البرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

عملية صنع القرار السياسي: دراسة حالة المجلس الشعبي البلدي في الجزائر “كصانع قرار سياسي”

اعداد : عمرة مهديد  – باحث دكتوراه – تخصص: رسم السياسة العامة

جامعة الجزائر 03  – كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية – قسم التنظيم السياسي والاداري

  • المركز الديمقراطي العربي

 

ملخص:
عملية صنع القرار السياسي عملية متشابكة تتفاعل فيها العديد من الجهات وتتأثر بعوامل مختلفة، لذلك لا يمكن تحديد من هو صانع القرار بشكل دقيق، خاصة إذا تعلق الأمر بالقرارات الكبرى، في حين يمكن على الأرجح إدراك الجوانب الواضحة والمنصوص عليها قانونيا لعملية صنع القرار السياسي بالمستويات الدنيا . حيث لا يخفى علينا دور المجالس الشعبية المحلية وخاصة المجالس البلدية منها في وضع القرارات السياسية على المستويات المحلية باعتبارها تمثل جزء من السلطة التنفيذية التي تعتبر صانعة القرار السياسي في معظم الأنظمة وعلى رأسها الجزائر، وبالتالي فالهدف من هذا الموضوع هو تحديد الدور الذي يقوم به المجلس الشعبي البلدي في مهمته كصانع قرار سياسي على المستوى المحلي، وفي ذات السياق إلقاء الضوء على مختلف الفواعل المؤثرة فيه والمراحل التي يمر بها القرار السياسي في المجالس الشعبية البلدية قبل دخوله حيز التطبيق.

Abstract:

Political decision-making process tangled interact balance of sharing different entities and are affected by various factors, so it can’t determine who is the decision-maker accurately, especially when it comes to major decisions, while can recognize aspects prescribed legally to the process of political decision-making and local levels, where no secret we the role of the People’s municipal councils in the development of political decisions at the local level as a part of the executive branch, which is the maker of the political decision in most systems and Algeria in particular, and thus the goal of this subject is to determine the role played by the People’s Assembly municipal in his mission as a maker of a political decision on the level local, and in the same context, identifying actors function affecting it and the stages through which the political decision in the People’s municipal councils before it enters into force.

مقدمة:
تختلف الأنظمة السياسية باختلاف النظام الدستوري والقانوني المحدد لطبيعتها وطبيعة العلاقة التي تربط المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لهذه الأنظمة، وعلى الرغم من هذا الاختلاف فإن المبرر الأول لوجود أي نظام سياسي مهما كان نوعه هو حل مشاكل المجتمع، حيث يقوم النظام السياسي بهذا الدور من خلال سلطاته المختلفة التي تمثله سواء أكانت على المستويات العليا أو المستويات المحلية، وذلك عبر سلسلة من القرارات السياسية التي تقوم برسمها لمواجهة المشاكل الاجتماعية المختلفة أو الحيلولة دون وقوعها. وباعتبار المجالس الشعبية البلدية هي الأقرب إلى المواطن والأدرى بمشاكله فإن كل القرارات التي يقوم المجلس البلدي بصنعها واتخاذها على المستوى المحلي تعتبر قرارات هامة هي الأخرى ذلك أن الجزء يحمل خصائص الكل، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو:

كيف تتم عملية صنع القرار السياسي على مستوى المجالس الشعبية البلدية في الجزائر؟
تم تقسيم الموضوع إلى ما يلي:
1- الاطار النظري للقرار السيــــــــــــــــــــــــــــــــــاسي
1-1 تعريف القرار السياسي وتمييزه عن القرار العادي
1-2 أنــــــــــــــــــواع القرارات السياسيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
1-3 العوامل المؤثرة في صنع القرار السياسي
2- مضمون عملية صنع القرار السياســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
2-1 مراحل عملية صنع القرار السياسي
2-2 مشكلة صنع القرار السياسي
2-3 صناع القرار السياســــــــــــــــــــــــــــــــي
2-4 الفرق بين عملية صنع القرار السياسي وعملية تنفيذ القرار السياسي
3- الاطار القانوني والتنظيمي للمجلس الشعبي البلدي في الجزائر
3-1 تعريف المجلس الشعبي البلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدي
3-2 تشكيل المجلس الشعبي البلدي في الجزائر
3-3 دورات المجلس الشعبي البلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدي
4- المجلس الشعبي البلدي كصانع قرار سيــــــــــــــــــــــــاسي
4-1 القرارات السياسية للمجلس الشعبي البلدي الجزائري
4-2 القوة التنفيذية لقرارات المجلس الشعبي البلدي
4-3 مشاركة الفواعل غير الرسمية في صنع القرار السياسي للمجلس الشعبي البلدي في الجزائر
4-4 آلية صنع القرار السياسي بالمجلس الشعبي البلدي في الجزائر
الخاتمة

1- الاطار النظري للقرار السياسي:

1-1 تعريف القرار السياسي وتمييزه عن القرار العادي:
يعرف القرار السياسي بأنه كل تصرف أو قرار تقوم به الحكومة أو من يمثلها للتدخل في شؤون المجتمع وحل المشكلات التي تواجه الدولة داخليا وخارجيا، فهو يدل على حزمة من السياسات العامة التي ترسم في القضايا التي تتطلب تدخلا حكوميا ” ولا يمكن تسمية أي قرار بأنه قرار سياسي إلا اذا كان متعلق بالحكومة أو من يمثلها حيث يمكن لشركة س أن تتبنى سياسات تسميها سياسات شركة س وهي بذلك لا تكون سياسات تعكس موقف الحكومة .

وبالتالي فالقرار العادي هو عبارة عن اختيار بين مجموعة بدائل مطروحة لحل مشكلة ما أو أزمة أو تسيير عمل معين . ولذلك فإننا في حياتنا العملية نكاد نتخذ يومياً مجموعة من القرارات بعضها نتنبه وندرسه والبعض الآخر يخرج عشوائياً من غير دراسة.

أما القرار السياسي لا يأتي بصورة فجائية او طارئة أو بصورة عبثية ، بل يأتي بشكل منظم ومدروس، لأنه بالضرورة تحتاج إلى تراكم خبرة ودراية وجهد مماثلين من الدراسة المعمقة لأوضاع معينة تدفع الجهة المعنية لاتخاذ القرار نحو ما تصبو إليه الحاجة
وتشكل القرارات التي تعمل على أساسها الدول بشكل عام الروح الحركية والتفاعلية التي تنظم من خلالها مسيرة الحياة في الداخل، أو في علاقات تلك الدول مع العالم الخارجي ، ولذلك فإن خطورة وأهمية صناعة ذلك القرار تكون كبيرة لما قد يتسبب به من فوضى في حال لم يؤسس على قواعد علمية وعملية قوية, وهنا لابد من التأكيد على ضرورة الاعتناء بالقرار قبل اصداره ,لأنه يمثل مكانة الدولة ومنزلتها، ويدل على تحضر ورقي تلك الدولة في تعاملاتها وعلاقاتها مع بقية دول العالم, حيث ان هنالك ارتباط العديد من القرارات الداخلية بالعالم الخارجي.

أيضا من بين التعريفات للقرار السياسي تعريف توماس داي : الذي يعرفه بأنه كل ما تقرر الحكومة عمله أو عدم عمله ”
فكل من التعريف السابق للقرار السياسي وتعريف توماس داي يضمن جانبي التصرف وهو التقرير واللاتصرف وهو الاقرار فالشخص العادي يلاحظ تصرف الحكومة عندما يكون هناك قرار أو تصريح أو بيان رسمي من أحد ممثلي الحكومة ولا يلاحظ دور الحكومة عندما تظل صامتة حيال أمر ما. وقد يظن البعض أن صمت الحكومة هو نوع من الضعف أو قلة الحيلة .

ومن بين التعريفات الجيدة للقرار السياسي ما قدمه “بي غاي بيترز”: الذي وصفه بلغة ادارية حيث قال: هو مجموع الانشطة الحكومية التي تؤثر في حياة الناس سواء أقامت بهذه الأنشطة بنفسها أم قامت بها من خلال مندوبين أو وكلاء لها” حيث نلاحظ هنا أنه يمكن للحكومة أن تفوض اتخاذ القرار إلى جهات غير حكومية وهذا اتجاه جديد في الادارة العامة ذلك أن الحكومة بدأت منذ الثمانينيات من القرن الماضي انتهاج سياسات الخصخصة والتشارك مع المؤسسات الخاصة في تقديم خدمات كانت هي المختصة في تقديمها مثل تنظيف الشوارع وتزويد السكان بالماء وإدارة السجون …الخ هذه المؤسسات تكسب في تعاقدها مع الحكومة صفة العمومية وتأخذ قوة وشرعية تماثل تلك التي للحكومة، هذا التماثل يأتي من طبيعة التعاقد.

1-2 أنواع القرارات السياسية:
أ‌- قرارات الفعل: وتشمل:
– تنفيذ الاستراتيجيات الكبرى
– المبادرات
– الاختبار
– الاستعراض ( الردع )
– الرسائل والتي تعني اجراءات تمارس ضد جهة معينة ولكن الغرض منها ايصال رسالة إلى الطرف الآخر وهو المعني .
ب‌- قرارات رد الفعل: وتشمل:
– القرارات التي تتخذ نتيجة الضغوط الداخلية
– القرارات التي تتخذ نتيجة تحركات داخلية أو خارجية

ج- قرارات الامتناع عن الفعل: والتي تكون نتيجة عن:
– قدرة كاستهانة بالطرف المقابل
– التريث
– عن ضعف
فالنوع الأول من القرارات يمكن التعبير عنه بأنه هو ما تتخذه الحكومات بما تتمتع به من حقوق كونها دولة ذات سيادة لها الحق في التصرف وفق القانون بما يحقق مصلحة المواطن والوطن دون ان يشاركها أحد في عملية صنع القرار ودون ان يكون صدور القرار نتيجة ضغط داخلي او خارجي من جهات غير الحكومة.
أما النوع الثاني فيعكس ردود الفعل نتيجة ضغوط أو مطالب داخلية أو خارجية فهو استجابة الحكومة للبيئة المحيطة. أما النوع الأخير من القرارات السياسية يعبر عن صمت الحكومة وهو ما عبر عنه توماس داي بأنه ما لا تفعله الحكومة، وهو ما عبرنا عنه باللاتصرف أو الاقرار.

1-3 العوامل المؤثرة في صنع القرار السياسي:
على الرغم من أن هناك قرارات سياسية لا تخضع للتأثيرات الخارجية كما شاهدنا سابقا لكنه لا يمنع من وجود عوامل تؤثر ولو بشكل غير واضح أو مباشر وهذه العوامل تنقسم الى عوامل داخلية واخرى خارجية:

اولا : العوامل الداخلية:
هي مجمل الظروف القائمة في إطار الدولة أي النظام السياسي والأحزاب وجماعات الضغط السياسي، ومن المعروف أن الأنظمة الديمقراطية التي تقبل الرأي والرأي الآخر فإن صنع القرار فيها يشهد تقدما ملموسا على أرض الواقع .
والسبب في ذلك هو توسيع دائرة المشاركة للأحزاب والمنظمات والصحافة والرأي العام عموما من خلال الكثير من الاجراءات التي تتخذها الدولة من أجل معرفة رد الفعل حول القرار .

وعلى العكس منه بالأنظمة غير الديمقراطية، نجد أن مساحة الرأي الآخر موجودة شكلا دون مضمون إن لم نقول منعدمة تماما عن المشاركة في الحياة السياسة مع وجود الدستور فيها والذي يعطيها الحق في طرح أفكارها واقتراحاتها وآراءها المؤيدة أو المعارضة للنظام القائم، إلا أنها تبقى نصوصا قانونية غير مفعلة في هذا المجال .

العوامل الخارجية:
وهي ظروف المجتمع الدولي بشكل عام بما يتضمنه من دول ومنظمات دولية، قد كانت عملية تأثير الوضع الخارجي على عملية صنع القرار السياسي في الداخل ليست بذات قيمة ، والسبب أن الوضع الداخلي لم يكن يؤثر أو يتأثر بما هو موجود خارج النطاق الداخلي، أما بعد التطورات العالمية ودخول الكثير من المسائل الداخلية في المنظور الدولي بحيث أصبحت معالجتها تتم وفق أحكام القانون الدولي وليس القانون الداخلي كحقوق الانسان والبيئة والمناخ والنزاعات الداخلية ومدى توفر الديمقراطية في الحكم وغير ذلك من أمور، حيث أصبحت البيئة الخارجية تأخذ دورا هاما في التأثير على القرار ومدى تنفيذه .

وظهرت هذه الأهمية في المرحلة المعاصرة نتيجة وجود معطيات جديدة منها:
• وجود المنظمات الدولية ومنها منظمة الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني.
• العلاقات القانونية بين الدول وفق القانون الدولي، فكثيرا ما أخذت القرارات السياسية طابعا دوليا من خلال تأثرها وتأثيرها في العالم الخارجي نتيجة العلاقات الايجابية أو السلبية بين الدول.
• قيام التكتلات العسكرية الاقتصادية ، وهذه التكتلات العسكرية تؤثر في صنع القرار داخل الدول الاعضاء في هذه التكتلات لما للقرار من أهمية في مسايرة أهداف ومناهج وأفكار ذلك التكتل ، وبما يخدم مصلحته أولا وأخيرا وينطبق هذا الكلام على جميع أنواع التكتلات العسكرية منها أو الاقتصادية على حد سواء، إذ أن مجمل هذه العناصر تترك تأثيرها الكبير في عملية صنع القرار السياسي، وتظهر قوة تأثير هذه العناصر على القرار السياسي كلما ضعفت قوى الوضع الداخلي أو ضعف اعتماد الدولة على إمكاناتها الداخلية وازدياد اعتمادها على الموارد الخارجية التي تزيد من تأثير قوى الضغوط الخارجية عليها .

2- مضمون عملية صنع القرار السياسي:
2-1 مراحل صنع القرار السياسي:
عملية صنع القرار السياسي لا تأتي عشوائية بل تكون مدروسة ومنظمة حيث قبل أن تتم عملية اتخاذ القرار فإنها تمر عبر عدة مراحل :

• تحديد المشكلة: وتتضمن:
نشر الوعي بوجود مشكلة وذلك من أجل جعل أكبر عدد ممكن من الناس أن تدرك أهمية الحاجة للتعامل مع وضع ما أو مشكلة ما.
• وضع الأجندة السياسية:
حيث تقرر الحكومة برامج العمل التي تستحق أولوية البحث والنقاش كما تقرر خلالها الموضوعات والمشكلات التي لا تستحق أن تبقى على الأجندة.
• صياغة القرار السياسي:
وضع واقتراح مشروعات وحلول للمشكلة، حيث تتقدم الحكومة ممثلة برئيسها بالمشروع إلى السلطة التشريعية بعد اقتراح من رئيس الوزراء أو أحد الوزراء بهذا المشروع أو أي جهة رسمية أخرى غير الحكومة .
وعادة ما يكون لرئيس الجمهورية دوراً بارزاً في صناعة القرار السياسي في الدولة ذات النظام الرئاسي حيث يجمع الرئيس بين رئاسة الحكومة والجمهورية.
أما في الدول ذات النظام البرلماني والتي لها رئيس جمهورية أو ملك ، فبالإضافة إلى رئيس الحكومة، يكون لرئيس الجمهورية أو الملك دوراً مراسيمياً فقط يتمثل باستقبال السفراء وتمثيل الدولة في المناسبات القومية والدولية. أما صنع القرارات السياسية فيترك لرئيس الحكومة مع وزرائه.
• اضفاء الشرعية:
ويكون ذلك من خلال تقديم المشروع التمهيدي للمجلس التشريعي والتصويت عليه وارساله للإدارة للتنفيذ. ذلك أن عملية صنع القرار ليست عملية سهلة أو اعتيادية ، فهي وإن كانت تختلف من دولة إلى أخرى حسب تركيبة النظام السياسي لكل دولة إلا أنه على الرغم من هذا الاختلاف فإن هناك أصولاً مشتركة في صنع القرار السياسي .
وموضوع صنع القرار السياسي للدولة، يحاط في أغلب الاحيان بالسرية ونوع من الغموض على اعتبار أن صنع القرار السياسي شأن داخلي وامر لابد أن تنفرد به الدولة دون أن يكون لأي جهة خارجية أن تؤثر أو تتعرف على الكيفية التي تم بموجبها صنع القرار وعملية صنع القرار إنها شأن صانعو القرار، تختلف حسب فلسفة وفكر وتوجه الدولة المعنية به وهذا التنوع في صنع القرار يضعنا أمام حقيقة قانونية مفادها : أن الوضع القانوني والدستوري داخل مؤسسات الدولة قد يتناسب عكسيا مع القرار نفسه ، فاذا صدر القرار السياسي من الجهة المختصة وبموجب القانون ووفقا لمبدأ المشروعية ، ونعني بالشرعية هو الاتفاق المبدئي بين قرارات وقوانين الدولة مع أحكام الدستور فان القرار السياسي سيخرج إلى الضوء دون اعتراضات من جانب السطات التنفيذية أو التشريعية لأنه جاء مطابقا لمواد الدستور.
• تنفيذ القرار السياسي:
تتضمن هذه المرحلة تأسيس دوائر عامة وتنظيم الجهود الادارية وتخصيص موارد من الميزانية العامة .

• تقييم القرار السياسي: تتضمن هذه المرحلة :
 رفع التقارير الدورية حول المراحل السابقة
 اجراء الدراسات لتحديد جوانب الضعف والقوة في القرار
 أخذ رأي المواطنين ومدى رضاهم عن القرار
 تقييم تأثير القرار السياسي على إحداث التغيير المطلوب
 مقارنة أهداف القرار بالنتائج المتوصل لها
 تقديم المقترحات والتوصيات لأجل تحسين أداء الحكومة لتغيير القرار أو تعديله
مما سبق نلاحظ أن مراحل صنع القرار السياسي ليست بالسهلة فقد يواجه صانع القرار السياسي مشكلة صعبة في أية لحظة ..
2-2 مشكلة صنع القرار السياسي:
لا تقوم عملية صنع القرار السياسي على قواعد نظرية وحسابات منطقية فقط حتى يكون الالتزام بها طريقا للنجاح إذ ليس هناك اطار مرجعي متكامل يعتمد عليه صنع القرار فما زال الغموض ونقص المعلومات هو المسيطر على الكثير من القرارات السياسية الهامة والمصيرية التي عصفت بالساحات الداخلية والخارجية والمشاركة في صياغة القرارات لطالما خفيت عليهم بعض الحلقات المعقدة والمراحل المظلمة ، فالقرارات التي تظهر أمامنا على شكل وثائق مثلا لا يمكن أن نصل إلى حقيقتها اعتمادا على ما هو بأيدينا من معلومات. فكل هذه قد لا تفي بشيء عندما ندرس المسألة بشكل تحليلي، وحتى صناع القرار في كثير من الأحيان لا يستطيعون الوقوف على كل الظروف والملابسات التي أحاطت بعملية صنع القرار وحتى لو كانت لديهم الحقائق الكاملة فإنهم يحاولون اخفائها عن الدارسين حفاظا على أسماء من شاركوا فيها سواء مؤسسات أو أفراد أو حتى حماية للمصالح الوطنية والقومية العليا وربما تضيع الحقيقة عندما تكون المعلومات استعراضية مبالغا فيها وهذا ما يركز عليه الناجحون . في حين يحجم الفاشلون عن تبيان أبسط الأمور، وإن تكلموا فسيلقون المسؤولية على عاتق من ليس لهم دور واقعي في عملية صنع القرار السياسي .

فعند رصد بعض القرارات التاريخية يحق لنا أن نسجل بعض النقاط الايجابية التي برع فيها العنصر البشري على ابتداع بعض القرارات الخلاقة لمواجهة بعض الأزمات أو ايجاد بعض المواضيع أو صنع بعض القرارات السياسية للإسهام في حل المشكلات والخلافات، ولكن من الخطأ اعتبار هذه النجاحات أو جعلها اطارا مرجعيا متكاملا لدراسة نسق معين من القرارات أو نحكم على نظام ما أو أسلوب معين بأنه الأـفضل حيث أن لكل قرار خصوصياته وزمنه وبيئته الخاصة به دون استتباع ذلك بسلامة القرار أو خطأه.
ولذلك فالقرار السياسي خاضعا لجميع الاحتمالات والمناقشات وما لا يدرك كله لا يترك جله.

2-3 صناع القرار السياسي:
هناك عدة فواعل رسمية وغير رسمية تساهم في صنع القرار السياسي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وتختلف درجة مساهمتها من نظام لآخر وذلك حسب درجة الديمقراطية التشاركية وطبيعة البيئة التي تحيط بصانع القرار وعوامل أخرى ، وسنذكر أهم هذه الفواعل:

الفواعل الرسميــــــــــــــــــــــــــة:
السلطة التنفيذية:
والتي تتضمن الحكومة والوزراء والأشخاص العاملين في الأجهزة الحكومية المركزية والمحلية والاستشارية الذين لديهم القدرة على التصرف واتخاذ القرارات باسم الدولة، ويحدد لهم اختصاصات وكذا كيفية ممارستها.

فالسلطة التنفيذية هي المسؤول الأول الذي يصنع القرار السياسي فالسلطة الدستورية تخول لهم مباشرة التصرف والفعل واتخاذ القرارات والتشريعات حيث لا تنتظر تفويضا من أي جهة للشروع في عملية صنع القرار السياسي .
السلطة التشريعية:

لما كان المجلس التشريعي هو الطرف المنوط بتحمل مسئولية تمرير التشريعات والميزانيات اللازمة لتنفيذ السياسات العامة بجانب مراقبة ومتابعة تنفيذ الحكومة وتوفير البيانات للمشرعين وزيادة قدرتهم النقاشية مع ضمان تضمين البعد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في أي سياسة فإن البرلمانات في الدول المعاصرة أضحت تعبير صادق عن إرادة المجتمع وأولوياته التي يجسدها المشرع في صورة قواعد عامة تحكم التفاعلات بين الأفراد والجماعات وتنظم العمل والعيش المشترك بينهم. وبالرغم من أن البرلمان ليس مجرد جهة تشريع أو وسيلة للرقابة على أعمال السلطة التنفيذية فحسب، ولكنه في الأصل جهة صنع السياسات العامة التي تقوم “الحكومة” بتنفيذها، إلا أن هذا لا يبدو متحققا في كثير من دول العالم الثالث، إذ يؤكد البعض أن الدور الفعال الذي تلعبه برلمانات الدول المتقدمة في العملية التشريعية وصنع السياسات العامة لا يضاهيه دورا لبرلمانات الدول النامية حيث أضحت الوظيفة الرقابية عمليا هي الشغل الشاغل لمعظم برلمانات الدول النامية وليس عملية صنع السياسة العامة وذلك بعد هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة وكونها مصدر معظم التشريعات، فهي التي تمتلك القدرة على التنفيذ، وهي المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وهي التي تمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة .ومن ثم تعتبر قضية تفعيل دور البرلمان سواء على المستوى الرقابي أو حتى تفعيل دوره في صنع السياسات العامة جزءا لا يتجزأ من الإصلاح السياسي وتحقيق التنمية المأمولة في أي من دول العالم الثالث إذ من المفترض أن يتضمن البرلمان قطاعات كبيرة من الشعب الذين قد ينقصهم “التمكين” والمشاركة في صنع السياسات التي تؤثر على حياتهم اليومية.

ولكي يساهم البرلمان بدوره الفعال في عملية صنع القرار السياسي، ومن ثم عملية التنمية الاقتصادية عليه أن يعمل على:

1- التشاور: مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان المشاركة وخاصة وأنه في ظل معظم الدساتير، تعد التشريعات هي أكثر العناصر تمثيلاً للحكومة الوطنية.
2- تحقيق الأهداف: إذ يتم تصميم السياسة العامة لضمان تحقيق الأهداف المرسومة وبالمشاركة مع أفراد الشعب.
3- الشمول: نظرا إلى الانتشار الجغرافي والتغطية السياسية وتنظيم هيكل لجان البرلمان حسب القطاعات، فمن المفترض أن تتمكن هياكل الأجهزة التشريعية من مناقشة نظرة قومية شاملة لتنفيذ القرارات حتى إذا تأثرت هذه النظرة بالمصالحة الجغرافية الخاصة.
4- موازنة المصالح السياسية: أي أن هذه القرارات إنما تؤثر على التأييد الشعبي للأحزاب السياسية أو مسئولي الأجهزة التنفيذية. بينما تولي البرلمان لهذه القضية، وهو الجهاز الذي يضم العديد من الفاعلين السياسيين ذوي السلطة الدستورية التي تخولهم حق الرقابة على قرارات السلطة التنفيذية، يمكنه من موازنة المصالح السياسية للحزب الحاكم في صياغة أي سياسة عامة.
5- ضمان استمرار تنفيذ القرارات على المدى القصير والطويل: خاصة بعد الحصول على موافقة الفاعلين السياسيين الأعضاء في البرلمان سواء من داخل الحزب الحاكم أو المعارضة وهو ما يضمن أكبر حجم من التأييد للاستراتيجية وعدم تأثر تنفيذها بالتغير في المناخ السياسي الداخلي. ولضمان تحقيق هذا الهدف يجب إشراك البرلمان في وضع الاستراتيجية منذ البداية قبل الحصول على الموافقة عليها وقبل دراسة الميزانية .
ويعتبر كل ما سبق أمرا ضروريا لضمان استمرارية التنفيذ والنجاح لأي قرار سياسي.

السلطة القضائية:
ممثلة في المحاكم والمجالس القضائية سواء على المستوى المركزي أو الأقاليم المحلية وهي تضطلع بمهمة صياغة وتفسير النصوص القانونية وقياس مدى مطابقة الأنظمة واللوائح والقوانين مع دستور الدولة ، كما تبين اذا كان التشريع ناقصا أو يقتضي إضافات جديدة له .

الفواعل غير الرسمية:
1– الرأي العام: حيث توجد علاقة بينه وبين مختلف القرارات التي تؤطرها الدولة أو الحكومة حيث أن ما يفكر فيه الجمهور هو ما تفعله الحكومة فهو وجهة نظر الأغلبية تجاه قضية مهمة وتكون مطروحة للنقاش بحثا عن حل، فالرأي العام يملك التأثير في مسارات الحكومة وقراراتها والعكس صحيح . وهذه العلاقة تختلف من نظام لأخر كنوع القضية ودرجة تمسك الجماهير. وأيضا عند اتخاذ قرار لا يتلاءم مع اهتمامات و رغبات و طموحات الناس مما يحدث معارضة شعبية قوية . إن السياسة العامة في الدول الديمقراطية هي من صنع الرأي العام .
2- الأحزاب السياسية : تؤدي دورا رائدا في توفير قنوات للمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي فهي عامل مؤثر في القرار السياسي الصادر من أي جهة كونها تناقش النظام السياسي في مختلف المسائل الاساسية التي تعنى بالمجتمع والدولة داخليا وخارجيا وتعمل على إثارة الرأي العام وبالتالي تتألف قوة ضاغطة على الحكومة وسياساتها .
3- الجماعات الضاغطة:
وهي جماعات مختلفة الهوية ومتنوعة العدد والتنظيم والمكانة والقوة , لها هدف إثارة اهتمام الحكومة حول قضية ما تهم هذه الجماعات ويخدم مصالحها ولكي تتمكن من القيام بدورها يلزمها وجود قنوات رسمية مباشرة وغير مباشرة لإيصال صوتها حول صنع السياسة العامة وتعبئة الرأي العام ويكون لهذه الجماعات دور هام في بلورة الاتجاهات أمام صانعي القرار السياسي .

الصحافة ووسائل الإعلام :
وجود صحافة حرة ونزيهة ووسائل إعلام فعالة تعبر حقيقة عن آلام وطموحات الشعب . فمن واجب أصحاب القرار الاسترشاد بما تنشر صفحات الاعلام المكتوبة والتلفزيونية والالكترونية .

إن الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي في الجزائر لا يقوم إلا على استقلالية السلطات، وتوزيع القدرة، ووجود المؤسسات الدستورية والشعبية، وإعطاء الحرية الكافية والكاملة لجميع المراكز والافراد لإبداء رأيها وتوضيح مواقفها. والقرار هو الآخر لا يصل إلى أهدافه النهائية وتحقيق غاياته الواقعية، إلا بعد أن يكون هناك توزيع حقيقي ومتوازن لجميع مراكز الدولة ومؤسساتها وأحزابها ومنظماتها وجمعياتها ومثقفيها وإعلاميوها ، يضمن مشاركتهم الفـــعّالة والمستمرّة في صناعة القرار، أو على الأقل استشارتهم .
3-4 الفرق بين صنع القرار السياسي وتنفيذ القرار السياسي:
أولاً: صنع القرار السياسي: يتم في هذا المستوى وضع القرارات على مختلف مظاهرها فقد يكون القرار، خطاب سياسي من أجل التهدئة أو من أجل التنفيس عن أزمة داخلية يمر بها النظام نفسه موجهة لأحد أطرافه محاولة لمن هم على رأسه تهديد هذه الأطراف وتحجميها، ويمكن أن يكون القرار كذلك تعديلاً دستورياً، أو رفض قوانين محل نقاش، أو تأجيل التوقيع على القوانين أو معاهدات أو اتفاقيات، ويمكن أن يكون القرار تعيينات مهمة في مناصب عليا في هرم النظام أو إقالات في نفس المستوى ويصنع القرار في النظام السياسي عدة دوائر منها الدوائر الرسمية التي تشكل بنية النظام القانونية ودوائر غير رسمية مثل مجتمعات الإعمال والجماعات الضاغطة والأحزاب المعارضة وهيئات المجتمع المدني وكذلك القوى الدولية، هذه الدوائر يستشيرها النظام السياسي من خلال هيئات استشارية تقوم بعملية الرصد والبحث والاستشراف لتساعده في بلورة وبناء القرار المراد صنعه واتخاذه. أو يجد نفسه ملزماً بصناعة هذه القرارات الآتي تتكيف وهذه الدوائر لكي تمكنه من الاستمرار والاعتراف بشرعيته.
أما تنفيذ القرار: في أغلب الأحيان يترك المجال للجهاز التنفيذي في وضع آليات تنفيذ القرار ، وتنفيذ القرار يعتبر أحد المظاهر التي تجعل النظام السياسي يمتلك المصداقية، وأي نظام لا تنفذ قراراته يتعرض للهزات سواء تعلق الأمر بالقرار نفسه أو بآليات التنفيذ، ولذلك فمضمون القرار ينبغي أن يخدم مكونات الدولة التي يتحرك من خلالها النظام السياسي .
3-1 تعريف المجلس الشعبي البلدي في الجزائر :
المجلس الشعبي البلدي هو الجماعة المحلية المسؤولة على تقدير مصلحة المجتمع، والعمل على تحقيقها، وهي الممثل الرسمي للشعب في محيط البلدية والمعنية بتجسيد حاجاته الأساسية وطموحاته المختلفة فالمجلس الشعبي البلدي يملك من السلطة والمال ما يؤهله لإنجاز ما يخطط من النشاطات وما يخضع من برامج ومشاريع. فالمجلس الشعبي البلدي هيئة منتخبة بالاقتراع العام النسبي على القائمة .

3-2 تشكيل المجلس الشعبي البلدي:
يتشكل المجلس الشعبي من مجموعة منتخبين يتم اختيارهم من قبل سكان البلدية بموجب أسلوب الاقتراع العام السري المباشر وذلك لمدة خمس سنوات ويختلف عدد أعضاء المجلس الشعبي البلدي بحسب التعداد السكاني للبلدية وفق التالي:

-7 أعضاء في البلديات التي يقل عدد سكانها عن 10.000 نسمة.
-9 أعضاء في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين 10000 و 20000 نسمة.
-11 عضو في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين 200001 و 50000 نسمة.
-15 عضو في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين 500001 و 100000 نسمة .
-23 عضو في البلديات التي يساوي عدد سكانها بين 1000001 و 200000 نسمة.
-33 عضو في البلديات التي يساوي عدد سكانها أو يفوق 200000 نسمة

هذا ويجدر التنبيه أن قانون 1990 لم يعط أولوية لأي فئة من فئات المجتمع عن غيرها وهذا خلافا للمرحلة السابقة حيث كانت الأولوية معترف بها رسميا لفئة العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين كما سلف القول.

بالنسبة للانتخابات البلدية أبعد المشرع طوائف معينة وحرمها من حق الترشح لانتخابات المجلس الشعبي البلدي وهذا بغرض سد الطريق أمامها حتى لا تسيء استعمال نفوذها لربح المعركة الانتخابية وقد تم حصر هذه الطوائف في المادة 98 من قانون الانتخابات وهي: (( الولاة، رؤساء الدوائر، الكتاب العامون للولايات، أعضاء المجالس التنفيذية للولايات، القضاة، أعضاء الجيش الوطني الشعبي, موظفو أسلاك الأمن, محاسبو الأموال البلدية, مسؤولو المصالح البلدية)).

ومن هنا فإن مجال الترشح مكفول لكل من استوفى الشروط القانونية وهي:
– السن 23 سنة كاملة.
– الجنسية الجزائرية
– أداء الخدمة الوطنية أو الإعفاء منها .
– أن لا يكون المترشح ضمن أحد حالات التنافي .
– أن لا يكون محكوم عليه بحكم نهائي بسبب تهديد النظام العام
– ألا يكون محكوم عليه في الجنايات والجنح.

توزع المقاعد بعد العملية الانتخابية بالتناسب حسب عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة مع تطبيق مبدأ البقاء للأقوى حسب ذات الكيفية المشار إليها سابقا بالنسبة لتوزيع المقاعد على مستوى المجلس الشعبي البلدي

دورات المجلس الشعبي البلدي:
يجتمع المجلس إلزاميا في دورة عادية كل ثلاثة أشهر ويمكن أن يجتمع في دورة استثنائية في كل مرة تتطلب فيها الشؤون البلدية ذلك, سواء بدعوة من الرئيس أو بطلب من الوالي أو من ثلث عدد الأعضاء. ويبدأ المجلس المداولات حين يحضر الجلسات أغلبية الأعضاء وإذا لم يجتمع المجلس لعدم بلوغ النصاب بعد استدعاءين متتاليين بفارق ثلاثة أيام على الأقل بينهما تكون المداولات التي تتخذ بعد الاستدعاء الثالث صحيحة مهما يكن عدد الحاضرين. وتكون جلسات المجلس علنية وهذا يعني إمكانيات حضور المواطنين لجلسات المجلس وفي هذا الصدد فإن رؤساء البلديات ملزمون بأخذ كل الإجراءات من أجل تخصيص أماكن ملائمة داخل قاعة المداولات غير أن هذا الحضور لا يعطي الحق بالتدخل في النقاش والتداول. ويمكن كذلك للمجلس أن يقرر المداولة في جلسة معلقة ويتولى الرئيس حسن سير المداولات .

وبالنسبة لتنظيمه الداخلي يؤلف الـ م. ش. ب من بين أعضائه لجان دائمة أو مؤقتة لمعالجة المسائل التي تهم البلدية وتشكل اللجان بمداولات المجلس. ويجب أن تتضمن تشكيلتها تمثيلا نسبيا يعكس المكونات السياسية للمجلس, وهناك ثلاث لجان دائمة هي:

– لجنة الاقتصاد والمالية. – لجنة التهيئة العمرانية والتعمير.- لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية. وتعتبر هذه اللجان أجهزة للتحضير والدراسة من أجل مساعدة المجلس في مهمته.

4- المجلس الشعبي البلدي كصانع قرار سيــــــــــــــــــــــــاسي
4-1 القرارات السياسية للمجلس الشعبي البلدي الجزائري:
يتأثر مدى اتساع القرارات والاختصاصات الموكلة للهيئات المحلية وخاصة البلدية بالمعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة بالدولة.

يحدد القانون البلدي صلاحيات البلدية وهي الصلاحيات التي يمارسها المجلس الشعبي البلدي من خلال مداولاته وهذا الأخير يقوم بوضع قرارات سياسية كثيرة تمس جوانب مختلفة من شؤون الإقليم لعلّ أهمها:

أ- في مجال التهيئة العمرانية والتخطيط والتجهيز: يكلف المجلس الشعبي البلدي بوضع قرارات خاصة بمخطط تنموي يخص البلدية ينفذ على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد أخذا بعين الاعتبار برنامج الحكومة ومخطط الولاية .

وما يساعد المجلس للقيام بهذه المهمة أن هناك بنك للمعلومات على مستوى الولاية يشمل كافة الدراسات والمعلومات والإحصاءات الاجتماعية والعلمية المتعلقة بالولاية .

ومن جهة أخرى يتولى المجلس الشعبي البلدي رسم النسيج العمراني للبلدية مع مراعاة مجموع النصوص القانونية والتنظيمية السارية المفعول وخاصة النصوص المتعلقة بالتشريعات العقارية وعلى هذا الأساس اعترف المشرع للبلدية بممارسة الرقابة الدائمة للتأكد من مطابقة عمليات البناء للتشريعات العقارية وخضوع هذه العمليات لترخيص مسبق من المصلحة التقنية بالبلدية مع تسديد الرسوم التي حددها القانون .

وعلى صعيد آخر حمّل المشرع البلدية ممثلة في مجلسها حماية التراث العمراني والمواقع الطبيعية والآثار والمتاحف وكل شيء ينطوي على قيمة تاريخية أو جمالية. وكذلك وضع القرارات المتعلقة بتنظيم الأسواق المغطاة والغير المغطاة على اختلاف أنواعها وفي مجال الضبط أناط المشرع بالبلدية صلاحية إقامة إشارات المرور التي لا تعود إلى هيئات أخرى (مصالح الأمن).

ويعود للمجلس البلدي السهر على اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالمحافظة على النظافة العمومية وطرق ومعالجة المياه القذرة وتوزيع المياه الصالحة للشرب كما يعود لها حماية التربة والثروة المائية .

ب- في المجال الاجتماعي: أعطى المشرع بموجب المادة 89 من قانون البلدية للمجلس حق المبادرة بإصدار كل قرار من شأنه التكفل بالفئات الاجتماعية المحرومة ومد يد المساعدة إليها في مجالات الصحة والتشغيل والسكن.

وألزم البلدية مراكز صحية وقاعات العلاج وصيانتها وذلك في حدود قدراتها المالية. كما ألزمها بإنجاز مؤسسات التعليم الأساسي وفقا للبرنامج المسطر في الخريطة المدرسية وصيانة هذه المؤسسات واصدار كل قرار من شأنه تسهيل عملية النقل المدرسي.
بالنسبة للسكن كلف المجلس البلدي بتشجيع كل مبادرة تستهدف الترقية العقارية على مستوى البلدية ومن هنا أجاز لها المشرع اصدار القرارات التي من شأنها إنشاء المؤسسات العقارية وتشجيع التعاونيات في المجال العقاري.

ج- في المجال المالي: يتولى المجلس الشعبي البلدي سنويا المصادقة على ميزانية البلدية سواء الميزانية الأولية وذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة المعنية. أو الميزانية الإضافية قبل 15 جوان من السنة المعنية وتتم المصادقة على الاعتمادات المالية.

د-في المجال الاقتصادي: يوكل للبلدية القيام بكل مبادرة أو قرار من شأنه تطوير الأنشطة الاقتصادية المسطرة في برنامجها التنموي وكذلك تشجيع المتعاملين الاقتصاديين وترقية الجانب السياحي في البلدية وتشجيع المتعاملين في هذا المجال .

4-2 القوة التنفيذية لقرارات المجلس الشعبي البلدي:
إن قرارات المجلس الشعبي البلدي الصادرة في نطاق المشروعية الشكلية والموضوعية تكون نافذة ابتداء من تاريخ التصويت عليها من طرف أعضاء المجلس والرئيس وبعد ايداعها بـ 15 يوم لدى المصالح الولائية.
وهناك فئة من القرارات لا تكون نافذة إلا بعد التصويت عليها من قبل السلطات الادارية المركزية، فهناك قرارات تنفذ ضمنيا وقرارات تحتاج إلى تصديق صريح:

أولا : التصديق الصريح:
وتتضمن: القرارات المتعلقة بـ:
– الميزانيات والحسابات
– قبول الهبات والوصايا الأجنبية
– اتفاقيات التوأمة
– التنازل عن الأملاك العقارية البلدية

ثانيا: التصديق الضمني:
قد ألزم المشرع بأن يتم التصديق الصريح خلال مدة 30 يوم من ايداع القرار لدى المصالح الولائية واذا لم يصدر الوالي قراره خلال هذه المدة يصبح التصديق ضمنيا وينفذ القرار بعد مدة شهر.

4-3 مشاركة الفواعل غير الرسمية في صنع القرار السياسي للمجلس الشعبي البلدي:
اولا: الرأي العام: يتمثل الرأي العام المحلي في مجموع مواطني البلدية حيث يقوم المجلس الشعبي البلدي باتخاذ كل الاجراءات اللازمة لإعلام المواطنين بشؤونهم واستشارتهم حول خيارات وأولويات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ويمكن في هذا المجال استعمال الوسائط المتاحة كوسائل الاعلام. كما يسهر المجلس الشعبي البلدي على تحفيز المواطنين للمشاركة في صياغة القرارات السياسية المحلية. كما أن جلسات المجلس الشعبي يجب أن تكون علنية وتكون مفتوحة للمواطنين إلا في بعض الحالات الاستثنائية .

ثانيا: دور الجمعيات والخبراء:
يمكن للمجلس الشعبي البلدي الاستعانة بكل شخصية أو خبير أو كل ممثل جمعية محلية معتمدة قانونا الذين من شأنهم تقديم أي مساهمة مفيدة بحكم المؤهلات وطبيعة النشاط .

4-4 آلية صنع القرار السياسي بالمجلس الشعبي البلدي:
يقوم المجلس الشعبي البلدي بتشكيل لجان مختصة من بين أعضاءه وذلك في عدة مجالات:
حيث تقوم هذه اللجان بتقديم الاقتراحات ومشاريع القرارات حسب المجال الذي تختص به، حيث تختص كل لجنة بدراسة المواضيع والقضايا التي تدخل في اختصاصها والمحالة اليها ، ثم تعد تقريرا يحال على الرئيس لإدراجه ضمن الأجندة أو جدول الأعمال ، ومن ثم يجتمع المجلس الشعبي لدراسة هذه القضايا بشكل عام ويقوم بمناقشتها وتحليلها ووضع البدائل وتحديد الخيارات، وفي المقابل يدلي الأعضاء الحاضرون بآرائهم المختلفة خلال الاجتماع، وبعد المناقشة ينتهي الاجتماع بمجموعة من النقاط المتفق عليها ويدون ما ورد في الاجتماع في سجل المحاضر الخاص بالبلدية.

بعد الاتفاق على تلك النقاط وتحديد الخيارات يتم الاعلان عن المداولة ويتم استدعاء الأعضاء ليوم محدد تتم فيه المداولة بحيث يحدد خلالها جدول الأعمال الذي ستتم مناقشته بشكل نهائي وتفصيلي خلال المداولة .

بعد عقد المداولة يتم اتخاذ القرار السياسي، وتدون المداولة في سجل المداولات ثم ترسل منها نسخ إلى مصالح الدائرة للتأشير عليها حتى تصبح سارية المفعول .

بعد ذلك يتم تطبيق القرار السياسي الذي تم اتخاذه خلال المداولة وتدوينه ضمن سجل القرارات الخاص بالبلدية.
وتتميز القرارات الخاصة بالتعيين أو الترقية بضرورة التأشير عليها من طرف المراقب المالي الاقليمي حتى تكون سارية المفعول.

الخاتمة:
يمكن القول أخيرا أن المجلس الشعبي البلدي في الجزائر يشارك في عملية صنع القرار السياسي من الناحية النظرية، ويمتلك سلطة اتخاذ القرار في مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية وغيرها على المستوى الاقليمي المحلي، وتختلف درجة مشاركته في عملية صنع القرار السياسي بحسب البيئة المحيطة به والفواعل المؤثرة فيه، أما داخل الاطار الواقعي نجد مجالس شعبية بلدية تمارس سلطة القرار السياسي تحت ضغط قد يكون خارجي أو داخلي أي ليس بمبادرة منها خاصة فيما يتعلق بالقرارات التنموية، فكثير من المشاريع والقرارات التنموية المحلية الكبرى وهو ما يسمى كما ذكرنا سابقا بقرارات رد الفعل، وفي المقابل نجد مجالس بلدية ترسم قرارات بمبادرة منها وهي ما يسمى بقرارات الفعل وهذا النوع نادر ما نجده في الجزائر. ومثال على ذلك فيما يخص اتفاقية الشراكة مع البلديات الأجنبية لم يتم اعطائها الأهمية المطلوبة باعتبارها استراتيجية رائعة في ترشيد عملية صنع القرار السياسي على المستوى المحلي.

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبيــــــــة
ولاية ……………….
دائرة ……………… محضــــــــر
بلدية ………………. اجتماع المجلس الشعبي البلدي
رقم : ………./…….

في…………… شهر ……………… عام ………………. وعلى الساعة ………….. اجتمع المجلس الشعبي البلدي بمقر البلدية برئاسة السيد: ……………… . بصفته رئيسا للمجلـس
وبحضور السادة أعضاء المجلس:
1- ………………….. 2- ………………….. 3– ……………… 4 ………..
5- ……………………….. 6- ……………………….7- ………………8-…………….
الغائبون بعــــــــذر : ……………………………..
الغائبون بدون عـذر : ……………………………….
جــــدول الأعمـــــال:
– …………………..
…………………………
…………………………….
حيث تطرق الحاضرون الى موضوع جدول الاعمال الخاص بالتداول على النقاط التالية:
الموافقة بالإجماع على المداولات التالية :/
– مداولة ……………………………..
– مداولة ……………………………..
نقاط مختلفة:
………………………………………

وبهذا رفعت الجلسة في نفس اليوم والشهر والسنة المذكورين أعلاه

إمضاء أعضاء المجلس : رئيس المجلس الشعبي البلدي
البلدي
1)…………… 2)…………….3)…………… 4)……………..
5)…………… 6)…………….. 7)……………8)……………..

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبيــــــة
ولاية:………….
دائرة :…………
بلدية :…………
في …………من شهر …….. عام …………. عشرة وعلى الساعة………. …………. اجتمع المجلس الشعبي البلدي بمقره العادي للجلسات بقاعة المداولات في دورة عادية تحت إشراف السيد : ………. بصفته رئيسا للمجلس وهذا تبعا للاستدعاءات الموجهة من قبله بتاريخ: ……………………………

الحاضرون السادة:
– …………….. ……………………….
-………………. ……………………….
-………………. ……………………….

الغائبون بعـــذر: /- ………………………..
الغائبون بدون عذر:- ………………………..
بعد التأكد من توفر النصاب القانوني للتداول افتتحت الجلسة من طرف الرئيس وتم تعيين السيد : ………………. مكلفا بالأمانة العامة كاتبا للجلسة.

المداولـــــــة

عـــرض الرئــيس عـــلى أعضـــائه موضوع المــــداولة المتمـــثل فــي:
…………………………………………………………………..
……………………………………………………………………………………………………………………………… بعد الحوار والمناقشة التي دارت بين الأعضاء الحاضرين تمت الموافقة بالإجماع على المداولـــة على ان ترســــل إلى السلطة الوصية للمصادقة .
رئيس المجلس الشعبي البلـــــــدي
………………………………

قائمة المراجع:

حسيبة غارو، “دور الاحزاب السياسية في رسم السياسة العامة دراسة حالة الجزائر 1997-2007″، مذكرة ماجستير، جامعة مولود معمري تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مدرسة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية ، 2011/2012، ص59.
عبد الفتاح ياغي، السياسات العامة -النظرية والتطبيق- ، دط، القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الادارية ، 2010، ص ص 5، 6.
يوسف حميطوش، محاضرات مقدمة لطلبة السنة الأولى دكتوراه ، دراسة غير منشورة، مقياس السياسة العامة ، جامعة الجزائر 3، كلية العلوم السياسية والاعلام، 2014/2015.
خليل حسين، “السياسات العامة في الدول النامية” ، ط1، لبنان، دار المنهل اللبناني، 2007، ص ص 82، 83.
جمال علي زهران، ” الاطار النظري لصنع القرار السياسي”، دراسة تحليلية، بجامعة قناة السويس، مصر ، ص 7.
جمال علي زهران، ” الاطار النظري لصنع القرار السياسي، مرجع سابق، ص8.
زياد عبد الوهاب نعيمي، “كيفية صنع القرار السياسي”، http://pulpit.alwatanvoice.com، 27/05/2016.
عبد الفتاح ياغي، “السياسات العامة – النظرية والتطبيق-” ، مرجع سابق، ص 76.
عبد الفتاح ياغي، “السياسات العامة – النظرية والتطبيق-” ، مرجع سابق، ص 77.
خليل حسين، “السياسات العامة في الدول النامية”، مرجع سابق، ص ص 84، 85.
مهدي زغرات، “دور الفواعل غير الرسمية في تقويم السياسة العامة المحلية في الجزائر”، مذكرة ماستر، جامعة محمد خيضر- بسكرة-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2013/2014، ص48.
أماني مسعود، “دور البرلمان في صنع السياسة العامة” دراسة تحليلية ، ص 2.
أماني مسعود، “دور البرلمان في صنع السياسة العامة” دراسة تحليلية ، ص3.
عزيزة ضمبري، “الفواعل السياسية ودورها في صنع السياسة العامة في الجزائر”، مذكرة ماجستير، جامعة الحاج لخضر- باتنة-، كلية الحقوق ، قسم العلوم السياسية، 2007/2008، ص 95.
قتيبه مخلف عباس السمرائي، “آليات الأنظمة السياسية في صناعة القرار السياسي”، مجلة السامري، العدد 10، أيار 2008، ص62.
فتحي دايم، “صناعة القرار السياسي والرأي العام -الخلفيات والتأثيرات-“، http://hmsalgeria.net ، 27/05/2016.
درية السيد حافظ،” السياسة الاجتماعية ومتغيرات المجتمع المعاصر” د ط، مصر، دار المعرفة الجامعية، 2008، ص 146.
علي حسن السعدني، “صانع القرار السياسي”، http://islamselect.net، 27/05/2016.
المادة 65 من القانون العضوي رقم 12/01 المؤرخ في 12 يناير 2012 المتعلق بـنظام الانتخابات.
محمود جريبيع، ” نظام مداولات المجالس المحلية المنتخبة ” مذكرة ماستر، جامعة محمد خيضر ببسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، 2014/2015، ص 6.
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الجريدة الرسمية، العدد 01 ، المؤرخة في 14 يناير 2012، ص7.
المواد: 16، 17، 31 من القانون رقم 11/10 المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بـ البلدية .
1جموعي بن التركي، ” المجلس الشعبي البلدي في ظل القانون رقم 11/10 المتعلق بالبلدية، مذكرة ماستر، جامعة محمد خيضر – بسكرة- ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، 2014/2015.ص ص 29-31
1جموعي بن التركي، ” المجلس الشعبي البلدي في ظل القانون رقم 11/10 المتعلق بالبلدية، مرجع سابق، ص 32.
1جموعي بن التركي، ” المجلس الشعبي البلدي في ظل القانون رقم 11/10 المتعلق بالبلدية، مرجع سابق، ص 33.
المادة 57 من القانون رقم 11/ 10المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بالبلدية.
المواد 11،12، 26 من القانون رقم 11/ 10المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بالبلدية.
المادة 13من القانون رقم 11/ 10المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بالبلدية.
جموعي بن التركي، ” المجلس الشعبي البلدي في ظل القانون رم 11/10 المتعلق بالبلدية”، مرجع سابق ، ص 32.
نموذج لمحضر اجتماع المجلس الشعبي البلدي.
نموذج مداولة للمجلس الشعبي البلدي.

1/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى