فوز روحاني بولاية ثانية يشكل حماية للاتفاق النووي وانتكاسة للحرس الثوري الإيراني
-المركز الديمقراطي العربي
حقق الرئيس الايراني حسن روحاني فوز بولاية ثانية متقدما بفارق كبير على نظيره المتشدد ابراهيم رئيسي، بحسب نتائج رسمية، ما سيتيح له مواصلة سياسة انفتاح بلاده على العالم.
وسيتيح هذا الفوز بفارق كبير من الدورة الاولى لرجل الدين المعتدل مواصلة محاولة إخراج إيران من عزلتها عبر السياسة التي بدأها بالاتفاق النووي التاريخي المبرم مع الدول العظمى في تموز/يوليو 2015 خلال ولايته الاولى.
منح الإيرانيون المتطلعون لمزيد من الحرية في بلادهم والحد من عزلتها في الخارج الرئيس حسن روحاني فترة ولاية جديدة ليتفوق بذلك على رجال الدين المحافظين الذين لا تزال لهم الكلمة العليا.
وقال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي يوم السبت إن روحاني فاز بانتخابات الرئاسة بحصوله على نحو 57 بالمئة من العدد الإجمالي للأصوات.
وأضاف في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة “من بين نحو 41.2 مليون صوت في المجمل حصل روحاني على 23.5 … وفاز بالانتخابات”. وتابع أن إبراهيم رئيسي المنافس الأبرز لروحاني حصل على 15.8 مليون صوت.
وخصص روحاني الذي انتخب في 2013، القسم الاكبر من ولايته الاولى للمفاوضات حول الاتفاق النووي التاريخي مع الدول الست الكبرى، منها الولايات المتحدة، عدو ايران منذ الثورة الاسلامية في 1979.
ولقاء الرفع الجزئي للعقوبات الدولية المفروضة على ايران منذ حوالى عشر سنوات، تعهدت طهران باستخدام برنامجها النووي لاغراض مدنية بحتة.
ولم يجذب الاتفاق الاستثمارات الاجنبية المرجوة ولم تكن لديه آثار مباشرة على حياة الايرانيين اليومية الذين لا يزالون يعانون من البطالة، 12,5% من السكان و27% من الشباب.
لكنه اتاح لايران العودة الى الساحة الدولية. وقد تتيح نسبة الاصوات المرتفعة التي حصل عليها روحاني بتوسيع الانفتاح الى المجتمع الايراني حيث لا يزال المساس بالحريات شائعا.
الا ان الرئيس في ايران ليس المسؤول الوحيد الذي يتخذ هذه القرارات في هذا المجال. ويجب ان يوافق عليها المرشد الاعلى علي خامنئي والسلطة القضائية واحيانا الحرس الثوري.
وعلى الرغم من أن سلطات الرئيس المنتخب محدودة بالمقارنة مع سلطات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي فإن حجم فوز روحاني يعطي المعسكر الموالي للإصلاحيين تفويضا قويا.
ورئيسي أحد تلاميذ خامنئي وتشير إليه وسائل الإعلام الإيرانية على أنه خليفة محتمل للزعيم الأعلى البالغ من العمر 77 عاما والذي يتولى الزعامة منذ 1989.
ومن شأن فوز روحاني بفترة جديدة حماية الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران في ظل رئاسته مع القوى العالمية في 2015 وقضى برفع معظم العقوبات على الجمهورية الإسلامية نظير أن تكبح إيران برنامجها النووي.
كما يمثل الفوز انتكاسة للحرس الثوري الذي يملك إمبراطورية صناعية كبيرة في إيران وأيد رئيسي في الانتخابات لحماية مصالحه.
وقالت ناخبة مؤيدة للإصلاح تدعى ماهناز (37 عاما) عبر الهاتف في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت “أنا سعيدة للغاية لفوز روحاني. فزنا. لم نرضخ للضغوط. أظهرنا لهم أننا لا نزال موجودين. أريد من روحاني الوفاء بوعوده”.
لكن روحاني لا يزال يواجه نفس القيود التي منعته من إحداث تغيير اجتماعي كبير في إيران خلال فترة رئاسته الأولى وأحبطت كذلك جهود الإصلاح التي قام بها الرئيس السابق محمد خاتمي.
ويملك الزعيم الأعلى سلطة نقض كل السياسات والسيطرة القصوى على أجهزة الأمن. ولم يتمكن روحاني من الإفراج عن زعماء إصلاحيين موضوعين قيد الإقامة الجبرية كما يحظر على وسائل الإعلام نشر كلمات أو صور خاتمي.
وقال كريم سجادبور وهو زميل كبير بمؤسسة كارنيجي متخصص في الشؤون الإيرانية “كان العقدان الأخيران من الانتخابات الرئاسية أياما قصيرة من النشوى تتبعها سنوات طويلة من الخيبة.
“يسمح للديمقراطية في إيران بالازدهار أياما قليلة فحسب كل أربع سنوات في حين يزهر الاستبداد دائما”.
وسيتعين على روحاني إدارة علاقة شائكة مع واشنطن التي تبدو متشككة في الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق مرارا بأنه “أحد أسوأ الاتفاقات الموقعة على الإطلاق” لكن إدارته مددت تخفيف العقوبات عن إيران الأسبوع الماضي.
وجرى الاقتراع بعد يومين على القرار الاميركي تجديد تخفيف العقوبات المفروضة على ايران طبقا للاتفاق النووي في 2015.
لكن انعدام الثقة لا يزال قائما بين طهران وواشنطن وارفقت الادارة الاميركية هذا التدبير بعقوبات جديدة محددة مرتبطة برنامج ايران للصواريخ البالستية.
وخص الرئيس الاميركي دونالد ترامب المعادي لايران، اول زيارة له الى الخارج للسعودية حيث يعقد قمة مع كبار المسؤولين في المملكة، عدو طهران الاقليمي.
ولد حسن روحاني في عام 1948 في مدينة سرخة بمحافظة سمنان، دخل عام 1960 الحوزة العملية في سمنان، ومن ثم انتقل إلى مدينة قم المقدسة، وحصل عام 1972 على شهادة القانون من جامعة طهران، ونال الماجستير في عام 1995 والدكتوراه عام 1999 من جامعة غلاسكو كالدونيان.
أصبح في عام 1980 عضوا في مجلس الشورى الإسلامي في خمس دورات بين 1980 و2000، وترأس خلال ذلك لجنة الدفاع ولجنة السياسة الخارجية، ولجنة الرقابة على الجهاز الاعلامي الوطني عام 1980.
وتولى منصب ممثل قائد الثورة الاسلامية في المجلس الأعلى للأمن القومي وأمين المجلس لمدة 16 عاما حتى عام 2005، وعمل مستشارا للأمن القومي للرئيسين السابقين آية الله رفسنجاني وخاتمي.
وتسلم منصب رئيس لجنة السياسة والدفاع والأمن في عام 1991 في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وممثلا عن سمنان في مجلس الخبراء عام 2000 ومن ثم ممثلا لطهران في عام 2006.
وتولى مسؤولية الملف النووي عام 2003 ومثل إيران في المفاوضات مع الجانب الأوروبي، واصبح روحاني رئيسا لايران لأول مرة عام 2013 واطلق على حكومته شعار “التدبير والامل”.
وانتصر روحاني في انتخابات عام 2017، ليحصل على ولاية ثانية تمتد لأربع سنوات أخرى، فيما يسمح القانون الإيراني للرئيس بولايتين متتاليتين فقط، ولا يمكنه الترشح لولاية ثالثة على توالي.وكالات