الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

الفوائد – والمخاطر – من تعزيز المشاركة الأمريكية في الحرب الأهلية اليمنية

-المركز الديمقراطي العربي

لقد أنزلت الحرب الأهلية في اليمن الدمار بالشعب اليمني والبنية التحتية في البلاد. ويعاني ما يقرب من نصف مليون طفل من سوء تغذية شديد الحدة، الأمر الذي ينهك أجسادهم ويهدّد حياتهم. كما أسفرت الحرب عن جلب نظام الرعاية الصحية إلى حافة الانهيار، وشرّدت مليونيْ شخص وأرغمت 10 ملايين آخرين على الاعتماد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وقد حذّرت إدارة أوباما شريكتها الوثيقة المملكة العربية السعودية من الانجرار بشكل أعمق إلى حرب استنزاف أجّجها الإيرانيون جزئياً بتكلفة منخفضة جداً. وبالانتقال سريعاً إلى أحداث اليوم، تسارع الحكومة اليمنية وداعموها في التحالف، بمن فيهم السعوديين، إلى تصعيد جهودهم العسكرية.

وقد سبق لإدارة ترامب أن اعتبرت أن اليمن يشكل تهديد إرهابي. وفي الوقت الذي تقوم فيه الإدارة الأمريكية الجديدة بوضع سياستها الخاصة تجاه اليمن، لا بدّ لصنّاع القرار الأمريكيون أن يدرسوا بعناية الإستراتيجيات التي يتبعها شركاؤهم.

ولا يمكن للتصعيد العسكري وحده أن يؤدي إلى قطع علاقة الحوثيين مع الإيرانيين. ويتعيّن على أي مقاربة أمريكية أن لا توافق على جعل الشعب اليمني الرهينة الرئيسية لهذا الصراع. وأخيراً، يجب على أي إستراتيجية أمريكية أن لا تقبل بالغوص بصورة أعمق في مستنقع من صنع إيراني في اليمن.

منذ ما يقرب من عشرة أشهر، امتدّت الحرب في اليمن بانتظام إلى البحر الأحمر وأدّت بالتالي إلى تدهور الأمن البحري في حوضه. وحتى الآن، استهدفت هجمات الحوثيين بشكل رئيسي المملكة العربية السعودية والإماراتيين ومن يعتبرهم المتمردون ضمن التحالف الذي تقوده السعودية، واستخدموا في هجماتهم القذائف الانسيابة المضادة للسفن والمراكب “الموجهة عن بعد”.

وتُسبب الأسلحة المتطورة التي تستخدمها الجهات الفاعلة من غير الدول وتزايد نشاط زرع الألغام إلى زيادة الخطر بأن يؤدي الصراع إلى تعطيل حرية الملاحة والتجارة عبر البحر الأحمر، ومضيق باب المندب الذي يشكّل ممراً مائياً هاماً لنقل الطاقة.

وأشارت السعودية ودولة الإمارات إلى أن الاستيلاء على الحديدة، ميناء الشحن الأكثر أهمية في اليمن، قد يمنع المتمردين الحوثيين من الوصول إلى البحر ويخفف من حدة هذا الخطر.

وفي الوقت نفسه، تَظهر في اليمن بوادر مجاعة واسعة النطاق. وتُعتبر الجهود التي بذلها التحالف حتى الآن للتضييق على أنشطة الحوثيين وعلى تهريب الأسلحة الإيرانية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بمثابة حصار – إذ تبطئ تدفّق الأغذية والأدوية والوقود إلى اليمن، وتردع بعض شركات الشحن عن إرسال سفنها إلى الموانئ اليمنية.

وبما أن اليمن يستورد 90 في المائة من أغذيته، فإن العديد من الخبراء يحذرون من أن إعادة السيطرة على الحديدة ستؤدي في النهاية إلى قطع إمداد الغذاء الضعيف أصلاً الذي يدخل حالياً إلى الدولة المحاصرة، وانزلاق البلاد نحو مجاعة تامة.

ويمكن استخدام عملية حظر بحري معاد تنشيطها وأكثر دقة – تدعمها الولايات المتحدة وتيسّرها من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب والتنسيق – لعرقلة تهريب الأسلحة الإيرانية وزيادة تدفّق الأغذية والأدوية والوقود إلى اليمن. ونظراً لاستمرار الصراع، وخطر المجاعة، والتفشي السريع لوباء الكوليرا – أفادت التقارير أن عدد الحالات المشتبه فيها قد تجاوز 300,000  حالة مؤخراً – فإن كلاهما يشكلان هدفان عاجلان.

وفي هذا السياق نشر معهد واشنطن تحليل للباحث “إريك بيلوفسكي” وهو زميل زائر في المعهد وكوماندر “جيرمي فوغان” وهو ضابط في البحرية الأمريكية وزميل “الجهاز التنفيذي الاتحادي” في معهد واشنطن،حول خيار السياسة والفوائد – والمخاطر – من تعزيز المشاركة الأمريكية حيث يقول الباحثيين:

قد تعرض الولايات المتحدة دعم عملية حظر بحري أكثر فعالية في اليمن وحولها، لمنع تدفّق أسلحة إضافية إلى اليمن وتسريع تدفق الأغذية والأدوية والوقود إلى الموانئ اليمنية على البحر الأحمر.

وتوفر قرارات مجلس الأمن الدولي الحالية (قرارا مجلس الأمن 2216 و2231) نظاماً قانونياً قابلاً للتطبيق لمثل هذه الاعتراضات البحرية. ويمنح هذا الإطار القانوني آلية لتفتيش معظم السفن في المياه الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، تستطيع حكومة اليمن المعترف بها دولياً برئاسة عبد ربه منصور هادي تفتيش أي سفينة في طريقها إلى ميناء يمني بمجرد دخولها المياه الإقليمية للبلاد (بحكم التعريف، يستثني ذلك المرور البريء). وفي نيسان/إبريل وأيار/مايو 2015، تصدّت البحرية الأمريكية بنجاح لمحاولات إيران تسليم شحنات إلى الحديدة في سفن ترفع الأعلام الإيرانية وترافقها قوات بحرية مسلحة.

وفي أعقاب ذلك، أنشأت الأمم المتحدة “آلية التحقق والتفتيش” لاستعراض السفن التي تحمل البضائع إلى الموانئ اليمنية على البحر الأحمر وتفتيشها عند الضرورة وذلك من أجل ردع المواجهات العسكرية المستقبلية في أعالي البحار. ووُضعت هذه الآلية بناءً على طلب الحكومة اليمنية في 6 آب/أغسطس 2015.

ومع ذلك، فلأسباب تتعلّق بالعمليات لا تَستعرض “آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش” أو تفتّش السفن التي لا يزيد وزنها عن 100 طن متري. ويفضّل مهرّبو السلاح في بحر العرب هذه السفن والمراكب الشراعية الصغيرة لنقل الأسلحة الإيرانية.

وتستطيع الولايات المتحدة تقديم مجموعة متنوعة من الدعم لمساعدة التحالف بقيادة السعودية على تعزيز عمليات الحظر قُبالة ساحل اليمن. وتشمل هذه التدابير المحتملة زيادة عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، وزيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتدريب على الصعود على متن السفن/التفتيش المتعاون والمعارض والمساعدة في التنسيق.

ويمكن لهذا الدعم الأمريكي أن يعيد تنشيط عمليات الحظر البحري التي يقوم بها التحالف حول اليمن، وعلى نفس القدر من الأهمية، إعادة تحديدها من أجل التركيز على سفن الشحن والمراكب الشراعية الصغيرة.

وقد يؤدي تدويل هذه الجهود إلى تكثيف الضغوط على إيران للحدّ من تهريبها للأسلحة إلى اليمن، وعلى الحوثيين للامتناع عن القيام بمحاولات إضافية للتدخّل في حركة الملاحة البحرية حول اليمن ومضيق باب المندب. ويستطيع شركاء السعودية الدوليين الآخرين أيضاً توفير المزيد من عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، والتدريب، ودعم التنسيق، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

وقد يوفّر إنشاء “فريق عمل مشترك” يُستخدم بالفعل لمكافحة الإرهاب (CTF-150) ومكافحة القرصنة (CTF-151) والأمن البحري في الخليج (CTF-152) هيكلية مألوفة لمشكلة الأمن في المياه المحيطة باليمن، ويضمن تكليف كل دولة بالواجبات المستعدة لتنفيذها فقط، مع الاستمرار في الاستفادة من نقاط القوة الخاصة بكل بحرية.

ومن جهته، يوفّر “مركز التدريب الخاص بعمليات الحظر البحري” التابع لـ “منظمة حلف شمال الأطلسي” (“الناتو”) في “خليج سودا” في جزيرة كريت صفوفاً متقدّمة وتعليمات عملية في مجال عمليات الحظر البحري، يشارك فيها بالفعل عدد صغير من الطلبة العسكريين من دول الخليج.

إن زيادة الالتحاق بـ “المركز” يمكن أن تحسّن على الفور تكتيكات عمليات الحظر البحري وقد تساعد على تطوير قدرة حظر بحري طويلة الأمد. ويستطيع الشركاء البحريون من أوروبا، فضلاً عن دول أخرى مثل أستراليا والهند وباكستان وكوريا الجنوبية على أساس طوعي ودوري، مشاركة عبء عمليات الحظر البحري وتوجيه رسالة قوية إلى إيران في الوقت نفسه.

  • الفوائد – والمخاطر – من تعزيز المشاركة الأمريكية:

يمكن أي تؤدي زيادة الدعم الأمريكي إلى تعزيز المصالح الوطنية بعدة طرق.

أولاً: قد تحدد المشاركة الأمريكية الجهود الإيرانية الإضافية لتسليم الأسلحة وغيرها من المساعدات العسكرية للحوثيين.

ثانياً: قد يساعد الوجود الأمريكي – حتى لو لم يكن على خط الحراسة لعمليات الحظر البحري – على ردع سفن التهريب من دخول المنطقة.

ثالثاً: يمكن أن تمنح المشاركة الأمريكية لشركات الشحن الشرعية الطمأنينة والثقة بأنه لن تتم عرقلة تسليم الأغذية والأدوية لهذه الموانئ. رابعاً، من خلال تركيز جهود التحالف على مجموعة أهداف أضيق نطاقاً، فإن ذلك قد يساعد على دعم التنسيق الأمريكي على تسريع تسليم الشحنات إلى الموانئ اليمنية.

وبطبيعة الحال، إن تقديم مثل هذا الدعم يحمل مخاطر للولايات المتحدة. فبذل جهد أكبر في مجال حظر الملاحة البحرية دون بذل جهد مواز لمعالجة تقارير التهريب البرّي قد يؤدي إلى إنفاق استثمار كبير في الموارد البحرية دون تحقيق انخفاض بالتدفق الإجمالي للأسلحة.

رابعا: إذا نجحت المراكب الشراعية الصغيرة في جذب السفن الحربية لعمليات الاعتراض البحري إلى نطاق منظومات الأسلحة الساحلية، فبإمكانها مواصلة الهجمات المتزايدة كما ذُكر سابقاً. ويكمن الخطر الأكبر في انجرار الولايات المتحدة أكثر فأكثر بصورة عارضة أو متعمدة إلى الصراع اليمني الأوسع نطاقاً.

وبالفعل، قد يسعى الحوثيون أو الإيرانيون إلى إشراك الولايات المتحددة بصورة مباشرة بدرجة أكبر في الحرب لزيادة استقطاب الصراع، وبالتالي توسيع دعم معسكرهم داخل اليمن وخارجها. وقد يؤدي الهجوم البحري المحدود على سفينة حربية أمريكية إلى تسريع المشاركة العسكرية الأمريكية المباشرة.

وأخيراً: إذا حصل التحالف على دعم دولي موسع، فإن الفجوات في القدرات بين بحرية التحالف والبحرية الغربية قد تؤدّي إلى طلب لا ينتهي على السفن والعناصر الأمريكيين، مما يشكّل خطراً حقيقياً يتمثّل بانزلاق المهمة.

ومن دون بذل جهود واعية للحفاظ على مستويات مشاركة العبء المحددة مسبقاً، فإن القوى الأكثر فعالية ستتحمل في نهاية الأمر المزيد من عبء عمليات الحظر البحري.

وباختصار، يبدو أن عملية الاعتراض البحري المعاد تنشيطها والأكثر دقة – التي تدعمها وتيسّرها الولايات المتحدة – جديرة بالاهتمام. فقد تساعد على الحدّ من التهديدات البحرية في البحر الأحمر وعلى تخفيض عرقلة عمليات الشحن بين البحر الأحمر ومضيق هرمز، وهما من المصالح الجوهرية للولايات المتحدة.

ويمكن تصميم الدعم الأمريكي بحيث يتدفق في البداية من أجل تمكين عمليات حظر أكثر دقة وفعالية يقوم بها التحالف ثم يتم سحبه حالما تصبح قوات التحالف أكثر قدرة على تنفيذ عمليات الحظر البحري المحسّنة. ويساعد صقل جهود التحالف وتعزيزها على ردع تدفق الأسلحة الإيرانية التي تساعد على تغذية الصراع، والسعي في الوقت نفسه إلى زيادة تدفق الأغذية والأدوية والوقود بدرجة كبيرة إلى الشعب اليمني اليائس.

  • الهجمات الحوثیة الأخيرة علی الأھداف البحرية للتحالف:

منذ اندلاع الصراع في اليمن في آذار/مارس 2015، شنّ المتمردون الحوثيون أربعة هجمات على أهداف تابعة للتحالف أو أهداف بحرية تابعة للتحالف (سفينة إماراتية من طراز “إتش أس في -2 سويفت” في تشرين الأول/أكتوبر 2016، والفرقاطة السعودية “المدينة” في كانون الثاني/يناير 2017 وسفينة تابعة لقوات حرس السواحل اليمنية في آذار/مارس 2017 ومنشأة ساحلية تابعة لشركة “أرامكو” السعودية في نيسان/إبريل 2017) وهجومين على سفينة أمريكية (كلاهما في تشرين الأول/أكتوبر 2016) ومرتين إضافيتين على سفن شحن أخرى (في حزيران/يونيو 2017).

وردّت الولايات المتحدة على الهجمات التي استهدفت سفنها بمزيج من الدبلوماسية والضربات العسكرية المدروسة ضد ثلاثة مرافق رادار في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر لم تُستهدف السفن الأمريكية بأي هجمات.

  • حسنات عمليات الحظر [الاعتراض] البحري بالمقارنة مع الحصار:

خلال عمليات الحظر البحري، تراقب قوة بحرية إمكانية الوصول إلى الممرات المائية ومنع سفن محددة، في حين السماح بالتدفق الحر للتجارة البحرية المشروعة أو حتى ضمانها. ولتنفيذ عمليات الحظر البحري، تبني القوات البحرية شبكة من قوات المراقبة والاستخبارات وقوات الحظر، حيث تقوم عمليات الإنفاذ الخاصة بها بتحويل المواد المهربة أو تعطيلها أو تأخيرها أو ضبطها.

وغالباً ما ترغم عمليات الحظر شبكات التهريب على إجراء تغييرات والتواصل بشأنها، مما يجعلها أكثر عرضة للمزيد من التعطيل. وقد أظهرت جهود عمليات الحظر البحري في الخليج العربي (1991-2003) آثاراً ملموسة.

وعلى الرغم من كثافة الموارد التي تتطلّبها هذه العمليات والخطورة التي تترافق معها في بعض الأحيان، إلّا أنّها نجحت في إبطاء محاولات الرئيس العراقي صدّام حسين لإعادة التسلح في أعقاب “حرب الخليج” عام 1991.

إن العمليات البحرية المحدودة بالفعل المتاخمة لليمن والقريبة منها والتي ترمي إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظّر نقل الأسلحة إلى اليمن (قرار مجلس الأمن 2216، الفقرات من المنطوق 14-17) عمليات نقل الأسلحة من إيران (قرار مجلس الأمن 2231، الملحق B، 6 (b)) قد أسفرت عن بعض الاعتراضات. وفي عام 2015، اعترضت السفن الأمريكية والأسترالية سفينة “ناصر” المليئة بأنظمة أسلحة مضادّة للدبابات ومصدرها إيران.

وفي شباط/فبراير 2016، استولت سفينة البحرية الأسترالية “داروين” على أسلحة إيرانية على متن مركب داو شراعي – سفينة صيد صغيرة – يتّجه نحو اليمن. وبعد مرور شهر، اعترضت القوات البحرية الفرنسية والأمريكية مراكب شراعية في حوادث منفصلة ووجدت شحنات أسلحة إيرانية متجهة إلى اليمن.

وتشير هذه الاعتراضات الانتهازية إلى أن التنفيذ الكامل لعمليات الحظر البحري لوقف نقل الأسلحة إلى اليمن قد تكون مثمرة.

ويوفّر تعزيز عمليات الحظر البحري وسيلة لتحسين الأمن في البحر الأحمر دون المخاطرة بنشر جنود أمريكيين على الأرض. وبالمثل، من المرجح أن تكون الدول المترددة بشأن التدخّل المباشر أكثر استعداداً لإنفاذ قرارات مجلس الأمن عن طريق عمليات الحظر البحري.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تحويل ما يعتبره الكثيرون حصاراً إلى عملية حظر وتسريع تدفق الغذاء قد يؤدي إلى الحد من العوامل المحرّكة الرئيسية للصراع، وفي الوقت نفسه زيادة شرعية الجهود البحرية للتحالف.

وأخيراً، قد تؤكد المعلومات الاستخباراتية المكتسبة من خلال حظر شحنات الأسلحة غير المشروعة ارتباط إيران بشحنات الأسلحة هذه، مما يوفر بالتالي قدراً أكبر من النفوذ للمجتمع الدولي عند التعامل مع الجمهورية الإسلامية.

ومع ذلك، وكما أُشير سابقاً، تتطلّب استدامة الجهود التقليدية لعملية الحظر البحري موارد كثيفة. ومن وجهة نظر خارجية، قد تبدو عملية الحظر البحري بسيطة مثل نقطة تفتيش للشرطة، ولكنها في الواقع أكثر تعقيداً بكثير. على سبيل المثال، أجرت القوات البحرية التابعة لـ”عملية حرية العراق” 5000 تحقيقاً ونفّذت 2600 عملية اعتراض سفينة وحوّلت مسار 400 سفينة للتفتيش.

وتتطلّب عمليات الحظر البحري الفعالة سفناً حربية، ومعلومات استخباراتية، ومراقبة، وعمليات استطلاع، وتنسيق [بين قوات] التحالف وتدريب. فالحجم الهائل للمساحة المائية يفرض على الاعتراض البحري البدء أولاً بعمليات جمع معلومات استخباراتية ومراقبة واستطلاع كثيفة لتحديد خط الأساس. ويلي ذلك رصد مهرّبي الأسلحة المحتملين، والصعود على متن سفنهم بموجب القانون الدولي وتفتيشها.

أما المعلومات الاستخباراتية المكتسبة من خلال تفتيش السفن فتُدرج في النظام لجعل العمليات اللاحقة أكثر فعالية. وبالنظر إلى عدد السفن المطلوبة لاستدامة عملية الحظر البحري، والتكلفة التشغيلية لسفينة بحجم فرقاطة قد تزيد عن 1.3 مليون دولار شهرياً، قد تكون الفاتورة هائلة. فقد بلغت تكلفة “عملية أتالانتا” أو جهود الاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة في خليج عدن، حوالي 450 مليون دولار في عام 2009.

ولا بدّ أيضاً من الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الهامة لاستخدام القوة في الحماية. فعند اعتراض مهرّب محتمل، ينبغي الصعود على متن سفينته وتفتيشها باستخدام سفينة حربية على مسافة قريبة جداً.

وإذا لم تتعاون السفينة المشتبه فيها، فإن الفِرَق التي تقتحمها قد تواجه أي شيء بدءً من التدابير السلبية وإلى الأسلحة الصغيرة وخراطيم المياه. وإذا تم الاستيلاء على سفينة، فإن بحّارة “طاقم الغنيمة” الذين استولوا على السفينة قد يواجهون طاقماً معادياً أو سفينة غير صالحة للإبحار هيكلياً.

فقد وقعت فاجعة في عام 2001 عندما قُتل أفراد من طاقم الغنيمة من جرّاء غرق السفية البالية التي استقلوها. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأن المهربين يميلون إلى الإبحار بالقرب من الساحل، فمن المرجح أن تجذب جهود عملية الحظر البحري قوات بحرية على مقربة من الشاطئ، مما يزيد من خطر الهجمات التي يقودها الحوثيون أو يوجهونها باستخدامهم القذائف الانسيابية للدفاع الساحلي، أو الألغام، أو المراكب المتفجرة غير المأهولة.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى