مقالات

هل المعارضة نوعاً من الخروج على الديمقراطية كما يرى البعض؟

بقلم : محمد نبيل الشيمي

تخرج في دول الربيع العربي أصوات ترى في المعارضة نوعاً من الخروج على الديمقراطية ومعوقا لها وهذا رأي مخالف للأعراف الديمقراطية التي تقوم على الاختلاف الرؤى والمواقف فلا مجال لأن تكون المعارضة والموالاة في خندق واحد إلا فيما يتعلق بالأمن القومي ومواجهة العدو المشترك وهذه الحقيقة لا يمكن تجاهلها ولا توجد بشأنها خيارات أو بدائل أخرى وستظل هناك فجوة بين الموالاة والمعارضة بمعنى آخر فإن التناقضات بين طرفي العملية السياسية هي واقع ثمره طبيعة الديمقراطية ومن ثم فإن أي محاولة لفرض رؤية الموالاة وإلغاء دور المعارضة سيؤدي إلى نتائج كارثية مدمرة على الممارسة الديمقراطية والمعارضة لا توجد في النظم الشمولية والاستبدادية سواء كان الاستبداد تحت شعار الدين أو العرف أو الطائفة أو المعتقد السياسي والمعارضة في جوهرها لا تنسجم مع الممارسات السياسية القائمة على التغيير الفوقي (أي التغير الذي تقوم به السلطة الحاكمة دون مشاركة من القوى المجتمعية الأخرى) وفي الدول الديمقراطية تقف المعارضة بالمرصاد لأي محاولة استيلاء فصيل بعينه على السلطة من خلال القوة كما أنها ترفض أن تستحوذ جماعة أو حزب على الحكم ولو كان من خلال الديمقراطية ومن الملاحظ أن الدولة الثيوقراطية (تعني حكم الكهنة أو رجال الدين) وهي الدولة الدينية التي يستمد منها الحاكم سلطته المباشرة من الله وفقاً لمبدأ التفويض الإلهي (إيران نموذج) غالباً المعارضة في هذه الدول مجرد ديكور حتى أن هناك من يراها مخالفة للدين بل وخروجاً عليه … وفي هذا السياق ذاته فإن النظم المستبدة تحارب المعارضة وتعمل على إقصائها وإلحاق التهم بها حتى يتم إبعادها كلياً عن الساحة السياسية .
إن مفهوم المعارضة وفقاً لأدبيات علم السياسة تعني مجموعة أفراد أو جماعة أو أحزاب تختلف رؤيتها مع الحكومة كلياً أو جزئياً ووفقاً للبعض فالمعارضة بمفهومها العام عبارة عن الرأي المخالف .
ولذا فإن الإدعاء بأن المعارضة تعوق العملية الديمقراطية هو قول خاطئ ومن ثم فإن ما تشهده دول البيع العربي من محاولات لإقصاء التيارات السياسية الأخرى يمثل ردة للثورات والتي كان من عوامل تفجرها الاستبداد السياسي وتهميش دور القوى المعارضة … ليس أمام هذه الدول للوصول إلى الاستقرار السياسي والحد من العنف إلا من خلال التوافق والوصول إلى قواسم مشتركة تعزز مسيرة الديمقراطية ويكون الحوار خياراً وطنياً لا بديل له … وتكون المحاصصة السياسية بديلاً للمغالية … وإلا فلا استقرار .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى