الشرق الأوسطعاجل

تنفيذ أحكام الإعدام للسُنّة في إيران بين “العدالة الغائبة والأمن القومي المهدد”

أعلنت النيابة العامة في محافظة كردستان الإيرانية، أمس الخميس، تنفيذ حكم الإعدام يوم الثلاثاء الماضي بحق معتقلين في سجن رجائي شهر بمدينة كرج (غرب طهران)، بدعوى انتمائهم إلى “منظمة تكفيرية” (تستخدمها السلطات للإشارة إلى الجماعات السنية) تسمى “الجهاد والتوحيد”، وقيامهم بأعمال إرهابية داخل البلاد.

أثار تنفيذ إيران أحكاما بالإعدام بحق 20 سنيا بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية، مخاوف لدى خبراء تحدثوا للأناضول من أن يؤدي الاستمرار في هذا النهج إلى تهديد الأمن القومي، معتبرين أن هذه الأحكام صادرة عن “محاكمات غير عادلة” وبها “شبهة سياسية”.

الباحث والكاتب الإيراني رضا علي جاني، اعتبر في حديث مع “الأناضول”، أن هؤلاء تم إعدامهم “بعد مرحلة مقاضاةٍ غير عادلة، وتعرضوا للتعذيب الشديد من أجل قبول التهم الموجهة إليهم”.

وأشار إلى أن الإعدامات التي وقعت قبل يومين “كانت تهدف السلطات الإيرانية من خلالها إلى ترهيب السنة وتحقيق مآرب سياسية، وذلك كنتيجة طبيعية للمنافسة الإقليمية القائمة بينها وبين المملكة العربية السعودية”، والتي تعد من أكبر الدول السنية في المنطقة.

ومنذ تشكيل الحكومة في إيران عقب الثورة التي جرت عام 1979، اعتبرت السلطات السعودية، هذه الحكومة، منافسة جديدة لها في المنطقة، واستمرت العلاقات الثنائية بين البلدين، منذ ذلك الحين على هذا الأساس، وهو ما جعل تاريخ تلك العلاقات مليء بالتوترات كان أحدثها إعلان الرياض في 3 يناير/كانون ثان الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت مقار دبلوماسية للمملكة في إيران، احتجاجا على إعدام “نمر باقر النمر” رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مداناً بالانتماء لـ”التنظيمات الإرهابية”.

ومدللا على وجهة نظره بشأن غياب العدالة عن المحاكمات لمن تم تنفيذ الإعدامات بحقهم، قال علي جاني إنه “بحسب المعلومات التي وصلتنا من زملاء فإن الأشخاص الذين تمّ إعدامهم، لم يرتكبوا جرائم كبيرة تستوجب حكم الإعدام، فهم أبناء طبقة فقيرة غير قادرة على إسماع صوتها للعالم الخارجي، وقد تمّ استباحة دماء وأرواح هؤلاء الأشخاص لتحقيق مآرب سياسية، ولهذا السبب أبدى الكثيرون سخطهم لإعدام هؤلاء السنة”.

وقال النائب العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، في تصريحات للتلفزيون الإيراني، أمس إنّ مقاضاة الأشخاص الذين أُعدموا “تمت وفقاً القوانين، وإنّ الجرائم التي ارتكبوها، مسجّلة في ملفاتهم القضائية”.

وذكرت رئاسة الاستخبارات الإيرانية أنها تمكنت من إلقاء القبض على 102 أشخاص ينتمون إلى منظمة “الجهاد والتوحيد”، وأنّ قراراً بالإعدام صدر في حق بعضهم من قِبل المحاكم المعنية بملفاتهم.

ورد علي جاني على الرواية الرسمية قائلا إن التهم المسندة إلى الأشخاص الـ 20 “غير صحيحة”، مشيرا إلى أن “أجهزة الاستخبارات الإيرانية عمدت دائماً على إلصاق تهم كبيرة بالمعارضين، وأنّ المجتمع الإيراني لم يثق أبداً بتصريحات مسؤولي جهازي الاستخبارات والقضاء في البلاد”، على حد قوله.

ولفت إلى أن “قسماً كبيراً من المجتمع الإيراني كان وما يزال يعارض تنفيذ الإعدامات الجماعية في البلاد”، ذاكراً في هذا الصدد تصريحات رئيس الوزراء الإيراني الأسبق “مير حسين موسوي”، الخاضع للإقامة الجبرية حالياً، والذي قال إنّ الأكراد في بلاده لا يحاكمون بشفافية، وإنّ القرارات الصادرة بحقهم غير موافقة للقوانين والدساتير.

وعقب تعاظم حركات المعارضة في المناطق ذات الأغلبية الكردية، بدأت السلطات الإيرانية بإدراج المعارضة الكردية ضمن قائمة المنظمات التكفيرية، الأمر الذي دفع ببعض دول الجوار إلى إظهار سخطهم في هذا الشأن.

وعن مواقف حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، من حالات الإعدام، قال علي جاني: “حكومة روحاني، حصدت نسبة كبيرة من أصواتها من المناطق التي ينتسب إليها الأشخاص الذين تمّ إعدامهم، ومن الواضح أنّ أمن وسلامة الأهالي القاطنين في تلك المناطق، لا يدخل ضمن اهتمامات تلك الحكومة”.

وحذّر علي جاني من أنه “في حال استمرت حالات الإعدام دون محاكمة عادلة، فإنّ أمن البلاد والتضامن الوطني، سيتضرر لا محالة”.

ومن وجهة نظر مشابهة، انطلق محمد جواد أكبريان، الخبير في علوم الدين بإيران، في حديث مع الأناضول قائلا إن أحكام الإعدام صدرت “دون إجراء محاكمة عادلة”، لافتاً إلى أن الرأي العام في إيران يطالب بوثائق تثبت عكس ذلك.

وأوضح أكبريان أنّ “شهرام أحمدي، الذي أُعدم بتهمة قتله لرجل الدّين السني ماموصطا برهان إلي (2009)، ترك رسالة في سجنه أفاد فيها أنّ محاكمته استمرت لمدة 5 دقائق، دون حضور محام يتولّى الدفاع عنه”.

وأضاف أنه “إلى حين أن يتم الإجابة على الأسئلة التي تطرح حول مدى التزام العدالة في النطق بحكم الإعدام، فإنّ ادعاء صحة هذه القرارات يكون بمثابة المشاركة في الجريمة، ومثل هذه القرارات من شأنها تهديد الأمن القومي، لا سيما أنّ المنطقة تشهد صراعات مذهبية عنيفة، فتوفير العدالة أمر ضروري بالنسبة للجميع، وخاصة بالنسبة للأقليات، لأن الأقليات التي تتعرض للظلم، تشعر نفسها في معزل عن الأمان”.

بدوره، قال رجل الدين السني ماموصطا عبد العزيز سليمي ، إنّ إعدام شباب سنة في إيران “أوقع المدافعين عن حقوق الإنسان في حيرة”.المصدر:الاناضول

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى