سجال الهويــة وأثــره على الانتقــال الديمقراطي في المرحلـة الانتقاليـة مصر وتونس: دراسـة مقارنة

اعداد : حفيظ هروس- المغرب
المركز الديمقراطي العربي : –
- مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية : العدد السادس والعشرون شباط – فبراير 2025– المجلد 7 ، مجلة دولية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي المانيا- برلين.
- تعنى المجلة في مجال الدراسات والبحوث والأوراق البحثية في مجالات الدراسات الدستورية والعلوم الإدارية المقارنة – نشر البحوث في اللغات ( العربية – الفرنسية – الإنجليزية )
للأطلاع على البحث “pdf” من خلال الرابط المرفق :-
ملخص :
إذا كان الحراك العربي قد فاجأ أغلب الدارسين وعلماء السياسة والاجتماع نظرا لسرعة انبثاقه وتوهجه، وكذا قوة تدفقه وتمدده، ثم عمق شعاراته ومطالبه، فإن مآلات هذا الحراك بعد مرور خمس سنوات على انطلاقه تبقي هي الأخرى محيِّرة بالنظر إلى تعددها واختلافها. فالبعض منها قد آل إلى صراعات داخلية: أهلية أو قبلية أو طائفية، بينما نجحت التجربة التونسية في تحقيق قدر من الانفراج نحو تحقيق التحول الديمقراطي، وانتهى الوضع في التجربة المصرية إلى الانقلاب على التجربة الديمقراطية الوليدة والتقهقر إلى عهد التسلط والاستبداد.
لكن هذه الورقة ستُعنى بشكل خاص بدراسة مشكلة بعينها ألا وهي: مدى تأثير التوافق الوطني أو غيابه على نجاح المرحلة الانتقالية أو فشلها من خلال التركيز على قضية سجال الهوية العلماني/الإسلامي عن طريق المقارنة بين تجربتين مختلفتين، شهدت إحداهما انفراجا نسبيا نحو الاستقرار والتحول الديمقراطي وهي التجربة التونسية، بينما عرفت التجربة الأخرى انتكاسا مريرا نحو الاستبداد والتسلط وهي التجربة المصرية.
ويتمثل الهدف الرئيس لهذا البحث في بيان أهمية وضرورة بناء اللحمة الوطنية بين مختلف الفرقاء السياسيين في مراحل الانتقال الديمقراطي بغض النظر عن الاختلافات الإيديولوجية المفرقة حتى يتسنى للجماعة الوطنية إنجاح المرحلة الانتقالية، وبناء النموذج الديمقراطي المأمول على أسس توافقية معقولة، وتفويت الفرصة على المتربصين من الأعداء الداخليين والخارجيين، وتجنب الانتكاسة إلى عهود القهر والتسلط.
وطريق ذلك هو إرجاء المناكفات الإيديولوجية وسجالات الهوية إلى ما بعد بناء أسس الدولة الوطنية القادرة وحدها على استيعاب هذه المناكفات وتحقيق شروط التدافع السياسي وفقا لآليات توافقية، أما غير ذلك من التركيز على إبراز قضايا الهوية في المراحل الانتقالية فإنه يفتح الباب أمام الاحترابات الأهلية وانبثاق النزعات الخلافية التاريخية والطائفية التي يصعب رأبها، وغالبا ما تفضي إلى تفكك الجماعة الوطنية والانزلاق نحو انتكاسات مريرة كما تشهد على ذلك العديد من المآلات المؤسفة لتجارب الحراك العربي الأخير.
وتكمن أهمية هذا البحث، من وجهة نظرنا، في بيان سمات المرحلة الانتقالية التي تقتضي وجود توافق وطني بين مكونات الجماعة الوطنية حول أسس المرحلة الانتقالية وطرق إدارتها وأساسيات الدولة الوطنية المنشودة لتحقيق العيش المشترك، وهذا لن يتأتّى إلا من خلال تأجيل القضايا الإيديولوجية وإرجائها إلى ما بعد تثبيت أسس الوحدة الوطنية. وكذلك إظهار الأثر السيئ للاستقطابات على أسس الهويات الإيديولوجية على تفكك اللحمة الوطنية، وتشتت جهود جماعات الحراك السياسي في أفق تحقيق الانتقال الديمقراطي ومن ثمَّ فشل الانتقال الديمقراطي في معظم تجارب “الربيع العربي”.