مقالات

أمريكا … إذ ترفعُك الصناديق، وتؤدبك التظاهرات

 بقلم  : نور الحضيري

أثارت الإنتخابات الأمريكية التي جرت الأسبوع الماضي ونتائجها إهتمام العالم أجمع، لاسيما علي المستويين القيادي والشعبي في كل الانحاء ولا غرابة في ذلك، فهذا هو الحال الذي يُمكن أن نطلق عليه “الطبيعي”إزاء حدث بأهمية إنتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، قطب العالم الأوحد بلا منازع في عالمنا اليوم،تعددت غير أن الجديد في هذه الإنتخابات والمختلف كلياً عن كل التجارب السابقة هو الحالة التي سببها وجود مرشح الحزب الجمهوري،المشاكس “دونالد ترامب”وماصدر عنه منذ دخوله السباق،بداية من مقاطع الفيديو الشهيرة له،والتي كان فريق هيلاري كلينتون يستخدمها لمهاجمته ولاضعاف موقفه،مروراً بتصريحاته العدائية ضد المسلمين،والمهاجرين وبعض الدول،كالمكسيك مثلاً!

كل تلك الأسباب وغيرها، جعل ترامب يخسر الكثير من انصاره -علي الاقل ظاهرياً -كما كنا نري او كما صٌور لنا في الاعلام، الذي مافتئ يصور الرجل علي أنه خاسرُ لامحالة، وان هيلاري كلينتون هي الرئيس القادم للولايات المتحدة لاشك، تشابه في، ذلك الاعلام الغربي، والعربي، مراكز الأبحاث الشهيرة حول العالم

مراكز إستطلاع الرأي داخل الولايات المُتحدالامريكي.كية، الصحف المحلية والعالمية وغيرها بل تطور الأمر إلي أن بعض الصحف العربية أفردت صفحات لتناقش كيف ستتعامل الرئيسة القادمة للولايات المُتحدة الأمريكية مع القضايا العربية الشائكة!

ليُفاجئ الجميع بعد اعلان نتيجة الانتخابات، بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب وهي النتيجة التي مثلت صدمة للكثير، وبشكل خاص المواطنون الامريكيون من أنصار هيلاري كلينتون، ولست ٱناقش في هذا المقال الأسباب التي أدت لذلك، فسيتناولها الباحثون المختصون في المستقبل، القريب لاشك، لكنني هنا في هذا المقال سأنتقل بك صديقي القارئ الي مابعد إعلان النتيجة وكيف كان رد فعل المواطن الامريكي-المعارض، الذي كان يري في ترامب نموذج لحاكم فاشي يضطهد الاقليات ويحتقر المهاجرين ويصرح بكرهه للمسلمين ليل نهار، حسب مايرويه له الإعلام الامريكي

لا أحد ينكر أن الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات بالاساس وهو ماقد يسوقه البعض كدليل علي أن ترامب لن يستطيع بالضرورة تنفيذ كل ماكان يصرح به وبشكل خاص تجاه المهاجرين والاقليات والدول المجاورة، وقد نتفق مع هذا الرأي الي حد كبير، غير انه لايمكن ان ننكر حقيقة ان شخص الرئيس هو الاهم في هذا النظام، وانه بطريقة او بأخري سيكون هناك اختلاف ولوبسيط في، سياسة ترامب الخارجية عن سابقه ،وهو ما ظهر جلياً في تصريح واشنطن منذ يومين بأنه لايوجد مايمنع قانونياً إنسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران!

كل هذه الاسباب وغيرها دفعت أنصار هيلاري كلينتون الي التظاهر بعد اعلان نتيجة الانتخابات رفضا لترامب ورفعوا خلال تظاهراتهم لافتات تصف ترامب بالفاشي، هذه الصفات لم تأت من فراغ، انما جاءت نتيجة لمواقف ترامب وتصريحاته وهو مادفع هؤلاء المواطنين للخروج الي، الشوارع في عدة مدن لتوصيل رسالة مفادها بإننا لن نسمح لك بانتهاك حريات او حقوق، المواطنين وبشكل خاص من الاقليات او المهاجرين، وهي الرسالة التي، وصلت وتُرجمت نتائجها مباشرة في اولي تصريحات ترامب الذي تخلي عن خطابه الحاد، ليقول في، اول تعليق له علي هذه التظاهرات بإن هولاء المتظاهرين مواطنون محبون لبلدهم وسنلاحظ الفارق الكبير في تغيير خطاب الرجل اذا مارجعنا للوراء قليلاً وتحديداً لذلك الموقف الشهير مع المواطنة الامريكية المسلمة والدة الجندي المسلم الذي قتل،في العراق اثناء الغزو الامريكي في 2003

كيف خاطبها بأسلوب حاد وهو ما اشعل الراي،العام ضده في ذلك الوقت الوقت وغيرها الكثير من المواقف التي لاتنتهي لهذا الرجل، والتي دائماً مايستعمل فيها اسلوبه المفضل لانهاء الحوارات لكن كيف وقد فاز بالانتخابات، واصبح رئيساً للولايات المتحدة الامريكية؟

هنا لجأ المعارضون الي الشارع، لتوصيل رسالة مفادها نحن هنا، وماكان يسمح لك به وانت مرشح لن تقدر علي فعله بعد فوزك، فإن خسرنا معركة الصناديق مازال امامنا الشارع !

هنا تُثبتُ الإحتجاجات كل يوم أنها سلاح الشعوب الأول في دفاعها عن الديمقراطية وقرص أذن الحاكم وتأديبه لو خالف الأعراف الديمقراطية او سولت له نفسه.

هذا ما تعنيه الاحتجاجات الامريكية هذه الايام

لا أحد يُنكر أن #ترامب تم إنتخابه ديمقراطياً، لكن هذه الاحتجاجات ستترجم نتائجها مباشرة في تشكيله لحكومته،ولصفوف رجاله الاولي، التي سيُجبر بفضل المتظاهرين -فقط-علي إبتعاده عن المعسكر اليميني ورجاله. وكذا في خطابه.

والايام ستثبت…

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى