الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

فرج فودة ورأيه في الدولة الدينية والعلمانية

Farag Fouda and his opinion on the religious and secular state

اعداد  : الهلالى محمد هشام حسين حماد – كلية الإقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة

  • المركز الديمقراطي العربي

 

نبذة عن المفكر والسياق العام الذي عاش فيه:-

ولد فرج علي فودة سنة 1945 في الزرقا، محافظة دمياط، مصر وهو كاتب ومفكر مصري علماني ، حصل علي الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس سنة 1881،كان موضوع الرسالة الخاصة به هو”اقتصاديات ترشيد استخدام مياه الري في مصر” ([1])

ولديه ولدين وبنتين، يعتبر احد مفكري التيار العقلاني العلماني في مصر والعالم العربي، كرس كتاباته للدفاع عن حرية الفكر والتعبير والمعتقد وحرية الابداع، كان يؤمن بأن المستقبل هو للتنوير والابداع وليس للعودة الي الوراء.

استشهد اخاه في نكسة 1967 بعد تخرجه ب 3 ايام وتم اعتقال حسن فودة في عهد جمال عبد الناصر و شارك في مظاهرات الطلبة عام 1968.

حاول تأسيس حزب المستقبل ، كانت جبهة علماء الازهر تشن هجوما عليه واصدرت بيان بكفره ووجوب قتله، اسس الجمعية المصرية للتنوير  تم اغتياله في القاهرة عام 1992 بمدينة نصر علي يد منظمة ارهابية تعرف بإسم الجماعة الاسلامية.([2])

فرج فودة له العديد من المؤلفات وهي: الحقيقة الغائبة، زواج المتعة، حوار حول العلمانية، الطائفية الي اين؟ ، الملعوب، نكون او لا نكون، الوفد والمستقبل، حتي لا يكون كلاما في الهواء، النذير، الارهاب، حول حول العلمانية، قبل السقوط، حوار في المهجر.([3])

 اخر ما توصل اليه فكره:-

ان اخر الاعمال التي قام بها فرج فودة كان كتابه عن الارهاب سنة 1992 الذي اغتيل في نفس العام عندما تحدث في هذا الكتاب عن الهجمات الارهابية التي قامت بها هذه الجماعة من اغتيالات من قتل رجال الشرطة وقتل السادات بالاضافة الي الشائعات التي اطلقوها ولذلك جاء اغتياله بعد هذا الكتاب والحديث عنه.([4])

ان فرج فودة له العديد من الاراء السياسية التي مثلت في مجملها افكارا تعكس ما يعيشه المجتمع بل وان هذه الافكار كانت بمثابة تنبؤات لما يحدث في المستقبل بل وان معظم هذه الاراء تحققت بالفعل ولذلك سوف اعرض اهم الافكار السياسية التي تناولها الدكتور فرج فودة في كتاباته المختلة :-

1- رأيه في السلطة الدينية :-

كان يري ان الاسلام هو الدين ليس الدولة،هو القلب والعقل، ضمير وليس سيف، لذلك علينا ان نخضع للدين والعقيدة وليس للدولة او المتحدث باسمها.

كان يري فرج فودة اننا سوف ندفع الثمن ان لم يفق الاشخاص وينادون للقول بلا للدولة الدينية ولا يجب ان ننكر العلمانية  او نخلط بين السياسة والدين.

يري ان شباب الجماعات الاسلامية كل همهم هدم نظام الدولة بالعنف لانه يعتبر في رايهم فساد وجهل ومن هنا يفرح المعارضون للنظام لأنهم يريدوا ان يسقطوه، وايضا يبتسم المؤيديون للنظام لانهم يعتقدون انه شباب طائش ومن الممكن ان يقنعوه بأي شخص ولا يعلمون ان حدث شئ فسوف يغرق الجميع لاننا نعيش في حلقة مفرغة من الجهل والعنف والتخلف والتجمع فنبدأ في كسر اجدي الحلقات واكثر ما يهمه هو الجهل لان من ينكر العلمانية هو جاهل بالحضارة ومن يريد الدولة الدينية هو جاهل بحقوق الانسان ومن يريد الخلافة الاسلامية هو جاهل بالتاريخ.

يري ان من يعتقد ان الدولة الدينية مدخل للتسامح الديني فهو لا يعرف الحقيقة لان التسامح الديني من وجهة نظره مفهوما حضاريا اكثر من دينيا لان الدولة الدينية لا تتسامح مع الكفرة الا في الفتح وظروف النشاة، وهناك بعض كتابات  الفقه يؤمنون بها في مواجهة اهل الذمة  ويرون انها مستحبة لهم وتتمثل في لبس ملابس غير اللون الاسود لتميزهم عنهم، لا تعلوا اصوات تلاوة كتبهم  او ابنيتهم عن ابنية المسلمين وعدم شرب الخمر جهارة  وان يخفوا دفن امواتهم ولا يجهروا بالندب عليهم وغيرها من الكتابات التي لا يري فرج فودة لها مصدر في القران والسنة زع ذلك فهي ليست ملزمة للمسلمين لانه ليس لها مصدر في القران او السنة.

يري ان الدولة الدينية تؤدي الي تفتيت الوطن، وتصبح الفتنة طائفية حلما اذا قارنتها بما سيحدث في مصر في عهد انصار الدولة الدينية، لذلك لا بد من الدولة العلمانية التي تتيح لهم ان يعرضوا افكارهم بدلا من يقوموا بفرضها علينا، ويصبح مدافعا عن منهجه بدلا من اجبارك علي تبنيه ويخضع الكل للقانون العام وتصبح هناك شرية تواجه كل من يريد هدم النظام العام.

كان فودة يري ان من قاموا باعطاء رجال الدين الحق في الفتوي بان من لم يشارك في انتخابات مجلس الشوري مخالفة لمبادئ الاسلام هو بذلك يعطي لهم حجة للدفع عن ارائهم لان الدين هو الحكم وليس الدستور، كان يري ايضا ان من سمح لهم بالدفاع عن معاهدة السلام من القران والسنة مخطئون. ([5])

2- الدولة المدنية:-

يؤكد فرج فودة علي مجموعة من الحقائق عن الدولة المدنية :-

-الدولة المدنية تحتاج وصف اكثر مما تحتاج تعريف فمصر دولة مدنية لان نظام الحكم  يخضع للدستور والقانون الذي قام البشر بوضعه ويستطعيون تعديله لتحقيق المصلحة العامة.

– يوجد لدينا مرجعية دينية ومرجعية مدنية والمرجعية المدنية لا تسبق الدينية في بعض الاحوال مثل قوانين الاحوال الشخصية لا يستطيع اي فرد ان يعترض مرجعيتها الدينية.

– ان التاريخ دفعنا الي وجود قاعدة اجتهادية تتمثل في ” مدنية السلطة والحكم ودينية التشريع ”

ان نظام الحكم والبرامج السياسية هما الاساس لحل المشكلات وتحديد شكل الدولة والطريقة التي تقوم بها في المشاركة السياسية ولاننا يجب ان نركز علي الاصول لا الفروع المتمثلة في التشريعات.

– ان المسلميين يمثلون في مصر اغلبية ولكنهم يمثلوا في بلاد اخري اقلة فهو يتفق مع الاستاذ فهمي هريدي الذي يرى اننا نتبع اسلمة الدولة وذلك اذا كان المسلمون يمثلون اغلبية، ونتبع علمانية الدولة اذا كان المسلمون يمثلون الاقلية، ولذلك نحن نحتاج الي اجتهادات مستنيرة .([6])

قتل فرج فودة من اجل دفاعه عن الدولة المدنية فقد كان فرج فودة ينادي بمقولة االدين لله والوطن للجميع  فتم عقد مناظرة بين نصار مفهوم الدولة الدينية وانصار مفهوم الدولة المدنية وعندما قام فرج فودة بإقناع الجميع بأسلوبه البسيط عن ما يهدف اليه وان فصل الدولة الدينية عن الدولة المدنية لا يعني ترك الاسلام فصدرت فتوي بقتله وان من قتله كان جاهلا لا يعرف القراءة والكتابة ويتهمه بأنه كافر.([7])

في سبيل الدفاع عن مدنية الدولة انضم لحزب الوفد بسبب مبادئه الليبرالية والمدنية التي تمثل مبادئ الحزب ولكن انفصل عنه بعد ذلك بعد دخول عناصر اسلامية فيه وجماعات متطرفة فأدرك انه بذلك يمثل خيانة لمبادئه التي قام عليها.

3-  الدولة العلمانية:-

تكلم د/ فرج فودة عن الدولة العلمانية ولكن قبل دخوله فيها فأعط مثال هام جدا لاحمد لطفي السيد عندما ترشح للانتخابات واتهمه منافسه بأنه ديمقراطي فأصبح الناس الجهلاء يريددون ان احمد لطفي اليبد يريدكم ان تتركوا الاسلام وان تعتنقوا الديمقراطية ولكن بعد ذلك اصبح الجماهير يريدون الديمقراطية ودخل احمد لطفي السيد تاريخ السياسة والتاريخ نسي منافسه.

ولكن قام د/ فرج فودة بإعطائنا مثال احمد لطفي السيد ليقول ان ما حدث له يحدث لأي فرد اخر وذلك حينما اراد ان يتكلم عن الدولة العلمانية وما قاله انصار التيارات الدينية من الحاد وكفر وانه مأخوذ من الصهيونية وغيره من الالفاظ التي اطلقوها عليه وكأن من اراد ان يكون علمانيا فيجب ان يترك الاسلام، او من اراد ان يكون مسلما يجب ان يترك العلمانية فكأنهما شيئان مختلفان لا يجب ان يجتمعوا مع بعض.

ان الحديث عن العلمانية يختلف في كل دول العالم ففرنسا تفصل الدولة عن الدين كاملة اما المملكة المتحدة رئيس الدولة هو رئيس الكنيسة.

اما عن العلمانية في مصر فهي تعني فصل الدين عن السياسة ولا تعني فصل الدين عن الدولة.

تستطيع في الدولة العلمانية ان تقبل وترفض من خلال المصلحة العامة وان ما يلزمك وتلتزم به هو الدستور والقانون والعجز تعالجه بالتعديل ، فنحن في ظل هذه الدولة اكثر ما يهمنا هو رئيس يدافع عن القانون والدستور ويلتزم به ويحاسب عليه اكثر من رئيسا متفقه في الدين او يؤدي الفرائض او اكثر ايمانا.

كان يري ان اسس الدولة العلمانية تتمثل في :-

-الحق في المواطنة فنحن جميعا مصريين سواء كنا مسلمين او اقباط.

-اساس الحكم متمثل في الدستور والقانون الذى يضمن المساواة بين الجميع ويحترم حرية العقيدة للجميع.

-اهم ما فيها هو المصلحة العامة التي تحقق نفع الجميع.

-نظام الحكم يجب ان يكون مدنيا وشرعيته مستمدة بصفة اساسية من الدستور.

يختم كلامه بالقول عن احمد لطفي السيد عندما دعا الي الديمقراية واصبحت سائدة اليوم وتصبح املا يري ايضا ان العلمانية ستسود ف المستقبل لانها الامل الوحيد.([8])

4- رأي فرج فودة في دستور 1971:-

عارض فرج فودة تعديل بعض المواد في دستور 1971 حيث عارض المادة الخاصة بالشريعة الاسلامية حيث كان الدستور ينص علي ان “مبادئ الشريعة الاسلامية هي  مصدر رئيسي للتشريع” وعدلها السادات ليجعلها ” مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ” ، كان فرج فودة موافق علي المادة الاولي قبل التغيير لان معظم القوانين الموجودة مأخوذة من الشريعة الاسلامية ولكن هذا التعديل الذي قام به السادات سوف يؤدي بلا محالة الي هدم الدولة المدنية ويؤدي الي قيام الدولة الدينية.([9])

5- رأي فرج فودة في التيارالسياسي الاسلامي:-

يري فرج فودة ان التيار السياسي الاسلامي لا ينقسم الي واحد فقط وانما ينقسم الي 3 اقسام وهم الاتجاه الاسلامي التقليدي، الاتجاه الاسلامي الثوري، والاتجاه الاسلامي الثروي.

الاتجاه الاسلامي التقليدي:- متمثلا في الاخوان المسلميين وهي متطرفة تلجأ للتنظيم السري المسلح وهدفها هو اغتيال المعارضين اوقلب نظام الحكم وهم مهتمون بالعمل السياسي ويقولون دائما انهم لا يريدون الحكم بدأوا دخول الاخوان المجلس النيابي اثناء التحالف مع حزب الوفد.

الاتجاه الاسلامي الثوري:- بدأفي الستينيات ولو فروع عديدة ابرزها تنظيم الجهاد وهذا التيار يرفض العمل السياسي والدستور لانه من وضع الانسان ويرفضون الديمقراطية ، والعنف عندهم هو الاساس للعمل هدفهم الوحيد متمثل في الوصول الي السلطة والاستيلاء عليها.

الاتجاه الاسلامي الثروي:- ان هذا الاتجاه متمثل في اصحاب الثروات الضخمة  وتكونت بصورة اساسية في السعودية ومنهم من مصر اناء الانفتاح الاقتصادي، يريد هذا الاتجاه اقامة نظام للحكم الاسلامي مثل السعودية وبذلك يتكون المجتمع من 3 مجموعات وهم مجموعة الحكم ، واصحاب الثروات، والشعب

وهدفه الاساسي هو زيادة ثروات المجموعتين الاولي والثانية في سبيل اقناع الفئة الثالثة بنعيم الاخرة.

اساليب عمل هذه الاتجاهات:-

الاتجاه الاول اضعفهم ويريد تكوين حزب سياسي حتي يتمكن من ان يكونوا اغلبية ويصلوا للحكم اويشاركوا فيه ويكونوا هم حزب الله والاخرين احزاب شيطانية، ويري ان الاتجاه الثوري اخطرهم فهو يستهدف الشباب من 15:35 سنة ويستهدف شباب الثانوية والجامعات وهدفه الوصول للسلطة بالعنف والتنظيم المسلح، الاتجاه الثالث اقواها لانه غير معروف لدي الجميع له قدرة عالية علي تحقيق اهدافه وله مصالح محددة استغل هذا الاتجاه الانتاح الاقتصادي في مصر وسيطر علي بعض البنوك وشركات توظيف الاموال وغيرها  من السيطرة علي المطابع لنشر افكاره والصحف والمجلات اصبح مثل جماعة ضغط مدنية مؤثرة في المجتمع المصري.

هذه العناصر لها قوة ضعف وهي انها تملك الفكر والعنف والمال ولكنها ليست مجتمعة فكل مجموعة تملك مقوم واحد فقط فقد كانت المقومات متوفرة لكنها متنافرة وهذا دليل علي رحمة الله بنا.([10])

6- رأي فرج فودة في الخلافة والخلفاء الراشدين:-

يتحدث فرج فودة عن الخلفاء الراشدين فاذا كان العدل يؤدي الي الامن الذي بدوره يؤدي الي الامان وذلك ما يجب ان يكون عليه ولي الامرالعادل ، فان رغم ذلك الخليفة عمر قد مات مقتولا علي يد ابو لؤلؤة المجوسي وذلك يؤكد ان ما فعله عمر كان قصورا في اجرءات الامن وهذا دليل علي ان العدل لا يؤدي دائما الي الامان فقد مات عمر وهو يبدأ الصلاة وكان هذا هو بداية الاغتيال السياسي في ظل الدولة الاسلامية ولكنه ليس الاخير.

عثمان بن عفان ايضا مات مقتولا علي يد احد الثائرين عليه ، وعلي بن ابي طالب مات مقتولا علي يد عبد الرحمن بن ملجم  لانه كان يري انه بذلك سينقذ المسلمين من الانقسام.

ومن هنا نأتي الي الحقيقة التي تؤكد ان الخلفاء الراشدين 4 ومن مات مقتولا منهم 3 ومنهم اثنان علي يد مسلمين متطرفين ، فيعتقد البعض ان ابو بكر الصديق هو الذي نجا من القتل ومات علي فراشه ولكن هذا ليس بالخبر اليقين لان هناك من يقول ان ابا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة سويا ثم قال له الحارث ارفع يدك يا خليفة رسول الله وان فيها سم وانا وانت سنموت في يوم واحد وبالفعل ماتوا في نفس اليوم.

يصل الكاتب الي ان ليس هناك شك في موت 3 من الخلفاء الراشدين مقتولين واحتمال قتل الرابع وكان كل ذلك خلال 30 عاما من وفاة الرسول في فترة كانت فيها الدولة الاسلامية في ازهي العصور واكثر اقترابا لاصول العقيدة.

لم يحدث استقرار في الحكم الا في عهد عمر واول فترة من عهد عثمان ، اما عهد ابو بكر فكان مشغولا بقتال المرتدين، وعهد علي كان مهتما بقيام المسلمين ببيعته ولم يتحقق له وعند وفاته كان اجماع المسلمين عليه اقل عددا من توليته، وهو ما جعل بعض الفقهاء يرون ان الخلافة لم تتحقق الا في عهد الثلاثة الاولين فقط، لذلك تعتبر هذه الفترة منقسمة الي نصفين : نصف عرف فيم المسلمين الاستقرار ونصف عرفوا فيه الانقسام والقتال.

أراد فرج فودة من هذا العرض ان يبين ان الاسلام لم ينزل علي ملائكة وانما بشر قد تصيب او تخطئ لذلك حياتهم ليست معجزات او تقديس فعمر بشر مثلنا ولكنه كان اكثر مغالبة لنفسه وعثمان اكثر ايمانا ورحمة وعلي كان رجل دين اكثر من كونه رجل دولة.

– يري فرج فودة ان المجتمع المثالي لم يتحقق علي مدي التاريخ ولا حتي في الخلافة الاسلامية،لذلك لا نتصور ان الحكم الديني هو الذي يحقق لنا الامن والطمانينة ووجود جنة علي الارض .

– هناك فرق بين الاسلام الدين والاسلام الدولة فعندما ننتقد اسلام الدولة لا يعني اننا نتقد اسلام الدين او الكفر به ، هناك عصور ارتفعت فيها اصوات لدعم الحكم الديني ورغم ذلك يحللون القتل والظلم  وان الاسلام برئ من هؤلاء، فالسيف اطال من رؤوس المسلمين اكثر من المشركين.

– العقل متفق داذما مع قواعد الدين ومؤيد لها، ان المجتمعات تحتوي علي بشر وهذا البشر به ضعف وهو مخطئ.

– فصل الدين عن السياسة سيحقق الصالح للطرفين وانما هو يطالب بفصل الدين عن السياسة من ناحة ومن ناحية اخري هو لا يرفض الدين او يتجاهله فهو مطلوب وجميعنا نريده في حياتنا.([11])

7- فرج فودة و الدائرة المفرغة بين العسكر والاخوان:- ( التنبؤ بالمستقبل)

سأل نجيب محفوظ  فرج فودة عن رأيه في المستقبل وكيفية الخروج من المأزق ولكنه في البداية اعتذر وفضل عدم الاجابة لاننا بطبعنا نخشي للحديث عن المستقبل ومن الخطورة ان نتحدث عن المتغيرات علي اعتبارها ثوابت لان في السياسة لا توجد عداوات دائمة او صداقات دائمة،وهناك مجالان لا خلاف فيهما وهما الديمقراطية والتنمية.

وبدأ بالحديث في البداية عن الديمقراطية وهي لا تتواجد في مصر ولا المنطقة بأكملها ويبدو بدخول البلاد في حلقة مفرغة تبدأ بانقلابات عسكرية فتؤدي الي تفريغ المجتمع من القيادات المدنية التي تؤمن بالشرعية وايضا تهدر مفاهيم”الشرعية الدستورية” ، “الحرية للشعب ولا حرية لأعداء الشعب” ولكن المقصود بالشعب هنا هو دائرة الحكم وسرعان ما تضييق لتشمل الحاكم فقط.

وهذا بدوره يؤدي الي نمو التيارات الدينية السياسية التي تعمل في الخفاء منذ عهد الامويين ومن هنا تبدأ الدائرة المفزعة في دورتها المفرغة كما يراها فرج فودة وهو انه اذا غابت المعارضة المدنية فيؤدي الحكم العسكري للسلطة الدينية وان هذه السلطة الدينية لن يتم انتزاعها الا من خلال حدوث انقلاب عسكري ويقوم بعد فترة من الوقت قد تكون طويلة او قصيرة لتسليم الامور لسلطة دينية جديدة وهناك من يقتصروا الطريق فيضعوا العمامة علي الزي العسكري مثل السودان.

لذلك يجب الخروج من هذه الدائرة المفرغة والتواصل مع الشرعية الدستورية وكلا الجانبين خطر عليها ، هناك بعض الانظمة تنبهت بالاضرار المترتبة علي غياب الديمقراطية فسمحت بحرية التعبير عن الرأي

ان جانبي الديمقراطية يتمثلان في حرية التعبير وامكانية التغيير، فاذا تحققت حرية التعبير سيحدث التغيير، الديمقراطية لا تحدث في يوم وليلة، ويعتقد الكثير ان الديمقراطية هي حق الاغلبية في الوصول للحكم ويهملون الاقليات مع انها الاساس للديمقراطية .

وان عن الحديث عن التنمية  فهو خطأ لمن يريد ان يرسم المستقبل وهو ينطبق علي مصر بالأخص وان اعظم تنمية حدثت في عهد محمد علي والخديوي اسماعيل فكان اعتمادهم اكثر علي الجغرافيا لا التاريخ ، والذي حاول القبام بذلك هو جمال عبد الناصر فعندما كان امامه الوحدة العربية والاسلامية والافريقية فإنه اختار الوحدة العربية لانها اقرب للتحقيق واكثر ارتباطا في مواجهة العداء الرئيسي.

لقد كان عبد الناصر يملك الوحدة الجغرافية وهي وادي النيل ولو بذل فيها ما فعلها في الوحدة التاريخية لكان ذلك افضل بكثير ولكن فودة يعلم ان الواقع اقوي بكثير من الطموحات فهو يعلم المشاكل التي واجهته ولكن فائدة من ان نبكي علي ذلك الان.([12])

في سبيل الحديث عن الدائرة المفرغة يري بعض الكتاب ان لا الحكم العسكري ولا الحكم الديني هو الذي يحقق الديمقراطية فكلاهما يسعي ليحقق مصالحه وهم جهلاء بالحكم وكل منهم عندما يتسابقون في كتابة الدستور فإن هدفهم الرئيسي هو الحفاظ علي مصالحهم وعدم ضررهم وان افضل تيار الذي يسعي لتحقيق الديمقراطية هو اتحاد القوي المدنية الليبرالية وان الحكم الليبرالي هو الذي ينقذهم من الاثنين.([13])

خاتمة:-

هذا وان اختلف فكر د/ فرج فودة ذات التوجه العلماني وتنوع في افكاره من حيث حديثه عن الارهاب والجماعات الاسلامية بالاضافة الي رأيه في تعديل الدستور وحديثه ايضا ن الخلفاء الراشدين وغيرها من الافكار التي تناولها بالشرح والتحليل وحديثه عن الدولة المدنية ومعارضته للدولة الدينية وحديثه عن دولة العلمانية وانها الحل الوحيد للبلاد.

الا ان د/ فرج فودة قام بتناول هذه الاراء حتي يبين لنا ان الخلافة الاسلامية لم تكن السبيل السليم في الحكم وان معارضته للدستور كان بالمادة الخاصة بالشريعة وفي حديثه عن الجماعات الاسلامية ليبين لنا مساوئها وماذا يفعلوا اذا وصلوا للحكم وايضا توضيحه الدائرة المفرغة بين العسكر والاخوان ليبين لنا ان لا الدولة المدنية ولا العسكرية تصلح للحكم، وكان حديثه عن كل ذلك لتوضيحه ان الدولة العلمانية هي الحل الوحيد التي تفصل الدين عن السياسة، فقد كان فكره الاساسي متمثل في رفضه للدولة الدينية بكل صورها واشكالها وذلك من أجل الوصول للدولة العلمانية.

وأحم م تناوله هو حديثه عن الجماعات الاسلامية بأنواعها المختلفة وبيان اهم اهدافها وان الدولة العلمانية هي السبيل الصحيح في ظل المقارنة بينها وبين الدولة الدينية التي تنطلق من مقولات ولكن في الحقيقة لا تلتزم بأي منها، والدولة العلمانية هي الحل من خلال فصل الدين عن السياسة.

ولكن من وجهة نظري الأهم في كل ذلك هو مصلحة الوطن ومصلحة الافراد الذين يعيشون فيه ولا يهم توجه الحاكم سواء كان علماني او اسلامي او عسكري او ليبرالي ما دام يهتم بمصلحة المواطنين جميعاً ، فمصلحة الوطن فوق الجميع.

 فرج فودة، الارهاب، (القاهرة، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992) [1]

[2] https://www.light-dark.net/t1486687

تاريخ الدخول 28-11-2019

 فرج فودة، النذير، (القاهرة، دار ومطابع المستقبل،الطبعة الاولي،1989)[3]

 فرج فودة، الارهاب، مرجع سابق.[4]

 فرج علي فودة، حوار حول العلمانية، (القاهرة، دار المحروسة للنشر، 1987) ص12:23.[5]

 فرج علي فودة، حتي لا يكون كلاما في الهواء،(القاهرة، دار المعارف، 1991 )ص173:176[6]

 محمد ابو الغاز،فرج فودة شهيد الدولة المدنية، المصري اليوم، الاثنين 10-7-2017  [7]

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1160717

تاريخ الدخول 26-11-2019

 فرج فودة،حوار حول العلمانية، مرجع سابق، ص 7:12، ص 23:27.[8]

 بلا كاتب، فرج فودة .. قصة مفكر دافع عن مدنية الدولة فقتله اصحاب الفكر الظلامي ، موقع الطريق ، الخميس 8 يونيو 2017. [9]

https://www.dostor.org/216995

تاريخ الدخول 27-11-2019

 فرج فودة، قبل السقوط،(القاهرة، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985) ص 129:136 [10]

 فرج فودة، المرجع السابق ، ص 9:22[11]

 فرج فودة، حتي لا يكون كلاما في الهواء، مرجع سابق ، ص 59:63.[12]

 ابرام مقار،العسكر والاخوان.. ولعبة الكراسي المصرية،الثلاثاء 1 ديسمبر 2015. [13]

https://www.elbalad.news/227764

تاريخ الدخول 28-11-2019

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى