اشكالية قاطني القبور في مصر بين التوصيف والمعالجة
بقلم : دكتور أيمن روضان الزيني
اشكاليةقاطني القبور واحدة من اخطر الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه من محافظات جمهورية مصر العربية واخصها مدينة القاهرة .
ولعل بداية هذه المشكلة جاءت مع نهاية القرن التاسع عشر ، حيث بلغ تعداد قاطني القبور في عام 1898 م مايقرب من (35) ألف نسمة، ازداد هذا التعداد في بداية عام 1947 ليصل (69) ألف نسمة ، وفى عام 1966 وصل عددهم إلى (97) ألف نسمة ، وفى عام 1986 وصل تعدادهم الي 82 ألف نسمة ، وبحسب الإحصائية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاءفى عام 2008 فأن هناكمايقرب من 1.5 مليون مصرىيقطنون القبور خاصة في مقابر السيدة نفيسة ومقابر النصر والبساتين والتونسى والإمام الشافعى وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثى، وجبانات عين شمس ومدينة نصر.
والحقيقة أن هناك أجيال تتعاقب على العيش في المقابر بعد أن صارت ليست فقط مكان للسكني ولكن مكان للاستثمار والعمل.
وقاطني القبور أناس يعيشون علي هامش الحياه ولبيس علي هامش المجتمع فقط ، فهم ليس فقط يشاركون الأموات سكناهم، بل يعيشون حياة غير ادميةيملؤهاالخوف والرعب ، ليس من الأموات بل ممن اتخذوا المقابر مرتعا للجريمة وللممارسات غير الأخلاقية ، كما تستشري في هذه البيئة الأمراض وتزداد فيها نسبة الوفيات عند الأطفال، كذلك ينخفض معدل العمر لأغلبية القاطنين فيها، وإضافة إلى ذلك فإن هذه البيئة تشكل تربة خصبة للإجرام والخروج على القانون بأشكاله وأنماطه المتعددة، ولاسيما الاتجار بالمخدرات والأطفال، فضلاً عن شيوع الأمية والآفات الاجتماعية على أنواعها. فسكان المقابر جزء من بؤر شديدة التخلف على المستوي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي ، وتفتقر هذه الفئة لأبسط الحاجات الإنسانية.
كما تؤكد نتائج احديالدراسات الي أن 60% من أطفال العشوائيات محرومون تمامًا من الخدمات التعليمية بجانب انخراطهم في سوق العمل في سن مبكرة لإعالة أسرهم.
كما تؤكد نتائج أحدي الدراسات الي ان أن نسبة الأمية بين أفراد هذه الطائفة تصل اليمايقرب من 64.4%، أما الذين لا يرتفع مستواهم التعليمي عن حد القراءة والكتابة فتبلغ نسبتهم 23.3%،
أما الحاصلون على شهادات أقل من المتوسطة فلا تتعدي نسبتهم 6.1%، أما الحاصلين علي شهادات متوسطة وأعلى من المتوسطة فلا تتعدي نسبتهم 6%، أما الحاصلين علي شهادات جامعية فلا تزيد نسبتهم عن0.6%” . ووفقا لنتائج دراسة أجريت بواسطة المركز المصري لحقوق الإنسان فأن 48% من قاطني القبور ليس لديهم عمل ثابت ،علي حين أن 30% منهم يعانون من البطالة.
وينقسم سكان المقابر في هذا الإطار إلى فريقين، الأول فريق “يعمل”، والثاني يعاني من البطالة “لا يعمل” .
وينقسم افراد الطائفة التي تحظي بعمل الي طائفتين فرعيتين :
الأولي : وهي التي تعمل داخل المقابر والثانية هي التي تعمل خارجها. وعلي صعيد التصنيف المهني لساكني المقابر، فهناك طائفة الحرفيون وتبلغ نسبتهم 37% من إجمالي السكان العاملين،والثانية : طائفة الموظفين وتنخفض نسبتهم لتصل إلى 9.4%، أما من يمارسون أعمال تجارية فتنخفض فلا تتعدي نسبتهم 1.7%، وأخيرًا أصحاب الأعمال المتصلة بمنطقة المقابر ولاتتعدي نسبتهم 5.5%”. .
ويمكن تقسيم قاطني القبور من هذا المنطلق الي ثلاثةأنماط :-
النمط الأول هم العاملون فيها مثل الدفانين والخفراء والحراس.
أما النمط الثاني هم قاطنيالأحواش .
أما النمط الثالثوهم من يتخذون المقابر كأماكن تخزين، ولهذا السبب فقد بدأت الأسواق الشعبية داخل المقابر أو بجوارها في الانتشار ،ومن الطريف أن أحد هذه الأسواق مخصص لكل مستلزمات العروسين، بداية من الملابس والأساسيات والأجهزة المنزلية والأجهزة الكهربائية.
وعلي صعيد العلاقاتالاجتماعية ،فإن افراد هذه الطائفة يتسمون بالعزلة الاجتماعية . كما يعاني افراد هذه الطائفة من العديد المشاكلات النفسية وأخصها الخوف من بعض الأمور الغيبية مثل العفاريت والجن التي تطرق على الأبواب ليلاً.
والحقيقة المؤكدة أن افراد هذه الطائفة اكثر الفئات الاجتماعية تهميشاً ، وهم قنابل موقوته تهدد الاستقرار الاجتماعي ، لذلك فأن الامر يقتضي سرعة إجراءات عاجلة لنقل افراد هذه الطائفة لمجتمعات سكنية لائقة ، ووضع ضوابط وقواعد صارمة للعمل في مناطق القبور ، وحظر السكني بتلك المناطق .