الدراسات البحثيةالمتخصصة

التعديل الجراحي لجغرافية الوطن العربي التداعيات الاستراتيجية لقضية جزيرتي”تيران-صنافير”

اعداد: بلعيشة محمد – باحث دكتوراه في العلوم السياسية و العلاقات الدولية
تخصص “دراسات آسيوية” جامعة الجزائر -3-
  • المركز الديمقراطي العربي

تقديم:

شكلت إستراتيجية الحظر النفطي 1973م التي قامت بها الدول العربية تهديدا جديا للغرب و للدول الداعمة لإسرائيل، وأثبتت أن للأطراف العربية بدائل عديدة قد تعوض التقهقر العسكري، وبدا واضحا انه يمكن توظيف عامل الطاقة و الجغرافية في الصراع،  فالتموضع الاستراتيجي الذي يتميز به موقع العالم العربي يقدم عدة بدائل وعدة طرق جديدة في يد العرب يستخدمونها في صراعهم مع الكيان.

تمكن الدعم الدولي لإسرائيل و المتمثل في المعونات المالية و العسكرية وحتى القانونية، من تحقيق السبق لصالح الكيان الإسرائيلي، لكن في الشق الجغرافي و الطبيعي فان فكرة أي دعم تبقى بعيدة أو شبه مستحيلة، خاصة بالحديث عن افتقاد الكيان الإسرائيلي للعمق الاستراتيجي، وانكشافه أمام أي عمل عسكري استراتيجي عربي وهو ما اثبت خلال قصف العراق لتل أبيب.

هذا الوضع شكل هاجسا للكيان، إذ انه يبقى مهددا مادام العرب يتمتعون بالقوة الجغرافية، إذ يعتبر طيفهم الجغرافي منتجا لكل متطلبات القوة،  تعي إسرائيل أنها تفوقت على أشخاص ولم تتفوق على الجغرافية، فالأشخاص يتغيرون، لكن الجغرافية تبقى ثابتة، وفي حال وصول أشخاص إلى زمام الحكم في المنطقة العربية فان ذلك سيجعل الكيان أمام إمكانية الزوال.

هذا الهاجس طرح فكرة التعديل الجراحي للجغرافية في المنطقة العربية، وبالفعل أخذت إسرائيل و القوى الداعمة لها بمشاريع تسوية سياسية  تضمن امن الكيان، لتتبعها بمشاريع تسوية جغرافية ديمغرافية، و العبث في المعادلة الطبيعية للمنطقة بما يتوافق وقيام الدولة العبرية وضمان أمنها، و اصطناع عمق استراتيجي جديد.

وكجزئية من السياق الكلاني نتناول قضية جزيرتي تيران و صنافير وإجراءات تسليمهما، إذ نحاول تقديم قراءة لتداعيات التسليم على المنطقة العربية و الكيان، وما سينتج عنها من اختلال في ميزان القوة الجغرافية في المنطقة، ولصالح من سيكون التفوق و السبق.

خلفية تاريخية:

ترجع قضية أصل الجزيرتين إلى سنة 1906م، بموجب “اتفاقية الحدود الشرقية لمصر”، بين مندوبي السلطنة العثمانية و بين الخديوية المصرية، بشأن تعيين خط فاصل إداري بين ولاية الحجاز و متصرفية القدس و بين شبه جزيرة طور سيناء[1]، وهذا باعتبار أن المملكة لم تكن وقتها.

وفي العام 1948 وبعد قيام (إسرائيل)، واحتلالها لمدينة “أم الرشراش” الأردنية و تأسيسها لميناء “إيلات” قامت المملكة السعودية بتسليم الجزيرتين إلى مصر، قصد تعزيز الموقف العسكري العربي في مواجهة إسرائيل وضعف القوة البحرية السعودية.[2]

في عام 1951م أعلنت مصر في إطار الحروب العربية- الإسرائيلية حضر مرور السفن الإسرائيلية من خلال ممر تيران[3]، وردا منها على هذه المحاولة قامت إسرائيل باحتلال الجزيرتين عام 1956م أثناء العدوان الثلاثي على مصر؛ منسحبة بعد ذلك في 1957م،  لتعاود احتلالها بعد حرب الستة أيام 1967م وترجعها بعد ذلك إلى مصر سنة 1982م بموجد اتفاق كامب ديفيد 1979م لتندرج الجزيرتين في المنطقة (ج).

في ابريل سنة 2016م اقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتبعية الجزيرتين للسعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود، لكن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكما نهائيا واجب النفاذ يقر ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر و السعودية التي تعترف بمرجعية الجزيرتين إلى السعودية، إذ أكدت المحكمة على أن الجزيرتين فضاء مصري خالص، لكن و لأسباب مجهولة محكمة القاهرة قضت بسريان الاتفاقية ، مخالفة بذلك حكم المحكمة الإدارية العليا، مثيرة بذلك جدلية حول أي المحكمتين يؤخذ بحكمها، فأحالت الحكومة مهمة الفصل بين المحكمتين إلى المحكمة الدستورية[4]، وأحيلت بموجب هذا الاختلاف القضية إلى البرلمان المصري و الذي اقر باتفاقية الحدود البحرية بين السعودية ومصر.[5]

الأهمية الجيوستراتيجية للجزيرتين:

تقع الجزيرتين عند مدخل خلج العقبة، حيث أدى وجودهما إلى تضيق وخنق مدخل الخليج، و إمكانية السيطرة عليه بكل سهولة[6]، نظرا لموقعها الملزم للملاحة في الخليج أن تخضع للمسيطر على الجزيرتين.

  1. تيران: تقع في مدخل مضيق تيران، و الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد حوالي 06 كلم عن ساحل سيناء الشرقي، وتقدر مساحة جزيرة تيران 80 كلم2 ، وكانت هذه الجزيرة في عصور قديمة نقطة تجارية بين أهم الممالك و الأقطار التجارية كالهند و آسيا الشرقية، وكانت توجد بها محطة بيزنطية لجبي الجمارك عن البضاعة.[7]
  2. صنافير: تقع صنافير شرق جزيرة تيران بمسافة تبلغ حوالي 2.5 كلم، وتبلغ مساحتها نحو 33 كلم2 ، ويوجد جنوبيها خليج مفتوح يصلح ملجأ للسفن في حالات الطوارئ.[8]

وبالطريقة التي تتموضع بها الجزيرتين تتشكل ممرات بحرية هي:

  1. ممر انتربرايز: وهو الممر القريب من الساحل المصري، وهو الممر الوحيد الصالح لمرور السفن الكبيرة، إذ أن الملاحة في خليج العقبة هي من شأن انتربرايز ، إذ تعتبر الملاحة داخل السواحل المصرية في منطقة رأس نصراني و شرم الشيخ.[9]
  2. ممر غرافتون: وهو الممر الواقع أيضا بين تيران وشرم الشيخ و البالغ عمقه 73 مترا، ويبقى ممر ثالث عمقه 16 متر، وهذين الممرين غير صالحين للملاحة.[10]

تعتبر الجزيرتين نقطة تحكم في الملاحة، إذ تغلقان النفوذ إلى خليج العقبة، خاصة وأنها تعتبر ربما الممر الوحيد الذي يخضع لدولة واحدة ما يجعل مياهها مياه إقليمية خالصة، إضافة إلى القيمة السياحية التي تحوزها هذه الجزر، فهي تعتبر من المناطق السياحية على الصعيد العالمي، ما جعلها فضاء اقتصاديا مهما إلى جانب احتمالية وجود اكتشافات طاقوية فيهما.

الأهمية الطبيعية تتفاعل مع البيئة السياسية و التاريخية السائدة، اذ تعرف المنطقة المتواجد فيها الجزيرتين حالة من التوتر و الصراع، تجعل منهما –الجزيرتين- نقطة إستراتيجية تحسب لصالح المسيطر عليها، فقد استخدمتا في الحروب العربية-الاسرئيلية و تم احتلالها مرتين.

باحتلال مدينة “أم الرشراش” من طرف إسرائيل وإنشاء ميناء إيلات فيها ، أصبح خليج العقبة مشتركا بين أربعة فواعل (مصر- السعودية- الأردن- إسرائيل)، مع الأخذ في الحسبان امتلاك مصر للمدخل و المتمثل في مضيق تيران وتوظيفها له في حروبها مع إسرائيل، إذ سجل لمصر  حضرها لمرور السفن الإسرائيلية عبر ممر انتربرايز أكثر من مرة، كما سجل لإسرائيل ايضا احتلالها للجزيرتين مرتين، وعند تسليمهما بعد اتفاق كامب ديفيد شددت على أن تكونا ممرا دولي، وهذا ما يفسر  عمق الجزيرتين الاستراتيجي، إذ أصبح النفوذ إسرائيل بحريا لآسيا و افريقيا تحت السيطرة العربية  (مضيق تيران و قناة السويس).

 تبعات انتقال الجزيرتين:

يحمل نقل الجزيرتين في ثناياه العديد من الدلالات  فعلى الرغم من اعتبار الكثير لعملية تسليم الجزيرتين  بانها حدث عرضي، إلا انه في الحقيقة ذو  تداعيات هيكلية، قد تعبث بالمستقبل الجيوبوليتيكي للمنطقة:

  1. تعديل كامب ديفيد: بموجب عملية التسليم للجزيرتين، فسيفضي ذلك الى توسيع اتفاق كامب ديفيد، وحلول السعودية طرفا جديدا في الاتفاقية، ما يعني اعترافا سعوديا بإسرائيل ولو ضمنيا، وتطبيعا على مختلف الابعاد خاص الامني و الاستخباراتي، لان الجزيرتين تقعان في المنطقة (ج)  من الاتفاق.[11]

كان الهدف من اتفاقيات كامب ديفيد هو عزل مصر  عن القاطرة العربية و التفرد بها باعتبارها خط تماس مع إسرائيل، لذلك الاولوية و الضرورة الامنية بالنسبة لإسرائيل تقتضي ذلك، فقد كانت مصر هي الفاعل الرئيس في مواجهات 48- 56 – 67 -73[12]، ان تحييدها من المنظار الإسرائيلي يفي بمتطلبات القيام و مساعي تثبيت الكيان في الشرق الاوسط.

اخراج مصر من الصراع، له بعد امني استراتيجي معروف، يقع في القلب منه بعد دفين وهو  نشر تصور نمطي عن الصراع مفاده أن العروبة ليست مبرر الاطراف العربية في خوض الصراع و لا حتى الاسلام، وانما النزعة القطرية و المتطلبات الجغرافية لكل طرف وحده، بمعنى ان الاهداف المصرية كانت مصالح مصرية خالصة، وتختلف مثلا عن الاهداف العراقية او السورية.

خروج مصر شكل حالة سلب للاطراف العربية ادراكها الجمعي للقضية الفلسطينية على الصعيد الجزئي و  العمل الوحدوي المشترك و الصراع مع الكيان كنسق عام، خلق حالة من الانكشاف و التصدع، فلا مصر ابقت على مكانها و لا قامت دولة اخرى بشغل فراغها الذي خلفته، حالة الانكشاف هذه  تبعتها سلسلة ضربات للداخل العربي من الحرب الحرب اللبنانية، وقصف المفاعل النووي العراقي ، واحتلال بيروت الى احتلال العراق، اضافة الى اتفاقات التسوية مثل “وادي عربة” و “اوسلو”[13]، وصولا الى اتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير ، ودخول السعودية في اتفاقية كامب ديفيد.

  1. تعديل جديد في الجغرافية: باتمام عملية التسليم ، فان ذلك سينهي سيطرة مصر  و انفرادها بالمياه الاقليمية في مضيق تيران المائي، حيث ستصبح هناك حدود بحرية بينها وبين السعودية تحديدا في ممر انتربرايز،  فقد اصبحت شواطئه الشرقية سعودية و الغربية مصرية الجنسية بموجب الاتفاق، ما يعني ان مياه المضيق سيتم توزيعها بمعدل 2 كلم لمصر و  مثلها للسعودية كمياه اقليمية تخضع لسيادة الدولتين، على ان تبقى المياه الاخرى مياها دولية.[14]

بخلق ممر دولي لا يخضع لاي من الاطراف في المنطقة ، يعتبر ذلك ضربا للاستراتيجية المصرية في البحر الاحمر، مؤثرا بذلك على القدرات الدفاعية عن سيناء، في حال حدوث حرب مستقبلا ستكون الاوضاع أكثر صعوبة باعتبار مضيق تيران مضيقا دوليا.[15]

من المستفيد؟

لو اخضعنا هذه العملية لميزان الربح و الخسارة، فسنجد ان السعودية في غنى الجزيرتين بحكم سواحلها المترامية على الضفتين الشرقية (الخليج) و الغربية(البحر الاحمر و خليج العقبة)، ولو افترضنا ان التسليم يعبر عن رغبة من السعودية من التواجد في خليج العقبة فهي من الاصل تملك شواطئ فيه، الاردن هي الاخرى دولة عربية لا تخشى منعها مضيق تيران ، مصر هي الاخرى تملك سواحل على البحرين المتوسط و الاحمر، و من الاكيد ان فقدانها للجزيرتين حتى ولو كان المقابل علاقات متميزة مع السعودية هو خسارة استراتيجية، إسرائيل وبحكم وجودها في راس خليج العقبة فان فتح ممر حر  سيكسر العزلة وتصبح بذلك غير خاضعة لاي ضغوط مصرية ، ومشروعها القاضي بربط البحرين المتوسط و الاحمر  بقناة بحرية سيصبح عقلانيا، اذن فالجزيرتين ليستا ذات اهمية للسعودية، وهما غير مهمتين بالنسبة للاردن، وخسارة استراتيجية لمصر، ومكسب لإسرائيل.

جدير بنا ان  نذكر  بان إسرائيل ترفض اي تعديل او اخلال في اتفاق السلام، فهي لم تقدم حتى تنازلات بخصوص بنود اتفاق المنطقة (ج)  التي تسقف مستويات التسليح و الاعداد للقوات المصرية، و التي تعرف نشاطات متطرفة يجد الجيش المصري صعوبات في التعامل معها بسبب محدودية المقدرات العسكرية في المنطقة (ج)  وهي المنطقة التي تقع فيها الجزيرتين، ورغم شعار إسرائيل المنادي بالحرب على الارهاب الا انها لم تتنازل، لكن في قضية الجزيرتين نجد لاول مرة ترحب إسرائيل بتعديل في الاتفاق و نصوصه وحتى اطرافه.[16]

جغرافيا تتموضع إسرائيل في راس خليج العقبة، وفي مساعي وصولها الى البحر الاحمر، وضفاف قارة آسيا جنوبا خاصة ان هناك حلفاء عسكريين بحريا (الهند) وكذلك العمق الافريقي، فانها تجد امامها ثلاث خيارات، الخيار الاول هو ان تنطلق سفنها من ميناء حيفا او اسدود عبر البحر التوسط، مرورا بقناة السويس المصرية، وهو  طريق غير مريح لإسرائيل حتى المستقبل القريب وتعتبره ضربا من ضروب الحصار، مدرجة حساب تغير الأنظمة وممكن تنصيب انظمة معادية قد تقطع عنها القناة كما حدث في 1951 و 1967، وربما ما كان سيحدث في حكم الرئيس محمد مرسي، الخيار الثاني هو الانطلاق من ميناء ايلات عبر خليج العقبة للخروج من مضيق تيران عبر ممر انتربرايز وهو خاضع لسيادة مصر  شأنه شأن القناة، وفي ظل استحالة الخيار الثالث و الذي يعني الانطلاق عبر المتوسط مرورا بمضيق جبل طارق لتلتف حول افريقيا لتصل البحر الاحمر، و المحيط الهندي وهذا خيار غير منطقي.

هذا التطويق الجغرافي يجعل من عملية التسليم للجزيرتين فرصة لشق ممر دولي، يكسر  العزلة البحرية لإسرائيل، ويقوض السيطرة العربية على الملاحة و القوة البحرية في المنطقة، كما سيوفر لها امكانية شق قناة رابطة بين البحر الاحمر و المتوسط تنافس قناة السويس[17] مايعني تحدي جديد يضاف الى النظام المصري على تحدي سد النهضة، كل هذه الرؤى لن تتحقق الا  بتسليم الجزيرتين وجعل المضيق دوليا.

بانشاء مشروع القناة البحرية المزعوم المنطقي مستقبلا، تصبح إسرائيل تملك عمقا استراتيجيا مصطنع، اذ ستستقطب الملاحة الدولية  وتكسر احتكار مصر للملاحة، ما سينقص نسبة الملاحة في القناة الى النصف او مادون ذلك، نتيجة تحالفات إسرائيل الدولية و الاقليمية مع امكانية تخلي حتى اطراف عربية و اسلامية عن القناة المصرية، و اهم من ذلك انه بتنفيذ مشروع هكذا سيسمح بتواجد بحري امريكي في خليج العقبة لاول مرة وانشاء قواعد بحرية في هذه المنطقة مايعني تأمين إسرائيل للضاحية الجنوبية.

بعيدا عن مشروع القناة الجديدة، فان إسرائيل بدون شقها وفي ظل تدويل المضيق ستعرف سهولة في الوصول الى اماكن تغلغلها بسهولة، وسيتدعم طيف تحالفاتها بالترابط الجغرافي، و الذي كانت إسرائيل تفقده في علاقاتها وكانت تنتهج سياسة القفز عن الحواجز الاقليمية.

انعكاسات  قضية الجزيرتين على النظام العربي:

  1. تصفية جيوبوليتيكية: لطالما كان الوطن العربي ذو تموقع متميز، اذ يعتبر كلا جغرافيا متواصلا، يتوفر على اهم المضائق  و الخلجان، مع الاخذ في الحسبان الرصيد الطاقوي وحتى التاريخي الذي يحوزه ، ورغم حالة التردي الذي يعيشها الاقليم الا انه يمتلك كل عناصر القوة، اذ تعرف الدول الخارجية انه يستحيل تقويض مصادر قوة المنطقة لانها وليدة الطبيعة و التاريخ، فعمدت الى منع العرب من استغلال عناصر قوتهم.

ان عملية التخطيط و التفكير جعلت مسلمة العبث بالجغرافية  العربية مقبولة عقليا، وهو ما تأكده تداعيات نقل تيران وصنافير، اذ اصبح الوضع يعرف اختراقا جغرافيا، سلب الاطراف العربية  عمقها الاستراتيجي، وهنا اصبحنا امام عملية افراغ و تخوية المنطقة العربية من وزنها الجيوسياسي، نتج عنها “اغتيال جغرافي”.

  1. القطرية في العلاقات العربية-العربية: تعتمد إسرائيل استراتيجية بلقنة المنطقة، ونشر فكرة القطرية، فبعد ان خاضت باتفاقات فردية مع الاطراف العربية، جسدت التباين في سياسات الدول العربية واتساع مسام الخلاف بينها، وانفتاح الاقليم على القوى الاقليمية الغير عربية جعل من المنطقة مثالا ممتاز عن النظم الاقليمية المخترقة، وتعزز قضية الجزيرتين تقويض اي عمل وحدوي مشترك مستقبلا خاصة ضد الكيان،بل وتنشر شعور بوحدة المصير مع إسرائيل، اذ دعمت عملية نقل الجزيرتين الى تعزيز العلاقات السعودية-المصرية التي تتواءم مع نظرة إسرائيل، و التي توجت بحصار قطر والضغط على المقاومة .
  2. تحالفات دولية على حساب العروبة: تسليم الجزيرتين وبعيدا عن اي من الاطراف له احقية سيادتها ولو تاريخيا، اعطى فسحة لدعم و توطيد العلاقات بين البلدين، فبعد دعم السعودية للسيسي في 2013 ، وكأن النظام المصري يرد الجميل، هذا التفاعل سيشكل ولو تلقائيا تقاربا في الرؤى و المصالح مع إسرائيل، فبعد النصر الاستراتيجي الذي حققته من تسليم الجزيرتين، تشترك هذه الاطراف في عدو واحد وهو ايران وحلفاءها،ليتوج هذا التقارب الاستراتيجي ان لم نقل حلف، بعدة مخرجات كان اهمها الحصار على قطر، و الذي بدوره له تداعيات كبيرة  على القضية الفلسطينية كونه يعني المقاومة بشكل رئيس، ويعطي تفصيلا جديدا لتهمة الارهاب بالمقاييس الإسرائيلية، فمن يخالف هذا التحالف يدعم الارهاب.

ختاما:

نافلة القول،ومن خلال العرض السابق يمكننا ان نخلص الى النقاط التالية:

  • تشكل عملية نقل تيران وصنافير الى السعودية عملية تكميلية للتسوية السياسية باضافة تسوية جغرافية.
  • تعطي تيران وصنافير لإسرائيل سبقا جغرافيا بعد السبق الاقتصادي و العسكري و السياسي.
  • التوازن الجيوبوليتيكي بين إسرائيل و العرب بعد ان كان لصالحهم.
  • تقويض العمل الوحدوي المشترك مستقبلا بترسيخ القطرية في العلاقات العربية-العربية.
  • سلب النظام الاقليمي كل مصادر قوته تحسبا لأي مواجهات مستقبلا.
  • انكسار الطوق على إسرائيل و تعويض عمقها الاستراتيجي.

[1] اربع وثائق تاريخية تزيل الغموض عن جنسية جزيرتي”ثيران” و “صنافير”، نقلا عن الموقع الالكتروني لـ: اليوم الجديد: http://www.elyomnew.com/news/inside/2016/04/10/49636

[2] مراسلة بين وزير الخارجية للمملكة السعودية و نائب رئيس الجمهورية المصرية ووزير خارجيتها، تحت رقم 99/01/17 الموافق لـ 14/09/1988.

[3]  التاريخ الكامل للنزاع على جزيرتي تيران وصنافير، نقلا عن الموقع الالكتروني لـ: اليوم الجديد:

http://www.elyomnew.com/news/infographic/2016/04/10/49698

[4]  حقائق عن جزيرتي تيران وصنافير، نقلا عن الموقع الالكتروني لـ البي بي سي العربي:

http://www.bbc.com/arabic/middleeast-38640248

[5]  قطب العربي،الابعاد الاقليمية لنقل تيران وصنافير للسعودية، نقلا عن الموقع الالكتروني  لموقع الجزيرة الاخبارية:

http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2017/6/19/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9

[6] قاسم دويكات،مشكلات الحدود السياسية في الوطن العربي، ط1، مكتبة  البهجة، الاردن، 2004، ص198.

[7] محمد سويد،جزيرتا تيران وصنافير و العلاقات المصرية-السعودية، نقلا عن الموقع الاكتروني لـ روسيا اليوم: https://arabic.rt.com/news/818716-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D8%A7-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9/

[8] تيران وصنافير ملكية تائهة بين السياسة و القضاء، نقلا عن الموقع الالكتروني لـ الجزيرة: http://www.aljazeera.net/encyclopedia/issues/2016/11/17/%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D9%87%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1

[9] اشرف علام،مشروع قناة البحرين و الامن العربي، مجموعة النيل العربية،2008، ص 403.

[10] تيران وصنافير الملكية التائهة بين السياسة و القانون، مرجع سبق ذكره.

[11] عبد الله السناوي، تيران و صتافير ماذا بعد؟، نقلا عن الموقع الالكتروني للشروق: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14062017&id=8f27b621-1638-40ac-ab52-95faa9fb09ae

[12] عبد الله السناوي، تدخل جراحي في كامب ديفيد ، نقلا عن الموقع الالكتروني للشروق: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=21062017&id=20d29dfc-ef53-445f-b32b-304cab527f85

[13] عبد الله السناوي، تعديل جراحي في كامب ديفيد، مرجع سبق ذكره.

[14] قطب العربي،الابعاد الاقليمية لنقل تيران وصنافير للسعودية، نقلا عن الموقع الالكتروني للجزيرة: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2017/6/19/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9

[15] عبد الله السناوي، تيران و صتافير ماذا بعد؟، مرجع سبق ذكره.

[16] عبد الله السناوي، تعديل جراحي في كامب ديفيد، مرجع سبق ذكره.

[17] لماذا نقل السيادة للسعودية على جزيرتي “تيران” و “صنافير” كارثة كبرى؟، نقلا عن الموقع الالكتروني لجريدة الشعب الجديد: http://www.elshaab.org/news/264999/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D9%89-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89%D8%9F

تحريرا في 11-8-2017

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى