الدراسات البحثيةالمتخصصة

الجوف بين ضوء الدولة وظلام المليشيا : أبرز المراحل والمنعطفات خلال ستة عقود من تاريخها

اعداد  الباحث  : سيف راجح سراج – كاتب صحفي وروائي وباحث مستقل اليمن محافظة الجوف.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمــــــة:

في مطلع العام 2020م استطاعت مليشيا الحوثي الانقلابية السيطرة على مركز محافظة الجوف اليمنية بعد أشهر من المواجهات المحتدمة مع قوات الجيش الوطني وقبائل الجوف التي قاومت ببسالة وتمكنت من استنزاف قوة الحوثيين بشكل كبير جداً رغم ضعف الإمكانيات ونقص الدعم اللوجستي وشدة الحصار الذي تعرضت له المحافظة بعد سقوط فرضة نهم الاستراتيجية بيد الحوثيين وتمكنهم من قطع خطوط الإمداد الرئيسية عن الجوف وحصارها من ثلاث إتجاهات محورية طيلة 80 يوما.

سقوط محافظة الجوف بيد مليشيا الحوثي أسفر عن إجهاض إحدى أهم التجارب التنموية التي شهدتها المحافظات اليمنية خلال فترة النزاع وهي أول نهضة تنموية شاملة شهدتها المحافظة طيلة تاريخها، وهي النهضة التي نتجت عن الأداء الإيجابي والفعال للسلطة المحلية في المحافظة الذي ارتكزت إدارتها على العمل الجاد وفقاً لخطط استراتيجية إنمائية ذكية تعتمد على حسن توظيف الموارد المحلية البشرية والاقتصادية التي تمتلكها المحافظة في سبيل تأسيس وإصلاح البنية التحتية الهشة في المحافظة بما يؤدي إلى تحسين مستوى العمل المؤسسي وتحقيق التكامل بين السلطة والمجتمع لتدشين عملية تنموية مستديمة الأثر.

الإدارة المحلية الفعالة أسهمت على مدى أربعة أعوام منذ العام 2016م حتى العام 2020م  في محافظة الجوف في تحقيق نهضة تنموية غير مسبوقة، وحققت للجوف نقلة نوعية على كافة الأصعدة، تحولت الجوف بها من أسوأ المحافظات أمنياً وأضعفها تنموياً وأفقرها اقتصاداً تحولت من محافظة بقيت توصف في دوائر صناعة القرار في الحكومات اليمنية بأنها إحدى الزوايا المحورية “لمثلث الشر” _وهي الصفة التي أطلقت على الجوف ومأرب وشبوة طيلة الحقبة التي تلت نشوء الجمهورية اليمنية_  إلى إحدى أهم المحافظات اليمنية وأسرعها نمواً وذلك وفقاً لمؤشرات التنمية الإقتصادية والسياسية والتعليمية والصحية والبشرية التي حققت ارتفاعاً كبيراً لأول مرة في تاريخ المحافظة، كما أنها لفتت الإنظار وأدهشت المتابعين المحليين والأجنبيين على رأسهم السفير الأمريكي السابق في اليمن فيزرالد فيجستاين الذي عبر عن دهشته للتغيير الذي شهدته الجوف تحت سلطة الحكومة الشرعية وإدارة السلطة المحلية، حيث تم فيها تدشين عشرات المشاريع العملاقة الجديدة ومشاريع تطوير البنية التحتية في مجالات الصحة والتعليم الجامعي، إضافة إلى العمل على إعداد مخطط حضري وعمراني حديث لمركز المحافظة ووضع خارطة نموذجية لشبكات الطرق والمواصلات والمعالم السياحية ومصارف السيول والمناطق الزراعية  وفقاً للمعايير التي تتبعها المدن المتطورة في العالم، وكل ذلك أدى إلى إحداث  عملية تغيير اجتماعي إيجابية رفعت بمستوى حياة المواطنين في مختلف الجوانب المعيشية.

وأصبحت الجوف من المحافظات اليمنية التي وفد اليها مئات النازحون والأيادي العاملة ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة من مختلف المحافظات اليمنية ومن المغتربين في الخارج، وانتعشت الحياة التجارية وتوسعت الأسواق، وتحولت عاصمة المحافظة التي كانت شبه قرية بدائية خلال الخمسين عاماً من عمر الدولة اليمنية إلى مدينة واسعة ومزدهرة في الفترة من العام 2016م-2020م.

وقد انعكست آثار سقوط محافظة الجوف تحت سيطرة الحوثيين بشكل سلبي على كافة مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والتنموية والاقتصادية، ودخلت المحافظة في دوامة من الأزمات التي شملت كافة الخدمات المدنية من تعليم وصحة وكهرباء ومواصلات، في الوقت ذاته  مارست مليشيا الحوثي انتهاكات واسعة على المواطنين، والمؤسسات الحكومية والمجتمعية في المحافظة، وزرعت بذور العداء بين أبناء القبائل في المحافظة، ولم تتمكن من توفير الأمن والنظام في المحافظة، وحولتها إلى سوق سوداء للمحروقات النفطية، وفاقمت معاناة التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة بسبب الجبايات التي تفرضها عليهم بشكل مستمر، ما أدى إلى هجرة مستمرة للاستثمارات التي أسهمت في التنمية إلى خارج المحافظة وتعرضت الكثير من المشاريع التجارية للإفلاس والإغلاق، وانعدمت فرص العمل وتدنت مؤشرات التنمية البشرية إلى ما كانت عليه إبان فترة الإهمال والتهميش قبل العام 2016م.

في هذا البحث الذي يحتوي على ثلاثة أقسام نسعى لوضع مقارنة منهجية لأبرز المراحل التي عاشتها محافظة الجوف خلال تاريخها الحديث والمعاصر، فيبدأ القسم الأول بالحديث عن محافظة الجوف وأهميتها الجغرافية والتاريخية والاقتصادية، ويوضح التفاصيل الديموغرافية للمحافظة، وأبرر المشكلات والمظاهر الاجتماعية السلبية التي اشتهرت بها المحافظة، ووضع التنمية والبنية التحتية في المحافظة بداية من مرحلة ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م، ويركز القسم الأول أيضا على أوضاع المحافظة في ظل الحكومات الجمهورية المتعاقبة طيلة 50عاما، ويحتوي القسم الأول على تفاصيل المرحلة التي عاشتها المحافظة بعد ثورة فبراير 2011م، ثم يأتي القسم الثاني من البحث ليستعرض تفاصيل المرحلة الأهم التي عاشتها محافظة الجوف في ظل الحكم المحلي واسع الصلاحيات تحت إدارة أبنائها تحت قيادة المحافظ اللواء أمين بن علي العكيمي وذلك خلال سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً على الجوف، وهي الفترة التي تمتد من بداية العام 2016م وتنتهي بسيطرة الحوثيين على مركز المحافظة في مطلع العام 2020م، أما القسم الثالث والأخير من البحث فيركز على تفاصيل المرحلة الثالثة للمحافظة، وهي المرحلة التي يصفها أبناء المحافظة بأنها مرحلة الظلام والتي تعيشها الجوف منذ العام 2020م بعد سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية عليها ولازالت حتى وقت كتابة هذا البحث.

تأتي أهمية هذا البحث المطول من كونه يعد أول بحث منهجي من نوعه يركز بشكل خاص على محافظة الجوف، لا سيما وأن الجوف هي المحافظة اليمنية التي ظلت مغيبة بشكل كلي عن دائرة الاهتمام الإعلامي والبحثي إلا على نطاق ضيق وفي أوقات محددة وظروف خاصة، ولم تحظى _و هذه حقيقة ستتكرر كثيرا متى تم الحديث عن محافظة الجوف_ طيلة تاريخها الحديث أي اهتمام لا من الباحثين والكتاب للفت الأنظار اليها ولا من الحكومات والسلطات المركزية في اليمن، ذلك على الرغم من أنها تعتبر من أهم المحافظات اليمنية على الصعيد الاقتصادي والسياحي والسياسي أيضا.

وقد هدفنا من خلال البحث الذي سيكون مرجعاً للباحثين والمؤلفين مستقبلاً، هدفنا منه أولاً إلى إنصاف محافظة الجوف كجزء مهم من الوطن الكبير، جزأ تم اهماله كثيرا للأسف، وثانيا سعينا إلى توضيح الصورة الحقيقية للمجتمع الجوفي ومكوناته المختلفة، وهي الصورة التي طالما تعرضت للتشويه الممنهج بفعل الثقافة الغير محايدة والتي ظلت تنظر إلى المجتمع الجوفي من خارجة وتصفه بالعشوائية والجهل واللصوصية وحب القتال وغير ذلك من الأوصاف التي تنافي الحقيقة لأنها ركزت على الجانب السلبي من هذا المجتمع، ولم تعايش هذا المجتمع أو تتعاطى معه لتعرف الجوانب الإيجابية من طبائع ومميزات هذا المجتمع منها البساطة والكرم والشجاعة والمروءة وإيثار العدل وتقديس القيم الأخلاقية العظيمة وغيرها من المميزات التي قد لا تجد لها مثيلاً في المجتمعات الأخرى، أما الهدف الثالث للبحث فهو تسليط الأضواء على هذه المحافظة ولفت الأنظار إلى أهميتها ودورها في صناعة الأحداث المفصلية في تاريخ اليمن الحديث، ويهدف البحث رابعاً لتوضيح الفوائد المترتبة على إتاحة الصلاحيات للإدارة المحلية والتقليل من المركزية  في تحقيق الارتقاء  في المحافظات وتنميتها وتطويرها مهما كانت الظروف والعوائق، أما الهدف الأهم والمحوري للبحث فهو توضيح الهمجية واللامسوؤلية التي تدير بها مليشيا الحوثي المناطق التي تحت سيطرتها، وفضح انتهاكاتها المختلفة وتدميرها المنهج للأرض والإنسان في كل منطقة تصل اليها، وممارساتها وانتهاكاتها في الجوف نموذجاً على ذلك.

الإفتتاحية        الملخص التنفيذي والمقدمــــــــــــــــــــــــــة

 الفصل الأول “الجوف في الماضي”

“تفاصيل شاملة عن الجوف وكيف بقيت طيلة تاريخ الجمهورية ”

لمحة عامة عن محافظة الجوف:

الجوف* [1]هي محافظة يمنية تقع إلى شمال شرق العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحدود (143) كيلو متراً، وتتصل المحافظة بمحافظة صعده من الشمال الغربي، وأيضا بصحراء الربع الخالي والمملكة العربية السعودية من الشمال، أجزاء من محافظتي مأرب وصنعاء من الجنوب، ومحافظة عمران من الغرب.

تتربع محافظة الجوف على  المرتبة الأولى على مستوى المحافظات اليمنية الشمالية، والرابعة على مستوى المحافظات اليمنية شمالا وجنوبا، من حيث مساحتها الجغرافية، إذ تأتي مباشرة بعد محافظات إقليم حضرموت الثلاث” حضرموت والمهرة وشبوة” بمساحة  إجمالية تقدر ب39496.33 كيلومتر مربع أي حوالي % 7.2 من إجمالي مساحة اليمن(1)[2]، وتتبع إداريا لإقليم سبأ في التقسيم الفيدرالي المعتمد في مسودة الحوار الوطني، تتكون الجوف من 12 مديرية هي الحزم والغيل والخلق(الروض) والمصلوب والمتون وخب والشعف والزاهر والمطمة والحميدات وبرط العنان وبرط رجوزة ومديرية المراشي وعاصمتها الإدارية هي مدينة الحزم. وتحتل الجوف أهمية كبيرة في الخارطة الجيوسياسية لليمن كونها تمتلك أطول شريط حدودي بري مع المملكة العربية السعودية في شمال اليمن، الشريط الذي يمتد من قرب منفذ البقع بمحافظة صعدة إلى قرب منفذ الوديعة بمحافظة حضرموت، مع العلم أن الجوف نفسها  رغم أنها تمتلك الشريط الحدودي الأطول في شمال اليمن مع السعودية العربية إلا أنها لا تمتلك منفذ حدودي بري معها، كما أن للجوف أهمية اقتصادية كبيرة كونها من أهم المحافظات التي تملك الأراضي الزراعية والصالحة للزراعة  وتساهم بنسبة كبيرة من إجمالي الإنتاج الزراعي لليمن، إضافة إلى أنها_ وبحسب ما ذكر في العديد من التقارير الجيولوجية الدولية والمحلية التي تم تداولها بشكل كبير في مرحلة ما بعد ثورة فبراير_ تمتلك مخزون نفطي هائل، أو بحسب التعبير الدارج في وسائل الإعلام تعوم على بحيرة من النفط وقد بالغت بعض التقارير لتقول أن المخزون النفطي في الجوف هو الأكبر على مستوى الجزيرة العربية[3]، وبغض النظر عن صحة هذه التقارير من عدمها خاصة وأنها لم تثبت في الواقع حتى الآن إلا أن الجوف ستكون من أهم المحافظات اليمنية على الصعيد السياسي والاقتصادي في المستقبل.

1- الطبيعة الجغرافية والأهمية التاريخية للمحافظة.

تتنوع التضاريس الجغرافية لمحافظة الجوف بين الجبلية والصحراوية والسهلية، تستحوذ المديريات الصحراوية على النسبة الأكبر 85% من إجمالي مساحة المحافظة[4]، 70% منها تتربع عليها مديرية خب والشعف شمال المحافظة، في الوقت ذاته تستحوذ المديريات الجبلية على النسبة الأكبر من عدد السكان الذي يبلغ وفق إحصاء العام 2010م 532,000 نسمة، يعيشون في تجمعات سكانية متناثرة بمعدل كثافة سكانية منخفض نسبيا يصل إلى 13نسمة/ك م2. [5]

وأبرز ما يميز المحافظة هو إرثها التاريخي ومعالمها السياحية التي تعود إلى المراحل المبكرة للتاريخ اليمني القديم، حيث كانت المنطقة الجغرافية التي تتربع عليها محافظة الجوف حالياً هي المناطق التي قامت عليها وتأسست فيها وانطلقت منها توسعات  مملكة معين التاريخية، التي يعتبرها المؤرخون أول دولة نشأت في الجزيرة العربية، وتقع عاصمتها السياسية ومركزها الإداري التي عرفت ب” مدينة قرناو” في قلب محافظة الجوف، بينما تتناثر في مناطق مختلفة من المحافظة عشرات المدن والمعالم والشواهد الأثرية  المكتشفة والغير مكتشفة[6]، وهذا الإرث التاريخي هو ما منح اسم محافظة الجوف مكانة لائقة في الكتب والأبحاث والمؤلفات التاريخية العربية والأجنبية، فقد زارتها العديد من البعثات التاريخية العربية والأوربية في مراحل مبكرة خلال القرنين التاسع عشر والقرن العشرين الميلاديين، ودونت العديد من هذه البعثات نتائج زيارتها للمناطق التاريخية في الجوف وتحدثت عن نقوشها التاريخية بشكل مسهب في الكتب والمراجع التي نشرت خلال القرنين الماضيين.

  • الوضع الإقتصادي للمحافظة:

تعتبر الجوف أو _كانت تعتبر_ من المحافظات التي يعتمد اقتصادها المجتمعي على الزراعة وتربية الحيوانات، وتشكل المحاصيل الزراعية التي تنتجها الجوف ما نسبته (4.9%) من إجمالي الإنتاج الزراعي في الجمهورية[7]، ومن أهم محاصيلها الزراعية الحبوب والخضروات والفواكه والأعلاف، كما تمتلك المحافظة ثروة حيوانية هائلة، حيث أن غالبية سكان المناطق الصحراوية من البدو الذين اعتمدت حياتهم بشكل أساسي منذ القدم على الرعي وتربية المواشي.

وعلى الصعيد الإقتصادي كانت محافظة الجوف بحسب البيانات الحكومية خلواً من أي مصادر للدخل ولا تمتلك أي موارد محلية، وفيما يتعلق بمصادر إيرادات محافظة الجوف، وفقا لموازنة السلطة المحلية للعام 2014م، فقد مثلت المنح والدعم المركزي 99% تقريبا من اجمالي الموارد العامة للمحافظة، في حين مثلت الموارد المحلية للمحافظة ما يقرب من 1% فقط[8]. وقد كان الوضع أكثر سوأ من ذلك ما قبل العام 2010م، إذ كانت الموارد العامة للمحافظة تعتمد على الدعم المركزي بنسبة 100%، وقد كان في مجملة عبارة عن رواتب ونفقات تشغيلية للمؤسسات تذهب إلى المسؤولين عنها، في ظل عشوائية كبيرة وعدم وجود أي صورة من صور العمل المؤسسي[9].

ويبلغ معدل الفقر في محافظة الجوف بحسب مسح ميزانية الأسر المعيشية لعام 2014م (55.4%) من عدد السكان في المحافظة، تجدر الإشارة إلى أن تراجع الوضع الاقتصادي في المحافظة نتيجة استمرار المواجهات المسلحة فيها قد أدى إلى تزايد هذه النسبة بشكل كبير خلال السنوات الماضية.[10]

3- الحياة الاجتماعية والطبيعة الديموغرافية للمحافظة:

تعيش في محافظة الجوف مجموعة كبيرة من القبائل  المتفرقة التي تعود اصول الغالبية منها إلى قبيلتي دهم وبكيل اليمنيتين الشهيرتين، وتشتهر قبائل الجوف باسم “دهــــــم” (بكسر الدال وفتح الهاء) وقبيلة دهم كما تعرفها الموسوعة الحرة هي قبيلة عربية من قبائل همدان تسكن قبيلة دهم في جنوب الجزيرة العربية في اليمن في محافظة الجوف ويحمل بعض أبناء قبيلة دهم الجنسية السعودية والقطرية، وقد لُقبت ب(دهم الحمراء) أو (دهم شرابة الدم) وقد قيل ان سبب التسمية هو لكثرة الحروب التي خاضتها وشراسة رجالها في خوض المعارك والغزوات*،[11]ويتوزعون في جميع مديريات الجوف والبوادي المتناثرة في صحراء الربع الخالي والمنطقة الحدودية المتاخمة للملكة العربية السعودية، كما يعيش في المحافظة العديد من التجمعات السكانية المهاجرة وهم غالبا المزارعون والتجار وأصحاب المهن المختلفة[12].

وقد بقيت طبيعة الحياة الاجتماعية في محافظة الجوف طيلة ستين عاما من عمر الجمهورية كما كانت قبلها تسير على خط مستقيم في منحنى التطور الاجتماعي إذ لم تشهد أي تغيرات أو تطورات لافتة، حيث بقي المجتمع الجوفي عبارة عن قبائل شبه بدوية متفرقة ومتناثرة تتبع نظامها الاجتماعي القديم الذي يستند الى الأعراف والأسلاف القبلية المتوارثة، وبقيت علاقة القبائل في المحافظة في تقاطع مستمر مع الدولة ومؤسساتها، كما بقي المجتمع طيلة تاريخه متنافراً مع الثقافة المدنية والثقافة المؤسسية، وبقيت القبائل تعيش حياتها بطريقتها الخاصة بين الحرب والسلام، بين الموادعة مع بعضها البعض أحيانا والصراع المستتب أحياناً أخرى، و تراوح مكان وسط بين الخوف من الدولة والرغبة في تحقيق الرفاه الاجتماعي المناسب في ظلها[13]. ومع ذلك بقي المجتمع الجوفي عالقاً في نقطة البداية ولم يتمكن من تحقيق أي تغير او تطور في طريقة حياته فغالبية المجتمع بقي يعاني من صعوبة الحياة في ظل الانعدام التام لتوفر الخدمات العامة، وظلت النسبة الأكبر من أبناء المجتمع تعيش تحت خط الفقر، وتعتمد على الزراعة والرعي وريع الأراضي الزراعية، والأكثر حظا منهم اتخذوا الغربة والعمل في البلدان المجاورة سبيلا للحياة، فيما استحوذت النسبة المتبقية على الوظائف الحكومية والعامة، وهي نسبة قليلة جدا. [14]

الجدير بالذكر أن ثمة فروق يجب الانتباه لها ونحن نتحدث عن المجتمع الجوفي بشكل عام، فالمجتمع الجوفي في المديريات الصحراوية والسهلية وهي التي تمثل النسبة الأكبر من جغرافيا المحافظة هو ما نركز في الحديث عنه هنا، أما المجتمع الجوفي في المديريات الجبلية فقد كان أقرب في حياته إلى المدن والمحافظات المتطورة، فقد انخرط أبناءه في الدراسة والتعليم في أوقات مبكرة، وانخرطوا في الحياة المدنية وشغلوا وضائف عامة وخاصة وفقاً لتخصصاتهم، ولم تبقى حياتهم معتمدة على الزراعة والرعي بشكل أساسي كما هو الحال مع المجتمع في المديريات الصحراوية[15]، ويعود السبب في ذلك إلا أن المديريات الجبلية كانت أقرب إلى الحياة الاجتماعية في العاصمة ودخلت الحياة المدنية خلال البدايات الأولى للجمهورية اليمنية، وشهدت اهتمام لا بأس به من الحكومات المتعاقبة.

وعرف عن المجتمع الجوفي البساطة والمكارم القبلية الأصيلة، مثل إيواء الجار ونصرة الضعيف وحماية المستجير بهم والذود عنه حتى لو كان من ألد أعدائهم وأشد خصومهم، كما تميز أبناء قبائل الجوف بالكرم والمروءة والشجاعة التي توارثوها ضمن المبادئ الأخلاقية الأصيلة للمجتمعات العربية، ويحتكم الرجل في الجوف لقبيلته ويندمج فيها ويلغي فرديته لمصلحة الجماعة كما كان في المجتمعات العربية القديمة، فلا يعرف الرجل في الجوف بنفسه فقط بل بقبيلته والاعتداء عليه اعتداء على القبيلة، ويحسب أي  اعتداء من الفرد اعتداء من القبيلة أيضا، ولكل قبيلة أراضيها وحدودها ومفاخرها وأنسابها التي تعتد بها وبها تفاخر، تماماً كما كانت القبائل العربية القديمة باستثناء اختلافات طفيفة.[16]

وللنساء والأطفال في الجوف مكانة كبيرة ومرموقة لدى قبائل الجوف، فتحرم بل تجرم القوانين والأعراف القبلية المتوارثة الاعتداء أو التعرض للنساء والأطفال مهما كان السبب في الحرب أو في السلم، حتى في صراعات الثأر أيضاً، ويلحق العار والنبذ بمن يخالف هذه الأعراف وتتبرئ منه قبيلته بل تعاقبه على ذلك،  وتثبت المكانة المرموقة للنساء في الأعراف القبلية في الجوف، أن المرأة إذا أجارت عدواً لأي سبب كان فإن الأعراف القبلية تحرم على أي أحد التعرض له أو الاعتداء عليه حتى يبلغ مأمنه[17]، ولم تكن المصاهرات تمتنع بين القبائل حتى في أشد عداوتها.

والصبي في عرف القبيلة في الجوف لا يغرم ولا يحمل وزراً مع القبيلة، ويظل كذلك حتى يبلغ مبلغ الرجال، وحين يصبح كذلك فإن أول ما يدخله ضمن حسبة الرجال أن يحمل السلاح، فيكون أول ما يمتلكه في حياته كرجل هي البندقية، ويقال للصبي الذي بلغ مبلغ الرجال وحمل سلاحه “أنه تبندق” أي تنكب بندقيته وهي دلالة على أنه أصبح فردا فاعلا في القبيلة[18].

والمجتمع الجوفي البدوي بأكمله مجتمع مسلح، مثله مثل غالبية المجتمع اليمني لكن الفرق هو أن الرجل القبلي في الجوف يظل حاملا سلاحه كظله، لا يتركه إلا وقت نومه، ولعل هذا بسبب البيئة العدائية التي يعيشون فيها، ويعتبر السلاح في المجتمع الجوفي من علامات الشرف والعزة والمنعة، ومن لا يحمل السلاح يسمونه “جلاد”[19] ويحرم الاعتداء عليه أو التعرض له، لكن ينظر اليه بدونية وازدراء.

وبخصوص الانتشار الكبير للسلاح في الجوف فقد حاولت الدولة في مراحل متأخرة نسبياً إبان حكم الرئيس صالح أن تسن بعض القوانين واللوائح التي تمنع حمل السلاح في الأسواق وتجرم عملية البيع والشراء العلنية للأسلحة في الأسواق، لكن هذه الجهود المتأخرة لم تفلح إلا في منع بيع وشراء الأسلحة في سوق المحافظة ولفترة وجيزة جدا لا تتجاوز العام[20].

وفي هذا السياق هناك إضافة طريفة ولافتة أعتقد أن من واجبي كباحث إيرادها هنا، وهي أن ذخيرة البندقية أو الرصاص كانت في الجوف طيلة تاريخها تعتبر بديل للعملة، او عملة محلية يتعامل بها الناس في البيع والشراء في أسواق، فكان في وسع الرجل الذي تعوزه النقود أن يشتري مصروفه من السوق بمقابل من ذخيرة بندقيته، حيث لكل نوع من الذخيرة قيمة محددة ومتعارف عليها، ثم يقوم التاجر لاحقاً باستبدال هذه الذخيرة بالنقود من خلال بيعها لتجار السلاح المتناثرين في دكاكين مخصصة على امتداد السوق، وهذا يعتبر نظام تبادل تجاري فريد انفردت به أسواق محافظة الجوف والمحافظات المجاورة لها التي تتشارك معها الخصائص الديموغرافية و الاجتماعية، وبقدر غرابة هذا النظام النقدي فإنه يشير إلى الأهمية  والمكانة التي تمثلها الأسلحة في حياة هذه المجتمعات، و للأسف فقد انتشر هذا النظام في التبادل التجاري بعد الحرب في جميع محافظات الجمهورية اليمنية[21].

الجوف في عهد الحكومات اليمنية المتعاقبة التي تلت ثورة سبتمبر:

رغم أهمية الجوف اقتصاديا وسياحيا إلا أن المحافظة بقيت وعلى مدى خمسة عقود تتذيل قائمة محافظات الجمهورية اليمنية على مستوى الاهتمام الحكومي، ومستوى البنية التحتية التنموية والخدمية، ولم يكن لها أي ذكر في برامج وخطط الحكومات اليمنية التي تعاقبت في الدولة اليمنية منذ إندلاع ثورة 26 سبتمبر1962م وقيام الجمهورية اليمنية حتى إندلاع ثورة الشباب 2011م, ومن قبل قيام الجمهورية أيضا لم يكن لها أي أهمية تذكر في قاموس دولة الأئمة اللهم إلا في دفاتر جباية الزكاة وسهم آل البيت من ثروتها الزراعية، التي يتداول أبناء الجوف أنباء عنها أن ريع مزارع الجوف ووديانها كانت تحمل إلى صنعاء في عهد الأئمة على متن قوافل الإبل، بينما كان أبناء المحافظة يعانون من المجاعات في أغلب الأوقات[22].

إن الجوف باختصار محافظة حصرت بين الرمال الشاسعة والجبال الشاهقة، فهي لو جاز لنا أن نستعير تشبيها من الثقافة الأدبية الحديثة لقلنا إنها مثل فتاة باذخة الحسن ارتدت أسمال الرهبانية في عز فتوتها فأصبحت عجوزاً على رغم بتوليتها، فلا هي عرضت حسنها ولا أحد منحها اهتماماً، أما تاريخ الجوف الحديث فلو تم وصفه باختصار شديد، فهو السكون العظيم قبل العواصف المتتالية، إنه تاريخ بقي في نقطة عمياء ومسار مستقيم تحت الصفر طيلة عقود، ثم أنتبه فجأة  متأخرا جدا ليصبح النقطة الأكثر وهجا في المنحنى البياني لتقلبات التاريخ اليمني الحديث، ولتوضيح ذلك فالجوف بقيت في سجلات الدولة اليمنية الحديثة محافظة من محافظات اليمن، لكنها لا تشهد مطلقا أي حضور للدولة لا على المستوى الأمني ولا العسكري ولا الإداري، فقد تركت محمية مسورة بالخوف والعزلة، يدير أبنائها شؤونهم بأنفسهم, فيخوضون صراعا مع أنفسهم حين يحلو لهم ذلك، وعلى أي سبب يعتقدون أنه يستحق ان يقيمون من أجله حرب، سواء كان نزاعا على بئر ماء أو مشادة على أرض خصبة تصلح للمرعى أو تنافسا على الإستفادة من واديا لسيول الأمطار التي تأتي من الجبال كل عام لتسقي أراضي المحافظة, وتشق مجاريها بين قبائلها المختلفة[23]. ولم تكن الدولة اليمنية والحكومات في عهد الجمهورية ولا قبلها لتهتم حين تسمع عن حرب شعواء تدور رحاها بين قبيلة وأخرى، أو قيل إنها كانت تهتم لكن ليس لتبحث عن طريقة لإيقاف الحرب بل تهتم بالبحث عن طريقة لإشعالها مرة أخرى إن انطفأت فجأة.

ذكرت تقارير ودراسات إعلامية كثيرة أن الحكومات اليمنية المركزية ولا سيما سلطة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كان لها يد طولى في إبقاء المحافظة تتقلى في نار الحروب القبلية والصراعات الثأرية، وقد فعلت ذلك بدعم كل قبيلة ضد الأخرى[24]، وهذا بطبيعة الحال لم يكن سراً فقد كان زعماء القبائل في المحافظة يعرفون ذلك، ويتحدثون عن ذلك مباشرة بدون تلميحات، وقد اتهم بعض مشائخ القبائل في الجوف الرئيس صالح بتأليب القبائل على بعضها البعض لأهداف سياسية ولتدمير المحافظة وقبائلها، ويتداول أبناء المحافظة حد اليوم نكتة عن أن زعيمين لقبيلتين متحاربتين من قبائل الجوف التقيا صدفة في مخازن السلاح التي وجه صالح لهما بأخذ الأسلحة منها، واستغربا حين عرفا أن الدولة كانت تدعمهما جميعا في حربهما الثأرية المستمرة منذ أعوام”.

ويؤكد محللين وخبراء أن الحكومة في عهد الرئيس صالح كانت حريصة على أن يبقى الوضع في محافظة الجوف غير مستقر، أما الهدف من ذلك، فلا أحد يدري،  لعلها كانت حسابات متباينة بين أطراف السياسة في اليمن حينها، ولعلها أيضا كانت حسابات متباينة بين صنعاء والرياض فيما يخص اكتساب ولاء القبائل في الجوف  ونفوذ وجهائها، فربما كانت صنعاء تهدف لإبقاء الجوف بعيدا عن اي حضور للدولة لعدم إثارة حفيظة الرياض، التي لم تكن ترغب أن ترى حضورا لدولة يمنية قوية، على الأقل ليس قريبا جدا من شريطها الحدودي وليس في منطقة صحراوية لا تؤتمن تقلباتها[25]، وربما كان السبب أن الرئيس صالح كان يخشى من القوة التي تمثلها القبائل في محافظة الجوف في حال توحدها، أو إعلان ولائها لطرف من أطراف السياسة اليمنية التي كانت تشهد نزاعا محموما منذ بداية الألفية الثانية، ولهذا فقد كان حريصا على إشغالهم بالصراعات البينية بدعم كل قبيلة ضد أخرى[26].

هكذا فقد بقيت محافظة الجوف والمركز الإداري لها خلواً من حضور حقيقي للدولة، وللقوة الأمنية للدولة، وهو ما أنعكس أثرة على العمل المؤسسي الذي كان مغيبا بشكل كامل في جميع المؤسسات الإدارية والخدمية في المحافظة، فبقيت المؤسسات الحكومية في محافظة الجوف مجرد مباني مفرغة وأحياناً تحولت إلى مباني سكنية للمهاجرين، وكان مسؤولين المؤسسات الحكومية في السلطات المحلية المتعاقبة للمحافظة، يمارسون مهامهم من منازلهم وبطريقة عشوائية(24)، بينما كان المحافظين ومسؤولين السلطة المحلية الذين تعينهم الحكومة على المحافظة، يمارسون مهامهم من منازلهم في صنعاء، وكان أبناء المحافظة يضطرون للسفر إلى صنعاء للبحث عن مسؤوليهم لإتمام معاملاتهم الرسمية المهمة[27].

 المشكلات والظواهر الاجتماعية السلبية التي اشتهرت بها الجوف:

تعد المشكلات الاجتماعية التي بقيت منتشرة في محافظة الجوف، من أبرز مسببات الركود التنموي والوضع المتردي الذي ظلت المحافظة تعايشه طيلة تاريخها، إذ أن تفشي ظاهرة الثأر والصراعات القبلية والتناحرات المجتمعية إضافة إلى ظاهرة التقطعات وانتشار عصابات السلب والنهب في الطرقات والخطوط الرئيسية التي تربط المحافظة بالمحافظات الأخرى وبالمنفذ الحدودي، وغياب الرادع المجتمعي والقانوني، كل ذلك منح محافظة الجوف صورة نمطية شائهه في نظر النظام السياسي والحكومة وفي نظر المواطن اليمني..[28].[29].[30]

وقد شهدت محافظة الجوف حروب وصراعات ثأرية طويلة الأمد بين قبائل الجوف مع بعضها البعض وبين قبائل الجوف وقبائل المحافظات الأخرى، وذلك ما تسبب بتضييق آفاق وتطلعات المواطن الجوفي الذي لم يكن يشعر بالأمان في محافظته، ولا يشعر بالأمان في المحافظات الأخرى[31]، ووصل الأمر ببعض المواطنين من أبناء محافظة الجوف إلى عدم القدرة على مغادرة حدود قبيلتهم كي لا يذهب أحدهم ضحية لخلاف ثأري قديم، أو يقتل بالاشتباه والخطأ من أفراد القبائل الأخرى.[32]

ولم تتمكن محافظة الجوف طيلة ستين عاما من تاريخها من التخلص من الثقافة الاجتماعية السائدة بسلبياتها و إيجابياتها، فقد بقيت المحافظة وأبنائها تعاني من انتشار المشكلات والظواهر الاجتماعية السلبية[33]، إضافة إلى معاناتها من الغياب الكلي لسلطة القانون والأجهزة الأمنية[34]، و ذكرت تقارير أن محافظة الجوف لم تشهد أي حضور حقيقي لسلطة الدولة إلا في العام 2016م بعد تحرير المحافظة من مليشيا الحوثي على يد قوات الجيش الوطني[35]، وإمساك السلطة المحلية المكونة من أبناء المحافظة بزمام الأمور وبدأ تفعيل مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية والقضائية، فقد شهد العام 2018م افتتاح أول محكمة ابتدائية في تاريخ المحافظة لحل الخلافات والمنازعات، وشهدت قبول واسع لدى أبناء المحافظة، كما كانت السلطة المحلية في العام 2016م قد قامت بتفعيل المؤسسة الأمنية التي مارست دورها في الضبط والتأديب، إضافة إلى وجود المؤسسة العسكرية المتمثلة بالمنطقة العسكرية السادسة التي ساهمت في التمهيد لحضور الدولة.[36]

التنمية والبنية التحتية في المحافظة طيلة الفترة.

كانت محافظة الجوف تقف دائما في ذيل ترتيب المحافظات اليمنية في مؤشرات ومقاييس التنمية المختلفة، ولم تشهد أي ارتفاع لمؤشرات التنمية البشرية طيلة تاريخها، بل كانت المؤشرات التنموية تزداد هبوطاً كل عام[37]، كما طغت العشوائية على كافة مظاهر الحياة ومجالات التنمية المختلفة وغياب المدنية والعمل المؤسسي, وانتشار الفقر بين مختلف شرائح المجتمع، إذ كان مستوى الدخل السنوي للفرد في الجوف هو الأدنى من بين كل محافظات الجمهورية اليمنية[38]، وفاقم ذلك الانتشار الكبير لمعدلات البطالة في ظل الانعدام شبه التام لفرص العمل[39]، و قد انعكست آثار الغياب التنموي والفقر على أسلوب حياة المجتمع، فقد كانت من اهم الأسباب التي  أدت إلى شيوع المظاهر الاجتماعية السلبية بداية من الثأر وليس انتهاء بثقافة السلب والنهب والعدائية[40].

افتقرت محافظة الجوف بشكل كامل لأي بنى تحتية فعلية، أو أي مشاريع تنموية حقيقة، أما تلك المشاريع التي كان يتم إنشائها فقد كانت تغلق مباشرة بعد الانتهاء من افتتاحها، ولم تكن الجوف بحسب ما تداولته التقارير والدراسات إلا محافظة صحراوية بدائية لا وجود لأي مظهر من مظاهر التنمية[41]. إذ كان المجتمع فيها يعيش في حيز البداوة ويتركز وجوده في البوادي والقرى والصحراوية، وكانت الأسواق التجارية فيها موسمية وأسبوعية على النمط الفلكلوري القديم للأسواق الشعبية اليمنية ولا توجد فيها مشاريع ومؤسسات اقتصادية وتجارية كبيرة على غرار بقية المحافظات الأخرى[42].

بل أن مدينة الحزم عاصمة المحافظة لم تكن فعلياً مدينة، إذ كانت تفتقر لكل المقومات التي تقوم عليها المدن الحديثة، وكانت حتى العام 2010م أشبه بقرية معزولة[43]، وكان سوق الحزم عبارة عن سوق اسبوعي يقام يوم الأحد من كل أسبوع، ويعتبر الجزء الأكبر منه عبارة عن سوق لبيع وشراء الماشية والجزء الآخر أشبه ببازار تقوم فيه النساء المنتجات ببيع المشغولات اليدوية من منسوجات فلكلورية ومطرزات وبخور ومواد زينة محلية الصنع، وكانت المحلات التجارية الطينية الصغيرة تتناثر على جانبي ارض السوق الترابية وكان يطلق عليها دكاكين وكانت أشبه بالحوانيت في أسواق العصور الوسطى[44]، وقد أتيح لي أول زيارة لمدينة الحزم في العام 2003م، ولا أنسى دهشتي من البساطة البدائية التي كانت تعيشها مدينة الحزم، بمنازلها الطينية السامقة المتراصة بجانب بعضها، وزقاقاتها الممتدة التي توحي بفطرية وبساطة المجتمع هناك، فما رأيته لم يكن مطلقاً يشبه مدينة حقيقية بل قرية قديمة مهملة تعيش في منتصف الصحراء، ويشقها خط أسفلتي يتيم لا تكاد ترى فيه حركة مرور، إلا في أوقات الصباح [45].

كانت الحزم تحتوي على مطعم شعبي صغير، وقهوة أو لوكاندة أو استراحة متواضعة تقدم خدماتها للمسافرين، وباستثناء بعض المحلات التجارية ومكتبة صغيرة” تبيع القرطاسية ومستلزمات الدراسة وترتص على واجهتها بعض الكتب الدينية ومجلدات التفسير والفقه”، واستديو لبيع التسجيلات الصوتية ” ترى على واجهته نسخ من أشرطة الكاسيت الحديثة للفنان الشعبي “أبو عسكر” والفنان المهري “محمد مشعجل” وأشرطة كاسيت لفناني الخليج المشهورين  إضافة إلى سوق القات الذي يزدحم نهاراً بالمتسوقين من مختلف المديريات والمناطق القريبة، ويتحول ليلاً إلى مأوى للكلاب الضالة، لم يكن في مدينة الحزم ثمة ما يشير على كونها مدينة، بل ما يشير على كونها عاصمة إدارية لإحدى أكبر المحافظات اليمنية.

أما المؤسسات الحكومية ومبنى السلطة المحلية للمحافظة التي بنيت على نفقة دولة الصين الشعبية في الثمانينات أو التسعينات فقد كانت تتربع على مساحة شاسعة في منطقة خالية على تخوم مدينة الحزم، وكانت تبدوا من بعيد أشبه بكونها وكر أشباح في ظل خلوها من أي موظفين أو مراجعين،[46]

بخصوص الخدمات المدنية من كهرباء وشبكات مياه وشبكات الصرف الصحي فقد كانت في وضع متردي ويقتصر توفرها على مدينة الحزم فيما يخص الكهرباء فقد كانت تعتمد على مولدات كهربائية وفرتها الحكومة، وكانت تصل إلى مدينة الحزم والقرى المجاورة لها فقط وتغطي ما نسبته 1% من إجمالي المنازل في المحافظة، وتوفر خدمة الكهرباء لمدة 10 ساعات يوميا تبدأ من الساعة الخامسة عصراً حتى الفجر[47]، أما شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي فكانت معدومة في المحافظة بشكل كامل[48].

وسنستعرض وضع بقية المظاهر التنموية في المحافظة من تعليم وصحة ومؤسسات مجتمعية في الفصل التالي من الورقة الذي يسلط الضوء على التغيرات التنموية والاجتماعية في المحافظة بعد العام 2016م.

الجوف والتغيرات السياسية والاجتماعية بعد ثورة 2011م.

كانت محافظة الجوف من بين المحافظات التي وصلت إليها رياح الثورة في العام 2011م، وكما هو الحال مع بقية المحافظات فقد شاركت العديد من شرائح ومكونات المجتمع الجوفي في الاحتجاجات والمظاهرات التي رافقت فعاليات الثورة، وعلى الرغم من كون المجتمع مسلح إلا أنه احتفظ بالوسائل السلمية للثورة، فأقام مخيمات اعتصام في مركز المحافظة، ورفعت اللافتات المطالبة بتغيير النظام وإصلاح الأوضاع.[49]

·     التغيرات السياسية والاجتماعية:

يمكن القول أن ثورة 2011م كانت أول حجرة حركت ركود الوضع السياسي والاجتماعي والتنموي في محافظة الجوف وأسفرت عن تحولات وتغيرات كثيرة شملت كافة مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية سلباً وإيجاباً[50]، ودفعت الجوف إلى مقدمة المحافظات اليمنية في الاهتمام والمتابعة لتغيرات وتحولات الأحداث التي شهدتها المحافظة، فقد شهدت محافظة الجوف في مراحل مبكرة من العام 2011م بل من قبل ذلك في العام 2009م أول مواجهات بين القبائل ومليشيا الحوثي، وأسفرت التغيرات التالية لها عن تصدر نخبة مجتمعية من أبناء محافظة الجوف أصبح لهم تأثير سياسي واجتماعي في الشأن اليمني.[51]

ومثلت ثورة فبراير 2011م نقطة تحول في مستوى الوعي السياسي لدى أبناء محافظة الجوف فقد ازدادت مشاركتهم في النشاط السياسي والانخراط في الأحزاب السياسية، والحديث والمناقشة المستمرة عن الأحداث السياسية في اليمن والعالم ومجريات الربيع العربي ونتائجه وتأثيراته.[52]

في الوقت ذاته بدأت جماعة الحوثي بتسليط أنظارها إلى محافظة الجوف كامتداد مثالي لمطامعها التوسعية، فبدأت تعد العدة للتوغل في جغرافيا المحافظة، وهو الأمر الذي جابهته قبائل المحافظة بشدة وحزم، وشكلوا سياجاً من المقاومة أمام المد الحوثي، واندلعت مواجهات شرسة بين الطرفين في مناطق واسعة شمال وغرب المحافظة[53]، واستطاعت القبائل في محافظة الجوف من تناسي وتهميش خلافاتها البينية لمواجهة العدو المشترك وهو جماعة الحوثي، وأسفرت المواجهات التي استمرت ما يقارب العامين عن تحقيق توازن للقوى في المحافظة[54]، فمن جهة تمكنت مليشيا الحوثي من بسط هيمنتها على بعض المديريات التي كانت تمتلك فيها حاضنة شعبية وامتداد مذهبي، وهي المديريات المتاخمة لمحافظة صعدة وأجزاء من مديرية الغيل غرب المحافظة، ومن جهة أخرى حافظت القبائل على بقية المديريات تحت سلطة الدولة حتى العام 2015م.[55]

وخلال الفترة من العام 2011م حتى العام 2014م، مثلت قبائل محافظة الجوف أكبر سند للدولة اليمنية التي كانت تواجه هجوم على كافة المستويات من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية[56]، فقد ترسخ في عقل المجتمع الجوفي خلال الفترة أهمية الدولة، ويعود الفضل في ذلك إلى الأحزاب والمكونات السياسية المناهضة لمليشيا الحوثي، التي استطاعت بناء حاضنة مجتمعية للدولة لدى قبائل محافظة الجوف، وكرست الوعي السياسي لدى أبناء القبائل الذين أدركوا مبكرا خطورة مطامع مليشيا الحوثي وهدفها للقضاء على الجمهورية والإنقلاب على مؤسسات الدولة[57].

وبالرغم من أن المجتمع القبلي في محافظة الجوف كان ينظر اليه من قبل الحكومات اليمنية التي تعاقبت طيلة حكم الجمهورية اليمنية على أنه من أبرز العراقيل التي تقف كعائق امام حضور الدولة في الجوف، إلا أنه وخلافا للمتوقع كان أهم حاجز ومدافع عن كيان وهيكل الدولة في الوقت الذي بدأت تترنح فيه بفعل هجمات مليشيا الحوثي التوسعية[58]، فحين كانت مليشيا الحوثي الانقلابية تحاصر القوات المسلحة اليمنية في محافظة عمران، كانت قبائل الجوف أول القوى الوطنية التي تطوعت لمساندة قوات الجيش ضد مليشيا الحوثي في عمران[59]، هذا بالإضافة إلى خوضها معارك شرسة مع مليشيا الحوثي في مديريات برط والمتون ومديرية الغيل، ولم تتمكن مليشيا الحوثي فعليا في الوصول الى مركز محافظة الجوف والسيطرة عليه لأول مرة إلا في منتصف العام 2015م.[60]

·     بداية مطامع الحوثي في الجوف بعد ثورة فبراير 2011م:

 

في الوقت الذي كانت فيه جماعة الحوثي تشارك بقية المكونات المعارضة الاعتصام في ساحة التغيير بجامعة صنعاء ضمن فعاليات ثورة 11 فبراير، كانت حشود عريضة من عناصرها المسلحة تتجه في صمت من معقلها في صعدة نحو مديريات محافظة الجوف المتاخمة، لتعلن عن مطامع الحوثيين التوسعية ورغبتهم المبيته في الانقلاب على شركائهم في الثورة والإنقلاب على الجمهورية بشكل عام، وقد كانت الجوف وجهتهم الأولى وجبهتهم المبكرة التي فتحوها بالتعاون مع عملائهم وخلاياهم في المحافظة على أمل السيطرة على الجوف في الوقت الذي تنشغل فيه المكونات السياسية المساندة للجمهورية بالاحتجاجات ضد النظام في صنعاء، وهكذا كان الحوثيين يمارسون ازدواجيتهم المعهودة برفع شعارات التغيير والحرية في ساحة الجامعة في العاصمة صنعاء من جهة، ومن جهة أخرى يزجون بعناصرهم المدججة بالأسلحة للتوغل في عمق جغرافيا محافظة الجوف، حيث أملوا استغلال الفراغ الأمني في المحافظة وانشغال الأحزاب والمكونات الجمهورية بمعركتهم السياسية مع النظام في ميادين التغيير، وفعلا بدأت طلائع مليشيا الحوثي في التسلل من جبال سدباء شمال غرب المحافظة.

رياح القبائل في الجوف أتت بما لا تشتهي سفن مليشيا الحوثي، فقد وقفت الغالبية العظمى من قبائل الجوف صفاً واحداً أمام هجوم المليشيا، وبذلك أثبتت قبائل الجوف وبشكل لم يتوقعه أحد أنها سنداً للدولة وجيشاً للدفاع عن الجمهورية، فتطوع المئات من رجال القبائل مزودين ببنادقهم الخاصة واشتروا الذخائر والعتاد من مالهم الخاص، وتوافدوا لرفد وسد الثغرات التي بدأت تتسلل منها المليشيا، وهناك خاضوا أول معارك الجمهورية، وكونها معارك أولية فقد كانت مليشيا الحوثي تمتلك مخزوناً وافراً من الحشود، فاعتمدت استراتيجية الأنساق البشرية المتتالية في الهجوم، أما قبائل الجوف ونظراً لطبيعتها وخبرتها في القتال، فقد اتخذت موضع دفاعي معتمدة على استراتيجية الاستنزاف، واستطاعت فعلاً صد كل هجمات المليشيا في معارك يتحدث عنها من شارك فيها بأنها أشرس معارك حدثت في تاريخ اليمن.

لم تنتهي المعارك الأولى في الجوف إلا مع بداية التوافق بين المكونات السياسية في صنعاء بعد إزاحة الرئيس صالح وتعيين الرئيس هادي خلفاً له بموجب المبادرة الخليجية، ليشارك الحوثيين في حكومة الوفاق لفترة وجيزة قبل أن تتحد أهدافهم التوسعية مرة أخرى مع أهداف الرئيس صالح الانتقامية، ويقررون معاً الانقلاب على التوافق الوطني، وبدأ ما سموه بالمسيرة القرآنية، حينها عادت مليشيا الحوثي لمحاولة تحقيق تقدم في الجوف بالتزامن مع حصار عمران هذه المرة منطلقة من جبهة أخرى في مديرية الغيل غرب المحافظة، حيث يقطن غالبية أسر الأشراف الذين يشاركون مليشيا الحوثي مطامعها ويشاركونها عقديتها الطائفية، وهناك بدأت معارك أخرى أكثر ضراوة، ففي مقابل القبائل الجوفية المدافعة بإمكانياتها البسيطة كانت العناصر الحوثية المدربة والممولة ومعها عناصر من الحرس الجمهوري التابعين للرئيس صالح الذين دشنوا استراتيجية جديدة في المواجهة تعتمد على تكثيف القصف المدفعي ومقذوفات الهاونات لتمشيط كل مناطق المواجهة تدريجيا، ونظراً لضعف القدرات الدفاعية اللوجستية لدى القبائل، والحيز الضيق لميدان المعركة فقد استشهد العشرات من قوات القبائل المدافعة، وانتهت الحرب بسيطرة مليشيا الحوثي على كامل تراب مديرية الغيل، ونقطة الصفراء، فيما بقيت بقية المناطق في الجوف محايدة ومتاحة للطرفين، وقد حدث ذلك عقب سيطرة الحوثيين على عمران واستشهاد العميد القشيبي، ولم تندلع معارك أخرى في المحافظة حتى بداية عاصفة الحزم حيث لملمت القبائل شتات نفسها واتخذت إسم المقاومة الشعبية، ونقلت المعركة إلى منطقة “اليتمة” وهناك بدأت مواجهات عنيفة مع المليشيا بدعم من طيران التحالف العربي استمرت حتى السقوط الأول لمركز المحافظة في منتصف العام 2015م.

لم تستطع مليشيا الحوثي البقاء مسيطرة على مركز المحافظة إلا لفترة قصيرة لا تتجاوز الستة أشهر، فقد عادت قوات الجيش الوطني بعد أن تم تنظيمها وترتيبها وتدريبها، وأخرجت مليشيا الحوثي من المحافظة، وتم تحرير مركز المحافظة في العام 2016م، وبذلك بدأ أول حضور فعلي للدولة في محافظة الجوف، الحضور الذي سيمثل نقطة مفصلية في تاريخ المحافظة وينتقل بها نقلة نوعية على كافة المستويات طيلة أربع سنوات كانت أزهى وأرقى فترة شهدتها الجوف في تاريخها الحديث فدعونا نتعرف على الجوف في ظل الدولة.[61]

الفصل الثاني: الجوف في ظل الدولة

“تفاصيل المرحلة التي شهدتها الجوف في ظل سلطة الحكومة الشرعية منذ العام 2016م حتى العام 2020م”

“الجوف بعد العام 2016 فترة التطور والتنمية في ظل الدولة”.

في نهايات شهر ديسمبر من العام 2015م، وبعد غياب استمر ما يقارب ستة أشهر قضتها في الإعداد والترتيب والتجهيز، دخلت قوات الجيش الوطني الحكومية مسنودة بالمقاومة الشعبية مدينة الحزم  مركز محافظة الجوف[62]،وسط فرحة عارمة وابتهاج كبير من المواطنين، الذين أذاقتهم مليشيا الحوثي طيلة الأشهر الستة صنوف البطش والإهمال، ومع دخول قوات الجيش الوطني إلى مركز المحافظة[63] بدأت الجوف أول مرحلة حقيقية لحضور الدولة، وبدأت أول مشوار نحو الازدهار والتنمية التي تحققت طيلة السنوات التالية بداية من العام 2016م وانتهاء بالعام 2020م.

حيث تمكنت السلطة المحلية في محافظة الجوف التي أمسكت زمام الأمور، وتولت إدارة المحافظة خلال الفترة المذكورة من تحقيق تغيرات تنموية رغم أنها قد تبدوا للمتابع العادي بسيطة وعادية، لكنها بالنظر الى الماضي القريب لمحافظة الجوف فهي تمثل ما يمكن أن يسمى بوادر نهضة حقيقية وفعلية سيمتد أثرها للمستقبل، فقد شهدت المحافظة خلال السنوات الأربع من التطورات التنموية وتأسيس للبنية التحتية مالم تشهده طيلة خمسين عاما من عمر الجمهورية اليمنية[64]، فقد تمكنت السلطة المحلية -وهي أول سلطة محلية رئاستها وأعضائها من أبناء المحافظة- تمكنت من  تفعيل المؤسسات الحكومية بشكل كامل[65]، بعد أن كانت في الماضي مجرد مباني مفرغة لا تقوم بأي ممارسات فعلية في خدمة المحافظة، بل كانت أشبه بكونها ملكيات خاصة تتقاسم قبائل المحافظة أو بالأحرى بعض الشخصيات المحظوظة امتيازاتها وموازناتها[66]، باعتبارها مخصصات ومنح مالية من السلطة المركزية في صنعاء، وكانت المكاتب التنفيذية والمدنية معطلة بشكل كلي، بل أن المبنى الرئيسي للمحافظة كان مهجوراً منذ إنشاءه، فتحول في ظل السلطة المحلية خلال الأعوام المذكورة إلى شعلة من العمل والإنجاز المتواصل، وتم استقطاب الخبرات والكوادر من جميع محافظات الجمهورية وبذلك ترسخت أول صورة للعمل المؤسسي الفعال في محافظة الجوف[67]، وهذا يعتبر التغيير الأول الذي أسهمت به السلطة المحلية في الجوف وحقق نتائج إيجابية في الارتقاء بآليات وخطط العمل الحكومي بشكل أولي ثم مخرجاته بطبيعة الحال[68]، فقد تمثلت أهم مخرجاته في تدشين العمل التنموي في المحافظة الذي استمر بشكل يومي وحقق نتائج هائلة شملت كافة الجوانب.

أبرز عوامل  نجاح الحكم المحلي في الجوف خلال 2016م – 2020م:

ككل المحافظات المحررة تحت سلطة الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، منحت الإدارة المحلية في الجوف صلاحيات لابأس بها مقارنة بالصلاحيات التي كانت متاحة سابقاً[69]، وليست الصلاحيات المحلية بحد ذاتها هي المعيار لكنها إن منحت للإدارة الفاعلة فإنها تشكل فرقاً لا سيما حين يكون المسؤولون المحليون من نفس المحافظة، ووجود سلطة محلية من نفس أبناء المحافظة لم يحدث في الجوف إلا في العام 2016م حين تم تعيين اللواء امين بن علي العكيمي محافظاً لمحافظة الجوف[70]، و العكيمي هو من رجال القبيلة البارزين في الجوف وفي اليمن بشكل عام فهو من أبرز مشائخ قبيلة دهم وشيخا لمشائخ قبيلة بكيل التي تعد واحدة من أقوى تكتلين قبليين في اليمن هما حاشد وبكيل، وإضافة إلى مكانته القبلية فإنه من السياسيين المخضرمين في محافظة الجوف ويشغل مقعداً برلمانيا في مجلس النواب اليمني منذ العام 2003م ممثلاً عن حزب التجمع اليمني للإصلاح[71]، توافق عليه أبناء المحافظة بالأغلبية وتم تعيينه محافظاً لمحافظة الجوف بقرار رئاسي في بداية العام 2016م بديلا عن المحافظ السابق اللواء حسين العواضي، وخلال فترة سلطة الدولة على المحافظة تمكن من إدارة الملفين المحوريين لمحافظة الجوف بكفاءة عالية، وهما ملف الحرب مع مليشيا الحوثي وملف التنمية في المحافظة، وإن لم يكن يدير الملف الأول بشكل كامل إذ كان يشغل منصب قائد محور الجوف وقبله قائد للواء النصر العسكري وكليهما يتبعان المنطقة العسكرية السادسة لكنه كان الوجه الأبرز الذي يتصدر أغلب المعارك في المحافظة، ووصف من قبل الكثير من المتابعين بأنه يلهم المقاتلين الشجاعة إذ كان دائما يفضل قيادة المعارك من الميدان بنفسه، وقد تمكن في العام 2017م من النجاح في تحرير مديرية الغيل وصولاً إلى مديرية المصلوب بحملة عسكرية واسعة، وفي العام 2018م تمكن من تحرير كافة مناطق خب والشعف والتي تشكل مساحتها 70% من مساحة المحافظة، أما في الملف التنموي فقد حقق فيه النجاحات الأبرز، والتي سنستعرض جزأ منها لاحقاً.

ولم تكن شخصية العكيمي القيادية وحنكته السياسية التي أستطاع بها ترويض الديموغرافيا المتقلبة والصعبة للقبائل والمجتمع الجوفي بشكل عام هي العنصر الوحيد من عناصر القوة التي تمتع بها، فقد استطاع الموازنة بين القبيلة والمدنية دون إفراط أو تفريط، فلم يهمش دور القبيلة لحساب المدنية لأن ذلك صعب بالنظر إلى طبيعة الجوف ورسوخ عاداتها القبلية، لكنه في الوقت ذاته لم يترك لها صلاحيات تتمكن من خلالها تعطيل الأداء المدني والمؤسسية الحكومية، وبذلك استطاع أن يجعل القبائل أنفسهم من المؤيدين والمساندين للمدنية والمؤسسية وأبدوا تعاون شديد مع مؤسسات الدولة والالتزام باللوائح المدنية والدستورية التي تنظم أداء السلطة، وبهذه الاستراتيجية الحكيمة تمكن العكيمي من كسر اعتى عقدة في تاريخ الدولة اليمنية وهي عقدة الصدام بين القبيلة والمؤسسية.

ويفسر العكيمي رؤيته القيادية في حوار مع صحيفة إندبندنت في العام 2018م بقولة ” لقد اقتنعت القبيلة بأنّ القانون يجب أن يأخذ مجراه على الجميع وبسواسية. فنحن لا نريد دولتين داخل دولة، بل قلنا منذ البداية نحن نريد دولة. لكن ذلك لا يعني أن نقول للقبيلي اترك شهامتك أو كرامتك أو شجاعتك أو قيمك. نحن نريد أن نكون دولة، من دون دولة سنبقى دويلات، وقبائل متنازعة. فالقبيلي يريد دولة وهو سيبقى متمسكا بعادات وقيم القبيلة الحقيقية، القبيلة التي لا تخرج عن نطاق الدولة، حيث أكدنا أن القبيلة هي مكارم الأخلاق. أما ما يُنسب إلى القبيلة وليس منها ويقوم به السفهاء فهؤلاء لا يمثلون القبيلة ولا عاداتها”[72]وينطلق في رؤيته التنموية من منطلق مشاركته لإهتمامات وتطلعات أبناء الجوف الذي عايشها طيلة عمرة فيقول مفسراً رؤيته “أبناء الجوف أرهقتهم الفوضى، ويبحثون عن الدولة، ويحملون الدولة على ظهورهم” ويرى علاقة المؤسسية بالدولة بالعلاقة الانتمائية الاندماجية وفقا لضوابط ومحددات لا تتجاوزها ويفسر ذلك بقوله في الحوار ذاته” العلاقة بين الجيش والقبائل علاقة أسرة، العسكري هو ابن القبيلة، المواطن ابن القبيلة، ورجل الدولة هو ابن القبيلة، ابن القبيلة هو جندي الجيش، جندي الأمن، وهو الضابط والمسؤول والجندي لا فرق بين الجميع مادامت اللوائح الدستورية هي المعيار”[73].

العكيمي الذي يعرفه مرصد البرلمان اليمني بأنه من أبرز الشخصيات المجتمعية في اليمن التي جعلت الصلح والمقاربة بين القبائل على قائمة اهتماماتها منذ بداية مسيرته، لم يهمل دور القضاء والقانون في المحافظة فقد كان إنشاء محكمة في الجوف وتفعيل دور النيابة والسلطة القضائية ضمن أول الإنجازات التي قام بها، ويفسر اهتمامه بذلك بقولة للصحيفة ذاتها ” “الجهاز القضائي في المحافظة استطاع حل مئات القضايا في فترة وجيزة بعد التحرير، والنيابة أصبحت تقوم بدورها بكفاءة في هذه المحافظة التي كانت تُحكم سابقاً بالأعراف والعادات القبلية“، مضيفاً ” اليوم كلهم احتكموا إلى القضاء والنيابة بشكل لم نكن نتوقعه، ففي في الماضي، كنا نعتبر ذلك مستحيلاً. أصبح القاضي يبتّ القضايا الشرعية بكل سهولة، ويتجول في مناطق النزاع بسهولة، ومن دون أي تشديد أمني[74].

وبالإضافة إلى جهود وشخصية العكيمي فقد تظافرت جهود المجتمع الجوفي والعديد من رجال المجتمع في التمهيد لسلطة الدولة ومن أبرز الشخصيات التي أسهمت بدور فعال في هذا الصدد الشيخ الراحل محمد عبدالله كعوات، عضو شورى الإصلاح وأحد الوجاهات المجتمعية الدينية التي تحضي بقبول واحترام واسع بين مختلف شرائح المجتمع في الجوف، والشيخ سعيد عياش أحد الوجاهات الاجتماعية التي تحظى بالقبول والاحترام في المجتمع، وشخصيات أخرى كان لها دور بارز في مساندة جهود السلطة المحلية والدفع بالمجتمع الجوفي نحو تقبل الدولة والاحتكام لسلطة القانون.

وعلى الصعيد المؤسسي والإدارة المدنية برزت حكمة العكيمي في حسن اختياره للفريق الإداري في سلطته، ويعتبر متابعين للشأن الجوفي أن أبرز الكادر الإداري في السلطة المحلية في الجوف كان المهندس عبدالله الحاشدي وكيل المحافظة ومدير مكتب المحافظ، فالرجل كما يصفه الناشطين في محافظة الجوف، رجل دولة محنك ومجتهد ويقدس العمل ويسعى للإنجاز مهما كانت الظروف، وقد استطاع تجسيد رؤية المحافظ وتلبية تطلعات أبناء المحافظة بإتقان، واستطاع أن يرسخ الثقافة المؤسسية في دوائر السلطة المحلية في المحافظة بشكل لم تشهده المحافظة من قبل، وفعل مبدأ الرقابة والمحاسبة ومتابعة الالتزام الوظيفي في مؤسسات ومكاتب السلطة المحلية بالمحافظة واعتماد نظام البصمة الإلكترونية[75]، إضافة إلى ذلك لم يمر يوم تقريبا في الجوف إلا وكان الرجل يدشن فيه مشروعا أو يتابع أداء مؤسسة أو يزور منشئة حكومية أو يعقد اجتماعا في شأن ما[76]، ولعل أبرز ما يؤكد ذلك أنني خلال إعدادي لهذه الورقة وفي سياق البحث عن معلومات مفيدة عبر الإنترنت طالعني محرك البحث الإخباري في قوقل بما يزيد عن الألفين نتيجة بحث معظمها توثق أنشطة المهندس الحاشدي في المحافظة  التي تنوعت بين افتتاح او تدشين مشاريع  واجتماعات وزيارات ومتابعات لأداء المؤسسات الحكومية وأنشطة أخرى في هذا السياق، وبذلك يمكن اعتباره المحور الثاني للعملية التنموية المزدهرة التي شهدتها المحافظة منذ العام 2016 حتى العام 2020م، وهي العملية التنموية التي تمثلت أبرز معالمها في الآتي:

1-   التنمية التعليمية

·     نظرة على التعليم قبل العام 2016م

كان التعليم في الجوف خلال السنوات الماضية هو أسوأ نموذج في الجمهورية اليمنية، فبالرغم من قيام الحكومات المتعاقبة بتأسيس بنيته التحتية المادية التي تمثلت في بناء عدد من المدراس في بعض قرى ومديريات المحافظة، وتأثيثها إلا أن النظام التعليمي في الجوف أنحصر على الشكل ولم يتجاوزه الى المضمون، إذ كانت معظم المدارس في المحافظة شبه متوقفة أو معطلة بالكامل، ولا تمتلك كادر تربوي، ولا تسير العملية التعليمية فيها بالشكل المفترض، حتى الامتحانات وتوزيع الدرجات فيها كان يتم بشكل ارتجالي، بل يتحدث بعض أبناء المحافظة أن بعض المدارس كانت توزع أوراق الامتحانات للطلاب وتسمح لهم بحلها في منازلهم وتسليمها للمدرسة في اليوم التالي، إضافة الى تجاوزات أخرى او يمكن اعتبارها تسهيلات فرضتها الطبيعة الديموغرافية للمحافظة خاصة مديرياتها الصحراوية[77].

وذلك لا يعني بكل الأحوال نفي أي وجود لتجارب تعليمية متميزة لبعض المدارس في المحافظة، فقد أسهمت بعض التجارب التعليمية لبعض المدارس في المحافظة بإنتاج مخرجات جيدة، وتمكن طلابها من تحقيق مستوى علمي ممتاز وتأهلوا للابتعاث والدراسة في الخارج واستطاع بعضهم مواصلة التعليم الأكاديمي والدراسات العليا، وهي تجارب محدودة وقليلة لكنها أسهمت بشكل إيجابي هذا بالإضافة إلى رقي التجارب التعليمية في المديريات الجبلية التي كانت في الماضي ضمن النطاق الجغرافي لمحافظة صنعاء مثل مديريات برط الثلاث رجوزة والعنان والحميدات وبعض مديريات الجوف مثل المتون والزاهر والمطمة التي كانت أقرب الى صنعاء وتمتلك طبيعة ديموغرافية مختلفة عن المديريات الصحراوية التي بقيت تحت طائلة الإهمال والتهميش الحكومي الذي انعكست آثاره على كافة المجالات من بينها التعليم واستمر ذلك حتى وقت قريب.[78]

وقد لخص الدكتور عبدالحميد عامر وهو احد الشخصيات الأكاديمية في حوار صحفي بالعام 2014م وضع التعليم في الجوف في العام 2014م بقوله “هناك 53% من طلاب المحافظة ليسوا ملتحقين بالدراسة، 47% من الطلاب المسجلين فعلياً لا يوجد لهم مدرس وإذا وجد المدرس فهو أعمى ولا يجيد إسلوب التدريس أو التربية، وإذا وجد المدرس لا يوجد الكتاب وإذا وجد الاثنان ينجح الطالب في آخر العام وهو لم يحضر المدرسة ولم يحصل على حقة من التعليم الذي يؤهله للنجاح الكامل”[79] ولخص الدكتور محمد صالح محسن مدير مكتب التربية بالمحافظة في تصريح صحفي في العام 2014م وضع مكتب التعليم في الجوف بقوله مكتب التربية في الجوف كان وما يزال جسدا بلا روح ويدار عبر شنطة في ظهر المدير العام أو في بيته أو في سيارته[80]وهو يوضح بذلك الطريقة العشوائية التي طغت على عمل المؤسسات التعليمية والمؤسسات الحكومية بشكل عام في الجوف طيلة تاريخها .

أما الإحصاءات الحكومية قبل العام 2010م  فقد صورت التعليم في الجوف في تقاريرها بشكل متفائل نسبياً وغير واقعي كما يوضح جدول مؤشرات التعليم في الجوف في بيانات المركز الوطني للمعلومات على أن الجدير بالذكر أن البيانات المذكورة في الجدول لا تعطي الصورة الحقيقية والدقيقة لواقع التعليم في الجوف خلال الأعوام التي سبقت العام 2010م[81]، فهي بيانات رسمية تمت صياغتها وفقا لإحصاءات حكومية قبل العام 2010م التي تعتمد على الجداول والكشوف المرفوعة وليس على الحقائق الميدانية التي كان كاتب هذه السطور معايشا لها ومطلعا عليها عن كثب.

·     التطور في قطاع التعليم بعد العام 2016م

تمثل أول تغيير إيجابي في قطاع التعليم والتربية في الجوف بتفعيل مكاتب التربية والتعليم في المحافظة وفي المديريات، وممارسة أعمالها بشكل يومي ومستمر، فقد بدأ مكتب التربية والتعليم بالجوف بداية من العام 2016م بمزاولة مهامه المحددة في اللوائح وتم توظيف كادر تربوي إشرافي مؤهل[82]، وتم الاستغناء عن العناصر الخاملة في النظام القديم، وتشغيل الخبرات التعليمية وفقآ للأولويات المطلوبة، ليتحقق للمكاتب القدرة على الأداء المؤسسي الفعال والمطلوب بدلا عن الأداء العشوائي والارتجالي الذي كان سائدا طيلة الأعوام الماضية[83].

ورغم أن البنية التحتية للتعليم المتمثلة في المدارس والمنشئات التربوية كانت قد تضررت بسبب الحرب، حيث استخدمتها مليشيا الحوثي الانقلابية كثكنات عسكرية، وباشرت بقصف وتفجير عدد منها لأسباب مختلفة وحولت بعضها الى ثلاجات للموتى[84]، إلا أن السلطة المحلية بالمحافظة وبداية من العام 2016م باشرت بإصلاحها وتأسيس مباني دراسية بديلة للمباني المهدمة[85]، ليتم تشغيل كافة المدارس في المحافظة وإعادتها للخدمة بشكل فعلي، كما قامت بتشكيل لجان ميدانية لحصر وتقييم الأضرار في المنشئات التعليمية، وتحديد عدد المدارس التي كانت قد تحولت الى مباني سكنية للمواطنين والنازحين في النظام القديم وذلك حصل بسبب تدني مستوى الوعي التعليمي لدى الأهالي، وأيضا بسبب موجات النزوح التي تسببت بها المواجهات التي بدأت في بعض مديريات محافظة الجوف منذ العام 2009م، لتتكفل السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بمكتب التربية والتعليم بوضع حلول وترتيبات طارئة لإخلاء المدارس من الساكنين، وإعادة تفعيل العملية التعليمية فيها، وهو ما تم خلال العامين 2016م و2017م.

كانت المعضلة التالية التي واجهت مكتب التربية في المحافظة تتمثل في عدم توفر الكادر التعليمي الكافي لاستيعاب كافة المدارس[86]، بسبب تغيب عدد كبير من المدرسين الذين انقطعت بهم السبل في مناطق إقامتهم بسبب الحرب، خاصة وأن غالبية الكادر التربوي في مدارس المحافظة كان من محافظات يمنية أخرى[87]، فكان لابد من حل جذري لهذه المعضلة وأتى هذا الحل متمثلا في فتح باب التعاقد مع المعلمين المؤهلين المتواجدين في المحافظة من النازحين والمقيمين[88]، وتكفلت السلطة المحلية بتوفير 50%من رواتب المتعاقدين فيما تم اقتطاع النسبة المتبقية من رواتب المعلمين المنقطعين بالتراضي، وهو الحل الذي أوجد كادر تعليمي متميز ومتحمس للعمل[89]، ليسد بذلك الفراغ في كافة مدارس المحافظة، وتصبح مدارس المحافظة في غضون عامين مكتفية بشكل كامل.

وقد تم خلال الأعوام المذكورة تفعيل مبدأ المتابعة المستمرة والتقييم الدوري لأداء مدارس المحافظة، وتم تحديد لجان ميدانية إشرافيه تقوم بزيارات شهرية واسبوعية للمدارس للإطلاع على آلية سير العملية التعليمية، وتقييمها المستمر[90].

الجدير بالذكر أن موجات النزوح الكثيفة إلى المحافظة من المحافظات الأخرى أسهمت في زيادة سريعة ومتواترة في الكثافة السكانية وبالتالي زيادة في عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس، ليزداد عدد الالتحاق بالمدارس بما نسبته 200% عن الأعوام السابقة لذلك.[91]

خلال الأعوام المذكورة شهدت اليمن بشكل عام أزمة في قطاع المناهج المدرسية، وعجزت مطابع الكتاب المدرسي عن توفير المنهج المدرسي المتكامل للطلاب في الجمهورية[92]، وكانت محافظة الجوف ضمن المحافظات التي عانت من نقص الكتاب المدرسي، فوجهت السلطة المحلية جهودها لتوفيره لتكون الجوف أول محافظة في الجمهورية تتكفل السلطة المحلية فيها بطباعة الكتاب المدرسي على نفقتها، فقد وقعت السلطة المحلية اتفاقية مع إحدى مطابع القطاع الخاص في عدن عقداً يتم بموجبة طباعة المنهج المدرسي لتغطية النقص في توفر الكتاب المدرسي للطلاب في كافة  مدارس محافظة الجوف، بتكلفة بلغت 240مليون ريال يمني.

واسست السلطة المحلية مشروعا محليا لإعادة إصلاح وتأهيل الأثاث المدرسي، حيث تمكن من استكمال احتياجات المدارس في المحافظة، بتكلفة بلغت 48 مليون ريال، إضافة إلى مشاريع إعادة تأهيل المدارس المهدمة والذي شمل ما يزيد عن 10 مدارس في العام 2019م[93].

وبهذه الجهود وغيرها حقق التعليم في الجوف نقلة نوعية ووصل إلى أعلى مستوى له في تاريخ محافظة الجوف، واضافة الى ذلك ترسخت ثقافة التعليم في كافة أبناء المجتمع الجوفي، وأصبحت مخرجات المدارس تقدم نتائج جيدة، لتصل الجوف في العام 2019 إلى المراتب الأولى في نتائج الثانوية العامة، إذ حصدت طالبتين في الجوف مرتبتين متقدمتين ضمن أوائل الجمهورية في الثانوية العامة.

الجدير بالذكر أن مستوى انخراط الفتيات بالتعليم ارتفع في الفترة من العام 2016م-2020 إلى ما نسبته 97% مقارنة ب 9% إل 10% في الأعوام السابقة[94]، وذلك يشير إلى مستوى التنمية التعليمية الذي شهدتها المحافظة خلال الأربعة أعوام التي حددتها هذه الورقة.

2-  الصحة والسكان في الجوف:

·     قبل العام 2016م

غير مستغرب أن تؤكد هذه الورقة على أن القطاع الصحي في الجوف خلال الفترة التي سبقت العام 2016م كان الأسوأ على الإطلاق في الجمهورية اليمنية، إذ لم يكن يوجد في المحافظة أي منشئة أو مؤسسة صحية متكاملة فعالة، باستثناء قلة من العيادات الخاصة والمراكز الطبية الأهلية التي تفتقر للمستلزمات الطبية الضرورية[95]، واقتصرت خدماتها على الإسعافات الأولية، وتوفير بعض الأدوية الضرورية للحميات والإنفلونزا وغيرها من الأمراض البسيطة، بينما كانت الحالات المرضية تضطر للسفر لتلقي العلاج في العاصمة أو في المحافظات الأخرى، ورغم أن المستشفى العام بمدينة الحزم بني في مرحلة مبكرة خلال التسعينات إلا أنه بقي مفرغا من الكادر، ولم يمارس مهامه طيلة الفترة التي تلت تجهيزه.

على مستوى المديريات كانت الخدمات الصحية منعدمة تماما، كما بقيت مكاتب الصحة التنفيذية في المديريات وفي المحافظة أيضا، غير مفعلة، ولم تمارس أي دور ملموس لتطوير أو لتفعيل القطاع الصحي، وهو ما جعل المشكلة الصحية في الجوف متراكمة، فبالإضافة إلى عدم وجود أي مؤسسة طبية حكومية فاعلة في المحافظة، ولم يكن هناك أي دور ملموس للمؤسسات الصحية الإشرافية والرقابية المتمثلة في مكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة والمكاتب الصحية المتفرعة عنه في المديريات[96].

بحلول العام 2010م كانت مدينة الحزم تشهد افتتاح بعض المستشفيات الخاصة، التي أدت دور فعال في تغيير الوضع الطبي في المحافظة، لكنه دور أقل من الدور المنشود والمأمول من أبناء المحافظة.

·     التغيرات الإيجابية بعد العام 2016:

كان القطاع الصحي في المحافظة يتسيد قائمة الأولويات لدى السلطة المحلية بعد العام 2016م، فقد قامت السلطة المحلية بتفعيل دور مكتب الصحة بالمحافظة، ومكاتب الصحة بالمديريات، وأتاحت لها التسهيلات والإمكانيات اللازمة للقيام بدورها، وهو الأمر الذي أدى الى ارتفاع مؤشر التنمية الصحية في المحافظة.

فقد تم في العام 2016م افتتاح مستشفى الجوف العام وإمداده بالأجهزة والمستلزمات الطبية، وتوفير الكادر الصحي المؤهل فيه، ليصبح أفضل مؤسسة طبية في المحافظة خلال العام 2017م.[97]

وتواصلت جهود السلطة المحلية في تطوير مستشفى الجوف العام وتوفير الإمكانيات اللازمة للارتقاء بخدماته، ليتمكن في العام 2018م من تفعيل كافة الأقسام الطبية، ويحتوي على قسم متطور للعمليات الجراحية، وكادر طبي على مستوى عالي من الكفاءة والتأهيل من مختلف محافظات الجمهورية[98]، بالإضافة الى قسم للرقود والعناية المركزة، وقسم العظام والعيادات الخارجية، وقسم للنساء والأطفال، وقسم الباطنية، وقسم المختبرات،  وصيدلية توفر الأدوية بأسعار زهيدة ومنخفضة للجمهور، وبحسب تقرير الأداء السنوي للمستشفى في العام 2018م، فقد كان المستشفى يستقبل يوميا ما يزيد عن 250 حالة من مختلف مديريات المحافظة[99]، وفي العام 2019م تكفلت السلطة المحلية بإجراء توسعات في البنية التحتية للمستشفى، وسكن للأطباء، وفي العام ذاته تم إصدار القرار من وزارة الصحة العامة والسكان بتحويل المستشفى الى هيئة طبية متكاملة[100].

كما قامت السلطة المحلية بالمحافظة بافتتاح مراكز طبية فرعية في مديرية الغيل والروض والقرى النائية في مديرية الحزم، ومنطقة اليتمة، توفر الخدمات الطبية الأولية للمواطنين[101]، ويمكن القول إن مؤشرات التنمية الصحية في محافظة الجوف حققت خلال الفترة من العام 2016م-2020م أعلى معدل لها في تاريخ المحافظة، بحسب ما تؤكده الإحصاءات الصحية الحكومية والمجتمعية[102].

قطاع الكهرباء: –

شهدت الكهرباء خلال الفترة من العام 2016م حتى العام 2020م في الجوف تطور كبير، فقد تم في العام 2018م تدشين العمل بنظام توفير الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة يوميا، وتم رفد المولدات الكهربائية بمولدات اضافية، وتدشين العمل بالطاقة التجارية المشتراه على نفقة السلطة المحلية بشكل كامل، بحسب ما تؤكده تقارير وأخبار نشرت في العام 2018م[103].

كما هو معلوم وقد كررنا ذلك كثيراً، كانت الجوف مدفونة في رمال التهميش طيلة سنوات، حتى بدأت توقد أنوار نهضتها رويدا منذ العام ٢٠١٦م، وقد شمل ذلك التغير النهضوي كل الجوانب الخدمية وأبرزها خدمة الكهرباء، التي كانت تغطي مساحات قليلة في الجوف، وبفولتية ضعيفة بالكاد تكفي لإنارة المنازل والأجهزة الكهربائية، وبحلول العام ٢٠١٧ بدأت شبكات الطاقة الكهربائية تتسع لتشمل معظم المديريات المحررة، وكانت بداية تستمر فقط لمدة ١٢ساعة[104].

في نهايات العام ٢٠١٧م، تم توفير الطاقة الكهربائية المشتراه للمحافظة، وزيادة عدد المولدات الكهربائية، وبذلك أصبحت الطاقة الكهربائية تستمر مدة ٢٤ ساعة يوميا، وبفولتية عالية وقوة كبيرة، وتلبي احتياجات القطاع التجاري والصناعي والزراعي بالمحافظة[105].

وفرت الكهرباء كاملة على نفقة الحكومة الشرعية والسلطة المحلية بشكل كامل، وبذلك كان المواطن يستفيد منها بشكل مجاني تماما، إلا من رسوم قليلة جدا كانت تدفع من المواطنين بحسب الاقتدار.

بالإضافة الى استفادة المواطن من الطاقة الكهربائية، كانت الفائدة الكبيرة للطاقة الكهربائية تتحقق للمزارعين في المحافظة بشكل خاص، إذ أتاحت السلطات المحلية بالمحافظة لجميع المزارعين حق الإستفادة الكاملة من الطاقة الكهربائية لتشغيل مضخات المياه، وري الأراضي الزراعية، فأصبح اغلب المزارعين يعتمدون على الكهرباء لري مزروعاتهم، وهو ما خفف عنهم تكاليف وقود الديزل للمضخات، وقلل من خسائرهم بشكل كبير، فأصبحت الزراعة على الطاقة الكهربائية مجانا فرصة للمزارعين في الجوف منذ عام ٢٠١٨م[106].

3-  التخطيط الحضري والعمراني لمدينة الحزم:

وصف السفير الامريكي السابق لدى اليمن جيرالد فايرستاين الإهتمام الذي توليه السلطة المحلية في الجوف بمسألة التخطيط الحضري للمحافظة بقوله في مقال نشر له في العام 2019م بالآتي “في مدينة الجوف، يقوم وجهاء المدينة بوضع شبكة حضرية لشوارع المدينة، ويأتي رجال القبائل الى مبنى البلدية للحصول على تصاريح بناء“0[107]ولإن كان هذا أبرز ما لفت نظر السفير الأمريكي في اليمن فلأن الجوف عرفت سابقا بأنها محافظة صحراوية وتفتقر لأي مخططات حضرية للأراضي والمدن، وقد أولت السلطة المحلية منذ العام 2017م اهتمام كبيرا بتخطيط مدينة الحزم بشكل حضري ومتطور وبما يلائم الاحتياجات المستقبلية للمدن الحضرية[108].

فقد بدأت الجوف كبنية تحتية وتوسع عمراني من الصفر حرفياً، إذ كانت عاصمتها مجرد قرية صغيرة بكر، تخلوا من أي مظاهر الحداثة والمدنية وتمتد في نطاق ضيق على واحة صحراوية صغيرة تشكل جغرافيا مديرية الحزم، وخلال الفترة منذ العام 2016م -2020م توسعت بشكل كبير ولافت وتحولت الى مدينة واسعة، بل أنها توسعت في جميع الإتجاهات بما نسبته 80%-90% عما كانت عليه في العام 2010م وما قبله[109].

وقد أسهم الرخاء الإقتصادي الذي تحقق للمحافظة في ظل سلطة الدولة الى زيادة الكثافة السكانية وإقبال المستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع التجارية المختلفة، وهو ما أدى إلى تحقق بداية للانتعاش العمراني، حيث أدى ازدياد الطلب على المساكن والأراضي إلى إقبال المواطنين على البناء والتعمير وانتعش بذلك سوق العقارات وارتفعت اسعار الأراضي الأمر الذي أفاد كثيرا أبناء المحافظة.

وحرصاً من السلطة المحلية في المحافظة على تنظيم التوسع العمراني، وعدم ترك مدينة الحزم تتمدد بعشوائية فقد رأت أن أفضل طريقة لمواكبة الانتعاش العمراني في المحافظة يكون عبر وضع مخطط حضري شامل لمركز المحافظة، وكان للوكيل عبدالله الحاشدي الدور الأبرز في هذه الخطوة، حيث كان يولي هذا الشأن الاهتمام الأكبر، وقد لمست منه ذلك خلال بعض الحوارات والنقاشات التي لم يفوت فيها التأكيد على أهمية التأسيس النموذجي لمدينة الحزم، والبدء برسم معالمها كمدينة مستقبلية مزدهرة مادام وبالإمكان عمل ذلك كون المدينة لازالت في بداية نموها، وقد قامت السلطة المحلية بتكليف المكتب الفني بالمحافظة وفرع الهيئة العامة للأراضي لإعداد مخطط حضري وعمراني متكامل لمدينة الحزم عاصمة المحافظة خلال العام 2018م[110].

وبذلك تم وضع مخطط حضري بمعايير المدن العالمية الحديثة للمدينة، وتم اسقاطه على المدينة، وإلزام الإنشاءات الجديدة بالتقيد بمعالمه، وأدى ذلك الى منع البناء العشوائي ومنع تحويل الأراضي الزراعية الى اراضي سكنية، كما تم وضع مخططات متكاملة لتصريف السيول ومياه الأمطار بعيدا عن المدينة، وتوجيهها نحو الأراضي الزراعية بشكل متساوي، وقد شمل المخطط في مرحلته الأولية ٣٩ وحدة جوار، على مساحة ٣٩ مليون متر مربع[111].

وفي المخطط الحضري تم الاهتمام بخصوصية المعالم السياحية والمواقع الأثرية في المحافظة ووضع محددات تضمن ازدهارها كمزارات سياحية مستقبلا([112].

4-  التعليم الجامعي والمهني:

لك ان تتخيل انه في القرن الواحد والعشرين، حين يخوض العالم معارك مع الأمية التكنولوجية، والتعليم عن بعد، والذكاء الاصطناعي، وغدى العالم بأكمله قرية مصغرة بين متناول كل فرد، كانت محافظة الجوف بلا أي منصة للتعليم الجامعي لا حكومية ولا مجتمعية وكان الشباب في المحافظة يضطرون لإتمام دراستهم الجامعية في العاصمة أو في المحافظات الأخرى، وأحيانا في خارج البلاد ان كانت ظروفهم المادية مؤهلة، وبقيت الجوف بذلك المحافظة الوحيدة التي تفتقر لأي حضور للتعليم الجامعي في أراضيها الشاسعة[113].

وحين تولى الشيخ اللواء العكيمي مسؤولية محافظة الجوف كان يدرك هذه الحقيقة المؤلمة، وكان ذلك أكبر هم يواجهه، كيف يؤسس بصمة للتعليم الجامعي في المحافظة وعلى أرض المحافظة ويتيح المجال لكل شباب الجوف الذين حرموا من الدراسة الجامعية والأهم كل فتيات الجوف اللواتي لم يكن بوسعهن تماما الدراسة الجامعية اطلاقا خارج الحوف بسبب العادات الاجتماعية التي تميز المجتمع الجوفي.

وبعد عام من تولي  المحافظ والسلطة المحلية بالمحافظة، تم افتتاح اول منبر للتعليم الجامعي في المحافظة، والذي تمثل بكلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية والتطبيقية التابعة إداريا لجامعة إقليم سبأ، والتي افتتحت في مطلع العام 2018م، واحتوت حين افتتاحها على عدة اقسام وتخصصات مهمة ومحورية تتطلبها المحافظة، وهي: قسم الحاسوب وتقنية المعلومات.-قسم اللغة الإنجليزية-قسم معلم صف -قسم الرياضيات – الكيمياء – والفيزياء -قسم علوم الحياة” وفي العام التالي تم إفتتاح “قسم إدارة الأعمال – والمحاسبة التجارية -قسم القران وعلومه- قسم التربية الإسلامية “([114]).

وقد استوعب قسم علوم الحاسوب  في العام الأول لافتتاح الكلية أكثر من ثلاثمائة طالب في اول عام جامعي بعد افتتاح الكلية مباشرة، وبالإضافة الى ذلك قسم اللغات وقسم علوم الدين، وقسم العلوم الطبيعية الفيزياء والكيمياء والرياضيات والأحياء التي استقطبت العشرات من طلاب المحافظة، ولاحقا تم افتتاح قسم خاص للعلوم الإدارية والمحاسبة، وأصبحت الكلية بذلك أشبه بكونها جامعة مصغرة تحتوي كل التخصصات المهمة والمطلوبة، وتوافد اليها الطلاب من كل مديريات الجوف، وايضا وفد اليها الطلاب من مختلف المحافظات اليمنية شمالا وجنوبا. وبلغ عدد الطلاب الذين تم قبولهم في الكلية الى ما يزيد عن الفين طالب. ([115])

وقد بدأت الكلية في مبنى متواضع وصغير نسبيا، وتم تخصيص ميزانية رسمية لها من موارد المحافظة القليلة(115)، وبحسب التقارير الرسمية والأخبار الصحفية وردود أفعال المجتمع فقد كانت الكلية تقريباً من أبرز اهتمامات السلطة المحلية بالمحافظة، والمجتمع المحلي نفسه، إذ اعتبرها أبناء المجتمع أول منجز علمي مهم تشهده المحافظة في تاريخها([116]).

ومنذ بداية افتتاحها، بدأت التجهيزات والعمل من أجل توسيع مبنى الكلية، ورفدها بكل المعامل التطبيقية والمرافق المتطلبة والضرورية، وتم وضع مخطط مستقبلي طموح لها، بالإضافة الى الشروع في بناء الدور الثاني لها، وعدد من القاعات الإضافية، وتأثيثها بشكل متكامل، وعلى نفقة كاملة من السلطة المحلية في المحافظة([117]).

وحين سقطت المحافظة تحت سيطرة مليشيا الحوثي كانت مشاريع التوسعة والتطوير جارية في الكلية ويتم العمل فيها، وتوقفت بعد ذلك مباشرة، وتعرضت لجملة انتهاكات رصدتها العديد من التقارير الحقوقية الرسمية والمجتمعية والتي سنركز عليها في الفصل التالي.

وشهدت الجوف خلال الفترة التي تلت العام 2016م افتتاح عدة معاهد مهنية وعلمية في تخصصات مختلفة أبرزها التخصصات الطبية، واللغات والكمبيوتر، وتم تدشين العديد من المبادرات المجتمعة التي تهتم بتوعية وتثقيف المجتمع بأهمية التعليم الجامعي والمهني، وهو ما انعكست آثاره في الإقبال الكبير على الدراسة في الكلية والالتحاق بالمعاهد، وشمل هذا الإقبال جميع شرائح المجتمع أبرزها شريحة الفتيات اللواتي استطعن الالتحاق بالتعليم الجامعي بعد حرمان طويل([118]).

5-  التنمية الشبابية والرياضية:

بالحديث عن الشباب والتنمية الرياضية في محافظة ناشئة مثل الجوف كانت تخطوا خطواتها الأولى في مشوارها نحو النهضة الشاملة التي سعت لتحقيقها أول مرة في تاريخها، فإن هذا القطاع التنموي المهم حقق خلال الفترة من العام 2016م – 2020م تطوراً ملموساً على كافة الأصعدة ويعود الفضل في ذلك لرؤية محافظ المحافظة نفسه الذي ركز كثيراً على تنمية وتأهيل شباب المحافظة، وحسن توظيف طاقاتهم الإبداعية بما يعود بالنفع على المجتمع نفسه، وبذلك وجهت السلطة المحلية بالمحافظة الجزء الأكبر من اهتمامها على هذا المجال.

وفي هذا الصدد حقق مكتب الشباب والرياضة في محافظة الجوف تميز وتفوق ملموس، ويمكن القول إنه  كان ضمن المكاتب التنفيذية التي حققت نجاح مشهود له، بداية من تنظيم مصفوفة سنوية من الأنشطة الرياضية في مجالات مختلفة، هدفت إلى احتواء النسبة الأكبر من الشباب في المحافظة وإشراكهم بفعالية فيها بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع، وبهدف خلق نهضة شبابية رافدة للنهضة التنموية والمجتمعية التي شهدتها المحافظة.

وكان أبرز نجاحات هذا القطاع متمثلة في تفعيل الجانب الرياضي بشكل عام، حيث كانت المحافظة سابقاً تفتقر لأي تجارب رياضية فاعلة، بالرغم من وجود أندية معدودة فيها إلا أنها كانت مجرد مسميات لا تمارس أي دور أو أداء وقد تم تفعيلها بشكل كلي خلال الفترة التي ذكرناكما تم افتتاح أندية رياضية جديدة احترافية وبمعايير وأسس رياضية عالية المستوى، ليصل عدد الأندية الرياضية في محافظة الجوف الى ما يزيد عن عشره أنديه أبرزها نادي معين لكرة القدم.

كما تم تنظيم دوريات وكؤوس رياضية موسمية بمشاركة جميع الأندية، أبرزها المنافسات الكروية السنوية على كأس محافظ المحافظة لكرة القدم، وكأس الفرق المدرسية، ودوريات موسمية كان مكتب الشباب والرياضة في الجوف ينظمها في مناسبات مختلفة كل عام، بل كان لا يمر شهر الا بتدشين فعالية رياضية معينة، سواء في كرة القدم او كرة السلة وكرة الطائرة والشطرنج والبيسبول وبقية الرياضات الأخرى.

هذة الأنشطة وغيرها أرتقت باهتمامات شباب المحافظة بشكل كبير، ووظفت طاقاتهم فيما يفيد المجتمع، كما أهلت نخبه من الشباب المبدعين والمحترفين في مجالات مختلفة، ورغم ضعف وقلة الإمكانيات المتوفرة وانعدام البنية التحتية الرياضية في المحافظة إلا أن الرياضة في الجوف أصبحت تشق طريقها الى المستوى المحلي والمستوى الوطني، إذ شاركت فرق وأندية من المحافظة في دوريات محلية ووطنية مختلفة.

كما تجلى اهتمام السلطة المحلية في الجوف بقطاع الشباب والرياضية في تدشين العديد من المشاريع التأهيلية والتدريبية للشباب في مجالات مختلفة صحيا واجتماعيا وإداريا وزراعيا، فقد أقيمت في المحافظة عشرات الدورات والبرامج التدريبية المميزة لشريحة واسعة من الشباب في اللغات والكمبيوتر والتنمية البشرية وصنع القيادات الشبابية والمهارات الحياتية المختلفة.

الفصل الثالث: الجوف تحت ظلام المليشيا

تفاصيل المرحلة التي تعيشها المحافظة بعد سيطرة مليشيا الحوثي عليها منذ العام 2020م وحتى الآن ”

في بدايات شهر مارس من العام 2020م، وبعد معارك ملحمية خاضها الجيش الوطني وقبائل الجوف ضد مليشيا الحوثي التي كانت قد تمكنت من تطويق المحافظة من عدة إتجاهات بعد أن تمكنت من إسقاط جبال فرضة نهم المطلة على المحافظة، سقطت محافظة الجوف تحت سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، لتدخل المحافظة في أسوأ مرحلة عاشتها منذ سنوات، فقد نزحت آلاف الأسر عن المحافظة والتي وصل عددها الى ما يقارب ” 10,553″ أسره بحسب إحصاءات الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين واللجنة الفرعية للإغاثة([119])، وتوقفت كافة المشاريع الخدمية في المحافظة، وعاشت المحافظة منذ ذلك الحين في أزمات متلاحقة، فيما مارست مليشيا الحوثي بالمواطنين انتهاكات جمة طالت كافة المجالات، ونستعرض في هذا الفصل من البحث أبرز تأثيرات سيطرة مليشيا الحوثي على المحافظة.

1- الحوثيين وإيقاف العملية التنموية في الجوف والقضاء على أول نهضة فيها:

·     تعطيل مشاريع البنية التحتية التي كان العمل جاري عليها:

منذ اليوم الأول لدخول عناصر مليشيا الحوثي الى عاصمة محافظة الجوف، قاموا بإيقاف كافة المشاريع التنموية التي كان يجري العمل على تنفيذها، وأبرزها مشاريع تطوير وتوسعة هيئة مستشفى الجوف العام التي كانت على وشك الانتهاء ، ومشاريع رصف وسفلته شوارع مدينة الحزم ، ومشروع خط الرويك الدولي، ومشاريع توسعة وتطوير كلية التربية والعلوم الإنسانية والتطبيقية، ومشروع التخطيط الحضري لمدينة الحزم، ومشاريع بناء وتطوير المراكز والعيادات الصحية في مديريات المحافظة، ومشروع تطوير شبكة الكهرباء في مديرية الغيل والمصلوب، ومشروع تفعيل المعهد المهني في المحافظة، ومشروع المدينة السكنية لنازحين صعدة بدعم دولة الكويت، ومشروع تحسين وتجميل مدينة الحزم، ومشروع بناء مدارس للنازحين في مديرية الغيل، ومشروع المركز الصحي في منطقة السلامات ومنطقة أم الستن والمحزمات والروض،  وجميع هذه المشاريع كانت السلطة المحلية الشرعية قد قطعت في إنجازها شوطاً كبيرا خلال العام 2019م، وقامت مليشيا الحوثي بإيقافها ومضايقة الجهات المنفذة والمقاولة لها، مما أدى الى التعطل الكامل للعمل فيها ولم يتم استئناف ذلك حتى اليوم.([120]) ([121])([122])

·     إيقاف العمل في المؤسسات الحكومية الخدمية والمكاتب التنفيذية:

ولم يقتصر الأمر على إيقاف المشاريع التنموية التي كانت قيد الإنشاء، بل توقفت كافة المشاريع الخدمية في المحافظة، أبرزها مصلحة الهجرة والجوازات، وتوقف كافة المؤسسات الحكومية والمجتمعية، بداية من المؤسسة الأمنية ممثلة بشرطة المحافظة التي تعرضت البنية التحتية لها لعمليات سلب ونهب  وتعرضت أبنيتها للتدمير بفعل القصف التي شنته مليشيا الحوثي في أوقات مختلفة على مركز المحافظة، وإن كان بالإمكان التغاضي عن توقيف عمل الأجهزة الأمنية كونها من المؤسسات المحسوبة على الحكومة الشرعية، إلا أن المليشيا لم تقم بإعادة تفعيل هذه المؤسسات لتأمين المواطنين وتأمين الطرقات.

ومواصلة لمشروعها في إعادة الظلام والعشوائية قامت المليشيا بإيقاف أهم مؤسسة حكومية وجدت في المحافظة، والتي حقق وجودها في الجوف أول حضور لسيادة القانون، وهي المؤسسة القضائية ممثلة بمحكمة الجوف الابتدائية التي تم تفعيلها في الجوف لأول مرة في العام 2018و أيضا النيابة العامة وهما المؤسستين اللتين مارستا دورهما في تخفيف النزاعات والتوترات وحل الخلافات والنظر في القضايا المختلفة التي يتقدم بها ابناء المجتمع وأسهمتا في الحد من الصراعات المسلحة بين المتخاصمين في المحافظة وهي الطريقة التي ظلت سائدة لحل النزاعات الصغيرة والكبيرة في الجوف طيلة تاريخها حتى تم تفعيل السلطة القضائية، وقد تسبب وقف عمل المؤسستين القضائيتين إلى عودة النظام القديم لحل النزاعات المتمثل بالقوة، وأدى ذلك إلى انتشار جرائم القتل وزيادة معدلات الجريمة في المحافظة.

ولم تسلم المكاتب التنفيذية في المحافظة والمديريات من الإيقاف، من ضمنها مكتب التربية والتعليم ومكتب الصحة العامة، ومكتب الزراعة وعيرها، رغم أن المليشيا كلفت مسؤولين محسوبين عليها لإدارة هذه المكاتب في سلطتها إلا أنها لم تعد لممارسة عملها كما كان الحال خلال سيطرة الدولة. ([123])([124])([125])

·     إيقاف وتعطيل مؤسسات المجتمع المدني وتعريضها لعمليات النهب والانتهاكات المختلفة:

قامت المليشيا بعد سيطرتها على المحافظة بتعطيل عمل ما يزيد عن 20مؤسسة مجتمع مدني وجمعيات ومنظمات محلية بينها مؤسسة المعلم التنموية التي تنفذ سنويا عشرات المشاريع الخيرية والتنموية بدعم من رجال الأعمال في الجوف، ومؤسسة الوصول الإنساني التي يستفيد من خدمات ما يزيد عن 10.000 أسرة في مختلف مديريات المحافظة، وائتلاف الخير بمحافظة الجوف الذي يقدم خدمات مستمرة لمئات الأسر النازحة بالمحافظة ومؤسسة السلام للتنمية وجمعية المرأة التنموية  والعديد من المؤسسات المدنية الأخرى كانت تقدم خدمات ملموسة للمواطنين في المحافظة، ولم يتوقف الأمر عند تعطيل العمل فيها بل تعرضت مقراتها للانتهاكات المختلفة والتدمير والعبث من قبل عناصر المليشيا أو عصابات اللصوص.([126])

·     تعطيل المبادرات الشبابية والأنشطة الرياضية المختلفة في المحافظة:

حرصت مليشيا الحوثي منذ سيطرتها على المحافظة على تعطيل العمل الشبابي حيث أوقفت ما يزيد عن 15 مبادرة شبابية فاعلة نظمها الشباب في الجوف في مجالات مختلفة، وتوقفت في محافظة الجوف الأنشطة الرياضية التي حرص مكتب الشباب والرياضة بالمحافظة خلال سلطة الدولة على الارتقاء بها وتطويرها، ومن ضمنها اكثر من خمس بطولات ودوريات لكرة القدم كان مكتب الرياضة يقيمها سنويا في المحافظة، وتعطل ما يزيد عن عشرة أندية رياضية في المحافظة، وقد حرصت المليشيا من خلال توقيف المبادرات الشبابية والأنشطة الرياضية المختلفة إلى إبعاد الشباب عن ممارسة دور إيجابي في المجتمع وإدغامهم في فعالياتها الطائفية ودوراتها التعبوية التي تحرص على إجبار الشباب لحضورها في أوقات مختلفة،  بهدف تلقينهم الأفكار الطائفية والإرهابية وإشراكهم في تحشيدها المستمر والزج بهم إلى جبهات القتال.([127])([128])

· ركود الأسواق وانهيار الوضع الإقتصادي في المحافظة وتعطيل الاستثمار العقاري:

بسيطرة مليشيا الحوثي على مركز المحافظة تعطلت الأسواق والمحلات التجارية وتعرضت العديد من المشاريع الصغيرة للإفلاس أو الإغلاق بحجة ملكيتها لأشخاص موالين للحكومة الشرعية، وانعدمت بذلك فرص العمل وازدادت معدلات البطالة وارتفاع مستوى الفقر وانهارت القدرة الشرائية لدى المواطنين مع توقف مصادر الدخل، وغرقت الجوف في دوامة من الركود والكساد لا زالت ممتدة حتى اليوم.

فقد أصبحت أسواق محافظة الجوف خالية بعد نزوح غالبية رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة، فيما انهارت بقية المشاريع التجارية وتعرض معظمها للفشل، ومن بقي يقاوم للمواصلة بتجارته ومشروعة تصدت لهم المليشيا وفرضت عليهم جبايات وإتاوات باهضه لا يستطيعون تحملها، وجميعها خارج إطار القانون وتجبى بمناسبات دينية او طائفية أو باسم المجهود الحربي، ولهذا السبب وبحسب إحصائيات لمراقبون محليون أكدوا أن ما نسبته 76%من المشاريع التجارية والاقتصادية الناشئة في الجوف توقفت بعد سيطرة مليشيا الحوثي، 50% منها نزحت الى خارج المحافظة بحثا عن بيئة حرة ونزيهة لممارسة العمل التجاري دون تضييق.([129])

إضافة إلى ذلك تسببت مليشيا الحوثي واستراتيجيتها القهرية بإيقاف وتدهور الاستثمار العقاري الذي كان في ظل سلطة الدولة قد حقق طفرة وارتفاع كبير، وشهدت عقارات المحافظة نهضة كبيرة وطلب كبير، ووصلت أسعار الأراضي الى أعلى حد لها في تاريخ المحافظة، وقد فقدت الجوف هذه الميزة، وخسر معظم المستثمرين في المجال العقاري بعد دخول المحافظة وانهيار أسعار العقارات إلى أدنى حد. ([130])

فقد قامت مليشيا الحوثي بإيقاف عملية التخطيط الحضري لعاصمة المحافظة التي دشنتها السلطة المحلية الشرعية في العام 2018م عن طريق المكتب الفني ومكتب الأشغال، وأدى تشغيلها إلى ازدهار الاستثمارات العقارية، وعلى العكس فقد تسبب إيقافها وأيقاف عمل فرع الهيئة العامة للأراضي في انهيار هذا المجال الاستثماري المهم الذي رفع من مؤشرات التنمية الإقتصادية في الجوف خلال سلطة الدولة ووفر فرص عمل للعديد من أبناء المحافظة. ([131])

2-  المليشيا وانهيار التعليم وتجريف المؤسسات التعليمية:

تسببت مليشيا الحوثي بعملية انهيار واسعة للتعليم في محافظة الجوف، فمن جهة قامت بانتهاكات واسعة شملت المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وروضات أطفال وذكر تقرير حكومي أن ما يقارب 250 انتهاكاً تعرضت له المؤسسات التعليمية في المحافظة في العام 2020م فقط، شمل ذلك إحراق مدارس ابتدائية، وتحويل مدارس أخرى الى ثكنات عسكرية، وإغلاق جميع المدارس الخاصة وروضات الأطفال التي كان قد تم افتتاحها في الجوف في ظل سلطة الدولة. ([132])

ومن جهة أخرى تسببت المضايقات وإيقاف رواتب المعلمين من قبل المليشيا بنزوح نسبة كبيرة من الكادر التعليمي في المحافظة، وهو ما تسبب بتدني مستوى جودة التعليم بنسبة كبيرة ومهولة جداً، فالمدارس التي كانت قد حققت ارتفاع في مستواها التعليمي في ظل سلطة الدولة بنسبة 90%، انخفض مستواها بنفس النسبة في ظل سلطة مليشيا الحوثي، بسبب تهجير عدد كبير من المدرسين لأسباب ومبررات إيدلوجية وطائفية، كما أن حرص المليشيا على استغلال المدارس في دعايتها السياسية وتحريضها الطائفي ومحاولة التحشيد للجبهات دفع عدد كبير من الآباء لمنع أبنائهم من الذهاب الى المدرسة، وهو ما يعيد الى الأذهان الثقافة المجتمعية عن التعليم التي سادت في أوساط المجتمع الجوفي خلال عصور التهميش والتخلف، والذي يعني أن مليشيا الحوثي دمرت حصيلة سنوات من تكريس ثقافة مجتمعية مساندة للتعليم وأعادتها الى حالتها القديم بسبب ممارساتها الطائفية واللامسؤولة.([133])

كما قامت مليشيا الحوثي بتجميد العمل في مكتب التربية بالمحافظة ومكاتب التربية في المديريات، وأعادتها الى حالتها القديمة، وفي الوقت ذاته تسببت بإتلاف وثائق وكشوف ونتائج الطلاب التي احتوتها أرشيفات مكاتب التربية، وحرمت آلاف الطلاب النازحين من الجوف من نتائج امتحاناتهم، وأضطر بعضهم لإعادة الصفوف التي درسوها سابقا. ([134])

وقد ذكر تقرير حكومي أن مليشيا الحوثي ارتكبت 9 آلاف و998 انتهاكاً فرديا وجماعيا ضد العملية التعليمية في الجوف، واختلفت أنواع الانتهاكات التي رصدها التقرير ما بين القتل والاعتداءات والتعذيب والاعتقالات ونهب المساعدات الانسانية وتجنيد الطلاب وتهجير التربويين وتفجير المدارس واقتحام ونهب المؤسسات التعليمية. ([135])

وأبرز الانتهاكات التي رصدتها المنظمات الحقوقية ضد التعليم في الجوف هي الانتهاكات التي طالت الكادر التعليمي في المحافظة الذي يعتبر صلب وأساس العملية التعليمية في المحافظة، فقد ذكرت تقارير حقوقية أن إجمالي الانتهاكات التي تعرض لها المعلمين في الجوف بلغت ما يقارب 1480 انتهاكا بينها 51 عملية قتل. ([136])([137])

وحالياً تشهد المدارس ركود كبير من حيث الأداء التعليمي وتفتقد للكادر التعليمي الكافي، وتشهد تناقص مطرد في عدد الطلاب الملتحقين بالدراسة، بالإضافة الى عدم توفر المستلزمات التعليمية الضرورية، وهو الأمر الذي يعني أن مليشيا الحوثي أعادت التعليم في محافظة الجوف الى ما كان عليه خلال فترة التهميش والجهل.

3-  المليشيا وانهيار القطاع الصحي:

لم يسلم القطاع الصحي والمؤسسات الطبية في المحافظة من انتهاكات المليشيا، فقد اوقفت مستشفى الجوف العام عن العمل فور دخولها للمحافظة، وقامت بتهجير الكادر الطبي المتواجد فيه، كما تسبب الانهيار الأمني بعد سقوط المحافظة في تعرض العديد من المؤسسات الصحية للنهب والإتلاف وسرقة الأجهزة والمعدات الطبية، وبيع الأدوية، وأدى توقف مستشفى الجوف العام وتهجير كادره الصحي المتميز الى حرمان ما يزيد عن 10000 مواطن من خدماته الطبية التي توقفت فور دخول مليشيا الحوثي للمحافظة. ([138])

وكانت السلطة المحلية بمحافظة الجوف التابعة للحكومة الشرعية قد أولت إهتماماً كبيراً لتوسعة مستشفى الجوف العام وأنفقت أموال طائلة في توسعته ورفدة بالأجهزة والمستلزمات الطبية طيلة أربع سنوات، فتحول في غضون أسابيع من سيطرة مليشيا الحوثي الى مبنى مهجور يفتقر لأي فاعلية، بل ذكر ناشطون ومتابعون محليون أنه تم تحويله الى ما يشبه الوحدات الطبية العسكرية، وحصرت خدماته على عناصر المليشيا ومقاتليها([139]).

توقف العمل في كافة مكاتب الصحة بالمحافظة، وتحولت في سلطة المليشيا إلى مسميات فخرية للعناصر الموالين لها، كما توقفت أكثر من خمسين عيادة طبية متنقلة، وتم نهب محتويات ما يزيد عن عشرون مركز طبي وعيادة في مديريات المحافظة، ولم تسلم المراكز والمستشفيات الطبية الخصوصية من تجريف مليشيا الحوثي، فتذكر تقارير حقوقية أن عدد من الأطباء والعاملين فيها تعرضوا للانتهاكات المختلفة فيما أغلقت العديد منها أبوابها وهاجر أصحابها الى خارج المحافظة بحثاً عن بيئة ملائمة للعمل بعيداً عن المضايقات([140]).

4- مليشيا الحوثي واستفزاز القبائل في الجوف.

درجت مليشيا الحوثي منذ بداية دخولها محافظة الجوف على استفزاز قبائل محافظة الجوف، من خلال العديد من الأساليب والوسائل التي تنبذها قبائل المحافظة، وتعتبرها من المؤشرات التي تدل على إهانة الثوابت والمبادئ والقيم القبلية المتعارف عليها في المحافظة، وهو الأمر الذي أحدث فجوة كبيرة باعدت بين مليشيا الحوثي وقبائل الجوف، فأصبحت المليشيا في نظر القبائل أشبه بكونها سلطة قهرية لا تمت لمحافظة الجوف بأي صلة، حتى المسؤولين من أبناء المحافظة الذين عينتهم المليشيا في مناصب إدارية لا يملكون أي صلاحية أو قدرة، ولم يفلحوا في كسب ود قبائلهم، بل ينظر اليهم المجتمع الجوفي على أنهم أدوات تستخدمها المليشيا لبسط سيطرتها في الجوف بالطريقة التي تريدها دون أي اعتبار لاحتياجات واهتمامات أبناء الجوف، وقد تمثلت أبرز مظاهر الاستفزاز التي قامت بها مليشيا الحوثي على أبناء المجتمع الجوفي في الممارسات التالية:-

1-  قيام مليشيا الحوثي بعد سيطرتها على المحافظة باقتحام منازل لبعض الشخصيات الاجتماعية والزعامات القبلية في الجوف سواء الموالين للحكومة الشرعية مثل منزل الشيخ العكيمي الذي اقتحمته عناصر المليشيا وهو خاليا بعد السيطرة على الجوف، والتقط أحد المشائخ التابعين لها صورة مع بعض عناصر المليشيا في ديوان الشيخ العكيمي في تحدي واضح لأبناء قبائل الجوف الذين اعتبروا ذلك تعديا على قيم وثوابت القبيلة التي تحرم التعدي على المنازل مسكونة كانت او خاليه، وكذا اقتحام منازل وجهاء مجتمعيون مثل إبن راسية وغيرهم أو المحايدين مثل الشيخ يحيى حزام الذي تعرض منزله للاقتحام وحصار من عدة أطقم وآليات عسكرية للمليشيا في العام 2020م تسببت بإفزاع الساكنين في المنزل من النساء والأطفال ولاقى إدانات كبيرة وواسعة من مختلف شرائح ومكونات المجتمع الجوفي، وهو الأمر الذي أعتبره أبناء القبائل تعدي على قيم وثوابت مجتمعهم([141]).

2-  قيام مسؤولين من المليشيا بإطلاق تهديدات علنية لقبائل الجوف، والتهديد في عرف أبناء القبائل لا يؤخذ مأخذ السياسة بل مأخذ الفعل، ومن التهديدات التي واجهها أبناء قبائل الجوف باستنكار شديد وإدانة واسعة، التهديد الذي جاء على لسان وزير دفاع المليشيا المدعو “أبو علي الحاكم” الذي صرح في اجتماع له مع مجموعة من أبناء المجتمع في مديرية الحزم محافظة الجوف في العام 2020م بأنه ” سيسقي الموت من بطون البندقية كل من تسول له نفسه المقاومة أو الاعتراض على سلطة المليشيا من أبناء الجوف”. ([142])

3-  قامت سلطات المليشيا في أوقات مختلفة بالقبض على بعض أبناء القبائل في مناطق مختلفة من مديريات محافظة الجوف، كما قامت باختطاف آخرين وزجت بهم في سجونها دون أن توجه لهم أي تهم، أو تحدد مبررات لاختطافهم أو سبب للقبض عليهم، ومن ضمنها اختطاف طفل يبلغ من العمر ١١ عاماً من أبناء قبيلة بني نوف التي تعتبر من أبرز قبائل الجوف، حيث ذكرت مصادر محلية إن ميليشيا الحوثي اعترضت طريق الطفل مسفر بن هادي جريم (١١ عاماً) أثناء عودته إلى منزله في الطريق الرابط بين مديريتي الحزم والمصلوب واقتادته الى جهة مجهولة. وتسبب هذا الحدث بإعلان قبيلة بني نوف للنفير والنكف ضد مليشيا الحوثي، إذ حملت القبيلة محافظ الجوف في حكومة الحوثيين المسؤولية عن اختطاف الطفل، وتسبب هذا الحدث باندلاع مواجهات بين أبناء القبيلة وعناصر مليشيا الحوثي في صحراء اللبنات شرق محافظة الجوف. ([143])

4-  تعرض مواطنين من أبناء القبائل في الجوف في أوقات مختلفة من العام 2021م والعام 2022م للقتل على يد عناصر من مليشيا الحوثي، ففي نهايات العام 2021م أطلق عناصر من مليشيا الحوثي النار على شاب من أبناء الجوف أمام عين والده في إحدى النقاط الأمنية التابعة للمليشيا في مديرية الغيل([144])، وفي حادثة أخرى قتل أحد أبناء قبيلة بني نوف وأصيب آخر على يد عناصر مليشيا الحوثي، ما تسبب بإندلاع مواجهات بين القبيلة ومليشيا الحوثي أسفرت عن مصرع ستة من عناصر المليشيا وإصابة آخرين. ([145])

5-  قامت مليشيا الحوثي في العام 2021م بإصدار حكم بإعدام أحد وجهاء قبيلة دهم المعتقل في سجونها، وحرصت على تنفيذه، في تجاهل واضح لمطالب قبائل الجوف التي حذرت من مغبة تنفيذ حكم اعتبرته غير شرعي بحق أحد أبنائها، وأدى ذلك إلى إندلاع مواجهة عنيفة بين قبائل من دهم ومليشيا الحوثي، وأبرزها قيام قبائل في مديرية المطمة المجاورة لمديرية حرف سفيان بحصار عناصر المليشيا ومنعها من دخول الجوف، و وتصاعدت حدة المواجهات بين المليشيات وقبائل “دهم” عقب هجوم للمليشيات على تجمع في مديرية المطمة غربي الجوف، لعدد من أبناء قبيلة آل فاطمة، إحدى قبائل دهم، احتجوا على اعتقال أحد مشائخ القبيلة، وأدت المواجهات إلى مقتل أحد وجهاء القبيلة بينما قتل خمسة من عناصر المليشيا وأعطبت عدة أطقم لهم.([146])

ولم تكن هذه  فقط هي الأسباب والعوامل التي تسبب استفزاز لقبائل الجوف من قبل المليشيا، فقبائل الجوف ترفض طريقة المليشيا وأساليبها القهرية في الحكم والسيطرة، وترفض الانصياع لاستراتيجية المليشيا الطائفية التي تهدف إلى تمكين الأسر الهاشمية مقابل تهميش بقية قبائل الجوف وجميع المكونات المجتمعية الأخرى في المحافظة، كما أن رفض قبائل الجوف الكامل للإذعان والرضوخ لدعاية المليشيا ورفضها الاستجابة لتحشيدها أو المشاركة في معاركها ضد القوات الحكومية يفاقم من غضب المليشيا وحقدها على قبائل الجوف، فتسعى بكل الطرق والوسائل للحد من إمكانياتهم عبر تغيير الديموغرافيا في المحافظة، حيث عمدت إلى إقصاء المسؤولين من أبناء المحافظة وتعيين مسؤولين من محافظات أخرى وقد شملت التغييرات التي قامت بها المليشيا محافظ الجوف السابق في سلطتها وتعيين محافظ آخر من خارج المحافظة.

5- المليشيا وافتعال الأزمات المختلفة في الجوف.

كامتداد لاستراتيجيتها الكلاسيكية في ترسيخ السيطرة التي تتبعها في مناطق سيطرتها، والتي تعتمد على افتعال وصناعة الأزمات لإنهاك وإرهاق المواطنين، حرصت مليشيا الحوثي في محافظة الجوف منذ بداية سيطرتها على افتعال العديد من الأزمات لهدف تنكيد حياة المواطنين وإشغالهم بالبحث عن وسائل لتوفير احتياجاتهم الأساسية بدلاً عن تمكنهم من المشاركة الفاعلة في إدارة محافظتهم، وفي هذا الشأن تفننت سلطة مليشيا الحوثي في الجوف في اختلاق العديد من الأزمات في بداية من أزمة الوقود وليس نهاية بأزمة الكهرباء وبقية الخدمات والاحتياجات الأساسية التي تمس حياة المواطن البسيط.([147])

فقد شهدت محافظة الجوف بعد سيطرة مليشيا الحوثي مباشرة أزمة في الكهرباء، حيث قامت مليشيا الحوثي بإيقاف مولدات الطاقة الكهربائية، وفرضت رسوم باهضه على المواطنين والتجار على حد سواء مقابل الخدمة، وفي الوقت ذاته عدلت أوقات توفير الطاقة الكهربائية من 24ساعة في اليوم كما كانت في عهد سلطة الدولة إلى نظام 12 ساعة أو 8 ساعات في اليوم وبشكل متقطع. ([148])

ولم تكتفي المليشيا بهذا الحد بل قامت برفع تسعيرة الكهرباء على المحلات التجارية والمواطنين، وفرضت رسوم تتجاوز 150الف ريال في الشهر على المزارعين الذي يستخدمون الطاقة الكهربائية في ري المزروعات، وهو ما دفع المزارعين للتوقف عن استخدام الكهرباء في ري المزروعات والتحول مرة أخرى الى المضخات التي تعمل بمأدة الديزل، وتسبب هذا الإجراء في توقف بعض المزارع عن العمل وتلف المحاصيل. ([149])

وردا على هذه الأزمة قام الناشطين في الجوف بعمل وقفات احتجاجية واسعة للتنديد بتدهور خدمة الكهرباء، ودشن العديد من التجار وأصحاب المحلات التجارية في مدينة الحزم في منتصف العام 2021م إضراب عن العمل، وأغلقوا محلاتهم التجارية بشكل كامل لمدة يومين رغم ذلك لم تهتم المليشيا بالإضراب والاحتجاجات وأصرت على اعتماد التسعيرة التي أقرتها لخدمة الكهرباء، وقامت بقطع خطوط الكهرباء عن المحلات والمنازل التي تلتزم بالتسعيرة المقررة. ([150])

ثم تتالت الأزمات التي أثقلت بها المليشيا كاهل المواطن الجوفي، حيث تسبب لجوء المزارعين إلى مضخات الوقود للزراعة، إلى زيادة الطلب على مأدة الديزل فاختلقت المليشيا أزمة في الوقود، ومنعت الوكلاء المعتمدين من قبل شركة النفط من بيع حصصهم من الوقود في المحطات، وأتاحت لهم تسهيلات لبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، فتسبب ذلك بنشوء سوق سواء كبيرة في صحراء المحافظة سماها أبناء المحافظة “الدركال”*،[151] حيث يتم فيها تفريغ ناقلات البترول والديزل إلى خزانات يملكها تجار السوق السوداء بسعر مضاعف، فيقوم التجار بنقلها إلى أسواق المحافظة وبيعها للمواطنين بسعر يتجاوز الثلاثة أضعاف، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر اللتر البنزين من 350 ريال السعر الرسمي، إلى ما يزيد عن 1500، ومؤخراً قامت مليشيا الحوثي باحتجاز وإيقاف جميع شاحنات نقل الوقود ومنعها من الدخول إلى المحافظة، والمحافظات الأخرى ما أدى إلى نشوء أكبر أزمة شهدتها المحافظة، وصل فيها سعر اللتر الواحد من البنزين إلى 2400 ريال.([152])

ورغم مناشدات وإدانات الناشطين في الجوف لهذه الأزمة واتهامهم المباشر لسلطات الحوثيين بالتسبب بها، إلا أن المليشيا لم تقم بأي مبادرة للتخفيف من الأزمة، بل تذرعت على لسان الناطق الرسمي لشركة النفط التابعة لسيطرتها بأن السبب في الأزمة هو الحصار الذي تشنه ما تسميها ب ” قوى العدوان ” على اليمن، وهو التبرير الذي أعتبره الناشطين تبرير سخيف ومبتذل. ([153])

6- المليشيا وانهيار الوضع الأمني في الجوف.

خلال سيطرة الحكومة الشرعية على محافظة الجوف شهدت المحافظة استقرار أمني كبير، ربما يكون الأفضل في تاريخ المحافظة، فقد قامت السلطة المحلية في المحافظة بتفعيل المؤسسة الأمنية في المحافظة وتفعيل المؤسسة القضائية، ما أدى الى حلول مرحلة من الأمن والسلام النسبي في عموم مديريات المحافظة، وتوقفت نتيجة لذلك الصراعات القبلية، وحوادث السلب والنهب وقطاعات الطرق، وباستثناء حوادث قليلة فإن المحافظة عاشت أفضل مراحلها على الصعيد الأمني العام، وبذلك ارتفعت آمال وتطلعات أبناء المحافظة بإمكانية التخلص من ثقل تاريخ طويل من الخوف الذي ظلل المحافظة على مدى تاريخها، وتأسيس عهد جديد من الاستقرار والسلام والمدنية والتسامح وخلو المحافظة من كافة مظاهر التاريخ المظلم، لكن ما حدث بعد سيطرة الحوثيين على المحافظة على الصعيد الأمني طوح بآمالهم وتطلعاتهم، وأعاد المحافظة إلى المربع الأول وبشكل أسوأ وأكثر ظلاما. ([154])

ففي غضون أيام فقط منذ وطئت مليشيا الحوثي مركز محافظة الجوف في العام 2021م شهدت المحافظة انتشار واسع لعصابات اللصوص التي استغلت الفراغ الأمني الناتج عن انسحاب القوات الحكومية من المحافظة، وانشغال مليشيا الحوثي بتثبيت سيطرتها على المحافظة، وشنوا عمليات نهب واسعة طالت محتويات العديد من المؤسسات الحكومية والمجتمعية والحزبية ومنازل المواطنين والنازحين خاصة في مدينة الحزم، إذ تعرضت عشرات المنازل ومقرات المؤسسات المجتمعية والإنسانية والمؤسسات الحكومية لعمليات نهب من قبل عصابات مجهولة الهوية، واشتكى العديد من النازحين الذين تركوا منازلهم من تعرض أثاثهم ومحتويات منازلهم للسرقة، وبالرغم من توقع المواطنين أن المليشيا ستعمل على الحد من هذه الأعمال وتقوم بتفعيل المؤسسات الأمنية وتحاسب اللصوص والمتفيدين، إلا أن المليشيا قامت بالفعل ذاته، ودشن العديد من عناصر المليشيا عمليات نهب للمنازل والمؤسسات في مركز المحافظة إما بدوافع انتقامية كما حصل حين داهمت منازل القيادات التابعين للحكومة الشرعية، وبعض وجهاء المجتمع، واحتلالها والسكن فيها، أو بدوافع إجرامية بهدف الاستحواذ على ما تركه النازحين ورائهم من أثاث ومستلزمات وأجهزة في المنازل.([155])

ولم تتوقف آثار الانهيار الأمني الذي شهدته المحافظة عند هذا الحد البسيط، بل ازدادت وتيرتها بعودة الثارات القبلية، والصراعات المجتمعية، وانتشار جرائم القتل في أسواق المحافظة في ظل غياب أجهزة الضبط والرقابة عند المليشيا، فقد شهدت مدينة الحزم عاصمة المحافظة على مدى العامين 2020م و2021م تكرر لحوادث القتل والسرقة وتعرض بعض المواطنين من أبناء المحافظة للقتل في وضح النهار لأسباب بسيطة، من ضمنها حادثة طريفة رغم مأسويتها حدثت في سوق الحزم في العام 2020م، رواها العديد من النا شطين وأبناء المحافظة، حيث تسبب حادث مروري بسيط بين سيارتين لمواطنين، في إندلاع مشادة كلامية بين ركاب السيارتين الذين نجوا من الحادث، تطورت إلى جريمة متبادلة، حيث فتح ركاب السيارتين النار على بعضهما، مما أدى إلى مقتلهم جميعاً، ولم تكن هذه الحادثة  هي الوحيدة فقد تكررت حوادث من هذا النوع، إضافة إلى حوادث الثأر من ضمنها حادثة راح ضحيتها 18فردا من أفراد قبيلتين  متخاصمتين التقوا صدفة في إحدى مناطق المحافظة ففتح كل منهم النار على الآخرين ما أدى إلى مصرع 18فرداً وإصابة آخرين، ولم تقم المليشيا بأي دور في محاولة تثبيت الوضع الأمني في المحافظة كونها تستفيد من الانهيار الأمني في مشروعها الطائفي الهادف إلى تأجيج نار العداوة بين القبائل في المحافظة لإشغالهم عن ممارساتها وانتهاكاتها بحق المواطنين في المحافظة.([156])

كما شملت الآثار المترتبة عن انهيار الوضع الأمني في المحافظة الطرقات والخطوط التي يتنقل عبرها المواطنين والمسافرين من وإلى المحافظة من المحافظات الأخرى، فقد أدى توقف الخط الرابط بين محافظة مأرب والجوف الذي يسلكه المسافرين والشاحنات التجارية إلى تحويل المنطقة الصحراوية شرق المحافظة إلى طرق بديلة، وانتشرت فيها العديد من عصابات الطرق التي تسببت بمقتل العشرات من المسافرين طيلة العامين الماضيين، ووقوع عشرات حوادث النهب التي طالت سيارات وممتلكات المسافرين، ولم تقم المليشيا بأي محاولة لتأمين هذه الطرق التي تقع النسبة الأكبر منها ضمن نطاق سيطرتها.([157])

7- الغام المليشيا الحوثية في الجوف الموت المستمر.

كانت محافظة الجوف من بين المحافظات اليمنية التي فخختها مليشيا الحوثي بآلاف الألغام في مناطق المواجهات وفي مناطق مدنية ومزارع في مختلف مديريات المحافظة أبرزها مديريات الغيل والمصلوب ومديرية خب والشعف، ونظراً للعشوائية التي نشرت بها مليشيا الحوثي الألغام التي تجاوزت بحسب بعض الإحصائيات 13000 لغماً فإنها تقريبا لا تمتلك أي خارطة لنزعها، بل أنها لا تملك نية لنزعها رغم سيطرتها على المحافظة، وهكذا فقد تحولت الألغام إلى قاتل متسلسل ينهب أرواح المواطنين في الجوف بشكل مستمر. ([158])

والمشكلة الأكبر أن كوارث الألغام في محافظة الجوف تزداد وتتطور حين تأتي السيول بشكل موسمي فتجرف العديد من العبوات والألغام معها إلى الطرقات والمزارع، وبسبب ذلك فإن الألغام والعبوات لم تعد تقتل من يمر في المناطق التي زرعت فيها فقط، بل تذهب بنفسها مع موجات السيول إلى المناطق الآمنة لتتربص بضحاياها. ([159])

ومن حيث عدد ضحايا الألغام في اليمن فإن محافظة الجوف تقريبا تقع على رأس قائمة المحافظات اليمنية التي تشهد المواجهات، فقد وصل عدد ضحايا الألغام في المحافظة خلال العامين 2020م والعام 2021م بحسب إحصائية حكومية نشرتها لجنة الحقوق التابعة للسلطة المحلية في المحافظة التي ذكرت أن الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في المحافظة أودت بحياة ما يزيد عن 910 شخص خلال العامين، وتسببت بما يزيد عن 310 حالة إصابة وإعاقة، بالإضافة إلى خسائر مختلفة للمواطنين ما يقارب عشرون سيارة ومركبة، وما يزيد عن مائة أو مائتين من المواشي والأغنام والأبل التي يمتلكها المواطنين، وتسببت بعض حوادث الألغام بموت أسر كاملة أو  عدة أفراد من أسرة واحدة، وقد تكررت الحوادث من هذا النوع بشكل لافت خلال العامين الماضيين.([160]) ([161]) ([162])

ورغم تزايد عدد حوادث الألغام وارتفاع أعداد ضحاياها في محافظة الجوف، التي أصبحت تعتبر ضمن مسؤولية سلطة المليشيا إلا أن المليشيا لم تقم بأي دور في سبيل حماية المواطنين منها، بل أنها لم تصدر أي إشارة لهذه القضية مطلقاً رغم أن المجتمع الدولي يعتبرها المسؤول الوحيد عن حوادث وضحايا الألغام، كونها الطرف الوحيد الذي يستخدم الألغام والعبوات المدفونة كسلاح منذ بداية الحرب، وهذه اللامبالاة من قبل المليشيا تعتبر مؤشر على رؤيتها وفلسفتها الكهنوتية التي لا تهتم لحياة الأنسان أو مستقبل المواطن، ولا تضع اعتباراً للخطورة التي تمثلها الألغام على أبناء محافظة الجوف واليمن بشكل عام في المستقبل، بل أنها تعتبرهم ضمن الأضرار الجانبية للمواجهات.([163])

وبهذا يمكن القول إن قضية الألغام تعتبر أسوأ انتهاكات مليشيا الحوثي وأكثرها تدميراً في محافظة الجوف واليمن، فهي عبارة عن موت أعمى لا يفرق بين ضحاياه، فقد قتلت المرأة والطفل والشاب والشيخ الجندي والمدني المزارع والعامل، نسفت سيارات ونسفت شاحنات كما نسفت أغنام ونسفت أبقار ومواشي، وستبقى طيلة الزمن تقبع في مناطقها المجهولة تنتظر ضحيتها التالية، ولا أحد يدري كم ستسبب من مآسي وكوارث في المستقبل.

8- كيف ينظر أبناء الجوف إلى سلطة مليشيا الحوثي.

لم يشعر أبناء الجوف بأي انسجام مع سلطة مليشيا الحوثي، ولا يعتبرونها إلا سلطة أمر واقع، يتحملونها على مضض في ظل توسع مطرد لدائرة السخط التي تعم المجتمع الجوفي على ممارسات المليشيا وعناصرها في المحافظة، السخط الذي تظهر بوادره في ردود أفعال ناشطين المحافظة النازحين والمقيمين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تظهر في المواجهات والمعارك التي تندلع بين أبناء بعض قبائل الجوف ومليشيا الحوثي في المحافظة في أوقات مختلفة.

فقد شهدت محافظة الجوف منذ سيطرة المليشيا على عدة مظاهر للمقاومة المجتمعية التي يقوم بها أبناء الجوف كمجتمع حر ضد ممارسات المليشيا، تنوعت هذه المظاهر بين التنديدات والإدانات في وسائل التواصل الاجتماعي، والاحتجاجات والإضرابات وأيضا المقاومة المسلحة للقبائل.

وأبرز تجليات المقاومة التي دشنها المجتمع الجوفي ضد ممارسات المليشيا تتمثل في الاحتجاجات والحملات الإلكترونية وكتابات الناشطين الني تندد بتردي الأوضاع، وترفع مطالبتها لسلطة المليشيا دائما بتحمل المسؤولية، والنظر إلى المحافظة وأبنائها باهتمام، وتفعيل الحركة التنموية، والتوقف عن استفزاز المواطنين، وإيجاد حلول للأزمات أو التوقف عن افتعالها، ومنح المحافظة وأبنائها الحق في الإستفادة من الموارد الاقتصادية المحلية حيث أن السلطة المحلية للمليشيا في المحافظة تعلن عن تحويل كافة الموارد وبشكل مستمر إلى حكومة صنعاء، دون أن تقوم حكومة صنعاء بتوفير أي خدمات لأبناء المحافظة، ويقارنون بشكل منطقي بين الازدهار الذي شهدته المحافظة خلال سلطة الدولة برئاسة المحافظ أمين بن علي العكيمي، وبين الانهيار والركود الذي تشهده المحافظة تحت سلطة المليشيا ومحافظيها.

ولم تتوقف المقاومة المجتمعية عند هذا الحد بل تطورت في أوقات كثيرة من دائرة الصمت إلى الاحتجاج العلني، حيث أعلن التجار وأبناء المجتمع في منتصف العام 2021م وقفة احتجاجية تنديدا برفع تسعيرة الكهرباء في المحافظة، وأعلنت المحلات التجارية بمدينة الحزم إضراب شامل استمر لمدة يومين رافقه إغلاق كافة المحلات والمؤسسات التجارية والمطاعم ورغم أن المليشيا لم تستجيب لمطالبات التجار وأبناء المجتمع ولم تلغي قرار رفع تسعيرة الكهرباء، إلا أن الاحتجاج العلني والإضراب يعتبر مؤشر على شجاعة ومسؤولية أبناء المجتمع، وخطوة إيجابية في طريق المطالبة السلمية بحقوق المواطن، وهذا الشكل الاحتجاجي الذي عبر عن مقاومة المجتمع لممارسات المليشيا يشير إلى رفض أبناء الجوف لسلطة المليشيا وممارساتها اللامسؤولة.

ولازالت النسبة الأكبر من ناشطين محافظة الجوف في وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر المليشيا سبباً لما آلت اليه الأوضاع من انهيار وتردي، إذ يصرحون أنها سلطة جبايات ولا تهتم لشؤون المواطنين، ولا تقوم بأي دور للتخفيف من معاناة الناس في المحافظة، بل أنها تفاقم من المعاناة بافتعال الأزمات وإيقاف الخدمات العامة، ومن المرجح أن تزداد وتيرة مقاومة أبناء المجتمع الجوفي السلمية والقبلية ضد مليشيا الحوثي، وممارساتها المستفزة. ([164]) ([165])

9- السؤال الأخير هل ستعود الجوف إلى ظل الدولة مرة أخرى.

الإجابة على هذا السؤال تستدعي نظرة للوضع العام وخارطة القوى في الجمهورية اليمنية بشكل عام، ففي حال تغيرت استراتيجية قوات الجيش الوطني من الدفاع عن مأرب إلى الهجوم لاستعادة المحافظات الأخرى فمن المحتمل أن تكون الجوف أول محافظة يتم استعادتها وتحريرها، كونها متهيئة للتحرير ومتعطشة لاستعادة فترة الازدهار والتنمية التي شهدتها في ظل سلطة الدولة طيلة أربع سنوات، ولا زال الأمل بعودة الدولة إلى الجوف حياً في قلوب أبناء المحافظة النازحين والمقيمين على حد سواء([166]).

الخلاصة:

كانت محافظة الجوف على مدى تاريخها الحديث مجرد نقطة مهملة في تفاصيل الجغرافيا اليمنية، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية ومكانتها التاريخية، ولم تحظى بأي اهتمام حكومي، وبقيت الدولة فيها شبه غائبة حتى وقت متأخر، وفي حين يعتقد بعض أبناء المحافظة أن ضعف الاهتمام الحكومي بالمحافظة أدى إلى استشراء المشاكل الاجتماعية والصراعات والتناحرات القبلية، وتسبب في تدني مؤشرات التنمية كافة مظاهرها في المحافظة، كانت وجهة النظر الحكومية تعتقد العكس وترى أن الطبيعة المجتمعية البدائية والقبلية للمحافظة وانتشار الظواهر السلبية هي ما عرقل حضور الدولة في المحافظة ومنع عنها امتيازات المدنية التي نالتها المحافظات الأخرى، وبين وجهتي النظر ذاتها أثبتت الأحداث أن المجتمع الجوفي لم يكن سبباً لعرقلة حضور الدولة، فقد تمكن أبناء الجوف حين اتيحت لهم الفرصة ومنحت إدارتهم المحلية الصلاحيات اللازمة من تحريك عجلة التنمية من الصفر، وهو ما حدث منذ العام 2016م بعد تولي أحد أبناء المحافظة اللواء أمين بن علي العكيمي منصب محافظ المحافظة لتشهد الجوف في عهده أفضل مرحلة من تاريخها على كافة المستويات.

ففي غضون أربعة أعوام ورغم أن المحافظة كانت مسورة بالمعارك وتضطرم نيران الحرب على أطرافها، إلا أنها شهدت مرحلة من التطور والازدهار التنموي كان يمكن أن يكون مفتتح لنهضة شاملة، إذ ارتفعت مؤشرات التنمية البشرية بشكل لم تشهده من قبل، وتم تدشين مئات المشاريع التنموية في كافة المجالات الخدمية، خاصة التعليم الذي حقق طفرة غير مسبوقة، والصحة التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في تاريخ المحافظة وأصبحت تنافس بل تتجاوز بقية المحافظات اليمنية، وافتتحت الجوف أول كلية جامعية، ودشنت  عملية التخطيط الحضري المتكامل للمدن وتم تفعيل هيئة الأراضي والعقارات وارتفع مستوى الدخل السنوي للفرد وشهدت أسواق المحافظة انتعاش وتوسع بنسبة تزيد عن الضعف، واستقطبت الجوف رؤوس الأموال والمستثمرين، وتوفرت فيها فرص العمل، وترسخ الوعي الحضاري والتنموي في أوساط المجتمع، وبدأ التوجه نحو المدنية..

وقد تظافرت عدة عوامل أسهمت في حدوث بوادر هذا الازدهار التنموي في الجوف في ظل سلطة الدولة، أبرزها تولي أبناء المحافظة مسؤولية السلطة المحلية فيها وعلى رأسهم اللواء العكيمي اول محافظ للمحافظة من أبنائها، والذي استطاع نظراً لمكانته المجتمعية وخبرته السياسية من ترويض الطبيعة الديموغرافية المعقدة للمحافظة، ودفع بها نحو المدنية السياسية والاحتكام لسلطة الدولة، وأسهمت فراسته الفطرية الأصيلة في حسن اختيار فريق إدارته وأبرزهم من يصفه المجتمع الجوفي بيد المحافظ اليمنى وهو الوكيل الحاشدي الذي أدار ملف التنمية والتحديث في الجوف بإستراتيجية فعالة أدت إلى نتائج إيجابية وعظيمة، هذا بالإضافة إلى التكاتف والمساهمة المجتمعية وجهود رجال المجتمع الجوفي سواء من المكون القبلي أو المكون الحزبي الذين كان لهم دور ملموس في الدفع بالمجتمع نحو تقبل ثقافة المؤسسية والخروج من حيز العشوائية القبلية، كما أسهم تفعيل الأجهزة الأمنية وأجهزة القضاء في المحافظة ضمن الخطوات الأولى في مهام السلطة المحلية في  ارتفاع مستوى تقبل المجتمع لسلطة الدولة والتعاون معها، إذ وجدوا فيها الوسيلة التي تخلصهم من إرث سنوات طويلة من الهمجية والتخلف.

لكن الجوف ولعدة أسباب أصبحت ضمن المناطق التي شملتها التطورات العكسية المتسارعة والمفاجئة على الصعيد العسكري في خارطة الصراع بين القوات الحكومية اليمنية ومليشيا الحوثي وهي التطورات التي أدت إلى سيطرة مليشيا الحوثي على مناطق واسعة في المحافظات اليمنية وصولاً إلى عمق محافظة مأرب، وبدأت هذه التطورات في مجرى الأحداث مع بداية العام 2020م حيث أدى سقوط جبال فرضة نهم الإستراتيجية المطلة على محافظة الجوف تحت سيطرة مليشيا الحوثي إلى تمكن المليشيا من إحكام حصارها على منافذ المحافظة ثم سيطرتها الكاملة على مركز المحافظة بعد معارك شرسة مع القوات المسلحة الحكومية وقبائل الجوف إستمرت زهاء 70 يوماً.

سقوط محافظة الجوف تحت سيطرة مليشيا الحوثي أجهض مسار التنمية والنهضة المدنية التي شهدتها المحافظة، وأعاد الجوف إلى مربعها الأول في ظل ممارسات وإنتهاكات واسعة قامت بها مليشيا الحوثي في المحافظة انعكست آثارها مختلف جوانب الحياة المجتمعية والمؤسسات الخدمية والتنموية، ودفعت بما يزيد عن 50% من أبناء المحافظة وقاطنيها للنزوح والتشرد وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في المحافظة.

مارست مليشيا الحوثي ومنذ سيطرتها على مركز محافظة الجوف في بدايات شهر مارس من العام 2020م آلاف الإنتهاكات التي شملت كافة مظاهر الحياة التنموية، وأبرزها قطاع التعليم والصحة التي انهارت خدماتها بشكل كارثي، بعد تهجير المئات من الكوادر التعليمية الصحية، ومارست مليشيا الحوثي العبث والإنتهاك الممنهج  بالبنية التحتية للتعليم والصحة وتحولت العديد من المؤسسات التعليمية والصحية إلى ثكنات لعناصرها المسلحة، وحرمت ما يزيد عن الف طالب جامعي من  الدراسة  بعد تعطيل كلية التربية والعلوم الإنسانية والتطبيقية وتحويلها إلى معرض طائفي لصور صرعى مليشيا الحوثي.

وانزلقت محافظة الجوف مرة أخرى إلى مستنقع الظلام وغياب الأمن والاستقرار، وتحولت إلى وكر أشباح تمارس فيه عصابات السلب والنهب والتقطعات أعمالها الإجرامية بحق المواطنين والقاطنين في المحافظة، وسجلت المحافظة ارتفاع في عدد جرائم القتل والسرقة والجريمة المنظمة، وتحولت الطرقات فيها إلى بيئة خصبة لعصابات قطاع الطرق، كما شهدت المحافظة عودة متزايدة للصراعات القبلية والثارات بين مختلف القبائل في المحافظة.

وبعد سيطرة مليشيا الحوثي على كافة مناطق المحافظة، لم تقم بأي دور في سبيل حماية المواطنين من الألغام والعبوات المتفجرة التي كانت المليشيا قد زرعتها طيلة سنوات الحرب، وتسببت هذه الألغام بعشرات الحوادث التي راح ضحيتها مئات المواطنين وممتلكاتهم في المناطق المدنية والطرقات والمزارع ومصبات السيول وغيرها، ولا زالت مليشيا الحوثي تتجاهل مطالبات المواطنين للبحث عن حلول لهذه المشكلة، بل تتعامل وكأن الأمر لا يعنيها.

وانتهجت مليشيا الحوثي استراتيجية اختلاق الأزمات في مجالات خدمية متعددة أبرزها الوقود والكهرباء، ومارست استراتيجية استفزاز القبائل بشكل متكر ما أدى إلى حدوث عدة مواجهات بينها وبين القبائل، ولا زالت المواجهات تندلع في المحافظة في أوقات متكررة في سبيل المقاومة التي تنتهجها قبائل المحافظة ضد ممارسات المليشيا.

وعلى الرغم من عدم تقبل المجتمع في الجوف لطريقة وأسلوب المليشيا في ترسيخ سلطتها في المحافظة، ورغبته الملحة في عودة الدولة وسلطتها الشرعية إلى المحافظة، إلا أنه يسعى إلى انتهاج الوسائل السلمية للمطالبة بحقوقه المشروعة من المليشيا التي تقابل مطالباته واحتجاجاته بتجاهل ولا مبالاة، وهو ما أدى إلى انتشار لدائرة السخط ضد مليشيا الحوثي وسط المجتمع بمكوناته المختلفة، السخط الذي يعبر عن نفسه بوسائل المقاومة السلمية من خلال الاحتجاجات والحملات الإلكترونية وغيرها من الوسائل.

ويبدوا أن عودة محافظة الجوف إلى سلطة الدولة محكومة بالمسار العام للمواجهات العسكرية في اليمن، ولا يمكن النظر اليها بشكل مستقل على الرغم من أن العديد من الخبراء والمحللين العسكريين يؤكدون أن استعادة محافظة الجوف هو أسهل خيار للحكومة الشرعية في سبيل عودتها للتحكم والسيطرة على مسار المعركة في اليمن، كما كان في المراحل التي سبقت العام 2020م.

سيف راجح سراج

12 مارس 2022م

[1] * سميت الجوف بهذا الاسم لأن أرضها منخفضة عن الأراضي المحيطة بها. يشتق لفظ الجوف من الأرض التي اتسعت وسقطت وصارت تجويفاً أوسع من قناة تجري فيها الأودية.استُخدمت كلمة (الجوف) للدلالة على أكثر من مكان في شبه الجزيرة العربية، إحداها محافظة الجوف اليمنية الواقعة بين مأرب ومحافظة حضرموت في اليمن من جهة، ومن جهة أخرى. في نجران بالمملكة العربية السعودية، كما تم استخدام الكلمة للإشارة إلى أماكن في اليمامة وديار سعد.

  • [2] نبذة تعريفية عن محافظة الجوف، المركز الوطني للمعلومات – العام 2007م -_ رابط الصفحة هنا.

[3] الجماعي، محمد، تقرير صحفي، المصدر أونلاين، الجوف ثروة ممنوعة، 2014م، رابط التقرير: هنا

[4] المركز الوطني للمعلومات اليمن أرقام وحقائق.

[5] النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2004 م

[6] كتاب الإحصاء الزراعي ل عام2009 م

[7] مطهر، عبدالرحمن، استطلاع، المؤتمر نت، محافظة الجوف.. منطقة سياحية واعدة،2005م، رابط المأدة هنا

[8] منصة دراسات ومراجع، الجوف…الحكم المحلي في اليمن، مؤسسة بيرغهوف ومنتدى التنمية السياسية اليمن، الرابط هنا

[9] المصدر نفسه

[10] الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

[11] * ويعود نسب قبيلة دهم  إلى: دهمة بن شاكر بن ربيعة بن الدعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل وينتهي بقحطان بن هود عليه السلام في جمهرة أنساب العرب، وأبرز التفرعات القبيلة عنها في الجوف قبيلة ذو محمد” برط” ومنهم  ( -ذو موسى -ال صلاح -ال دمينه -ال احمد بن كول –ذو زيد. ) وقبائل ذو حسين وينقسمون إلى ثلاثة أقسام (ذو يحيى : ومنهم : -ذو حميدان -ال حمد.)و (الزوامله: ومنهم : الشولان – ال شنان -الربعة – ال كداده ) و (بني حطبان) وتنتمي إلى قبائل دهم أيضا (قبيلة بني نوف: ومنهم: (ال يحيى وهم: ال عيوه – ال معيان – ال داوود.) و ال إبراهيم ومنهم (ال صيدة -وال ريا ومنهم – المتاعبة – ال شعلان) و المرازيق. وتنتمي إلى دهم أيضا قبيلة  همدان: ومنهم(ال عبيد -ال صالح -ال علي -ال كثير -الفقمان -الخواطره- الشجن-ال بريق -ال خضير…) وقبيلة المعاطره: ومنهم( ال ناوي -الشعوان -آل كزمان -آل المياح-ال يعقوب -ال داوود) وقبيلة ال سليمان: وينتمي اليها- ال جعيد : ومنهم (ال راعيه -الصقران -ال صعبان – ال اتيس) ،المظافره ( ومن ال سليمان الصحابي ضمام بن مالك السلماني) ومن دهم أيضا قبيلة العمالسه: ومنهم: -(ال مسعود -ال قريعه -ال هجلان -ال قاصر -ال نوره -ال جبوع -ال سبوله-ال سبته) ومن دهم أيضا قبيلة ال مسعود وهم (المهاشمه :ومنهم: -ال حريدان -العبصه -الوحرة-ال ثعيلن -ال صويع -المعالفه -ال قريع –آل خرصان) وذو علي ومن دهم قبيلة آل سالم وقبيلة ال ذوي و ال مهدي وال غانم وال معمور منهم وال جابر وقبيلة الشداوده  والعبدة وال جاسر ال بو زايد والجخادبه  وأخيرا قبيلة المحابيب وال مسلم”.

[12] مصدر سابق: المركز الوطني للمعلومات اليمن أرقام وحقائق.

[13] مجاهد، ريم، دراسة بحثية، القبائل والدولة في اليمن، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، يناير 2022م، الرابط هنا

[14] كرمان، صفا، تقرير تلفزيوني، الجوف.. اليمن الأرض والإنسان، قناة الجزيرة الفضائية، 2014م، رابط التقرير يوتيوب هنا

[15] حوار أجراه الباحث مع مجموعة متنوعة من ابناء المجتمع الجوفي.

[16] الدميني، عامر، حوار رئيس الهيئة التنفيذية للقاء المشترك بالجوف، مقابلة صحفية، صحيفة الناس، 2008م، الرابط هنا

[17] حوار ات مباشره أجراها الباحث مع عينات مجتمعية متنوعة من أبناء المجتمع الجوفي.

[18] مبخوت، صالح، تقرير تلفزيوني، الجوف حمل الأطفال للسلاح ظاهرة خطيرة تهدد حياة المواطنين، قناة سهيل، 2019م، هنا

[19] مفردة من اللهجة الجوفية المتداولة تعني “أعزل” أي لا يمتلك ما يدافع به عن نفسه.

[20] الشرق الأوسط، اليمن: منع حمل السلاح الشخصي اعتبارا من أول سبتمبر، خبر صحفي، 2007 إتبع الرابط

[21] حوارات مباشره أجراها الباحث مع مواطنين من المجتمع الجوفي.

[22]حوارات أجراها الباحث مع مواطنين مسنين عاصروا حكم الإمامة من أبناء المجتمع.

[23] الوجيه، د.عباس، قضايا الثأر في المجتمع اليمني، دراسة فقهية على ضوء الشريعة الإسلامية، الناشر جامعة الملكة أروى،2014م، الصفحة الثالثة.

[24] عمار، ميس، تقرير صحفي، اليمن..تغذية الصراعات القبلية ساعدت صالح على تقوية سلطته ، موقع العربية نت،2022م، الرابط هنا

[25] غزوان، محمد غالب، تقرير صحفي، الثأر.. ردة تغذيها السلطة ويستثمرها الساسة ويتجاهلها العلماء ويقودها المشايخ، 2010م، الرابط هنا

[26] مرجع سابق: عمار، ميس، تقرير صحفي، اليمن..تغذية الصراعات القبلية ساعدت صالح على تقوية سلطته ، موقع العربية نت،2022م، الرابط هنا

[27] الدميني، عامر، تقرير صحفي، الجوف ..محافظة منسية أنصفها الأمريكيون وخذلتها الدولة، مأرب برس، 2007م، الرابط هنا

[28] المرجع السابق نفسه، وحديث للناشط السياسي الجوفي مطر دحان في صفحته بالفيسبوك عن معاناة أبناء الجوف مع المحافظين السابقين ويشبههم بالمحافظ فيصل بن حيدر الذي عينته المليشيا على الجوف العام الماضي.

[29] . الأغبري، فاطمة، تقرير صحفي، الثأر نار تحرق أرض السعيدة في ظل غياب العدالة والقانون، موقع DWالعربي، 2007م، الرابط هنا

[30] مرجع سابق: الدميني، عامر، تقرير صحفي، الجوف ..محافظة منسية أنصفها الأمريكيون وخذلتها الدولة، مأرب برس، 2007م، الرابط هنا

[31] المصدر السابق نفسه.

[32] مرجع سابق: غزوان، محمد غالب، تقرير صحفي، الثأر.. ردة تغذيها السلطة ويستثمرها الساسة ويتجاهلها العلماء ويقودها المشايخ، 2010م، الرابط هنا

[33] الأسيدي، نبيل، تقرير صحفي، الثأر في اليمن شعلة تتقد، مأرب برس، 2007م، الرابط هنا.

[34] مرجع سابق: الدميني، عامر، حوار رئيس الهيئة التنفيذية للقاء المشترك بالجوف، مقابلة صحفية، صحيفة الناس، 2008م، الرابط هنا

[35] مرجع سابق: الجماعي، محمد، تقرير صحفي، المصدر أونلاين، الجوف ثروة ممنوعة، 2014م، رابط التقرير: هنا

[36] خبر صحفي عن إفتتاح أول محكمة في الجوف، العرب21، 2019، الرابط

[37]الشبيلي، هشام، حوار صحفي مع محافظ محافظة الجوف اللواء أمين العكيمي، مجلة الإندبندنت، 2018م، إتبع الرابط هنا

[38] منصة دراسات ومراجع، الجوف…الحكم المحلي في اليمن، مؤسسة بيرغهوف ومنتدى التنمية السياسية اليمن، الرابط هنا

[39] الجماعي، محمد، تقرير صحفي، المصدر أونلاين، الجوف ثروة ممنوعة، 2014م، رابط التقرير: هنا

[40] الدميني، عامر، تقرير صحفي، الجوف ..محافظة منسية أنصفها الأمريكيون وخذلتها الدولة، مأرب برس، 2007م، الرابط هنا

[41] المصدر نفسه.

[42] المصدر نفسه.

[43] المصدر نفسه.

[44] كان يوم الأحد من كل أسبوع هو اليوم الذي تشهد فيه مدينة الحزم طفرة سوقية وإنتشار للمعروضات والبضائع المحلية بشكل كبير، خاصة المشغولات اليدوية والماشية.

[45] المظهر العام لسوق مدينة الحزم والمحلات التجارية فيه لم يكن يختلف عن الأسواق الموجودة في الأرياف اليمنية.

[46] يمكن الإطلاع على مظاهر الحياة البسيطة في التقرير الذي أعدته قناة الجزيرة عن الجوف في العام 2013م الرابط هنا

[47] حوارات مع أبناء المجتمع في مدينة الحزم.

[48] حوارات مع أبناء المجتمع في مدينة الحزم.

[49] الجرادي، علي، تقرير تلفزيوني، محافظة الجوف. مسيرة ثورة فبراير السلمية بعيدا عن العنف، قناة بلقيس الفضائية، 2019م، الرابط هنا

[50] حوارات أجراها الباحث مع عدد من شباب الثورة في الجوف.

[51]هل تكون الجوف مقبرة للحوثيين، تقرير صحفي، مجلة البيان، 2014م، إتبع الرابط هنا

[52] المصدر نفسه.

[53] هل تكون الجوف مقبرة للحوثيين، تقرير صحفي، مجلة البيان، 2014م، إتبع الرابط هنا.

[54] الشبيبي، طلال، تقرير صحفي، ما أهمية منطقة الغيل بالجوف ولماذا يستميت الحوثيين للدفاع عنها؟، الموقع بوست، العام 2016م، الرابط هنا

[55] المصدر نفسه.

[56]حوارات مستفيضة اجراها الباحث مع العديد من شباب الثورة الفاعلين في الجوف.

[57] هل تكون الجوف مقبرة للحوثيين، تقرير صحفي، مجلة البيان، 2014م، إتبع الرابط هنا

[58] المصدر نفسه.

[59] المصدر نفسه.

[60] الجرادي، علي، تقرير تلفزيوني، محافظة الجوف. مسيرة ثورة فبراير السلمية بعيدا عن العنف، قناة بلقيس الفضائية، 2019م، الرابط هنا

[61]هل تكون الجوف مقبرة للحوثيين، تقرير صحفي، مجلة البيان، 2014م، إتبع الرابط هنا

[62] قناة الجزيرة الفضائية، تقرير تلفزيوني، اليمن .. المقاومة الشعبية تتقدم نحو مديرية الحزم محافظة الجوف، 2015م، الرابط هنا

[63] القاسم، محمد، تقرير تلفزيوني، الجوف تحت سيطرة قوات الجيش الوطني، قناة بلقيس الفضائية، 2015م، الرابط هنا

ا[64]لسروري، سمير، مقابلة تلفزيوني، حوار القادة.. لقاء مع وكيل محافظة الجوف المهندس عبدالله الحاشدي، قناة عدن الفضائية، 2018م، الرابط هنا

[65] المصدر نفسه.

[66] مرجع سابق: الجماعي، محمد، تقرير صحفي، المصدر أونلاين، الجوف ثروة ممنوعة، 2014م، رابط التقرير: هنا

[67] السروري، سمير، مقابلة تلفزيوني، حوار القادة.. لقاء مع وكيل محافظة الجوف المهندس عبدالله الحاشدي، قناة عدن الفضائية، 2018م، الرابط هنا

[68] المصدر نفسه.

[69] المذحجي، ماجد، ورقة تحليل سياسات، تحديات الحكم المحلي في اليمن في خضم النزاع، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 2021م، إتبع الرابط

[70] خبر صحفي، اللواء أمين العكيمي يؤدي اليمني الدستورية محافظا لمحافظة الجوف، المصدر اونلاين، العام 2016م الرابط هنا

[71] الموسوعة الحرة للمعلومات، ويكيبيديا، ومرصد البرلمان اليمني.

[72]لشبيلي، هشام، حوار صحفي مع محافظ محافظة الجوف اللواء أمين العكيمي، مجلة الإندبندنت، 2018م، إتبع الرابط هنا

[73] الشبيلي، هشام، حوار صحفي مع محافظ محافظة الجوف اللواء أمين العكيمي، مجلة الإندبندنت، 2018م، إتبع الرابط هنا

[74] المصدر نفسه.

[75] تدشين نظام البصمة في دوائر محافظة الجوف، خبر صحفي

[76] أخبار أنشطة مختلفة للسلطة المحلية في المحافظة في المواقع الإخبارية والصحف” رابط1 رابط2 رابط3 رابط 4 رابط 5 رابط 6

[77] حوارات أجراها الباحث مع طلاب تخرجوا في مدارس المحافظة.

[78] كان التعليم في مديريات برط أكثر نظاما وفعالية من بقية مديريات محافظة الجوف وهذة حقيقة معروفة لدى أبناء المحافظة.

[79]مرجع سابق: الدميني، عامر، حوار رئيس الهيئة التنفيذية للقاء المشترك بالجوف، مقابلة صحفية، صحيفة الناس، 2008م، الرابط هنا

[80] مرجع سابق: الجماعي، محمد، تقرير صحفي، المصدر أونلاين، الجوف ثروة ممنوعة، 2014م، رابط التقرير: هنا

[81] المركز الوطني للمعلومات نسخة قديمة.

[82] خبر صحفي، محافظ الجوف يدشّن العام الدراسي الجديد 2016-2017م، عدن الغد، 2016م، الرابط هنا

[83] الموقع الرسمي لمحافظة الجوف، بوابة الإنجازات، التربية والتعليم، المحرر الصحفي عبدالإله الحود.

[84] خبر صحفي، مليشيا تحول مدرسة حكومية الى ثلاجة لقتلاها في الجوف، موقع الصحافة، 2015م، اتبع الرابط

[85] خبر صفحي، المهندس الحاشدي يناقش خطة العام الجديد للتربية والتعليم مع مدير مكتب التربية بالجوف، 2018م، إتبع الرابط

[86] المرجع نفسه.

[87] خبر صفحي، الوكيل الحاشدي يدشن فعاليات دورة تدريبية للكوادر التعليمية بمحافظة الجوف، صحافة نت، 2018م، اتبع الرابط

[88] الموقع الرسمي لمحافظة الجوف، بوابة الإنجازات، التربية والتعليم، المحرر الصحفي عبدالإله الحود.

[89] خبر صحفي، الجوف : مدير مكتب وزارة التربية والتعليم يعقد لقاء بموجهي مديريتي الحزم و الغيل، سبتمبر نت، 2018م، اتبع الرابط

[90]الصفحة الرسمية لمكتب وزارة التربية والتعليم بمحافظة الجوف، فيسبوك. الرابط هنا

[91] المرجع نفسه.

[92] العربي الجديد، الكتاب المدرسي… أزمة يمنية تتجدّد في كلّ عام،تقرير صحفي،2019م، اتبع الرابط

     خبر صحفي، السلطة المحلية بالجوف توقع عقد اتفاقية طباعة الكتاب المدرسي بتكلفة 240مليون ريال، مأرب برس، 2019م، اتبع الرابط [93]

[94] السعيد، طارق، حوار صحفي مع مدير الشؤون المالية والإدارية بمحافظة الجوف الإستاذ يعقوب العامري، موقع وصحفية سبتمبر نت، 2019م، النسخة الألكترونية من الصحيفة في الرابط

[95] مؤشرات جودة التعليم.

[96] عياش، ماجد، تقرير تلفزيوني، مدير صحة الجوف الدكتور مياز اليوسفي يتحدث عن الوضع الصحي ، قناة يمن شباب الفضائية، 2018م، الرابط هنا

[97] حوارات أجراها الباحث مع مجموعة من الأطباء وأصحاب العيادات الذين مارسوا مهنة الطب في الجوف منذ التسعينات.

[98] الصفحة الرسمية لهيئة مستشفى الجوف العام، فيسبوك.

[99] المصدر نفسه.

[100] تقرير الأداء السنوي لمستشفى الجوف العام 2018م. نسخة مطبوعة.

[101] خبر صحفي، عن مشروع توسعة مستشفى الجوف العام 2019م، سبأ اونلاين صحافة نت ، الرابط هنا

[102] خبر صحفي، الوكيل الحاشدي يفتتح المركز الصحي بمديرية المصلوب، صحافة نت،2018م، الرابط هنا

[103] الصفحة الرسمية لمكتب وزارة الصحة والسكان بمحافظة الجوف، موقع الفيسبوك.

[104] عودة العمل الى محطات الطاقة الكهربائية في الجوف بعد ستة أشهر من الإنقطاع، فيديو، daily motion، 2016م إتبع الرابط

[105] خبر صحفي، السلطة المحلية تناقش خطة لحل مشاكل الطاقة الكهربائية بالجوف، مارب برس، 2019م، اتبع الرابط

[106] مبخوتـ،صالح، الجوف – عودة الكهرباء والمياه للموطنين بعد طرد الانقلابيين، تقرير تلفزيوني ، قناة سهيل الفضائية، 2016م، الرابط هنا

[107] عياش، ماجد، إنطفاءات الكهرباء في الجوف تعطل عمل العشرات، تقرير تلفزيوني، قناة يمن شباب الفضائية، 2018م، اتبع الرابط

[108] فيرستاين، جيرالد، مقال صحفي، موازنة الحكم الذاتي والوحدة الوطنية في اليمن،    CRATAR NET، link

[109] خبر صحفي، الجوف.. وفد من هيئة المساحة العامة والتخطيط العمراني يطَّلع على مخطط مدينة الحزم الجديدة، صحيفة أخبار اليوم، 2018م، النسخة الألكترونية عبر الرابط

[110] حوار أجراه الباحث مع مدير المكتب الفني بمحافظة الجوف المهندس عارف الحيدري في العام 2018م.

[111] مرجع سابق: خبر صحفي، الجوف.. وفد من هيئة المساحة العامة والتخطيط العمراني يطَّلع على مخطط مدينة الحزم الجديدة، صحيفة أخبار اليوم، 2018م، النسخة الألكترونية عبر الرابط

[112] منصة ميدان الجوف الإعلامية، تقرير صحفي عن التخطيط الحضري والعمراني بالجوف

[113] الدميني، عامر، تقرير صحفي، الجوف ..محافظة منسية أنصفها الأمريكيون وخذلتها الدولة، مأرب برس، 2007م، الرابط هنا

[114] خبر صحفي، سبأ نيوز، محافظ الجوف يفتتح كلية التربية والعلوم الإنسانية، 2018م، اتبع الرابط

[115] مشاهد تصويرية مختلفة لأقسام الكلية  وقاعاتها والإنشاءات الجديدة فيها، يوتيوب الرابط

[116] فيلم وثائقي عن كلية التربية والعلوم الإنسانية والتطبيقية بالجوف، عبر الرابط

[117] المصدر نفسه.

[118] كلية التربية والعلوم الإنسانية بمحافظة الجوف تقيم حفل تكريم لأوائل الطلاب للعام الجامعي 2018م/2019م، إتبع الرابط

[119] حيث ذكر مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في محافظة الجوف فهد القطواني، إن 10553 أسرة نزحت من الجوف منذ نحو تسعة أشهر وتتوزع حاليا في عشرة مخيمات للنازحين في محافظة مأرب، وكالة شينخوا الصينية، رابط التقرير هنا

[120] الجوف جرائم وإنتهاكات للحوثيين بالجملة، قناة يمن شباب، حلقة خاصة من برنامج المرصد رابط

[121] الحوثيين يعيديون اليمنيين إلى أيام الحرب الأولى نزوح وتنكيل، العربية نت، رابط

[122] جرائم حوثية مروعة بحق مدنيي الجوف اليمنية، العين نيوز، تقرير صحفي رابط

[123] الجوف..ميليشيا الحوثي تنهب محتويات وأرشيف مكتب التربية بالمحافظة، عدن الغد رابط

[124] الجوف المستشفى الذي قتله الحوثيين ثلاث مرات، تقرير صحفي، رابط

[125] الحوثيين يعيديون اليمنيين إلى أيام الحرب الأولى نزوح وتنكيل، العربية نت، رابط

[126] الصفحة الرسمية لمكتب وزارة حقوق الإنسان محافظة الجوف.

[127] التقرير السنوي للجنة الحقوق والإعلام الحكومية.

[128] حوارات أجراها الباحث مع مسؤولين منظمات حقوقية في الجوف.

[129] حوارات أجراها الباحث مع تجار من الحزم في أوقات مختلفة خلال العامين، ومنشورات واقعية لناشطين من داخل محافظة الجوف.

[130] حوار سابق مع مدير المكتب الفني بالمحافظة.

[131] محمد، عادل، تقرير صحفي، سوق مدينة الحزم في ظل سيطرة المليشيا يتحول إلى وكر أشباح، صحيفة صوت السلام الورقية، العدد 56، 2020م.ص3.

[132] لجنة الحقوق والإعلام، تقرير إنتهاكات المليشيا بحق التعليم في الجوف، العام 2020م.

[133] تعليم في مهب الريح، حصيلة مرعبة لإنتهاكات الحوثيين بحق التعليم في الجوف، تقرير صحفي، 2020م، العين الإخبارية، الرابط هنا

[134] مليشيا الحوثي تفرض مناهج عنصرية ومعلمين على مدارس الجوف، تقرير صحفي، الصحوة نت، العام 2020م، اتبع الرابط

[135] خبر صحفي، الجوف: “الحوثي” يحرم 52 ألف طالب من التعليم، العربية نت ، 2020م، إتبع الرابط

[136] الصفحة الرسمية لمكتب وزارة التربية التعليم بمحافظة الجوف.

[137] مرجع سابق: تعليم في مهب الريح، حصيلة مرعبة لإنتهاكات الحوثيين بحق التعليم في الجوف، تقرير صحفي، 2020م، العين الإخبارية، الرابط هنا

[138] مرجع سابق: تقرير صحفي، الجوف.. المستشفى الذي قتله الحوثيين ثلاث مرات.

[139] لجنة الحقوق والإعلام تقرير إنتهاكات مليشيا الحوثي على المؤسسات الصحية

[140] المصدر نفسه.

[141] خبر صحفي، مليشيا الحوثي تقتحم منزل شيخ قبلي في الجوف، الميناء برس، 2020م، اتبع الرابط

[142] خبر صحفي، ابوعلي الحاكم يهدد ويتوعد قبائل الجوف، دهم برس، إتبع الرابط

[143] خبر صحفي، الجوف.. مليشيات الحوثي تختطف طفلا من قبائل بني نوف وتقتاده إلى جهة مجهولة، يمن شباب نت، 2022م، إتبع الرابط

[144] خبر صحفي، ميليشيا الحوثيين تقتل طفلا أمام والده في الجوف، العربية نت،2020م/ إتبع الرابط

[145] خبر صحفي، مليشيا الحوثي تقتل مواطنا في نقطة تفتيش تابعة لها،مدى برس، 2021م. إتبع الرابط

[146] خبر صحفي، مواجهات عنيفة بين القبائل والحوثيين في الجوف، نافذة اليمن، 2021م، إتبع الرابط

[147] تقرير تلفزيوني، مليشيا الحوثي وإفتعال الأزمات في مناطق سيطرتها، قناة يمن شباب، 2022م، إتبع الرابط

[148] خبر صحفي، الجوف.. اضراب شامل لأصحاب المحلات احتجاجا على رفع أسعار الكهرباء، مدى برس، 2021م، إتبع الرابط.

[149] المصدر نفسه.

[150] خبر صحفي، الجوف.. تجار يضربون احتجاجا على رفع سعر الكهرباء، قناة المهرية، 2021م، إتبع الرابط

[151] مكان بيع وشراء المحروقات النفطيه، والمعنى الحقيقي للكلمة هو المكان الذي تستريح فيه الشاحنات.

[152] خبر صحفي، أزمة مشتقات خانقة.. مظاهرات واتهامات للمليشيا بحجز ناقلات النفط في الجوف، قناة بلقيس، 2022م، إتبع الرابط

[153] تقرير صحفي، أزمة وقود خانقة.. مليشيا الحوثي وإدارة السوق السوداء، قناة بلقيس الفضائية، 2022م، إتبع الرابط

[154] الموقع الرسمي لمحافظة الجوف.

[155] حوارات اجراها الباحث مع مجموعة من النازحين.

[156] تقرير صحفي، تأجيج الثأر.. حرب حوثية “سوداء” تفتك بقبائل اليمن، العين الإخبارية ، 2020م، إتبع الرابط

[157] الباحث نفسة، تقرير صحفي، طريق الرويك الصحراوي عبور غير آمن، موقع المشاهد نت، 2021م، إتبع الرابط

[158] تقرير صحفي، إحصائية بعدد ضحايا الغام المليشيا في الجوف، صحيفة 26سبتمبر، 2021م، إتبع الرابط

[159] تقرير صحفي، الجوف.. 910 مدنيين ضحايا ألغام الحوثي بينهم نساء وأطفال، العربية نت، 2021م، إتبع الرابط

[160] تقرير تلفزيوني، توثيق 900 ضحية لألغام مليشيا الحوثي في محافظة الجوف، قناة بلقيس، 2021م، إتبع الرابط

[161] متابعات، خلال ثلاث سنوات.. مقتل واصابة أكثر من 900 شخص بسبب الألغام في الجوف، المصدر أونلاين، إتبع الرابط

[162] تقرير الموت المدفون عن لجنة الحقوق والإعلام الحكومية عن الغام المليشيا  بالجوف، نسخة مطبوعة

[163] المصدر نفسه.

[164] ردود أفعال الناشطين من أبناء الجوف في مواقع التواصل الاجتماعي حيال العديد من المواضيع المختلفة,

[165] حوارات مع العديد من أبناء المحافظة القاطنين تحت سلطة المليشيا.

[166] وفقاً لآراء العديد من المحللين العسكريين والناشطين السياسيين ومقاتلين المقاومة الشعبية في الجوف.

4.5/5 - (8 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى