متقاعد فضائي : باب من ابواب الفساد المشرعة في العراق…كيف يمكن معالجته ؟
بقلم : همام السليم – كاتب وباحث عراقي
- المركز الديمقراطي العربي
متقاعد فضائي ليس عنوناً لروايةٍ بوليسية ولا قصة مسرحية، إنما هو باب من ابواب الفساد المشرعة في العراق لهدر المال العام فيه، ابطال هذا الفساد هم ( المتقاعد وهيئة التقاعد والبطاقة الذكية) وكلمة فضائي باتت تطلق في العراق على كل عمل او اسم وهمي يراد به التحايل وسرقة المال العام فيوجد موظف وجندي فضائي وهم من يوجد اسمه في قوائم الراتب ولا وجود له على الواقع وتوجد شركات ومصارف وهمية تتعامل بالعقود او شراء الدولار من مزاد البنك المركزي، فالفضائي اليوم مصطلح يدخل في كل مفاصل الحياة العراقية، وفي مقالنا هذا سنسلط الضوء على فضائي من نوع اخر إنه المتقاعد فهل يوجد متقاعد فضائي؟ وكيف يصبح المتقاعد فضائي؟ ومن المسؤول عن ذلك وكيف يمكن معالجته ؟
وفي السياق كشف النائب مشعان الجبوري في كانون الاول 2014 عن وجود 23 الف متقاعد فضائي يتقاضون رواتب من هيئة التقاعد الوطنية، ومن ثم عاد ليكشف في اذار 2016عن وجود اكثر من 16 الف متقاعد فضائي في محافظات صلاح الدين والديوانية والانبار ونينوى، كما اقرت هيئة التقاعد ذاتها بوجود اكثر من 16 الف متقاعد فضائي.
اما بخصوص كيف يتحول المتقاعد إلى فضائي فتوجد عدة طرق للتحايل يلجأ اليها البعض من اجل استمرار صرف الراتب التقاعدي رغم زوال مبررات صرفه ومنها:
- صرف بطاقة ذكية لشخص وكيل عن المتقاعد الاصلي، وهو ما يستغله بعض ضعاف النفوس، فيمتنع عن اخطار هيئة التقاعد بوفاة المتقاعد الاصلي ويستمر هو بسحب الراتب ببطاقة الوكيل بصورة اعتيادية، وهنا سيتحول هذا الوكيل إلى متقاعد فضائي.
- استمرار صرف راتب ابنة المتقاعد المتوفي حتى بعد زواجها، لأن البعض لا يبلغ هيئة التقاعد الوطنية بالحالة الاجتماعية الصحيحة لعائلة المتقاعد فيستمر صرف الراتب التقاعدي للابنة حتى بعد زواجها وانجاها الاطفال، وهنا ستصبح هذه المرأة متقاعد فضائي.
- استمرار صرف راتب زوجة المتقاعد المتوفي حتى بعد زواجها، هنا ايضا تتزوج بعض ارامل المتقاعدين وسيما الشهداء ولا تبلغ هيئة التقاعد بذلك ويستمر صرف راتب تقاعدي لها من زوجها الاول المتوفي وبذلك تعد حالة تقاعد فضائي.
- تسجيل بعض الاحفاد باسم الاجداد لضمان استمرار صرف رواتبهم التقاعدية، وهو ما يلجأ اليه البعض للتحايل على القانون فيسجل بعض ابناءه وسيما البنات باسم ابيه (ينسبهم له في الاوراق الثبوتية) كي يضمن استمرار صرف الراتب التقاعدي لوالده بعد وفاته (يصرف للحفيد كأبن) وهذه حالة تقاعد فضائي .
واحيانا يكون التقاعد للاب المسن وبعد وفاته ينتقل للام المسنة وليس لهما اطفال قاصرين او بنات غير متزوجات ومع ذلك يصبح احد ابناءها وكيلاً لها وتصرف له بطاقة ذكية ولكن بعد وفاه الأم يمتنع عن ابلاغ التقاعد ويستمر هو باستلام الراتب التقاعدي رغم عدم مشروعيته شرعاً وقانوناً واحيانا يكون هذا المتقاعد الفضائي موظفاً في الدولة.
هذا ويتحمل مسؤولية كثرة اعداد المتقاعدين الفضائيين كل من المتقاعد نفسه والهيئة الوطنية للتقاعد لضعف رقابتها وتدقيقها وضعف تنسيقها مع وزارات الداخلية والعدل والصحة، فضلاً عن شركة البطاقة الذكية (كي كارد) التي تعمل بأنظمة واجهزة قديمة ومستهلكة يعاني المتقاعدين بسببها من عدم ظهور بصماتهم بسبب رداءة الاجهزة في منافذ التوزيع وهو ما يؤدي إلى اعتماد نظام الوكيل للمتقاعد والذي ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى متقاعد فضائي.
التوصيات
ولمعالجة هذه الظاهرة نوصي بما يأتي:
- بان تنهي الحكومة احتكار شركة كي كارد الغبية للعمل وتمنح رخص لشركات منافسة بغية تقديم افضل خدمة للمواطن واستبدال الاجهزة القديمة بأخرى احدث لا يعاني معها المتقاعد من عدم ظهور بصماته، ويفضل ان تكون الشركة حكومية لكي تعيد الارباح إلى خزينة الدولة العامة .
- ايقاف العمل بنظام المتقاعد الوكيل وعدم صرف بطاقة الكترونية للوكيل إلا في حالات قصوى كشلل المتقاعد الاصيل او ما شابه ذلك.
- التنسيق الجاد مع وزارتي الداخلية والعدل حول الحالة الاجتماعية وتغيرها ومع وزارة الصحة حول الحياة والوفاة، للمقاعد وافراد عائلته.
- اصدار قرار بقضي بفرض غرامات مالية عالية بحق كل من ينطبق عليه وصف متقاعد فضائي ويصرف له راتب تقاعدي خارج الضوابط القانونية،وعقوبات انضباطية تصل إلى حد فصل المتقاعد الفضائي اذا كان موظفا حكومية لتحايله على القوانين والانظمة.
ختاماً اود الاشارة الى ان الطرق التي يتحول من خلالها المتقاعد إلى فضائي والتي ذكرت اعلاه وان كانت موجودة في الواقع إلا انها لا تشكل سلوك اجتماعي عام وانما هي حالات فردية لأناس لا يتحرون الحلال والحرام في ارزاقهم وعلى الحكومة ان تردعهم بإجراءات وعقوبات وغرامات مالية كبيرة .