الدراسات البحثيةالمتخصصة

الانقسام وحدود التباين الفكري بين “فتح” و”حماس”

اعداد : د.سنية الحسيني –باحثة وأكاديمية فلسطينية، أستاذ محاضر بجامعة القدس

– المركز الديمقراطي العربي

لمحة عن الباحثة :د.سنية الحسيني – باحثة وأكاديمية فلسطينية، أستاذ محاضر بجامعة القدس- أبو ديس، وهي متخصصة بالشؤون الإسلامية وإيران. لها العديد من الأبحاث والدراسات في قضايا عديدة.

تحاول هذه الدراسة البحث في أسباب وصول الصراع بين حركتي “فتح” و”حماس” حد الانقسام، من خلال تفحص حدود الخلاف الفكري بينهما ودوره في تأجيج حدة الانقسام، في محاولة لإستشراف الفرص الممكنة لمصالحة حقيقية بين الحركتين.

وعلى الرغم من الاختلاف والخلاف بين حركة “حماس” وحركة “فتح” التي تقود كل من منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، إلا أن ذلك لم يصل يوماً حد إنقسام دموي كالذي حدث سنة 2007، فأضر الانقسام بالقضية الفلسطينية كما لم يفعل حدث آخر. وعلى مدار سبع سنوات مضت، فشلت جميع مبادرات الصلح في جسر الانقسام، مما عمق من آثاره السلبية على أصعده عديدة. وعلى الرغم من نجاح اتفاق الشاطئ في العبور باتجاه أول خطوات المصالحة، وذلك بتشكيل حكومة وفاق وطني، إلا أن تلك الخطوة لا تكفي لتأكيد مستقبل المصالحة كما كشفت تجارب المصالحة السابقة، في ظل بقاء العديد من ملفاتها الحساسة عالقة.

يحكم عمل الحركات والاحزاب السياسية عموماً ومن بينها حركتي “فتح” و”حماس”، منطلقات فكرية تعتبر بمثابة محددات لسياستها وممارساتها، وتساعد على فهمها وتحليل وتقيم مواقفها. ويعتبر الموقف من قضايا مثل الدين والوطنية والتحرر وحدود الوطن وأدوات التحرير، محددات رئيسية لفكر الحركات والاحزاب السياسية الفلسطينية. وليس من الصعب تحديد مواقف حركة “حماس” الفكرية والتغيرات التي

لحقت بها، في ظل نظام حزبي مؤسسي متناسق تحكم أداءه معايير فكرية محدده، في حين يبدو ذلك الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً عند دراسة المنطلقات الفكرية لحركة “فتح” في ظل قيادتها لمنظمة التحرير وللسلطة الفلسطينية بعد ذلك أيضاً.

1 – حدود التقاطع بين فكر”فتح” ومنظمة التحرير والسلطة

لم يخرج موقف حركة “فتح” السياسي يوماً عن الخط السياسي لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بعد ذلك، فرئيس المنظمة ورئيس السلطة هو نفسه رئيس حركة “فتح”، وكوادر حركة “فتح” هي من قادت وأدارت عمل المنظمة طوال معظم سنوات عمرها، كما أن كوادر الحركة تولت ولا تزال معظم المناصب القيادية والإدارية في السلطة الفلسطينية منذ نشأتها، وتحكمت في مفاصلها بشكل مطلق، في تطابق تام ما بين مواقف الحركة والمنظمة والسلطة على صعيد الممارسة العملية والأداء الفعلي. ويبدو التطابق متجلياً أيضاً ما بين الإطار الفكري السياسي الذي يحكم عمل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وفكر حركة “فتح” والمستمد من نظامها الأساسي والبرامج السياسية لمؤتمراتها الست بالاضافة إلى برنامج الحركة لانتخابات المجلس التشريعي الذي أطلقته سنة 2006. فعمدت “فتح” إلى تغيير مقاربتها السياسية الفكرية تدريجياً لتنسجم بشكل واضح مع التوجهات السياسية المتغيرة لكل من منظمة التحرير وللسلطة أيضاً.

لم تختلف الرؤية السياسية بين منظمة التحرير وحركة “فتح” خصوصاً بعد تولي رئيس الحركة ياسر عرفات قيادة المنظمة سنة 1969، وسيطرة كوادر الحركة على غالبية مقاعد لجنتها التنفيذية. وقامت تلك الرؤية السياسية المشتركة على أساس تحرير كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء سنة 1948 أو

1967، وذلك عبر خيار المقاومة المسلحة كاستراتيجية وحيدة لا بديل عنها، ورفض جميع قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف بحق الفلسطينيين على كامل أرضهم المحتلة. وقد انعكس ذلك بوضوح في بنود ميثاق المنظمة الصادر سنة 1964 والنظام الأساسي لحركة “فتح” وبرامج مؤتمراتها السياسية الاول والثاني والثالث.

تبنت منظمة التحرير البرنامج المرحلي (برنامج النقاط العشر)، عندما أقره المجلس الوطني في دورته الثانية عشر سنة 1974، والذي يستند على أساس قيام دولة فلسطينية على أي جزء يتم تحريره، إلى أن يتم تحرير باقي الأرض، إلا أن المنظمة رفضت القبول بإتفاقية كامب ديفيد بعد ذلك. وعلى الرغم من عدم تمرير حركة “فتح” الحل المرحلي خلال جلسات مؤتمرها الرابع عام 1980، إلا أن البرنامج السياسي للمؤتمر اعتبر أن القرارات السارية للمجالس الوطنية لمنظمة التحرير جزء مكمل للبرنامج السياسي للحركة1، وذلك انسجاماً مع موقف المنظمة اتجاه اتفاقية كامب ديفيد.

وأصدرت منظمة التحرير في دورة المجلس الوطني التاسعة عشر في الجزائر سنة 1988 وثيقة الاستقلال للدولة الفلسطينية على أساس الاعتراف الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و338، الذين يعتبران أن الاراضي الفلسطينية المحتلة هي فقط تلك التي احتُلّت سنة 1967. وفي العام التالي أقرت وثائق المؤتمر الخامس لحركة “فتح” بالحل المرحلي الذي طرحته المنظمة قبل ذلك، ودعمت وثيقة الاستقلال وإعلان الدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967. كما أكدت تلك الوثائق الدور القيادي للمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وحق المنظمة في المشاركة في المحافل الدولية بشكل مستقل، وطالبت الولايات المتحدة بالغاء كافة القوانين والتشريعات المعادية للمنظمة والتي أصدرها الكونغرس. ورفض المؤتمر مشاريع الحكم الذاتي، وتمسك بمؤتمر دولي للسلام يقوم على أساس قرارات الشرعية

الدولية، باشرف الأمم المتحدة وتحت رعاية الدول دائمة العضوية في مجلس الامن، وأصر على أن تكون الانتخابات التي دعا إليها اسحق شامير، رئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت، بعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة في إطار برنامج متكامل للحل النهائي. ودعت الحركة المؤتمر نفسه إلى مواصلة الحوار مع القوى الديمقراطية الإسرائيلية التي تعترف بالمنظمة2. ولم يتطابق البرنامج السياسي لمؤتمر حركة “فتح” الخامس مع التوجهات السياسية للمنظمة فقط، بل ظهر وكأنه بيان سياسي صادر عن المنظمة نفسها.

وبعد توقيع منظمة التحرير إتفاقية أوسلو سنة 1993 والذي تم إنشاء السلطة الفلسطينية بناء عليه ، عبرت حركة “فتح” عن مواقفها الفكرية السياسية من خلال برنامجها الانتخابي الصادر في 2006 والبرنامج السياسي لمؤتمرها السادس في 2009. فاتفقت الوثيقتان على أن غاية المشروع الوطني إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، مع تطبيق القرار 194 الخاص بعودة وتعويض اللاجئين. كما اعتبرت الحركة أن خيار السلام يعتبر هدفاً إستراتيجياً،3 واعتمدت المفاوضات وسيلة لانجاز التسوية4.

وعرضت “فتح” عدداً من الاستراتيجيات القائمة في الوقت الحاضر كالنضال الشعبي ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية ودفع الحراك السياسي والقانوني والاقتصادي. وأثنى برنامجها على الحراك الشعبي في مقاومة جدار الفصل العنصري لكسب الرأي العام، إلا أنه شدد على ضرورة إفشال تهمة الارهاب عن النضال الفلسطيني. وطالبت الحركة بدعم الصمود وحشد الدعم للمشاريع التنموية ومواصلة الجهود للدفاع عن المقدسات5. وفي حين أكدت الحركة أنها لجأت إلى الكفاح المسلح في الماضي، شددت على أن الحق في المقاومة قائم، طالما بقي الاحتلال جاثماً. كما ركز برنامج حركة “فتح” على وقف الاستيطان ودعا إلى مواصلة الجهود لانعقاد مؤتمر دولي للسلام ووضع جداول زمنية واضحة وملزمة للمفاوضات، ورفض

تأجيل التفاوض حول القدس واللاجئين أو أي من قضايا الحل النهائي. كما أكدت الحركة على رفضها لفكرة الدولة ذات الحدود المؤقته، أو الاقرار بإسرائيل كدولة يهودية، ودعت الحركة كذلك إلى الذهاب لاستفتاء شعبي لاعتماد المفاوضات6.

ويبدو واضحاً أن المنطلقات الفكرية لحركة “فتح” والتي قامت على أساسها توجهاتها السياسية بعد إتفاقيات أوسلو لم تخرج عن البرنامج السياسي للسلطة الفلسطينية7، أو عن البرنامج السياسي لمنظمة التحرير،8 في تقاطع واضح وإنسجام تام، بما بات يمثل برنامجاً سياسياً للحزب الحاكم للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، ويبتعد كثيراً عن البرنامج السياسي لحركة تحرير وطني، خصوصاً في ظل عدم تحقيق التحرر الوطني بعد.

2 – الدين والوطنية في فكر حركتي “فتح” و”حماس”

على الرغم من الفجوة بين الفكر الديني الإسلامي والفكر العلماني، فإن الواقع الفلسطيني الخاص فرض، فيما يبدو، نموذجا لعلاقة إيجابية بين الفكرين العلماني والديني.

وساعد في ذلك أن حركة “فتح” انبثقت أساساً من رحم جماعة الإخوان المسلمين، في ظل انحسار الدور النضالي للجماعة في فلسطين خلال عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وفي إطار توتر العلاقة بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال تلك الحقبة، والتي خضع خلالها قطاع غزة للإدارة المصرية، فكان موقف النظام المصري من جماعة الإخوان في فلسطين مشابهاً لموقفه من جماعة الإخوان الام في مصر، وسادت حالة من الاضطهاد السياسي ضد الجماعة في فلسطين إلى أن احتلت إسرائيل القطاع في سنة 1967، علماً أن الجماعة في القطاع تراجعت عن تبني الجهاد ضد الاحتلال.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة قد شكلت خلال النصف الأول من العقد الخامس من القرن الماضي، عدداً من الخلايا العسكرية، كان من بينها مجموعتين سريتين شكلتا النواة الاولى لعمل جماعة الإخوان العسكري في قطاع غزة، هما كتيبة شباب الثأر والتي كان من بين أعضائها صلاح خلف وأسعد الصفطاوي وسعيد المزيني وعمر أبو الخير ومحمد النونو، وكتيبة الحق والتي كان من بين أعضائها خليل الوزير وحسن عبد الحميد أبو مراحيل وحمد العايدي. ونتيجة لقرار الجماعة تجميد ممارسة العمل المقاوم، قرر عدد من عناصر كتيبتي شباب الثأر والحق على رأسهم خليل الوزير وصلاح خلف وسليم الزعنون سنة 1957 إنشاء تنظيم ثوري عسكري يتجاوز الأطر العقائدية والأيديولوجية الدينية لجماعة الإخوان المسلمين، أي من دون أن يحمل خلفية إسلامية، ويتبني إستراتيجية الجهاد ضد الاحتلال9، فتشكلت حركة فتح عام 1964.

لكن خروج عدد من أبناء جماعة الإخوان المسلمين من تحت العباءة الدينية للجماعة وانخراطهم في المشروع الوطني الفلسطيني وتبوئهم مراكز قيادة في حركة “فتح” يبقي سلوكاً فردياً، إذ إن جماعة الإخوان، التي بقيت تعتبر “فتح” الأقرب إلى فكرها من باقي التنظيمات الفلسطينية الأخرى، عملت بعد هزيمة عام 1967 وانتصار “فتح” في معركة الكرامة سنة 1968 على تأسيس أربعة قواعد عسكرية في الأردن بين 1968 و1970، عرفت بمعسكرات الشيوخ، تحت جناح حركة “فتح” التي لم تتخل فعلياً في انشطة هذه القواعد10.

وفيما لم ترحب الجماعة، بتأسيس حركة “فتح”، إلا أنها لم تعاديها فعلياً، خصوصاً خلال عقد الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، علماً أن حركة “فتح” إستطاعت أن تحصد شعبية ومكانة سياسية على حساب جماعة الإخوان في تلك الحقبة. كما أن حركة “فتح” لم تعادي جماعة الإخوان في فلسطين، ولم تقف موقف عداء من التوجهات الدينية والاجتماعية للجماعة.

لقد أقر المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورتيه السابعة 1970 والثامنة 1971 في القاهرة، أن دولة فلسطينية هي دولة علمانية ذات نظام ديمقراطي برلماني، وأكد إعلان الاستقلال الصادر عن الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني في 15 تشرين الثاني / نوفمبر 1988 علمانية وديمقراطية الدولة الفلسطينية، إلا أن “فتح” تنتمي فكرياً وحضارياً إلى الثقافتين العربية والإسلامية، وتستلهم قيمها الروحية والدينية من الإسلام ومن الأديان السماوية الأخرى، وتؤمن بأن فلسطين أرض مقدسة وأن الانتماء إلى الهوية الفلسطينية لا يتجزء عن الدائرة الحضارية11. كما أن السلطة الفلسطينية تعتبر أن الاسلام هو الدين الرسمي للدولة ودين أغلبية أبنائها، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع12. وتلتزم السلطة الفلسطينية بجميع المناسبات الدينية الإسلامية في مؤسساتها الرسمية، كما تقر دراسة مادة الدين في المنهج الدارسي لجميع مراحل التعليم. فالدولة الفلسطينية العلمانية التي دعت لقيامها منظمة التحرير، تستمد فكرها ومبادئها من الثقافة العربية ـ الاسلامية، التي دعت إليها حركة “فتح”، وبنت السلطة الفلسطينية تشريعاتها على أساسها.

أما حركة “حماس” فتضع الدين إطاراً مركزياً محدداً في فكرها، على أساس أنها ترتبط إرتباطاً أصيلاً بجماعة الإخوان المسلمين، ويشكل إعلان قيامها عام 1987 إمتداداً لحقبة الجماعة في فلسطين، إلا أنها تعتبر نفسها في الوقت ذاته حركة تحرر وطني إسلامي13.

ويتضح عمق المقاربة الدينية لحركة “حماس” من بنود الميثاق الذي أعلنت عنه سنة 1988، فتتخذ الحركة الإسلام كمنهج للحياة، تستمد منه أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها في الكون والحياة والإنسان، واليه تحتكم في كل تصوراتها وتسترشد خطاها. فالله غايتها والرسول قدوتها والقرآن دستورها، والحركة إمتداد للسلف الصالح14. ولا يخلو الخطاب والممارسة السياسية للحركة من التأكيد على ارتباطها الأصيل بالدين،

فإشترطت ضرورة سيادة الإسلام في الحكم والسياسة15، ودعت إلى إقامة دولة إسلامية16. وبقي خطاب الحركة الديني ثابت ولم يتغير على مدار مراحل تطورها، فشكل شعارها “الإسلام هو الحل” رمز برنامجها في انتخابات المجلس التشريعي سنة 2006.

وفيما لم تحكم “حماس” ضمن معايير الدولة الدينية بعد إستيلائها على قطاع غزة في أعقاب الانقسام، إلا أن توجهاتها الدينية بدت واضحة. فتصاعدت تصريحات عدد من قياداتها التي تناولت الدولة الإسلامية والخلافة، وهي مسألة لم تكن تلمح لها الحركة قبل ذلك صراحة. كما سعت “حماس” إلى تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع من دون إجبار أو إكراه، فضيقت الخناق على الطالبات السافرات في المدارس الاعدادية والثانوية التابعة للدولة من دون فرض للحجاب، وسعت للفصل بين الذكور والإناث في المدارس الخاصة المشتركة خصوصاً في المرحلة الاعدادية والثانوية وأيضاً من دون إجبار، كما ضيقت الخناق على المجمعات والنوادي المختلطة مثل جمعية الشبان المسيحية، وفرضت ذلك الفصل في المخيمات الصيفية الامر الذي إضطر وكالة الغوث إلى إلغاء المخيمات الصيفية التي إعتادت على إنشائها. وفرضت الحركة على المحاميات الإناث إرتداء الحجاب أثناء مرافعاتهن داخل جلسات المحاكم، كما وضع المجلس التشريعي قانوناً يدعو إلى ضرورة أن يكون العاملون والمدرسون في مدارس البنات من الإناث. وحطمت الحركة موقعاً رومانياً أثرياً يعود بناؤه إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام، بحجة بناء مركز تدريب عسكري على أنقاضه. وتعاملت “حماس” مع جرائم اختطاف الأجانب في قطاع غزة من قبل جهات ادعت أنها تتبع لتنظيم “القاعدة” بالمفاوضات متلافية الصدام مع تلك الجهات. وتفاوض وزير الداخلية في حينه سعيد صيام، مع الخاطفين لإطلاق سراح الصحافي الأميركي ستيف سنتانا مراسل محطة “فوكس نيوز”، لأن الحركة لم تكن تريد أن تصنف على أنها تعادي تنظيمات وجماعات إسلامية. إلا أن جميع تلك

المظاهر لا تعتبر مظاهر سائدة خلال حقبة حكم حركة “حماس” وإنما بقيت حالات فردية، إذ من الصعب الحكم بأن الحركة حكمت قطاع غزة حسب الشريعية الاسلامية.

وتنظر حركة “حماس” إلى حل القضية الفلسطينية من منظور ديني واضح، فتعتبر فلسطين أرض وقف إسلامي، وترى أن تحريرها وإزالة إسرائيل واجب ديني، رافضة فصلها عن أرض المسلمين، ومؤكدة على أن ما يحدث فيها امتداد للحملات الصليبية والمغولية على الأرض الإسلامية، في محاولة منها لربط الأحداث التاريخية بعضها ببعض. وترفض الحركة فلسفة الصراع المقصور على البعد الوطني فقط، على الرغم من إعتبارها أن الوطنية جزء لا يتجزء عن العقيدة الإسلامية17، ومكون من مكونات الأيديولوجيا الإسلامية، وأحد أبعاد القضية الفلسطينية. وهي مالت إلى توصيف الصراع بأنه حضاري بأبعاد متعددة18، فربطت حل القضية الفسطينية بالشعوب المسلمة من منطلق عقائدي19.

وعلى الرغم من هذا البعد الديني في توجهاتها، إلا أن “حماس” تتبنى الجانب الوطني أيضاً، فهي حركة نشأت أساساً في بداية الانتفاضة الفلسطينية الاولى 198720، كجناح مقاوم لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، يرفض الاحتلال الاسرائيلي وضغوطه21، وذلك خلافاً لحركات الإسلام السياسي الأخرى التي نشأت خارج حدود فلسطين، وتأسست لأسباب دعوية أو إصلاحية سياسية أو اجتماعية. كما تأسست “حماس” قبل أن تتمكن جماعة الاخوان في فلسطين من تحقيق مرحلة أسلمة المجتمع22، والتي يعد إتمامها شرطاً للوصول إلى مرحلة المقاومة في فكر الجماعة. فإذن، الهدف الوطني ميز نشأة حركة “حماس” عن نشأة باقي حركات الاسلام السياسي الاخرى، الأمر الذي يفسر تقديم الحركة وحدة الوطن على وحدة البرنامج23.

يظهر ذلك جلياً عبر إقرار حركة “حماس” بأهمية الأرض، وربطها قضية تحريرها بدوائر ثلاث: فلسطينية وعربية وإسلامية24؛ فالامتان العربية والإسلامية هما العمق الاستراتيجي للمعركة مع العدو

بحسب إعتقاد الحركة، إلا أن الدائرة الفلسطينية هي الدائرة الأولى والأهم.25 وتَعد “حماس” نفسها سنداً وعوناً للاتجاهات الوطنية العاملة في الساحة الفلسطينية من أجل تحرير فلسطين26، حتى اليسارية منها، وتعتبر الحركة جميع الفصائل الفلسطينية شريكة في الساحة الفلسطينية لانهاء الاحتلال وتحرير فلسطين27، وتقر بدور منظمة التحرير في الصراع بحفاظها على كيان الشعب الفلسطيني28.

ويعتبر الاعلان عن جبهة الفصائل العشرة قبل انعقاد مؤتمر مدريد سنة 1991 المفصل التاريخي لميلاد العلاقات التنسيقية بين حركة “حماس” والفصائل اليسارية، بهدف معارضه المؤتمر، على الرغم من عدم وجود أي شكل تنظيمي أو هيكلية قيادية29. وكانت حركة “حماس” المبادرة لتطوير جبهة الفصائل العشرة بعد توقيع المنظمة على إتفاقية أوسلو إلى تحالف القوى بهدف إسقاط الاتفاق بالمواجهة السياسية والإعلامية. وعبر إطار القوى الوطنية والإسلامية شاركت “حماس” مع “فتح” وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى في تبني أجندة وطنية سياسية مشتركة لمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية خلال إنتفاضة الاقصى. كما دعت “حماس” بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية الفصائل الفلسطينية ـ بما فيها اليسارية ـ للمشاركة في حكومة وحدة وطنية برئاستها. وتقوم الحركة بتنسيق عمليات المقاومة مع باقي الفصائل الفلسطينية بما فيها “فتح”، خصوصاً في زمن التصادم والتصدي مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. ويأتي ذلك من منطلق إيمان حركة “حماس” بضرورة التفاعل مع الواقع برؤية إستراتيجية وسياسات تكتيكية، بهدف الانطلاق نحو التحرر بخطى ثابته30.

كما أن حركة “حماس” تراجعت ضمنياً عن إشتراطها تخلي منظمة التحرير عن منهجها العلماني للانضمامها اليها، عندما باتت تركز على البرنامج السياسي للمنظمة واستحقاقاته31، وتطالب بالتزام المنظمة بالديمقراطية وتدعوها للقبول بالتعددية السياسية. وفي هذا السياق اقتصرت شروط “حماس” للانضمام إلى المنظمة سنة 1990 بضرورة تعديل البرنامج السياسي القائم على الاعتراف بإسرائيل

والاقرار بقراري مجلس الأمن 242 و33832، وتقاسم السلطة مع “فتح” في جميع مؤسساتها وأجهزتها. وبعد توقيعها على وثيقة الوفاق الوطني سنة 2006، باتت “حماس” تطالب بتعديل البرنامج السياسي للمنظمة وضرورة اصلاحها وإجراء إنتخابات لمجلسها الوطني. وللتذكير، فإن “حماس” كانت قد دعت في ميثاقها المنظمة إلى التخلي عن علمانيتها كشرط للانضمام إليها33.

إذاً، انحسر تدريجياً الخطاب الايدولوجي الديني الذي شكل بنية ميثاق حركة “حماس”، سواء في مفردات خطاب قيادات الحركة خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، أو بعد قرارها خوض غمار العملية السياسية مطلع الألفية الجديدة، الأمر الذي ينسجم مع التطور الذي لحق بمهام “حماس” من مجرد جناح مقاوم لجماعة الاخوان في فلسطين إلى كونها أصبحت تمثل الواجهة الفعلية لجماعة الاخوان والمسؤولة فعلياً عن وظائفها الأخرى الدعوية والاجتماعية والسياسية. وهو تطور يظهره برنامج الحركة الانتخابي سنة 2006 الذي دعا إلى جعل الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع وليس مصدراً وحيداً للتشريع، الأمر الذي يتفق مع موقف حركة “فتح” والسلطة الفلسطينية أيضاً. كما ان البرنامج خلا من المبالغة بالإشارات الدينية، فبعد أن ضم ميثاق الحركة 45 آية، اكتفى البرنامج بالاستشهاد بست آيات قرآنية فقط.

وتضع “حماس” الأولوية للتحرير على إقامة الدولة الاسلامية، فإقامة الثانية تأتي كثمرة ونتيجة للأولى34، لذلك لا تعتبر الحركة أن من أولوياتها التفكير في طبيعة الدولة الفلسطينية الناشئة35، وهو الأمر الذي يميزها أيضاً عن غيرها من حركات الاسلام السياسي التي تعتبر إقامة الدولة الاسلامية أهم أولويتها وأسمى أهدافها. كما أن “حماس” أكدت عدم سعيها إلى إقامة إمارة أو كيان إسلامي بعد الإنسحاب الاحادي الجانب للاحتلال من قطاع غزة سنة 2005، معتبرة أن ذلك الانسحاب لا يخرج عن مجرد خطوة في طريق تحرير كل فلسطين36.

إلا أن ذلك لا ينفي تطلع الحركة إلى إقامة الدولة الاسلامية، لكن تبقى طريقة الوصول إلي الدولة في فكر “حماس” أقرب إلى المنظور الغربي منه إلى الرؤية الإسلامية عموماً، في مقاربة متقدمة تعد فيها الحركة الأسبق بين أقرانها. فحتى بعد الوصول إلى التحرر، لم تدعُ “حماس” إلى فرض الدولة الإسلامية في فلسطين بالقوة، وقد اعتبرت في سنة 1989 أن الحكم في فلسطين يجب أن يقوم حسب رأي الاغلبية بعد عودة جميع من هُجّر منها، وإقامة دولة ديمقراطية متعددة الاحزاب، تؤول السلطة فيها لمن يفوز في الانتخابات37 فالشعب هو من يحدد طبيعة الدولة الفلسطينية، والديمقراطية هي الحكم بين الفصائل الفلسطينية38. ونادت الحركة في سنة 1990 باقامة دولة إسلامية يعيش فيها اليهود كمواطنين39، بما يتقاطع مع رؤية حركة “فتح” للدولة الفلسطينية في أوائل السبعينيات من القرن الماضي40، مع إختلاف نوع الحكم. مبادئ أعاد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة التأكيد عليها سنة 1994، في ظل تأكيد الحركة ضرورة سيادة نظام سياسي ديمقراطي يعتمد على الشوري ويقوم على التعددية السياسية41. وأصبحت الحركة بعد نجاحها في إنتخابات المجلس التشريعي سنة 2006 وتشيكلها الحكومة تدعو إلى دولة فلسطينية مستقلة، حتى أنه غاب عن خطابها طبيعة نظام الحكم فيها.

ويصف أحد قيادت “حماس” حركته بأنها أكبر حركة شورى بالمفهوم العصري، تؤمن بالانتخابات في مؤسستها بشكل مطلق، وتمارسها من القاعدة إلى القمة داخلياً وخارجياً42. وتأخذ حركة “حماس” قرارتها عبر عملية صنع قرار دقيقة بالتشاور بين قياداتها الموزعين في عدة مواقع جغرافية ما بين قطاع غزة والضفة الغربية والسجون والخارج، الأمر الذي يفسر البطئ والحرص والدقة في إتخاذ قراراتها. فبالاضافة إلى تشتت مواقع قياداتها وأصحاب القرار فيها، تبقى “حماس” حركة مقاومة تعتمد السرية في تحركاتها في ظل تربص الاحتلال وأعداء الحركة بها. وقد ساعدت تلك الآلية في إتخاذ القرار، تجاوز الحركة الكثير من الخلافات التي عادة ما تنشأ في ظل ظروف قيادة مشتتة، تضع الاعتبارات الجيوسياسية في حساباتها بما

يخلق أحياناً التناقضات بينها. وتأثرت لجنة التوجيه في قطاع غزة التي كانت تعمل بقيادة مؤسس الحركة وزعيمها أحمد ياسين، وتعتبر مركز رئيسي في صنع قرار الحركة، وتعكس آراء أعضاء اللجنة السياسية في الداخل، بعد إغتيال ياسين ونائبه عبد العزيز الرنتيسي والكثير من قياداتها. فأنتقل مركز صنع القرار من الداخل إلى الخارج مما أثر على معادلة صنع القرار في “حماس”، إلا أن الحركة تبقى ملتزمة باتخاذ قراراتها بالتشاور بين جميع قياداتها الموزعة في جميع المواقع رغم الظروف العصيبة التي تمر بها.

ويوضح عدد من المواقف التي صدرت عن الحركة، مدى الدور الذي تلعبه الشورى في إتخاذ القرارات، فخلال جلسات المفاوضات بين حركتي “فتح” و”حماس” لوضع محددات لبرنامج سياسي لحكومة الوحدة الوطنية في سنة 2006، اضطر إسماعيل هنية تحت ضغط حركة “فتح” الموافقة على المحددات من دون الرجوع إلى حركته، إلا أنه في اليوم التالي أعلن تراجعه عن عدد منها، وتذرع بأنه جرى التوقيع على تلك المحددات من دون إجراء المداولات الكافية. كما عارضت قيادات “حماس” في غزة توقيع خالد مشعل على إعلان الدوحة، واتهمته بأنه ووقع إعلان الدوحة بقرار منفرد، فظهرت خلافات حركة “حماس” إلى العلن لأول مرة، وتعثر إعلان الدوحة ولم ينجح رئيس المكتب السياسي للحركة بفرض إرادته.43

ولا تختلف رؤية حركة “فتح” تجاه سيطرة الجانب الوطني على فكرها عن رؤية “حماس”، أو حتى الفصائل الفلسطينية الأخرى. فقد بني فكر “فتح” على أساس أنها حركة تحرر وطني تمثل مختلف طوائف وطبقات وقطاعات الشعب الفلسطيني، وفتحت الباب أمام مختلف تيارات النهضة العربية الحديثة الاسلامية والقومية واليسارية، لتنصهر جميعاً في بوتقتها الجامعة، بهدف تأسيس فكر وطني ثوري فلسطيني، يُرد إلى أصله الفكري العربي ـ الإسلامي. وتعتبر “فتح” الشعب الفلسطيني شعب واحد لا يتجزء، ووحدته الوطنية سر قوته، كما تعتبر الوحدة مرتكزاً إستراتيجياً لها.44 وعلى الرغم من أن فكر حركة “فتح” يقوم على أساس علماني بينما فكر “حماس” هو ديني، إلا أن كلا الفكرين محكوم بالثقافة والحضارة

العربية ـ الإسلامية، وبانتماء وطني فلسطيني وحيد يصهر في مضمونه السياسي جميع الانتماءات الفكرية، ضمن إتفاق مشترك على سيادة القيم الديمقراطية كمحدد بنيوي لمفاصل السياسة الفلسطينية الداخلية. فالسياق الذي ميز الحالة الفلسطينية أنتج تقاطعات فكرية متجلية بين فكري الحركتين في مفاصل رئيسية عديدة، بحيث باتت مراكز الالتقاء الفكري بين الحركتين أكبر من مكامن الافتراق.

3 – التحرر وحدود الوطن في فكر حركتي “فتح” و”حماس”

عند نشأتها، شددت حركة “فتح” على أن فلسطين جزء من الوطن العربي، وأن الشعب الفلسطيني صاحب السيادة على جميع أرضه، واعتبرت أن الوجود الاسرائيلي في فلسطين غزو صهيوني عدواني قاعدته إستعمارية توسعية. ورفضت الحركة جميع القرارات التي صدرت عن هيئة الامم المتحدة أو مجموعة من الدول أو أية دولة منفردة بشأن فلسطين تهدد حق الشعب الفلسطيني في وطنه واعتبرتها باطلة ومرفوضة. وسعت “فتح” إلى تحرير كامل فلسطين وتصفية الكيان الصهيوني إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً، وإقامة دولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، رافضة جميع الحلول السياسية المطروحة كبديل عن تصفية الكيان الصهيوني45. وبقيت هذه المبادئ محدداً أصيلاً لتوجهات الحركة الفكرية طوال العقد الأول من تأسيسها، وذلك تبعاً لما حددته البرامج السياسية لمؤتمرات الحركة: الأول، والثاني، والثالث، والرابع.

لكن اعتباراً من المؤتمر الخامس في سنة 1989 بدا التغير واضحاً في موقف “فتح” تجاه حدود الوطن بالقبول بوطن على حدود عام 1967. وجاء ذلك التغير منسجماً مع تبدل موقف منظمة التحرير الفلسطينية التدريجي، والذي بدء باقرار برنامج النقاط العشر المرحلي سنة 1974، والقائم في جوهره على أساس القبول باقامة سلطة وطنية فلسطينية على أي جزء من الأراضي الفلسطينية التي يتم تحريره، لكن

من دون اعتراف بالقرار 242 أو التنازل عن هدف تحرير الأرض الفلسطينية بما فيها تلك التي احتلت سنة 194846، إلا أن وثيقة الاستقلال والدولة في الجزائر سنة 1988، بيّن عن استعداد منظمة التحرير للتنازل عن الجزء الأكبر من فلسطين، مقابل إعلان الدولة الفلسطينية في حدود الاراضي التي احتلت عام 1967 فقط، وفي اطار تسوية سياسية مع إسرائيل، تقوم على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338، وهو الأمر الذي ترجمته منظمة التحرير عملياً بعد ذلك بتوقيعها على إتفاقية أوسلو في 1993.

مثله مثل منطلقات “فتح” قام فكر حركة “حماس” السياسي على عدم جواز التفريط أو التنازل عن أرض فلسطين التي إحتلت سنة 1948، أو أي جزء منها47، فهي أرض غير قابلة للتجزئة والتقسيم48، وهي حق للشعب الفلسطيني من البحر إلى النهر49، بشمالها وجنوبها وبسواحلها وجبالها وبحرها ونهرها50. وتعتبر الحركة أن تحرير فلسطين بجميع أجزائها، بما فيها ذلك الجزء الذي احتل سنة 1948، حق لا يزول بالتقادم ولا يبطل ذلك الحق أي إجراء عسكري أو قانوني51. وبقي موقف حركة “حماس” من التحرر وحدود فلسطين ثابتاً لم يتغير، وشكل موقفاً مبدئياً، وإستراتيجية ثابته في فكر الحركة السياسي52، وفي تصريحات قياداتها، كما أعاد البرنامج الانتخابي لقائمة “التغيير والإصلاح” الممثلة للحركة في إنتخابات المجلس التشريعي سنة 2006 التأكيد عليه.

لكن تلك المحددات لحركة “حماس” لم تكن جامدة، إذ كان قد تحدثت مع بداية تأسيسها وقبل اطلاق ميثاقها وبعد نشر بيانها التأسيسي بأشهر قليلة،، عن تحقيق هدفها بالتحرر على المدى المتوسط والبعيد، بما يسمح بامكانية حل مرحلي. فقد وافق مؤسسها أحمد ياسين خلال مقابلة معه في سنة 1988، بدولة فلسطينية على أي جزء يتحرر من فلسطين53، كما أن الحركة أكدت، مع قبولها بذلك، عدم التنازل عن الاجزاء الباقية54، أو التخلي عن هدف تحرير كامل الأرض المحتلة55، أو الاعتراف بالقرار 242 56، أو

الاعتراف بإسرائيل، في تطابق مع الحل المرحلي ذي النقاط العشر التي أعلنت عنه منظمة التحرير سنة 1974.

واعتبرت “حماس” أن قبولها بدولة فلسطينية في الضفة الغربية والقطاع يعد مرحلة أولى57، من مراحل التحرر، مشترطة أن يتم تفكيك جميع المستوطنات ورحيل المستوطنين من تلك الدولة الفلسطينية58، سواء انسحب منها العدو كرهاً أو طواعية، بما يتفق ضمنياً مع قرار مجلس الأمن 242، وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضهم التي هجروا منها بما فيها تلك التي احتلت سنة 194859، وذلك بما يتفق ضمنياً أيضاً مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194. وتزامن طرح ياسين للحل المرحلي مع مشروع تقدم به القيادي في حركة “حماس” محمود الزهار سنة 1988، يقوم على أساس حلين أول معجل وآخر مؤجل، ويقوم الحل المعجل فيه على أساس وضع الأراضي التي ستنسحب منها إسرائيل وديعة في يد الأمم المتحدة60، بما يعد إقراراً ضمنياً بالمكانة التي تحملها الحركة لتلك المؤسسة الدولية.

وعلى الرغم من وصف “حماس” وثيقة الاستقلال بأنها بمثابة انحراف عن المسار الوطني، وبقيت ترفض توجه المنظمة الصريح للاعتراف بإسرائيل، مقابل السماح لها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على جزء من أرض فلسطين61، إلا أن تبني “حماس” حلاً مرحلياً للتحرر، يُعد تقاطعاً مع مقاربة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية التي تقودهما “فتح” والتي تقوم على أساس قراري 242 و338، إذ أن كلتا الحركتين تسعيا إلى تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، مع تمسك “حماس” بالسعي لتحرير باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة وتحقيق الحل الدائم وعدم الاعتراف بالكيان المحتل.

وشكل توقيع “حماس” على وثيقة الأسرى للوفاق الوطني تطوراً آخر باتجاه تقارب التوجهات السياسية بين الحركتين إزاء إقامة الدولة الفلسطينية في حدود أراضي 1967 فقط، كحل نهائي وليس كحل مرحلي. وتقوم الوثيقة على أساس برنامج سياسي مشترك، ينسجم مع مقاربة “فتح” لحل القضية

الفلسطينية، عبر السعي لاقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود 4حزيران 196762، ومن دون الإشارة إلى هدف تحقيق الحل الدائم. وبررت “حماس” توقيعها على وثيقة الوفاق بأنه جاء في سبيل في توحيد الاستراتيجية الفلسطينية بين جميع القوى الفلسطينية، بما يشكل أساساً لبرنامج حكومة وحدة وطنية63. ويُعد توقيع “حماس” على وثيقة الأسرى تغيراً مهماً طرأ على توجهات الحركة ومواقفها السياسية، وأسّس لبداية مرحلة جديدة في فكرها السياسي.

وبعد نجاح “حماس”في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة، لم يتطرق البرنامج السياسي لتلك الحكومة إلى الحل الدائم الذي تقوم عليه مقاربة الحركة للدولة الفلسطينية وحدودها64، وتكرر الأمر نفسه في برنامج حكومة الوحدة الوطنية الحادية عشر التي تشكلت برئاسة الحركة. وبات بعض قيادات الحركة يعتبر أن فلسطين ملك للفلسطينيين تاريخياً65. وبالتالي فالحركة مستعدة للقبول بأي حل يقر به الشعب الفلسطيني في استفتاء عام، وفق خالد مشعل الذي برر هذه المرونة بمقتضيات الواقع، على أساس أن الواقع والمتغيرات السياسية يمكن أن تساهم في حدوث تغيير في الموقف السياسي66. لقد دفعت تلك المواقف البعض لاتهام “حماس” بأن حلها المرحلي لم يعد مرحلياً، وأن مشروعها السياسي انتهى مثلما انتهى قبل ذلك بحركة “فتح” إلى السلطة67.

لكن هذا التلاقي لم يقد نحو اتفاق الحركتين على برنامج سياسي مشترك خلال جولات المصالحة المتعددة.

ومن المعلوم أن اللجنة الرباعية الدولية تشترط ضرورة اعتراف “حماس” بإسرائيل ونبذ المقاومة والاقرار باتفاقات السلطة مع إسرائيل، حتى يتم الاعتراف بها أو بأي حكومة تمثلها أو تشارك فيها أو تشارك في تشكيلها. ويشترط الرئيس محمود عباس أن يلتزم البرنامج السياسي للحكومة ببرنامجه السياسي، والذي يقوم على أساس الإقرار بشروط الرباعية الدولية، على اعتبار أنه المخول بتشكيل الحكومة

دستورياً68.

وفيما ترفض “حماس” الاعتراف بإسرائيل، لكنها تقر بوجودها على أساس أنها حقيقة، موجودة على أرض الواقع69، لكن من دون أن تعترف الحركة بشكل رسمي بهذا الوجود، بحجة أن الاعتراف بوجود إسرائيل ينفي الحق الفلسطيني على الاراضي التي تحتلها سواء كان ذلك أراضي 1948 أو 1967. وتشترط “حماس” للاعتراف بإسرائيل، بأن تقر الأخيرة أولاً بحق الشعب الفلسطيني في دولة فلسطينية على حدود 196770، وتلبية مطلبه باقامة دولته المستقلة71. ورغم ذلك تؤكد الحركة أنها ستحترم أي خيار ديمقراطي حتى ولو كان الاعتراف باسرائيل.72

وترفض “حماس” التخلي عن المقاومة العسكرية، بحجة أن الاحتلال لم ينته، وتبقى المقاومة العسكرية حق مشروع طالما بقي الاحتلال موجوداً.

وتعتبر “حماس” أن اتفاقية أوسلو من أخطر مشاريع التسوية التي طرحت، ليس فقط بسبب مضمونها المقر بشرعية السيادة الإسرائيلية على كل فلسطين، وتطبيع العلاقات الاسرائيلية ـ العربية، وإنما لأن ذلك تم برضا وموافقة الطرف الفلسطيني73. فاتفاقية أوسلو سمحت للاحتلال بالادعاء قانونياً بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 أرض متنازع عليها، وهو ما سعى الرئيس عباس لتغييره بعد ذلك سواء بذهابه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2012 لتحقيق إعتراف دولي بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، أو بمساعيه للذهاب إلى مجلس الامن للغاية نفسها، أو بدعوته لانعقاد مجموعة الدول السامية في جنيف للاقرار بواقع الاحتلال الاسرائيلي وسريان بنود إتفاقيات جنيف التي تضمن حماية حقوق الانسان الاساسية خلال الحروب، على الأراضي الفلسطينية المحتلة74.

وتعددت المحاولات للتغلب على عدم إتفاق الطرفين على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، خلال جلسات الحوار حول الورقة المصرية في 2009، إلى أن تم التوصل في المفاوضات التي سبقت

اتفاق القاهرة سنة2011 على تشكيل حكومة وفاق وطني بدل حكومة وحدة وطنية، تتكون من تكنوقراط أو مستقلين، ذات صلاحيات إدارية، تسمي “حماس” فيها بعض الوزراء من دون أن تشارك فيها75، باعتبار أن ذلك يسمح لها بالتمسك بمبادئها، دون أن تتخلى عن شراكتها السياسية في السلطة الفلسطينية. وفي الدوحة في 2012 توافقت “حماس” و”فتح”، فيما يعرف باتفاق الدوحة، على أن يتولى الرئيس عباس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، لتخطي خلاف الطرفين حول شخص رئيس الوزراء، ونجح إتفاق الشاطئ سنة 2014 في تشكيل حكومة وفاق وطني76، برئاسة شخصية توافقية77، هو رامي الحمد الله، ومن دون إعتراض من قبل الحركة على تصريحات الرئيس بأن الحكومة تحمل برنامجه السياسي كما جرى في السابق78.

إلا أن إتفاق الشاطئ لم ينجح في توحيد برنامج الحكومة السياسي، ولم يحقق مصالحة حقيقية بين الطرفين، فلم تفعل ملفات منظمة التحرير أو المجلس التشريعي79، ولم تنجز لجنة الحريات في عدد من القضايا شيئاً حقيقيا وبقيت عن حدود مبادرات حسن نوايا. فحركة “حماس” تعتبر حكومة الوفاق حكومة إجماع وطني، وأن الاطار القيادي المؤقت هو المخول بالموافقة على برنامجها السياسي وإقراره، وليس الرئيس. كما طالبت حركة “حماس” بضرورة نيل الحكومة الثقة حسب الاصول الدستورية من قبل المجلس التشريعي تشكيلة وبرنامجاً، وعبرت عن ذلك الموقف صراحة خلال إتفاق القاهرة سنة 2011 80. كما جاء تأكيد حركة “حماس” خلال إتفاق الدوحة عام 2012 على ضرورة إلتزام الحكومة بما جاء في الورقة المصرية التي لم تتطرق إلى شروط الرباعية81، بما يتناقض مع موقف الرئيس عباس في حينه والذي أكد التزام الحكومة بتلك الشروط، وجميعها تعد قضايا محورية لم يقدم إتفاق الشاطئ حلاً لها.

ويبدو واضحاً أن التوافق الوطني بين الفصائل الفلسطينية على رأسها حركتا “فتح” و”حماس” تم بالفعل عبر وثيقة الأسرى، وعلى أساس دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة

1967. كما أن إلزام الفصائل المشاركة بالحكومة بالاقرار بشروط الرباعية الدولية، في ظل عدم تحقيق الاستقلال وعدم إلزام إسرائيل بالاقرار بشروط موازية، وفي ظل الإقرار بها من قبل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، يعد تدخلاً خارجياً في صميم السياسة الداخلية الفلسطينية ويحتاج إلى مراجعات. كما يشكل عدم اقرار حركة “حماس” بشروط الرباعية، عامل توازن ودعم للموقف الفلسطيني التفاوضي، في ظل المماطلة الإسرائيلية.

4 – أدوات تحرير الأرض في فكر حركتي “فتح” و”حماس”

يشكل التجاذب الحاد ما بين المقاومة والعملية السلمية كأدوات لتحقيق مقاربة التحرر، في فكر كل من حركتي “فتح” و”حماس”، أهم مظاهر الخلاف بينهما، في ظل اتفاقهما على هدف تحقيق التحرر، والاتفاق الضمني على حدود الوطن. إلاّ أن تبني العمل بتلك الأدوات لتحقيق التحرر لم يبق ثابتاً في توجهات ومواقف كل من الحركتين في ظل التطورات السياسية الدولية والإقليمية والمحلية التي أحاطت بالقضية الفلسطينية عموماً، مما يسمح بإعادة قراءة حدود الخلاف بين الحركتين حول تبنيها لهاتين الأداتين:

أولا: المقاومة. تبقى المقاومة مكوناً رئيساً من مكونات البرنامج السياسي للفصائل الفلسطينية المتعددة، لأنها جميعاً نشأت كحركات تحرر وطني من الاحتلال الاسرائيلي الذي لم يرحل بعد. ومنذ نشأتها اعتبرت حركة :فتح” أن الثورة الشعبية المسلحة هي الطريق الحتمي والوحيد لتحرير فلسطين، وأن الكفاح المسلح لن يتوقف إلا بالقضاء على الكيان الصهيوني وتحرير كامل الأرضي الفلسطينية82. وبقي الكفاح المسلح من منظور “فتح” استراتيجية وليست مجرد تكتيك منذ نشأتها وحتى نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي اتضح من خلال مؤتمراتها: الأول والثاني والثالث والرابع83. إلا أن

البرنامج السياسي لمؤتمر الحركة الخامس سنة 1989 تحدث على أشكال النضال الأخرى إلى جانب العمل المسلح كسبيل لتصفية الاحتلال84، وقد ساعد ذلك منظمة التحرير على خوض غمار عملية سلمية لتحقيق التحرر. وكانت منظمة التحرير بدأت تعديل توجهها وبشكل تدريجي، باقرارها برنامج النقاط العشر سنة 1974، الذي نظّر لإمكانية تحقيق التحرر على مراحل، وذلك عقب حرب 1973. كما أصدرت المنظمة وثيقة التحرير وإعلان الدولة سنة 1988، وذلك عقب الهزيمة التي لحقت بالفلسطينيين في لبنان وانسحاب المنظمة منه سنة 1982. وبعد توقيع المنظمة على اتفاقية أوسلو تسلمت “فتح” قيادة السلطة الفلسطينية أيضاً، ونبذت المقاومة المسلحة تلبية لشروط الاتفاق، وبدلت معظم بنود ميثاق منظمة التحرير في 1997 لتنسجم مع الدور الجديد للحركة والمنظمة والسلطة. فمن بين 32 مادة هي جميع مواد الميثاق، الغت المنظمة12 مادة بالكامل، بينما حذفت مقاطع من 16 مادة، ويبدو أن المنظمة اكتفت بالاحتفاظ باسم الدولة وعلمها ونشيدها في المواد الأربعة المتبقية والتي لم يطلها التعديل.

وعلى الرغم من تأكيد “فتح” في البرنامج السياسي لمؤتمرها السادس سنة 2009 أن حق الشعب الفلسطيني في ممارسة الكفاح المسلح يبقى حقاً ثابتاً طالما بقي الاحتلال جاثماً، إلا أن الحركة أوضحت أنها لجأت إلى هذا الحق في الماضي، وأنها تمارس في الوقت الراهن أدوات متنوعة من النضال تشمل السلمي والسياسي والإعلامي والدبلوماسي والقانوني والمفاوضات، في ظل تمسكها بخيار السلام، وصعوبة تبنيها طريق الكفاح المسلح في هذه المرحلة. وساقت “فتح” في برنامج مؤتمرها السادس العديد من المبررات لعدم تبنيها مواصلة العمل بالكفاح المسلح، منها: ضرورة الأخذ في الاعتبار القدرات الذاتية والجماهرية والأوضاع الداخلية والخارجية وحساب معادلات القوة وضرورات الحفاظ على الحركة، ومدى قدرة الشعب على الثورة والصمود والاستمرارية85، وهي مبررات تتناقض مع مبرر نشأة الحركة والقائم على

إنهاء الاحتلال، ويعكس حقيقة أن “فتح” باتت تمثل الحزب الحاكم في السلطة، وتضع الحسابات والمعادلات السياسية والدبلوماسية والقانونية أساساً لعملها.

أمّا تبني “حماس” المقاومة المسلحة منذ تأسيسها في سنة 1987، أمر مكنها من تبوء مكانة ونفوذاً في ساحة العمل السياسي الفلسطيني، لم تنجح جماعة الاخوان في فلسطين في تحقيقها طوال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وإستطاعت “حماس” من خلال تلك الشعبية، منافسة “فتح” طوال العقد التاسع من القرن الماضي، بل والتفوق عليها شعبية بفوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006.

ويتضح مدى إيمان حركة حماس باستراتيجية المقاومة من خلال مواد الميثاق وبيانات الحركة والخطاب السياسي لقادتها، حيث تعتمد الحركة أسلوب المقاومة المسلحة للجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي. ويظهر تبني حركة “حماس” الكفاح المسلح، في استراتجيتها ومن خلال خطاب قادتها، إذ تعتبر أن المقاومة والجهاد واجب مقدس، وفرض عين على كل مسلم في مواجهة اغتصاب اليهود لأرض فلسطين86، على اعتبار أن الجهاد والحشد وتعبئة طاقة الأمة سبيل وحيد لتحريرها87، حسب اعتقاد الحركة. لكن الحركة تتبنى أسلوب الجهاد لمقاومة الاحتلال88، بمعناه الواسع الذي لا يقتصر على حمل السلاح ومنازلة الأعداء، فالكلمة الطيبة والمقالة الجيدة والكتاب المفيد والتأييد والمناصرة، من بين أشكال الجهاد التي تقر بها الحركة، مع ترجيحها طريق المقاومة المسلحة لدحر الاحتلال وتحقيق التحرر الوطني89، على أساس أن العمل العسكري يعد إستراتيجية ثابتة، والتغيير يمكن أن يكون في الادوات والتوقيت فقط90. وتعتبر الحركة أن الانتفاضة الفلسطينية سنة 1987 ساهمت في إبراز الواقع التفاوضي والوصول إلى اتفاق أوسلو في النهاية، كما أنها أجبرت إسرائيل على الانسحاب من قطاع غزة كخطوة أولى، في تنفيذ إتفاقية أوسلو بالتزامن مع الانسحاب من مدينة أريحا، كذلك فرضت المقاومة على إسرائيل تنفيذ خطة فك الارتباط أحادي الجانب مع قطاع غزة في آب / أغسطس 200591.

ولم تقتصر نتائج تنبي “حماس” المقاومة المسلحة كاستراتيجية لها، على تبوئها مركزاً تقدمت فيه على “فتح” في الساحة الفلسطينية، إنما استعادت مكانة جماعة الإخوان المسلمين التي تخلت عن الكفاح المسلح في نهاية خمسينيات القرن الماضي، بعدما كانت قد أولت جل إهتمامها للقضية الوطنية والدفاع عن فلسطين قبل وبعد النكبة في 1948. فقد اهتمت الجماعة بالعمل الجهادي ومقاومة الاحتلال منذ نشأتها في نهاية العقد الثالث من القرن الماضي، والتي ارتبطت بحركة المقاومة التي قادها الشيخ عز الدين القسام سنة 193692، وذلك على حساب القضايا الدعوية والاجتماعية التي توليها جماعات الاسلام السياسي اهتماماً أكثر، عموماً. فقد شاركت جماعة الاخوان في القتال في حرب فلسطين سنة 1948 ليس فقط تحت جناح الجماعة الأم ضمن الجبهة المصرية، وإنما أيضاً على الجبهات الداخلية الفلسطينية. كما نظمت الجماعة في فلسطين عدداً من الخلايا العسكرية خلال النصف الأول من عقد الخمسينيات، وتبنت العمل العسكري لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة سنة 1956. فحققت الجماعة في فلسطين مكانة وشعبية تفوقف فيها على أقرانها من حركات المقاومة الفلسطينية التي ظهرت في تلك الفترة. وخلال النصف الثاني من عقد الخمسينات من القرن الماضي، تراجعت جماعة الاخوان المسلمين الفلسطينيين عن تبني إستراتيجية المقاومة، وذلك في سياق تصادمها مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر. فاحتلت “فتح” بتبنيها استراتيجة المقاومة، مكانة الجماعة شعبياً في فلسطين، خصوصاً خلال العقدين السادس والسابع من القرن الماضي.

ولم تنشأ حركة “حماس”، كجناح من أجنحة الإخوان المسلمين، بمعزل عن المراجعات الفكرية التي قامت بها الجماعة في فلسطين بهدف عودتها إلى إستراتيجة المقاومة في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي. وجاءت تلك المراجعة الفكرية للجماعة في أعقاب تراجع الضغط عليها في مصر، خلال حقبة الرئيس أنور السادات، وتطور علاقتها السياسية إيجابياً مع النظام المصري. كما شكل تصاعد مكانة

المقاربة الاسلامية بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، على حساب المقاربات المقابلة (القومية والاشتراكية) والتي خبت حدتها في تلك الفترة، عاملاً من عوامل تلك المراجعات. لكن العامل الأبرز في المراجعة الفكرية لجماعة الإخوان، جاءت بسبب انفصال جناح من داخلها في فلسطين وتشكيلها فصيلاً مقاوماً أطلق عليه اسم “حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين”، وهو أمر مثل خطورة على مستقبل الجماعة، أكبر من ذلك الخطر الذي شكله تأسيس “فتح” قبل ذلك، لأن “الجهاد” حملت منهج جماعة الاخوان الديني وفي نفس الوقت تبنت استراتيجية المقاومة.

لقد جاء تأسيس حركة “حماس” في سياق برنامج متعدد المراحل وضعته جماعة الإخوان في فلسطين، بدأ بالاعلان عن إنتقال عمل جماعة الاخوان إلى مرحلة الاعداد والتنظيم والحشد مع نهاية العقد السابع من القرن الماضي، ثم مشاركة الجماعة في التظاهرات والاحتجاجات والاضرابات ضد الاحتلال، واقتنائها وتخزينها للسلاح في إطار لا ينفصل عن ذلك البرنامج، وتأسيسها في سنة 1981 مجموعة مقاومة أطلق عليها “أسرة الجهاد” داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، بقيادة عبد الله نمر درويش. كما شكل أحمد ياسين جهازاً عسكرياً في سنة 1982 أطلق عليه اسم “المجاهدين الفلسطينيين”، ونفذ عدداً من العمليات العسكرية ضد الاحتلال، وأعادت الجماعة تفعيله سنة 1985، بعد الافراج عن أحمد ياسين الذي اعتقل في 1984 بتهمة إقتناء السلاح، وأوكلت مهمة قيادة الجماعة إلى صلاح شحاته. وكذلك أسس ياسين في سنة 1986 جهازاً أمنياً أطلق عليه اسم منظمة “الجهاد والدعوة ـ مجد”، وأوكل مهمة قيادته إلى يحيى السنوار. وينفصل عمل الجهاز هذا عن الجهاز العسكري لكن يعمل بالتنسيق معه93. وأكد خالد مشعل أن جماعة الإخوان بدأت العمل على إنشاء حركة “حماس” كذراع مقاوم94، في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، بالتنسيق بين كوادر الجماعة سواء في الداخل الفلسطيني المحتل على رأسها أحمد ياسين، و بين خارج فلسطين (الكويت) بمشاركة مشعل95. كما اعتمدت حركة حماس عند

نشأتها إعلامياً وعسكرياً وأمنياً على أجهزة جماعة الإخوان. وقد برزت مكانة “حركة المقاومة الاسلامية” (“حماس”) وشعبيتها خلال فترة محدودة زمنياً، بسبب قيامها بالأدوار السياسية والاجتماعية والدينية للجماعة، فضلاً عن دورها المقاوم. وربما يفسر هذا سبب قصور ميثاق حركة “حماس” في تأصيل فكر وممارسة الحركة، ويبرر الدعوات المختلفة بضرورة تعديله، إذ جاء الميثاق في الأساس ليؤصل لفكرها كجناح من أجنحة الجماعة، ولم يأخذ في الاعتبار تطور المهام المتعدده والمتكاملة الأركان للحركة.

لم تتراجع حركة “حماس” عن إستراتيجية المقاومة عموماً، حتى بعد إنخراطها في إطار السلطة الفلسطينية على الرغم من المحاولات الكثيرة لحثها على التخلي عن سلاح المقاومة وجهاز الحركة العسكري “عز الدين القسام” الذي انشأته سنة 1991. لكن لا بد من ملاحظة أن موقف “حماس” من المقاومة لم يبق ثابتاً وشهد تغيراً تدريجياً ومرّ بعدد من المحطات، ما تسبب باتهامها بأن مواقفها باتت تشبه كثيراً مواقف حركة “فتح” خصوصاً بعد وصولها إلى السلطة. وجاء التحول الأول والمبكر في موقف “حماس” من المقاومة، عندما ربطت استراتيجية مقاومتها للاحتلال بموقفها السياسي القائم على أساس قبولها بالحل المرحلي مقابل الهدنة، وذلك انسجاماً مع الدور الشامل الذي بدأت تلعبه، وعدم انحسار دورها على الجانب المقاوم فقط. وكان أحمد ياسين أول من بلور مفهوم الهدنة مع إسرائيل96، باعلانه عن استعداد الحركة التوقيع على إتفاق هدنة لمدة عشر أو عشرين سنة مقابل انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة إلى حدود 196797، وبررت الحركة دعوتها لوقف المقاومة في مقابل انسحاب قوات الاحتلال من الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، بأنها سبيل للخروج من الاوضاع الإقليمية المعقدة98.

وبررت “حماس” الهدنة بأنها تأتي في إطار النزاع حول الحقوق99، بما يضمن احتفاظ الشعب الفلسطيني بحقه في المطالبة باستعادة وطنه، وعدم الاعتراف بإسرائيل، أو السلام معها، أو الاعتراف

بالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية أو التنازل عن ثوابت الحركة الفكرية100. وتعني الهدنه بحسب الحركة بأنها تجميد الوضع القائم دون الإقرار به، لحين تغير موازين القوى، وبناء عليه قبلت الحركة بوقف للقتال مع إحتفاظها بموقفها، ومن دون إقرار بموقف الطرف الآخر101 أو بالامر الواقع102 . فالهدنة، بحسب الحركة، لا تأتي نتيجة ضعف أو هزيمة أو تراجع، إنما فرصة لالتقاط الانفاس103. وفيما نظّرت “حماس” للهدنة بأنها تكتيك، يستند على أساس شرعي مثبت في السنة المحمدية (صلح الحديبية)، في سبيل حماية الحركة، ولمدة محددة وليس تأبيناً104، إلاّ أن ذلك مثّل تحولاً عن فكر الحركة في ما يتعلق بالمقاومة105.

وبالفعل التزمت حركة “حماس” بتجميد عملياتها العسكرية، وحصرت مقاومتها للاحتلال في حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وتعهدت بعدم إستهداف المدنيين الاسرائيليين106، وذلك ضمن إتفاق ضمني، خلال أول حوار رسمي شاركت فيه الحركة مع السلطة الفلسطينية في سنة 1995107. كما وافقت الحركة على تهدئة خلال إنتفاضة الأقصى، جاءت بمبادرة من الادارة الاميركية، بعد أسبوع فقط من أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001. إلا أن التحول الفعلي في مفهوم الهدنة لدى “حماس” جاء في 2003 عندما وافقت رسمياً، وللمرة الاولى منذ تأسيسها، ومع حركات فلسطينية أخرى منها “حركة الجهاد الإسلامي”، على هدنة مع إسرائيل لمدة ثلاثة شهور108، ليس لأن ذلك الاتفاق جسد مفهوم الهدنة عملياً في سياسة حركة “حماس”، بل لأن تلك الهدنة تخطت التنظيرات الفكرية لقيادات الحركة والتي إشترطت أن تأتي الهدنة مقابل إنسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، فأصبحت المعادلة: هدنة مقابل وقف لتبادل إطلاق النار، لا تلتزم به إسرائيل في أغلب الأحيان. إلاّ أنه من الصعب فصل ذلك التحول في موقف “حماس” من الهدنة عن السياقات الدولية والإقليمية والمحلية، إذ إنه في ظل إعلان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن، الحرب على الإرهاب، ساد تشدد دولي بقيادة الولايات المتحدة

ضد حركات الاسلام السياسي عموماً، وصنفت “حماس” أميركياً وأوروبياً كمنظمة إرهابية، وساد صمت دولي على التصعيد العسكري الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومحاصرة وإغتيال قيادته.

كما أن حركة “حماس” وافقت في مطلع سنة 2005 على الدخول في تهدئة مع إسرائيل، تلتزم خلالها بوقف كافة عملياتها الموجهة من قطاع غزة ضد الاحتلال، مقابل التزام إسرائيلي بوقف كافة أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني109. فبعد أن كانت الحركة تقبل بهدنة في نطاق حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، أصبحت تقبل بهدنة ضمن حدود 1967 أيضاً، في تناقض لتعهداتها بعدم تخليها عن المقاومة في الأراضي المحتلة سنة 1967110. وهنا أيضاً تم تبرير هذا التطور بعمليات اغتيال غالبية قيادات الصف الاول للحركة على رأسهم مؤسس الحركة أحمد ياسين والقياديين البارزين عبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب والكثير غيرهم، ووصول تحذيرات لحركة “حماس” من حكام عرب بامكانية تعرض جميع قيادات الحركة للاغتيال، في حال عدم موافقتها على تهدئة مع إسرائيل111، الأمر الذي هدد مستقبل بقاء الحركة.

وبعد فوزها في الانتخابات التشريعية في سنة 2006 وسيطرتها على قطاع غزة في العام التالي، سعت “حماس” لتثبيت تهدئة أو هدنة مع إسرائيل في سبيل إنجاح مهام حكومتها. ولم تكتف الحركة بدعوة الفصائل للالتزام بالتهدئة، عقب خطف الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط في 2006، بل هددت الفصائل في أعقاب حرب غزة نهاية عام 2008 بفرض الهدنة بالقوة على كل من يسعى لخرقها112.

إن ذلك التغير في موقف “حماس” من المقاومة، يذكّر بالتغير التدريجي في مواقف “فتح”، ليس فقط بسبب الضغوط الدولية والاقليمية، وإنما أيضاً بسبب ضرورات الحفاظ على السلطة، وهو أمر جعل عدداً من التيارات اليسارية والاسلامية يتهم “حماس” باعادة تكرار تجربة “فتح” بتخليها عن المقاومة113، في سبيل السلطة.

ولا يقلل من شأن هذا التغير في مواقف “حماس” استمرار تأكيدها أن الجهاد والمقاومة المسلحة هي الطريق الصحيح لتحرير فلسطين، من دون اسثناء أشكال النضال الأخرى بما فيها العمل السياسي والتفاوضي والدبلوماسي والمقاومة الشعبية،114 وباتت الحركة تؤكد على أن المقاومة وسيلة وليست غاية، وعلى أنها لو وجدت طريقة أخرى لانهاء الاحتلال غير المقاومة لاستخدمتها115، وذلك في مسعى للمزاوجة بين السلطة والمقاومة. وإنطلاقاً من إقرار عدد من قيادات الحركة بأن المزاوجة هذه في ظل الاحتلال أمر صعب116، دعا عدد منهم إلى تشكيل حزب سياسي، يسمح بالفصل بين مسار الحركة السياسي ومسارها المقاوم، فالحزب السياسي يمكنه أن يمارس الحكم في ظل حسابات ومعادلات سياسية تفرضها سلبيات البقاء في السلطة117، بينما تحتفظ الحركة بموقفها من المقاومة بما يضمن لها الشعبية والمكانة.

وتؤكد الحركة أنه إذا تعارضت ظروف الحكم مع المقاومة، فالمقاومة تبقى الأصل ومقدمة على ظروف الحكم، كما أن الظرف السياسي الذي لا يتيح مساحة كافية للتحرك العسكري يبقى مسألة ظرفية متغيرة118. وترفض “حماس” نزع سلاحها وتصفية جهازها العسكري، بل إنها واضبت على تطوير قدراتها العسكرية حتى في أثناء إرتباطها بإتفاقات تهدئة أو هدنة مع إسرائيل. وترجع “حماس” تمسكها باستراتيجية المقاومة وعدم إمكانية تخليها عن سلاحها إلى إستفادتها من التجارب السابقة، لأن موافقة الفلسطينيين على نزع سلاحهم من قبل الجيوش العربية التي جاءت لمحاربة إسرائيل سنة 1948، جعلهم يقفون عاجزين119. وثمّة من يؤكد أن إصرار “حماس” على عدم التنازل عن سلاح المقاومة ناتج عن رغبتها بالاحتفاظ بسيطرتها على السلطة في قطاع غزة.

ثانياً: العملية السلمية. رفضت حركة “حماس” الإقرار بحق الأمم المتحدة بالتصرف في أرض لا تملكها، وتعود بالملكية للشعب الفلسطيني والأمة الاسلامية120، ورفضت بالتالي الاعتراف بقرارات الشرعية

الدولية لأنها أكسبت الاحتلال صفة شرعية، ومنحته حق الوجود على معظم أرض فلسطين، وحرمت الشعب الفسطيني من حقه في تقرير المصير121. من هذا المنطلق، عارضت “حماس” المؤتمرات الدولية والحلول السلمية122، ومشاريع الحكم الذاتي123، الساعية لحل القضية الفلسطينية، لأنها تقوم على أساس تلك القرارات124. واعتبرت الحركة المؤتمرات والحلول والمشاريع مضيعة للوقت، ولا تحقق المطالب أو تعيد الحقوق للشعب الفلسطيني125 ، فرفضت الاعتراف بمؤتمر مدريد، واعتبرته انحراف عن المسار الوطني126، بحجة أن ما عرض خلال مفاوضاته حول الحكم الذاتي يكرس سلطة الاحتلال127، وأعلنت أنها ستعارض الحكم الذاتي، من دون أن تستخدم العنف128، مؤكدة أن هذا الاتفاق لن يجلب على الفلسطينيين الا اليأس والاحباط129، في ظل غياب الأسس والثوابت130. وشاركت الحركة في تحالف القوى الفلسطينية ضد مؤتمر مدريد، إلاّ أن رفضها إعتبار قرارات الشرعية الدولة أساساً لحل القضية الفلسطينية في برنامج التحالف كان أحد أسباب خلافها مع عدد من فصائل التحالف131.

وبموازاة رفض “حماس” الاعتراف بإتفاقية أوسلو، سعت الحركة لتطوير صيغة تنسيقية مع الفصائل المعارضة لاسقاطها، على أساس أنه لا يحق لاحد التنازل عن أي جزء من فلسطين132 . وحافظت على موقفها المعارض لاتفاقية أوسلو بقيادة المعارضة في النظام السياسي الناشئ عنها133، مشددة على عدم جدوى الاستمرار في إنتهاج إستراتيجية التفاوض ومشاريع التسوية مع إسرائيل134، ومتهمة المنظمة بالتفريط135، وتذرعت الحركة بعدة أسباب لرفض أوسلو، أهمها:

* تجاهل إتفاق أوسلو قضايا أساسية مثل القدس والمستوطنات وحق العودة والحدود136.

* جاءت إتفاقية أوسلو على هيئة إتفاق صلح تنهي حالة الصراع وأية مطالبات مستقبلية فلسطينية بعد التوقيع النهائي عليها، وليست هدنة محددة زمنياً137.

* جاءت إتفاقية أوسلو لإطلاق عملية تفاوض بشأن انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وليس لتطبيق القرارات ذات الصلة والتي تدعو لانسحاب إسرائيل منها، مؤكدة أنها ما كانت لترفض إتفاقية أوسلو لو جاءت لتنفيذ القراراين 242 و338 مع وجود ضمانات محددة تضمن تنفيذهما138.

إن ما يجب الوقوف عنده هو أن تصريحات “حماس” الرافضة للاتفاقات والقرارات ودور المنظمات الدولية في حل القضية الفلسطينية، منذ نشأتها لم يعطها القدرة على تجاوز تلك الاتفاقات والقرارت، وهكذا، جاءت مبادرات الحركة للحل المرحلي على أساس القرار 242 بشكل ضمني، إلى أن قدم القيادي البارز في الحركة موسى أبو مرزوق مبادرته بشأن الحل المرحلي على أساس قرارات الشرعية الدولية بشكل صريح في سنة 1993139. وتغير موقف الحركة من تلك القرارات بشكل أكثر صراحة بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية ووصولها إلى السلطة، فقد أكد برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بقيادة الحركة احترام قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التي وقعتها المنظمة، والإلتزام بقرارات المجالس الوطنية ومواد القانون الأساسي ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات القمم العربية140، في حين شددت الحكومة الفلسطينية العاشرة والتي شكلتها الحركة على أنها ستتعامل مع الاتفاقيات الموقعة بمسئولية عالية141 . وبرر خالد مشعل الموقف الايجابي الصريح للحركة تجاه القرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، بأنه ضرورة وطنية وتأتي في إطار رؤية مشتركة من قبل جميع الفصائل142. كما أن رفض “حماس” لاتفاقية أوسلو، لم يمنعها من التعامل مع إفرازاتها، فاعترفت بالسلطة وتعاملت معها عبر اللقاءات والتنسيق في بعض المواقف143. وفي سنة 2002، اعتبرت الحركة إتفاقية أوسلو أمراً واقعاً144، يتمثل بوجود سلطة وطنية على أجزاء من فلسطين145. كما أن “حماس” لم تأخذ موقفاً معادياً لكل من مصر والأردن اللتين وقعتا اتفاقات سلام مع إسرائيل، بل عملت الحركة على توطيد علاقاتها معها، رغم تناقض ذلك مع دعوة الحركة إلى عدم تمرير محاولات إسرائيل إخراج الدول العربية من دائرة الصراع بهدف الاستفراد بالشعب الفلسطيني146. كما لم يأت موقف الحركة رافضاً للمبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت سنة 2002، أو لمحاولات إحياء المبادرة لاحقاً. كما يظهر تغير موقف”حماس” بالقبول الصريح بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير مع إسرائيل وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية واضحاً في إتفاقيات ووثائق المصالحة التي أقرتها حركتا “فتح” و”حماس” وباقي الفصائل الفلسطينية. ويعد ذلك تطوراً طبيعياً يقترن باقرار الحركة باتفاقية أوسلو ثم مشاركتها في السلطة المنبثقة عنها.

وبشأن المفاوضات التي بنيت على أساس العملية السلمية مع إسرائيل، فإن “حماس” اشترطت ضرورة أن تسلم إسرائيل بالحق الفلسطيني أولاً 147، لأن الاتفاق مع العدو يصبح ممكناً فقط عندما يضمن ذلك الاتفاق عدم بقاء أثر للاحتلال وتدخلاته في الشأن الفلسطيني148. وقد طالبت الحركة منظمة التحرير بالتخلي عن خيار التفاوض، سواء خلال مفاوضات مدريد149، أو مفاوضات أوسلو بعد ذلك، ووضعت المطلب هذا من ضمن شروطها للانضمام إلى المجلس الوطني الفلسطيني150. ولا ترفض الحركة مبدأ التفاوض عموماً، فأي رفض للمفاوضات من قبل الحركة يعتبر موقفاً تكتيكياً وليس موقفاً إستراتيجياً، فالحركة تعتبر المفاوضات وسيلة وليست هدفاً151. ويمكن للحركة المشاركة في المفاوضات ضمن شروط مقبولة لها.

فمن بين شروط الحركة للتفاوض مع إسرائيل عدم التخلي عن الثوابت وعدم خوض غمارها ضمن شروط مسبقة أو تقديم تنازلات، مع ضرورة إقرار إسرائيلي بحق الفلسطينيين في إقامة دولة ذات سيادة كاملة، ووجود إجماع وطني للتفاوض، وأن تتم عملية المفاوضات عبر منظمة التحرير بعد إصلاحها152. وقد عرضت الحركة مشروعاً تقدم به أحد قياداتها سنة 1988 يشمل في مرحلة منه التفاوض بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بشأن النقاط المتعلقة بالحقوق. وقبلت الحركة التفاوض مع إسرائيل في ظل وجود

طرف ثالث، لكن مع إصرارها على عدم الاعتراف بإسرائيل أو بشرعيتها153. ويمكن للحركة أن تفاوض إسرائيل كما فاوضتها لتحرير أسرى أو لتثبيت تهدئة، فالحركة تدير مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل154. ويؤكد خالد مشعل أن “حماس” على إستعداد لإجراء إتصالات ولقاءات بإسرائيليين في اليوم الاول لاستلامها السلطة بعد فوزها في الانتخابات، لأن ذلك يتم بواسطة الحكومة وليس الحركة، ويتعلق بمسألة اضطرارية تفرضها الضرورة وتمس مصالح الشعب ومتطلباته الحياتية155.

وأكد توقيع “حماس” على وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، موافقتها الضمنية على أن تكون إدارة المفاوضات من صلاحيات المنظمة ورئيس السلطة156، ثم طورت موقفها عبر القبول باعطاء حرية كبيرة للرئيس لمتابعة ملف المفاوضات، خلال مراسم التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة في 2011، كما أنها وقعت على اتفاق الشاطئ من دون أن تتطرق أو تتدخل في ملف المفاوضات. وفي تناقض مع ما سبق، فإن “حماس” تريد دولة فلسطينية قوية، الأمر الذي ينفي قبولها بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، والتي وافقت عليها منظمة التحرير خلال مفاوضاتها مع إسرائيل، كما أنها تريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، من دون مستوطنات وعاصمتها مدينة القدس157، الأمر الذي يظهر رفضها بمبدأ تبادلية الأرض الذي تقبل به منظمة التحرير في مفاوضاتها مع إسرائيل أيضاً، ولا تبدي الحركة مرونة في حل قضية اللاجئين، بما يتناقض مع توجهات منظمة التحرير التفاوضية المرنة في إطار ذلك الملف، وتعتمد المقاومة لا المفاوضات في برنامجها السياسي158 . كما إعتراضت الحركة صراحة خلال جلسات الحورات سنة 2009 على الورقة المصرية، التي تدعو لبقاء ملف المفاوضات تحت سيطرة الرئيس عباس، وإشتراطت خلال مراسم التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011 بأن تبقى المصلحة الوطنية هي المعيار لاستئناف المفاوضات159.

5 – الخاتمة:

إن المنطلقات الفكرية لكل من “حماس” و”فتح” تتقاطع في العديد من المفاصل الاستراتيجية، خصوصاً إذا اعتبرنا أن المفصل الوطني هو المفصل الحاكم لجميعها في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. فرؤية حركة “حماس” الإسترتيجية، بنيت من خلال تجربة واقعية عكست خصوصية الواقع الفلسطيني، فطورت الحركة خطابها ونسقت مفرداته بحيث بات تدريجياً أكثر واقعية وتفصيلاً وتحديداً عن الخطاب الإسلامي الاخواني العام العمومي المطلق.

وهكذا قرّب قبول حركة “حماس” بالحل المرحلي موقفها من موقف “فتح” إزاء تحرير الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وتطور موقف الحركة تدريجياً في إطار التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية بشأن برنامج سياسي موحد، فلم تعد الحركة تطرح رؤية سياسية متباينة للحل. وقد شاركت لأول مرة مع الفصائل الفلسطينية في إطار لجنه القوى الوطنية والاسلامية التي تأسست مباشرة بعد الانتفاضة، مستخدمة مصطلحات سياسية جديدة على قاموسها، مثل المشاركة السياسية وتقاسم السلطة والانتخابات. ويرتبط ذلك التحول باعتبارات فرضت في تلك الفترة لتحقيق الوحدة الوطنية وتنسيق العمل السياسي والمقاومة خلال إنتفاضة الاقصى والتصدي للاحتلال الإسرائيلي. فضلاً عن اعتبارات مهمة أخرى تتعلق بعدم قدرة الحركة على الاستمرار في إنكار الواقع السياسي الفلسطيني بعد إتفاقية أوسلو وعدم إمكانية بقائها مستبعدة عنه خصوصاً بعد الانتفاضة الثانية.

لقد أصبح برنامج حركة “حماس” السياسي، منذ ذلك الوقت، أكثر برغماتية، ويقوم على تقاسم السلطة. فقبلت الحركة التوقيع على إعلان القاهرة في 2005 الذي نص على حق الفصائل في المقاومة والتأكيد على حق الفلسطينيين بدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وكذلك إعتبار المنظمة الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، والدعوة لإصلاح شامل يقوم على الديمقراطية والانتخابات، تلك الوثيقة الوطنية

التي باتت تمثل إطاراً مرجعياً للعلاقات الفلسطينية ـــ الفلسطينية. وشكل قبول “حماس” بوثيقة الأسرى نقلة جوهرية في التحول السياسي في فكرها، فلأول مرة توافق الحركة على دولة فلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، من دون الاشارة إلى الحق الفلسطيني على الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، وهو ما يعتبر موافقة ضمنية على حل الدولتين، وتجيز المفاوضات السياسية كأحد الوسائل الشرعية لحل القضية الفلسطينية. وفرض انخراط “حماس” في إطار السلطة إقدامها على تبني تعديلات أساسية في مواقفها تجاه حدود فلسطين وإتفاقية أوسلو وقرارات الشرعية الدولية. وباتت تتهرب من المبررات الايديولوجية الى المحاججات الوطنية عندما تتحدث عن الاتفاقيات، على الرغم من أن الحركة تؤكد عدم تخليها عن ثوابتها وإستراتيجياتها، حتى وإن غيرت من التكتيكات ووسائل التطبيق في ظل تغير الظروف والواقع والازمنة والمراحل160.

لكن كل مبادرات الاعتدال تلك، لم تكف إسرائيل والعالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة بقبول “حماس” في سياق العملية السياسية، بل طالبوا الحركة بالتراجع صراحة عن مواقفها الايديولوجية، مشترطين إعترافها بإسرائيل كشريك في الاتفاقات وليس كمحتل، ونبذ المقاومة، والموافقة على حل القضية الفلسطينية مع إسرائيل عبر إستراتيجية التفاوض فقط. إن ذلك المطلب الاسرائيلي ـ الاميركي ـ الغربي يلغي التمايز بين “حماس” كحركة مقاومة و”فتح” التي تعتمد العملية السلمية طريقاً للتعامل مع إسرائيل، ويحرم الفلسطينيين من اللجوء إلى خيار المقاومة لحل مشكلة الاحتلال. علماً أن السلطة الفلسطينية لم تنجح في حل القضية الفلسطينية عبر الخيار السلمي، على الرغم من إلتزامها بشروط الاتفاقات التي وقعتها المنظمة مع إسرائيل، والتنسيق الامني مع إسرائيل، والاستقرار الأمني في الضفة الغربية؛ فالمرونة السياسية مع إسرائيل لا تضمن الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية.

إن مواقف حركة “حماس” المتشددة في عدد من القضايا مثل عدم الاعتراف باسرائيل ورفض وقف المقاومة وعدم المرونة في ملف المفاوضات، تشكل عامل موازن وضابط تحتاجه القضية الفلسطينية، في ظل المرونة التي تتبناها “فتح” في إطار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير واللازمة لتحقيق التقارب والقبول من قبل المجتمع الدولي. ويعد التباين والاختلاف في الرؤى السمة الرئيسية التي تميز التعددية السياسية عموماً، فالاختلاف في المواقف بين الاحزاب والفصائل ضرورة، إلا أن غياب المؤسسة الوطنية الفلسطينية الحاضنة والمنظمة، يعد العقبة الرئيسية في تنظيم حدود العلاقة بين التيارات المختلفة، وأحد الاسباب المباشرة في وصول الخلاف الموقفي بين الفصائل إلى صراع على السلطة غير مضبوط أو منظم.

المصادر:

1 البرنامج السياسي للمؤتمر الرابع لحركة “فتح”، 1980.

2 البرنامج السياسي للمؤتمر الخامس بحركة “فتح”، 1989.

3 البرنامج السياسي للمؤتمر السادس لحركة “فتح”، 2009..

4 البرنامج الانتخابي التشريعي لحركة “فتح”، 2006.

5 المصدر نفسه. 6 البرنامج السياسي للمؤتمر السادس لحركة فتح 2009، مصدر سابق.

7 محمد جمعة، فتح ما بعد المؤتمر السادس وملف التسوية، “مجلة السياسة الدولية” الصادرة عن مركز الاهرام، 1 تشرين الأول / أكتوبر 2009. http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=96978&eid=1531 8 سنية الحسيني، قراءة في نتائج مؤتمر “فتح” السادس، “مجلة الاهرام العربي”، الصادرة عن مركز الاهرام، 22 آب / أغسطس 2009. http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=86156 9 زياد أبو عمرو، أصول الحركات السياسية في قطاع غزة (1948 ـ 1967)،(عكا: دار الأسوار، 1987)، ص 78 ـ 79. 10 أحمد يوسف، “حركة المقاومة الاسلامية: خلفيات النشأه وآفاق المسير”، (شيكاغو: المركز العالمي للدراسات والبحوث، 1989)، ص 8. 11 البرنامج السياسي للمؤتمر السادس لحركة “فتح” 2009، مصدر سبق ذكره. 12 النظام الاساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، المادة4. 13 بيان حركة “حماس” الرقم 5، كانون الثاني / يناير 1988، ضمن وثائق حركة المقاومة الاسلامية “حماس”، الجزء الأول، السنة الأولى للانتفاضة. 14 ميثاق حركة “حماس”، المادتان 1 و 5. 15 جواد الحمد وآخرون، “دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الاسلامية ‘حماس’ (1987 ـ 1996)”، (عمان: مركز دراسات الشرق الاوسط، 1999، الطبعة الثالثة)، ص 120 ـ 121. 16 ميثاق حركة “حماس”، المادة 9. 17 المصدر نفسه، المواد11 و35 و12. 18 إبراهيم المقادمة، “معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين”، (غزة: د.ن.، 1994)، ص 69. 19 زكريا إبراهيم، “مشاريع تسوية قضية فلسطين من عام 1920 حتى نهاية عام 1991″، (غزة: د.ن.، 1991)، ص ص109 ـ 110. 20 عبد العزيز الرنتيسي، “قرار الاخوان لتأسيس حركة حماس في اليوم الاول للانتفاضة”، “مجلة فلسطين المسلمة” (لندن)، تشرين الاول / أكتوبر 1990، ص7. 21 بيان حركة “حماس” رقم 1 (البيان التأسيسي)، 11_12 كانون الأول / ديسمبر 1987. 22 سنية الحسيني، “الإخوان المسلمون بين الفكر والسلطة”، “مجلة شؤون الأوسط ـ مركز الدراسات الإستراتيجية” (بيروت)، العدد 146، خريف 2013، ص 64. 23 جواد الحمد وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص 159 ـ 169. 24 ميثاق حركة “حماس”، المادة 14. 25 مقابلة مع خالد مشعل، “‘حماس’ الفكر والممارسة، مطبوعات جريدة السبيل الاردنية، 2012، ص 45. 26 ميثاق حركة “حماس”، المادة 25. 27 معين رباني، “خالد مشعل في حوار شامل”، “مجلة الدراسات الفلسطينية”، المجلد 19، العدد 76، خريف 2008، ص 58. 28 أسامة حمدان، “إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية”، في محسن محمد صالح (تحرير)، “منظمة التحرير الفلسطينية: تقييم التجربة وإعادة البناء”، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ط 1، 2007)، ص 188 ـ 189. 29 خالد الحروب، حماس الفكر والممارسة، (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، 1996)، ص 135 ـ 136. 30 خالد مشعل، “شروط وإحتمالات قيام إنتخابات نزيهه”، في جواد الحمد وهاني سليمان (محرران) “انتخابات الحكم الذاتي الفلسطيني”، (عمان: مركز دراسات الشرق الأوسط، ط 1، 1994)، ص 102. 31 يمكن الاطلاع على نص وثيقة الاسرى للوفاق الوطني، في الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) في الرابط: http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=4937 32 الحروب، “حماس الفكر والممارسة”، مصدر سبق ذكره، ص107. 33 ميثاق حركة “حماس”، المادة 27. 34 جواد الحمد وآخرون، “دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الاسلامية ‘حماس’ (1987 ـ 1996)”، مصدر سبق ذكره، ص 71. 35 “خالد مشعل في حوار شامل”، مصدر سابق. 36 خطاب إسماعيل هنية خلال ذكرى انطلاقة حركة حماس الثانية والعشرين، بثته فضائية الأقصى، في 14 / 12 / 2009. 37 مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين، في صحيفة “النهار” المقدسية، العدد 797، بتاريخ 30 / 4 / 1989. 38 “خالد مشعل في حوار شامل”، مصدر سبق ذكره. 39 حوار مع الشيخ أحمد ياسين، صحيفة “صوت الحق والحرية”، 5 / 1 / 1990. 40 الحروب، “حماس الفكر والممارسة”، مصدر سبق ذكره، ص 75. 41 خالد مشعل، شروط واحتمالات قيام انتخابات نزيهة، مصدر سبق ذكره، ص 93 ـ 94. 42 مقابلة شخصية مع إسماعيل الأشقر، في رسالة ماجستير من جامعة الأزهر لمعتز سمير الدبس، بعنوان: “التطورات الداخلية وأثرها على حركة المقاومة الاسلامية ‘حماس’ (2000_2009)”، 2010، ص81. 43 “حماس غزة لاطاحة إتفاق الدوحة بطلب إيراني، جريدة المستقبل، العدد 4262، 21 شباط 2012، الصفحة الاولى. http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=np&Articleid=509395 44 البرنامجان السياسيان لمؤتمري حركة “فتح” الخامس والسادس. 45 وثيقة النظام الاساسي لحركة “فتح”، المواد 1 و2 و 8 و6 و12 و13 و22. 46 يمكن الاطلاع على البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية في الموقع الإكتروني لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) في الرابط: http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=48 47 ميثاق حركة “حماس”، المادة 11. 48 بيان رقم 80 صادر عن حركة “حماس”، بتاريخ 29 / 10 / 1991. 49 بيان صادر عن المكتب السياسي لحركة “حماس”، بتاريخ 21 / 4 / 1994. 50 بيان رقم 10 صادر عن حركة “حماس”، بتاريخ 12 / 3 / 1988. 51 البرنامج الانتخابي لـ “قائمة التغيير والاصلاح” لانتخابات المجلس التشريعي 2006، ص 2. 52 ميثاق حركة “حماس”، المادة 13. 53 مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين في صحيفة “النهار” المقدسية، مصدر سابق. 54 بيان صادر عن حركة “حماس”، 7 / 12 / 1993. 55 بيان رقم 80 صادر عن حركة “حماس”، مصدر سبق ذكره. 56 جواد الحمد وآخرون، “دراسة في الفكر السياسي”، مصدر سبق ذكره، ص 132. 57 مقابلة مع أحمد ياسين في صحيفة “النهار” المقدسية، مصدر سبق ذكره. 58 مقابلة مع إسماعيل الاشقر، مصدر سبق ذكره. 59 مقابلة مع محمد نزال، مجلة “قضايا دولية”، العدد 203، 22 / 11 / 1993، ص 29 . 60 زكريا إبراهيم، “مشاريع تسوية قضية فلسطين من عام 1920 حتى نهاية عام 1991″، (غزة: د.ن.، 1991)، ص 109 ـ 110. 61 الحروب، “حماس: الفكر والممارسة السياسية”، مصدر سبق ذكره، ص 101. 62 خطاب مصور لخالد مشعل، ، قناة الجزيرة الفضائية، 25 حزيران / يونيو 2009. 63 بيان صادر عن حركة “حماس”، بشأن حكومة الوحدة الوطنية، 12 / 9 / 2006. 64 أسامة حمدان، “منظمة التحرير: تقييم التجربة وإعادة البناء”، مصدر سبق ذكره، ص 47. 65 مسئول قيادي في حركة المقاومة الاسلامية حماس في نابلس لـ رويترز: ميثاق حماس يمكن تعديله، والحديث عن الاعتراف بـ إسرائيل سابق لأوانه طالما أنها لا تعترف بنا كضحية، جريدة الرياض اليومية، العدد 13604، 22 سبتمبر 2005. http://www.alriyadh.com/95774 66 مقابلة مع خالد مشعل، جريدة “السبيل” الاردنية، مصدر سبق ذكره. 67 عبد الله بلقزيز، “أزمة المشروع الوطني الفلسطيني من ‘فتح’ إلى ‘حماس'”، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006)، ص 57 ـ 58. 68 “المصالحة الفلسطينية، تحرك، لكن مراوحة في المكان”، تقرير الشرق الاوسط رقم 110 بتاريخ 20 تموز / يوليو2011، “مجموعة الازمات الدولية”.

http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle%20East%20North%20Africa/Isr-0Reconciliation%20ael%20Palestine/110%20Palestinian%2%20Plus%20ca%20change%20ARABIC.pdf 69 حماس تتمسك بهنية رئيساً لحكومة الوحدة، “مشعل: دولة إسرائيل حقيقة وأمر واقع ونتحدث عن القبول بدولة على أراضي 67″، تصرح خالد مشعل، لـ صحيفة “الايام” الفلسطينية، 11 كانون الثاني / يناير2007، ص1. http://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=2b24ed5y45240021Y2b24ed5 70 أمريكا تشترط على حماس إعترافاً مسبقاً بحق إسرائيل في الوجود، صحيفة اليوم، العدد 13197، 2 أغسطس 2009. http://www.alyaum.com/article/2694043 71 خالد مشعل، صحيفة الايام، مصدر سبق ذكره. 72 أبو مرزوق، لـ الجريدة: نحترم أي خيار ديمقراطي حتى الاعتراف بإسرائيل، جريدة “الجريدة”، 12 أكتوبر 2008. http://www.aljarida.com/news/print_news/283956 73 الحمد وآخرون، “دراسة في الفكر السياسي”، مصدر سبق ذكره، ص 228_229. 74 “في حوار مثير جداً.. الرئيس عباس: لا يوجد أكذب من ‘حماس’ والإخوان”، موقع أمد للاعلام، 2 / 12 / 2014، في الرابط الإلكتروني: http://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=51976 75 النص الكامل لتفاصيل إتفاق المصالحة وما تضمنه من تفاهمات، وكالة “سما” الاخبارية، 5 / 6 / 2011. 76 “الرئيس يكلف الحمد الله بتشكيل حكومة الوفاق الوطني”، وكالة الانباء الفلسطينية (وفا)، 29 / 5 / 2014، في الرارط الإلكتروني: tion=detail&id=175438http://wafa.ps/arabic/index.php?ac 77 “أبو مرزوق: لن نعارض ترأس أي شخصية توافقية للحكومة”، وكالة “صفا”، 28 / 4 / 2014، في الرابط الإلكتروني ews/127535/htmlhttp://safa.ps/details/n 78 “الفصائل تزف للشعب بشرى إنهاء الانقسام”، جريدة “القدس”، العدد 16056، 24 / 4 / 2014، ص 1 79 “هل ستصمد المصالحة الفلسطينية الجديدة”، “المركز العربي للابحاث والدراسات”، 8 أيار / مايو2011، في الرابط: -ae91-47c5-ae29-http://www.dohainstitute.org/release/ea18b746772e4d91108e 80 الزهار لـ القدس العربي: الشعب الفلسطيني ليس رهينة برنامج أبو مازن السياسي، جريدة القدس العربي، 01 / 5 / 2011. http://www.alqudsalarabi.info/index.asp?fname=data\2011\2011\05\05-15\15qpt945.htm 81 “إنجاز محدود: وعود المصالحة الفلسطينية وعقباتها”، مصدر سبق ذكره. 82 النظام الداخلي لحركة “فتح”،المادتان 17 و 19. 83 البرامج السياسية لمؤتمرات حركة فتح الاول والثاني والثالث والرابع، مصدر سبق ذكره. 84 البرنامج السياسي لمؤتمر حركة “فتح” الخامس، مصدر سبق ذكره. 85 البرنامج السياسي لمؤتمر حركة “فتح السادس”، مصدر سبق ذكره 86 ميثاق حركة “حماس”، المادة 10. 87 بيان رقم 80 صادر عن حركة “حماس”، مصدر سبق ذكره. 88 ميثاق حركة “حماس”، المادة 2. 89 ميثاق حركة “حماس”، المادتان 30 و 13. 90 وسام تيسير جودة، إستراتيجية كتائب القسام القتالية، بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، إبريل 2015. http://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/ReportsZ/Research-Paper/AlQassam_Brigades_Combat_Strategy_4-15.pdf 91 عبد الرحيم علي، حوار مع محمد نزال، حماس: إنسحاب غزة ثمرة للمقاومة، موقع أون إسلام الالكتروني، 2 أكتوبر 2004. http://www.onislam.net/arabic/newsanalysis/analysis-opinions/palestine/84055-2004-10-02%2018-57-00.html 92 ميثاق حركة “حماس”، المادة 7. 93 خالد أبو العمرين، “حماس: حركة المقاومة الاسلامية جذورها ـ نشأتها ـ فكرها السياسي”، (القاهرة: مركز الحضارة العربية، ط 1، 2000)، ص 183_197. 94 ميثاق جماعة الاخوان المسلمين، المادتن 9 و16. 95 “خالد مشعل في حوار شامل”، مصدر سبق ذكره. 96 الحروب، “حماس الفكر والممارسة”، مصدر سبق ذكره، ص 94. 97 “رسائل الشيخ أحمد ياسين من السجن إلى قيادة الحركة وأبنائها”، مجلة “الوسط”، العدد 920 ، 1993، ص 12 ـ 17. 98 مقابلة مع موسى أبو مرزوق، جريدة “السبيل” الأردنية، 19 / 4 / 1994، ص39. 99 موسى أبو مرزوق: مبادرة سياسية، حديث صحفي مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، “مجلة السياسة الفلسطينية، نابلس”، المجلد 5، العدد 18، ربيع 1994، ص 100. 100 تصريح للقيادي عبد العزيز الرنتيسي، جريدة “السبيل” الأردنية، 15 / 11 / 1993. 101 موسى أبو مرزوق: مبادرة سياسية، “مجلة السياسة الفلسطينية”، مصدر سبق ذكره. 102 أحمد منصور (محرراً)، شاهد على عصر الانتفاضة، الشيخ أحمد ياسين، (القاهرة: المكتب المصري الحديث، 2004)، ص 303. 103 “اسماعيل أبو شنب: وافقنا على الهدنة لإعطاء فرصة للشارع الفلسطيني لالتقاط أنفاسه، وفرصة لجهود الحكومة، “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 55، صيف 2003، ص 16 ـ 20. 104 جواد الحمد وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص 187 ـ 188. 105 خالد الحروب، “حركة حماس بين السلطة وإسرائيل: من مثلث القوى إلى المطرقة والسنديان”، “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 18، ربيع 1994، ص 24 ـ 37. 106 بيان صادر عن حركة “حماس”، 16 نيسان / أبريل 1994. 107 ثابت محمد العمور، “مستقبل المقاومة في فلسطين، حماس نموذجاً”، (القاهرة: مركز الاعلام العربي ـ سلسة رسائل علمية، 2008)، ص 45. 108 بيان مشترك صادر عن حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي في فلسطين”، 29 حزيران / يوينيو 2003. 109 المكتب السياسي لحركة “حماس”، “مؤتمر الحوار الوطني الثالث، 15 ـ 17 / 3 / 2005″، الرسالة رقم1، 22 / 3 / 2005، ص 6 ـ7. 110 وثيقة الأسرى، المادة 3 ، مصدر سبق ذكره. 111 مقابلة مع سعيد صيام، في ثابت العمور، “مستقبل المقاومة الفلسطينية في فلسطين”، مصدر سبق ذكره، ص 379. 112 تقرير نشرته وزارة التخطيط في غزة بعنوان: “الصواريخ الفلسطينية في الوقت الراهن حاجة وطنية أم ضرورة حزبية”، 12 نيسان / أبريل 2010، ص 17. 113 بيان صادر عن “حزب التحرير”، بعنوان: “سلطة ‘حماس’ تتبع سنن سلطة ‘فتح’ شبراً بشبر ودراعاً بدراع، 26 حزيران / يونيو 2009. 114 برنامج “كتلة التغيير والاصلاح” الانتخابي للمجلس التشريعي الفلسطيني 2006، في الموقع الالكتروني للكتلة، في الرابط: http://www.islah.ps/new/index.php?page=viewThread&id=128 115 كلمة خالد مشعل التي وجهها إلى مجلس العموم البريطاني من مقره في دمشق، “موقع الجزيرة نت”، 22 / 4 / 2009. 116 خالد مشعل، مقابلة على “قناة القدس” الفضائية ، 28 كانون الأول / ديسمبر 2009. 117 صلاح البردويل في ندوة للدائرة الإعلامية في المجلس التشريعي في غزة، 11 آذار / مارس 2010. 118 د. موسى أبو مرزوق لـ السبيل: إذا تعارضت ظروف الحكم مع المقاومة فالمقاومة هي الاصل، حاوره: عز الدين أحمد، جريدة السبيل اليومية، 13 إبريل 2006. https://mousaabumarzook.wordpress.com/2006/04/13/-مرزوق-أبو-موسى-دظ-تعارضت-إذا-لـالسبيل/ 119 أحمد منصور (محرراً)، شاهد على عصر الانتفاضة، مصدر سابق. 120 بيان رقم 32 صادر عن حركة “حماس”، 21 / 11 / 1988. 121 مذكرة تعريفية صادرة عن حركة “حماس”،جاءت في خالد الحروب، حماس الفكر والممارسة السياسية، (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط 1، 1997. 122 ميثاق حركة حماس، المادة 13. 123 بيان رقم 5 صادر عن حركة “حماس”، ، مصدر سبق ذكره. 124 بيان صادر عن حركة “حماس”، 12 / 6 / 1994. 125 ميثاق حركة “حماس”، المادتان 15 و 13. 126 بيان رقم 80 صادر عن حركة “حماس”، مصدر سبق ذكره. 127 بيان رقم 91 صادر عن حركة “حماس”، 5 / 10 / 1992. 128 بيان حركة حماس بعنوان: “موقفنا من الحكم الذاتي والانتخابات المرتبطة به”، 9 / 8 / 1991. 129 إبراهيم غوشة، “المؤتمر مفترق طريق بين المجاهدين والمتعبين”، في “مؤتمر اسلام تقويم مرحلة مدريد، آفاق المراحل المقبل”، “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 8، خريف 1991، ص 111 ـ 113. 130 بيان رقم 80 صادر عن حركة “حماس”، مصدر سبق ذكره. 131 الحروب، حماس: “الفكر والممارسة”، مصدر سبق ذكره، ص 140 ـ 141. 132 محمد نزال، “مجلة قضايا دولية”، مصدر سبق ذكره. 133 بيان صادر عن حركة “حماس”، 14 / 5 / 1994. 134 بيان صادر عن حركة “حماس”، 21 / 4 / 1994. 135 بيان صادر عن حركة “حماس”، بعنوان: “الاصلاح الوطني الشامل هو الحل”، 28 / 3 / 1993. 136 رسائل الشيخ أحمد ياسين من السجن إلى قيادة الحركة وأبنائها، مصدر سبق ذكره، ص 12 ـ 17. 137 المصدر نفسه. 138 “حماس ما كانت لترفض إتفاقية أوسلو لو جاءت لتنفيذ القراراين 242 و338” تصريح محمد نزال لـ جريدة “الأيام”، 13 / 9 / 1993، ص 2. 139 موسى أبو مرزوق، “السبيل” الاردنية، مصدر سبق. 140 برنامج الحكومة الفلسطينية الـ 11 ، آذار / مارس 2007، الموقع الالكتروني للمبارة الوطنية الفلسطينية، في الرابط: http://www.almubadara.org/details_ar.php?id=hrjn7ja1047yigzhcw5h1 141 برنامج الحكومة الفلسطينية الـ 10، مركز الزيتونة للدرسات والاستشارات، 3 / 2006، في الرابط: http://www.alzaytouna.net/permalink/4788.html 142 تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية خلال أيام، جريدة إيلاف الالكترونية اليومية، 9 فبراير2007. http://elaph.com/ElaphWeb/Politics/2007/2/210123.htm 143 خالد الحروب، “حماس الفكر والممارسة السياسية”، مصدر سبق ذكره، ص 66. 144 الجولاني، عاطف، وحمزة حيمور. “حوار مع خالد مشعل: رؤيتنا واضحة.”جريدة السبيل الأسبوعية (عمان)، 21 يوليو، 2010. 145 ‘الجهاد’ و’الخلاص’ يقاطعان ‘لأن القرارات جاهزة’ ـ ‘حماس’ تشارك في اجتماعات المركزي : مع إعلان الدولة وضد تحديد المرحلة الانتقالية” لندن: “الحياة”، 18 / 4 / 1999. 146 ميثاق حركة “حماس”، المادة 32. 147 مشعل لا يستبعد الاعتراف باسرائيل وحماس تتوقع ترؤسها الحكومة الفلسطينية، موقع الجزيرة، العدد 12186، 8 فبراير 2006. http://www.al-jazirah.com/2006/20060208/du2s.htm 148 أحمد منصور (محرراً)، شاهد على عصر الانتفاضة، مصدر سبق ذكره، ص 310. 149 نبيل حيدري، “منظمة التحرير الفلسطينية وحركة ‘حماس’، الصراع بشأن النفود”، “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 13، 1993، ص 115 ـ 127. 150 بيان صادر عن حركة “حماس”، 4 / 6/ 1990. 151 الزهار: اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني لا يمثلان الشعب الفلسطيني، راديو سوا، 1/4/2007. http://www.radiosawa.com/content/article/149677.html 152 العمور، “مستقبل المقاومة في فلسطين، حماس نموذجاً”، مصدر سبق ذكره، ص 228 ـ 229. 153 عماد الفالوجي، “درب الاشواك ـ حماس.. الانتفاضة.. السلطة” ، (عمان: دار الشروق، 2002)، ص 55. 154 خالد مشعل لـ الاناضول: لن نتراجع عن مطالبنا ومستمرون في المقاومة حتى ننتصر، وكالة الاناضول التركية، 21/8/2014. http://www.aa.com.tr/ar/news/377005 155 خالد مشعل، نعتذر إلى الله عن أخطاء حماس، عن جريدة الخليج الايماراتية، نشر على موقع إيلاف، 27 يوليو2007. http://elaph.com/Web/NewsPapers/2007/7/251282.htm?sectionarchive=NewsPapers 156 وثيقة الأسرى 2006، مصدر سبق ذكره. 157 “هل ستصمد المصالحة الفلسطينية الجديدة؟”، مصدر سبق ذكره. 158 إستراتيجية حماس وبرانامجها السياسي، برنامج بلا حدود، لقاء مع إسماعيل هنية، أجرى اللقاء أحمد منصور، الجزيرة نت، 22/1/2006.. http://www.aljazeera.net/programs/withoutbounds/2006/1/22/-إستراتيجيةالسياسي-وبرنامجها-حماس 159 “هل ستصمد المصالحة الفلسطينية الجديدة؟”، مصدر سبق ذكره. 160 وثيقة سياسية بقلم خالد مشعل: الفكر السياسي لحركة حماس في ظل آخر التطورات، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، نوفمبر 2012. http://www.alzaytouna.net/permalink/38590.html

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى