تحليل : تصعيد التوتر بين مانيلا وأمريكا وغموض يلف مصير العلاقات بين البلدين
-المركز الديمقراطي العربي
عكست مواقف الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي الأخيرة وتصريحاته المثيرة للجدل، انقلاباً في سياسة مانيلا الخارجية التي تحولت إلى التقرب للصين وروسيا والابتعاد عن الولايات المتحدة.
ورغم أن مانيلا كانت من أقرب حلفاء واشنطن في آسيا، وبينهما معاهدة دفاع مشترك، إلا أن التغير تجاه الولايات المتحدة بات واضحًا منذ تولي دوتيرتي منصب الرئيس نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي.
وأثار غموض تصريحات دوتيرتي المتناقضة والمتأرجحة، قبيل وصوله اليابان في زيارته، الأسبوع الماضي، وعقب مغادرتها، كثيرا من التساؤلات حول من يكون رودريغو دوتيرتي الحقيقي؟.
هل هو الرجل الاستراتيجي الحازم الذي يستخدم نفوذه ليحقق مزيدا من الاستثمارات الأجنبية لبلاده، أم أنه شخصًا محبًا للمشاكل وكارهًا لأمريكا.. بعيدًا عن عالم الدبلوماسية؟.
ونقلت صحيفة “يوميوري شيمبون” اليابانية عن مسؤول حكومي رفيع قوله إن “إعطاء تقييم راسخ عن دوتيرتي سيستغرق وقتا طويلًا”.
– تصعيد التوتر بين مانيلا وواشنطن
وخلال زيارته إلى اليابان، صعّد الرئيس الفلبيني من تصريحاته ضد واشنطن، قائلا أمام مجموعة من رجال الأعمال إنه يريد أن تكون بلاده خالية من وجود قوات أجنبية عسكرية خلال العامين المقبلين، في إشارة إلى القوات الأمريكية.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أعلن دوتيرتي من الصين، انفصاله عن واشنطن، التي كانت الحامي الرئيسي للفلبين منذ 65 عامًا، عقب فتور علاقات بلاده معها.
وقال إن “أمل بلاده الوحيد هو إقامة شراكة اقتصادية وثيقة مع بكين”.
في المقابل، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، في وقت سابق، “إن الولايات المتحدة لم تتلق أي بلاغ من الحكومة الفلبينية، تعبر فيه عن رغبتها بإحداث تغيرات معينّة في علاقتنا”.
وعلى مدى سنوات، عملت الولايات المتحدة في قاعدتين دائمتين كبيرتين، قاعدة سلاح الجو “كلارك”، ومنشأة “أولونغابو” البحرية.
إلا أن الكونغرس الفلبيني طرد تلك القاعدتين بعد ثورة “سلطة الشعب” عام 1986.
وفي عام 1998 وقعت واشنطن ومانيلا اتفاقية القوات الزائرة والتي مكنت الولايات المتحدة من نشر مئات من جنودها في “ميندانوا” جنوبي البلاد للمساعدة في محاربة المسلحين.
وفي عام 2014، وقعت واشنطن ومانيلا اتفاقية تعزيز التعاون العسكري، سمحت بموجبها للولايات المتحدة بتوسيع الوجود الأمريكي العسكري في الجزر الفلبينية وزيادة كمية وأنواع الأسلحة والآليات العسكرية التي يرسلها البنتاغون إلى الفلبين.
من جانبه، حث رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، الرئيس الفلبيني خلال لقاء جمع بينهما في طوكيو، الشهر الماضي، على إيلاء مانيلا أهمية لعلاقتها مع الولايات المتحدة.
وفي معرض تعليقه على الزيارة التي أجراها الرئيس الفلبيني إلى الصين مؤخرًا، قال آبي إن “اليابان ترحب بزيارة دوتيرتي إلى الصين، وكذلك بتحسن العلاقات الثنائية بين البلدين”.
– العلاقات الثنائية الصينية الفلبينية
وبعد زيارته التي أجراها إلى بكين، قبل نحو 10 أيام، عاد دوتيرتي وفي جعبته وعود بالاستثمار والقروض الميسرة التي تبلغ 24 مليار دولار.
وعن العلاقات الثنائية مع بكين، أكد دوتيرتي لرجال الأعمال اليابانيين أن” اتفاقيات بلاده الجديدة مع الصين، ستقتصر بشكل أساسي على الاقتصاد”.
وأضاف “أرغب بأن نكون أصدقاء مع الصين، لكن لا حاجة لي لأسلحتهم”.
– قضية بحر الصين الجنوبي
وشعر رئيس الوزراء الياباني بالارتياح عندما قال دوتيرتي إن “قرار المحكمة الناجح الذي صدر في وقت سابق من العام الحالي بشأن نزاع بحر الصين الجنوبي، كان ملزمًا من الناحية القانونية”، بالرغم من وجود تقارير تحدثت عن رغبة الرئيس الفلبيني من تأجيل القرار تقربًا من بكين.
وفي 12 يوليو/تموز الماضي، أصدرت المحكمة الدولية في لاهاي، قرارًا قالت فيه إن إدعاءات بكين حول حقوقها التاريخية في بحر الصين الجنوبي “لا أساس لها قانونًا”، وهي الدعوى التي رفعتها الفلبين، وهو ما رفضته بكين.
وقال الرئيس الفلبيني “سنلتزم بمبادئ القانون والحلول السلمية، كما سنشارك القيم الديمقراطية فيما يخص حل مشاكل المنطقة بما فيها مشكلة بحر الصين الجنوبي”.
وبعد اجتماع القمة، أصدرت اليابان والفلبين بيانا مفاده، أنهما اتفقا على ضرورة احترام سيادة القانون وحرية الملاحة في أعالي البحار.
ويشهد بحر الصين الشرقي توترًا من حين لآخر بين اليابان والصين، اللتين تتنازعان السيادة على أرخبيل من الجزر يقع به، فيما يتسبب إنشاء الصين جزراً صناعية في بحر الصين الجنوبي، وأنشطتها العسكرية به، في ردود افعال غاضبة من الفلبين، فيتنام، ماليزيا، إندونيسيا، وبروناي، الذين يدًعون أيضا امتلاك حقوق في المنطقة المائية.
– التقارب الياباني الروسي
وفي الوقت الحالي، تنتهج اليابان تجاه روسيا سياسة أكثر تصالحية بالمقارنة مع العلاقات الروسية الأمريكية.
ومن المقرر أن يستضيف رئيس الوزراء الياباني الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الشهر المقبل، وسط توقعات بأن يقوم الجانبان، في المستقبل القريب، بتوقيع اتفاقية حول 4 جزر متنازع عليها في محافظة “هوكايدو” شمالي اليابان.
ويشار إلى أن النزاع بين موسكو وطوكيو على السيادة على الجزر الأربع (شيكوتان وهابومأى وايتوروب وكوناشير) أحد العوامل الرئيسية التي تعقد توقيع معاهدة السلام بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية.المصدر:الاناضول