الجماعات الاسلاميةالدراسات البحثية

دور حركة حماس في المقاومة الفلسطينية “2011-2016”

اعداد الباحث: أحمد عيسى علي عردوم

  • المركز الديمقراطي العربي

 

 

المقدمة:

تعتبر حركة المقاومة الإسلامية حماس من أبرز حركات المقاومة الفلسطينية والتي تحضى بشعبية واسعة في الداخل الفلسطيني وفي الأوساط العربية, والإسلامية وتعتبر حركة حماس وفقا لأديباتها حركة إسلامية بالإضافة لكونها حركة وطنية مقاومة والتي تتبنى الإسلام عقيدة وسلوكا ومنهجا ,ونشأت حركة حماس بالتزامن مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي سنة 1987م ,وقد لعبت الحركة دورا كبيرا في مناهضة ومقاومة المشروع الصهيوني, وذلك من خلال الدور الذي لعبته في شتى المجالات, كالمجال العسكري والسياسي, والتربوي والاجتماعي, وفي مختلف مراحل المقاومة الفلسطينية ابتداء من انطلاق الانتفاضة الأولى, ومرورا بالحصار والعدوان الإسرائيلي على غزة,حيث اتخذت حركة حماس كافة الأساليب والطرق لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي,داخليا ترتبط حركة حماس بعلاقات جيدة مع معظم حركات المقاومة وعلى المستوى الخارج ترتبط بعلاقات مع معظم الأقطار العربية والإسلامية وهذا ما زاد من حضورها في ميدان المقاومة , ورغم التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها الحركة إلا أنها لعبت الدور المحوري في المقاومة الفلسطينية وسنقتصر في  هذه الدراسة على دور الحركة في المقاومة الفلسطينية من 2011م وهو تاريخ انطلاق ثورات الربيع العربي والذي كان له انعكاس على حركة حماس والدور الذي لعبته وحتى عام 2016م

أولا: مشكلة البحث:

  • 1-ما دور حركة حماس في المقاومة الفلسطينية من 2011-2016م

وهناك تساؤلات فرعية كالتالي:

  • 1-ما اثر ثورات الربيع العربي على دور حركة حماس في المقاومة الفلسطينية ؟
  • 2-ما دور حركة حماس في مقاومة العدوان الإسرائيلي على غزة 2012م,2014م؟

ثانيا: البحث:

  • 1-التعرف على دور حركة حماس في المقاومة الفلسطينية من 2011-2016م.
  • 2-توضيح اثر ثورات الربيع العربي على دور حركة حماس في المقاومة الفلسطينية .
  • 3-معرفة دور حركة حماس في العدوان الإسرائيلي على غزة 2012م,2014م.

ثالثا: الإجراءات المنهجية:

  • تحديد مصطلحي “المقاومة الفلسطينية, حركة المقاومة الإسلامية حماس”
  • مرحلة ثورات الربيع العربي.
  • مرحلة العدوان الإسرائيلي على غزة 2012م
  • مرحلة العدوان الإسرائيلي على غزة2014م

أولا:-تحديد مصطلحي المقاومة الفلسطينية, حركة المقاومة الإسلامية حماس:

1-المقاومة الفلسطينية:

وترجع بداية المقاومة الفلسطينية للوجود الصهيوني إلى أكثر من مائه عام ففي عام 1891م قدم عدد كبير من وجهاء القدس مذكرة احتجاج للصدر الأعظم في الأستانة يطالبونه بالتدخل لمنع الهجرة اليهودية وتحريم امتلاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وكان انعقاد مؤتمر (بال) عام 1897م مقدمة لتأجيج المشاعر العربية والإسلامية؛ إذ وضع هذا المؤتمر الصهيوني القضية الفلسطينية في بؤرة القلق العربي والإسلامي[1].

ومصطلح  المقاومة الفلسطينية يشير إلى الحراك والسياسات والدعوات والعمليات التي تدعو أو تدعم مقاومة الاحتلال والاضطهاد والاستعمار الصهيوني للفلسطينيين والأرض الفلسطينية وتسعى لرفعه، يستخدم المصطلح لوصف تحركات فلسطينية متنوعة تتراوح بين المقاومة المدنية، الشعبية والمسلحة. ويستخدم المصطلح للإشارة إلى الفترة بين بدء الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1918 وحتى اليوم، من أبرزها ثورة 1936 وإعلان الإضراب العام الكبير، وبعد عام 1948 وسحق المقاومة وتهجير السكان، بدأت تظهر فصائل فلسطينية ذات طابع سياسي، وبدأت تستخدم مصطلح الكفاح المسلح للإشارة إلى أشكال المقاومة المسلحة. يستخدم مصطلح “المقاومة الفلسطينية” على مستوى دولي، واستخدم مصطلح المقاومة في الخطاب الفلسطيني من قبل منظمة التحرير أصبح مصطلح المقاومة جزء من هوية الفصائل الفلسطينية حتى أنه أصبح جزء من اسمها مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 1987.[2]

2-حركة حماس:

حركة المقاومة الإسلامية المعروفة اختصارا باسم حماس هي حركة فلسطينية شعبية تسعى إلى التحرر الوطني وتتخذ من الإسلام مرجعية فكرية لها”[3]ظهر اسم حركة المقاومة الإسلامية مع انطلق الانتفاضة المباركة في ديسمبر 1987  ولكن الحركة عرفت نفسها منذ البداية بأنها جناح من أجنحة الخوان المسلمين في فلسطين والحقيقة أن حماس هي أحد أشكال المقاومة التي قرر الإخوان المسلمون الفلسطينيون تبنيها ضمن تاريخهم الطويل في العمل الشعبي والمقاوم ومن ضمن أهدافها الإستراتيجية هو تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها من العدو الصهيوني”.[4]حماس حركة وطنية فلسطينية، تعمل مع شعبها في الداخل والخارج ومع مجموع القوى والفصائل الوطنية الإسلامية على مقاومة  الاحتلال الصهيوني، وتحرير الأرض والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين، وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الحقيقية[5]

ثانيا: حماس وثورات الربيع العربي:

1- حماس في ظل ثورات الربيع العربي:

كانت البيئة الإقليمية فيما قبل الربيع العربي تفرض صعوبات بالغة على حركة حماس بسبب العزلة المفروضة عليها بعد استقلالها بالقطاع في 2007، بالإضافة إلى التحديات الداخلية التي تواجهها في إدارة قطاع غزة، والتعامل مع إسرائيل، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية”[6], فإذا كانت سنة 2011م قد مثلت بداية تغير كبير في المشهد العربي, لصالح تشكيل أنظمة سياسية ديمقراطية تعبر عن أراده الشعوب وعزتها وكرامتها, فان المشهد الفلسطيني قد مضى بطيئا في تحولاته مقارنة بالمشهد العربي, وضمن هذا المشهد تقع حركة حماس التي كان لثورات الربيع العربي انعكاسا كبيرا عليها “فعند اندلاع ثورات الربيع العربي استبشر المقاومون بهذه الثورات التي رأوا فيه انتصارا لهم وتعزيزا لمسار المقاومة ورفض الاستبداد والاستعمار والتبعية, حيث أن الربيع العربي والتغيرات في العالم العربي تعطي حماس وحركات المقاومة الفلسطينية فرصة للعمل في بيئة عربية أفضل وأكثر انسجاما مع المقاومة وأكثر تمسكا بالثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية”[7],فقد استبشرت حماس بما حدث من تغيرات في بعض الدول العربية كمصر وتونس والمغرب والتي مثلت إضافة نوعية مهمة في علاقات حماس السياسية  قياسا بأوضاع علاقتها السابقة بهذه الدول كما يتحدث خالد مشعل غير أن علاقات حماس قد أصابها التغير مع بعض الدول العربية والإسلامية كسوريا ومصر بعد الانقلاب وإيران وكان للتغير في العلاقات هذه أثر بالغ على حماس حيث خسرت أهم حليفين استراتيجيين في المنطقة بسبب مواقفها مما يحدث في سوريا ,فقد وصلت الحركة في مأزقا كبيرا في علاقتها بسوريا تلك الدولة الداعمة والحاضنة لقادة ومكتب الحركة قبل ثورات الربيع العربي[8]

2-حماس في الداخل الفلسطيني:

أ-الدور السياسي:

من المعروف أنه منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية في 2006م وتشكيلها للحكومة عانت من حصار سياسي كبير من قبل قوى داخلية وخارجية وفرض عليها الحصار في قطاع غزة وأغلقت معظم المعابر غير أن حماس لم تستسلم لكل التحديات واستمرت في إدارة قطاع غزة حيث” واصلت حكومة تسير الإعمال برئاسة إسماعيل هنيهة التي أقيلت بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عام 2007م أعمالها طيلة سنة 2011م بالرغم من المصاعب البالغة التي اعترضت طريقها والتي تتمثل أساسا في الحصار السياسي والاقتصادي وفي انعكاسات الانقسام الفلسطيني على إدارة قطاع غزة, وعلى المشروع الوطني بشكل عام”[9]

وقد حافظت حكومة هنية وأجهزتها الأمنية على الأمن والاستقرار الداخلي في قطاع غزة طيلة سنة 2011م كأحد أهم الانجازات التي حققتها في إطار تجربتها في الحكم ,وواصلت الأجهزة الأمنية في غزة نشاطاتها في إطار استهداف العملاء وأعلنت عن اكتشاف العديد منهم خلال سنة 2011م[10]

وفي إطار الدور السياسي بل الوطني الذي تلعبه حماس ساهمت حركة حماس بشكل كبير في أنجاز اتفاق المصالحة الوطنية حيث “التقى في 18\12\2011م وفدا فتح وحماس في القاهرة برعاية مصرية ,وأعلنا خطوات عملية لحل الملفات العالقة بينهما ,وأكدا على إنهاء قضية المعتقلين السياسيين وجوازات السفر وحرية الحركة والحريات وعودة الفارين من غزة وهو ما أشاع أجواء جديدة من الفأل”[11].

وشهدت سنة 2011م نوعا من الانفراج فيما يتعلق بقضية الأسرى في سجون الاحتلال من خلال إتمام صفقة التبادل “وفاء الأحرار” التي أطلق بموجبها سراح 1.072أسيرا فلسطينيا مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة الفلسطينية في غزة عام 2006م, “وقد قال خالد مشعل إن الصفقة تشكل انجاز كبيرا في الحجم والنوعية المتميزة لكونها تشمل معتقلين من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي 1948م والجولان والشتات كما تجسد وحدة الوطن ووحدة الشعب الفلسطيني من خلال شمولها جميع الفصائل كما مثلت الزيارة التي قام بتا إسماعيل هنية إلى العديد من الدول العربية والإسلامية إسهاما فعليا في كسر الحصار السياسي عن قطاع غزة “,وتطورا كبيرا في علاقات حماس الخارجية[12]

ثالثا: العدوان الإسرائيلي على غزة 2012م

بدأت عملية “عمود السحاب” حسب التسمية الإسرائيلية في 14/11/2012 باغتيال عدد من القادة العسكريين في حركة حماس، وعلى رأسهم أحمد العبري قائد كتائب عز الدين القسام، واستهداف ما تعتقد إسرائيل بأنه أماكن تخزين صواريخ طويلة المدى ومنصات إطلاق صواريخ”  بالمقابل أطلقت المقاومة الفلسطينية عملية ما أسمتها بحجارة السجيل.[13]

1-الدور السياسي لحركة حماس:

من خلال دراسة واقع حركة حماس السياسي خلال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة يمكن القول أنها لعبت الدور الأكبر بين حركات المقاومة بوصفها كانت الحاكمة لقطاع غزة من خلال حكومتها هناك حيث كان لهذه الحكومة دور كبير في تماسك الجبهة الداخلية وتنسيق العلاقات مع بقية فصائل المقاومة إذ “إن امتلاك المقاومة الفلسطينية للسلاح النوعي وعملها الدءوب على تطويره محليا لم يكن لينجح لولا وجود حركة )حماس( على رأس الحكم في قطاع غزة حيث قدمت الحكومة في غزة كل التسهيلات التي من شأنها  دعم المقاومة كالتعامل مع رجال المقاومة باحترام وإجلال, وتسهيل كل معاملاتهم  بخلاف ممارسات السلطة السابقة التي كانت تزجهم في السجون, “واستيعاب رجال المقاومة في الوظيفة العامة التي حُرموا منها لأسباب عديدة بدعوى السلامة الأمنية”[14]

ومن خلال عمل الحكومة الدءوب على حماية الجبهة الداخلية من خلال أجهزتها الأمنية وتحجيم نشاط  عملاء الاحتلال الأمر الذي وفر الحماية لظهر المقاومة وجعلها تعمل ضد العدو باطمئنان”[15] وكذا الغطاء السياسي الذي وفرته الحكومة للمقاومة من خلال الدفاع عنها سياسياً, وتسهيل دخول السلاح ومواد البناء وغيرها لفصائل المقاومة من خلال الأنفاق التي كانت تسيطر عليها السلطة الحاكمة في قطاع غزة”[16]

أيضا لا يمكن إغفال دور الحكومة التي تقودها حماس في قطاع غزة “في التح شيد الإعلامي والنفسي من خلال كل الوزارات المعنية من أجل الالتفاف حول خيار المقاومة و التعامل الإيجابي مع فصائل المقاومة أثناء الأزمات, مثل توفير المحروقات لها, في حين كانت الحكومة والمواطنون في أمس الحاجة لها والاهتمام الحكومي الكبير بغوائل الشهداء والجرحى والأسرى وتقديم كل ما يمكن تقديمه لهم, وكذا الوقوف بقوة إلى جانب المقاومة سياسياً  وتعريض حياة وزرائها وموظفيها ومقراتها للاستهداف واعتبار نفسها حكومة مقاومة كما جاء على لسان رئيس وزرائها “إسماعيل هنية, أيضا  السماح لفصائل المقاومة بتصنيع السلاح محلياً دون فرض أي قيود عليها بعكس ما كانت تفعل السلطة السابقة”[17]

وكان لحماس دورا في اختراق الحصار السياسي المفروض على قطاع غزة “فقد سجلت انتصارا سياسيا في حرب حجارة السجيل حيث وفرت لها الحرب فرصا كبيرة لفتح قنوات دبلوماسية مع أطراف إقليمية ودولية مختلفة” فقد تتالت الوفود العربية والإقليمية والدولية إلى قطاع غزة والتقت برئيس الحكومة وبعض الوزراء , “[18]كما لا يمكن تجاهل زيارة رئيس المكتب السياسي ل)حماس( خالد مشعل لقطاع غزة للمرة الأولى منذ خمسة وأربعين عاماً بالإضافة إلى تصدرها لمشهد المفاوضات غير المباشرة مع “إسرائيل” للاتفاق على تفاصيل بنود فك الحصار التي وردت في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم برعاية مصرية[19].

الدور العسكري لحركة حماس:

يمكن القول أن حركة حماس كان له الدور الرئيسي في مقاومة العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2012م”فلم يكن انتصار المقاومة الفلسطينية في هذه الجولة من الصراع مع إ إسرائيل وليد الصدفة بل جاء نتيجة لتراكم النجاحات في المحطات السابقة التي أسست لهذا الانتصار؛ إذ يُظهر مؤشر المقاومة الفلسطينية التي تقودها حركة )حماس(أنها في تصاعد مستمر نحو النجاح وتحقيق الانتصار الذي ترتب علية  نتائج كثيرة كان من أهمها وقف العدوان ورفع الحصار الظالم عن أكثر من مليون وثمانمائة ألف نسمة يعيشون في القطاع”[20],وكان للقدرات الصاروخية التي تملكها حماس دور كبير في تغير الموازين لصالح المقاومة  وكانت ردة الفعل الأولى للمقاومة من قبل كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس للثأر لاغتيال القائد في حركة حماس أحمد الجعبري حيث أطلقت كتائب القسام على عملية الثأر للقائد الجعبري عملية “حجارة سجيل” في مقابل عملية عمود السحاب التي أطلقها الاحتلال في 14\11\2012م إذ قامت كتائب القسام بقصف مدينة تل أبيب بصاروخ محلي الصنع,وهذه هي المرة الأولى التي تقصف فيها تل أبيب منذ بدء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كما أعلنت عن قصف تل أبيب بصاروخ من طراز فجر5 بعد ساعات من إعلانها قصف المدينة بصاروخ محلي الصنع “[21]

إن تجسيد النجاح الكبير للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة اليوم لم يكن ليحدث لولا تمكن حركة حماس من تنفيذ ما عُرف ب)الحسم العسكري(  في 2007وسيطرتها على الحكم برغم كل مأساويته على المشيد السياسي والاجتماعي الفلسطيني. فسيطرة )حماس( على القطاع مكنتها من إطلاق يد المقاومة لبناء قوتها بشكلٍ فاعل ودون ضغوط من خلال حفر الأنفاق والتدريب على السلاح, وتهريبه من الخارج  كما ورد في بعض التقارير الاستخبارية “الإسرائيلية” أن )حماس( استطاعت تهريب كميات كبيرة من السلاح إلى القطاع كانت تحتاج إلى عشرات  السنوات لتهريبها  في حال وجود السلطة الفلسطينية على رأس الحكم في قطاع غزة”[22]

3-دور حماس من منظور إسرائيلي:

لقد خرجت حماس من المواجهة مع إسرائيل في شهر نوفمبر 2012 بموقف قوي نسبياً تمثل الرد الدولي والإقليمي على المعركة وهذا شكل دليلاً على قدرة حماس على الاعتماد على حلفائها الجدد والمطالبة لنفسها بدرجة إضافية في الشرعية الإقليمية”[23]

ويمكن القول أن  العملية التي قادتها إسرائيل “لم تقوض سيطرة حماس على قطاع غزة بل حدث العكس، فإن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل بوساطة مصر أكد “السر المعروف” القائل بأن إسرائيل اعترف عملياً بحركة حماس كحكومة في قطاع غزة، وتفاوضت معها بوصفها الطرف الرئيسي, علاوة على ذلك فإن الشروط التي تم تحديدها لوقف إطلاق النار أعدت الأرضية لإجراء محادثات غير مباشرة بين الإطراف بهدف رفع تدريجي للقيود المفروضة على دخول وخروج الأشخاص والبضائع من والى غزة ونجحت حماس في تسخير الدعم الإقليمي لها والخطوات الإسرائيلية برفع جزء من القيود الاقتصادية في المحافظة على مكانتها في القطاع. بالإضافة إلى ذلك نجحت حماس في الحفاظ على كرامتها في جولة القتال مع إسرائيل وذلك عن طريق منع العملية البرية في القطاع واعتمدت حماس على الطابع السريع في الحرب الذي عكس عدم رغبة إسرائيل بالمخاطرة في مواجهة طويلة كان من شأنها إن تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا[24]

رابعا: العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014م

دخلت المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية مرحلة جديد ه من التصعيد، وصلت إلى حد شنّ عد وان شامل على قطاع غزة، وذلك بعد أن استغلت إسرائيل قتل ثلاثة من مستوطنيها في منطقة الخليل في الضفة الغربية المحتلة لتحقيق أهداف سياسية؛ مثل ضرب حركة حماس في الضفة”[25], وغيرها من الأهداف التي سعى العدوان الإسرائيلي على تحقيقها غير أن القضاء على حركة حماس هو الهدف الأساسي للعدوان الإسرائيلي

وتختلف معركة العصف المأكول2014م,عن سابقتها من الحروب التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة من حيث استعداد وإعداد المقاومة وإستراتيجيتها ,فقد استخدمت كتائب القسام استراتيجيات عسكرية معتمدة على منظومات قتالية استطاعت من خلالها السيطرة والصمود وتكبيد الجيش الصهيوني الخسائر المادية والبشرية الكبيرة, كما أنها أسقطت استراتيجيات الجيش الذي لا يقهر من خلال هزيمته في استخباراته في عدد من المواقف والتي غيرت من طبيعة النظر إلى قوة الردع الإسرائيلية, وأصبح من الممكن التخطيط لهزيمته من الإعداد والتدريب الجيد, والاعتماد على استراتيجيات غير تقليدية وفتح خطوط إمداد ومواجهه على جميع الجبهات المحيطة بالكيان”[26]

فرغم سنوات الحصار الممتدة على قطاع غزة، تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسامة، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، من مفاجأة جيش الاحتلال الصهيوني، ومعه العدو والصديق بالكثير من المفاجآت، التي تظهر حسن الإعداد والتجهيز، سواء في العتاد أو في التكتيك العسكري[27] فقد أثبتت الحرب أن حماس قوة مؤثرة في الصراع بما تمتلك من قوة وإرادة صراع لا يستهلان فيها وإنها لم تستسلم أمام الجيش الإسرائيلي فقد استطاعت حركة حماس أن تفرض على ملايين الاسرائيلين مغادرة مناطق سكنهم من غلاف غزة مما شكل ضغطا كبيرا على الحكومة الإسرائيلية.[28]

خامسا: الخاتمة

من خلال الاستعراض والتتبع لدور حركة المقاومة الإسلامية حماس طوال الفترة منذ 2011م إلى عام 2015م يتضح الدور الذي لعبته حركة حماس كأحد أبرز حركات المقاومة الفلسطينية ,حيث كان لها الدور الكبير والمؤثر في المقاومة الفلسطينية ويتضح ذلك من خلال الدور الذي لعبته في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية فقد لعبت حركة حماس الدور المقاوم رغم وجودها في السلطة والذي تجد فيه الحركة صعوبة بالغة إلا أنها تتغلب على مثل هذا الازدواج حيث عملت على خدمة القضية الفلسطينية منذ نشأتها ومرورا بوصولها السلطة في عام 2006م ,وقد توصل الباحث من خلال هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي تجيب على الأسئلة التي وضعها في بداية البحث وذلك عن طريق إجراءات منهجية محددة للوصول إلى تلك النتائج وهي كالتالي:

1-أنه ورغم التغيرات العربية التي حدثت في 2011م والتي أثرت على علاقات حركة حماس ودورها المقاوم ,إلا أنها استطاعت أن تتجاوز الأزمة التي حلت بها عن طريق الاستفادة من نتائج الربيع العربي ,حيث أن الاحتلال الإسرائيلي ومن خلال عدوانه في 2012م و2014م كان يتوقع أن حماس قد ضعفت وانه من السهل القضاء عليها بعد تعقد علاقاتها ببعض الدول والحصار الذي فرض عليها .

2-ساهمت حركة حماس في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي في قطاع غزة رغم المصاعب التي اعترضنها والتي تمثلت في الحصار السياسي والاقتصادي وانعكاسات الانقسام الفلسطيني.

3-كان لحركة حماس دور في حماية وحفظ الجبهة الداخلية من خلال التعاون والعلاقات الجيدة مع جميع فصائل المقاومة ومن خلال التقارب وانجاز اتفاق المصالحة الوطنية بينه وبين فتح والذي لم يكتب له النجاح

4-كان لها دور في اختراق الحصار السياسي المفروض على قطاع غزة من خلال فتحها لقنوات دبلوماسية مع أطراف دولية وإقليمية ,أيضا كان لها الدور الكبير في الإفراج عن الكثير من المعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال  وخير مثال صفقة وفاء الأحرار.

5-لا يمكن إغفال الدور العسكري الذي لعبته حركة حماس في جميع الحروب التي قادتها إسرائيل ضد قطاع غزة منذ 2011م إلى اليوم ويتضح ذلك الدور من خلال الأتي:

أ-القدرات القتالية والصاروخية لحركة حماس والتي ردعت الصهاينة وأسقطت استراتيجيات الجيش الذي لا يقهر ويتضح ذلك من خلال قدرات وأعمال كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

ب-الدور الذي لعبته إستراتيجية الإنفاق والتي أرعبت الاحتلال الصهيوني وكبدته الكثير من الخسائر في جميع المستويات

سادسا: قائمة المراجع:

1-إستراتيجية المقاومة الفلسطينية, موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين على الرابط http://www.ikhwanwiki.com/index.php?title (تاريخ الدخول 21اغسطس 2016م, الساعة 08:00صباحا)

2-المقاومة الفلسطينية, موقع الموسوعة الحرة على الرابط https://ar.Wikipedia.org/wiki (تاريخ الدخول 21اغسطس الساعة 08:00صباحا)

3-حركة المقاومة الإسلامية, موقع الجزيرة نت على الرابط www.aljazeera.net(تاريخ الدخول 20اغسطس 2016)

4-تعريف بالحركة من نحن, موقع المقاومة الإسلامية حماس على الانترنت

5-طارق عثمان, حماس والربيع العربي, مركز نماء للبحوث والدراسات على الرابط http://www.nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?Id(تاريخ الدخول 17يوليو 2016م الساعة 11صباحا)

6-حركة المقاومة الإسلامية حماس دراسة في الفكر والتجربة (تحرير د.محسن محمد صالح)pdf,مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت

7-التقرير الاستراتيجي لسنه 2011,(تحرير د.محسن محمد صالح)pdf,مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

المشهد الاستراتيجي بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2012,مركز دراسات الشرق الأوسط, على الرابط http://www.mesc.com.jo/Studies/Studies_16.htm

8-مركز الجزيرة للدراسات ,لعبة نتنياهو: ترجيح ضرب إيران بورقة الانتخابات الأمريكية على الرابط http://studies.aljazeera.net/positionestimate

9-مركز فلسطين للدراسات, ميزان الربح والخسارة في حرب الفرقان بين إسرائيل وحماس, على الرابط التالي, http://pal-studies.ps/data/files/balance

10-د.ابراهيم حبيب, العملية العسكرية “الإسرائيلية” الثانية على قطاع غزة عامود السحاب تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 (: “الأهداف والنتائج”)pdf,(غزة ,2012,كلية الشرطة الفلسطينية).

11-باسم القاسم, صواريخ المقاومة في غزة سلاح الردع الفلسطينيpdf(بيروت:مركز الزيتونة للدراسات,2015).

12-زمن حماس الصعب, دراسة صادرة عن معهد أبحاث الامن القومي الاسرائيلي, على الرابط http://www.safsaf.org/word/2014/feb/80.htm (تاريخ الدخول 21يوليو 2016 الساعة 11صباحا)

13-العدوان الإسرائيلي الجديد على غزة, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على الرابط http://www.dohainstitute.org/release/3ead9cf9-cf5e-4416-aa62-45f903c0ce7b(تاريخ الدخول 21اغسطس الساعة 10:00مساء)

14-وسام جودة, إستراتيجية كتائب القسام القتالية معركة العصف المأكول 2014pdf, (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات,2015)

15-العدوان الإسرائيلي على غزة 2014م,موقع جديد برس على الرابط http://www.jadidpresse.com (تاريخ الدخول 19اغسطس 2016 الساعة 11مساء)

[1] استراتيجية المقاومة الفلسطينية, موقع ويكيبيديا الاخوان المسلمين على الرابط http://www.ikhwanwiki.com/index.php?title(تاريخ الدخول 21اغسطس 2016م,الساعة 08:00صباحا)

[2] المقاومة الفلسطينية, موقع الموسوعة الحرة على الرابط https://ar.wikipedia.org/wiki (تاريخ الدخول 21اغسطس الساعة 08:00صباحا)

[3] حركة المقاومة الإسلامية, موقع الجزيرة نت على الرابط www.aljazeera.net(تاريخ الدخول 20اغسطس 2016)

[4] استراتيجية المقاومة ,مرجع سابق

[5] تعريف بالحركة من نحن, موقع المقاومة الإسلامية حماس على الانترنت

[6] طارق عثمان,حماس والربيع العربي,مركز نماء للبحوث والدراسات على الرابط http://www.nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?Id(تاريخ الدخول 17يوليو 2016م الساعة 11صباحا)

[7] حركة المقاومة الإسلامية حماس دراسة في الفكر والتجربة (تحرير د.محسن محمد صالح)pdf,مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت

[8] المرجع نفسه

[9] التقرير الاستراتيجي لسنه 2011,(تحرير د.محسن محمد صالح)pdf,مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

[10] المرجع نفسه,ص18

[11] المرجع نفسه,ص23

[12] المرجع نفسه,ص25

[13] المشهد الاستراتيجي بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2012,مركز دراسات الشرق الاوسط,على الرابط http://www.mesc.com.jo/Studies/Studies_16.htm

[14] مركز الجزيرة للدراسات ,لعبة نتنياهو:ترجيح ضرب ايران بورقة الانتخابات الامريكية على الرابط

http://studies.aljazeera.net/positionestimat

[15] مركز فلسطين للدراسات, ميزان الربح والخسارة في حرب الفرقان بين اسرائيل وحماس, على الرابط التالي, http://pal-studies.ps/data/files/balance

[16] د.ابراهيم حبيب, العملية العسكرية “الإسرائيلية” الثانية على قطاع غزة عامود السحاب تشرين الثاني/ نوفمبر

2102 (: “الأهداف والنتائج”)pdf,(غزة ,2012,كلية الشرطة الفلسطينية)ص30

[17] المرجع نفسه,ص30

[18] طارق عثمان, مرجع سابق

[19] ابراهيم حبيب, مرجع سابق,ص33

[20] ابراهيم حبيب, مرجع سابق,ص29

[21] باسم القاسم, صواريخ المقاومة في غزة سلاح الردع الفلسطينيpdf(بيروت:مركز الزيتونة للدراسات,2015)ص57

[22] ابراهيم حبيب ,مرجع سابق,ص29

[23] زمن حماس الصعب, دراسة صادرة عن معهد أبحاث الامن القومي الاسرائيلي, على الرابط http://www.safsaf.org/word/2014/feb/80.htm (تاريخ الدخول 21يوليو 2016 الساعة 11صباحا)

[24] زمن حماس الصعب, مرجع سابق

[25] العدوان الاسرائيلي الجديد على غزة, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على الرابط http://www.dohainstitute.org/release/3ead9cf9-cf5e-4416-aa62-45f903c0ce7b(تاريخ الدخول 21اغسطس الساعة 10:00مساء)

[26] وسام جودة, استراتيجية كتائب القسام القتالية معركة العصف المأكول 2014pdf, (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات,2015)ص3

[27] العدوان الاسرائيلي على غزة 2014م,موقع جديد برس على الرابط http://www.jadidpresse.com (تاريخ الدخول 19اغسطس 2016 الساعة 11مساء)

[28] وسام جودة, مرجع سابق, ص6

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى