الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةتقدير الموقفعاجل

مسار اتفاقية القاعدة الإماراتية في بربرة

اعداد : محمود محمد حسن عبدي – مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث

  • المركز الديمقراطي العربي

 

توضيح:

نشرت العديد من الصحف والمواقع العربية والغربية، معلومات غير دقيقة حول مسألة عزم دولة الإمارات العربية المتحدة افتتاح قاعدة عسكرية في مدينة “بربرة”، الميناء الرئيسي لجمهورية “صوماليلاند/أرض الصومال” المعلنة من طرف واحد، وهو ما استوجب جلاء بعض المسائل الملتبسة والتي أدت إلى ضياع قيمة المعلومة المنقولة، نظرًا لاقترابها من أن تكون مضللة وغير صحيحة، وكانت النقاط كالتالي:

  • تقع مدينة “بربرة” في جمهورية “صوماليلاند” غير المعترف بها دوليًا، والتي تنفي سيادة حكومة “جمهورية الصومال الفيدرالية” عليها.
  • البرلمان الذي حدث ضمنه التصويت، هو برلمان جمهورية “صوماليلاند” غير المعترف بها دوليا، وليس برلمان جمهورية الصومال الفيدرالية.
  • ينقسم برلمان جمهورية صوماليلاند إلى غرفتين “مجلس النواب” و”مجلس الشيوخ”، وأعضاء كل منهما على حدة “إثنان وثمانون عضوًا”، بما مجموعه “مائة وأربعة وستون عضوًا”.
  • في حال ورود اتفاقيات دولية، وحسب دستور جمهورية “صوماليلاند”، فإن الطرف المخول بإجازة تلك التعاقدات أو ردّها، هو “مجلس النواب” حصرًا والمكون من “82” عضوًا لا غير[1].
  • لا محل لاحصاء 144 صوت، في تصويت مفتوح لأعضاء مجلس النواب الذين في حال اكتمال حضورهم لجلسة التصويت لا يزيدون عن 82 شخصًا.

الأهمية الاستراتيجية لمدينة بربرة:

مدينة بربرة المزمع إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية بها، هي الميناء الرئيسي لجمهورية صوماليلاند المعلنة من طرف واحد، ويبلغ عدد سكانها ربع مليون نسمة تقريبا، على الإحداثيات 10.4348 درجة شرقًا و 45.0140 درجة شمالًا، مطلة على خليج عدن، وتبعد 260 كيلومترًا تقريبًا عن مدينة عدن اليمنية الواقعة على الضفة الأخرى من الخليج، في حين أنها تبعد عن مدينة جيبوتي 240 كيلومترًا تقريبًا، وتبعد عن الحدود الإثيوبية بنحو 250 كيلومترًا، واقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة هرغيسا عاصمة صوماليلاند، وقد أدى موقعها الاستراتيجي بقربها من مضيق باب المندب ومحاذاتها لأهم خطوط الملاحة البحرية العالمية، إلى اهتمام القوى الإقليمية والدولية خاص بها، وقد أصبحت مرفأ رئيسيا وعاصمة إدارية للسلطة البريطانية بعد بسطها الحماية على الأراضي الصومالية منذ 1888م حتى العام 1941م، حيث انتقلت مقرات سلطة الإدارة الحمائية منها إلى مدينة “هرغيسا”، وأصبحت مدينة “بربرة” عاصمة إدارية لمحافظة “ساحل” في جمهورية صوماليلاند، بعد إعلان انفصالها عن شريك الوحدة الجنوبي.
ازدادت أهمية مدينة بربرة بعيد الإستقلال، إثر إنجاز أعمال التحديث فيه سنة 1968م، وتلى ذلك موافقة الحكومة الصومالية على السماح للقوات السوفيتية باستخدام القاعدة البحرية والصاروخية فيها، بعد توقيع الطرفين معاهدة الصداقة عام 1972م، حيث قام الاتحاد السوفييتي فيها بتطوير مطارها ببناء واحد من أهم مدارج الطيران في إفريقيا، كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية ـ لاحقُا ـ بتطوير الميناء وتأهيله لاستقبال الحاويات، بعد تحسن العلاقات الصومالية الأمريكية في نهاية السبعينيات.

ما الذي حدث يوم التصويت:

في الثاني عشر من فبراير الماضي، دعى السيد/ أحمد محمد محمود “سيلانيو” رئيس جمهورية “صوماليلاند” أعضاء غرفتي البرلمان لإلقاء الخطاب السنوي السابع عليهم، حول مستجدات الأمور في شؤون تراوحت بين المحادثات مع جمهورية الصومال الفيدرالية وتراجع سعر صرف العملة، مستندًا في طلبه هذه الجلسة على الفقرتين الخامسة[2] والسادسة[3] من المادة الثامنة والثلاثين في الجزء الأول من الفصل الثاني للدستور، ونظرًا لعدم اتساع قاعة “مجلس الشيوخ” للجلسة المشتركة، فقد تقررت دعوة البرلمان بغرفتيه في قاعة “مجلس النواب”، حيث ألقى الرئيس خطابًا مقتضبًا، شاكرًا خلاله موافقة مجلس النواب “مقدمًا”، على طرح مسألة التصويت لإقرار اتفاقية القاعدة العسكرية الإماراتية المزمع توقيعها، تلى ذلك أخذ رئيس مجلس الشيوخ السيد/سليمان محمد آدن “غال” الكلمة طالبًا الإذن بالسماح للرئيس بمغادرة القاعة، ومن ثم أعلن البدء بتوزيع “الفحوى العامة” للاتفاقية، طالبًا من الحضور الاستماع إلى السيد/ فرحان آدن هيبة وزير “الطيران والنقل الجوي”، والذي تلى نص “الفحوى”.

فوضى في مجلس النواب:

تلقى عدد من البرلمانيين الحضور أوراق “النشرة” باحتجاج على عدم كونها “اتفاقية”[4]، وكونها مجرد نشرة لا تحوي ما يستحق التصويت حوله، مشترطين مهلة للإطّلاع حتى في حال كونها مستوفية الشروط، نظرًا لورود أمور تحتاج للنظر، كعدم وجود ما يدل على قيمة الاتفاق، وقيمة المشاريع التنموية المشار إليها، مع خلط مشروع “ممر بربرة” المتعلق باتفاقية “ميناء بربرة” المزمع تنفيذه من قبل “شركة موانئ دبي العالمية”، مع جملة المشاريع المبهمة المذكورة في “نشرة” فحوى اتفاق القاعدة العسكرية!

وكان عدد الأعضاء الذين طالبوا بردّ “النشرة” لحين وصول “الاتفاقية” تسعة برلمانيين، تعرضوا للضرب والإلقاء أرضًا وجرّهم خارج قاعة مجلس النواب[5]، بأمر من رئيس مجلس الشيوخ سليمان”غال”، وهو ما حدى برئيس مجلس النواب السيد/ عبدالرحمن محمد عبدالله “عرو” إلى مغادرة القاعة احتجاجًا على تجاهله في القاعة التي يرأسها، والتعامل المهين مع النواب، والفوضى التي تم افتعالها، وعدم تعرفه على عناصر الأمن الذين قاموا بالاعتداء على البرلمانيين، واكتشافه أن تغييرًا تم إجراؤه في “قوة أمن” مجلس النواب في الليلة السابقة دون الرجوع إليه، مع أنه المخوّل حصرًا بهذه المسألة! كون النظر في الاتفاقيات الدولية من اختصاص مجلس “النواب”[6]– حصرًا – دون مجلس الشيوخ، ولم يتوقف الامر عند ذلك، بل قام عناصر الأمن بمرافقة رئيس مجلس النواب  “عرو” إلى إحدى غرف المبنى واحتجازه خلاف إرادته[7]، حتى تم التصويت برئاسة رئيس مجلس الشيوخ ضمن قاعة مجلس النواب!

تسريبات تزيد الوضع تأزمًا!

وخلال الأسبوعين التاليين للمهزلة البرلمانية التي حدثت في “هرغيسا”، حدثت مفارقات زادت الغموض حول مسألة القاعدة العسكرية الإماراتية في بربرة، ممثلة في تخبّط السيد/ محمود حاشي عبدي وزير شؤون الرئاسة الصوماليلاندي، وهو أحد عرابي الاتفاقية، أثناء محاولته تعريف ما تم تقديمه في تلك الجلسة الآنفة الذكر، ففي لقاء له على إذاعة الـ”بي بي سي” القسم الصومالي[8]، بدى أنّه غير مستوعب لما تم تقديمه للبرلمان، مترددًا بين نفي وإثبات بخصوصأن ما تم طرحه للتصويت “اتفاقية” أم “فحواها”،وفي حال كونها “اتفاقية”؛فهل تم توقيعها أم لم يتم توقيعها؟ وفي حال كانت مجرد “فحوى للاطّلاع”؛ فما الذي أدى إلى تصويت مجلسي النواب والشيوخ عليها؟ وما محل مجلس الشيوخ من الإعراب في شأن ليس من اختصاصه ليصوت عليه؟ بل وكيف تأتّى لرئيس مجلس الشيوخ ترأس الجلسة في قاعة مجلس النواب التي ليست تحت سلطته؟ في دلالة على مقدار الفوضى التي خلقتها الأطراف المتنفذة في السلطة بـ”هرغيسا” من وراء الكواليس!

ثم يصعد على السطح موقف وزير الخارجية “د. سعد علي شره” المعترض على مسار الأمور بخصوص اتفاقية القاعدة، وتتردد أنباء برفضه التام “التورط” في مجريات الأمور المتعلقة بالاتفاقية، ويزداد الوضع تعقيدًا بمحاولة وزير شؤون الرئاسة تمرير تعديل وزاري معد لتنحية وزير الخارجية، إلّا أنه يواجه اعتراضًا من دار الرئاسة، خاصة أن المستهدف فيه وزير الخارجية المنتمي عشائريًا إلى مدينة “بربرة” محل الاتفاقيتين!

مخاوف شعبية من تغول الفساد!

وفي الأثناء تتسرب أنباء أخرى أشد وقعًا، تشير إلى أن الاتفاقية الأصلية أو التفاهمات حول صفقة تطوير ميناء بربرة مع شركة موانئ دبي العالمية، تمت بالفعل بين الطرف الإماراتي وأطراف نافذةفي الحكومة الفيدرالية الصومالية[9] أثناء ولاية الرئيس السابقالسيد/ حسن شيخ محمود، لقاء مكاسب شخصية غير شرعية[10]! وهو ما أثار مخاوف المهتمين بالشأن السياسي في “صوماليلاند”، من كون ما يجري من اتفاقيات مع الإمارات مجمله، تقويضًا لمبدأ استقلال “صوماليلاند” وتراجعًا عن الموقف الحكومي المعلن حول عدم خضوعها لسيادة “مقديشو”، بل وتهديدًا لوجود صوماليلاند وتبديدًا لكل ما تم إنجازه على مدى ربع قرن، بما يوجه أصابع الاتهام لحكومة “كولميه/Kulmiye” والشخصيات النافذة في الحكومة التي غدت طريقة إدارة الأمور فيها، غاية في الفوضى والبعد عن المهنية والوضوح، بما زاد من المخاوف الشعبية في صوماليلاند، من قيام أفراد في حكومة “سيلانيو” بالتفريط في وجود البلد من أجل تحصيل عمولات التوقيع الشهيرة شعبيا بـ”حق القلم/XaqulQalin”[11]!

“فرماجو” والدبلوماسية الهادئة

في خضم نشوة النصر الذي حققه السيد/محمد عبدالله محمد “فرماجو” في الانتخابات المحدودة، التي أخذته إلى سدة رئاسة جمهورية الصومال الفيدرالية، يتلقى الرئيس الجديد وقبيل البدء بتأليف تشكيلته الوزارية، دعوة من ملك المملكة العربية السعودية لزيارته، والتي يتم فيها طرح مسائل تتعلق بالأمن والدعم للحكومة الصومالية الجديدة، إلّا أن الرئيس “فرماجو” لا يوفر تلك المناسبة، ويطلب من العاهل السعودي القيام بجهود وساطة ـ حسب تقارير ـ[12]، لإقناع الإمارات بالعدول عن إقامة قاعدة عسكرية في “بربرة”، في مناورة دبلوماسية تدل على حنكة كبيرة، نظرًا لكون المبرر الآنيلإقامة القاعدة المطلة على خليج عدن، ملخصًا بالرغبة في دعم الأعمال القتالية الجارية ضمن حملة “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية، تواكبها في ذلك العديد من الدول، وإحداها دولة الإمارات العربية المتحدة، الساعية لإقامة القاعدة محل الخلاف!

المواقف السياسية المتضاربة تعقد الوضع:

على الرغم من وجود مؤشرات قوية بتورط أطراف نافذة في حكومة جمهورية الصومال الفيدرالية، في إعطاء الضوء الأخضر للطرف الإماراتي، للمضي قدمًا في القيام بمشروعي “تطوير ميناء بربرة” واستخدام مطارها وجزء من شاطئها لأعمال القاعدة العسكرية، فإن أربعة عوامل أساسية قادت إلى عجز الحكومة الفيدرالية عن تقديم الاتفاقيتين أمام برلمانها:

  • عدم قيام حكومة الصومال الفيدرالية في فترة الرئيس السابق السيد/حسن شيخ محمود بتقديم أي من الاتفاقيات المبرمة مع جمهورية تركيا، بخصوص الاستثمار في ميناء “مقديشو” ومطار “آدن عبدالله عدي”، نظرًا لارتفاع الكلفة المالية والسياسية لمحاولة الحصول على الإقرار بتمرير الاتفاقيات الدولية في البرلمان حينها.
  • احتمالية فشل التصويت بالموافقة على الصفقات الماسة بالسيادة الوطنية لجمهورية الصومال الفيدرالية، في حال تعلقت بـ”صوماليلاند”، باعتبار هذا الكيان السياسي كيانًا انفصاليا، لا يمكن السماح له بالاستفادة من المرافق السيادية التي خلفتها الحكومة المركزية لجمهورية الصومال الديمقراطية، التي أصبحت أملاكها تركة لحكومة الصومال الفيدرالية، كأحد مفاعيل الاعتراف بالأخيرة والخروج من حالة “الحكومة الانتقالية” في بدايات هذا العقد.
  • الموقف المعلن من قبل الطبقة السياسية في صوماليلاند، والمتسق مع الرغبة الشعبية لفئة كبيرة من المجتمع الصوماليلاندي، الرافض رفضًا مطلقًا الخضوع لأي مؤشر يدل على سيادة “مقديشو” على صوماليلاند، إذ حتى في حال تصويت البرلمان الفيدرالي بالموافقة على تنفيذ مشاريع تطوير ميناء مدينة بربرة والقاعدة العسكرية فيها، فإن رد الفعل الشعبي الفوري والرافض سيجبر الحكومة في “هرغيسا” على إيقاف التعامل مع الجهة المصرح لها من قبل مقديشو، وقطع التعامل معها، وحظرها من  القيام بأي أعمال على أراضي صوماليلاند، تحت طائلة إسقاط الحكومة في “هرغيسا”، في حال أبدت انصياعًا لمقررات برلمان “مقديشو” أيًا تكن!
  • بطلان أي اتفاقية دولية متعلقة بشأن سيادي، توقعها “هرغيسا”، نظرًا لعدم حصول جمهورية صوماليلاند على الاعتراف الدولي، وبقاء أرضها وممتلكات دولة جمهورية الصومال الديمقراطية تركة، وريثها الشرعي هو جمهورية الصومال الفيدرالية، بحيث يكون أي طرف أجنبي موقع مع جمهورية صوماليلاند عرضة للاتهام بخرق القوانين والأعراف الدولية، ويصبح تحت طائلة مقاضاته من قبل “مقديشو” أمام المحاكم الدولية.
  • النجاح الذي تحقق للحكومة الفيدرالية في تأمين موقفها من خلال التحكيم الدولي، من خلال رد محكمة العدل الدولية الدعاوى الكينية بعدم اختصاصها[13]، حول التفاهمات الموقعة مع جمهورية الصومال الفيدرالية، حول المياه الإقليمية والرصيف القاري في الثاني من فبراير الماضي، ما عزز الثقة بإمكانية تحقيق نجاحات مماثلة في حال اللجوء إلى القضاء الدولي في قضايا سيادية.

رفض شعبي للقاعدة يضاف إلى تبرم سابق:

عودًا على ما حدث في برلمان صوماليلاند، والطريقة التي عومل بها دستور الجمهورية غير المعترف بها دوليا، وجد رئيس البرلمان “عرو” وقائد حزب “وطني” نفسه في موقف لا يحسد عليه، داعيًا إلى “رفض شعبي تام” لإقامة القاعدة العسكرية في “بربرة”، معتبرًا ما حدث اختطافًا للبرلمان، ودافعًا له لأن يعزي شعب صوماليلاند في ديمقراطيتهم التي تم “الدوس عليها”[14]!

ومع استمرار التبرم الشعبي السابق من طريقة تمرير اتفاقية “موانئ دبي العالمية”، والتسريبات التي تتحدث عن تقديم عمولات ومالغ مالية غير قانونية لكل الأطراف المتواطئة في تمرير الاتفاقية السابقة، بغية ضمان التصويت على “مذكرة التفاهم!” حينًا، وأخذ الضوء الأخضر من القيادات التقليدية، للقيام بحملة اعتقالات طالت عشرات من المثقفين المعترضين على الغموض الذي لف الصفقة، والمخاوف من فقدان الآلاف لمصادر رزقهم في بلد تعاني 70% من أيديه العاملة من البطالة!

استجاب ناشطون سياسيون من المرتبطين بحزب “وطني” المعارض، مع مواطنين مستقلين معترضين على السلوك المريب الذي مارسته حكومة ” كولميه”  في الدفع باتجاه إقرار ما هو غير واضح ناهيك عن كونه قانونيًا أو دستوريًا، فيما يتعلق بالاتفاقيتين الإماراتيين محل النظر، في ظل اعتياد حكومة “كولميه” استخدام العنف والاعتقال غير الشرعيين، تجاه من قدم استفسارات علنية حول ما يجري، كاعتقال السيد/ محمد باشا حاجي حسن مدير قناة “ستار”، لمشاركته في احتجاجية “أقنعنا من فضلك/Fadlan Na Qanci” الصامتة[15]، فقام عشرات المواطنين من أبناء “صوماليلاند” والمقيمين في العاصمة البريطانية، بالتظاهر أمام السفارة الإماراتية لدى الملكة المتحدة، مما شكل ولا شك حرجًا كبيرًا لم يكن مرغوبًا أو متوقعًا، ملقيًا الضوء على مخاوف شعبية عميقة، وعدم ثقة بالتحركات الإماراتية، تحت تأثير تفاقم فساد الطبقة الحاكمة في “هرغيسا”، والأضرار الشديدة الماسة بمصالح الصوماليين في “صوماليلاند” وكذلك في أقاليم الصومال الفيدرالي، التي جلبتها حالة الحرب في اليمن.

نقاط أساسية في بيان الاحتجاج الشعبي المقدم للسفارة الإماراتية في لندن:

ألقى السيد/ عبدالرحمن آدم علي المنسق الإعلامي للإحتجاج البيان الاحتجاجي، الذي تم تسليمه إلى موظف بسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة واحتوى على النقاط التالية:

1- الرفض التام لوجود عسكري أجنبي سواءا عربي او إفريقي أو غربي أو سواه في صوماليلاند.
2- التأكيد على عدم شرعية ما تم من مسرحية تمرير فحوى الاتفاقية، المنقوصة المحتوى، والتنديد بالفساد الذي تمارسه حكومة أحمد محمد محمود سيلانيو وحزب “كولميه” الحاكم.
3- رفضنا التام للتورط في الحرب الدائرة في اليمن، وضرورة توجيه الموارد لإغاثة الشعب اليمني الشقيق.
4- تأكيدنا على أنه ليس لدينا أي مشاعر سلبية تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة حكومة وشعبا، بل ونأمل في مزيد من التعاون بما لا ينتقص من حقوق شعبنا أو يضر بمصالحه.
5- نرفض أن يتحمل شعبنا تبعات حرب إقليمية، لا ناقة له فيها أو جمل.
6- اعتبارنا اتفاقية القاعدة العسكرية باطلة وغير شرعية، ولازالت اتفاقية استثمار ميناء بربرة محل عدم رضى شعبي ومضرة اقتصاديا واجتماعيا بالشعب الصوماليلاندي.
7- التأكيد على أن حرب اليمن لم تجر الويلات على أشقائنا اليمنيين فقط، بل ضاعفت معاناة لاجئينا على أرضه، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية نتيجة الحصار على اليمن الذي أفقد بلادنا ثاني أهم سوق لصادراتنا من المواشي.

الطرف الإماراتي عرضة للمماطلة والتضليل!

وفي الوقت الذي كان متوقعًا أن يتوجه الطرف الإماراتي نحو إعادة تقييم الوضع حيال ما هو مقدم عليه، خاصة مع المماطلة في استكمال إجراءات العمل بمشروع تطوير ميناء “بربرة”، ومغادرة رئيس جمهورية صوماليلاند إلى لندن في إجازته السنوية في هذا الوقت الحساس، وتردد المسؤولين ذوي العلاقة بالميناء “هيئة إدارة ميناء بربرة”، “محافظ المدينة” والشخصيات السياسية المؤيدة للاتفاق، والتي كان من الممكن تخويلها بلعب دور في تسيير الأمور، وتقديم التسهيلات للمهندسين المكلفين بأعمال المسح والتخطيط، لحين عودة اللاعبين الرئيسيين في عقد الصفقة.

بدى جليًا أن الإماراتيين يتلقون معلومات مضللة حيال الاوضاع على الأرض، من قبل الأفراد المتنفذين في حكومة “كولميه” غير المنتخبين، والهادفين لإستكمال الحصول على ما يتوقعونه من عوائد، في حال إتمام العمل بالصفقات التي يرجون اكتمال مراحلها، إذ من المتوقع أن أولئك الأفراد، تعمدوا توفير معلومات غير دقيقة للطرف الإماراتي، بإقناعه أن المتظاهرين محسوبون على جمهورية الصومال الفيدرالية، ومدفوعون من قبل الرئيس “محمد عبدالله فرماجو”، في حين أن الواقع يكذب ذلك، لانتماء جميع المشاركين في أعمال الاحتجاج على مستوى التنظيم والحضور لصوماليلاند عائليًا وقبليًا وعاطفيًا، ومقتنعين بسيادتها، بل إن معظمهم من ذوي الطموح السياسي، وساعون للعودة إلى موطنهم، للمساهمة في الشأن الوطني العام، ناهيك عن أن مصادر تؤكد أن البيان الذي تم تسليمه للسفارة الإماراتية تمت صياغته داخل “هرغيسا” عاصمة صوماليلاند تحديدًا!

ذلك الوضع المضطرب الذي وجد الطرف الإماراتي نفسه فيه، أوقع الدبلوماسية الإماراتية في حرجالحديث عن استدعائها سفيرها لدى “مقديشو”، فيما بدى محاولة لتدارك تطورات الرفض الشعبي في “صوماليلاند” وإيجاد الحلول المناسبة لموقف الحكومة الفيدرالية الصومالية الصلب، رغم النفي الرسمي اللاحق من الطرف الإماراتي وجهات رسمية لما شاع من استدعاء السفير،  في جو  لا يخدم المساعي”المكلِفة” لإقامة قاعدة عسكرية في بربرة، فهل نجحت الأطراف المنتفعة في مسعاها لتضليل الإمارات وتبديد جهودها؟!

الهوامش:

[1]البند الثالث من المادة الثالثة والخمسين في الجزء الأول من الفصل الثاني من دستور جمهورية صوماليلاند المقر سنة 2001م.

[2] تتحدث هذه الفقرة عن جواز عقد جلسات مشتركة بين غرفتي البرلمان.

[3] تتحدث الفقرة عن دواعي الجلسات المشتركة، وتحدد في الفقرة الفرعية “t” أن أحد أغراض الجلسة المشتركة “النقاش” حول الاتفاقيات الدولية، لا التصويت كما حدث!

[4]صور والتفريغ النصي لمحتوى النشرة الموزعة على أعضاء البرلمان بغرفتيه الحضور، والتي تم التصويت عليها، النص باللغة الصومالية عبر الرابط

[5]مقطع مرئي من تعرض أعضاء البرلمان المحتجين للضرب والإهانة والطرد بالقوة من قاعة مجلس النواب عبر الرابط

[6] البند الثالث من المادة الثالثة والخمسين في الجزء الأول من الفصل الثاني من دستور جمهورية صوماليلاند المقر سنة 2001م.

[7]مؤتمر صحفي لرئيس مجلس النواب عبدالرحمن محمد عبدالله “عرو” بعد السماح له بمغادرة المجمع البرلماني عبر الرابط

[8] الحلقة الحوارية في برنامج “حوار الجمعة/DoodaJimacaha”، بمشاركة رئيس مجلس النواب وأكادميين صوماليين عبر الرابط

[9] المراقب العام للأملاك العامة ” نور جمعاله فارح” في جمهورية الصومال الفيدراالية، ضمن لقاء عبر إذاعة صوت أميريكا “القسم الصومالي” عبر الرابط

[10] تسريبات بخصوص قيمة العمولات والأطراف المستفيدة الرابط

[11] عمولة التوقيع “حق القلم”، وتنطق بالصومالية “حق الفلن/XaqulQalin” يشار إليها في مقال بالغة الصومالية عبر الرابط

[12]الصومالتطلبوساطةالسعوديةلإقناعالإماراتوقفبناءقاعدةعسكريةعلىأراضيها عبر الرابط

[13]ICJ rules that Kenya-Somalia maritime dispute to proceed to full trial through the link

[14]المؤتمر الصحفي لرئيس البرلمان بعيد التصويت عبر الرابط

[15] تفاصيل اعتقال مدير قناة ستار “محمد باشا حاجي حسن” والبيان الصحفي الذي قدمه الناطق باسم “قوات الشرطة في صوماليلاند”، عبرا الرابط

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى