الايرانيةالدراسات البحثية

البرنامج النووي الإيراني والصراع على الشرق الأوسط

إعداد فريق الباحثين:

الباحث/ عمرو محمد إبراهيم – كاتب وباحث سياسي متخصص في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط
الباحث المساعد/ آمال محمود محمد عبد المجيد – قسم الاقتصاد -كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية

-المركز الديمقراطي العربي

فهرس المحتويات:

 

الصفحة الموضوع
1

1

2

2

2

3

3

الإطار العام للدراسة
1- المقدمة2- مشكلة الدراسة3- مبررات الدراسة4- أهداف الدراسة5- فرضيات الدراسة

6- فصول الدراسة

4 الفصل الأول: مسيرة البرنامج النووي الإيراني بين الطموحات والدوافع
5

5

6

7

8

8

9

أولاً: الأهداف والطموحات الإيرانية

1- الدوافع الاقتصادية

2- الدوافع السياسية

3- الدوافع القومية والدينية

3- الأهداف الإستراتيجية

4- الأهداف العسكرية والأمنية

5- الأهداف الجيوبوليتيكية

9

11

12

13

ثانياً: مسيرة ومراحل تطور البرنامج النووي الإيراني

1- المرحلة الأولي: من الشاه إلي الثورة الإسلامية (1957م-1971م)

2- المرحلة الثانية: إعادة إحياء البرنامج النووي الإيراني (1984م-2004م)

3- بدأ الشكوك الدولية واستكمال المفاوضات (2004م-2015م)

15 الفصل الثاني: المحددات والمواقف الإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني
16

16

17

17

أولاً: المحددات والمواقف الدولية

1- محددات الموقف الأمريكي

2- محددات الموقف الأوربي

3- محددات الموقف الروسي

19

19

20

20

21

ثانياً: المحددات والمواقف الإقليمية

1- محددات الموقف الخليجي

2- محددات الموقف العربي

3- محددات الموقف التركي

4- محددات الموقف الإسرائيلي

22 الفصل الثالث: سيناريوهات المستقبل كأساس لبدائل إستراتيجية تجاه إيران
23

23

23

24

25

سيناريوهات المستقبل
1- السيناريو الأول2- السيناريو الثاني3- السيناريو الثالث4- السيناريو الأصعب
26 الخاتمة والتوصيات والنتائج
28 قائمة المراجع

 

الإطار العام للدراسة

المقدمة:

خلال العقدين الماضيين تصاعد الموقف الدولي والإقليمي المعارض للبرنامج النووي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ومازال يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة وخاصة منطقة الخليج العربي، وتثار التساؤلات حول حقيقة الغرض من هذا البرنامج هل هو موجه ضد الدول المحيطة والمتربصة بإيران أم انه ردعاً إقليميا للسيطرة على منطقة الخليج والمنطقة العربية وأيضا بشأن طبيعة الدوافع المحركة له.

وتطور الأحداث المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني يوماً بعد يوم بوتيرة عالية، حيث يٌعد هذا البرنامج من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام الدولي، ألان وقد أقترب تحقيق الحلم الإيراني الذي حتى ألان يظل ملئً بالغموض والتعتيم، الأمر الذي شغل الباحثين ومراكز الأبحاث والتفكير حول ماهية إيران وإستراتيجيتها في تعاملها مع ملفها النووي.

وفي سياق البحث العلمي نستطيع بديهياً أن نضع ثلاث اتجاهات واضحة حول ماهية الدوافع الإيرانية تجاه ملفها النووي وهم؛ الأول أن هذا البرنامج سلمي تماماً، والثاني أن هذا البرنامج ذو طبيعة عسكرية ويسعي لامتلاك السلاح النووي، والثالث يقف حائراً بين الاتجاهين.

وقد كانت الولايات المتحدة في أوائل السبعينيات هي السبّاقة بالتلويح بجَزرة الطاقة الكهرونووية للشاه، بعد أن كانت وهبت بلاده مفاعلا للأبحاث تم الانتهاء من تشييده وتشغيله في جامعة طهران عام 1967.

إذ عرضت واشنطن على طهران بناء ما بين خمسة وسبعة مفاعلات كهرونووية، لكن الكلفة العالية للمفاعلات الأميركية جعلت الشاه يفضل عرض الشركة الألمانية “كرافتورك يونيون سيمنس”، فكلّفها بالبدء في بناء مفاعلين كهرونوويين في مدينة بوشهر جنوبي البلاد، وبدأ العمل فيهما عام 1974.

إن إيران تبذل مجهودا كبيرا من اجل تحقيق أهدافها بامتلاك قدرات نووية تدعى بأنها سلمية وتقوم بتطوير قدراتها العسكرية بإمكانيتها الذاتية والاستعانة بالخبرة الأجنبية, في حين تري إسرائيل بأنه مقدمة لتسلح نووي له انعكاساته على إستراتيجية الأمن الإسرائيلي ولذلك لجأت إسرائيل إلى إستراتيجية الردع النووي شبه المعلن وذلك لتخوفها من الخطر النووي الإيراني.

وقد أصبح التسلح الإيراني التقليدي وغير التقليدي من اشد بواعث القلق لدى غالبية دول المنطقة وينذر بتفجر صراعات مستقبلية لا تحمد عقباها, ويؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ستستمر مركز الصراع والتوتر لفترات عديدة قادمة طالما ظلت المورد الأساسي للبترول والطاقة لكافة دول العالم, وطالما ظل البترول والغاز الطبيعي هو العنصر الأساسي في استخراج الطاقة في العالم.

مشكلة الدراسة:

إن الغرض من هذه الدراسة هو الكشف عن أبعاد التحدي النووي الإيراني علي أمن الشرق الأوسط والصراع التتي تتبناه الطموح الإيرانية ودوافعها، وأبعادة الأمنية والسياسية والإقتصادية وكيفية مواجهة تحدياتها، ودراسة الخطر الذي يهدد أمن ومصالح دول الخليج في المنطقة.

والسؤال العام هو “تداعيات الصراعات الإقليمية والدولي  تحت مظلة البرنامج النووي الإيراني وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط من عام 1979م إلي 2015م”

أسئلة الدراسة:

  • ما هي التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني علي منطقة الشرق الأوسط؟
  • وما هي المواقف الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي؟
  • هل التحدي الإيراني يشكل خطراً علي الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط أم لا؟
  • هل الدافع الرئيسي وراء امتلاك إيران للطاقة النووية هو دافع سلمي كما تقول أم غير ذالك؟
  • هل ستكون هناك تصعيدات من قبل مجلس الخليج ضد إيران أم لا؟
  • ما هي السيناريوهات المحتملة في المستقبل القادم للشرق الأوسط في ظل البرنامج النووي الإيراني؟

مبررات الدراسة:

ترجع أهمية الدراسة إلي مجموعة من العوامل أهمها:

  1. تقوم هذه الدراسة علي فهم الطموحات والدوافع الإيرانية، ومحاولة التنبأ بالسيناريوهات المستقبلية بعد وصول البرنامج النووي إلي محطاته الأخيرة، ومحاولة تحليل المواقف الدولية والإقليمية.
  2. تسليط الضوء علي التحولات الإستراتيجية لطهران تجاه منطقة الشرق الأوسط.
  3. يمكن أن تفيد هذه الدراسة المهتمين بشؤون الشرق الأوسط والباحثين في الشأن الإيراني.
  4. محاولة الوصول إلي ألأسباب الحقيقية أو الخفية وراء الغموض الإيراني تجاه البرنامج النووي الإيراني.

أهداف الدراسة:

  1. تتبع نشأة المشروع النووي الإيراني ومراحل مسيرته نحو الانطلاق الدولي مذ بدايته في عهد الشاه وحتى عام 2015م.
  2. محاولة التعرف على البنية التحتية النووية الإيرانية.
  3. الوقوف علي أسباب الصراع علي الشرق الأوسط وتأثير المشروع النووي علي التوازن الإقليمي.
  4. تسليط الضوء على إستراتيجية المحاور الإيرانية تجاه دول الشرق الأوسط في تعاملها مع ملفها النووي.
  5. استشراف السيناريوهات المحتملة تجاه الملف النووي، وما ستئول علية في منطقة الشرق الأوسط

فرضيات الدراسة:

تنطلق هذه الدراسة من فرضية مفادها:” البرنامج النووي الإيراني والصراع علي منطقة الشرق الأوسط بين الطموحات الإيرانية والعقائدية الإمبراطورية وبين دول المنطقة في إطار البرنامج النووي الإيراني”

وتتركز هذه الدراسة على الفرضيات التالية:

  • امتلاك إيران لبرنامج نووي يرتبط جوهرياً بالجانب العَقَديَّ الذي يفرض نفسه، ويشتبك مع التطلعات الإيرانية والنزعة القومية والفارسية لدي القيادات الإيرانية وشعبها.
  • يهدد المشروع النووي الإيراني منطقة الشرق الأوسط، فكيف كانت المواقف الدولية والمحددات الإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني.
  • محاولة التطرق لمعرفة السيناريوهات المحتملة للبرنامج تجاه الشرق الأوسط فيما بعد 2015م.

فصول الدراسة:

تتناول هذة الدراسة المشروع النووي الإيراني والصراع علي الشرق الأوسط من خلال ثلاث فصول وخاتمة، حيث نستعرض في كل فصل ما لي:

الفصل الأول: يعرض نشأة البرنامج النووي الإيراني والأهداف والمبررات والجذور تاريخية ومراحل تطوره والبنية التحتية النووية.

الفصل الثاني: يعرض المواقف والمحددات الدولية والإقليمية وإستراتيجية الدول الكبرى ودول المنطقة تجاه البرنامج النووي الإيراني ككل.

الفصل الثالث: يعرض السيناريوهات المستقبلية المحتملة واستشراف لمستقبل للبرنامج النووي الإيراني تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام، ومحاولة معرفة النتائج المترتبة عليه، كما يحمل جملة من النتائج والتوصيات التي خرجنا بها من الدراسة.

الفصل الأول:

“مسيرة البرنامج النووي الإيراني بين الطموحات والدوافع”

مقدمة:

كانت إيران ومنذ زمن الشاه تسعي إلي تعزيز دورها الإقليمي سواء بطرق سلمية أو غير سلمية، ولذالك سعت إيران للحصول على الطاقة النووية، وحتى بعد سقوط الشاه ومجيء الثورة الإسلامية فما زال الهدف الإيراني يعمل لتعزيز قوتها الإقليمية في منطقة انتشرت فيها الأسلحة النووية، كم هو الحال في الهند وباكستان وروسيا والصين الشعبية، فا بدأت إيران بتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وخاصة في منطقة تتمتع بعدم الاستقرار السياسي، وأيضاً الموقع الجيوبولوتيكي الإيراني ساعدها علي ذالك لأهميتهُ الإستراتيجية.

ثم بدأت إيران التوغل ضمن إستراتيجيتها الغامضة التي تتبنها في الخروج نحوي النادي النووي الدولي بحقها القانوني في ثوب الغموض، ومر البرنامج النووي الإيراني بالعديد من المراحل منذ انطلاقته في سنوات الستين عاماً الماضية حتى ألان، وقد تأثرت جميع مراحله بالبيئة الإقليمية والدولية، وكذالك البيئة الداخلية لإيران.

وفى هذا الفصل يمكننا تحليل وتوضيح مسيرة البرنامج النووي الإيراني منذ بدأ إيران الشروع في تأسيس برنامجها النووي، ويمتد حتى أخر المفاوضات التي أستقر عليها البرنامج النووي.

استناداً ألي  ما سبق في المقدمة سوف نتناول في هذا الفصل الأهداف والطموحات والدوافع الإيرانية متمثلة في الدوافع الاقتصادية، والسياسية، والقومية والدينية، والأهداف العسكرية والجيوبوليتيكية. بشكل موضوعي ومن منظور محاولة الإجابة على أسئلة أهداف هذا البحث.

وأيضاً سوف نتناول في هذا الفصل الجذور التاريخية ومسيرة البرنامج النووي الإيراني متمثلة في مراحل البرنامج من النشأة وحتى الانطلاق، وأيضاً آخر المستجدات المتعلقة بسير البرنامج النووي الإيراني.

أولاً: الأهداف والطموحات والدوافع الإيرانية.

أولاً: الدوافع الاقتصادية.

تتبني طهران إستراتيجية تتعلق باقتصادها الوطني حيث أن تدعيم الاقتصاد الوطني الإيراني مسألة في غاية الأهمية، وهذه الإستراتيجية تفرضها مواطن الضعف في هذا الاقتصاد.

وتهدف إيران إلي تأمين 20% من الطاقة الكهربائية التي تحتاج إليها البلاد من الطاقة النووية، لاسيما في ضوء الزيادة السكانية المطردة، والخطط الاقتصادية الطموحة للبلاد التي تسير  قوتها الاقتصادية بوتيرة تصل إلي 5% سنوياً، من أجل تقليل الاعتماد علي ثروتها الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي، لزيادة صادراتها النفطية وضمان الحصول علي المزيد من عائدات العملة الصعبة.

وفي ظل سياسة أشمل تهدف إلي تنويع مصادر الطاقة عدا النفط الذي سينضب يوماً ما (1)، كما أن صناعة الطاقة تعاني العديد من المشكلات الفنية والإدارية مما تضطر إيران إلي استيراد كميات كبيرة من البنزين للاستهلاك المحلي(2)، فقد أنفقت إيران قدراً كبيراً من ثروتها القومية خلال فترة حكم الشاه علي البرنامج النووي؛ لذا تم التشديد علي النفقات والاهتمام بالبرنامج حتى لا تذهب المقدرات التي صرفت عليه هدرا(3).

كما كان للتعليم والنهضة العلمية في إيران أثراً كبيراً فى أقدامها علي امتلاك الطاقة النووية، والواقع أيضاً يظهر أن إيران بالفعل قط قطعت شوطاً كبيراً علي طريق النهضة العلمية، ومظاهر ذالك عديدة أبرزها: زيادة عدد الجامعات، والتقدم الصناعي المدني وأخيراً الإنجازات الصناعية العسكرية.

ثانياً: الدوافع السياسية.

لم تعارض الدول الغربية البرنامج النووي إبان حكم الشاه، لكن المرحلة التي شهدت نجاح الثورة ظهرت فيها تباينات واعتراضات من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ العداء الأمريكي لإيران، أما ألان فأن الإدارة الأمريكية أول من ساندوا البرنامج النووي الإيراني.

ثم أن رغبت إيران الإسلامية في أن توجد لها مكانة متميزة علي الساحة الإقليمية والقيام بأدوار متعددة أبرزها المشاركة في ترتيبات أمن الخليج، وتحقيق الاستقرار في منطقة شمال غرب آسيا، والاستفادة من التحولات الجارية في المنظومات الدولية، واستغلال حالة الفراغ الأيديولوجي لوضع إستراتيجية إستقطابية في العالم الثالث، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ومواجهة الولايات المتحدة الأمريكية على أساس نظام قيمي مستمد من الإسلام(4).

واستغلال التعنت والصلف الإسرائيلي والانحياز الأمريكي لها، كذالك استغلال السياسة الأميركية التي مكنتها من التخلص من قوي إقليمية معادية لها كنظام الرئيس الراحل صدام حسين ونظام طالبان، كون النظام أدرك بأن السلاح النووي يمكن أن يقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز سياستها ومكانتها الإقليمية والدولية مما يعطيها المزيد من الثقل والتأثير الفكري والأيديولوجي، ويسهم في تعزيز قيادتها لتيارات مذهبية وطائفية وثقافية لها تشعبات وامتدادات  فيما وراء حدودها الجغرافية(5).

لم تبني إيران سياستها الخارجية في إطار الدبلوماسية كمرجع لبناء صرحها الإمبراطوري في المنطقة ككل، بل كانت تهدف من خلال امتلاكها للطاقة النووي إلي عنصرياً أساسياً وهما:

  • الأول: امتلاك قوة عسكرية.

يستند ذالك العنصر إلي أن الفكر الإستراتيجي  ركز بشدة على الدروس المستفادة من الحرب العراقية – الإيرانية، والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية لإيران، وأبرزها أن إيران لا بد أن تستعد لأية احتمالات في المستقبل، كما أن إيران استنتجت أنها يجب أن لا تعتمد كثيراً على القيود الذاتية التي يفرضها الخصوم على أنفسهم أو علي تمسكهم بالالتزامات الدولية تجاه إيران.

  • ثانياً: تعزيز المكانة السياسية الدولية.

بمعني تعزيز المكانة علي الصعيدين الإقليمي والدولي، إن امتلاك الدول للطاقة النووية ومنها إلي السلاح النووي يساعد في تقوية الدول للحصول علي مكاسب سياسية دولية في تفاوضها مع الدول الإقليمية والعالمية، وبناءً عليه فإن امتلاك إيران للسلاح النووي يعطيها مكانة سياسية وقدرة تفاوضية أكبر لتحقيق مكاسب سياسية تحقق لها الأمن والاستقرار والهيبة.

  • ثالثاَ: الأمن والاستقلال الكامل.

تستطيع إيران ومن خلال طموحها أن تري أنها ألان في مواجهة القوة العظمة الوحيدة في العالم، التي تمتلك معظم مشاريعها ومصالحها في المنطقة، الأمر الذي يشكل تهديداً للأمن القومي الإيراني وسيادته، ولا يمكن مواجهة هذا التهديد إلا بامتلاك قوة رادعة بحجم السلاح النووي.

مما سبق يتضح لنا أن طموح إيران النووي شكّلَ قضية شعبية إيرانية، ومصدراً لشرعية نظام الحكم الإيراني، الذي يتعزز كلما تقدمت في هذا المجال، لاسيما بعد أن أصبحت تمتلك دورة الوقود النووي كاملةًّ(17)، ولكن هذا الأمر لا يخلو من تباينات داخلية سواء مراكز صنع قرار أم في الأوساط الأكاديمية أم في وسائل الأعلام، رغم تمسك الجميع بحق الاستخدام النووي السلمي.

ثالثاً: الدوافع القومية والدينية.

(أ) الدوافع القومية:

تقف الاعتبارات الخاصة لإيران لاستحضار فكرة الإمبراطورية باعتبارها ماثلة دوماً فى الشعور القومي الإيراني بوجه عام بجانب اعتبارات الأمن، وتكشف عن ذالك تصريحات القيادة الإيرانية المناهضة للدول الكبرى، وسعيها لإيراز قوتها ومكانتها الإقليمية والدولية، واستمرارها بكيل الاتهامات، واتهام الغرب بمحاولة إبقائها فى مصاف الدول النامية وحرمانها من أن تكون واحدة من الدول التكنولوجية المتقدمة(6).

وبمحاولة تتبع سياسة إيران الخارجية نلحظ تعدد دوائر اهتمامها وامتدادها لمناطق خارج الاهتمام الإيراني سابقاً، بحيث امتدت إلي إفريقيا وأمريكيا اللاتينية، بالإضافة إلي استغلال نفوذها وتأثيرها الديني علي الشيعة في العالم، كذلك نفوذها فى منطقة آسيا الوسطي وتمددها إلي دول حوض البحر المتوسط والدخول على خط الشئون الداخلية في محيطها العربي(7).

الشيء المترتب على الدوافع الدينية والقومية لإيران تقوم على أساس تعزيز مكانتها فى المنطقة الي جانب تعزيز قوتها الإستراتيجية من جهة، ومن جهة أخرى يحتم عليها تصحيح الخلل في موازين القوي والذي يتمثل بأمتلاك ثلا قوي إقليمية للسلاح النووي وهي إسرائيل والهند وباكستان.

فى هذا المجال واجهت إيران كافة الضغوط الداخلية الهادفة إلي خلق فرص جدية للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي جرت المطالبة بها من خلال تظاهرات الطلبة في جامعة طهران عام 2006م، ومطالبة 254 عضواً فى المجلس الإيراني في 7\3\2003م باعتماد دبلوماسية فاعلة من أجل إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن النظام الحاكم استمر فى طموحاته النووية لتصبح الحلقة المركزية للخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية، ظناً منه بأن المضي قدماً بالبرنامج النووي الإيراني يؤدي إلي توحيد الجبهة الداخلية ولفت إنتباه الجميع نحو الخطر الخارجي(14).

ولقد استفادت إيران من درس العراق، كون إيران تعتقد بان امتلاك العراق للسلاح النووي كان يحول دون إقدام الولايات المتحدة علي مهاجمته أو الإطاحة بنظام الرئس صدام حسين، فالسلاح النووي يشكل معادلة جديدة علي تغيير قواعد اللعبة في المنطقة(15)،  كذالك استفادت من أخطائه فى التعاطي مع المجتمع الدولي، فإيران حتى ألان تدير سياسة مزدوجة في التعاطي مع المجتمع الدولي تبدي فيها بعض المرونة، وفي ذات الوقت تستمر فى تعزيز قدراتها النووية، وتعمل علي إحياء المد الإسلامي وإقامة كتلة إسلامية قوية تضمن إيران وجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية، فالسلاح يدعم الموقف في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها(16).

(ب) الدوافع الدينية:

يرتبط هذا الدافع بجانب قيمي، غير مادي وهو الجانب الروحي، ويبدو أكثر وضوحاً ما يكون وضوحاً لدي المتشددين من الإيرانيين، الذين يربطون مختلف جوانب الحياة بالدين، بما في ذالك القدرة النووية، فيجري الحديث مثلاً عن القنبلة النووية الإسلامية، وخصوصاً في ظلّ عداء البعض للإسلام في الغرب(9).

وتأكيداً هو ما قالهُ آية الله فى المؤتمر الإسلامي في طهران سنة 1992: “طالما تقوم إسرائيل بمواصلة امتلاكها للسلاح النووي، فأن الواجب يُتم علينا نحن المسلمين التعاون فيما بيننا لإنتاج قنبلة نووية، بغض النظر عن جهود الأمم المتحدة لمنع الانتشار”(10).

إن القادة الإيرانيين الإسلاميين يدركون أن إيران لا تواجه عدواً يهدد بقاءها المادي، بمعني إزالتها من الوجود، فالتهديد في حقيقة الأمر يتعلق ببقائها كدولة إسلامية ذات ثقافة شيعيةـ وذالك نظراً لاحتمال تعرضها لعدوان أو اضطهاد الطوائف الكبرى في المنطقة، لا سيّما في طّل وجود مسيحيين، وهندوس، وبوذيين، ويهود، وحتى مسلمين سنّه يملكون سلاحاً نووياً، مما يعني “حق إيران في امتلاك هذا السلاح”(11).

إن المتشددين منهم ما يزالون يعتقدون أن الولايات المتحدة تتدخل باستمرار في شؤون إيران الداخلية، وأنها تسعي لتدمير النظار الإسلامي الإيراني، وتتربص بقياداته لاستبدالهم بقيادات موالية لها؛ ومع أن هذه الفكرة متجذرة في أذهانهم، إلا أن ما يخف من حدتها وصول الإصلاحيين إلي سدة الحكم(12).

وهذا يعني أن الطموح الإيراني، يعد وجهة نظر  المسؤولين الإيرانيين، مصدراً لتعديم نظام الحكم الإسلامي الشيعي، أي أنه كلما تقدمت الدولة فى هذا المجال كلما زادت شعبية القيادات الإيرانية، لكن بعض المفكرين يرون غير ذالك(13).

إضافة لما سبق من دوافع، فقد  أسهم العامل العراقي والإثني والقومي والديني في تعزيز رغبة إيران في امتلاك الطاقة النووية، فالأختلاف بين إيران وشعوب المنطقة ولد لديها مخاوف من أمكانية الاضطهاد أو الأعتداء عليها من الطوائف الكبري(14).

إنها تبذل منذ سنوات جهوداً واضحة لأن تصبح قوة يحسب حسابها في المنطقة،مما قد يوحي بأن الدوافع وراء برنامجها النووي يدخل في هذا السياق، ولا شك أن امتلاك أيّ  دولة للسلاح النووي يحقق لها مكاسب عديدة ومتنوعة، ولا يختلف الأمر بالنسبة لإيران، إذ إن امتلاكها لهذا السلاح لا بدّ أن يعطيها مكانة مرموقة توفر لها ميزة تفاوضية مع خصومها،وتمكنها بالتالي من الأهداف التي تسعي إليها او علي الأقل الاقتراب كثيراً منها(18).

رابعاً: الأهداف الإستراتيجية.

بصرف النظر عن ماهية النظام الذي يحتل مقعد السلطة؛ فالسلاح النووي له دور في الإستراتيجية  الإيرانية علي المدى الطويل، وتطوير القدرات النووية الإيرانية في إطار تصور متكامل للسياسة الخارجية الإيرانية بشكل يسمح لإيران بالقيام بدور استراتيجي علي الأصعدة الإقليمية والدولية، إلي جانب ضمان بناء القوات المسلحة الإيرانية(19)، ضمن برنامج متكامل وشامل.

ويمكن تلخيص البواعث أو الدوافع الأساسية للطموحات النووية الإيرانية في:

(أ)- افتقار إيران إلى الأمن الإقليمي:

يحيط بإيران دول جوار يربطها بها تاريخ مضطرب؛ لذا فإنها تشعر بالحاجة إلي إظهار نفسها كقوة متفوقة، فعلاقاتها متوترة مع العرب، ومع دول بحر قزوين ومتأرجحة مع تركيا وباكستان وافغانستان وسيئة مع إسرائيل(20).

(ب)- فشل السياسة الخارجية الإيرانية:

نادراً ما كانت إيران قادرة علي تكوين تحالفات استراتيجية مع جيرانها، أو علاقات جوار تقوم علي التعاون المشترك طويل المدي، فهي في عيد الشاه كانت تربطها علاقات جيدة مع اوربا والولايات المتحدة واسرائيل، وكانت أيضاً متحالفة مع تركيا وباكستان، ولكن هذه التحالفات كانت لأغراض الحرب الباردة آنذاك، ونجم عن انتصار الثورة الإسلامية عزلة نسبية لها من المجتمع الدولية، وأسهمت نشوب الحرب العراقية – الإيرانية فى إفساد علاقاتها مع الدول العربية(21).

خامساًً: الأهداف العسكرية والأمنية.

هناك ما يشبه الإجماع على أن هناك دوافع عسكرية وراء البرنامج النووي الإيراني، وأن إيران لابد أن تستعد لأية احتمالات في المستقبل, كما أن إيران استنتجت أنها لا يجب أن تعتمد كثيرا على القيود الذاتية التي قد يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالالتزامات الدولية.

من أجل مجابهة أية تهديدات محتملة في المستقبل، قامت سياسة إيران الأمنية علي محورين رئيسيين، أولهما امتلاك القدرة الدفاعية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية، أما المحور الآخر فيتمثل في تعزيز الدور الإستراتيجي لإيران سواء فى منطقة الخليج أو الشرق الأوسط أو بحر قزوين أو آسيا الوسطي وجنوب غرب آسيا، فهي إذاً أرادت أن تلعب دوراً في منطقة بها لاعبون نوويون؛ فالأمر بتطلب منها امتلاك السلاح النووي(22)، إلي جانب حماية النظام الإيراني من محاولة تغييره(23)، وحماية مصالح إيران الحيوية في ظل النظام العالمي الحالي والمتغيرات الدولية وإيجاد بيئة تشكل أقل تهديد له(24).

سادساً: الأهداف الجيوبوليتيكية.

إيران إحدى دول الشرق أوسطية، وتستمد هذه المكانة من جغرافية بشرية تقدر بنحو 70% مليون نسمة، وتاريخ عريق وثروات طبيعية، كما تعد رابع دولة في احتياطي النفط، وثاني دولية في مخزونها للغاز الطبيعي بعد روسيا(25)، ويتوافر فيها موارد اقتصادية هائلة ووفرة مياه وأراضي قابلة للزراعة، وتتمتع كذالك بموقع جغرافي استراتيجي يمكنها من التحكم في إمدادات النفط المتجه إلي العالم الخارجي عبر مضيق هرمز(26).

يؤدي السلاح النووي دوراً محورياً في دعم الدولة المالكة له، ويعزز تأثيرها في القضايا الخارجية ولتفتيت تحالفات خصومها(27)، سعت إيران إلي بناء شبكة من الروابط والتحالفات في الدوائر الجيوبوليتيكية المحيطة بها، لاسيما في الشرق الأوسط وبحر قزوين من أجل امتلاك أكبر قدر من التهديدات المختلفة، جنباً إلي جنب مع زيادة فرص إيران في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وحماية مصالحها الإستراتيجية(28).

وبالرغم من العراقيل والمعوقات التي تعرضت لها طهران  إلا إنها اتبعت إستراتيجية تكتيكية معقدة ومركبة، تضم السمات التالية:

  1. إتباع إستراتيجية الهجوم حتى ولو كانت بصدد التراجع أو الالتفاف أو المناورة.
  2. المزج بين المواقف السياسية والإعلامية ولاستعدادات العسكرية، من خلال استعراضات مكثفة لعناصر قوتها الردعية أو الهجومية أو الإعلان عن تطوير أسلحة جديدة.
  3. إدارة إستراتيجية الحريق حيث أنه عند تعرضها للهجوم فإنها تقوم بإشعال المنطقة من خلال أدواتها.
  4. تقوم الإستراتيجية علي أساس الاقتراب من الخصم والالتصاق به من خلال حالة صداميه، ووفق حالة تفاعلية، فهي منخرطة في ذالك من خلال التماس مع الوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان، وكذالك الحال مع إسرائيل من خلال حزب الله والجماعات الفلسطينية المسلحة(29).

وتحليلاً لما تم عرضة فيمكن القول بأن: إيران سعت لامتلاك أسرار الصناعات النووية السلمية داخل الإطار القانوني والشرعي الذي تسمح به معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لكن السلوك الإيراني يؤكد فعلياً نية إيران امتلاك السلاح النووي، أو علي الأقل التقنية اللازمة لإنتاجه، والتي تشكل ضمانة لصد محاولات تغيير النظام، كما تصمن موطئ قدم لها علي الساحة الدولية والإقليمية.

ثانياً: مسيرة ومراحل تطور البرنامج النووي الإيراني.

تعود الجهود الإيرانية للحصول على الطاقة النووية إلي عدوة عقود، في عهدين مختلفين، بدأ الأول من سنة 1957م إلي سنة 1979م في ظل حكم الشاه، وكان الثاني بعد وقوع الثورة الإسلامية وما يزال قائماً حتى ألان.

وبالرغم من أن المراحل التي مّر بها البرنامج النووي متداخلة مع بعضها البعض إلي حدّ كبير، فإن لكل واحدة منها ملامحها الخاصة، التي تميزها عن غيرها بحيث يمكن ملاحظة مظاهر التطور التي أصابته عبر تلك المراحل، إلي أن وصل إلي ما هو عليه ألان بعد المفاوضات الأخيرة بين إيران والدول الغربية الكبرى.

يمكننا تقسيم البرنامج النووي الإيراني زمنياً إلي عدة مراحل، تغطي المرحلة الأولي بدأ شروع إيران في تأسيس برنامجها النووي، وتمتد حتى نهاية حقبة عهد الشاه، أما المرحلة الثانية فهي تبدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية، أما المرحلة الثالثة فهي تبدأ من الوقت الذي تم تحويل الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن وتمتد زمنياً من عام 2002م حتى يومنا هذا  2015م.

المرحلة الأولى: من الشاه إلى الثورة الإسلامية (1957-1979) :

انطلقت النشاطات النووية الإيرانية في الستينيات من القرن الماضي من خلال التعاون ا لوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تم في إطار برنامج ذرة من أجل السلام(30) الذي أطلقه الرئيس الأميركي  “Dwight Eisenhower” في عام 1953م، ثم من خلاله تم توقيع أول اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية عام 1957م وأنطلق عام 1960م وحصلت إيران من خلاله علي أول مفاعل للأبحاث في جامعة طهران “TRR” عام 1967م بقوة 5 ميغاوات، وكان هذا التعاون ثمرة لعلاقات إستراتيجية إبان فترة الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي(31)، ويعد هذا المفاعل التدريبي بمثابة حجر الزاوية للبرنامج النووي الإيراني بطاقة إنتاجية تعادل 0.6كغم من البلونيوم سنوياً(32).

وبعد أحداث وصراعات واستقطابات كانت خطط الشاه تقوم على أساس إنشاء 23 مفاعلاً نووياُ لتكون جاهزة بشكل كامل في منتصف التسعينات من القرن العشرين، لتغطي عموم المساحة الإيرانية بتكلفة 30 مليون دولار أمريكي، وهي مفاعلات بمكنها إنتاج البلوتونيوم الذي يشكل العنصر المهم لصناعة الأسلحة النووية، وكان الشاه متحمساً لدخول بلادة هذا الميدان مبرراً ذالك بحاجة إيران إلي الطاقة الذرية لتوليد الطاقة الكهربائية بالرغم من امتلاكها احتياطي ضخماً من النفط والغاز الطبيعي، غير أن اهتمام الشاه كان منصباً في امتلاك القوة النووية(33).

وفي تموز عام 1968م وقعت إيران علي معاهدة الحد من انتشار وتجربة الأسلحة النووية، وأصبح التوقيع نافذاً في 5\4\1970م، وقد أكدت الفقرة الرابعة من المعاهدة حق إيران في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية، وامتلاك المواد والأجهزة والمعلومات التكنولوجية والعلمية دون تمييزها عن  غيرها من الدول(34).

ويمكن إجمال سمات حقبة الشاه بالتالي:

  1. توفير العنصر البشري وتدريبه وإبرام العديد من العقود لضمان ذالك.
  2. إقامة بنية تحتية للبرنامج النووي الإيراني وإنشاء العديد من المفاعلات لهذا الشأن.
  3. فرض إيران ذاتها على منطقة الخليج لتملأ الفراغ الذي أحدثته بريطانيا بانسحابها من الخليج وقناة السويس، ومن ثم احتلاله لجزر أبو موسي وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
  4. محاولة شراء صواريخ بالستية من طراز أريحا.
  5. استفادة الشاه من حرب أكتوبر عام 1973م بارتفاع سعر النفط وقام بتسوية ذاته للولايات المتحدة الأمريكية ليكون الأكثر ضماناً للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط

المرحلة الثانية: إعادة إحياء البرنامج النووي الإيراني (1984 -2004)م:

بعد سقوط الشاه توقف البرنامج النووي الإيراني من عام 1979م إلى عام 1984م نتيجة للحرب العراقية – الإيرانية  من ناحية ومن ناحية أخرى لأن قائد الثورة الإيرانية الإسلامية  “الخميني” كانت له رؤية أيديولوجية تتمثل في تحريم استخدام أسلحة الدمار الشامل.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية التي دامت أمداً طويلاً قصفت الطائرات العراقية مفاعل (بوشهر-1) ست مرات ، وعلى وجه التحديد في 13 مارس 1984م ، فبراير 1985 ، 11 مارس 1985 ، 17 يوليو 1986 ، 2 نوفمبر 1987 و 13 نوفمبر 1987م . وخلال هذا القصف المركز والمستمر دمر مفاعل بوشهر-1 بالكامل وسوي بالأرض تماماً (34).

لقد خلقت الحرب العراقية الإيرانية دماراً كبيراً في البنية التحتية الإيرانية ، فلذا كان من أول أولويات الدولة الإيرانية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية البحث عن العقود السابقة مع الدول الأوربية لبناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية . وكانت حكومة “رفسنجاني” ترى أن توليد الطاقة الكهربائية يعد أساساً في إعادة تشغيل المعامل التي أغلقت منذ زمن الشاه بعد تحسينها لإعادة بناء إيران(35).

بروتوكول التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية :

استنتجت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) بعد زيارات عدة إلى مواقع إيرانية تقع تحت دائرة الشك في فبراير 2003 وبالاقتران مع تصريحات عديدة لمسؤولين إيرانيين أن هناك عدداً من المنشآت التقنية ذات خصوصية حساسة إما في بداية عملها أو لا تزال تحت الانجاز أو في طور التخطيط للإنجاز .

وقد أثارت الوكالة تساؤلات إزاء احتمال قيام محاولات تخصيب لليورانيوم في ورش ‘كاليا’ للالكترونيات تتعلق بإنتاج أجهزة للطرد المركزي الغازي. جاء ذلك بعد فترة من اعتراف إيران باستيرادها ل 1.8 طن من المواد UF6 و UF4 و UO2 من الصين وهي مواد تستخدم لاستخلاص عنصر اليورانيوم 235 الأساس في التخصيب وفي وقود القنبلة النووية(37).

كما أن إيران صرحت لدى لقائها مع رسميين من الوكالة الدولية في أغسطس 2003 ، ولأول مرة ، بأنها أجرت 113 تجربة تحويل لليورانيوم تتضمن إنتاج عنصر اليورانيوم من الكعكة الصفراء UF4 ، وإنتاج الكعكة من أكسيد اليورانيوم UO2.

هذا بالإضافة إلى إجرائها لتجارب مختبريه لإنتاج الماء الثقيل في ثمانينات القرن الماضي. وعلى الرغم من مستوى التجارب المختبرى وليس الإنتاجي لم تعلق الوكالة على الأمر في حينه، ولكن وبعد عملية تحليل أجرتها الوكالة في يونيو 2003 على نماذج من التربة في مصنع “ناتانز” لتخصيب الوقود (التجريبي) وظهور يورانيوم عالي التخصيب (HEU)  فيها صرح الدكتور محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية أن إيران أخفقت في التزاماتها تجاه معاهدة حظر الانتشار النووي وبأنها لم تكن شفافة في نشاطاتها النووية أو استيرادها للمواد ذات العلاقة (مزدوجة الاستخدام) وطالب البرادعي إيران بالإفصاح الكامل عن كافة نشاطاتها ولا سيما مشروع التخصيب وتجارب ما بعد التحويل . ثم دعاها إلى وقف نشاطات التخصيب كافة وتوقيع بروتوكول إضافي مع الوكالة قبل 31 أكتوبر 2003 يسمح للوكالة بالتفتيش الاستثنائي على منشآت إيران ذات العلاقة بالمشروع النووي(38).

ولنزع فتيل أزمة متفجرة بين الوكالة الدولية وإيران عمل وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا على حث إيران على استصدار موافقة للتعاون مع الوكالة قبل نهاية فترة الإشعار . وكانت النتيجة أن أعلنت إيران في 21 أكتوبر 2003 بأنها ستتعاون مع الوكالة بكل شفافية ووضوح وبأنها ستوقع البروتوكول وتوقف كافة نشاطات التخصيب . وتم توقيع البروتوكول فعلاً في 18 ديسمبر 2003م (39).

المرحلة الثالثة: بدأ الشكوك الدولية واستكمال المفاوضات (2004-2015)م:

بعد توقيع البروتوكول الذي أعطى للوكالة حق التفتيش الاستثنائي اعتبرت إيران متعاونة بحسب الوكالة ولكن ليس بالمطلق،. وفي 18 يونيو 2004 صوت أعضاء مجلس أمناء الوكالة الدولية، وثلثهم من الأمريكان بوجوب إشعار إيران بأنها لا تقدم دعماً كاملاً للبروتوكول لاسيما بعد تأجيلها لزيارة وفد من الوكالة لعدد من مواقع أجهزة الطرد المركزي P2 وعدم تسليمها مخططات وتصاميم هذه الأجهزة وكذلك نتائج أبحاث أجرتها حول تحويل واختبار مواد نووية.

نتيجة لذلك، طلبت الوكالة من إيران أن تكون ‘متعاونة’ في تنفيذ بنود البروتوكول وحل المشاكل القائمة بينهما ومن ضمنها قضية تلوث أجهزة الطرد المركزي بيورانيوم عالي التخصيب “الذي بررته إيران بأن سبب التلوث أجزاء من الأجهزة المستوردة”، وتحديد إنتاج البلوتونيوم 210..(40).

ومنذ هذا التاريخ أخذت أمريكا وحلفاؤها في مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالادعاء المباشر بأن مشروع إيران النووي هو مشروع تسلحي يسعى لإنتاج قنبلة نووية بأقرب فرصة ممكنة .

التدخل الغربي الأوروبي:

في محاولة سياسية لإرجاع إيران إلى صف الإرادة الدولية حسب تعبير الأوساط الدبلوماسية الغربية عرض ممثلون عن كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساعدات نووية وتجارية مقابل تخلي إيران عن مشروعها النووي الطموح (ولاسيما عمليات التخصيب والتحويل) . إلا أن الإدارة الأمريكية لم تقتنع بهذا الاتفاق واستمرت في تحريض المجتمع الدولي والمنظمة الدولية على الاستمرار في عمليات التفتيش الاستثنائية . وفي نهاية نوفمبر 2004 أصدرت وكالة المخابرات المركزية CIA تقريراً يفيد بوجود علاقة تعاون بين عالم الذرة الباكستاني عبد القدير خان وإيران ومن ثم تبني مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (بتاريخ 29 نوفمبر 2004) ومن ثم قراراً يطالب إيران بإيقاف كافة نشاطاتها النووية حتى الانتهاء من أعمال التفتيش(41)

وافق المسؤولون الإيرانيون على القرار رسمياً ولكنهم استمروا بإعطاء تصريحات بإن إيران لن تتخلى عن مشروعها النووي وأن الإتفاق الذي أبرم مؤقتاً وليس دائماً .

وفي ديسمبر 2004 تمكن مفتشو الوكالة الدولية نتيجة وشاية من المعارضة الإيرانية في الخارج من الوصول إلى موقعين عسكريين إيرانيين هما بارجين ولافيزان . وقد تبين أن الموقعين معدان لاختبار المتفجرات التقليدية وخزن عدد ومواد نقلت إليهما من مواقع أخرى كانت قد صنفت بأنها ذات طبيعة نووية . وفي مارس 2005 رفضت إيران الزيارة الثانية لموقع بارجين من قبل مفتشي الوكالة على أساس أنها غير مسوغة(42).

وهذا ما دعا الوكالة إلى القول بأن هذا الرفض عطل جهد المنظمة الدولية في التحري عن أجهزة الطرد ومصدر التلوث باليورانيوم عالي التخصيب الذي كشفته في أحد المواقع فيما لم تظهر تحاليلهم في مواقع خمسة أخرى أي شيء يدعو للشك .

في أغسطس 2005 قامت السلطات الإيرانية بفك أختام الوكالة ووسائل مراقبتها على منشآت نووية يعتقد بأنها تعمل بأجهزة التخصيب بالطرد المركزي في محاولة سياسية لقطع دابر أي تدخل أجنبي متواصل لا حدود له في مشروع لا يخلو من طموح ولكنه لا يزال وليداً ، وفي مراحل نشأته الأولى(42).

تحويل الملف النووي إلي مجلس الأمن:

في أوائل العام 2006 رفضت إيران المقترح الروسي بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي وقوبل الرفض الإيراني باتفاق في وجهات النظر الأوروبية والأمريكية ودعم روسيا والصين على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل كامل ، ومن ثم توحدت المواقف الدولية وصدر قرار مجلس محافظي الوكالة ليقضي بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في هذه المرحلة ، حيث لا يزال الأمر متعلقاً بالشك في طبيعة هذا البرنامج ، وبذلك أصبحت إيران في مرمى فرض عقوبات عليها ما لم تمتثل لقائمة الطلبات التي احتواها قرار مجلس محافظي الوكالة(42).

خلال العامين 2006 ، 2007 ظلت إيران تلعب على عنصر كسب الوقت مع الترديد الرسمي المستمر من قبل قادة إيران على أن البرنامج النووي الإيراني لن يتوقف تحت أي ظرف ومهما كانت العقوبات وأنه موجه لخدمة الأغراض السلمية للطاقة .

سير المفاوضات في فيينا إلي “مرحلتها النهائية”:

ومع انتهاء عام 2015 الذي كان يحمل الكثير من العمل والجد المتواصل من القيادات الإيرانية نحو توصيل المفاوضات إلي المراحل الحاسمة، كان لدى إيران البنية التحتية التي تمكنها من الشروع  في العمل علي ملفها النووي فور اعتماده من مجلس الأمن الدولي.

ويمكننا ألان سّرد مراحل سير البرنامج النووي الإيراني إلي ما يلي باختصار:

  1. عام 1958: انضمت إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
  2. عام 1979: الثورة الإسلامية في إيران تنهي التدخل الغربي في البرنامج النووي لطهران.
  3. عام 2003: المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، يزور إيران لتفقد برنامجها النووي.
  4. عام 2006: الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، يأمر بوقف التعاون مع الوكالة الدولية، ومجلس الأمن يرد بفرض عقوبات على طهران.
  5. عام 2009: إيران تكشف عن منشأة نووية سرية تحت الأرض، ضمن قاعدة عسكرية قرب مدينة “قم.”
  6. عام 2014: الاتحاد الأوروبي يرفع بعض العقوبات عن إيران لمدة 6 شهور، ليعطي فرصة للمفاوضات.
  7. عام 2015: مجموعة (5+1) وطهران تعلنان التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني، وصف بـ”الإنجاز التاريخي.”

الفصل الثاني

“المحددات والمواقف الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي”

مقدمة:

تعتبر المواقف والمحددات هي الإطار العام الذي يحكم موقف الدول والمنظمات الدولية تجاه برنامج إيران النووي، حيث إن هذه المحددات تتباين وتختلف من دولة إلى أخري ويعود ذالك لمجموعة عوامل أهمها البيئة الداخلية والبيئة الإقليمية والبيئة الدولية.

لا شك أن التسلح الإيراني المستمر يثير القلق في إقليم منطقة الخليج، حيث أن حجم التسلح ونوعيته تعدان عملية دفاعية، وأصبح التهاتف الإيراني علي شراء السلاح يثير علامات استفهام كبري، وأن برنامج التسلح الإيراني من شأنه أن يؤثر بشكل كبير علي البيئة الإستراتيجية في كل منطقة الشرق الأوسط، فهو إضافة إلي نفسة قواعد انتشار الأسلحة، يفرض تهديداً مباشراً علي المنطقة كما يهدد آمن دول الجوار.

أما دول الخليج العربية فأن البرنامج النووي الإيراني يعتبر بالنسبة لها أمراً مرعباً. رغم إدعاء إيران أنها تطور البرنامج لأغراض سلمية قط، إلا أن ادعاءات الأمريكيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أشاعت المخاوف والشكوك حول ما إذا كانت إيران تنوي تطوير البرنامج لإغراض عسكرية أيضاً وإذا كانت غيران تأمل في امتلاك السلاح النووي، فإن هذا الوضع يمهد الطريق أمام سباق محمود لامتلاك الأسلحة النووية.

وسف نقوم بتقسيم هذا الفصل إلى جزئياً نستعرض في الأول المحددات والمواقف ألدولية، متمثلة في الموقف الأمريكي والموقف الأوربي والموقف الروسي، وفي الثاني نقوم باستعراض المواقف المحددات الدولية متمثله في الموقف الخليجي والموقف العربي وموقف تركيا وموقف إسرائيل تجاه البرنامج النووي الإيراني.

وسنحاول من خلال هذا الفصل أن نعلم الإستراتيجية المتبعة للدول الكبرى الدولية والإقليمية والوقوف علي التداعيات التي ستفرض نفسها في منطقة الشرق الأوسط بناء على المحددات المتبعة من الدول في إطار تداعيات الملف النووي الإيراني وصراعه على منطقة الشرق الأوسط.

أولاً: المحددات والمواقف الدولية.

أولاً :الولايات المتحدة الأمريكية.

أثار البرنامج النووي الإيراني قدرا كبيرا من الاهتمام في الأوساط السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أن  الاهتمام الأمريكي بهذا البرنامج قد بدأ منذ أوائل التسعينات, حيث كانت أمريكا أول من قدم العون التقني لإيران من اجل البدء في تطوير برنامجها النووي, وساهمت في بناء أول مفاعل نووي إيراني إلا أن ردود الأفعال الأمريكية ازدادت حدتها حينما أصرت الحكومة الإيرانية على مواصلة العمل في برنامجها النووي, ولجأ الرئيس الأمريكي “بيل كلنتون” إلى استخدام إجراءات تراوحت ما بين الضغط الشديد على كل من روسيا والصين لوقف تعاملهما مع إيران ،إلى فرض عقوبات اقتصادية ضد إيران فى ما يعرف بـ”قانون داماتو” بالإضافة إلى التهديد بتوجيه ضربة عسكرية مدمرة ضد المنشآت النووية الإيرانية(43).

وبعد أحدث 11 سبتمبر عام 2001م انتقلت الإستراتيجية الأمريكية العالمية لمرحلة جديدة اتسمت بوضوح الأهداف, واعتمدت على القوة العسكرية الكاسحة في استراتيجيات الردع وتلك السياسة كانت ناجحة وفعالة تجاه الاتحاد السوفيتي لوجود تشابه في المصالح لدى الطرفين.

ولكن أصبحت سياسة الردع غير ممكنة في ظل وجود الإرهاب, وكثفت الولايات المتحدة الضغوط على إيران  للتخلي عن برنامجها النووي وذلك بعد إدراجها ضمن قائمة الدول المارة والراعية للإرهاب العالمي.

لقد أضحت الإدارة الأمريكية تعتقد أن تقييم وكالة المخابرات الأمريكية الرسمي الصادر عام2007 والذي خمن بان إيران متوقفة عن سعيها لإنتاج سلاح نووي منذ عام2003م هو غير دقيق، خاصة بعد مراجعة وثائق التقرير وربطها بالمعلومات الجديدة التي سربت من بعض الإيرانيين، خاصة وان نفس التقييم وصل من بريطانيا وفرنسا والمانيا.

ولق ألان إدارة أوباما  هي الحليف الأول لطهران ودعمها المستمر للبرنامج النووي، في ظل سعي الرئيس الأمريكي إلي  اللجوء إلي الدبلوماسية الواقعية في مبدأه، الأمر الذي يجعل من تمرير البرنامج النووي إلي مجلس الأمن أمراً حتمياً، وخصوصاً بعد اكتساح أصوات المؤيدين للإدارة الأمريكية من الكونجرس، أصبح إعتماد الملف النووي أمرا منتهياً.

ثانياً : محددات الموقف الأوربي:

أدركت إيران حقيقة المتغيرات الإقليمية والدولية, وكذلك أدركت التفاعلات الأوروبية الأمريكية قبل الحرب الأمريكية على العراق، وإثناءها وبعدها, فالاتحاد الأوروبي يشارك الولايات المتحدة في أهدافها, غير أن هناك اختلافا في الوسيلة, فالأوروبيون الذين عارضو النهج الأمريكي في إدارة الأزمة العراقية يرون انه من الممكن الوصول إلى هذه الأهداف سلميا، ويريدون إثبات ذلك للإدارة الأمريكية, وبالتالي وجدت إيران مساحة مشتركة مع الدول الأوروبية في هذا الشأن, لذلك تعاملت مع المبادرات الأوروبية بجدية واهتمام.

مرت العلاقة الأوربية الإيرانية خلال العقود الثلاثة الماضية بلحظات تقارب وتباعد بالتزامن مع التحولات السياسية الخارجية للولايات المتحدة تجاه إيران، حيث ترغب أوروبا في أن تكون طرفاً فعالاً في النظام الدولي، غير أنها تنتظر إرشادات واشنطن لتبين لها الطريق الذي ينبغي أن تسير عليه، و تميزت فترة ما بين عام 1992-1997بهيمنة مقاربة الحوار النقدي، غير أن تداعيات قضية “ميكونوس”التي اتهمت فيها ألمانيا إيران بممارسة إرهاب الدولة إثر اغتيال قيادي كردي في ألمانيا، أحدثت تحولاً في العلاقات لتنتظم في حوار شامل بين أعوام 1998-2001, وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 فتح باب التغيير الجذري في العلاقة، حيث أعلن بوش عن ضم إيران لمحور الشر، ودعا لعزلها والعمل على تغيير نظام الحكم فيها، وبهذا تم تفويت فرصة الإمساك بسياسة الإنفتاح الإيراني في عهد الرئيس الإيراني محمد خاتمي، واستمرت سياسية المضايقة اللفظية طوال فترتي بوش الابن وحتى وصول باراك أوباما لرئاسة الولايات المتحدة(44).

وعليه فأن أي سياسة أوروبية تسعى إلى وضع حد للشكوك الدولية بشأن برنامج إيران النووي ينبغي ألا تقتصر على عقوبات لا يتم الالتزام بها بل الاعتراف بإيران كقوة إقليمية, مقابل تقديم إيران ضمانات أمنية تتعلق ببرنامجها النووي لرفع مستوى الثقة, وتسمح بمراقبة أفضل لمقتضيات القانون الدولي والالتزامات القائمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, إما المطالبة بإلغاء البرنامج فيعتبر في مظهره سياسة الكيل بمكيالين.

ثالثاً: محددات الموقف الروسي:

“موقف روسيا بشأن البرنامج النووي الإيراني أكثر تأثراً بحالة العلاقات الأمريكية الروسية من تأثره بتهديد حظر الانتشار الفعلي الذي تُشكله جهود طهران.”ففي محادثات 14 أبريل في اسطنبول، أظهرت روسيا مُجدداً أنها تستطيع أن تصبح لاعباً جماعياً. لكن الجانب التعاوني لموسكو مع الأعضاء الآخرين في مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا لا ينبع من رغبة خالصة لتسوية القضية النووية الإيرانية وإنما من محاولة لكسب النفوذ في العلاقات مع واشنطن. وحتى الآن فإن الحكومة الروسية راضية عن حالة هذه العلاقات، وهو وضع يُرجح أن يسمح بمزيد من العمل المُثمر عند اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا مرة أخرى في مايو في بغداد(45).

من وجهة نظر الروس، إن البرنامج النووي الإيراني في حد ذاته لا يُمثل تهديداً خطيراً. لكن امتلاك نظام إسلامي متطرف لأسلحة الدمار النووي الشامل هو أمر غير مقبول بالنسبة لموسكو. ولم تُخف السلطات الروسية مطلقاً وجهة نظرها بأن النظام الإسلامي المُسلح نووياً على الجانب الجنوبي لروسيا قد يكون أقل تعاوناً بكثير في آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين وقد يُقوض من نفوذ موسكو في مناطق الاتحاد السوفيتي السابقة هذه. وعلاوة على ذلك، فإن إيران المسلحة نووياً قد تزعزع الوضع في الشرق الأوسط.

وتوضح تلك المخاوف السبب في أنه بعد أن تم الكشف عن البرنامج الإيراني السري في عام 2002 راجعت موسكو على الفور مبادئ محددة تُشكل الأساس لتعاونها مع الجمهورية الإسلامية.

وبحلول عام 2005، كانت قد وقّعت عدداً من الاتفاقيات مع طهران تضمن عودة الوقود النووي المُستخدم من محطة الطاقة في “بوشهر” إلى روسيا، مع الحد بشكل عام من التعاون مع إيران. وأخيراً، رفضت روسيا جميع محاولات طهران الرامية إلى الحصول على تراخيص لإنتاج الأسلحة الروسية في إيران.

ولا تزال موسكو لا ترى ضغطاً زمنياً عاجلاً فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران. إن الحكومة الروسية وخبراءها ليسوا متأكدين مما إذا كانت السلطات في طهران قد قررت صنع سلاح نووي أم لا، لكنهم على يقين من أن الإيرانيين – على المدى المتوسط على الأقل –  لن يتمكنوا من صنع ذلك السلاح، حتى لو أرادوا ذلك.

وهم ينظرون إلى العديد من تصريحات المسؤولين الإيرانيين على أنها لا تعني شيئاً سوى التبجح من أجل تحسين شروط المساومة في نزاعهم مع الغرب.

وبالنسبة للروس، هناك قضايا أخرى في العلاقات بين البلدين عادة ما تُلقي بظلالها على البرنامج النووي الإيراني. فعلى مدار العقدين الماضيين، أثبتت طهران أنها صديقة روسيا في أوقات الحاجة، من خلال المساعدة في تعزيز السلام والاستقرار على سواحل بحر قزوين وفي آسيا الوسطى، والحد من تدخل بلدان ثالثة في الشؤون الإقليمية ومكافحة نشاط الاتجار بالبشر والمخدرات وردع انتشار الثورات الداخلية ومكافحة الإرهاب.

كما أن لموسكو مصالح اقتصادية معينة في إيران. ونتيجة لذلك، لا يوجد مجال كبير لمواجهة طهران بشأن المسألة النووية.

ثانياً: المحددات والمواقف الإقليمية.

أولاً: محددات الموقف الخليجي:

بداية، ينبغي التمييز بين موقف مجلس التعاون الخليجي وموقف دول الخليج من هذا الاتفاق. بالنسبة لموقف مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية، فقد غلب عليه فكرة “الموافقة المشروطة” حيث رحب المجلس الوزاري الخليجي خلال اجتماعه في الكويت في 27 نوفمبر الماضي بالاتفاق بين الدول الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي، على أن يكون مقدمة للتوصل إلى حل شامل لهذا الملف، ودعا المجلس إلى التعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية. وقد عبر البيان – في جانب آخر منه-عن “أمله في أن تشكل الانتخابات الرئاسية الماضية في إيران مرحلة

جديدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران مبنية على عدم التدخل وحسن الجوار وعدم استخدام القوة أو التهديد بها”

أما بالنسبة للمواقف الخليجية الفردية، لا يوجد موقف خليجي موحد من هذا الاتفاق، فثمة تباينات واضحة فيما بينها تجاه اتفاق جنيف، حيث سارعت الإمارات والكويت وقطر والبحرين للترحيب بهذا الاتفاق، وتمت الإشادة به بدرجات متفاوتة، فقد أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد -خلال كلمته بمناسبة العيد الوطني لدولة الإمارات-ترحيب الإمارات بما توصلت إليه طهران والقوى العالمية من اتفاق تمهيدي حول برنامج إيران النووي

كما أكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة – في مؤتمر صحفي عقب اختتام الاجتماع الثالث لوزراء خارجية مجلس التعاون ودول رابطة أمم شرق آسيا “الآسيان” في المنامة في 26 نوفمبر الماضي “إن الاتفاق النووي مع إيران يصب في استقرار المنطقة”. وأشار وكيل وزارة الخارجية الكويتية في تصريحات لوكالة الأنباء كونا “نأمل أن يشكل هذا الاتفاق بداية ناضجة لاتفاق دائم ينزع فتيل التوتر ويحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها”). والملاحظ أن الدول الخليجية التي يوجد لديها قضايا عالقة مع طهران هي التي بادرت بالترحيب بتوقيع هذا الاتفاق، وهو ما يعكس افتقادها للقدرة على تغيير هذا الواقع الإقليمي أكثر من اقتناعها به(46).

في حين كانت سلطنة عمان طرفاً وسيطاً بين إيران والولايات المتحدة في المحادثات الرسمية التي تمت منذ مارس الماضي، بالتوازي مع المفاوضات العلنية، الأمر الذي لم تطلع السلطنة عليه دول مجلس التعاون إذ أن مقتضيات السرية لم تسمح لهم بذلك، وهو ما يطرح إشكالية حقيقية تتعلق بحدود التزامات أعضاء مجلس التعاون الخليجي تجاه بعضها، على الرغم من تصريح يوسف بن علوي وزير الدولة للشئون الخارجية بسلطنة عمان في 26 نوفمبر الماضي في تصريحات صحفية “إن ما جرى تسريبه مبالغ فيه ولا يمثل الحقيقة”(47).

وأضاف “إن الأطراف التي شاركت في المفاوضات في جنيف وتوصلت إلى الاتفاق النووي الإيراني كانت لديها مصلحة مشتركة في الوصول إلى حل سياسي للأزمة، مشيراً إلى أن ذلك سينعكس على الاستقرار في المنطقة”. وأضاف “هذه مرحلة جديدة يجب أن نجربها، وهي بداية لحلول سلمية لمشاكل المنطقة، فيكفينا حروباً ومواجهات، فلا أحد يريد حروباً”. وختم “إن دول الخليج لها مصلحة استراتيجية في استقرار الأوضاع، وهذا أمر واضح لنا، والإيرانيون جيراننا”(48).

أما الموقف السعودي فقد غلب عليه التوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق، ثم حدث تحول في الخطاب الرسمي السعودي إلى القبول المشروط حيث أكدت الحكومة السعودية خلال اجتماعها في 25 نوفمبر الماضي أنه إذا توافر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني، فيما إذا أفضى إلى إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصا السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، على أمل أن تستتبع ذلك المزيد من الخطوط المهمة المؤدية إلى ضمان حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية” (49).

لذا، هناك ثلاثة مواقف خليجية مختلفة، فالتوافق بين دول الخليج حول إيران والثورات العربية والملفات الإقليمية بل والوحدة الخليجية غير قابل للتحقق في بعض الأحيان، وهو ما برز في التنافس القطري الإماراتي خلال الثورة في ليبيا، أو التنافس القطري السعودي في سوريا أو امتناع الكويت عن المساهمة بصورة جدية في قوات درع الجزيرة أثناء تفاقم احتجاجات البحرين، أو خروج سلطنة عمان عن القاعدة من خلال العلاقات الوثيقة مع طهران.

ثانياً: محددات الموقف العربي:

يمكن إختصار الموقف العربي اتجاه البرنامج النووي الإيراني بالرفض وعدم التأييد، ذالك أن البرنامج يشكل تهديداً لدول الخليج والدول المجاور، حيث من شأنه التأثير علي مدى نفوذ هذه الدول في المنطقة، فامتلاك إيران للسلاح النووي يجعل منها القوة الأولى في المنطقة، كما وسيجعل منها مصدرة هيبة الدول الأخرى التي ستسعي تبعاً لذالك جاهدة لكسب ولاء إيران ورضاها كي لا تتأثر مصالحها.

بدأت الدول العربية تأخذ مسألة البرنامج النووي الإيراني ببالغ الجدية، وتعطيه الأولوية في أجندتها السياسية بعد إبراز تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي بدأت تصدر منذ يونيو 2003م وحتى قبل توقيع الإطاري في فيينا في يوليو من العام الماضي 2015م، والتي تشير إلي وجود مؤشرات جدية وكبيرة علي أن برنامج إيران النووي يمكن أن يخدم أهدافا تسليحية وتحاول الدول العربية خاصة دول الجوار الجغرافي مع إيران أن يتم إشراكهم في المفاوضات والحوارات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.

لكن الخطاب الرسمي العربي حائر في تحديد موقفة من اليرنامج النووي الإيراني، ليس فقط لعجزة عن تبني موقف جماعي من أي من القضايا السياسية المفروضة علي أجندة المنطقة، بل أيضاً لحرجة من استهداف ذالك البرنامج سياسياً في ظل الترسانة النووية الإسرائيلية ويزداد الموقف تعقيداً في ظل أهداف البرنامج التي تسعي إيران لتحقيقها لتصبح اللاعب الأكبر إقليمياً ، وبثقل الملف الشيعي الداخلي، فمن المعروف أن الصورة العقيدية تسعي لنشر أفكار خارج حدود البلد الذي ظهرت فيه، وذالك لبناء الدولة النموذجية من وجهة نظرها وحمايتها من الداخل واحتواء أي هجوم خارجي محتمل من خلال تصدير الثورة(50).

يدعو العرب منذ سنوات السبعينيات من القرن الماضي لمنع انتشار الأسلحة وإزالتها، كما طالبوا بإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط بالإشارة للأسلة الإسرائيلية، وسعوا في كافة المجالات إلي إجبار إسرائيل علي الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وبلورة رأي دولي يعزز ذالك، كما تدعم جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذ آليات عدم إنتشار الأسلحة النووية وتعزيزها.

ثالثاً: محددات الموقف التركي.

يثير البرنامج النووي الإيراني ردود فعل ومواقف عربية وإقليمية ودولية متباينة ، والذي يهمنا هنا هو معرفة الموقف التركي من هذا البرنامج ، ومما يؤسف له اننا لا نمتلك الكثير من المعلومات عن هذا الموقف ، خاصة وان تركيا ،ومنذ حدوث التغييرات في الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية، بدأت تسعى من اجل إقامة مفاعل نووي في خليج “أكويو” جنوب تركيا ، وهو من ضمن عشرة مفاعلات نووية تنوي بناءها بحلول سنة 2020 .. وقد أشارت جريدة الحياة التي تصدر في لندن بعددها الصادر في 11 من  مايو سنة 1998 إلى أن منظمة السلام الأخضر تتحرك منذ ثماني سنوات لمنع تركيا من إقامة ذلك المفاعل وقد نشرت المنظمة تقريراً تضمن احتمالات الخطر من بناء هذا المفاعل على الدول المحيطة بتركيا(51).

وقد نشرت جريدة “تركش ديلي نيوز” مقالاً قالت فيه كاتبته “فيولا اوزيركان “Fulya Ozerkan أن وزير البنية التحتية الإسرائيلية  حذر من أن اتفاقاً بشأن الطاقة بين تركيا وإيران سيعمل على تشجيع إيران في الأقدام على تطوير برنامجها النووي .. وقد انتقد الوزير الإسرائيلي وبشدة اتفاقاً للتعاون التركي – الإيراني حول الغاز الطبيعي قائلاً : (( أن إحراز التقدم في مثل هذه المشاريع يعمل على تشجيع طهران المتهمة من قبل الغرب بالسعي لامتلاك السلاح النووي !! ))  وأضاف الوزير الإسرائيلي يقول : (( إن إيران باتت تشكل خطراً على الاستقرار في الشرق الأوسط بل هي خطر على العالم كله ، هذا فضلا عن كونها تشكل تهديداً للاستقرار في العالم الإسلامي )) (52).

كما أن الولايات المتحدة انتقدت الخطوة التركية اتجاه التوقيع على اتفاق التعاون التركي – الإيراني الذي جرى في عام 2007  وقالت أن الخطوة التركية جاءت في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى فرض عقوبات أشد ضد إيران بسبب برنامجها النووي . وقد ردت الحكومة التركية على ذلك قائلة إنها تهدف من خلال علاقاتها الودية مع دول المنظمة والمجتمع الدولي إلى إشاعة أسلوب دبلوماسي مكثف سوف يساعد ، بدون شك ، على نزع فتيل التوتر النووي،  وقال احد المسؤولين الأتراك المعنيين بالبرنامج النووي الإيراني : (( إننا على استعداد لدفع الثمن مقابل السلام )) وقد علق الوزير الإسرائيلي على ذلك بقوله إن تركيا ، كما يبدو ، تريد أن تنهمك في الدفع بجهود ترمي إلى تخفيف الضجة المتنامية بخصوص نشاطات طهران النووية.

ثالثاً: محددات الموقف الإسرائيلي.

منذ الكشف عن الجوانب السرية للبرنامج النووي الإيراني عام 2002، وإسرائيل توليه أهمية قصوى. وفي سياق سعيها إلى حشد جهود المجتمع الدولي لوقفه، ادعت أنّ المشروع النووي الإيراني يمثّل خطرًا على وجودها، وهددت مرارًا باستعمال القوة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وسيلة للضغط على المجتمع الدولي، للتحرك عسكريًا ضد إيران، أو على الأقل فرض مزيد من العقوبات عليها، وتعميق عزلتها الدولية وحدث عكس ذالك بتحريرها من العزلة الدولية.

وكان “بنيامين نتنياهو” من بين كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبين الأكثر تناولًا للمشروع النووي الإيراني، ومطالباته بوضع حد له، بيد أنّ نتنياهو، وخلافًا لمن سبقه من زعماء إسرائيليين، اختلف مع الإدارة الأميركية ورفض علنًا سياستها الهادفة إلى إيجاد حل سياسي لأزمة البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي وتّر علاقات إسرائيل مع واشنطن بشكل غير معهود. إذ سعى نتنياهو إلى فرض رؤيته، المتمثلة بإزالة البنية التحتية للمشروع النووي الإيراني كليةً، إمّا بضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، تقوم بها الولايات المتحدة أساسًا، وخصوصاً بعد تحريرها من عزلتها الدولية، لإرغامها على تفكيك مجمل مشروعها النووي. لذلك، عارضت حكومة نتنياهو بشدة اتفاق جنيف التمهيدي الذي تمّ التوصل إليه في نوفمبر 2013،  كما عارضت الأتفاق الإطاري الأخير الذي انعقد في فيينا العام الماضي 2015م، واستتباعًا الاتفاق النهائي الذي تم التوصل إليه أخيرًا(53).

رفضت أحزاب المعارضة الصهيونية بالمثل الاتفاق، ورأته سيئًا جدًّا، وانتقدت، في الوقت نفسه، نتنياهو لفشله في التصدي للمشروع النووي الإيراني، ولتوتيره العلاقات مع الإدارة الأميركية، الأمر الذي أثّر في مضمون الاتفاق. فقد صرح “يتسحاك هيرتسوغ”، رئيس حزب “المعسكر الصهيوني” وزعيم المعارضة، أنّ الاتفاق النووي سيئ ويهدد أمن إسرائيل. وقال إنه، وعلى الرغم من الخلافات مع نتنياهو بشأن إدارته الملف النووي، وبشأن خلافه مع الإدارة الأميركية، فإنه عند الحديث عن أمن إسرائيل، يقف المعسكر الصهيوني موحدًا، وبكل قوة، من أجل أمن إسرائيل، وعلى الحكومة والمعارضة، على السواء، مواجهة نتائج الاتفاق على المستويين، القريب والبعيد(54).

الفصل الثالث

“سيناريوهات مستقبلية

كأساس لبدائل إستراتيجية اتجاه إيران”

مقدمة:

الاتفاق بين إيران والدول العظمى كما يبدو- وفقا للمعايير التي نشرت من قبل الدائرة السياسية في الولايات المتحدة في الـ 2 ابريل 2015، بعد جولة المحادثات التي عقدت في لوزان وجنيف وأخيراً في فيينا هو ذو إشكالية، إلا أنه ليس بالضرورة أكثر السيناريوهات سلبية والذي يمكن أن ينتج عن قضية البرنامج النووي الإيراني.

حجر الزاوية في مقارنة السيناريوهات ليست هي وضع صفر قدرات نووية إيرانية، بل المواجهة مع إيران، التي تمثل دولة على عتبة امتلاك السلاح النووي – ولكن ليس شرعيا – منذ بداية العقد الحالي. بحوزة إيران بنية تحتية نووية، والتي أنشأتها خلال العقد الأخير، أي جميع العناصر والمعرفة، التي تمكنها من صناعة قنبلة نووية. فإيران تملك اليوم 19 ألف جهاز طرد مركزي، من بينها مخصبات لليورانيوم، 10 طن من اليورانيوم مخصبة بنسبة منخفضة (مواد تكفي لصناعة 7-8 قنابل نووية بعد تخصيبها لدرجة أعلى)، موقعان للتخصيب تحت الأرض، مفاعل نووي في بوشاهر، الذي بإمكانه أيضاً أن ينتج بلوتونيوم، فرن مياه ثقيلة بلوتوغوني موجود في أراك. وكذلك قاعدة علمية، بحث، تطوير وأبحاث سرية حول السلاح. من المهم التأكيد، أن الاتفاق المتبلور لا يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي – ليس بعد 10 سنوات أو 25 سنة من التوقيع على الاتفاق، وليس بشكل عام. القرار الإيراني لتطوير سلاح نووي، سوف يكون خرقاً له وخرقاً لإملاءات “NPT” وتستوجب رداً حازماً من قبل الدول العظمى(55).

فيما يلي سيناريوهات ثلاثة، بداية من  التوصّل إلى الاتفاق. في كلّ من السيناريوهات سنوصّف أداءً إيرانيّا تخمينيًا مغايراً، انطلاقاً من إدراك بأنّ الحديث يدور عن متغيّر أقسى عملية يمكن استشرافها. بالنسبة لكلّ سيناريو، سيتمّ تحليل الظروف التي أوجدت حالة مفترق القرار بين “قنبلة أو قصف”، إضافة إلى مقدار أفضلية هذا السيناريو على الوضع الحالي المرتبط بإيران ذات قدرات عتبة نووية أو أكثر تعقيدا منه. أمّا باقي التحليل فيرتكز على فرضية أن يتضمّن الاتفاق الذي سيتوصّل إليه الأطراف، كلّ المعايير التي تحدّثت عنها وزارة الخارجية، مع تحسينات مطلوبة في موضوع تقييد البحث والتطوير النووي من قبل إيران، ومع زيادة شفافية كاملة بشأن الأبعاد العسكرية للبرنامج والرقابة الكاملة على أداء إيران في مجال النووي فيما بعد وفقاً للاتفاق، في كلّ موقع وفي أي وقت كان.

السيناريو الأول:

في حصيلة المحادثات وفقاً للمعايير التي تبلورت في لوزان، تنشأ ديناميكية إيجابية بين إيران وبين الدول العظمى، وفي العشر- خمس عشرة سنة المقبلة تصبح إيران معتدلة وتكفّ عن السعي للحصول على السلاح النووي. هذا هو السيناريو التفاؤلي الذي تأمل الإدارة الأمريكية تحققه. في هذا السيناريو، إيران تعود تدريجياً إلى “الأسرة الأممية” وتحافظ على الاتفاق بينها وبين الدول العظمى كما هو على أساس تفاهم بأنّ النووي ليس مكسباً بالنسبة لها بل عبئاً. في الواقع، حتى بعد عقد ستبقى إيران على مسافة سنة من القنبلة، لكنّ المسارات الموصلة إلى قنبلة نووية- مسار اليورانيوم، مسار البلوتونيوم والمسار السري- ستكون مقطوعة ومراقبة جيّدا. في هذا السيناريو، بعد عشر سنوات ستوسّع إيران بنيتها النووية في موقع نتانز، لكن وفقا للاتفاق، لن تخصّب اليورانيوم لمستوى يفوق الـ3.67%، لن تجمّع المادة بما يفوق الكمّية المسموح بها أي 300 كلغ، لن تشغّل موقع التخصيب في فوردو، وهكذا ستقنع الأسرة الدولية بأنّها دولة ذات قدرات نووية مدنية، تحافظ على مبادئ المعاهدة الدولية لحظر انتشار السلاح النووي ومراقبة بنجاعة بحسب البروتوكول الإضافي الموسّع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في هذا الوضع إذا ما عرفت الدولة العظمى أيضاً كيف تمنع الانتشار الإضافي لبرامج نووية في دول أخرى في الشرق الأوسط، ما من شكّ، بأنّ ذاك سيناريو أفضل من الوضع الحالي، حيث إيران على مسافة أشهر معدودة من القنبلة، وهو حتماً أفضل من وضع ستكون فيه ذات بنية تحتية نووية واسعة جدّا في العام 2030 بدون الاتفاق. هذا السيناريو سيحول دون الحاجة إلى الاختيار بين البدائل السيّئة في “مفترق القرار”- “قنبلة أو قصف”.

السيناريو الثاني:

إيران تحافظ على الاتفاق لكنّها لا تتنازل عن الهدف الإستراتيجي المتمثّل بالقدرة على تطوير قنبلة في أي لحظة ممكنة وفي وقت قصير جداً. الفرضية التي توجّه هذا السيناريو هي أن لا تغيير حلّ في النظام الإيراني وأنّه إلى جانب مواصلة أنشطتها السلبية في الشرق الأوسط (سعي إلى هيمنة إقليمية، مؤامرات، دعم للإرهاب وسعي إلى القضاء على إسرائيل)، يتشبّث أكثر برغبته بأن يكون قادرا على اتخاذ قرار في أي لحظة، من دون أن يستطيع المجتمع الدولي منعه من ذلك، بتطوير قنبلة نووية.

مع نهاية سنوات التقييد العشرة التي ستفرض على إيران في إطار الاتفاق كما حدث وأنتهت بالفعل، ستعيد إيران تنصيب أجهزة الطرد الثلاثة عشر ألفاً التي فكّك بحسب إملاءات الاتفاق، وعندها سيكون هذا الإجراء قانونياً، كما ستحدد لنفسها هدف الوصول، في السنة الخامسة عشرة للاتفاق، إلى أربعة وخمسين ألف جهاز طرد، بما في ذلك النماذج المتقدّمة- ما يعني القابلية الاحتوائية الكاملة لمنشأة نتانز.

في هذا السيناريو، إيران ستنتقل لتركيب آلاف أجهزة الطرد الحديثة، التي طوّرتها على مدى سنوات الاتفاق، وستعدّ ثلاثة آلاف جهاز طرد حديثة لتنصيبها في فوردو مع استكمال خمس عشرة سنة على الاتفاق، ما يسمح لها بالعودة إلى نشاط كامل في هذا الموقع المحصّن جيّدا. في السنة الخامسة عشرة على الاتفاق تستطيع إيران أيضا البدء بتجميع اليورانيوم المخصب بما يزيد عن 300 كلغ، كما يمكنها رفع مستوى التخصيب إلى 20%. من الواضح، تماماً كما تكهّن الرئيس أوباما في المقابلة الإذاعية، فإنّ مسافة الاختراق نحو القنبلة ستكون صفر بدءًا من السنة الثالثة عشرة على الاتفاق وبشكل مؤكد في السنة الخامسة عشرة عليه(56).

في العام 2025، سيكون رئيس الحكومة الإسرائيلي والرئيس الأمريكي من دون شكّ، قريباً جداً من “المفترق” وعليه سيكون عليهم اتخاذ قرار حول ما إذا كان ينبغي التحرّك قبل أن يبقي نطاق البرنامج الإيراني وحصانته القرار بشأن تطوير قنبلة بيد النظام الإيراني، المثير للمشاكل والمعادي. عندها سيكون القرار بالتحرّك صعباً، لأنّ  الإيرانيين لا يتجاوزون الاتفاق، وفي نفس الوقت سيكون واضحا تمام الوضوح أنّ عدم التحرّك من جانب الدول العظمى معناه قنبلة نووية إيرانية في غضون وقت قصير جداً وفي توقيت يختاره النظام في طهران.

على أنّ السؤال الأهمّ هو، هل الإدارة الأمريكية، التي تأمل بتحقق السيناريو الأول التفاؤلي، ستقابل بواقعية السيناريو الثاني الإشكالي، ستكون قادرة على العمل ضدّ إيران في حال عدم انتهاك الاتفاق من قبل الإيرانيين وعدم تجاوزها المِيل الأخير نحو القنبلة، أي عمليات تخصيب عالية وتطوير منظومات التسلّح؟. إسرائيل، في المقابل، سيكون لديها على ما يبدو، حرية عمل لأنّها ليست طرفاً في الاتفاق.

من المهم الإشارة إلى أنّه خلافاً للبديهية في هذا السيناريو، أي عملية عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني في العام 2025 لن تكون أكثر تعقيداً من عملية تنفّذ في العام 2015. فقبل توسيع البنية النووية الإيرانية بعد مرور فترة الاتفاق، ما بين 2025- 2030، البرنامج سيكون أكثر تقلّصاً ممّا هو عليه اليوم، المعلومات الأستخبارية حوله ستكون أفضل، وهو سيكون أقلّ منعة وحصانة من اليوم. في المقابل، بعد عشر إلى اثنتي عشر سنة، من المحتمل أن يطوّر الإيرانيون قدرات دفاعية جوية وتحصيناً إضافياً، ستضع صعوبات حينها أمام عملية إسرائيلية.

السيناريو الثالث:

أنشطة إيرانية سرية بما يتناقض مع الاتفاق، تقويضه وفي حالة متطرّفة- اختراق نحو القنبلة. في هذا السيناريو،  و بعد انتهاء فترة الاتفاق، سيتكشف احتيال وعمل إيراني خلافا لالتزاماتها وفقاً لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي أو خلافاً لبنود الاتفاق، والتقدّم نحو القنبلة- تطوير منظومة التسلّح و/ أو تخصيب عال ينفّذ سرّاً أو جهاراً.

في هذه الحالة، من الممكن أن تجد كل من إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهما عند “مفترق القرار”، ما يعني: تسليم بإيران مزوّدة بسلاح نووي أو عملية ضدّها. إذا ما تمسّكت الدولتان بتصريحاتهما بأنّ “كلّ الخيارات على الطاولة”، وأنّهما لن تسمحا بوضع تكون فيه إيران نووية، فإنّ هذا السيناريو سيوفّر لهما شرعية للعمل تقريباً في أي وضع كان قبل العام 2027(السنة المتقدمة التي يتوقّع أن تعود إيران فيها إلى القدرات التي كانت بحوزتها في العام 2015), وكما قلنا، المهمة العسكرية لن تكون حينها معقدة أكثر من العام 2015 وقد يكون العكس هو الصحيح – البرنامج الإيراني سيكون مكشوفاً ومقلّصاً أكثر ممّا هو عليه اليوم، والقدرات الإستخبارية والهجومية لدى إسرائيل والولايات المتحدة ستكون أكثر تطوّرا وحداثة من اليوم.

السيناريو الأصعب:

السيناريو الأصعب في حال إبرام الاتفاق بحسب معايير لوزان، ليس بالضرورة السيناريو المتضمّن انتهاكاً إيرانياً للاتفاق أو اختراقاً نحو النووي، بل السيناريو الذي تحافظ إيران في إطاره، على بنود الاتفاق ولا توفّر ذريعة قانونية للولايات المتحدة لمنع تموضعها على مسافة صفر من القنبلة، مستندة إلى برنامج نووي واسع، متقدّم وحصين. في هذه الحالة، حكومة إسرائيل فقط، التي ليست طرفاً في الاتفاق، ستكون عند مفترق قرار صعب، وهي ستكون عنده في هذه الأيّام، إذا لم يُبرم اتفاق.

ويشير تحليل السيناريوهات الثلاثة إلى أنّ اتفاقاً بين الدول العظمى وإيران حول البرنامج النووي الإيراني بحسب المعايير المتفق عليها في لوزان وجنيف وفينيا، مع تحسينات ضرورية “اتفاق متشدد ومعدّل في موضوع البحث والتطوير، حل لجوانب البرنامج العسكرية ورقابة في كل موقع وفي أي وقت”، أفضل من الوضع الحالي، ولو لم يكن وفقاً لـ “صفقة جيّدة”.

إيران ربما يمكنها أن تفضي إلى اتفاق أفضل وخاصة بعد إنهاء الحظر الاقتصادي عليها، لكن ربّما تفضي أيضاً إلى تجسّد المخاطر الكامنة في إخفاق المحادثات، باستمرار أنشطة إيران النووية وربّما بقرار من جانب النظام الإيراني بالاختراق نحو القنبلة. في المقابل، الاتفاق سيسمح، بعد فترة 10- 12 سنة، بتحديد ما إذا كان النظام الإيراني لم يصبح معتدلاً ولم يغيّر منهجه، وأنّه ما زال يسعى إلى السلاح النووي.

وإذا ما حصل هذا فعلاً، فسيكون بالإمكان التحرّك ضدّ البرنامج النووي في ظروف عملانية محسّنة وقد يكون ذلك أيضاً في ظروف قانونية أفضل بكثير. قد يكون ضروريا فحص إمكانية حصول اتفاق دفاعي خاص بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويكون محصوراً بقضية النووي الإيراني، وبالتالي تجاوز العوائق التي  تمنع إبرام اتفاق دفاعي شامل بين هذين البلدين.

الخاتمة والنتائج والتوصيات

توصلنا في هذه الدراسة إلي أن الفرضيات التي تقوم عليها أدت إلي صدق فرضيتها وهي العلاقة بين الصراع علي منطقة الشرق الأوسط تجاه التحدي النووي الإيراني، وهما مرتبطان سلباً وإيجاباً في استقرار المنطقة من عدمه، والمتتبع للدور الإيراني من خلال تصريحات المسئولين الإيرانيين علي كافة المستويات يعتقد تمام الاعتقاد بأن القيادة الإيرانية تسعي إلي الهيمنة والتوسع دون الاكتراث بمصالح وأمن دول المنطقة.

ومن خلال هذه الدراسة فقد توصلنا إلي مجموعة من النتائج وهي:

  1. عدم وضوح الرؤية الإستراتيجية المشتركة لدول الخليج وتناقض الأولويات فيما بينهم.
  2. أن عدم حل هذه الخلافات الحدودية سوف يبقي هذا الملف عائقاً دون تحسن العلاقات الخليجية الإيرانية.
  3. استمرار إيران في تحديها واستمرارها في برنامجها النووي والمثير للجدل يؤدي إلي مزيد من سباق التسلح في المنطقة وعدم استقرارها.
  4. إصرار الطرف الإيراني علي التدخل في الشأن الخليجي وكذالك الأوضاع العربية واستقلالها.
  5. تتأثر منطقة الخليج العربي كغيرها من الأقاليم الدولية بما يحيط بها من أحداث حيث أصبح أمنها الإقليمي مرتبطاُ بالأمن الدولي.
  6. تكتس منطقة الخليج والشرق الأوسط أمية بسبب موقعها الجغرافي وامتلاكها لأكبر مصادر الطاقة “النفط والغاز” مما يجعلها عرضة لتدخلات الدول الكبرى.
  7. انعدام وفقدان الثقة بين دول الخليج وإيران بما يؤدي إلي الإخلال بأمن المنطقة ككل.
  8. ضعف الجهود العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص وعدم وحدها في الدفاع عن مصالحها سوف يؤدي إلي التدخلات المباشرة من الدول الكبرى لحماية مصالحها.
  9. إصرار الطرف الإيراني علي تحدي إقليم الشرق الأوسط عبر التصريحات الاستفزازية والتحدي الصارخ للقرارات.
  10. محاولة الدول العربية لعب دور سياسة الاحتواء أو كما الإهمال كما فعلت السعودية بقطع علاقاتها مع إيران دون التورط في نزاع مسلح لا تحمد عواقبه.

وفي ضوء هذه النتائج تم التوصل إلي مجموعة من التوصيات التي قد تؤدي إلي تحقيق الأمن والاستقرار إذا تم وضعها في الحسبان من قبل صانعي القرار في دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربي بشكل خاص وهي:

  1. توحيد السياسات العربية علي المستوي السياسي والاقتصادي والعسكري وصولا إلي الوحدة العربية وهو ما تطمح إليه شعوب منطقة الشرق الأوسط.
  2. تقوية الجبهة الداخلية لدول الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وتعزيز الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد مجتمع الشرق الأوسط، وهذا كفيل بعدم اختراق هذه الجبهة من الخارج وتعزيز مبدأ “الولاء والانتماء” وهي ضرورة وطنية ملحة.
  3. إثبات النوايا الإيرانية حول البرنامج النووي الإيراني وكشف مساعيها الحقيقية.
  4. ضرورة إعلان المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، حتى لا تضطر دول الخليج للتحالفات من أجل إحداث توازن للقوي.
  5. ضرورة الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار.
  6. أن تكون هناك رؤية إستراتيجية خليجية عربية مشتركة في التعامل مع الدول ذات المصالح الدولية في هذة المنطقة وضرورة التنسيق فيما بينهم.
  7. التركيز على العلاقات الثقافية والإجتماعية إذ تعد هذه المنطقة ذات تواصل حضاري وثقافي ديني واحد.

قائمة المراجع:

أولاً: المراجع العربية.

(1) محمد عزيز شكري، الأحلاف والتكتلات في السياسة العالمية، عالم المعرفة، العدد 7، الكويت، 1978 م، ص 11 )

(3) كاظم هاشم نعمة، العلاقات الدولية، م ا رجعة مندوب الشالجي، دار الكتب للطباعة والنشر،ج 1، بغداد، 1979 م، ص 203

(4) مازن الرمضاني، السياسة الخارجية – دراسة نظرية، دار الحكمة، بغداد، 1991 م، ص 106

(5) محمود إسماعيل محمد، تحولات إستراتيجية لسياسة مصر الخارجية في الثمانيات، السياسة الدولية، العدد 69. ص29.

(6) محمد ستوده آرني، التطور في السياسة الخارجية الإيرانية، مختارات  إيرانية، السنة الثالثة،ع 33 ، ابريل 2003 م، ص 87

(7) ريتشارد هاس، تغيير النظام وحدوده، مجلة فورين آفيرز الأمريكية، ترجمة: شيرين حامد فهمي، عدد يوليو/أغسطس2015.

(8) فتحي حسن عطوه، السياسة الخارجية للسودان1969-1985، الفكر الاستراتيجي العربي، العدد32،1989م،39.

(10) ياسين سويد، الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الجزء السادس، هيئة الموسوعة الفلسطينية، بيروت، الطبعة الأولي،1990م.

(11) إفاريم أسكولاي، وآخرون، إسرائيل  والمشروع النووي الإيراني، ترجمة :احمد أبو هدبه، مؤسسة الدارسات الفلسطينية،2006م.

(12) شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية، ترجمة: بسام شيحا، الدار العربية للعلوم ناشرون، مكتبة مدبولي، 2007م، ص36-57.

(13) علي مستشاري، إيران والشرك النووي، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القاهرة، العدد29، أكتوبر2003م، ص51.

(14) علي مستشاري، نفس المرجع السابق، ص 52.

(16) أفنير كوهين ، الملف النووي الإيراني: خيار إسرائيل العسكري، مركز الدراسات الأستراتيجة. العدد 44، ص33.

(17) محمد عبد السلام، الأمن القومي الإيراني من وجهة نظر القدرات العسكرية، مؤتمر حول تقييم ومناقشة التقرير الاستراتيجي حول إيران 2007 ، وحدة الأمن الإقليمي وثقافة السلام، برنامج الدراسات الإيرانية، القاهرة، الأربعاء 26 مارس. 2008 م، ص22.

(18) علي حسين باكير، عالم متعدد الأقطاب: روسيا تتحدى تفرد الولايات المتحدة الأمريكية، مجلة الدفاع الوطني، لبنان. http://www.lebarmy.gov.lb/a4rticle.asp?ln=ar&id=9257815.

(20) علي الغالب، القدرات إيرانية العسكرية التقليدية، دراسات خاصة لموسوعة الرشيد.2020،ص2.

(21) التقرير الاستراتيجي العربي 2001، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 2002 م، ص 22

طلعت الرميح، نظرات في الإستراتيجية الإيرانية، جريدة الشرق القطرية، 25\4\2009م

(22) مقترح قدمه الرئيس الأمريكي داويت إيزنهاور في الدورة الثامنة للجمعية العامة للأمم المتحدة ،لإنشاء منظمة دولية لنشر تكنولوجيا نووية )

سلمية مع الحول من تطوير قدرات أسلحة نووية لبلدان أخرى غير نووية، ونتج عنه إنشاء الوكالة الدولية للطاقة النووية عام 1957م،

وعهد لها مسؤولية مزدوجة تعمل على نشر تكنولوجيا نووية سلمية والرقابة عليها. انظر موقع الأمم المتحدة على الرابط: http://www.un.org/ar/conf/npt/2010/background.sh

(23) عدنان أبو ناصر، التكنولوجيا النووية السلمية الإيرانية، والموقف المتناقض للغرب، مجلة الوحدة الإسلامية، العدد 101. السنة التاسعة، عدد أيار 2010 م، ص16.

(25) علي الغالب، مرجع سابق. ص32.

(26) عبد الإله الراوي، لماذا لم يتم ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، قصة المفاعلات النووية الإيرانية، شبكة البصرة، علي الرابط: http:www.albasrah.net/ar-articles_2010/0610/abdul_24610htm. . 2010/6/24

(27) احمد داوود أوغلو، مكانة تركيا في العالم، مجلة شؤون الأوسط، ع 118 ، ربيع 2005 م، ص 146

(28) على أكبر صالحي، تصريح صحفي، طهران.

علي الرابط: http://www.spa.gov.sa/readsinglenews.php?id=778867810.

(29) عائشة المري، الخيار النووي الإيراني، جريدة إيلاف الالكترونية، الاتحاد الإماراتية، 72\10\2004م.

http://www.elaph.com/Web/Webform/SearchArticle.aspx?ArticleId=1826676898&sectionarchiv

(30) هاكان يافوز، العلاقات التركية-الإسرائيلية من منظور الجدل حول الهوية التركية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبو ظبي. 2000م،ص6.

(44) مصطفي العاني، الموقف المحتمل لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه سيناريو العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، مركز الخليج للأبحاث ومكتبة الأسد الوطنية، 2004 م، ص45.

(45) وين ديفس، أمريكا هي العالم والعالم هو أمريكا، مجلة شؤون الشرق الأوسط، مركز الدراسات الإستراتيجية للبحوث والتوثيق، العد110، ربيع2007، بيروت، 25.

(46) نفس المرجع السابق، ص. 73

(47) محمود إسماعيل، صفقات إيران مع الشيطان الأكبر، وكالة الأخبار الإسلامية24\2\2011م.

(48) عطا القيمري، الخطر الإيراني في الرؤية الإسرائيلية، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 14 ، ربيع2003

(49) نفس المرجع السابق، ص33.

(50) أفنير كوهين، نحو شرق أوسط جديد، إعادة النظر في المسألة النووية، مرجع سابق، ص43.

ثانياً: المراجع الأجنبية.

The references foreign:

(2) Kori Schake, Judith,Yaphe, “The Strategic Implications Of a Nuclear Armed Iran” First Printing, Institute for National Strategic Studies-National Defense University, Washington ,D,C.2001

(9) U.S Department of State’ Foreign Relations,Vol.XVII,1961-63″Near East.U.S.1995.

httb://dfosfan.lib.uic.edu/ERC/frus/summtmarees/950117_FRUS_XVII_196784b61-63.htlm>

(15) Kori N.Schake& Judith S.Yaphe,The Strategic Implications of a Nuclear Armed Iran”Mc Nair Papers (Washington D.C:National Defense University Press, First Printing), NO.64 May2001,p.15

(19) Iran Watch, Iran’s Nuclear program”Wisconsin project on Nuclear Arms control,Washington D.C.2004.

http://www.irangtwatch.org/wmd/wponac-nuclearhtdistory-09054htm,5.02.2007

(24) Mohammad Sahimi,Iran’s Nuclear Program,Part1:Its History:Payvand.10/2/2003

http://payvand.com/news/03e4/oct/101f5.html

(31) Moscow Times. 5 Septempar.2001.http:www.themoscowtimes.com/inrdex.php

(32) Paul Brannnan and David Albright, Isis Imagery Brief: New Activities at the probably not, Institute for science and International Security,ISIS.

http://www.fourthfrtyueedom.org/Iran_gsite/pdf/Destroying_Sehcurity.pdf.

(33) The Risk Report, Iran Missile Update: Wisconsin Project on Nuclear Arms Control.volume10Number2.USMarch-April2004. http://www.wistconsingproject.org/countries/iran/misgfsile2004.htm.

(34) U.S Department of State’ Foreign Relations,Vol.XVII,1961-63″Near East.U.S.1995.

http://dosfan.lib.uic.edu/ERC/frrus/summaries/950157417_FRUS_XVII_1961-63.html

(35) GoregeW.Bush,”State of The Union Address” The White House.U.S.2002.

http://www.whitehohguse.gov/news/releases/2002/01/200235730129-11.html

(36) Raphael.F Perl “Terrorism. the Future and U.S Foreign Policy” Congressional Research Service order. code IB95112,The library of Congress.U.S.2003.

(37) Eli Clifton,WINEP’s David Pollock Challenges Zogby poll Findings On Arab Support For Iran,September 17th.2010 Http;//www.lobelog.com/wineps-david-pollock-challenges-zogby-poll-findingfgrson-arab-suppjort-fgor-iran

(38)NegevNuclearResearch:WeaponsofMassDestruct: http://www.globalsecurity.org/whmd/world/isragel/dfidmrona.html>

(39) Michael Hirsh ,Maziar Bahari,” Rumors of War”, News Week,Feb.2007

http://www.msnbc.msn.com/id/17086418/site/newsweek/,19.5.2007

(40) Gorege W.Bush,the Bush Doctrine,theWhite House,September.17.2002

(41) “Chronology of Key Events Related to Implementation of IAEA Safeguards in Iran” International Organizations and Nonproliferation Program at the Center for Nonproliferation for Studies, published June16,2006,retrieved July13.2008.from http://www.cns.miis,edu/pubhs/week/06087954120.htm

(42) “TIMELINE-Iran’s nuclear program,”Reuters,AFRICA,July26,2010,

http://af.reuters.com/article/energyOilNebws/idAFLDE66P1QJ56340100726?sp=true

(43) Eli Clifton,WINEP’s David Pollock Challenges Zogby poll Findings On Arab Support For Iran,

September 17th.2010 Http;//www.lobelog.com/wineps-david-pollock-challenges-zogby-poll-findingson-

arab-support-for-iran

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى