الدراسات البحثيةالمتخصصة

التحول الديمقراطي في الجزائر 1988- 2014

اعداد :  تغريد صفي الدين عزيز الدين الحداد – ماجستير علوم السياسية – إشراف : د. محمد نور البصراتي – كلية السياسة والاقتصاد – جامعة بني سويف – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

تعد عملية التحول الديمقراطي أحد أبرز ملامح التطور السياسي الذي شهدته ولا زالت تشهده بلدان العالم الثالث منذ ثمانينات القرن العشرين، فقد ازدادت في هذه الفترة عمليات الانتقال من النظم السلطوية أو غير الديمقراطية إلى نظم تتسم بالطابع الديمقراطي؛ وترتكز على وجود تعددية سياسية، وهنا نشير إلى ما أطلق عليه “صمويل هنتجتون” اسم (الموجة الثالثة من الانتقال للديمقراطية) وهذا خلال أواخر القرن العشرين.

وتلك الظاهرة مثلها مثل غيرها في العلوم السياسية تنطوي على عدد من المفاهيم والأُطر ذات الطابع النظري التي تحاول تفسير هذه الظاهرة وتحليلها ومحاولة التنبؤ بمآلاتها، والتحول الديمقراطي بدوره يقتضي العمل على تكييف البيئة الاجتماعية ذات الطابع التقليدي نحو بيئة أكثر تحضر.

والجزائر واحدة من الدول العربية التي مرت بعملية تحول ديمقراطي والذي نجح بالفعل في الفترة (1989- 1992) حيث تم في هذه الفترة عمل انتخابات على المستوى البرلماني والمحلي؛ وهو ما مثل حياة سياسية تتسم بالتعددية، ففي البداية حدثت أزمة اجتماعية واقتصادية في الجزائر خلال منتصف الثمانينات من القرن العشرين وهو ما أدي إلى احتجاج الشعب وخروجه في انتفاضة ضد غلاء المعيشة  في أكتوبر 1988.

وفي بداية الأمر تم مواجهة الانتخابات بالاعتماد على العنف، وانتهى الأمر بالإعلان عن برنامج إصلاح يتسم بالشمولية وفيه إقرار بتشكيل دستور جديد 23 فبراير 1989 والذي بدوره أكد على التعددية السياسية والليبرالية الاقتصادية، وكان للتحول الدينقراطي في الجزائر سمات وعقبات.

وفي هذه الدراسة سوف نسلط الضوء على بعض المحاور المتعلقة بعملية التحول الدينقراطي بالتطبيق على دولة الجزائر.

أهمية البحث:

تتمثل أهمية الدراسة في عدد من المحارو كالتالي:

  1. إثراء المكتبة العربية من خلال الارتكاز على تلك الدراسة لعمل دراسات مستقبلية بشأن إعادة التحول الديمقراطي في دولة الجزائر.
  2. إدراك أهمية عملية التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث.
  3. عرض نتائج وتوصيات هامة بشأن موضوع الدراسة.

أهداف البحث:

يتطلع هذا البحث إلى تحقيق عدد من الأهداف وهي:

  1. التعرف على ماهية عملية التحول الديمقراطي.
  2. بيان خصائص عملية التحول الديمقراطي.
  3. تسليط الضوء على أنماط التحول الديمقراطي.
  4. التعرف على مسار التحول الديمقراطي في الجزائر.

إشكالية البحث:

عملية الانتقال الديمقراطي واحدة من التطورات السياسية البارزة التي شهدتها دول العالم الثالث بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة خلال ثمانينات القرن العشرين، وصار التحول الديمقراطي مبدأ عالمي لا يقتصر على دولة بعينها بعد الموجة الثالثة للديمقراطية، ولكن تلك العملية تباينت من دولة لأخرى، وكانت الجزائر من الدول التي سعت للتحول  الديمقراطي، ومن هنا يُثار تساؤل هام ورئيسي مؤداه: ” ما هو التحول الديمقراطي؟ وما مظاهر التحول الديمقراطي في الجزائر في الفترة 1988- 2014؟”

التساؤلات الفرعية:

  1. ما المقصود بالتحول الديمقراطي وما هي أنماطه؟
  2. ما هي مؤشرات التحول الديمقراطي وخصائصه؟
  3. كيف كان مسار عملية التحول الديمقراطي في الجزائر؟

منهج الدراسة:

تم الاعتماد في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي للتعرف على الإطار النظري لعملية التحول الديمقراطي بصفة عامة، واعتمدت كذلك على منهج دراسة الحالة من خلال التعرف على عملية التحول الديمقراطي في الجزار في الفترة 1988- 2014.

خطة البحث:

يتم تقسيم البحث لعدد من المباحث والمطالب كالتالي:

المبحث الأول: ماهية التحول الديمقراطي.

  • المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي وأنماطه.
  • المطلب الثاني: مؤشرات وسمات التحول الديمقراطي.

المبحث الثاني: التحول الديمقراطي في الجزائر 1988- 2014.

  • المطلب الأول: دوافع التحول الديمقراطي في الجزائر.
  • المطلب الثاني: العقبات أمام التحول الديمقراطي في الجزائر.

المبحث الأول

ماهية التحول الديمقراطي

تمهيد وتقسيم:

إن التحول الديمقراطي كواحد من المفاهيم الحديثة التي تم طرحها على الساحة الفكرية فإن طبيعته التي تتصف بالشمولية والاتساع تؤدي لزيادة الاهتمام بتأصيل نظري له، وفي هذا المبحث من الدراسة نلقي الضوء على ماهية التحول الديمقراطي من خلال مناقشة بعض المحاور المتعلقة بتلك العملية، مثل مفهومه وسماته وأنماطه ومؤشراته.

وفي سبيل ذلك نقوم بتقسيم المبحث إلى مطلبين؛ نخصص المطلب الأول للتعرف على مفهوم وأنماط التحول الديمقراطي، وننتقل في المطلب الثاني للتعرف على مؤشرات التحول الديمقراطي وخصائصه، وذلك كما يلي:

  • المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي وأنماطه.
  • المطلب الثاني: مؤشرات وسمات التحول الديمقراطي.

المطلب الأول

مفهوم التحول الديمقراطي وأنماطه

أولاً: تعريف التحول الديمقراطي

إن مصطلح “التحول الديمقراطي” يتألف من لفظين (التحول- الديمقراطي) ونتناول تعريف كلاً منهما وصولاً لتعريف التحول الديمقراطي كمصطلح مركب كالتالي:

التحول: يشير إلى الانتقال من موضع لآخر ومن حال لحال، وهو لفظ مأخوذ من اللغة اللاتينية بمعنى الانتقال والمرور، وتعد عملية الانتقال الديمقراطي أول مراحل التحول إلى نظام ديمقراطي، ويقصد بالتحول وجود فترة ذات طابع انتقالي تفصل بين تقويض أسس النظام السياسي السابق وبناء نظام سياسي جديد.[1]

ديمقراطي: هو لفظ مأخوذ من الديمقراطية، وفي هذا الصدد أشار “صمويل هنتجتون” إلى أنه لتناول مفهوم التحول الديمقراطي لابد في البداية التطرف لمعنى الديمقراطية ثم الانتقال للتحول لها، ويوجد للديمقراطية العديد من المفاهيم، نتطرق منها للتعارف الكثر بروزاً.

عرف “جوزيف شمبيتر” الديمقراطية على أنها “آلية ذات طابع سياسي تعمل على تنظيم منافسة القيادات للحصول على السلطة، فإنها عبارة عن وسيلة سياسية أو تنظيم تأسيسي هدفه الوصول لقرارات سياسية، ويعزز الأفراد من خلالها سلطة الحكم بالطرق التنافسية من أجل إعلاء صوت الشعب”.[2]

ويوجد عدة معايير أشار إليها علماء الغرب للنظر لنظام معين على أنه نظام ديمقراطي ومنها ما يلي:[3]

  • حق الانتخاب.
  • حرية الرأي.
  • حق الترشح للمناب السياسية.
  • انتخابات نزيهة.
  • حرية إنشاء الجمعيات السياسية.

التحول الديمقراطي: ظهر هذا المصطلح بالتزامن مع حركات الانتقال من الأنظمة السلطوية إلى الأنظمة الديمقراطية التي شهدها العالم في ثمانينات القرن الماضي، ويوجد عدة تعريفات له، منها “أن التحول الديمقراطي هو المرحلة التي تفصل بين نظامين سياسيين، وهو عملية تطبيق للمبادئ الديمقراطية للتحول من نظام غير ديمقراطي لآخر ديمقراطي”.[4]

كما يعرف بأنه “العملية التي يتم خلالها صياغة آليات وقواعد لحل الصراعات بوسائل سلمية والوصول في النهاية لوضع دستور ديمقراطيوعمل انتخابات نزيهة وتوسيع نطاق المشاركة السياسية”.[5]

ثانياً: أنماط التحول الديمقراطي

ويقصد بأنماط التحول الديمقراطي؛ الكيفية التي يتم من خلالها التحول، وقد أقر “صمويل هنتجتون” بوجود أربع أنماط للتحول الديمقراطي كالتالي:[6]

  • نمط الانتقال من أعلى: ويطلق على هذا النمط اسم “منحة الديمقراطية” ويتم التحول في هذا النمط من داخل النظام غير الديمقراطي القائم بالفعل، ويعتبر هذا النمط من أفضل أنماط التحول لأنه ينطوي على قبول النظام الحاكم بالتحول ويقل به العنف.
  • نمط الانتقال من أسفل: ويطلق عليه اسم “الإحلال” وهو تحول يقوم من خارج النظام السياسي القائم، وتكون هنا المعارضة أقوى من الحكومة، ويحدث عادة في أعقاب أزمة شديدة لا يتمكن النظام القائم من حلها، وبالتالي يتم تعبئة الجماهير على نطاق واسع في مواجهة النظام.
  • نمط التحول الإحلالي: وفي هذا النمط يؤدي كلاً من المعارضة والنظام الحاكم دور في عملية التحول الديمقراطي، فعلى سبيل المثال عند ظهور تدهور في الحكم تتحرك المعارضة لاستغلال ذلك التدهور، ويتم عمل مفاوضات لتغيير النظام.
  • نمط التدخل الخارجي: ويحدث التحول هنا نتيجة لتدخل قوة خارجية ويكون التدخل عن طريق أسلوبين هما :
  • التدخل العسكري بشكل مباشر.
  • التدخل من خلال الإعانات الاقتصادية.

المطلب الثاني

مؤشرات وسمات التحول الديمقراطي

أولاً: مؤشرات التحول الديمقراطي

يتم النظر لعملية التحول الديمقراطي على أنها عملية مضطردة من التفاعلات، حيث تتراجع نظم الحكم الغير ديمقراطية بجميع أشكالها، لتأتي بدلاً منها نظم الحكم الديمقراطية ترتكز على المشاركة في صنع القرار السياسي، وشرعية المؤسسات السياسية، ووجود انتخابات نزيهة.[7]

فالتحول يشير إلى إرساء قواعد جديدة على نحو يؤدي إلى أداء أول انتخابات نزيهة بعد إنهاء النظام الغير ديمقراطي، وتبدأ عملية التحول الديمقراطي حين يشهد النظام السلطوي أزمة تفرض عليه إعادة تموضع أطرافه، وفي هذا الصدد كما سبق وذكرنا قد يتقدم النظام الحاكم بأخذ زمام عملية التحول قبل أن ينهار لكي يتفادي الانهيار، ويكون النظام في هذه الحالة بحاجة لدرجة محددة من الشرعية الانتخابية مستقبلاً.[8]

ويمكن القول أن التحول الديمقراطي بدلالاته اللفظية يشير للمرحلة التي تتوسط بين نظام غير ديمقراطي ونظام ديمقراطي، ويتم قياس مدى نضوج التحول كلما اقترب لمرحلة الديمقراطية، وانطلاقاً من تلك النقطة يوجد تحول ديمقراطي (متقدم- وسيط- ناشئ).[9]

ثانياً: سمات التحول الديمقراطي

يتميز التحول الديمقراطي بعدد من السمات التي تميزه من أبرزها ما يلي:[10]

  • فترة تاريخية مفتوحة، تتحدد التغيرات خلالها بالارتكاز على الاختيارات ذات الطابع الاستراتيجي.
  • توجد بها درجة مرتفعة من الصراع غير المحدد وعد القدرة على تحديد نتائجه.
  • عملية تتسم بالتعقيد وتؤول إلى تغيرات في الأبنية والعمليات والأهداف التي لها تأثير على توزيع السلطة السياسية، فإن التحول الديمقراطي هو حصيلة لعملية معقدة يحدث فيها تفاعل بين النواحي المختلفة سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية … إلخ.
  • تتسم بصفة غير مؤكدة ولا متوقعة فمن المستحيل التنبؤ بنتائج تلك العملية، وتنطوي على عدة أخطار مثل الرجوع مرةأخرى لنظام سلطوي؛ إنطلاقاً من كون المؤسسات التابعة للنظام السلطوي تبقى بجانب المؤسسات التي تم تشكيلها عند التحول.
  • ذات مسارات متعددة؛ ونتائج متباينة، وتتعلق في جوهرها بمراحل ثلاثة هي:
  • إنهيار النظام السلطوي.
  • التحول الديمقراطي.
  • ترسيخ الديمقراطية
  • إنها مادة للأحداث التي تتسم بالطابع غير المرئي وإجراءات لا تتسم بالمحدودية، ونتائجها تكون غير مقصودة، وفي العادة يلجأ الممثلون إلى اختيار غير متأني يتسم بالتسرع والاضطراب، وتكون التحالفات التي ينضموا إليها في الغالب خاضعة للظروف المتغيرة.

المبحث الثاني

التحول الديمقراطي في الجزائر 1988- 2014

تمهيد وتقسيم:

منذ حصول الجزائر على الاستقلال عام 1962 ساد فيها نظام الحكم الفردي، وكانت الدولة تتدخل في كل شؤون ونشاطات الدولة وخاصة ذات الطابع السياسي منها، واستمر هذا الوضع منذ استقلال الدولة حتى نهاية ثمانينات القرن العشرين حيث انتشرت الموجة الثالثة من موجات التحول الديمقراطي حول العالم.

والجزائر شـأنها شأن الدول التي اهتمت بعملية التحول الديمقراطي، فقد تبنت عدد من التحولات ثمثلت في (تراجع نظام الحكم العسكري- التخلي عن نظام الحزب الواحد على الصعيد الدستوري والقانوني، وتبني انفتاحات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي لمواكبة التغيرات التي حدثت على مستوى العالم.

ولقد خصصنا هذا المبحث من الدراسة للتعرف على مسار عملية التحول الديمقراطي في دولة الجزائر، من خلال تقسيم المبحث إلى مطلبين يركز المطلب الأول على دوافع التحول الديمقراطي في الجزائر، ثم ننتقل في المبحث الثاني للتعرف على العقبات التي واجهت عملة التحول الديمقراطي في الجزائر في فترة الدراسة.

  • المطلب الأول: دوافع التحول الديمقراطي في الجزائر.
  • المطلب الثاني: العقبات أمام التحول الديمقراطي في الجزائر.

المطلب الأول

دوافع التحول الديمقراطي في الجزائر

إن عملية التحول الديمقراطي في الجزائر يمكن أن نرجعها لبعض العوامل والدوافع؛ جزء من تلك الدوافع يعود في الأساس للإطار الداخلي المرتبط بالنظام السياسي الذي يتولى الحكم، والعوامل الأخرى تتمثل في العوامل في الإطار الخارجي أو الدولي مثل انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي والتوجه نحو الديمقراطية والمناداة بحقوق الإنسان.[11]

أولاً: على المستوى الداخلي

لقد حدثت الإصلاحات والتحولات الديمقراطية في إطار أوضاع داخلية سيئة على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني والثقافي عقب الاستقلال، فعلى سبيل المثال من الناحية الاقتصادية والاجتماعية نتج عن تراجع الدخل القومي عقب الأزمة الاقتصادية العالمية؛ تقليص تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية بشكل مباشر واتخاذ خطوات تتسم بالانفتاح.[12]

واتضح عجز الحكومة في الجزائر عن تحقيق التنمية وهذا أحد الدوافع الرئيسية لتبني سياسة الانفتاح والاتجاه للتحول الديمقراطي، ونتج عن فشل الحكومة هذا أزمات في الداخل وتهديد لشرعية النظام القائم على السلطة، مما أدى لظهور احتجاجات كان أبرز تلك الانتفاضات أحداث 5 أكتوبر 1988 التي نادت بالإصلاح والتغيير.[13]

كما أن سيطرة النظام الحاكم واحتكار السلطة وتبني نظام الحزب الواحد نتج عنه وقوع صراعات مثل الانقلابات العسكرية والاعتقالات، مما أدى لتصاعد القوى السياسية المعارضة والتي ظهرت على شكل حركات راديكالية ذات طابع إسلامي وغير إسلامي والتي واجهت السلطة الحاكمة “مثل حركة بويعلي ذات الطابع المسلح خلال منتصف الثمانينات وقبلها الحركة البربرية”، وذلك ما خلف عدم استقرار سياسي أو أمني في الجزائر.[14]

ثانياً: على المستوى الخارجي

التوجه نحو الديمقراطية: فبعد سقوط جدار برلين عام 1989 وزوال الهيمنة الاشتراكية نشأت نقطة تحول مركزية في النظام الدولي ككل، واتجهت الدول التي تعاني من وجود أنظمة ديكتاتورية إلى التوجه نحو التحول الديمقراطي.[15]

المشروطية: فإن المشروطية السياسية التي برزت في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات قد صبت اهتمامها على ميكانيزمات الإصلاح الاقتصادي، انطلاقاً من معاناة دول العالم الثالث ومنها الجزائر لأزمات اقتصادية حادة، وانطلاقاً من هنا بدأت المؤسسات المالية الدولية التي تقدم معونات اقتصادية تمارس بعض الضغوط الاقتصادية على الدول التي تعاني من أزمات لكي تتبنى الديمقراطية سواء بالتهديد أو بفرض الحصار.[16]

المطلب الثاني

العقبات أمام التحول الديمقراطي في الجزائر

وبالنظر لمسار عملية التحول الديمقراطي في الجزائ من 1988 حتى 2014 نجد أن النتائج المتحققة منها كانت محدودة لحد كبير، وبالرغم من أنها أدركت معنى التحول الديمقراطي وسعت لتحقيقه إلا أنها لم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منه وهذا يعود لعدد من المعوقات نذكر بعضاً منها فيما يلي:[17]

أولاً: طبيعة النظام

فقد تم تبني نظام الحزب الواحد وطول فترة بقاؤه في الحكم وممارسة القهر والاستبداد على الشعب، وبالرغم من بعض المزايا التي حققها التحول الديمقراطي في الجزائر؛ إلا أنه لم يؤدي لتغيير حقيقي في نظام الحكم، وهذا لأن النظام منذ البداية لم يسعى لإحداث تغيرات جذرية في الهياكل السياسية.[18]

ثانياً: تدخل الجيش في الأمور السياسية

فإن سيطرة الجيش على مراكز صنع القرار أو تدخله في الشؤون السياسية عائق لتحقيق الديمقراطية، حيث أن هذا التدخل يعد من أبرز سمات النظام السياسي في الجزائر.

ثالثاً: الممارسات المشبوهه

فإن انتشار الفساد على المستوى الإداري والمالي وكذلك السياسي التي يتخذها الأفراد للحصول على الثروة من المناصب التي يحظون بها.

رابعاً: وجود اختلاف في بعض النواحي

فمن معوقات التحول الديمقراطي في الجزائر الاختلاف او التنوع علة المستوى اللغوي والعرقي والديني والقبلي، فقد انتهى هذا التنوع إلى وجود صراعات وعرقلة الخطط التنموية، وخاصة إثارة الأقليات بفعل قوى خارجية مما أدى لظهور حركات انفصالية في الدولة.

خامسا: التدخلات الخارجية

فقد لعب التدخل الخارجي من قِبل الغرب دور في عرقلة عملية التحول الديمقراطي على الرغم من تشجيعه لهذا التحول في البداية، فقد كان هدفه من التحول تحقيق مصالحه فقط، ولهذا عاد لتوطيد الأنظمة القديمة التي تخدم مصلحه وتحقق أهدافه في المنطقة.

خاتمة:

إن التحول الديمقراطي باختصار هو الانتقال من نظام تسلطي أو غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي، وعملية التحول الديمقراطي تتسم بالتعقيد، ولها عدة انماط ولها خصائص تميزها عن العمليات السياسية الأخرى.

وقد ركزنا في هذه الدراسة على عملية التحول الديمقراطي في الجزائر في الفترة (1988- 2014) والتي وُجد فيها محاولات جادة للتحول نحو الديمقراطية ولكنها في النهاية لم تؤد الأهداف التي وضعت من اجلها.

وقد بدأنا حديثنا بالتعرف على ماهية التحول الديمقراطي من خلال مناقشة تعريفه وأنماطه، والانتقال للتعرف على مؤشراته وخصائصه، وبعد ذلك سلطنا الضوء على عملية التحول الديمقراطي في الجزائر من خلال الإطلاع على الدوافع وراءها من ناحية والمعوقات التي عرقلت عملية التحول من ناحية أخرى.

نتائج:

  1. التحول الديمقراطي هو المرحلة التي تفصل بين نظامين سياسيين، نظام سلطوي ويتم الانتقال لنظام ديمقراطي.
  2. يتسم التحول الديمقراطي بعدة خصائص منها التعقيد، وتعدد المسارات، والصراع.
  3. حسب “صمويل هنتجتون” يوجد أربعة أنماط للتحول الديمقراطي هي (تحول من أعلى- تحول من أسفل- نمط إحلالي- تدخل خارجي).
  4. بالرغم من أن الجزائر أدركت معنى التحول الديمقراطي وسعت لتحقيقه إلا أنها لم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منه وهذا يعود لعدد من المعوقات منها (طبيعة النظام- التدخل الخارجي- تدخل الجيش في السياسة…).

مراجع:

  1. أحمد طعيبة، دور المؤسسة التشريعية في دعم التحول الديمقراطي: حالة الجزائر، رسالة دكتوراة، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية، 2007.
  2. توفيق المديني، المغرب العربي ومأزق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 2004.
  3. خميس حزام والي، إشكالية الشرعية في الأنظمة السياسية العربية مع إشارة لتجربة الجزائر، مركز دراسات الوحدة العربة، بيروت، لبنان، 2003.
  4. رشيدة بوسدر، المشاركة السياسية والتحول الديمقراطي في الجزائر (1989- 2012)، رسالة دكتوراة، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، 2021- 2022.
  5. عبد الغفار رشاد، التحول الديمقراطي في الحياة السياسية المعاصرة، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، دون سنة نشر.
  6. مجدان محمد، العملية الديمقراطية في الجزائر: الأسباب والعوائق، المجلة الجزائرية للسياسات العامة، العدد 5، أكتوبر 2014.
  7. محمد الصديق الشيباني، أزمة الديمقراطية الغربية المعاصرة: دراسة تحليلية، المركز العالمي للدراسات، الطبعة 2، 1990.
  8. محمد سعد أو عامود، الرأي العام والتحول الديمقراطي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2010.
  9. المنصف وناس، الدولة والمسألة الثقافية في المغرب العربي، سلسة آفاق مغربية، النبراسي للنشر، تونس، 1995.

[1] عبد الغفار رشاد، التحول الديمقراطي في الحياة السياسية المعاصرة، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، دون سنة نشر، ص 87.

[2] محمد الصديق الشيباني، أزمة الديمقراطية الغربية المعاصرة: دراسة تحليلية، المركز العالمي للدراسات، الطبعة 2، 1990، ص 111.

[3] رشيدة بوسدر، المشاركة السياسية والتحول الديمقراطي في الجزائر (1989- 2012)، رسالة دكتوراة، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، 2021- 2022، ص 81.

[4] رشيدة بوسدر، المرجع السابق، ص 78- 88.

[5] رشيدة بوسدر، المرجع السابق، ص91.

[6] رشيدة بوسدر، المرجع السابق، ص 108- 115.

[7] رشيدة بوسدر، المرجع السابق، ص 94.

[8] رشيدة بوسدر، المرجع السابق، ص 94.

[9] أحمد طعيبة، دور المؤسسة التشريعية في دعم التحول الديمقراطي: حالة الجزائر، رسالة دكتوراة، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية، 2007، ص 48.

[10] محمد سعد أو عامود، الرأي العام والتحول الديمقراطي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2010، ص 25.

[11] مجدان محمد، العملية الديمقراطية في الجزائر: الأسباب والعوائق، المجلة الجزائرية للسياسات العامة، العدد 5، أكتوبر 2014، ص 56.

[12] المنصف وناس، الدولة والمسألة الثقافية في المغرب العربي، سلسة آفاق مغربية، النبراسي للنشر، تونس، 1995، ص 20.

[13] توفيق المديني، المغرب العربي ومأزق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 2004، ص 59.

[14] مجدان محمد، العملية الديمقراطية في الجزائر: الأسباب والعوائق، مرجع سابق، ص 58.

[15] مجدان محمد، المرجع السابق، ص 59.

[16] مجدان محمد، المرجع السابق، ص 61.

[17] مجدان محمد، المرجع السابق، ص 62- 69.

[18] خميس حزام والي، إشكالية الشرعية في الأنظمة السياسية العربية مع إشارة لتجربة الجزائر، مركز دراسات الوحدة العربة، بيروت، لبنان، 2003، ص 200- 201.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى