مقالات

العرب … “عقود العنصرية” فى إيران

اعداد : هشام رشاد عبد الرحمن – صحفي وباحث في الشأن الإيراني

  • المركز الديمقراطي العربي

يرى كريم الدهيمي، الناشط الأحوازي بمجال حقوق الإنسان، أن العنصرية الايرانية تجاه مواطني إقليم الأحواز ذات الأغلبية العربية، تمتد تاريخيا إلى عقود مضت بعد أن قام الفرس باحتلال ذلك الإقليم الواقع جنوب غرب البلاد، وانتهاج سياسات عنصرية عدة منها تهجير الآلاف من الأحوازيين الى مناطق نائية في مدن شمالية، و منعهم من ارتداء الزِّي العربي.

واستمرت تلك السياسات العنصرية تجاه العرب داخل إيران، من خلال تغيير أسماء مدنهم، وطمس هويتهم وإنكار الوجود العربي، حتى وصول المرشد الإيراني الأسبق آية الله الخميني إلى سدة الحكم في العام 1979، وسرعان ما وقعت “مجزرة الأربعاء الاسود” في مدينة المحمرة، و من ثم مارست طهران جرائم أخرى في باقي المدن الأحوازية.

وأشار الناشط الأحوازي المعارض لنظام الملالي، إلى واقعة مثيرة للجدل مؤخرا عبر البث التلفزيوني الرسمي في إيران، لافتا أن ما قامت به القناة التلفزيونية الثانية الرسمية في إيران، خلال عرض برنامج تلفزيوني مخصص للأطفال تحت عنوان “كلاه قرمزي” وبمناسبة أعياد رأس السنة الإيرانية “النوروز”، هو استعراض برنامج يتجاهل الوجود العربي بشكل كامل في اقليم الأحواز.

هذه الواقعة ليست الأولى من وجهة نظر الدهيمي، بل سبقتها استفزازات مماثلة عبر الصحف، و المسلسلات الدارامية، والإعلاميين الرسميين تستهدف إنكار الوجود العربي في الأحواز، مشيرا إلى مقال ورد في صحيفة “اطلاعات” الحكومية عام 1985، نعت الأحوازيين بـ “الغجر الرحل”، و “المهاجرين”، أعقبها هبة شعبية عرفت باسم “انتفاضة الكرامة”.

و تشير المعطيات أن الأحوازيين يواجهون العنصرية الفارسية، بسبب “الحقد الفارسي” على العرب لأنهم لم ينسوا هزيمتهم أمامهم في موقعة القادسية “13 شعبان 15 هـ -16-19 نوفمبر 636م” ، إلى جانب نتهاج سياسات “التفريس”، حيث يحظر ارتداء الزي العربي في الدوائر الحكومية، والحرمان من التعلم بالعربية، وتغيير أسماء المدن العربية الأحوازية و اسماء الأحياء والشوارع من العربية إلى فارسية، ومنع المواطنين العرب من إكمال الدراسات العليا، وتولي المناصب القيادية والقضائية باستثناء الموالين للنظام.

وارتفعت نسبة البطالة في بعض مدن الأحواز إلى نحو 70 %، إلى جانب تشييد عشرات السدود وتجفيف الأنهار والأهوار، – المسطحات المائية التي تغطي الاراضي المنخفضة -، الأمر الذي نجم عنه أزمة بيئية وتفشي الأمراض بعد بهدف تحويل مجرى الأنهار الواقعة بهذا الاقليم العربي إلى المدن الإيرانية ذات الأغلبية الفارسية، ، بهدف إحداث نوعا من “التغيير الديموغراف”، غير أن تلك السياسات العنصرية انطوت أيضا على توطين القومية “اللورية” المختلفة صعبة الانصهار مع العرب، وهو الامر ذاته الذي يتشابه مع سياسات محمد رضا بهلوي شاه ايران الأسبق حينما جاء بـ “اليزديين” من مدينة يزد الايرانية، و تم تعريبهم و انصهارهم مع العرب، والتي باءت بالفشل في نهاية المطاف.

واختتم الناشط الأحوازي أن كل المتابعين للشأن الايراني في الاحتجاجات الاخيرة مطلع يناير/ كانون الثاني داخل ايران اعتموا برصد هتافات العنصرية المعادية للعرب، والتي اخترقت آذان المشجعين في ملاعب كرة القدم، في الوقت الذي توجد طائفية ضد أقلية المسلمين السنة المنتمين لعرقي “البلوش”، و” الأكراد” و الأحوازيين حيث اعدم المئات من ائمتهم و نشطائهم، ونفي الكثير منهم الى مدن فارسية، و حاول النظام الإيراني اتهامهم بالانتماء إلى تنظيمات متطرفة بغية قمعهم و قتلهم، فضلا عن اضطهاد الصابئة المندائيين الأحوازيين كونهم عرب و غير مسلمين، وحرمانهم من حقوقهم ، بحسب الدستور الايراني، تعتبر دية الصابئي ربع دية المسلم.

وأكد أن العنصرية الفارسية تفوق “النازية”، وفقا لدراسة أجريت نهاية عام 2016، حلت فيها إيران الثانية عالمياً في العنصرية، ولا تسبقها سوى الهند، وذلك وفق استطلاع شمل نحو 80 دولة، قامت به مجموعة من الباحثين السويديين، للتعرف على تعامل الدول مع الأعراق المتنوعة داخل تركيبتها السكانية.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى