التوعية الديمقراطية

استراتيجيات تطوير الجهاز الإداري

 

اعداد : الدكتور عادل عامر

ان الإصلاح هو الاستجابة للتغيير وهنا يأخذ الإصلاح الإداري مدخلين ، هما تقليدي جزئي ومعاصر شامل ، حيث إن المدخل التقليدي ينظر للإصلاح في تنظيم الجهاز الإداري وأساليب وطرق العمل ، فيما يقوم المدخل المعاصر الشامل على منهج تحليل النظم من خلال إدخال أنماط تنظيمية جديدة تلائم أنواع النشاط الجديد الذي يتصدى له الجهاز الإداري وإدخال نظم وقواعد وإجراءات جديدة للعمل وتحقيق العلاقات الإشرافية والإدارية والاستشارية وتوفير القيادة النشطة المؤمنة بالسياسات الجديدة والواعية لها على أساس علمي والتركيز على أهمية الموارد البشرية والتركيز على المخرجات التي تتسم بالنوعية والجودة لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية

يعتبر التطوير الإداري وظيفة استشارية يقدم من خلالها كل ما من شأنه إحداث التغيير إلى الأفضل ولهذا يمكن القول بأن مهمة التطوير الإداري لاتقتصر على إدارة بذاتها ولكنها مهمة كل موظف يعمل في التطوير الإداري لأنها مهمة الجميع والكل مسئول عنها لذلك يطلق على التطوير الإداري بأنه وظيفة جماعية

تعتبر إدارة التطوير الإداري إدارة استشارية تنسيقية من مسؤولياتها بلورة الأفكار وطرح المناسبة للتنفيذ ومن هنا يعتمد نجاح العملية التطويرية على دعم جميع المسئولين لهذه العملية وليس التطوير هدفاً بذاته وإنما الهدف أن تكون النتائج جيدة وتحقق الهدف المنشود وهذا هو هدف الجميع

وهنا تبرز الأهداف لإستراتيجية الإصلاح الإداري في تنمية قدرات منظمات الجهاز الإداري على التعامل مع البيئة الداخلية والخارجية وتبني أنماطا حديثة في البناء التنظيمي وإشاعة مفهوم اللامركزية واعتماد الشمولية واستيعاب المتغيرات الحاصلة والمتوقعة وتنمية الاتجاهات الإيجابية نحو العمل والارتفاع بمستوى الإنتاج والإنتاجية والنوعية واعتماد الأساليب التي تحقق الكفاءة الاقتصادية وتطوير صيغ وإجراءات العمل الإداري والتوسع في الاعتماد على التقنيات وتطوير القدرات الذاتية لمنظمات الجهاز الإداري .

وفي مجال السياسات المنسجمة مع الأهداف العامة لإستراتيجية الإصلاح ، تم التطرق إلى إعداد أدلة تنظيمية حديثة لاستخدامها كمراجع للمستويات الإدارية وتطوير القيادات وإشاعة المفاهيم الديمقراطية والعمل الجماعي واعتماد أساليب المحافظة على الموارد البشرية والعمل على وضع برنامج وطني شامل للموارد البشرية في منظمات الجهاز الإداري وزيادة فعالية العملية التدريبية والاهتمام ببرامج تقوية الشفافية والنزاهة والمساءلة الإدارية وتوفير ومعالجة البيانات والمعلومات وتوفير مستلزمات التأهيل لتطبيق المواصفات العالمية وإدخال التحسينات والتغيير للأساليب والإجراءات المعتمدة من منظمات الجهاز الإداري وتعزيز أواصر التعاون مع المنظمات والهيئات والمراكـز العربية والدولية

إن محاور إستراتيجية الإصلاح المتمثلة في التنظيم وإعادة التنظيم ومحور تنمية الموارد البشرية ، والنظم وأساليب العمل ورفع الكفاءة في الأداء وتطوير الجودة ، حيث وضحت البرنامج الزمني لتنفيذ إستراتيجية الإصلاح الإداري المتمثلة في خمس سنوات ، مركزة على مستلزمات التنفيذ من خلال تضمين خطط المنظمات في الجهاز الإداري فقرة خاصة بالإصلاح الإداري والتنسيق والتعاون مع المركز القومي للتخطيط والتطوير الإداري ومنظمات الجهاز الحكومي والمتابعة الميدانية لمجريات عملية الإصلاح وتحقيق التنسيق والتكامل بين السياسة التعليمية وتخطيط القوى العاملة واحتياجات خطط التنمية من الموارد البشرية والتخطيط السليم لنشاط التدريب وبخاصة القادة الإداريين واعتماد الموضوعية والوسائل الحديثة عند التعيين ودعم المبادرات الفردية والجماعية وأعداد الدراسات والبحوث التي تتناول مشاكل الإدارة وتوفير وتطويع الاستخدام الأمثل للتقنيات التكنولوجية الحديثة.

. تتمثل رؤية التطوير الإداري في إحداث نقلة نوعية شاملة في مفهوم التطوير الإداري على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي وكذلك تقديم أجود واحدث البرامج التدريبية وتقديم أفضل الخدمات الاستشارية للإدارة العليا والوحدات التنظيمية والتشكيلات المتفرعة عنها ومساعدتها للنهوض بواقع عملها وتحقيق الأهداف المرسومة لها بأقل جهد ووقت وكلفة

إن النقطة الأساسية في التطوير الإداري في أي منظمة أن تقرر المنظمة أولاً الشكل التنظيمي لهذا النشاط من حيث اعتباره جزء من التنظيم وفعالية من فعاليات المنظمة الأساسية أو أنها وظيفة فرعية مضافة إلى الوظائف الرئيسية المناطة بالأقسام والشعب .

إن المتتبع لنشاط التطوير الإداري يلاحظ إن الاتجاه يسير نحو إناطة مسؤولية التطوير الإداري إلى كيان إداري هو جزء من الهيكل التنظيمي للمنظمة وتحدد واجباته ومسؤولياته في هذا الإطار ويفضل هذا الشكل التنظيمي على الإشكال الأخرى لأنه يعكس أولا الاهتمام المتزايد بالتطوير الإداري ويقود إلى تركيز الخبرة ونموها وتراكمها في جهة واحدة كما انه يوفر فرصاً اكبر لتخطيط عملية التطويرالاداري وتنفيذها ومتابعتها وفق أسس ومبادئ واتجاهات مدروسة وفلسفة محددة وواضحة .

لقد وجد إن البعض من البرامج التدريبية وبرامج التطوير الإداري تصمم وتنفذ بشكل آني استجابة لحاجات آنية بحيث يبدو البرنامج وكأنه منظومة من المواضيع المبوبة بشكل منسق ومنطقي دون وجود خلفية علمية وفلسفة مدروسة للتطوير الإداري وهذه مسالة ضرورية جدا يتطلب البت بها مسبقا من قبل الجهاز اوالدائرة أو القسم المسؤول عن التطوير الإداري على صعيد القطر أو على صعيد الوزارة أو المؤسسة أو المنشأة ، ولأجل أن تكون للتطوير الإداري فلسفة واتجاهات بعيدة وقريبة يأخذ بها الجهاز المسئول عن التطوير الإداري وتحديد مساراته وطرق عمله . يكون من الضروري إعداد خطة طويلة الأمد تحدد فيها الاحتياجات وتوضح الاتجاهات والمنطلقات الفكرية للتطوير الإداري التي تحدد بموجبها البرامج التدريبية ومحتويات البرامج وأهدافها وتفاصيل كل برنامج .تمثل جوانب معوقات التطوير الإداري في جوانب تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي للأداء الحكومي، وعدم وجود رؤية ورسالة وإستراتيجية واضحة للعمل في معظم الجهات الحكومية تتناسب واختصاصاتها والمهام المكلفة بها وتكون موضع توافق من قبل العاملين بالوحدة، وان وجدت فإنها تكون بعيدة عن التطبيق. وتطرقت الورقة أيضا إلى صعوبات في البناء التنظيمي كازدواجية الدور وتداخل بعض الاختصاصات بين الوحدات الحكومية، وعدم وضوحها في بعض الأحيان وعدم استقرار الهياكل التنظيمية وتضخمها، وغياب آليات قياس معدلات الأداء الحكومي ومستويات تقديم الخدمات الحكومية، وعدم وجود معايير لتقييم الأداء الحكومي ومستوى الخدمات الحكومية، حيث لا يمكن التعرف على مستوى الأداء أو الخدمة، ولا يمكن معرفة مدى تحقق الأهداف المخططة، وضعف كفاءة الموارد البشرية، وعدم وجود تخطيط سليم للقوى العاملة داخل الوحدات، وضعف خطط التدريب والعائد منها، ونقص في الكفاءات المتخصصة، وتعطيل بعض الكفاءات لأسباب غير موضوعية، وتقليدية وسائل الاتصال وضعف الاعتماد على نظم المعلومات والاتصالات في الأداء الحكومي، وعدم التوازن بين التقليد والحداثة، حيث توجد في بعض الوحدات جوانب وممارسات تقليدية وفي نفس الوقت يوجد بها جوانب حديثة متمثلة في التكنولوجيا المستخدمة وفي طموحات بعض العاملين .. وتخلق هذه الازدواجية حالة من عدم الفعالية داخل هذه الوحدات، وارتفاع مستوى وإمكانات التكنولوجيا المستخدمة في بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية عن مستوى وإمكانات العاملين عليها والمتعاملين معها فمن الملاحظ وجود قصور على سبيل المثال في استخدام أجهزة الحاسب الآلي إذ يتوقف معظم تعامل المستخدمين مع هذه الأجهزة عند حدود إدخال البيانات.أن من الأهداف الإستراتيجية المقترحة لتطوير الأداء الحكومي تتكون من ثلاثة محاور وهي المحور الأول: تطوير كفاءة الجهاز الإداري للدولة، والمحور الثاني: تنمية الموارد البشرية، والمحور الثالث: الثقافة والقيم الوظيفية. ففي المحور الأول: تطوير كفاءة الجهاز الإداري للدولة يتم تقييم كفاءة التنظيم بوحدات الخدمة المدنية وقياس مدى فاعليته، وتقييم الهياكل وإعادة التنظيم بوحدات الخدمة المدنية، والتحقق من تمثيل وفاعلية الهيكل التنظيمي لكافة أنشطة الوحدة وتوافر الكادر المتخصص في كل تقسيم، وإجراء التعديلات التنظيمية اللازمة التي تحقق متطلبات التطوير ورفع مستوى الأداء، وتطوير مناخ العمل الحكومي، ومراجعة بيئة وقيم العمل الحكومي وبناؤها على أسس مؤسسية، وتطوير نظم الخدمة المدنية من خلال عدة وسائل منها الدراسات والبحوث، واستحداث الجوائز التشجيعية للدراسات والبحوث الهادفة إلى تطوير الأداء الحكومي على مستوى وحدات الخدمة المدنية، وإجراء مراجعة للصعوبات والمعوقات التي تواجه الأداء الإداري وإيجاد الحلول المناسبة لها، وتطبيق التخطيط الوظيفي من خلال إعداد دراسة شاملة عن الاحتياجات الوظيفية على شكل خطة خمسية، ونشر أدلة إرشادية وتعريفية بمفاهيم التخطيط الوظيفي وآلياته وأساليب تطبيقه، واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية لربط مخرجات التعليم بالاحتياجات الفعلية، وتطبيق نماذج إدارة الجودة.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى