف كثيراً من حزب «العدالة والتنمية» وتعطل قدرته على إدارة الأمور، كونه لا يملك الغالبية البرلمانية. لا يمكن استبعاد هذا السيناريو تماماً من قائمة الاحتمالات الممكنة لانتخابات اليوم.
السيناريو الخامس: أردوغان وحزبه يشكلان حكومة ائتلافية مع أحد أحزاب المعارضة.
وفقا لهذا السيناريو يفشل حزب «العدالة والتنمية» في تحقيق الغالبية البرلمانية ويضطر الى تشكيل حكومة ائتلافية إما مع حزب «الحركة القومية» اليميني أو مع حزب «الشعوب الديموقراطي»، لأن بون الخلاف شاسع بين حزب أردوغان وحزب «الشعب الجمهوري». في حالة التحالف مع حزب «الحركة القومية» سيترسخ الاستقطاب القومي في تركيا، وسيكون ثمن هذا التحالف قيام الحزب الكردي بالتوجه إلى البرلمان الأوروبي لعرض مظالمه والحصول على اعتراف دولي واسع بتمثيله للأكراد في تركيا، وهي نتيجة لا يرغب بها أردوغان بالطبع. أما في حالة التحالف مع الأكراد، فسيضطر أردوغان إلى المضي قدما في محادثات السلام معهم، والتي ستبلور بالنتيجة نتائج سياسية تصف في الاستقطاب القومي أيضاً. في هذا السيناريو أيضاً، سيضطر أردوغان وحزبه بغية الهروب من الأثمان المتوقعة جراء هكذا تحالف إلى اللجوء لانتخابات مبكرة قبل نهاية العام.
السيناريو السادس: أردوغان وحزبه يخسران الانتخابات أمام حزب «الشعب الجمهوري.(1)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية :
http://www.asharqalarabi.org.uk/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%84-862015_ad-id!307826.ks#.VXn3Q1LfOKE
يبدو هذا الاحتمال مستبعدا للغاية لأسباب عدة. أول هذه الأسباب أن حزب «العدالة والتنمية» سيبقى أكبر كتلة تصويتية في البرلمان التركي في كل الأحوال بعد الانتخابات البرلمانية الراهنة، كما تشير استطلاعات الرأي. ثاني الأسباب يتمثل في أن حزب «الشعب الجمهوري» (ثاني أكبر الأحزاب التركية برصيد 125 مقعدا في البرلمان التي تنتهي ولايته اليوم) قد فقد بريقه الذي كان قبل عقود خلت. كما أن زعيمه كمال كليشيدار أوغلو لا يملك الكاريزما اللازمة لاستقطاب الشارع التركي نحوه. أما ثالث الأسباب فيعود إلى الطبيعة الجهوية لمؤيدي حزب «الشعب الجمهوري». فقد انتقل الحزب بمرور السنوات من حزب الدولة التركية الحامي للعلمانية وأقدمها تأسيسا والمتبني لقضايا العدالة الاجتماعية، إلى حزب المعارضة التي لا تملك بدائل حقيقية لسياسات حكومة حزب «العدالة والتنمية». لذلك تبقى كتلة الحزب متمحورة حول معاقله التاريخية في مدن الغرب التركي: اسطنبول وأنقره وإزمير، وغير قادرة على التوسع بشكل فعال نحو الأناضول معقل «العدالة والتنمية»، أو شرق تركيا معقل حزب «الحركة القومية» أو جنوب شرق تركيا معقل حزب «الشعوب الديموقراطي(1)
الا أن موقف الحزب الكردي المغير لقواعد اللعبة، كان له تأثير على الأحزاب البرلمانية الثلاثة المتبقية، والتي باشرت محاولاتها لوضع إستراتيجيات وفقًا لتغير الموقف عن طريق التأثير في مختلف شرائح المجتمع؛ فحزب العدالة والتنمية يهدف للحفاظ على انفراده بالسلطة، والحزبين المعارضين الرئيسيين (حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية) يطمحان لتوسيع قواعدهما الشعبية لإنهاء عهد حكم حزب العدالة والتنمية عن طريق منعه من اكتساب الأغلبية البرلمانية، وفي غضون ذلك، يظهر رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان بشكل شبه يومي على المنابر الإعلامية، في خضم سعيه لاكتساب أغلبية الأصوات التي قد تسمح للحكومة الجديدة بتغيير الدستور بشكل منفرد تمهيدًا للتحول إلى النظام الرئاسي الموسّع، الذي يوسّع من السلطات التنفيذية لرئيس الجمهورية.
محاولات أردوغان الرامية إلى تحقيق التحول الرئاسي تم انتقادها بشدة من قِبل أحزاب المعارضة الثلاثة، فالدستور الحالي يوجب على رئيس الجمهورية أن يبقى محايدًا وغير متحزب، وعلى النقيض من هذا المبدأ، دأب أردوغان على انتقاد أحزاب المعارضة باستمرار، وحذر الناخبين من الوصول إلى سيناريو الائتلاف الحكومي، الذي قد يحصل في حال عدم حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية البرلمانية.(2)
بعض الأحزاب المشاركة في الإنتخابات التركية 2015:
أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا مشاركة 20 حزبًا في الانتخابات المقبلة، لكننا سنتناول في هذه الورقة الأحزاب الكبيرة والمؤثرة فقط.
حزب العدالة والتنمية
أُسِّس حزب العدالة والتنمية في 14 أغسطس/آب 2001، بتجمع التيار الإصلاحي الذي خرج من حزب الفضيلة بقيادة أردوغان، إضافة لبعض الرموز الليبرالية والقومية واليسارية. وقد فاز الحزب في الانتخابات البرلمانية لثلاث مرات متتالية في 2002، و2007، و2011، ويقوده منذ أغسطس/آب 2014 أحمد داود أوغلو بعد انتخاب رئيسه السابق ومؤسسه أردوغان رئيسًا للجمهورية، وقد حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2011) على نسبة 49.9%.
. حزب الحركة القومية
هو حزب يميني، يتبنى القومية التركية بمرجعية إسلامية التوجه، أسَّسه ألب أرسلان توركش عام 1969، وشارك من يومها في عدة ائتلافات حكومية، وهو ثاني أحزاب المعارضة في البرلمان الحالي بنسبة 12.9%، ويرأسه دولت بهجلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- نفس المصدر السابق
(2)- مجلة نون بوست… الأحزاب السياسية التركية تحشد المؤيدين للانتخابات المقبلة
http://www.noonpost.net/content/6575
حزب الشعوب الديمقراطي
في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2012، حوَّلت مجموعات “مجلس الشعوب الديمقراطي” نفسها إلى حزب الشعوب الديمقراطي، ثم انضمت إليه، في مايو/أيار 2014، مجموعة النواب الأكراد في البرلمان. يعتبر الحزب الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني، وهو حزب يساري التوجه كردي القومية، يؤمن بالرئاسة المشتركة بين الجنسين في كل المناصب ويرفع شعار نصرة “كل الشعوب” المظلومة والمهمَّشة.
حزب السعادة وحزب الاتحاد الكبير
حزب السعادة هو آخر أحزاب تيار الفكر الوطني أو “ميللي غوروش”، أي: تيار الإسلام السياسي الذي أسَّسه وقاده الراحل نجم الدين أربكان بعد حلِّ حزب الفضيلة، بينما حزب الاتحاد الكبير هو حزب إسلامي-قومي تأسس عام 1993 بالانشقاق عن الحركة القومية. وقد أعلن الحزبان في الأول من إبريل/نيسان الماضي عن تحالفهما في الانتخابات القادمة، وركَّز برنامجهما الانتخابي على الملف الاقتصادي أيضًا. (1)

العملية الأنتخابية للبرلمان التركي 2015ونتائجها :
توجَّه (53) مليون تركي للإدلاء بأصواتهم يوم أمس في انتخابات عامة يتنافس فيها (20) حزباً تركياً، استطاع أربعة منها تجاوز النسبة (10%) فقط، وفقاً للنتائج غير الرسمية، حيث كان في المقدمة حزب العدالة والتنمية (258) مقعداً، وحزب الشعب الجمهوري (132) مقعداً، والحركة القومية (81) مقعداً، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي (79) مقعداً من إجمالي عدد النواب البالغ (550) مقعداً.
هذه الانتخابات شهدت تراجعاً لحزب العدالة والتنمية الذي يمسك بمقاليد الحكم منذ (12) سنة، من (311) إلى (258) مقعداً، كما شهدت الانتخابات دخول الحزب الكردي للمرة الأولى إلى البرلمان بفوزه (79) مقعدا،ً وهذه النتيجة عرقلت طموحات حزب العدالة والتنمية الذي كان يود زيادة حصته هذا العام ليصل إلى حاجز القدرة على تعديل الدستور دون استفتاء شعبي، من أجل التحول نحو النظام الجمهوري الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية المنتخب شعبياً، بل إنه بحسب هذه النتيجة لا يستطيع تشكيل الحكومة بشكل منفرد فهو مجبر على التحالف مع أحد أحزاب المعارضة.
حزب العدالة والتنمية ينبغي أن يقف مليّاً على النتيجة وأن يقرأ توجهات الشعب التركي بعناية، وربما تكون المشاركة مع الآخرين مساراً مقنعاً في ظل التطورات الهائلة التي تجري في الجوار العربي، وإزاء الطموحات الكردية في السعي نحو بلورة كيان كردي مستقل يضم الشعب الكردي المتوزع على أربع دول ويزيد، مما يحتم على الحكومة التركية أن تجد سياسة مختلفة في التعامل مع هذه الشريحة المهمة من الشعب التركي، حتى لا تتسع لديهم النزعة الانفصالية.
حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى تقويم سياسته تجاه الشرق الأوسط الملتهب، ويتوقع أن يعمد إلى اتخاذ قرارت حاسمة تتعلق بالمشكلة السورية بدرجة أولى، حيث أن تركيا تستضيف ما يزيد على مليونين من اللاجئين السوريين، ومن ثم أيضاً إزاء المشكلة العراقية، ومشكلة «داعش» التي أصبحت على حدود تركيا، بالإضافة إلى علاقتها مع السعودية ومصر في مستوى مهم تؤثر في مستقبل المنطقة.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- لمصدر : الخبر للأديان والمذاهب: .. الانتخابات البرلمانية التركية: المتنافسون والتوقعات
http://www.alkhabar.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA_a72358.html
(2)- رحيل غريبة …صحيفة المقر.. الانتخابات التركية 2015
http://maqar.com/?id=84088

– وتوزع الأصوات في عموم تركيا(بما في ذلك الممثليات في الخارج والمنافذ الحدودية(

اسم الحزب الأصوات التي نالها نسبة الأصوات(%) عدد النواب
حزب الطريق القويم 28.771 0,06 0
حزب الأناضول 27.632 0,06 0
حزب الحق والحريات 58.723 0,13 0
الحزب الشيوعي 13.726 0,03 0
حزب الأمة 17.605 0,04 0
حزب الحق والعدالة 5.659 0,01 0
حزب المركز 21.003 0,05 0
حزب الوفاق المجتمعي والاصلاح والتنمية 72.583 0,16 0
حزب التحرير الشعبي 61.096 0,13 0
الحزب الليبرالي الديمقراطي 27.100 0,06 0
حزب الحركة القومية 7.516.225 16,29 80
حزب الشعوب الديمقراطي 6.051.433 13,12 80
حزب السعادة 950.090 2,06 0
حزب الشعب الجمهوري 11.513.067 24,96 132
حزب العدالة والتنمية 18.851.272 40,86 258
الحزب الديمقراطي اليساري 88.272 0,19 0
حزب البلد 9.254 0,02 0
الحزب الديمقراطي 75.690 0,16 0
حزب الوطن 161.401 0,35 0
حزب تركيا المستقلة 96.448 0,21 0
مستقلون 487.921 1,06 0
أحزاب أخرى 241 0,00 0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر : وكالة الأناضول للأنباء ,, الانتخابات العامة التركية 2015- عموم تركيا
http://www.aa.com.tr/ar/turkey/533133

إجمالي الصناديق : 174.220
إجمالي الناخبين : 54.792.312
الصناديق المفروزة : 174.195
نسبة الصناديق المفروزة : %99,99
عدد بطاقات الاقتراع المستخدمة : 47.465.939
الأصوات السليمة : 46.135.212
نسبة المشاركة : %86,63

المصدر (1)
أبرز النتائج الانتخابية على الصعيد المحلي :
أما أبرز النتائج المحققة فقد تمثلت في ارتفاع نسبة المقاعد المحصل عليها من لدن القوميين الأتراك و الأكراد خلال هاته الانتخابات ، حيث استطاع حزب الحركة القومية ذا الطابع القومي التركي من احتلال المركز الثالث بعد حصوله على 82 مقعدا بعد أن كان قد حقق خلال الانتخابات السابقة 55 مقعدا فقط ، أي بزيادة 27 مقعدا ، أما أكبر الفائزين خلال هاته الانتخابات فقد كان حزب الشعوب الديمقراطي ذا الطابع اليساري و القومي الكردي ، و الذي استطاع و خارج كل التوقعات أن يحقق في أول انتخابات تشريعية يشارك فيها ، بعد أن كان الأكراد يشاركون في الانتخابات التركية السابقة كمستقلين ، حيث حصل الحزب على حوالي 77 مقعدا بالبرلمان التركي في 13 ولاية ، أي بنسبة 12 % ، و هي نسبة فاقت كل التوقعات .
تراجع حزب العدالة و التنمية ذا المرجعية الإسلامية كان متوقعا وفق استطلاعات الرأي التي سبقت إجراء عملية الاقتراع و فرز النتائج ، كما أن هاته النتيجة كانت متوقعة من جهة مسلسل فضائح الفساد التي تفجرت و التي كان أبطالها أعضاء في الحزب ، إضافة إلى سياسة الحزب الخارجية في مجموعة من الملفات من بينها الملف السوري ، إضافة إلى تقديم العديد من منتسبي الحزب لاستقالاتهم منه احتجاجا على سياسة و طموح أردوغان .
نتائج ستسقط بالفعل طموح أردوغان بتحويل النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى نظام رآسي أراد من خلاله أردوغان تحقيق أحلامه و طموحاته العثمانية و التي أسقطتها نتائج هاته الانتخابات ، نتائج في الجهة المقابلة سيكون لها الأثر على مستوى مستقبل الحزب سواء في تشكيل الحكومة التركية الجديدة ، علما أن الأطراف الثلاثة الأخرى ترفض بالمطلق فكرة التحالف مع حزب العدالة و التنمية ، و هو الأمر الذي يطرح بشدة شكل التحالف القادم خاصة و أن العدالة و التنمية يلزمه 15 مقعدا لتشكيل الحكومة ، و السؤال المطروح ماهي طبيعة التحالفات التي ستشكل الحكومة المقبلة ؟ أم أنه سيصار إلى إجراء انتخابات جديدة مبكرة ؟ كما أن هاته النتائج سترخي بظلالها ليس على الداخل التركي فقط بل على سياسة أردوغان الخارجية الداعمة للإرهاب السلفي في منطقة الشرق الأوسط و خاصة في سوريا ، فهل ستنعكس نتائجها على مستوى رسم خريطة شرق أوسط جديد مقاوم للمشاريع الكبرى للغرب و للكيان الصهيوني ؟ و كيف سيتم استيعاب هذا التراجع من قبل أردوغان و حزبه ؟ و من سيتحمل نتيجة هذا التراجع الكبير بعد سنوات من الحكم و بأغلبية مطلقة داخل تركيا ؟
و إجمالا فإن الرابح الأكبر خلال هاته الانتخابات هو الديمقراطية التركية و هذا ما زكته كل التقارير الواردة من تركيا .(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المصدر : وكالة الأناضول للأنباء ,, الانتخابات العامة التركية 2015- عموم تركيا
http://www.aa.com.tr/ar/turkey/533133

(2)- جريدة أراء برس … نتائج الانتخابات التركية هل هي بداية لتوازنات جديدة في تركيا و الشرق الأوسط
http://araapress.com/index.php/journ/monde/164-2015-06-08-01-29-53
موقف حزب العدالة والتنمية:
(1)
يبدو ان الظروف السياسية الصعبة التي يمر بها حزب العدالة والتنمية، الذي يقود تركيا منذ عام 2002، على الصعيدين الداخلي والخارجي، هي التي اضطرت رئيس الجمهورية التركية لقيادة حملة حزب العدالة والتنمية، وينتهك بهذا الشكل الصارخ للدستور التركي، الذي من المفترض ان يكون الرئيس الحارس الامين على تطبيقه والحيلولة دون تحديه وتجاهله.
الانتخابات التشريعية التي أجريت 7 حزيران / يونيو، كانت من اكثر الانتخابات اهمية في تاريخ حزب العدالة والتنمية الذي يقود تركيا منذ اكثر من عقد ودون منافسة تذكر. نتائج هذه الانتخابات حسمت مصير اردوغان الذي يسعى لبعث العثمانية الجديدة، كسلطان عثماني بعد ان يتمكن من تغيير الدستور في تركيا من برلماني الى رئاسي فحسب، بل ستغير السياسة الخارجية لتركيا، الا أنها جاءت مخيبة للأمال (2)
وكان اردوغان يأمل بتحقيق فوز ساحق لحزب العدالة والتنمية يسمح له بتغيير الدستور وإنشاء رئاسة أكثر نفوذا على الطراز الأمريكي. ولفعل ذلك كان يحتاج للفوز بثلثي مقاعد البرلمان.
وبدلا من ذلك أصبح حزب العدالة والتنمية غير قادر على الحكم بمفرده لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة قبل 13 عاما تقريبا. ويواجه الحزب مفاوضات صعبة قد تستمر أسابيع مع أحزاب معارضة لتشكيل حكومة مستقرة واحتمال إجراء انتخابات أخرى مبكرة.
وذكرت محطة تلفزيون (سي.إن.إن ترك) أنه بعد فرز 98 المئة من الأصوات حصل حزب العدالة والتنمية على 40.8 في المئة بتراجع عن نسبة 49.8 في المئة التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2011.(3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – المصدر:وكالة الأناضول للأنباء ,, الانتخابات العامة التركية 2015- عموم تركيا
http://www.aa.com.tr/ar/turkey/533133
(2) – جمال كامل –الإنتخابات التركية و”السلطان أردوغان – اخبار لبنان والشرق الأوسط
http://www.shoofee.com/?p=194660
(3)- عرب zaman,, … حزب كردي يحبط طموحات اردوغان في الانتخابات التركية
http://www.zamanarabic.com/%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%A8%D8%B7-%D8%B7%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE/
وفي نتائج رسمية حصل حزب العداله والتنميه 41.59% بينما حصل حزب الشعب الجمهوري 25.22%

في نتائج رسمية حصل حزب العداله والتنميه 41.59% بينما حصل حزب الشعب الجمهوري 25.22% وحزب الحركة القومية 16.75% بينما حصل حزب الشعوب الديمقراطي “الكردي” على 11.90%.
وقالت وكالات ومصادر إعلامية أن العدالة والتنمية قد فشل في حصد الأغلبية المطلقة التي تخوّله تحويل النظام في ‫‏تركيا‬ الى نظام رئاسي.
فيما نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في حزب العدالة والتنمية يتحدث عن إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية مع عدم استبعاد تنظيم انتخابات مبكرة (1)

نظرة سريعة للبيئة التي وصل فيها الحزب للحكم حيث تمثلت عدد من الجوانب:

وصل العدالة والتنمية إلى سدة الحكم فى تركيا في ظل وضع سياسي داخلي ودولي فرض عليه قيودا على حركته، و دفعه لاتباع بعض التكتيكات السياسية لتحقيق أهدافه والوصول لها.
أ‌- وضْع العلاقات التركية الإسرائيلية قبيل وصول العدالة للسلطة
وصل العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا وكانت العلاقات الإسرائيلية التركية في قمتها نتيجة لتطورات عدة فى عقد التسعينيات من القرن العشرين الميلادي، حيث زارت رئيسة الوزراء التركية تانسو تشيلر إسرائيل عام 1994 في أول زيارة من نوعها لمسؤول تركي بهذا المستوى منذ الاعتراف التركي بإسرائيل. وبعدها بعامين زار الرئيس التركي سليمان ديميريل إسرائيل أيضا وتوقيع الاتفاق الأمني العسكري الاستراتيجي (فبراير 1996) وشهدت العلاقات الاقتصادية تطورا ملحوظا أيضا خلال نفس الفترة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المصدر: الإنتخابات التركية: العدالة والتنمية” يتلقى “صفعة” انتخابية وحلم أردوغان بـ “النظام الرئاسي” يتبخر | الأخبار الدولية | سياسة | دي برس http://www.dp-
http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=177271

“تم تدعيم هذا التعاون باتفاقات لاحقة مثل (اتفاق 28/8/1996 بشأن مشروع تحديث طائرات الفانتوم التركي، واتفاق 1/12/1996 بشأن المشروع ذاته وتنظيم تدريبات ومناورات مشتركة. وكذا اتفاق 8/4/1997 بشأن تقدير ومخاطر إيران وسوريا على البلدين. وتم التوصل إلى 14 اتفاقا ومشروعا للتعاون العسكري بين البلدين(1)
وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 1500 مليون دولار فى مايو 2001 علما بأن هذا المبلغ لا يشمل ثمن صفقات الأسلحة بين الجانبين.”
ب‌- بيئة النظام السياسي التركي
تولى العدالة والتنمية الحكم في تركيا في ظل بيئة سياسية معينة، وهي وجود مؤسسات رسمية داخل النظام مثل: البرلمان والسلطة التنفيذية (رئيس الوزراء ورئيس الدولة) والسلطة القضائية، إضافة إلى إقرار الدستور لصلاحيات معينة لمجلس الأمن القومي الذي تسيطر عليه المؤسسة العسكرية، والتي تعتبر في نفس الوقت حامي للنظام العلماني وللعلاقات التركية مع الغرب.
مع الأخذ في الاعتبار أن الدور السياسي للعسكريين –الممنوح لهم وفقا للدستور- هو أحد معوقات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل تحجيم دورهم من الناحية الدستورية يزيد من فرص الانضمام للاتحاد في ظل شروطه المعلنة.
كما تولى العدالة والتنمية في ظل تدهور شعبية الأحزاب القائمة، سواء التي انفردت بالحكم أو الحكومات الائتلافية التي سبقت الانتخابات البرلمانية المبكرة في نوفمبر 2002 حيث تدهور الاقتصاد التركي، وزاد معدل الفساد، وفشلت الحكومة الائتلافية في مواجهة الأزمة الاقتصادية؛ مما دفعها للاستقالة، والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة.
إضافة إلى ما سبق، جاءت انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 التي تعاطف معها الشعب التركي مقابل موقف رافض و متصاعد من الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة، زاد من ذلك الحرب الأمريكية على العراق، ثم احتلاله أبريل 2003 وبروز الدور الإسرائيلي الداعم للحرب وانكشاف المزيد من الحقائق حول الدور الإسرائيلي شمال العراق والعلاقة مع الأكراد.

جـ- الخلفيات الأيديولوجية لحزب العدالة والتنمية
يصر حزب العدالة والتنمية دائما على وصف نفسه بالحزب الديمقراطي المحافظ، ويرفض وصف نفسه بالإسلامي، ومن ثم فهو يرى أن موقفه من العديد من القضايا ومنها القضية الفلسطينية نابع من عوامل ثقافية وتاريخية، وتعبر عن موقف الشعب التركي الذي انتخب الحزب.
لكن الأمر المؤكد، أن مؤسسي حزب العدالة والتنمية الرئيسيين، هم من رجالات حزب الفضيلة الإسلامي الذين خرجوا منه، وقاموا بتأسيس حزب جديد بمنطلقات جديدة وباستجابة أكبر لمطالب الشعب التركي بناء على دراسات استقصائية قام بها الحزب ليكون خطابه أقرب لرجل الشارع التركي وتطلعاته.
وكانت الفكرة الأساسية لحزب العدالة أنه “يجب التخلي عن الخطاب الديني الذي التزمه حزب الفضيلة بقيادة أربكان، وأن يستخدم خطابا يتفق مع الواقع التركي والعالمي أيضا.
لذلك تبنى “مسؤولو حزب العدالة والتنمية اقترابا يسعى للتوفيق بين قيم الغرب والقيم الإسلامية. ربما كان التغيير أكبر في مستوى الأدوات والشركاء الإقليميين المساعدين وليس في التوجه العام للاستراتيجية التركية الخارجية”(2)
لذلك استطاع الحزب أن يستمر على “التقاليد العثمانية ذات الطابع الإمبراطوري الذي يقوم علي التوفيق والتعايش بين خيارات متعددة والوصول لحلول وسط، وهو العامل الذي أدى بـ “الأتاتوركية” ذات الطابع الاستئصالي إلى عدم النجاح، كما أدى بـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- السياسة الخارجية التركية تجاه إسرائيل (1996-2009) إعداد/أحمد ممدوح-الناشر المركز الديمقراطي العربي –مصر)
(2) د.باكينام الشرقاوي-الشرق الأوسط الكبير-الرؤى التركية والإيرانية –ورقة أولية –المؤتمر السنوي التاسع عشر للبحوث السياسية “مشروع الشرق الأوسط الكبير-26-29 ديسمبر 2005.
“الأربكانية” ذات الطابع الإحيائي الذي يحمل نزعة جذرية إلى التراجع، بينما مهد الطريق أمام “الأردوغانية” في صيغتها الديمقراطية المحافظة المتواصلة مع الطابع العثماني (عثمانية جديدة) للوصول إلى السلطة.” (1)
وتكون الحزب الذي يضم حوالي 3 ملايين عضو وأكثر من 80 فرعا في جميع أنحاء الدولة التركية خليطا من اتجاهات عدة، أهمها الإسلاميون ورجال الأعمال والقوميون الأتراك، تمثل كلها روافد هامة لمواقف الحزب السياسية والاقتصادية.

أسباب هذا التراجع للحزب الحاكم يمكننا ملاحظة ما يلي:
الشعور بالاستياء من السياسة الاردوغانية لم ينحصر بالمعارضة، التي اعتبرتها تتناقض والمصلحة القومية لتركيا، بل تجاوزه الى معسكر حزب التنمية نفسه والى قواعده الشعبية، فقبل ايام اكد الكاتب التركي المعروف والموالي لاردوغان وحزبه عبد القادر سلوي في صحيفة “يني شفق” تحت عنوان “أريد أن أحذركم قبل فوات الأوان”، عبد القادر سلوي اكد فيه أن الكثير من ناخبي الحزب ليسوا متأكدين من تصويتهم لصالحه.. ان تركيا قد تواجه احتمال الاستيقاظ صباح الثامن من حزيران على ائتلاف.. كنا (العدالة والتنمية) معروفين بالتواضع. الآن يذكروننا لعجرفتنا”.
أخبار لبنانية .. الشرق الأوسط .. الإنتخابات التركية و”السلطان أردوغان(2)
أولًا: خوضه الانتخابات لأول مرة بدون مؤسِّسه ورئيسه السابق أردوغان، صاحب المساهمة الأبرز في شعبيته.
ثانيًا: تجديد معظم قيادات الصف الأول في الحزب؛ حيث حُرِم 70 من نوابه ووزرائه الحاليين المعروفين للمواطن من الترشح بسبب مادة في نظامه الأساسي تحظر الترشح لأكثر من ثلاث مرات متتالية.
ثالثًا: ضعف الحماسة للانتخابات مقارنة بسابقاتها، لعدة أسباب، منها: استمرار الحزب في الحكم لـ 13 عامًا، وخفوت الشعور بالتهديد لدى أنصاره، إضافة إلى غضب بعض المصوِّتين له من بعض مواقفه، وبقاء نسبة مهمة من ناخبيه دون حسم قرارها بعد، وهو ما أشار له أكثر من كاتب محسوب على الحزب مؤخرًا.(3)

و لعل أبرز هذه الأسباب هو انهيار التحالف الصلب الذي جمع بين إردوغان ومجموعته مع جماعة فتح الله جولن، والذي كان يدفع إردوغان أن يرسل تحيته للشركاء فيما وراء البحار عقب كل استحقاق انتخابي، ومما لا شك أن الدعم الهائل الذي توفره جماعة جولن والذى تم خصمه من رصيد (AKP) وبالتالي تمت إضافته لحزب الشعوب الديمقراطى (HDP) المنافس، حتى لو كان يتمثل في النهاية خمسة أو ستة بالمائة، لكنه بالتالي أفقد أردوغان قرابة السبعة والسبعين مقعدا فى البرلمان.
ولقد حرص إردوغان زمناً طويلاً على سياسة تصفير المشاكل مع الخصوم، داخلياً وخارجياً، ولعل من المنطق والعقل أن يراجع إردوغان سياسته ومواجهته مع جولن، حتى يتجنب المزيد من النزيف والخسائر.(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- كمال حبيب- الإسلاميون الأتراك.. من الهامش إلى المركز–مركز الجزيرة للدراسات
(2) – صحيفة أخبار لبنانية – الشرق أوسط .. الإنتخابات التركية و”السلطان أردوغان
http://www.shoofee.com/?p=194660
(3)- المصدر : الخبر للأديان والمذاهب: .. الانتخابات البرلمانية التركية: المتنافسون والتوقعات
http://www.alkhabar.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA_a72358.html
(4)- بوابة الوطن اليوم… الانتخابات التركية.. الأسباب والنتائج والتوقعات
http://www.watantoday.net/defaultnews/2015-06-10/89027

فاردوغان وجه تركيا خلال الاعوام الثلاثة عشرة الماضية، وحقق انجازات كبيرة داخل البلاد وخارجها، لكن السنوات الاخيرة من حكمه شهدت احداثا غيرت صورة اردوغان من السياسي القوي المدافع عن البسطاء والمقاتل الشرس دفاعا عن موقفه، الى رجل دولة صاحب نزعة تسلطية، وهو ما اثار مخاوف قطاع من الرأي العام التركي.
فقد شن حملة شعواء على عدد من وسائل الاعلام العالمية والمحلية من بينها صحيفة نيويوك تايمز وبي بي سي وصحيفة الجارديان والايكونومست، حتى وجه كلمات قاسية لصحفية تركية تعمل في الايكونومست وصحيفة طرف التركية ووصفها بقليلة الحياء.
ورفع دعوى على رئيس تحرير صحيفة جمهوريت التركية لانها نشرت تحقيقا احرج حكومة احمد داوود اوغلو.
وفضيحة الفساد الكبيرة التي تورط فيها عدد من وزراء حكومته ودفاعه المستميت عنهم لا بد انها غيرت صورة اردوغان في اذهان الاتراك العاديين، وبدلا من احالة الوزراء الى القضاء شن حملة على القضاة والمدعين ورجال الشرطة الذي حققوا فيها وزج بهم في السجون متهما صديقه السابق فتح الله غولن بالوقوف وراءها والتآمر على حكومته من منفاه الاختياري في الولايات المتحدة.(1)

والعديد من المراقبين للمشهد السياسي التركي، يربطون تدني شعبية حزب العدالة والتنمية، بالسياسة الخارجية لاردوغان والتي تتسم بالمغامرة والتخبط، وكذلك السياسة الداخلية التي تتسم بالتعالي والغرور الى حد جنون العظمة، وقد تجلى البعد الخارجي بالاندفاعة غير المنطقية وغير المحسوبة والمتهورة، في الشأن السوري، حيث يتجاوز خطاب اردوغان ضد الحكومة السورية اكثر خطابات المعارضة السورية تطرفا، وتورطه في المستنقع السوري الى الحد الذي بات واضحا دعمه المجموعات التكفيرية بالمال والسلاح والعتاد، وهو ما كشفته صحيفة “جمهوريت” التركية. اما على صعيد البعد الداخلي، فتجلى بسعيه الى تعديل الدستور ومنح الرئيس صلاحيات واسعة، وكذلك تجلت في خطاباته الاستفزازية وقمعه لمعارضيه، واستخدام القضاء كوسيلة لتصفية حسابات مع خصومه السياسيين.(2)
كذلك السياسات الخارجية الجريئة، والتي أسفرت عن مشاكل داخلية هائلة، وصدامات خارجية عنيفة، تؤثر سلباً في النهاية على المواطن التركي، وتلتقطها المعارضة وتعزف على أوتارها، وتعد الناخب وتمنيه بإصلاحها، والقضاء على معاناته .
ومن أبرز الأمثلة على ذلك موقف إردوغان من القضية السورية، واستضافة تركيا لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين والذين انتشروا في كافة المدن التركية، وتركز عدد هائل منهم في أسطنبول، وظهر لا شك من بعضهم الإفرازات السلبية للتجمعات المهاجرة من انتشار ظواهر التسول والسرقة والبلطجة والنصب أحياناً، وكذلك انتشار العمالة الرخيصة غير المؤهلة والمدربة وغير المرخصة .
مما أثار التذمر بين أوساط الأتراك ومطالبتهم المستمرة بوقف سياسة استقبال المهاجرين السوريين لتأثيره السلبي الهائل على الوضع التركي الاقتصادي والاجتماعي.
واستقبل حزب الشعب الجمهوري (CHP) ورئيسه كمال كلجدار أوغلو هذه الإشارة وظل يدندن حول وعده بإعادة السوريين إلى بلادهم جبراً وقسراً حال نجاح حزبه بالانتخابات، وبمراجعة النتائج ستكتشف فقدان (AKP) لمئات الألاف من الأصوات في إسطنبول والولايات الشرقية من تركيا بعدما كانت مخزناً لأصوات التأييد لهم من جراء هذه القضية الهامة فقط .(3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- عربي bbc
http://www.bbc.com/arabic/interactivity/2015/06/150608_comments_turkey_elex_erdogan
(2)- أخبار لبنانية .. الشرق الأوسط .. الإنتخابات التركية و”السلطان أردوغان
http://www.shoofee.com/?p=194660
(3)- بوابة الوطن اليوم… الانتخابات التركية.. الأسباب والنتائج والتوقعات
http://www.watantoday.net/defaultnews/2015-06-10/89027

بالإضافة إلي ما يلي :
قضايا الفساد التي اتُّهم بها أربعة من وزرائه السابقين، والتي رغم أنها لم تثبت عليهم إلا أن المعارضة استثمرتها بشكل جيد في حملاتها الانتخابية.
الخلافات التي نشبت بين بعض قيادات الحزب، وخاصة بين نائب الرئيس بولند أرينتش ورئيس بلدية أنقرة مليح غوكتشاك، والتي اعتُبرت نوعًا من الحرب بالوكالة بين أردوغان وداود أوغلو.
: تحالف كل أحزاب المعارضة ووسائل إعلامها ضد الحزب الحاكم وتجنُّبها انتقاد بعضها البعض، وتركيزها على ضرورة دخول الشعوب الديمقراطي للبرلمان، وهو ما اعتبره داود أوغلو تعاونًا بينها وبين الكيان الموازي ضد حزبه.
: أثار إصرار أردوغان وحزب العدالة والتنمية على النظام الرئاسي مخاوف الكثيرين من سيطرته الكاملة على الحياة السياسية التركية، ففضَّل بعضهم التصويت للأحزاب الأخرى لإضعاف قدرته على ذلك.(1)
رابعا : غياب المخضرمين من (AKP) عن المشهد :
يخوض (AKP) ولأول مرة منذ نوفمبر 2002 الانتخابات التشريعية دون وجود زعيمه التاريخي إردوغان على رأسه وكذلك عبد الله جول الرئيس السابق وبولنت أرينج نائب رئيس الوزراء الحالي، وبنعلي يلدريم وزير النقل والاتصالات السابق ومحمد شاهين وزير العدل السابق وجميل جيجاك رئيس البرلمان الحالي، بجانب غياب 70% من النواب الذين اعتاد المواطنون على ترشيحهم لوجود مادة فى النظام الأساسي للحزب تحظر الترشح للبرلمان لأكثر من ثلاث مرات متتالية وذلك لمنع احتكار بعض الأشخاص للمناصب وفتح الطريق أمام الكوادر الشابة لتولي المسئوليات فى قيادة الحزب .
وفى الحقيقة إن نجاح الحزب (AKP) في البقاء على القمة بنسة 41% رغم تغيير يصل إلى 70% من المرشحين ويخوضون المعارك الانتخابية لأول مرة واحترام الحزب للوائحه الداخلية والتزامه بها وحرصه على تجديد ضخ الدماء الجديدة في البرلمان والمناصب القيادية، هذا في ذاته يعد انجازاً هائلاً(2)
كان موقف اردوغان من هجوم تنظيم الدولة الاسلامية على بلدة كوباني – عين العرب- حدثا مفصليا بالنسبة لاكراد تركيا، حيث رفض مناشداتهم بتقديم الدعم للمقاتلين الاكراد المدافعين عن مدينتهم وفتح الباب امام اكراد تركيا للمساهمة في مقاومة زحف التنظيم، بل توقع سقوط المدينة تحت سيطرة التنظيم قريبا قبل ان تتدخل الولايات المتحدة رغم معارضته لوقف تقديم داعش الذي كان على وشك الاستيلاء على المدينة بشكل كامل.
وخرج الاف الاكراد الى الشوارع في تركيا احتجاجا على موقف الحكومة التركية واصطدموا بقوات الامن التركية على مدى ثلاثة ايام سقط خلالها اكثر من 30 قتيلا وكادت الاضطربات ان تخرج عن السيطرة لولا تدخل الساسة الاكراد وتهدئة الاوضاع.
واستغل الساسة الاكراد موقف حكومة التركية مما جرى في كوباني وظهورها بموقف المتفرج، شنوا حملة واسعة عليها وادت في النهاية الى خسارة الحكومة التركية لقاعدتها الشعبية بين الاكراد الى حد بعيد.(3)
وفي النهاية يمكن القول الخبرة التى اكتسبها حزب الشعب الجمهورى وحزب الحركة القومية من مواجهاته السابقة وخساراته المتلاحقة أمام (AKP) دفعتهما لتبنى خطاب لا يناهض الهوية الإسلامية بل وترشحت بعض المحجبات على قوائمهما رغم أن طردهما للسيدة مروة قاوقجي من البرلمان التركي بسبب حجابها في نهاية القرن الماضي ما زالت حاضرة في الأذهان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المصدر سابق : الخبر للأديان والمذاهب: ..الانتخابات البرلمانية التركية: المتنافسون والتوقعات
(2)مصدر سابق : بوابة الوطن اليوم… الانتخابات التركية.. الأسباب والنتائج والتوقعات
(3)- مصدر سابق :عربي bbc

وكذلك دفعتهما لاحتضان الاحزاب الصغيرة والتي كانت تشارك منفردة وتحصل نسباً بسيطة دون العتبة البرلمانية وتسقط في النهاية من نصيب العدالة والتنمية، ففي حين بلغت حصة الأحزاب الصغيرة التي حازت دون العشرة بالمائة في نوفمبر 2002 بلغت قرابة الأربعين بالمائة، لم تتعد هذه النسبة في الانتخابات الأخيرة 4.7% مما يعكس تغيراً فى تكتيك الأحزاب المنافسة.
ولنا أن نتساءل هل كان (AKP) يستخدم سياسة تساعده على تفتيت الخصوم وأهملها هذه المرة. (1)

أهم الملاحظات على الإنتخابات التركية من وجهة نظرى كباحث :

1- بعد 12 عاما من سيطرته على السلطة ..تحول اتجاه المد ضد أردوغان:
سيطر حزب أردوغان على السلطة مدة 12 عاما، إلا أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة جاءت بما لا تشتهي السفن، حيث فقد حزب العدالة والتنمية التركي أغلبيته البرلمانية لصالح الأكراد، الأمر الذي اعتبر ضربة قوية موجهة ضد أردوغان.
2- حكومة أحادية اللون من حزب العدالة والتنمية لكنها أقلية:
بموجب الدستور سيطلب أردوغان من رئيس حزب العدالة والتنمية الذي احتل الطليعة بحصوله على 40.8% من الاصوات و258 مقعداً من اصل مقاعد البرلمان ال550، تشكيل حكومة جديدة.
يمكن نظريا أن يشكل رئيس الوزراء الحالي احمد داود اوغلو فريقاً حكومياً يعتبر أقلية، ما يعني حكماً أنه غير مستقر، ويحكم بمفرده. لكن رئيس الدولة استبعد هذه الفرضية، ولفت في أول رد فعل له إلى “أنّ النتائج الحالية لا تعطي الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة بمفرده”.
3- الديموقراطية مهمة ومفيد.. حتى للأكراد:
حيث نجح حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحقوق الأكراد برئاسة صلاح الدين دميرتاز في الحصول على 13 في المئة بـ 79 مقعدا، ليتجاوز عتبة 10 في المئة اللازمة لدخول البرلمان، وبالتالي سيكون أول تكتل أو حزب سياسي كردي يدخل البرلمان.
4- انتخابات جديدة:
في حال فشل المحاولات لتشكيل حكومة في غضون الايام الـ45 المقبلة، يمكن لرئيس الدولة أنّ يحل “الجمعية الوطنية الكبرى” ويدعو إلى انتخابات مبكرة بموجب الدستور.
وبعد النكسة التي حلت بحزبه الأحد، لوّحت الصحف الحكومية الاثنين بهذه الفرضية. فعنونت صحيفة يني شفق “انتخابات مبكرة في الافق”، لكن نائب رئيس الوزراء كورتولموش اعتبر من ناحيته “أنّ الخيار الأخير هو الأبعد”.
5- نتيجة الانتخابات قد تساعد الجهود المبذولة لإنهاء التمرد حزب العمال الكردستاني في تركيا:
يقر عديد من المحللين السياسيين أنه بعد حصول حزب الشعوب الديموقراطي على موضع قدم داخل البرلمان كحزب سياسي وليس مجموعة من المرشحين المستقلين، فإنه ولابد أن يعمل على حل مشكلة الأكراد داخل تركيا، وهي مشكلة طال أمدها طويلا، حيث طالما طالب الأكراد بحق التعليم باللغة الأم، ودستور غير تمييزي، و قانون أكثر عدالة لمكافحة الإرهاب، وخفض عتبة الانتخابات عن عشرة في المئة.
6- تركيا لن تعود للأيام الصعبة مثل السبعينات والتسعينات:
بعد أن جعلت نتائج الانتخابات البرلمانية في تركيا حزب العدالة والتنمية يخسر الأغلبية البرلمانية التي اعتاد عليها، سيضطر لأول مرة للبحث عن شريك يشاطره الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- بوابة الوطن اليوم… الانتخابات التركية.. الأسباب والنتائج والتوقعات
http://www.watantoday.net/defaultnews/2015-06-10/89027

الأمر الذي دفع أنصار حزب العدالة والتنمية لبدأوا في تذكر الوجه الكئيب للحكومات الائتلافية التي مرت على تركيا في السبعينات والتسعينات، حيث شهدت البلاد في هذه الفترات ا تضخم جامح وصراعات داخلية دامية.
وهو ما يجعل عديدون يعتقدون أن تركيا ستشهد الفترة القادمة غياب الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي غير المنقطع التي عرفته البلاد على يد أردوغان.
السيناريوهات المحتملة لتشكيل حكومة تركية جديدة، هناك الاحتمالات التالية:

بحسب المراقبين للشأن التركي توجد سيناريوهات عديدة للمشهد التركي في المرحلة المقبلة أبرزها أن يقوم حزب العدالة والتنمية بالتحالف مع الأحزاب الأخرى، غير أن الواقع أيضا يشكّك في إمكانية ذلك خاصة مع رفض الأحزاب المعارضة للائتلاف معه بحسب تصريحات زعماء المعارضة.
والسيناريو الثاني والذي يبدو مستحيلا أن يحدث تحالف ثلاثي ضد العدالة والتنمية من خلال الحصول على الثقة البرلمانية بـ 276 صوت برلماني.
والسيناريو الثالث والذي يبدو في صالح العدالة والتنمية بشكل كبير وهو أن تشهد البلاد انتخابات برلمانية مبكّرة حيث يمكن للحزب “العدالة والتنمية ” تشكيل حكومة أقلية يليها قرار الانتخابات البرلمانية المبكّرة وإجراء الانتخابات من جديد وإلى حينها تستمر حكومة داود أوغلو بأداء مهامها الحالية.(1)
الا أن البعض يرى أكثر من ذلك
1 – تشكيل حكومة أقلية بقيادة حزب العدالة، وتكون حكومة غير مستقرة. وحيث أن الإقتصاد التركي أصبح مهدداً نتيجة عدم الثقة التي تركتها نتائج الإنتخابات، فالليرة التركية تهاوت أمام الدولار واليورو، والبورصة نزلت أرقامها حوالي 8%. لذلك فإن هذا الخيار لن يكون مرجحاً.
2 – تشكيل حكومة إئتلافية من الأحزاب الثلاثة. وهذا الإحتمال غير مرجح أيضاً لأنه لا سبيل للإنسجام بين حزب الشعوب الديموقراطي والحركة القومية لأن هذا الأخير لا يعترف بالشعب الكردي.
3 – تشكيل حكومة من الشعب الجمهوري والعدالة. هذا الإحتمال ضعيف لأن كل من هذين الحزبين لا يقبل الآخر. فحزب العدالة جاء ليقضي على الإرث الأتاتوركي وحزب الشعب الجمهوري هو حزب أتاتورك. على كل، هذا الإحتمال غير مستبعد.
4 – تشكيل حكومة العدالة والحركة القومية. خطورة هذا الإحتمال أنه سيوقف العمل على حل المشكلة الكردية، والذي بدأت به حكومات العدالة والتنمية. وهذا سيؤدي حتماً إلى عدم استقرار سيؤثر سلباً على الإقتصاد التركي الذي يحتاج إلى الإصلاح
5 – الإحتمال المرجح هو تشكيل حكومة بين العدالة والأكراد. هذا الإحتمال هو الذي يضفي على الوضع التركي نوعاً من الإستقرار يحتاجه الإقتصاد المتعثر.
6 – الدعوة إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثة أشهر. هذا الإحتمال ممكن في حال عدم تمكن داوود أوغلو من تشكيل حكومة خلال 45 يوماً، بعد تكليفه من قبل رئيس الجمهورية.
هذه الإحتمالات لا تلغي احتمالات أخرى لم نذكرها، مثال الطلب من عبد الله غول تشكيل الحكومة لأنه مقبول من مختلف الأطراف…الخ(2) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المصدر: لجين محمد … تركيا بوست… الانتخابات التركية: النتائج والسيناريوهات
http://www.turkey-post.net/p-52053/
(2)- حسن ملاط .. حركة التوحيد الإسلامي
http://www.altawhid.org/2015/06/11/%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%B7/
الباب الثاني
الفصل الأول

العلاقات العربية التركية في الشرق الأوسط وتأثرها بنتيجة الإنتخابات
أولا العلاقات التركية العربية
مرّت العلاقات العربية التركية بكثير من التوتر والقطيعة بعد الحرب العالمية الأولى، فالأتراك اعتبروا خيانة العرب سببا ً لخسارتهم في الحرب العالمية الأولى ، عندما تحالفوا مع بريطانيا ضد الإمبراطورية العثمانية، فيما أعتبر العرب سبب تخلفهم ناتجا ً عن السيطرة العثمانية عليهم لأكثر من أربعة قرون، لذلك فالعلاقات العربية التركية مشحونة لسنين طويلة، لا بل اُعتـُبرت ْ تركيا ثالث دولة معادية للعرب والمسلمين من بين دول العالم، بعد أمريكا وإسرائيل.
ولكن بعد العام 2002 تحسنت العلاقات التركية العربية بشكل لم يسبقه مثيل في التاريخ الحديث، ففي عام 2004 أصبح الأمين العالم لمنظمة المؤتمر الإسلامي من حظ تركيا ، كما أ ُنتخب َ رئيس الجمهورية التركية رئيسا ً للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري في منظمة الدول الإسلامية، ومن ثم أصبحت تركيا عضوا مراقبا في جامعة الدول العربية، كل ذلك تم بجهود خليجية وسعودية. وكان لتركيا دور متميز في تقريب العلاقات الخليجية مع حلف الناتو في مؤتمر حلف الأطلسي الذي عقد في تركيا عام 2004
ويرجع تحسن العلاقات التركية العربية في العقد الأخيرة إلى عوامل مختلفة، منها داخلية تخص السياسة التركية ومنها خارجية تخص المتغيرات الدولية والإقليمية. ففي العوامل الداخلية يعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في عام 2002 عاملا أساسيا في تحسن العلاقات التركية مع دول الجوار العربي والمسلم،
يمكننا القول إن العلاقات الاقتصادية والسياسية تشكل الدوافع الأساسية لتغيير العلاقات التركية العربية، فخيبة أمل تركيا من عدم قبولها في عضوية الإتحاد الأوربي، أفقدها أمل انفتاح السوق الأوربية المشتركة أمام تجارتها وإنتاجها الصناعي والزراعي، وخاصة بعد أنشاء خزانات وسدود مياه عملاقة والشروع في مشاريع الأناضول الزراعية الضخمة، التي سيفوق إنتاج حاصلاتها الزراعية حاجة السوق التركية المحلية، فالأسواق العربية المـُستـَهـلـِكة تـُعتـَبر البديل الأفضل لتصريف المنتجات، لحاجتها إليها أولا ولقربها منها جغرافيا ثانيا ً ، والأموال العربية الوفيرة ستجد المكان المناسب لها للأستثمار في بنوك تركية – أسلامية مساهمة.
من جانب أخر فتعميق العلاقات العربية التركية، يعزز العلاقات التركية الأمريكية الأوربية، باعتبار تركيا حلقة وصل بين الغرب والمجتمعات الإسلامية، وخاصة مع تعاظم الدور الإيراني ومحاولة انفراده، كقوة إقليمية ، ما يتطلب من تركيا اخذ دور الموازنة في المنطقة. فتركيا انتهجت سياسة السلام مع جيرانها العرب والإيرانيين على السواء، ورفضت سياسة جر المنطقة إلى مواجهة عسكرية مع إيران، كما كان يراد لها. فهل إن تركيا قادرة على الموازنة بين المعسكر الأمريكي وحلفائه في المنطقة ( دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر وإسرائيل) من جهة والمعسكر الإيراني السوري والتنظيمات الجهادية العربية كحزب الله وحماس من جهة أخرى؟ والتحدي الكبير الذي يواجهها هو فيما إذا نشبت الحرب بين المعسكرين، فان وقفت مع المعسكر الإيراني ، خسرت الخليج ودعمه المالي واستثماراته وسوقه، وان وقفت مع المعسكر الأمريكي دخلت في صراعات مع إيران نتيجة دعمها لبعض التنظيمات المناوئة لتركيا كحزب الله التركي وحزب العمل الكردي. فهل ستتمكن تركيا من الاستمرار في استثمار علاقاتها الجيدة مع الغرب وأمريكا وإسرائيل من جهة وإيران وحماس والعرب عموما من جهة أخرى؟(1) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- ثائر البياتي العلاقات العربية التركية بين الماضي والحاضر.. الحوار المتمدن..الحوار المتمدن-العدد: 3348 –
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=256773

العلاقات السورية التركية ومدي تأثيرها بنتيجة الإنتخابات

يمكن القول أن العلاقات التركية السورية شهدت تراوحاً مستمراً ما بين التحسن والتراجع، ولكن فترات الخلافات والقطيعة كانت هي الغالبة على العلاقات في أغلب الفترات، ورغم أن حزب العدالة والتنمية قد أعلن في بداية وصوله للحكم في تركيا عن تصفير المشكلات مع الخارج وخاصة دول الجوار وسوريا بشكل أخص، ورغم وصول العلاقات لأفضل المستويات في تاريخها، إلا أن الأمور عادت أكثر سوءاً من الماضي بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية، ومواجهتها بقسوة وعنف شديد من قبل النظام.
وهذا دليل على أن العلاقات لم تكن مبدأية وأزلية، ويدل أن التحسن كان شكلي ومصلحي، ولم يعالج القضايا العالقة بين البلدين جذريا، حيث دائما تعود تلك القضايا للبروز مجدداً عند أي تراجع في العلاقات.
وما يزيد الأمور تعقيداً هو الحديث عن تدخلاً عسكرياً تركياً ضد النظام السوري، والذي وإن راق لبعض الدول في البداية.

ما هي أهداف تركيا في الصراع الدائر في سوريا بعد الثورة السورية؟
على الرغم من التحديات التي باعدت بين العرب والأتراك على امتداد القرن العشرين، فإن العلاقات بينهما عادت في السنوات الأخيرة لتؤشر إلى بداية مرحلة جديدة جبها للتدخلات الخارجية والتهديدات التي يمثلها أساسا المشروع الصهيوني على مستقبل المنطقة وشعوبها الأصلية(1)
وتعتبر العلاقات السورية التركية جزءا من العلاقات العربية التركية ولكنها أكثرها حساسية وهي متذبذبة ومتقلبة ما بين التقارب الذي عادة لا يستمر طويلا وما بين التنافر المتكرر، وقد شهدت الفترة الممتدة ما بين الأعوام 2000-2011 أفضل العلاقات بين البلدين، وقد كان لفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية عام 2002 دور كبير في تحسن العلاقات وفقا لرؤية جديدة تعتمد مبدأ تصفير المشكلات مع الجميع وخاصةً دول الجوار، وكثرت الزيارات على كل المستويات وزاد التعامل في كل المجالات وارتفع التبادل التجاري، وحدثت تسهيلات على حرية التنقل، وتم الاتفاق على إنشاء منطقة التجارة الحرة، حتى أن سوريا قبلت وساطة تركيا في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل ولم تعد سوريا تتحدث عن لواء الإسكندرونة وهدأت مشكلة المياه، أما تركيا فلم تعد تكيل الاتهامات لسوريا بدعم حزب العمال الكردستاني.
وما أن إندلعت الإحتجاجات الشعبية في درعا في منتصف العام 2011 والتي امتدت لباقي أنحاء سوريا حتى إتخذ النظام التركي موقف المؤيد للمطالب الشعبية، ودعى النظام السوري للإستجابة لإرادة الجماهير، فبدأت العلاقات بالتراجع حتى وصلت إلى حد القطيعة، ومطالبة تركيا بتنحي النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وتبنت تركيا مطالب المعارضة وفتحت لها الأبواب وقدمت لها الدعم والتسهيلات وممارسة كافة أنشطتها على الأرض التركية بما في ذلك تدريب عناصر عسكرية.
ولدى أنقرة عدد من المخاوف المشروعة، وتعتمد في الوقت نفسه على عدد من المعطيات الموضوعية في رسم مسار موقفها من الأزمة السورية، فحساباتها دقيقة جدا ومعقدة، وعليها أن توازن بين عدد من الاعتبارات الحساسة في آن واحد أثناء اتخاذها موقفها، وتعرف تركيا أن التغيير سيطال المنطقة برمتها، لكنها تخاف من سيناريو الفوضى الكارثي، لما يرتبط بالنظام السوري من ملفات متفجرة، وتأمل في أن تدير هذا الموضوع من سوريا بما يحفظ الحقوق والمطالب الشعبية التي تساندها، ويؤدي في الوقت نفسه إلى تجنيبها الخسائر الكارثية في حال انزلقت الأمور إلى الفوضى(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- محمد نور الدين : العرب والدور المستقبلي لتركيا, فصل في: العرب وتركيا, تحديات الحاضر ورهانات المستقبل, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات, مجموعة مؤلفين, بيروت,2012, ص743.
(2)- -علي حسين باكير: محددات الموقف التركي من الأزمة السورية : الأبعاد الآنية والانعكاسات المستقبلية, الفصل السادس عشر في : العرب وتركيا , تحديات الحاضر ورهانات المستقبل , المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات , مجموعة مؤلفين , بيروت 2012 , ص615-666
ويمكن حصر أهداف تركيا من التدخل في الصراع في سوريا بالتالي:
رغبة تركيا بعدم دخول سوريا في حالة الفوضى بعد إنهيار النظام دون وجود بديل ما يهدد الإستقرار في سوريا الذي بدوره ينعكس على تركيا التي تعاني من مشكلة كردية، علاوة على انتشار طائفة العلويين. وكذلك انعكاس عدم الاستقرار على المنطقة كلها.
خشية تركيا من سقوط نظريتها “تصفير المشكلات” والتي تأمل تركيا بتحقيقها جني فوائد عظيمة (رغم أنه من وجهة نظرنا أن تدخلات تركيا الكثيرة أدخلتها في خلافات عديدة جعل الحديث عن تصفير المشكلات ضرب من الخيال).
إسقاط النظام السوري برئاسة بشار الأسد بعد أن قطعت تركيا كل خطوط التواصل مع النظام هناك وحصر موقفها بتأييد المعارضة بشكل كامل.
منافسة إيران كقوة إقليمية حيث أن لدى تركيا الرغبة للعب دور إقليمي رئيسي في المنطقة.
الحفاظ على الوضع الإقتصادي لتركيا من خلال إعادة الإستقرار وتفعيل علاقاتها الإقتصادية.
تخوف تركيا من تأثير الأحداث في سوريا على شعبية حزب العدالة والتنمية واستغلالها من المنافسين في الإنتخابات البرلمانية.
حل المشكلة السورية يساهم في حل مشكلة اللاجئين السوريين إلى تركيا الذين يعتبروا عبئاً اقتصادياً وأمنياً عليها.
كيف تعاملت تركيا مع فصائل المعارضة السورية؟
من الصعب الحديث عن تدخل عسكري تركي بشكل منفرد دون غطاء دولي ودعم أمريكي لضمان مشاركة حلف شمال الأطلسي ، خاصة في ظل امتلاك سوريا لقدرات عسكرية متطورة وإمكانية ضرب العمق الاستراتيجي التركي، مع الأخذ بالحسبان مواقف حلفاء سوريا المتمثلة بروسيا الإتحادية الرافضة لأي حل عسكري خارجي، وتعطل أي قرار في مجلس الأمن ضد سوريا، وتتماهى معها الصين في هذا التوجه، أما الوضع الإقليمي فإن إيران تعتبر سوريا قضية أمن قومي إيراني وسوف لن ترضى بإنهيار النظام فيها.
وأي حرب تركية قد تؤدي إلى قيام سوريا باستخدام أوراقها التي تستطيع بها ازعاج تركيا في عقر دارها، مثل اللعب بورقة الطائفة العلوية التي تمثل 20% من نسبة السكان في تركيا ، وكذلك استئناف دعم حزب العمال الكردستاني الذي يقود عمليات عسكرية ضد الحكومة التركية منذ العام 1984، وكانت تركيا تتهم النظام السوري بدعم هذا الحزب وإيواء قيادته مما تسبب بتوتير العلاقات بين البلدين لفترات طويلة كادت تؤدي إلى مواجهة عسكرية لولا توقيع إتفاقية “أضنة”، ولكن هذه المرة ربما يصل الأمر لاستئناف الدعم لحزب العمال الكردستاني بأسلحة نوعية مثل الصواريخ المتطورة والمضادة للطائرات.
ومن شأن أي تدخل عسكري تركي في سوريا أن يصنف تركيا كدولة محتلة لأرض عربية، وهذا سيعيد طرح قضية لواء الاسكندرونة أيضاً الذي توجه سوريا اتهامها لتركيا باقتطاعه من أراضيها.
ثم إن لدى تركيا إدراك لرغبة النظام في سوريا لتصدير المشكلة لخارج أراضيها ، وتصوير الأمر بأنه اعتداء خارجي على الأراضي السورية بهدف إحتلالها، وهذا سيؤكد ما يسوقه النظام السوري حول وجود مؤامرة خارجية على سوريا تهدف إلى هدم الدولة وتقسيم البلاد.
كل ذلك له تبعات وعواقب لا تصب في مصلحة تركيا، ونظراً للمخاطر والمحاذير المذكورة أعلاه لذا فقد فضلت تركيا منذ البداية احتضان المعارضة السورية من خلال فتح الأبواب للمجلس الوطني وللجيش الحر، وحولت أراضيها إلى ممر عملي للجيش الحر، ولكن أيضا بحذر في جانب التسليح حتى لا تعطي مبرراً لأي جهة للقيام بنفس الدور ضدها مستقبلاً.
لكن ذلك لا يتماشى مع ما أعلن عنه في الصحافة التركية بأنه في الأول من كانون الثاني/يناير 2014 إعترض رجال الدرك الأتراك على مقربة من الحدود السورية في منطقة كيليس شاحنة عثروا فيها على أسلحة، وقال السائق آنذاك أنه ينقل مساعدة إنسانية إلى سورية من قبل منظمة الإغاثة الإسلامية المقربة من السلطات في تركيا وقد داهمت الشرطة التركية مكاتب المنظمة في مدينة كيليس بعد أسبوعين إلا أن نائب رئيس المنظمة وصف ذلك بأنه يأتي في إطار “مؤامرة (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- فرانس24/أ ف ب-
وقد نفت تركيا في الأيام الأخيرة نيتها التدخل العسكري في سوريا لكن هذا لم يغير موقفها من النظام حيث أكد أحمد داود أوغلو رئيس وزراء تركيا أنه لم يطرأ تغير على سياسة تركيا بشأن سوريا مشدداً على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل.
موقف المعارضة التركية من تدخل بلادها عسكرياً في سوريا
على الرغم من امتلاك حزب العدالة والتنمية أغلبية مريحة في البرلمان التركي تمكنه من إتخاذ أي قرار وتنفيذه إلا أن تدخلاً عسكرياً تركياً خارج البلاد يستوجب توافق كل الأطراف في تركيا لكن المعارضة التركية لن توافق على الخيار العسكري، وتحرض الرأي العام التركي الرافض أصلاً للتدخل العسكري، وتتبنى المعارضة التركية وجهة نظر النظام السوري بوجود مؤامرة خارجية غربية لتدمير الدولة السورية وتقسيمها كما يجري التخطيط له في دول أخرى مثل ليبيا والعراق وغيرها.
إضافةُ للمعارضة التركية الكردية التي تؤرق الداخل التركي وتشكل عامل ضعف إذا ما حصلت إحتجاجات كردية يرافقها تصعيد محتمل عسكرياً لحزب العمال الكردستاني الذي يحارب الدولة التركية منذ العام 1984، ناهيك عن الطائفة العلوية التي ينتمي إليها النظام السوري وتشكل 20% من عدد سكان تركيا وسيكون لها تأثير كبير إذا ما قامت بالاحتجاجات ضد السلطة.

المواقف الإقليمية والدولية
منها ما هو معادي للنظام السوري ومنها ما هو حليف له ويمكن حصرها في التالي:
أولاً: المواقف المعادية:
موقف الولايات المتحدة الأمريكية
الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى وهي لا تتعامل بالمبادئ في سياستها مع الآخرين، وفي الحالة السورية فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقدم ما يكفي لإنهاء الأزمة بل إنها تساعد في تفاقمها.
ورغم العودة للتلويح بإرسال السلاح لمجموعات المعارضة السورية إلا أنه يوجد انقسام بين مستشاري أوباما وهم مترددون حيال تقديم السلاح إلى المجموعات المسلحة، وهذا مثار جدل بين الإدارة الأمريكية وروسيا الإتحادية التي تهدد بتزويد النظام بصواريخ أس300(1)
وجاء على لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بارك أوباما: “الحل العسكري لن يكون هو الحل في سوريا، وإذا أرسلت الولايات المتحدة جيشاً إلى سوريا فإن الجيش الأمريكي يتميز بفعالية كبيرة، وكان يمكن لنا خلال فترة قصيرة من الزمن الإطاحة بنظام الأسد والوقوف بجانب المعارضة، ولكن ماذا بعد ذلك؟ ماذا عن المشاكل الطائفية التي تمزق المنطقة؟ ستظل قائمة ، لذا فضلنا التعامل مع دول الخليج ودول أخرى في المنطقة مثل تركيا وهذا أفضل من التحرك الفردي(2)

الموقف التركي من حلفاء سوريا (إيران وحزب الله)
وقد تحول حزب الله في الفترة الأخيرة إلى فاعل ومحرك رئيسي في قضايا إقليمية عديدة وسيتصاعد هذا الدور كلما تأزمت الحالة السورية والعراقية كذلك، وبات حسن نصر الله يلقى بيانات المعارك التي تجري في القصير والقلمون والتي قال عن معركتها الأخيرة: “المقاومة اللبنانية والجيش السوري استعادا مساحة 300 كم مربع في معارك القلمون الأخيرة وأنه تم إلحاق هزيمة مدوية بالجماعات المسلحة هناك وخروجها من كافة مناطق الاشتباك، وأن عدد من قتلوا من مقاتلي حزب الله قد بلغ 13 عنصرا، و7 من الجيش السوري نافياً الأعداد الكبيرة التي تناقلتها مصادر إعلامية داعمة للجماعات المسلحة .(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- محمد سيف الدين : تسليح المعارضة , تهديد قد يتحول إلى فرصة للنظام , موقع قناة الميادين , 14 حزيران/يونيو 2013
(2)- باراك أوباما: لقاء متلفز مع قناة العربية , 16/5/2015.
(3)- حسن نصر الله : كلمة متلفزة , قناة المنار , 16/5/2015.
حيث تبحث الدول في علاقاتها الخارجية عن مصالحها بالدرجة الأولى، وفي هذا الإطار فإن تركيا تسعى بالأساس للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، وتحاول أن لا تجعلها عرضة للخطر أو للإبتزاز.
لذا فقد قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة إيران في إبريل/نيسان 2015، وصرح خلال الزيارة بأن: “تركيا تستورد نحو 90-95% من الغاز الطبيعي الإيراني، وهو أغلى غاز تستورده تركيا من مختلف الدول. العلاقات التجارية كانت على مستوى عال حتى عام 2013، إلا أنها شهدت بطئاً في العام المنصرم، وضعنا هدفا بأن نصل إلى حجم تبادل تجاري 30 مليار دولار، العقوبات المفروضة على إيران لعبت دوراً في عدم وصولنا إلى الهدف المحدد . ( 1)
والعلاقات فيها موازنة دقيقة ومدروسة أما لغة المواجهة المباشرة إلى درجة الحرب فهي آخر الوسائل لتحقيق غرض سياسي حيث يتم توظيف المصالح دون الإنتقال إلى مرحلة القطيعة أو المواجهة أو الحرب، حيث عاد أردوغان ليزور إيران مرة أخرى في 7/5/2015، لتسوية بعض المشكلات وخاصة الإقتصادية لضمان عدم تأثرها بالأزمات السياسية.
ونظراً لخطورة أي تدخل عسكري منفرد لتركيا ضد النظام في سوريا فإن السلطات في تركيا حذرة في التعامل مع المعارضة السورية في جانب إمدادها بالسلاح حتى لا يكون ذلك مبرراً لأي جهة تقوم بنفس الدور ضدها مستقبلاً لصالح مقاتلي حزب العمال الكردستاني أو أي حركة عسكرية أخرى في تركيا.

سورية في قلب الانتخابات التركية

شهد العام 2002 وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا، وبات يتصدر المرتبة الأولى وبنسب مرتفعة في كل الإنتخابات التي جرت في تركيا لغاية الآن.
وستشهد تركيا إنتخابات برلمانية جديدة في 7 يونيو/حزيران 2015 يتنافس فيها أكثر من عشرين حزباً وحركة سياسية، وليس لدى حزب العدالة والتنمية أي مشكلة في الفوز بالمرتبة الأولى في هذه الإنتخابات، ولكن الرغبة لدى الحزب في جعلها تمهد لمرحلة جديدة من تاريخ تركيا، من خلال حصول الحزب على نسبة من الأصوات تفوق الثلثين بعدد أعضاء في البرلمان يصل ل 368 نائباً، حتى يستطيع صياغة دستور جديد للبلاد منفرداً، أو بتحالف بسيط مع أحد الأحزاب أو بعض النواب، أو على أقل تقدير طرح الأمر للإستفتاء العام، ليتمكن من تغيير شكل النظام السياسي التركي من النمط البرلماني إلى النمط الرئاسي.
ولكن ما علاقة سوريا بأمر الإنتخابات في تركيا؟
صحيح أن الملفات المؤثرة في الإنتخابات التركية كثيرة ومتعددة ومتنوعة ومعقدة، ولكن تظل سورية أهم تلك الملفات بالنسبة لتركيا، وتستخدمها الأحزاب التركية كورقة في الدعايات الإنتخابية، فمثلاً، حزب العدالة والتنمية يريد حسم الأمر لصالح الإستقرار السياسي في تركيا، والانتهاء من قضية شكل نظام الحكم ليتمكن صانع القرار في تركيا من التفرغ بشكل جدي وعملي للتطورات الإقليمية، وكذلك يعني صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية ودور أقصر لمسار القرار في الأروقة البيروقراطية، وخاصة زيادة الدعم العسكري الكمي والنوعي للمعارضة السورية .(2)
أما قضية اللاجئين السوريين فإن المعارضة التركية تستخدمها كورقة ضغط على الحكومة وحزب العدالة والتنمية كونهم المنطقة الرخوة التي يستطيعون استغلالها .(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- رجب طيب أردوغان : مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني بقصر سعد آباد بالعاصمة طهران, ت ر ت التركية العربية, 1/4/2015.
(2)- علي حسين باكير : لماذا منتصف هذا العام سيكون في غاية الأهمية بالنسبة لسوريا, 28/4/2015 السورية نت.
(3)- محمود عثمان : على أبواب الإنتخابات التركية… بعض ملاحظات للسوريين, 1/5/2015, ترك برس.

في حين أطلقت اللجان الإنتخابية التابعة لحزب العدالة والتنمية دعوات إلى السوريين للمشاركة الكثيفة في حفلات استقبال أردوغان في عدد من المدن التركية متمنية على الضيوف الكرام الحضور الكثيف نظراً لأهمية الحشود الكبيرة في الدعاية الإنتخابية إعلامياً، إضافة إلى حملات تجنيس السوريين التي تسير على قدم وساق وبلا كثر ضجر(1)
أما رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قلتشدار أوغلو فقد اختار أن يبدأ حملته الإنتخابية بوعد إنتخابي يتعهد فيه بطرد السوريين من تركيا في حال فوزه، وهو من المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، وقد زاره خلال الثورة السورية معلناً تضامنه معه، وهو يعتبر السوريين نوعان: مؤيد عليه أن يقاتل مع النظام حتى آخر رمق، ومعارض “داعشي” حتى وإن كان مسيحياً أو علوياً، وطرده واجب مقدس([15]).
ويأتي رد حزب العدالة والتنمية حازم في هذا الشأن حينما قال رئيس الحزب أحمد داود أوغلو، أن من يريدون إعادة اللاجئين إلى سوريا سوف لن يفوزوا في الانتخابات.
أما حزب الشعوب الديمقراطية فإنه أيضا يرى أن كل معارض سوري “داعشي” ويهاجم الحكومة التركية بإعتبارها جزءاً من داعش لأنها تدعم المعارضة السورية، ولكن هذا الحزب لا يستطيع القول أنه سيطرد السوريين جميعاً لأن مناطق قوته الإنتخابية تحوي عدداً كبيراً من السوريين الأكراد، وهذا يسبب له إحراجاً(2)

يمكن القول كباحث :
، ان ” حزب العدالة والتنمية ” الذي هو ، فرعٌ مُهم من التنظيم الدَولي للإخوان المسلمين ، سوف يظل يحكم تركيا خلال السنوات القادمة .. بما يحمل ذلك من تداعيات على الوضع في العراق وسوريا .
* فتركيا أردوغان ، ضد نظام بشار الأسد ، وداعمة للمُعارضة ، وعراق ” المالكي ” مُساندٌ للأسد وضد المُعارضة ، وأقليم كردستان ” البارزاني ” يصطف مع أردوغان في الملف السوري ! . أردوغان يتلاعبُ بورقة نفط أقليم كردستان ” ويدرك تماماً ، ان الأقليم ليسَ عندهُ منفذٌ آخر لتصريف نفطهِ إلا عبرَ تُركيا ! ” ، فيضغط على بغداد وأربيل معاً ، من اجل مصالحهِ ! .
* من جانبٍ آخر .. فأن ” حزب السلام والديمقراطية ” الكردي في تركيا ، الرديف لحزب العمال الكردستاني ، فاز فوزاً صريحاً وكبيراً ، في الغالبية العظمى من المدن الكردية . وبهذا يكون قد أسكتَ الأصوات التي كانتْ تّدعي ، ان شعبيته قد إنخفضتْ ، بل تبينَ انهُ المُمثِل الرئيسي لكُرد تُركيا . حزب السلام هذا ، له علاقات ممتازة ، مع ” حزب الإتحاد الديمقراطي ” السوري ” الذي هو أيضاً رديف لحزب العمال الكردستاني ! ” ، وحزب الإتحاد الديمقراطي ، السوري ، يسيطر عملياً ، على الكثير من المناطق الكردية في سوريا ، ويحكمها ذاتياً . علاقة الحزب الديمقراطي ” البارزاني ” سيئة تماماً ، مع حزب الإتحاد الديمقراطي السوري .. وبالتالي ، ينعكس ذلك أيضاً ، على علاقة الحزب الديمقراطي ، مع حزب السلام الكردي في تركيا ! .
* أردوغان وحزب العمال الكردستاني بمختلف مسمياته ، إنخرطا في ” عملية السلام ” منذ أكثر من سنة .. ولكن بإجراءاتٍ بطيئة من الحكومة . والآن بعد الإنتخابات البلدية ، ولا سيما بعد ان تجري الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أشهُر .. فمن المتوقع ، ان يقوم أردوغان بخطوات أكثر جدية .. ( بل رُبما يتحالف حزب السلام والديمقراطية الكردي ، مع حزب أردوغان ، في البرلمان القادم ، من اجل تسريع عملية السلام ، إذ أرى ان الكُرد في تركيا ، اليوم ، ليس أمامهم غير أردوغان ، للتفاهُم معه ، حيث ان حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي الليبرالي وحزب الحركة القومية التركي المتطرف ، لايعترفان بالكُرد أصلاً !) . وإذا حدث ذلك ، فربما تتبدل المعادلات التركية الكردية ، بما في ذلك ، شكل العلاقة بين أردوغان والحزب الديمقراطي الكردستاني ” البارزاني ” أيضاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – بيسان الشيخ : الإنتخابات التركية …سورية بامتياز , 9/5/2015 , الحياة
(2) – عبد القادر عبد اللي : الورقة السورية في الإنتخابات التركية, 11/5/2015, جريدة المدن الإلكترونية.

الفصل الثاني
الانتخابات التركية وانعكاستها على المنطقة العربية

أولاً: انعكاسات نتائج الانتخابات البرلمانية على السياسة الخارجية التركية
لم تكن السياسة الخارجية في يوم ما عاملاً حاسماً في الانتخابات التركية على مدى أكثر من 65 عاماً من التعددية السياسية المتقطّعة بحقب انقلابية، لكن دورها تعاظم في الفترة الأخيرة بعد الدور الكبير الذي بدأت تركيا تؤديه على المستوى العالمي، وخصوصاً في ملفات الشرق الأوسط الساخنة، كالأزمة السورية والعراقية واليمنية والليبية، وبطبيعة الحال القضية الفلسطينية، إلا أنها تبقى غير ذات شأن أمام القضايا الداخلية والشأن الاقتصادي.
في برنامجه الانتخابي، تناول حزب “العدالة والتنمية” الحاكم الشأن الخارجي بتأكيد استمرار “نهج الحزب الديناميكي والمتعدد الطبقات” في تناول القضايا الخارجية، مما اعتُبر إشارة إلى أنه لن يكون هناك أي تغيير في السياسة الخارجية التركية البراغماتية المعهودة منذ تأسيس الجمهورية. (1)
ولا يختلف أحد على أن هناك نشاطا إقليميا تركيا متزايدا ومتصاعدا بدأ مع حكومة العدالة والتنمية نوفمبر 2002 وأصبح أكثر فاعلية في الأعوام التالية وأكثر نشاطا خلال عامي 2009 و2010. هناك ظروف وعوامل ساعدت على هذا الدور والنشاط المتصاعد والفاعل والبديل لأدوار أخرى سلبية كانت أم إيجابية، ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن دورا ما كان لمهندس السياسة الخارجية التركية فى الألفية الثالثة أحمد داود أوغلو الذي أطلق عليه البعض كيسنجر السياسة التركية، وأطلق عليه أستاذنا الدكتور إبراهيم البيومي غانم، أحمد داود أوغلو السياسة الخارجية التركية، مؤكدا أن مقارنته بكسينجر ظلم له لأسباب كثيرة لن نذكرها.
وحدد حزب العدالة والتنمية استراتيجيته الخارجية من منظر الحزب ووزير الخارجية الحالى “أحمد داود أوغلو” الذي استطاع صهر كل المحددات المذكورة سلفا والخروج بنظرية جديدة للسياسة الخارجية التركية تقوم على مبدأ “صفر مشاكل” الذي أعلنه في كتابه “العمق الاستراتيجي.. مكانة تركيا الدولية”.
يقول أوغلو في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمركية عدد يونيو 2010 “رؤيتنا للسياسة الخارجية التركية تعتمد على ثلاثة محاور، الأول يتعلق بدولتنا، وهو قائم على التوازن بين الأمن والحرية من أجل أن تأخذ تركيا موقعها بين أقوى دول العالم. المحور الثاني يتعلق بالإقليم من حولنا، ويقوم على التأثير القوي في الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز، نحن لا نمثل 75 مليون تركي فقط، بل نحن معنيون بكل مكان يتواجد فيه الأتراك أو عاشوا فيه سابقا. المحور الثالث وهو المحور العالمي القائم على أن يكون لتركيا دور وكلمة في جميع القضايا العالمية من تغيير المناخ إلى القضايا السياسية المختلفة من تشيلي وحتى الفليبين” (2)
“إن تركيا حسب رؤية أوغلو ليست في موقع التصادم أو حتى التناقض لا مع الولايات المتحدة ولا مع إسرائيل، وهي تبحث عن أفضل الطرق والأدوار لإحلال السلام في بيئتها الإقليمية بما في ذلك السلام بين العرب وإسرائيل” (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- ..العربي الجديد ــ باسم دباغ … السياسة الخارجية في الانتخابات التركية: تراجع أمام قضايا الداخل
http://www.alaraby.co.uk/politics/2015/5/27/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84
(2)- مجلّة فورين بوليسي –والنص المترجم عن جريدة الأخبار اللبنانية 4/6/2010
(3)- د.طلال عتريسي-حلقة نقاشية عن القضية الفلسطينية عام 2010-مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-يناير 2010
كما تواجه السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط عددًا من العقبات الجديدة التي تعتبر بمثابة نتائج مباشرة أو غير مباشرة للربيع العربي. ومع ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها السياسة الإقليمية التركية تحديات بسبب عوامل ليست نابعة من أنقرة. وكما كانت الحال في التحديات السابقة، يستخدم مهندسو السياسة الخارجية التركية أدوات سياسية جديدة تسعى إلى الحد من الآثار السلبية للربيع العربي على الطموحات الإقليمية لأنقرة. وفي ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، تحاول هذه الورقة تحليل كيفية تشكيل السياسة الخارجية التركية عندما تواجهها تحديات ناتجة عن التحولات الإقليمية. وسوف تستكشف هذه الورقة بالمثل الآليات التي تؤثر على السياسة الخارجية التركية في هذه العمليات.(1)

فحزب العدالة والتنمية يخطط للمضي قدمًا في رؤيته للسياسة الخارجية التي طورها على مدى السنوات الماضية، دون التطرق للقضايا الساخنة الجارية في دول الجوار المباشر، سواء أكانت هذه القضايا تتعلق بالدولة الإسلامية (داعش) المنتشرة على حدود تركيا الجنوبية، أو اتفاق القوى الغربية حول برنامج إيران النووي شرق البلاد، وبالمختصر بيان حزب العدالة والتنمية يكرر سياسة الحزب الخارجية متعددة الطبقات.
من جهته فإن حزب الشعب الجمهوري – حزب المعارضة الأكبر -، يسلط الضوء على أولويات السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية التي يعتبرها فاشلة، مثل تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والسياسة الخارجية القائمة على المغامرة والطائفية والعزلة الإقليمية.(2)

إذا ما نظرنا إلى القضايا الأساسية المتعلقة بالسياسة الخارجية التي وردت في البرامج الانتخابية للأحزاب المختلفة المتأهلة للبرلمان، سنجد على سبيل المثال أن الموقف من بعض القضايا هو كما يلي :
(1) العلاقة مع الولايات المتحدة: لا يوجد إختلاف جذري بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب الشعب الجمهوري وبين حزب الحركة القومية.
كل هذه الأحزاب تدعو إلى علاقات جيدة على أساس الندية والاحترام المتبادل والمصالح، لكن هذه النقطة لم تكن واضحة بالنسبة لحزب الشعوب الديقراطية الكردي.
(2) في السعي للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي: لا يوجد خلاف حول أهمية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب الشعب الجمهوري وبين حزب الحركة القومية.
أما بالنسبة إلى حزب الشعوب الديمقراطية الكردي فهو يتحدث عن احترام المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان والحكم المحلي وحكم القانون دون الإشارة إلى الموقف من موضوع الإنضمام بالتحديد.
(3) القضية القبرصية: بينما يدعو حزب العدالة إلى دعم المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة، يوافق حزب الشعب الجمهوري على نفس الأمر لكنه يدعو إلى الضغط تجاه الاعتراف باستقلال شمال قبرص إذا فشلت المفاوضات.
أما حزب الحركة القومية فإنه يرى أن الحل يكمن في شراكة بين أمتين أو دولتين أو يرفض أن تكون القضية شرطا لدخول تركيا للاتحاد الأوروبي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- مراد يشيلطاش وإسماعيل نعمان تيلچي … السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية ..
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/12/20131216103336330486.htm
(2)- مجلة نون بوست… الأحزاب السياسية التركية تحشد المؤيدين للانتخابات المقبلة
http://www.noonpost.net/content/6575
أما موقف حزب الشعوب الديمقراطية فهو مطابق لموقف حزب العدالة تقريبا.
(4) في القضايا الأساسية للشرق الأوسط: تكاد تكون الأحزاب الثلاثة معارضة في مواقفها لتوجهات حزب العدالة والتنمية الأساسية في الشرق الأوسط بدرجات متفاوتة. والتناقض كبير وملحوظ خاصة بين حزب العدالة، وحزب الشعب الجمهوري سواء في سوريا أو مصر أو في العراق وغيرها من الملفات.(1)
أهم التحديات أمام السياسة الخارجية التركية
يمكن تحليل السياسة الخارجية التركية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية في ثلاث فترات مختلفة، بناء على ثلاثة تحديات إقليمية ودولية في العقد الأخير؛
ففي الفترة الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، تبنت النخب السياسية الجديدة نموذج سياسة خارجية جديدة تعطي الأولوية القصوى للتكامل والتعاون مع الدول الإقليمية، خاصة في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية التي ستحوِّل السياسة الإقليمية من التفاهم المدفوع بالمصالح الأمنية المشتركة إلى علاقة أكثر مرونة ذات قيم مشتركة
لقد أصبحت سياسة المشاكل الصفرية (Zero Problem Policy ZPP) في هذه الفترة بمثابة حجر الأساس في منهج السياسة الخارجية التركية،
وفي الفترة الثانية من حقبة حزب العدالة والتنمية، ومع تزايد قوة تركيا الاقتصادية ودورها كوسيط سلام في المنطقة، بدأت أنقرة في تعميق علاقاتها مع الشرق الأوسط. وتزايدت “الاستقلالية الاستراتيجية” لتركيا في هذه الفترة تدريجيًا بفضل تنويع أنشطة السياسة الخارجية مع مختلف المناطق (ومع ذلك، وجّه الحلفاء الغربيون انتقادًا لـ”سياسة الانخراط الجديدة” التي اتبعتها تركيا، فضلاً عن الانتقاد المستمر الذي وجهته المعارضة المحلية تجاه ما اعتبرته “تغييرًا في المحور الجيوستراتيجي” وانصرافًا عن التحالف الطويل المنتظم مع الغرب.
وفي الفترة الثالثة من حقبة حزب العدالة والتنمية، حدث تغير في كل من السياسة الخارجية التركية والدور الذي تلعبه أنقرة في السياسة الإقليمية. فمبدئيًا، كانت تركيا تخطط لتكثيف علاقاتها مع الدول العربية، وتحاول تحقيق نموذج “التكامل الإقليمي”. وكان ذلك جليًا في أنشطة أنقرة التي تهدف إلى المزيد من التكامل في المنطقة، مثل إلغاء تأشيرات الدخول مع عدد من الدول العربية، وتأسيس “مجالس تعاون إستراتيجي رفيعة المستوى” مع الدول الإقليمية الرئيسة، وتكثيف التعاون الثقافي في المنطقة. وكانت تركيا تهدف من خلال هذه الأنشطة إلى إحداث تغيير في سياسة “الأمر الواقع” في الإقليم
وقد شكّل الربيع العربي في 2011 تحديًا حقيقيًا لاستراتيجية السياسة الخارجية التركية؛ فقد كانت الثورات في العالم العربي مرغوبة، ولكنها غير متوقعة بالنسبة لأنقرة. وكان هذا هو السبب في أن حكومة أردوغان في البداية لم تكن حاسمة بشأن كيفية الاستجابة لهذه الانتفاضات الشعبية، مثلها في ذلك مثل حكومات معظم دول العالم. ومع ذلك، كان هناك شيء واحد واضح، (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- على حسين باكير..انعكاسات نتائج الانتخابات البرلمانية التركية على السياسات الخارجية .مجلة العربي 21
http://arabi21.com/story/836941/%D8%A7%D9%86%D8%B9%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9
(2)- مراد يشيلطاش وإسماعيل نعمان تيلچي … السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية ..
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/12/20131216103336330486.htm

ألا وهو الوقوف في صف المطالب الشعبية المشروعة في هذه الدول. ومع ذلك، اختلفت طريقة إظهار هذه المساندة من حالة لأخرى. وكان هذا يوضح كيف استجاب أردوغان فعلاً للتحديات التي واجهت سياسته الخارجية في المنطقة نتيجة الصحوة العربية تم تغيرت السياسة ويمكن تعريفها بـ”حالة من الاضطراب” تأثرت مباشرة بالأزمة في كل من سوريا ومصر وليبيا واليمن وتونس والعراق
وفي هذه الفترة، لم تقتصر التحديات التي تواجه تركيا على التحديات المتعلقة بالاستقرار الإقليمي، ولكنها تأتي أيضًا من الجماعات المنشقة في السياسة المحلية في تركيا. وبينما كانت الأزمة السورية تؤثر مباشرة على العلاقات الثنائية بين تركيا وكل من العراق وإيران وروسيا على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة على المستوى الدولي، إلا أن تشظي الصراع داخل سوريا كان يمثل تحديًا مباشرًا للأمن المجتمعي التركي على المستوى المحلي وشهدت تركيا تعثرًا في سعيها لحل الأزمة في المنطقة بسبب الافتقار إلى إجماع بين الأحزاب السياسية ومختلف المجموعات الاجتماعية تجاه كل من الأزمة السورية والانقلاب العسكري في مصر. وعلى هذا النحو(1)
الانتخابات المحلِية التركية .. ومدي تأثيرها على العراق

بيد أن البعد السياسي للعلاقات الثنائية قد أظهر بالفعل بعض علامات التراجع في الوقت الذي سعى فيه المالكي إلى اعادة انتخابه في عام 2010. فعلى مدار الأربعة أعوام الماضية اتجهت حكومته الموالية للشيعة نحو المركزية وهي السياسة التي لاقت تأييداً من أنقرة من حيث المبدأ إلى أن بدأ حكم المالكي يميل نحو استبداد مقلق ذو طابع طائفي. لذا عندما فاز تكتل “العراقية” المنافس للمالكي بأغلبية نسبية ضئيلة في الانتخابات البرلمانية عام 2010 رأت أنقرة في ذلك فرصة للوصول إلى توافق طائفي أكبر في بغداد. وقد كان رئيس تكتل “العراقية” إياد علاوي هو المفضل من قبل تركيا بسبب نزعته القومية العراقية وبرنامجه غير الطائفي – وفي الواقع، عملت أنقرة من وراء الكواليس على إقناع الأحزاب السنية العربية بالاتحاد تحت لوائه انطلاقاً من الروابط الوثيقة التي عملت على إقامتها مع ذلك الجمهور منذ سقوط صدام.
بيد أن الاختيار الذي فضلته أنقرة لم يأت في الطليعة في المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة. فمع الموافقة الأمريكية الواضحة أبرمت الأحزاب العراقية اتفاقاً في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 يقضي بترك المالكي في منصب رئيس الوزراء مقابل تعهدات بإشراك تكتل العلاوي في السلطة، وهو الاتفاق الذي لم يحترم المالكي معظم بنوده. وبالإضافة إلى وضع أنقرة في موقف حرج أثبتت هذه الصيغة عدم فعاليتها على الفور تقريباً من خلال قيام أنصار علاوي باتهام المالكي بفشله بالالتزام بنصيبه من الصفقة.
وبالنسبة لتركيا فقد جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير في اليوم الذي تلا الانسحاب الرسمي للقوات الأمريكية من العراق في كانون الأول/ديسمبر 2011، عندما أصدرت بغداد مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية السني طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب. وبعد بقائه [مدة وجيزة] في منطقة “حكومة إقليم كردستان” وقيامه برحلة قصيرة إلى قطر، قبِل الزعيم الهارب عرض تركيا بمنحه حق اللجوء. ومنذ ذلك الحين يجري الهاشمي مقابلات متكررة مع رئيس الوزراء التركي ورئيس الجمهورية ورئيس المخابرات بالإضافة إلى تزويده بالحراسة اللازمة. وبعد قيام الانتربول بإصدار “نشرة حمراء” تهدف إلى تسهيل إلقاء القبض على الهاشمي، أكد نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي التزام تركيا بحمايته بقوله: “الهاشمي هو ضيف بلدنا في الوقت الحاضر ونحن نهتم بضيوفنا ونحافظ عليهم.” وفي أواخر تموز/يوليو 2012، منحت أنقرة تصاريح للهاشمي والوفد المرافق له تسمح لهم بالإقامة الدائمة في شقق في اسطنبول.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المرجع السابق
(2)- سونر چاغاپتاي و تايلر إيفانز –علاقات تركيا المتغيرة مع العراق — معهد واشنطون
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-changing-relations-with-iraq-kurdistan-up-baghdad-down
لذلك يمكت تلخيص فترة ما بعد الانتخابات في العلاقات التركية العراقية بالقول
* عراقياً .. مازالتْ الحكومة التركية ، تحتضنُ ” طارق الهاشمي ” المطلوب والمحكوم في بغداد . تركيا تحمي وتدعم العديد من الشخصيات العراقية المعارضة والمناوئة للمالكي . وتركيا ترعى وتدعم ، المعارضة السورية المسلحة والتنظيمات المتطرفة ” السُنية ” . تركيا وافقتْ على مَد إنبوب لنقل النفط من أقليم كردستان الى الموانئ التركية ، دون مراجعة الحكومة الإتحادية في بغداد . تُركيا تُنّسِق منذ سنوات ، مع أسامة وأثيل النُجيفيَين ، في الموصل ( وتركيا كانتْ العّراب ، في مُصالحة النُجيفيَين مع الكُرد ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني ) ، تُركيا ، تُشّجِع على إقامة ” أقليم نينوى ” قريباً ، ذاك الأقليم الذي سيبتعد كثيراً ، عن الحكومة الإتحادية في بغداد ، ويكون قريباً من تركيا ، إقتصادياً وسياسياً .
معظم ما يجري ، هو إفرازات للصراعات الدولية والأقليمية .. وكالعادة ، يدفع العراقيون بعربهم وكُردهم ، الثمن الغالي .. لمصلحة الدول الكبيرة في المنطقة : تركيا وإيران ، ولفائدة بعض السياسيين !.
* المالكي يحاول ، شَق الصف الكردي بصورةٍ أكبر .. فتراهُ يتقرب من ” الإتحاد الوطني ” ويبتعد أكثر عن ” الحزب الديمقراطي ” ( رُبما بنصيحةٍ من العّراب الإيراني ! ) ، لكن المُشكلة ان الإتحاد بلا رأسٍ اليوم ” بعد غياب الطالباني ” . والديمقراطي يحاول عزل المالكي وتركه وحيداً ، من خلال إحتضان كُل مَنْ يُعارِض المالكي ، سواء أكان سُنيا أو شيعياً ، وبالفعل فأن العشرات من مناوئي المالكي ، يُقيمون في أربيل .(1)

هكذا نتائج الإنتخابات البلدية التركية تأتى بلا جديد في خضم التوترات المستمرة بين تركيا والحكومة العراقية، نمت العلاقات الوليدة بين أربيل وأنقرة وأصبحت تمثل تحالفاً غير معلن ضد بغداد. ولا يزال المسؤولون في وزارة الخارجية التركية يقومون بانتظام بزيارات مكوكية إلى أربيل لإجراء مشاورات مع “حكومة إقليم كردستان” دون أن يتوقفوا لزيارة بغداد. وقد انتقدت حكومة المالكي هذه الزيارات ووصفتها بأنها “محظورة” واستشاطت غضباً من جراء ما اعتبرته مكيدة ضد الحكومة المركزية. وبدورهم قام مسؤولون في”حكومة إقليم كردستان” بسلسلة من الرحلات إلى تركيا حظيت بتغطية إعلامية مكثفة، الأمر الذي أكد ذلك التحول في اللهجة(2)
مستقبل العلاقات بين تركيا وحكومة إقليم كردستان

يُعد توسيع نطاق تعاطي أنقرة مع “حكومة إقليم كردستان” مناورة مهمة من الناحية الاستراتيجية، من شأنها أن تعزّز قيام تحالف جديد في المنطقة خاصة إذا واصل بارزاني توجيه الأكراد السوريين تجاه محور تركيا-“حكومة إقليم كردستان”. بيد، لا تخلو العلاقات من عقبات.
أولاً، لا تزال هناك بعض الريبة التي تنتاب أنقرة من كردستان العراق، كما لا يتفق الطرفان حول كل قضية. وعلى أي حال لا يمكن حتى للتحولات الإقليمية الأكثر عمقاً أن تغير من الحقيقة بأن معسكرات “حزب العمال الكردستاني” لا تزال تعمل في إقليم “حكومة إقليم كردستان”. ومن جانبها يبدو أن “حكومة إقليم كردستان” تشعر بالحساسية من تعزيز العلاقات مع تركيا خوفاً من استفزاز جارتها إيران التي لها ثقلها في المنطقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- امين يونس ,, الإنتخابات المحلِية التركية .. والعراق.. الحوار المتمدن-العدد: 4412 – 2014 / 4 / 2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408523
(2)- سونر چاغاپتاي و تايلر إيفانز –علاقات تركيا المتغيرة مع العراق — معهد واشنطون
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-changing-relations-with-iraq-kurdistan-up-baghdad-down

وعلى وجه الخصوص، تدرك أنقرة مدى اعتماد الاقتصاد المتنامي لـ “حكومة إقليم كردستان” على تركيا، وهو ما يعد دافعاً قوياً لأربيل للعمل ضمن المعايير التركية. ووفقاً لمسؤولين أكراد فإن تركيا هي الشريك التجاري الرئيسي لـ “حكومة إقليم كردستان”- حيث يبلغ حجم التجارة بينهما 7.7 مليار دولار، كما أن 80 في المائة من واردات السلع الاستهلاكية الكردية تأتي من تركيا.
وبالنسبة لـ “حكومة إقليم كردستان”، يعد المنطق الاقتصادي وحده كافياً لتبرير هذه السياسة. ومن وجهة نظر تركيا إن فوائد العلاقة القوية مع “حكومة إقليم كردستان” هي في تزايد أيضاً. وكما موضح سابقاً، تمتعت تركيا بعلاقات مستقرة مع سوريا وإيران قبل ثورات “الربيع العربي” ولكن سرعان ما تحولت علاقات الجوار تلك إلى خصومة عقب اندلاع تلك الانتفاضات. والنتيجة المباشرة لهذا التحول هو أن أنقرة تواجه الآن احتمال قيام العديد من الدول المجاورة – ولا سيما سوريا – برعاية “حزب العمال الكردستاني”. كما أن التحالف مع “حكومة إقليم كردستان” يمنح تركيا وسيلة من شأنها أن تمنع ظهور كيان كردي معادي آخر في دولة مجاورة.
ومن ثم، فعلى المدى الطويل قد تعتمد العلاقات بين تركيا و”حكومة إقليم كردستان” على الانحياز السياسي لأكراد سوريا في مرحلة ما بعد الأسد. ويلوح في الأفق على رادار تركيا احتمال ظهور كردستان سوريّة – مدعومة بتهديد من قبل “حزب العمال الكردستاني”/”حزب الاتحاد الديمقراطي”. وتدرك دمشق ذلك الخوف الأمر الذي يعطي “حزب العمال الكردستاني” مجالاً واسعاً للعمل داخل سوريا. وبقيامه بذلك، يبعث النظام السوري رسالة إلى أنقرة: “ساندي المعارضة، وربما تساندين أيضاً «حزب العمال الكردستاني» على بناء كردستان ثانية في فنائك الخلفي” ومن خلال العمل على التصدي لهذه العواقب، يمكن أن تصبح “حكومة إقليم كردستان” مصدر قوة لتركيا. وفي المقابل، في حال اعتزام “حزب الاتحاد الديمقراطي” الاستيلاء على أراضي سورية بعد الإطاحة بالأسد واستخدامها كقاعدة لمهاجمة تركيا، فقد يثير ذلك نشوب عمليات انتقامية من قبل أنقرة من شأنها تثبيط العلاقات بين تركيا و”حكومة إقليم كردستان”.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سونر چاغاپتاي و تايلر إيفانز –علاقات تركيا المتغيرة مع العراق — معهد واشنطون
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-changing-relations-with-iraq-kurdistan-up-baghdad-down

الباب الثالث
الفصل الأول
مستقبل الدور التركي في القضية الفلسطينية
يمكن أن نميز موقف العدالة والتنمية من القضية الفلسطينية خلال مرحلتين متداخلتين:

الأولى: منذ وصوله للحكم في نوفمبر 2002 حتى الهجوم الإسرائيلي على غزة ديسمبر2008: حيث استمر الموقف التركي في عهد العدالة والتنمية المؤيد لاعلان الدولة الفلسطينية عام 1988 التي اعترفت بها تركيا بعد الإعلان مباشرة، ولم يطرأ أي تغير على هذا الموقف التركي المعلن. وفي قضية القدس استمر موقف تركيا الرافض لاحتلال إسرائيل للجانب الشرقي منها.
الثانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة ديسمبر 2008 حتى نوفمبر 2010:
حيث بدأ الموقف التركي برفض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ثم استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية -حماس-خالد مشعل بعد فوز الحركة بالانتخابات البرلمانية عام 2006. وقال عبد الله غول – بصفته الحزبية لا الرسمية -بعد استقباله لمشعل إن “ذلك الاستقبال من منطلق أن تركيا تسعى لدور أكبر فى منطقة الشرق الأوسط، وأنه لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج، مشددا على أن تركيا مهتمة بالمشكلة الفلسطينية، وأنها ستواصل العمل على وقف العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. (1)
ووفقا لتصريحات غول، فإن موقف حكومة حزب العدالة والتنمية في التعامل مع الحصار المفروض على قطاع غزة انطلق من خلال السعي للعب دور إقليمي فاعل، إضافة إلى تعاطف الشعب التركي مع أهالي غزة، والقيام بمبادرات شعبية لفك الحصار.
ثم تصاعدت حدة الموقف التركي بعد أحداث ثلاثة هامة وهي:
1- العدوان الصهيوني على قطاع غزة ديسمبر 2008-يناير 2009 حيث وصف أردوغان الاعتداء بعبارات مثل “إن ما يحدث في غزة من قبل إسرائيل عدوان سافر”، “وإنَّ من لم يدينوا الهجوم على غزة مزدوجو معايير(2)
بينما نقلت صحيفة حريت التركية عن وزير الخارجية التركي حينها-علي باباجان –قوله لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبني ليفني: أبوابنا مفتوحة، لكن عليك أن تتحدثي عن شروط وقف اطلاق النار إذا أردت المجيء إلى تركيا(3)
2- المناظرة بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في مؤتمر دافوس بعيد انتهاء العدوان في 29-1-2009 في الجلسة المخصصة لمناقشة تداعيات الحرب على غزة، وقد عقدت على هامش جلسات المنتدى الاقتصادي في “دافوس”، حيث قال أردوغان لبيريز “أشعر بالأسف أن يصفق الناس لما تقوله، لأن عددا كبيرا من الناس قد قتلوا، وأعتقد أنه من الخطأ وغير الإنساني أن نصفق لعملية أسفرت عن مثل هذه النتائج”، ثم انسحب من الجلسة اعتراضا على عدم إعطائه وقتا كافيا ومساويا لبيريز.
3-وأخيرا الاعتداء الإسرائيلي العسكري على سفن كسر الحصار التركية المتجهة لغزة (31 مايو 2010) واستشهاد تسعة أتراك بدم بارد على السفينة مرمرة، وهي العملية التي أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- تقرير عن زيارات حماس بعد فوزها بالانتخابات- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات –لبنان–ابريل 2006
(2) التقدير الاستراتيجي (25): أسطول الحرية وكسر الحصار: التداعيات والاحتمالات – أغسطس 2010-مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-بيروت-لبنان
(3) تركيا والقضية الفلسطينية-تقرير معلومات صادر عن مركز الزيتونة للدراسات

حيث وصف أردوغان الهجوم في خطاب له أمام البرلمان ما حدث قائلا “ضمير الإنسانية تلقى واحدا من أشد الجروح على مر العصور”،وأنه “يستحق كافة أشكال اللعن” و”سقوطا من الناحية الإنسانية وتهورا حقيرا” و”إرهاب دولة” محذرا إسرائيل من ألا تحاول “اختبار صبر تركيا أو مواكبتها. وبالقدر الذي تعتبر صداقة تركيا غالية فإن معاداتها قاسية بالقدر نفسه.” وشدد أردوغان على أن تركيا لن تدير ظهرا للشعب الفلسطيني أو لقطاع غزة.” (1)
وفي رد فعل سريع على حادث الاعتداء، قامت الحكومة التركية بعدد من الإجراءات، منها استدعاء السفير التركي لدى تل أبيب، وإلغاء ثلاث مناورات عسكرية مبرمجة مشتركة مع إسرائيل، ودعوة مجلس الأمن لاجتماع طارىء لمناقشة الهجوم، وإلغاء المباريات التي كان من المفروض أن يشترك فيها منتخب تركيا للشباب لكرة القدم والموجود في إسرائيل حينها، و دعوة مجلس حلف الناتو إلى اجتماع طارئ.
كما قاطعت تركيا مؤتمرا لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول السياحة الذي نظمته إسرائيل خلال شهر أكتوبر 2010؛ احتجاجًا على عقده في المدينة المقدسة. (2)
وقد وضعت تركيا شروطا لعودة العلاقات إلى طبيعتها مع إسرائيل، منها الاعتذار الرسمي عن حادثة الهجوم، ودفع التعويضات، والموافقة على تشكيل لجنة تحقيق دولية.
ثانيا: محددات موقف العدالة والتنمية من القضية الفلسطينية ومستقبل الدور التركي:
هناك عدد من المحددات ستؤثر على الدور التركي الخارجي خاصة فيما يتعلق بدورها في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهذه المحددات يمكن أن نلخصها في محددات أربعة، ستؤثر بشكل أو بآخر في طبيعة الدور ومستقبله وحدوده وأبعاده.
انطلاقًا من ثوابت السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية، والهدف الذي يربط هذه القضية بها، بالإضافة إلى حاجة الفلسطينيين إلى أنقرة، يمكننا القول بأن لا متغيرات ستطرأ على الموقف التركي فيما يتعلق بعدد من الأمور من بينها:
دعم إقامة الدولة الفلسطينية وعملية السلام في المنطقة، على أساس إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة كاملة دون انتقاص.
دعم مختلف الأطراف الفلسطينية، بما في ذلك الأطراف التي تمثل المسار السياسي الدبلوماسي، وتلك التي تمثل المسار المقاوم، لتشكّل لهم جميعًا ركنًا قويًا يمكن اللجوء إليه فعلاً، نظرًا لامتلاكه العديد من الخيوط اللازمة مع صنّاع القرار إقليميًا ودوليًا.
لكن هذه الثوابت دونها عقبات حالية تحول دون تثميرها نتائج على أرض الواقع، من بينها:
الانقسام الفلسطيني، وهو ما يعني أنّ تركيا ستحاول خلال المرحلة القادمة العمل من خلال شراكة مع المصريين على الأرجح للتأكد من جمع مختلف الأطراف الفلسطينية في مسار واحد، وإنهاء حالة الانقسام العبثية التي تعطّل بدورها تفعيل السياسة التركية في القضية الفلسطينية.
بقاء العلاقات الدبلوماسية التركية-الإسرائيلية المتدهورة على وضعها الحالي يعوق بطبيعة الحال تثمير الثوابت أعلاه، لكن عددًا من المؤشرات المتزايدة التي برزت خلال الأشهر الأخيرة، لاسيما بعد اندلاع الثورة السورية يشير إلى نيّة إسرائيل استئناف هذه العلاقة التي لا تزال مرهونة بالنسبة للجانب التركي بتحقيق الشروط الثلاثة، وهي الاعتذار العلني، والتعويض المالي، ورفع الحصار عن غزة.
الموقف الإيراني الذي أعلن عن مساراته الإقليمية المخالفة تمامًا للمسار التركي، لاسيما مع اندلاع الثورة السورية، ولا شك أنّه لن يقف متفرجًا أمام أية محاولات تركية لدعم القضية الفلسطينية، بما يتعارض مع الرؤية الإيرانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الترجمة عن موقع الجزيرة نت، 2/6/2010
(2)- موقع المركز الفلسطينيي للاعلام

التخوف الأميركي والأوروبي من تجاوز تركيا للخطوط “المقبولة”، ولعب أدوار تتعارض مع المصالح الغربية في المنطقة، فضلاً عن إثارة بعض الحساسيات العربية، قبل وبعد الثورات الأخيرة. وفي مقابل هذه التحديات، فقد خلقت المتغيرات الإقليمية فرصًا أخرى لتركيا؛ إذ أصبحت إمكانية تحركها في مجال احتضان القضية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية أكبر. فبعد أن كانت مجرد خيار للفلسطينيين لموازنة الدور الإيراني والسوري إزاء الخارج، أصبحت أنقرة بديلاً. حيث من المتوقع أن يُستَبدل المسار التركي-المصري بالمسار السوري-الإيراني حتمًا خلال المرحلة القادمة، إن بقيت المعادلة على ما هي عليه.
ومع أنّ الفرصة سانحة الآن لدور تركي أكثر فعالية في القضية الفلسطينية، مع ما يحمله من انعكاسات مستقبلية، لا يبدو أنّ الحكومة التركية تركّز في هذه اللحظة على استغلال هذه الفرصة والعمل على القضية الفلسطينية إلا بما يمليه الواجب؛ فالاهتمام التركي بالقضية الفلسطينية الآن في حدّه الأدنى، للأسباب التالية:
الإشكاليات الداخلية التي تواجهها.
العلاقات المتدهورة مع إسرائيل.
عدم تصدر القضية الفلسطينية للأجندة الدولية.(1)
سيناريوهات مستقبل الدور التركي في القضية الفلسطينية

هناك سيناريوهات عدة مطروحة للدور التركي المتوقع على المدى القريب
منها ما يرى أن تركيا ستختار بين الاقتراب من محور الممانعة، أو الاقتراب من محور الاعتدال، أو الاستمرار في لعب الدور الوسط. ويرى الباحث بعيدا عن تفاصيل السيناريوهات الثلاثة أن السيناريو الذي يختاره لمستقبل هذا الدور يقوم على عدد من الأمور التي تصب كلها في سيناريو ممارسة دور الوسيط الناشط القائم على.(2)
1- ممارسة دور فاعل في قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية: وبما لا يمس محددات السياسة التركية الرئيسية، ولكنه يحتل مزيدا من المساحات في ظل سياسة لا تريد الصدام المباشر مع قوى إقليمية أو دولية والحفاظ على حد أدنى من العلاقات معها. فـ”ما تطمح إليه هذه السياسة هو تعزيز المصالح التركية الإقليمية، وتوفير بدائل لسياسة التوجه غربا السابقة. ويدرك الأتراك أن مثل هذه الطموحات لا يمكن تحقيقها بدون تبادل، سواء على مستوى المصالح السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية (3)
2- الاتجاه في العلاقات مع إسرائيل نحو البرود: خاصة فى المجالات المدنية مقابل تفعيل العلاقات مع الدول العربية الرئيسية في المنطقة مثل السعودية ومصر وسوريا وحتى إيران بما يخدم أهداف ومصالح تركيا، وفي الوقت ذاته حتى تكون وسيطا موثوقا فيه بالنسبة لهذه الأطراف فيما يتعلق ببعض القضايا. يقول إبرهيم كالين ـ مستشار رئيس الوزراء التركي في معهد الدراسات التركيةـ أمام جمهور من المتابعين الأمريكيين: “في 9 يونيو 2010 ” خلال التصويت في مجلس الأمن على العقوبات على إيران، صوّتت تركيا ضد العقوبات لسبَبين: أولاً، لم نُرِد أن نُناقِض أنفسنا – كنّا قد توصّلنا إلى شيء ملموس وعملي ولا يزال مطروحاً على الطاولة. كي لا نُناقِض أنفسنا، كان علينا التصويت ضد العقوبات. ضعوا أنفسكم مكاننا. بعد هذا كلّه، لا يزال أصدقاؤنا الأميركيون والأوروبيون يطلبون منّا مواصلة التكلّم مع الإيرانيين. لو صوّتنا مع العقوبات وقضينا على الثقة بين تركيا وإيران، ثم حاولنا التكلّم معهم من جديد… لما نجح الأمر(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- علي حسين باكير+عدنان أبو عامر— تركيا والقضية الفلسطينية في ظل تحولات الربيع العربي
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2012/11/201211682923673950.htm
(2)- التقرير الاستراتيجي (22): الدور التركي و القضية الفلسطينية- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -لبنان-مايو 2010-
(3)- بشير نافع – السياسة الخارجية التركية – مركز الجزيرة للدراسات
(4)- نص المحاضرة كاملا في صحيفة النهار اللبنانية،بيروت 20/7/2010

3- اتجاه تركيا لمزيد من العلاقات مع دول وقوى المواجهة والممانعة مع إسرائيل: وبخطاب سياسي أعلى من المطروح من قوى الاعتدال فى المنطقة ليعطي لهذه القوى والدول ثقة فى التعامل مع تركيا، مع إمكانية طرح وإعادة طرح مبادرات للتسوية فى المنطقة على المسارات المختلفة في وقت واحد أو في أوقات مختلفة سواء السوري أو اللبناني أو الفلسطيني كل بحسبه.
4- عدم الاصطدام بقوى أو محور الاعتدال في المنطقة: بقيادة مصر والسعودية لطمأنتهم بأن تركيا لا تريد احتلال دورهم في الوساطة أو ملف المصالحة الفلسطينية، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: “إن الدور التركي يمكن له أن يكون مساعداً أو مكملاً، لكنه لن يحل محل الدور المصري” (1)
5- زيادة احتمالات مرونة الموقف التركي الفعلي على أرض الواقع: -وليس على مستوى التصريحات-في ضوء تغيرات المصالح والاستراتيجيات فأي تراجع إسرائيلي عن تهديد مصالح تركيا في ملف الأكراد والعلاقة مع اليونان سيقابله تنازل تركي، وكذا أي ضغوط غربية أمريكية على تركيا فيما يخص هذا الملف الحساس سيدفع بتركيا نحو التراجع أيضا والعكس صحيح، ولكن أيا من الاحتمالين-التراجع أو التزايد- لن يعود بالدور التركي إلى النقطة صفر، كما أن النشاط الزائد في السياسة الخارجية وعلى وجه الخصوص في الملف الفلسطيني لن يؤدي الى قطيعة تامة مع إسرائيل أو مع الغرب.

يلخص كاتب إسرائيلي ذلك قائلا “في السنوات الأخيرة أصبحت علاقاتنا مع تركيا أكثر توتّراً، وشهدت تحدِّيات كثيرة، ولكنّ الحديث عن قطعها هو حديث سابق جداً لأوانه. فحتى في ذروة التوتّر، وأثناء التصريحات القاسية من الجانب التركي؛ عادت حكومة أردوغان وعرضت على إسرائيل قيام تركيا بدور الوساطة بينها وسورية، وليس هذا من سلوك من يريد قطع العلاقات(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- التقدير الاستراتيجي (22):-مصدر سبق ذكره
(2)- إلي أفيدار- صحيفة “يديعوت أحرونوت”-21-10-2010-ترجمة فريق سبوت لايت أون فلسطين-أوروبا
الفصل الثاني
تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني

العلاقات الإسرائيلية التركية
العلاقات بين إسرائيل وتركيا والتي تأسست في مارس 1949 عندما أصبحت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة (بعد إيران عام 1948)، تعترف بدولة إسرائيل
ومنذ ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي للسلاح لتركيا. وحققت حكومة البلدين تعاونا هاما في المجالات العسكرية، الدبلوماسية، الاستراتيجية، كما يتفق البلدان حول الكثير من الاهتمامات المشتركة والقضايا التي تخص الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .(1)
ومع ذلك، يعاني الحوار الدبلوماسي بين البلدين الكثير من التوترات، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان الهجوم على غزة 2009. وصرح السفير الإسرائيلي گابي ليڤي بأن العلاقات بين البلدين سوف تعود إلى مسارها الطبيعي في أقصر وقت.
توتر العلاقات التركية الإسرائيلية:

في سبتمبر 2011 أعلنت تركيا طرد السفير الإسرائيلي بعد رفض إسرائيل الاعتذار عن قتل تسعة أتراك في هجومها على أسطول الحرية في 2010. كما أعلنت تجميد العلاقات العسكرية بين البلدين.(2)
وردت إسرائيل على التصعيد التركي بمحاولة للتهدئة، وقال مسؤول حكومي إسرائيلي إن إسرائيل تأمل إصلاح العلاقات مع تركيا بعد أن طردت أنقرة السفير الإسرائيلي وعلقت الاتفاقات العسكرية مع إسرائيل. وقال بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل “تعرب مرة أخرى عن أسفها عن حالات القتلى التي وقعت على السفينة لكنها لن تعتذر عن ذلك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – موسوعة المعرفة العلاقات الإسرائيلية التركية http://70.105.163.163/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9
(2)- بان مهتم بعلاقات إسرائيل وتركيا، الجزيرة نت

وفي 5 سبتمبر 2011 أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تعليق كامل للعلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل، مع إصرارها على رفض تقديم اعتذار عن قتل تسعة أتراك خلال مهاجمتها أسطول الحرية في مايو 2010. وقال أردوغان للصحفيين في أنقرة “سنعلق تماما العلاقات التجارية والعلاقات العسكرية في ما يتصل بمجال الصناعات الدفاعية، وسنتبع هذا من خلال وسائل مختلفة.(1)
وقال أردوغان إن تركيا ستستمر في فرض عقوباتها بالتصميم ذاته، وفي ضوء التطورات الجديدة ستتخذ خطوات جديدة، واعتبر أن إسرائيل فقدت فرصة أن تكون شريكا لتركيا في المنطقة
وفي أثناء زيارة رجب طيب إردوغان إلى مصر في 12 سبتمبر 2011 قال إسرائيل تضيع حليفها الاستراتيجي (تركيا) في المنطقة، بسبب اعتداءاتها على إحدى سفن اسطول الحرية الذي كان ينقل المساعدات إلى قطاع غزة دون سند قانوني، لا لشيء سوى أنها بمثابة الولد المدلل للغرب وهي تفعل ما تريد دون اعتبار للقرارات الدولية. وانتقد قيام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتكريم قواته التي قامت بالاعتداء على السفينة مرمرة، دون اكتراث بالمدة الزمنية التي حددتها تركيا لقيام إسرائيل بتقديم الاعتذار ودفع التعويضات لأسر الضحايا ورفع الحصار عن غزة..(2)
وأكد أردوغان أن تركيا سوف تتجه إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتداء إسرائيل على السفينة مرمرة، كما قامت وتقوم بتجميد كافة الاتفاقات العسكرية مع إسرائيل.(3)

أولا -الموقف الإسرائيلي من الدور التركي المتصاعد
الموقف الإسرائيلي من الدور التركي أقرب للموقف الأمريكي، فهو يريد دورا تركيا باعتبار العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع تركيا وباعتبار أن نظام الحكم فى تركيا أيا كان توجهه لن يغامر بالعلاقات مع إسرائيل؛ لأنه يعلم أنها بوابة قبوله فى الغرب. ولكن مع الإقرار بوجود تفسيرات عدة إسرائيلية لذلك الموقف، بعضها يميل لتفسير التغير في العلاقة بسبب المنحى الأصولي للعدالة والتنمية، والبعض الأخر يتهم الديمقراطية بأنها السبب وراء وصول حزب مثل العدالة والتنمية للحكم فى تركيا، ويرى في الديمقراطية خطرا على إسرائيل إذا ما طبقت فى الدول العربية والإسلامية. ورأي ثالث يفسر ذلك بأنه صراع على المكانة الإقليمية، فتركيا الجديدة “لا تركل إسرائيل ولا تغير ألوانها. ولكنها تريد حليفا لا يحرجها، لا في نظر جمهورها ولا في نظر حلفائها الآخرين(4)
إذن هناك أيضا رأيان إسرائيليان حيال الدور التركي:
الأول: يرى أن تركيا لن تضحي بعلاقاتها مع إسرائيل، وأن لاقترابها من الفلسطينيين وابتعادها عن إسرائيل حدودا لن تتعداها. يقول يورى ووردن أول سفير إسرائيلي في تركيا لوكالة فرانس برس – في إطار فهمه لهذه المعادلة التي تحكم الموقف التركي من القضية الفلسطينية بعد فوز العدالة والتنمية بالانتخابات في 3 نوفمبر 2002 – لست متشائما البتة، وعلى العكس فأنا أعتقد أن العلاقات الجيدة بين إسرائيل وتركيا ستستمر. وأضاف ووردون “إذا أرادت تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والإبقاء على علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة، والاثنان يصبان في المصلحة التركية فإن الحكومة الجديدة لا تستطيع أن تعدل علاقاتها السياسية مع إسرائيل”.
(1)- تركيا تعلق علاقاتها العسكرية بإسرائيل، الجزيرة نت
(2) “أردوغان: سيتم بحث إلغاء تأشيرات الدخول بين مصر وتركيا”. مصراوي. 2011-09-12. Retrieved 2011-09-13.
(3) Report: Turkey, Egypt to hold joint military exercises”. ynetnews. 2011-09-12.
(4)- انظر – -ماجد كيالي- قراءة إسرائيلية للأزمة مع الدولة التركية

ويقول الرئيس الإسرائيلي – السابق- موشيه كاتساف – بعد وصول العدالة والتنمية للحكم -بأنه ليس قلقا من صعود حزب العدالة إلى الحكم في تركيا، لأن المصالح الوطنية للدولتين تقرر دوما أن تبقى العلاقات بينهما جيدة. و يقول الباحثان الإسرائيليان ألون ليفين ويوفال بستان تعقيبا على المواقف التركية: إن “تركيا ليست معنيّة بالدخول في حرب مع إسرائيل، ولكنها أرادت فقط تحقيق بعض نقاط القوّة في المنطقة، وفي الساحة التركية الداخلية، والظهور بمظهر المدافع عن حقوق الفلسطينيين، وإظهار قدرتها على إحراج إسرائيل المرّة تلو المرّة” (1)
فالدور التركي سوف يحقق لإسرائيل أهداف جذب حماس وسوريا بعيدا عن إيران وتقديم حليف بديل أكثر اعتدالا وقبولا لدى الغرب وإسرائيل؛ “لهذا يأتي الضغط التركي على إسرائيل منحصراً في الشكليات والجزئيات، أما الأساسيات فلن يكون محلاً لها حتى إشعار آخر أو تغير جذري في المواقف الاستراتيجية التركية(2)

لذلك ورغم الانتقادات التركية اللاذعة لسياسة إسرائيل تجاه غزة وتبعات الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، فإن “التركيبة المعقدة لبنية العلاقات التركية الإسرائيلية لم تكن لتحرم الأتراك والإسرائيليين من مساحة محددة ومحسوبة من الانتقادات والإدانات المتبادلة عبر الحرب الكلامية الموسمية، التي قد يركن إليها الطرفان مع نشوب أية توترات بينهما لأي سبب، إن بغرض الاستهلاك المحلي أو بقصد توجيه رسائل ذات مغزى معين لمحيطهم الإقليمي وفضائهم الدولي(3)

الثاني: يرى أن “العلاقات التركية –الإسرائيلية والتي كانت وحتى وقت قريب علاقة تحالفية توترت فأشارت لاحتمالات التردي والتغيير الجوهري الذي حدث في المنطقة، فالأمن القومي الإسرائيلي أصبح يشعر بخطر كبير من بعض دول المحيط –إيران- التي كانت تشكل حليفا ونصيرا، وتحولت إلى عدو أول وتركيا التي غدت حليفا للأعداء(4)
ويؤكد ذلك تصريحات وزير الدولة الإسرائيلي بنيامين زئيف بيغن، الذي مثل رئيس وزراء إسرائيل في مؤتمر التغيّر المناخي في المتوسط، لصحيفة “تانيا” (اليونانية) أثناء زيارته لأثينا حيث قال معقبا على سؤال عن تدهور العلاقات التركية الإسرائيلية: “الأمر مثير للقلق، لأنّ حزب السيد (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان واضح في مواقفه، وأنّ حقيقة أنه يعمل على التحالف مع إيران ليس في حاجة إلى توضيح، وأنّ هذا التحالف الجديد بين تركيا وإيران وسورية ولبنان هو أمر مُقلِق بالنسبة لنا ولأوروبا. فقد صوّتت تركيا مؤخّراً في مجلس الأمن ضد فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي. ولذا فإنّ هذا الحلف ينطوي على أخطار جديدة بالنسبة للمنطقة بأسرها(5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) “علاقات افتراضية: السياسة التركية الداخلية وتأثيرها على تشدّد سياستها الخارجية”- إعـداد الباحثان الإسرائيليان ألون ليفين ويوفال بستان- ترجمة “سبوت لايت أون باليستاين”، أوروبـا-يونيو 2010
(2)- التآكل في العلاقات التركية الإسرائيلية واستبعاد التغيير الاستراتيجي- سلام الربضي-جريدة العرب اللندنية –16-10-2010
(3)- حدود التصعيد بين تركيا وإسرائيل- بشير عبد الفتاح-موقع الجزير نت اضغط هنا

(4)- حلمي موسى-حلقة نقاش القضية الفلسطينية عام 2010-مركز الزيتزنة للدراسات والاستشارات-مصدر سابق

(5)- صحيفة “تانيا” اليومية اليونانية-25-10-2010-ترجمة فريق سبوت لايت اون فلسطين –أوروبا
يمكن تقسيم العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والدولة العبرية إلى قسمين:
مرحلة دفء العلاقات قبل الربيع العربي
منذ تولي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الحكم في تركيا في عام 2003 وهو يبحث عن دور إقليمي لقيادة منطقة الشرق الأوسط، وكانت سياسة ” تصفير المشكلات” مع دول الجوار التركي التي رسمها أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الحالي ووزير الخارجية السابق إحدى وسائل الوصول لذلك الهدف، وبدأت العلاقات بين حزب العدالة والتنمية والدولة العبرية علاقة فاترة ومتدهورة نتيجة تصريحات رئيس الوزراء التركي، ففي مارس2004 أدان رئيس الوزراء التركي اغتيال الشيخ أحمد ياسين قائد حركة حماس ووصفه بالعمل الإرهابي ثم وصف طيب أردوغان عمليات اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم اللاجئين الفلسطنيين في رفح بعملية إرهاب الدولة، واضطرت أنقرة لاستدعاء السفير والقنصل التركي من تل أبيب للتشاور واعتبرت تصريحات أردوغان مؤسفة وتضر بمصلحة البلدين الحليفين.
وتحسنت العلاقات التركية الإسرائيلية في مايو 2005 بزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تل أبيب، والتقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي آريل شارون والرئيس الإسرائيلي موشيه كاستاف،
وفي عام 2007 زار الرئيس الإسرائيلي تركيا. لأول مرة في التاريخ يقوم رئيس إسرائيلي بزيارة دولة ذات الغالبية مسلمة، وألقى خطابا في البرلمان التركي في دلالة على قوة العلاقات بين البلدين.

وفي ترجمة سريعة لقوة العلاقات بين البلدين خاصة في عهد حكومة العدالة والتنمية؛ استطاعت أنقرة في مايو 2008 استضافة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا بخصوص هضبة الجولان المحتلة منذ العام1967 وعلى أسس مؤتمر مدريد عام1991، بعد أن توقفت المفاوضات منذ مفاوضات كامب ديفيد الثانية التي قادها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في عام 2000، واستطاعت تركيا تقريب وجهات النظر بين البلدين نتيجة لقوة علاقة أنقرة بأطراف التفاوض، وتجمدت المفاوضات بعد فترة وجيزة نتيجة استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت من رئاسة الحكومة الإسرائيلية وحزب كاديما.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- محمد محمد حامد … الانتخابات التركية والمنطقة العربية (2) ,,,تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني ,, مجلة اضاءات ..
http://www.masralarabia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/613987-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A
مرحلة تدهور العلاقات:
بدأت العلاقات السياسية في التدهور بين حكومة العدالة والتنمية التي يقودها أردوغان وإسرائيل ففي فبراير 2009 في مؤتمر دافواس الاقتصادي في سويسرا، عندما حدث تلاسن بين رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عندما أعطى مدير جلسة النقاش 25 دقيقة للأخير و12 دقيقة فقط للمسؤول التركي، مما دفعه للانسحاب وقد اتهم أردوغان المسؤولين الاسرائيلين بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين في حرب غزة (الرصاص المصبوب) والتي انتهت أوائل عام 2009، واستقبل أردوغان استقبالا حافلا عندما عاد إلى أنقرة ولكن اتهمته المعارضة التركية باستغلال القضايا العربية من أجل اكتساب الشعبية قبيل الانتخابات البلدية التي كانت جرت خلال هذا الشهر والتى تقوم عليها الورقة البحثية

رؤية الأحزاب التركية للعلاقة مع إسرائيل في ضوء الانتخابات القادمة

تتشابه برامج الأحزاب التركية في رسم السياسية الخارجية لأنقرة من حيث التعاون مع أروبا والولايات المتحدة، وتختلف بشكل تدريجي في التعامل مع دول الجوار التركي.
حزب الشعب الجمهوري: أكبر الأحزاب المعارضة في البرلمان التركي ويقوده كمال كيليتشدار أوغلو، يتهم حزب العدالة والتنمية أنه يتبع سياسة خارجية فاشلة، خاصة بعد تدهور العلاقات الخارجية مع دول الجوار التركي وفشل سياسة تصفير المشكلات، وقد يضع الحزب العلماني في خطته تطبيع العلاقات مع مصر وسوريا وإسرائيل والذين تدهورت علاقة أنقرة بهم في الفترة الأخيرة والذي يرى أن التطبيع مع تل أبيب يفتح أبواب الاتحاد الأروبي لأنقرة ويؤيد هذا التوجه حزب الحركة القومية التركي أيضًا.
حزب العمال الكردستاني المسلح في تركيا والممثل السياسي له حزب الشعوب الكردي: يرى زعيم الحزب عبد الله أوجلان أن داعش مشروع إسرائيلي وأن حزب العدالة والتنمية يدعم تنظيم داعش لأنه هدده باسقاط الحكومة التركية التي فضلت دعم داعش على دعم الأكراد المحاصرين في مدينة كوباني (عين العرب) السورية، كما يرى غالبية الأكراد أن إسرائيل هي التي كانت المستشارة الأمنية أو اليد المعاونة للبطش بهم عن طريق الحكومات التركية المتعاقبة.
حزب السعادة التركي: وهو وريث حزب الرفاه الذي أسسه نجم الدين أربكان وفي تسعنيات القرن الماضي ويقوده مصطفى قامالاك، والذي يرى أن حزب العدالة والتنمية ظل يبيع النفط العراقي المهرب من قبل داعش لإسرائيل، واتهم حزب العدالة والتنمية بتحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى بتفتيت الدول العربية، الأمر الذي كان يرفضه نجم الدين أربكان الأب الروحي لزعماء حزب العدالة والتنمية.(1)

تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني
احتفال إسرائيلي بـ”فشل أردوغان”
اهتمام اسرائيلي بالانتخابات التركية واثرها على العلاقات مع إسرائيل
المراقبون السياسيون في إسرائيل يعلقون آملا على تغير نتائج الانتخابات نهج السياسة الخارجية التركية تجاه اسرائيل
لم يتمكن المسؤولون الإسرائيليون من إخفاء فرحتهم لنتائج الانتخابات البرلمانية في تركيا ولا سيما تراجع الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” بزعامة رجب طيب اردوغان، وفقدانه للأغلبية التي كان يحظى بها في البرلمان المنتهية ولايته. ولكن ورغم هذه النتيجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- نفس المصدر السابق محمد محمد حامد … الانتخابات التركية والمنطقة العربية (2) ,,,تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني ,, مجلة اضاءات ..
التي راقبت للإسرائيليين، فإن السؤال المطروح الآن كيف ستؤثر هذه النتائج على العلاقات التركية الإسرائيلية في حال كان لها تأثيرا أصلا؟ (1)
ترى الأحزاب الثلاثة المعارضة لأردوغان بأنه ذهب بعيدا في معاداته للكيان الإسرائيلي ( الحليف الاستراتيجي السابق) ومناصرته للقضية الفلسطينية، مما أضر بمصالح البلاد، ويشيرون في هذا الصدد إلى عديد مواقف أردوغان “المتصلبة”، ومن بينها مواقفه خلال حرب غزة الأخيرة ومعارضته لحصارها وتأييده لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ومقتل 10 أتراك في حادثة سفينة “مافي مرمرة” التي كانت تهدف إلى كسر الحصار عن غزة.
ولذا فمن اليسير فهم سبب الحفاوة الإسرائيلية بنتيجة الانتخابات، إذ قالت صحيفة “هآارتس” الإسرائيلية، إنه مع نشر النتائج الأولية للانتخابات في تُركيا، الأحد، عمت الفرحة إسرائيل بأسرها. وأضافت الكاتبة الإسرائيلية هداس هروش، أن كل الصحف الإسرائيلية بلا استثناء، اليمينية واليسارية، أفردت مساحة كبيرة في الصفحة الأولى للحديث عن فشل أردوغان، وما يخص العلاقات التركية الإسرائيلية، من جهتها قالت صحيفة “يديعوت احرونوت” إن الإسرائيليين لم ينجحوا بإخفاء “فرحهم للمصيبة التي حلّت برئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، الذي لم يوفر مناسبة كي يحرض على إسرائيل”، وقد لخص المعلق الإسرائيلي “تسفي برئيل” أسباب هذه الكراهية من القادة الصهاينة لأروغان والفرحة بتأخر حزبه في الانتخابات لما قال إنه: “قادتنا يمقتون أردوغان؛ لأنه كسر القاعدة وتعامل معهم بندية“.
ويعلق الدويري بالقول: ” الكيان الإسرائيلي دفع ثمنا باهضا لمواقف أردوغان، من حصار غزة وأسطول الحرية،وانسحابه من منتدى دافوس ردا على أقول رئيس الكيان حينها شمعون بيرز، وهو الأمر الذي يفسر الفرحة الغامرة للكيان وكل من يؤيده في الغرب والشرق”.
وبشأن احتمالات المستقبل، قال الدويري إن ذلك “يتوقف على شكل الحكومة التركية المقبلة”.
بالمجمل وبصرف النظر عن مداولات تشكيل الحكومة التركية، والسيناريوهات المحتملة، فأن المرجح حتى في حال استطاع حزب العدالة والتنمية تشكيل حكومة ائتلافية أن تتباطأ الاندفاعة التركية تحت تأثير تناقص الاهتمام التركي بالشأن الخارجي بالمجمل، وتوازنات الأحزاب المكونة للائتلاف، وتأثير تركيبة البرلمان الذي سيكون عقبة لدى طرح أي قضية مستجدة، لكن السياسة الخارجية في هذا الاتجاه لن تنقلب فمواقف أردوغان ايدلوجية من هذا الملف تحديدا وتحظى بشعبية كبيرة قد تتجاوز ما حصل عليه هو شخصيا في الانتخابات الأخيرة أو ما حصل عليه حزبه في النتائج قيد النظر(2)
ويشير خبراء مختصين بالعلاقات التركية الإسرائيلية ان هذه النتائج قد تساعد على تغيير الوضع القائم للعلاقات بين البلدين في الاتجاه الإيجابي حسب رأيهم، وذلك يتعلق بالائتلاف الذي سيتم تشكيله على أساس نتائج الانتخابات. فقد كانت كل الأحزاب الأخرى تتفق على توجيه الانتقادات اللاذعة للحزب الحاكم خلال سنوات انفراده بالحكم. والأحزاب التي قد يغازلها حزب العدالة والتنمية لتشكيل ائتلاف حكومي هي من القوميين الاتراك والحزيب الكردي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهي أحزاب كانت تنتقد اردوغان وحزبه فيما يتعلق بسياسته تجاه إسرائيل، وجميع هذه الأحزاب ترى ان على تركيا التقرب من إسرائيل مقابل إيران، العدو المشترك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – صحيفة الشرق أوسط … اهتمام اسرائيلي بالانتخابات التركية واثرها على العلاقات مع إسرائيل
http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/middle-east/74161-150608-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%AB%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
(2) – عبد الرحمن أحمد … صحيفة البشير … قراءة في انعكاسات الانتخابات التركية على القضايا العربية
http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-13-210588.htm
الخاتمة

تعتبر تركيا الطرف الإقليمي الرئيس الذي ربما يستطيع أن يلعب أهم دور في الحفاظ على النظام والأمن الإقليمي. لقد كانت المرونة الاستراتيجية لحكومة أردوغان في ممارسة سياستها الخارجية تمثل حجر الأساس في قصة نجاح تركيا في السياسة الإقليمية في العقد الأخير. ومع ذلك، تسببت عدة تطورات بنيوية في تهديد أهداف سياسة تركيا الخارجية؛ مما تطلب من أنقرة إعادة تنظيم سياساتها في ضوء التطورات الإقليمية؛ حيث كشفت هذه البيئة السياسية الجديدة عن الحاجة الملحة إلى قيام تركيا وأطراف إقليمية أخرى بتخفيف مواقفها تجاه الصراعات في المنطقة.
ولا يمكن أن يتحقق هذا إلا عن طريق عملية للتحول الإقليمي تتفق فيها جميع الأطراف على المواقف السياسية الأساسية التي تعظم مصالحها. ويتمثل أهم جوانب هذا التحول الإقليمي في التخلص من العقبات والخصومات السياسية التي تعرقل الشراكات الاستراتيجية في الأجل الطويل؛ إذ إن تركيا -التي كانت تعتبر الطرف الرابح في بواكير الربيع العربي- أصبحت تواجه الآن تحديات ناتجة عن نفس هذا التحول.
وفي هذا الصدد يذهب البعض إلى أنه ليس بمقدور تركيا تحقيق النتائج التي تتطلع إليها. وفي الحقيقة، لا يمثل هذا مشكلة لتركيا فحسب؛ حيث تثبت المتغيرات الدولية والآليات الإقليمية الجديدة أنه لا يستطيع أي طرف إقليمي أو دولي بمفرده -بما في ذلك الولايات المتحدة- أن يقود التحولات بأمان. ولذلك، فإنه إذا كان يعيب تركيا قدراتها المحدودة في هذا الصدد، فإن نفس الشيء ينطبق على الأطراف الأخرى بالمثل.

وفي ضوء الملابسات السابقة، ثمة ثلاثة مستويات جيوبوليتيكية تقوم عليها السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط في الأجل القصير. ويمكن أن يكون أي من هذه المستويات مساندًا أو مدمرًا؛ فأولاً، تعتبر السمات الجيوسياسية للقضية الكردية ذات أهمية كبيرة لنجاح أنقرة في عملية التحول هذه.
وقد شهدت الفترة الأخيرة تحولاً لافتًا في هذا الشأن؛ فبدلاً من استخدام تلك اللغة التي لا تصلح سوى على المستوى المحلي، وضعت تركيا القضية الكردية على مستوى أكثر إقليمية؛ إذ إن استخدام أردوغان علانية لمصطلح كردستان -وهي كلمة محظورة في السياسة التركية منذ فترة طويلة- في اجتماع في أكبر مدينة كردية (ديار بكر)، يمكن أن يعتبر بمثابة قبول أنقرة لهذه الحقيقة.
وحري بنا أن نكون أكثر وضوحًا، فمصالح تركيا تتوازى مع مصالح الأكراد. وبعبارة أخرى، فإن المكاسب الديمقراطية والاقتصادية للأكراد في المنطقة يمكن أن تعتبر أيضًا بمثابة فائدة لتركيا. ويمكن أن يؤدي هذا غالبًا إلى مزيد من التعاون بين الطرفين. وسيؤثر هذا التطور كثيرًا على البعد الثاني، وهو العلاقة مع العراق؛ إذ إن المؤشرات الأولية على التقارب بين بغداد وأنقرة ظهرت مع الزيارة التي قام بها مؤخرًا أحمد داود أوغلو إلى كل من العاصمة العراقية بغداد ومدينة كربلاء ذات الأهمية المقدسة لدى الشيعة؛ حيث كانت هذه الزيارة مهمة جدًا لتلطيف الأجواء العدائية بين السنة والشيعة في العراق بصفة خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة.
ويتمثل البعد الأخير في إعادة التوجه الاستراتيجي لحكومة أردوغان في صنع بيئة إيجابية تستطيع فيها أطراف إقليمية أربعة -تركيا وإيران ومصر والسعودية- أن تصنع الأمن مستقبلاً للمنطقة ككل وبصورة مشتركة.
وأخيرًا، يجب أن يتضح أن تركيا تمنح أولوية لتحول الإقليمي آمن من أجل الحفاظ على التعايش السلمي لكل الأطراف في المنطقة. ولتحقيق هذا الهدف، فإن حكومة أردوغان ستركز على التخلص من الخصومات الاستراتيجية بين الأطراف الإقليمية باستخدام المرونة الاستراتيجية التركية كمنهج رئيس للسياسة الخارجية. وطبقًا لأنقرة، فإن هذا المنهج لا يمكن أن يتحقق إلا بالتركيز على تكامل مصالح كل الأطراف الإقليمية في مواجهة الأزمات.
تركيا: إعادة التوجه الاستراتيجي
في خضم ما سبق، ثمة شيء وحيد جليّ، وهو أن الربيع العربي دخل الآن مرحلة تحول جديدة. وفي ظل ذلك التحول، يجب أن نحلل إعادة التوجه الاستراتيجي لتركيا في الشرق الأوسط الجديد في ضوء ثلاثة أبعاد متصلة؛ ففي المراحل الأولى من الثورات الشعبية، نجد أن مساندة تركيا لتغيير الأنظمة، بدلاً من مساندة حالة “الأمر الواقع”، سمحت لأنقرة بصياغة خطاب سياستها الخارجية بمزيد من الثقة والشجاعة.
وأخذًا ذلك في الاعتبار، ركَّزت حكومة أردوغان على قيادة التحولات في المنطقة، ولكن موقف تركيا اصطدم أولاً بالوضع المتدهور والمتفاقم في سوريا، ثم بالانقلاب العسكري في مصر، وتطلب ذلك منها إعادة النظر في استراتيجياتها تجاه التحول الإقليمي على أساس نفس مبادئ السياسة الخارجية التي كانت تتبعها خلال العقد الأخير.
وبعبارة أخرى، كانت تركيا تغير استراتيجياتها في مواجهة التطورات في المنطقة، ولكنها استخدمت نفس نمط المبادئ السابقة في تحقيق ذلك. فبينما كانت تركيا تعترف بتعزيز الديمقراطية كفلسفة محورية للربيع العربي، كانت تهدف في ذات الوقت إلى قيادة هذا التحول الإقليمي من أجل تحقيق هذه العملية بدون تدمير الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، لا تزال هناك ثلاثة أبعاد تتحدى رؤية تركيا للمنطقة بصورة مباشرة؛ حيث تقابل هذه الأبعاد الثلاثة أيضًا جوانب محددة من إعادة التوجه الاستراتيجي التركي فيما يتعلق بالتطورات السياسية الجديدة في المنطقة.
البعد الدولي
يتشكل السلوك السياسي للمجتمع الدولي أساسًا من خلال مساندته العملية والمنطقية للتحولات في المنطقة. وكان هذا أحد أهم الجوانب المساندة للخطاب السياسي لحكومة أردوغان، والذي كان يجب أن يتحقق من أجل تنفيذ السياسة الخارجية لتركيا، وتحقيق الاستقلالية الاستراتيجية في مواجهة الغموض السائد في المنطقة. ومن خلال حشد تأييد المجتمع الدولي، حاولت تركيا أيضًا تطبيق سياسة أكثر نشاطًا في مواجهة عملية التحول الإقليمية. ومع ذلك، لم يكن لهذه الجهود أي أثر جيوبوليتيكي جوهري لاحتواء الاضطراب الذي وُلِد في فترة ما بعد الربيع العربي في المنطقة.
وقد أدى تعارض المصالح وتباين الخيارات السياسية للأطراف العالمية والإقليمية تجاه الأزمة السورية والمأساة السياسية في مصر، إلى تكبيل تركيا عن حل الأزمة الإقليمية باستخدام الآليات السلمية؛ فقد أدى التنافس الاستراتيجي وتباين المنطلقات الفكرية بين الأطراف العالمية والإقليمية إلى تعميق الأزمة بسبب تصاعد النهج المتطرف، خاصة في سوريا؛ مما أدى إلى قلق القوى الغربية من دعم جماعات المعارضة السورية (7).
وإضافة إلى ذلك، فإن مقترحات تركيا لحل الأزمة لم تستطع إقناع المجتمع الدولي؛ إذ يجب أن نتذكر أن تركيا نصحت حلفاءها الغربيين بالتدخل العسكري في سوريا لإسقاط بشار الأسد، رغم ما في ذلك من مخاطرة كبيرة على أمنها الداخلي؛ فقد كان أردوغان يرى أن هذا خيار ضروري لوقف المذابح الدموية التي ترتكبها القوات التابعة للأسد في الداخل والأطراف الداعمة لها من الخارج. وكانت أنقرة تدرك أيضًا حقيقة أن خصائص الجماعات المعارضة المقاتلة في سوريا أدت إلى تزايد التطرف في البيئة السياسية؛ مما سبّب توترًا للعواصم الغربية التي تعارض بشدة أن يكون لأي نوع من الحركات المتشددة دور في الوضع السياسي في سوريا بعد بشار. ونتيجة لهذه المواقف المتناقضة، فإن الحراك السياسي المحدود، مثل اجتماعات “أصدقاء سوريا” أصبحت مجرد تجمعات غير مؤثرة في وقائع الأمور؛ إذ أخذ الانقسام بين الأطراف في التزايد بدلاً من التراجع.
وهناك مشكلة مماثلة أخرى واجهت تركيا، وهي ما سماه أردغان بالانقلاب العسكري في مصر في يوليو/تموز 2013؛ولم يدعوها بإرادة شعب
البعد الإقليمي
بالإضافة إلى البعد الدولي، لا يمكن فهم إعادة التوجه الاستراتيجي الجديد لتركيا نحو الشرق الأوسط دون مراعاة الآثار الناجمة عن الآليات الإقليمية الجديدة. ولعل أحد أهم الجوانب الملموسة في الواقع السياسي الإقليمي الجديد يكمن في حالة التقلب السياسي التي تمر بها المنطقة منذ ثلاث سنوات.
فقد أدى الاضطراب السياسي بطريقة ما إلى زيادة الشقاق بين الأطراف الإقليمية، ومهّد الطريق لعداء استراتيجي جديد بين الأطراف الإقليمية مثل السعودية وإيران وتركيا. ويعد ذلك بمثابة القوة الدافعة الرئيسة وراء النتائج الكارثية للقتل الجماعي للمدنيين ونزوح الآلاف من الشعب السوري.
ففي السنوات الأخيرة، كانت تركيا تعمل حثيثًا للقضاء على الخصومات بين الأطراف الإقليمية، ومحاولة دمجها في النظام الجيوبوليتيكي العالمي ككل. ومع ذلك، فإنه نتيجة للصراع في سوريا، كانت الرؤية الاستراتيجية لأنقرة مختلفة عن تلك الخاصة بكل من طهران، ودمشق، وصارت مختلفة مؤخرًا عن نظيرتها في القاهرة، وقد ترك ذلك آثارًا سلبية على أشكال الانخراط التركي على المستوى الإقليمي بدرجة تفوق تلك الآثار على المستوى الدولي. ولذلك كانت أنقرة حائرة في دوافعها لحل القضايا الإقليمية بين ربط نفسها بالأطراف الدولية الكبرى من ناحية، وممارسة دور اللاعب الإقليمي الرئيسي من ناحية أخرى.
البعد الداخلي
وبالإضافة إلى ذلك، كان البعد الإقليمي لإعادة التوجه الاستراتيجي التركي -وهو بدوره صدى قوي آخر للتحولات الإقليمية لسياسة تركيا الخارجية- ظاهرًا جليًا على المستوى الوطني؛ حيث استغلت حكومة أردوغان نشاط السياسة الخارجية كدافع لتحويل هيكل القوى في السياسة المحلية؛ إذ إن الموقف التركي تجاه الأزمة السورية، والعلاقات المتوترة مع مصر، والمشاكل مع الحكومة المركزية في العراق، وتدهور التعاون مع إسرائيل، قد فتح مجالاً سياسيًا جديدًا أمام جماعات وأحزاب المعارضة لاستغلال إخفاقات السياسة الخارجية بفعالية في حساباتها السياسية المحلية.

فقد اتهمت المعارضة التركية حكومة أردوغان بأنها غير قادرة على العمل بشكل فعال، وأنها تستخدم تفضيلات سياسية مدفوعة أيديولوجيًا في السياسة الإقليمية. ونتيجة لذلك، تذهب المعارضة إلى أن الحكومة فقدت مرونتها الاستراتيجية وتجد نفسها وحيدة في ممارسة سياستها المتعلقة بالشرق الأوسط.
وكانت الحرب الأهلية في سوريا تؤثر أيضًا على السياسة الكردية على المستوى الإقليمي؛ مما تطلّب من السياسة الخارجية التركية أن تكيّف نفسها سريعًا مع الآليات المتغيرة للسياسة في المنطقة؛ فبالرغم من أن أنقرة اعتبرت أن الربيع العربي يتفق مع التطلعات الديمقراطية للشعوب المقهورة في المنطقة، إلا أن التزام أردوغان بالديمقراطية أصبح موضع تساؤل في ضوء الاحتجاجات التي وقعت في صيف 2013 في أرجاء البلاد. واستجابة لهذه الاتهامات، أصبح خطاب أردوغان المساند للمؤسسات الديمقراطية أكثر قوة من ذي قبل، خاصة بعد الانقلاب العسكري في مصر؛ حيث أدى موقف تركيا المناهض بقوة للانقلاب إلى مزيد من القلق لبعض الأطراف الإقليمية والدولية التي تساند التدخل العسكري في الشأن السياسي (8).
المراجع ;;;الكتب
(1) – أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي ..ترجمة: محمد جابر ثلجي وطارق عبدالجليل (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للنشر، 2010)
http://www.islamstory.com/books/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A
(2) _علي حسين باكير: محددات الموقف التركي من الأزمة السورية : الأبعاد الآنية والانعكاسات المستقبلية, العرب وتركيا , تحديات الحاضر ورهانات المستقبل , المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات , مجموعة مؤلفين , بيروت 2012 , ص615-666
(3)- محمد نور الدين : العرب والدور المستقبلي لتركيا, فصل في: العرب وتركيا, تحديات الحاضر ورهانات المستقبل, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات, مجموعة مؤلفين, بيروت,2012, ص743.

المصادر الأجنبية:
(1)- Graham E. Fuller، The New Turkish Republic: Turkey as a Pivotal State in the Muslim World (Washington، DC: United States Institute of Peace، 2008).
http://www.islamstory.com/books/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A
(2) – Burhan Koroglu، زTurkey’s Position Towards the popular Arab Revolutionsس، Afro-Middle East Center، April 2014، http://amec.org.za/articles-presentations/71-turkey/225-turkeys-position-towards-the-popular-arab-revolutions.
(3) Report: Turkey, Egypt to hold joint military exercises”. ynetnews. 2011-09-12.

الصحف :
(1) – أخبار لبنانية – الشرق أوسط .. الانتخابات التركية و”السلطان أردوغان
http://www.shoofee.com/?p=194660
(2)- أراء برس … نتائج الانتخابات التركية هل هي بداية لتوازنات جديدة في تركيا و الشرق الأوسط
http://araapress.com/index.php/journ/monde/164-2015-06-08-01-29-53
(3)- التآكل في العلاقات التركية الإسرائيلية واستبعاد التغيير الاستراتيجي- سلام الربضي-جريدة العرب اللندنية –16-10-2010
(4)- أمين يونس ,, الانتخابات المحلِية التركية .. والعراق.. الحوار المتمدن-العدد: 4412 – 2014 / 4 / 2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408523
(5)- الخبر للأديان والمذاهب: .. الانتخابات البرلمانية التركية: المتنافسون والتوقعات
http://www.alkhabar.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA_a72358.html

(6)- إلي أفيدار- صحيفة “يديعوت أحرونوت”-21-10-2010-ترجمة فريق سبوت لايت أون فلسطين-أوروبا
(7)- ..العربي الجديد ــ باسم دباغ … السياسة الخارجية في الانتخابات التركية: تراجع أمام قضايا الداخل
(8)- انظر – -ماجد كيالي- قراءة إسرائيلية للأزمة مع الدولة التركية
(9)- ترجمة : عقل عبد الله… علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط تتراجع ..صحيفة الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2013-09-30-1.611042
(10) – اهتمام إسرائيلي بالانتخابات التركية وأثرها على العلاقات مع إسرائيل…. صحيفة الشرق أوسط .
http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/middle-east/74161-150608-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%AB%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
(11)- بوابة الوطن اليوم… الانتخابات التركية.. الأسباب والنتائج والتوقعات
http://www.watantoday.net/defaultnews/2015-06-10/89027
(12)- ثائر البياتي العلاقات العربية التركية بين الماضي والحاضر.. الحوار المتمدن..الحوار المتمدن-العدد: 3348 –
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=256773
(13) – جمال كامل –الإنتخابات التركية و”السلطان أردوغان – أخبار لبنان والشرق الأوسط
http://www.shoofee.com/?p=194660
(14) – دي برس – الانتخابات التركية: العدالة والتنمية” يتلقى “صفعة” انتخابية وحلم أردوغان بـ “النظام الرئاسي” يتبخر | الأخبار الدولية | سياسة | دي برس http://www.dp-
http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=177271
(15) د.باكينام الشرقاوي-الشرق الأوسط الكبير-الرؤى التركية والإيرانية –ورقة أولية –المؤتمر السنوي التاسع عشر للبحوث السياسية “مشروع الشرق الأوسط الكبير-26-29 ديسمبر 2005.
(16)- رحيل غريبة …صحيفة المقر.. الانتخابات التركية 2015
http://maqar.com/?id=84088
(17) – عبد الرحمن أحمد … صحيفة البشير … قراءة في انعكاسات الانتخابات التركية على القضايا العربية
http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-13-210588.htm
(18)- عرب zaman,, … حزب كردي يحبط طموحات اردوغان في الانتخابات التركية
http://www.zamanarabic.com/%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%A8%D8%B7-%D8%B7%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE/
(19) – عبد القادر عبد اللي : الورقة السورية في الإنتخابات التركية, 11/5/2015, جريدة المدن الإلكترونية.
(20) “علاقات افتراضية: السياسة التركية الداخلية وتأثيرها على تشدّد سياستها الخارجية”- إعـداد الباحثان الإسرائيليان ألون ليفين ويوفال بستان- ترجمة “سبوت لايت أون باليستاين”، أوروبـا-يونيو 2010
(21)- صحيفة “تانيا” اليومية اليونانية-25-10-2010-ترجمة فريق سبوت لايت اون فلسطين –أوروبا
(22)- علي حسين باكير : لماذا منتصف هذا العام سيكون في غاية الأهمية بالنسبة لسوريا, 28/4/2015 السورية نت.
(23)- محمود عثمان : على أبواب الإنتخابات التركية… بعض ملاحظات للسوريين, 1/5/2015, ترك برس.
(24) – بيسان الشيخ : الإنتخابات التركية …سورية بامتياز , 9/5/2015 , الحياة
(25) لجين محمد … تركيا بوست… الانتخابات التركية: النتائج والسيناريوهات
http://www.turkey-post.net/p-52053/
(26)- وكالة الأناضول للأنباء ,, الانتخابات العامة التركية 2015- عموم تركيا
http://www.aa.com.tr/ar/turkey/533133

الدوريات والمجلات:
(1)- د.رانية طاهر .. الدور الإقليمي التركي في ظل ثورات الربيع العربي ..مجلة رؤية تركية
http://rouyaturkiyyah.com/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8/
(2)- على حسين باكير..انعكاسات نتائج الانتخابات البرلمانية التركية على السياسات الخارجية .مجلة العربي 21
http://arabi21.com/story/836941/%D8%A7%D9%86%D8%B9%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9
(3)- مجلّة فورين بوليسي –والنص المترجم عن جريدة الأخبار اللبنانية 4/6/2010
(4)- مجلة نون بوست… الأحزاب السياسية التركية تحشد المؤيدين للانتخابات المقبلة
http://www.noonpost.net/content/6575
(5)- محمد محمد حامد … الانتخابات التركية والمنطقة العربية (2) ,,,تأثير الانتخابات التركية على العلاقة مع الكيان الصهيوني ,, مجلة اضاءات ..
http://www.masralarabia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/613987-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A
معاهد ومراكز الدراسات الإستراتيجية:
(1)- تركيا تعلق علاقاتها العسكرية بإسرائيل، الجزيرة نت
(2)- بان مهتم بعلاقات إسرائيل وتركيا، الجزيرة نت
(3)- تقرير عن زيارات حماس بعد فوزها بالانتخابات- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات –لبنان–ابريل 2006
(4) التقدير الاستراتيجي (25): أسطول الحرية وكسر الحصار: التداعيات والاحتمالات – أغسطس 2010-مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-بيروت-لبنان
(5) تركيا والقضية الفلسطينية-تقرير معلومات صادر عن مركز الزيتونة للدراسات
(6)- حدود التصعيد بين تركيا وإسرائيل- بشير عبد الفتاح-موقع الجزير نت
(7)- التقرير الاستراتيجي (22): الدور التركي و القضية الفلسطينية- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -لبنان-مايو 2010-
(8)- بشير نافع – السياسة الخارجية التركية – مركز الجزيرة للدراسات
(9)- نص المحاضرة كاملا في صحيفة النهار اللبنانية،بيروت 20/7/2010
(10)- د.طلال عتريسي-حلقة نقاشية عن القضية الفلسطينية عام 2010-مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-يناير 2010
(11)- مراد يشيلطاش وإسماعيل نعمان تيلچي … السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية ..
(12)- حلمي موسى-حلقة نقاش القضية الفلسطينية عام 2010-مركز الزيتزنة للدراسات والاستشارات-مصدر سابق
(13)- سونر چاغاپتاي و تايلر إيفانز –علاقات تركيا المتغيرة مع العراق — معهد واشنطون
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-changing-relations-with-iraq-kurdistan-up-baghdad-down
(14)- مراد يشيلطاش وإسماعيل نعمان تيلچي … السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية ..
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/12/20131216103336330486.htm
(15)- مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية :
http://www.asharqalarabi.org.uk/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%84-862015_ad-id!307826.ks#.VXn3Q1LfOKE
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/12/20131216103336330486.htm
(16)- المركز الديمقراطي العربي .. مصر ..السياسة الخارجية التركية تجاه إسرائيل (1996-2009) إعداد/أحمد ممدوح-–)
(17)- كمال حبيب- الإسلاميون الأتراك.. من الهامش إلى المركز–مركز الجزيرة للدراسات
(18)- عربي bbc
http://www.bbc.com/arabic/interactivity/2015/06/150608_comments_turkey_elex_erdogan
(19)- علي حسين باكير+عدنان أبو عامر— تركيا والقضية الفلسطينية في ظل تحولات الربيع العربي
مركز الجزيرة للدراسات
http://studies.aljazeera.net/reports/2012/11/201211682923673950.htm
(20)- موقع المركز الفلسطينيي للاعلام
مواقع أخرى:
(2) “أردوغان: سيتم بحث إلغاء تأشيرات الدخول بين مصر وتركيا”. مصراوي. 2011-09-12. Retrieved 2011-09-13.
(2) – حور سير الحملات الانتخابية في تقرير مراسل الحرة علام صبيحات من اسطنبول:
الحرة TV
http://www.alhurra.com/content/turkey-vote-elections/272510.html
(3)- حسن ملاط .. حركة التوحيد الإسلامي
http://www.altawhid.org/2015/06/11/%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%B7/
(4)- فرانس24/أ ف ب-
(5)- محمد سيف الدين : تسليح المعارضة , تهديد قد يتحول إلى فرصة للنظام , موقع قناة الميادين , 14 حزيران/يونيو 2013
(6)- باراك أوباما: لقاء متلفز مع قناة العربية , 16/5/2015.
(7)- حسن نصر الله : كلمة متلفزة , قناة المنار , 16/5/2015.
(8)- رجب طيب أردوغان : مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني بقصر سعد آباد بالعاصمة طهران, ت ر ت التركية العربية, 1/4/2015.
http://www.alaraby.co.uk/politics/2015/5/27/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84

(9) – موسوعة المعرفة العلاقات الإسرائيلية التركية http://70.105.163.163/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى