استفتاء انفصال إقليم قطالونيا عن إسبانيا سيقابل بقرع الأجراس في أرجاء أوروبا
-المركز الديمقراطي العربي
ماريانو راخوي رئيس وزراء اسبانيا بواجه أكبر أزمة دستورية تشهدها بلاده منذ عشرات السنين بعد أن فتح استفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم قطالونيا وشابته أعمال عنف يوم الأحد الباب أمام سعي أغنى أقاليم اسبانيا للتحرك صوب الانفصال بدءا من الأسبوع الجاري.
وإقليم قطالونيا مركز للصناعة والسياحة ويمثل حوالي خمس الاقتصاد الاسباني ويعد قاعدة إنتاجية لشركات عالمية كبرى مثل فولكسفاجن ونستله كما أنه يضم أسرع مواني الشحن نموا في أوروبا.
وأعلن زعيم إقليم قطالونيا كارلس بودجمون مساء يوم الأحد أن الناخبين أقروا حق الاستقلال وقال إنه سيطرح النتائج على البرلمان المحلي الذي يملك عندئذ سلطة بدء عملية الاستقلال.
ولم تصل تصريحاته إلى حد إعلان الاستقلال لكنها طرحت تحديا أمام راخوي الذي يملك السلطة الدستورية لعزل حكومة الإقليم ووضع قطالونيا تحت الإدارة المركزية لحين إجراء انتخابات جديدة.
وسيؤدي ذلك إلى زيادة التوترات في الإقليم، الذي يبلغ عدد سكانه 7.5 مليون نسمة وكان في السابق إمارة لها لغتها وثقافتها، وربما يضر ذلك بالاقتصاد الاسباني الناهض.
وساد الهدوء شوارع برشلونة عاصمة الإقليم يوم الاثنين غير أن افتتاحيات الصحف قالت إن الاستفتاء المحظور، الذي قال مسؤولون من الإقليم إن 90 في المئة من الناخبين اختاروا فيه الانفصال عن اسبانيا، هيأ الساحة لصدام حاسم بين السلطة المركزية في مدريد والإقليم.
وقالت صحيفة لافانجارديا المعتدلة التي تصدر في قطالونيا في افتتاحية ”الأمور قد تتدهور“ وذلك بعد أن استخدمت الشرطة الهراوات والطلقات المطاطية لإفشال الاستفتاء الأمر الذي أدى إلى أعمال عنف أصيب فيها 840 شخصا.
وأضافت الصحيفة ”نحن ندخل مرحلة من الإضرابات واحتجاجات الشوارع … مع حركة أكبر وقمع أكبر“.
ونشرت صحيفة التايمز تحليلا لبرونو وترفيليد بعنوان “الأجراس تدق في عواصم الدول الأوروبية” الذي تناول استفتاء انفصال كاتالونيا عن إسبانيا “بحسب بي بي سي”.
وقال كاتب المقال إن “صور الرؤوس المغطاة بالدماء وأعمال العنف والرصاص المطاطي الذي أطلق خلال التظاهرات في كتالونيا من قبل الشرطة لإيقاف الكاتالونيين عن التصويت عن الانفصال، سيقابل بقرع أجراس في أرجاء أوروبا، إلا أن هذه المرحلة لن تكون سهلة”.
وأضاف أن ” الحكومات الأوروبية لا خيار أمامها إلا دعم الحكومة الإسبانية”.
وأشار إلى أن “استفتاء كاتالونيا على الانفصال عن إسبانيا يعتبر من أكثر القضايا حساسية في أوروبا”، مضيفاً أنه ” هناك تخوف من امتداد أعمال العنف التي شوهدت في كاتالونيا إلىأرجاء أوروبا أي إلى إسكتلندا وبلجيكا وفرنسا وسلوفاكيا ورومانيا وأجزاء من إيطاليا”.
وأردف بأن الحكومات الأوروبية تدافع دوما عن الحكومة الإسبانية ودستورها لأن الأخيرة أكدت مرارا وتكرارا بأن “استفتاء انفصال كاتالونيا عن إسبانيا غير قانوني”.
وختم بالقول بأنه هناك مخاوف في الاتحاد الأوروبي بأن مواقف إسبانيا وخاصة اذا استخدمت قانون الطوارئ ضد الكاتالونيين، فإن الوضع سيزداد سوءا والمطالبة بالاستقلال ستكون حتمية، مضيفاً أن هذا الأمر “سيهدد ا النسيج الإسباني”.
وانخفضت العملة الأوروبية الموحدة اليورو ثلث سنت أمريكي بعد الاستفتاء رغم أنها استردت خسائرها فيما بعد. وهبط مؤشر البورصة الاسبانية 1.3 في المئة في بداية التعاملات يوم الاثنين وارتفعت عوائد السندات الحكومية.
قال رفائيل كاتالا وزير العدل الإسباني إن مدريد يمكنها استخدام سلطتها الدستورية لوقف الحكم الذاتي في إقليم قطالونيا إذا ما أعلن برلمان الإقليم الاستقلال.
وبموجب المادة 155 بالدستور الإسباني يمكن للحكومة المركزية تعليق سلطة الحكم الذاتي في الإقليم الواقع في شمال شرق البلاد.
وقال كاتالا في حديث تلفزيوني ”المادة 155 موجودة. سنستخدم قوة القانون كاملة. واجبنا هو حل المشكلة وهذا ما سنقوم به رغم أن استخدام بعض الإجراءات قد يكون موجعا. لكن إذا أعلن أحدهم الاستقلال سنقوله له إنه ليس باستطاعته ذلك“.
وأدت المحاولات التي بذلتها حكومة مدريد لمنع الاستفتاء يوم الأحد باستخدام قوة الشرطة إلى انتقادات من دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي من بينها بريطانيا وبلجيكا. لكن مفوضية الاتحاد الأوروبي التزمت الصمت.
وفي الداخل لا يبدو أن الأزمة عرضت للخطر التأييد لحكومة الأقلية التي يرأسها راخوي كما أيدت الأحزاب الرئيسية عموما معارضته لاستقلال قطالونيا.
تحدثت صحيفة البايسس المناهضة للاستقلال في افتتاحية عن ”عجزه المطلق عن إدارة الأزمة منذ البداية“.
وقالت حكومة قطالونيا إن 2.26 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء بنسبة مشاركة بلغت نحو 42 في المئة رغم حملة الشرطة. ولم تكن النتيجة مفاجئة في ضوء عدم توقع مشاركة كثير من النقابيين. وسبق أن أظهرت استطلاعات الرأي أن حوالي 40 في المئة يؤيدون الاستقلال.
وقبل الاستفتاء قال بودجمون إنه سيتحرك لإعلان الاستقلال في غضون 48 ساعة من التصويت بالموافقة. غير أن الاضطرابات التي شابت عملية التصويت قد تعقد مثل هذه الخطوة. ويوم الأحد دعا بودجمون أوروبا إلى التدخل لضمان الاحترام الكامل للحريات الأساسية.
وأضاف في خطاب تلفزيوني يوم الأحد ”سترسل حكومتي في الأيام القليلة المقبلة نتائج استفتاء إلى برلمان قطالونيا حيث تترسخ سيادة شعبنا وحتى يتسنى له التصرف وفقا لقانون الاستفتاء“.
ويتضمن قانون الاستفتاء إعلان الاستقلال من جانب واحد من قبل برلمان الإقليم إذا صوتت الأغلبية بالانفصال عن اسبانيا.
من جانبه قال راخوي في خطاب بثه التلفزيون إنه سيدعو لمحادثات بين كل الأحزاب ”للتفكير في المستقبل“ مؤكدا أن الحوار بشأن قطالونيا سيكون ”في إطار القانون“.وكالات