الجماعات الاسلاميةالدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

أثر الإرهاب على العلاقات المصرية الامريكية فى الفترة من “2001- 2016”

اعداد  الباحثة : رضوى عبد المنعم يوسف يعقوب – المركز الديمقراطي العربي
اشراف : د/ دلال محمود 

المقدمة:
شهد العقد الأخير من القرن العشرين ومطلع القرن الحادى والعشرين اتساعاً ملحوظاً فيما يعرف بظاهرة الإرهاب, من ناحية اخرى شهدت العلاقات المصرية الامريكية تحول ملحوظ فى اتجاهات هذه العلاقات ونوعيتها وفى طبيعتها, وهذا التحول نتيجة طبيعية بالنسبة للعلاقات الدولية التى تتسم بالتغيير, حيث شهدت العلاقات المصرية الأمريكية منذ أن بدأت رسميا بفتح قنصلية للولايات المتحدة في عام 1832 وحتى الآن بالتأرجح بين التعاون والصراع عبر المراحل الزمنية المختلفة. وعندما نتحدث عن العلاقات المصرية الامريكية فنحن أمام فاعلين دوليين يتمتعان بوضعية خاصة, وتأثير خاص على النظام الدولى, فمن ناحية الجانب الأمريكى هو فاعل دولى فيدرالى فى بنيته كدولة, رئاسى فى نظام حكمه, متعدد الحزبية فى نظامه الحزبى, كما أننا نتحدث عن دولة تحتل قمة النظام الدولى من حيث عناصر القوة المختلفة, كما أن مصر لها أهمية كبرى بالنسبة للعالم العربى وتمثل عنصر هام بالنسبة لاستراتيجية الولايات المتحدة الامريكية فى المنطقة العربية, كما أن مصر تتمتع بموقع فريد وسط العالم العربى وقدرة على تشكيل الرأى السياسى العربى وقضايا النظام الدولى.

ومع أهمية تلك العلاقات إلا أننا لا نستطيع أن نتحدث عنها بمعزل عن السياق الذى تتم فيه هذه العلاقات لأنها تتأثر بما يحدث على النطاقين الإقليمى والدولى, وهناك العديد من القضايا التى تحتل الصدارة على الصعيدين الاقليمى والدولى مثل الإرهاب خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001, حيث اكتسب هذا المفهوم رواجاً منذ ذلك الحين حتى الان بسبب تعدد صور الإرهاب لأن الإرهاب لم يقتصر على أعمال العنف التى تقوم بها الحركات المسلحة بل امتد ليشمل قيام دولة بغزو دولة اخرى واستغلال مواردها.

المشكلة البحثية:
تدور المشكلة البحثية حول الإرهاب وهل اصبح الإرهاب أحد المحددات للعلاقات المصرية الامريكية خلال الفترة من 2001 إلى 2016, ففى الولايات المتحدة الأمريكية شكل الحادى عشر من سبتمبر المفهوم الامريكى عن الإرهاب, ورغم أن تاريخ المفهوم فى وزارة الخارجية الامريكية يعود إلى ما قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر إلا أن ذلك اليوم أعاد هيكلة مفهوم الإدارة الأمريكية عن الإرهاب بحيث اصبح الإرهاب محدد هام للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل عام, وجدير بالذكر أن هذه الفترة شهدت مفاهيم جديدة عبرت عنها وزيرة الخارجية كونداليزا رايس مثل مفهوم الفوضى الخلاقة, حيث وصفت الوزيرة حالة الفوضى فى أفغانستان والعراق والناتجة عن الاستراتيجية الوقائية ضد الإرهاب التى تبنتها إدارة بوش, ثم بدأت الإدارة الأمريكية تتدخل فى الشئون الداخلية لدول كانت صديقة مثل مصر تحت ستار نشر الديمقراطية وضرورة إدخال إصلاحات جزرية فى النظام السياسى, وذلك من خلال إستخدام اليات إقتصادية ودبلوماسية وسياسية, وتم الربط بين المعونة الأمريكية لمصر واحترام حقوق الإنسان.

لذلك تتمحور إشكالية الدراسة حول أثر الإرهاب على العلاقات المصرية الأمريكية, وما إذا كانت قضية الإرهاب تضيف مزيداً من التعقيد لخط سير هذه العلاقات بحيث يمكننا دراسة الإرهاب كمتغير مستقل يشكل التفاعلات المصرية الامريكية ويؤثر على مخرجات هذه التفاعلات فى مجالات التعاون الدولى بين البلدين, وإذا كان الإرهاب يؤثر على هذه العلاقات, ما نوعية هذا التأثير بمعنى هل هو تأثير إيجابى أم سلبى, أم أنه بغض النظر عن تصاعد قضايا الإرهاب فإن هذه العلاقات تظل بمنأى عن تأثير الإرهاب.

ومن هذا المنطلق فإن السؤال الرئيسى الذى تسعى الدراسة للإجابة عليه يتمثل فى : كيف أصبح الإرهاب إشكالية محورية فى العلاقات المصرية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و محدداً لطبيعة هذه العلاقات بين الدولتين فى الفترة (2001-2016)؟
وينبثق عن هذا التساؤل الرئيسى عدد من الأسئلة الفرعية التى تحاول الإجابة عليه كالتالى :

– ما هو مفهوم الإرهاب بالنسبة لمصر والولايات المتحدة الامريكية وما مدى التقارب أو التباعد بين المفهومين فى كل من الدولتين؟
– ما هو موقف التشريع المصرى والأمريكى تجاه الإرهاب؟
– كيف تأثرت العلاقات المصرية الأمريكية بأحتلال الولايات المتحدة للعراق؟
– ما هو الموقف الامريكى من اتجاه مصر لمكافحة الإرهاب بعد ثورة 30 يونيو؟

الأهمية العملية:
تكمن الاهمية العملية فى أن الدراسة تتطرق إلى موضوع يحتل جانب كبير من الأهمية ويرتبط اساساً بالأمن والاستقرار فى الوطن والتنمية والتقدم ويتمثل هذا الموضوع فى ” أثر الإرهاب على العلاقات المصرية الأمريكية فى الفترة 2001- 2016″, حيث تحاول الدراسة تفسير المؤثرات الخارجية على علاقة مصر بالولايات المتحدة وما نوع هذا التأثير إن وُجِدَ, أيضاً مفاهيم الإرهاب واسعة ومختلفة وقادة العالم يستخدمون هذه المفاهيم وفقاً لمصلحة بلدهم حيث يستخدمون الإرهاب كذريعة للتدخل والاحتلال, والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة اتسع مفهومها عن الإرهاب عقب احداث 11 سبتمبر بحيث اصبحت تلجأ إلى استخدام القوة ضد المدنيين فى الحالات التى تجد فيها الولايات المتحدة أنها تشكل تهديد لمصالحها مثل افغانستان والعراق, أيضاً من خلال الدراسة نحاول أن نفهم نظرة كلاً من الولايات المتحدة ومصر اتجاه الإرهاب وكيف انعكست تلك النظرة على وضع الإرهاب فى التشريع فى كل من الدولتين.

الأهمية العلمية:
تكمن الاهمية العلمية فى أن هذه الدراسة تحاول أن تستنتج هل توجد علاقة بين الإرهاب و العلاقات المصرية الأمريكية, أم أنه لا توجد علاقة بين المتغيرين وذلك من خلال إستخدام المنهج الوصفى. أيضاً تكمن أهمية الدراسة فى أن الإرهاب يعد من القضايا التى إكتسبت رواجاً فى الأونة الأخيرة بحيث أصبح هذا المفهوم مطاطاً ولا يقتصر على أعمال العنف التى تمارسها الجماعات المسلحة فقط بل ايضاً لجوء العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى إستخدام القوة ضد دول لها سيادتها تحت مظلة مكافحة الإرهاب ولذلك من الأفضل من وجهة نظرى التركيز على هذا المتغير وربطه بالعلاقات بين البلدين نظراً لقلة الدراسات التى تناولت هذا الموضوع.

المنهج الذى تم استخدامه:
يتمثل المنهج الذى تقوم عليه الدراسة فى “المنهج الوصفى” و “المنهج المقارن” لأن المنهج الوصفى يهتم بدراسة الظواهر ووصفها بطريقة موضوعية دقيقة, من خلال وصف الظاهرة و توضيح خصائصها, وذلك من أجل معرفة جوانب ظاهرة مثل الإرهاب من خلال الوصف الدقيق لأبعادها المختلفة إضافة إلى تحديد طبيعية العلاقة بين الإرهاب والعلاقات المصرية الأمريكية خلال فترة معينة, وأيضاً سوف نلجأ إلى المنهج المقارن لكى يتم المقارنة بين فترتى الرئيس الأمريكى “جورج دبليو بوش” مع التركيز على قضايا معينة خلال فترة حكمه مثل الإحتلال الأمريكى لأفغانستان والعراق, وأيضاً التركيز على العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة أوباما مع التركيز أيضاً على قضايا معينة مثل الموقف الأمريكى من الأحداث فى مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 م, فيما يتعلق بالأحداث الإرهابية التى شهدتها مصر, وأخيراً أثر عضوية مصر لِلَجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن على العلاقات المصرية الأمريكية .
تقسيم الدراسة :-
الفصل الأول: مفهوم الإرهاب .
المبحث الأول:اتجاهات تحليل ظاهرة الإرهاب.
المبحث الثانى: موقف التشريع المصرى والأمريكى من الإرهاب.

الفصل الثانى:العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة بوش.
المبحث الأول: أحداث الحادى عشر من سبتمبر و الدخول الأمريكى فى افغانستان والعراق.
المبحث الثانى: طبيعة العلاقات الامريكية المصرية خلال إدارة بوش.

الفصل الثالث: العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة أوباما.
المبحث الأول: الموقف الأمريكى من الأحداث الإرهابية فى مصر عقب ثورة 30 يونيو.
المبحث الثانى: أثر عضوية مصر لِلَجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن على العلاقات المصرية الأمريكية.

الفصل الأول:
مفهوم الإرهاب

إن مفهوم الإرهاب هو أحد المفاهيم الغامضة التى لايمكن تحديدها بسهولة, فتختلف مفاهيم الإرهاب من دولة إلى أخرى حيث لا يوجد إجماع على مفهوم موحد, حيث يتداخل مفهوم الإرهاب مع غيره من المفاهيم مثل المقاومة أو العنف المشروع وغيرها من المسميات.

والجدير بالذكر أن علماء الجريمة اهتموا بدراسة الدوافع الشخصية للإرهاب ووجدوا عند بحثهم لدوافع هذا السلوك أن مرتكب هذا السلوك هو الانسان .

فبدأوا في محاولة تفسير السلوك الاجرامي بارجاعه الى شخصية الانسان ذاته سواء في تكوينه العضوي الخارجي ، أو في تكوينه النفسي وإصابته ببعض مظاهر الخلل والاضطراب النفسي، وقد حاولوا إيجاد العلاقة بين الجريمة وبعض الصفات الشخصية في الانسان مثل الوراثة والسن والجنس والعنصر والذكاء وبعض الامراض المختلفة.

أما بالنسبة لدوافع الإرهاب على المستوى الوطني فتتنوع دوافع الإرهاب ومثيراته على المستوى الوطني – أي على مستوى الدولة الواحدة – وتختلف هذه الدوافع باختلاف الظروف التاريخية والجغرافية والديموجرافية للمجتمع، وهناك اهمية كبيرة لمعرفة دوافع الإرهاب على المستوى الوطني نظرا لما ينتج عن عملياته من خسائر فادحة في الارواح والممتلكات، الأمر الذي يدعو إلى تحديد الدوافع الكامنة والعوامل المساعدة على نمو الارهاب أياً كانت صوره واشكاله أو نوعية ممارسيه ، وذلك حتى يمكن التغلب عليها وإصلاحها.

فالدوافع يمكن تحديدها بدوافع مباشرة للارهاب على مستوى الدولة تظهر كنتيجة مباشرة لممارسة السلطة ، في حين هناك دوافع اخرى تكمن في السياسة العامة التي تنتهجها الدولة على مختلف الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا … الخ وعلى ذلك يمكن تقسيم دوافع الارهاب على مستوى الدولة إلى قسمين ، الأول يشمل الدوافع الناشئة عن ممارسات الدولة بصورة مباشرة حيث تسهم في نشأة المنظمات التى تقوم بالأعمال الإرهابية من خلال سياساتها القمعية والتعسفية .

والثاني : يتناول الدوافع الكامنة في سياسات الدولة والتي تشجع على الارهاب بصورة غير مباشرة, لأن هذه السياسات قد تؤدي في بعض الاحيان إلى توفير المناخ الملائم لعمليات العنف والارهاب على مستوى الدولة .
“المبحث الأول: إتجاهات تحليل ظاهرة الإرهاب”
أولاً تعريف الظاهرة الإرهابية وتطورها:

ترجع بعض الدراسات جذور هذه الظاهرة إلى الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789, وما أعقبها من حملات قمع لأنصار الملكية, ولبعض زعماء الثورة والتنكيل بهم. وهذه الفترة شهدت عمليات عنف واسعة النطاق من قبل الحكومة الثورية, وقُتل خلالها مابين ستة عشر وأربعين ألفاً من الفرنسيين فى مدة وجيزة جداً. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر, اُستخدِمت لفظة الإرهاب فى أوروبا كوصف للأعمال المعارضة للحكام المستبدين, حيث كان الإرهاب خلال تلك الفترة موجهاً إلى الأمراء والقياصرة ورؤساء الشرطة وكانت تلك الممارسات الإرهابية تهدف إلى إحداث التغيير السياسى.

ويطلق البعض وصف العصر الذهبى للإرهاب على العقود القليلة السابقة على الحرب العالمية الأولى حيث شهدت تلك الفترة صعود العديد من الحركات الإرهابية وقد تمثل أخطر الأحداث الإرهابية خلال تلك الحقبة فى اغتيال ولى عهد النمسا, فرديناند فرانز, وزوجته أثناء زيارتهما للعاصمة البوسنية ,سراييفو, وهو العمل الذى قام به أحد القوميين البوسنيين المنتميين إلى جمعية اليد السوداء الصربية التى كانت تستهدف إقامة دولة تجمع اليوجوسلاف .

هناك من يميز بين ثلاث مراحل نوعية فى تاريخ الظاهرة الإرهابية كالتالى:

1- مرحلة الإرهاب الكلاسيكى: حيث يرى أن الإرهاب الكلاسيكى كان ذا تكتيكات مباشرة, ومحدودة الأضرار, ويستهدف اشخاصاً محددين, أو مرافق ذات أهمية محدودة, وذلك من خلال وسائل بسيطة للغاية .

2- الإرهاب الحديث: فهو يستخدم تكتيكات غير مباشرة, وهجمات أكثر عشوائية, ويُحدث دماراً واسع النطاق, ويؤدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا برغم استخدامه لأسلحة تقليدية.

3- إرهاب ما بعد الحداثة: فهو يستهدف إحداث تغيير شامل فى عملية الصراع مع العدو, وهو يستخدم أسلحة أكثر تطوراً مثل الأسلحة النووية, البيولوجية أو الكيميائية, ويتضمن شن هجمات مدمرة على أهداف شديدة الحيوية وبالتالى تؤدى إلى خسائر فادحة بالنسبة للعدو المستهدف .

ثانياً موجات الإرهاب:
حيث هناك أربع موجات تاريخية رئيسية للإرهاب كالتالى:
الموجة الأولى: سادت هذه الموجة الفترة منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين.
الموجة الثانية: بدأت منذ عام 1921, وأرتبطت بالحقبة الإستعمارية, وكانت أعمالها محصورة فى الحدود الإقليمية للدول.
الموجة الثالثة: وتتميز هذه الموجة بأنها حديثة حيث تبدأ مع بداية عقد الستينيات .
الموجة الرابعة: وهى أخطر و أكثر حداثة من الموجات السابقة, حيث يشهدها العالم حالياً, فقد بدأت مع أحداث الحادى عشر من سبتمبر, وهى تتسم بإستخدام التبرير الدينى للقتل كما تتميز بالانتشار الواسع عبر العالم, واستخدام اسلحة أكثر تطور وخطورة على المجتمع مثل اسلحة الدمار الشامل, بالأضافة إلى إستخدام الفضاء الإلكترونى للمارسة هذا الإرهاب من خلال شن هجمات إرهابية وإختراق مواقع استراتيجية وأمنية للعديد من الدول .

ثالثاً أنواع الإرهاب:
يمكننا تقسيم الإرهاب إلى تقسيمات متنوعة فإذا قمنا بتصنيف الإرهاب وفقاً للشخص أو الجماعة التى تقوم به فسنجد مايلي:
–  الإرهاب الفردي: وهو الذي يرتكبه الأفراد لأسباب متعددة.
– الإرهاب الجماعي غير المنظم: وهو الإرهاب الذي ترتكبه جماعات غير منظمة من الناس لأهداف خاصة.

  • الإرهاب الجماعي المنظم: الذي يتمثل في الاعمال التى تقوم بها الجماعات الإرهابية, والتي تديرها وتشرف عليها دول غير ظاهرة أو مؤسسات أو هيئات مختلفة, حيث تمارسه منظمة بهدف تحقيق أهداف سياسية أو تقوم به دول دون أن تظهر بشكل علنى، ولكن من خلال إنشائها لجماعات معينة تتولى تحقيق أهدافها، على سبيل المثال أعمال العنف الإرهابية التي تقوم بها

بعض المنظمات والتي تشكل خرقا لقوانين الحرب الدولية، وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع سنة 1949م .

الإرهاب الدولي: وهو الإرهاب الذي تقوم به دولة واحدة أو أكثر. فهو إما أن يكون إرهابا دوليا أحاديا وهو الذي ترتكبه دولة واحدة، أو إرهابا ثنائيا وهو الذي ترتكبه دولتان، أو إرهابا جماعيا وهو الذي ترتكبه مجموعة من الدول أو يقع من دولة واحدة ولكن بدعم من دول أو حلف من الدول الأخرى.

وبالتالى الإرهاب الدولى يمكن تعريفه بأنه أعمال العنف التي تقوم بها الدول ضد الأفراد، أو الجماعات، وذلك بهدف الانتقام، ودون مبرر قانوني .ومن الممكن أن نقوم بتصنيف الإرهاب كما يلى:

– الإرهاب الفكري: والإرهاب الفكري يختلف وفقاً للمدرسة التي تنتمى إليها المجموعة الإرهابية فقد تكون المجموعة الإرهابية ذات ميول واتجاهات سياسية ويكون الهدف من إرتكاب الإرهاب نابع من الاهداف السياسية, وقد يكون محلي اًو إقليميا أو دولياً.

– التعصب الديني :
بمعنى الإرهاب الدينى, وينتج عندا تحدث خلافات ذات أبعاد دينية مختلفة بين شرائح المجتمع في الدولة كماحدث في لبنان في الحرب الأهلية.

– التعصب العرقي: ويحدث هذا الإرهاب العنصري (العرقي) بين مواطنين الدول الواحدة بسبب إختلاف المصالح لكل عرق كمايحدث بين العرب والأكراد, وقد يقع بين أعراق مختلفة مقسمة بين عدة دول كما الحال في كشمير بين الهند والباكستان .
رابعاً خصائص الإرهاب:

من خلال القيام بعرض الأنواع المختلفة للإرهاب يمكننا استنتاج بعض الخصائص التالية:-
– كل حالة من حالات الإرهاب مختلفة ، فكل عمل إرهابي يؤدى إلى أشكال مختلفة من العنف السياسي.
– الإرهاب يختلف من حيث دوافعه وأهدافه وإستراتيجياته وتكتيكاته.
– الإرهاب لا يركز على هدف واحد بل يركز على مدى واسع من الأهداف وفي مواقع كثيرة.
– العمل الإرهابي شكل من أشكال العنف السياسي او التهديد باستخدامه ويثير الرعب والعنف والفوضى والاضطراب ، وهو ليس فلسفة او حركة سياسية, حيث يتم إستخدام القوة المادية أو غير المادية أو التهديد بإستخدامها.
– العمل الإرهابي متعمد ومخطط له ويرتبط بقضية معينة .

خامساً أهداف الإرهاب:
إن المجموعات أو المنظمات التي تقوم بتغذية أو توجيه البعض لتنفيذ هذه العمليات يهدفون بالأساس إيصال رسالة تحمل مضامين مختلقة مثل تحويل الرأي العام نحو قضية عامة, الضغط من أجل إخلاء سبيل شخص معتقل, الحصول على مبالغ مالية, أو تدمير المعنويات.

إذن هناك أهداف مختلفة يعمل الإرهاب على تحقيقها يمكن أن نورد أهمها كالتالى:

1-الهدف المعنوي أوالنفسي: يهدف إلى تدمير المعنويات والتأثير عليها بالسلب لدى الطرف الآخر, وإثارة الخوف والترويع فى المجتمع, يتم اللجوء إلى هذا الأسلوب بشكل خاص نحو الجهات الأمنية حيث يؤدي إلى فقدان أهم مقومات الاستقرار والأمن في الدولة والمجتمع, حيث يكون هناك شعور لدى الفرد بأنه هدف سهل لتلك الجماعات الإرهابية.

2-هدف السيطرة والتسلط: وهذا الهدف يسعى الى تحقيق أغراض سياسية تهدف الى فرض سيطرة الجماعة الإرهابية على جميع المواطنين داخل المجتمع ومن ثم فرض سياستهم وأيديولوجيتهم على المجتمع .

3-هدف إظهار عدالة قضية ما:- وهي تقوم على أساس الصدمة والرعب وبالتالي ينظر العالم إلى هذه العملية بصورة أعمق كما فعل بعض الفلسطينيون من تكوين الجماعات المسلحة حتى يحدث تعبئة تجاه القضية الفلسطينية.

4-هدف التخلص من القيادات: بمعنى الإغتيالات, وهو يقوم على تصفية القيادات للضغط على صانع القرار لتحقيق مطالب المنظمات الإرهابية وعادة ما يكون ذلك إنتقاماً منهم لمواقف تم اتخاذها .

5-هناك أهداف غير مباشرة تعمل على تحقيق أهداف على المدى البعيد وهي:-
– إضعاف سلطة الحكومة وإظهارها بالعجز نظراً لعدم نجاح الحكومة في الكشف عن العملية قبل تنفيذها وعدم قدرة الحكومة على التصدى للموقف الناجم عن العملية الإرهابية .
– الحصول على إعتراف رسمي من الدولة أو مجموعة الدول بوجود المنظمة أو الحصول على إعتراف دولي بها.
– إجبار الدولة على القيام بأعمال موجهة ضد المواطنين مثل التفتيش والتعسف بالحركات من أجل الأمن مما يفقد الثقة بالحكومة.
– إيجاد نخبة وطبقة متعاطفة مع المنظمة وأهدافها, والعمل على قلب نظام الحكم او تحقيق أغراض المجموعة .
“المبحث الثانى: موقف التشريع المصرى والأمريكى من الإرهاب”
هناك جهود عدة تبنتها وقادتها الحكومة المصرية فعلى سبيل المثال نادى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك منذ أكثر من خمسة عشر عاماً لعقد مؤتمر لمواجهة ظاهرة الإرهاب, ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب رفض انضمام العديد من دول العالم خاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والتى كانت تركز كل جهودها لقتال الجيش السوفيتى بدعوة الجهاد فى أفغانستان.

وهناك جهود أخرى تبنتها وقادتها الحكومة المصرية من أجل التوصل إلى تعريف موحد للإرهاب, أيضاً كان هناك جهد عربى من أجل تحديد مفهوم واضح للإرهاب, فقد أصدر مجلس وزراء الداخلية العرب خلال دورته الثالثة عشر من عام 1996م مدونة لمكافحة الإرهاب, وفى دورته الرابعة عشر 1997م وضع الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب, وتواصلت الجهود العربية على نطاق كل من مجلس وزراء الداخلية العرب ومجلس وزراء العدل العرب إلى وضع الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب فى عام 1998م وتضمنت الاتفاقية تعريفاً عربياً للإرهاب إذ عرفته بأنه” كل فعل من افعال العنف أو التهديد به أياً كانت أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامى فردى أو جماعى ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو الإستيلاء عليها, أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر” .

ومن الملاحظ أن التعريف السابق قد استعرض تعريف المشرع المصرى فى قانون العقوبات بالمادة 86 فى القانون رقم 97 لسنة 1992م الذى نص على أن الإرهاب هو ” كل إستخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع, يلجأ إليه تنفيذاً لمشروع إجرامى فردى أو جماعى بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو أمنه للخطر, إذا كان من شأن ذلك إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو متعهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالاموال أو بالمبانى أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعقيد تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح” .

أولاً: الموقف المصرى من الإرهاب:
قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق على قانون مكافحة الإرهاب. وفيما يلي نص القانون :

– الباب الأول” الأحكام الموضوعية” (الفصل الأول .. أحكام عامة):
حيث تنص المادة (1)على أن :
الجماعة الإرهابية: كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو جهة أو منظمة أو عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل أو غيرها أو كيان تثبت له هذه الصفة أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي سواء كانت داخل البلاد أو خارجها وأيا كان جنسيتها أو جنسية من ينتسب إليها تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب أو كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية .

الإرهابي :
– كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت ولو بشكل منفرد أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية المنصوص عليها في المادة رقم (1) من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 8 لسنه 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين أو يقوم بتمويلها أو يساهم في نشاطها مع علمه بذلك .

وتنص المادة رقم(2) على أن :
– يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالموارد الطبيعية أو بالآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها أو مقاومتها أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح .

وقد نصت المادة رقم (3 ) على أن: يقصد بتمويل الإرهاب كل جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت بما فيها الشكل الرقمي أو الإلكتروني وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب أية جريمة إرهابية أو العلم بأنها ستستخدم في ذلك أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر أو لمن يقوم بتمويله بأي من الطرق المتقدم ذكرها .

وتنص المادة رقم (6) على أنه تتم معاقبة أى شخص على التحريض على ارتكاب أية جريمة إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة وذلك سواء كان هذا التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما علنيا أو غير علني وأيا كانت الوسيلة المستخدمة فيه ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر, كما يعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة كل من اتفق أو ساعد بأية صورة على ارتكاب الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك الاتفاق أو تلك المساعدة .

وقد شدد القانون المصرى على ضرورة معاقبة من يثبت تورطه فى أى عمل إرهابى كما جاء فى الفصل الثاني( الجرائم والعقوبات), حيث نصت المادة 12على الاتى:
– يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها .
– ويعاقب بالسجن المشدد كل من انضم إلى جماعة إرهابية أو شارك فيها بأية صورة مع علمه بأغراضها وتكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات إذا تلقى الجاني تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدى الجماعة الإرهابية لتحقيق أغراضها أو كان الجاني من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة .
– يعاقب بالسجن المؤبد كل من ارتكب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب إذا كان التمويل لإرهابي وتكون العقوبة الإعدام إذا كان التمويل لجماعة إرهابية أو لعمل إرهابي.

وقد نصت أيضاً المادة 15على أن يعاقب بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنين كل من قام بأية طريقة مباشرة أو غير مباشرة وبقصد ارتكاب جريمة إرهابية في الداخل أو الخارج بإعداد أو تدريب أفراد على صنع أو استعمال الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية أو وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية أو أية وسيلة تقنية أخرى أو قام بتعليم فنون حربية أو أساليب قتالية أو تقنية أو مهارات أو حيل أو غيرها من الوسائل أيا كان شكلها لاستخدامها في ارتكاب جريمة إرهابية أو حرض على شئ مما ذكر .

ثانياً: صور الإرهاب فى التشريع الأمريكى:
فى البداية يمكننا القول بأن الولايات المتحدة شهدت أنواع مختلفة من الإرهاب بكل مستوياته, حيث شهدت مايلى:
– الإرهاب العنصرى: حيث هناك تعصب دينى ومذهبى وعرقى بين فئات المجتمع الأمريكى, وقد أخذ هذا الإرهاب شكلاً منظماً فى حروب الإبادة ضد الهنود الحمر, حيث لم يبق من 5 ملايين هندى أمريكى قبل مئات السنين إلا بضع عشرات من الالاف, ثم عصابات (الهولوكوست) التى مارست الإرهاب والتصفية الجسدية ضد الزنوج, والإرهاب العنصرى يمتد اليوم ليطول جميع المنحدرين من أصول اسيوية وأمريكية لاتينية, والإرهاب العنصرى يأخذ شكلاً رسمياً من خلال اتخاذ الحكومة الأمريكية وأجهزة الأمن إجراءات ضد بعض الطوائف العرقية, وكذلك حملات الإرهاب الاقانونية ضد الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر.

– الإرهاب الإجتماعى: حيث فى مجتمع غير متجانس قائم على قيم مادية مجردة, يصبح للمال ولون البشرة كلمة الفصل فى تقرير المصير, ومن ثم أصبحت الجريمة المنظمة كالمافيا وغيرها دور فى الحياة الأمريكية فالولايات المتحدة صاحبة أعلى المستويات العالمية فى الجريمة الفردية والمنظمة.

ولذلك سن المشرع الأمريكي عدة قوانين لمكافحة الإرهاب منها قانون مكافحة اختطاف الطائرات عام 1971, كما سن الكونجرس جزاءات تفرض على البلدان التي تعاون الإرهابيين أو تحرضهم أو تمنحهم ملاذاً في عام 1976. وقد عرفت وزارة العدل الأمريكية عام 1984 الإرهاب بأنه سلوك جنائي عنيف يقصد به بوضوح التأثير على سلوك حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف. بينما ذهب مكتب التحقيقات الفيدرالي الى تعريفه بأنه عمل عنيف أو عمل يشكل خطراً على الحياة الإنسانية وينتهك حرمة القوانين الجنائية في أية دولة, غير أن المشرع الأمريكي لم يتعامل مع الإرهاب باعتباره جريمة مستقلة حتى صدور قانون عام 1996 ثم توالت القوانين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 مثل قانون باتريوت أكت .

وفى عام 2010, أوضحت “إستراتيجية الأمن القومي” لعام 2010 تفاصيل رؤية الإدارة الأمريكية الاستراتيجية لأمن الولايات المتحدة، وهي الرؤية التي تستقي من جميع عناصر القوة الوطنية لضمان المصالح الأمريكية، بما في ذلك اتباع نهج متعدد الجوانب يهدف إلى التعاطي مع شركاء خارجيين. ووفقاً لهذه الوثيقة، سيتم استخدام القيادة العالمية للولايات المتحدة لمتابعة قائمة طويلة من المصالح الأمريكية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والدفاع عن الوطن, وقد كانت هذه الإستراتيجية الأولى من حيث دمج استخبارات الأمن القومي والداخلي, وقد أشار منسق وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب “دانيال بنجامين” إلى أن التحديات الأمنية اليوم لا تتطلب فقط تحسينات مستمرة في استخبارات الولايات المتحدة وجهاز أمنها الداخلي وإنما أيضاً تعاون عبر مجموعة متنوعة من محافل متعددة الأطراف, أيضاً أشار مساعد وزير الخارجية الأمريكية لمكافحة المخدرات الدولية وشؤون إنفاذ القانون “ديفيد جونسون” للحاجة إلى “تخفيف ديناميكي للتهديد” من خلال التعاون مع شركاء دوليين، من أجل التصدي للتهديدات العابرة للحدود, ومن خلال العمل مع الأمم المتحدة، ومجموعة الـ 8 [الدول الثمانية الصناعية الكبرى]، والاتحاد الأوروبي، والإنتربول، ومجموعة العمل المالي الدولي وغيرها من الهيئات الإقليمية والدولية الأخرى, وبالتالى واشنطن وحلفاءها “يحاربون الشبكات بالشبكات”.

ووفقاً لمساعد وزير المالية الأمريكي “ديفيد كوهين” فإن الإنجازات الكبيرة لوزارة المالية تتمثل في العمل من خلال آليات دولية رئيسية كوسيلة لتنسيق الجهود العالمية ضد ممولي الإرهاب وميسريه, ويضيف قائلاً: “نحن نقولها مراراً لكنها تستحق التكرار: مصالح أمننا القومي تتعزز على أفضل وجه عندما يعمل معاً تحالف واسع النطاق من الدول لمحاربة أولئك الذين يشاركون في أنشطة إرهابية”.

أيضاً تم الحديث عن أن التهديد الإرهابي لم يتضاءل بقدر ما اتسع ليشمل هجمات من قبل كيانات أقل تنسيقاً وأكثر تشتتاً ومن إرهابيين محليين, ورغم اعتراف المتحدثين بأن جوهر تنظيم «القاعدة» لا يزال يشكل مجموعة عالية القدرة والكفاءة وذات عزم وبأس شديدين إلا إنهم أشاروا أيضاً إلى التهديد المنتشر على نطاق واسع والأكثر تنوعاً جغرافياً وعرقياً القادم من الجماعات التي تدور في فلك “تنظيم القاعدة” وأولئك الذين يستلهمون رسالة تنظيم القاعدة, فعلى سبيل المثال، عند إشارته إلى قضية عمر فاروق عبد المطلب، الانتحاري النيجيري الذي أرسله تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» للهجوم على طائرة أمريكية, وبالتالى حذر بنجامين بقوله: “لدينا توقعات عالية بأننا سنسمع أكثر من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية” .

وأيضاً فإن أحد أكبر المخاوف التي تواجه مسؤولي مكافحة الإرهاب الأمريكيين هو العدد المتنامي من المواطنين الأمريكيين والمقيمين في الولايات المتحدة الذين أصبحوا متطرفين، حيث سافر بعضهم إلى الخارج للانضمام إلى الجهاد العالمي, فضلاً عن مواطني الولايات المتحدة الآخرين الذين سافروا إلى باكستان وأفغانستان لأغراض مشابهة, وقد استمد بعض الأفراد التدريب من الخارج للتخطيط لهجمات في داخل الولايات المتحدة. وفي الواقع تتكيف الجماعات الإرهابية وتتطور جزئياً استجابة للإجراءات المضادة المتخذة ضدها, ففي الوقت الذي تغير فيه التهديد، تغيرت أيضاً الوسائل التي تعمل من خلالها الجماعات الإرهابية على جمع وتخزين ونقل الأموال، مما يعيق غالباً جهود الحكومة لمنع الأنشطة الإرهابية. وتُظهر الدراسات أن هذه الجماعات تتعلم من بعضها البعض وتتبادل المعلومات حول التقنيات الجديدة وتتقاسم الابتكارات. وهذه القدرة على التكيف واضحة اليوم بشكل خاص، حيث تتحول المزيد من الجماعات الإرهابية إلى الجرائم، لتحقيق مكاسب مالية وشعبية على حد سواء. وقد أشار “كوهين” إلى أنه “استجابة للحالة المالية لمركز تنظيم «القاعدة» أصبح أولئك الذين يدورون في فلكه في إفريقيا وشبه الجزيرة العربية يعتمدون بصورة أقل على الدعم القادم من شبكة تنظيم القاعدة عند قيامهم بتخطيط وشن هجمات إرهابية, وبدلاً من ذلك قام أولئك الذي يدورون في فلك القاعدة بأنشطة مستقلة لجمع الأموال لإعالة أنفسهم، بما في ذلك تهريب المخدرات، والخطف لطلب الفدية والابتزاز”.

وعلى الرغم من أنه من وجهة نظر الولايات المتحدة إن هذا التوجه هو بالتأكيد مجرى خطير، إلا أنه يمثل أيضاً فرص لصناع السياسة. وفي حين تنمو الرابطة بين الإرهاب والجريمة بصورة أكثر نشاطاً سيصبح استهداف أنشطة الإرهابيين الإجرامية، استراتيجية فعالة على نحو متزايد. فقد أصبحت الشبكات الإرهابية أكثر عبوراً للحدود من ذي قبل، ويتمثل التحدي الرئيسي في مواجهتها في زيادة التعاون الدولي. وتستطيع الحكومات استخدام الاستراتيجيات الحالية للتعاون الدولي والمشاركة الدبلوماسية على كلا الجبهتين لكسب دعم أكبر لجهودها، من خلال اتخاذ إجراءات ضد الجماعات الإجرامية والإرهابية حيثما يقتربان. ومن المرجح أن يزيد هذا التقارب حتى بصورة أكثر في السنوات القادمة .

الفصل الثانى
“العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة بوش ( 2001-2008)”
منذ بداية إدارة بوش فى يناير 2001, كان هناك بعض المتغيرات فى السياسة الأمريكية ومن ثم السلوك الأمريكى تجاه المنطقة العربية, بالرغم من أن مصلحة الولايات المتحدة فى المنطقة كانت ترتكز بالأساس على الجانب الإقتصادى والسيطرة على إحتياطى البترول ومصالح جيوسياسية وضمان أمن إسرائيل, إلا أن هناك قضايا تابعة للتغيرات فى السياسة الأمريكية والتى لم يكن لها الأولوية سابقاً, بحيث أصبحت الان فى مقدمة أجندة الولايات المتحدة. ولذلك أصبحت هذه القضايا يتم تناولها فى السياسة الأمريكية بشكل جديد, حيث إزداد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وأخذت عملية السلام إتجاه جديد وأصبح نشر الديمقراطية والحرب على الإرهاب خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لهما الأولوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية, ويرجع ذلك إلى قناعة الولايات المتحدة بأن الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية التى تتمتع بها دول منطقة الشرق الأوسط شكلت بيئة خصبة لنمو الجماعات الإرهابية, وبالتالى هى السبب الرئيسى فى الأحداث التى شهدتها الولايات المتحدة فى فترات لاحقة مثل أحداث الحادى عشر من سبتمبر .

“المبحث الأول: أحداث الحادى عشر من سبتمبر و الدخول الأمريكى فى افغانستان والعراق “
أصبح يوم الحادى عشر من سبتمبر 2001م نقطة تحول فى تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية ليضفى عليها نوعاً من العلاقات الصراعية, حيث أصبحت الولايات المتحدة تتبنى رؤية معينة مفادها أن الأمن القومى الأمريكى يبدأ من خارج الولايات المتحدة الأمريكية, وبدأت تركز على بعض العناصر الهامة مثل التدخل فى تغيير المناهج الدراسية ومراجعة إرساء الديمقراطية والتدخل فى الشؤون الداخلية وإنتهاك سيادة دول بحجة مكافحة الإرهاب مثل أفغانستان والعراق .

أولاً:الحالة الأفغانية:
حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية رغبتها فى العمل على تجفيف منابع الإرهاب, وبالتالى عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تطبيق عقيدتها الدفاعية الجديدة التى تبنتها بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر من خلال الدعوة إلى ضرب أفغانستان لرفضها تسليم “بن لادن”حيث رفعت الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر شعار الضربات الاستباقية وسعت إلى تطبيقها من خلال استخدام الأداة العسكرية, فكانت الحرب على افغانستان ثم العراق فضلاً عن التلويح باستخدام هذه الأداة مع دول أخرى وهى ” الدول المارقة” وفقاً للتعبير الأمريكى والتى تهدد الدولة الأمريكية, ففى هذه الحالة هناك احتلال عسكرى كامل لهذه الدولة.
والجدير بالذكر أن أفغانستان تحتل المرتبة الأولى من حيث العدد فى كل شىء سواء على مستوى العرقيات أو القبائل أو الأقوام أو الديانات أو حتى المذاهب داخل الديانة الواحدة, حيث 90% من الشعب الأفغانى يدين بالإسلام, و 84% من المسلمين فى أفغانستان من أهل السنة على المذهب الحنفى, والباقى على المذهب الشيعى, وقد تعرضت أفغانستان للغزو السوفيتى عام 1979 بعد حرب أهلية وإضرابات استمرت أكثر من 20 عاماً, ولكن ساندت الولايات المتحدة الأمريكية المقاتلين الأفغان فى حروبهم مع الاتحاد السوفيتى بل وساعدت “طالبان” ذاتها فى بداية حكمها من أجل بسط نفوذها على أفغانستان, وذلك رغبة فى القضاء على الاتحاد السوفيتى, حتى تم جلاء القوات الروسية فى فبراير لعام 1989, ولكن فى عام 1992 قررت الحكومة الأمريكية عدم تقديم أى مساعدات للمجاهدين الأفغان, وذلك خوفاً من قيام نظام إسلامى فى أفغانستان على غرار النموذج الإيرانى.

وقد تصارعت القبائل المختلفة حتى وصلت طالبان إلى السلطة فى عام 1996, وسيطرت على المناطق الحضرية ومعظم المناطق الريفية, وقامت بتطبيق الشريعة الإسلامية, كما وفرت الدعم المادى والفنى لمجموعة “أسامة بن لادن” وسمحت بتدريب عناصر موالية له, ثم جاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن المتهم الأول فى هذه التفجيرات هو “بن لادن” وأنه المسئول الأول عن هذه الأحداث, وعليه طالبت “طالبان” بتسليمه للولايات المتحدة الأمريكية, وهو الأمر الذى رفضته “طالبان”, وعليه شنت الولايات المتحدة عملية للقضاء على البيئة التى توفرها “طالبان” لتنظيم القاعدة, ووضع حد لأستخدام القاعدة للأراضى الأفغانية كمنطلق لعملياتها وأنشطتها الإرهابية .

ومن خلال تحليل خطابات القيادات الأمريكية عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر تبين أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية للمصالح الأمريكية فى أفغانستان:
1- مصالح حيوية وهى تتجسد فى منع تكرار هجمات مماثلة لهجمات الحادى عشر من سبتمبر على أهداف أمريكية أخرى.
2- مصالح إستراتيجية وهى منع وقوع مناطق مثل أفغانستان فى يد الجماعات الإرهابية المتمثلة فى القاعدة وطالبان.
3- هدف ايديولوجى وهو العمل على بناء الديمقراطية, وتعزيز حقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق بالمرأة, وبالتالى كسب الصراع الفكرى والأيديولوجى مع المتشددين الإسلاميين .
4- العمل على ضمان عدم عودة النفوذ الروسى إلى أفغانستان مرة أخرى.
5- إحكام العزلة على إيران من خلال سيطرة الولايات المتحدة على جيرانها, وبالتالى ممارسة ضغوط عليها لكى تقبل الخضوع للشروط الأمريكية .

وتعد الحرب التى شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على أفغانستان هى أولى جولات الحرب على الإرهاب, حيث قامت القوات الأمريكية بالتعاون مع قوات التحالف الشمالى والتى تضم مجموعة من القوات الأفغانية المعارضة لحركة “طالبان”, فضلاً عن قوات دولية بضرب أفغانستان. وقد بدأت الحرب فى السابع من أكتوبر لعام 2001, وقد ركزت الاستراتيجية الأمريكية فى حربها على أفغانستان على أمرين:

الأول: أن هذه الحرب ماهى إلا تطبيق لمبدأ الدفاع الشرعى عن النفس.
الثانى: الضغط على الأطراف الدولية لاسيما المترددة منها, لتأييد الحملة العسكرية على الإرهاب أو على الأقل عدم إبداء الاعتراضات عليها وعرقلة سيرها .

وقد بدأ الهجوم على أفغانستان فى السابع من أكتوبر 2001, ويمكن تلخيص مراحل الحرب على أفغانستان إلى ثلاثة مراحل أساسية كالتالى :
المرحلة الأولى: الحملة الجوية ” القصف الكثيف” :
وهذه المرحلة بدأت بالهجوم على وسائل الدفاع الجوى ومخازن الذخيرة والمدفعية والعربات المصفحة ومعسكرات التدريب ووحدات السيطرة والتحكم, ويمكن تلخيص هدف هذه المرحلة فى تدمير الأعداد المحدودة من الطائرات المتوفرة لطالبان, وقد قامت الحملة الجوية بالهجوم على ثلاثة مستويات كل مستوى منهم يعمل من مدى مختلف: المدى البعيد من خارج حدود الأرض الأفغانية, والمدى المتوسط من خارج مدى اشتباك عناصر الدفاع الجوى, والمدى القصير للضرب المباشر.

والجدير بالذكر أن مرحلة القصف الجوى لم تحدث تغييرات جوهرية لموقف القوى المتصارعة, والشىء الوحيد الذى تم لصالح الولايات المتحدة هو إنهاك قوات “طالبان”, وتدمير قدراتها العسكرية داخل المدن والمناطق المحيطة بها.

المرحلة الثانية: التحول للحرب البرية وإنهيار”طالبان”:
بدأت الحرب فى أفغانستان فى السادس من نوفمبر تأخذ شكلاً جديداً, فتقدمت قوات تحالف الشمال مصحوبة بدعم جوى كثيف من القوات الأمريكية داخل المناطق الجبلية فى اتجاه جنوب “مدينة مزار الشريف” حتى استولت على هذه المدينة نفسها, ويمكن تفسير إنهيار “طالبان” وسقوطها السريع إلى أن الخيارات العسكرية والسياسية التى كانت متاحة أمام قادة الحركة كانت محدودة للغاية, فالإستيلاء على المدن كان يبدأ بدك المدينة بواسطة الطائرات الأمريكية, مما جعل المدن مصيدة حقيقية بالنسبة لحركة “طالبان”, وجعلها تقرر الإنسحاب من داخل المدن إلى أماكن أخرى أكثر أمناً.

المرحلة الثالثة:استقرار القوات المهاجمة والبحث عن “بن لادن”:
فقد بدأت الولايات المتحدة فى الأيام الأولى من ديسمبر 2001 فى نشر قوات من مشاة الأسطول القادرين على القيام بعمليات خاصة مثل الوحدة الخامسة عشرة والوحدة السادسة والعشرين, وقد وصل عدد جنود هذه التشكيلات إلى حوالى 1000جندى, مما أدى إلى تكوين قاعدة عسكرية متقدمة فى أفغانستان, وهذه القاعدة كانت تتركز جنوب غرب قندهار لكى تمنع التحركات المحتملة لقوات “طالبان” المتبقية.

أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1386 فى 20 ديسمبر 2001, والذى وضع إطار دولى لتقديم المساعدات إلى أفغانستان, وتم الموافقة على إنشاء قوة لحفظ السلام وقوة للمساعدة الدولية” إيساف” لتقديم المساعدة للحكومة الأفغانية المؤقتة من أجل إعادة تأسيس الهياكل الوطنية وإعادة بناء الاقتصاد الذى كان فى حالة سيئة للغاية, وبشكل عام نجد أن الوضع فى أفغانستان قد شهد العديد من التحديات, فعلى الصعيد الأمنى كان هناك عناصر طالبان وتنظيم القاعدة, إنتشار قطاع الطرق واللصوص, بالأضافة إلى التوترات بين القدة الإقليمين.

أما على الصعيد الإنسانى: فقد كان الوضع الإنسانى فى غاية السوء, فمع نهاية عام 2001 كان هناك حوالى 4.5 مليون لاجىء أفغانى .

مظاهر فشل الولايات المتحدة الأمريكية فى أفغانستان:
تتجلى أبرز مظاهر الفشل الأمريكى فى أفغانستان وفقاً لتقرير “أنتونى كوردسمان” الصادر عن مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية فيما يلى :
1- الفشل الإستخباراتى, حيث سعت الاستخبارات على العمل على التقليل من قدرة “القاعدة” و”طالبان” على إستعادة الأراضى الأفغانية ومد نفوذها على مزيد من الأرض الأفغانية, فضلاً عن عدم قدرتها على معالجة الإستياء الشعبى من الحكومة الأفغانية نتيجة تزايد تأثير أصحاب النفوذ وتفشى الفساد.
2- الفشل فى إنشاء قوة مساعدة أمنية دولية “إيساف” والتنسيق بين الجهود المدنية والعسكرية, حيث استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية فى البداية تحقيق النصر فى أفغانستان, ولكنها لم تستطع التكيف بفعالية مع استمرار الحرب فى أفغانستان.
3- عدم القدرة على إنشاء قوة أفغانية فعالة, لم يتم بذل جهود كافية من أجل إنشاء قوات أفغانية فعالة حتى عام 2007من خلال التدريب الازم لعدد من الجنود أو تحقيق الشراكة حتى عام 2010, حيث فشلت الولايات المتحدة فى خلق قوة متوازنة تعمل بشكل مستقل وتحل محل القوات الأمريكية فى النهاية.
4- الفشل فى خلق نظام العدالة الوظيفية, حيث سعت الولايات المتحدة إلى إنشاء قوة شرطة على غرار النموذج الألمانى وكانت تفتقر إلى التمويل ولا تلبى احتياجات المجتمع الأفغانى وقيمه, أيضاً هذه القوات لم تكن قادرة على التعامل مع حركات المتمردين وحرب العصابات.
5- عدم فعالية المساعدات لإنشاء وتطوير البرامج, وغياب التنسيق الفعال والرقابة على المعونات والمساعدات, وعدم القدرة على توجيه هذه المعونات لخدمة أغراض البناء .
6- عدم الرغبة فى التركيز على الانتقال إلى أى شكل من أشكال الدولة النهائى, وذلك حتى عام 2011, حيث لم تتمكن من خلق حكومة أفغانية وأجهزة أمنية تستطيع أن تمارس الأدوار المنوطة بها, بحيث تتمكن القوى الدولية من سحب قواتها العسكرية فى النهاية .

ثانياً: الحالة العراقية:
لقد مثلت الحرب الأمريكية على العراق تطبيقاً واضحاً وصريحاً للضربات الإستباقية التى تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر, وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية تروج لفكرة مفادها إن العراق لم تمثل تهديد إقليمى فقط, بل تهديد يحمل أبعاداً عالمية بسبب الخوف من التعاون بين العراق والمنظمات الإرهابية.

وقد أعلنت الولايات المتحدة أن ضرب العراق يأتى بسبب المخاوف من إمتلاك العراق السلاح النووى, ويمكن القول بأن الولايات المتحدة كانت تريد توجيه سياستها الخارجية أثناء حكم صدام حسين إلى الاحتواء, وقد صاغ “مارتن أنديك” مستشار الأمن القومى الأمريكى هذه الأستراتيجية التى تقوم على فكرة احتواء العراق, إلا أنها فشلت بسبب قيام العراق بطرد مفتشى وكالة الطاقة الذرية, كما أن الحصار لم يمنع العراق من تطوير أسلحته, فضلاً عن موارده النفطية الهائلة التى ساعدته على توفير الموارد المالية لذلك, ولذلك بدأ الطابع العدائى يتزايد مع بداية عام 2002, وبدأ التصعيد من الجانب الأمريكى وظهر ذلك واضح فى الخطاب الذى ألقاه الرئيس الأمريكى “بوش”فى 29 يناير, حيث تضمن الحديث عن الدول التى تمثل تهديد لأمن الولايات المتحدة وهم ( العراق, إيران, كوريا الشمالية) والتى سميت دول “محور الشر” من قبل الرئيس بوش .

وفى هذا الإطار, يتضح أن رغبة الولايات المتحدة فى التخلص من صدام حسين لم تبدأ بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر, بل تمتد إلى ما قبل ذلك, ويرجع ذلك إلى صعود تيار المحافظين الجدد, ويمكن تفسير ذلك بسبب رغبة هذا التيار فى التقارب مع إسرائيل وبسبب عدائهم مع الصين, والدليل على ذلك أن بعد حرب تحرير الكويت كان هذا التيار يرغب فى إستمرار الحرب إلا أن الرئيس الأمريكى “جورج بوش” رفض ذلك لأن استمرار العمليات العسكرية لا يوجد له مشروعية على الصعيد الدولى, وهنا يظهر أثر الإرهاب فى إضفاء هذه المشروعية, لأن بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر أصبحت الولايات المتحدة تستخدم هذا المفهوم للتدخل فى الشؤون الداخلية لبعض الدول وإنتهاك سيادتها تحت شعار” مكافحة الإرهاب”, وتبرير الإستراتيجية الوقائية التى تبنتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب فى ظل إدارة بوش, وبدأهذا التيار ينادى بضرب العراق حتى قبل أفغانستان, وبدأت الإدارة الأمريكية تتدخل فى الشؤون الداخلية لدول معينة مثل مصر بحجة نشر الديمقراطية وإدخال إصلاحات جزرية فى النظام السياسى.
بعد أحداث 11 سبتمبر استحدث البنتاجون هيئة خاصة داخل البنتاجون تسمى “مكتب التخطيط الخاص” والذى لعب دور كبير فى شن الحرب على العراق, وإقناع الرئيس “بوش” بأن لدى العراق ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية الجاهزة للاستخدام, ثم جاء خطاب الرئيس الأمريكى “جورج دبليو بوش” فى عام 2002 والذى استخدم فيه مصطلح “محور الشر” ليظهر رغبته فى القضاء على التهديدات قبل بروزها والقضاء على الدول التى تمثل بيئة خصبة لنمو الإرهابين.

وقد جاء التصعيد الأمريكى ضد العراق جاء فى سياق نوعين من المتغيرات:
الأول: أحداث الحادى عشر من سبتمبر, والتى كان لها دور واضح فى تغيير إتجاهات التفكير الأمريكى, بحيث أصبحت التهديدات الأمنية من أهم أولويات الولايات المتحدة الأمريكية, وبروز نوع جديد من هذه التهديدات وبالتالى بروز الحاجة إلى ما هو أكثر من السياسات الدفاعية التقليدية, وإمكانية اللجوء لإستخدام القوة العسكرية التقليدية فى العدوان على دولة اخرى تحت دعوى مواجهة الإرهاب.

الثانى: يرتبط هذا المتغير بالنفوذ الكبير الذى يتمتع به التيار المتشدد من المحافظين والمحافظين الجدد فى إدارة “بوش”, ويثق هذا التيار فى قدرة الولايات المتحدة على إحداث تغيرات فى البيئة الدولية لحماية المصالح والأمن الأمريكى, ويتميز هذا التيار بالرغبة فى إستخدام عوامل القوة الأمريكية خاصة القوة العسكرية .

وقد جاءت الحرب على العراق تحت المبررات التالية:
1- منع العراق من إمتلاك وتطوير أسلحة الدمار الشامل لما فى ذلك من تهديد لأمن العالم ولأمن الولايات المتحدة الأمريكية.
2- منع العراق من أن يصبح مركزاً لضم المنظمات والعناصر الإرهابية.
3- الإطاحة بالرئيس صدام حسين لأنه وفقاً لتعبير بوش من أسوأ القادة فى العالم الذين يقومون بإبتزاز الولايات المتحدة وحلفائها.
4- نشر الديمقراطية فى المجتمعات والدول الإسلامية .

ولكن الأسباب الحقيقية للحرب الأمريكية على العراق تكمن فى التالى:
– السيطرة على منابع النفط فى منطقة الشرق الأوسط.
– الحفاظ على أمن إسرائيل .
وجدير بالذكر إن الأستراتيجية التى طرحها بوش تقوم على المحاور الاتية:
1- المحور الأمنى: بمعنى تمكين الجيش العراقى من الإنتشار فى مدينة بغداد و توفير الأمن لكل مواطن بغض النظر عن طائفته, ومساعدة الحكومة العراقية فى تفكيك كل المليشيات العراقية .
2- المحور الإقليمى: أى عزم الولايات المتحدة على توفير أنظمة “باتريوت” الصاروخية للدفاع عن الدول الحليفة فى منطقة الخليج, والحصول على الدعم للحكومة العراقية من دول المنطقة, ومحاربة النفوذ الإيرانى والسورى فى العراق.
3- المحور السياسى: والذى يتضمن التطور من حيث إحداث تعديلات دستورية تتضمن مشاركة السنة فى العملية السياسية, وتوزيع النفط توزيع عادل .

أوجه فشل الولايات المتحدة فى العراق:
1- على المستوى العراقى نجد أن الولايات المتحدة فشلت فى تحويل العراق إلى نموذج للرخاء والديمقراطية لكى يحتذى به فى المنطقة العربية, أيضاً على الصعيد الأمنى لا يزال العراق يعانى من العنف وعدم الأستقرار, ويضاعف من حالة العنف وعدم الاستقرار فى العراق الدور الذى تقوم به الميليشيات العسكرية التابعة لبعض الفصائل السياسية المشاركة فى الحكومة العراقية, والتى تمارس أعمالها تحت غطاء سياسى يصعب التخلص منه مثل “قوات بدر” و”جيش المهدى”, وتعد هذه الميليشيات أبعد ما تكون عن السيطرة الأمريكية, لأنها ترتبط بأجندات أيديولوجية وسياسية يصعب تفكيكها أو التحكم فى تداعياتها.

ومن ناحية اخرى فشلت الولايات المتحدة فى فهم الواقع السياسى العراقى بتركيبته المذهبية والطائفية, وهو ما انعكس لاحقاً على معظم قراراتها, وفى ظل هذا الفهم لم يكن أمامها سوى اللجوء إلى استراتيجية “المحاصصة” الطائفية كوسيلة لتحقيق التوازنات السياسية فى العراق الجديد.

2- على المستوى الخليجى, أدت السياسات الخاطئة التى أنتهجتها الولايات المتحدة فى العراق إلى تعاظم الدور الإيرانى, وبالتالى بدت وكأنها قدمت العراق كهدية لإيران, لأن هذا من شأنه إظهار إيران كقوة إقليمية صريحة, تسعى لملء الفراغ الاستراتيجى الذى أحدثه سقوط النظام العراقى السابق, وعلى العكس مما هو متوقع, لم تسع الولايات المتحدة إلى الحد من النفوذ الإيرانى فى العراق, بل سمحت له بالتمدد, دون الإهتمام بطبيعة الروابط الدينية والمذهبية والسياسية والتاريخية التى تجمع بين العراق وإيران, وقد أثار ذلك القلق لدى الدول الخليجية التى تمتلك ميراث سلبى فى العلاقة مع طهران, والخوف من إنتقال النفوذ الإيرانى إلى خارج حدود العراق, وتداعيات ذلك على أمن الخليج, خاصة فى ظل الإصرار الإيرانى على السير قدماً فى برنامج نووى إيرانى.

3- وعلى المستوى العربى, فلم تحقق الولايات المتحدة إستفادة حقيقية من غزوها للعراق, فلم تتمكن من نشر الديمقراطية فى العالم العربى, بل على العكس فإن غزوها للعراق أدى إلى تشجيع نمو الحركات والجماعات الإسلامية, وبروزها كبديل للنظم السياسية القائمة فى المنطقة.

4- أما على المستوى الدولى, فإن الغزو الأمريكى للعراق قد أثر سلباً على الوضع الاستراتيجى للولايات المتحدة ومكانتها, بوصفها القوة العظمى الأولى فى العالم, حيث كان غزوها للعراق سبب لفقدان الهيبة التى سعى المحافظون الجدد لتثبيتها واقعاً فى ميزان العلاقات الدولية .

ولذلك وأمام هذا الوضع السيء الذى لحق بالولايات المتحدة بسبب غزوها للعراق, ظهر جلياً فشل المشروع الأمريكى فى العراق, وإخفاقه فى تحقيق أهدافه التى سعى إليها, وخاصة تزايد تكلفة وجودها فى العراق بالإضافة إلى التكلفة البشرية التى تعدت حاجز الألفى جندى أمريكى.

ومن الواضح أن من إستطاع جنى ثمار الغزو الأمريكى للعراق ليس الشعب الأمريكى بالضرورة, بل شعوب اخرى من أهمها إسرائيل, حيث إستفادت بشكل كبير من زوال الخطر العراقى, لذا فمن غير المستبعد أن تكون إسرائيل قد لعبت دوراً مهماً فى تغذية قرار الحرب على العراق, عبر علاقاتها الوثيقة بالمحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية.

ولذلك أصبح قرار الإنسحاب يشكل أولوية مطلقة فى التوقيت والظروف خاصة فى ظل إنخفاض التأييد الداخلى والخارجى لوجودها هناك, ولذلك فى يوم الأحد 18 ديسمبر 2011، عبرت آخر عربات مدرعة في قافلة تابعة للفرقة الثالثة في الجيش الأمريكي الحدود البرية من الأراضي العراقية باتجاه الكويت.

“المبحث الثانى: طبيعة العلاقات الامريكية المصرية خلال إدارة بوش”
وفى هذا المبحث سيتم التركيز على أثر الإرهاب على العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة بوش, وسيتم تناول هذه العلاقات بشقيها السياسى والأقتصادى نظراً لأهميتهما بالنسبة للبلدين, وقد يبدو من نتائج الأحداث التى شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م، اتجهت الهيمنة الأمريكية علي العالم عموماً ، وعلي العالم الإسلامي خصوصاً, وتلك الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ليست من أجل القضاء علي الإرهاب فقط، بل لتحقيق مصالح شخصية, والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية سعت للحصول على تأييد عربى بشكل عام وتأييد مصرى بشكل خاص, وذلك من خلال مجموعة من الأدوات التى تضغط بها على مصر والدول العربية بشكل عام.

ولذلك سوف أتناول أثر الإرهاب على العلاقات المصرية الأمريكية بأبعادها الإقتصادية و السياسية, ولكن قبل تناول ذلك لابد توضيح ملاحظة وهى أن الدول العربية يمكن تصنيفها إلى ثلاث شرائح كالتالى:

– الشريحة الاولى: وهى تضم دول عربية تعتمد على الولايات المتحدة إعتماداً شبه كلي سواء فى أمنها أو إقتصادها من خلال المساعدات وما إلى ذلك, وبالتالى أمن هذه الدول يتطلب منها الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.

– الشريحة الثانية: دول تعتمد على الولايات المتحدة ولكن ليس اعتماد كلى, على سبيل المثال مصر فهى تعتمد على الولايات المتحدة وبتتلقى منها مساعدات سواء عسكرية أو إقتصادية, وبالتالى يصعب على مصر معاداة الولايات المتحدة.

– الشريحة الثالثة: وهى لاتعتمد على الولايات المتحدة ولها سياستها الخاصة بها مثل الجزائر.
ومن خلال هذا التصنيف يمكننا فهم رد فعل مصر تجاه سياسة الولايات المتحدة عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر كالتالى:

أولاً: أثر الإرهاب على العلاقات الإقتصادية (المصرية الأمريكية):
شهدت العلاقات الإقتصادية المصرية الأمريكية خلال فترة الرئيس الأمريكى “جورج دبليو بوش” تطوراً ونمواً ملحوظاً بالرغم من حالات الشد والجذب فى العلاقات والمواقف السياسية بين الدولتين, وعندما نتحدث عن العلاقات الإقتصادية بين البلدين يأتى الحديث عن عنصر هام من عناصر هذه العلاقات ألا وهو المعونة الأمريكية لمصر, وهذه المعونة تمثل 57% من إجمالى ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية, سواء من الإتحاد الأوروبى واليابان وغيرهما من الدول, كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالى الدخل القومى المصرى وفق وزارة التعاون الدولى, وتعد المعونات الأمريكية لمصر من أكثر المجالات التى شهدت جدلاً كبيراً فى السنوات الماضية بإعتبارها تتضمن فى الواقع أبعاد سياسية غير معلنة وشروطاً سرية وأجندة عمل يتم فرضها على الجانب المصرى, وقد شهدت المعونة الإقتصادية الأمريكية لمصر إنخفاضاً ملحوظاً خلال السنوات التى أعقبت أحداث الحادى عشر من سبتمبر, وذلك لأن التقييم المصرى للأداء الأمريكى كان سلبياً منذ بداية غزو العراق مما أدى إلى إعادة النظر لحجم ونوع المساعدات المقدمة لمصر ليصبح هناك محددات للعلاقات المصرية الأمريكية, ولكن ظلت المعونة العسكرية ثابتة كما هى, وقد تركزت المعونات الإقتصادية الأمريكية لمصر على مشروعات البنية الأساسية وعلى دعم الواردات من الولايات المتحدة لمصر تحت بند الإستيراد السلعى, وعلى الخدمات الأساسية, وتعتبر مصر ثانى أكثر الدول فى العالم الى تلقت معونات أمريكية بعد إسرائيل.
والجدير بالذكر أن مصر لاتستطيع أن تستغنى عن هذه المعونة, وأيضاً لاتستطيع أمريكا أن تستغنى هى الأخرى عن هذه المعونات نظراً للمزايا الإستراتيجية التى تجنيها من علاقاتها مع مصر.

ويمكننا القول أن المعونات الأمريكية المباشرة التى تستفيد منها القاهرة سنوياً منذ التوقيع على إتفاقيات كامب ديفيد, تمثل عامل ضغط دائم ومساومة على رقاب الحكومات المصرية المتعاقبة, لدفعها إلى تقديم تنازلات جوهرية على المستويين السياسى والإقتصادى وتحديد التوجهات الإدارية المصرية فى المنطقة, وفى ضوء الحديث عن المعونات وكيف يتم إستخدامها للتدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية, يأتى الحديث عن المعونة والمساعدات التى تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لمصر فى مجال التعليم فمنذ عام 1975 -2009 م تصل إلى 1.14 مليار دولار أمريكى, وقد تم إستخدام هذه المعونة من أجل تحفييز تعديل المناهج الدراسية الدينية, وقد ظهر ذلك جلياً بعد أحداث سبتمبر وقد كان احتلال العراق محفزاً لها لتكثيف حملات تغيير المناهج الدينية, ولتغذية المناهج بقيم التسامح والديمقراطية, وفى المعاهد الأزهرية المصرية تم حذف النصوص التى تحض على الجهاد فى سبيل الله فضلاً عن تقليص عدد ساعات حصص القرآن الكريم .

ويجب أن ننظر إلى تاريخ المعونة الأمريكية لنفهم كيف يتم إستخدام المعونة كورقة ضغط على مصر لتحقيق مصالحها السياسية, فقد نادى وزير الخارجية الأمريكى كسينجر بضرورة إستخدام المعونة كأداة فعالة فى دبلوماسية الشرق الأوسط لتوقيع السلام بين مصر وإسرائيل والتى أدت لتوقيع إتفاقية كامب ديفيد, وايضاً هذه المعونة تستفيد منها الولايات المتحدة من خلال شراء معدات عسكرية ثقيلة أمريكية وهو مايوضح كيفية استخدام المعونة الإقتصادية كأداة ضغط سياسى.

أما فيما يتعلق بحجم الإستثمارات الأمريكية فى مصر, فقد تأثر بعد أحداث 11 سبتمبر ونتيجة طبيعية للحرب على افغانستان والعراق وما ترتب على ذلك من تزايد العجز فى الميزانية نظراً لتزايد الإنفاق على ميزانية الحرب والإنفاق العسكرى, وبالتالى حدث تأثر محدود على حجم الأستثمارات الأمريكية فى مصر نتيجة للأزمة المالية والانكماش الإقتصادى إلا أن سرعان ما بدأت العلاقات الإقتصادية بين الدولتين فى النمو الملحوظ.

وفيما يتعلق بحجم التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة 2003-2009 والتى شهدت توقيع اتفاقية الكويز ( بروتوكول فى إطار ما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة) مع كلٍ من إسرائيل والولايات المتحدة 2004, والتى نصت على فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية خاصة المنسوجات والملابس الجاهزة إلى السوق الأمريكية التى تستوعب 40% من حجم الإستهلاك العالمى دون جمارك أو حصص إنتاج بشرط أن يتضمن المنتج نسبة 11.7% مكوناً إسرائيلياً, وعلى الرغم من اعتراض مصر على هذه الإتفاقية فى البداية لما تتضمنه من هيمنة على الصناعة المصرية, إلا أنها وافقت فى النهاية على هذه الإتفاقية وبالتالى ارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين من 3.7 مليار دولار عام 2003 ليصل إلى 8.4 مليار دولار عام 2008.

ومن هنا يتضح أن الولايات المتحدة الامريكية حاولت أن تزيد من تبعية مصر لها, وأنها قد أستخدمت المعونات الإقتصادية لتوجيه السياسة المصرية تجاه الإرهاب, لتتلائم مع سياستها وهو نموذج جديد وفريد من نوعه كظاهرة سياسية أثرت على العلاقات المصرية الأمريكية .

ثانياً: أثر الإرهاب على العلاقات السياسية (المصرية الأمريكية):
أصبحت العلاقات المصرية الأمريكية متعددة الجوانب ومتشابكة, تتداخل فيها المصالح الوطنية مع عوامل التأثير الخارجية التى ليست دائماً خاضعة لإرادة الدولتين وأصبحت مصر عاملاً أساسياً فى السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط, لاسيما بعدما ظهر دور مصر فى تحقيق أهم أهداف الولايات المتحدة فى المنطقة وهو السلام بين الدول العربية والكيان الصهيونى وهو ما عبر عنه 32 نائباً فى مجلس النواب الأمريكى فى 25/12/2004م خطاباً إلى الرئيس الأسبق مبارك معبرين عن تقديرهم لدور مصر فى تحقيق السلام, كما استضافت مصر القمة الرباعية بين مصر والأردن وإسرائيل وفلسطين فى مدينة شرم الشيخ فى 8/2/2005م والتى أدت إلى ضرورة التسيق مع الفلسطينيين فيما يختص بالانسحاب من غزة.

وجدير بالذكر أن بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر أصبح الحوار الإستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة فى غاية الأهمية نظراً لخطورة الأوضاع فى المنطقة وضرورة وضع قاعدة للمصالح المشتركة من خلال لقاءات وتشاورات مستمرة بين البلدين, عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر حرصت الولايات المتحدة بالتعاون مع مصر على تحقيق ثلاثة أهداف: السلام والإستقرار الإقليمى – التصدى للإرهاب – والإصلاح الاقتصادى, وقررت الدولتان مجالات العمل المشترك والتى تتمثل فى تحقيق تعاون عسكرى وتدريب ومناورات مشتركة وبرامج تسليح وتصنيع عسكرى والإلتزام بالسلام بما يتضمنه من تسوية سلمية للصراع العربى الإسرائيلى, إلا أن هذا التطور فى العلاقات لايعنى أن هناك إتفاق مطلق بين وجهتى النظر المصرية والأمريكية بشأن القضايا الدولية والإقليمية, فلقد رأت الحكومة الأمريكية إن الدبلوماسية المصرية لا تتعاون مع الدبلوماسية الأمريكية بشأن احتواء العراق وليبيا والسودان سواء فى مجلس الأمن عندما تتم مناقشة مشروعات قرارات المجلس أو الإلتزام بهذه القرارات وتنفيذها, بالإضافة إلى إعتراض مصر فى كل مرة تتقدم فيها الولايات المتحدة بمبادرة بشأن العراق, فمصر ترغب فى تحقيق مصالحة عربية عراقية لإعادة العراق للصف العربى, وبالتالى هناك قضايا خلافية مثل إحترام حقوق الإنسان والديمقراطية وعدم رغبة مصر فى إرسال قوات إلى أفغانستان والعراق وتردد مصر فى مسألة إعادة إعمار العراق, والتجاوز الأمريكى للسيادة المصرية من خلال تدخلها فى قضايا داخلية حسمت بشكل نهائى, وهو ما أدى توتر العلاقات بين الدولتين عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر, وهو ما كشف عنه تقرير مجلس الشئون العالمية فى مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية .

والجدير بالذكر أن الإرهاب شكل محدداً قوياً للعلاقات المصرية الأمريكية فى ظل نظام دولى يعيش حالة من السيولة وعدم الإستقرار, وكان من أهم تداعيات ما أطلقت عليه الولايات المتحدة “الحرب على الإرهاب” مطالبة الدول العربية بالإصلاح السياسى, وقد أبدت الدول العربية الرفض لمطالب الإصلاح بدرجات متفاوتة, إلا أنها فى النهاية استجابت بدرجات متفاوتة, وينطبق هذا على الحالة المصرية التى شهدت حالة من الحراك السياسى بلغ ذروته مع إعلان الرئيس الأسبق مبارك مبادرته الخاصة بتعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بأسلوب اختيار رئيس الجمهورية مروراً بإقرار مجلس الشعب للتعديل وإجراء الأستفتاء عليه وإجراء الانتخابات الرئاسية فى شهر سبتمبر 2005, إلى أن تم إجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2005م.

وقد اهتمت الإدارة الأمريكية بقضية نشر الديمقراطية عقب أحداث 11 سبتمبر لأن الولايات المتحدة ربطت بين الأوضاع التى تشهدها دول العالم العربى وتأثيرها على الأمن القومى الأمريكى, تلك الأوضاع التى تفتقد من وجهة النظر الأمريكية لثقافة ومؤسسات الديمقراطية مما يؤدى إلى ظهور أفكار متطرفة تستخدم العنف لنشر أفكارها ليس فقط فى البلدان العربية بل فى المجتمع الغربى ذاته, وعلى ضوء ذلك أعلنت إدارة الرئيس بوش مجموعة من المبادرات بشأن إجراء إصلاحات سياسية شاملة, وكانت أولى هذه المبادرات مبادرة وزير الخارجية الأمريكى كولن باول والتى أعلنها فى 12/12/2002م تحت اسم” مبادرة الشراكة فى الشرق الأوسط” والتى تضمنت عدة برامج تعمل على توطيد المجتمع المدنى والإصلاح الإقتصادى وتنمية القطاع الخاص والتعليم, ثم أعلن الرئيس بوش فى خطاب ألقاه فى جامعة كارولينا فى عام 9/5/2003عن مبادرة الشراكة الإقتصادية بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وتضمنت إقامة منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة فى غضون عشر سنوات من عام 2003م وربط بوش مبادرته بقيام حكومات المنطقة بإجراء إصلاحات سياسية وإقتصادية, وأيضاً عرض الرئيس بوش فى خطابه أمام المؤسسة الوطنية للديمقراطية بواشنطن فى 6/2/2003م رؤية إدارته فيما يتعلق بنشر الديمقراطية وأوضاعها فى الشرق الأوسط, حيث أكد على ضرورة الربط بين غياب الديمقراطية فى المنطقة وتنامى ظاهرة الفقر والتى أدت إلى الإرهاب الذى تسبب فى أحداث 11 سبتمبر, وبدأت الولايات المتحدة تروج أمام العالم أجمعه أنها مكلفة بإنقاذ الإنسانية وهو ما أكده الرئيس بوش فى خطابه فى مكتبة الكونجرس فى 4/2/2004م, حيث تحدث فى إطار حديثه عن “الحرب ضد الإرهاب” ما يلى :
” وهذه الحرب أيضاً صراع بين رؤى, ونحن نقبل مسئولية التاريخ إن الرسالة الموجهة للمنتظرين للحرية والعاملين من أجل الإصلاح هى أنه بإمكانهم الثقة بأن لديهم حليفاً قوياً ثابتاً يتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية” .

طبيعة إستجابة النظام المصرى:
يمكن التمييز بين مرحلتين فيما يتعلق برد فعل مصر للمطالب الأمريكية المتعلقة بالإصلاح:

– المرحلة الأولى: والتى اتسمت بالإعلان الصريح عن رفض مطالب الإصلاح, وقد استمرت تلك المرحلة منذ ظهور مبادرة الشرق الأوسط الكبير وحتى نهاية عام 2004م, حيث أكد الجانب المصرى أن السبب فى الإرهاب هو إستمرار الصراع العربى الإسرائيلى دون تسوية عادلة, حيث أكد الرئيس الأسبق مبارك فى كلمته فى مؤتمر الصحفيين العرب (23/2/2004م) أن ” مشاعر الإحباط واليأس الناجمة عن عدم تسوية هذا النزاع العربى الإسرائيلى هى التى خرجت عن إطارها بفعل قوى التطرف لكى تؤذى بعض المجتمعات الاخرى”, وقد اتجهت فى ذلك للتنسيق مع المملكة العربية السعودية من خلال زيارة الرئيس الأسبق مبارك للرياض وأكد البيان المصرى السعودى المشترك الصادر فى عام (24/2/2004م) على أن تحقيق الأستقرار فى الشرق الأوسط يتطلب وضع حلول منصفة لقضايا العالم العربى والإسلامى من أهمها القضية الفلسطينية, وأيضاً حاولت مصر طرح نموذج الإصلاح ولكن على المستوى العربى ورفض أى أفكار من الخارج, لأن كل دولة لها خصوصيتها, وجاء ذلك قبل انعقاد قمة تونس العربية ابريل 2004م, وكان الرئيس الأسبق مبارك قد رفض الدعوة التى وجهت إليه لحضور اجتماعات قمة الدول الصناعية الثمانى التى عقدت بولاية جورجيا الأمريكية فى يونيو 2004, حتى لايفهم حضوره على أنه موافقة على مبادرة الشرق الأوسط الكبير التى كانت ستتم مناقشتها أثناء القمة.

– المرحلة الثانية: بدأت مع إعلان الرئيس الأسبق مبارك فى 26/2/2005م, فقد طلب من مجلس الشعب تعديل الدستور حتى يمكن انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح بالاقتراع السرى المباشر, وقد جاءت هذه المبادرة جاءت كنتيجة للضغوط الأمريكية , فقد كانت هذه المبادرة أداة من أدوات تخفيف الضغوط الأمريكية, وجدير بالذكر أن هذه المبادرة تعتبر بداية لإستجابة مصر للمطالب الأمركية, فقد أعقبها الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام, ثم عودة السفير المصرى إلى تل أبيب بعد سنوات من سحبه إحتجاجاً على إعتداءات جيش الاحتلال, ثم يأتى توقيع مصر على إتفاقية الكويز مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل .
الفصل الثالث
“العلاقات المصرية الأمريكية خلال إدارة أوباما”

ترتبط مصر والولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات إستراتيجية وثيقة استمرت على مدى العقود الأربعة الماضية على أساس الدور المؤثر لكل منهما في كافة القضايا العالمية والإقليمية والشرق الأوسط, وجدير بالذكر أن التنسيق والتشاور كان قائماً بين الطرفين خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا والعراق والسودان وإيران، فضلاً عن أكبر قضية تواجه العالم فى الوقت الحالى وهى قضية مكافحة ومواجهة الإرهاب والقضاءعليه, وتتميز هذه العلاقات بخصوصية شديدة تنبع من حجم المصالح المشتركة التى تربط الدولتين, وتجعل هناك إطاراً واضحاً تتحرك فيه تلك العلاقات, ويضع سقفاً محدداً لمدى وحدود التباينات والاختلافات فى المواقف بينهما بحيث لا تصل إلى مستوى الصدام أو القطيعة, وتنبع أيضا من حرص البلدين على تحقيق التعايش بين مصالحهما الإستراتيجية المشتركة, وبين التعارض فى المواقف والسياسات لكل منهما الآخر, والذى قد يؤدى إلى توترات بين الدولتين.

وعندما نتحدث عن العلاقات المصرية الأمريكية فى ظل إدارة أوباما, فنلاحظ أن الرئيس الأمريكى “أوباما” يختلف عن الرئيس السابق”جورج بوش الابن”, فالرئيس أوباما أكثر رغبة فى استخدام الأداة الدبلوماسية كأداة لتحقيق أهداف الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط بشكل عام ومصر بشكل خاص, ويتضح ذلك من خلال تعاون مصر والولايات المتحدة حول العديد من القضايا مثل الإرهاب.

“المبحث الأول: الموقف الأمريكى من الأحداث الإرهابية فى مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013”

إن الأمن القومى لدولة ما لاينفصل عن الإطارين الإقليمى والدولى, فالعلاقة بين المستويات الثلاثة للأمن هى علاقة تفاعل متبادل أو تأثير وتأثر, فلا يمكن تصور إمكانية محاربة الإرهاب داخل حدود كل دولة خاصة فى ظل التطورات التى كان من شأنها التأثير على سيادة الدولة على أراضيها, وفى ظل قدرة الجماعات الإرهابية على التحرك والتنسيق مع جماعات شبيهة فى دول أخرى, فالأمن الوطنى والأمن الإقليمى لاينفصلان, ونفس الأمر ينطبق على الأمن الدولى, خاصة إذا كان التهديد هو ظاهرة الإرهاب التى لا تعترف بحدود أو أوطان .

فالإرهاب ظاهرة عالمية تقتضى أن تكون المواجهة شاملة حتى يمكن القضاء على تلك الجماعات, ولعل ما حدث فى مصر عقب ثورة 30 يونيو خير دليل على فكرة الأمن الوطنى للدول وبين الأمن الإقليمى والأمن الدولى بصفة عامة, فالمشهد الذى نراه فى سيناء يتداخل مع الصراعات التى تحدث على الساحة الإقليمية, فالحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب خاصة فى سيناء التى تمثل 6% من إجمالى مساحة مصر, لها أهمية خاصة ليس فقط للأمن الوطنى المصرى بل أيضاً للأمن الإقليمى والدولى, فمصر تدرك مسؤليتها لكونها فاعلاً رئيسياً فى النظام الإقليمى فى الشرق الأوسط, ووفقاً لهذه المسؤولية فعليها بتأمين حدودها وأراضيها وعدم تصدير مخاطر الإرهاب إلى دول المنطقة, والقضاء على المخاطر المحتملة على الملاحة فى قناة السويس التى يعبر خلالها نحو 10% من حجم التجارة الدولية, فهناك تطور نوعى ملحوظ بالنسبة للأحداث الإرهابية التى تشهدها سيناء, فعلى سبيل المثال, يعكس الحادث الإرهابى الذى شهده كمين” كرم القواديس” كحادث نوعى يختلف عما سبقه من حوادث مشابهة فى حلقات مسلسل العنف الذى تشهده البلاد, وبالتالى التطور النوعى الحادث فى العمليات الإرهابية يثير العديد من التساؤلات مثل من هم الفاعلون؟ هل هم فاعلين تقليديين كجماعة أنصار بيت المقدس أم أننا إزاء فاعلين جدد, هل هذه التنظيمات تندرج تحت تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام” داعش”؟ أم أنها تشكل جماعات مستقلة عن هذا التنظيم الإرهابى؟

والجدير بالذكر أن هناك نماذج ترجح أن نموذج الدولة الإسلامية ملامحه بدأت تنتشر فى سيناء, بداية من الإعلان عن مجلس شورى المجاهدين لتوحيد التنظيمات الجهادية تحت لوائه كقيادة ميدانية, فهناك محاولات لتحويل سيناء إلى ولاية إسلامية, فلقد قام الجهاز الإعلامى التابع لداعش ببث فيديو لعملية “كرم القواديس” مع توثيق أنها مادة مرسلة من الجناح الإعلامى لتنظيم أنصار بيت المقدس, ويمكننا القول أن بغض النظر عن وجود داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية فى سيناء لا يختلف كثيراً, ذلك بسبب وحدة الرايات ووحدة الهدف ووحدة المنهج العقائدى, فالعمليات برغم تنوعها إلى أنها تشترك فى الكثير من العناصر, فعلى سبيل المثال عملية” كرم القواديس” وعملية” كمين الفرافرة” تشير إلى التدريب الهائل الذى تتمتع به هذه التنظيمات بالإضافة إلى الأجهزة المعلوماتية الخاصة بها والتمويل الهائل الذى تحصل عليه.

فلقد أعلنت القوات المسلحة المصرية حرباً شرسة داخل أرض سيناء، ضد جماعات الفكر التكفيرى الذى يسعى إلى إثارة الفوضى والفتنة داخل الدولة المصرية وإراقة المزيد من دماء الابرياء ورجال الجيش والشرطة, لقد أخذت القوات المسلحة على عاتقها ان تتطهر أرض الوطن من الإرهاب، وتجفيف منابعه فى سيناء وقطع عمليات الإمداد والتمويل عن تلك الجماعات التى إتخذت من أرض سيناء مقراً لها خاصة بعد ثورة 30 يونيو, فقد كانت القوات المسلحة المصرية على وعى بكل ما يجرى فى سيناء، وإستطاعت أن تقوم بعزل سيناء عن محافظات الدلتا قبل ثورة 30 يونيو حتى لا تنتقل جماعات الإرهاب إلى داخل الدلتا وتنفيذ عمليات إرهابية ضد المدنيين فى المحافظات المختلفة، كما استطاعت ان تسرع فى إغلاق أكبر عدد من الانفاق وتدميرها حتى لا تتسلل مجموعات من حماس الى أرض سيناء كما حدث عقب ثورة يناير، واستطاعت القوات المسلحة بذلك ان تمنع حوادث ارهابية عديدة داخل محافظات مصر المختلفة .

والجدير بالذكر أن مصر تطرح فكرة الحرب الشاملة على الإرهاب دون تفرقة بين تنظيم داعش فى العراق وسوريا, وأشقائه فى ليبيا كأنصار الشرعية, ومواجهة التطرف فى قطاع غزة, لأن سيناء أصبحت الملعب الأساسى لحماس وعنصر الإمداد والتدفق والحركة وكل ماتراه ضرورى لدعم وضعيتها, حيث لم يقتصر الأمر على تهريب المواد الأساسية الازمة لحياة سكان القطاع بسبب الحصار الإسرائيلى فى بعض الفترات وإنما تعدى ذلك إلى تهريب الأموال والسلاح والمتفجرات والأفراد المطلوبين والبضائع المسروقة وكل ذلك يتم بوسائل غير شرعية, حيث إستثمرت حماس ضعف الوجود العسكرى المصرى فى سيناء لتجعل من سيناء ممراً لكل ما يمكن أن يؤثر سلباً على الأمن القومى المصرى, وبالنظر إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تعد أحد أفرع حركة الإخوان المسلمين فمن الطبيعى أن نجد أن الإرتباط بينهما يعد إرتباطاً عضوياً وتنظيمياً تلتزم حماس بمقتضاه بكافة تعليمات الإخوان وتنفيذها مهما ترتب عليها من نتائج, والجدير بالذكر أن مواقف حماس تجاه مصر منذ 30 يونيو 2013 تدخلها فى دائرة الشبهات إن لم تكن فى دائرة الإتهام عن العمليات الإرهابية التى تقع فى سيناء.

وبالتالى لم تجد مصر مفر من التحرك على عدة محاور لمواجهة هذه المخاطر والتهديدات, خاصة مع إنتشار الأفكار المتطرفة للقاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات ذات الفكر المتطرف. فالأمر لم يقتصر على بل تعداها إلى حركة الأفراد ذوى الإتجاهات المتطرفة والإجرامية والسلاح بكل أنواعهن بما فى ذلك اسلحة ثقيلة, ونتج عن ذلك القيام بعمليات إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة المتمركزة فى سيناء, من أخطرها كرم القواديس والتى لم تجد مصر بعدها خياراً سوى القيام بعمليات نوعية فى سيناء, أهم ملامحها إقامة منطقة عازلة بين مصر والقطاع بهدف إغلاق الأنفاق التى تمثل مصدر تهديد على مصر بسبب سيطرة حماس عليه, ولكن عندما سعت مصر إلى تأمين حدودها الشرقية والتصدى لمهددات الأمن القومى المنبثقة من هذه المنطقة, فهى تعمل على تأمين سيناء تماماً, وعدم الإضرار بسكانها من إنشاء المنطقة العازلة, والجدير بالذكر أن نجاح القوات المسلحة فى السيطرة على سيناء وتحجيم الإرهاب بها، وإفشال مخطط تحويلها إلى إمارة جهادية داعشية يسيطر عليها الإرهابيون وأن تكون مركز للإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، هدد أحلام أجهزة الاستخبارات الدولية وجعلها تطّور من خطط الإرهاب والزحف به إلى القاهرة الكبرى والمحافظات، وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية ضد الأهداف الحيوية والأجهزة الأمنية .

هنا يثور لدينا تساؤل عن الموقف الأمريكى من هذه الأحداث الإرهابية التى شهدتها مصر عقب 30 يونيو 2013م ؟
والجدير بالذكر أن منذ ثورة30 يونيو كان هناك محاولات لزرع سيناء بالمليشيات المسلحة والمجموعات المتطرفة، المنتمية إلى داعش وتنظيم القاعدة، وإنهاك قوة الجيش المصرى فى تلك المنطقة، وتنظيم العمليات ضد قواته، وتدمير معداته ووسائل الدعم الفنى واللوجيستى الضخمة التى يمتلكها، وتبديد الجهود المرصودة للتنمية والإصلاح، بالإنشغال فى الحرب على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد ومواجهة العمليات التى تستهدف الإيقاع بمصر فى مستنقع الإرهاب والجماعات المسلحة, وبالتالى ما أثر ذلك العلاقات المصرية الأمريكية فى تلك الفترة ؟

شهدت العلاقات المصرية الأمريكية عقب ثورة 30 يونيو 2013م, مرحلة من الضبابية وعدم الوضوح والتردد, فلقد كان الموقف الأمريكي من ثورة30 يونيو يتسم بالسلبية, وانعكس ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية عقب 30 يونيو 2013, فقد أعلنت الإدارة الأمريكية تعليق شحنة من طائراتF-16, بما يعنيه ذلك من إيقاف للمساعدات العسكرية الأمريكية, حيث صدر قرار بتجميد أو تعليق مساعدات عسكرية أمريكية إلي مصر تتضمن طائرات إف-16, وطائرات أباتشي المروحية القتالية, ودبابات إم-1, وصواريخ هاربون, وتعليق تسليم المساعدات النقدية, مع عدم تعليق المساعدات المخصصة لحماية الحدود المصرية ومحاربة الإرهاب رغم أن طائرات الأباتشى تدخل ضمن نطاق أسلحة حماية الحدود, وضمان الأمن في سيناء, وهو مايدل على وجود تعارض بين التصريحات التى تعلنها الإدارة الأمريكية وبين السياسات التى تمارسها الولايات المتحدة على أرض الواقع, حيث أكد وزير الخارجية جون كيري إن العلاقة بين البلدين لا تعرف فقط من خلال المساعدات لان هناك امورا أكبر بكثير تحدد هذه العلاقة, قائلا” لكني أريد ان أوضح أن الولايات المتحدة ستستمر في تقديم الدعم في مجال الصحة والتعليم وتطوير القطاع الخاص ومساعدة مصر علي تأمين حدودها ومكافحة الإرهاب ولاسيما في سيناء”. ويُعد القرار الأمريكي بالتعليق الجزئي للمساعدات العسكرية الأمريكية لمصر السابقة الأولي من نوعها منذ بدء تلقي مصر مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة بعد توقيع معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979، حيث تركزت قرارات التعليق السابقة للولايات المتحدة على المساعدات الاقتصادية فقط، حيث سبق أن تم تعليق جزء من المساعدات الاقتصادية، أو تحويل جزء منها لمنظمات معنية .

إلا أن هناك نقطة تحول جديدة تشهدها العلاقات الأمريكية المصرية، فبعد تحفظ الإدارة الأمريكية على تقديم مساعدتها العسكرية لمصر عقب ثورة 30 يونيو بزعم وضع حقوق الإنسان في مصر، إلا أن ملف “حقوق الإنسان” بدعة من إختراع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الاوربية تهدف من ورائه إلى تقليص المساعدات لمصر والتحفظ عليها، ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة راعية بالفعل لحقوق الإنسان بدليل ما يحدث في أفغانستان والعراق, ولكن لم يستمر قرار تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر كثيرا تحت ضغوط قوى داخلية أمريكية راغبة في استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، خاصة اللوبي الإسرائيلي، وفي القلب منه اللجنة العامة للشئون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (إيباك) في وقت تواجه فيه مصر في شبه جزيرة سيناء القريبة من إسرائيل جماعات إرهابية تنامي دورها، في ظل حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي اتسمت بها المنطقة، خلال السنوات الخمس الماضية بصورة كبيرة، ورغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على مساعدتها للنظام المصري في مواجهة الإرهاب، وتأمين الحدود، ومنع تدفق الأسلحة إلى غزة التي تهدد أمن إسرائيل، وتحقيق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط التي هي بالأساس مصالح أمريكية, ففي أواخر شهر أبريل 2014 أعلنت الإدارة الأمريكية عن رفعها لحظر المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة، وتم الإعلان عن تقديم 10 طائرات أباتشي لمساعدة مصر في مكافحة الخلايا المتطرفة في شبه جزيرة سيناء، اعتمادًا على موافقة من الكونجرس بهدف إستعادة الأمن في تلك الجزيرة، بعد زيادة نشاط خلايا المتطرفين الإسلاميين ومواجهاتها مع قوات الأمن، وشنها هجمات ضد إسرائيل .

وفي 31 مارس الماضي، أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره المصري بقراره بإنهاء التعليق الذي فرضته إدارته على المساعدات العسكرية لمصر منذ أكتوبر 2013، وأنه سيستمر في طلب المساعدات العسكرية السنوية لمصر، والتي تقدر بـ 1,3 مليار دولار. وقبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى القاهرة لبدء جلسة الحوار الاستراتيجي الأمريكي– المصري بعد توقف لمدة ست سنوات، أعلنت السفارة الأمريكية على تويتر عن وصول طائرات إف 16 وصور لها وهي تحلق في سماء القاهرة. وفي 31 يوليو 2015، قامت الولايات المتحدة بتسليم خمسة أبراج لدبابات “إبرامز إم1 ايه1”. وقد ذكر موقع السفارة الأمريكية الإلكتروني بالقاهرة التزام الولايات المتحدة هذا العام بتقديم الدعم العسكري في إطار مساندة الولايات المتحدة لجهود مصر الأمنية والعسكرية لمواجهة الإرهاب على عدة جبهات، وهو الأمر الذي أكده كيري، خلال جلسة الحوار الاستراتيجي المنعقدة في الثاني من أغسطس 2015، حيث أن الولايات المتحدة عندما أدركت أن الأمور في مصر مستقرة وأنه يمكن لمصر أن تكون شريكاً ذات تأثير كبير في إستقرار المنطقة ومحاربة الإرهاب، أصبح هناك استعداد للتعاون مع مصر بغض النظر عن أي مطالبات أخرى، لأنها في النهاية حجج توضع من أجل استخدامها وسيلة للضغط, ولذلك قامت واشنطن مؤخرًا بتسليم مصر 10 مروحيات “أباتشى”, والجدير بالذكر أن رفع الحظر عن المساعدات العسكرية لمصر والتى تبلغ 1.3 مليار دولار ، بمثابة تغييراً في السياسة الخارجية الأمريكية، التي دائماً تربط مساعدتها لأي دولة بحقوق الإنسان .

إلا أن على الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية عن استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، وإنهاء التعليق الذي كان مفروضا على المساعدات العسكرية، عقب 30يونيو 2013 لمساعدة مصر في حربها على الإرهاب، لاسيما مع إشادة عدد من أعضاء الحزب الجمهوري الذي له الأغلبية بمجلسي الكونجرس الأمريكي بالجهود المصرية تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في حربها ضد الإرهاب ، فإنه ستكون هناك دعوات لمشروطية المساعدات العسكرية لمصر، وربطها باتخاذ النظام المصري خطوات لحماية حرية التعبير، وإطلاق سراح “جميع السجناء السياسيين” قبل تسليم المساعدات العسكرية, فخلال حديثه بجلسة الحوار الاستراتيجي، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنه لن تكون هناك قدرة على محاربة الإرهاب بدون احترام حقوق الإنسان، وأن محاربة الإرهاب تعتمد على بناء الثقة بين السلطات السياسية والشعب, لكن تلك الدعوات بمشروطية المساعدات العسكرية ستختفي أمام المصلحة والتعاون بين البلدين، لاسيما في قضايا مكافحة الإرهاب، واستقرار النظام المصري، واستمرار تعهد مصر بمعاهدة السلام التي تعد مصالح مصرية وأمريكية على حد سواء.

صرحت “سارة سيوال”وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان خلال حديثها للصحفيين في مقر السفارة الأمريكية بالقاهرة، إن مواجهة الإرهاب في سيناء لا يجب أن تعتمد فقط على الإجراءات الأمنية، لأن هذا سيؤدي لخلق مزيد من الإرهاب والتطرف, حيث عندما سؤلت عن تقييمها لمنهج الحكومة المصرية في مكافحة الإرهاب، قالت “يجب ألا يعتمد الأمر فقط على الإجراءات الأمنية، لأن هذا سيؤدي لخلق مزيد من الإرهاب والتطرف، ممايؤدي إلى تكوين جيل جديد من المتطرفين لن تستطيع القاهرة السيطرة عليهم، مثلما حدث مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق”، وعبرت عن أن الولايات المتحدة ملتزمة بقوة بدعم مصر لتحقيق الاستقرار لأن هذا من مصلحتها القومية، موضحة أن نصيحتها لمصر تقوم على خبرتها في العراق وأفغانستان، حيث بدأت تحارب التطرف بمنهج عسكري تقليدي للغاية باستخدام تكتيكات وأدوات عسكرية غير مناسبة ولا تناسب السكان المدنيين،وبالتالى فشلت فى تحقيق الأمن والإستقرار. وشددت على ضرورة تحقيق توازن بين حقوق الإنسان والإجراءات الأمنية, وأضافت أنها تحدثت مع المسؤولين المصريين الذين التقتهم بشأن السياسة الجديدة التي تبنتها الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، التي أطلقها الرئيس الأمريكي”باراك أوباما” في قمة البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب في 2015، التي تقوم على فهم أعمق وأحدث لتهديد الإرهاب الذي لا يرتبط بدين معين أو منطقة، وتعزيز مرونة المجتمعات التي يستهدفوها للتأكد أن الجهود التي تقوم بها الحكومة لمكافحة الإرهاب لا تخلق رد فعل عنيف وأجيال جديدة من الإرهابيين.
وأشارت أخيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أن التكتيكات الأمنية في أي حرب على الإرهاب قد توفر إحتواء قصير الأمد، لكنها لا تمنح الاستقرار طويل الأمد، لذا فإن الولايات المتحدة إكتسبت خبرة جيدة في كيفية محاربة الإرهاب, حيث أن التاريخ أظهر أن المنهج الشامل والمتوازن هو الطريق لاستقرار وأمن طويل المدى, مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تعلمت بعض الدروس في فترة ما بعد 11 سبتمبر والتى ساعدتها على تغيير طريقتها في مكافحة التمرد والإرهاب، وهي الدروس التي تحاول أن تتشاركها مع مصر، وجميع الدول التي تربطها بهم علاقة قوية لتتعلم منها حتى تنقذ الأجيال القادمة من الدخول في التطرف .

“المبحث الثانى: أثر عضوية مصر لِلَجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن على العلاقات المصرية الأمريكية”
حصلت مصر، بعد جهود دبلوماسية مكثفة من أعضاء وفد مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، وبإجماع آراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، حيث تتولى مصر رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب اعتبارًا من بدء عضوية مصر في المجلس في يناير2016.

والجدير بالذكر أن سبق لمصر أن أُنتخِبَت في أول تشكيل لمجلس الأمن كعضو غير دائم في عام 1946، حينها كان الدكتور محمود فوزي مندوبًا دائما لدى الأمم المتحدة، ثم أعيد انتخابها مرة ثانية في دورة عام 1949 -1950 ، حينها كان أيضًا الدكتور محمود فوزي مندوب مصر لدى مجلس الأمن، ثم تم انتخابها مرة ثالثة عام 1984-1985 وقد كان السفير المصري أحمد خليل توفيق مندوبًا دائمًا للأمم المتحدة, أما بالنسبة للمرة الرابعة التي شغلت فيها مصر عضوية مجلس الأمن، فكانت عامي 1996- 1997، ترأس خلالها المندوب الدائم للأمم المتحدة الدكتور نبيل العربي رئاسة مصر لمجلس الأمن مدة شهر واحد .

وتعتبر هذه اللجنة أهم لجنة في الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، حيث تم إنشاؤها بموجب قرار مجلس الأمن 1373 لعام 2001 عقب أحداث “11 سبتمبر” والتى شهدتها الولايات المتحدة عام 2001م, حيث إجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واتخذ القرار رقم 1373 الذي طلب فيه تنفيذ عدد من التدابير لتعزيز قدرتها القانونية والمؤسسية على التصدي للأنشطة الإرهابية داخل البلدان وفي مناطقها وحول العالم. ووفقًا للصفحة الرسمية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة على الإنترنت، تضم اللجنة جميع أعضاء مجلس الأمن الـ15، لرصد تنفيذ القرار، وتعزَّزت كذلك عملية الرصد عندما أنشأ مجلس الأمن المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب في 26 مارس 2004، بالقرار 1535 لمساعدة اللجنة. وسوف يتولى السفير عمرو أبو العطا مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك رئاسة اللجنة طوال فترة تولي مصر رئاستها. والجدير بالذكر أن حصول مصر على مقعد بمجلس الأمن يعني ثقة المجتمع الدولي في قدرة مصر على الاضطلاع بمسؤوليتها في مجلس الأمن، فقد كان من المطلوب أن يصوت لمصر 127 صوتًا لتحصل على العضوية في حين حصلت مصر على 179 صوتًا, وبالتالى سوف تعمل على المشاركة بفاعلية في صياغة مواقف مجلس الأمن الدولي وستواصل الدفاع عن القضايا العربية والإفريقية العادلة في مجلس الأمن .

وتأتى أهمية فوز مصر بذلك المقعد من أنه يقضي تماما على مسألة تشكيك بعض الدول في شرعية النظام المصري، لأن هذا النظام أصبح ممثلا في الأمم المتحدة، موضحا أن مصر من حقها الآن التصويت على كل مشروعات القوانين التي ستعرض على مجلس الأمن، بعكس عدد من الدول الأخرى التي يمكنها حضور جلسات مجلس الأمن دون أن يكون لها حق التصويت أو التدخل في القرارات.

أيضاً سترتفع مكانة مصر الدولية في الفترة المقبلة لإحتياج العديد من الدول لها للحصول على صوتها فيما يتعلق بأزماتها التي سيتم عرضها على مجلس الأمن .
مهام اللجنة :
في سبتمبر 2005، اتخذ مجلس الأمن القرار 1624 بشأن التحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية، وأضاف إلى ولاية اللجنة مهمة تضمين حوارها مع الدول الأعضاء ما تبذله تلك الدول من جهود لتنفيذ القرار، وبوجه خاص، يطلب القرار 1373 لعام 2001 من الدول الأعضاء تجريم تمويل الإرهاب، وتجميد أي أموال متعلقة بالأشخاص المشتركين في الأعمال الإرهابية، ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم المالي، وعدم توفير الملاذ الآمن أو الدعم أو المساندة للإرهابيين، وتبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن أي جماعات تمارس أعمالا إرهابية أو تخطِّط لها، والتعاون مع الحكومات الأخرى في التحقيق في تلك الأعمال الإرهابية، واكتشافها، واعتقال المشتركين فيها وتسليمهم وتقديمهم للعدالة، وتجريم مساعدة الإرهابيين مساعدة فعلية أو سلبية في القوانين المحلية وتقديم مخالفي تلك القوانين للعدالة.

ويدعو القرار أيضًا الدول إلى الانضمام في أقرب وقت ممكن إلى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي تكافح الإرهاب، وطالب الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة إلى أن تحظر بنص القانون التحريض، وأن تمنع مثل ذلك التصرف وأن تحرم من الملاذ الآمن أيَّ أشخاص توجد بشأنهم معلومات موثوقة وذات صلة تشكِّل أسبابًا جدية تدعو إلى اعتبارهم مرتكبين لذلك التصرف. وبالإضافة إلى دعوة الدول إلى مواصلة بذل الجهود على الصعيد الدولي من أجل تعزيز الحوار وتوسيع آفاق التفاهم بين الحضارات، أوعز المجلس إلى لجنة مكافحة الإرهاب أن تدرج الجهود التي تبذلها البلدان من أجل تنفيذ هذا القرار في إطار حوارها معها.

عمل اللجنة:
يشرف مجلس الأمن على أعمال اللجنة، ويستعرض هيكلها وأنشطتها وبرنامج عملها كل ثلاثة أشهر، وتقدم اللجنة تقاريرها إلى المجلس من خلال الرسائل التي يوجهها رئيسها إلى رئيس المجلس وعن طريق الإحاطات التي تقدم أثناء جلسات المجلس المفتوحة بشأن الأخطار التي تهدِّد السلام والأمن الدوليين؛ وعلاوةً على ذلك، يخطر رئيس اللجنة رئيس المجلس لدى تلقي تقرير تقدمه دولة عضو عن تنفيذها القرار 1373 لعام 2001 ولدى رد اللجنة على ذلك التقرير .

وبالتالى عضوية مصر لِلَجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن يلعب دور محورى بالنسبة للعديد من القضايا, فقد شهدت المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم كله تهديد واضح للأمن والسلم, بحيث أصبح العالم كله يواجه تهديدات وتحديات وجودية بسبب التنظيمات الإرهابية ومن يقف خلفها، وبالتالى عضوية مصر في مجلس الأمن، سيكون لها تأثير في حل مشاكل دولية وإقليمية متعددة.

وقد أكد وزير الخارجية المصرى أن القضايا الاقليمية التي سيكون لها تأثير مباشر على أمن واستقرار مصر سواء في ليبيا أو في سوريا أو العراق أو اليمن بالإضافة إلى قضية الإرهاب، كلها موضوعات مطروحة على أجندة مجلس الأمن, فالملف السوري سيكون على أولويات اهتمام مصر في الفترة المقبلة، وستسعى لإيجاد حل سلمي حقيقي ينهي الأزمة السورية التي تعد أهم الأزمات التي تفرض نفسها على الساحة بعد تدخل روسيا عسكريا لإنهاء الأمر وسوف تعمل مصر من خلال المجلس ومن خلال الإتصالات على مستوى ثنائي لحل هذه القضايا، كما توجد القضايا الدولية الأخرى المرتبطة بالسلم والأمن الدولي ونزع السلاح وقضايا التنمية وتغير المناخ، جميعها ستكون على أجندة اهتمامنا”.

أما بالنسبة للقضايا المتعلقة بإفريقيا والمتمثلة في تمكين المرأة ومساعدة دول القارة في خططها لتحقيق التنمية المستدامة، والمساعدة على مواجهة التغييرات المناخية بإعتبار أن مصر هي من تتحدث دائما عن هذه المسألة في المؤتمرات الدولية بتكليف من الاتحاد الإفريقي، فضلا عن المشاركة في عملية حفظ السلام في القارة.

وفيما يتعلق بالقضايا العربية الشائكة في الوقت الحالي، فالقضية الفلسطينية هي الأولى التي ستهتم بها مصر, انطلاقًا من أن مصر تمثل العضو العربى الوحيد فى مجلس الأمن الدولى, وبإعتبارها تاريخيا الحاضنة للقضية الفلسطينية، وبالتالى هناك التزام لتحريك مصر لتلك القضية في مجلس الأمن، فضلا عن وقف الانتهاكات الحالية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وتوقف كل العمليات الهمجية في القدس، والتأكيد على حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم التي يتم تقييدها من قبل إسرائيل، ثم تفعيل العودة مرة أخرى لطاولة المفاوضات واسترداد الأراضي المحتلة والاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس .

ومن هنا ستتشكل العلاقات المصرية الأمريكية, حيث كما لاحظنا فى العرض السابق أن مصر ستتمكن من طرح العديد من القضايا على الأجندة الخاصة بمجلس الأمن, وبالتأكيد ستكون الأولوية للقضية الفلسطينية التى تتبناها مصر منذ نشأتها, وأنها ستعمل على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية, وملف الاستيطان وأولوية إيقافه بإعتباره جزاءا من إجراءات بناء الثقة مع وجود وضوح فى الرؤية حول الهدف النهائى من تلك العملية حيث إنها تستهدف الوصول إلى حل نهائى وشامل, وليس إدارة حوار, وهنا سيظهر الموقف الأمريكى من طرح مصر لمثل هذه القضايا, حيث يمكننا ملاحظة أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والمنطقة العربية تتحدد وفق الرؤية الإسرائيلية بشكل عام, حيث تتحدد السياسة الأمريكية إنطلاقاً من أخذ المصالح الإسرائيلية بعين الاعتبار, وأنه فى كثير من الحالات عادة ما تتحمل الولايات المتحدة “وزر”تبنى الرؤية الإسرائيلية وأيضاً مساوىء وكوارث السياسة الإسرائيلية تجاه المنطقة, بل أن معظم الإتهامات التى توجه للسياسة الأمريكية بإتباع معايير مزدوجة تأتى من مقارنة التصريحات والمواقف الأمريكية عامة بتلك التى تلعبها وتتخذها الولايات المتحدة تجاه الصراع العربى الإسرائيلى, لذلك تمثل الولايات المتحدة وسيط أساسى فى العلاقات بين مصر وإسرائيل بل أن الدور الأمريكى لم يتوقف عند حد المساعدة فى التقريب بين وجهات النظر المصرية الإسرائيلية, أو لعب دور الشريك الكامل فى المفاوضات بين مصر وإسرائيل, وإنما اسندت المعاهدة المصرية الإسرائيلية دوراً للولايات المتحدة الأمريكية فى الإشراف على عملية التطبيع.

وبالتالى أنا أرى أن العلاقات المصرية الأمريكية ستشهد تحول بسبب تغير الثقل السياسى لمصر, وقدرتها على طرح العديد من القضايا على الأجندة الخاصة بمجلس الأمن وبالتالى ستسعى الولايات المتحدة للتقرب أكثر مع مصر, لصياغة التوجه العام تجاه بعض القضايا, على سبيل المثال, القضية الفلسطينية التى ستعمل مصر على طرحها وإيجاد حل لها, إلا أننا لا يجب أن نغفل أن الولايات المتحدة من ضمن الدول الـ5 الدائمين الذين يمتلكون “حق الفيتو” وهم: “أمريكا، الصين، روسيا، فرنسا، وبريطانيا”, وبالتالى الولايات المتحدة لازالت تمتلك القدرة على إعاقة قدرة مصر على إتخاذ خطوة لاتتفق مع رؤيتها من خلال حق الفيتو, إلا أن حتى إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك, فإن مصر على الأقل ستتمكن من طرح هذه القضايا على الساحة الدولية وبالتالى ستتمكن من جلب مؤيدين لهذه القضايا وربما ينتهى الأمر بتحالفات ثنائية خارج نطاق اللجنة وهو ما يمكن أن يؤدى فى النهاية إلى حل هذه القضايا .
الخاتمة:-
يتضح فى النهاية أن الإرهاب يمثل عنصر أساسى فى العلاقات المصرية الأمريكية خاصة عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر2001, حيث أن مفهوم الإرهاب قد أعيد هيكلته فى الإدارة الأمريكية عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر, بحيث أصبح المحدد الأول للسياسة الأمريكية داخلياً وخارجياً خلال السنوات الماضية, حيث أدركت الولايات المتحدة أن الإرهاب ليس له حدود, فبالرغم من القدرات الدفاعية الهائلة للولايات المتحدة إلا أنها لم تستطع التصدى لهذا الخطر, ونتيجة لذلك أُصيب المواطن الأمريكى بقدر هائل من التأثير, وبالتالى فوض الإدارة فى إتخاذ ما تراه مناسباً من السياسات حيث لم يكن التهديد قاصراً على حدود الولايات المتحدة بل أمتد إلى داخلها وأطاح بحياة الالاف من الأمريكين فى وقت قصير.

إلا أن الولايات المتحدة قامت بتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل كل الدول التى لاتتفق مع سياستها حتى وإن لم تكن إرهابية, حيث أصبحت الولايات المتحدة تتبنى رؤية معينة مفادها أن الأمن القومى الأمريكى يبدأ من خارج الولايات المتحدة الأمريكية, وقامت بالتدخل فى الشؤون الداخلية وإنتهاك سيادة دول بحجة مكافحة الإرهاب مثل أفغانستان والعراق, وهنا نلاحظ أن العلاقات المصرية الامريكية لابد وأن تتأثر بهذه السياسة الجديدة التى أنتهجتها الولايات المتحدة عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر, والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لجأت إلى إستخدام بعض الأدوات لكى تحقق سياستها فى الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص ومن هذه الأدوات المساعدات والمعونات التى تقدمها لمصر سواء إقتصادياً أو عسكرياً, حيث جعلت هذه المساعدات مشروطة بتحقق بعض الملفات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وتغيير المناهج, على الرغم من أن الولايات المتحدة عندما قامت بحملتها ضد الإرهاب قامت بإنتهاك حقوق الإنسان سواء فى العراق أو غيرها بحجة التصدى للإرهاب, والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تستخدم هذه المساعدات للضغط على مصر لكى تتوافق مع سياستها كما حدث عقب ثورة 30 يونيو, فقد كان الموقف الأمريكي من ثورة30 يونيو يتسم بالسلبية, وانعكس ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية عقب 30 يونيو 2013 وأعلنت الإدارة الأمريكية إيقاف المساعدات العسكرية الأمريكية ثم قامت الولايات المتحدة بإلغاء هذا القرار وسلمت مصر هذه المساعدات, وهنا نلاحظ أن الإرهاب يمثل محدد هام فى العلاقة بين الدولتين, خاصة مع إدراك البلدين بخطورة الإرهاب, ولكنه ليس هو المحدد الوحيد فى العلاقة بين البلدين, ونلاحظ أيضاً أن العلاقات المصرية الأمريكية حتى وإن شهدت بعض التوتر فى بعض الفترات إلا أنها سرعان ما تعود إلى طبيعتها لأن الولايات المتحدة ومصر يدركون مدى أهمية التعاون بينهما .

تتميّز السياسة الخارجية لإدارة بوش بتناقض في المفاهيم وازدواجية المعايير في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد أبرز هذه التناقضات نراها بين شعاريْ الحرّية للأوطان والحريّة للمواطنين, فالرّئيس الأمريكي بوش يركّز على شعار الحريّة مبرّراً فيه كل حروب إدارته تحت إدعاء بأنّها من أجل الحريّة في الشّرق الأوسط والعالم، ثمّ هو يكرّر في أكثر من مناسبة، الإشارة إلى ما حدث في العراق ولبنان وفلسطين من انتخابات وممارسة ديمقراطيّة, لكن الغريب في الأمر، أنَّ الرّئيس الأمريكي و إدارته يتعمّدون تجاهل المنطلق الأساسي للحريّة ألا وهو حريّة الأوطان الّتي وحدها تمكّن المواطنين من الممارسة الفعلية لحرّياتهم العامّة ، أيضاً تظهر الازدواجية والتناقضات في السياسة الأمريكية من خلال تداعيات المواقف تجاه كلٍّ من سوريا وإيران. فأولوية إدارة بوش – حسب زعم الإدارة- عقب العمليات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة في العام 2001، كانت هي الحرب على جماعة “القاعدة” ومن يدعمها أو يأويها, وكان مفهوماً آنذاك أن تتحرك القوات الأميركية بإتجاه أفغانستان وحكومة “طالبان”، وقد حدث ذلك دون إعتراض فعلي من أي طرف رسمي عربي أو إقليمي أو دولي، لكن إدارة بوش تعاملت مع أحداث سبتمر 2001 كمبرّر لتنفيذ إستراتيجية تستهدف العراق أولاً ثم عموم منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من عدم وجود أيّة علاقة بين ما حدث في الولايات المتحدة من إرهاب وبين النظام العراقي السابق، أو حتى بين هذا النظام وبين جماعات “القاعدة”, فالرئيس بوش وعدد من المسؤولين الأمريكيين يؤكِّدون على أنَّ الحرب ضدَّ الإرهاب مفتوحة ومستمرَّة وغير محدَّدة زمنياً أو مكانياً.

عندما أصبح أوباما رئيساً في عام 2009، واجه تحدياً هائلاً تمثل في توسيع المصالح الامبريالية الأمريكية والغربية, فخلال ثماني سنوات من التصرفات المتهورة لإدارة جورج بوش الابن تركت آثاراً سلبية على العالم, حيث شنت حربين بريتين على نطاق واسع وقامت باحتلال بلدين هما العراق وأفغانستان، وانتشرت القوات العسكرية الغربية في جميع أنحاء العالم، وبالتالى زاد القلق بين سكان العالم، وتنامت انتقادات إستخدام القوة العسكرية، في الداخل والخارج على حد سواء. وفيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، سعى أوباما لتنفيذ رؤاه الانتخابية “الأمل” و “التغيير” بطريقته الوحيدة التي يجيدها: تغيير الخطاب، وليس الجوهر، وأن تستمر الإمبراطورية في توسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم. وعلى هذا النحو، قام أوباما بتنفيذ تغيير سريع في السياسات، وقام بإسقاط مصطلح “الحرب على الإرهاب” و استبداله بمصطلح آخر لا معنى له أيضاً- إن لم يكن أكثر غموضاً- وهو “عمليات الطوارئ في الخارج “. وهناك جانب رئيسي في إستراتيجية أوباما للسياسة الخارجية يتمثل في شن حرب غير مسبوقة على الإرهاب الدولي باستخدام ذلك الشبح القاتل “الطائرات بدون طيار” التي تعمل عن طريق التحكم عن بعد, وتعتقد إدارة أوباما أن إستخدام الطائرات بدون طيار في الحرب على الإرهاب الدولي من المرجح أن تستمر عشر سنوات أخرى على الأقل، غير أن إدارة أوباما حذرت العالم بأنه بحلول عام 2012، تكون الولايات المتحدة قد وصلت إلى “نقطة الوسط” فقط في الحرب العالمية على الإرهاب، وعليه، إذا كانت الولايات المتحدة تخوض حرب على الارهاب للحد من تهديد الإرهاب، فلماذا إذا تتعمد تبني السياسات التي تزيد التهديدات وترفع مستويات الإرهاب؟

ربما يكون الجواب بسيطاً إلى حد الصدمة, الولايات المتحدة لا تحاول الحد من الإرهاب, بل على العكس تماما، الولايات المتحدة تسعى لزيادة تهديد الارهاب من خلال ممارسة الإرهاب ضد الكثير من دول العالم.

قائمة المراجع:
أولاً: قائمة المراجع باللغة العرية:
1- الكتب:
– خليل فاضل, سيكولوجية الإرهاب السياسى, الطبعة الأولى, (القاهرة, 1991).
– خير الدين حسيب, العراق من الاحتلال إلى التحرير, (بيروت, 2006).
– رمزى أحمد عبد الحى, التربية وظاهرة الإرهاب, ( القاهرة, مكتبة الأنجلو المصرية, 2008).
– ماهر محمود عمر, سيكولوجية العنف والإرهاب: رؤية تحليلية للمارسات الإرهابية, (القاهرة, مكتبة الانجلو المصرية, 2007).
– محمد موسى عثمان, الإرهاب: أبعاده وعلاجه, (القاهرة, مكتبة مدبولى, 1996).
– يوسف كوران, جريمة الإرهاب والمسؤولية المترتبة عنها فى القانون الجنائى الداخلى والدولى, (مركز كردستان للدراسات الإستراتيجية, 2007).
– مصطفى علوى, قضايا دولية معاصرة,( جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية, 2015).

2- الرسائل:
– أحمد إبراهيم السيد, الاستمرارية والتغير فى السياسة الامريكية تجاه مصر:رؤية مقارنة بين إدارتى بوش وأوباما(2004-2012), (دكتوراه), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2015.
– أسامة محمود محمد, الإرهاب فى العلاقات الامريكية المصرية2001- 2008, (ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013
– إكرام حسام عبد الرؤف, مكافحة الإرهاب بعد احداث 11 سبتمبر فى ضوء أحكام القانون الدولى لحقون الإنسان: دراسة لحالتى مصر والولايات المتحدة, (ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2008.
– خالدين ضيائى تاج الدين, تأثير السياسات الامريكية على نظام الحكم فى افغانستان(2001- 2009),( ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2011.
– رانيا محمود إبراهيم, الإستراتيجية الأمريكية فى المنطقة العربية والأمن القومى العربى2001-2004, (ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2012, ص 290.
– شيرين حامد فهمى, الأبعاد الثقافية للأستراتيجية الامريكية تجاه المنطقة العربية بعد أحداث 11 سبتمبر,(ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,2010.
– ليليان إميل كامل, احداث الحادى عشر من سبتمبر و تطور الإدراك الاملريكى تجاه العرب دراسة فى السلوك الامريكى تجاه بعض القضايا العربية 2001- 2009, (ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,2010.
– ميرة عبد الجواد عبد الحميد, دور النخبة الامريكية الرسمية وغير الرسمية فى العلاقت السياسية الامريكية المصرية فى عهد الرئيس جورج بوش 2001-2008,(ماجستير), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2012.
– نسمة شريف محمود, الفكر الاستراتيجى الأمريكى تجاه العالم الإسلامى بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر:دراسة فى بعض مراكز الفكر الأمريكية,(دكتوراه), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,2010.
– نها عبد الحفيظ شحاته, الأستمرار والتغير فى السياسة الدفاعية الأمريكية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001, (دكتوراه), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2012.
– ياسمين محمد خضرى, السياسة الامريكية وحقوق الإنسان مع التطبيق على حالة أفغانستان منذ عام 2001, (دكتوراه), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,2010.
-إيمان أحمد محمد, الاحتلال الأمريكى للعراق وتداعياته على النظام الإقليمى العربى, (دكتوراة), جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,2010.

3- الدوريات:
– أحمد دياب, أفغانستان .. مأزق عسكرى وخيارات سياسية, السياسة الدولية, العدد: 175, يناير2009, ص 207
– أحمد محمد وهبان, اتجاهات تحليل ظاهرة الإرهاب …الأصول التاريخية والمفاهيمية, السياسة الدولية, العدد:199, يناير 2015.
– صبحى عسيلة, سيناء والإرهاب: بين أولويات الأمن القومى وضرورات الأمن الإقليمى, افاق سياسية, العدد 14, فبراير 2015
– عبد المنعم المشاط, تحولات السياسة الخارجية الامريكية وتأثيرها فى العلاقات الدولية, السياسة الدولية, العدد 200, ابريل 2015.
– كينيث بولاك, الولايات المتحدة وإستراتيجية متكاملة فى الشرق الأوسط …رؤية أمريكية, السياسة الدولية, العدد: 175, يناير 2009
– معتز سلامة, تداعيات التغيير السياسي في مصر بعد 30 يونيو, السياسة الدولية, العدد 194, أكتوبر 2013.
– هل فشلت الولايات المتحدة فى العراق, سياسة دولية, العدد 165, يوليو 2006
– وحيد عبد المجيد, الإرهاب بين الأعلام الحُمر…والرايات السود, السياسة الدولية, العدد:201,يوليو 2015.

4- مواقع الإنترنت:
– أ ش أ , كيرى : مستمرون فى دعم مصر للقضاء على الإرهاب فى سيناء … وفهمى يؤكد أهمية العلاقات ” المصرية الأمريكية “, الأهرام, 3/11/2013, http://www.ahram.org.eg, 6/2/2016.
– أ ش أ, الخارجية : عضوية مصر فى مجلس الأمن تضيف بعدا جديدا للقضية الفلسطينية, أخبار مصر, 21/1/2016, http://www.egynews.net, 6/2/2016.
– أحمد السيد أحمد, مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية, الأهرام, 12/10/2015,http://www.ahram.org.eg, 6/2/2016.
– أحمد إمام, قانون “مكافحة الإرهاب” في أمريكا, الوطن, 9/7/2015,http://www.elwatannews.com/news/details/766742, 21/3/2016.
– الإرهاب في الفكر السياسي الأمريكي, الهيئة العراقية للإستشارات والبحوث, 3/10/2010,www.darbabl.net/studies/frightening.doc, 2/4/2016.
– ايمن عقيل, مكافحة الإرهاب بين التشريع المصري والمواثيق الدولية, مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية,22 /6/2007, http://www.maatpeace.org/node/2887
– جميل عفيفى, الإرهاب فى سيناء, الأهرام,10/11/2014,http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/336935.aspx9/4/2016 .
– رشا عبدالوهاب, ثورة30 يونيو والعالم: واشنطن.. ثلاثة مواقف متباينة لأوباما تنتهي بالانتصار لإرادة الشعب, الاهرام, 11/7/2013, http://www.ahram.org.eg , 6/2/2016.
– عبد المنعم سعيد على, عوامل تأزم العلاقات المصرية الأمريكية بعد 30 يونيو, موقع البديل, ابريل 2014, http://elbadil.com,, 6/2/2016.
– عضوية مصر بمجلس الأمن, اليوم السابع, 30/10/2015, http://www.youm7.com, 20/3/2014.
– غادة غالب, وكيلة «الخارجية» الأمريكية: مواجهة الإرهاب في سيناء بـ«الحل الأمني» فقط يُزيد التطرف, المصرى اليوم, 10/2/2016,http://www.almasryalyoum.com/news/details/889927, 20/3/2016
– فاطمة الجناينى, العلاقات المصرية الأمريكية, أخبار مصر, 24/9/2014,http://www.egynews.net, 6/2/2016.
– كيرى : مستمرون فى دعم مصر للقضاء على الإرهاب فى سيناء .. وفهمى يؤكد أهمية العلاقات ” المصرية الأمريكية , الاهرام, 3 /11/2013,http://www.ahram.org.eg/NewsQ/240583.aspx, 9/4/2016
– ماثيو ليفيت, رؤية أوباما للأمن القومي الأمريكي: مواجهة التحديات العابرة للحدود بتعاون عالمي, معهد واشنطن, 16/10/2010, http://www.washingtoninstitute.org, 2/4/2016.
– محمد العجرودى, شكرى: بحثنا تطورات القضية الفلسطينية وجهود استئناف مفاوضات السلام, الاهرام, 7/7/2015, http://www.ahram.org.eg/NewsQ/413030.aspx, 20/4/2016.
– محمد عرب الموسوي, مفهوم الإرهاب الدولى, الحوار المتمدن, 24/5/2010,http://elbadil.com, 2/2/2016
– محمد كمال, العلاقات الأمريكية المصرية.. حدود التغيير والاستمرارية, المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية, 11/3/2015, http://www.rcssmideast.org 3/2/2016.
– محمد متولي, فوائد تعود على مصر بعد فوزها بمقعد غير دائم في مجلس الأمن, الوطن, 15/10/2015, http://www.elwatannews.com/news/details/819089, 20/3/2014.
– محمود البدوى, “الخارجية”: مصر ستشارك بفاعلية في صياغة مواقف مجلس الأمن الدولي, الوطن, 15/10/2015 20/3/2016, http://www.elwatannews.com,.
– محمود علي, مهام لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي, جورنال مصر, 5/12/2015,http://www.misrjournal.com/743469, 5/4/2016.
– مصر.. الجيش يبدأ تنفيذ خطة للقضاء على الإرهاب في سيناء, نشر فى 30/10/2014, نشر بواسطة سكاى نيوز, متاح على:
https://www.youtube.com/watch?v=typ-5fT-yPg
– مصطفى علوى, مصرو أمريكا: من رد الفعل إلي الفعل, الاهرام, 3/11/2013,http://www.ahram.org.eg, 6/2/2016.
– نص قانون مكافحة الإرهاب, الأهرام, 17/7/2015,http://www.ahram.org.eg/NewsQ/423204.aspx, 7/3/2016.

ثانياً: قائمة المراجع باللغة الإنجليزية:
-Websites:
– Virginia Held, (Terrorism and War), Published by: Springer, 2004, available on:http://www.jstor.org/stable/25115781
– (Seiu Resolution to End U.S. Occupation of Iraq, and Return of U.S. Troops ), Published by: Sage Publications, Inc., 2004, available on:http://www.jstor.org/stable/40342500
– Andrew Hartman, (The Red Template’: US Policy in Soviet-Occupied Afghanistan), Published by: Taylor & Francis Ltd, 2002, available on:http://www.jstor.org/stable/3993537
– Ann Belford Ulanov, (Terrorism), Published by:Springer, 2002, available on: http://www.jstor.org/stable/27511578
– Claudia Card, (Questions regarding a War on Terrorism), Published by: Wiley, 2003, available on: http://www.jstor.org/stable/3811043
– David Schenker and Eric Trager, Obama Administration Should Be Helping Egypt Not Punishing It, the Washington institute, November 2014,http://www.washingtoninstitute.org, 9/4/2016.
– Fatima Ayub and Sari Kouvo, ( Righting the Course? Humanitarian Intervention, the War on Terror and the Future of Afghanistan), International Affairs, Jul 2007, available on:http://www.jstor.org/stable/25144869.
– Frederic F. Clairmont, (Iraq: The End of Empire) ,Published by: Economic and Political Weekly, 2003, available on:http://www.jstor.org/stable/4414043
– G. P. D., (This Terrorism and That Terrorism), Published by:Economic and Political Weekly, Jul 2005, available on: http://www.jstor.org/stable/4416895
– Graeme A. M. Davies, (Strategic Cooperation, the Invasion of Iraq and the Behaviour of the ‘Axis of Evil’, 1990-2004 ), Published by: Sage Publications, 2008, available on: http://www.jstor.org/stable/27640680
– IGOR PRIMORATZ ,( What Is Terrorism?), Published by:Wiley, 1990, available on: http://www.jstor.org/stable/24353583
– J. Angelo Corlett, (can Terrorism Be Morally Justified?), Published by: University of Illinois Press, Jul, 1996, available on:http://www.jstor.org/stable/40435951
– Jeremy Waldron,( Terrorism and the Uses of Terror), The Journal of Ethics, Vol. 8, No. 1, Terrorism (2004), pp. 5-35, available on:http://www.jstor.org/stable/25115779.
– Judith S. Yaphe, (War and Occupation in Iraq: What Went Right? What Could Go Wrong?), Published by: Middle East Institute, available on:http://www.jstor.org/stable/4329910
– Kathleen Hall Jamieson, (Justifying the War in Iraq: What the Bush Administration’s Uses of Evidence Reveal), Michigan State University Press, 23-02-2016, available on:http://www.jstor.org/stable/41940145.
– Mervat F. Hatem, (Discourses on the “War on Terrorism” in the U.S. and its Views of the Arab, Muslim, and Gendered “Other”), The Arab Studies Journal, 07-03-2016, available on http://www.jstor.org/stable/27933867.
– Muhammad Mansour, Washington’s inevitable decision on Egypt, fikraforum, may 2015, http://fikraforum.org/?p=6798&lang=en#.VwkY4px96Ul, 9/4/2016.
– Nasreen Akhtar, (PAKISTAN, AFGHANISTAN, AND THE TALIBAN), Published by: Professors World Peace Academy, 2008, available on:http://www.jstor.org/stable/20752859
– Omar Farooq Zain, (Afghanistan: From Conflict to Conflict), Published by: Pakistan Institute of International Affairs, 2006, available on:http://www.jstor.org/stable/41394382
– Rama Sampath Kumar, (Impact of US-Led War on Terrorism), Economic and Political Weekly, 17/8/2002, available on:http://www.jstor.org/stable/4412486.
– Salah D. Hassan,( Never-Ending Occupations), Published by: Michigan State University Press, 2008, available on:http://www.jstor.org/stable/41949578
– Thom Brooks, (JUSTIFYING TERRORISM), Published by: University of Illinois Press, JULY 2010, available on:http://www.jstor.org/stable/25767215
– Tim Krieger and Daniel Meierrieks, (What causes terrorism?), Published by: Springer, April 2011, available on: http://www.jstor.org/stable/41483643
– Toby Dodge,( Iraqi Transitions: From Regime Change to State Collapse), Published by: Taylor & Francis Ltd, 2005, available on:http://www.jstor.org/stable/3993716
– Valentina Taddeo,(U.S. Response to Terrorism: A Strategic Analysis of the Afghanistan Campaign), Journal of Strategic Security,http://scholarcommons.usf.edu/cgi/viewcontent.cgi…, 15/4/2016.
-( Seiu Resolution to End U.S. Occupation of Iraq, and Return of U.S. Troops), Published by: Sage Publications Inc, 2004, available on:http://www.jstor.org/stable/40342500
-fred block, (why is the u.s. fighting in iraq?), Published by: Sage Publications Inc, 2007, available on: http://www.jstor.org/stable/41801057
-Gary D. Solis, (Extreme Measures: The U.S. Removal of “Protected Persons” From Occupied Iraq and Afghanistan), Published by: Georgetown University Press, 2009, available on: http://www.jstor.org/stable/43134197
-Tariq Fatemi, (Afghanistan Imbroglio: An Appraisal), Published by: Pluto Journals, 2011,available on: http://www.jstor.org/stable/42909263

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى