الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

الأسباب التي تدعو “نتنياهو – ترامب” لإنفاذ الاتفاق النووي الإيراني ؟

-المركز الديمقراطي العربي

إن أولى قائمة الأعمال الخاصة بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتمثل بتقرير كيفية المضي قدماً فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني. وفي الواقع، ومن دون أن تُضطر الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إعادة التفاوض أو إعادة هيكلة أي مسألة، يمكنها أن تمارس ضغوطاً كبيرة للتأثير على إيران.

وعلى الرغم من أن إدارة أوباما أعلنت أنها ستُخضع إيران للمساءلة والمحاسبة على جميع السلوكيات غير المشروعة للجمهورية الإسلامية، بما فيها الأعمال التي لا تزال قابلة لأن تخضع للعقوبات، مثل دعم الإرهاب، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وشراء الصواريخ البالستية ونشرها، إلا أنها لم تقم بذلك سوى بشكل متقطع.

وعلى العكس من ذلك، تخلت إدارة أوباما عن السرد لصالح طهران، التي نجحت في إقناع الكثير من الجهات في القطاعين الخاص والعام أنه في أعقاب تطبيق الاتفاق النووي، أصبحت تعمل في “بيئة ما بعد رفع العقوبات”.

وفي خطابٍ لـ محافظ “البنك المركزي الإيراني” أمام “مجلس العلاقات الخارجية” في نيسان/أبريل 2016، ادّعى ولي الله سيف أن “تطبيق الاتفاق بشكل فعال” يجب أن يتم “بطريقة يتم فيها تسهيل الأنشطة الاقتصادية والتجارية الإيرانية”.

إلا أن هذا التأكيد لا يعكس محتوى الاتفاق. فالولايات المتحدة لم تلتزم سوى ببذل “قصارى جهدها بنية حسنة” لمنع محاولات التدخل الرامية إلى عرقلة إعادة اندماج إيران في النظام المالي العالمي، في اعتراف ضمني بأن النتيجة لم تكن متوقفة كلياً على الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، يتعين على إيران أن تُثبت أنها أوقفت السلوك الذي جعلها “منبوذةً على الصعيد المالي”.

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن عدم إنفاذها للعقوبات المتبقية يهدد بإضعاف الامتثال للعقوبات المستقبلية، سواء ضد إيران أم في سياقات أخرى.

نشر “ذي هيل” مقال “ماثيو ليفيت” هو زميل “فرومر- ويكسلر” ومدير برنامج “ستاين” للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن والباحثة “كاثرين باور” هي زميلة “بلومنستين كاتس” في برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطنوالباحث” پاتريك كلاوسون” وهو زميل أقدم في زمالة “مورنينغستار” ومدير الأبحاث في معهد واشنطن حول قرار ترامب ونتنياهو إبقاء الاتفاق النووي في النهاية وفيمايلي نص المقال:

في الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المرجح أن يكون الزعيمان قد اتّفقا على ضرورة تحميل إيران مسؤولية أكبر على سلوكها غير الشرعي ومحاسبتها بشكلٍ أكثر صرامة مما كان عليه الحال في ظل إدارة أوباما.

فقد أعلن مؤخراً مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايكل فلين، الذي استقال من منصبه هذا الأسبوع، أنّ البيت الأبيض “يوجّه إنذاراً” لإيران بعد تجربتها الرابعة على الأقل للصواريخ البالستية منذ تطبيق الاتفاق النووي في كانون الثاني/يناير من العام المنصرم.

وبعد ذلك، فرضت الإدارة الأمريكية مجموعةً جديدة من العقوبات على الشبكات الإيرانية لشراء الصواريخ وعلى شبكةٍ لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني التي تقدم الدعم لـ «حزب الله» في لبنان.

إلّا أنّه بينما كان الزعيمان قد دعا في وقت سابق إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني، هناك إجماع متزايد في كل من إسرائيل وواشنطن على أنّ إعادة فتح الاتفاق سيسبب المزيد من الضرر أكثر من المنفعةً.

وفي لقائه مع ترامب، ليس هناك شك أنّ نتنياهو قد أعرب عن المخاوف الإسرائيلية من “أحكام الانقضاء” المندرجة في «خطة العمل المشتركة الشاملة»، والتي بموجبها سوف تبدأ القيود المتبقية على التخصيب الإيراني وتصدير الأسلحة بالزوال تدريجياً في وقت مبكر لا يتجاوز عام 2021.

إلّا أنّه من المرجح أن يكون الإثنان قد ركّزا نقاشهما على طرق تساعد على إنفاذ الاتفاق النووي كما هو لكن بصرامةٍ أكبر، مع مواجهة رعاية إيران الشرسة للإرهاب وغير ذلك من السلوك غير المشروعة وغير المرتبطة بالقضايا النووية.

وفي دراسةٍ جديدة نشرها معهد واشنطن عمد كتاب هذه المقالة إلى النظر في دور العقوبات في تقييد اعتداءات إيران الإقليمية وعرقلة إرهابها العالمي وشبكات غسل الأموال والمشتريات الخاصة بها.

وقد اقترح الكتاب في هذا الصدد مقاربةً متعددة الأوجه تبدأ باسترجاع السيطرة على سردية الاتفاق لفضح مزاعم إيران الكاذبة بأن العالم يعيش حالياً في “عصر ما بعد العقوبات”.

وفي الواقع، تبقى العقوبات أداةً صالحة وقوية لمواجهة إيران في انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وتجاربها للصواريخ البالستية. وقد خشيت إدارة أوباما من أنّ استخدام هذه الأدوات في فترة ما بعد الاتفاق مع إيران من شأنه أن يقوّض استمرارية نفوذه، إلّا أنّ الهدف من الاتفاق لم يكن قطّ إعطاء إيران الضوء الأخضر في أعمالها غير النووية الماكرة.

ومن المرجح أن يكون نتنياهو وترامب قد اتفقا تماماً على ضرورة إنفاذ التزامات إيران المنصوص عليها في الاتفاق والدفع نحو فرض عقوباتٍ إضافية على الأعمال غير الشرعية خارج نطاق الاتفاق. وبالطبع، تكون العقوبات المحسنة أكثر فعاليةً إذا تناسبت وترافقت مع إجراءاتٍ دبلوماسية وعسكرية واستخبارية ضمن حملةٍ منسقة ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.

وبالمثل، تكون العقوبات أكثر فعاليةً عندما يتم تبنيها من قبل تحالف دولي. ويتمثل التحدي الذي يواجه نتنياهو وترامب في كيفية إقناع المجتمع الدولي الأوسع بالتكاتف ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.

إلّا أنّه ليس لدى الشركاء الأوروبيين على وجه الخصوص مصلحةً في إعادة التفاوض حول الاتفاق أو اتخاذ أي إجراءٍ رداً على أنشطة إيران الإقليمية. وتأمل معظم الدول الأوروبية باستمرار استفادة شركاتها من الروابط المالية والتجارية المتجددة مع إيران، لكن مع الحفاظ على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على الجناح العسكري الخاص بـ «حزب الله» وعلى الإيرانيين المنخرطين في انتهاكات حقوق الإنسان، بحيث تشمل «الحرس الثوري» الإيراني.

وتماشياً مع واقع هذه القيود المستمرة، من المرجح أن تتفق إسرائيل وواشنطن على ضرورة التشديد على شركائهما الأوروبيين على وجه الخصوص على أنّ تصرفات إيران غير المشروعة هي السبب وراء استمرار العقوبات.

وتسهم إيران في هذا الجهد من خلال انخراطها في خطواتٍ استفزازية مثل تجربة الصواريخ ودعم هجمات الحوثيين على البواخر. وبالفعل، لم تلتزم إيران بتاتاً بوقف النشاط غير النووي الماكر ولم توقفه في الواقع.

وكما قال نائب وزير الخارجية الإيراني وأحد كبير المفاوضين الإيرانيين حول الاتفاق النووي عباس عراقجي، “خلال المفاوضات النووية، أعلنا بوضوح أنّ مسائل الأمن والدفاع والصواريخ البالستية وسياساتنا الإقليمية غير خاضعة للتفاوض وغير مرتبطة بالمحادثات النووية”.

وسيكون التركيز على السلوك الإيراني الذي ينتهك القواعد الدولية الوسيلة الأكثر فعاليةً لجذب الدعم المتعدد الأطراف. كما أن إظهار العزم الدولي على محاسبة إيران على نشاطاتها غير النووية الماكرة من الأرجح أن يساهم في استعادة احترام إيران لقيود الاتفاق نفسه.

ولكن على الرغم من امتعاض رئيس الوزراء نتنياهو من الاتفاق النووي مع إيران،يرى الباحثيين من غير المرجح أنه قد اقترح على الرئيس ترامب إفساخه، الأمر الذي ربما قد فاجأ الرئيس الأمريكي.

وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يكون نتنياهو قد دعا ترامب إلى إنفاذ الاتفاق إلى أقصى حدّ. وبعد “توجيه إنذارٍ” لإيران، يبدو أنّ البيت الأبيض في عهد ترامب على استعداد للقيام بهذه الخطوة .

وقد نشر معهد واشنطن في وقت سابق “ملخص تنفيذي” للباحثيين “كاثرين باور, پاتريك كلاوسون, و ماثيو ليفيت” حول تعزيز دور العقوبات في تقييد إيران حيث يرى الباحثيين:

إن الطريقة الأمثل لوفاء إدارة ترامب بالتزامها بإصلاح الضرر الناتج عما وصفه الرئيس الأمريكي بالنهج “الكارثي” الذي اعتمدته إدارة أوباما تجاه إيران في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني تتضمن مقاربةً متعددة الجوانب وهي:

·         استعادة السيطرة على السرد المرتبط بالاتفاق النووي لفضح مزاعم إيران الزائفة؛

·         تنفيذ إلتزامات إيران وتطبيقها بالكامل بموجب الاتفاق؛

·         فرض العقوبات المتبقية على إيران؛

·         المضي قدماً بفرض عقوبات إضافية على السلوك الإيراني غير المشروع خارج إطار الاتفاق؛ و

·         فرض عقوبات نسبية على إيران عندما لا تمتثل لأجزاء من الاتفاق النووي.

 وبخلاف نهج “تفكيك الاتفاق”، الذي يلقي عبء المسؤولية على عاتق الولايات المتحدة وقد يُكسب إيران دعماً سياسياً في عواصم أخرى، يمكن أن تحظى هذه المقاربة بتأييد دولي لموقف أكثر صرامةً تجاه إيران من أجل فضح الأنشطة الإيرانية المؤذية وتعطيلها.

ويشير مراقبون مطلعون إلى أن “اللجنة المشتركة” اتخذت العديد من القرارات الأخرى بالإضافة إلى تلك التي تمّ نشرها في كانون الأول/ديسمبر، تمشياً مع التزامها بمراجعة خطط إيران حول العديد من القضايا والموافقة عليها.

وقد لعبت كل من هذه القرارات دوراً إما في إبقاء إيران ملتزمة إلى حدّ كبير بشروط “خطة العمل المشتركة الشاملة” أو في منحها تنازلات تتخطى الحدود المتفق عليها خلال المفاوضات النووية – علماً بأن النتائج الفعلية لا تزال مجهولة.

وفي ظل غياب أي معلومات حول هذه القرارات، لا يمكن للمراقبين أن يصدروا أحكاماً مستنيرة حول ما إذا كان الاتفاق النووي يسير كما هو مفترض أو أنه أصبح عامل إبطاء صغير في مسيرة إيران نحو تطبيق برنامج نووي ضخم ومقلق.

من المستحيل إصدار أحكام مستنيرة بشأن كيفية سير الاتفاق النووي ما لم تتوافر معلومات كافية. فحين تبرز معلومات مهمة من خلال التسريبات فقط، وحين تُظهر هذه التسريبات أن إيران تكتسب تنازلات غير مدرجة في نص “خطة العمل المشتركة الشاملة”، لا بدّ أن تتمثّل النتيجة بتأكيد الشكوك حيال الاتفاق ووقف أي ادعاءات بأنه يسير على ما يرام.

وقد تَفاقم انعدام الشفافية بفعل نقص المعلومات من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” ما بعد التنفيذ. فلم تعد الوكالة توفّر بيانات حول حجم اليورانيوم المخصّب الذي تنتجه إيران كل شهر، ومخزونها الحالي من اليورانيوم المنخفض التخصيب، وحجم خام اليورانيوم (الكعكة الصفراء) الذي تنتجه مناجمها، أو مخزونها القائم من سادس فلوريد اليورانيوم.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى