تحليلاتعاجل

فوز “لوبن” مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية “ضربة قوية” للمشروع الاوروبي

-المركز الديمقراطي العربي 

بعد الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، سادت أجواء من القلق داخل الأوساط الفرنسية من إمكانية تكرار المشهد في فرنسا وفوز مارين لوبن مرشحة اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة المزمع عقدها في أبريل 2017.

قال رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون السبت في نيودلهي ان الفوز المحتمل لمارين لوبن برئاسة فرنسا في انتخابات ايار/مايو 2017 من شأنه ان يوجه “ضربة قوية” للمشروع الاوروبي.

واعتبر من جهة اخرى ان شعبية الاحزاب المتطرفة في غرب اوروبا على قاعدة “رفض النظام” القائم وتنامي “الشعبوية”، لا يعني نهاية العولمة بل يشكل تحذيرا بشان ضرورة “ادخال تعديل مهم في ادارة” التحديات الاقتصادية والثقافية.

وقال في مؤتمر نظمته صحيفة هندوستان تايمز “اذا اصبحت مارين لوبن رئيسة، فسيوجه ذلك ضربة قوية للمشروع الاوروبي”، مضيفا انه يامل ان يفوز احد الاحزاب التقليدية.

وكان كاميرون استقال من منصبه اثر هزيمة معسكره في استفتاء حول بقاء المملكة المتحدة او خروجها من الاتحاد الاوروبي.

واكد كاميرون “لازلت اعتقد انه كان من الافضل للمملكة المتحدة ان تبقى في الاتحاد الاوروبي”. واضاف “كنا نعتقد مع حلفائنا وشركائنا واصدقائنا انه من الافضل ان نبقى في الغرفة التي تتخذ فيها قرارات تهمنا”.

وفي فرنسا تتفق استطلاعات الراي على ان ممثلة اليمين المتطرف مارين لوبن ستصل الى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستنظم في ايار/مايو 2017.

اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، خلال منتدى اقتصادي الخميس في برلين، أن مرشحة الجبهة الوطنية للانتخابات الرئاسية الفرنسية في ايار/مايو 2017 مارين لوبن يمكن أن تفوز بالسباق.

وردا على سؤال حول احتمال فوز لوبن بعدما حقق دونالد ترمب مفاجأة كبرى بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية قال فالس “هذا ممكن”.

وأضاف خلال هذا المنتدى “كل استطلاعات الرأي تشير إلى أن المرشحة لوبن ستصل إلى الدورة الثانية، وهذا يعني أن توازن الحياة السياسية الفرنسية سيتغير بالكامل”، منبها من “الخطر الذي يشكله اليمين المتطرف” في وقت تتركز فيه الأنظار في فرنسا على الانتخابات التمهيدية.

ومع أن وصول لوبن لسُدّة الرئاسة كان يبدو أمرًا بعيد المنال، إلا أن فوز ترامب ودخوله البيت الأبيض أحيا آمالًا قوية لدى الجبهة الوطنية في إمكانية فوز زعيمته ووصولها لقصر الإليزيه.
وقد أظهرت لوبن تأييدًا ملحوظًا لترامب طوال حملته الانتخابية ضد المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وصرّحت في عدة لقاءات صحفية بأنها لو كانت أمريكية لأعطت صوتها للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، كما أنها كانت من أوائل المهنئين له بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية، يوم الأربعاء الماضي، في ظل أجواء من الامتعاض وعدم الرضا سيطرت على الأحزاب الأخرى في فرنسا، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي الحاكم حيث أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند عقب الإعلان عن فوز ترامب أن الانتخابات الأمريكية تدشن فترة من عدم اليقين وأن فرنسا ستبقى على محادثات تتسم بالحذر والصراحة مع الإدارة الجديدة بشأن المسائل الدولية.
ويتفق المراقبون على أن فوز ترامب يدق ناقوس الخطر في فرنسا، حيث إن فرضية وصول زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى الرئاسة باتت غير مستحيلة، وهو ما عبرت عنه مختلف التيارات السياسية الفرنسية، حيث أكدت وزيرة العدل السابقة إليزابيث جيجو أن الدرس الذي يمكن استلهامه من الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو أن كل ما يبدو مستحيلًا يمكن أن يحدث على أرض الواقع.
كما حذَّر وزير الخارجية السابق دومينيك دوفيلبان، من إمكانية فوز لوبان في انتخابات 2017، قائلًا “إن الطموحات السياسية في مجتمعاتنا الديموقراطية أصبحت غير مقيدة، وأن الغضب والخوف قد أصبحا الفاعلين الأساسيين للديموقراطية”.
أما رئيس الوزراء السابق جون بيير رافاران فقد قال “إنه وبعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يأتي فوز ترامب كدليل إضافي على أن الجدار العازل الذي كان يقيمه العقل والمنطق في مواجهة الشعبوية قد تهاوى.. لذا يجب أن نحتاط لأن مارين لوبن قد تفوز فعلًا بالرئاسة في فرنسا”.
وأطلق الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي بيار لوران، صرخة إنذار قائلًا: “إن فوز ترامب يمثل منصة إطلاق لصاروخ فرنسي اسمه مارين لوبن”، وحذّر الذين يريدون استعمال لوبن كفزاعة لتخويف الناخبين بأنهم قد يستفيقون في السابع من مايو المقبل على صدمة مماثلة لصدمة فوز ترامب اليوم لأن حظوظ فوز لوبن بالرئاسة باتت فعلية.
ويتشابه ترامب ولوبن في رؤيتهما حول العديد من القضايا، فعلى سبيل المثال تمثل قضية الهجرة قلب اهتمامات كل من الرئيس الأمريكي المنتخب ومرشحة الجبهة الوطنية، فالأخيرة تتخذ مواقف مُعادية إزاء المهاجرين وتدعو دائمًا إلى إعادة السيطرة على الحدود الفرنسية والخروج من منطقة شنجن، أما ترامب فكان من أبرز تصريحاته الدعوة إلى إغلاق الحدود أمام المهاجرين المسلمين، وذلك عقب الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا في نوفمبر الماضي، وهو ما أثار موجة عارمة من الاستنكار والغضب في مختلف أرجاء العالم، كما تعهَّد ببناء جدار على طول الحدود الأمريكية المكسيكية في حال وصوله إلى البيت الأبيض، متهمًا المكسيكيين بأنهم من مهربي المخدرات والمجرمين والمغتصبين.
من ناحية أخرى تتشابه مواقف ترامب ولوبن في موقفهما تجاه روسيا، خاصة إزاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. فلوبن تدعو دائمًا إلى ضرورة التقرب من روسيا من أجل حل الأزمة السورية، كما أنها دائمة الإشادة بالرئيس بوتين، مؤكدة أنها تتقاسم معه قيمًا مشتركة تدافع عن الإرث المسيحي للحضارة الأوروبية.
أما ترامب فقد كان كثيرًا ما يجاهر بإعجابه بالرئيس بوتين، وأعلن عقب الإعلان عن فوزه بأنه يأمل بمستوى جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.. من ناحيته اعتبر بوتين أن ترامب المرشح الأفضل دون منازع في السباق الرئاسي، واصفًا إياه بأنه “رجل لامع وموهوب من دون أدنى شك”.
ويرى المراقبون أن الصعود الملحوظ لنماذج متطرفة مثل ترامب ولوبن ما هو إلا نتيجة للتغيرات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة والتي أسهمت في فقدان الثقة في النخب السياسية التقليدية وعملت على تعزيز الخطاب الوطني المتطرف.. فالتدفق غير المسبوق لموجات المهاجرين وتصاعد الهجمات الإرهابية، فضلًا عن انعدم الأمن الاقتصادي وتراجع الإعلام التقليدي، كل ذلك دفع المواطنين للبحث عن بدائل أخرى أكثر تطرفًا بعيدًا عن النخب التقليدية؛ أملًا في تحسين الأوضاع، وهو ما نجح ترامب ولوبن في استغلاله جيدًا، حيث سعى كل منهما إلى الظهور وكأنهما مرشحا الشعب المكافحان ضد النخبة الفاسدة.
كما أن كليهما يخفي تناقضاته وقصوره في الاقتصاد وراء خطاب الهوية ليجتذب الناخب فاقد الثقة في السياسة، فمثلا نجد أن لوبن تحظى بشعبية واسعة في المناطق الفقيرة الواقعة في محيط المدن الفرنسية الكبيرة، حيث يشعر المواطنون بعدم المساواة، أما ترامب فهو يعتبر نموذجًا لرغبة الشعب الأمريكي في التمرد على حكامه.. وذلك حسبما أفاد المراقبون.
وفي ضوء ما سبق، يتفق المراقبون على أن الزلزال الأمريكي الذي أحدثه فوز ترامب لا يستبعد حدوثه داخل المشهد الفرنسي، وأن النسخة الفرنسية من ترامب ممثلة في مارين لوبن قد تحدث في أبريل المقب نفس المفاجأة التي استبعدها الإعلاميون والمحللون الأمريكيون، خاصة أنها تحظى بميزة مهمة هي أنها لم تشارك أبدًا في السلطة، وهو ما قد يمتص العديد من الجوانب التي لا تحظى بمصداقية كبيرة في برنامجها وقد يشجع الناخبين على انتخابها.
“مارين لوبان”ولدت في 5 أغسطس 1968،وهي سياسية فرنسية وهي ابنة اليميني جان ماري لوبان مؤسس حزب الجبهة الوطنية ورئيسه السابق ومارست مهنة المحاماة بين 1992 و1998. انتُخبت عضواً في البرلمان الأوروبي في سنة 2004 وأعيد انتخابها في سنة 2009، تترأس حزب الجبهة الوطنية منذ 16 يناير 2011.وكالات
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى