نحو منظومة عربية للتعاون الإقتصادي والسياسي والأمني
اعداد الباحث: حسني عماد حسني العوضي
اشراف : الاستاذ الدكتور/هشام بشير
-المركز الديمقراطي العربي
مقدمة
لقد بدأت مسيرة العمل العربي المشترك المنظم مع قيام جامعة الدول العربية عام 1945, وصدور عدد من مواثيق واتفاقيات التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي
ومن الناحية الاقتصادية:
شقت محاولات التعاون والتكامل الاقتصاديين طريقها إلى خمسة محاور رئيسة , وهي التجارة, والمعونات, والاستثمار , والقطاعات الإنتاجية , والقطاع العمالي , وأخذت هذه المحاولات شكلين رئيسيين , أحدهما ثنائي والآخر جماعي , وكان الشكل الأخير حتى عهد قريب يتم عادة في ظل الجامعة العربية و منظماتها المتخصصة .
ورغم كل ما قيل حول العمل الاقتصادي العربي المشترك أو ما حرر من اتفاقيات , فإن مسيرة التنمية في البلدان العربية اتخذت الخط القطري , وكانت مخططات التنمية العربية متباعدة عن بعضها البعض ولا تعكس سوى واقع التجزئة الاقتصادي, وليست المشكلة في قصور الفكر عن تشخيص أسباب عجز الجهود الإنمائية وإيجاد الحلول المناسبة لها, بل في غياب أي ارتباط بين أهداف التنمية في المفهوم القومي والمسار الذي يؤدي إلى بلوغها , وما يتم فعلاً على أرض الواقع.
ومنالناحية الامنية والسياسية:
عقد مؤخرا مؤتمر «الأمن الإقليمي والتحديات التي تواجه الدول العربية»، وقد اوصي في ختام أعماله أمس بالجامعة العربية مجموعة من التوصيات المهمة، من أبرزها: دعوة الدول العربية إلى التصدي الفاعل للمنظمات الإرهابية من خلال منظور استراتيجي شامل متعدد الأبعاد، والعمل على صيانة الدولة الوطنية الحديثة من أي اعتداءات، وحث الدول العربية على إيجاد تسوية سياسية للصراعات المحتدمة في المنطقة، وعلى نحو خاص في سوريا والعراق وليبيا واليمن، والعمل على إصلاح منظومة العمل العربي المشترك ومؤسساتها والترحيب بتعديل ميثاق جامعة الدول العربية، والمطالبة بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي العربي
وأكدت التوصيات على أهمية دحر الإرهاب وهزيمته وتصفية الآثار المترتبة على حيازته على الأرض، وإنهاء أي دور له في الحياة السياسية. كما طالبت الأمانة العامة للجامعة العربية بالتعاون مع مراكز البحوث ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية والمجتمع المدني والمنظمات الأهلية، بوضع استراتيجيات شاملة متعددة الأبعاد قادرة على دحر الإرهاب،
كما دعت إلى استخدام القنوات الدبلوماسية كافة وجهود منظمات المجتمع المدني لمطالبة المجتمع الدولي بدعم الجهود الوطنية والإقليمية لمكافحة الإرهاب. ولفتت التوصيات إلى أن الجهود الوطنية وحدها غير كافية للتصدي للإرهاب، خصوصا أن المنظمات الإرهابية أصبحت عابرة للحدود الوطنية، وأن أي مقاومة فاعلة له يجب أن تكون على المستوى الإقليمي
المحور الاول
لماذا الحاجة الي منظومة للتعاون العربي ؟
منذو غزو صدام حسين للكويت فى 1990، وبلاد العرب تفتقد بقسوة، وبتداعيات كارثية، نظاما إقليميا فعالا يحمى أمن شعوبها، ويضمن بقاء الدول الوطنية، ويؤسس لعلاقات تعاون متكافئة مع القوى الدولية والأطراف الإقليمية غير العربية – أى الجمهورية الإسلامية فى إيران وتركيا – ويحول دون انتهاكها للسيادة العربية ودون تغول مصالحها على المصالح العربية، ويضع نهاية للصراع العربى ـ الإسرائيلى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وبتفعيل حق عودة اللاجئين وبانسحاب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
عندما غزت القوات العراقية الكويت فى 1990، كان للعرب بعض الترتيبات الإقليمية التى استقرت تدريجيا فى سياق القرن العشرين وعبر مسارات تاريخية ، وفى كثير من الأحيان متناقضة الوجهة: سقوط السلطنة العثمانية وتجمع القوى الاستعمارية الأوروبية على بلاد العرب، نشوء الدول الوطنية الحديثة فى المشرق والمغرب العربيين فى ظل هيمنة المستعمرين وتنامى حركات التحرر الوطنى، رحيل الاستعمار الأوروبى التقليدى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939ــ 1945) وقدوم الاستعمار الإسرائيلى واستيلائه علي أرض فلسطين، تأسيس جامعة الدول العربية كإطار إقليمى للتعاون وبزوغ عصر الجمهوريات العربية فى المشرق (باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية) وفى وادى النيل والمغرب العربى (باستثناء المملكة المغربية)،وظهورالعديدمنالإخفاقات المتتالية لتجارب الوحدة العربية فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين (جسدت دولة الوحدة المصرية ــ السورية، الجمهورية العربية المتحدة 1958ــ1961، نموذجها الأبرز) على نحو أسفر عن رسوخ الدول الوطنية ككيانات الحكم الوحيدة فى بلاد العرب، مواجهات عسكرية متكررة مع إسرائيل وتكالب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى السابق (1917ــ1991) على مناطق النفوذ ومصادر الطاقة وحرب باردة عربيةــ تلك الحب التي قامت بين بين مصر والسعودية فى الستينيات وحرب بينهما بالوكالة فى اليمن وصراعات حدود عربية بين دول أخرى (الجزائر والمغرب…وبعض الدول العربيه على سبيل المثال) ثم كارثة 1967، إعادة ترتيب العلاقات العربية ــ العربية فى السبعينيات وإعادة تعيين مناطق نفوذ القوى العظمى بعد حرب أكتوبر 1973
وفى سياق التراكم غير المسبوق لريع النفط والتسوية السلمية بين مصر وإسرائيل وتراجع دور جامعة الدول العربية ودور حكومات الدول الوطنية – النظام الرسمى العربى ــ على وقع عجزها عن فرض حل عادل للقضية الفلسطينية أو وضع حد للعدوان الإسرائيلي وسياسات الاستيلاءوالسيطره علي البلاد العربيه وانتهاك العديد من الدول ونهب خيراتهاوثرواتهاأو إنقاذ لبنان من دمار الحرب الأهلية ومن كارثة الاحتلال الإسرائيلى ومن ثم تصاعد دور حركات المقاومة الشعبية )لفلسطينية واللبنانيه)وحدوث الثورة الإيرانيةواسقاط حكم الشاه رضا بهلوى فى 1979 وتأسيس الجمهورية الإسلامية ونشوب الحرب العراقية ــ الإيرانية 1980ــ 1988 التى قضت علي الدولتين بشريا واقتصاديا وعسكريا، وايضا ابتعاد القضية الفلسطينية عن واجهة العمل العربى المشترك وقبول منظمة التحرير الفلسطينية لحل الدولتين فى 1988.
ومع ذلك، لم يكن العرب طوال القرن العشرين وحتى غزو صدام حسين للكويت 1990 يعانون إقليميا مما آلت إليه أحوالهم فى أعقابه. بجانب تورط جيوش الدول العربية فى حروب بينية علنية وواسعة النطاق (شارك الجيش المصرى والجيش السورى مع جيوش دول مجلس التعاون الخليجى فى التحالف الدولى لتحرير الكويت الذى قادته الولايات المتحدة الأمريكية وواجهت به الجيش العراقى)، وغزو الكويت ادي الي اعاده الجيوش الغربية وقواعدها العسكرية إلى بلاد العرب بعد أن كانت قد رحلت مع رحيل الاستعمار الأوروبى فى منتصف القرن العشرين وبعد أن أجبرت المقاومة اللبنانية والفلسطينية القوات الأمريكية والفرنسية على الانسحاب سريعا من لبنان فى 1983 (ولم يطل كذلك أمد وجود القوات الأمريكية فى لبنان فى 1958). وبقواتها وقواعدها العسكرية المنتشرة فى الخليج، تحولت الولايات المتحدة الأمريكية من قوة عظمى مؤثرة فى التطورات الإقليمية (بل والداخلية فى بعض الدول العربية) عبر نفوذها وتحالفاتها إلى قوة عظمى ذات وجود عسكرى دائم على الأرض العربية قابل للتوظيف المباشر لتحقيق أهدافها وحماية مصالحها. وفيما بعد مكن الوجود العسكرى الأمريكى، وكذلك التسهيلات العسكرية الكثيرة التى عمدت دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى إلى منحها للولايات المتحدة ولبريطانيا وحلفائهما الغربيين، من غزو واحتلال العراق ومن القيام بعمليات عسكرية أخرى. أما الدول العربية، التى قبلت وجود القواعد العسكرية على أراضيها أو التى منحت التسهيلات العسكرية أو التى لم تفعل لا هذا ولا ذاك، فتابعت منذ 1990 أو تابعت شعوبها سيطره واستيلاء الجيوش الغربيه الاوروبيه للأراضى العربيه..
واستمرار العدوان الإسرائيلي فى السيطره والاستيلاء للأراضى العربية فى فلسطين ولبنان وسوريا وبعض الدول الاخري، وانهيار تقاليد القرن العشرين التي كانت تحمي السيادة الوطنيةوالتي كانت تمنع اي دول سواء عربيه او اجنبيه من السيطره والاستيلاء علي الدول الاخري او التدخل فى شئون العرب.
ولم يكن لحروب الجيوش العربية البينية وللوجود العسكرى الدائم للولايات المتحدة الأمريكية والاستيلاء المتكرر للأراضى العربية غير التفريط في التقاليد والعادات الاقليميه، وسقوط جامعة الدول العربيه واقتصار الدور على الحضور الرمزى، وتعالى وزياده الصراعات المسلحة والحروب الأهلية والنزعات الانفصالية ووظهورما يسمي بتفتت الدولة الوطنية فى مناطق مختلفة، وتغول القوى الكبرى والأطراف الإقليمية غير العربية على بلاد العرب، واختزال القضية الفلسطينية فى عبث تفاوضى لا نهاية له وتشويهها بصراعات فلسطينية بينما الاستعمار الإسرائيلى يواصل ابتلاع الأرض والسيطره علي البلاد العربيه . وعمق غياب الديمقراطية وعجز السلطه الحاكمة فى بلاد العرب، إذا ما استثنينا دول الخليج، عن تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية لشعوبها وصون السلم الأهلى والتأسيس لمواطنة حديثة تستند إلى المساواة والحقوق والحريات من التداعيات الكارثية لانهيار التقاليد الإقليمية.
المحور الثاني
التحديات الاقليمية التي واجهة الدول العربية مؤخرا:
ومنذ عام 1990الي2015 حدثت العديد من الكوارث علي البلاد العربيه من اهمهاانهيارالصومال واختفت الدوله الوطنية ولم تخرج القوات الاجنبيه من أرضه إلى اليوم . بين 1990 و2015، غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق وعمل الاحتلال الأمريكى علي تفتيت مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية ونهب البترول و الثروات ، والرغبه في بناء إطار جديد للحكم ولإدارة شئون الناس، والحصيلة اليوم هى دولة فاشلة تتكالب عليها طائفية شيعية تسيطر على مناطق الجنوب والوسط مدعومة بالنفوذ الإيرانى كما يتكالب عليها النزوع الكردى للانفصال فى الشمال وحال السكان السنة الذين تسيطر عليهم عصابات الإرهاب والعنف من قاعدة الزرقاوى إلى داعش البغدادى والمخاوف المشروعة للأقليات المسيحية التى تواجه إجرام ودموية داعش. بين 1990-2015انفصل جنوب السودان عن شماله وحدثتالعديد الصراعات المسلحة والحروب الأهلية فى أقاليم أخرى من دارفور إلى كردفان. بين 1990 و2015، حدوث العديد من الانقسامات في اليمن حيث سيطره الحوثين علي اليمن بعدما اعلن الرئيس عبد ربه منصور استقالته وسيطرتهم علي اماكن السلاح و الاموال وبذلك انهارت اليمن و انهيار سوريا التى حولهاالأسدالي خراب ودمار لما يقوم به من العمليات الاجراميه التي تقوم بجرائم الارهاب والعنف، وهؤلاءالمتطرفين يحصلون على دعم دولى وإقليمى تسليحا وتمويلا، وهكذا تحولت الثورة الشعبية من أجل الديمقراطية إلى الصراع المسلح والحرب الأهلية والدموية ، وماحدث في ليبياالتى تمزقت ونهب خيراتها و ثرواتها واصبحت وطن للإرهاب وتغيب عنها سلطة الدولة الوطنية وتكثر بها الصراعات ويعيش بها ذلك التنظيم المسلح المزي يسمي داعش، وما حدث في لبنان التي اصبحتملجأ للطوائف وللسلاح الإيرانى وللمال الخليجى ولتداعيات الصراع فى سوريا ولشبكة حلفاء إسرائيل.و بين عام 1990-2015، وكما تمكنت إيران من التغول على المصالح العربية فى العراق ولبنان واليمن وواصلت إسرائيل في السيطره والاستيلاء علي الاراضي العربيه، تحولت تركيا من طرف هامشى فى معادلة القوة والنفوذ فى بلاد العرب إلى طرف أساسى له حلفاؤه بين الدول العربية وخصومه بين الدول العربية أيضا ويتورط فى الصراعات المسلحة والحروب الأهلية فى سوريا والعراق وايضافى ليبيا.
المحور الثالث:
دور جامعة الدول العربية في تحقيق التعاون العربي الاقتصادي والامني والسياسي المشترك:
اهتمت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها بالتعاون الاقتصادي والامني والسياسي فيما بين الأقطار العربية
وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصاديتم تشكيل لجنة دائمة للشؤون الاقتصادية والمالية ضمن إطار الجامعة للقيام بوضع أسس وقواعد للتعاون الاقتصادي العربي الذي يهدف إلى:
1. تطوير أشكال التعاون الاقتصادي وإرساء قواعد وأسس متينة يقوم عليها هذا التعاون وذلك من أجل استثمار الموارد الطبيعية التي تملكها الأقطار العربية وتوظيفها في خدمة عملية التطور والنمو وتحسين مستوى المعيشة للمواطن .
2. تطوير أشكال التبادل التجاري فيما بين أقطار الوطن العربي و زيادة مساهمة الدول العربية في حجم التجارة الدولية , والتخلص من تبعية الدول العربية وارتباط اقتصادها باقتصاديات الدول الرأسمالية الكبرى,عن طريق التصدير والاستيراد ويتم هذا عن طريق المبادلات التجارية بين أقطار الوطن العربي أو مع بقية الدول النامية .
3. ومن أجل تحقيق الهدفين الأول والثاني لا بد من عقد اتفاقيات فيما بين أقطار الوطن العربي , تنظم طرق وأشكال التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي في مختلف المجالات : الزراعة والصناعة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
4. لا بد أيضاً من تأسيس الهيئات والمؤسسات التي تعمل على تحقيق الأهداف التي تسعى لأجلها أقطار الوطن العربي في موضوع الوحدة الاقتصادية
وقدتم إبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية في عام 1950 . و نصت المادة السابعة من المعاهدة على ( تعاون الدول المتعاقدة على النهوض باقتصاديات بلادها و استثمار مرافقها الطبيعية و تسهل تبادل منتجاتها الزراعية و الصناعية …وتنظيم نشاطها الاقتصادي وتنسيقه وإبرام ما يقتضيه الحال من اتفاقات خاصة لتحقيق هذه الأهداف). كما نصت المعاهدة على إنشاء المجلس الاقتصادي والذي أصبح اسمه فيما بعد بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي يتبع لجامعة الدول العربية , ويتألف هذا المجلس من وزراء الدول التي وقعت على المعاهدة المختصين بالشؤون الاقتصادية , وتم إنشاء إدارة في جامعة الدول العربية باسم (الإدارة العامة للشؤون الاقتصادية) يرأسها آمين عام مساعد في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية .
وقد تم في نطاق الجامعة العربية إنجاز العديد من الأعمال الجماعية التي تمثل محاولات هدفها تعزيز التعاون الاقتصادي العربي, و كان من أبرز الأعمال المبكرة في هذا المضمار عقد (اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت بين دول الجامعة العربية) للعام 1953, و(اتفاقية تسديد مدفوعات المعاملات الجارية وانتقال رؤوس الأموال) في العام ذاته,و(اتفاق بشأن اتخاذ جدول موحد للتعريفة الجمركية) ومن تلك الأعمال ما تم في السنين اللاحقة من عقد اتفاقات عديدة بخصوص إنشاء مشروعات عربية مشتركة, كان أولها مشروع (شركة البوتاس العربية) لم ينفذ, و(الشركة العربية لناقلات البترول) و(المؤسسة العربية للإنماء) (حل مكانها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي). ومن الأعمال الجماعية أيضاً(اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية) .
1 ــ الوحدة الاقتصادية العربية:
أوصت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية , في مرحلة السعي نحو الوحدة الاقتصادية العربية, وإعطاء العمل الاقتصادي العربي المشترك صيغة أفضل , أوصت في عام 1956 بتأليف لجنة من الخبراء العرب تتولى إعداد مشروع كامل للوحدة الاقتصادية باعتبارها من أهم الأهداف التي تسعى لتحقيقها جامعة الدول العربية, وما هي الخطوات التي يجب أن تتبعها الأقطار العربية لتحقيق هذه الوحدة الاقتصادية, (وقد بادرت الأمانة العامة للجامعة و دعمت لجنة من الخبراء العرب, و مهدت للأمر بإعداد مذكرة أرفقت بها مشروعاً أولياً لاتفاقية الوحدة الاقتصادية المنشودة و أشارت الأمانة في مذكرتها, إلى مجموعة من الحقائق التي ابتغت أن تراعيها لجنة الخبراء, و منها:
ا – تعتبر الوحدة الاقتصادية أحد جانبي الوحدة العربية الشاملة يكملها الجانب الآخر وهو الوحدة السياسية,وكل منها يؤثر ويتأثر بالجانب الآخر .
ب – الوحدة العربية هي إحدى الحقائق الكبرى في التاريخ العربي .
ج – إن حالة التجزئة التي تعيشها أقطار الوطن العربي حالياً, كانت نتيجة لأطماع خارجية استعمارية لم تكن استجابة لرغبات أهلها أو لعوامل جوهرية أدت إلى تفكك المجتمع العربي .
د – إن التخلف الاقتصادي الذي ساد البلاد العربية نتيجة انقسامها إلى دول صغيرة على النحو الذي نراه الآن , من أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف القوة العسكرية مما أدى إلى هزيمتها في فلسطين و قيام الكيان الصهيوني .
هـ لقد ألحق تقسيم الوطن العربي إلى دول صغيرة و كبيرة ضرراً اقتصادياً كبيراً و تحولت الدول العربية إلى وحدات اقتصادية صغيرة لا تقوى على إنتاج راق كبير .
والبلاد العربية بحاجة للاتحاد و الوحدة الاقتصادية و السياسية في زمن السلم و في أوقات الحرب.
و بعد أن اجتمعت لجنة الخبراء العرب في لبنان , أعدت مشروعاً لاتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية , و بعد أن جرى على هذا المشروع بعض التعديلات من قبل إحدى اللجان الفرعية للمجلس الاقتصادي , و تمت الموافقة على المشروع من قبل المجلس الاقتصادي بقراره رقم 85 تاريخ 3/1/1957. و اعتبر هذا القرار ( المنشئ قانوناً لاتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية ) .
و بدأت حكومات الدول العربية بدراسة و مناقشة اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية , بحسب أنظمتها الاقتصادية , لاتخاذ الإجراءات للتوقيع , ثم المصادقة ثم التنفيذ لاتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية, وقامت حكومات الدول العربية بالتتالي بالمصادقة على إقرار المعاهدة , وفي عام 1975 بلغ عدد الدول التي صادقت على اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية11 دولة فقط (الكويت, مصر , العراق , سورية , الأردن , اليمن , السودان , اليمن الديمقراطية , الإمارات العربية المتحدة , الصومال, ليبيا) .
نصت اتفاقية الوحدة الاقتصادية على أن الدول العربية ( التي صادقت عليها ) ترغب في إقامة و تنظيم العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية , واتفقت على ضرورة قيام وحدة كاملة يتم تحقيقها بصورة تدريجية , دون الأضرار بمصالحها الأساسية . وتهدف اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية إلى قيام وحدة اقتصادية كاملة بين أقطار الوطن العربي من خلال حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال , وتبادل البضائع والمنتجات, وحرية الإقامة وممارسة النشاط الاقتصادي , والنقل والترانزيت, إضافة إلى حماية الحقوق التملك والوصية والإرث, و كانت المطالبة بهذه الحريات للرد على القيود والعوائق التي كانت تقف ولا تزال في طريق الوحدة الاقتصادية العربية .
وحددت الاتفاقية الوسائل التي يتم من خلالها تحقيق الأهداف وفقاً لما يلي :
- توحيد التعريفة والتشريع والأنظمة الجمركية المطبقة في أقطار الوطن العربي
- توحيد سياسات الاستيراد والتصدير , وتنظيم علاقات التبادل التجاري .
- توحيد أنظمة النقل والترانزيت .
- تنسيق السياسات المتعلقة بالقطاعات الإنتاجية الصناعة والزراعة أو قطاع التجارة الداخلية .
- تنسيق تشريعات العمل والضمان الاجتماعي .
- تنظيم و تنسيق تشريع الضرائب و الرسوم و تلافي ازدواجها على المكلفين من رعايا الأقطار المتعاقدة .
- تنسيق السياسات النقدية والمالية تمهيداً لتوحيد النقد العربي .
وتم في عام 1964 إنشاء هيئة دائمة لمتابعة تطور العمل الاقتصادي العربي المشترك من أجل تحقيق الوحدة الاقتصادية سميت ( مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ) ” يتألف المجلس من ممثلي الدول المتعاقدة , ويعتبر وزراء الاقتصاد أو المالية في الدول الأعضاء هم الممثلون لدى المجلس و يتمتع المجلس باستقلال مالي وإداري و له ميزانية خاصة . ويتخذ المجلس قراراته بأغلبية ثلثي الأصوات للدول الأعضاء في الاتفاقية , ولكل دولة صوت واحد ويعاون المجلس في أعماله لجان تقوم بدراسة الأمور الداخلة في اختصاصه. وللمجلس مقر دائم وأمانة عامة تعاونه في تنفيذ قراراته ومتابعة التنفيذ , وهي بإدارة الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية “.
2 ــ السوق العربية المشتركة :
لقد مرت سنوات عديدة قبل أن يبدأ مجلس الوحدة الاقتصادية بالبحث عن مجالات أخرى إلى جانب مدخل تحرير التبادل التجاري , في سياق مساعيه الرامية إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية فبعد حوالي عشر سنوات من صدور قرار السوق المشتركة اتخذ المجلس القرار رقم 634 لعام 1973 بشأن استراتيجية العمل الاقتصادي العربي يدعو الدول العربية إلى ضرورة حشد الموارد و تنسيق السياسات الاقتصادية وخطط التنمية وتنسيق الهياكل الاقتصادية في ظل التكامل الاقتصادي . قرر مجلس الوحدة العربية الاقتصادية في عام 1964 إنشاء السوق العربية المشتركة التي تهدف إلى تحقيق :
ا – حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال بين أقطار الوطن العربي.
ب – حرية تبادل البضائع والمنتجات .
ج – حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي .
د – حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والموانئ المطارات المدنية .
كما تضمن قرار إنشاء السوق العربية المشتركة مجموعة الأحكام التي تقضي بتخفيض الرسوم الجمركية و كافة الرسوم الأخرى تدريجياً على المنتجات و السلع المدونة أنواعها في جداول ملحقة بالقرار .( وقد بدأ تطبيق قرار السوق العربية المشتركة اعتباراً من مطلع عام 1965 وذلك باكتمال تصديق أربعة دول على القرار و هي : مصر _ سورية _ العراق _ الأردن . وبقيت عضوية السوق مقتصرة على هذه الدول وحدها اثني عشر سنة حيث انضمت في عام 1977 كل من ليبيا و السودان و اليمن الديمقراطية الشعبية ).
3 – استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك :
تم بوساطة هذه الاستراتيجية تحديد منطلقات و أهداف و أولويات و برامج و آليات العمل الاقتصادي المشترك بين الدول العربية, و نصت على أن فعالية العمل الاقتصادي العربي المشترك رهن بتخليص الموارد المادية العربية من كل سيطرة أجنبية وتحرير الاقتصاد العربي من التبعية ورفع قدرته على التفاعل كشريك متساو مع مراكز القوى في الاقتصاد العالمي.
انطلاقاً من هدف تحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية في مختلف أرجاء الوطن العربي والسعي من أجل الوصول إلى أفضل صيغ التعاون الاقتصادي العربي , لا بد من وضع استراتيجية للعمل الاقتصادي العربي المشترك التي تستند إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الاعتماد على النفس والتخلص من التبعية الاقتصادية للدول الصناعية الكبرى . وأبرز نقاط هذه الاستراتيجية يجب أن تكون :
ا – استخدام الأموال العربية في تمويل عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية .
ب – استغلال الثروات الطبيعية المتوفرة في الوطن العربي وتوظيفها في خدمة عملية التنمية الاقتصادية بما يحقق أفضل مردود .
ج – الاعتماد على الكوادر الوطنية الفنية المؤهلة مع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة و المساهمة في تطويرها و توطينها .
د – تقليص الفجوة التنموية بين الأقطار العربية .
إن آفاق العمل الاقتصادي العربي المشترك يجب أن لا تقتصر على مجرد بناء وإقامة المشروعات ذات التمويل المشترك أو حدوث انتقال اليد العاملة والأموال,لا نستطيع أبداً أن نشك في جدوى و فعالية بناء مثل هذه المشروعات , أو حدوث التدفقات المالية والبشرية فيما بين الدول العربية ولكن العمل العربي الاقتصادي المشترك يحتاج أيضاً إلى إحداث المزيد من الترابط العضوي في الهياكل الإنتاجية للوطن العربي و إن الاستخدام الأمثل للقدرات الذاتية والعلمية والتكنولوجية يتطلب العمل المشترك بين أقطار الوطن العربي. ويمكن تحديد أهداف استراتيجية العمل العربي الاقتصادي المشترك بالنقاط التالية :
- تخليص الموارد المادية والثروات الطبيعية في الوطن العربي من أي سيطرة أجنبية وتوظيفها في عملية التنمية .
- تحرير الاقتصاد العربي من التبعية الاقتصادية للدول الصناعية الكبرى , وبناء صناعات متطورة .
- زيادة دور و فعالية الاقتصاد العربي وتحقيق مكانة معقولة في الاقتصاد العالمي.
- تحرير الإنسان العربي وإطلاق قدراته المبدعة لتشارك في عملية التنمية .
- تحقيق الأمن القومي الذي يتضمن ( الأمن الفكري , الأمن العسكري , الأمن الغذائي , والأمن التكنولوجي والأمن المائي )
- تسريع وتائر النمو الاقتصادي , بتحقيق أكبر قدر من الاعتماد القومي على الذات .
تحقيق أكبر قدر ممكن من التناسب بين القطاعات و الأقاليم لتلبية الحاجيات الأساسية المتنامية.
وهذا يتطلب ( إقامة نظام اقتصادي عربي جديد يتسم بالتكامل المحقق للتنمية الشاملة ويمثل نمطاً من تقسيم العمل داخل الوطن العربي , يحقق التطور والتحرر لأقطار الوطن العربي , و يستهدف إزالة التبعية وإيقاف استنزاف موارد الوطن العربي وإقامة علاقات اقتصادية متكافئة وعادلة بين دوله ).
وفيما يتعلق بالتعاون الامني والسياسي
تم تحديد الأهداف بالسعي من أجل تحقيق الأمن القومي بما فيه الأمن الفكري, العسكري, الغذائي والأمن التكنولوجي مع تعزيز القدرة العسكرية العربية الذاتية لمواجهة التحدي الصهيوني الذي تتعرض له أمتنا العربية . كما أكدت الاستراتيجية على ضرورة تنمية و تطوير القوى البشرية والقوى العاملة في الوطن العربي وضمان حريتها في الحركة وفقاً لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقطار العربية والحفاظ على هذه القوى داخل أراضي الوطن العربي والتوسع في الاعتماد على العمالة العربية بهدف تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية .
وقد تم ابرام العديد من الاتفاقيات الامنية والسياسية بين الدول العربية بهدف التعاون الامني المشترك
لمواجهة الاخطار التي تهدد امن واستقرار المنطقة العربية ككل علي المستوي الاقليمي
المحور الرابع
السبيل إلي حل الازمات العربية السياسية
لا خروج لنا كعرب من الاحداث المتتاليه السلبية لتغول القوى الدولية والأطراف الإقليمية غير العربية على مصالحنا، والاستيلاء المتكرر لأراضينا، و بفعل صراعات مسلحة وحروب أهلية وحروب الكل ضد الكل ونزعات طائفية وانفصالية وتفتت للدول الوطنية وانهيار لمؤسساتها وأجهزتها، وتوطن الإرهاب الذى يعيش على غياب سلطة الدولة الوطنية وكذلك على الاستبداد والظلم والفقر والطائفية والوجود العسكرى الأجنبى وتناقض سياسات بعض الدول العربية؛ إلا بالموافقه والاتحاد على منظومة جديدة أو ترتيبات جديدة للأمن الإقليمى العربي تعلى من شأن القواسم المشتركة بين الدول العربية وتوحد الدول الوطنية وتواجه جماعيا الإرهاب والعنف وتطور حلولا تفاوضية للصراعات المسلحة والحروب الأهلية المستعرة حاليا وتحول بين غير العرب وبين التغول على أراضينا ومصالحنا، وقبل كل ذلك تجعل من الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وسيادة القانون وتداول السلطه و التنمية المستدامة نسقا قيميا ومجتمعيا وعوده التنميه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه وعوده الروح الي الجسد والاستفاده من الدول الاخري ومحاوله اخذ ما هو نافع و البعد عن الاشياء الضاره التي تعيق العلاقات بين الدول العربيه وسد اي خطر يعيق بأمن البلاد العربيه وعوده العلاقات العربيه مره اخري والبعد عن التدخل في شؤن البلاد والقضاء علي اي شيء يعيق النهضه و التنميه الشامله و محاوله النهوض بالبلاد العربيه اذن فاننا في حاجه منظومه عربيه للتعاون والامن. وهنا جوهر الخروج من الاحداث المتاليه السلبية، واذا نجحنا في ذلك وفي تطبيق هذه المنظومه العربيه سوف ننجح بالفعل في النهوض بالبلاد العربيه وسد الخطر فيها وتحقيق التنميه الشامل .
خاتمة:
مما لاشك فيه ان التعاون العربي اصبح ضرورة ملحة علي الواقع العربي المعاصر
حيث ان هناك تعاقد وتشابك مصالح مع كلٍّ من الدول العربيه والتغيرات التي تطرأ عليها مما يبرر الحاجة الي رؤية شاملة للتعاون العربي علي جميع المستويات الامنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية
والسؤال الذي يطرح نفسه علي الساحة الفكرية الان هل الدول العربيه قادره علي الاتحاد و علي اقامه منظومه عربيه للتعاون والامن؟؟
المراجع
1-البوابة الالكترونية لمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
2مقال الدكتور عمرو حمزاوي (بعنوان نحو منظومة عربية للتعاون والامن) جريدة الشروق
3- الموقع الالكتروني لمركز الجزيرة للدراسات
4- مقال الدكتور مصطفي العبدالله الكفري –كلية الاقتصاد جامعة دمشق بعنوان التعاون العربي الاقتصادى المشترك
5– “المعضلة الأمنيّة في الوطن العربي بعد 2011: ضرورة مراجعة تكلفة التحوّل الديمقراطي” (عبد اللطيف بوروبي)
الفهرس
مقدمة | 1 |
المحور الاول :لماذا الحاجة الي منظومة للتعاون العربي ؟ | 2 |
المحور الثاني:التحديات الاقليمية التي واجهة الدول العربية مؤخرا | 4 |
المحور الثالث:دور جامعة الدول العربية في تحقيق التعاون العربي الاقتصادي والامني والسياسي المشترك | 5 |
المحور الرابع:السبيل إلي حل الازمات العربية السياسية | 11 |
المراجع | 12 |
الفهرس | 13 |