عاجل

انتقام ترامب : هل حظر الأجهزة الالكترونية يستهدف شركات الطيران الخليجية ؟

-المركز الديمقراطي العربي

حظرت الولايات المتحدة وبريطانيا الثلاثاء حمل الأجهزة الالكترونية على متن الرحلات القادمة من العديد من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

ولم تتأثر بهذا القرار اي شركة طيران اميركية، لكن شركات خليجية عملاقة مثل “الخطوط الجوية القطرية” و”طيران الامارات” والاتحاد للطيران” سيتعين عليها اعتبارا من صباح السبت منع حمل هذه الاجهزة الالكترونية في مقصورة الركاب على متن طائراتها المتجهة الى مطارات اميركية.

أفادت تقارير صحفية أمريكية بأن معلومات استخباراتية بشأن”تنامي الخطر الإرهابي والتهديدات المحدقة بالرحلات الجوية” تقف وراء قرار الحظر الذي اتخذته الحكومة الأمريكية، وتمنع بموجبه حمل الأجهزة الإلكترونية الكبيرة داخل الطائرة.

وحظرت الولايات المتحدة حمل الكومبيوتر المحمول والأجهزة اللوحية على متن الطائرات القادمة من ثماني دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ونقلت شبكة اي. بي. سي الإخبارية الأمريكية، نقلا عن مسؤولين قولهم: “إن تنظيم الدولة الإسلامية حاول تطوير طرق جديدة لنقل المتفجرات غلى الطائرات، من خلال حشوها في أجهزة إلكترونية”.

واعتبرت الحكومة الأمريكية أن تلك المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بهذا النشاط “مدعومة بالأدلة وذات مصداقية” إذ بررت وزارة الأمن الداخلي القرار بقولها “إن التنظيمات الإرهابية تواصل استهداف طائرات نقل المسافرين، واعتماد طريق جديدة في إخفاء المتفجرات داخل الأجهزة الإلكترونية”.

  • لماذا إذاً اتَّخذت الولايات المتحدة مثل هذه القوانين؟
  • وكيف ستنجو من الانتقادات بشأنها؟

حيث يرى كلٌّ من ديميتري سيفاستوبولو وروبرت رايت، من صحيفة فايننشال تايمز البريطانية،وترجمته هافينغتون بوست عن صحيفة واشنطن بوست” أن المتابعين غير الأميركيين يُشككون في صحة هذا التفسير”  .

وأوضحا أن الولايات المتحدة لم تكن صريحة حول ما إذا كان هذا القانون وُضِعَ بناءً على معلوماتٍ استخباراتيةٍ حديثة، أم جاء نتيجة مخاوفٍ قديمة. كما لا يوجد تفسيرٌ منطقي عن سبب القلق من وجود أجهزةٍ إلكترونيةٍ في مقصورة الركاب، بينما يُسمح بوجودها داخل عنبر الأمتعة على الطائرة.

لكن الأمر قد لا يكون متعلقاً بالأمن، فإن ثلاثاً من شركات الطيران التي استهدفتها القوانين الجديدة -طيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية- سبق أن اتهمها منافسوها الأميركيون بالحصول على مساعداتٍ ماليةٍ ضخمةٍ من حكومات بلادهم. وشعر المسؤولون عن شركات الطيران هذه بالقلق من قيام ترامب بالانتقام منهم، وقد يكون هذا هو انتقام ترامب.

ومن المتوقع أن تخسر شركات الطيران الثلاث هذه، بالإضافة إلى بقية شركات الطيران التي استهدفتها القوانين الجديدة جزءاً كبيراً من أعمالها المتعلقة بأكثر عملائها مكسباً، وهم المسافرون على درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى.

فعادةً ما يرغب المسافرون على درجة رجال الأعمال في ممارسة أعمالهم أثناء رحلتهم على متن الطائرة، والسبب الذي يدفعهم لحجز تذاكر درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى هو رغبتهم في ممارسة أعمالهم بهدوء وراحة. ولن يشعر هؤلاء المسافرون بالسعادة عند اضطرارهم لممارستها باستخدام هواتفهم الذكية دون استخدام باقي الأجهزة الالكترونية.

ونتيجةً لذلك سيتوقف أغلبهم عن السفر على متن شركات الطيران الخليجية، وسيلجأون إلى شركات الطيران الأميركية بدلاً منها.

وأوضحت صحيفة فايننشال تايمز، أن القوانين الأخيرة لا تؤثر على رحلات شركات الطيران المباشرة من وإلى الولايات المتحدة فقط، بل يمتد تأثيرها ليطال “محاور الخطوط الجوية” التي تعتبر مركزاً لأعمال شركات الطيران المستهدفة.

وهذه الشركات لا تقوم بنقل الركاب من منطقة الخليج العربي إلى الولايات المتحدة فقط، بل يقومون أيضاً بنقل الركاب من وجهات متعددة، ويسمحون لهم بتغيير طائراتهم داخل محاور الخطوط الجوية.

وتعتبر منظومة “محاور الخطوط الجوية” نموذجاً اقتصادياً فعالاً لشركات الطيران في الرحلات الجوية الطويلة، إذ توفِّر عليهم الكثير من النفقات. لكنها في الوقت نفسه تُشكِّل نقطة ضعفٍ كبيرة. فإذا نجح المنافسون أو الدول غير الصديقة في التقليل من شأن المحور أو الإضرار به، فسيتسبب ذلك في وقوع خسائر اقتصاديةٍ فادحة.

حاولت شركات الطيران الخليجية من قبل الدفاع عن نفسها أمام الهجوم السياسي الذي تعرضت له من منافسيها في الولايات المتحدة، عن طريق الدعوة للالتزام بمبادئ التجارة الحرة.

لكن معاهدات التجارة الحرة التقليدية، مثل قوانين منظمة التجارة العالمية، لا تنطبق على شركات الطيران (رغم كونها مُلزِمَةً للقطاعات المرتبطة بشركات الطيران، مثل قطاع صناعة الطائرات).

وقد سمح هذا لشركات الطيران الخليجية بالحصول على مساعداتٍ ماليةٍ ضخمةٍ، دون القلق من إمكانية مقاضاتها عن طريق منظمة التجارة العالمية.

إلا أنه في الوقت نفسه، من الصعب على دول الخليج العربي، وغيرها من الدول التي تأثرت شركات طيرانها بهذه القوانين، أن تُقاضي القوانين الأميركية الجديدة أمام منظمة التجارة العالمية، حتى لو ثبت أن هذه القوانين وُضعت لحماية مصالح الشركات الأميركية والانتقام من الشركات الخليجية، وليس بناءً على المخاوف الأمنية المطروحة.

إلا أنه لو حدث هذا الأمر في قطاعٍ آخر، لكانت قضيةً مُثيرةً للاهتمام.

وتحصل الدول المختلفة على استثناءاتٍ من قوانين التجارة الدولية عندما يتعلق الأمر بأمنها وسلامة مواطنيها وحدودها.

  • فهل ستنتصر الولايات المتحدة في قضيةٍ مثل هذه نتيجة امتلاكها لمبررٍ أمنيٍ معقول، على الرغم من وجود حجةٍ منطقيةٍ تدل على أن الدافع الحقيقي وراء هذه القوانين لا يتعلق بالأمن؟

أم هل ستُذعن منظمة التجارة العالمية للمبررات المقدمة من الولايات المتحدة؟ ومن المتوقع جداً أن تقوم حكومة ترامب بإصدار المزيد من القوانين الأُحادية التي ستُبرَّر بصيغة الحفاظ على الأمن القومي، على الرغم من كونها مدفوعةً بسياسة الحمائية الاقتصادية، هذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة.

ونشرت صحيفة “الديلي تلغراف” في عنوانها الرئيسي ومقالها الافتتاحي فضلا عن تقرير احتل الجزء الأعلى من صفحتها الأولى لمناقشة هذا الحظر وحمل عنوان “خطر إرهابي جديد وراء منع الآيباد”.

وتعزو الصحيفة هذا الحظر إلى ما تقول إنها مخاوف من خطط لتنظيم القاعدة، مضيفة أن مسؤولين أمريكيين كشفوا عن أن تقييمات استخبارية أظهرت أن الإرهابيين “يسعون بقوة” لتطوير “إجراءات مبتكرة” للقيام بهجمات باستخدام مثل هذه الأجهزة، كزرع قنابل في أجهزة الكومبيوتر المحمول.

ويوضح تقرير الصحيفة أنه يعتقد أن هذه المعلومات تكشفت اثر غارة شنتها قوة المهام الخاصة في البحرية الأمريكية “نيفي سيل” في اليمن في يناير/ كانون الثاني واستهدفت تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وتحصلت خلالها على “معلومات استخبارية هامة” بحسب تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتضيف الصحيفة أن تقارير في ذلك الوقت أشارت إلى أن خبير صنع القنابل في التنظيم، إبراهيم العسيري، يحاول بناء قنابل مدمجة تحتوي على كمية قليلة من المعادن يمكن تهريبها على متن الطائرات في الرحلات الجوية.

وقيل أيضا أن محللين أمنيين أمريكيين رصدوا أحاديث متزايدة في الاسابيع الأخيرة من مسلحين تشير إلى زرع متفجرات وإخفائها في أجهزة كومبيوتر.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى