البرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

سبل قمع الانظمة الاستبدادية العربية لثورات “الربيع العربي” والحركات الاحتجاجية

اعداد الباحثة : ياسمين أيمن – المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة :

لم يكن العالم العربي ليبدو أكثر وحدة مما كان عليه فيما يسمى بفترة ثورات الربيع العربي, فمنذ انطلاق الشرارة الأولى في تونس ثم امتداداها لتشعل ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر والتي اطاحت بنظام الرئيس محمد حسنى مبارك بعدما تربع على الحكم قرابة الثلاثين عاما ثم سوريا ولكن الوضع هنا اختلف كثيرا عما كان في كلا من تونس ومصر سواء من حيث النتائج التي حققتها الثورة أو الخسائر البشرية فكانت المظاهرات في بدء الأمر سلمية تطالب بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية لتتحول إلى ساحة عراك كبرى بين أطراف مختلفة تتنازع كلا منها للحفاظ على الجزء الخاص بها من الكعكة مخلفة ورائها ملايين البشر الضائعين نتيجة لما تسببتفيه من خراب ودمار , ثم تحذو ليببا حذو الدول السابقة لتنتج نتائج مختلفة عما كانت في كل دولة من الدول السابقة ثم اليمن والصراع القائم المستمر إلى وقتنا الراهن والبحرين وإن كانت ثورة البحرين أو لنطلق عليها احتجاجات البحرين التي قامت بمدينة المنامة لم تستمر طويلا حيث تم اخمادها قبل أن تشتعل بشكل يطيح بالنظام , وعند النظر إلى كل دولة من تلك الدول نجد أن عوامل نجاح الثورات وتحقيقها لمأربها اختلفت باختلاف مجموعة من العوامل من الممكن حصرها فيالآتي :

  • طبيعة شعوب بلدان تلك الدول ومستوى ثقافتهم .
  • سبل مكافحة السلطات لتلك الثورات والاحتجاجات وهى عامل ومحدد رئيسي .
  • مستوى التدخل الخارجي لإنجاح الثورات أو لإخمادها .
  • الدور الذى لعبته القوات المسلحة داخل كل دولة .
  • الدور الذى لعبته النخب و الطوائف المختلفة داخل تلك الدول .

وهى كلها عوامل لعبت أدوار رئيسية في انجاح أو اخماد تلك الثورات والتي ما زلنا رغم مرور قرابة الست أعوام نحصد نتائجها إلى الآن بل ما زالت الدول العربية تعيش حالة من حالات الارتباك والتخبط نتيجة لعدة اسباب منها :

  • عدم الاستقرار على شكل ثابت للحكم أو عدم القدرة على الخروج من المرحلة الانتقالية السياسية .
  • اضطراب الاوضاع الاقتصادية وسوء الأحوال المعيشية في تلك الدول .
  • زيادة التناحر بين القوى السياسية المختلفة .

ولا يسعنا الحديث عن ثورات الوطن العربيبدون أن نتساءل كيف واجهت السلطات هذا النوع من الاحتجاجات وهو محور هذه الورقة البحثية لهذا فالسؤال الرئيسي هو :

كيف واجهت الأنظمة العربية مظاهر الاحتجاجات المختلفة ؟

والذى سيتشعب منه مجموعة من الاسئلة الفرعية التي سنسعى للإجابة عليها وهى :

  • ما الدور الذى يلعبه تحليل التاريخ والأحداث الجارية في البلدان المجاورة في التأثير على النظام السياسي؟
  • ما هيدور العوامل الخارجية في انجاح الثورات أو اخمادها ؟
  • ما هي دور الهوية في محاربة المعارضة السياسية ؟

وهذا كله سيتم تناوله بشكل تفصيلي داخل تلك الورقة البحثية .

لقد قامت ثورات الوطن العربي بالأساس لأسباب اقتصادية فحينما فشل الناس في الحصول على أقل حقوقهم وابسط الوسائل التي تضمن لهم الحياة لم يكن باليد حيلة سوى الخروج على هذا النظام وكان محمد بوعزيزىفي تونس هو شرارة الانطلاق بائع الفواكه الذى احرق نفسه بعدما قامت الحكومة بالاستيلاء على سيارةالفاكهة الخاص به وصفعه على وجهه أحد رجال الشرطة, ليتحول إلى رمز للنضال وتجسيدللديمقراطية وللثورة على الفساد والظلم وكان هو بمثابة مطلق الدعوة للثورات التي اشتعلت في الوطن العربي .[1]

وبعد مرور قرابة الست أعوام على تلك الثورات يمكننا أن نصنف الدول حاليا التي مرت بالثورات كالآتي فتعتبر كلا من مصر وتونس تمر بمرحلة انتقالية سياسية بينما اليمن تعيش حرب أهلية وتزداد حدة النزاعات بها يوما بعد يوم وليبيا ارتفع فيها معدل العنف والتطرف حتى بعد تدخل الناتو فيها لمقاومة نظام الرئيس السابق معمر القذافي والذى انتهت مسيرته بمقتله وموته بطريقة شنيعة بينما الرئيس المخلوع حسنى مبارك يقضى بقية سنواته في السجن في حين يتمتع الرئيس التونسي المخلوع بن على بحياة رغدة هنيئة في السعودية .[2]

فى حين نجد سوريا وقد آل الوضع بها إلى حرب أهلية لتزيد حدة الصراعات بين مختلف طوائف الشعب والسلطة ليبدأ بعض السوريينفي الانضمام لتلك الاحتجاجات ولكن بعدما طالت مدة النزاعات وتأزمت بدأ الكثيرونفي حزم امتعتهم والرحيل خارج البلاد بينما ظل غير القادرين داخل سوريا متحملين القتل والدمار وسوء الاحوال الاقتصادية, ويمكننا ان نلاحظ أن تلك النتائج في كل دولة كانت نتاج لرد فعل السلطات على الاحتجاجات في بدايتها .

ومن هنا سنبدأ في استعراض وسائل قمع السلطات الاستبدادية المختلفة داخل الوطن العربي .

فلقد لاحظت الباحثة ماريا جوزيه بأن الانظمة السياسية الاستبدادية تتبع نهجا متماثلا في مكافحة كافة اشكال الاحتجاجات مثل :

  • التضييق على المساحات العامة أو الحريات العامة .
  • تعزيز لغة خطاب معاداة وكراهية الأجانب للقومية .
  • تشويه صورة الناشطين السياسيين وذلك من خلال مجموعة من الطرق إما باتهامهم بالعمالة للخارج أو دعمهم لسياسات اجنبية لإسقاط نظام الدولة أو تعاطيهم للمخدرات .

فيما عبر الباحثان الألمانيان توماس ريتشر واندريه بانك عن أن الأنظمة الاستبدادية ليست في حاجة إلى تعلم تكتيكات معينة أو سياسات للقضاء على معارضيها فالأمر يكون واضح للعيان فهي أكثر قدرة على سجن وتعذيب معارضيها وفرض رقابتها على مواقع التواصل الاجتماعي والاستحواذ على وسائل الإعلام المختلفة لتبث ما ترغب به من رسائل .[3]

وهنا سنتناول تفصيليا السبل والمناهج المختلفة التي حدثت في كل دولة .

  • الانتشار الانتقالي والتعاون والتعلم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

عندما بدأت الثورات في الاشتعال داخل الوطن العربي بدأت معها مخاوف النخبة الحاكمة تتزايد فعملت على القاء الوعود والآمالبالإصلاحاتالسياسية والاقتصادية لتتغير وتتبدل الصورة مع مرور الوقت وتنقلب تلك الوعود إلى سياسات قمعية , ولكننا نجد اختلافات بين الأنظمة المختلفة ففي الأنظمة السياسية المعتدلة مثلما في الأردن والجزائر والمغرب وبالرغم من قربها من مناطق الاحتجاجات إلا أن الوضع اختلف هنا وهذا نتيجة لملاحظة حكام تلك الدول بما يدور حولهم والبدءفي التعلم من اخطاء الانظمة الأخرى فالتعلم يأتي من ناحيتين وهما الخبرة التاريخية وملاحظة تجارب الدول الأخرى , بينما قامت الانظمة الاستبدادية باتباع نهج مختلف ,ولقد لاحظت الباحثة أن وسائل استبداد السلطة أو مقاومتها للثوار تتم من خلال عدة محاور منها :

  • التصنيف الطائفي والسلبى للمتظاهرين :ففي ثورات الوطن العربي استولت السلطة على وسائل الإعلام المختلفة لتبث رسائل سلبية ضد المتظاهرين لتردع من تسول له نفسه من المشاركة في المظاهرات برسم صور نمطية سلبية ضد المتظاهرين .
  • منع مزدوجي الجنسية من تقلد المناصب العامة : وهذا ما تتبعه مصر في قوانينها منذ وقت طويل ولكن في 2011 بادرت الأردن بإصدار تشريعات تمنع مزدوجيالجنسية من تولى المناصب مطالبةبتنازلهم عن الجنسية الأخرى مقابل عضوية البرلمان أو غيره ثم لحقت سوريا بها, وهذا أحد استخدامات لغة الخطاب المعادي للأجانب والدول الخارجية وبث رسالة أن مزدوجي الجنسية يحمل أجندة أجنبية ترغب في تفكيك الدولة وهدمها .[4]
  • التعلم السياسي والتكيف الاستراتيجي :

ويفسر الباحثون عملية الانتشار الواسع للديمقراطية بأنها عملية عفوية تتم من خلال عدة طرق مثل وسائل الاتصال المختلفة بين المرسل والمستقبل وينقلها أفراد المجتمع بين بعضهم البعض , فعملية اختيار أو تبنى نظام سياسي معين في أحد الوحدات أو الأنظمة تنعكس على الوحدات الأخرى ووفقا لهذا فعملية الانتشار ممكن تفسيرها من خلال اتجاهين :

  • الاصلاح السياسي داخل مؤسسات الدولة دون النظر لما يحدث في البلدان المجاورة أو الأنظمة الأخرى نتيجة للاستجابة لظروف داخل المؤسسة ذات نفسها .
  • الاصلاح السياسي أو المؤسسي نتيجة للتعاون بين جهاز الحكم والمنظمات الدولية أو الأجهزة في الدول المجاورة أي إنها حركة تعاونية واستجابة لمتطلبات عالمية .

فعملية الانتشار أو الاستجابة سواء للديمقراطية او للإصلاحالمؤسسي تكون وفقا لثلاث دوافع وهى : التعلم – المحاكاة – المنافسة

التعلم : من خلال النظر إلى بعض المؤسسات وادراك عيوبها وبالتالي محاولة التوجه نحو الاصلاح والتعلم من تجارب الآخرين .

المحاكاة : حيث تتبنى الجهات الحاكمة عملية التغير بما يتلاءم مع طبيعة مؤسساتها .

المنافسة : وهى تغيرات ستجريها المؤسسة لكى تجذب مزيدا من الموارد العالمية أو المحلية أو لتحافظ على مكانتها .[5]

  • الاعتماد على دراسة وتحليل التاريخ لتفسير الواقع والتنبؤ بالمستقبل :

أثيرت التساؤلات بعد تخلى الحزب الإسلامي الحاكم في تونس عن السلطة بالرغم من وصوله إليها شرعيا وعن طريق الانتخابات وخاصة بعد الانقلاب العسكري الذى حدث في مصر وأطاح بحكم الإخوان المسلمين فبعد اشهر طويلة من الضغط من قبل افراد المجتمع المدني والاحزاب المعارضة والمفاوضات قام حزب النهضة في تونس بالتخلي عن السلطة والذى اعتبره البعض رضوخا سياسيا ,ولكن البعض الأخر قام بتفسيره بأن بعد رؤية حزب النهضة ما حدث في مصر لجماعات الإخوان المسلمين وخاصة نتيجة رفضهم للإنصات للمعارضة السياسية من إلقائهم في السجون وهروب الكثير منهم خارج البلاد ,فخشى اعضاء حزب النهضة أن يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى في تونس فقاموا بالتخلي عن الحكم بالرغم مما عانوه من تعذيب وسجن في فترة الرئيس المخلوع بن على وهذا يعتبر نوع من انواع التكيف الاستراتيجي مع متطلبات المرحلة ولكن السبب الأساسي وراء تنازله عن الحكم هو قراءة الأحداث المستقبلية من خلال تحليل الأحداث التاريخية وخاصة عام 1989 عندما قام الطاغية زين العابدين بإلقائهم في السجون بعدما أشيعت حالة من التفاؤل بشأن المشاركة في الحكم ونشر مبادئ الديمقراطية فزادت المخاوف من تكرار نفس السيناريو مرة أخرى [6] .

  • ربط السياسة الداخلية والعالمية والإقليمية :
  • العولمة وتأثيرها على السياسات المحلية

العولمة هيفي مضمونها عملية الانفتاح على كل ما هو  عالمي ليصبح محليا وهنا فعملية الانفتاح على الاسواق العالمية والتكنولوجيا والاستثمارات قد أثرت على الافراد والجماعات من خلال عدة جوانب ومنها :

  • تغيرات جذرية في الدخل ومستوى الخدمات العامة المقدمة والتوظيف والأسعار .
  • المتطلبات الملحة لتغيير نظام المؤسسات وتطويره ليلائم النظام العالمي .

وهذا ما أدركه السياسيون ولهذا حاولوا الاستفادة قدر الإمكان عبر الاعتماد على التحالفات التيتتلاءم مع كل منطقة ونظام سواء كان استبدادي أو ديمقراطي وذلك من أجل السيطرة التامة على السلطة والمصادر الاقتصادية المتاحة سواء كانت خاصة أو حكومية وتم هذا من خلال أسلوبين :

الأول: يعتمد على الانفتاح والاتحاد مع النظام العالمي.

والآخر: يعتمد على السيطرة على كافة مداخل ومخارج الدولة والحكم و تجاهل كل ما هو عالمي وغض الطرف عنه .

ومن هنا تنبثق الاختلافات داخل انظمة الدولة فالنظام الأول المنفتح على العالم سيكون اعتماده على النظام الاقتصاديالعالمي وسيعمل على محاولة تقليل آثار البيروقراطية ومحاولة تنفيذ اصلاحات اقتصادية جذرية والاعتماد على نظام السوق المفتوح وهذه الأنظمة هي أقل عرضة للصراعات وأكثر قدرة على الاندماج مع الانظمة المجاورة لها , بينما على الجانب الآخر نجد أنظمة الحكم الاستبدادية لتكون أكثر انغلاقا وانعزالا سواء على النظام الاقتصادي الخاص بها لتدخل الدولة في كافة الأمور الاقتصادية وفى نظام البنوك بل يحكم الجيش قبضته على سبل الحكم المختلفة ويتدخل في قطاع الصناعة والزراعة وكل وسائل الانتاج ويؤدى إلى تركيز جانب كبير من الدخل القومي على الانفاق العسكري مما يحدث حالة من حالات التضخم داخل الدولة وعجز في الميزان الداخلي نتيجة لاستيراد مزيدا من الاسلحة لدعم الجيش وزيادة احكام قبضته على الحكم والسلطة فتزيد نسبة المديونياتوترتفع درجة البيروقراطية داخل تلك الأنظمة وتكون أكثر عرضة للصراعات وعدم القدرة على الاندماج مع القوى المجاورة لها .[7]

  • دور العوامل الخارجية في اخماد الثورات العربية) المملكة العربية السعودية والدور الذى لعبته ):

المملكة العربية السعودية عملت على دعم النظام المصريفي فترة الرئيسالسيسي وكذلك النظام التونسي بعد الثورة , فلقد لعبت المساعدات السعودية دورا هاما في فترة الاحتجاجات على مبارك وحاولت إثناء الولايات المتحدة الأمريكية على وضع الضغوطات عليه إلى أن سقط النظام وتولى الجيش فترة الحكم لتمد المساعدات إليه مرة أخرى , إلا أنها قد منعت هذه المساعدات أثناء حكم الإخوان لتعود مرة أخرى بالتدفق على مصر في فترة الحكم بعد 30 يونيو وإن اختلفت نسبة التدخل والمساعدة في النظام التونسي إلا أنها بدأت تزدهر الآن خاصة بعد توقيع الاتفاقيات في التعاون الأمني بين البلدين ولعل هذا التقارب قد بدأ في الحدوث عندما رأى حزب النهضة الحاكم في تونس بالانقلاب العسكري على الإخوان المسلمين في مصر فحرصوا على تقوية موقفهم ووضعهم وذلك من خلال التقارب السعوديالتونسي, وتعود أهمية الروابط السياسية والاقتصادية التي تحرص المملكة العربية السعودية على تقويتها في مصر لرؤيتها بدور مصر الرائد في الشرق الأوسط على عكس تونس والتي لا تعتبر فاعل رئيسي مثل مصر في منطقة الشرق الأوسط .[8]

ولكن بعدما رأت المملكة العربية السعودية سرعة انتشار الثورات في الوطن العربي ومنطقة شمال إفريقيا سارعت بإعلان الدعم المالي الذى يقدر بنحو 20 بليون دولار للشركاء الضعفاء في مجلس الخليج العربي وهما عمان والبحرين وكانت هذه المساعدات هامة جدا لإحكام سيطرة الحكومات على المتظاهرين وربما كانت عمان انجح كثيرا في احتواء أزمة المتظاهرين عن طريق إجراء العديد من الإصلاحات الإدارية وعزل كثيرا من الوزراء وإعلان وظائف جديدة في الحكومة ولكنها قتلت الكثيرين وقمعتهم أيضا على كس البحرين التي اشتعلت الأوضاع فيها في العاصمة المنامة وتم قمعها أيضا ولكن بعد تدخل قوات من مجلس التعاون الخليجي .[9]

  • دور النظام الطائفي والهوية في الشرق الأوسط :

تلعب الهوية دورا فعالا داخل قضايا الوطن العربي , بل يمكننا القول بأن الهوية يمكنها أن تشكل سياسات وتوجهات الفاعلين في السلطة , فباستخدام مفهوم الهوية الوطنية يمكن للفاعلين في السلطة بث روح الكراهية في نفوس الشعب للدول المجاورة أو للجيوش الأجنبية باعتبارها مصدر تهديد رئيسي للهوية الوطنية , ولكن الجديد في استخدام قضية الهوية أن الموضوع أصبح اكثر عنفا وتوغلا أكثر من قبل مثلا بعدما كانت الهوية محصورة في منطقة الهوية العربية أو الإسلامية أصبحت الآن تلعب في نقطة الهوية الشيعية أو السنية , وهذا ما تم استغلاله والاعتماد عليه من قبل السلطة في كلا من سوريا والعراق والبحرين حيث تنتشر السنة والشيعة مع اختلاف مكانة كلا منهم داخل الدولة وما يحصلون عليه من حقوق ولهذا عملت السلطة على اللعب على الورقة الطائفية لدحض المعارضة .[10]

الخاتمة :

الديمقراطية هي كلمة نسبية تختلف معياريها من دولة لأخرى فلا يمكن أن تؤخذ مفاهيم الديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية بكل معياريها وسياستها لتطبق في مصر حيث طبيعة شعب مختلف – مؤسسات مختلفة تتولى الحكم – موارد مختلفة ونخب مختلفة تتحكم في سير العمليات .

ومن هنا نستنتج سبب فشل بعض الثوراتالتي قامت في بعض الدول العربية بل وبلوغ الأمر إلى تمنى قطاع عريض من الشعب عدم قيام تلك الثورات من الاساس بالرغم من أن الهدف الرئيسي لها هدف نبيل من الاساس ولكن في بعض الدول استولت جماعات معينة على الحكم لتحل محل النظام المستبد السابق وكأن شيئا لم يكن وفى البعض الأخر جاءت انظمة سياسية برضاء الشعب لمجرد وصولها لسدة الحكم لتبدأ في احكام قبضتها على الثوار من مختلف الجهات ليلقوا مصرعهم أو يتم اعتقالهم وارهابهم وتعمل على السيطرة على كافة وسائل الإعلام لتبث ما تريده من رسائل , وازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءا في البلدان ليستغل فصيل الحكم تلك العملية حيث أنه الطرف الوحيد المنجى في اللحظات الراهنة بالرغم من فشل وخطأ الكثير من القرارات والمشروعات التي يتم انشاؤها ليصبح هو الطرف الأساسيفي تقديم الدعم المالي فينشغل الناس بالأمور الاقتصادية الحياتية غير منبهين لما يدور من اخطاء سياسية حولهم .

كما إننا نستنتج أيضا ضعف الدور الذى يلعبه المجتمعالمدنيفي الأنظمة العربية , فمنظمات المجتمع المدني تلعب العديد من الادوار الهامة سواء على الجانب السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي وذلك من خلال رصد انتهاكات حقوق الانسان والممارسات الباطلة من الحكومة في حق المواطنين ولكن في الوطن العربي فتلك المنظمات تهاجم بشكل كبير ويتم مصادرة حقوقها وحرياتها ومحاولة ابطال كلمتها وانشطتها وممارستها وخاصة المنظمات الحقوقية , كما أن المجتمع المدني من أهم أدواره المطالبة بحرية الرأي والتعبير وإعلاء قيم العدالة والمساواة والحرية ونادرا ما نجد هذا الدور في الوطن العربي .

لعل من الأدوار الفعالة لمنظمات المجتمع المدني هو تقريب المسافات والاختلافات الايدلوجية والطائفية بين فئات المجتمع المختلفة من خلال إقامة مجالس نقاشية تعلى من قيمة الحوار بين أفراد المجتمع ونتيجة لضعف دور المجتمع المدني فنجد زيادة مشاكل الطائفية والعنف واختلاف المذاهب التي بدأت تظهر على السطح حاليا في مجتمعاتنا .

هيهات أن ننسى الدور الذى يلعبه الإعلام ,فللإعلام دور رئيسيا في بث الرسائل المختلفة داخل بيوت الوطن العربي وخاصة في المناطق أو البلدانالتي لا تستخدم الانترنت ووسائل الاتصال المختلفة , ولهذا فيمكننا ان نستنتج بأن ثورات الوطن العربي لعب الإعلام دور كبير به من خلال بث رسائل مختلفة تتبع للجهات الممولة لتلك القنوات فمثلا قنوات الجزيرة حرصت على بث رسائل تصعيدية بينما نجد الإعلام الحكومي الوطني حرص على تهدئة الأوضاع وإشاعة حالة من حالات التسكين الجماعي بأن كل شيء على ما يرام والأمن مستتب ولهذا فقدت القنوات الإعلامية الوطنية مصداقياتها بعد قيام الثورات وارتفعت مكانة القنوات الإعلامية الخاصة مما يوضح لنا الدور الكبير الذى لعبته في الثورات .

الأوضاع الراهنة حول العالم تثبت لنا ارتفاعدرجة الكراهية والعنف نتيجة استغلال مسألة الهوية والطائفية فالدين بات موضع نزاع وصراع نتيجة استغلال مبادئه وتفسيرها من قبل السياسيين بما يناسب منافعهم الخاصة .

تبنى الدول لنظرية المؤامرة والتشكيك في سياسات الدول المجاورة ليس حديثا أو قاصرا على منطقة الشرق الاوسط والوطن العربي ,ولكن إن أردنا المقارنة بين الشرق والغرب في نظرية المؤامرة فنجد إنها يتم تطبيقها على نطاق واسع فمثلا دولة مثل روسيا تستخدم لغة المؤامرة كثيرا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فتوجد آلاف المقالات التي تدعم نظرية إسقاط روسيا بفعل جهود الولايات المتحدة الأمريكية بل وتزعم روسيا تبنى الولايات المتحدة الأمريكية سياسة هدفها زيادة كراهية الأمريكيين لروسيا من خلال إظهار مدى بشاعة النظام الروسي ورغبته في السيطرة على دول أوروبا الشرقية لاستغلال ثرواته ولتوسيع الامبراطورية الروسية لترد عليها روسيا بنفس الاسلوب من خلال استعراض نتائج الحرب على العراق والهدف الرئيسي الذى كان معلن حينها لتكشف مدى خداع النظام السياسيالأمريكيوعدم احترامه لحقوق الإنسان كما يجب وغيرها كثيرا , بل ولقد اتهمت روسيا الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل المعارضة الروسية أيضا والاحتجاجات في أوكرانيا وهذا كله يكشف مدى كراهية الدول لتدخل الطرف الأجنبي في سياستها .

وأخيرا ,لا توجد سلطة ترغب في أن يكون لها معارضين فكلما زادت نسبة المعارضين للسلطة كلما قصر عمر تلك السلطة وبالتالي تحاول كل سلطة ان تسحق المعارضين لها ويختلف الوضع من دولة لأخرى طبقا للعوامل الدستورية وطبقا لمفهوم الديمقراطية ولمدة الحكم التي يتولاها الرئيس ومن الملاحظ في دول الوطن العربي هو طول المدة التي يتولاها الرئيس في حالة النظام الرئاسي وفى حالة النظام الملكيففي أغلب الأحيان نهاية فترة حكمه تنتهى بموته , ومن كل هذا يتضح لنا أن مسألة تقبل الرأي المخالف والمعارض من جانب السلطة مسألة عثيرة جدا على مدار عصور .

 

Bibliography :

[1]-Hernando de Soto , “What the Arab world really wants ? Middle East protest has its roots not in Islam but in frustrated enterprise “ , The Spectator , published date : 13\07\2013 , http://www.spectator.co.uk/2013/07/what-the-arab-world-really-wants/ , accessed date : 01\09\2016 .

 

[2]-Dodge Toby , “‘After the Arab Spring: Power Shift in the Middle East?’ , LSE , available on :  http://www.lse.ac.uk/IDEAS/publications/reports/pdf/SR011/FINAL_LSE_IDEAS__ConclusionsTheMiddleEastAfterTheArabSpring_Dodge.pdf , pp.64-68

[3]– Lynch Marc , “How Arab authoritarian regimes learned to defeat popular protests “ , The Washington post , published date : 25\08\2016 , https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2016/08/25/how-arab-authoritarian-regimes-learned-to-defeat-popular-protests/ , accessed date : 28\08\2016 .

[4]-Josua Maria , “Convergence through learning? Patterns of exclusion during the Arab uprisings “Memorandum , German Institute of Global and Area Studies, Hamburg (project on middle east political sciences) , published date :

August\2016 , available on : http://pomeps.org/2016/08/05/convergence-through-learning-patterns-of-exclusion-during-the-arab-uprisings/

[5]Richter Thomas & Bank André , “Transnational Diffusion and Cooperation in the Middle East and North Africa: A Conceptual Note “Memorandum  , German Institute of Global and Area Studies, Hamburg “ Project on Middle East Political Science” , published date : 07\2016 , available on : http://pomeps.org/2016/07/13/transnational-diffusion-and-cooperation-in-the-middle-east-and-north-africa-a-conceptual-note/ .

 

[6]Marks Monica , “Did Egypt’s coup teach Ennahda to cede power?” , Memorandum , University of Oxford ,”Project on Middle East Political Science “ , published date : July \ 2016 , available on :http://pomeps.org/2016/07/22/did-egypts-coup-teach-ennahda-to-cede-power/ .

 

[7]Solingen Etel , “Transcending disciplinary divide/s: A comparative framework on the international relations of the Middle East” Memorandum , University of California, Irvine “ Project on Middle East Political Science “ ,published date : 2016 , available on : http://pomeps.org/2015/08/31/transcending-disciplinary-divides-a-comparative-framework-on-the-international-relations-of-the-middle-east/ .

 

[8]Hanau Santini Ruth,Naples and Kevin Koehler “  Bankrolling containment: Saudi linkages with Egypt and Tunisia” , Memorandum , UniversitàdegliStudil’Orientale and American University in Cairo “Project on Middle East Political Science” , published date: August 2016 , available on : http://pomeps.org/2016/08/22/bankrolling-containment-saudi-linkages-with-egypt-and-tunisia/

 

[9]– Steinberg Guido , translated by : Meredith Dale , “Leading the Counter-Revolution Saudi Arabia and the Arab Spring “ , StiftungWissenschaft und Politik German Institute for International and Security Affairs , published date: June \ 2014 , available on : https://www.swp-berlin.org/fileadmin/contents/products/research_papers/2014_RP07_sbg.pdf  , pp.15

[10]Hinnebusch Raymond , “The sectarianization of the Middle East: Transnational identity wars and competitive interference “ , Memorandum,University of St. Andrews , “Project on Middle East Political Science “ , published date : August \ 2016 , available on :  http://pomeps.org/2016/08/04/the-sectarianization-of-the-middle-east-transnational-identity-wars-and-competitive-interference/

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى