استفتاء حول اصلاح دستوري في ايطاليا ينطوي على مجازفة وسط خضم موجة الشعبوية
-المركز الديمقراطي العربي
يستعد رئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينزي لمواجهة اللحظة الاكثر مفصلية في مسيرته السياسية مع تنظيم استفتاء دستوري الاحد تبدو نتيجته غير اكيدة وسيقرر جزئيا مستقبله.
والاصلاح الذي يدعو اليه رينزي منذ اشهر يرمي الى تأمين استقرار سياسي اكبر لايطاليا التي توالت عليها ستون حكومة منذ 1946، من خلال الحد من صلاحيات مجلس الشيوخ الى حد كبير وتجريده من حق التصويت على الثقة بالحكومة، والحد من سلطات المناطق.
وكان رينزي (41 عاما) الذي وصل الى السلطة في شباط/فبراير 2014 وسط رغبة في تغيير كل شيء في ايطاليا، اعلن قبل سنة “اذا خسرت الاستفتاء الدستوري، فسانسحب من السياسة”.
وتراجع منذ ذلك الحين، مقرا بانه كان من الخطأ اعطاء بعد شخصي للاستفتاء. واعطت استطلاعات الرأي التي يحظر نشرها قبل اسبوعين من موعد الاستفتاء، تقدما بين 5 الى 8 نقاط لرافضي الاصلاح، مع عدد كبير من المترددين.
وعمل رينزي منذ ذلك الحين على تكثيف اللقاءات والتجمعات او حتى التبادل عبر الانترنت لاقناع ملايين المترددين بصحة الاصلاح الذي طرحه، والهادف الى تبسيط الحياة السياسية في ايطاليا.
ويكرر القول “مع +نعم+ نتغير ومع +لا+ سيبقى كل شيء عالقا” خلال جولاته من شمال البلاد الى جنوبها وعلى محطات التلفزة او عبر فيسبوك.
والاصلاحات التي تنص ايضا على الغاء نظام الاقاليم، تعارضها غالبية الطبقة السياسية من اقصى اليسار وصولا الى اليمين المتطرف مرورا بالشعبويين من حركة خمس نجوم او رابطة الشمال وحزب فورتزا ايطاليا برئاسة سيلفيو برلوسكوني او حتى “غاضبين” من الحزب الديموقراطي الذي يترأسه رينزي وقد دعوا الى التصويت ب”لا” الاحد.
– ابعاد رينزي-
الى جانب الرغبة المشتركة في ابعاد رينزي عن الساحة السياسية، هم يعتبرون ان هذا الاصلاح المرفق بقانون انتخابي يمنح عددا معينا من المقاعد الى اللائحة التي تنال اكبر عدد من الاصوات، يزيد من تركز الصلاحيات في بلد لا يزال يعاني من آثار الفاشية.
وقال رئيس الحكومة السابق ماسيمو داليما العضو في الحزب الديموقراطي لوكالة فرانس برس “انه اصلاح يحد من مجالات المشاركة والسيادة الشعبية. انه يذل البرلمان ويركز الكثير من الصلاحيات في ايدي الحكومة بدون وجود الثقل المقابل الضروري”.
وتقول الطالبة من نابولي آنا باسيلي (22 عاما)، ان “الحد من صلاحيات مجلس الشيوخ وعدم انتخاب اعضائه مباشرة، اتجاه نحو ديموقراطية اقل”.
ويشاطرها العديد من الشبان الايطاليون هذا الرأي ويستعدون للتصويت ب”لا” في الاستفتاء. وتقول فيديريكا (25 عاما) الموظفة في مقهى “هذا الاصلاح يبدو لي معقدا جدا وليس معدا لنا”.
– “رؤية للبلاد”-
لكن هذا الرأي يعارضه جانلوكا وجوفاني، الشابان المهندسان اللذان حضرا قبل اسبوعين تجمعا لرينزي في فلورنسا. وقال جوفاني لفرانس برس ان “اصلاحا من هذا النوع كان لا يمكن تصوره قبل ثلاثة اعوام. لدى رينزي رؤية للبلاد وقد نجح في ايصالها”.
وتثير الشكوك المحيطة بنتيجة الاستفتاء قلقا في اوروبا ولدى الاسواق بسبب المخاوف من مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو.
ولم يدخر الرئيس الاميركي باراك اوباما والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الجهود لدعوة الناخبين الى التصويت ب”نعم”.
في المقابل يأمل الشعبويون من حركة خمس نجوم ورابطة الشمال الاستفادة من الزخم الذي احدثه تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الاوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لكي تفتح لهم ابواب السلطة ضمن هذه الموجة.
وتطالب هذه الاحزاب بانتخابات مبكرة في حال فوز رافضي الاصلاح الدستوري، وهو امر يصعب تحقيقه لان الرئيس الايطالي سيرجو ماتاريلا هو الوحيد الذي يمكنه ان يقرر حل البرلمان، ولن يقوم بذلك الا بعد اصلاح قانون انتخاب النواب.
بالتالي، فان فوز معارضي الاصلاح لن يقود بشكل تلقائي الى انتخابات مبكرة، ولا حتى الى انسحاب فعلي لرينزي من الساحة السياسية.
كما من الممكن ان يعينه الرئيس الايطالي مجددا في منصبه وان يحصل على ثقة الغالبية الحالية.
وقال برونيلو كوتشينيلي رجل الاعمال المؤيد لرينزي ردا على اسئلة فرانس برس “لا اعتقد انه سيغادر المعترك السياسي، فهو شخص يمكننا الاعتماد عليه من اجل تحديث ايطاليا”.المصدر:أ ف ب