الشرق الأوسطعاجل

التوتر اللبناني- الكويتي … المشهد والمضمون

اعداد : م.م تمارا كاظم الاسدي – ماجستير علاقات دولية – كلية العلوم السياسية/ الجامعة المستنصرية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

بادئ ذي بدء تعد العلاقات الاخوية التي تربط الكويت ولبنان علاقة تاريخية ومتجذرة ولم تكن وليدة لظروف طارئة، أو آنية، بل ناتجة عن عمق الروابط المشتركة التي تجمع بين البلدين، فكل من الكويت ولبنان متشابهان بقدر الجغرافيا السياسية والحدودية، وكلاهما دفع ثمن موقعه وتميزه، مما جعل المشهد السياسي بين البلدين يكاد يفضي إلى النتيجة المشابهة ولأنهما متشابهان في المظهر الاجتماعي والحريات العامة، فقد كانت علاقتهما الرسمية عفوية تلقائية ومميزة منذ ما يقرب من ستة عقود، والشعبية منذ ما يزيد على ثلاثة ارباع القرن، إلا انه سرعان ما شهدت العلاقات اللبنانية- الكويتية توتراً وتصعيداً على أثر تصريحات الإعلامي والمعلق السياسى (سالم زهران)  المسيئة بحق أمير الكويت الشيخ ( صباح الأحمد الجابر الصباح) خلال استضافته من قبل الإعلامي محمد شري في برنامج مع الحدث على قناة المنار التابعة لحزب الله في 13 أيلول 2018 ، الذي قال:” إن أمير الكويت الذي ذهب للولايات المتحدة الأمريكية لإجراء فحوص طبية، استدعي من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخمس دقائق، حيث طلب منه إلغاء عقود موقعة مع الصين بقيمة (11) مليار دولار، والتوقيع مع شركات أمريكية على عقود بقيمة (14) مليار دولار”، مما أثار غضب الأوساط الكويتية رسمياً وشعبياً، الأمر الذي اعتبره النشطاء تطاولًا وإساءة إلى أمير البلاد.

إلا أن القيادة السياسية اللبنانية ممثلة بالرؤساء الثلاثة وصولاً إلى الوزراء والنواب والقوى السياسية الرئيسة اجمعت على الرفض والتنديد لأي اساءة للكويت واميرها وشعبها، مشيدة بالعلاقات اللبنانية- الكويتية وما قدمته الكويت للبنان من دعم سياسي واقتصادي في أصعب الأزمات السياسية، مؤكدة الوقوف بوجه كل من يعكر صفو العلاقات بين البلدين، داعية إلى التصدي لكل من يحاول توجيه اي اساءة للعلاقات مع الدول العربية، كما تلقت سفارة الكويت في بيروت العديد من الاتصالات ورسائل التضامن المستنكرة لأي تطاول بحق الكويت وسمو أمير البلاد، لذلك أصدر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بياناً أكد فيه بإن هذهِ التصريحات مجرد كلام خارج المناخ الوطني اللبناني المجمع على أفضل العلاقات مع الكويت، إذ ان العلاقات اللبنانية- الكويتية تاريخية متجذرة وتقوم على قواعد وروابط سليمة ولا يمكن أن تتأثر بمثل هذهِ الأمور، وفي جميع الأحوال فإن القضاء اللبناني سوف يحقق في الأمر لتطبيق القانون الذي يحمي الجميع، فقد كلف النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي (سمير حمود) قسم المباحث الجنائية المركزية تفريغ مضمون المقابلة التي اجراها الصحافي (سالم زهران) وذلك تمهيداً لأجراء المقتضى القانوني من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين.

وقد تواصلت ردود الفعل السياسية اللبنانية المستنكرة للتعرض للكويت والشاجبة له، إذ استنكرت وزارة الإعلام الكويتية ادعاءات زهران التي اعتبرتها افتراءً وتزييفا للحقائق بعيداً عن الواقع ولن تعكر صفو العلاقات الأخوية بين الدولتين، لاسيّما بعد أن ذكرت وزارة الخارجية والمغتربين الاعداد الكبيرة من اللبنانيون المغتربون في دولة الكويت، فقد أشارت التقديرات إلى أن عددهم قد بلغ  ما يقارب (41) ألف شخص، بينما تُشير تقديرات أخرى إلى أن عددهم قد تجاوز (100) ألف شخص، ويعد اللبنانيون من أكثر الجاليات تواجداً في الكويت.

ورداً على ذلك أصدرت قناة  المنار بياناً جاء فيه “جرت العادة أن تستضيف قناة المنار ضيوفاً في برامجها السياسية، وهم يعبرون عن آرائهم الخاصة ، لذا فإنّ ما ذكر في إحدى المقابلات حول الكويت، لا يعكس موقف “المنار” أبداً، وهو يعبر عن رأي من أطلقه، إذ أن القناة كانت وما زالت تقدر باحترام كبير أمير الكويت والحكومة والشعب الكويتيين، ومحاولة بعض الإنتهازيين تحويل كلام لضيف على المنار إلى مشكلة، هي عمل مسيء وأهدافه معلومة”.

وعلى هذا الأساس تم حل هذهِ الأزمة السياسية بعد اتصال الرئيس اللبناني ميشال عون بالشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح متحدثاً عن مشاعر الاخوة والصداقة التي تجمع بين الشعبين الكويتي واللبناني والتي لا تؤثر عليها اي عوائق، فالعلاقات اللبنانية – الكويتية المتجذرة هي ترجمة طبيعية لما يربط بين لبنان والكويت من اواصر الاخوة والتعاون ولما يجمع بين الشعبين الشقيقين من روابط المودة والمحبة، فالشعب الكويتي لن ينسى بأن لبنان كان أول دولة في العالم أدانت الغزو العراقي للكويت في العام 1990،  وبالتالي توافق الرئيس عون والشيخ الصباح على أن لا شيء يمكن أن يؤثر على صلابة العلاقات اللبنانية- الكويتية على المستويين الرسمي والشعبي.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى