الجماعات الاسلاميةالدراسات البحثية

الإرهاب : بين الإتفاقيات الدولية و التشريعات الوطنية

 اعداد  : الوافي سامي – باحث بالقانون العام كلية الحقوق و العلوم السياسية – جامعة تونس المنار- تونس

 

 

ملخص :

لقد تنامى خطر الأعمال الإرهابية في الآونة الأخير بوتيرة متسارعة ، خطر يهدد  أمن و إستقرار  المجتمع الدولي  من كافة الجوانب . و قد  ساهم  في  تفاقم هذه الظاهرة العديد من الظروف و الأسباب من ضمنها  التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم  اليوم سيما ما تعلق بمجال صناعة الأسلحة  .

و على الرغم من  الجهود و المساعي الدولية للحد من تنامي  هذه الظاهرة  و مكافحتها إلا انها لم تتسم بالفعالية ، و يعود  ذلك بالأساس  إلى الاختلاف الجوهري  بين الدول حول تحديد مفهوم الإرهاب  و الذي  تحدده غالبا المصالح و الخلفيات الإيديولوجية و السياسية  و الدينية ، و هو ما زاد من تفاقم و حدة  الظاهرة  .

إن الإختلاف حول  مفهوم الإرهاب و تحديد  عناصر الجرائم الإرهابية يعد من العوامل المساهمة  في عرقلة  مكافحة الظاهرة و الحد من تصاعد حدتها، فكافة النصوص القانونية التي عالجت الظاهرة الإرهابية سواء إتفاقيات دولية أو  تشريعات داخلية للدول لم تتحرى الدقة في ذلك حيث إتسمت بالعمومية  أحيانا و بالغموض أحيانا أخرى . و على   هذا  الأساس  يكون من الضروري  توحيد الجهود الدولية وصولا إلى إتفاق يتضمن تحديدا  دقيقا   لمفهوم الإرهاب ضمانا لفعالية  مكافحة الظاهرة و صيانة  لسيادة الدول  و حماية للحقوق و الحريات .

 

The terrorism threat has grown recently, a threat to the security and stability of the international community on all sides. And has contributed to the aggravation of this phenomenon,  the technological development in arms industry.

In spite of international efforts to limit the growth and control of this phenomenon, it has not be effective, and this is due mainly to the substantial differences between countries on defining the concept of terrorism, determined often interests, ideological, political and religious backgrounds, what exacerbated the phenomenon.

The different concept of terrorism and the difference in defining terrorism crimes is the most contributing factor to reduce his escalating severity, All the legal texts that dealt with the phenomenon of terrorism, whether international agreements or domestic legislation of the countries did not characterize but generalized sometimes and vague sometimes other. On this basis it is necessary to unify international efforts to reach an agreement that includes an accurate definition of the concept of terrorism in order to ensure the effectiveness of the fight against the phenomenon and maintenance of the sovereignty of nations and the protection of rights and freedoms

مقدمة

عرف المجتمع الدولي ظاهرة الإرهاب منذ أمد بعيد ، حيث  تمتد الجذور التاريخية  لظاهرة  الإرهاب لنشأة كيان الدولة ذاتها ، أين عمدت الطوائف السياسية و الإيديولوجية و الدينية المتطرفة  إلى ترويع و ترهيب  المجتمع البشري  لإجباره  و دفعه  إلى  تقديم  تنازلات و الرضوخ  لمطالب  تصب في مصلحة تلك الطوائف . أما في الوقت الراهن فقد عرفت الأعمال الإرهابية  منعطفا خطيرا سيما في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها  العالم و التي مست عديد النواحي كتطور التكنولوجيا العسكرية  بما في ذلك صناعة الاسلحة  . هذا إلى جانب عديد العوامل الأخرى المساهمة في تفاقم الظاهرة  و لعل من أبرزها طبيعة  العلاقة بين  نظم  الحكم  و المعارضة  في العديد من الدول و إحتدام  الصراعات الداخلية . فالإرهاب ظاهرة  ملازمة لتطور  المجتمع  الدولي طالما  ظلت الدوافع السياسية و الإقتصادية  و الثقافية  للإرهاب  قائمة داخليا و خارجيا.

إن الإرهاب اليوم أصبح خطرا إستراتيجيا يهدد  دول العالم  دون إستثناءات ،   فالجرائم الإرهابية  في إزدياد  مستمر، حيث لم  تعد ظاهرة الإرهاب ذات  صفة محلية  أو  إقليمية  ترتبط بدولة  ما أو بحضارة  أو بإيديولوجية  بعينها. إن خطر الاعمال الارهابية أصبح له  إنعكاسات سلبا  على أمن و  إستقرار الدول سياسيا ، إجتماعيا ، إقتصاديا  و ساهم في خلق بيئة من الرعب  و الخوف ، و أدى  الى تراجع  التنمية في كافة  المجالات بالدول المستهدفة ، و هو ما يستوجب  توحيد الجهود الدولية لوضع حد لهاته الأزمة و مجابهة خطرها المتنامي.

و رغم المساعي الحثيثة  للمجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة الإرهاب ، إلا أن غياب إستراتيجية موحدة أو  خارطة دولية لمكافحته  زادت  من حدة الأزمة و تفاقمها ، و هذا يعود بالأساس إلى غياب  مفهوم موحد و  دقيق  للإرهاب . حيث لم تتمكن الإتفاقيات الدولية سواء  ذات الطابع العالمي كالإتقاقية المبرمة سنة 1963 بطوكيو  المتعلقة  بالجرائم المرتكبة على متن الطائرات و الإتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لسنة 1997 .  أو ذات الطابع الإقليمي  كإتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب 2004، إتفاقية مجلس اوروبا  لمنع الإرهاب 2005…، من وضع تعريف دقيق  متفق عليه حول الإرهاب.  و يرجع ذلك إلى الإختلاف في منظورها للإرهاب  ،و هو نفس الشيء بالنسبة للتشريعات الداخلية للدول و التي أتت إستجابة  إلى الإتفاقيات الدولية  الداعية إلى إدراج الأعمال الإرهابية  في تشريعاتها الداخلية . فعمدت العديد من الدول  إلى سن  تشريعات  خاصة  بمكافحة الإرهاب  من ضمنها فرنسا ، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية،  الإمارات العربية المتحدة ، قطر و إكتفت الدول الأخرى  بتعديل  تشريعاتها  الداخلية لكي تكون  متلائمة  مع السياسة الجنائية الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب كالجزائر ، الكويت ، حيث  تباينت و إختلفت  فكل   يعرف الإرهاب  من زاوية خاصة  و وفقا لمصالحه  و خلفياته التاريخية و الإيديولوجية و السياسية ، ما خلق حالة من الإرتباك في تكييف  الأعمال الإرهابية و تمييزها عن العديد من المفاهيم الأخرى  .

إن إختلاف وجهات  النظر و تباين المواقف الدولية حول مفهوم الإرهاب ، أصبح له انعكاسات خطيرة  بل  يعد عنصرا مساهما  في تفاقم الأزمة ،  ما أن يجعلنا نطرح العديد  من التساؤلات و لعل أهمها :

  • إلى أي مدى وفق المجتمع الدولي من خلال  ما تم  إبرامه من إتفاقيات دولية أو سنه من تشريعات   في صياغة  تعريف  دقيق للإرهاب  يساهم في فعالية  مكافحة الظاهرة ؟
  • كيف إنعكس  إختلاف وجهات نظر الدول  حول الإرهاب على تعريفه و تعزيز  سبل مكافحته ؟

و للإجابة على هذه الإشكالية كان من الضروري دراسة  الموضوع من خلال مبحثين   ، مبحث أول يتناول  الجهود الدولية في تحديد  مفهوم الإرهاب من خلال ما تم من إتفاقات دولية ذات طابع عالمي أو ذات طابع إقليمي،  و مبحث ثان  أحاول أن أبرز  من خلاله مدى تأثر مفهوم الإرهاب في التشريعات الوطنية بالمرجعيات و الخلفيات الخاصة بكل دولة.

المبحث  الأول: غموض مفهوم الإرهاب بالإتفاقيات الدولية يحد من فاعلية مكافحته

لقد تنامى في الأونة الأخيرة  خطر الأعمال الإرهابية بشكل  مقلق ، خطر يؤثر بصورة  مباشرة على الإستقرار  الأمني  و الإقتصادي  و الإجتماعي للدول، و رغم مساعي المجتمع الدولي  لمكافحة  الظاهرة  إلا أن جهوده لم تحقق  الأهداف  المرجوة   و هذا بالنظر  لعديد  الصعوبات  التي تواجهه.  و تعد إشكالية  تحديد  مفهوم واضح و دقيق للإرهاب  يتفق عليه كل أعضاء المجتمع  الدولي   من الإشكاليات التي تعرقل مسار مكافحة الإرهاب و تحد من فعاليته ، و يعود أساس  هذا الإشكال الى إختلاف  وجهات نظر  المنظمات الدولية العالمية و الإقليمية  و التي  تحددها المصالح و الخلفيات الإيديولوجية و السياسية  و الدينية ، و  قد إرتأيت  التطرق لجهود ومساعي المجتمع الدولي  لتحديد مفهوم  الإرهاب من خلال  ما تم من إتفاقيات دولية ذات صبغة عالمية أو  إقليمية  كما يلي بيانه.

المطلب الاول : مفهوم الإرهاب في ظل الإتفاقيات الدولية ذات الصبغة العالمية

لقد إستشعر المجتمع الدولي  خطورة ظاهرة الإرهاب  ما فرض ضرورة تكاتف الجهود الدولية  للحد من تناميه ، و تعتبر إتفاقية جنيف لقمع  و معاقبة الإرهاب  تحت إشراف عصبة الأمم  سنة  1937 البادرة الأولى للمجتمع الدولي للإتفاق و التعاون حول مكافحة الإرهاب [1]. حيث ورد بالإتفاقية في مادتها الأولى الفقرة الثانية تعريف الإرهاب على أنه ” الأعمال الإجرامية  الموجهة  ضد دولة  ما ،  و يقصد بها خلق  حالة رعب في أذهان أشخاص معينين  أو مجموعة  من الأشخاص  أو عامة  الجمهور“.

و تنص المادة  الثانية من الإتفاقية  على تجريم  الأعمال الإرهابية و التي حصرتها في :

أولا: الأفعال العمدية  الموجهة  ضد حياة أو السلامة  الجسدية  أو صحة  أو حرية شخص من المذكورين  تاليا:

  • رؤساء الحكومات و الدول و غيرهم  من الأشخاص الذين  يمارسون  إمتيازات  لرؤساء  الدول و خلفاؤهم  بالوراثة  أو التعيين .
  • زوجات الأشخاص المشار إليهم  في البند رقم 1.
  • الأشخاص المكلفون بمهام  عامة  عندما  ترتكب  ضدهم  الأعمال  الإرهابية  بسبب هذه  المهام أو عند ممارستهم  لها.

ثانيا: التخريب العمدي أو إلحاق الضرر عمدا بالأموال العامة  المخصصة لإستخدام  الجمهور،

ثالثا: إحداث ضرر عام  عمدا  يكون  من شأنه تعريض الحياة الإنسانية  للخطر  كإستعمال  المفرقعات  و المواد الحارقة ، و تسميم  المياه  و الأغذية ،

رابعا: الشروع  في إرتكاب  هذه الجرائم،

خامسا: صنع أو حيازة  أو  تقديم  أو الحصول  على أسلحة  أو ذخائر أو مفرقعات  أو مواد ضارة بقصد تنفيذ جريمة  من الجرائم  المذكورة  في أي بلد  كان ،

سادسا:  الإشتراك  في تنفيذ  العمل  الإرهابي  سواء  بالإنضمام إلى جمعية  أو بالإتفاق  بقصد  إرتكاب  أعمال  إرهابية أو التحريض  على إرتكابها [2].

و يتضح أن الإتفاقية  قد حصرت  الأعمال الإرهابية في زاوية  ضيقة  للغاية  فإختزلت الإرهاب في الأعمال الإجرامية الموجهة ضد الدولة و التي يكون هدفها أو من شأنها إثارة الفزع والرعب لدى شخصيات معينة أو لدى جماعات من الناس أو لدى الجمهور. و لم تحظى هذه الإتفاقية بإجماع دولي بالنظر للخلافات بين الدول الأعضاء   حول  تعريفها للإرهاب  و أيضا  فيما تعلق بتسليم المجرمين  و هو ما منع التصديق عليها و عدم دخولها حيز التنفيذ .

كما كان للأمم المتحدة بمختلف أجهزتها دور بارز  في توحيد الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب  و إرساء  الأمن و السلم الدوليين  . و  بدأت الأمم المتحدة صراعها الحقيقي  مع الإرهاب  بعد تزايد حوادث  العنف  ضد قادة الدول  و  المبعوثين  الديبلوماسيين و المدنيين الأبرياء  في بداية السبعينات من القرن العشرين ،  و طلب  الأمين  العام  للأمم المتحدة  في أعمال  دورتها  27 بالجمعية  العامة  سنة 1972 أن تدرج موضوع الإرهاب  في جدول أعمال  دورتها  بغية دراسة  الإجراءات و التدابير  الضرورية  لمنع هذه الظاهرة، و مواجهة  جميع أشكال العنف .

و قد توصل المجتمع الدولي إلى إبرم ثلاثة عشر صكاً قانونياً عالمياً تحت إشراف الأمم المتحدة و  وكالاتها المتخصصة في الفترة الممتدة  ما بين 1963 و 2001 تقضي  بتجريم الأعمال الإرهابية  بتشريعات الدول  الداخلية  و تكون أساسا لتعاون  الدولي  في هذا المجال[3].

و من إجتهادات أجهزة و هيئات  الأمم المتحدة  في تحديد مفهوم  الإرهاب   ما ورد  عن لجنة القانون الدولي  في  مقرراتها ” المقصود بالأعمال الإرهابية  الأفعال الإجرامية  الموجهة  ضد دولة أخرى أو سكان  دولة ما و التي من شأنها إثارة الرعب  لدى  شخصيات أو مجموعات  من أشخاص   أو عامة الجمهور”[4]و أيضا تعرف الجمعية الدولية  لقانون العقوبات الإرهاب في مؤتمرها  الثالث  لتوحيد قانون العقوبات  بأنه  ” الإستخدام المتعمد  لوسائل  إرتكاب  أفعال  تعرض حياة الأفراد  أيا كانت جنسياتهم  للخطر أو  الدمار  ، و كذا  ممتلكاتهم المادية من خلال  الحرق و التفجير  و الإغراق  و  إشعال المواد الضارة  و إستخدام  المواد الخانقة  في وسائل النقل  و المواصلات ، و إعاقة خدمات المرافق العامة  و تلويث  المياه  و المحاصيل  الزراعية  و المنتجات الغذائية.” ،هذا  إلى جانب ما ورد بمؤتمر  الأمم المتحدة  المنعقد في جويلية 1998، و الخاص بوضع  مشروع المحكمة  الجنائية  الدولية  فقد عرفت الأعمال  الإرهابية بأنها”كل إستعمال  للقوة  أو العنف  ضد  الأشخاص  أو  الأموال  أو الممتلكات  العامة أو الخاصة ، و ذلك  لأغراض  شخصية أو سياسية  أو إيديولوجية “[5]. أما   عن  مجلس الأمن فقد  شجب  الأعمال الإرهابية في عديد  القرارات  و دعى  المجتمع الدولي إلى  توحيد الجهود الدولية لمكافحة الظاهرة   و ضرورة تعزيز سبل التعاون الأمني [6].

و على الرغم  من الجهود الحثيثة  لهيئة  الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب إلا  أنها لم تتوصل إلى وضع تعريف قانوني  دقيق  موحد للإرهاب ، و  هذا بسبب تباين  مواقف الدول الأعضاء سيما فيما تعلق بالتمييز بين إرهاب الدولة و إرهاب الأفراد و أيضا بين الإرهاب و الحركات التحررية  و المقاومة هذا من جهة ، و من جهة  أخرى لأن هدفها الأول إتخاذ التدابير الرامية لمنع الأعمال الإرهابية و سبل  مكافحتها  و إعتبار تحديد مفهوم الإرهاب مسألة ثانوية و هو ما يتضح جليا من خلال إستقراء  ما ورد في صلب إستراتيجية  الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب [7].

المطلب الثاني : مفهوم الإرهاب في ظل الإتفاقيات الدولية ذات الصبغة الإقليمية

إستكمالا للدور الهام للأمم  المتحدة بمختلف هيئاتها و وكالتها في مكافحة الإرهاب ، تلعب المنظمات الإقليمية دورا لا يقل أهمية عنها في هذا  المجال . حيث تسعى المنظمات الإقليمية  إلى التنسيق بين الدول  الأعضاء في محاولة لتوحيد جهودها للحد من مخاطر الأعمال الإرهابية  و التي عرفت تصاعدا مقلقا يهدد كل دول العالم ، و هذا من خلال التعاون و التنسيق الأمني و السياسي  لمواجهة تحديات الإرهاب  على المستوى الإقليمي.

و تبلورت جهود المنظمات الإقليمية  في العديد  من الإتفاقيات و التي تضمنت سبل التعاون  و أليات و  تدابير  مكافحة الأعمال الإرهابية، كما ساهمت المنظمات الإقليمية في تقريب وجهات النظر  بين الدول الأعضاء حول توحيد مفهوم الإرهاب فتناول البعض منها تعريف الإرهاب ،  في حين إقتصرت  إتفاقيات أخرى  على تحديد أعمال العنف  المكونة للجريمة الإرهابية ، و نفصل في ذلك على النحو التالي :

أولا: الإتفاقيات الأوروبية

ساهمت الدول الأوروبية من جهتها في مكافحة الإرهاب و هذا من خلال الإتفاقيات الدولية المبرمة و الهادفة في مجملها إلى  قمع الأعمال  الإرهابية و الحد من مخاطرها  سيما في ظل تنامي خطرها .و من أبرز  خطوات الدول الأوروبية  في مكافحة الإرهاب  الإتفاقية المبرمة في  مدينة ستراسبورغ سنة 1977  في إطار  دول  مجلس أوروبا للقضاء على  ظاهرة  الإرهاب الدولي  التي إجتاحت  أوروبا  في أوائل  السبعينيات [8]. و تهدف  الإتفاقية  بصفة  أساسية  إلى قمع الأعمال الإرهابية  و التي تشكل  إعتداء على  الحقوق و الحريات الأساسية للأشخاص ، و إتخاذ تدابير  فعالة  لتأكيد عدم  إفلات  مرتكبي الأعمال  الإرهابية من  الإدانة والمحاكمة  و تطبيق عقوبات  رادعة  . ولقد حددت المادة الأولى من الإتفاقية الأفعال المكونة لجريمة الإرهاب والتي ينبغي عدم إعتبارها جرائم سياسية حتى يمكن تسليم مرتكبيها إلى الدول التي وقعت الجريمة على إقليمها.[9]

و على غرار العديد من الإتفاقيات الدولية لم  يرد بإتفاقية ستراسبورغ تعريف الإرهاب  و إكتفت  الإتفاقية بتحديد الأفعال المكونة  للجريمة الإرهابية، و رغم قصور الإتفاقية في تحديد مفهوم دقيق للإرهاب إلا أنها  تعد  إحدى المحاولات الهامة نحو قمع الأعمال الإرهابية في الدول الأوروبية [10]. و قد ساعد التجانس القائم بين الدول الأعضاء في مجلس أوربا، وتقارب أنظمتها السياسية والقانونية والإجتماعية على تحقيق هذا القدر من التعاون الذي بلورته نصوص الإتفاقية[11].

و أمام الغموض الذي يكتنف مصطلح الإرهاب ساهم البرلمان الأوروبي سنة 2001 في وضع تعريف للإرهاب  حيث يعرفه على أنه “كل فعل  يرتكبه  الأفراد أو المجموعات  يلجأ فيها إلى العنف  أو التهديد  بإستخدام  العنف  ضد الدولة أو مؤسساتها بصفة عامة  ، أو ضد أفراد معينين  ،  بهدف خلق  مناخ من الرعب  بين  السلطات  الرسمية  ، أو بين عامة  الجمهور  لأسباب إنتقامية ، أو معتقدات إيديولوجية أو أصولية  دينية  أو رغبة  في الحصول  على منفعة” ، و يعرفه الإتحاد الأوروبي على أنه ” أعمال ترتكب  بهدف  ترويع الأهالي  و إجبار  حكومة  أو هيئة  على القيام  بعمل أو الإمتناع  على القيام  بعمل  ما  أو تدمير للهياكل الأساسية  أو  الدستورية  أو الإقتصادية  أو  الإجتماعية  أو لهيئة  دولية  أو زعزعة إستقرارها  بشكل خطير.”[12].

أما بالنسبة لإتفاقية  مجلس أوروبا لمنع الإرهاب، التي إعتُمدت في وارسو في 16 أيار/مايو 2005  فلم تتطرق إلى تعريف الإرهاب حيث إقتصرت  بنود الإتفاقية  على ضرورة تعزيز جهود جميع الأطراف من أجل منع الإرهاب و أثاره السلبية على منظومة حقوق الإنسان سيما الحق فى الحياة وذلك بإتخاذ التدابير على المستوى الوطنى وفقا للمعاهدات والإتفاقات فى هذا المجال .

كما تلزم الإتفاقية كل طرف بإتخاذ التدابير المناسبة خاصة فى مجال تكوين سلطات تطبيق القانون والهيئات الأخرى و فى مجالات التعليم والثقافة و الإعلام و تحسيس الرأي العام من أجل منع الجرائم الإرهابية وفى ظل إحترام حقوق الانسان .

وبخصوص العقوبات والتدابير تنص بنود إتفاقية مجلس أوروبا حول مكافحة الإرهاب على إتخاذ الأطراف المعنية التدابير الضرورية لفرض عقوبات فاعلة و رادعة فى الجرائم المنصوص عليها بالإتفاقية فى ظل إحترام حقوق الانسان سيما الحق فى حرية التعبير والمعتقد[13].

ثانيا: إتفاقيات الدول الأمريكية

شهدت  الدول  الأمريكية موجة من أعمال  العنف التخريبية خلال أواخر الستينيات نتيجة إحتقان  سياسي و  إيديولوجي عرفته دول المنطقة، ما شكل تهديدا ليس فقط للأنظمة السياسية  بل لإقتصاد الدول و شعوبها ، و هو ما دفع الدول الأمريكية إلى المسارعة نحو توحيد جهودها  لمكافحة  الأعمال الإرهابية . حيث أبرمت على إثر ذلك  الدول الأمريكية بواشطن  في 2 فيفري   1971 إتفاقية لمكافحة الإرهاب تحت رعاية منظمة الدول الأمريكية [14]. و تعّرف الإتفاقية  في مادتها الأولى الإرهاب على أنه ” تعتبر  جرائم  للحق المشترك  و ذات أهمية  دولية  كل أعمال  الإختطاف  و القتل  و الإعتداء الأخرى على الحياة  أو السلامة  الشخصية   لأولئك  الأفراد  الذين  من  واجب الدولة  أن  توفر لهم  حياة  خاصة  وفقا للقانون الدولي ، فضلا عن  أعمال  الإبتزاز  المرتبطة  بتلك  الجرائم ، بصرف النظر عن  دوافعها” ، و تضيف الإتفاقية في مادتها الثانية بأن نطاق تطبيق  الإتفاقية مقصور  على الإعتداءات  الموجهة  ضد الأشخاص  المتمتعين  بالحماية  الخاصة  وفقا  لقواعد القانون الدولي[15].

و مما يمكن  الإشارة إليه أن هذا التعريف ورد قاصرا  حيث إختصر  الإرهاب  في الجرائم الموجهة ضد الأشخاص  المتمتعين  بحماية  خاصة  دون أن يبين المقصود بها  ، هذا إلى جانب  أن الإتفاقية  لم تتطرق  إلى صور أخرى للإرهاب  و إكتفت بالنص على الأعمال الٍإرهابية الموجهة ضد الأفراد دون  المنشآت و الأموال التي  غالبا ما تكون  هدفا للهجمات الإرهابية . كذلك لم  تميز  الإتفاقية بين بواعث  أعمال العنف فساوة  بين أعمال العنف المشروعة المتمثلة  في  مقاومة  الحركات التحريرية  و بين أعمال العنف  غير المشروعة.

و في سنة  2002  أكدت منظمة  الدول الأمريكية  مرة أخرى على موقفها حول مكافحة الإرهاب من خلال الإتفاقية  الدولية ذات الطابع الإقليمي  لمناهضة الإرهاب  ، حيث جاءت الإتفاقية  لتعزيز  التعاون في مجال مكافحة الإرهاب  بين الدول الأمريكية  [16]. لم  تتطرق الإتفاقية إلى تعريف  الإرهاب  بل تناولت بالذكر أعمال العنف المجرمة كأعمال  إرهابية و الواردة ضمن عشرة إتفاقيات دولية ، كما نصت الإتفاقية  على  سبل التعاون الدولي بين  الدول الأمريكية  في  إطار مكافحة الإرهاب و التدابير الواجب إتخاذها من قبل الدول الأعضاء[17].

ثالثا :إتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية

و على المستوى الإفريقي عرفت  منظمة الوحدة الإفريقية  من خلال إتفاقية منع الإرهاب  و مكافحته المبرمة بالجزائر سنة 1999 في مادتها الأولى  الإرهاب على أنه ،”  كل عمل  أو تهديد بعمل  يعد مخالف لقوانين العقوبات  المعتمدة بالدول الأعضاء ، و الذي يمكن أن يعرض حياة  الأفراد للخطر  و يشكل  خطرا  على التكامل  الطبيعي ، و الحرية ، أو يسبب  إصابة خطيرة أو يسبب الموت أو الرعب  لأي شخص ، أو أي عدد أو مجموعة من الأشخاص أو قد يسبب خسارة الممتلكات  العامة أو الخاصة أو الموارد الطبيعية  أو البيئية  أو التراث الثقافي ، إلى جانب أي تواطؤ أو تمويل  أو تآمر  بغية  إرتكاب  أحد الأعمال  المشار إليها أعلاه” .  و تضيف  الإتفاقية في في الفقرة الثالثة من مادتها الأولى أن تتم الأفعال المشار إليها في الفقرة الأولى بهدف :

  • إرهاب أو وضع أية حكومة في حالة  خوف ، أو إكراهها  أو إجبارها أو إغراء  هيئة أو مؤسسة ، أو أي قطاع للقيام  أو الإمتناع عن القيام بأي عمل أو تبني  أية وجهة نظر  أو التخلي  عنه  او العمل وفقا لمبادئ معينة .
  • خلق حالة عصيان في دولة ما
  • تعطيل  تقديم أي خدمات أساسية للجمهور  او خلق  حالة طوارئ  عامة .”[18]

و تعتبر الإتفاقية كل تأييد أو رعاية أو مساعدة أو أمر أو تحريض  أو تشجيع  أو شروع  أو تهديد أو التآمر  أو التنظيم  أو تجنيد  أي شخص بقصد  إرتكاب  أي عمل  من الأعمال المشار إليها  من قبيل الأعمال  الإرهابية . كما تؤكد الإتفاقية  على ضرورة مراجعة الدول  الأعضاء للتشريعات الداخلية بما يتماشى و بنود الإتفاقية ،  هذا إلى جانب العديد من التدابير  التي تتضمنها الإتفاقية  و الهادفة إجمالا إلى توحيد  جهود  الدول الإفريقية  لمكافحة الإرهاب . و ما يعاب على  هذا التعريف  أنه حصر  الغاية  من  الأعمال الإرهابية  في حالات محددة دون  مراعاة  أهداف أخرى  سواء إيديولوجية ، دينية أو إجتماعية ،  و  في ذات السياق إستثنت الإتفاقية  أعمال العنف التي  تتم في إطار الكفاح المسلح لتحرير  الشعوب من  الإحتلال  و العدوان و سيطرة القوات الأجنبية  تماشيا و  مبادئ القانون الدولي  من أجل حريتها و تقرير مصيرها.

رابعا: الإتفاقيات العربية

و في سياق الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب إتخذت  الدول العربية بدورها  العديد  من الخطوات الإيجابية  للحد من تنامي  مخاطر  الأعمال الإرهابية و سبل  مكافحتها  . و قد  تبلورت  أولى الجهود العربية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب  في الإستراتيجية الأمنية  العربية  المعتمدة من قبل وزراء  الداخلية العرب سنة 1983 ،  التي نصت  على ضرورة  الحفاظ على أمن  الوطن العربي  و حمايته  من  الأعمال الإرهابية  سواء الموجهة من الداخل أو الخارج .

و تواصلت الجهود  و المشاورات للوصول إلى إتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب إلإ أنها تعثرت  خلال فترة التسعينيات  بسبب ما يعرف بحرب الخليج . و بعد العديد من المشاورات وقع وزراء  الداخلية  العرب إتفاقية موحدة  لمكافحة الإرهاب  تحت مسمى “الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب”[19]،  و تشير ديباجة  الإتفاقية إلى أن الدول العربية الموقعة  قد أبرمتها إلتزاما  منها بالمبادئ  الأخلاقية  و الدينية السامية ، و لا سيما أحكام الشريعة الإسلامية ،  و كذا بالتراث  الإنساني للأمة العربية التي تنبذ  كل  أشكال العنف  و الإرهاب ، و تدعو إلى حماية  حقوق  الإنسان . و هي  الأحكام  التي تتماشى  معها مبادئ القانون الدولي  و أسسه و التي قامت  على تعاون الشعوب  من أجل  إقامة السلام ، و إلتزاما بميثاق جامعة  الدول  العربية و ميثاق  الأمم المتحدة  و جميع العهود و المواثيق  الدولية  الأخرى التي تكون الدول المتعاقدة  في هذه الإتفاقية  طرفا فيها، و تأكيدا  على حق  الشعوب  في الكفاح ضد  الإحتلال الأجنبي  و العدوان بمختلف الوسائل ، بما  في ذلك  الكفاح المسلح من أجل  تحرير أراضيها .

و تعرف الإتفاقية في مادتها  الأولى  الفقرة الثانية  الإرهاب بأنه ”  كل فعل من أفعال العنف  أو التهديد  به  أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذا  لمشروع إجرامي  فردي أو  جماعي ، يهدف  إلى إلقاء  الرعب بين الناس ،  أو ترويعهم  بإيذائهم  أو  تعريض  حياتهم  أو حرياتهم  أو  أمنهم  للخطر ،   أو إلحاق  الضرر  بالبيئة أو بأحد المرافق  أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو إحتلالها أو الإستلاء  عليها ، أو  تعريض  أحد  الموارد  الوطنية للخطر”.

تضيف الإتفاقية  بالفقرة  الثالثة من المادة الأولى  بأن الجريمة الإرهابية هي “أي  جريمة  أو شروع فيها  ترتكب  تنفيذا  لغرض إرهابي في أي  من الدول المتعاقدة أو على  رعاياه  أو  ممتلكاتها أو مصالحها يعاقب  عليها قانونها الداخلي ، كما تعد من الجرائم  الإرهابية  الجرائم المنصوص عليها  في الإتفاقيات  التالية  عدا ما إستثنته  منها تشريعات الدول المتعاقدة  أو التي  لم تصادق عليها [20].”

تعد  هذه الإتفاقية من الخطوات الهامة في مجال التعاون العربي لمكافحة الإرهاب ، إلا أن التعريف الوارد صلب المادة الأولى  عن الإرهاب ورد فضفاضا للغاية ، إضافة إلى أن الإتفاقية ربطت تجريم الأعمال الإرهابية بالتشريعات الداخلية للدول الأعضاء ، و التي  يتحدد بموجبها ما يعد أو لا يعد من قبيل الأعمال الإرهابية، و تميز الإتفاقية  بين أعمال العنف المشروعة و المنطوية تحت  حق تقرير المصير  للشعوب و المنصوص عليها ضمن مبادئ القانون الدولي و بين الأعمال الإرهابية  ، و تستثني منها كل عمل يمس بالوحدة الترابية  ، أي بمعنى إستثناء الحركات الإنفصالية من الكفاح المسلح المشروع [21].

خامسا: إتفاقيات مجلس التعاون الخليجي

كما كثفت دول مجلس تعاون الخليج العربي مساعيها رغبة في الوصول إلى إستراتيجية أمنية لمكافحة  الإرهاب ، حيث بعد العديد من المشاورات و الإجتماعات  أبرمت في ماي  2004 الإتفاقية الأمنية  لمكافحة  الإرهاب بهدف  التعاون و تنسيق الجهود فيما بينها  لمحاربة الإرهاب.

و تؤكد ديباجة الإتفاقية على إلتزام  دول مجلس التعاون الخليجي  بالمبادئ الدينية و الأخلاقية  و التراث الحضاري و الإنساني  للمجتمع الدولي  و الأمتين  العربية و الإسلامية  و قيم و تقاليد  المجتمع الخليجي، و التي تدعو جميعها إلى نبذ العنف  و الإرهاب  بكل أشكاله و صوره ، و تؤكد على  الإلتزام بالمواثيق  الدولية  بما فيها ميثاق جامعة  الدول  العربية و ميثاق  الأمم المتحدة .كما تؤكد على أن  الإرهاب لا يمكن تبريره  بأي ظرف  أو باعث  أو غاية ، و بالتالي يجب  مكافحته  بجميع أشكاله  و مظاهره  بغض النظر عن  أساسه و أسبابه  و أهدافه ، و تأكيدا  على حق  الشعوب  في الكفاح ضد  الإحتلال الأجنبي  و العدوان بمختلف الوسائل ، بما  في ذلك  الكفاح المسلح من أجل  تحرير أراضيها .

و تعرف الإتفاقية في مادتها  الأولى  الفقرة الثانية  الإرهاب بأنه ”  كل فعل من أفعال العنف  أو التهديد  به  أيا كانت بواعثه او أغراضه ، يقع تنفيذا  لمشروع إجرامي  فردي أو  جماعي ، يهدف  إلى إلقاء  الرعب بين الناس ،  أو ترويعهم  بإيذائهم  أو  تعريض  حياتهم  أو حرياتهم  أو  أمنهم  للخطر ،   أو إلحاق  الضرر  بالبيئة أو بأحد المرافق  أو الممتلكات  العامة أو الخاصة ، أو إحتلالها أو الإستلاء  عليها ، أو  تعريض  أحد  الموارد  الوطنية للخطر”،  و تضيف المادة في فقرتها الثالثة معرفة الجريمة الإرهابية بأنها ““أي  جريمة  أو شروع فيها  ترتكب  تنفيذا  لغرض إرهابي في أي  من الدول المتعاقدة أو على ممتلكاتها أو مصالحها أو رعاياها أو ممتلكاتهم  يعاقب  عليها قانونها الداخلي ، كذلك التحريض على الجرائم الإرهابية  أو الترويج أو تحبيذها ، و طبع أو نشر  أو حيازة  محررات  أو مطبوعات  أو  تسجيلات ، أيا كان نوعها إذا كانت  معدة للتوزيع  أو لإطلاع الغير عليها ، و كانت تتضمن  ترويجا أو تحبيذا لتلك الجرائم .”

كما تعد من الجرائم  الإرهابية  الجرائم المنصوص عليها  في الإتفاقيات  التالية  عدا ما إستثنته  منها تشريعات الدول المتعاقدة  أو التي  لم تصادق عليها [22].”

يتضح  من خلال الإتفاقية  تأثر  دول مجلس  التعاون  الخليجي  بالإتفاقية  العربية  لمكافحة الإرهاب لسنة 1998، حيث إقتبست تعريف كل من الإرهاب و الجريمة الإرهابية مع إدخال بعض التعديلات  الطفيفة ، غير أن  الإختلاف بين الإتفاقيتين  يكمن في كون إتفاقية مجلس التعاون الخليجي   عززت سبل التعاون الأمني بين الدول  الأعضاء لمكافحة الإرهاب و  ألياته و التدابير  الواجب إتخاذها.

يعد التعاون الدولي الوسيلة  المثلى  لإحتواء ظاهرة الإرهاب و مكافحتها ، و هذا من خلال ما تبرمه الدول  من إتفاقيات  تحت مظلة المنظمات الدولية  سواء  ذات الصبغة العالمية أو الإقليمية ، و التي تهدف أساسا إلى إدانة الإرهاب  بكل أشكاله  و مظاهره و أغراضه و تعزيز  سبل التعاون الدولي وصولا لإستراتيجية موحدة  لمكافحة الإرهاب و الحد  من تناميه.

و مع تصاعد حدة و خطر  الأعمال الإرهابية سارع المجتمع الدولي الى إبرام العديد من الإتفاقات الدولية سعيا لتكريس الأمن و السلم الدوليين. و رغم  تعدد الإتفاقات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب كما سبق و ذكرت  إلا أنها تجنبت  وضع تعريف محدد و دقيق  للمقصود   بالإرهاب و الجريمة الإرهابية ،  و إعتمدت الإتفاقيات أحيانا أسلوب  تعداد بعض  الجرائم حصرا ، و إعتبرتها ضمن  مفهوم الإرهاب،  و هو ما سمح بإخراج  العديد من الجرائم  من دائرة الإرهاب لا لشيء سوى  انها لم  تذكر ضمن هذا النوع من الجرائم ، و في أحيانا أخرى لجأت لمصطلحات فضفاضة أخذ  معها الإرهاب مفهوما واسعا للغاية  بل  شابه الغموض إلى جانب العمومية ما جعل العديد من الجرائم تدخل ضمن الأعمال الإرهابية دون أن  تكون لها صلة بها .  إضافة  إلى أن العديد من الإتفاقيات  لم تميز  بين اعمال العنف التي تنطوي تحت  مفهوم الكفاح المسلح و المقاومة  لتقرير  المصير وفقا لمبادئ  القانون الدولي  و ميثاق الأمم المتحدة و أعمال العنف التخريبية و التي تهدف إلى ترويع المواطنين  و إلحاق  الخسائر  بإقتصاديات و أمن الدول.

المبحث الثاني : تأثر مفهوم الإرهاب في التشريعات الوطنية بالمرجعيات و الخلفيات الخاصة بكل دولة

إستجابة للإتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب عدلت الدول من منظومتها القانونية  مسايرة  لها ،  حيث عدلت العديد من الدول تشريعاتها العقابية  للتماشى و نصوص الإتفاقيات الدولية  فضّمنتها نصوصا و أحكام تجرم الأعمال الإرهابية  و تحدد  العقوبات  المقررة لها، و سنت دول أخرى تشريعات خاصة تتعلق  بالجرائم الإرهابية ، و  هذا لتتماشى المنظومة القانونية  للدول  مع السياسة الجنائية  الدولية لمكافحة  ظاهرة الإرهاب.

و إن  إتفقت  الدول حول خطورة الأعمال الإرهابية و ضرورة تجريمها ، إلا أنها  إختلفت في تحديد مفهوم الإرهاب  و  التدابير  المقررة  لمكافحته، و نميز في هذا بين منظور الدول الغربية للإرهاب و بين ما ذهبت إليه الدول العربية  من خلال التالي :

المطلب الأول : مفهوم  الإرهاب بالتشريعات الغربية

شهدت الدول الغربية (بريطانيا ، فرنسا ، و أمريكا)منذ عقود أعمال عنف تخربية  كبدتها خسائر مهولة ، ما إضطرها لتعديل منظومتها التشريعات لمكافحة الظاهرة . و مع  تصاعد حدة و عنف  الأعمال الإرهابية و دمويتها و إستهدافها للقواعد الإقتصادية  للدول إستلزم ذلك التشدد في تعامل التشريعات الغربية مع الأعمال الإرهابية سواء من حيث  إتساع مفهوم الإرهاب  أو من  حيث التدابير و  العقوبات المقررة ، لتصبح مكافحة الإرهاب هوسا سواء داخل دولها أو خارجها ، و نبين ذلك على النحو التالي:

أولا: التشريع البريطاني

عرفت بريطانيا الإرهاب منذ  زمن ، حيث تعود الجذور التاريخية للإرهاب في بريطانيا إلى أعمال عنف الجيش الإيرلندي( I.R.A) و جيش التحرير الإيرلندي (  I.N.L.A) . و قصد مواجهة  تنامي الأزمة الإرهابية أصدر  المشرع  البريطاني  العديد من النصوص القانونية  الخاصة الهادفة إلى  قمع الأعمال الإرهابية و الحد منها  ،  و من ضمن  التشريعات المتعلقة  بالإرهاب   قانون مكافحة الإرهاب  الصادر  سنة 1976 ، و الذي  يعرف الإرهاب على أنه ” إستخدام العنف  لتحقيق  غايات  سياسية ، بما في ذلك  كل إستخدام  للعنف  إشاعة أو خلق الخوف  لدى  العامة  أو لدى جزء منهم”.كما أصدر المشرع  البريطاني  سنة 1989 قانون منع الإرهاب و الذي جرم العديد من الأعمال سيما المتعلقة بتمويل الإرهاب و عدم الإبلاغ عن المعلومات المتعلقة بالأنشطة الإرهابية[23] .

كما صدر أيضا سنة 2000 قانون  الإرهاب  و هو ما يعد نقطة تحول هامة في السياسية البريطانية لمكافحة الإرهاب ، حيث يعرف  الإرهاب  على انه

“1. يقصد بالإرهاب  في هذا القانون  القيام أو التهديد بالقيام  بعمل عندما :

  • يقع العمل في إطار الفقرة الثانية من هذه المادة
  • يقصد به التأثير على الحكومة أو  ترويع  الجمهور  أو طائفة منه،
  • يكون بغرض خدمة قضية سياسية أو دينية أو إيديولوجية ،
  1. يقع العمل في إطار هذه الفقرة إذا كان :
  • ينطوي على عنف جسيم  ضد شخص ،
  • يتضمن إلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات ،
  • يعرض للخطر  حياة  شخص أخر  غير الذي إرتكبه،
  • يمثل خطرا جسيما على صحة  أو أمن الجمهور  أو طائفة منه.
  • مصمم لتعطيل نظام إلكتروني أو إدخال خلل فيه بشكل  يمثل  خطرا جسيما.
  1. القيام أو التهديد بالقيام بعمل من الأعمال الواردة  في الفقرة السابقة  يعد إرهابا  إذا كان  يتضمن  إستخدام  متفجرات أو سلاح  ناري سواء كانت الفقرة 1-ب من هذه المادة مستوفاة أم لا ،
  2. في هذه المادة
  • الإرهاب يشمل العمل خارج بريطانيا،
  • الإشارة إلى أي شخص أو ممتلكات هي إشارة إلى أي شخص أو ممتلكات  أينما كان موقعهم.
  • الإشارة إلى الجمهور  تشمل  الإشارة  إلى جمهور  دولة  أخرى  غير المملكة المتحدة  أيضا ،
  • يقصد بالحكومة  حكومة المملكة  المتحدة أو أي  جزء من المملكة  المتحدة  أو حكومة أية دولة  أخرى  غير المملكة  المتحدة .[24]

و هو ذات التعريف الوارد بالقانون الصادر سنة 2001 و المتعلق بـالأمن و مكافحة الإرهاب ، غير أن هذا التعريف ورد عاما للغاية حيث أدرج تحت مفهوم الإرهاب كافة أعمال العنف مهما كانت وسائلها و أهدافها. هذا  إضافة إلى الإمتداد الدولي للقانون  ،و الذي زاد من إتساعه  حيث تنص الفقرة الرابعة  من المادة الاولى  على تطبيق أحكام هذا القانون داخل الأراضي  البريطانية  أو   خارجها و هذا  ضمانا لفاعلية سياسة مكافحة الإرهاب.

ثانيا : التشريع الأمريكي

عرف مفهوم الإرهاب عناية  خاصة  بتشريعات  الولايات المتحدة الأمريكية  و أيضا من قبل مصالحها العامة ، و هذا بالنظر  لما يشكله الإرهاب  من  خطر  على أمنها و إستقرارها، حيث يعرفه القانون الصادر سنة  1984 و المتعلق  بمكافحة الإرهاب  بأنه” كل  نشاط  يتضمن  عملا عنيفا أو خطيرا  يهدد البشرية  و يمثل إنتهاكا  للقوانين الجنائية في الولايات المتحدة الأمريكية ، أو أية  دولة  أخرى  و يهدف  إلى  نشر  الرعب  و القهر  بين  السكان  المدنيين  أو  التأثير  على سياسة  دولة ما  بممارسة الرعب  أو القهر  أو التأثير  على سلوك  حكومة  ما  عن طريق  الإغتيال  أو  الإختطاف“،

كما ورد في قانون  1987 المتضمن قمع الأعمال الإرهابية  تعريف العمل  الإرهابي” تنظيم  أو تشجيع  أو المشاركة في أي عمل عنف  دنيء أو تخريبي  يحتمل  أن ينتج  عنه أو يتسبب  في موت  أو إحداث أضرار  خطيرة  و جسيمة  لأشخاص  أبرياء ليس  لهم  أي دور  في العمليات  العسكرية. “[25]

و من خلال النصين يتضح مدى إتساع  مفهوم الإرهاب  حيث  يعد من الأعمال الإرهابية  أعمال العنف  أو تنظيمها أو  تشجيعها أو المشاركة في أي عمل عنف ، و لم يتقيد  المشرع  بالأعمال الإرهابية التي تتم داخل  إقليم الولايات المتحدة الأمريكية  بل تجاوز ذلك إلى أي دولة  اخرى.

و قد شهدت السياسية الأمريكية لمكافحة الإرهاب منعرجا حاسما بعد أحداث 11سبتمبر 2001 ،  حيث إتخذت الإدارة الأمريكية العديد من التدابير  و الإجراءات  تدعيما للإستراتيجياتها الأمنية ، و  صدر  في هذا السياق العديد من النصوص التشريعية  لتعزيز  قدرة السلطات الأمنية  في مجال مكافحة الإرهاب ، من ضمنها قانون باتريوت  الصادر في اكتوبر 2001 ، و المتعلق بمكافحة الإرهاب ، حيث تعرف المادة 802 منه الإرهاب على أنه  ““أي فعل  يرتكب  داخل  الولايات المتحدة الأمريكية يتضمن  أفعالا خطيرة  على حياة الإنسان تشكل إنتهاكا للقوانين  الجنائية  للولايات  المتحدة الأمريكية  أو أية دولة ، و يبدو  منها قصد ترويع  و إجبار  شعب مدني  أو التأثير  على  سياسة حكومة  بالترويع  و الإجبار  أو التأثير  على  سلوك  حكومة  ما  من خلال الدمار الشامل أو  الإغتيال أو الخطف.”[26]

من خلال إستقراء ما ورد من تعاريف للإرهاب  بتشريعات الولايات المتحدة الأمريكية سيما المتعلقة  بمكافحة الإرهاب  يلاحظ حتما مدى تأثر المشرع بأعمال العنف سواء التي مست  الولايات المتحدة الأمريكية أو أحد  الدول الأخرى ،  حيث عرف مفهوم الإرهاب  تطور  ملحوظ ، تطور  إرتبط بخطورة الأعمال الإرهابية و خطورة  تناميها ، ما دفع المشرع إلى التوسع في مفهوم الإرهاب إلى حد تجاوز  تجريم أعمال العنف  إلى تجريم تشجيع أو تمويل الإرهاب ، و إزداد التخوف من الأعمال الإرهابية  خاصة بعد أحداث 11سبتمبر 2001 ليتسع  مفهوم الإرهاب أكثر  و  تزداد معه صلاحيات الأجهزة الأمنية بشكل أكبر ، حيث يعتبر أي إعتداء  داخلي  أو  خارجي  على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية  إرهابا يستوجب الرد عليه و لو  بإستعمال  القوة للقضاء عليه.

مما سبق  يتضح تدرج تشريعات الدول الغربية  في تعاملها مع الظاهرة الإرهابية ، فمع تصاعد وتيرة  و حدة أعمال  العنف  و تنامي خطورتها على الإستقرار الأمني و الإقتصادي  للدول  كان لزاما  على الدول الغربية إنتهاج سياسية جديدة  تكيفا مع تطور الجريمة الإرهابية .

لم  تعد تمثل الأعمال الإرهابية جريمة يمكن معالجتها بموجب التشريعات العقابية العادية شأنها في ذلك شأن أي جريمة أخرى ما إستوجب التشدد  في التعامل مع هكذا جرائم ، و في هذا الشأن  أفردت عدد من الدول الغربية تشريعات خاصة تتعلق  بمكافحة الإرهاب كما هو الحال بكل من بريطانيا و  الولايات المتحدة الأمريكية  في حين خصصت دول أخرى كفرنسا فصلا خاصا يتعلق بالجرائم الإرهابية ضمن تشريعاتها العقابية .

و مع تزايد المخاوف من  الأعمال الإرهابية توسعت التشريعات الدول الغربية في تحديد مفهوم الإرهاب ، ليرد مفهوم  الإرهاب  عاما و شاملا لكافة أعمال العنف مهما كانت وسائله و أهدافه ، هذا  إضافة   إلى تجريم تشجيعه أو تمويله   بأي وسيلة كانت. و إثر  احداث 11سبتمير 2001 تزايدت المخاوف  أكثر  و أخذت سياستها في مكافحة الإرهاب منحى خطير  ليطال تطبيقها تشريعاتها الداخلية  خارج إقليمها الوطني .

المطلب الثاني :مفهوم الإرهاب بتشريعات  الدول العربية

لم تكن الدول العربية بمنأى عن أعمال العنف و التخريب التي طالت  دول العالم ، فقد تضررت الدول العربية و لازالت من  الإرهاب منذ أواخر الثمانينات ،  و حماية لإستقرارها و أمنها أصدرت  العديد من النصوص التشريعية  لمكافحة الظاهرة و الحد من تناميها ،  ونفصل  في ذلك على النحو الأتي:

أولا: التشريع المصري .

على غرار العديد من الدول العربية تعرضت مصر خلال  العقود الفارطة إلى موجة عنف شديد من قبل الجماعات الإرهابية أضرت بإقتصادها  بشكل  بالغ و زعزت الإستقرار الأمني و الإجتماعي للدولة ،  و إزاء إستمرارية أعمال العنف وتزايد حدتها  و خطورتها  لم يكن  للمشرع المصري  إلا أن يتدخل من خلال العديد من النصوص التشريعية  .

و قد عرف المشرع المصري  الإرهاب  من خلال قانون العقوبات المعدل بموجب القانون رقم 97 لسنة 1992، حيث نصت المادة 86 منه ‘” يقصد  بالإرهاب في تطبيق  أحكام  هذا القانون  كل إستخدام  للقوة  أو العنف  أو التهديد او الترويع  يلجأ إليه  الجاني  تنفيذا لمشروع  إجرامي  فردي  أو جماعي بهدف  الإخلال  بالنظام العام  أو تعريض  سلامة  المجتمع  و أمنه للخطر  ، إذا  كان  من شأن  ذلك إيذاء  الأشخاص أو إلقاء  الرعب  بينهم  أو  تعريض حياتهم  أو حرياتهم  أو أمنهم  للخطر ، أو إلحاق  الضرر بالبيئة  أو بالإتصالات  أو المواصلات أو الاموال  أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة  أو إحتلالها  أو الإستلاء عليها  أو منع أو عرقلة  ممارسة  السلطات  العامة  أو دور العبادة أو  معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل  تطبيق  الدستور  أو القوانين  و اللوائح[27]

يتضح من خلال نص المادة 86  أن المشرع المصري أورد تعريفا فضفاضا و عاما للغاية  للإرهاب، فالعديد من المصطلحات غير الدقيقة مثل : الإخلال بالنظام العام ، تعريض سلامة المجتمع و أمنه للخطر ..،ما أسفر عنه عدم التحديد الدقيق للجريمة الإرهابية و عدم تمييزها  عن غيرها من الجرائم.  ما  يسمح أن تنطوي تحت مفهوم الإرهاب العديد من الجرائم  دون أن يكون لها صلة بالإرهاب .

ثانيا: التشريع الجزائري :

مرت الجزائر  خلال فترة التسعينيات بحالة من عدم الإستقرار الأمني  و  الإضطراب، تبعتها أعمال عنف  خطير  إستهدفت مؤسسات الدولة  و أمن المواطنين ، ما دفع المشرع للتدخل من خلال العديد من النصوص التشريعية و التي  تتضمن إجراءات و تدابير  إستثنائية حماية لأمن المواطنين و  لسير الحسن لمؤسسات الدولة  و إستقرار الأوضاع، حيث صدر  خلال  هذه الفترة المرسوم الرئاسي رقم 92-44 و المتضمن إعلان حالة الطوارئ [28]، كما صدر خلال هذه الفترة أيضا  المرسوم التشريعي  رقم  92-03  المتعلق بمكافحة الإرهاب و  التخريب[29]  ، و الذي تضمن في  مادته الأولى تعريف الإرهاب  على أنه” يعتبر عملا تخريبيا  أو إرهابيا ، في مفهوم هذا المرسوم  التشريعي كل مخالفة  تستهدف  أمن الدولة و السلامة الترابية ، و إستقرار   المؤسسات و سيرها العادي ، عن طريق  أي عمل غرضه  الأتي:

  • بث الرعب في أوساط  السكان  و خلق  جو  من إنعدام  الأمن من خلال الإعتداء على  حياة و سلامة الأشخاص،
  • عرقلة حركة المرور  أو حرية  التنقل  في الطرق و الساحات  العامة ،
  • الإعتداء على المحيط و على وسائل  المواصلات و التنقل  و المممتلكات  العمومية و الخاصة و الإستحواذ  عليها  وإحتلالها  دون مسوغ قانوني ، و تدنيس القبور  أو الإعتداء  على رموز  الجمهورية ،
  • عرقلة سير المؤسسات العمومية أو الإعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتها ، أو عرقلة تطبيق  القوانين و التنظيمات.”

جاء هذا التعريف  إستجابة  لحالة عدم الإستقرار الأمني  و الإضطرابات الخطيرة التي شهدتها البلاد خلال هذه الفترة ، ما يفسر  توسع المشرع  في تحديد  أعمال العنف التي تدخل تحت طائلة الإرهاب  معتمدا في ذلك  معيار الغاية لتحديدها . و تراجع المشرع الجزائري بعد ذلك  عن القانون 92- 03 بموجب الأمر 95-11[30]، و بموجب هذا الأمر  أدرج تجريم  الإرهاب ضمن أحكام قانون العقوبات تحت عنوان الجرائم الموصوفة بأعمال إرهابية و تخريبية إقتداءا بنظيره الفرنسي [31]، و  قد ورد  بالمادة 87 مكرر منه تعريف  للإرهاب  حيث جاء فيها “” يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا ، في مفهوم هذا الأمر كل فعل  يستهدف  أمن الدولة و الوحدة  الوطنية  و السلامة الترابية ، و إستقرار   المؤسسات و سيرها العادي ، عن طريق  أي عمل غرضه  ما يأتي:

  • بث الرعب في أوساط  السكان  و خلق  جو  من إنعدام  الأمن من خلال الإعتداء المعنوي  او الجسدي  على  الأشخاص  أو تعريض حياتهم أو حرياتهم  أو أمنهم  للخطر أو المس بممتلكاتهم،
  • عرقلة حركة المرور  أو حرية  التنقل  في الطرق و التجمهر  أو الإعتصام  في  الساحات  العمومية ،
  • الإعتداء على رموز  الأمة و الجمهورية و نبش أو تدنيس القبور .
  • الإعتداء على وسائل المواصلات و التنقل  و الملكيات  العمومية و الخاصة و الإستحواذ  عليها  وإحتلالها  دون مسوغ قانوني ،
  • الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها عليها أو في المياه بما فيها المياه الإقليمية من شأنها جعل صحة الإنسان أو البيئة الطبيعية في خطر ،
  • عرقلة عمل السلطات العمومية أو حرية ممارسة العبادة و الحريات العامة و سير المؤسسات المساعدة للمرفق العام،
  • عرقلة سير المؤسسات العمومية أو الإعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتها ، أو عرقلة تطبيق  القوانين و التنظيمات.”

يتشابه هذا التعريف مع التعريف  الوارد بالمرسوم 92-03 إلى حد ما ، غير أن المشرع بالنص الجديد أدخل  العديد من التعديلات حيث وردت بعض الفقرات اكثر تفصيلا و دقة  ، كما أضاف  عدد من الأعمال مثل : التجمهر  أو الإعتصام  في  الساحات  العمومية ، نبش القبور ، عرقلة عمل السلطات العمومية أو حرية ممارسة العبادة و الحريات العامة و سير المؤسسات المساعدة للمرفق العام، لتدخل تحت مسمى الأعمال الإرهابية التخريبية ،  و من خلال ذلك يتبين مدى إتساع مفهوم الإرهاب و  عدم تحري الدقة  في تحديده .

تصدت تشريعات الدول العربية للجرائم الإرهابية من خلال العديد من النصوص القانونية ، حيث عالجت النصوص الظاهرة الإرهابية من خلال تجريم أعمال العنف المشكلة لها و تحديد سبل و أليات مكافحتها و العقوبات المقررة لها، كما ورد ضمنها أيضا تحديد مفهوم الإرهاب ، حيث عرفت جل التشريعات العربية الإرهاب من خلال النص على الأعمال المكونة  للجريمة الإرهابية و إتسم تعريفها    بالعمومية  حيث لم تتحرى الدقة  ماجعل من مفهوم الإرهاب واسع للغاية و يبرر ذلك بمحاولة إحتواء التطور  السريع للجريمة الإرهابية . و تميزت التشريعات  الدول  العربية  عن نظيرتها في الدول الغربية بإلتزامها بمبدأ الإقليمية فلم تتناول تطبيق نصوص القانونية خارج إقليمها.

الخاتمة:

يعد الإرهاب  ظاهرة خطيرة تهدد أمن و إستقرار  المجتمع الدولي ،خطر  يتنامى  في ظل التطور  السريع  الذي يشهده العالم اليوم ، و رغم  كل المساعي  و جهود  المجتمع الدولي لقمع  الأعمال الإرهابية و الحد من تناميها إلا أن إختلاف الرؤى و المصالح السياسية  و الإقتصادية للدول إنعكس سلبا على فعالية مكافحة الظاهرة و الحد من تنامي مخاطرها، ما يسمح بالقول أن غياب  تعريف  دقيق و موحد  للإرهاب هو نتاج هذا الإختلاف الذي يعيشه المجتمع الدولي اليوم.

فعدم التحديد الدقيق لمفهوم الإرهاب و ضبط إطاره القانوني جعله يتقاطع مع مفاهيم أخرى قريبة منه شكليا ،  حيث يسعى  كل إتجاه دولي  إلى تطويع و تمييع  المفاهيم  بالشكل الذي  يخدم مصالحه و يخدم  أهدافه  .  فأعمال العنف التي تستهدف  الإطاحة بإقتصاد الدول و ترويع المواطنين الأبرياء لا تستوي و تلك التي تتم  من قبل  الحركات التحريرية  لتقرير مصير الشعوب و المنصوص عليها ضمن  ميثاق الأمم المتحدة  في مادتها الأولى ،  علما أنه لا يمكن إعتبار الإنتهاكات  التي  تقوم  بها  بعض  المليشيات  و العصابات  على انها  أعمال  مقاومة  لمخالفتها للمستقر  عليه  في الإتفاقات ، و المواثيق  الدولية خاصة ما تعلق  بإحترام  تقاليد الحروب ،و أعرافها، و عدم الإعتداء على المدنين ، فالإعتراف  بشرعية  المقاومة في القانون الدولي لا يتضمن  حتما الإعتراف  بشرعية  نشاطاتها لاسيما  تلك التي تتعلق بقتل المدنين و خطفهم و تدمير  الممتلكات .

كما تعد أيضا مسألة الإقرار  بإرهاب الدولة  و التفصيل فيها من المسائل الإختلافية ، فقد تحاشت النصوص القانونية تحديد هذا المفهوم والتفصيل  فيه  ما عزز  الأنظمة الديكتاتورية و الداعمة للإرهاب،  فالدولة  تمارس  الإرهاب  من خلال ما تملكه  من وسائل  و أجهزة أمنية  و عسكرية  و ما  تحتكره  من  سلطات  سواء  على المستوى الداخلي  أي  على المواطنين  المقيمين  داخل إقليمها أو على المستوى الدولي  من خلال تلك الأعمال  العسكرية  و الشبه  عسكرية  ضد دولة أخرى  فتخالف  بهذا  الأحكام  المستقرة عليها في القانون الدولي.

إن  الغموض  الذي  يكتنف  مفهوم الإرهاب و تباين المواقف الدولية حول تحديده بشكل دقيق  كان له بالغ الأثر  على عديد المستويات سيما في ما تعلق بإنتهاك  حقوق الإنسان و  المساس بسيادة الدول ، فالحرب على  الإرهاب التي تشنها الدول الكبرى خدمة لمصالحها التوسعية و الإقتصادية ، و إنتهاكات حقوق  الإنسان  الممنهجة من تعذيب و إعتقال تحت غطاء مكافحة الإرهاب ، هي نتيجة لعمومية مفهوم الإرهاب و عدم تحديد عناصر الجريمة الإرهابية و تميزها عن ما قد يتقارب معها من مفاهيم .

إن الأزمة التي يعيشها المجتمع الدولي اليوم تستدعي نبذ العصبيات و الإختلافات و تقديم المصلحة  العامة عن المصالح الخاصة ، فعدم توصل المجتمع الدولي لتعريف قانوني دقيق لا يعكس صعوبة ذلك و إستحالته  بل  يعكس مدى  إختلاف وجهات النظر حول مفهوم الإرهاب و الجريمة الإرهابية و إختلاف رؤاها  ، إختلاف  تحكمه المصالح السياسية و الإقتصادية  و الخلفيات الدينية و الإيديولوجية .

و في هذا رأيت أنه من الضروري مراعاة التوصيات التالية :

  • تكثيف الجهود الدولية وصولا إلى إتفاق يتضمن تحديد  دقيق و شامل لمفهوم الإرهاب مراعيا كافة جوانبه الجوهرية   بحيادية تامة أي دون ربط الظاهرة  بدين معين أو بطائفة منه أو بحضارة أو  بعرق ،
  • تمييز ظاهرة الإرهاب عن غيرها من المفاهيم ضمانا لفعالية مكافحته ، سيما ما تعلق بالكفاح المسلح و المنصوص عليه ضمن المعاهدات الدولية و ميثاق الأمم المتحدة.
  • تجريم إرهاب الدولة سواء على المستوى الداخلي  كالتعذيب و الإعتقال و الإغتيال  …، أو   على المستوى الدولي من خلال دعم و  تمويل الأعمال الإرهابية بدول أخرى .
  • الإلتزام بإحترام حقوق الإنسان و سيادة الدول و المنصوص عليها صلب المواثيق الدولية ، دون التذرع بالحرب على الإرهاب.

الهوامش

[1]يعود إبرام  إتفاقية عصبة الأمم  لقمع و مكافحة الإرهاب  إلى حادث  الإعتداء  الإرهابي بتاريخ 09/10/1934  في مارسيليا  ، حيث إغتيل  الملك  ألكسندر  الأول  ملك  يوغسلافيا، و لويس  بارتو الوزير  الأول  الفرنسي ، على يد مجموعة إرهابية تنتمي إلى منظمة  الإستادا  المقدونية الإنفصالية ، و على إثر هذه الحادثة  دعت  فرنسا  عصبة الأمم  إلى ضرورة إبرام إتفاقية تتعلق بمكافحة الإرهاب  ، و تقدم وزير الخارجية  الفرنسي  في جلسة  10 ديسمبر 1934 إلى السكرتاريا العامة لعصبة الأمم مشروع إتفاقية  بشأن تجريم الإرهاب ،   و تعد هذه الحادثة نقطة تحول في مسار المجتمع الدولي  وأول خطوة دولية لمكافحة الإرهاب  .

[2]مسعد عبد الرحمان زيدان، الإرهاب في ضوء أحكام  القانون الدولي  العام ، دار الكتب  القانونية ، القاهرة ، مصر،2007، ص69.

[3]من ضمن الإتفاقيات المبرمة تحت مظلة الأمم المتحدة  :

–       إتفاقية عام 1963 بشأن الجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات (إتفاقية طوكيو) بشأن سلامة الطيران،

–       إتفاقية سنة 1970 بشأن قمع الإستيلاء غير المشروع على الطائرات (إتفاقية لاهاي) بشأن إختطاف الطائرات،

–       إتفاقية سنة 1973 بشأن منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون، والمعاقبة عليها، بشأن الإعتداءات على كبار المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين،

–       الإتفاقية الدولية لسنة 1979 بشأن مناهضة أخذ الرهائن (“إتفاقية مناهضة أخذ الرهائن”)،

–       إتفاقية سنة 1980 بشأن الحماية المادية للمواد النووية (“إتفاقية المواد النووية”) بشأن حيازة المواد النووية و إستخدامها بشكل غير مشروع،

–       الإتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل، لسنة 1997،

–       إتفاقية سنة 1991 بشأن تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها تنص على التمييز الكيميائي لتيسير كشف المتفجرات البلاستيكية، لمكافحة تخريب الطائرات،

– الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، لسنة 1999.

لتفصيل أكثر حول إتفاقيات الامم المتحدة   راجع  الموقع: http://www.un.org/ar/sc/ctc/laws.html

[4]أنظر تقارير  لجنة القانون الدولي  التالية :

A/9028(1973), A/32/37(24/04/1977),A/34/37(17/04/1979)

[5]أحمد  محمد رفعت،  الإرهاب الدولي في ضوء أحكام  القانون  الدولي  و الإتفاقيات الدولية  و قرارات الأمم المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة،  مصر، 1992، ص147.

[6]يعمل مجلس الأمن على تعزيز قدرات الدول الأعضاء على منع الأعمال الإرهابية والتصدي لها، من خلال هيئاته الفرعية، والتي تضم لجنة مكافحة الإرهاب، واللجنة المعنية بالجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة المنشأة عملا بالقرارات 1267/1989/2253، فضلا عن اللجنة المنشأة عملا بالقرار 1540 بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية. و تتولى كيانات مختلفة دعم أعمال هذه اللجان؛ وفي حين أن المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب تتولى تنفيذ قراراتها المتعلقة بالسياسات وتكليف خبراء بإجراء تقييمات لقدرات الدول الأعضاء، فإن لجنة القرار 1267 تعتمد على فريق الرصد.

من ضمن قرارات مجلس  الأمن :

  • قرار مجلـس الأمـن رقم 1368 ،  إتخذه المجلس في جلسته رقم  4370، المنعقدة في  12 أيلول/سبتمبر 2001، المتضمن إدانة أحداث 11سبتمبر2001
  • قرار مجلس الأمن رقم  1438 ، اتخذه المجلس في جلسته رقم  4370، المنعقدة في 14 أكتوبر 2002 ، المتضمن إدانة الأعمال الإرهابية الواقعة في جزيرة بالي – أندونيسيا.
  • قرار مجلس الأمن رقم  1440 ، إتخذه المجلس في جلسته رقم  4632، المنعقدة في 24 أكتوبر 2002 ، المتضمن إدانة التهديدات  التي يتعرض لها  السلام و الأمن  الدوليان نتيجة  الأعمال الإرهابية .
  • قرار مجلس الأمن رقم  1465 ، اتخذه المجلس في جلسته رقم  4606، المنعقدة في 13 فيفري 2003 ، المتضمن إدانة الأعمال الإرهابية الواقعة في بوغاتا.
  • قرار مجلس الأمن رقم  1530 ، إتخذه المجلس في جلسته رقم  4923، المنعقدة في 11 مارس 2004 ، المتضمن إدانة الأعمال الإرهابية الواقعة في مدريد –إسبانيا.

لتفصيل أكثر  حول  قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة  الإرهاب أنظر الموقع:

http://www.un.org/ar/sc/ctc/resources/res-sc.html

[7]إعتمدت الدول  الأعضاء في الأمم المتحدة مجتمعة إستراتيجية عالمية لتنسيق جهودها لمكافحة الإرهاب في الدورة الستون للجمعية العامة  و المنعقدة بتاريخ 08 أيلول سبتمبر 2006،  وتتضمن الإستراتيجية توصيات عملية في أربعة مجالات رئيسية:

  • معالجة الظروف المؤدية إلى إنتشار الإرهاب،
  • منع الإرهاب ومكافحته،
  • بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد،
  • ضمان إحترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون أثناء مكافحة الإرهاب.

لتفصيل أنظر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/288 بتاريخ 08 أيلول سبتمبر 2006.

[8]الإتفاقية  الأوروبية  لقمع الإرهاب المبرمة  في 27 جانفي  1977 ، دخلت الإتفاقية حيز التنفيذ في  04 أوت 1978.

أنظر نص الإتفاقية  بالموقع التالي :

https://www.admin.ch/opc/fr/classified-compilation/19770011/198308200000/0.353.3.pdf

[9]حددت المادة الأولى من الإتفاقية عددا من الجرائم  التي  تعد جرائم إرهابية  بموجب الإتفاقية  و هي :

  • الجرائم التي  وردت  في إتفاقية  قمع  الإستيلاء  غير  المشروع  على الطائرات  الموقعة في لاهاي عام 1970،
  • الجرائم التي وردت في إتفاقية  قمع  جرائم  الإعتداء  على سلامة الطيران  المدني  الموقعة  في مونتريال عام 1970،
  • الجرائم الخطيرة التي  تمثل  إعتداء  على الحياة  او السلامة الجسدية  أو   حرية  الأشخاص  ذوي  الحماية  الدولية  بما في ذلك المبعوثين  الديبلوماسيين،
  • الجرائم التي تتضمن الخطف  و أخد  الرهائن  أو  الإحتجاز  غير  المشروع للأفراد،
  • جرائم إستعمال المفرقعات  و القنابل  و الأسلحة  النارية و الرسائل  المفخخة   إذا  كان هذاالإستخدام يهدد حياة الأفراد ،
  • محاولة إرتكاب أي من الجرائم  السابقة أو الإشتراك  فيها.

[10]إنتقد إتجاه من  فقهاء  القانون  الدولي الإتفاقية الأوروبية   لقمع الإرهاب ، حيث  يرون  أن الإتفاقية لم تميز  بين الإرهاب الدولي و الإرهاب الداخلي ، بالإضافة إلى  أن الاتفاقية لم تعالج سوى جانبا واحدا من  الإرهاب  و هو الإرهاب  ذو البواعث السياسية   مستثنية بذلك الجرائم الإرهابية التي تتم دون أهداف سياسية ، و يضيف هذا الإتجاه  أن  الإتفاقية  جاءت  لتنظم أحكام  تسليم  مرتكبي  الجرائم  الإرهابية أكثر من  كونها إتفاقية لتجريم  الأعمال الإرهابية ذاتها .

[11]محمد رفعت ، المرجع السابق، ص 70.

[12]علاء الدين راشدي، المشكلة في تعريف الإرهاب، دار النهضة  العربية ، القاهرة ، 2006، ص73.

[13] أنظر نص الإتفاقية  على الموقع :

https://www.coe.int/fr/web/conventions/full-list/-/conventions/treaty/196

[14]عبد الله سليمان سليمان، ظاهرة  الإرهاب و القانون، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الإقتصادية و السياسية، العدد الرابع، الجزائر، ديسمبر 1990، ص 921.

[15]أنظر نص الإتفاقية  بالموقع:  http://cicte.oas.org/rev/en/documents/conventions/

[16]علاء الدين راشدي، المرجع السابق، ص 65.

[17]  أنظر نص الإتفاقية : http://www.un.org/en/sc/ctc/docs/backgroundexclusion.pdf

[18] أنظر نص الإتفاقية على الموقع :  http://www.unodc.org/tldb/pdf/conv_oau_1999_fr.pdf

[19]إرتطبت جهود  و مساعي مجلس وزراء الداخلية العرب فيما تعلق  بمكافحة الإرهاب  بتطور  الذي شهدته الظاهرة  ،  فقد كانت معالجة المجلس لظاهرة الإرهاب في عقد الثمانينات تأتي في إطار معالجته للجريمة عامة، لذلك لم يكد يفرد اجتماعاً خاصاً للإرهاب، بل كانت معالجته لهذه الظاهرة تتم في الغالب من خلال عرضها على جداول أعمال مؤتمرات مختلفة، و مع بداية  فترة التسعينيات عرفت العديد من الدول العربية  أحداثا دامية  خلفت ضحايا أبرياء بالمئات ودمرت مرافق حيوية وعرضت مكتسبات الدول للخطر الفادح. لذا لم يكن من الغريب أن يكثف المجلس من أدواته لمكافحة الإرهاب في هذه الفترة بالذات، وأن يشهد النصف الثاني من عقد التسعينات تقنيناً واضحا لوسائل مكافحة الإرهاب.

و تعد الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب نتاج  جهود و مساعي  الدول العربية  لذلك، حيث رسمت الإستراتيجية مجموعة من الأهداف تصب كلها في إطار مكافحة الإرهاب وإزالة أسبابه وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في هذا المجال، والحفاظ على أمن الوطن العربي، ووضعت مجموعة من الأطر والسياسات التي تسمح ببلوغ تلك الأهداف.

[20]صدرت الإتفاقية العربية  لمكافحة الإرهاب بقرار من مجلسي وزراء العدل و الداخلية  العرب في إجتماعهما  المشترك الذي  عقد  بمقر  الأمانة  العامة  لجامعة  الدول العربية بالقاهرة   بتاريخ 22 أفريل 1998،  و دخلت الإتفاقية حيز النفاذ   بتاريخ 7ماي 1999.

أنظر نص  الإتفاقية  بالموقع : https://www.unodc.org/tldb/pdf/conv_arab_terrorism.en.pdf

[21] تنص الفقرة الأولى من المادة الثانية  من الإتفاقية  على أن ” لا تعد جريمة ، حالات الكفاح  بمختلف  الوسائل ، بما في ذلك  الكفاح  المسلح  ضد الإحتلال  الأجنبي  و العدوان  من أجل التحرر و تقرير  المصير، وفقا لمبادئ  القانون الدولي ، و لا تعتبر  من الحالات  كل عمل يمس  بالوحدة  الترابية  لأي  من الدول العربية .”

[22]أنظر وثيقة الأمم المتحدة الصادرة عن مكتب الجريمة و المخدرات اللمتضمنة  دراسة  حول تشريعات  مكافحة الإرهاب في دول الخليج العربي  و اليمن. https://www.unodc.org/documents/terrorism/Publications/Study_CT_Legislation_Gulf_Yemen/Arabic.pdf

[23]محمد عزيز شكري، الإرهاب الدولي،  دار العلم للملايين، بيروت ، لبنان، 1999، ص 42.

[24]منتصر سعيد حمودة ، الإرهاب الدولي ، جوانبه القانونية و وسائل مكافحته في القانون الدولي  العام و الفقه الإسلامي ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، مصر 2006، ص 300.

[25]محمد عزيز شكري، المرجع السابق، ص 37.

[26][26]محمد مؤنس محب الدين، تحديث أجهزة مكافحة  الإرهاب و تطوير أساليبها، مركز الدراسات و البحوث ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض ، المملكة العربية  السعودية،  2006 ، ص 80.

[27]عدل قانون المصري رقم 97 لسنة 1992 قانون العقوبات و الإجراءات الجنائية و هذا بإضافة  مجموعة  الجرائم  الخاصة  بالإرهاب إلى  المدونة العقابية .

لتفصيل أكثر  أنظر : محمد عبد اللطيف عبد العال، جريمة  الإرهاب  ، دار النهضة  العربية ، القاهرة ، مصر، 1994،  ص 54.

[28]مرسوم رئاسي رقم 92-44، مؤرخ في 09 فيفري 1992 يتضمن إعلان حالة الطوارئ ، جريدة رسمية عدد 10، منشورة بتايخ 09 فيفري 1992.

[29]مرسوم تشريعي رقم 92-03، يتضمن مكافحة الإرهاب و التخريب، مؤرخ في 30 سبتمبر1992، جريدة رسمية عدد 70، منشورة بتاريخ01أكتوبر  1992.

[30]أمر  رقم 95-11، مؤرخ في 25فيفري 1995، يعدل و يتمم الأمر  رقم 66-155، مؤرخ  في 08 جوان 1966 يتضمن قانون العقوبات ، جريدة رسمية عدد 11 منشورة 1مارس 1995.

[31]كما هو الحال بالنسبة للمشرع  الفرنسي  فلم يفرد أيضا قانونا خاصا  لمكافحة الإرهاب  إنما عالج هذه المسألة  ضمن نصوص قانون  العقوبات  و حدد حصرا  الاعمال  المشكلة للجريمة الإرهابية  و أخضعها  لقواعد أكثر صرامة .  و بموجب  القانون رقم 86-1020 لسنة 1986 يعرف المشرع الفرنسي الإرهاب  على أنه ” خرق للقانون ، يقدم  عليه  فرد من الأفراد ، أو تنظيم  جماعي  بهدف إثارة  إضطراب  خطير  في النظام العام  عن طريق التهديد  بالترهيب”.

1.5/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى