قانون مبدأ الدولة اليهودية
بقلم : محمد ثابت حسنين – باحث فى العلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
وفقا لتوثيق دكتور رامي عاشور زميل أكاديمية ناصر العسكرية، أقرت سلطة الإحتلال موخراً قانوناً يقضي بتغليب مبدأ الدولة اليهودية – بحسب الكيان الصهيونى – على مبدأ الدولة الديمقراطية، منذ أن تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل وإعتراف بعض دول الأمم المتحدة بها، ذهب الكيان الصهيونى إلى تقنين مبدأين تدور فى فلكهم سلطة الإحتلال، وهما مبدأ الديمقراطية والذى يعني بالمساواة المدنية والسياسية الكاملة لجميع المواطنين اليهود دون أى تمييز من خلال الدين أو العرق أو الجنس، وضمانة حرية إقامة الشعائر الدينية، و إختيار اللغة والثقافة والتعليم، بينما يقضي مبدأ الدولة اليهودية بتهويد الدولة والأرض والتركيز على الطابع الديني اليهودى.
إن ما يلاحظه البعض – ويلاحظه كل مراقب موضوعى – أن المبدأ الثانى المعنى بيهودية الدولة يتعارض مع المبدأ الأول والمعنون بالدولة الديمقراطية، نظراً لأن دولة الكيان تم إنشائها على أرض عربية تخص الديانة الإسلامية والمسيحية،وهو ما يسلم به ويعترف به الكيان الصهيونى ذاته وذلك يتضح لنا من خلال إقراره لهذا القانون المعنى بالحديث، لذا قامت سلطة الإحتلال بإقرار قانوناً جديداً ينطوى على مادة تلزم أعضاء المحكمة العليا – فى الحالات التى يتعارض فيها هذين المبدأين – بتغليب كفة الطابع اليهودى للدولة على حساب الطابع الديمقراطي لها، ومن ثم إلغاء الطابع الديمقراطي والإبقاء على الطابع اليهودى، وهو ما يؤدى بالتبعية إلى تقنين العنصرية وصبغها بالصبغة القانونية، ويمكن القول والتسليم بأن مثل هذا القانون يعد تطهيراً عرقياً يستهدف العرب بمسلميه ومسيحيه، وتم الموافقة على القانون داخل الكنيست الإسرائيلى بأغلبية ضئيلة 62 مقابل رفض 55 نائب للقانون وهو ما يعكس حالة الذعر من مآلات أثار هذا القانون.
وقد نادت العديد من الأصوات داخل إسرائيل نفسها بمواجهة مثل هذا والذى وصفوه – حسب قناعتهم – بأنه قد يؤدى بلا شك إلى تحويل إسرائيل إلى دولة فاشية، وبالنظر إلى مثل هذا الإتجاه الذى خرج من داخل إسرائيل، نجد أن حجم الخطر الذى سوف يخلقه هذا القانون لا يمكن احتماله أو مناهضته في المستقبل القريب أو حتى البعيد.على الجانب الآخر نجد أن الكيان الصهيونى يسير بخطى جريئة للغاية منذ تولى ” ترامب ” لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والذى بدوره – أى ترامب – جاء لدعم الكيان وصفقة القرن وكل ما يخص المصالح اليهودية، ومن ناحية أخرى فالموقف العربي المتخاذل والقائم فقط على تصريحات الشجب والإنكار، بل تخطى تلك المرحلة وصولاً لمرحلة الصمت – وربما الدعم من جانب بعض الدول – وما يؤكد ذلك موقف العرب من قضية القدس و أزمة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
إن ما آلت إليه الأمور فيما يخص قضية فلسطين الوطن المسلوب بات وضعاً مأساوياً، تشابكت وتعقدت الأمور وذلك الكيان الذى لا يعرف سوى منطق القوة والدعم الغربي له، راح يضرب عرض الحائط بكل ما هو قانونى أو إنسانى أو إسلامى أو حتى مسيحى، ولا يعير إهتمام سوى لحلم إسرائيل الكبرى، ورغم كل هذا فإن نظرة تفاؤلية مقتبسة من التاريخ الإسلامى تقودنا إلى توقع سيناريو حدث فى العهود السابقة، بخروج قائد يوحد الجيوش ويسترد الأراضي المسلوبة ولنا في صلاح الدين خير مثال، فلقد كان المسلمون أضعف بمراحل من حالة ضعفهم الآن، ولكنها الإرادة أينما وجدت لا تعرف سوى النصر.