الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

الصورة الذهنية للمواطن العراقي ازاء مجلس النواب

اعداد الباحث – حسن سعد عبد الحميد
– المركز الديمقراطي العربي
منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية والقوات المتحالفة معها ، سعت الادارة الامريكية الى بناء مؤسسات عراقية سياسية جديدة على غرار مؤسسات الدول الديمقراطية كبديل عن مؤسسات الحزب والفكر الواحد التي كانت سائدة قبيل تلك المدة ، إذ ادعت الولايات المتحدة أن المؤسسات الوليدة من رحم الأحتلال ستكون قائمة على مبدأ المواطنة والديمقراطية والكفاءة والتعددية الحزبية والسياسية بما يلائم شكل التنوع في المجتمع العراقي ، وكان البرلمان العراقي أحد تلك المؤسسات ، والذي تحقق من خلال انتخابات عامة شهدها العراق في ظل ظروف استثنائية شديدة الصعوبة والتعقيد .
وكما هو متعارف عليه عندما تكون السلطة التشريعية رصينة البناء والتكوين تكون قادرة على تحقيق المطالبات الشعبية وجعلها واقعاً حياً ، وكلما كانت السلطة التشريعية معبرة عن آمال وتطلعات الشعب كلما كان ذلك مؤشر على أنها تعش مع الشعب وتلبي احتياجاته وتسعى لرقيه ، أما في العراق فالأمر مختلف تماما ، فالبرلمان العراقي في الواقع وكما أشارت اليه الاحتجاجات الشبابية العراقية الأخيرة المطالبة بالاصلاح والتغيير ومحاسبة المفسدين أصبح عبارة عن مستوطنة للطروحات الطائفية والقومية والمذهبية ، لا بل أصبح بؤرة لتصارع الأجندات المصلحية الشخصية خارج أطار أجندات الهوية الوطنية العراقية ، وهذا الأمر قد يبدو منطقياً إذا ما ادركنا أن البرلمان العراقي قد ولد في ظل ظروف أستثنائية وغير طبيعية لم يشهد لها العراق من مثيل ، في ظل ظروف واوضاع داخلية مضطربة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ، وفي ظل وجود صراع سياسي عنيف لا سلمي ، وفي ظل تغيير سياسي قسري تحقق بفعل القوى الخارجية ، كل هذه الأمور وغيرها ساهمت بولادة برلمان عراقي مشوه غير مكتمل ، مما جعل منه صورة للنكتة والنوادر والسخرية لدى المواطن العراقي .
أن مجلس النواب العراقي ومن خلال مسيرة عمرها عشر سنوات لا يزال قدوة في العمل الطائفي من حيث البناء الوظيفي والسلوك العملي ، وهذا الأمر نتج عنه مخاطر وسلبيات أدارية ووظيفية خطيرة نرى تداعياتها في طبيعة القوانين التي قام بأقرارها المجلس ، في حين نجد أن القوانين الهامة والمحورية والتي تمس الصالح العراقي لا زالت حبيسة ارفف البرلمان .
هذه الحالات وغيرها خلقت صورة ذهنية سلبية لدى المواطن العراقي أزاء مجلس النواب  خصوصا عندما لاحظ أن ميولهم الفكرية والسياسية لم تتغير منذ الدورة الاولى للبرلمان ، وهذه الصورة يغلب عليها صفة الانقسامات من حيث سلوك الكتل السياسية النفعي والتي غالبا ما تنقسم وتنشطر يوما بعد يوم الى كتل صغيرة تحت عنوان كتل مستقلة .
أن العراقيين اليوم ينظرون وبامتعاض شديد أزاء برلمانهم من حيث الامتيازات الانفجارية التي يتمتع بها اعضائه والتي فاقت حد المعقول واللامعقول ، فضلاً عن أن البرلمان العراقي هو النموذج الوحيد الذي أذيبت فيه شخصية العضو البرلماني لصالح توجهه الطائفي والسياسي ، فهو غير قادر على ابداء رأيه بحرية أو تقديم أفكار جديدة خارج أطار منظومة حزبه أو أئتلافه السياسي ، لتصبح الحقيقة السياسية الكاملة هي من اختصاص رئيس الكتلة السياسيةوما على اعضائها سوى التفرج والموافقة.
ولأثبات هذه الفرضية نجد البرلماني العراقي ومن خلال الرصد والمتابعة وتحديداً في ظل الإزمات السياسية العراقية المتوالية عادة ما يخدع المواطن العراقي عن طريق وسائل الاعلام ويقدم معلومات كاذبة ، كأن يكون مثلاً قد شارك في اجتماع ما لمناقشة مشكلة عراقية معينة ووضع الحلول لها ، في حين أنه يقرأ ما تناقلته وسائل الاعلام ثم يقوم بترديدها وتكرارها مرة بعد اخرى ، وبعض هذه التصريحات ساهمت بتعقيد الازمات السياسية ، فغالبية النواب في البرلمان العراقي هم في الواقع نواب كلام يتلقون الأخبار السياسية من وسائل الاعلام فيعدلونها ويضيفون عليها شأنهم شأن أي مواطن عراقي مهتم بالاخبار ، ثم يطلقونها على انهم جزء من الدائرة المصغرة لصنع القرار السياسي العراقي .
ونفهم من كل ذلك أن هذه الخصائص والصفات جعلت من المواطن العراقي لا يشعر كما هو مفروض أن البرلمان العراقي يمثله خير تمثيل ويعمل جاهداً على حل مشاكله اليومية ويسهر على راحته ، بل ان الجميع من هم داخل البرلمان يعيشون في بيوت وقصور فارهة جدا بعيداً عن مناطقهم الانتخابية ، وفي مناطق محصنة لا يدخل اليها أي شخص ، هذه الأمور وغيرها خلقت صورة ذهنية لدى المواطن العراقي إزاء برلمانه والتي يمكن تحديدها بي ..
_لم يكن البرلمان العراقي يوما ما يتمع بصلاحيات تشريعية حقيقية كي يصلح تسميته بضمير الامة .
_أن الانتخابات البرلمانية التي أنتجت البرلمان العراقي لم تكن نزيهة وذات طابع قومي طائفي.
_الرقابة تكاد تكون معدومة في البرلمان .
_غياب شبه واضح للبرلمان العراقي في محاسبة السراق والمفسدين .
_أن ثقافة عضو البرلمان العراقي هي ثقافة ضحية ، أي انه يدعي يدعي بتمثيل الفئات المهمشة حسب انتمائه الطائفي .
_أن البرلمان العراقي مجرد هيكل عظمي لا يعايش الواقع العراقي بكافة تفاصيله المؤلمة ، بل يعيش عالم الاماني والسلوكيات التبريرية وبمقاربات ماضوية مبتذلة .
_أن مقياس عمل البرلماني العراقي هو ذلك الذي يقف بالضد ضد الحاجات الشعبية العراقية .
_أن الخطاب البرلماني العراقي خطاب محبط وظالم مشبع بالطائفية .

فالمواطن العراقي أصبح اليوم يدرك أكثر من أي وقت مضى من هو صديقه ومن هو عدوه ، من يقدم له

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى