الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةتقدير الموقف

نظرة علي أفريقيا : هل تحقق حلم الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية؟

اعداد : السفير بلال المصري – سـفـيـر مـصـر الـسابـق في أنجولا وساوتومي والنيجر

 – المركز الديمقراطي العربي

 

إن من ينظر إلي التاريخ الحديث لأفريقيا في فترة ما بعد التخلص من الإستعمار وموجة الإستقلال العالية التي وصلت إلي كل الأقطار الأفريقية في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي ٬ ليجد نفسه مُستغرقاً في التأمل وتحاصره أسئلة مختلفة منها : هل أفريقيا الحالية في الألفية الثالثة هي تلك التي حلم بها الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية في أديس أبابا عام 1963 بمشاركة رؤساء 30 دولة أفريقية مُستقلة كان أغلبهم  قادة لحركات التحرير التي كافحت من أجل الإستقلال ووقعوا علي ميثاقها في 26 مايو1963 علي أمل أن يفي هذا الميثاق بطموحاتهم وتطلعات شعوبهم ؟ الإجابة بإختصار : لا  ٬ فبمرور الزمن وبالرغم من أن منظمة الوحدة الأفريقية لم تصل بدولها إلي عتبة أي من نماذج الوحدة٬ إلا أنه وعلي الرغم من هذه الحقيقة إتخذ رؤساء 55 دولة أفريقية عضو بمنظمة الوحدة الأفريقية في 9 يوليو 2002 قراراً بإعلان الإتحاد الأفريقي ٬ ليحل محل المنظمة القائمة علي غرار الإتحاد الأوروبي ٬ وفي فبراير 2009 وفي إجتماع الجمعية العامة للإتحاد الأفريقي الذي رأسه الزعيم الليبي معمر القذافي أعلن عن حل لجنة الإتحاد الأفريقي ليحل محلها ” سلطة الإتحاد الأفريقي ” ربما تأكيداً لعزم القادة الأفارقة علي الإتجاه نحو الوحدة العملية بين دولهم ٬ لكن هذا الإستبدال وإن إعتبره كثيرون من الوجهة المعنوية تعبيراً عن مشاعر صادقة إلا أنه يواجه نفس العقبات التي واجهت منظمة الوحدة الأفريقية ٬ مع الوضع في الإعتبار أن منظمة الوحدة الأفريقية كان معظم رؤساء الدول الأعضاء بها زعماء حركات التحرير ومن ثم كانت لديهم إرادة صلبة نسبياً في تحدي قوي الإستعمار التقليدي التي لم تكف عن التدخل في الشئون الداخلية للدول التي إستقلت عنها وهناك حالات عديدة مختلفة أثبتت ذلك كحالة بلجيكا مع الكونجو ليبولدفيل (كينشاسا) والبرتغال مع أنجولا ٬ لكن وللأسف كان يقلل من هذه الإرادة الصلبة إنحياز قادة حركات التحرير إما للإتحاد السوفيتي ودول حلف وارسو أو للولايات المتحدة وحلفاءها٬ ومن ثم عملت الكيمياء السياسية علي تناقص تدريجي في إستقلال وسيادة الدول الأفريقية٬ صحيح أنه من غير اليسير علي البعض الإعتراف بهذه الحقيقة ٬ إلا ان الحقائق العارية غالباً ما لا تحتاج لإعتراف حتي وإن أنكرها هؤلاء أو هؤلاء ٬ وهو موقف مُشابه تماماً لإنكار أحدهم شروق الشمس  .

لقد حدثت تحولات مختلفة في سياسات الدول الأفريقية بعد إنهيار وتفكك الإتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991 وبعد إنحلال حلف وارسو في يوليو1991 , فعلي سبيل المثال نجد أن أنجولا التي بدأت الحرب الأهلية فيها في نوفمبر 1975 وأنتهت بتوقيع أطرافها في 4 أبريل علي مذكرة تفاهم Luena  ٬ تخلت عن النهج الإشتراكي الذي كانت تتبناه ٬ إلا أن تنافساً جديداً إقتصادياً في المقام الأول بدأ فيها ومستمر للآن  بين الصين والولايات المتحدة حل محل المواجهة الإيدولوجية والعسكرية والإقتصادية كتلك التي كانت إبان الحرب الأهلية الأنجولية بين الإتحاد السوفيتي وكوبا من جانب والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين وجنوب أفريقيا من جانب آخر فالصين حالياً تتأرجح بين كونها أول أو ثاني أكبر مستورد للبترول الأنجولي الذي بلغت ذروة إنتتاجه 2 مليون برميل / يوم ٬ كما أنها تزحف إقتصادياً وبقوة منتظمة نحو إقتصاديات الدول الأفريقية الأخري كحالتها مع موزمبيق مثلاً ٬ وهي تنفذ إستراتيجية إقتصادية دقيقة إذ مثلاً تجدها وفقاً لهذه الإستراتيجية قد قسمت القارة علي أسس جغرافية ولغوية فهي أنشأت منتدي للتعاون الإقتصادي الصيني مع الدول الناطقة بالبرتغالية  CPLP وأنشأت بنك للإستثمار يعمل فيما بينهم لتمويل مشروعات مشتركة بناء علي خطة طويلة الأمد ٬ والصين وهي تتحرك إقتصادياً نحو أفريقيا تفتح لنفسها مساراً حراً إذ أنها لا تُلزم نفسها بمعايير حقوق الإنسان والديموقراطية والحوكمة والحريات الدينية ..ألخ ٬ خلافاً لما تحرص القوي الغربية وفي صدارتها الولايات المتحدة من إظهار التمسك بهذه المعايير هنا والتخلي عنها هناك وذلك تحت ضغوط نسبية تمارسها جماعات الضغط البرلمانية والمنظمات غير الحكومية بها بالتوازي مع ضغوط أخري للخارجية والكونجرس والبنتاجون ٬ ولهذا تحركت الصين بسرعة أكبر نسبياً من الولايات المتحدة في إقتصاديات الدول الأفريقية وكان لذلك أسباب رئيسية منها أن الولايات المتحدة مازال لجماعة الضغط البترولية في Houston قوة نسبية في الضغط والتأثير علي سياستها الأفريقية مما جعل البترول يكاد أن يكون هو المجال الإقتصادي الوحيد الذي تركز عليه الولايات المتحدة بالقارة ٬ يأتي بعد ذلك النمو البطئ والنتائج المحدودة لتطبيق وإستفادة الدول الأفريقية المُؤهلة للإنضمام لقانون الفرصة والنمو في أفريقيا AGOA والتي كانت موضوعاً لإنتقاد رؤساء أفارقة بل وباحثين مثل Manuel Ennes Ferreira بالمعهد العالي للإقتصاديات والإدارة بلشبونة الذي أشار إلي أن الوزن المحدود للتجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا مرده السياسات الإنعزالية الأمريكية التي مازال لها أثر عملي سلبي يعوق إستفادة أفريقيا من قانون الفرصة والنمو الأفريقي AGOA ٬ وهناك أيضاً إنخفاض الإستثمارات غير البترولية الأمريكية في القارة الأفريقية ٬ كما أن مبادرات أمريكية كمبادرة الألفية ومكافحة الملاريا والإيدز في عهد الرؤساء كلينتون وبوش تظل   محدودة الأثر لأنها تُطبق مع وجود مؤسسات إقتصادية وصحية متداعية في أفريقيا ,كما أن الواقعية والعملية مُضافاً إليهما الإعتراف العملي من قبل الصين  بحيوية وتأثير الفساد المؤسسي المُستشري في أفريقيا والتعامل الودي معه كان له دور في دفع  التحرك الصيني للأمام بالقارة الأفريقية وهوما صبغ الاستراتيجية الصينية في القارة بلون قاتم ودعا البعض – وهو مُحق –  لوصف الصين بالعضو الجديد في فريق الإستعمار الجديد ٬ إلا أن هذا لا يدعونا إلي تجاهل حقيقة أن للقوي الدولية المنافسة كالولايات المتحدة وفرنسا علي وجه التعيين ألوان لا تقل قتامة عن اللون الصيني ٬ يُضاف لكل ذلك أن الصين وهي تتابع عن كثب الأزمات التي تطرأ في علاقات الولايات المتحدة و/ أو حلفاءها الأفارقة تبادر بالوثوب إلي هذه الدولة أو الدول لتشغل المساحة موضوع الأزمة سواء أكانت مساحة سياسية أو إقتصادية أو مزيج منهما٬  وكمثال عملي علي ذلك٬ أشير إلى الأزمة التي نشأت عن مطالبة أنجولا للدول المانحة بعقد مؤتمر للمانحين لإعادة إعمارها بعد إنتهاء الحرب الأهلية الأنجولية 1975- 2002 وتسويف المانحين ثم رفضهم لعقده ٬ ورداً علي ذلك وفي فبراير 2004 أدلي وزير خارجية أنجولا بتصريح لوكالة IRIN عقب عودته من نيويورك أوضح فيه أن المجتمع الدولي ومؤسساته المانحة يمارسان تمييزاً ضد أنجولا التي تطالب بعقد مؤتمر للمانحين لمساعدتها علي مواجهة تبعات الحرب الأهلية الطويلة التي خاضتها مُشيراً إلي أن أنجولا كانت تأمل في أن تحظي بذات المعاملة التي تلقتها دول أخري مرت بظروف مشابهة ( كالعراق وأفغانستان آنئذ) ٬ ثم كرر أمين عام وزارة الخارجية نفس المعني أثناء حضوري حفل إفتتاح المبني الجديد للسفارة الأمريكية في لواندا في 14 أكتوبر 2005 عندما قال ضمن كلمته ” إن هناك ضرورة لعقد مؤتمر المانحين لإعادة إعمار أنجولا ” ٬  وذلك بالرغم من أن الرئيس الأنجولي أعلن في 30 سبتمبر 2005 ضمن كلمته أمام اللجنة المركزية لحزب MPLA الحاكم الذي يرأسه  ” أن ممثلي اللجنة التنفيذية للإتحاد الأوروبي أخبرونا أنه لم يعد من الضروري عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أنجولا ٬ لأن أنجولا لديها موارد معدنية , لذا أيها السادة علينا أن نخطو خطواتنا ٬ وهذا هو السبب الذي يدعونا لتوثيق تعاوننا الثنائي والإستثمارات الخاصة لإعادة تأهيل بنانا الأساسية ” ٬ وكان هذا الموقف من الأوروبيين ومن الولايات المتحدة بالتحديد بمثابة الإشارة السلبية الرئيسية لإنتقال النفوذ الإقتصادي الصيني المضطرد في أنجولا إلي مرحلة مثيرة للقلق للولايات المتحدة وحلفاؤها إذ في حديث هاتفي أجرته في 15 مايو 2007 وكالة الأنباء البرتغالية مع Frank G .  Wisner المبعوث الأمريكي لكوسوفو ونائب مدير المجموعة الأمريكية الدولية وأحد رؤساء لجنة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ٬ أوضح  بشأن التحرك الصيني في أفريقيا وأنجولا قوله ” أن الولايات المتحدة وكما أشار تقرير أمريكي عنوانه ” أولويات العلاقات الأنجولية الأمريكية ” فإن المنافسة الصينية لابد لها أن تكون في بيئة من الشفافية ووفقاً لقواعد اللعبة ٬ وأن الولايات المتحدة ليست بقلقة من الوجود أو المنافسة الصينية في أنجولا لكنها ودت لو أن معاملات أنجولا والصين إتسمت بالشفافية ” وأشار Wisner ” أن مجموعة العمل التي كُلفت بوضع التقرير المُشار إليه أهابت بالحكومة الأمريكية بالإضطلاع بمسئوليتها بإجراء حديث مع جمهورية الصين الشعبية في هذا الشأن ٬ لأن الولايات المتحدة والصين لهما مصالح في أفريقيا وأنجولا ولابد من البحث عن سبيل لموائمة هذه المصالح والتعاون وتبادل الخبرات ” ٬ ولذلك كانت أزمة رفض عقد هذا المؤتمر هي المفتاح للولوج إلي باب التعاون الصيني / الأنجولي الذي فتحته أنجولا علي مصراعية وعقبه فتحت بكين خطوط إئتمان متنوعة ومتتابعة لتمويل إعادة الإعمار بأنجولا وظفرت بالمساحة الأوسع في الإقتصاد الأنجولي بل ولقد نحت الدول الناطقة بالبرتغالية بأفريقيا PALOP منحي أنجولا ففتحت نوافذ وأبواب إقتصادها للصين ٬ من جهة أخري كان لإنسحاب قوي دولية أخري كروسيا من أفريقيا لأسباب متنوعة منها الإندفاع الصيني للقارة وإنقطاع خطوط إتصال رئيسية كانت تربط موسكو إبان العهد السوفييتي بمجموعة كبيرة من الدول الأفريقية التي تبنت المنهج الإشتراكي وطبقته في إقتصادياتها الموجهة مما يسر النفاذ الإقتصادي السوفيتي إلي هذه الدول وبأمر مباشر من القادة الأفارقة فوُقعت إتفاقيات التجارة المُتكافئة التي كانت عبارة عن مقايضات سلعية كانت في الواقع ثقوب في إقتصاديات الدول الأفريقية ٬ وبسقوط الإتحاد السوفيتي عام 1991 وذوبان العقيدة الشيوعية وإنحلال حزب وارسو رسمياً في يوليو 1991 والذي يمثل  الحائط العسكري والأمني المحيط بالإتحاد الروسي إنصرف إهتمام موسكو إلي تأمين عملية التحول الإقتصادي داخلها من الإقتصاد المُوجه لإقتصاد السوق٬  كما كان عليها تأمين الجوار المباشر والإستراتيجي لها والذي كانت تمثله الدول أعضاء حلف وارسو المُنحل وهي مهمة إستغرقت إهتمام العسكرية والإقتصاد الروسي٬ وما أزمة أوكرانيا وقضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلا تحديداً للمساحة التي حتمت علي روسيا إيلاء الجزء الأعظم من إهتماماتها بها ومن ثم جهدها العسكري والإقتصادي ٬ وبناء عليه فقد كانت المساحة التي إنسحب منها السوفييت في أفريقيا نهباً للصراع المُحتدم بين الولايات المتحدة والصين التي وضعت علي رأس قائمة أهدافها الإستراتيجية إحكام تنفيذ إستراتيجية الطاقة الصينية خاصة فيما يتعلق بالبترول واليورانيوم ٬ ولهذا نجدها تبحث عن الطاقة في أفريقيا لكن في أجواء صراع مُستمر مع شركات البترول الأمريكية والغربية للحصول علي إمتيازات البحث والإستكشاف والتنقيب والإستغلال ٬ وقد نجحت في ذلك إلي حد كبير فللصين إمتيازات في دول أفريقية بترولية عديدة أهمها دول لجنة خليج غينيا الثماني ومنها أنجولا ونيجيريا وخارج هذه المنطقة للصين تواجد بترولي أيضاً في تشاد وجنوب السودان ودول أفريقية أخري ٬ أما في مجال اليورانيوم فقد نجحت الصين أيضاً في كسر إحتكار فرنسي دام لأربعين عاماً في إستغلال يورانيوم شمال النيجر فظفرت بإمتياز البحث عنه وإستغلاله في منطقة Agadem بالنيجر  لتأمين تموين مفاعلاتها النووية بالكعكة الصفراء Yallow Cack بل وقد أقامت الصين مصفاة بترول بمدينة Zender بالنيجر تنتج 20,0000 برميل يوم من بترول هذا البلد لأول مرة في تاريخه .

تعد فرنسا المنافس الأكثر خطورة علي إستراتيجية النفاذ الصيني  للقارة الأفريقية ٬ فهي  تحافظ علي توازن تجاري نسبي مع الدول الأفريقية المتحدثة بالفرنسية من خلال إرتباطها نقدياً مع نحو 16 دولة أفريقية تتعامل بالفرنك الأفريقي F  CFA المُرتبط نقدياً بالفرنك الفرنسي ٬ يليها دول الإتحاد الأوروبي فبعض هذه الدول يمثل وإن بدرجات متفاوتة منافس للصين في القارة الأفريقية , ومما لاشك فيه فقد أدي الصراع الإقتصادي بين القوي الدولية المختلفة إلى إستقطاب داخل القارة الأفريقية كان له تأثير سلبي علي العلاقات الثنائية الأفريقية وعلي أداء الإتحاد الأفريقي نفسه ودرجة تحقيقه لأهدافه إذ أن هذا الإتحاد الذي يفتقد إلي التمويل الكافي لتحقيق أهدافه التي عملياً وواقعياً تتجاوز إمكانياته ٬ نفذ إليه الصراع الدولي والإقليمي من باب التمويل الخارجي فنجد الولايات المتحدة والصين والإتحاد الأوروبي وكندا وتركيا وإسرائيل (التي تنشط حالياً في تطبيق إستراتيجية صلبة ومتماسكة للنفاذ في القارة الأفريقية تفتقدها الدول أعضاء جامعة الدول العربية صاحبة مشروع التعاون العربي المُشترك) كل هذه القوي إهتمت بالحصول علي صفة “المراقب” بالإتحاد الأفريقي لإدارة علاقاتها الثنائية بالدول الأفريقية من داخل النطاق الأكبر الجامع لها  وهو ما يمكن وصفه بالحصار المُحكم ٬ إذ أنه في النهاية يجب الإعتراف بأن القطرية والتمسك بالسيادة الوطنية أو القومية هو المفهوم المعمول به في أفريقيا للآن ٬ فالإتحاد الأفريقي الذي يعتمد علي الدول المانحة لعمليات حفظ السلام الأفريقية وتمويل بعض المشاريع التي تنفذ علي نطاق إقليمي كالطرق القومية العابرة للحدود والتي طُرحت في مؤتمرات رعتها الأمم المتحدة كالمؤتمر الدولي للسلام والأمن في البحيرات العظمي ٬ مازال   غير مستطيع بمفرده النهوض بتمويل أهدافه ٬ مما حدا به إلي التيمم شطر المانحين للوفاء بإحتياجاته التمويلية منهم وهم في الغالب قوي الصراع الرئيسية علي النفوذ بأفريقيا .

هناك ثمة علاقة بين الصراع الإقتصادي بين القوى الدولية في أفريقيا والأوضاع السياسية بالقارة٬ فهذا الصراع أدي تلقائياً إلى إستقطاب دولي تداخل مع الصراعات الداخلية بالدول الأفريقية٬ كالصراع في جنوب السودان والصومال وشمال نيجيريا الذي إمتد إلي دول حوض بحيرة تشاد ٬ وكذلك مع النزاعات التي بين الدول الأفريقية وبعضها البعض ومن أهمها نزاعات الحدود والأنهار ومثالها الخلاف المصري / الإثيوبي بسبب الإتفاق الإطاري لمياه النيل الذي ينكر علي مصر حقوقها التاريخية في مياه النهر وبناء إثيوبيا لسد النهضة علي النيل الأزرق مما سيُؤثر علي حصتها الثابتة بموجب إتفاق الإنتفاع الكامل من مياه النيل مع السودان عام 1959 والذي لا تعترف به دول الحوض الأخري ٬ وكذلك هناك خلافات بشأن نهر النيجر …ألخ ؛ هذا التداخل يعمل بالطبع لصالح القوي الدولية المتصارعة فعلي سبيل المثال نجد أن الصراع في الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر تديره القوي الدولية لصالحها في الغالب الأعم بربطه بقضايا خلافية بينها وبين المغرب والجزائر٬ ولذلك نجد أن قضية الصحراء يتم من خلالها تسوية غير مباشرة لهذه الخلافات ٬ كما أن مواقف القوي الدولية غالباً ما نجد لها ترجمة إقتصادية في عقود الفوسفات والصيد في المياه الإقليمية لإقليم الصحراء الغربية المغربي ألخ؛ كما أن عقود البترول والغاز الجزائري والتعاون الأمني مع الجزائر فيما يُطلق عليه الإرهاب في محيطها الأمني الخطر في دول الصحراء الكبري٬ التي تعتبر الصحراء الجزائرية إمتداد لها٬  كذلك نجد الصراع في كابيندا الذي نشأ قبيل إستقلال أنجولا في نوفمبر 1975 بين جبهات التحرير المختلفة التي أسست داخل الإقليم وخارجه يتداخل مع رغبات القوي الدولية ٬ ففرنسا تحتضن علي أراضيها حكومة كابيندا في المنفي كما أن الولايات المتحدة بالرغم من أنها لم تضع جبهة تحرير كابيندا علي لائحة المنظمات الإرهابية إلا أنها في نفس الوقت لم تدع إلي تدويل هذا الصراع مُبقية إياه في نطاقه المحلي كشأن أنجولي داخلي وهو ما يتفق تماماً مع الإستراتيجية الأنجولية بشأن الصراع في كابيندا٬ فيما دولت الولايات المتحدة في نفس الوقت الصراع في جنوب السودان 1955 – 2005 ٬ فشركتي بترول خليج كابيندا الأمريكية و Chevron  ظلتا منذ أن تواجد الفيلق الكوبي بكابيندا مدعوماً من السوفييت لمواجهة التمرد الكابيندي علي حكومة حزب MPLA الحاكم تنتجان البترول من هذا الإقليم الذي يساهم حالياً بنحو 755% من إنتاج أنجولا البترولي البالغ حوالي 2 مليون برميل / يوم ٬ إذ أن المصالح البترولية الأمريكية في أنجولا نأت عن قضية الصراع والتمرد في كابيندا بإتفاق مُشترك غير مكتوب بين حكومة  MPLA الإشتراكية والولايات المتحدة وبالطبع فقد توطدت العلاقات البترولية الأمريكية الأنجولية بعد إنتهاء الحرب الأهلية الأنجولية بل وتوسعت فأُضيفت إليها علاقات عسكرية (القيام بتدريبات عسكرية مُشتركة علي الأراضي الأنجولية) وسياسية متينة بل لقد أيدت الولايات المتحدة تمدد الدور السياسي والعسكري الأنجولي إلي الإقليم المحيط  بها فلعبت وتلعب أنجولا أدواراً مهمة في كينشاسا دعما لكابيلا وتدعم الرئيس  Obiang في غينيا الإستوائية وموجابي في زيمبابوي ودعمت جباجبو في ساحل العاج في نزاعه مع الحسن واتارا بالرغم من الدعم الفرنسي للأخير٬ إذ أن الدور الأنجولي في نزاع ساحل العاج كان مُؤسساً علي رغبة أنجولية في الإنتقام من الفرنسيين بسبب دورهم في الحرب الأهلية الأنجولية وإرتباط ذلك بما يُسمي بقضية Falcon Gate .

العمق الذي إتسمت به التداخلات والتدخلات الدولية في أفريقيا ٬ كان له بلا أدني شك علاقة بضعف أداء الإتحاد الأفريقي ومؤسساته ٬ وعلي سبيل المثال نجد أنه وبالرغم من أن هناك ثمة علاقة مؤسسية بين الإتحاد الأفريقي والتجمعات والمنظمات الإقليمية الناشئة علي أسس سياسية أو إقتصادية أو لغوية أو نهرية أو علي أكثر من أساس من هذه الأسس ٬ إلا أن إنشاء هذه التجمعات يُعتبر من زاوية أخري للنظر إعلاناً غير مباشر عن محدودية طاقة أو قدرات منظمة الوحدة الأفريقية وبعدها الإتحاد الأفريقي في تحقيق أهدافه المُعلنة ٬ فوجود هذه التجمعات ومثالها تجمع  SADCوECWAS وCOMESA وCEEAC و تجمع دول حوض بحيرة تشاد ألخ كان بناء علي هذه النظرة خصماً من دور وأداء الإتحاد الأفريقي إذ أن أهداف هذه التجمعات هي  نفسها التي وردت في خطة عمل Lagos للتنمية الإقتصادية لأفريقيا المُعلنة في لاجوس في أبريل 1980 والتي تغطي الفترة من 1980 وحتي  2000 ومن بعدها مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا NEPAD التي إقرها الإتحاد الأفريقي في يوليو عام 2001   والتي بدأت في عام 2004 تواجه صعاب تمويلية عرقلت من تقدمها وتنفيذ مشاريعها , كذلك وعلي الصعيد العسكري للإتحاد الأفريقي فبالرغم من وجود كيان به لحفظ السلام إلا أننا نجد أن هذه التجمعات تضطلع بأدوار عسكرية أوسع لكن علي أساس من فرض لا حفظ السلام ٬ والحالة الأخيرة في هذا هي حالة القوة متعددة الجنسيات Multinational Joint Task Force التي كونتها نيجيريا عام 1994 ثم توسعت فأصبحت حالياً تضم دول حوض بحيرة تشاد لمواجهة جماعة بوكو حرام وهي القوة التي من أجلها عُقد مؤتمر للمانحين الدوليين في أديس أبابا في 3 فبراير 2016 لدعمها بنحو 250 مليون دولار ٬ كما أن الأمم المتحدة هي الأخري لها تدخلات واضحة في الصراعات الأفريقية المفتوحة ومنها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان UNMISS والبعثة الهجين في دارفور UNAMID المكونة بقرار من مجلس الأمن الدولي في 31 يوليو2007من قوات تابعة للأمم المتحدة وللإتحاد الأفريقي ٬ وإذا لم نصف تداخلات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية بأنه إضعاف لدور الإتحاد الأفريقي فإنه علي الأقل إزدواج في المهام ٬ وتعمل عواصم الدول الأفريقية التي بها مقار لهذه المنظمات الإقليمية علي تنمية هذا التداخل والتدخل لتعزيز المكانة السياسية لدولة المقر ٬ بالإضافة إلي الإستفادة من إحتضان المقر للحصول علي منافع مالية ووظيفية لمواطنيها٬ صحيح أن المنظمات الإقليمية الأفريقية تقوم بأدوارها بالتنسيق وأحياناً بالتضافر مع الإتحاد الأفريقي إلا أن كلاهما لأنهما يفتقدان إلي التمويل والدعم السياسي فإنهما بحاجة للمانحين الدوليين مع علمهما بمدي تدخلهم السياسي٬ وعند هذه النقطة يفقد الإتحاد الأفريقي إستقلاله السياسي كمنظمة قارية ٬ وربما  ومن خلال عقد مقارنة بين الإتحاد الأفريقي ومنظمة الدول الأمريكية يمكن إلقاء مزيد من الضوء علي أوجه القصور في الإتحاد الأفريقي .

من بين القضايا التي تظهر حالة الإستقطاب الدولي التي يمكن وصفها بالصراع بين القوي الكبري في أفريقيا هي العلاقات القائمة بين قضية الديموقراطية وقضايا كالتنمية والإستقرار السياسي في أفريقيا وإنعكاس ذلك لاحقاً بالضرورة علي أداء الإتحاد الأفريقي ٬ فعلي سبيل المثال فقط أشير إلي أن أكبر مهددات الديموقراطية الأفريقية تكمن في تضافر عاملين معاً هما تطلع المؤسسات العسكرية الأفريقية  لأداء دور سياسي حاسم والتأثير الحتمي لناتج العلاقات السياسية والإقتصادية للدول المانحة مع دول القارة الافريقية ٬ ولقد حضرت في نيامي عاصمة النيجر في الفترة من 29 وحتي 31 مارس 2011 ندوة عنوانها ” الجيش والسلطة السياسية في الحكم الديموقراطي بالنيجر” ومما ورد في أحد مداخلاتها وتؤكد دور الجيوش الأفريقية الهدام في الحياة السياسية والديموقراطية معاً ٬ أنه في الفترة ما بين 1952 و1989 التي بدأ فيها سقوط الكتلة الشرقية سُجل 53 إنقلاب عسكري في الدول الأفريقية ٬ وفي الفترة ما بين 1989 وحتي 2011 سُجل 22 إنقلاب عسكري بل إن جزر القمر وحدها ومنذ إستقلالها شهدت رقماً قياسياً في الإنقلابات العسكرية بها بلغ من 15 إلي 18 إنقلاب فيماعانت دول غربي أفريقيا من 35 إنقلاب عسكري ٬ وأن دولة كبنين وحدها أُصيبت منذ عام 1990 بميكروب الإنقلابات العسكرية 12 مرة ووقعت بين أيدي 12 رئيس عسكري٬ ويُستثني من الإنقلابات العسكرية منذ الإستقلال كل من السنغال وبوتسوانا وجزر موريشيوس٬ وبالطبع فإن هذه الإنقلابات حولت أفريقيا إلي بؤرة من بؤر عدم الإستقرار السياسي٬ وكان لذلك أشد الضرر علي البرامج إستكمال وتنفيذ الخطط الإقتصادية علي المستوي القومي وعلي الإستقرار الدستوري والثقافة الدستورية ٬ وعلي إنتظام الشرائح الإجتماعية والهرمية التقليدية بها   Hierarchy ٬ إذ تبوأ العسكر أعلي الهرم الإجتماعي مما أضر بالإستقرار الديموجرافي وهو ما أثر أيضاً علي العلاقات البينية بين الدول الأفريقية والإتحاد الأفريقي ٬ إذ كيف يمكن للدول الأفريقية الأعضاء بالإتحاد الأفريقي أن تحقق إستقراراً في القارة وكل دولة منها إما أن رئيسها عسكري إنقلابي أو مُهددة بذلك٬ وإن فُرض وأن حققت هذه الدولة الأفريقية أو تلك منسوباً ما من الديموقراطية يتيح لها عملية إنتخابية حقيقية بالمعايير الدولية٬ فإن الظل القاتم للمؤسسات العسكرية الأفريقية يمكنه أن يصل في أي وقت إلي مؤسسة الرئاسة بل وأحياناً للبرلمان ليمنع وصول آشعة شمس الديموقراطية ٬من جهة أخرى٬ فقد أصبحت المؤسسات العسكرية الأفريقية بعد إقامة الولايات المتحدة (وقبلها لكن بآليات أخري) لقيادتها العسكرية.

لأفريقيا AFRICOM إتصالات مفتوحة مع العسكريين الأمريكيين وهي محل خشية وتوجس من بعض القادة الأفارقة كالرئيس الأنجولي Dos Santos ؛ وعليه فإن قضية الديموقراطية في أفريقيا لا ينبغي عند مناقشتها علي الإقل إن لم يكن ممارستها إغفال علاقاتها التحتية مع ما يُسمي بالتعاون العسكري بين كل دولة أفريقية علي حدة وكذلك بين الإتحاد الأفريقي وبين القوي الدولية علي إختلافها وإختلافاتها  .

لا يمكن إستبعاد إحتمال ان الولايات المتحدة في مرحلة التخطط لإقامة AFRICOM  كانت تضع في إعتبارها أيضاً مدخلات علاقاتها المتنوعة والمـُركبة ميدانياً مع خصومها و/ أو حلفاءها من القوي الدولية أو الإقليمية (كإسرائيل وإيران وتركيا) ممن يولون أفريقيا أهمية متقدمة لمصالحهم الإستراتيجية ؛ ولذلك فهناك إعتبارات مختلفة يجب علي الولايات المتحدة أن تتوقع تأثيرها علي عمل AFRICOM ٬ وهذه الإعتبارات قد يكون مصدرها أحد حلفاءها (كحالة فرنسا في شمال وغرب أفريقيا) أو ما قد يكون آت من خصم أو عدو (كحالة الإتحاد الروسي والصين الشعبية وكوريا الشمالية) ٬ أو ما قد يكون مطلوباً من حليف يمثل أحد أسس الإستراتيجية الأمريكية الكونية (كحالة إسرائيل التي تريد الولايات المتحدة تحقيق أمنها بمفهومه العريض كأن توفر لها التفوق بالشرق الأوسط والحركة الحرة في أفريقيا وهو ما تسعي إليه إسرائيل حاليا بعقد قمة قمة إسرائيلية أفريقية في توجو في أكتوبر القادم) ٬ وهناك مهددات أخري موضوعية تتعلق بمفاهيم تريد الولايات المتحدة تحديد مدي وعمق تطبيقها أو حتي دفعها بعيداً عن أفريقيا بأدواتها المختلفة مثل الـ AGOA والـ USAID ومبادرة الألفية و الـ  AFRICOM ٬ ومن بين هذه المفاهيم٬ الديموقراطية والشفافية الإقتصادية والحوكمة ٬ فليس صحيحاً أن الغرب الذي دفع إلي سدة القيادة ودعم رتل من الحكام الفاسدين ضعيفي الشخصية والضمير بالعالم العربي وأفريقيا هو نفسه من سيدعم الديموقراطية والشفافية بالجودة والإمتياز المُتعارف عليهما ٬ بل إنه قد أحال ربيع العرب إلي خريف٬ لذلك فمهمة AFRICOM مع الوسائل الأمريكية المُشار إليها خاصة بعد ثورات العالم العربي٬ أصبحت أثقل نسبياً عن ذي قبل ٬ ولأهمية التواجد العسكري لصيانة وتطوير أهداف القوي الدولية في أفريقيا إتجهت الصين الشعبية إلي حيازة قواعد عسكرية لها في أفريقيا فبدأت بإقامة قاعدة لها في جيبوتي العام الماضي تمركز فيها 10,000 عسكري صيني ونشطت من مشاركتها العسكرية في قوات حفظ السلام الأممية في أفريقيا (وكذلك اليابان) خاصة في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان؛ حيث للصين هناك مصالح بترولية وتجارية ومشاريع مُرتقبة تبدأ من جنوب السودان وتنتهي في كينيا وإثيوبيا وغيرهما .

إذن لا يمكن تجنب القول بأن أفريقيا تمر حالياً بمرحلة “العسكرة الدولية ” والتي لها مظاهرها الواضحة في إنشاء AFRICOM وتناثر القواعد العسكرية للقوي الدولية المُتنافسة وأحياناً المُتصارعة في أفريقيا كالقواعد الفرنسية في أفريقيا الوسطي النيجر وتشاد وغيرهم وهي القواعد المؤسسة علي أكثر من 20 إتفاق تعاون عسكري وقعتهم فرنسا مع الدول الأفريقية ٬ هذا بالإضافة إلي قواعد أمريكية أيضاً في شمال النيجر والكاميرون وغيرهما مما أحال مفهوم السيادة الوطنية في أفريقيا – مع إستثناءات قليلة – إلي معني بلاغيRhétorique أكثر منه حقيقة سياسية قانونية ٬  فللأسف لا ترفع معظم الدول الأفريقية عقيرتها في موضوع السيادة إلا مع بعضها البعض في غالب الأحوال وبوتيرة منتظمة ٬ إلا أن هذه السيادة يمكن إختراقها من قبل الدول المانحة من مسارات مختلفة أكثرها شيوعاً قضيتي الإرهاب؛ الذي أحسن الغرب والإعلام العربي والأفريقي الموالي له تعليبه في صور ذهنية تدين جماعة أو طائفة أو شريحة من الشعوب لا القادة المُنصبين غصباً عن الشعوب وبعمليات إنتخابية مشبوهة ٬ وقضية حقوق الإنسان التي تتعرض للإنتهاك بجرأة من قادة الإنقلابات العسكرية والديكتاتوريات المُتقادمة القائمة في أنجولا والكاميرون وبوركينافاسو ( إلي وقت قريب قبل الإطاحة بالرئيس كومباروري بإنفاضة شعبية) وغينيا الإستوائية وغيرهم .

حتي الآن أحسنت القوى الدولية وحلفاءها الأفارقة توظيف قضية الإرهاب وأحدثوا بإستخدامهم إياها إستخداماً منحرفاً عن المدي الذي يجب أن يكون مُتسعاً ليتضمن مبدأ المعارضة الديموقراطية ٬  أحدثوا بهذا التوظيف المُغرض إختلالاً طال مفاهيم مُستقرة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم منها مفهومي المُسائلة والشفافية ٬ فقد إستخدم القادة الأفارقة قضية الإرهاب للتنصل من ضعف قيادتهم ومحدودية إنجازاتهم في مجالات التنمية الوطنية وأفول شمس الحريات العامة ببلادهم ٬ فجنحوا إلي تعظيم أخطار الجماعات التي تتبني فكراً يعارض أنظمة حكمهم المُستقرة عند منسوب عال من الفساد والوهن ٬ فمن يتصور أن أفريقيا التي تجري في أراضيها أنهار ثرية بالمياه وتهطل علي مساحات شاسعة منها أمطار يمكن إن أحسنت المؤسسات المعنية إدارة هذه الموارد المائية حذف مُصطلح ” الأزمة الغذائية ” من القاموس السياسي الأفريقي تعاني من الأزمات الغذائية والمجاعات ؟ ٬ إذ أن خطر توالي الأزمات الغذائية خاصة في مناطق الساحل والصحراء وشرق أفريقيا يوهن قدرة القادة الأفارقة علي الإحتفاظ بالمتبقي من سيادة دولهم بعيداً عن غائلة التدخلات الخارجية ٬ وعلي ذلك فلن يمكن للدول الأفريقية تحقيق السيادة الحقيقية إلا بتنمية تدريجية ومستديمة لمواردها الأولية بالإعتماد علي الذات والتوقف عن الإستدانة وإقامة حياة ديموقراطية حقيقية تثبت مسئولية الحاكم أمام المحكوم , فالديموقراطية تنتج حكام راشدين مسئولين يمكن من خلالهم محو الصراعات الثنائية أو الثلاثية بين الدول الأفريقية التي علي إعلامها قبل قادتها ومسئوليها التخلي عن المفهوم الغربي المُعلب للإرهاب الذي يستنفذ طاقات الدول الأفريقية والذي أقام حائطاً عالياً قُذفت خلفه أغلب قوي المعارضة الذين وُصموا بالإرهاب بعد أن إستفزهم سلوك سياسي سمته العنف المُسلح بأوامر مباشرة من قادة الدول الذين أعمتهم الأنانية والأثرة فأستخدموا أحزابهم التي أدمنت السلطة منفردة وحظيت بدعم وطاعة عمياء من المؤسسات الشرطية والعسكرية بهذه الدول  في التنكيل بل والتخلص من وتصفية المعارضة إلي أن تجمدت دماء الحرية والتنمية في أجساد وبنيان الدول الأفريقية .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى