الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

سبل وآفاق التعاون والتكامل بين الدول الأفريقية تحت مظلة الاتحاد الأفريقي”دراسة حالة رواندا”

نموذج محاكاة الإتحاد الأفريقي "الدورة السادسة"

 

أعداد الباحثة :  إيناس صبرى عبد المنعم – المركز الديمقراطي العربي

  • سبل وآفاق التعاون والتكامل بين الدول الأفريقية تحت مظلة الاتحاد الأفريقي دراسة حالة : دولة (رواندا )
  • نموذج محاكاة الإتحاد الأفريقي “الدورة السادسة” 

 

تقسيم الدراسة في الورقة البحثية :

  • اولا: مقدمة الباحث (عامة عن الأتحاد الأفريقي).
  • ثانيا :مقدمة عن الدولة محل الدراسة ( رواندا ).
  • ثالثا :المشكلة البحثية ( الأبادة الجماعية Genocide ).
  • رابعا: سبل وآفاق تحقيق التعاون والتكامل (دور الأتحاد الأفريقي).
  • خامسا: جولة حول أهم معالم دولة رواندا (صور). “خارج الحدود المسرح بها للورقة البحثية”

اولا :مقدمة الباحث :

“فخور لكونى أفريقي”

أن الشعارات التي نرددها فى العديد من المؤتمرات والقمم الأفريقية والمباحاثات بين الدول الإفريقية بعضها البعض ونماذج المحاكاة التى تقام فى الجامعات المصرية لا يمكن أن تحقق ألا أذا شعر كل مواطن أفريقي بانتمائه وفخره بهذا الوطن الكبير الغنى بكوادره وموارده البشرية والطبيعية ,ولكن الحق يقال أننا نعانى من أزمة كبيرة تعادل أو قد تتخطى الأزمات التى تواجها القارة من إرهاب , مجاعات ، حروب أهلية، صراعات دينية ، استغلال إمبريالي من الدول العظمى ألا وهى :

مشكلة نقص وانعدام الوعي بمقدرات الشعوب الأفريقية على مواجهة الأزمات بل وقدرتهم على تحقيق تنمية شاملة تعادل الدول الأوربية وجنوب شرق آسيا ،فالثروات المعدنية والطبيعية والبشرية متوفرة بقدر كافى فى هذه الدول ولكن نظرا لانشغالهم بالصراع والقتال والخنوع للدول الاستبدادية التي من مصلحتها تدمير هذه القوى انحدرت معظم دول افريقيا للحروب الاهلية والنزاع الدينى مما أدى الى انهيار الاقتصاد وضياع الثروات فى صالح الاعداء الحقيقين ,ولكن طالما الشعب نفسه غير مؤمن بوطنه وانتمائه لها ورغبته فى تحقيق تنميتها ورفاهيتها فلن يأتى من يقوم بذلك من الخارج ولكن فى النهاية ورغم كل السخط واللارضا على أحوال البلاد الإفريقية سنناضل من اجل زرع انتماء جديد وقوى فى نفوس الأجيال الجديدة وهذا ما أخذته على عاتقها رابطة التواصل الإفريقي ومعهد الدراسات الإفريقية بدلا من القمم الإفريقية الكثيرة  التى لا نتيجة  لها ،فهكذا ستظل الدول سواء كانت عربية او أفريقية او اسلامية تعقد القمم والمؤتمرات ويتصافح الزعماء وترفرف الاعلام ويتناقشون او يتنازعون يتسالمون او يتحاربون يصنعون القرارات ويبادلوا الاتفاقيات اما المواطن لا قيمة له الشعوب هى التى تدفع الأثمان فى الحروب ولا ينالها قسط من الرخاء فى السلام ،الشعوب طالما كانت الضحية ،ضحية السلطة والنفوذ ضحية الحروب والنزاع وضحية الأمبرالية والاستعمار والأطماع ضحية السعى للملك والجاه ولعل خير دليل المذبحة التى ارتكبت فى حق الأنسانية فى عام 1994 وراح ضحيتها 800 الف مواطن لا ذنب لهم سوى أنهم ينتمون لقبيلتي متناحرتين على السلطة والعالم أصم لا يتدخل لانقاذ الإنسانية بل يتدخل حين يدرك ان هناك مصالح يجب حمايتها او ليجعله سبب وذريعه للتدخل لاستنزاف الثروات فيما بعد ، هذا ويجب ان ندرك ان افريقيا والشعب الافريقى اكثر الشعوب غنى بالموارد ولكن أكثرهم فقرا باستغلال الثروات التى وهبها الله لهم ويخضعون لأنظمة والأنظمة تخضع للقوى الكبرى التى تدعى المساعدة ولكنها فى الواقع ليست سوى مخادع يمارسونها لأستغلال السذج من الأفارقة ويجب هنا ان نتسأل لماذا يرضى الأفريقى بكل هذا الهوان لماذا يرضى بنظرية الرجل الأبيض والرجل الٍأسود ؟

أن الانسان الإفريقي هو الإنسان الوحيد الوحيد الذى يستطيع أن يعيش بأقل من دولار واحد “[1] ، الحق لا أدرى أن كانت هذه المقولة تستحق الإشادة بمقدرة الإنسان الإفريقى ونضاله ام برضائه بالهوان ! فكم نحن فى حاجة إلى زعماء مناضلين ليقودوا هذا العالم الآثم ليبثوا في فى الشعوب الواهنة أن لا هناك فرق فى الجنس والدين واللون وان الله سبحانه خالق الخلق أجمعين قال فى كتابه الكريم” إن أكرمكم عند الله اتقاكم” فالعمل هنا بالتقوى والأيمان لا باللون ولا بأكثرية الذهاب للمسجد وتهذيب اللحى ،فالصراع الدينى الذى تشهده الدول فى أفريقيا وفى العالم أجمع لا أساس وسبب له سوى “السلطة” وصراع العرقيات للوصول الى النفوذ ،ولكنهم يتسترون براية الدين ،ولكن هيهات فأديان رسل الله  أبرياء  من هؤلاء !

  • ثانيا :مقدمة عن الدولة محل الدراسة (معلومات عامة ):

1_ موقع جمهورية رواندا : وتعني أرض الألف تل هي دولة في شرق أفريقيا بمنطقة البحيرات   العظمى الأفريقية لشرق وسط أفريقيا،مساحتها 26,338 كم2، أحداثيتها الجغرافية  درجتان جنوبا و30 درجة شرقا، أجمالى طول حدودها البرية 894 كم ، لا يوجد لها شريط ساحلى لانها دولة حبيسة ومحاطة باليابس من جميع الجهات ، معظم اراضى الدولة مليئة بحشائش السافانا ويقوم اقتصاد رواندا على حرفتى الزراعة والرعى وتنتج البن والشاى وقصب السكر .

2_ حدود دولة رواندا مع جيرانها من الدول الإفريقية:• تنزانيا بخط حدودى 217 كم . • شرقا أوغندا بخط حدودى 169 كم .• شمالاً الكونغو الديموقراطية بخط حدودى 217 كم •غربًا بوروندي  بخطحدودى 290 كم .[2]

3_ سكان جمهورية رواندا : يبلغ عدد سكان الدولة  11 مليون و766 نسمة طبقا لتعداد السكانى لعام 2013 اللغة الرسمية المعترف بها محليا هى  لغة “الكينيرواندية “بالأضافة إلى اللغة الأنجليزية،ويتكون أغلب سكانها من البانتو او يطلق عليها بانتو البحيرات وأشهرهم قبيلة “الهوتو” ويشكلون حوالى84 % من البلاد والجماعة الثانية هى “التوتسى” ويشكلون 15% من السكان ويمثلون الطبقة الأرستقراطية وباقى السكان من الجماعات التوا والأقزام ،وبالنسبة للديانة فان 56% كاثوليك و26% بروتستانت ،5 % مسلمين والباقى ديانات محلية ولادينيين.[3]

4_النظام السياسى لدولة رواندا : هى جمهورية رئاسية تقوم على النظام الرئاسى ومتعددة الأحزاب وتقوم على القانون البلجيكي والقانون الجديد الذى تم أقراره عام 2003 م ومن حيث الهيئات التشريعية فانه يتكون من “الجمعية الوطنية” وعددها 80 عضوا و”مجلس الشيوخ” ويضم 24 عضو .

5_استقلال دولة رواندا : 1يوليو من كل عام يحتفل فيه الشعب الرواندى بمناسبة مرور أعوام على الاستقلال أي التحرر

أو استعادة الحرية من استعمار أجنبي أو وصاية خارجية حيث أستقلت رواندا عن بلجيكا عام 1962 م وهو تذكير للأجيال الناشئة بمدى معاناة الآباء من أجل الحصول على الحرية وغرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوبهم  تقوم الدولة باتخاذ هذا اليوم كعطلة رسمية وطنية.

  • ثالثا: المشكلة البحثية (الإبادة الجماعية ):

اشتهرت رواندا، التي استضافت يومي 17 و18 من شهر يوليو السابق لعام 2016 م  القمة الإفريقية الـ27، بالإبادات الجماعية والتطهير العرقي، الذي راح ضحيته 800 ألف شخص في الحرب الأهلية بين عرقيتي الهوتو والتوتسي في عام 1994، لكنها اليوم تشهد طفرة حضارية ومدنية، جعلت عاصمتها “كيجالي” تنتزع لقب أنظف عاصمة إفريقية  لعدة مرات. وتعتبر رواندا من أكثر الدول استقطابا لرؤوس الأموال في القارة الإفريقية، حيث قامت بإصلاحات كبيرة خلال العشرية الأخيرة، كما تتميز رواندا عن معظم الدول الإفريقية بإلغاء التأشيرة عن جميع الأجانب سواء كانوا أفارقة أو أوروبيين أو غيرهم، وهذا ما جعل كيجالي أكثر العواصم الإفريقية استقبالا للسياح الأجانب، بالنظر إلى هذه التسهيلات وسلاسة الإجراءات التي يجدها كل زائر في مطارها الدولي. وتعتبر العاصمة كيجالي، أكبر مدن رواندا ومن أفضل المدن الإفريقية في النظافة والأمن والمحافظة على نظام المدينة النموذجية، وتضاهي شوارع وسط مدينة كيجالي، بنظافتها وحسن صيانتها، معظم شوارع العواصم الأوروبية،هذا استنادا إلى الدراسة الأمريكية التى تمت على مستوى العالم، واحتلت رواندا المرتبة الأولى على مستوى القارة الأفريقية و ال15 على مستوى العالم في مؤشرات الراحة المعيشية وسعادة مواطنيها [4].

واختيار الاتحاد الإفريقي كيجالي لاحتضان القمة الإفريقية الـ27، تحت شعار (العام 2016 عام حقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة)، رسالة منه للتأكيد على أن رواندا جديرة بهذه القمة، ليست فقط كدولة غنية ولها بنية تحتية لها القدرة على استيعاب كبار الضيوف من قادة الدول وممثلي الهيئات المشاركة فحسب، وإنما كدولة تتمتع بالأمن والاستقرار كإحدى أهم المعايير لاختيار الدولة المضيفة لأي قمة إفريقية. ورغم ما شهدته هذه الدولة من إبادة جماعية في 1994، حيث واجهتها مشكلة كبيرة جدا في الصراع الذي نشب بين الهوتو والتوتسي، وراح ضحيته الآلاف من الأبرياء، حيث مَثّل ذلك وصمة عار في جبين الروانديين، ينظر كثير من هؤلاء إلى استضافة «كيجالي» للقمة الإفريقية لهذا العام، بمثابة إعلان للعالم أن الروانديين استعادوا عافيتهم، وطووا صفحة المأساة الدموية، بكل تسامح بين أفراد المجتمع الرواندي، الذي كاد أن ينفرط عقده جراء تلك الإبادة، وبذلك لابد من دراسة أسباب وأبعاد المشكلة التي أثرت بشكل كبير فى رواندا و تعلمت منها  كثيرا لكى تصل إلي ما وصلت أليه الآن وتربعها على القمة الأفريقية ، ومن هنا لكى نتوصل للأسباب التى أدت لهذة المشكلة ونتائجها وأبعادها  وكيف استعادت رواندا عافيتها من بعد تعرضها لهذة الكارثة لابد أن نتناول أولا المقصود بالإبادة الجماعية Genocide.

  • أ)_ المفهوم الأكاديمى لمصطلح الإبادة الجماعية Genocide [5]:

هي كلمة مركبة وينحدر أصلها من اللغتين اليونانية واللاتينية وتتألف من شطرين أولها Genu=Group  وتعني (جماعة). أما الشطر الثاني (cide=kill to ) وهي لاتينية وتعني (القتل). وأول من صاغ هذا المصطلح هو البروفسور رافائيل ليمكن Lemkin Rafael وهو يهودي من بولندا نجا صدفة من المحرقة النازية التي أتت على 50 عضوا من عائلته ولجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويلاحظ بأن هنالك تعاريف متعددة لجريمة الإبادة الجماعية ومنها مثلا :

بيتر دورست Dorst Peter صاغ التعريف التالي في عام 1959 : (الإبادة الجماعية هي التدمير المتعمد لحياة أفراد من البشرلأسباب تتعلق بإنتمائهم لأية مجموعة إنسانية).

غير أن التعريف الأكثر إعتبارا ويؤخذ به لدى الأمم المتحدة إستنادا للمادة الثانية من إتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري والمعاقبة عليها لعام 1948 والتي تعتبر منفصلة عن جرائم ضد البشرية : يقصد بإبادة الجنس أي فعل من الأفعال الآتية: 1) قتل أعضاء هذه الجماعة 2) الإعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانيا أو نفسيا. 3)  إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا.

4) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. 5)  نقل أطفال الجماعة الى جماعة أخرى .

  • ب) _أسباب الصراع العرقى الأثنى فى رواندا (معظم الصراعات عموما)[6]:

على الرغم من تعدد الاتجاهات النظرية في دراسة أسباب الصراعات الأفريقية فإنه يمكن الإشارة إجمالاً إلى المتغيرات الخمسة الأساسية على النحو التالي:

 1) الهوية العرقية في مواجهة الهوية الوطنية:

اختلف الباحثون في تقدير أهمية الرابطة الأساسية للجماعة العرقية، فبعضهم يشير إلى رابطة اللغة والثقافة، ويضيف بعض ثان إلى ذلك رابطة الوعي بالأصل المشترك والوعاء الإقليمي، وقد يضيف بعض ثالث إلى ذلك خصائص التكوين النفسي. الهوية العرقية قد تم تكريسها في فترة حديثة  في تطور الدولة الأفريقية، ولا سيما في ظل الممارسات الاستعمارية، والتنافس على السلطة والمكانة، والحصول على الموارد الاقتصادية، والخدمات الاجتماعية الذي ميز المرحلة الاستعمارية ومرحلة ما بعد الاستعمار.

2) السياسات الاستعمارية:

‏من الملاحظ أن الحدود الاستعمارية التي رسمت على خرائط في أوروبا عكست بالأساس مصالح القوى الاستعمارية، ولم تعترف بالمصالح الأفريقية. وعليه فإن الحدود الموروثة عن الاستعمار أدت إلى تقسيم الجماعات العرقية بين دولتين أو أكثر .

3) الجوء إلى استخدام سياسات القمع والعنف لتحقيق أهداف النظام السياسي بدلا من الاعتماد على سياسات الإقناع والرضا الشعبي.

‏4) الربط بين المنصب السياسي العام وتحقيق الثروة والمكانة في المجتمع.

 5) العولمة ودور العوامل الخارجية:

يرى بعض الدارسين أن تزايد الحروب والصراعات الأفريقية ما هو إلا نتاج للآثار المدمرة التي تمارسها قوى العولمة على التنظيمات السياسية والاقتصادية الأفريقية.

  • ج )_أبعاد تفاقم الأزمة فى رواندا (كيف تطور الصراع العرقى ):

1) قطنت هذة الدولة مجموعتين رئيسيتين هما الهوتو والتوتسى وهى مجموعات عرقية(طائفية)  وقد لعب المستعمرون المبشرين دوراً كبيراً في زرع الخلافات في هذه الطوائف بدلاً من مساندتهم وحضهم على التعايش بقومياتهم المختلفة فمن جانبهم اعتبروا الهوتو وتم تصوريهم على أنهم عبيد الأرض وتم إقحامهم في الأعمال الشاقة على أنهم محدودي التفكير، أما بالنسبة للتوتسي فقد تم الاهتمام بهم وتوظيفهم واعتبارهم الطبقة الاستقراطية البارزة  الألمان في البداية ومن ثم البلجكين اختاروا معاونيهم من طبقة التوتسي ـفي إدارتهم الاستعمارية غير المباشرة  ليكونوا مسئولين عن الأمور الإدارية [7].

2) فى غضون 1959م هيمنت عناصر الهوتو على البنية الفوقية السياسية وكانت هذه “الثورة ” مصدراً للحركات الأولى للاجئين في المنطقة وقام العشرات بل مئات الآلاف من التوتسي بالرحيل إلى المنفي في بوروندي وأوغندا والكونجو وذلك بعد أن شعروا بالتهديد الذي يطال استقامتهم ووحدتهم الطبيعية ثم  حصلت رواندا على الاستقلال في أول  يوليو عام 1962م.

3) شكلت مجموعة من التوتسي في المنفى جماعة متمردة أطلق عليها (الجبهة الوطنية الرواندية) التي غزت رواندا عام 1990وفي ليلة السادس من إبريل عام 1994 أسقطت طائرة كانت تقل الرئيس الرواندي آنذاك جوفينال هابياريمانا ونظيره البوروندي سيبريان نتارياميرا وقتل جميع من كانوا على متنها وبدأ الهوتو باللوم على جماعة الجبهة الوطنية المتمردة وبدأوا على الفور حملة منظمة للقتل.وقالت الجبهة الوطنية الرواندية إن الهوتو هم من أسقطوا الطائرة كذريعة لتنفيذ إبادة جماعية[8] ، بدأت أعمال العنف في 6 أبريل وإستمرت حتى منتصف يوليو 1994، حيث شن القادة وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يقرب على 800.000 شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب وقتل في هذه المجازر ما يقدر ب75% من التوتسيين في رواندا. وانتهت الإبادة الجماعية في يوليو 1994، عندما نجحت الجبهة الوطنية الرواندية في طرد المتطرفين وحكومتهم المؤقتة المؤيدة للإبادة الجماعية إلى خارج البلاد ومع ذلك فلا تزال آثار الإبادة الجماعية باقية إلى اليوم رغم ما وصلت اليه رواندا من تطور وتنمية شاملة.

  • د)_ نتائج الأزمة الكارثية التى تعرضت لها رواندا فى عام 1994م :
  • مقتل 800 ألف مواطن رواندى والقاء جثثهم بنهر النيل “حيث تمكن اليهود من بث معتقد فى نفوس الهوتو بان قبيلة التوتسى من أصول فرعونية فيجب القائهم فى النيل للعودة إلى بلادهم “[9].
  • حالات الصدمة المتكررة التي يعاني منها الكثيرون بسبب تجاربهم، فإن الناجين من الإبادة الجماعية يواجهون العديد من الصعاب. فالكثيرون منهم يعيشون في فقر مدقع ويعانون مشكلات صحية معقدة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز كنتيجة مباشرة لأشكال العنف التي تعرضوا لها.
  • امتداد الأزمة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية التى خلفت مقتل نحو 5 ملايين شخص
  • نشوء ظاهرة العنف السياسى وتاثر المجتمعات المجاورة بها وبروز ظاهرتى التجنيد لأطفال فى النزاعات المسلحة وظاهرة اللاجئين.
  • رابعا:_سبل وآفاق تحقيق التعاون والتكامل بين الدول الإفريقية [10]:

م    منذ 15 ديسمبر 2006 يعتبر (ميثاق الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة البحيرات الكبرى) إطاراً تشريعياً لتحقيق الأهداف المنصوص  عليها في إعلان دار السلام  المبرم في 20 نوفمبر 2004م . هذا الميثاق يدعو الدول الأعضاء في المؤتمر الدولي حول منطقة البحيرات الكبرى لترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد في إدارة الشؤون الداخلية للبلاد والبحث بصورة مشتركة عن حلول سلمية للخلافات التي قد تعترض هذه الدول، وهناك تغيرات ايجابية تتبدى في هذه المنطقة من العالم  وعلى سبيل المثال في بروندي، أخر الحركات السياسية المسلحة اندمجت للتو في الحياة السياسية الدستورية. القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، واوغندا وللسودان من جانب وقوات جمهورية الكونغو الديمقراطية ولروندا من جانب أخر، تقوم اليوم بعمليات مشتركة ضد الجماعات المسلحة, والجماعة المسلحة في اوغندا وكذا القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. كل هذه التطورات  تحدث في الوقت الذي توشك فيه محكمة الجنايات الدولية من إغلاق ملف رواندا وفي الآونة التي تقترب فيها كل دول المنطقة من إجراء انتخابات  يأمل الجميع بأن يتم الإعداد لها وتنظيمها بطريقة تمنع تكرر الإخفاق الذي شهدته العملية الانتخابية في كينيا وفي زامبامبوي. ومن البديهي بأنه لو أن رواندا وبروندي اللاتي شكلتا المركز الرئيس لهذا النزاع تخلصت من الطائفية المدمرة والغير انسانية التي عانيا منها وانخرطتا بجدية في حكم ديمقراطي لاستطاعتا تكوين بالإضافة لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتع بحكم ديمقراطي عزز اندماجها الوطني، قطباً قوياً للتنمية الاقتصادية الإفريقية في منطقة البحيرات الكبرى الباحثة عن التكامل الاقتصادي.

ويمكن وضع نهاية حتمية لتلك الصراعات من خلال إعلان رؤساء الدول والحكومات الأفريقية تحت لواء الأتحاد الإفريقي عن استعدادهم لجعل منطقة البحيرات الكبرى منطقة سلام وأمن مستديمين من خلال تعزيز الأمن والاستقرار السياسي وتحقيق والتنمية الاقتصادية  عن طريق خلق بيئة للتعاون القائم على تنوع السياسات الإستراتيجية في إطار الهموم المشتركة ولتحقيق هذه الغاية فقد تعهد رؤساء الدول والحكومات على الوفاء بالالتزامات التالية :

  • الدعم الكامل لعملية السلام الهادفة إلى وقف العمل المسلح وإعلان موقفهم الرافض للصراعات عبر مختلف وسائل الأعلام .
  • تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي من خلال التنفيذ الفاعل لاتفاقيات الدفاع المشترك .
  • وضع إطار عمل خاص بالتسويات السلمية للصراعات .
  • منع ارتكاب المذابح والمجازر من خلال عمليات نزع السلاح وإحالة مرتكبي تلك المذابح إلى المحاكم الدولية .
  • تعزيز التعاون على الصعيد الأمني وتقوية الثقة بفضل تنفيذ سياسات وإجراءات وآليات تهدف إلى تعزيز علاقات حسن الجوار والتعاون متعدد الأعراف .
  • تشجيع السياسات المشتركة من أجل وضع حد لانتشار الأسلحة والاتجار بالأسلحة الخفيفة بطريقة غير مشروعة وكذا بالذخائر وبالألغام المضادة للأفراد.
  • تأمين سلامة الحدود المشتركة في إطار للإدارة ولتقريب وجهات النظر في القضايا الحدودية.
  • العمل على الحد من أي دعم مباشر أو غير مباشر لتسليم شحنات سلاح أو أي من أشكال الدعم للجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة ومنع هذه الجماعات المسلحة من القيام بأية اعتداءات أو تخريب ضد أي من الدول الأعضاء في كافة الأراضي.
  • تنبي وتنفيذ لبرامج وطنية بصورة فاعلة ومستمرة لنزع السلاح وإنهاء حالة التعبئة العامة للجيوش وإطلاق المعتقلين.
  • مضاعفة جهود مكافحة الجريمة العابرة للحدود والإرهاب وفي هذا الإطار القيام بإجراءات ضد محاولات الإفلات من العقوبة.
  • تعزيز السياسات والاستراتيجيات القائمة على احترام القيم والمبادئ وأسس الديمقراطية والحكم الرشيد وكذا احترام حقوق الإنسان.
  • محاربة كافة الأيدلوجيات والسياسات والممارسات العنصرية وكذا الإبادات الجماعية والمجازر والأعمال الإرهابية والعنصرية والطائفية والإقصاء وكافة إشكال العنف والجريمة.
  • تطوير سياسات وبرامج مشتركة في مجال التعليم المدني والانتقال الحر للبشر، وحرية التعبير والتبادل الحر للأفكار والمعلومات.
  • تعزيز سياسات الوحدة الوطنية القائمة على التعددية الثقافية والتسامح ونشر ثقافة السلام والحوار.
  • وضع سياسات وطنية وإقليمية قائمة على الديمقراطية والحكم الرشيد تهدف إلى تعزيز دولة القانون وتعزيز قدرات القيادة وشفافية العملية الانتخابية وتعزيز فعالية أجهزة القضاء والأمن ونشر تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
  • تعزيز المشاركة الفاعلة للقطاعات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية ولاسيما القطاع الخاص والمجتمع المدني وكذا النساء والشباب في تعزيز مفاهيم الديمقراطية والحكم الرشيد.

الخاتمة

يعطي مفكرنا العربي الراحل (جمال حمدان) بارقة أمل للتفاؤل بشأن مستقبل أفريقيا، ولعل ذلك يتضح بجلاء من عنوان كتاب له يحمل اسم (أفريقيا الجديدة)، فهو يرى بأنه إذا كانت أوروبا أكثر القارات حملا للطابع البشري ولبصمات أصابع التاريخ فإن أفريقيا هي القارة البكر العذراء، يعني ذلك أن الأولى قد شاخت، وأصبحت هرمة لها تاريخ أكثر مما لها من مستقبل، بيد أن أفريقيا هي قارة المستقبل، قارة القرن الواحد والعشرين. ويقترح (جمال حمدان) ضرورة البدء في إعادة تخطيط الحدود القائمة في أفريقيا بما يتفق وحقائق الطبيعة والإنسان، بما يؤدي في النهاية إلى خلق الدولة القومية الحديثة المتزنة. والسؤال المطروح هنا هو هل يمكن للنخب السياسية الحاكمة اليوم في أفريقيا أن تملك إرادة التخطيط للمستقبل؟!

“عاشت أفريقيا حرة ومستقلة “

المراجع:

[1] السفير نادر فتح العليم ، نموذج محاكاة الاتحاد الإفريقي الدورة الخامسة ،معهد الدراسات والبحوث الإفريقية ،جامعة القاهرة ،2015.

[2] بدون اسم ناشر ، جمهورية رواندا (سمات جغرافية ) ، موقع مقاتل الصحراء ، الرابط الألكترونى للموقع :

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Dwal-Modn1/Rwanda/Sec02.doc_cvt.htm

[3] بدون اسم ناشر ، ارشادات السفر ، موقع وزارة الخارجية المصرية ، الرابط الإلكترونى للموقع :

http://www.mfa.gov.eg/Arabic/ConsularServices/TravelGuide/Details/Pages/CountryDetails.aspx?country=Rwanda

4 بدون اسم ناشر ،معهد الدراسات الأفريقية ، الرابط الإلكترونى لأصل الخبر the new times :

http://www.newtimes.co.rw/section/article/2015-03-25/187245/

[5] عبد المصور بارزنى ،الإبادة الجماعية ، كردستان،العراق،1983 ،الكتاب متوفر على الرابط الآتى:

http://kcdme.com/AMB%20Koshtaph%2015.11.2013.pdf

[6] د/حمدى عبد الرحمن حسن ، الصراعات السياسية فى أفريقيا ،شبكة الألوكة ،2013، على الرابط الآتى :

http://www.alukah.net/world_muslims/0/61932/

[7] الرئيس سيلفيستر تيبانتجانيا، اجتماع لجنة السلام وحل المنازعات ، بوجمبورا ، بوروندي، 2009 .

[8]بدون اسم ناشر ،كيف حدثت الأبادة الجماعية فى رواندا؟؟ ،BBC عربى ،على الرابط الإلكترونى الآتى :

http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2014/04/140407_rwanda_slaughter

[9] د/رامى عاشور ،قضايا أفريقيا فى قضايا مجلس الأمن، نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقى،معهد الدراسات والبحوث الإفريقية ،جامعة القاهرة ،اغسطس 2016.

[10] الرئيس سيلفيستر تيبانتجانيا، اجتماع لجنة السلام وحل المنازعات ، بوجمبورا ، بوروندي، 2009 .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى