مقالات

تركيا :عام مضى على قرار حجب “مواقع التواصل” و اليوم بفضلها يفشل “الانقلاب”

بقلم : بقلم ابراهيم سيد الناجم – ماجيستير في الدراسات الدولية و الدبلوماسية

في لحظة مفاجئة يعلن عن خبر وجود تمرد للجيش في تركيا تتجه كافة وسائل الاعلام الدولية نحو تركيا بعدما كانت منهمكة في تغطية أحداث مدينة “نيس”الفرنسية ،كان اول خبر يتم تداوله هو اغلاق عناصر من الجيش التركي للخط المتجه من الجانب الاسيوي نحو الاوروبي الواقع على جسر البوسفور، بعدها يخرج مباشرة رئيس الوزراء التركي بن علي يردم  و يصف الحادث بأنه محاولة انقلابية،لتتناقل وسائل اعلامية خبر وجود مروحيات عسكرية تحلق في سماء العاصمة التركية “انقرة” و أن شهود عيان سمعو ذوي اطلاق نار،بعد ذالك يصدر تحذير أطلقه رئيس الوزراء من أن المحاولة الانقلابية فاشلة لا محالة، وأنه تم استدعاء كافة عناصر الشرطة، معلنا في تصريحات لقناة (إن.تي.في) التلفزيونية الخاصة أن”بعض الأشخاص نفذوا أفعالا غير قانونية خارج إطار تسلسل القيادة ،الحكومة المنتخبة من الشعب لا تزال في موقع السلطة  هذه الحكومة لن ترحل إلا حين يقول الشعب ذلك”.

تتوالى الاحداث، و بعد ذالك بدقائق تقول وسائل اعلامية تركية بأن المحاولة الانقلابية  تقف وراءها جماعة “فتح الله غولن”،بينما سيطر انقلابيون على القناة التركية الرسمية “تي.آر.تي” وأجبروا العاملين فيها على بث بيان تحدث عن تولي السلطة “للحفاظ على الديمقراطية” وأن جميع العلاقات الخارجية للدولة ستستمر وأن “السلطة الجديدة” ملتزمة بجميع المواثيق والالتزامات الرسمية، كما تعهد بإخراج دستور جديد في أٌقرب وقت، بعد ذلك أعلن مصدر بالرئاسة أن البيان الذي صدر باسم القوات المسلحة لم يكن مصرحا به من قيادة الجيش ،و بالتزامن مع قراءة هذا البيان سيقع الحدث المفصلي في الحادث حيث سيظهر الرئيس التركي طيب رجب اردوغان عبر تطبيق “للتواصل الاجتماعي” في اتصال مباشر مع قناة تركية و دعا أبناء شعبه للنزول إلى الشوارع والميادين والمطارات رفضا للانقلاب العسكري ومؤكدا بأنه “لن نسمح لأحد أن يُثنيهم عن عزمهم” ،وطالب “أردوغان” القوات المسلحة والجنرالات الشرفاء إلى الوقوف بصلابة وشرف أمام من باع ضميره من الضباط الآخرين الذين ستتم معاقبتهم في أقرب وقت.

الحدث المفصلي الذي وقع في الانقلاب “الخامس بتركيا منذ سنة 1960 “ستكون اول بوادر فشله هو “الاتصال المباشر عبر تطبيق بالتواصل الاجتماعي،و هنا ستعود بنا الذاكرة الى “قرار” السلطات التركية منذ عام حين “حجبت” عددا من مواقع التواصل الاجتماعي “شهر ابريل 2016 “على رأسها تويتر وفيسبوك ويوتيوب، بحجة منع رواد الشبكة من تداول صور المدعي العام الذي قتل في اسطنبول تلك الفترة ،القرار الذي استندت فيه ادارة الاتصالات التركية على قرار احدى المحاكم التي تقول بانه بعد تلقي دعوات من بعض الافراض تطالب بعدم نشر صور المدعي العام  القتيل محمد سليم كيراز. المنع الاكبر من نوعه لم يكن الاول،فالسلطات التركية كانت قد قامت بمنع الولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي مؤقتا في عز انتشار اتهامات بالفساد وجهت لمقربين من رئيس الوزراء حينها (الرئيس الحالي) رجب طيب أردوغان. فكيف كان بإمكان السيد الرئيس ” رجب طيب اردوغان” أن يتواصل مع أبناء شعبه لو “افترضنا” انه تم حجب مواقع التواصل الاجتماعي عنه في تلك اللحظة التي كان “الانقالابيون” يسيطرون على كافة محطات البث؟.

في تلك اللحظة جميع أبناء تركيا معارضة و موالاة لبو نداء “الرئيس” و خرجو الى الشوارع و بصدور عارية تحدو الدبابات و عتاد الجيش دون ان يفكرو في “قرارات السلطة” التي مست بحق من حقوقهم، و قيد جزء من حريتهم ،خرجو حاملين “أعلام” تركيا و ليس صور “رجب طيب اردوغان” و لم يرفعو شعار “حزب العدالة و التنمية” أو غيره من الاحزاب اثباتا منهم للعالم أن كل قرار أو كل خلاف يتم وضعه على جنب حين يتعلق الامر بأمن و أستقرار الوطن.

سيكتب التاريخ للشعب التركي مسألتين،”الاولى” أنه شعب واعي بالمستوى المطلوب و لا تأثر فيه شعارات المؤامرات التي تحاك خلف الكواليس و التي عصفت بالكثير من الدول بسبب تخلف شعوبها و تصديق الترهات و أكاذيب التغيير” التغيير الذي يكون بتغيير فكر الاشخاص و ليس بتغيير الأشخاص و “الثانية “أنه خرج من اجل الوطن و أن الوطن فوق التفكير في أي تعسف صادر من السلطة السياسية أو أي اختلاف في المشروع السياسي و دليل ذالك قمة الوعي التي تحظى بها”المعارضة”.

بعد فشل الانقلاب و بعد أن تنفس “رجب طيب اردوغان” الصعداء،أصبح اليوم من الواجب عليه ان يراجع و بتمعن كافة أوراقه داخليا أو خارجيا و أن يعرف بأن الغرور السياسي  لن ينجب لتركيا سوى “الانقلابات” و “المؤامرات” و ان السلطة بدون قاعدة شعبية لا خيرفيها.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى