الدراسات البحثيةالعلاقات الدوليةالمتخصصة

أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية في الفترة (2000- 2015)

 اعداد الباحثة : هاجر محمد أحمد عبد النبي – المركز الديمقراطي العربي

إشراف: أ.د محمد سالمان طايع

المقدمة:

برز موضوع أمن الطاقة على الساحة الدولية مع زيادة التقدم الاقتصادي والعولمة في إطار مايعرف بالأمن غير التقليدي، وذلك لم يعني عدم وجوده من قبل بل أنه تطور أكثر في فترة ما بعد الحرب الباردة في إطار التطور في مفهوم الأمن عموماً.

وتحكم العلاقات الدولية والسياسة الخارجية مجموعة من العوامل والاعتبارات تتمثل بعضها في القدرات المادية والأمكانات الذاتية للدولة، وقدرتها على الاستخدام الكفء والتوظيف الأمثل لتلك المواردلتحقيق الاكتفاء الذاتي،واستخدام الدبلوماسية الناعمة والمرنة أو القوة الصلبة لتعويض نقص في مواردها الطبيعية اللازمة لتحقيق النهضة الاقتصادية، وبالإضافة إلى ذلك، عندما يكون للدولة ميزة نسبية في محصول أو مورد معين.

وفي بحثنا هذا سوف نتناول لتلك العلاقة بين أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية على اعتبار أن روسيا هي عملاق الطاقة الأكبر في العالم إلى جانب السعودية ودول الخليج، وأن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية هما أكبر مستوردي الطاقة في العالم من قديم الأزل وانضمت إليهم مجدداً الصين نتيجة للقوة الاقتصادية الكبيرة التي حققتها، وأصبحت من القوى العظمى وأكبر الشركاء التجاريين لكل دول العالم.[1]

ونحاول من خلال الدراسة الكشف عن أثر أمن الطاقة على العلاقات الدولية والسياسة الخارجية بين روسيا والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، وسياسة الغرب كله تجاه روسيا باعتبارها المتحكم الرئيسي في سوق النفط والغاز من خلال شركات النفط الروسية التي تتوزع في دول كثيرة من العالم.

كذلك تهدف الدراسة إلى معرفة أهم سياسات أمن الطاقة التي يتخذها الجانبين الروسي والغربي، ومدى صحة تلك السياسات في تحقيق أهدافها والعمل على استقلالية الدولة، وتأتي أهمية أمن الطاقة من كونه يمكن ان يولد حروب بين الدول التي تتنازع عليه، وظهر ذلك من خلال أوكرانيا وأزمة القرم التي اندلعت في عام 2014، وأدت إلى حرب دولية بين الثلاث قوى الكبرى محل الدراسة وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وروسيا الاتحادية. كما يؤدي الفشل في استخدام القوة الصلبة مع التغيرات العالمية، كما حدث لواشنطن وكان السبب في بروز روسيا[2] إلى اتجاه الدولة لأدوات القوة الأخرى كأمن الطاقة لتحقيق النفوذ.

ثانياً: المشكلة البحثية:-

هناك العديد من الأدبيات التي تناولت بالدقة والتحليل موضوع “أمن الطاقة في العلاقات الدولية” باعتبار أن الطاقة محدد أساسي لسياسة الدولة الخارجية وذلك إما بتوافر تلك الموارد لديها فتتبع سياسة خارجية تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية، لأن الطاقة سلاح استراتيجي تزداد أهميته يوماً بعد يوم مما يعطي للدولة التي تمتلكه المزيد من الثقل في المجتمع الدولي، أو بإفتقارها لها فترضخ لرغبات الدول المصدرة لها حتى تضمن توفير احتياجات سكانها فتصبح دولة تابعة ليس لها نفوذ قوي مع وجود استثناءات لتلك القاعدة.
وفي هذا الصدد يمكن تصنيف تلك الأدبيات إلى:-

أدبيات تناولت سياسات أمن الطاقة داخل الدولة بين الحكومة وبين قطاع الطاقة والشركات المتحكمة فيه، فهناك دول تتحكم في تلك المؤسسات،[3] وهناك دول أخرى تختلف مصلحة حكوماتها عن مصالح وأهداف شركات النفط والغاز الطبيعي التي تعمل بداخلها مما يتسبب في خلق صراع نتيجة لاختلاف الرؤى كما هو الحال في دولة روسيا الاتحادية من حيث الخلاف بينها وبين مؤسسة غازبروم لتباين مصلحة كل منهما في التعامل مع الغاز كسلعة استراتيجية[4]
وذهبت أدبيات أخرى للتركيز على أثر توافر مصادر الطاقة أو عدم توافرها على السياسة الخارجية للدول، وفي هذا الإطار يتضح أنه من المتعارف عليه أن الدولة تصبح أقوى حينما تملك كل ما تحتاج لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار السياسي لأنه بذلك تستطيع أن تعظم نفوذها في المجتمع الدولي، ولكن يوجد استثناء لذلك حيث هناك العديد من الدول تقع تحت قيود وضغوط من قبل دولة أو مجموعة دول أخرى رغم امتلاكها ما تحتاجه من قدرات مادية[5] كما أن مفهوم الطاقة له بعد خاص لكل دولة خاصة الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية بسبب أهميته الاستراتيجية والاقتصادية الكبرى[6]. وفيما يتعلق بالغلاقات الروسية الغربية في مجال الطاقة، تناول عدد من الباحثين تحليل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه قضية الطاقة من حيث مدى الأهمية التي تتمتع بها تلك القضية في أجندة الاتحاد، فقد أتخذ موضوع أمن الطاقة

مساحة كبيرة من الاهتمام بعد أن منعت موسكو إمداد الغاز الطبيعي للمناطق المضربة مما أثار قلق دول الاتحاد وجعلهم يبحثون عن بديل اخر لروسيا[7]، بالإضافة لدراسة سياسات موسكو بشأن ملف الطاقة والتي تحاول من خلالها توسيع نفوذها على دول اوروبا، والدور الهام الذي تلعبة شركة جاز بروم في هذا الإطار[8]، كما أن هناك مجموعة من الأدبيات التي أهتمت بالوصول إلى مجموعة من الحلول لأزمة الاعتماد المتبادل بين روسيا وأوروبا والذي يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الروسي بمجرد تخلى دول الاتحاد عن النفط الروسي، كما إن منع موسكو إمداد مصادر الطاقة لأوروبا من شأنه أن يؤدي لكارثة لتلك الدول[9].

انطلاقاً مما سبق، تتحدد المشكلة البحثية في تحليل وبحث أهمية الطاقة كمحدد رئيسي لتوجه السياسة الخارجية لكل من دولة روسيا الاتحادية ودول الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال بعدين: الأول، هو البعد الخاص بأمن الطاقة بينهما. والثاني، هو دور الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية في تحديد مسار تلك العلاقة من خلال ممارسة الضغط على أى من الطرفين.
ومما سبق يكون التساؤل الرئيسي للدراسة : ما هو أثر أمن الطاقة على العلاقات الدولية؟

ويكون السؤال التطبيقي هو: ما أثر أمن الطاقة على العلاقات الروسية الغربية في الفترة (2000- 2015)؟

وينطلق من ذلك التساؤل الرئيسي عدة أسئلة فرعية كما يلي:

  • ما أثر أمن الطاقة على السياسة الداخلية والخارجية لروسيا؟
  • ما أثر أمن الطاقة على السياسات الغربية؟
  • أثر أمن الطاقة على العلاقات الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية بين روسيا والغرب في الفترة (2000 – 2010)؟
  • ما هو أثر أمن الطاقة على العلاقات السياسية، والاقتصادية الروسية الغربيةفي الفترة (2011 – 2015) في ظل بعض الأزمات الدولية كالأزمة الأوكرانية والأزمة السورية؟
  • ما هو أثر أمن الطاقة على إعادة تشكيل التحالفات الدولية؟

ثالثاً أهمية الدراسة:-

  • أولاً الأهمية العلمية “النظرية”:-

تتمثل الأهمية العلمية لتلك الدراسة في تناولها بالبحث والتحليل أكثر من مشكلة فيما يتعلق بأمن الطاقة ومحاولة الكشف عن بعض الحلول مما يقدم إطار نظري يساعد في تفسير اسباب تغير السياسة الخارجية، ونشوب الصراعات وتوتر العلاقات بين الدول كنتيجة لعدم توافر مصادر الطاقة، كما أن الدراسة بالرغم من إنها تندرج تحت مظلة العلوم السياسية إلا إنها يمكن ان تنتمي في الوقت ذاته للدراسات الاقتصادية، لأنها توضح تأثير رغبة الدول في تحقيق النمو الاقتصادي على توجه سياساتها.

كذلك يتبنى البحث مجموعة من المفاهيم والنظريات كنظرية الأمن القومي، والأمن غير التقليديNTS” ” والذي تطور منذ أواخر الستينيات مع ظهور المشاكل الاقتصادية والحديث عن التنمية في جميع المجالات، وظهر بالأساس في دول أوروبا التي تعلي من أهميته وهو يشمل أمن الطاقة وأمن الغذاء والأمن المائي وغيرهما[10].

  • ثانياً الأهمية العملية “التطبيقية”:-

تتحدد الأهمية العملية للدراسة في إنها موضوع شائك ومهم على الساحة الدولية بسبب ازدياد حاجة الدول لمصادر الطاقة مع حاجة الدول للتبادل التجاري والنقل وتحقيق التنمية، كذلك الطاقة مهمة لكل إنسان فلا يمكن له أن يعيش بدون مصادر الطاقة فالمياه والسلع والخدمات الأساسية تحتاج إلى طاقة كي تنقل للأفراد، كذلك المستشفيات والخدمات الطبية ووسائل النقل تدار جميعها بموارد الطاقة بأشكالها المختلفة[11].

وبالتركيز على موضوع البحث ندرك أهمية العلاقة بين الفاعلين محل الدراسة في ذلك الشأن حيث تعتبر روسيا من أغنى دول العالم في الوقود الأحفوري وتعد دول الاتحاد الأوروبي من أكبر الدول المستوردة له _ إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والصين_ ويتنبأ الباحثون باستمرار تلك العلاقة لسنوات قادمة، لذلك يحاول البحث دراسة مختلف الجوانب لعلاقة أمن الطاقة بين الدول محل الدراسة للاستفادة منها وتطبيق مميزاتها على الدول الأخرى المصدرة والمستوردة، وتلاشي عيوبها والتي تتمثل بالدرجة الأولى في زيادة حدة الاعتماد المتبادل الذييهدد اقتصاد كلاهما وإن كان بدرجات مختلفة، فهناك دول أوروبية تعتمد كلية على الطاقة الروسية في حين أن هناك دول أخري تنوع من مصادرها.

ثالثاً التحديد الزماني والمكاني:-
أولاً التحديد المكاني:

تناقش الدراسة قضية أمن الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي وهى أكبر الدول المستوردة لمصادر الطاقة وروسيا الاتحادية وهى من أكبر الدول مساحة وامتلاكاً للوقود الأحفوري حيث أنها تعتمد على صادراتها من تلك الموارد لتحقيق النمو الاقتصادي مما يعني أن الطاقة سلاح استراتيجي لها. كذلك الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة، ويعد أقوى اقتصاد في العالم حيث يتمتع بسوق اقتصادي موحد ويشمل أكثر الدول تقدماً وازدهاراً. وتم اختيار العلاقة بيينهما لأنها من أبرز العلاقات الدولية القائمة بالأساس على أمن الطاقة الذي أصبح المحدد الرئيسي والأول لصنع السياسة الخارجية تجاه بعضهما البعض.

ثانيا التحديد الزماني:

تبدأ الفترة الزمنية من عام 2000 وهو عام تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطة حيث أشارت بعض الدراسات أن روسيا لم تصبح دولة طاقة بالشكل الحالي إلا بعد توليه مقاليدالحكم ويظهر ذلك في التقدم الاقتصادي الذي حققه بعدما انهار الاقتصاد الروسي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ولم يشهد طفرة حقيقية إلا بعد وصول بوتين للرئاسة.

وتتوقف الدراسة عند عام 2015 لتناول الأزمة الأوكرانية والتحول الذي حدث على إثرها في العلاقات الروسية الغربية ومسايرة الأحداث إلى النهاية.

رابعاً الأدبيات السابقة:

يتم تصنيف الأدبيات السابقة إلى ثلاثة محاور، الأول خاص بالأدبيات التي تناولت أمن الطاقة، والثاني يوضح الأدبيات التي تناولت العلاقات الروسية الغربية بشكل عام، ويذكر الثالث أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية، وذلك على النحو التالي:

أولا: أدبيات تناولت “أمن الطاقة”

  • هناك دراسة بعنوان “أمن الطاقة والسياسة الخارجية : دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة”[12] تتمحور مشكلتها البحثية حول معرفة تأثير توافر أو عدم توافر مصادر الطاقة على السياسة الخارجية للدول التي تصدر وتستورد الطاقة، وأيضا حدود ذلك التأثير. كذلك يحاول الباحث تحديد القيود التي تمنع بعض الدول التي لديها وفرة كبيرة في مصادر الطاقة كروسيا أن يكون لها فاعلية وتأثير في النظام الدولي من أجل تحقيق اهدافها. واستخدم البحث منهج دراسة الحالة للتحليل ويظهر ذلك من خلال تناول البحث دراسات حالة لكبار الدول المصدرة والمستوردة لمصادر الطاقة لمعرفة تأثير أمن الطاقة على العلاقات الخارجية بين الدول، ومن خلال ذلك المنهج تم التوصل لمجموعة من النتائج أهمها، أن قدرات الدولة القومية لها تأثير ملحوظ على سياستها الخارجية وتؤدي إلى نجاح تلك السياسة أو فشلها، كما إنها تحدد الوضع النسبي للدولة في النظام الدولي ويستثنى من ذلك الوضع وجود قيود أو ضغوط على تلك الدول التي تمتلك قدرات مادية فائقة تحول دون نفوذها وتأثيرها. ويعد التحول في مفهوم أمن الطاقة من أبرز نتائج البحث بالإضافة إلى تبني تعريفات عديدة للمفهوم، ما بين تناوله كمفهوم اقتصادي وسياسي، أو تناوله كمفهوم يركز على أمن العرض وذلك هو المفهوم التقليدي القديم، فضلا عما قيل، توصلت الدراسة أن طبيعة النظام السياسي ليست محدد رئيسي في توجهات السياسة الخارجية وأن هناك توظيف مباشر وغير مباشر يتعلق بتأثير توافر مصادر الطاقة. ويؤخذ على الباحث -فيما يتعلق بدراسة روسيا كأحدى أهم الدول المصدرة للطاقة- عدم تناوله بالدقة سياسة دول الاتحاد الأوروبي كمستورد للطاقة الروسية تجاه موسكو. ويستفاد من تلك الدراسة بمعرفة العلاقة بين حاجة الدول لتأمين احتياجتها من النفط والغاز وسياستها الخارجية.
  • هناك رسالة قدمها الباحث عمرو السيد عبدالعاطي بعنوان “أمن الطاقة في السياسة الخارجية الأمريكية: دراسة الة بحر قزوين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر”[13] مشكلتها البحثية مفادها دراسة تأثير الحاجة الأمريكية لتوفير مصادر الطاقة بصورة كافية على السياسة الخارجية لواشنطن، واستخدم الباحث منهج تحليل النظم لتحليل افكاره فالمدخلات تتمثل في المطالب المحلية والحاجة الداخلية الملحة لمصادر الطاقة، أما المخرجات فتترجم في السياسة الخارجية التي ترمي لتوفير تلك المطالب، وقوة تأثير تلك السياسة وقدرتها على تحقيق أهدافها والإيفاء بحاجة الشعب تعد بمثابة التغذية الأسترجاعية. وقد تم التوصل لمجموعة من النتائج أهمها أن مفهوم الطاقة له أهمية خاصة لدى الحكومات الأمريكية باعتبارها سلاح استراتيجي ومصدر قوة، كما أن هناك مؤسسات معنية بقضايا أمن الطاقة في حاجة إلى إعادة النظر فيها وتطويرها وتحديث استراتيجيتها. ويؤخذ على تلك الدراسة طول الفترة الزمنية لها، بالإضافة إلى عدم تناول مسار السياسة الخارجية للدول المصدرة الممثلة في منطقة بحر قزوين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، حيثتم التركيز على سياسة واشنطن فقط. ويمكن الاستفادة من تلك الدراسة بمعرفة ابعاد مفهوم أمن الطاقة بالنسبة لأمريكا باعتبارها محدد رئيسي للعلاقات الروسية الأوروبية خاصة في مجال الطاقة، فهي تمتلك من وسائل الضغط ما يكفي للتأثير على الفريقين وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في دراستنا.
  • دراسة شمس الخوانكي بعنوان “صنع السياسات العامة في الصين: دراسة لسياسة أمن الطاقة”[14] والتي تتحدد مشكلتها البحثية بمعرفة كيف يتم صنع السياسة العامة في الصين، وما هى السياسة القومية المتعلقة بأمن الطاقة لضمان توفير مصادر الطاقة اللازمة من أجل الأكتفاء الذاتي، واستخدم الباحث منهج تحليل النظم لتحليل أبعاد المشكلة حيث أنه يهتم بدور المؤسسة في صنع القرار ويتناول البحث دور المؤسسات الصينية الحكومية في صنع سياسات الطاقة، فهناك مدخلات هى المطالب الشعبية، والمخرجات تتمثل في قرارات وسياسات وخطط. وقد تم التوصل إلى نتيجة مفادها أن قطاع الطاقة في الصين يقع تحت سيطرة شركات النفط القومية التي نقع تحت سيطرة الدولة الحزبية في النهاية، كما أن الصين تبذل جهود ناجحة في توفير مصادر متنوعة من موارد الطاقة كالنفط والغاز الطبيعي والطاقة النووية والقوة الكهرومائية.ويؤخذ على تلك الدراسة، عدم تناول دور السياسة والعلاقات الخارجية في تطوير قطاع الطاقة في الصين وتوفير احتياجاته بما يساعد الدولة على الاكتفاء الذاتي. ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة بمعرفة دور المؤسسات الصينية وتحليل ساساتها الداخلية فيما يتعلق بأمن الطاقة، ومقارنة ذلك بالسياسة الروسية والأوروبية والأمريكية للوصول في النهاية إلى الاستراتيجية التي تحكم علاقات الطاقة بين تلك الفواعل.
  • دراسة “أمن الطاقة الأوروبي : الفرص والتحديات”[15] تركز مشكلتتها البحثية حول معرفة وتحليل الجهود الأوروبية لضمان توفير ما تحتاجه من مصادر الطاقة من خلال تنويع مصادرها من الدول المصدرة التي تمتلك أكبر احتياطي من النفط والغاز الطبيعي، وقد تم استخدام النظرية البنائية- الوظيفية لدراسة الموضوع وتفسير وتحليل أبعاده، حيث تهتم تلك النظرية بدراسة الأنشطة والسياسات التي يسلكها النظام من أجل استمراره واستقراره وهذا ما يفعله الاتحاد الأوروبي الذي يحاول تأمين احتياجاته من البترول والغاز. وتوصل الكاتب إلى عدة نتائج أهمها ان فرصة تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال دول الاتحاد الأوروبي محدودة للغاية، لأن تلك الدول رغم تقدمها لا تملك من مصادر الطاقة ما يغذي اقتصادها ويساير مستوى المعيشة المرتفع لشعبها فلذلك ستظل معتمدة على الخارج للحصول على تموينها من الطاقة ومن ذلك مبادرات تلك الدول في روسيا وإيران وبحر قزوين ودول الشرق الأوسط لضمان تحقيق أمن الطاقة الأوروبي من خلال التعددية في الدول المصدرة للاتحاد بحيث لا يؤدي الخلاف مع أي منهم إلى تهديد أمن الطاقة الأوروبي. بالإضافة إلى ماسبق، توصلت الدراسة إلى أن الشرق الأوسط يعتبر محور هام في ذلك الصدد. ويؤخذ على الكاتب إغفاله التأثير الفعال للولايات المتحدة على سياسة الدول التي تمول أوروبا بالطاقة لكي تضمن أمن حليفها “الاتحاد الأوروبي”. ونستفيد من المقال بمعرفة الفرص والتحديات التي تواجه دول أوروبا، وتحديد المصادر التي تمثل بديل لروسيا مستقبلاً.
  • هناك دراسة بعنوان، “نقاش حول أمن الطاقة للصين الشعبية”[16]، تتناول مشكلتها البحثية محاولة معرفة محددات أمن الطاقة ومحاولة الوصول إلى استراتيجيات لضمان أمن الطاقة في الدولة دون المساس أو تقويض أسس الأمن القومي للدولة، واستخدم الباحث منهج تحليل النظم للتحليل والاستنتاج بحيث يوجد مدخلات وهى، الرغبة في تأمين النظام والحفاظ على الأمن القومي والإقليمي، وتتمثل المخرجات في اإجراءات وسياسات حكومية تجاه الأسواق العالمية للطاقة لتنظيم قطاع الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي دون المساس بأمن الدولة وتتمثل التغذية الاسترجاعية في أهمية تلك القرارات ومدى نجاحها في تحقيق أمن الطاقة والأمن القومي والإقليمي، وتوصلت الدراسة إلى افتراضين، يمثل أولهما اتجاه الحكومة الصينية لتحقيق التكامل في سوق الطاقة العالمي والتنسيق مع كبار المستوردين، والثاني يتنبأ بجهود داخلية ترمي إلى تقليل الاعتماد على المصادر الخارجية للطاقة وإن كان يصعب تحقيق ذلك، ويؤخذ على الدراسة عدم توضيح الاسباب الحقيقية وراء عدم رغبة الصين في الاستيراد من الخارج وقلقها بشأن الاعتماد المتبادل في حين أن الاتحاد الأوروبي وأمريكا من أكبر الدول المستوردة، ويستفاد من الدراسة من الوصول إلى حقيقة مفادها أن أمن الطاقة يقع تحت مظلة أكبر وهي الأمن الإقليمي.
  • تبنت دراسة لدانيل يرجين بعنوان “ضمان أمن الطاقة”[17] تؤكد أن قضية أمن الطاقة برزت عقب الحرب العالمية الأولى كأحد أهم القضايا العالمية، وتسعى مشكلتها البحثية لمعرفة العلاقات التكاملية التي تؤسس أمن الطاقة بوضع فرضية عدم ظهور مايسمى أمن الطاقة من تلقاء نفسه بل نتيجة لعلاقات أمبريالية بين الدول والتفاعلات فيما بينهما بما يخلق في النهاية الداعي والدافع لتحقيق وضمان أمن الطاقة لكل دولة، واستخدم الكاتب النظرية الوظيفية التي تثبت أن هناك أنشطة متكاملة يستلزمها استمرار النظام، لأن النظام السياسي بمثابة نسق ويضم أنساق فرعية لكل منها دور يُكمل ذلك النسق، فكل شكل من أشكال التفاعل بين الدول يشكل النسق الرئيسي للعلاقات الدولية وأمن الطاقة يعتبر نسق فرعي بين تلك الأنساق، وتوصل الكاتب إلى نتيجة هامة مفادها أن نموذج أمن الطاقة السائد منذ ثلاثة عقود يجب أن يتم تحديثه ليتضمن عوامل جديدة، كما أن مبدأ التنويع في مصادر الطاقة ووسائل الحصول عليها سيبقى المبدأ المؤسسي الحاكم لسوق الطاقة العالمي، ويؤخذ على الدراسة الإيجاز في تفاصيل العلاقات والتفاعلات التي تولد أمن الطاقة في النهاية، ويستفاد من الدراسة بتأكيد أن التنويع سيظل المبدأ الحاكم للعلاقات الدولية في مجالات الطاقة وخاصة النفط والغاز، بالإضافي إلى أن تحيقيق الأمن في الوقود الخيوي يتوقف على إدارة الدولة لعلاقاتها مع الدول الأخرى.
  • دراسة بعنوان، “خصائص سياسة أمن الطاقة الروسية تجاه آسيا الوسطى: بالتركيز على بناء خط أنابيب ساوث ستريم”[18]، تدورو مشكلتها البحثية لمعرفة الآثار السياسية والاقتصادية بعد مراجعة سياسة أمن الطاقة وخط غاز ساوث ستريم، واستخدم الباحث المنهج المقارن من حيث وجود فرق بين سياسة الطاقة لكل من آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين، وروسيا الاتحادية، وأوروبا، وتوصل الباحث إلى وجود آثار سياسية واقتصادية ناتجة عن إنشاء خطوط الغاز في تلك الدول، فضلاً عن أن الاتحاد الأوروبي يستخدم سياسة التنويع وبناء أنابيب الغاز لضمان أمن الطاقة وأنه سيظل يستخدم تلك السياسة، ويؤحذ على الدراسة عدم تناول دور القوى الاخري الرئيسية في سوق الطاقة العالمي سواءً المصدرة أو المنتجة للنفط، ويستفيد الباحث من الدراسة بمعرفة أن سياسية روسيا تعتمد على الاحتفاظ بتحالفاتها في سوق الطاقة من خلال أمن ثابت ومستقر يتمثل في فتح سوق للوقود الحيوي في آسيا الوسطى وبحر قزوين.

ثانيأ أدبيات تناولت العلاقات الروسية الغربية:

  • دراسة بعنوان، “العلاقات الروسية مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية: انعكاسات على الأمن العالمي”[19] توضح علاقة التعاون بين روسيا والغرب في المجالات التي تولد بينهما مصالح مشتركة كالأمن والاقتصاد وتدور مشكلتها البحثية حول تساؤل رئيسي وهو ما أثر العلاقات الروسية الغربية على الأمن العالمي، واستخدمت المنهج المقارن حيث تناولت تلك العلاقات من وجهة نظر روسيا ومن وجهة نظر الغرب المتمثل بأمريكا وأوروبا فكل طرف يحكمه مصالحه الخاصة التي تؤول إلى علاقات خارجية وسياسة خارجية تعكس تلك المصالح، وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج وهي أن علاقة التعاون بين روسيا والغرب لم تسير في نفس الاتجاه دائماً فهناك تغيير من قبل سياسة موسكو تجاه واشنطن، كما تؤكد الدراسة أن الولايات المتحدة تظل الشريك الرئيسي لروسيا في النواحي الاستراتيجية وأهم نتيجة هي وجود تأثير قوي للعلاقات الروسية الغربية على الأمن العالمي، ويؤخذ على تلك الدراسة، عدم تناول ملف الطاقة – فيما عدا الطاقة النووية وخط أنابيب النفط “باكو سيهان” حيث تناولتهما بإيجاز – كمحدد رئيسي لعلاقة روسيا بالغرب ويؤثر على الأمن العالمي في إطار الأمن غير التقليدي، ويمكن أن نستفيد منها بمعرفة الآثار الناتجة عن العلاقات الروسية الغربية على المجتمع الدولي ومدى تأثر كل طرف بتلك العلاقات التي تتمثل في يومنا هذا بعلاقات توازن القوى نتيجة لقوة كل طرف في تلك العلاقة.
  • توجد دراسة بعنوان “انفتاح روسيا بالشكل الليبرالي أوالقومي ودور الغرب[20]، تتناول مشكلة بحثية مفادها معرفة الأيديولوجية الحاكمة لعالم كا بعج الحرب الباردة وأن تلك الأيديولوجية تحكمها الصراعات والعنصرية القومية، واستخدمت الدراسة المنهج المقرن للبحث والتحليل بهدف المقارنة بين المبادء الحاكمة للعالم قبل الحرب الباردة وفي أثناءها، وبعد الحرب الباردة على أساس التغير الواضح في المجتمع الدولي بأكمله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ودخول العالم عصر القطبية الأحادية متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتوصلت الدراسة إلى أن روسيا الجديدة التي قامت بعد الاتحاد السوفيتي أخذت على عاتقها مبادئ الليبرالية الجديدة ومحاولة الانفتاح على الدول النامية وبناء سوق مشترك لتعويض خسائر الحرب الباردة، وتلك الدول مثل آسيا والدول العربية ودول الاتحاد السوفيتي التي انفصلت عنه، كما أن الغرب كان له دور في تلك التفاعلات متمثلاً بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية فنجد أن واشنطن دخلت في المناطق التي تمثل مصلحة مشتركة بينها وبين روسيا، ويؤخذ على الدراسة عدم توضيح السياسة الغربية السياسية والاقتصادية في ذلك الإطار والتي حاولت تطويق الدور الروسي الجديد، ويمكن أن نستفيد منها بمعرفة السياسات الروسية التي مكنتها من الوصول لتلك المجتمعات ومواجهة الغرب وبناء دولة روسية قوية من جديد.
  • هناك دراسة بعنوان “روسيا تترك الغرب”[21] للباحث ديمتري ترينين، تهدف إلى معرفة ما إذا كان يوجد بالفعل شراكة اقتصادية وتكامل وتعاون بين روسيا والغرب أم أن العلاقة بينهما تذهب إلى صراع وتوتر، واستخدمت منهج صنع القرار، حيث أن قرارات القيادة الروسية تشكل سياسات تزعج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وذلك ما يؤدي بهما إلى القيام بسيتسات وقرارات مواجهة للحد من النفوذ المتصاعد لروسيا في مناطق العالم الثالث، وتوصلت الدراسة إلى أن واشنطن وأوروبا يولوا اهتمام بالغ للسياسة الداخلية الروسية وعلاقتها مع دول الاتحاد السوفيتي السابقة، كما أن هناك تغيير كبير في السياسة الخارجية الروسية وإنها بعيدة عن مكانة المركز الدولي لكنها أساساً جزء منه، وأهم نتيجة لتلك الددراسة هي تخلي روسيا عن الغرب واتجاهها لخلق تحالفاتها الخاصة ونظامها الدولي الخاص بعيداً عن واشنطن وأوروبا، نظام تصبح هي المركز فيه وليست طرف. ويؤخذ على الدراسة، عدم تناولها الأسباب الحقيقية وراء رغبة روسيا في مغادرة الغرب رغم وجود مصالح مشتركة بينها وبين الدول الغربية وبالأخص دول الاتحاد الأوروبي التي تمثل أهم شريك اقتصادي واستراتيجي لموسكو، كذلك لم تذكر الدراسة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه أوروبا في ذلك الشأن حيث تلعب أوروبا دور الوسيط في التأثير على سياسة موسكو كذلك توقفها عند عام 2006 والذي حدثت بعده تطورات هامة جداً على الساحة الدولية، لا سيما بعد ثورات الربيع العربي، ويستفاد من الدراسة بمعرفة نمط التحالفات الروسي الجديد بعد ترك التعاون مع الغرب.
  • توجد دراسة بعنوان “روسيا والغرب: جذور مشكلة عدم الفهم المتبادل”[22]، تهدف مشكلتها البحثية إلى معرفة أسباب عدم الفهم المشترك بين روسيا والغرب في معظم القضايا الدولية التي تشكل مجال مشترك للتعامل. واستخدم الكاتب منهج التحليل الوصفي للبحث والتحليل والدراسة من خلال جمع المعلومات بشأن السياسات المتبناه وتحليلها والبحث والوصول إلى الأسباب التي أدت لعدم التفاهم بين الفاعلين الذي يمكن أن يكون بسبب التنافس والتقاسم في المصالح بين الجانبين. وتوصلت الدراسة إلى أن الاختلاف الثقافي هو السبب الرئيس لذلك التداخل حيث أن كل دولة تتبنى رؤية مختلفة عن الأخرى، فروسيا تتبنى المنهج الأفلاطوني في حين أن الغرب يتبنى المنهج الآرسطي في التعامل مع العلاقلات الدولة كما أنه يوجد بغض التشابهات التي تحد من تلك الاختلافات، وتلك التشابهات يمكن ان تفتح المجال لحوار مشترك بين الجانبين، ويؤخذ على الدراسة، عدم تناول أسباب الخلاف الناتجة عن تشابك المصالح جيث ركزت على رؤية الجانبين للعالم وليس للأخر، كما أنها لم تتناول دراسات حالة لبعض تلك الدول الغربية، بالإضافة إلى توقفها عند عام 2002، وتجاهل التطورات التي بروت بعد ذلك العام، ونستفيد من الدراسة بمعرفة الرؤى الحاكمة لعلاقة أريكا وأوروبا بروسيا الاتحادية ومعرفة التفاهمات المشتركة بينهما التي تفتح المجال للحوار وتحافظ على قنوات الاتصال بينهما.
  • هناك دراسة بعنوان “عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي لقطاع الأسلحة الروسي”[23] تركز على توضيح نقض روسيا لمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، واستخدم الكاتب منهج تحليل النظم م حيث وجود مدخلات ومخرجات تتمثل تلك المدخلات في السياسة الروسية المضادة للغرب وأزمة القرم وتعبر ردود الأفعال الغربية وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا عن المخرجات، وتكون التغذية العكسية عبارة عن مدى نجاح تلك السياسة في تحقيق أهدافها لإثناء روسيا عن ما تقوم به من سياسات، وتوصلت الدراسة إلى أن الغرب يريد تقويض روسيا ومنع سيطرتها خارج حدودها بأي شكل من الأشكال، كما أثبتت الدراسة أن المجال الاقتصادي يمثل ورقة ضغط لكلا الجانبين، ففي حين تضغط روسيا على أوروبا بمنع تصدير الطاقة لها لتعطش وافتقار السةق الأوروبي لما يحتاجه من كصادر الطاقة، يضفط الغرب أيضاً على روسيا من خلال العقوبات الاقتصادية التي تعيق الناتج المحلي الإجمالي في موسكو من النمو، ويؤخذ على الدراسة عدم تقديم حلول للمساعدة على التخلص من الاعتماد المتبادل بين روسيا وأوروبا في المجالات الحيوية كأمن الطاقة، ونستفيد من الدراسة بتحديد شكل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا وأثرها على الاقتصاد الروسي.
  • دراسة بعنوان “مصادر الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا”[24]، تبحث مشكلتها البحثية مصادر الصراعات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والتي تنهي علاقة الصداقة بينهما بالاعتماد على أراء المواطنين في ذلك الصدد في الدولتين، واستخدم الباحث منهج التحليل الوصفي من خلال جمع المعلومات والبيانات وتصنيفها والخروج بنتائج ومعايير حاكمة للعلاقة بين الدولتين، ومعرفة الأسباب الكامنة وراء المشكلة محل البحث. وتوصلت الدراسة إلى أن الروس يعتمدوا على الصحافة لمعرفة طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة فعل هي صداقة أم عداء، في حين أن واشنطن تتكتم ذلك الأمر كما أن العلاقة يحكمها العديد من العوامل التي يصعب تحديدها من خلال الشعب فقط، ويؤخذ على الدراسة الاحتكام إلى عمل استبيان شعبي يقلل من أهمية الموضوع محل الدراسة والبحث حيث أن العلاقات الروسية الأمريكية تتشعب من مجرد علاقة دولتين لتصل إلى جميع القضايا العالمية لنجد للبلدين موضع قدم في كل تلك القضايا والأحداث، ونستفيد من الدراسة بالوصول إلى دور الدولة في تحديد ما يجب أن يصل لشعبها أي التحكم في المعلومات وتحديدها.

ثالثاً: أدبيات تناولت أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية:

  • تناولت دراسة بعنوان ” أمن الطاقة الاوروبي والعلاقات الأوروبية – الروسية “[25] دور الطاقة في العلاقا الخارجية للدول وركزت مشكلتها البحثية على معرفة ما إذا كان أمن الطاقة يعد من أولويات دول أوروبا، وهل هناك اتحاد بين تلك الدول في المنهج المتبع تجاه قضية الطاقة، بالإضافة إلى محاولة الوصول لأهم التحديات في ذلك الشأن. وقد استخدم الباحث المنهج المقارن لتحليل المشكلة ودراسة أبعادها، حيث تم تناول موضوع البحث كدراسة مقارنة بين قطاع الطاقة في الاتحاد الأوروبي كقطاع ووحدة عابرة للقومية وبين قطاع الطاقة في روسيا الاتحادية وذلك بالتركيز على العلاقات الخارجية للطرفين لضمان أمن الطاقة لكل منهما. وتم التوصل إلى جملة من النتائج تفيد بأنه منذ عملت روسيا على منع إمداد المناطق المضربة محلياً بالغاز الطبيعي مثل أوكرانيا وأصبح أمن الطاقة من القضايا التي تحظى باهتمام كبير في الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي إلى الدرجة التي جعلته يبحث عن دول بديلة لروسيا لإمداده بمصادر الطاقة.
    ويؤخذ على الدراسة تجاهلها للدور الأمريكي بشأن توجه دول الاتحاد للبحث عن مصادر تموينية أخرى، كذلك أدوات الضغط التي تمارسها واشنطن على موسكو لحماية أمن دول أوروبا، بالإضافة إلى توقف الفترة عند عام 2014 في حين أن العلاقات الروسية الغربية تطورت بعد ذلك خلال عام 2015 نتيجة لأزمة القرم. ونستفيد من الدراسة بتناول رؤية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لقضية الطاقة وتحديد ما إذا كانت تلك القضية تحتل نفس الأهمية لدى كل الدول أم لا.
  • هناك دراسة بعنوان ” تحليل نقدي: دولة روسيا ومؤسسة غازبروم للغاز الطبيعي كمصدر استراتيجي، والغاز المصدر للاتحاد الأوروبي خلال فترة ميدفيديف (2008 – 2012) “[26]تركز مشكلتها البحثية حول دراسة مدى التقارب والاختلاف في استراتيجيات مؤسسة غازبروم ودولة روسيا من خلال التعامل مع الغاز الطبيعي كسلعة استراتيجية، ومعرفة مدى الاتفاق في الرؤى والاهتمامات لكل منهما. واستخدم الباحث المنهج المقارن في الدراسة حيث يوجد فرق في الرؤية بين مؤسسة الدولة وبين شركة غازبروم من حيث النظرة إلى اهمية الغاز الطبيعي، فهل هى أهمية سياسية، أم اقتصادية بحته، وعلى اساس تلك الرؤية تتخذ الدولة القرارات وتضع السياسات، فمثلاً ترى الدولة أن صادرات الغاز تعد ذات أهمية اقتصادية لاعتبار ارتفاع أسعاره العالمية، كما أن خط غاز “نورد ستريم” يعكس بشكل واضح الاختلاف في المصالح بين الشركة والدولة. وتوصلت تلك الدراسة إلى نتيجة مفادها أن “الطاقة” يمكن أن تنصهر في السياسة الخارجية للدولة لكونها سلاح استراتيجي، وأنه في حال الخلاف حول القرارات المهمة بين الشركة والدولة تصبح الكلمة العليا للدولة، كما أن هناك علاقة بين التقلب في أسعار الغاز الأوروبي والتغير في أسعار السلع في روسيا.ويؤخذ عليها عدم توضيح دور القيادة السياسية الروسية في إدارة ملف الغاز، وتجاهل دور النخبة الحاكمة قبل ولاية ميدفيدف في تطوير ملف تصدير النفط والغاز الطبيعي. ومكن أن نستفيد من المقال بمعرفة مدى أهمية تصدير مصادر الطاقة بالنسبة لموسكو نظراً لتأثر الأسعار المحلية نتيجة للتصدير.
  • ناقشت دراسة بعنوان ” الاعتماد المتبادل في مجال الطاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي والأمن في أوروبا “[27]مدى الاعتماد المتبادل بين روسيا الاتحادية وأعضاء الاتحاد الأوروبي، وهل ذلك الاعتماد يمكن أن يؤدي بدوره إلى تهديد الأمن القومي للاتحاد الأوروبي لأنه يعكس مصالح أوروبا والاستقرار بداخلها على أساس أن أمن الطاقة يعتبر قضية محورية ذات أهمية كبيرة لصعود الدول وتغيير موازين القوى في العالم مما يذهب بدول الاتحاد للاعتماد على موسكو كممون للنفط والغاز الطبيعي لحماية الأمن القومي وأمن االطاقة. واستخدم الكاتب منهج “النظرية – الوظيفية” كإطار فكري يفسرميل النظم السياسية نحو الاستقرار والتوازن واتخاذ جميع القرارات والقيام بالوظائف التي تؤدي لذلك الاسقرار لعدم حدوث خلل يصيب النظام، وبتطبيق ذلك على الدراسة نجد أن روسيا تعتمد في ميزانيتها على باكثر من 50% على صادراتها لدول أوروبا لذلك تحاول ان تستمر في ذلك الوضع الذي يعني تغييره انهيار الاقتصاد الروسي، في حين أن أوروبا تحاول أن توفر سوق للطاقة بعيداً عن روسيا لتقليل الترابط بين اقتصاد كلاهما. وتوصل الباحث إلى أن الاعتماد والترابط بين اقتصاد الطرفين قوي لدرجة تسمح بانهيار وتدمير الأوضاع الاقتصادية في موسكو أو في بعض دول الاتحاد التي تعتمد كلياً على النفط والغاز الروسي، ويؤخذ على الدراسة عدم ذكر حلول تساعد روسيا على إيجاد بدائل لاعتماد التقدم الاقتصادي بها على صادراتها من الطاقة.
  • تبحث دراسة بعنوان، “بين الأمن القومي والبشري: أمن الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في عام 1970”[28]، كيفية التغير في مفهوم أمن الطاقة في النصف الثاني من القرن العشرين وخاصة في السبعينيات، وأثر ذلك التغير على التغير في المفهوم الكلي للأمن، واستخدم الكاتب في تحليله للمشكلة البحثية منهج تحليل النظم من منظور أن أي نظام يهدف للبقاء والاستمرار ويعمل على النحو الذي يحقق له ذلك الاستمرار وتتغير سياساته لتتفق مع القواعد والحالة الجديدة في المجتمع الدولي، وتوصلت الدراسة إلى أن أمن أمن الطاقة فقد صلته الوثيقة بالأمن العسكري والتقليدي ليحقبق أمنه الخاص به، وأن أمن الطاقه له تأثير على الأمن البشري لأن الفرد لايستطيع أن يعيش بدون الطاقة لتلبية احتياجاته الأساسية والكمالية، وينقص تلك الدراسة تجاهلها الدور السوفيتي باعتبار الاتحاد السوفيتي أغنى دول العالم من حيث مصادر الطاقة، ويمكن أن نستفيد منها بمعرفة “قواعد اللعبة” في المجتمع الدولي بداية من القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الثانية.
  • هناك دراسة بعنوان “بقيادة الكرملين: زيادة تدخل الدولة الروسية في قطاع الغاز والنفط وأثره الكبير على أمن الطاقة في أوروبا”[29] تدور مشكلتها البحثية حول معرفة مدى تأثير التدخل الزائد من قبل الحكومة الروسية على أوضاع أمن الطاقة في ددول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على الغاز والنفط الروسي بدرجة كبيرة وتعتبر أكبر وأول مستورد للطاقة الروسية، واستخدم الكاتب المنهج المؤسسي لتوضيح دور المؤسسة في اتخاذ السياسات والتأثير على القرارات وذلك من خلال شركات النفط والغاز الروسي مثل “جازبروم” التي تعتبر المتحكم الرئيسي في قطاع النفط، وتوصلت الدراسة إلى نتيجتين أولهما، أن الشركات التي تسيطر عليها الدولة تظهر من جانبها عدم كفاءة  ونمو إنتاج بطئ، كما أن منتجي النفط المستقلين عن الدولة تم اعاقتهم من قبل الحكومة، ولم تحدث التنمية وتم منعهم من تنفيذ إصلاحات هيكلية في قطاع النفط. وثانيهما، أن المعنى التقليدي لأمن الطاقة هو توفير مؤن كافية بأسعار معقولة ومناسبة، ورغم ذك فإن المصطلح يختلف فيما يعنيه من دولة لأخرى، ويؤخذ على الدراسة، عدم توضيح السياسات التي تتخذها الدولة لإخضاع أو عدم إخضاع قطاع الطاقة بالكامل، ونستفيد منها بالوصول إلى حقيقة مفادها أن روسيا تؤكد أهمية هيمنة كل دولة على مواردها الاستراتيجية وأن تحافظ على إنتاجها من مواد الطاقة.
  • دراسة بعنوان “الاستجابة للأمن الأوروبي وسياسة الدفاع من جانب الفواعل الدولية : الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ودوافع تلك الاستجابة[30]“، تدور مشكلتها البحثية حول الكشف عن دوافع استجابة الدولتين إلى الأمن الأوروبي لمعرفة أثر تلك الاستجابة التي يحركها مصالح اللاعبين الأساسين في تلك القضية، واستخدمت الدراسة منهج تحليل النظم من حيث وجود مدخلات وهي المصالح والدوافع ووجود مخرجات تتمثل في شكل السياسات والقرارات التي تمثل تلك الاستجابة وتكون التغذية الاسترجاعية هيى نتيجة تلك السياسات والأثر الذي تحققه، وتوصل الباحث إلى نتيجة مفادها أن هناك اختلاف بين سياسة الولايات المتحدة وسياسة روسيا تجاه أوروبا، وأنه في حين أن واشنطن أبدت الدعم الحذر خلال بروز حلف الناتو وذلك من قبل قيادة بوش وكلينتون، إلا أن روسيا تحمست للمشروع لتأكيد وجودها ولعبها دور هام على المسرح الدولي، ويؤخذ على الدراسة، عدم تناول دور الدول الأوروبية فرادى تجاه ذلك الشأن الدولي الهام، ويمكن أن نستفيد من تلك الدراسة بمعرفة الفرق بين سياسات الولايات المتحدة وروسيا تجاه أوروبا وكذلك معرفة أهم ما يحرك تلك السياسة.
  • توجد دراسة بعنوان، “أوروبا، وروسيا، وأوكرانيا والطاقة: الإنذار الأخير”،[31] تبحث مشكلتها عن إجابة لتساؤل مفاده لماذا تؤثر سياسة روسيا بقوة على أمن الطاقة الأوروبي مثلما حدث خلال أزمة أوكرانيا مما أدى لانقطاع الغاز عن أوروبا عن طريق أوكرانيا وذلك بأوامر من روسيا الاتحادية، واستخدم الباحث منهج صنع القرار الذي يقول أن السياسة في الأخر هى عملية صنع قرار بصرفالنظر عن من الصانع، ولكن ذلك القرار يعتبر بمثابة فعل وما يستتبعه من سياسات يعتبر رد فعل على القرار الصادر، فصنع قرار قطع الغاز في موسكو من خلال أوكرانيا مثل سياسة استتبعت نتائج عظيمة إلى درجة استنزفت القيادات الأوروبية، وتوصل الباحث إلى أن تلك الأزمة أثارت ذعر الأوروبيين ووصلت بهم إلى الإلهاء عن باقي شئون المنطقة والتركيز على تلك الأزمة، ويؤخذ على الدراسة عدم تقديم اقتراحات لإبعاد أمن الطاقة الأوروبي عن القرارات الروسية السلبية، كما أكدت أن القيادة الأوروبية يجب أن تتخذ سياسة أكثر ذكاءاً تجاه روسيا، ونستفيد من تلك الدراسة بمعرفة سياسة روسيا تجاه أوربا والأدوات التي تستخدمها للضغط على الدول الأوروبية من أجل تحقيق أهدافها.

خامسأ: فرضيات “فروض” الدراسة”:

تحاول الدراسة إثبات صحة أو خطأ ذلك الفرض عام وهو:

يوجد علاقة طردية بين رغبة الدولة في تحقيق أمن الطاقة،والتأثير والتغير فيعلاقاتها الدولية في مختلف المجالات الأخرى، سياسية، واقتصادية، وعسكرية.

ويتفرع من ذلك الفرض الرئيسي فروض خاصة تساعد على التحقق من الفرض العام ومعرفة أثر المتغير المستقل والذي يمثل “أمن الطاقة”، على المتغير التابع وهو “العلاقات الروسية الغربية” على النحو التالي:

  • هناك علاقة طردية بين توافر مصادر الطاقة الروسية، واستقلالية دولة روسيا.
  • هناك علاقة طردية بين أمن الطاقة الغربية وقوة العلاقات الروسية الغربية.

سادساً:الإطار النظري والمفاهيمي:

في تلك الدراسة نتناول الإطار المفاهيمي بالاستناد إلى نظرية الأمن القومي، وأمن الطاقة، والأمن غير التقليدي من خلال توضيح نظرية الأمن القومي وتعريف كل منهما على النسق التالى:

  • نظرية “الأمن القومي”:

تعود جذور مفهوم الأمن القومي إلى القرن السابع عشر بعد معاهدة وستيفاليا عام 1648، ولكن شاع استخدامه بعد الحرب العالمية الثانية وخلال حقبة الحرب الباردة حيث تم صياغة نظريات ومقاربات وصولاً إلى استخدام تعبير “استراتيجية الأمن القومي”، وبدأ التشكيل المؤسسي التنظيمي لمصطلح الأمن القومي بصدور قانون الأمن القومي عام 1947م عن الكونجرس الأمريكي، ويخضع المفهوم دائماً للتطور والتغير حسب المتغيرات والعوامل والمكان والزمان لذلك لا يمكن التوصل إلى تحديد دقيق له.[32]

وهناك عدة أسباب أدت لزيادة الاهتمام بدراسة الأمن القومي على مستوى دول العالم بما يمكن اعتباره ظاهرة وهي:[33]

  • التوسع في مفهوم المصلحة القومية ليشمل مسألة ضمان الرفاهية بمعنى تأمين مصادر الموارد، ومن هنا كان مفهوم الأمن يعني تعبير عن الرفاهية ومحاولة ضمان مصادرها الخارجية، وحماية الترتيبات الداخلية التي تدفع إلى زيادة معدل الرفاهة.
  • تنامي الشعور لدى دول الجنوب بوجود نوعين من التهديدات المتعلقة بالأمن القومي ويمكن حصر تلك التهديدات في، الديون الخارجية المستحقة والتي تعتبر تهديداً للامن السياسيي والاقتصادي وتحد من حرية اتخاذ القرارات الإستراتيجية، كذلك خوف الدول الصغرى من احتمالات قيام الدول الكبرى بإساءة توظيف المنظمات الدولية كالأمم المتحدة للإضرار بمصالح الدول الصغرى أمنها القومي.
  • ازدياد معدل العنف والصراعات المباشرة والتي قد تتطور إلى حروب لذلك صار الاهتمام بالأمن القومي في موجات ارتبطت بتزايد الصراعات على المستوى الإقليمي والعالمي
  • التوتر وعدم الاستقرار الداخلي في الدول الصغرى الذي يمكن أن يتحول لأشكال عديدة من عدم الأمن.

والأمن بالمعنى اللغوي  وكما جاء في القرآن الكريم هو عدم الخوف، وفي الموسوعة اللغوية يعد الأمن القومي هو قدرة الأمة على حماية نفسها وقيمها المتأصلة من التهديدات الخارجية، كما يمكن تعريف الأمن حسب المتغيرات بأنه بيئة الأمن ومدى توافر الاستعداد المادي لتحقيقه، ويمكن تعريفه بتحديد التهديدات بأنه نشاط أو سلسلة من الأحداث تهدد بشكل كارثي وخلال مدى زمنى محدود بتدهور مستوى معيشة سكان الدولة وتقليص مدى الخيارات السياسية المتاحة أمام حكومة تلك الدولة أو وحدات خاصة غير حكومية داخلها سواء كانت افراد أم جماعات أم مؤسسات. والتعريف الإجرائي للأمن بأنه ظواهر ذات صبغة عالمية لا تقتصر على دولة ما ومتداخلة بحيث يمكن أن يفضي أحد التهديدات إلى تهديد أخر ولا يمكن التعامل معها بشكل جذري وفقاً لمفهوم الـأمن التقليدي.[34]

 ويمكن تحديد مجموعة من التعريفات لظاهرة الأمن القومي:[35]

  • الأمن القومي هو عملية تتعلق بصنع القرارات التي تهدف إلى الحفاظ على كيان الدولة ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع أخذ المتغيرات العالمية والدولية في الإعتبار.
  • الأمن القومي هو التصرفات التي يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء.
  • الامن القومي هو قدرة السلطات المركزية على اتخاذ القرارات الكفيلة بحماية وحدة الأرض وأمنها على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.

مستويات الأمن القومي:-[36]

  • المستوى الأول، أمن الفرد “الأمن الداخلي” هو أدنى درجات الأمن وأساسها ويعني شعور الفرد بالاستقرار والطمأنينة وعدم تهديد لبقاءه ويمثل شكل مادي يتمثل في حصول الفرد على احتياجاته، وشكل معنوي يتمثل في الاعتراف بوجود الفرد وشعوره بأهمية دوره، ويعتبر هذا الأمن من مسئوليات الدولة.
  • المستوى الثاني، الأمن القومي أو الوطني، وهو تأمين الدولة من الداخل والقدرة على صد التهديد الخارجي والدغاع عن حدود الدولة السياسية والجغرافية.
  • المستوى الثالث، الأمن الإقليمي الفرعي وهو يعني تأمين متطلبات الأمن لعدد محدود من الدول في إطار مصلحة مشتركة، وقد تكون تلك الدول أعضاء في منظمة إقليمية مثل مجلسس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي.
  • المستوى الرابع، الأمن الإقليمي، مصطلح أكثر حداثة برز لأول مرة مابين الحربين العالميين، ليعبر عن سياسة مجموعة من الدول تنتمي إلى إقليم واحد من أجل ضمان الأمن في إقليم مهدد ومنع قوة أجنبية أو خارجية من التدخل في ذلك الإقليم.
  • المستوى الخامس، الأمن الدولي برز عقب الحرب العالمية الثانية في إطار الأمم المتحدة، ويعني عون جميع الدول الأعضاء في أي عمل تتخذه الأمم المتحدة لحفظ الأمن في العالم وعدم تقديم أي مساعدة لأي دولة تتخذ الأمم المتحدة عقوبات ضدها.

ويوجد فرق بين مفهوم الأمن القومي وبعض المفاهيم المشابهة له، فقد يتشابه مفهوم الأمن القومي مع المصلحة القومية فالمصلحة القومية هى الأوضاع التي ترى الدولة في وجودها واستمرارها ما يحقق اهدافها وهي تضمن الحفاظ على قيم الدوله ودعم هيمنتها الاقتصادية، وتستخدم الدولة هذا المفهوم فى محاولتها للتاثير على البيئه الدولية بالشكل الذى يخدم مصالحها، ويوجد علاقه تأثير متبادل بين المفهومين حيث تعكس نظرية الأمن القومي المصلحة القومية. كما يوجد تداخل بين مفهوم الأمن القوميه والإستراتيجيه القوميه ولكن الإستراتيجيه هى مفهوم عسكرى بالأساس وأصبح له مضامين سياسية وإجتماعية إلى أن أصبحت الإستراتيجيه تمثل صهر لكل مصادر القوة الاجتماعى والسياسي والاقتصادي من أجل تحقيق المصلحة القومية العليا فى إطار فلسفة الأمن القومي.

عناصر قوة الأمن القومى وعوامل تهديده:[37]

  • العنصر الجيوبولتيكى يمثل أهمية قصوى بالنسبه لسياسة الأمن القومي حيث إنها تتمثل فى الموقع الجغرافي بمعنى تعدد الجبهات الدولية التى تطل على البحار ويقصد به مدى امتداد الإقليم البحري وحجم السكان وطبيعة الحكومة والسياسة.
  • العنصر الديموجرافي يتمثل فى العنصر البشرى من أجل الإدارة والحرب وخلق جيش قوي من أجل قوة عسكرية.
  • العنصر السياسي، يشمل كلاً من السياسه الداخلية والخارجية والمؤسسات السياسية.
  • العنصر الإقتصادي، أهم عناصر قوة الامن القومي، توجد ثلاثة أنواع من الموارد الإقتصاديه التى تؤثر على موارد الأمن القومى، (الموارد الغذائية- الموارد المعدنية التى تتمثل فى موارد الطاقة التى تحقق الاكتفاء الذاتي من الموارد المعدنية والنفط والغاز الطبيعى وكذلك الموارد الإستراتيجية – الموارد الصناعية والتى تعتمد على القوة الإقتصادية للدولة)
  • العنصر العسكري، ويتمثل فى الاستخدام الهجومى للقوة العسكرية والاستخدام الدفاعي واستخدام القوة المسلحة كأداة للردع.

يوجد ما يسمى بالبعد القيمي للأمن القومي ظهرت أهميته حديثاً بعد انتشار ظاهرة العولمة، وكان يهدف إلى التصدي للثقافة الأمريكية التي بدأت تنشر نفسها على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون.[38]

وفيما يخص مصادر تهديد الأمن القومي، وفقاً لحالة الدراسة التي نتناولها، توجد عدة عوامل ذات طبيعة اقتصادية تؤثر على الأمن القومي وتتمثل في فرض الحصار الاقتصادي على الدولة أو مقاطعتها، والتكتلات الاقتصادية التي تتعارض مع مصالح الدولة، إضافة إلى إيقاف المساعدات الاقتصادية.

  • أمن الطاقة:

من المفاهيم الأمنية الجديدة التي بدأت تحظى بالاهتمام من الدول الصغيرة والكبرى، وأصبح مفهوم جلياً في استراتيجيات الأمن القومي خاصة للدول الصناعية الكبرى، بل أن تلك الدول أخذت في صياغة استراتيجيات خاصة بقضية أمن الطاقة على المستوى الداخلي والخارجي. وتتنوع تعريفات الدول لمفهوم “أمن الطاقة”، والذي يختلف بين وضع الدولة في سوق الطاقة العالمي. وقد ركز المفهوم التقليدي لأمن الطاقة على أمن المعروض من خلال التركيز على توفير الانتاج الكافي من مصادر الطاقة بأسعار مناسبة في متناول الجميع، ودعم هذا التعريف تدخل القوى الكبرى في العديد من المناطق الرئيسية المنتجة للنفط لضمان تدفقه، بينما أدى التطور الحديث لمفهوم الأمن والطاقة بعد الحرب الباردة إلى طرح تعريفات جديدة لمفهوم الطاقة تختلف عن المفهوم التقليدي، وطبقاً لذلك تتعدد التعريفات الخاصة بالمفهوم حسب موقع الدولة في سوقها العالمي بين الدول المنتجة والمستوردة، فبالنسبة للدول المصدرة يركز المفهوم على أمن الطلب على مصادرها وأمن العائدات منها، بينما يختلف الأمر بالنسبة للدول المستهلكة. حيث تعني أمن الإمدادات، وبالنسبة للشركات التجارية العاملة في مجال سوق الطاقة، يمثل أمن الطاقة لهما وجود نظام استثماري قانوني ومستقر في الدول المنتجة.[39]

يعرف أمن الطاقة على أنه له ثلاثة مظاهر وهي،[40]

  • تقليص أو تحديد إمكانات التعرض في دولة أو منطقة ما لانقطاع في توافر الطاقة من مصدرها، وذلك مظهر بعيد المدى.
  • العمل على تأمين الطاقة على المدى الطويل بضمان سريان النظام العالمي للطاقة وتوافر الكمية المطلوبة منها سواء كانت نفط أو غاز طبيعي أو غيرها من المصادر مع تزايد الطلب، وذلك على المدى الطويل.
  • العمل على تطوير أشكال استهلاك الطاقة وترشيده تقنياً لتقليل الضرر الواقع على البيئة من أجل تنمية متوازنة.

ويتم تعريف المفهوم أيضاً بأنه “حالة تكون فيها الدولة وكل مواطنيها وأعمالها لديها الدخول لمصادر الطاقة الكافية بأسعار معقولة في المستقبل المنظور متحررين من المخاطر الشديدة  للتوقف الكبير للخدمة” .[41]

وهناك أدبيات تؤكد على ظهور المفهوم نتيجة للعلاقات الصراعية بين الدول والتي تؤدي في النهاية إلى إدراك احتياجات للدولة لكي تضمن امنها القومي.[42]

  • الأمن غير التقليدي:

تطور مفهوم الأمن غير التقليدي مع بروز قضايا التنمية الاقتصادية، بأبعادها المختلفة، بالإضافة إلى المشكلات الأخرى التي واجهتها الدولة في مختلف المجالات، لذلك ظهرت أنواع أخرى من الأمن تبعد عن الأمن العسكري التقليدي لتشمل أمن الفرد والأمن البيئي والأمن الإنساني، والأمن الاقتصادي، وأمن الطاقة. كما أن مستويات الأمن تتكامل وليست تتعارض مع بعضها البعض، واهتمت النظرية الليبرالية بالأمن الغير تقليدي في إطار الامن الفردي لأن النظام الدولي يتسم بالفوضوية، والتعامل بين الدول عن طريق المؤسسات الدولية، هو أساس إدارة النظام الدولي ومن هنا أصبحت الدولة ليست الفاعل الوحيد، حيث يشترك معها الأفراد والمنظمات الدولية والشركات.[43]وهناك من يربط المفهوم بتحول كوريا الجنوبية لاقتصاد السوق.[44]

ويحتاج مفهوم الأمن الغير التقليدي (NTS) إلى مجموعة من المفاهيم والأيديولوجيات الخاصة به والتي تكون حديثة بالنسبة له وغير مرتبطة بالمفاهيم الأخرى من أجل تكوين نظرية منفردة به وكذلك بناء علاقات بين مفهومي الأمن القومي والأمن غير التقليدي.[45]

وبالربط بين تلك المفاهيم الثلاثة ( الأمن القومي، الأمن الغير تقليدي، أمن الطاقة)  للوصول إلى تطبيق تلك المفاهيم على حالة الدراسة، نجد أن الدولة تسعى لتحقيق أمن الطاقة الخاص بها، والذي يندرج تحت مظلة الأمن الغير تقليدي، بهدف الحفاظ على الأمن القومي من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي.

سابعاً منهج الدراسة:

استخدمت الدراسة منهج تحليل النظم[46]، للبحث والتحليل، وذلك من خلال:

  • مقولات المنهج وهي كالتالي:

النظام هو تفاعل بين وحدات معينة وهي عناصر مترابطة تكونه وبهذا المعنى فإن النظام له تطبيقاته السياسية وغير السياسية، وهو لم ينشأ منفراغ بل أنه يعيش في بيئة محيطة تؤثر فيه وتتأثر به، كما أن التفاعل بين النظام والنظم المحيطة به بكافة أشكالها يصل إلى الاعتماد المتبادل وثؤثر الأفعال من قبل جزء من ذلك النظام على باقي الأجزاء، بل والأهم من ذلك أن هدف أي نظام هو الاستقرار والبقاء واتخاذ السياسات والإجراءات التي تؤمن ذلك البقاء.

  • نموذج ديفيد إيستون للمدخلات والمخرجات لتحليل النظام باعتباره دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكي ومن خلال ذلك يتكون النموذج عند ديفيد إيستون من ثلاثة عناصر وهي كالأتي:المدخلات، وتمثل تأثير البيئة على النظام وتتكون من المطالب والمساندة والمطالب هي ماتريده البيئة من النظام والتي يجب أن يستجيب لها للحفاظ على بقاءه ومن خلال تقديم الدعم له سواءً كان مادياً أم معنوياً.

والمخرجات، وهي القرارات والسياسات التي اتخذها النظام لمواجهة المطالب وتمثل أيضاً تأثيرات النظام على البيئة، والتغذية الاسترجاعية، وهى نتائج أفعال النظام التي تظهر من خلال تدفق المعلومات إلى النظام، وهذه النتائج تولد مدخلات جديدة في صورة مطلب أو تأييد وهي تكفل الدينامية والحركة للنظام.

سبب اختيار ذلك المنهج للتحليل والدراسة:

يعتبر منهج تحليل النظم مناسب لتلك الدراسة وذلك من خلال ما عرضناه من مقولاته والتي تتفق ومضمون البحث، حيث أن لكل نظام تطبيقاته السياسية والغير سياسية التي تمكنه من تحقيق وحدته وهي سياسات أمن الطاقة التي تتخذها الدولة والتئ تؤثر على باقي مكونات النظام وهي الدول الأخرى التي تعتمد على تلك الدولة في سد احتياجاتها من أجل البقاء .

وبتطبيق نموذج المدخلات والمخرجات لديفيد إيستون، تكون المدخلات هي، تحقيق أمن الطاقة لكلاً من الدول المصدرة والمستوردة، بينما تتمثل المخرجات في، السياسات والقرارات والإجراءات التي تتخذها الدولة على المستوى الداخلي والخارجي بهدف ضمان أمن الطاقة، أما التغذية العكسية فتكون صدى تلك السياسات ومدى تأثيرها ونجاحها في تحقيق الأهداف المنشودة وتأمين احتياجات الدولة.

ثامناً: تقسيم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى ثلاثة فصول وكل فصل يتم تقسيمه إلى مبحثين كما يلي:

الفصل الأول: سياسات أمن الطاقة الروسية والغربية في الفترة (2000 – 2015).

  • المبحث الأول: سياسات أمن الطاقة الروسية في الفترة (2000- 2015).
  • المبحث الثاتي: سياسات أمن الطاقة الغربية في الفترة (2000- 2015).

الفصل الثاني: أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية في الفترة (2000- 2010).

  • المبحث الأول: أمن الطاقة والعلاقات الروشية الأوروبية في الفترة (2000- 2010).
  • المبجث الثاني: أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأمريكية في نفس الفترة.

الفصل الثالث: أمن الطاقة، والعلاقات الروسية الغربية في الفترة (2011- 2015).

  • المبحث الأول: أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأوروبية في الفترة (2011 – 2015).
  • المبحث الثاني: أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأمريكية في تلك الفترة.

الفصل الأول: سياسة أمن الطاقة الروسية في الفترة محل الدراسة

التمهيد:

يسعى الفصل الأول إلى تحديد السياسة التي تسلطها دولة روسيا لضمان أمن الطاقة، حيث يعتبر تأمين الصادرات للدول الأخرى هو هدف تلك السياسة، حيث تتخذ موسكو العديد من الإجراءات على المستوى الداخلي بهدف تحسين قطاع الطاقة، وكذلك على المستوى الخارجي، لجذب العديد من الدول لصادراتها من خلال الشركات الروسية للنفط والغاز.

بالإضافة إلى تحديد السياسة الأوروبية والأمريكية لأمن الطاقة والذي يمثل تأمين الصادرات باعتبارهما أكبر الدول المستوردة في العالم.

من هنا يتطرق الفصل إلى نقطتين هما:

  • توضيح السياسة المتبعة لكلا الطرفين لضمان أمن الطاقة.
  • بيان أثر تلك السياسة ومدى نجاحها في تحقيق أمن الطاقة.

ويشمل الفصل الأول مبحثين كالآتي:

  • السياسة الروسية لأمن الطاقة.
  • سياسة أمن الطاقة للدول الغربية.

المبحث الأول
سياسات أمن الطاقة الروسية

في هذا المبحث سوف يتم عرض سياسات الطاقة التي تسلكها روسيا لإدارة قطاع النفط داخلياً، كذلك السياسة الخارجية التي تضمن لها تأمين صادراتها من النفط والغاز الطبيعي يمثل “عامل الطاقة” لدى روسيا عنصراً هاماً في تحديد مسار وتوجهات السياسة الخارجية لموسكو، بل أصبحت سياسة الطاقة هى المحدد الرئيسي والأول للسياسات والمبادرات الروسية لأنها تمثل عصب اقتصاد الدولة والدعامة الجوهرية التي أدت إلى تقدمه ونهوضه مرة أخرى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فمنذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين وحدثت قفزات اقتصادية هائلة أدت إلى صعود روسيا وتغيير موارين القوى العالمية لصالحها.

أولاً:السياسة الداخلية لأمن الطاقة

أتخذت الدولة سياسة اقتصادية مكنتها من الاستفادة القصوى من مقوماتها ومواردها وإمكانياتها المادية، باعتبارها من أغنى دول العالم من حيث مصادر الطاقة، فهى تمتلك سابع أكبر احتياطي نفط في العالم والدولة الأولى عالميا من حيث احتياطات الغاز الطبيعي،[47] فلقد أحكمت إدارتها لقطاع الطاقة وتوالت عمليات الخصخصة ولكن تحت إشراف وسيطرة الدولة من خلال شركات حكومية مثل “غاز بروم” التي تحتكر انتاج وتسويق الغاز وتحصل على الدعم الحكومي، و” روس نفط”، و”لوك أويل” التي بلغ متوسط الإنتاج اليومي لها مـن الـنفط الروسي ٩٨١,١ مليـون برميـل عـام ٢٠٠7، حيث زاد انتاج واستخراج النفط والغاز الطبيعي كما ازداد احتياطي روسيا من العملة الصعبة والذهب بنسبة 70% عام 2004 فقد بلغ حجم استخراج النفط ذلك العام نحو ٤٥٠ مليـون طـن، وتم تحويل الإيرادات الناتجة من بيع النفط – بسعر يفوق ٢٠ دولاراً للبرميل الواحد – إلى صـندوق الاستقرار مما أدى إلى وجود وفورات بهذا الـصندوق تقدر بحوالي ١٩ مليـار دولار فـي يناير٢٠٠٥ نتيجة ارتفاع أسعار البترول.وبالتالي نتج عن ذلك حتمياً ارتفاع الاحتياطي النقدي في الأعوام التالية إلى أن عاد الوهج الروسي وتنامى الاقتصاد بأكمله وتطورت البنية التحتية، وتوقفت موسكو عن تلقي الإعانات والمساعدات من الولايات المتحدة الامريكية والدول المتقدمة، بالإضافة إلى تحول مجموعة الدول السبعالصناعة إلي مجموعة الثمانية بعد التحاق روسيا بها بسبب تأثيرها الكبير على السوق العالمي للطاقة وإحكام سياستها على ذلك القطاع .[48]

تأثرت روسيا – كباقي دول العالم – بالأزمة الاقتصادية العالمية والتي أدت إلى انخفاض أسعار النفط عالميا، ولكن تم اتخاذ إجراءات من أجل التصدي للأزمة منها رفع الحكومة الرسوم التي تفرضها على تصدير النفط في يوليو 2009[49]، وفي حقيقة الأمر كانت السياسة التي رسمها الرئيس بوتين بعد توليه زمام السلطة بمثابة الدعامة الرئيسية التي أحالت دون انهيار الاقتصاد الوطني بعد وقوع تلك الأزمة حيث أراد القضاء على السوق الحر للطاقة وكان معارضاً لخصخصة قطاع الطاقة التي أعلنها الرئيس الأسبق يلتسن ودخلت حيز التنفيذ واستمرت حتى مجئ بوتين[50]. وتلك السياسة لها هدفين رئيسيين يتمثلان في:[51]

  • التعاون بين كبار الدول المنتجة للنفط، مثل دول الخليج وفنزويلا، والتنسيق بينهم من اجل تحقيق المصلحة لكل دولة وعدم الدخول في معارك تنافسية للسيطرة على سوق الطاقة العالمية، وبذلك يتم التحكم في حجم الأنتاج والذي يؤدي بدوره إلى الوصول لأدنى سعر للنفط. وفي سبيل ذلك روسيا اقترحت روسيا ودعمت فكرة إنشاء منتدى يضم كبار الدول المنتجة والمصدرة لمصادر الطاقة، وبالفعل تم تأسيسه في ديسمبر 2008 لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية من موارد الطاقة، وتبادل الخبرات بين الاعضاء[52] والهدف الرئيسي من ذلك المنتدى هو الفصل بين أسعار الغاز الطبيعي والنفط .

العمل على زيادة صادرات روسيا من مصادر الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي بهدف جعل الشركات الروسية أكثر قدرة على المنافسة في الخارج، وبالفعل استطاعت شركة لوك أويل من فتح سوق كبير لها في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تعتمد دول أوروبا على الطاقة الروسية بشكل رئيسي وبالأخص المانيا وشرق أوروبا وتريد موسكو أن

  • تؤمن صادراتها لتلك الدول بشكل دائم لتمتلك ادوات للسيطرة والتأثير بما يمكنها من الهيمنة والتي بدورها تؤدي للهدف النهائي للقيادة الروسية وهو الوصول لعالم متعدد الأقطاب يستند إلى مقومات قوة فعلية في مختلف المجالات .

وأتخذت تلك الأهداف مراحل للتشكيل، فبعد تولي بوتين بدأ مفهوم القوى الغظمى التي تعتمد على مجال الطاقة في الظهور وأتضح ذلك في الخطاب السياسي للحكومة، واستندت تلك السياسة إلى أن روسيا من أغنى وأكبر الدول المصدرة للنفط والغاز الطبيعي وتسيطر على خطوط نقلهما، ولكن شهد ذلك الاستناد معارضة كبيرة من بعض المسئولين والمحللين، حيث ينظروا إلى أن الطاقة وحدها لا يمكن أن تشكل نفوذ دولة وتجعلها عملاق بالمعنى المقصود من قبل القيادة الروسية، فهناك العديد من الأمكانات والموارد الأخرى التي يجب توافرها في الدولة التي تريد أن تصبح أكبر دول العالم وأكثرها هيمنة، وأشار نائب وزير الطاقة الروسي فلاديمير ميلوف في عام 2006، إلى أن مفهوم القوى العظمى في مجال الطاقة هو مفهوم وهمي ليس له أي أساس واقعي في مفاهيم القوة المعترف بها في المجتمع الدولي، كما أن هذا المفهوم يعنبر أحادي الجانب أي ينظر فقط إلى كم الاحتياطات المتاحة دون أن يهتم بمدى اعتماد الدول المستوردة على ذلك الكم فدرجة ذلك الاعتماد هو عامل مؤثر بدرجة أكبر من توافر مصادر طاقة بكميات هائلة،حيث أنه عندما يوجد دولة لديها مورد هام تتمتع فيه بميزة نسبية مع عدم توافر سوق كبير لهذا الموردأو توافره مع وجود منافسين يقلل من أهميته لتلك الدولة، ولكن حينما يتوافر لها سوق عالمي ولم تجد الدول المستوردة بدائل أخرى له فذلك يعلي من أهميته النسبية للدولة المعنية، أي أن الأمر متعلق بدرجة الاعتمادية وتوافر البدائل الأخرى.[53]

وبالرغم من أن روسيا تحولت لدولة عظمى من خلال اعتمادها على الطاقة وتوظيف سياساتها في هذا الإطار، مما جعلها بالفعل قوة اقتصادية كبرى، إلا أن هناك من يرفض ذلك التحول في مفهوم القوة ويرفض أيضاً الاعتراف بدولة روسيا كدولة نفوذ وهيمنة وذلك بسبب إغفالها الاعتبارات السياسية، وتركيزها فقط على تحقيق المكاسب الاقتصادية، ويستند ذلك الاتجاه إلى عدة أسباب نذكر منها،[54]

  • أن الكرملين لم يعني بالاعتبارات الجيوسياسية لذلك فهو لم يطرح سلاح الطاقة بصورة كفء، كما أن موسكو تفصل في علاقاتها بين المصالح الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية.
  • تستخدم روسيا الطاقة في مواجهة الدول المجاورة من أجل زيادة الأرباح وليس معاقبة تلك الدول، كما أن موسكو يجب أن تقلل من اعتمادها على أحتياطاتها لأنها تواجه خطر نفاذ الغاز
  • كما أن السياسة الخارجية الناجحة لموسكو في الأونة الأخيرة لا ترجع لمصادر الطاقة.

   ثانياً سياسة أمن الطاقة على المستوى الخارجي:-

وفي إطار ما سبق، تتبع موسكو إستراتيجية متعددة الأبعاد لزيادة القدرة التنافسية لصادراتها في السوق الأوروبية وإحكام سيطرتها على شبكات النقل والتوزيع للنفط والغاز كما يلي :[55]

  • التغلغل في قطاع الطاقة في بعض دول أوروبا، من صفقات تعقدها الشركات الروسية لزيادة النشاط الروسي هناكمثل الخطوات التي اتخذتها شركة غازبروم من أجل شراء شركة سنتريكا البريطانية والتي توفر الغاز الطبيعي لملايين المستهلكين والمؤسسات في لندن، كذلك شراء 7% من رأس مال شركة جالب أذربيجا البرتغالية والتي تورد مليارات المترات من الغاز الجزائري إلى أوروبا.
  • هناك مشروعات روسية مشتركة مع أمريكا وأوروبا في مجال الطاقة، كإنشاء مستودع ضخم للغاز الطبيعي في بلجيكا وتصل حصة روسيا فيه لأكثر من 70% ، ومشروع أنبوب نفط بروجاس _ ألكسندر بوليس وتمتلك روسا فيه ما يزيد عن 50%، كذلك مشروع أنابيب الطاقة الإيطالي والذي يسير من روسيا إلى جنوبي أوروبا عن طريق البحر الأسود ومشروع يختص بنقل الغاز من موسكو عبر تركيا.
  • السعى الدائم لروسيا للتحكم والسيطرة على شبكات نقل الغاز والنفط في دول آسيا الوسطى والتي تمثل لأوروبا مصدر هام وبديل للطاقة الروسية مستقبلاً وهذا ما يقلق روسيا لذلك تحاول أن تحكم الخناق على دول الاتحاد الأوروبي لتبقى هى المصدر الأول والأساسي لمصادر الطاقة، فنجد هناك مجموعة من الاتفاقيات التي عقدتها روسيا مع دول مثل كازاخستان وتركمانستان للتعاون بشأن استخراج مصادر الطاقة وتصديرها.

بإتباع تلك الاستراتيجية استطاعت روسيا أن تحكم قبضتها على المصادر الطبيعية للطاقة وأن يكون لها موضع قدم في كل دولة تمتلك مورد هام للطاقة، وأصبحت تمتلك أكثر مما تمتلكه أمريكا وأوروبا والصين مجتمعة وأضحت شبكات خطوط أنابيب النفط مصدر قوة روسيا الأتحادية حالياً لذلك تغير مفهوم أمن الطاقة بعد وصول الرئيس فلاديمير للحكم ليهدف إلى تعظيم الاستخدام الكفء لمصادر الطاقة والتحكم التام للدولة فيها بعيداً عن القطاع الخاص والشركات الأجنبية، والتأكيد على أهمية قطاع الطاقة في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق رفاهية السكان [56]، وربما يكون ذلك هو الخطأ في تلك السياسة لأن روسيا يجب أن تنوع من الوسائل والموارد التي تقوي اقتصادها إلى جانب مصادر الطاقة لكي تزيد من قوتها في كافة المجالات على المستوى الدولي، كما أتبعت شركات النفط والغاز الروسية دبلوماسية تهدف إلى دعم موقف الدولة ومكانتها في المجتمع الدولي فيما يتعلق بمجال الطاقة على نطاق واسع، وذلك من خلال المشاركة الفعالة في المفاوضات والاتفاقيات الدولية التي تخص قضايا الطاقة وتحقيق التوازن في المصالح بين الدول المصدرة والمستوردة وأيضا الدول التي تنتقل من خلالها الطاقة، مثل أوكرانيا التي تعد المعبر الرئيسي لخطوط نقل الغاز من روسيا إلى أوروبا، عن طريق المنظمات الدولية، وتطوير التعاون في مجال الطاقة مع دول شرق آسيا، ومنظمة شنجهاي للتعاون والاتحاد والأوروبي والعديد من الدول والمنظمات الدولية الأخرى. وتحاول الشركات الروسية التنسيق دائما مع أكبر أسواق النفط والغاز في العالم وهي الأوبك، ومنتدى الدول المنتجة والمصدرة للغاز[57].

استناداً إلى ما سبق، يتضح ان أهداف السياسة الخارجية الروسية في مجال الطاقة وحماية مصالحها الاقتصادية مع الأهداف والمبادئ العامة للسياسة الخارجية لموسكو والتي تتلخص في الآتي:[58]

  • زيادة الاعتماد السياسي على موارد الطاقة الروسية، بمعنى استخدام الطاقة كسلاح استراتيجي تستطيع موسكو من خلاله أن تستعيد نفوذها.
  • الاستثمارات الأجنبية الموجهة بهدف تطوير الاحتكار الاقتصادي والسيطرة على البنى التحتية ذات الأهمية الاستراتيجية.
  • الحد من النفوذ والهيمنة الأمريكية والعمل على تقييد العلاقات الأوروبية الأمريكية.
  • زيادة مجال تأثير السياسة الخارجية الروسية من خلال استخدام اوروبا الشرقية والفضاء الخاص بالاتحاد السوفيتي لاستعادة القوة السوفيتية السابقة.
  • إبعاد النفوذ الغربي بكافة أشكاله عن مناطق النفوذ الروسي.

وعند الحديث عن سياسة أمن الطاقة في روسيا لا يمكن أن نغفل الدور الذي تلعبه مؤسسة “جازبروم” في هذا الأطار،فهي الشركة التي تعتبر ثاني أكبر شركات الطاقة في العالم بعد عملاق الطاقة الأمريكي “ايكسون موبيل”, [59] وقد شكلت أداة في يد الحكومة الروسية من أجل الإبقاء على أسعار النفط في متناول المستهلكين وتحتكر الحكومة من خلالها خطوط أنابيب نقل الغاز بمعنى أن الشركات الاخرى للغاز الطبيعي تظطر ان تبيع إنتاجها إلى غازبروم.

تلعب شركة غازبروم دور قوي في السياسة الخارجية الروسية لكونها مؤسسة عالمية، تستكشف وتستخرج وتنتج وتنقل وتبيع الغاز لجميع المستوردين، كما أنها تحتكر أكبر احتياطات الغاز في العالم حيث قدر احتياطي الغاز لها في ديسمبر عام 2011 بحوالي 35 تريليون متر مكعب، كما أنها تتمتع بميزة فريدة وهى كونها منتج وممول في نفس الوقت حيث تعتمد على بنية تحتية للنقل.[60]

وفي حقيقة الأمر، ثمة خلاف في الرؤى والمصالح والأهداف بين الدولة والشركة خلال فترة حكم ميدفيديف، حيث ترى الدولة أن صادراتها من الغاز تعد – كما ذكرنا إنفاً- ذات أهمية اقتصادية بالأساس وذلك بالنظر إلى ارتفاع أسعاره[61]. ولكن ربما اختلف الأمر في عهد الرئيس بوتين وأصبح هناك رؤية مشتركة بين الدولة والشركة وكان ذلك نتاج طبيعي لسياسات بوتين في مجال الطاقة، فجازبروم الأن تخضع للسيطرة الكاملة الكرملين, [62]كما إنها تسعي إلى تنويع مجالات عملها لتشمل، إضافة إلى صناعات الغاز، إنتاج النفط والطاقة الكهربائية[63]. ويشار إلى أن سياسة المؤسسة في توفير مصادر الطاقة والسياسة البيئية تتم بإذعان من الدولة وتعمل من أجل زيادة كفاءة استخدام الطاقة وتخفيف حدة آثارها الضارة بالبيئة، ويتضح من خلال الشكل التالي الخطوات التي تتبعها لتنفيذ تلك السياسة.[64]المصدر: المرجع السابق

المبحث الثاني

سياسات أمن الطاقة الغربية

أولاً سياسة أمن الطاقة الأوروبية:

تزداد أهمية إستيراد النفط والغز من روسيا لدول الاتحاد الأوروبي، وتتنبأ وكالة الطاقة الدولية بأن دول الاتحاد الأوروبي سوف تزيد من استهلاكها لمصادر الطاقة خلال السنوات القادمة وتصل إلى 7% بحلول عام 2030، وأن تلك الزيادة ستصل إلى الضعفين بين عامي 2020 و2030[65]، لذلك ومنذ وقت طويل تحظى قضية الطاقة باهتمام كبير لدى دول أوروبا. فعلى مدى الخمسون عام الماضية كان الاقتصاد الأوروبي يقوى إلى أن أصبح من أقوى اقتصاديات العالم الأمر الذي ينبغي معه زيادة الاعتماد على النفط والغاز كباقي الدول المتقدمة، وبينما كان حوالى نصف الطاقة المستهلكة تنتج في تلك الدول، إلا أن النصف الأخر كان يتم استيراده من الخارج نتيجة لعدم وجود قدرة أنتاجية لدول الاتحاد حيث أنها تمتلك فقط و0,4% من احتياطي النفط، و0.9% من احتياطي الغاز العالمي والذي تمتلك نسبة كبيرة منه الممكلة المتحدة وهولندا.[66]

وبعد انتهاء الحرب الباردة تجمعت التغييرات السياسية التي شهدتها أوروبا مع مجموعة من الطموحات الاستراتيجية، والتي لم يكن معروفاً مدى قدرة بعض الدول على الالتزام بها في مداها المنظور على الأقل. وبعد مرور عشرين عاماً على تلك التغييرات، أصبحت تلك الطموحات هى أساس تكوين السياسة الأوروبية على المدى القصير والبعيد كذلك باتت في صلب القرار الاستراتيجي لكافة دول الاتحاد الأوروبي،وأمن الطاقة قد شكّل، ولا يزال عماد تلك الأهداف من أجل تكريس مفهوم الانتماء المستقل والمنحى التكاملي الذي تتحدث عنه أوروبا فأرادت تلك الدول أن تتحرر كلّياً من النفوذ السوفييتي، وتالياً الروسي لكنها كانت تعي جيداً بأن ذلك لن يتحقق بسهولة، بل يجب أن يخضع لمعايير ومفاهييم كثيرة، هذا الأمر أوجب إطلاق عملية جدّية لإعادة صياغة سياسة الطاقة الأوروبية على صعيد أشمل، لا سيما في ما يتعلق بمسألة تنويع مصادرها وعدم الاكتفاء بالاعتماد على مصدر وحيد هو روسيا وأصبح ذلك الهدف الأساسي الذي يعلن عنه القادة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الخطابات السياسية.[67]

لم يعد أمن الطاقة أمر اقتصادي بحت بالنسبة لأوروبا لا سيما وهى في وهج قوتها الاقتصادية، فالتنويعأصبح حالة إيديولوجية متكاملة تتفق والمفهوم السياسي السائد، والقاضي بدفع منطقة وسط وشرق أوروبا إلى موقعجيوسياسي جديد لم تكتمل معالمه النهائية حتى الأن. لأن ذلك سيساهم في تحقيق الاستقلالية والحد من مخاطر نشوء أي تهديد استغلالي، خصوصاً إذا تطور التباين السياسي والإيديولوجي القائم إلى نزاع ذو طابع أكثر خطورة، هذا الأمر ترغب بتبنّيه كافة الدول التي استقلّت عن الفلك السوفييتي السابق ابتداء من البلطيق، مروراً بالبلقان ووسط أوروبا، وعندما نتطرق للحديث عن الناحية الاقتصادية نجد أن معظم دول أوروبا ترغب في تحويل مصادر الطاقة بشكل دائم إلى الطاقة النووية وتعزيز بناء محطات الطاقة النووية، لما لذلك من أثر إيجابيفي التخفيفمن حدة الاعتماد على استيرادالمواد الخام من الدول الأخرى الغير مستقرة، كما أن مسألة بناء المحطات النووية قد أصبحت في الوقت المعاصر على درجة كبيرة من التطور والتقنية، ما يجعلها آمنة إلى أكثر الحدود الممكنة، وقادرة أيضاً على تطوير الاقتصادالقومي لتلك الدول.[68]

يتحدد الهدف الأول لسياسة الطاقة في دول أوروبا، هو العمل من أجل تأمين مصادر مستمرة ومستقرّة تضمن وصول جميع وسائل إنتاج الطاقة من نفط وغاز وغيرهما لجميع المواطنين دون استثناء، مع مراعاة الشروط البيئية وتوفيرالأمن اللازم للقارة الأوروبية، تحقيق الأمن يتطلب العمل على زيادة القدرة التنافسية لتلك الدول، والحد من اعتمادها على استيراد النفط والغاز الطبيعي من الأسواق الخارجية بكميات متزايدة يوماً بعد يوم، وذلك رغم محاولاتها المستديمة للعتماد على مصادر الطاقة المتجددة إلا أن الوقود الأحفوري يشكل ما لا يقل عن 80% من استهلاك العالم للطاقة[69].

ويمثل أمن الطاقة لأوروبا “أمن الإمداد والتمويل” حيث يختلف معنى أمن الطاقة من دولة لأخرى حسب حاجتها ومدى توافر تلك الموارد لديها ومدى اعتماد الدول الأخرى على مواردها، واتسع المفهوم لدول الاتحاد ليشمل التموين بأسعار معقولة، وتزداد أهمية المفهوم كلما أدركت تلك الدول أن روسيا دولة مصدرة غير مضمونة حيث أنها تستخدم موارد الطاقة كورقة ضغط لتحقق أهدافها السياسية من خلالها ومن ثم تهدد بقطع إمدادات الطاقة عن الدول التي تعارضها كذلك تهدد برفع الأسعار والسيطرة الكاملة على البنى التحتية مثل ما حدث بشأن قضية أوكرانيا وذلك على الرغم من أن السوق الأوروبية تمثل أكثر من 70% من صادرات روسيا للطاقة[70].

إن أهداف سياسة الطاقة المعتمدة من قبل الاتحادالأوروبي يعتمد على مجموعة من المحددات وأبرزها[71]

  • وجود قناعة شاملة لدى الأعضاء بأن نسبة الاعتماد على المواد الخام المستوردةمناللطاقة مرتفعة جداً، وأن ذلك يمكن أن يتسبب في أزمة مع وجود عدم توازن بين قطاعي الإنتاج والاستهلاك، ناهيك عن الارتفاع المطرد لأسعار الطاقة والتأثيرات المختلفة على المناخ العالمي
  • قضية حماية البيئة، وسعي بعض الدول الأوروبية تأمين مصادر طاقة نظيفة بعيداً عن الطاقة النووية، والبعض الأخر يفضل الطاقة النووية.
  • النظرة الاستراتيجية للطاقة قبل الاقتصادية.

وفيما يلي تحديد لأهم السياسات المذكورة في أجندة الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة:[72]

  • تطوير حوار الطاقة مع الدول المجاورة لتوليد ونقل الطاقة ووضع مصالح تلك الدول في الاعتبار، وإصلاحات سوق الطاقة وتحقيق الطاقة المستدامة.
  • تعزيز الحوار مع البلدان الشريكة في أمن الطاقة والتي تريد تأمين إنتاجها وذلك من خلال التنسيق فيما بينهما كما تفعل روسيا، فهي تسلك سياسة التنسيق والاتفاق مع الدول الكبرى المصدرة للطاقة من أجل الحفاظ على سوق النفط بأسعار معينة وتأمين تلك الصادرات.

رغم نجاح تجربة الاتحاد الأوروبي في التكامل والتعاون حتى أصبح نموذج يحتذى به وترغب كثير من المنظمات الدولية الناجحة في التعاون معه، إلا أنه فشل في الوصول إلى تعريف موحد لأمن الطاقة حيث تتبنى كل دولة، من الدول الأعضاء، تعريفاً خاص بها حسب احتياجاتها وأولوياتها ولم يصل إلى استراتيجية محكمة لحل الأزمة،[73]ويمكن تفسير تلك المشكلة التي مفادها عدم تحديد استراتيجية واحدة لكافة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بسبب ارتباط الطلب على الطاقة بمختلف أنواعها بمستوى التقدم والنشاط الاقتصادي ومعدلات النمو،[74] فكلما ارتفع النمو وكلما زاد التقدم في القطاع الاقتصادي زاد الطلب على مصادر الطاقة، وذلك ما يحدث في أوروبا حيث أنها أقوى اقتصاد بدون امتلاك مصادر طاقة لذلك تزداد المشكلة حدة.

ثانياً سياسة أمن الطاقة الأمريكية:

تعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الدول المستوردة للطاقة في العالم إلى جانب الاتحاد الأوروبي والصين، وكانت قضية توفير مصادر الطاقة وتأمين وصولها أحد أهم ركائز السياسة الأمريكية طوال العقد العشرين، وكان الهدف من الحصول على الوقود الأحفوري بالنسبة لواشنطن ليس اقتصادي بحت وإنما كان سياسي واستراتيجي بالدرجة الأولى مثلها في ذلك الشأن مثل الاتحاد الأوروبي، فالولايات المتحدة الأمريكية تأخذ على عاتقها اعتبارات الهيمنة والقوة العسكرية التي تحتاج إلى مصادر طاقة لتشغيلها وتنميتها.

ولا يوجد تعريف صريح لمفهوم أمن الطاقة الأمريكي، ولكن سياستها في ذلك المجال تقوم على مجموعة أهداف من بينها، توفير مخزون استراتيجي كبير للجوء إليه وقت الأزماتوالاستثمار الرشيد في الطاقة النظيفة للحفاظ على البيئة، وبالفعل فهي تمتلك مخزون استراتيجي كبير تستطيع الاعتماد عليه ولكن من المعروف بالنسبة لواشنطن إنها تفضل الاحتفاظ به للضرورة القصوى بهدف ضمان أمن الطاقة وهذا ما يجعلها من أكبر الدول المستورة للوقود الأحفوري وتعتمد في الحصول عليه من دول الخليج، وقرار الاعتماد على هذا المخرون يتم بأمر من الرئيس الأمريكي وفي حالات الطوارئ فقط وهذا ما يؤكد على أنه قرار أمن قومي، وقد تم السحب من ذلك المخزون في عام 1991 خلال عاصفة الصحراء، وفي عام 2005 بعد إعصار سانت كاتريينا،[75]وكانت أزمة النفط بعد حرب أكتوبر 1973 بمثابة تأكيد على أهمية ذلك المخزون حيث حظرت دول “الأوبك” وصول النفط للولايات المتحدة الأمريكية لأنها ساندت إسرائيل في الحرب مما أحدث طفرات ضخمة في سعر النفط[76].

فيما يخص الاستثمار في الطاقة النظيفة، تذهب واشنطن إلى خفض وارداتها من النفط والغاز الطبيعي لتؤمن مصادر أخرى منتجة محلياً مثل الإيثانول، والاعتماد على الطاقة البيولوجية، ففي عام 2007 استخدمت الولايات المتحدة أكثر من ربع إنتاج محصول الذرة لإنتاج الإيثانول ووصل إنتاجه إلى ما يعادل 280 مليون لتر عام 2008،  وتتلخص أهم مبادئ وأهداف السياسة الخارجية الأمريطية في مجال الطاقة في محاولة تنويع مصادر الحصول على احتياجاتها، وتخفيف الاعتماد على الشرق الأوسط، حيث تعتبر قضية الطاقة مسألة أمن قومي بالنسبة لواشنطن، وفي عام2013 ولأول مرة منذ القرن الواحد والعشرون تزداد قدرة إنتاج النفط محلياً عما يتم استيراده من الخارج،[77]

وتكون الولايات المتحدة الدولة الأولى على العالم في إنتاج الغاز الطبيعي[78]، وكانت بوادر ذلك في عام 2012 حيث أنتجت أمريكا حوالي 95% من احتياجاتها من الغاز واستوردت 5% فقط من كندا وذلك من خلال اللجوء إلى التكسير الهيدروليكي للغاز الصخري حيث أصبح من المتوقع أن تحقق الأكتفاء الذاتي منه في عام 2020،[79] كما مثلت إدارة الرئيس أوباما أكبر استثمار في الطاقة النظيفة مما يؤكد حدوث طفرات في مجال الطاقة في عهد الرئيس باراك أوباما.[80]

وبالرغم من اقتراب الولايات المتحدة من تحقيق الاكتفاء الذاتي إلا إنها تظل تنظر إلى قضية أمن الطاقة باعتبارها قضية أمن قومي وتلجأ إلى مصادر الطاقة الأجنبية لضمان قوتها وتستخدم الدبلوماسية المرنة والقوة الصلبة من أجل الوصول إلى ذلك الهدف وبسط السيطرة على مصادر الطاقة في الدول التي تمتلكها وخاصة الشرق الأوسط فيما يسمى بالحقبة الجديدة للاستعمار، وتستخدم كذلك الأداة الاقتصادية في أفريقيا كما تعمل الصين[81]، ودول بحر قزوين من خلال الاستثمار والمشاركة في خطوط نقل النفط،[82] ويعتبر استخدام القوة الصلبة المتمثلة بالقوة العسكرية أهم ما يميز السياسة الأمريكية لتأمين حصولها على احتياجتها النفطية مثل التدريبات العسطرية في أفريقيا.

ومن ذلك يمكن تلخيص سياسة أمن الطاقة الأمريكية في النقاط التالية:

  • ضمان التواجد في الدول المنتجة للنفط، ويندرج ذلك تحت مظلة أكبر وهي التنويع لمصادر الطاقة بين تقليدية وغير تقليدية وتنويع أدوات الحصول عليها، وتعمل الولايات المتحدة على التواجد في منطقة بحر قزوين وحلفاؤها وأفريقيا بسبب عدم الاستقرار في انتاج النفط والغاز لمعظم الدول المنتجة، لذلك تحاول كافة الدول المستوردة أن تأمن وجودها في جميع تلك الدول بحيث لم يؤدي حدوث أزمة طاقة في أي منهما إلى تأثر الدول المعتمدة عليها بشكل كلي،[83] وتعتبر الصين أكثر الدول أخذاً بذلك المنهج لتأمين الحصول على النفط والغاز فهي تقيم علاقات صداقة مع كافة الدول بدرجة أكبر من الولايات المتحدة الأمريكية وتستخدم أدوات متنوعة من أجل ذلك الهدف وخاصة القوة الناعمة وتقديم الاستثمارات والمساعدات والشراكة في التنمية والبنية التحتية.[84]
  • تقليل الاعتماد على الشرق الأوسط، كان الرئيس أوباما قد حدد فيما سبق أن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تشمل أمن إسرائيل، ودعم حلفاء واشنطن، ومحاربة الإرهاب، ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ومتابعة عملية السلام بالشرق الأوسط ولعب دور يحقق الاستقرار مع شركاء الولايات المتحدة التقليديين في الإقليم وكذلك العمل على دعم التحولات الديمقراطية في اليمن وشمال أفريقيا وسوريا.[85] ومن الملاحظ إغفال جانب الطاقة في تلك الأهداف برغم من اعتماد الولايات المتحدة لسنوات طويلة على الطاقة من دول الخليج، ولكن ما تعلنه واشنطن هو الرغبة في تقليل ذلك الاعتماد وخاصة بعد أزمة النفط الأولى واستخدام الدول العربية للنفط كسلاح استراتيجي- كما تفعل روسيا الاتحادية مع أوروبا- مما تسبب في خسائر للولايات المتحدة تقدر بحوالي تريليون دولار ونشطت الإدارة الأمريكية بسبب تلك الأزمة، ووكلت هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية وقتها، بالتفاوض مع دول الخليج التى تركت الأمر القوات العربية على الأرض، وعلى رأسها مصر،[86]ولكن لايزال الشرق الأوسط يوفر لأمريكا حصة لا بأس بها من الطاقة ويرجع ذلك كنتيجة مباشرة لاعتماد واشنطن على دول تفتقر الاستقرار السياسي كأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى.[87]
  • الاعتماد على شركات النفط الأمريكية في التأثير على أسعار الطاقة العالمي والسوق العالمي للنفط، فقبل حرب أكتوبر كانت أسعار النفط تتحدد وفقاً لرغبة الدول المستوردة الكبرى وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وليس الدول المصدرة، ولكن اختلف ذلك الأمر بعد حرب الخليج ليصبح ثمة دور للدول المصدرة في تحديد أسعار صادراتها. وتلعب تلك الشركات دور مهم في دخول الولايات المتحدة منطقة النفط المستهدفة لحماية المصالح الأمريكية هناك وتأمين مصادر الطاقة، بالإضافة إلى مساعدة الشركات النفطية في الخارج لتوفير البيئة اللازمة للعمل، فقبل الحرب العالمية الثانية عارضت الولايات المتحدة تأميم النفط الفنزلويلي من أجل فرصة لشركاتها للدخول في تلك المنطقة، وبعد الحرب العالمية الثانية منعت تأميم قطاع النفط الإيراني وتدخلت وأطاحت بنظام الحكم وأعادت الشاه، ويساعدها على ذلك بالتأكيد مكانتها العالمية الكبرى وقدرتها على إزعان غالبية دول العالم[88]
  • لعب دور نشط على الساحة الدولية في مجال الطاقة وتقوية الدور الأمريكي في المفاوضات الخاصة بهذا السلاح الاستراتيجي، فعلى الرغم من احتياج واشنطن إلى النفط والغاز من الخارج إلا أن ذلك لم يؤثر على مكانتها كقوة عظمى حيث، كما ذكرنا، أنها توظف تلك المكانة للضغط على الدول وتحقيق أهدافها، فكلما زادت حاجاتها لمصادر الطاقة أتخذت سياسة أكثر حدة وقوة بمعنى اعتمادها على الأدوات المرنة عندما تتقلص حاجتها للوقود، واتخاذ سياسة أكثر جدية وصلابة حينما يزداد تعطشها لذلك المورد وهو الملاحظ من خلال قراراتها تجاه الدول المنتجة والمصدرة للطاقة من القرن العشرين، فضلاً عما قيل تختلف درجة الاهتمام التي توليها الولايات المتحدة للدول صاحبة أكبر احتياطي طاقة، وليس المقصود حسب ثقل الدولة في ذلك الإطار، بينما يوجد اختلاف واضح في دورها في تلك المناطق ليس على أساس الكم، فأمريكا اللاتينية توفر للولايات المتحدة الأمريكية أكثر مقارنة بالشرق الأوسط ولكن درجة اهتمام واشنطن بالشرق الأوسط أكبر[89].، وأهم ما يميز السياسة الأمريكية في ذلك الإطار هو توحد رؤية القادة لتلك السياسة، فلا يختلف رئيس عن الأخر في اعتبار قضية أمن الطاقة قضية أمن قومي ولها أهمية بالغة والدليل على ذلك على سبيل المثال توافق إدارة بوش وكلينتون حول حلف الناتو أكبر الأحلاف العسكرية[90].

تعتبر سياسة الطاقة الأمريكية سياسة نشطة منذ القرن الماضي وستظل كذلك بهدفين وهما، محاولة تقليص نفوذ الدول المصدرة للطاقة والثاني بهدف تأمين أمنها القومي وأمن حلفاءها، وهناك اتجاه يرمي بأنه أقامت الولايات المتحدة وشركائها في الوكالة الدولية للطاقة المخزون الاستراتيجي لرفض تسييس النفط من جانب المصدرين، وإزالة المخاوف بشأن تعرض اقتصاديتها إلى ارتفاع أسعار النفط كمااعتمد الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة آليات السوق لتوفير مناخ بديل لنهج إفقار النفط الذي وضع الأساس للمقاطعة العربية، والتي ميزت سياسة “أوبك” منذ ذلك الحين.وتذهب ملامح القرن الجديد إلى متغيراً خطيراً قد يقلب الأمور رأساً على عقب، إذ يتراجع عالم “أوبك” بسرعة، بسبب ثورة إمدادات الطاقة التي يتم اكتشافها في الولايات المتحدة، والتي أوشكت أن تنتشر على الصعيد العالمي، ما لم يتم اتخاذ تدابير من جانب الحكومات العربية تعرقل نجاحها، حيث تعد سوق النفط الأمريكي هي الأكبر في حجم وقيمة التجارة والاستثمار[91] ولكن من خلال ما ذكرنا أن ذلك هدف أمريكي بعيد المنال على الأقل في الأجل القريب حيث أن تحقيق الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة الأمريكية لن يتم بسهولة بسبب ارتفاع التكلفة وإن حدث ذلك فإن الدول العربية لن تتأثر وذلك لتعطش الكثير من الدول لموارد الطاقة، لا سيما القارة الآسيوية التي يكفي طلبها لتأمين صادرات الدول العربية، هذا بالإضافة إلى سياسية واشنطن المعروفة بعدم استنزاف ما تملك من مصادر الطاقة لكي تؤمن مخزون، وذلك ما يجعلها ولو بشكل جزئي تعتمد على نفط الخليج. والشكل التالي يوضح أكثر الدول استهلاكاً للنفط في العالم وتأتي آسيا في المركز الأول ويليها الولايات المتحدة الأمريكية مما يعني شيئيين:

  • أهمية النفط للجانبين حيث تستخدم الولايات المتحدة مواردها وأمكاناتها في إنتاج الغاز الطبيعي وليس النفط.
  • تزايد حصة آسيا من الاستيراد على الولايات المتحدة الأمريكية مما يسمح بتعويض دول الخليج عن سوق قوي تمثله واشنطن.

المصدر: قوائم البلدان حسب استهلاك النفط، المعرفة، 2006

الخلاصة:

تتبع روسيا الاتحادية وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية سياسات طاقة أحادية الجانب من وجهة نظر كل دولة وذلك نتيجة لاختلاف الرؤى الحاكمة، فروسيا تعمل من خلال مُدخل أساسي وهو أن الطاقة الدعامة الرئيسية لاقتصادها قبل أي شئ ومن اجل الحفاظ على تلك الدعامة تتخذ سياسات أكثر حسماً، وقد اختلفت سياسة بوتين عن سابقيه في ذلك المجال والواضح أن سياسة بوتين كانت الأجدى.

وفيما يتعلق بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، اختلفت السياسة لكل منهما، ففي حين نجد أن أوروبا لا تملك استراتيجية واحدة للتعامل مع ملف الطاقة بالرغم من أنه أهم الملفات على أجندتها، نجد أن الولايات المتحدة تهتم بالأمر أكثر من خلال محاولة تنويع مصادر حصولها على الطاقة والعمل على زيادة الإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في النهاية.

يتضح أن علاقة الطاقة هي الحاكمة بالأساس بين تلك الدول وخاصة روسيا وأوروبا، بينما نجد أن الولايات المتحدة تلعب دور الوسيط باعتبارها أقوى فاعل دولي.

الفصل الثاني:أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية في الفترة (2000- 2008)

تمهيد:

يتناول الفصل الثاني أبعاد السياسة الروسية الغربية ومدى تناسقها وتحقيق الهدف المطلوب منها في تأمين مصادر الطاقة فروسيا توظف قدرًا ملحوظًا من اهتمامها لصياغة اتجاه جديد وقوي للسياسة الخارجية الروسية، لتحقيق طموحاتها في عصر العولمة وحرية الأسواق. ولهذا فقد اعتمدت روسيا الاتحادية في سياستها الخارجية عدة دوائر تعتمد على مدى استقرارها السياسي والاقتصادي.

كذلك مرت العلاقات الروسية الأوروبية خلال العشرون عام الأخيرة بتتطورات كبيرة مابين صداقة وتعاون وبين صراع ويأتي أمن الطاقة على قمة الحالتين.

ينطلق الفصل من نقطتين هما،

  • العلاقات الأوروبية الروسية وتأثيرها على أمن الطاقة.
  • العلاقات الأمريكية الروسية وتأثيرها على أمن الطاقة الأوروبي.

من ثم يتكون الفصل الثاني من مبحثين هما :

  • أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأوروبية في الفترة (2000- 2010)
  • أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأمريكية في الفترة(2000- 2010)

المبحث الأول

العلاقات الروسية الأوروبية في الفترة (2000- 2010)

أولاً العلاقات الاقتصادية في ضوء أمن الطاقة:

تعاونت كبرى الدول الأوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وأسبانيا مع روسيا وأصبح يربطها بها علاقات تعاون اقتصادي وتجاري على نطاق واسع، وما يحدث في هذه العلاقات أن يصبح الأوروبيون هم المستفيدون أكثر من موسكو، أو على الأقل مضطرون للتعامل مع روسيا لعدم وجود خيار آخر، وهذا واضح في مجال مصادر الطاقة من النفط والغاز الطبيعي، حيث تشكل مصادر الطاقة الروسية  أكثر من أربعين بالمائة من حاجة الأوروبيين للطاقة.وقد أبدت دول المعسكر الاشتراكي والشيوعي السابق في أوروبا الشرقية شكلا من أشكال العداء والنفور تجاه روسيا الحديثة، خوفاً من أن تتبع النهج السوفيتي السابق واتجهت هذه الدول نحو الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وفتحت أراضيها القريبة من الحدود الروسية للقواعد العسكرية الأمريكية لحلف الناتو، كما فعلت بولندا وتشيكيا حيث طلبا من واشنطن أن تنشر منظومات الدرع الصاروخية على أراضيهما، إلى جانب اعتراض هذه الدول على سياسات موسكو في كل مكان ومجال. ولكن تظل تلك الدول تحتاج لروسيا اقتصاديا لتأمين مطالب واحتياجات شعوبهم، ولا سيما الخاصة بالطاقة لذلك تتجه لروسيا رغم اعتراض واشنطن على تلك السياسة في كثير من الأحيان، ويتضح ذلك من لجوء دول مثل بلغاريا التي هي عضو في حلف الناتو وسياساتها الآن مناهضة لروسيا، إلى روسيا والتحالف والتعاقد معها لبناء محطات طاقة نووية لها، وذلك لمميزات التقنية النووية الروسية وقلة تكلفتها عن نظيرتها الأمريكية والغربية، ورغم اعتراض واشنطن على هذا الأمر إلا أن بلغاريا وغيرها من دول أوروبا الشرقية لا تتراجع عن التعامل مع روسيا[92]، طالما كان الأمر لمصلحة شعوبها وهذا ما يميز دول الاتحاد الأوروبي وهو النظر إلى المصلحة الاقتصادية باعتبارها أهم شئ حتى لو خسرت حلفاؤها في سبيل ذلك وذلك يفسر سبب التوتر في العلاقات بين الفواعل الثلاثة وهما روسيا، وأوروبا، والولايات المتحدة.

 يسود في أوروبا عدم الثقة بالرئيس بوتين، كما يعبر بوتين دائماً عن قلقه بشأن سياسات أوروبا تجاه روسيا، ويختلف الطرفان على سياسات الطاقة والتنمية الاقتصادية وغيرها من الموضعات الشائكة على أجندة الطرفين كما يرفض بوتين سياسة روسية الاقتصادية وآليات اقتصاد السوق فتتحكم قواعد المنافسة وليست التعاون في السياسة القائمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا كما أن الإدراة والعلاقات بينهما لا تتميز بدرجة عالية من الثقة[93]

تؤكد العلاقات أن الاتحاد الأوروبي يعد من الشركاء الاقتصاديين والتجاريين الكبار لروسيا الاتحادية، حيث تبلغ حصته في التجارة الخارجية الروسية نحو 50%. ونلاحظ هنا أن موارد الطاقة تمثل المحور الرئيسي للعلاقات بين الطرفين بشكل عام، فحوالي 36% من الغاز المستورد، و31 % من النفط، و30 % من الفحم يذهب من موسكو إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وهكذا تصدر روسيا ، إلى بلدان الاتحاد الأوروبي حوالي 80 % من إجمالي صادراتها النفطية، و70 % من إجمالي صادراتها من الغاز، و50 % من إجمالي صادراتها من الفحم. وبهذا الشكل يوفر التعاون مع الاتحاد الأوروبي ايرادات ضخمة لا يمكن الاستغناء عنها في خزينة الدولة الروسية. وتحتل روسيا المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين في التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي بحصة تعادل 7 % في صادراته و11%في وارداته.

    تتسم هذه العلاقات بعدم الاتزان وطابع أحادي الجانب، حيث تمثل موارد الطاقة الخام نحو 75 % من صادرات روسيا إلى دول الاتحاد الأوروبي فقط، بينما تؤلف حصة الآلات والمعدات الروسية (السلع الاستثمارية) أقل من 1%. في الوقت ذاته تصدر أوروبا إلى روسيا منتجات البتروكيمائيات (18%) والمواد الغذائية (10 %) والسلع الاستثمارية والتكنولوجية من معدات وآلات (حوالي 45 %). ، وهذا ما يعني أن العلاقة التبادلية ليست متساوية وأن أوروبا هي المستفيد الأكبر في تلك المعادلة.[94]

    وفي ما يتعلق بالتعاون الاستثماري فإن 70 من المائة من الاستثمارات الأجنبية المتراكمة في الاقتصاد الروسي تعود إلى دول أوروبا. لكن هذه الاستثمارات تعاني من الخلل. أما الاستثمارات المباشرة الأوروبية في الاقتصاد الروسي، فتمثل 20 % تقريبا من إجمالي الاستثمارات الأوروبية في روسيا، وتتجه نحو الصناعة الغذائية وصناعة السيارات وتجارة التجزئة، والمشاركة في البنى التحتية لمشروعات المواد الخام واستخراج النفط. والملاحظ أن عدداً محدوداً من شركات دول الاتحاد الاوروبي توظف مواردها في روسيا في صناعات تصدر منتجاتها إلى الخارج.

 وبالرغم من هذا الاختلال في هيكل التجارة الخارجية والاستثمارات بينروسيا والاتحاد الأوروبي، فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين تبدو أكثر ديناميكية وتسعى أوروبا منذ بداية القرن الحادي والعشرون أن تفتح مجالات تعاون مع الشرق الأوسط وأفريقيا لتحقيق هدف التنويع في مصادر الحصول على الطاقة، وهي بالفعل تعتمد على بترول دول الخليج وشمال أفريقيا بنسبة 30 % وعلى الغاز الطبيعي بنسبة 10%، كما تعتبر الجزائر المصدر الأول للغاز المُضخ إلى أوروبا. [95]

   ويرجع الاعتماد الأكبر على الطاقة الروسية نتيجة لما قامت به موسكو من مناورات سياسية ترتبط بتدفق إلى دول مثل بلاروسيا وأوكرانيا ومولدوفيا، ونتيجة لذلك أعادت أوروبا التفكير في الطاقة كعنصر من عناصر أمنها القومي والإقليمي، علاوة على كونها عنصر من عناصر السياسة الخارجية والسياسة المشتركة من قبل الدول الاعضاء تجاه قطاع الطاقة.[96]

ثانياً العلاقات السياسية والعسكرية:

تتميز العلاقات الروسية الأوروبية بطابع استراتيجي حتى في المجالات الاقتصادية، حيث أن التعاون والتبادل الاقتصادي فيما بينهما لها جذور استراتيجية لأن الطاقة تعتبر مسألة أمن قومي وليس فقط توفير احتياجات مادية، ولكن يشوب العلاقة العديد من المشاكل السياسية والجيوسياسية فهي ليست علاقة صداقة وليست علاقة عداء بالمعنى الدقيق ولكن يحكمها عوامل خارجية مثل الخلاف على قضية دولية بعيداً عن الطرفين، أو الضغط من قبل قوى أخرى تكتلك السيطرة والنفوذ كالولايات المتحدة الأمريكية، علاقات روسيا مع الاتحاد الأوروبي والتي تعد الأكثر تعقيداً في النظام الدولي شهدت تحديات كبيرة وكانت على الدوام مصدر قلق لدى الطرفين بسبب الاحتياج المتقابل في مجال الطاقة والقضايا المتعلقة بأوروبا الشرقية. ويمكن القول أن المصالح المتضاربة والمشتركة في آن واحد هي التي جعلت العلاقات معقدة بين هاتين واللاعبيْن الاساسييْن في توازن القوى على الصعيد الدولي.[97]

وتعارض المصالح الوطنية يمثل أهم أسباب القلق. وبما أن أمن الطاقة يعتبر إلى حد كبير مسألة اقتصادية وطنية وأكثر منها مسألة استراتيجية وأمنية، فإن العديد من الدول يفضل عدم مناقشة هذه المسألة في المناقشات المتعددة الأطراف، بما فيها حلف الناتو والاتحاد الأوروبي. وبالرغم من الجهود التي بذلتها المفوضية الأوروبية لصياغة سياسة مستنيرة وبعيدة المدى في مجال الطاقة، دأبت دول الاتحاد الأوروبي على تأمين إمداداتها من الطاقة بصورة فردية. وباختصار شديد، عندما يتعلق الأمر بأمن طاقة، تميل الدول إلى عدم الإفصاح عن سياستها والتكتم والاعتماد على قدراتها الذاتية. ويتمثل السبب الآخر للحذر الأوروبي فيما يتعلق بأمن الطاقة بحقيقة أن هذا الموضوع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بروسيا. وتتمتع روسيا بأهمية محورية تصيغ سياستها تجاه الاتحاد الأوروبي لضمان تدفق إمدادات الطاقة إلى أوروبا. ويرى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بالكامل أن سياسات روسيا الخارجية في الأمن والطاقة تتباين من وقت لأخر.[98] وفي عام 2002 تأسس مجلس (روسيا- الناتو) بموجب التوقيع على إعلان روما لينضم إلى الحلف عدد من دول المعسكر الاشتراكي في العهد السوفيتي،[99] وتشير بعض الأدبيات أن العلاقة التنافسية بين روسيا والاتحاد الأوروبي يجب أن تتحول إلي علاقة تعاون وتعايش سلمي عندما يتجهوا معاً إلى منطقة محل صراع ونزاع بين مختلف القوى الدولية الدولية الكبرى كمنطقة الشرق الأوسط[100].

لقد أدت أزمة اليورو مابين عامي 2007 و2008 إلى إحداث خلل في البنى التحتية للاتحاد الأوروبي وزعزعة ركائز النظام السياسي والاقتصادي بمؤسساته وأثر ذلك بدوره على سياسة الدول الأوروبية خلال تلك الفترة سواء فيما بينها أو تجاه المجتمع الدولي، حيث انقسمت الدول الأوروبية بين دائن ومدين  وتدنى الوضع الاقتصادي الكلي وارتفعت نسبة الدين في جميع بلدان المنطقة التي تتعامل باليورو، وأدى ذلك إلى نشوب انقسامات داخلية تهدد الاستقرار والهوية ذهبت به إلى إخفاقه في صنع السياسات العامة،[101] وبالتأكيد أثر ذلك على سياسة أمن الطاقة وحاول الاتحاد الأوروبي خفض الكمية المستوردة من الوقود الروسي بالإضافة إلى مجموعة من الإجراعات المعقدة مع بعض الدول العربية مثل الجزائر.

تبنى الرئيس بوتين منذ توليه الرئاسة في عام 2000 سياسة روسية قائمة على “العزلة” عن أي مساعدات خارجية سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الدول السبع الصناعية الكبرى وهي دول أوروبية، لذلك أتخذت العلاقة منحى جديد في تلك الفترة بؤرته توطيد المركز الروسي في المجتمع الدولي والتعامل مع الدول بمبدأ الندية وظهر ذلك في الانتعاشة الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد الروسي بالاعتماد على الموارد الروسية الذاتية والامتناع عن تلقي المساعدات الأوروبية وكان ذلك هو المبدأ الحاكم للعلاقات السياسية الروسية الأوروبية تلك الفترة.[102]

ثالثاً العلاقات الروسية ببعض دول الاتحاد الأوروبي:

  • العلاقات الروسية الألمانية:

تمثل ألمانيا شريك اقتصادي وتجاري قوي لروسيا وتخطى حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2020 50% وتقدر الاستثمارات الألمانية في روسيا بمليارات الدولارات وعندما تولى الرئيس السابق ديميتري ميدفيديف عام 2008، تبنى سياسة الاعتماد النسبي على أوروبا بصفة عامة وعلى ألمانيا بصفة خاصة بهدف واحد وهو تحديث الاقتصاد الروسي، وعلى الصعيد السياسي توجد بعض الانشقاقات والتجاذبات بين البلدين تجاه القضايا الدولية الأخرى[103].

توجد – وعلى ما يزيد عن العقدين- تطورات ملحوظة في العلاقات الروسية الألمانية إلى أن أصبحت استراتيجية ثابتة بين البلدين كانت بدايته تخلي الاتحاد السوفيتي عن نفوذه في ألمانيا الشرقية وترحيبه بإعادة توحيد الألمانيتين وساعد انتهاء الحرب الباردة على مزيد من النمو في العلاقات، كما تعتمد ألمانيا اعتماد شبه كلي على مصادر الطاقة الروسية وتعتبر أكبر مستورد أوروبي للطاقة الروسية، وكانت العلاقات الروسية الألمانية في تلك الفترة أكثر علاقة ود وصداقة بين موسكو ودول الغرب،[104] ويمكن تفسير الرغبة الروسية في التعاون والشراكة مع ألمانيا بسبب قوة ألمانيا المرنة التي لا تتمثل في قوتها وإمكاناتها العسكرية وإنما في نفوذ “الجغرافيا الاقتصادية” والمستمدة من ممارسة نوع من السياسة الواقعية التجارية التي تركز على اقتصادات الرفاهة، فشركات التصدير والاستثمار الأجنبي تحتل بؤرة خريطة السياسات الألمانية، وهو ما جعلها في مقدمة كبريات الدول المصدرة في العالم وتم تصنيفها في المرتبة الثانية عالميا، وبسبب ذلك استضافت روسيا، وبترحيب شديد، شركة “سيمنز” الألمانية لتحديث شبكة القطارات في روسيا خلال عامي 2005- 2006. وعلى الجانب الألماني تظهر أهمية روسيا الاتحادية لألمانيا من خلال تشجيع قطاع الأعمال في ألمانيا الدخول في استثمارات مع الروس[105] وبالنظر هنا إلى أهمية قطاع الأعمال في أي دولة، حيث أن سياسته تتمتع بالدقة والنظام وتهدف للربح المؤكد، تظهر أهمية روسيا بالنسبة إلى ألمانيا.

ويعد مجال وقطاعات الطاقة أقوى ما يميز العلاقة الجيو- اقتصادية بين ألمانيا وروسيا،

من حيث العلاقة بين شركتي “جازبروم الجرمانية”، و”جازبروم الروسية”،فمعظم موظفي شركة جازبروم الروسية إما كانوا مسئولين سابقين في ألمانيا الشرقية، أو عملاء جهاز أمن الدولة الألماني الشرقي السابق، وهو الجهاز الذي تعاون مع فلاديمير بوتين عندما كان عميلاً للمخابرات السوفيتية في ألمانيا الشرقية في الثمانينيات. فعلى سبيل المثال، ، وقد قدم مدير شئون الأفراد والتمويل في الشركة، وهو ضابط سابق في جهاز أمن الدولة الألماني الشرقي، مساعدات لبوتين لتوظيف جواسيس في مدينة دريسدن في ألمانيا الشرقية، وهو الأمر الذي لا ينكره الروس. كما أن “المسئولين التنفيذيين لشركةغازبروم الجرمانية” يمثلوا جماعة ضغط في ألمانيا لمصلحة الكرملين الروسي، ويسعون إلي وضع مصالحهم فوق استراتيجية الطاقة الأوروبية الموحدة.[106]

نستنتج مما سبق، أن العلاقات الاقتصادية ظلت هي المحدد الأول والأساسي للعلاقات الألمانية الروسية، حيث تطبق ألمانيا مبادئ العولمة الاقتصادية إلى أن أصبحت أكبر اقتصاديات أوروبا[107]، لذلك يحتم التطور الاقتصادي تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير احتياجات المؤسسات والشعب، مما يجبر ألمانيا لتوجهها إلى روسيا لتوفير مصادر الطاقة حيث أنه كما ذكرنا إنفاً تعتبر ألمانيا أكبر دول أوروبا مستوردة للوقود الحيوي الروسي.

  • العلاقات الروسية الفرنسية:

تربط روسيا وفرنسا علاقات شراكة وثيقةوتعتبر العلاقات الروسية الفرنسية واسعة النطاق وتتضمن بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي عددا من المشاريع في المجال الإنساني، وفي البداية شهدت العلاقات الروسية الفرنسية مرحلة فاصلة بدأت منذ عام 1998م، وذلك  بقيام الدولة الروسية بعد مرورها بتطورات عدة، وبخاصة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي السريع الذي شهدته موسكو مما جعلها تتطلع لتصبح دولة ذات مكانة على مستوى النظام الدولي، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا وألمانيا مشغولتين بتوسيع الاتحاد الأوروبي ليضم دول تتقاسم مع روسيا حدودها، بهدف الحفاظ على أمن واستقرار أوروبا، كما أصبحت روسيا دولة ذات أهمية عظمى لفرنسا حيث تتفق موسكو مع باريس في مبدأ “التعددية القطبية” وليس “الأحادية القطبية”، ولكن الفرق أن روسيا تسعى لأن تكون قطباً مستقلاً ورفض النموذج الغربي ومواجهته في حين أن روسيا تريد توزيع أقطاب متساوية في القوة والسياسة، ولكن يتفق الدولتين تحت الهدف الأسمى والمظلة الكبرى وهي مواجهة الهيمنة الأمريكية بشتى الطرق ومنع الولايات المتحدة

من التفرد بالشئون العالمية، حيث تعتبر فرنسا من أكبر دول الاتحاد الأوروبي في المكانة والقدرات المادية ويمكن القول أن روسيا تشارك فرنسا مصالحها ولكنها لا تشاركها مبادئها وتجد فرنسا نفسها أمام شريك مهم لا يمكن الاعتماد عليه أو التخلي عنه وذلك نظراً للمصالح الاقتصادية حيث لجأت فرنسا إلى روسيا في فترة حكم بوتين الأولى كي تخلصها من أزمة الطاقة.

شهدت العلاقات الروسية الفرنسية تفاهما متبادلا ومشاركة استراتيجية، عندما دعمت موسكو الموقف الفرنسي المعارض للحرب ضد العراق، وتأسست علاقة صداقة بين الرئيسين شيراك والرئيس بوتين، فروسيا سوقا كبيرة تعمل فرنسا من أجل الاستفاده القصوى منه، وأن تناغم العلاقات السياسية بين الدولتين قد أتاح الفرصة لزيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بينهما؛ ففي عام 2004 مثلا أصبحت فرنسا تاسع دولة مصدرة لروسيا، تسبقها في ذلك كل من ألمانيا وإيطاليا. كذلك فإن فرنسا هي ثامن مستثمر في روسيا بعد كل من قبرص وانجلترا وهولندا وألمانيا.

حكمت العلاقات الروسية الفرنسية في تلك الفترة عدة مبادئ هي:-[108]

  • بناء نظام عالمي جديد تميزه التعددية القطبية من خلال تحالف أوراسي تشجعه فرنسا لمواجهة واشنطن.
  • جاذبية روسيا لأي استثمار أجنبي نتيجة للنهضة الاقتصادية التي حققتها واحتلت في تلك الفترة المرتبة الخامسة لأكثر الدول الأوروبية أهمية وجاذبية للاستثمار من جانب القوى الاقتصادية في نفس الوقت الذي عانى فيه الاقتصاد الفرنسي من التدهور بعض الشئ.
  • علاقات الطاقة كانت الركيزة الأساسية للعلاقات بين البلدين، وذلك عندما أضحى الصراع على أشده حول ترسيم خطوط أنابيب النفط والغاز في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز بين واشنطن وموسكو، وكان اتفاق روسيا وفرنسا واضحا بإعطاء دفع كبير للعلاقات الفرنسية الروسية السياسية والاقتصادية في ضوء الوضع الجيوستراتيجي الجديد بعد العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر.
  • السيطرة على مواقف الخلاف بين الدولتين وتجاوزها بهدف تحقيق التعاون والعمل على تطور العلاقات الاقتصادية من قبل الجانبين.

المبحث التاني العلاقات الروسية الأمريكية في الفترة (2000 – 2010)

أولاً العلاقات السياسية بين البلدين:

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقيام روسيا الجديدة، شكلت الاستراتيجية الأمريكية المؤكدة على عالم أحادي القطبية تكون هي القطب الوحيد فيه عامل أساسي لقيام روسيا من جديد حيث تعمل الولايات المتحدة دائماً على فكرة الاستباق بالقوة الصلبة والعسكريةبدلاً من القوة الناعمة وكان ذلك المحرك الرئيسي لكلاً من الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس ديمتري ميدفيديف لإحداث التنمية والنهوض ووضع لمسات الصعود لدولة بروسيا الاتحادية، ويرجع الفضل في ذلك إلى الرئيس بوتين لذلك نجد أن روسيا يحكمها مبدأ واحد أساسي وهو تقوية سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة وأن تكون ثابتة لا متغيرة من أجل عدم المساس بمصالحها.[109]

ويمكن القول أن العلاقات الروسية الأمريكية ليست على وتيرة واحدة طول الوقت ويرجع ذلك إلى أن الدولتيت يمثلان قوى عظمى يتقاسمان المصالح في مختلف بلدان العالم، لذلك لا يمكن أن تتفق سياستهما على مبادئ واحدة أو تسير في اتجاه واحد فقط، ولاسيما أن الصراع يميز العلاقة بين البلدين أكثر من الوفاق وذلك الصراع معلن من الجانبين ولم يرتق إلى شراكة سياسية أو الاقتصادية، كما أن نمط العلاقات بينهما محكوماً بصعود قوى جديدة من خلال ما يجري في التطورات العالمية.[110]

اتخذت روسيا سلوك سياسي روسي متوازن تجاه علاقاتها مع الولايات المتحده وصف بأنه سلوك سياسي يكشف عن نهج روسي جديد يعتمد على الاستقلاليه و كسب المصالح باستغلال الفرص الناتجةعن تورط الولايات المتحده في أحداث الشرق الاوسط في تلك الفترة كالعراق وأفغانستان وإيران “بشان البرنامج النووي” الا أن هذا التطور لم يكن يعني تطورات في طريقه التعامل مع الشرق الاوسط بل كان يعني تحديد الأولويات والمصالح في التعامل مع القضايا التي تشترك فيها أهدافها مع أهداف الولايات المتحدة إلا أن ما يثير الاهتمام بالنسبة للعلاقات الامريكية ـ الروسية هو أنه بالرغم من تعدد أدوات التنافس بين الدولتين الا ان مناطق النفوذ الاستراتيجي في العالم مختلفة لكلاهما ولذلك فإن الولايات المتحدة تجد في الشرق الاوسط مجالها الحيوي والاستراتيجي حيث نظرت واشنطنإليه من خلال علاقتهاالتنافسية مع روسيا.أما روسيا فقد نظرت إليه على أنه مجالا حيوياً لكسب الفرص في الحصول على مكاسب إقليميه في آسيا ومكاسب في اوروبا في نطاق المنظمات الدولية والاقليمية الاقتصادية والامنيةكما إنها تنظر الى جوارها القريب كمجال حيوي استراتيجي وجزءلا يتجزء من المصلحة القومية والإقليمية الروسية، ولذلك فهي تنظر إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة على إنها دولة منافسة، والاتحاد الأوروبي هو ذلك الجوار القريب.[111]

اتجهت بصفة عامة العلاقات بين الدولتين في تلك الحقبة إلى الهجوم والتنافس بهدف التفوق على المستوى العالمي وتحقيق أكبر قدر من التحالفات والأصدقاء في كل منطقة من العالم، ولكن على جانب أخر ظل هناك مصالح مشتركة بين الجانبين تعمل على استمرار قنوات الأتصال بينهما في ظل التوترات واحتدام الصراعات بينهما، واستندت سياسة بوتين تجاه الولايات المتحدة على ثلاثة مبادئ هما كاللآتي:[112]

  • العمل على خلق عالم متعدد الأقطاب ومواجهة الهيمنة الأمريكية وعمد السماح لأمريكا بتهميش الدور الروسي.
  • التقرب والتحالف مع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى حتى يكون لروسيا حليف أخر في مواجهة الغرب.
  • إذا استمرت محاولات توسيع الناتو نحو الشرق، ستسعى روسيا إلى إعادة الترابط مع دول الاتحاد السوفيتي السابقة كما تعمل على دعم بيئتها الأمنية في الشرق من خلال فتح علاقات مع الصين والهند واليابان.

تغيرت السياسة الروسية تجاه الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر لشعور موسكو أن الولايات المتحدة ترغب في إبعادها عن المسرح الدولي حتى لا تعيد قطبها على النهج السوفيتي القديم وعمل الغرب على تطويق روسيا، في المقابل ظهر في عدة مواقف رغبة روسيا في تفادي الصراع مع الولايات المتحدة في تلك الفترة، فعلى عكس التوقعات أيدت روسيا التدخل الأمريكي في أفغانستان بعد أحداث سبتمبر بالرغم من أن منطقة آسيا الوسطى والقوقاز تمثل أهمية ومنطقة حيوية للروس وذلك لأن موسكو كانت تعرف أن أي موقف مغاير لذلك سوف يضر بمصالحها الاستراتيجية والأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك بالنسبة للتدخل الأمريكي في العراق لم تعارض روسيا ذلك على اعتبار أنه لا يمس الشراكة الاقتصادية للبلدين كما وافقت على رفع العقوبات المفروضة على العراق وذلك يؤكد رغبة روسيا في لعب دور على الساحة الدولية وإنها تتخذ مواقف واضحة في العديد من القضايا الإقليمية والدولية حتى تقلل من النفوذ الأمريكي وتتجنب الدخول في صراع معها.

ثانياً العلاقات بينهما على المستوى الدولي:

إن البيئه الإقليمية التي نمت فيها العلاقات الأمريكية  الروسية كان لها دورها في تجديد علاقات روسيا بأمريكا على المستوى الدولي تتميز رغم الأزمات التي تؤثر عليها علاقات تسعى لان ترتقي الى مستوى الشراكة حيث يوجد رغبه أمريكية في تطويع روسيا في العلاقات الدولية المعقدة التي تمتلك مقومات قوة لا يستهان بها و تؤهلها للعب دور دولي يرتقي بروسيا إلى قوة عظمى حيث أنها تعلم أن الظروف والأوضاع الدولية تسير في اتجاه زغبة روسيا في لعب هذا الدور وبالنظر إلى هذه البيئه و أثرها في العلاقات الامريكية الروسية  سنجد أن قضايا الخلاف هي ذاتها قضايا التعاونوالوفاقخاصة وأن موسكو أخذت تتعامل مع محيطها الدولي على أسس براغماتية كما أعلن الرئيس بوتين باعتبارها توجه أساسي في سياسته التي تقوم من أجل النهوض الاقتصادي بعيده عن اي تعصب ايديولوجي ويمكن تحديد هذه القضايا بالاتي:[113]

  • مشروع الدرع المضاد للصواريخ : ان مصدر الخلاف الجوهري والذي أقلق روسيا  واعتبرته واعتبرته بمثابة تهديد  للتوازن الاستراتيجي العالمي حيث يشاركها في ذلك قوى اسيويه اخرى مثل الصين، فضلا عن الدول الرئيسة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي  وأساس الخلاف يعود إلى تصريح إدارة بوش لنشر صواريخ في بولندا و محطه رادار في جمهورية التشيك كجزء من برنامج الدرع الصاروخي الذي بدأت الإداره الامريكية إدخاله إلى حيز التشغيل العملياتي مبررة توجهها بالحاجة الى مواجهة التهديدات الصاروخية أو استخدام أسلحة الدمار الشامل من جانب الجماعات الإرهابيةومنذ انعقاد مؤتمر الأمن الذي شهد انتقادات الرئيس الروسي للولايات المتحدة الامريكيةيمكن القول ان السياسه الروسية قد انتقلت باتجاه تصعيد التوتر خاصة لأن ذلك من شأنه تغيير البيئة الدفاعية لأوروبا بشكل يضع روسيا في مأزق وكان نتيجة ذلك أن روسيا أوقفت التزامها بمعاهدة الاسلحة التقليدية في أوروبا. وكان ذلك المشروع انعكاس واضح لقلق أمريكا من السياسة العسكرية الروسية.
  • مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط كانت جانب مهم في العلاقات بين البلدين حيث ألتقت مصلحة كلا الطرفين في القضاء على الإرهاب.
  • البرنامج النووي الإيراني، حيث لم تعتبر روسيا أن البرنامج النووي الإيراني يمثل لها تحدي كبير وتستطيع التأقلم مع وجوده طالما أن هدفه سلمي وذلك عكس ما تراه الولايات المتحدة.
  • تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية أوروبا من أجل تغيير روسيا وذلك بالنظر إلى المصالح المشتركة بينهما “روسيا وأوروبا”.

ثانياً العلاقات الاقتصادية والعسكرية:

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لعبت أوروبا ممثلة بدول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو دور المحقق للأهداف الأمريكية تجاه روسيا، مما أدى لصدام روسيا بالغرب في كثير من المواقف الدولية ولكن استخدمت موسكو ورقة الضغط الكبيرة التي تمتلكها وهي الطاقة وتصدير الطاقة الروسية إلى بلدان أوروبا، لذلك اتخذت روسيا استراتيجية جديدة وهي تقوية علاقاتها بالصين اقتصادياً لخلق شريك أخر بعيداً عن الولايات المتحدة خاصة أن الصين تتفق في الرؤى كثيراً مع روسيا بخصوص القطبية والتعددية وماشابه ذلك وتم توقيع معاهدة التعاون وحسن الجوار عام 2001، لدعم التعاون الاستراتيجي بين البلدين وجاءت ميادئ تلك الاتفاقية على عكس برنامج الدفاع الصاروخي الأمريكي رفض ما يتبناه حلف الناتو ومعارضة سياسة التوسع العسكري الأمريكية ومعارضة الأحلاف العسكرية.

وكانت تلك الاتفاقية رد فعل من جانب روسيا على السياسات المتبعة من جانب حلف شمال الأطلسي “الناتو” ، فنستطيع أن نقول أن واشنطن وموسكو في اتجاه العلاقات العسكرية تسعيان لبناء نظام دولي جديد يقوم على الأحلاف.[114]

إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ليست ذات أهمية قصوى لأي منهما، ومن الطبيعي أن غياب التعاون الاستراتيجي بين الكرملين والبيت الأبيض لا يؤدي تلقائياً إلى حرب نووية، حيث أنهمعروف منذ القرن العشرين أن محور “موسكو ـ واشنطن” لم يعد يلعب في العالم المعاصر متعدد الأقطاب ذلك الدور المركزي الذي لعبه في النصف الثاني من القرن الماضي.[115]وتظهر العلاقات الاقتصادية بشكل واضح بطريقة غير مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي من خلال ضغط الولايات المتحدة على دول الاتحاد لاتخاذ سياسات معينة تجاه روسيا تعرض مصالحها للخسارة أو الضرر وهذا بالتحديد فيما يتعلق بأمن الطاقة الأوروبي والأمن الاقتصادي لروسيا التي يعتمد اقتصادها على تصدير الغاز والنفط إلى أوروبا حيث تعتمد الولايات المتحدة على الطاقة من دول الخليج وليس من روسيا ولكن حليفها التقليدي الاتحاد الأوروبي يتعطش لمصادر الطاقة الروسية، قامت روسيا خلال الأعوام القليلة الماضية باتخاذ مجموعة من الإجراءات لتعزيز مكانتها في سوق الطاقة العالمى كما ذكرنا من قبل ويذكر عدد من المسئولين الروس أن روسيا لايمكن أن تكون بديل عن النفط الخليجى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وأن اتفاق الشراكة النفطية الموقع مع الولايات المتحدة فى إطار ضيق لتأمين كميات من النفط تتناسب مع إحتياجات الاقتصاد الأمريكى، وهذا الى جانب الشراكة الإستراتيجية والتعاون والتنسيق مع فنزويلا التى تعد أكبر منتج للنفط فى القارة الأمريكية حيث تحتل المرتبة الثانية فى النصف الغربى من العالم بعد الولايات المتحدة.فى إطار ذلك تتعاون روسيا وغيرها من كبار المنتجين للحفاظ على إستقرار سوق النفط،  ويصب ذلك فى مصلحة الولايات المتحدة ومن هنا تأتى العلاقة القوية بينهما فى مجال الطاقة الأوروبى والولايات المتحدة فمن خلال تصريح رئيس شركة “لوك أويل” تمتلك الشركة ألفي محطة لتعبئة الوقود فى الولايات المتحدة وحوالى 600 فى أوروبا وقامت الشركة خلال عام 2007 بتبديل اللافتات على محطات الوقود من الأمريكيتين الى لوك أويل لتأكيد أن روسيا استطاعت أن تضع لها موضع قدم فى السوق الأمريكية .[116]

رغم وضوح رغبة الولايات المتحدة وأوربا بشأن تنويع مصادر الطاقة الأوروبية وطرح العديد من المشروعات فإن ماتحقق فى تلك الفترة كان ضعيف ومحدود، وانتقد فلاديمير بوتين محاولات التضييق التى ترتكبها واشنطن على الشركات الروسية ورغم أمن الطاقة للإتحاد الأوروبى يرتبط دون شك بموسكو فإن النفوذ الروسى الواضح فى أسواق النفط فى أوروبا والولايات المتحدة مازال اقتصادياً،[117]

ومايزعج الولايات المتحدة ان سوق الطاقة يستوعب روسيا بشكل أكبر يوماً بعد يوم مما يضيف الى القدرات الشاملة لروسيا ويقوى مكانتها، وهناك فجوة بين السياسة الأمريكية والموقف الروسى فى العديد من القضايا لن الولايات المتحدة ترغب فى استبعاد روسيا من القوى الدولية وهذا مايخلق الصراع.[118]

وفيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الأوروبية،

يعدالنمو المستقر في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، منذ أكثر من ستين عاماً من العلاقـات المميزة بين الجانبين، من العلامات المميزة لاستقرار العلاقات بين الجانبين، حتى عندما سـاءت العلاقات الأمنية والسياسية بين الجانبين (مثل السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، والحرب على العراق 2003،وحسب إحصائيات 2008، تعدالولايات المتحدة ثاني أكبر مستورد مـن الاتحـاد الأوروبي بعد الصين، بنسبة تشكل 12 %من حجم صادرات الاتحاد الكلية، وتـشكل المصدر الأول للاتحاد بنسبة 1.19 %من الواردات الإجمالية للاتحاد، ومن ثـمتحتـل الولايـات المتحدة المرتبة الأولى كشريك تجاري للاتحاد بنسبة 2.15.[119]

كذلك قد شكّل الاتحاد الأوروبي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الأول فـي عـام 2008، بنسبة 2.19 %من التبادل التجاري.

أمريكا وأوروبامندمجين في الاقتصاد الأطلسي وربما يوجد مدى يسمح بالنزاعات، إن تطور التضامن والتحالف بين الجانبين الأوروبي والأمريكي ضد الشيوعية في الخمسينيات مـن القرن الماضي، ومخاطر تطور الاشـتراكية الأوروبيـة والـشيوعية الأوروبيـة فـي الـسبعينات والثمانينيات، والتعاون في نشر أفكار السوق الحرة والليبرالية في الثمانينيات، كـل ذلـك أدى إلـى تقوية العلاقات بين الجانبين، من جهة أخرى، ومن الصعب تحديد إلى أي مدى أسهمت هذه العوامل في الارتباط الأمريكي بأوروبـا،ولكن من الواضح أن العلاقات القوية بين أوروبا والنخبة السياسية والدبلوماسية الأمريكية شـكلت جزءاً مهماً من معطيات الحرب الباردة. كما هددت التغيرات السياسية التي أعقبت نهايـة الحـرب الباردة بإحداث تغيير في شكل العلاقات بين الجانبين .

فعلى الرغم من نهاية الاتحـاد الـسوفيتي، ودخول معظم دول أوروبا الشرقية في اقتصاد السوق الليبرالي والديمقراطية، فـإنهـذه المرحلـة طرحت تساؤلات أكثر أهمية، وهي: إلى أي مدى يشترك كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحـدة الأمريكية في القيم ذاتها؟ وهل من الممكن للاتحاد الأوروبي المدعوم بالنجاحات الكبرى -إلى حد ما- في المجال الاقتصادي والسياسة الخارجية والأمنية المشتركة أن يقوم بتصدير ديمقراطيته وقيمه إلى الدول الأخرى كبأمريكا ؟ هذه الأسئلة أثارت الشكوك لدى كل من النخـب الـسياسية وصـناع القرار على جانبي الأطلسي.[120]

الخلاصة:

العلاقات الأوروبية الروسية تتعلق بالدرجة الأولى والأخيرة بأمن الطاقة في البلدين بحيث تعمل كل منهما على اتخاذ السياسات تجاه الأخر التي تضمن ذلك الشأن، والعلاقات الأوروبية الروسية تسير في اتجاه الشراكة الثنائية في المجال السياسي والاقتصادي، وفي المجال العسكري من خلال حلف الناتو الذي يربط بينهما، وتلك الشراكة هي ما تؤثر على مسار العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في مجال الطاقة والمجالات الأخرى.

الفصل الثالث: العلاقات الروسية الغربية من (2011- 2015)

تمهيد:

ظهرت العديد من القضايا الدولية في الفترة من (2011-2015) التي أدت إلى تصادم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية، من خلال تعارض الرؤى بشأنها، فكانت تتمثل بعض تلك القضايا في ثورات الربيع العربي، ثم الأزمات التي حدثت على إثرها في بعض الدول العربية كسوريا وليبيا، بالإضافة إلى الأزمات الدولية الأخرى كأزمة القرم. وكان تلاقي القوى العظمى في تلك الصراعات من شأنه أن يخلق نمط جديد من التفاعلات والاتجاهات لكل من تلك القوى، في سبيل تحقيق مصلحة كل طرف من خلال رؤيته الخاصة.

في ضوء ذلك، وفي إطار القضية محل الدراسة، يقوم هذا الفصل على محاولة طرح دور تلك القوى في إدارة تلك الصراعات بهدف تحقيق مصالحه بالتركيز على أمن الطاقة للدول الفاعلة فيه ومن هنا يتطرق الفصل الثالث إلى نقطتين هما:

  • الهدف الروسي من افتعال الصراعات الدولية.
  • رد فعل الغرب على السياسة الروسية بهدف منع نفوذها وهيمنتها، وأثر ذلك على محاولات إيجاد بدائل أخرى لمصادر الطاقة.

وينقسم الفصل إلى مبحثين هما:

  • العلاقات الروسية الأوروبية في الفترة (2011- 2016).
  • العلاقات الروسية الأمريكية في نفس الفترة.

 

المبحث الأول

العلاقات الروسية الاوروبية في الفترة (2011- 2015)

أولاً العلاقات الاقتصادية والسياسية في ضوء ضمان تحقيق أمن الطاقة:

رغم أن روسيا أكدت في أكثر من مناسبة الطابع الاقتصادي البحت لتعاملاتها في سوق الطاقة بكونها دولة مصدرة، إلا أن النفوذ الروسي المتصاعد في سوق الطاقة العالمي،أقلق الدول الأوروبية، يليها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كما ذكرنا أن روسيا عملاقاً في مجال الطاقة، وتمثلت تلك المخاوف في استخدام روسيا لإمدادات النفط كسلاح سياسي في مواجهة أوروبا والولايات المتحدة،رغم أن الطاقة،بحسبانها موردا هاماً واستراتيجياً لاقتصادها القومي،ودعامة أساسية لتمكين الدولة الروسية،وتنمية قدراتها. ونفت روسيا تداخل المجالات التعاونية الأخرى و السياسة بينها وبين دول أوروبا إمداداتها من الطاقة الي الاتحاد الأوروبي  أوغيره، حيث ألتزمت موسكو بإتفاقاتها مع البلدان الأوروبية حتي خلال الحرب الباردة، وخلال الأزمة الأوكرانية الأخيرة،لأنها تدرك خطورة أي طريق مخالف لذلك علي اقتصاد البلاد،وسمعتها الدولية في سوق الطاقة.[121] خاصة وأن الدول المصدرة للطاقة تمكنت من امتلاك قوة مالية كبيرة دون المنافسة على القوة العسكرية أو الاقتصادية لذلك حدث ما يسمى بالقطبية النفطية على نظام خاص.[122]

وفي هذا الإطار،يبرز قطاع الطاقة كالقائد الأول لعلاقات روسيا الخارجية، وهو أشبه بالبوصلة التي توجه السياسة الروسية،وذلك بالنظر لكونه دعامة أساسية للأمن القومي الروسي بمفهومه الشامل، وعليه تعقد الآمال في مزيد من النمو الاقتصادي،والتطور الاجتماعي في المستقبل. فلا مستقبل حقيقيا لروسيا دون تأمين حد أدني لأسعار النفط،توفر روسيا من خلالها عوائد تكفي لتطوير باقي قطاعات الدولة والإنتاج،وتحقيق التحسن المطلوب في مستوي دخل المواطن الروسي،والارتقاء بالخدمات المختلفة المقدمة له والأهم من ذلك أنها تضمن به أيضااستقلالية قرارها الخارجي،وتطوير قدراتها العسكرية والدفاعية،وامتلاك قدرة علي التأثير،وممارسة دور فاعل علي الصعيدين الدولي والإقليمي، لذلك تغلبت على مشكلاتها ونجحت روسيا في تجاوز الخلافات التاريخية العميقة مع اليابان حول تبعية جزر الكوريل الجنوبية،والتي منعت البلدين من توقيع معاهدة الصلح والسلام بينهما،منذ نهاية الحرب العالمية الثانية،ليتحقق فيما بعد التعون بينهما حيث  قامت موسكو في ديسمبر2012ببدء تشغيل المرحلة الثانية لخط أنبوب النفط الروسي الذي يمتد بين سيبيريا والمحيط الهادي لنقل النفط الروسي إلي اليابان،والصين،ودول آسيوية أخري[123].

ويظل الاتحاد الأوروبي هو السوق الرئيسي للنفط والغاز الروسي خلال تلك الفترة،وأهم دولة ألمانيا التي تعد روسيا أكبر مصدر للنفط وللغاز الطبيعي إليها والأهم من ذلك أنها باتت تلعب دور أكبر على المسرح الدولي وأصبح لديها القدرة على التأثير على المجريات، بل أنها تعمل من أجل قيادة أوروبا ويظهر ذلك من خلال لعبها الدور الرئيسي في أدارة أزمة اليورو التي عصفت بأوروبا.،[124] ويليها إيطاليا، والجزء الشرقي من أوروبا،حيث كان الاتحاد السوفيتي يمد دول أوروبا الشرقية بأكثر من ثلثي استهلاكها من النفط، و80٪من وارداتها منه، وبأسعار تقل كثيرا عن مثيلتها في السوق العالمية، وفي عام 2015 تم البدء في مشروع “السيل الجنوبي” لنقل الغاز الروسي إلي أوروبا عبر تركيا.

ولعل ما يزيد من تعقد العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي على المستوى السياسي أكثر ويعيق التقارب بينهما، أن غالبية دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في حلف شمال الأطلسي. وهذا في حد ذاته يعيق تطوير الحوار بين الطرفين، لوجود الولايات المتحدة كمؤثر قوي على العلاقة بينهما، وذلك للتباين بين روسيا والناتو حول توسع الحلف نحو الشرق واستخدام القوة العسكرية للأجانب من دون موافقة مجلس الأمن الدولي. يضاف إلى ذلك، مشروع الدرع الصاروخية الأطلسية ونشر عناصر منه داخل دول أوروبا، وهو ما ترى فيه روسيا تهديداً على أمنها القومي وعلى قوتها النووية الاستراتيجية.[125]

ونتيجة للطبيعة التنافسية بين أوروبا وروسيا والتي تذهب في الأخر إلى محاولة التعايش والتأقلم وترجمة ذلك في علاقات وتفاعلات ثنائية، زادت في الفترة الأخيرة رغبة الاتحاد الأوروبي، والذي عبر عنها بوضوح أكثر، في التقليل من استهلاكه للغاز الطبيعي الروسي، والاتجاه إلى الشرق الأوسط، [126]وكنتيجة لذلك أصبحت دولة قطر في موقع مناسب للعب دور مؤثر في مجال توفير الطاقة للاتحاد الأوروبي،وذلك لم يهدد روسيا ولم يؤثر على حصتها الضخمة كدولة مصدرة في سوق النفط، وبالرغم من عدم وجود احتمال كبير أن يقوم الاتحاد الأوروبي باستبدال روسيا بقطر كمورد رئيسي للغاز الطبيعي، إلا ان قطر يمكنها المساعدة في التقليل من اعتماد أوروبا على موارد الطاقة الروسية وفي نفس الوقت يمكنها الحصول على قوة دبلوماسية أكثر تأثيرا في دول الاتحاد الأوروبي من روسيا.والدليل على ذلك أنه في 2013 بدأ الاتحاد الأوروبي وروسيا في بناء مشروع خط “ساوث ستريم” للغاز الطبيعي والذي يربط بين روسيا وبلغاريا عبر البحر الأسود، وهو ما يمكنه زيادة التجارة في مجال الطاقة بين روسيا وأوروبا مع تجاهل أوكرانيا.[127]

ثانياً العلاقات الروسية الأوروبية في ظل الأزمات الدولية خلال تلك الحقبة:

  • الأزمة الأوكرانية:

ترجع الأزمة الاوكرانية والتي تعرف (بأزمة القرم)، إلى التظاهرات التي اندلعت في العاصمة الأوكرانية كييف للمطالبة برحيل الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش عن حكم البلاد لاتهامه بالفساد، وبالفعل نجحت تلك التظاهرات الواسعة في الإطاحة بيانكوفيتش عن الحكم، وقد كان هذا الرئيس مواليًا لروسيا، وبرحيله حقق الغرب إنجازًا كبيرًا حيث كانت السلطات الجديدة موالية له في أوكرانيا التي تعتبر المعبر الرئيسي للطاقة الروسية، وتلك السلطات تعتبر أكثر عزمًا على التقارب مع أكثر من روسيا، مما يعني أن أوكرانيا قد تحولت للمعسكر الغربي بعد أن ظلت لعقود في المعسكر الشرقي. ولذلك سارع الاتحاد الأوربي بتقديم مساعدات عبر صندوق النقد الدولي تقارب 15 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا على الخروج من تلك الأزمة لأن نجاح الثورة كان لصالحه، ونتيجة لخسارة روسيا لأوكرانيا في نفس الوقت الذيتحارب فيه سوريا، سارعت إلى بسط نفوذها على شبه جزيرة القرم، نتيجة للأهمية الجيوسياسة لها، حيث إنها تقع على الضفة الغربية لبحر أزوف، وتشرف على مضيق كيرتش الذي يفصل بينها وبين البحر الأسود، وتتحكم بمرور السفن التجارية والعسكرية إلى عدة موانئ روسية ووأوكرانية، كما أن لها أهمية عسكرية كبيرة.[128]

وفي عام 2013 كانت أوكرانيا تستعد لتوقيع اتفاقية صداقة وتجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي مما أقلق الداخل الروسي، فقامت روسيا باستخدام سلسلة من التكتيكات العسكرية القوية لثني أوكرانيا عن التقارب مع أوروبا، وخضعت كييف لتهديدات روسيا وانسحبت من اتفاقية التجارة الحرة مع أوروبا، ولكن ما حدث هو ثورة الشعب الأوكراني ورفضه للتدخل الروسي.[129]

ونتيجة لهذه الاعتبارات السابقة بالإضافة إلي خوف روسيا من التهديد الأوروبي لها، جاء التدخل الروسي بهدف معلن وهو حماية الأغلبية الروسية في شبه الجزيرة، ولكن الهدف الحقيقي كان منع نفوذ أوروبا على أوكرانيا لأنها تمثل ورقة ضغط على أوروبا، واستغلت فرصة انشغال كييف بملء الفراغات السياسية والأمنية والعسكرية في الوزارات الحكومية وغيرها من المؤسسات بعد عزل الرئيس يانكوفيتش.

وبعد فرض السيطرة على روسيا للقرم، أعلنت موسكو عن إجراء استفتاء على ضم شبه الجزيرة لروسيا، وبالفعل ضمت روسيا الجزيرة إليها، مما منحها سيطرة شبه كاملة على سواحلوأراضي الإقليم، وقامتبنشر دفاعاتها.

ولذلك إبان الأزمة الأوكرانية، توترت العلاقات الأوربية الروسية بعد تلك الازمة نتيجة للتوجس الموجود بين الطرفين، واتفقت ردود الفعل الدولية مع الاتحاد الأوربي بالإدانة والرفض لما قامت به روسيا، ووصف المجتمع الدولي عملية ضم القرم بأنها غير شرعية ولا تتفق مع مبادئ الأمم المتحدة، وقد سارع كل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية بفرض مجموعة من العقوبات على روسيا بهدف الضغط السياسي عليها واستبعاد الخيار العسكري، ويمكننا حصر دلالات التوتر في العلاقات الأوربية- الروسية كما يلي:[130]

  • طرد روسيا من مجموعة “دول الثماني”وهيالمجموعة التي تضم تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم، فهي تتكون من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا وروسيا الاتحادية وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا، فضلاً عن إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ضم القرم يتعارض مع القانون الدولي، وبالتالي رفضها الاعتراف بوضع القرم الجديد
  • تهديد الاتحاد الأوروبي لروسيا بتعليق مفاوضاته معها لتحرير تأشيرات الدخول للمواطنين الروس.
  • فرض الاتحاد الأوربي عقوبات على 33 مسئولاً روسيًا من بينهم رجال أعمال، إلى جانب التلويح بإعادة النظر في بعض الصفقات بين روسيا وبعض الدول الأوربية، كما هددت دول أوروبا بفرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا.
  • إعلان حلف الناتو تعزيز دفاعاته في شرق أوروبا لوضع التأمينات التي تتناسب مع الوضع الجديد، كما قامت كل من فرنسا وبريطانيا بنشر مقاتلات لتعزيز الدوريات الجوية لحلف الناتو فوق منطقة البلطيق. كما نشرت بريطانيا وفرنسا كذلك طائرات الاستطلاع “أواكس” للقيام بدوريات في أجواء بولندا ورمانيا.
  • توسيع العقوبات الاقتصادية ضد روسيا من قبل الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية في حالة عدم خروجها من شبه جزيرة القرم.

ويمكن تلخيص أنواع العقوبات المفروضة على روسيا في ثلاثة أنواع، النوع الأول، يقيد الوصول إلى الأسواق والخدمات المالية الغربية بالنسبة لمؤسسات روسية حكومية متخصصة في قطاعات الصرافة والطاقة والدفاع. ويفرض النوع الثاني، حظرًا على الصادرات إلى روسيا من أجهزة معينة عالية التقنية للتنقيب عن النفط وإنتاجه. أما النوع الثالث فيفرض حظرًا على الصادرات إلى روسيا من بضائع عسكرية وبضائع ثنائية الاستخدام.[131]

أثرت تلك الأزمة مؤقتاً على الوضع الروسي واقتصاده بالتحديد، خاصة في ظل تنامي وتيرة العقوبات التي سلطها عليه الغرب وأدت إلى انخفاض حاد ومفاجئ في أسعار الطاقة التي يتكئ عليها الاقتصاد الروسي كثيرا.حيث أن 49%من صادرات الغاز الروسية تمر عبر أوكرانيا التي تعاني حاليًا من عجز في إمدادات الغاز. ففي أعقاب الصراع على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لم تكتف روسيا برفع أسعار صادرات الغاز إلى أوكرانيا، بل هددت بوقف تام لتسليم الغاز إليها.[132]

بعد تلك الأزمة سعت أوروبا بشكل جدي إلى تخفيض اعتمادها على استيراد مصادر الطاقة، خصوصًا من روسيا، وذلك من خلال تخفيض الطلب على الطاقة وتحقيق الكفاءة في استخدامها، وذلك بتنويع طرق الإمداد إلى أوروبا وداخلها، وتوسيع مصادر الطاقة، لاسيما مصادر الطاقة المتجددة، من خلال تطبيق استراتيجية أمن الطاقة على الحدود وأمن الإمداد بالطاقة، وقد أبدى العديد من صنّاع القرار الأوروبيين تأييدًا شديدًا لمثل هذه المبادرات، وهم يتطلعون إلى خيارات فورية للحد من الاعتماد على واردات الغاز الروسية، وفي مقدمة الدول التي تبذل مجهودات في هذا السياق، نجد إيطاليا وألمانيا باعتبارهما أكبر المستوردين للغاز الروسي، تليهما بولندا. وقد عملت هذه الدول على اتخاذ تدابير كفاءة تمكن لها أن تقلل استهلاكهالمصادر الطاقة بنسبة 20%، وتعمل على الحد من التعقيدات الروتينية التي تعرقل زيادة الواردات من الغاز الطبيعي المسال غير الروس., بشكل عام، فإن من شأن هذه التدابير أن تعمل على تخفيض الواردات الروسية إلىالربع أو بحلول عام 2020، أي بما يعادل قيمة 18 مليار دولار سنويًا.

وفي الحقيقة وكما مبين من الأحداث والوقائع الدولية بعد تلك الأزمة، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت السبب الرئيسي في تفاقم تلك الأزمة، حيث أنها تلعب دور الوسيط بين أوروبا وروسيا، فكل ما تم من عقوبات كان بمبادرة من واشنطن بإقناع دول الثماني الكبرى وباقي دول الناتو بفرض عقوبات اقتصادية وأمريكية على موسكو تعيق اقتصادها لتتراجع عن محاولات مد نفوذها وضم دول لتتبع المعسكر الشرقي.[133]

في الواقع الفعلي أن التلويح بمعاقبة موسكو قد لا يكون له تأثير كبير لوجود العديد من دوائر التعاون الاقتصادي والاستراتيجي لروسيا علي الصعيد الدولي، يذكر منها، مجموعة البريكس التي تضم في عضويتها -إلي جانب روسيا- كلا من الصين والهند،حيث أكبر ثاني وثالث اقتصاد عالمي، والبرازيل وجنوب إفريقيا،وأيضا مجموعة شنجهاي التي تعد من أهم أنظمة التعاون الاستراتيجي بين روسيا والصين،إلي جانب دول آسيا الوسطي. يضاف إلي ذلك أنه ليس من المدرك تهميش دولة بحجم روسيا، فهي ليست فقيرة  لتتأثر بتلك العقوبات،حيث تعد روسيا سادس أكبر اقتصاد عالمي، وتمتلك ثالث أكبر احتياطي عالمي من الذهب والعملات الصعبة،بعد الصين واليابان، والأهم من ذلك أنها القوة العسكرية الوحيدة المكافئة للولايات المتحدة، وتمتلك حق النقض في مجلس الأمن،وهي أيضا أكبر دول العالم من حيث المساحة،وتغطي شمال آسيا بالكامل،وتمتد إلي العمق الأوروبي[134].

ولكن نجد الأثر الأكبر على أوروبا التي بادرت بفرض تلك العقوبات، حيث  أن روسيا تعد سوق مزدهر للسيارات الألمانية عالية الأداء, والسلع الاستهلاكية إذ شعرت دول الاتحاد الأوروبي بالتأثير حيث أصبحت روسيا سوقا مزدهرا للسلع الاستهلاكية الغربية في العقد الماضي, ويبدو أن ألمانيا على وجه الخصوص تعارض زيادة العقوبات على روسيا، وهذا ليس أمرا مثيرا للدهشة, إذ أن صادرات ألمانيا إلى روسيا بلغت 38 مليار يورو في عام 2013م، وهو الأعلى بين دول الاتحاد الأوروبي, والأهم من ذلك هو أن ألمانيا – كما ذكرنا إنفاً – تحصل على أكثر من 30 % من صادراتها من النفط والغاز من روسيا, وتعتمد هولندا وإيطاليا بشكل كبير على صادرات الطاقة الروسية، بالإضافة إلى أن بعض جيران روسيا  يعتمدون بشكل كامل على شحنات الغاز الروسية, ويمثل ذلك التعاون نسبة تفوق بمراحل نسب التعاون بين روسيا والولايات المتحدة.[135]

والجدول التالي: يوضح التغير في الصادرات بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي على إثر الأزمة الأوكرانية والركود الاقتصادي التابع لذلك.

 

المراسل إجمالي الصادرات
في الربع الأول من عام 2014
(مليون يورو)
التغير في
الصادرات إلى
روسيا
(مليون يورو)
التغير في
الصادرات إلى
الأسواق الأخرى
(مليون يورو)
صافي التغير
(مليون يورو)
صافي التغير
(% في الربع الأول لعام 2014)
قبرص 325 -5 182 177 54.3%
أيرلندا 21,107 -78 3,717 3,639 17.2%
بلغاريا 4,859 -41 646 606 12.5%
كرواتيا 2,364 -21 254 233 9.9%
بولندا 40,223 -521 3,811 3,291 8.2%
جمهورية التشيك 32,205 -365 2,836 2,471 7.7%
المجر 20,433 -165 1,633 1,467 7.2%
مالطا 536 0 37 37 6.9%
الدنمارك 20,548 -114 1,490 1,376 6.7%
سلوفينيا 6,597 -85 499 414 6.3%
ألمانيا 278,427 -2,566 17,952 15,386 5.5%
رومانيا 12,758 -91 734 643 5.0%
لوكسمبورج 3,618 -14 177 163 4.5%
البرتغال 11,707 -18 460 442 3.8%
الاتحاد الأوروبي إجمالا 1,143,317 -8,652 49,019 40,367 3.5%
أسبانيا 60,276 -301 2,358 2,057 3.4%
إيطاليا 96,151 -668 3,708 3,040 3.2%
فرنسا 109,586 -612 3,667 3,056 2.8%
سلوفاكيا 16,194 -156 547 391 2.4%
المملكة المتحدة 96,345 -333 2,599 2,266 2.4%
النمسا 33,037 -360 497 137 0.4%
هولندا 125,648 -590 988 398 0.3%
بلجيكا 88,707 -360 51 -309 -0.3%
إستونيا 2,854 -147 132 -15 -0.5%
السويد 31,179 -196 -72 -267 -0.9%
لاتفيا 2,589 -87 55 -33 -1.3%
اليونان 6,379 -24 -81 -105 -1.6%
فنلندا 13,248 -358 23 -336 -2.5%
ليتوانيا 5,415 -374 118 -256 -4.7%

المصدر: إحصائيات التجارة التابعة لمكتب الإحصاء الأوروبي، متاح في: العقوبات بعد شبه جزيرة القرم، مرجع سابق

المبحث الثاني: أمن الطاقة والعلاقات الروسية الأمريكية في الفترة (2011- 2015)

أولاً العلاقات الروسية الأمريكية في ظل الأزمات الدولية خلال تلك الحقبة:

  • الأزمة الأوكرانية:

اشعلت الأزمة الأوكرانية عام 2014 الصراع بين الجانب الأمريكي والجانب الروسي لدرجة وصلت إلى ما سمي بحرب العقوبات، وجعلت البعض يتنبأ بالدخول في حرب باردة جديدة، والرغبة المستمرة لواشنطن في الحد من النفوذ الروسي أدت إلى إثارة الشكوك بأن الولايات المتحدة صنعت الأزمة الأوكرانية بهدف أساسي،هو ضرب الاقتصاد الروسي،من خلال تقويض صادرات روسيا من وإلى الطاقة أوروبا، وتكرار ما حدث زمن جورباتشوف،عندما انخفضت أسعار النفط بشكل حاد،وأثرت في القدرات الاقتصادية للاتحاد السوفيتي،وأدت إلي تفككه مطلع التسعينيات من القرن الماضي وانهيار التحاد السوفيتي والوصول بالعالم إلى القطبية الأحادية.[136]

تعود أزمة القرم لبداية القرن الحالي، إذ سعت الـولايات المتحدة الأمريكية بوسائل استفزازية إلى خلق حالة من التوتر في العلاقات حيث وسعت نحو تطويق روسيا بدعوى ضم كل من جورجيا وأوكرانيا لحلف شمال الأطلسي – وكان ذلك مصدر القلق الرئيسي لروسيا – وتجاهل روسيا في العديد من الأزمات وخاصة أزمات الشرق الأوسط, والانسحاب الأحادي الجانب من بعض الاتفاقيات الموقعة مع روسيا مثل بعض معاهدات تخفيض الأسلحة (كمعاهدة ستارت), لذلك فإن التعامل الأمريكي كان بمنطق القوي المنتصر وكأنه يتعامل مع طرف ضعيف أو مهزوم وهذا الشعور الذي بدأ يصل إلى الإدارة الروسية وهو الذي دفع لانتهاج سياسات لمواجهة الـولايات المتحدة الأمريكية حيث اندفعت روسيا للتدخل المباشر في جورجيا وانتزاع إقليمي “ابخازيا واوسيتيا الجنوبية” بالقوة المسلحة, كما استغلت روسيا الأزمة الاقتصادية التي ضربت الغرب عام 2008, لتحقيق انتصارات حقيقية وتحييد جورجيا التي تمثل مصلحة قومية روسية بينما لا تمثل نفس الأهمية بالنسبة لأوروبا, وعلى نفس النهج كان التدخل الروسي في أوكرانيا واضحاً من خلال التدخل بتنصيب أنظمة موالية لها ومنع أية محاولة أوروبية لتطويق روسيا بأنظمة موالية للغرب.[137]

ويتضح أن واشنطن تحاول رسم خريطة جديدة للطاقة علي مستوي العالم،في ظل اكتشاف الولايات المتحدة احتياطيات ضخمة من الغاز والنفط الصخري بها،قد تغنيها في المستقبل القريب عن استيراد احتياجاتها من الطاقة، بل وتمكنها من التصدير أيضا والتصدير هو الهدف النهائي بحيث تصبح من أكبر الدول المصدرة للطاقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات. فقد استطاعت الشركات الأمريكية إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بكميات ضخمة وبسرعة،وبتكاليف منخفضة نسبيا عن المتوقع، ليشكل إنتاجه نحو29٪من مجمل إنتاج النفط الأمريكي، في حين يشكل الغاز الصخري نحو40٪من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة،وفق تقديرات عام2012، مقارنة بـ1٪فقط عام2000، يؤكد ذلك الاتجاه أن جهود واشنطن للتقليل من الهيمنة الروسية علي سوق الطاقة بدأت عقب تفكك الاتحاد السوفيتي،حيث اندفعت الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع الطاقة في أذربيجان وآسيا الوسطي. ودعا نائب الرئيس الأمريكي السابق،ديك تشيني،صراحة -في كلمة ألقاها في قمة حلف الأطلنطي التي عقدت عام2006،إلي تنويع موارد الطاقة لأوروبا. كما أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه تقليص دور شركة “غازبروم” الروسية في إمداد أوروبا بالغاز،من خلال اللجوء إلي مصادر أخري من قطر، وآسيا الوسطي،والقوقاز،وإيران. وتعد أذربيجان أقوي منافس لروسيا في سوق الطاقة،وذلك من خلال خط أنابيب الغاز “باكو – تبليسي – جيهان” لنقل ليس فقط الغاز الآذري،ولكن الكازاخي والتركماني أيضا إلي ميناء جيهان التركي،ومنه إلي أوروبا. وقد أنشئ هذا الخط بدعم واشنطن رغم المعارضة الروسيةله، أيضا،هناك مشروع خط “نابوكو” الذي توقف.[138]

وربما كان الهدف الأمريكي من تلك السياسات، شعور القيادة الأمريكية أنها بدأت بالفعل تخسر دورها المهيمن وأنها في طريق توازن القوى من خلال قدرة روسيا على وضع نفسها في إطار أكبر الدول التي تحوي استثمارات أجنبية كما ذكرنا وأصبحت في المركز الثالث بعد واشنطن وبكين وكان من جراء تلك الأزمة أن تراجعت الاستثمارات الأجنبية لروسيا، وأختل مركزها.[139]

حاولت موسكو التقليل من شأن فاعلية العقوبات الاقتصادية وتأثرها بها، واعتبرت مثل هذه الإجراءات والتهديدات استفزازية وضارة للجانبين،في ضوء تداخل الاقتصادات خاصة بين أورويا وروسيا واندماج الاقتصاد الروسي في الاقتصاد العالمي، وردت بالمثل على كل تلك العقوباتالغربية، وقامت بالفعل بفرض عقوبات علي مسئولين وأعضاء من الكونجرس الأمريكي،منهم أثنان من مساعدي الرئيس الأمريكي، ونائب مساعد الرئيس لشئون الأمن القومي، ورئيس مجلس النواب،والسيناتور جون ماكين وآخرون، تشير هذه التطورات جميعها إلي عودة أجواء الحرب الباردة من جديد،ولكن ليس علي أسس أيديولوجية،كما كان الحال زمن الاتحاد السوفيتي، ولكن علي أسس مصلحية تتمثل بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية،ونتيجة لتناقض وصدام المصالح بين روسيا والغرب.[140]

وتمت العقوبات الاقتصادية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية فمثلاً قامت بريطانيا بتعليق تعاونها العسكري مع موسكو حيث ألغت تدريبات بحرية بمشاركة فرنسا وأمريكا وكذلك مشاريع لزيارة سفن حربية بريطانية إلى روسيا، كما سعت الولايات المتحدة بضم العديد من الشركات الروسية للعقوبات, من بينها روزنفت ونوفاتيك بالإضافة إلى مصرف “غازبروم بنك” الذي هو جزء من تكتل غازبروم العملاق التي تملكه اللدولة،ومصرف فنيش أكونوم بنك الحكومي الذي يعود تاريخه إلى الحقبة السوفيتية, وأدرج على القائمة أيضا شركة “كلاشينكوف” الشهيرة لتصنيع الأسلحة, بالإضافة إلى “الجمهوريات الشعبية” الغير المعترف بها والتي أسسها الانفصاليون بشكل منفرد في منطقتي دونيتسك ولوهانسك .

  • الأزمة السورية:

بعد إعلان الكرملين منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفويضًا بنشر قوات عسكرية داخل سوريا، قررت روسيا أن تتدخل عسكريًا لمواجهة تحدد مواقع تنظيم داعش الإرهابي، لدعم نظام بشار الأسد من أجل الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية في المنطقة. ومنذ قيام الثورة السورية قدمت روسيا كثيرا من الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري بهدف منع انهيار النظام الحاكم، ويبدو أن ذلك الدعم المستمر والخوف من انهيار حكومة الأسد ينطوي على عدة أسباب؛ منها على سبيل المثال، حماية القاعدة العسكرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، وبالتالي تحقيق وجود روسي في الشرق الأوسط، والصراع على الغاز والنفط كمصادر للطاقة، كذلك الاستفادة من الحلف الروسي السوري العراقي الإيراني لبناء قوة إستراتيجية تدعم الصعود الاقتصادي والساسيي لروسيا.[141]

إن مواجهة حلف الناتو – بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية – وإستراتيجيته التي تهدف لحصار روسيا داخل حدودها هو أهم ما يحرك النظام الروسي، فضلًا عن رغبة بوتين في كسب شعبية على إثر محاربته للإرهاب في سوريا، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الدوافع والأسباب التي تحرك دولة كبيرة مثل روسيا وتجعلها تتخذ قرارات جريئة – عرفت بـ”الروليت الروسية”- في التعامل مع القضايا الدولية وترجع إلى رغبة الرئيس بوتين في كسب شعبية كبيرة على إثر محاربته للإرهاب في سوريا، ودعم الجيش العربي السورى مثلما حدث عندما تدخل في أوكرانيا حيث ازدادت شعبيته، ووصلت إلى 80%.، فسياسة بوتين التي تهدف إلى استعادة مكانة القطب الدولي بعيداً كل البعد عن الديمقراطية الغربية، نتيجة لمبدأ “الكفاية” الذي تبنته روسيا والذي يعني عدم تطبيق مبادئ الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أو نقلها حتى كما هي، وتلك الكفاية مقصود بها أن للدولة شعور بالأكتفاء والثقة بالنفس نتيجة الدور التعاوني الذي لعبته مع الغرب والدول الأوروبية بالأخص لأنها أنقذت أوروبا من الخطر النازي، والغريب أن نظرة روسيا لأوروبا في هذا الصدد مختلفة عن باقي الدول لأنها تنظر للغرب نظرة سلبية.[142]

يعني ذلك أن روسيا حينما قررت التدخل لنشر قوة عسكرية داخل سورية- أو في أي دولة أخرى مثلما حدث في أوكرانيا- استندت لتلك المبادئ التي تبتعد عن الديمقراطية وتتحيز إلى استخدام الاداة العسكرية، كنتيجة مباشرة للأستفادة من الماضي من خلال تجارب الاتحاد السوفيتي مع العالم الغربي، فروسيا أثر الدول علماً بأن واشنطن لم تضع الديمقراطية على أولوية أجندتها السياسية، بل ربما لم تضعها إطلاقاً ويظهر ذلك من خلال مواقفها من القضايا الدولية البارزة على المسرح الدولي وخاصة بعد أحداث الربيع العربي، فكل الإجراءات الأمريكية أثبتت منهجها الإمبريالي الاستعماري، وأنها ايضاً مستعدة دائماً لإظهار قوتها العسكرية، وهذا ما تدركه موسكو جيداً لذلك قررت أن تسلك نفس النهج الأمريكي لتحقيق توازن القوى وإنهاء عالم القطبية الأحادية وبالفعل نجحت في ذلك.

تدخلت روسيا في سوريا بدون قلق من المجتمع الدولي الذي تترأسه الولايات المتحدة وكأنها تعلم جيداً أن ما اتخذته من تحرك دولي واسع النطاق سوف يصب في مصلحتها رغم أنف واشنطن التي أدى دورها على الساحة الدولية إلى تراجع دورها في الشرق الأوسط بشكل واضح ورفض الدول العربية لذلك الدور، وهو ما استغلته روسيا لكي تحقق آمالها المطموحة في تلك المنطقة الغنية من العالم التي أصبحت على أولوية أجندتها السياسية كنتيجة مباشرة لمغادرتها للغرب وتوجهها نحو الشرق لخلق تحالف دولي جديد وتوسيع سوق الطاقة الخاص بها في تلك المنطقة وكسب مستوردين جدد لوقودها الأحفوري.

فقد أتكئت على الأزمة السورية واتخذتها مدخل لها للشرق الأوسط بل وللساحة الدولية كلها كما أنه برز من خلال تعاونها في تلك القضية مع الولايات المتحدة الامريكية من خلال طرح مؤتمر دولي لمعالجة القضية أنها تلعب دور الدولة العظمى.[143]

ويمكن تحديد الدوافع التي أدت للتدخل الروسي في سوريا في إطار مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كلآتي:[144]

-الأهمية العسكرية لقاعدة طرطوس الروسية، كآخر قاعدة للأسطول العسكري الروسي على البحر المتوسط والتي تمنح القوات الروسية الوصول السريع إلى البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، بعد أن أفقدها الغرب موانئها في العراق وليبيا ولم يكن أمامها سوى ميناء طرطوس، لذا خشيت روسيا أن تفقده خاصة بعد تدخل الغرب في الحرب الأهلية السورية ومطالبة واشنطن برحيل الأسد وذلك يعني تهديدا مباشرا بفقدان القاعدة البحرية الأخيرة التي تجعل لروسيا موضع قدم في المنطقة، خاصة أن مثل ذلك السيناريو حدث بالفعل عندما تدخل التحالف الغربي في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير، وساعدوا في إسقاط القذافي مما تسبب في خسارة كبيرة لروسيا، حيث فقدت حقها في استخدام الموانئ الليبية، كما خسرت عقود تدريب وتسليح كانت بينها وبين الجيش الليبي. من ذلك يظهر محاربة الغرب بقوة للدولة الروسية والعمل على حصارها بشتى الطرق، فكان رد روسيا على ذلك هو قصف مواقع لداعش بهدف دعم الجيش النظامي السوري لبقاء نظام الأسد الذي يضمن لها مصالحها الإستراتيجية والعسكرية.

– حماية المصالح الاقتصادية، حيث تخوض الدول العظمى حربًا للحصول على مصادر الطاقة، وروسيا دولة كبيرة ترغب في تقوية إمكاناتها، وهذا ما يفعله بوتين منذ أن وصل للحكم وأخذ يعيد بناء القوة الروسية لتصبح قوة عالمية، ونجح في تحسين الأوضاع الاقتصادية وكان من الطبيعي أن يبحث عن القوة من خلال ما يمتلك من مصادر للطاقة من أجل تسهيل عملية بناء القوة، وبما أن سوريا حليف لروسيا ودولة تتمتع باحتياطي كبير للغاز، شعرت روسيا أنها الدولة الأولى الأحق بالاستفادة من حقول الغاز السورية، لأنه المصدر الرئيسي للطاقة في القرن ال 21 بعد تراجع احتياطي النفط في العالم، كما أنه مصدر طاقة نظيف ويعتبر السيطرة على مناطقه بمثابة أهم مكسب للدول العظمى، لذلك ترغب روسيا أن يكون لها حصة كبيرة من السوق الأوربية، وسيطرة على سوق الغاز. كذلك تريد موسكو أن تضمن سداد الديون السورية المتزايدة منذ بداية الثورة لمواجهة الأزمة الاقتصادية. فضلًا عن رغبة روسيا في الحفاظ على العقود والامتيازات التي حصلت عليها في سوريا، ودخلت حيز التنفيذ مثل عقد التنقيب البحري الذي يشمل إجراء عمليات مسح وتنقيب عن البترول.

وبالإضافة إلى ماسبق، فجود القوات القتالية الروسية الجوية قد يعرقل الوجود الجوي للقوات الأمريكية، لذلك اتسمت سياسة موسكو بعدم الوضوح والتناقض، فبينما أعلنت انها ستتعاون مع الولايات المتحدة لحل الأزمة نجد وتحقيق الاستقرار الإقليمي، مارست تحركات وسياسات مناهضة لذلك، في حين نجد أن الولايات المتحدة كانت مدركة جيداً لأهمية الدور الروسي وخطورته أيضاً فسعت ألى الترحيب بدورها ولكن عملت روسيا على عكس رغبة أمريكا في المنطقة.[145]

نلاحظ من خلال ما سبق، حدة الاستقطاب الدولي الذي تعتبره روسيا في صالحها ضد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ترىواشنطن والدول الغربية الحليفة لها أن تعزيز الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط بأنه من شأنه أن يخل بميزان القوى الذي يسعى الغرب لابقائه على وضعه الحالي لأنه يخدم مصالحه على المدى القريب والبعيد. كما تعتقد الدول الغربية ان تقوية الوجود العسكري الروسي في سوريا يصب في صالح حكومة الرئيس بشار الأسد التي يسعى الغرب لإسقاطها من خلال دعم الجماعات الإرهابية المسلحة ومواصلة فرض العقوبات الاقتصادية. ولهذا ترفض الدول الغربية بشدة قيام روسيا بتعزيز قوتها العسكرية في سوريا. وقد يؤدي تصاعد الأزمة إلي تزايد الاتجاه الروسي نحو الشرق، والتركيز مستقبلاً علي الأسواق الآسيوية الأكثر استيعاباً لصادراتها من الطاقة،خاصة الصين. فشعار روسيا ينظر للشرق،وللغرب، وذلك تعبيرا عن التوازن في السياسة الروسية،ومن خلال الطرح السابق يمكن أن نتنبأ أنه سيتجه كلية إلى الشرق لتعميق التعاون الاستراتيجي والاقتصادي القائم بالفعل بين روسيا والقوي الآسيوية الكبري،وفي مقدمتها الصين والهند، خاصة مع موقف البلدين المتفهم للموقف الروسي،ورفضهما العقوبات الغربية علي روسيا. ولا شك في أن الغرب ينظر بكثير من القلق لمحور روسيا – الصين،بسبب تقوية أواصر الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

فمن خلال مايسمى الأن في الساحة الدولية، “بشراكة روسية – صينية جديدة”، نرى أسس التوافق الصيني الروسي فأصبحت الصين هى الشريك التجاري الأول لروسيا وتذهب روسيا إليها لضرب الغرب من خلال تصدير الطاقة إلى الصين بدلاً من أوروبا لتشعرها بأنها ليست صاحبة الوضع الاقتصادي الجيد في روسيا.[146] وتذهب بعض الأدبيات إلى التنبؤ بنجاح التوجه الروسي تجاه منطقة آسيا والحيط الهادي من خلال الشراكة في كافة المجالات، بينما يرى البعض الأخر، وهم قلة، أنها تجربة فاشلة.[147]

 الخلاصة:

تحاول روسيا التصدي إلى الولايات المتحدة من خلال توسيع مناطق النفوذ لديها، والهدف الأكبر لذلك هو بالدافع الاقتصادي الذي يعتمد على الطاقة كمصدر استراتيجي، فكما رأينا أن التدخل العسكري في سوريا كان يهدف باستغلال الاحتياطي السوري وضمه إلى الاحتياطي الروسي، مما نتج عنه التصادم مع الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي كانت مستعدة فيه بالتعاون مع روسيا، كذلك كان الهدف الأساسي لضم شبه جزيرة القرم بهف إنها معبر هام للطاقة للدول الأوروبية وحينما وجدت روسيا نفسها ستخسرها لصالح أوروبا فسارعت بنشر قواتها فيها، حتى لا تنضم للمعسكر الشرقي، كما يرتبط أمن الطاقة الأوروبي دون شك بروسيا، وسلاح الطاقة هو أحد أهم أدوات التأثير الدولي والإقليمي الذي تعتمد عليه موسكو، إلا أن النفوذ الروسي المتزايد في سوق الطاقة العالمي يظل نفوذ اقتصادي رأسمالي.

نخلص من ذلك كله أن روسيا روسيا تحرك سياستها بهدف خدمة اقتصادها والحيلولة دون اعاقة نموه، لأن النظام الروسي هو اقتصادي بالأساس ينكر البعض وجوده لأنه قائم على النهضة الاقتصادية التي حققها بوتين خلال فترتي توليه الرئاسة.

أخيراً:نتائج الدراسة:

ثبتت صحية فرضية الدراسة والتي تقول أن أمن الطاقة يؤثر على العلاقات الدولية وتغير السياسة الخارجية للدولة وذلك من خلال النتائج التالية:

  • تتبنى روسيا سياسة خارجية وداخلية تهدف إلى تأمين قطاع الطاقة باعتباره أساس النهضة الاقتصادية الروسية، في حين الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى استراتيجية تهدف لزيادة الإنتاج المحلي من مصادر الطاقة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك من شأنه أن يثبث فرض أن هناك علاقة طردية بين احتكام الدولة لمصادر طاقة وخاصة الوقود الأحفوري، وبين استقلاليتها في المجتمع الدولي لأن عدم توافر مصادر الطاقة يعني إخضاعها للقوى الأخرى المصدرة لها.
  • أثبتت الدراسة أنه كلما زادت الرغبة في الحصول على مورد الطاقة زادت العلاقات الأخرى بين الدول، ويتضح ذلك من خلال ما ذكرناه من حيث التعاون بين الدول الأوروبية فرادى وبين روسيا، كألمانيا وفرنسا، وإيطاليا، فأصبحت تلك الدول تمثل شريك تجاري لروسيا خاصة بعد التقدم الاقصادي والطفرة التي حدثت بها بقيادة الرئيس بوتين، وكانت الشراكة في مجال الطاقة هي الأهم في تلك العلاقات، وجعلت روسيا بحكم قوتها تستفيد من ذلك من خلال التعاون مع تلك الدول وجذب استثماراتها الأجنبية.
  • تتعامل الولايات المتحدة مع روسيا باعتبارها قوة صاعدة، وأن سبب تلك القوة العظيمة يرجع إلى توظيفها لموارد الطاقة والاستفادة من صادراتها، وبذلك فهي تحاول ضرب روسيا في سوق الطاقة العالمية، من خلال زيادة الإنتاج بداخلها إلى أن تصبح دولة مصدرة، بل وأكبر الدول المصدرة للغاز والنفط في السوق العالمي للطاقة، وذلك يثبت صحة أن الدول المصدرة للطاقة في يومنا الحاضر تتمتع بيقدر من القوة.
  • أثبتت الأزمات الدولية التي شهدها العالم في الأونة الأخيرة أن المسرح الدولي أصبح متعدد الأقطاب ويتراجع الدور الأمريكي فيه بسبب تراجع دورها الاقتصادي، وما يثبت ذلك أن رغبة الولايات المتحدة في تحجيم النفوذ الروسي هي المحرك الرئيسي لسياستها الخارجية، حتى باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.
  • أكدت الأزمة الأوكرانية الأهمية البالغة لأمن الطاقة من حيث ردود الأفعال الدولية والتي تمثلت في، العقوبات الاقتصادية على روسيا من قبل الغرب بقيادة واشنطن والتي أثبتت أن الدور الروسي قائم على النهوض الاقتصادي والذي قائم بالأساس على مجال الطاقة في السوق العالمية.
  • كانت العقوبات الأوروبية التي فرضتها أوروبا على روسيا التحادية، في بادئ الأمر بعيدة كل البعد عن أمن الطاقة، حيث صرحت روسيا أكثر من مرة أن علاقاتها ومشاطلها مع الغرب بعيدة كل البعد عن إمدادات الطاقة، والدليل على ذلك أن تلك الإمدادات كانت تصل إلى الغرب أثناء الحرب البادرة، وكان ذلك ما ارتكزت عليه أوروبا في البداية، ومعنى ذلك أن أمن الطاقة يعتبر هو الحاكم للعلاقات الأوروبية الروسية، حيث إنها من خلاله تعمل على تسيير تلك العلاقات، ولو كانت أوروبا تعلم أن موسكو سوف تقطع عنها الإمدادات من النفط والغاز الطبيعي ما كانت بادرت بتلك العقوبات.
  • أثبت الموقف الروسي في الأزمة الأوكرانية أهمية أمن الطاقة في لعب دور القيادة وذلك من خلال حدثين،

الأول قبيل الأزمة، حيث كان الدفاع عن معبر الإمدادات الرئيسي لأوروبا هو السبب الأساسي لغزو أوكرانيا حتى لا تأتي حكومة أخرى موالية للغرب وبالتالي تتحكم في الموارد الطبيعية وانابيب إمداد الغاز لصالح أوروبا.

الثاني، بعد الأزمة، وذلك من خلال رد موسكو على العقوبات التي فرضها عليه الغرب بقطع إمدادات الطاقة عن أوروبا لأنها تعلم أن ذلك سوف يحدث هزة بل زلزال اقتصادي قوي في أوروبا يجعلها ترجع عن ما اتخذته من سياسات رادعة.

  • أكد الموقف الأمريكي من الأزمة الأوكرانية، أن نفوذ الطاقة الروسي يثير قلق واشنطن، حيث كانت الولايات التحدة هي المبادرة الأولى بفرض العقوبات وشجعت أوروبا على ذلك بهدف ضرب الاقتصاد الروسي.
  • لم تتخذ الولايات المتحدة مثل تلك الإجراءات العدائية تجاه روسيا، لو كانت من بين مستهلكيها في سوق الطاقة، وكأنها كانت تعلم جبداً السيناريو الذي سيدور والذي حدث بالفعل وهو رفض أوروبا عقوبات على موسكو، تحول دون وصول أي مساعدات لروسيا، فتلجأ موسكو لسلاح الطاقة – أقوى سلاح في صندوق أدواتها – وتقطع التموين اليومي عن أوروبا فيحدث هزة في الاقتصاد الروسي والتي تؤدي إلى تقليل نفوذها وتحكمها في سوق الطاقة.
  • أثبتت الدراسة أن أمن الطاقة يمكن أن يؤدي إلى خلق تحالفات دولية على غرار المتوقع، ويظهر ذلك من اتجاه أوروبا لدول الخليج لتعوضها عن الوقود الروسي، وإن كان ذلك صعب بسبب العامل الجغرافي كذلك كانت تلك المحاولات مستمرة ولكنها لم تحقق نجاحاً، إضافة إلى ذلك اتجاه روسيا إلى دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والمحيط الهادي، لتجد لنفسها سوقاً بديلاً لأوروبا والذي يهدف بدوره إلى تنويع شكل التصدير بين البلدان المختلفة لضمان تحقيق أمن الطلقة الذي يتمثل بالنسبة لموسكو في أمن الصادرات وفتح أسواق في مختلف أنحاء العالم.
  • إن رغبة أوروبا في تنويع مصادر الطاقة ومصادر الحصول عليها، أثبت أنه كلما أمتلكت الدولة ما يحقق لها الأكتفاء الذاتي من الموارد الطبيعية، كلما كانت مستلقة بقراراتها في المجتمع الدولي، وفي هذا الصدد يذكر أن الاتحاد الأوروبي من أغنى مناطق العالم وأكثرها تقدماً وتحضراً ولديه صحوة اقتصادية هائلة تفوق روسيا، ولكن عدم امتلاكها لمصادر الطاقة يؤثر على تلك الاستقلالية والمروونة في علاقاتها الدولية، وما نود أن نقوله أن أمن الطاقة ليس متعلق بمدى تقدم أو غنى الدولة وأن له قوة تأثير على تلك الحالة.

الخاتمة:

ذكرنا من خلال دراستنا لموضوع أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية، أثر توافر وعدم توافر مصادر الطاقة على السياسة الخارجية والتحالفات الدولية لكلا الجانبين، واتضت قوة تأثير أمن الطاقة على تلك التفاعلات، وذلك الأمن يقع في إطار الأمن الغير تقليدي والذي يعتبر الدائرة الأشمل للأمن التقليدي وهو الأمن العسكري، ومعنى ذلك أن أمن الطاقة لا يقل أهمية عن الأمن العسكري التقليدي لأنه من شأنه أن يخلق حروب من أجل الحصول على تلك الموارد الهامة لإدارة مختلف قطاعات الدولة.

أن روسيا عملاق في مجال الطاقة وهي تنتمي إلى المعسكريين الشرقي والغربي لذلك تحاول توازن علاقاتها في الجانبين، مع التركيز على الشرق، لما تجد فيه من فرص وأدوات تنمية اقتصادية واستراتيجية، بينما تربطها بالدول الأوروبية “الغربية” علاقات الطاقة فقط، أو بمعنى أدق علاقات تحت مظلة أكبر وهي أمن الطاقة، فبدون وجود أمن طاقة بينهما لأصبحت تلك العلاقات ضعيفة وهشة.

يعبر مفهوم توازن القوى عن الحالة الأمريكية التي توجد عليها منذ تخطي روسيا أزمتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فأمريكا لا ترغب في بروز قوى أخرى تخلق عالم متعدد الأقطاب لأنها تريد أن تظل القطب الوحيد واللاعب الرئيسي في الساحة الدولية، وعلاقات أمن الطاقة بينهما منحصرة في أوروبا بالأساس حيث أنه لايوجد علاقات اقتصادية قوية بين روسيا وأمريكا كما هو الحال بينها وين أوروبا، ورغم ذلك نجد أن أمريكا تحارب روسيا على أكثر من جبهة وفي كل مناطق العالم، حتى لوقامت بأفعال مخالفة لما نص عليه القانون الدولي في المنظمات الدولية بكافة أشكالها.

تتسم العلاقات الروسية الغربية بالتعقد وعدم الشفافية، حيث أن الطرفين بعيدان تماماً عن علاقات الصداقة والود وكذلك في لم تكن علاقة صراع، ولكن ما يمكن أن نفهمه أنها علاقة مصالح بالأساس، وتلك المصالح تتمحور في أمن إمدادات الطاقة بالنسبة لأوروبا، وأمن الصادرات وضمان نسبة محددة للتصدير بالنسبة لروسيا.

ويمكن أن نقدم بعض الحلول والسناريوهات لمستقبل تلك العلاقة كالآتي:

  • أن تتجه روسيا للشرق حتى تتفادى احتمالية تقليص دورها في سوق النفط أوخفض عدد مستهلكيها، وهي بالفعل بأمكانها فعل ذلك، خاصة وأن أسواق دول القارة الآسيوية متعطشين لمصادر الطاقة وخاصة مع تحول ألب دول آسيا لدول صناعية متقدمة كالصين واليابان، هذا من شأنه بالضرورة أن يحقق لروسيا أمن الططاقة بمفهومها.
  • اتجاه أوروبا إلى الاعتماد على الغاز الجزائرة والغاز الصخري الأمريكيأ ولكن يجب على الولايات المتحدة أن نؤسس بنية تحتية لتصدير الغاز إلى أوروبا، وهناك إمكانية من التعون مع العراق واستغلال حقول الغاز التي يملكها.
  • تعمل أوروبا حالياً علي تقلسص حجم استهلاكها وتنويع مصادر طاقتها بين المتجددة والغير المتجددة من أجل خفض الاعتماد على الغاز الروسي.

قائمة المراجع:

أولا المراجع باللغة العربية:

أولاً الكتب:

  • مصطفى علوي، قضايا دولية معاصرة، القاهرة، الزعيم للخدمات المكتبية والنشر، 2015
  • كمال المنوفي، مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم السياسة، القاهرة، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2006
  • نورهان الشيخ، قضايا محاولة لبلورة تطورات جارية ( القاهرة: المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، 2009).
  • وجيه أحمد عبد الكريم، “القطب القادم” الصراع الصيني الأمريكي، القاهرة، المكتب العربي للمعرف، 2016
  • تامر إبراهيم كامل، الصراع بين الولايات المتحدة والصين وروسيا (دراسة حالة آسيا الوسطى وبحر قزوين)، القاهرة، المكتب العربي للمعارف، 2013

ثانياً الدوريات العلمية:

  • بسمة ماجد حمزة، إستراتيجيات روسيا لتوظيف الغاز الطبيعي للتأهل إلى منزلة القوة العظمى، آفاق سياسية، العدد 6 ، يونيو 2014
  • مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، “الاستثمارات العالمية في الطاقة مع التركيز على النفط والغاز”، الاتجاهات الاقتصادية والاستراتيجية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
  • يحيى اليحياوي، “الصين في أفريقيا: بين متطلبات الاستثمار ودوافع الاستغلال”، مركز الجزيرة للدراسات، 9يونيو 2015
  • علي محمد السيد، “الاتحاد الأوروبي وتحديات الأمن المرتبط بالطاقة: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، قراءات استراتيجية، العدد 11، مركز الأهرام للدراسات السياسية، نوفمبر/ 2007
  • سيليفيا كولومبو، “تداعيات الأزمة المالية: تشققات في البنيان الأوروبي”، حالة العالم، العدد 1، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، يونيو 2013
  • نورهان الشيخ، “هل تتجه روسيا لاستعادة دورها العالمي؟”، ملف الأهرام الاستراتيجي، العدد 106، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
  • ريساردا فورموسويكس، “ألمانيا… دور عالمي جديد؟”، حالة العالم، العدد 4، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، يناير 2014
  • مخلد مبيض، العلاقات الروسية الفرنسية خلال العقد الماضي”1998- 2007″، دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 36، العدد3، 2009
  • طارق محمد ذنون الطائي، العلاقات الأمريكية الروسية بعد الحرب الباردة، بغداد، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2012
  • نورهان الشيخ، العلاقات الروسية الأمريكية تفاهمات تكتيكية في إطار تناقضات إستراتيجية، كراسات إستراتيجية، العدد 206، يناير/ 2010
  • حسين طلال مقلد، المعوقات التي تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مجلة جامعة دمش للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد 3، 2011.
  • مصطفى علوي سيف، “خريطة جديدة: تحولات أمن الطاقة ومستقبل العلاقات الدولية”، السياسة الدولية، عدد 204، أبريل/ 2016
  • جورج فيشان، “أوكرانيا والقرم، في السياسة الروسية”، مركز الجزيرة للدراسات، مارس/ 2015
  • نهلة صلاح، “روسيا: بوادر أزمة اقتصادية “، حالة العالم، العدد 12، 2014
  • عاطف معتمد عبد الحميد، استعادة روسيا مكانة القطب الدولي، قطر، الدار العربية للعلوم ناشرون، مركز الجزيرة للدراسات، 2009
  • كارن أبو الخير، “روسيا: السعي لاستعادة المكانة العالمية من بوابة الشرق الأوسط”، حالة العالم، العدد. 2، سبتمير 2003
  • مجموعة عمل العلاقات الدولية، “شراكة صينية – روسية جديدة؟”، حالة العالم، العدد.9، يوليو/ 2014

ثالثاً الرسائل العلمية:

  • شمس الخوانكي، صنع السياسة العامة في الصين: دراسة لسياسة أمن الطاقة، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013
  • خديجة عرفة أمين، أمن الطاقة والسياسة الخارجية : دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2012
  • عمرو السيد عبد العاطي، أمن الطاقة في السياسة الخارجية الأمريكية : دراسة حالة منطقة بحر قزوين بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014
  • علاء عبد الحفيظ محمد، العلاقة بين الأمن القومي والديمقراطية “دراسة لتأثير أزمة 11 سبتمبر 2001 على الديمقراطية في الولايات المتحدة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009
  • صلاح عبد الله، أثر التغير في تفاعلات مصر والسعودية وسورية على الأمن القومي العربي”1989- 2008″، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010
  • هالة علي العنزي، أثر الديمقراطية على الأمن القومي دراسة حالة الكويت، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013
  • محمود محمد الكركي، العلاقات الروسية الأمريكية في عهدي “فلاديمير بوتين وجورج بوش”، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة، 2009

رابعاً التقارير:

  • المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية، “مراجعة السياسة الأوروبية للجوار”، تقرير مشترك موجه للبرلمان والمجلس الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية ولجنة المناطق، بروكسل، 2015.

خامساً مواقع إلكترونية:

 

ثانياً مراجع باللغة الإنجليزية:

Book:

  • Vitally Nomekien, Russian Relations with Europe and the U.S: Implication for Global Security, The Emirates center for Strategic Studies & Research, vol 62, No 1, 2005

Periodicals:

  • Mennat-Allah Diaa Eldine, European Energy Security & Euro-Russian Relations, master’s degree, faculty of economics and political science Cairo university, 2014
  • Scott B. Radnitz, Russian EU Energy Interdependence and Security in EUROPE, M.S.D. thesis, University of Washington, Dissertation Abstracts International Vol. ,2013
  • Robert Rabil, Russian Energy Politics and European Union,M.S.D. thesis, Florida Atlantic University, Dissertation Abstracts International Vol. , 2013
  • Jack D.sharples, A critical analysis of Russian state and Gazprom conceptions of natural gas asa strategic resource and Russia¿s gas exports to the European Union during the Medvedev presidency (2008-2012), A Ph. D. Thesis, University of Grasgow at united kingdom, Dissertation Abstracts International Vol. 2014.

E- reference:

  • Nodari A. simonia, Russia and Energy Security in The Asia- Pacific region, lynne rienner, vol.23, no.1, 1999,
  • Klena A korosteleva, The European Union, Russia and the Eastern region, saga, dol 10, 2016
  • Elena A Korosteleva, “The European Union, Russia and The Eastern Region: the Analytics of Government for sustainable cohabitation“, Article, Sage, 2016
  • Charles E Ziegler, “Energy Pipeline Networks and Trust: The European Union and Russia in comparative Perspective”, Article, University of Louisville, sage, 2012
  • James sherr, Europe, Russia. Ukraine, and Energy: Final Warning, chatham house, vol. 65, no.2, 2009
  • Bastian, Darya & Adam, towards a strategic partnership? The U.S and Russian Response to the European security and Defense policy, security dialogue, vol.37, No.3, 2006
  • Andreas Heinrich, under the kremlin’s thumb: Does increased control in Russian Gaz sector endanger European energy security?, Taylor & Francis, vol.60, no.9, 2008.
  • Rudiger Graf, Between National and Human security: energy Security in the United States and Western Europe in the 1970, GESIS – Leibniz Institute for the social science, vol. 35, no. 4, 2010
  • Virgil l sheets, Robyn luger, sources of conflict between friends in Russia and the United States, saga publications, vol 39, no 4, 2005
  • Jefferson Morley, S, EU Sanction Russia’s Arms Forces, Arms Control Association, vol 44, no 7, 2014
  • Mariam Broda& swiderski,Russia and The West : the root of the problem of mutual understanding, Springer, Vol 54, No 1/2,
  • Dimitri Ternin, Russia leaves the West, foreign affairs, vol 85, No 4, 2006
  • Sebastain job, Globalizing Russia? The Neoliberal/Nationalist Two- step and the Russificationof the west, Taylor & France, vol 22, No 6, 2001.
  • Vitally Nomekien, Russian Relations with Europe and the U.S: Implication for Global Security, The Emirates center for Strategic Studies & Research, vol 62, No 1, 2005
  • Sebastain job, Globalizing Russia? The Neoliberal/Nationalist Two- step and the Russificationof the west, Taylor & France, vol 22, No 6, 2001.
  • Yeongmi yun, Bark ki- cheal, “characteristics of Russian policies in energy security toward central Asia: focusing on the construction of the south stream pipeline“, Institute for National Security Strategy, vol 24, no 2
  • Daniel Yergin, “Ensuring Energy Security“, Foreign Affairs, vol: 85, no: 2, 2006
  • Erica S. Downs, The Chinese Energy Security Debate, SOAS, no: 177, 2004
  • Gawdat Bahgat, Europe’s Energy Security: challenges & opportunities, chatham house, vol: 82, No: 5, 2006
  • Chuck Hagel, “U.S Defense Policy in the Middle East”, Available at:http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/u.s.-defense-policy-in-the-middle-east
  • Advancing American Energy, Available from: https://www.whitehouse.gov/energy/securing-american-energy , Access
  • Cristina Puntaru, “Energy Security in Europe: How Is The EU Dealing with It”, Available from:http://www.e-ir.info/2015/12/03/energy-security-in-europe-how-is-the-eu-dealing-with-it/
  • Energy Saving concepts programs”, Available from: http://www.gazprom.com/nature/energ
  • Yizhou wang, Defining Non – Traditional Security and its Implicaions for china, Available athttp://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?d,
  • Park Kyung, Non Traditional security issues in North Korea, available at: http://www.uhpress.hawaii.edu/p-8945-9780824837396.aspx

[1]وجيه أحمد عبد الكريم، “القطب القادم” الصراع الصيني الأمريكي، القاهرة، المكتب العربي للمعرف، 2016، ص 6 ومابعدها.

[2]تامر إبراهيم كامل، الصراع بين الولايات المتحدة والصين وروسيا (دراسة حالة آسيا الوسطى وبحر قزوين)، القاهرة، المكتب العربي للمعارف، 2013، ص 316.

[3]شمس الخوانكي، صنع السياسة العامة في الصين: دراسة لسياسة أمن الطاقة، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013

[4]Jack D.sharples, A critical analysis of Russian state and Gazprom conceptions of natural gas as a strategic resource and Russia¿s gas exports to the European Union during the Medvedev presidency (2008-2012), A Ph. D. Thesis, University of Grasgow at united kingdom, Dissertation Abstracts International Vol. 2014

[5] خديجة عرفة أمين، أمن الطاقة والسياسة الخارجية : دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2012

[6]عمرو السيد عبد العاطي، أمن الطاقة في السياسة الخارجية الأمريكية : دراسة حالة منطقة بحر قزوين بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014

[7]Mennat Allah Abdrabo, European Energy security and Euro-Russian Relations, Master’s degree, Cairo University, faculty of Economics and Political Science, 2014

[8]Robert Rabil, Russian Energy Politics and European Union,M.S.D. thesis, Florida Atlantic University,Dissertation Abstracts International Vol. , 2013

[9]Scott B. Radnitz, Russian EU Energy Interdependence and Security in EUROPE, M.S.D. thesis, University of Washington, Dissertation Abstracts International Vol. ,2013

[10]مصطفى علوي، قضايا دولية معاصرة، القاهرة، الزعيم للخدمات المكتبية والنشر، 2015، ص 166

[11]المرجع السابق، ص 215

[12]خديجة عرفه محمد أمين، مرجع سابق.

[13]عمرو السيد عبد العاطي، مرجع سابق.

[14]شمس الخوانكي، مرجع سابق.

[15]Gawdat Bahgat, Europe’s Energy Security: challenges & opportunities, chatham house, vol: 82, No: 5, 2006.

[16]Erica S. Downs, The Chinese Energy Security Debate, SOAS, no: 177, 2004.

[17]Daniel Yergin, “Ensuring Energy Security“, Foreign Affairs, vol: 85, no: 2, 2006.

[18]Yeongmi yun, Bark ki- cheal, “characteristics of Russian policies in energy security toward central Asia: focusing on the construction of the south stream pipeline“,  Institute for National Security Strategy, vol 24, no 2

[19]Vitally Nomekien, Russian Relations with Europe and the U.S: Implication for Global Security, The Emirates center for Strategic Studies & Research, vol 62, No 1, 2005

[20]Sebastain job, Globalizing Russia? The Neoliberal/Nationalist Two- step and the Russificationof the west, Taylor & France, vol 22, No 6, 2001.

[21]Dimitri Ternin, Russia leaves the West, foreign affairs, vol 85, No 4, 2006

[22]Mariam Broda& swiderski,Russia and The West : the root of the problem of mutual understanding, Springer, Vol 54, No 1/2, 2002.

[23]Jefferson Morley, U.S, EU Sanction Russia’s Arms Forces, Arms Control Association, vol 44, no 7, 2014.

[24]Virgil l sheets, Robyn luger, sources of conflict between friends in Russia and the United States, saga publications, vol 39, no 4, 2005.

[25]Mennat Allah Abdrabo, Op.cit.

[26]Jack D.sharples,Op.cit.

[27]Scott B. Radnitz, Op.cit.

[28]Rudiger Graf, Between National and Human security: energy Security in the United States and Western Europe in the 1970, GESIS – Leibniz Institute for the social science, vol. 35, no. 4, 2010.

[29]Andreas Heinrich, under the kremlin’s thumb: Does increased control in Russian Gaz sector endanger European energy security?, Taylor & Francis, vol.60, no.9, 2008.

[30]Bastian, Darya & Adam, towards a strategic partnership? The U.S and Russian Response to the European security and Defense policy, security dialogue, vol.37, No.3, 2006.

[31]James sherr, Europe, Russia. Ukraine, and Energy: Final Warning, chatham house, vol. 65, no.2, 2009.

[32]علاء عبد الحفيظ محمد، العلاقة بين الأمن القومي والديمقراطية “دراسة لتأثير أزمة 11 سبتمبر 2001 على الديمقراطية في الولايات المتحدة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009، ص30

[33]المرجع السابق، ص 31.

[34]مصطفى علوي، قضايا دولية معاصرة، القاهرة، الزعيم للخدمات المكتبية والنشر، 2015، ص ص 163: 165.

[35]صلاح عبد الله، أثر التغير في تفاعلات مصر والسعودية وسورية على الأمن القومي العربي”1989- 2008″، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010، ص 19 ومابعدها.

[36]المرجع السابق، ص ص 21: 23.

[37]المرجع السابق، ص ص 38: 43.

[38]هالة علي العنزي، أثر الديمقراطية على الأمن القومي دراسة حالة الكويت، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013، ص26.

[39]عمرو السيد عبدالعاطي محمد، أمن الطافة في السياسة الخارجية الأمريكية: دراسة حالة منطقة بحر قزوين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014، ص16 وما بعدها.

[40]خديجة عرفة محمد أمين، مرجع سابق، ص 56

[41]المرجع السابق، ص 54.

[42]Daniel yergin, Op.cit, p69

[43]مصطفى علوي، مرجع سابق، ص 166 وما بعدها.

[44]Park Kyung, Non Traditional security issues in North Korea, available at: http://www.uhpress.hawaii.edu/p-8945-9780824837396.aspx, access, 20/6/2016

[45]Yizhou wang, Defining Non – Traditional Security and its Implicaions for china, Available athttp://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?d, access 15/6/ 2016.

[46]كمال المنوفي، مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم السياسة، القاهرة، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2006، ص ص 34: 36.

[47]بسمة ماجد حمزة، إستراتيجيات روسيا لتوظيف الغاز الطبيعي للتأهل إلى منزلة القوة العظمى، آفاق سياسية، العدد 6 ، يونيو 2014، ص32

[48]نورهان الشيخ، قضايا محاولة لبلورة تطورات جارية ( القاهرة: المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، 2009)، ص : 9

[49]المرجع السابق ، ص 10

[50]الشرق، أخطبوط الطاقة الروسي يحكم قبضته على الموارد والإمدادات، متاح على : http://elsharq.net/%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D

تاريخ الإطلاع : 1/5/2016

[51]نورهان الشيخ، مرجع سابق، ص 11

[52]منتدى الدول المصدرة للغاز، متاح على:http://petroleum-today.com/index.php?go=news&more=302 تاريخ الإطلاع: 1/5 / 2016

[53]خديجة عرفة محمد، مرجع سابق، ص 148 وما بعدها

[54]الرجع السابق، ص 148 وما بعدها

[55]بسمة ماجد حمزة، مرجع سابق، ص ص 32 : 33

[56]Mennat-Allah Diaa Eldine, European Energy Security & Euro-Russian Relations, master’s degree, faculty of economics and political science Cairo university, 2014

[57]Ibid, pg 79

[58]خديجة عرفة محمد أمين، مرجع سابق، ص 141

[59]إكرام يوسف، “أمن الطاقة… ولعبة القط والفار بين روسيا وأوروبا عندما تحدثت جازبروم”، في:http://www.gn4me.com/alalamalyoum/inner.jsp?edition_id=1390&art_id=1768658 ، 4/ 2016

[60]Mennat Allah Diaa Eldine, Op.cit, pg 81

[61]Jack D sharples, Op.cit

[62]Mennat Allah,Op.cit,  pg83

[63]سيرغي كولتشين، “إمبراطورية جازبروم تكتمل بشركة سيبنفط”، في :http://www.ru4arab.ru/cp/eng.php?id=20050119172228&art=20051102190725، 5/ 2015

[64]Energy Saving concepts programs”, Available from: http://www.gazprom.com/nature/energ, 1/6/2016″

[65]بسمة ماجد حمزة، مرجع سابق، ص 33

[66]Mennat Allah Diaa, Op.cit, pp 30,31

[67]حسن عز الدين، “أمن الطاقة في أوروبا … بين الواقع والطموح الاستراتيجي”، في :http://araa.sa/index.php?view=article&id=774:2014-06-25-22-18-39&Itemid=172&option=com_content، 6/ 2016

[68]المرجع السابق

[69]مصطفى علوي، مرجع سبق ذكره، ص 228

[70]Cristina Puntaru, “Energy Security in Europe: How Is The EU Dealing with It”, Available from:http://www.e-ir.info/2015/12/03/energy-security-in-europe-how-is-the-eu-dealing-with-it/, 6/2016

[71]حسن عز الدين، مرجع سابق.

[72]المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية، “مراجعة السياسة الأوروبية للجوار”، تقرير مشترك موجه للبرلمان والمجلس الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية ولجنة المناطق، بروكسل، 2015

[73]خديجة عرفة محمد أمين، مرجع سابق، ص 208

[74]مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، “الاستثمارات العالمية في الطاقة مع التركيز على النفط والغاز”، الاتجاهات الاقتصادية والاستراتيجية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 2005، ص 107

[75]خديجة عرفه محمد أمين، مرجع سابق، ص 63، 65

[76]مصطفى علوي، مرجع سابق، ص 218، 234

[77]Advancing American Energy, Available from: https://www.whitehouse.gov/energy/securing-american-energy , Access: 14/6/2016

[78]Ibid.

[79]مصطفى علوي، مرجع سابق، ص 217 ومابعدها.

[80]Op.cit

[81]يحيى اليحياوي، “الصين في أفريقيا: بين متطلبات الاستثمار ودوافع الاستغلال”، مركز الجزيرة للدراسات، 9يونيو 2015، ص2.

[82]عمرو السيد عبد العاطي، مرجع سابق، ص94.

[83]خديجة عرفه محمد أمين، مرجع سابق،ص ص 66: 70.

[84]مصطفى علوي، مرجع سابق، ص 236.

[85]Chuck Hagel, “U.S Defense Policy in the Middle East”,  Available at:http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/u.s.-defense-policy-in-the-middle-east, Access: 14/6/2016

[86]صفاء عاشور، “خطة أمريكية للاستغناء عن نفط الخليج”، في: http://www.youm7.com/story/2016/3/6/ ، تاريخ الإطلاع: 14/ 6/ 2016

[87]خديجة عرفه، مرجع سابق، ص 71.

[88]المرجع السابق، ص 71، 73

[89]المرجع السابق، ص 96 وما بعدها

[90]Bastian Giegerich, Op.cit, p1

[91]“ثورة الطاقة الأمريكية ستغير موازين القوى في العالم”، في: https://www.noonpost.net/content/743 ، تاريخ الاطلاع: 14/6/ 2016

[92]ليونيد ألكسندرفيتش، “العلاقات الأوروبية الروسية وازدواجية النوايا”، في: http://www.aljaredah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=17437 تاريخ الاطلاع: 10/5/2016

[93]Charles E Ziegler, “Energy Pipeline Networks and Trust: The European Union and Russia in comparative Perspective”, Article, University of Louisville, sage, 2012, p 2

[94]بسمة حمزه، مرجع سابق، ص 32

[95]علي محمد السيد، “الاتحاد الأوروبي وتحديات الأمن المرتبط بالطاقة: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، قراءات استراتيجية، العدد 11، مركز الأهرام للدراسات السياسية، نوفمبر/ 2007، ص ص 3 : 6

[96]المرجع السابق، ص 11

[97]الاتحاد الأوروبي وروسيا وفقدان الاستراتيجية المؤثرة، في: http://alwaght.com/ar/News/12657/%D8%، تاريخ الدخول 5/2016

[98]مايكل رولي، “حلف الناتو وأمن الطاقة”، في: http://www.nato.int/docu/review/2011/Climate-Action/Energy_Security/AR/index.htm، تاريخ الدخول: 15/ 6/ 2016

[99]هاني شادي، “الناتو يقترب أكثر من روسيا”، في: http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/132/9796/%D8، تاريخ الدخول: 15/ 6/ 2016

[100]Elena A Korosteleva, “The European Union, Russia and The Eastern Region: the Analytics of Government for sustainable cohabitation“, Article, Sage, 2016.

[101]سيليفيا كولومبو، “تداعيات الأزمة المالية: تشققات في البنيان الأوروبي”، حالة العالم، العدد 1، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، يونيو 2013، ص ص 10 : 12

[102]نورهان الشيخ، “هل تتجه روسيا لاستعادة دورها العالمي؟”، ملف الأهرام الاستراتيجي، العدد 106، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكتوبر 2003، ص 110

[103]عصام حداد، “القديم والجديد في العلاقات الألمانية – الروسية وتداعياته في منطقتنا”، في: http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=np&Articleid=528182، تاريخ الاطلاع: 13/ 6/ 2016

[104]نورهان الشيخ، “العلاقات الروسية الألمانية .. مد وجزر”، في: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/ed054cf3-2340-4677-bd8d-feb76e5df015 تاريخ الدخول: 15/ 5/ 2016

[105]ستيفن ف.سزابو، “ألمانيا وروسيا وصعود الدور الجيو- اقتصادي”، في:http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/4/96/8702/%D9%83%D8%AA%D8%A8، تاريخ الدخول، 15/ 6/ 2016

[106]المرجع السابق

[107]ريساردا فورموسويكس، “ألمانيا… دور عالمي جديد؟”، حالة العالم، العدد 4، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، يناير 2014، ص 5

[108]مخلد مبيض، العلاقات الروسية الفرنسية خلال العقد الماضي”1998- 2007″، دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 36، العدد3، 2009، ص ص 509: 518.

 

[109]طارق محمد ذنون الطائي، العلاقات الأمريكية الروسية بعد الحرب الباردة، بغداد، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2012، ص ص 210: 212.

[110]المرجع السابق، ص ص 280: 283.

[111]هالة خالد حميد، “العلاقات الأمريكية الروسية بعد عام 2001 المسار زالمستقبل”، في: http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId، تاريخ الدخول 15/6/2016.

[112]محمود محمد الكركي، العلاقات الروسية الأمريكية في عهدي “فلاديمير بوتين وجورج بوش”، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة، 2009، ص 1، 2، 23، 24.

[113]هالة خالد، مرجع سابق.

[114]محمود محمد الكركي، مرجع سابق، ص 54.

[115]إيغور إيفانوت، “روسيا والولايات المتحدة: هل يمكن أن تستغني إحداهما عن الأخرى؟”، في:http://arab.rbth.com/opinion/2014/08/06/27613، تاريخ الدخول: 16/ 6/ 2016

[116]نورهان الشيخ، العلاقات الروسية الأمريكية تفاهمات تكتيكية في إطار تناقضات إستراتيجية، كراسات إستراتيجية، العدد 206، يناير/ 2010، ص 31، 33.

[117]المرجع السابق، ص 33.

[118]المرجع السابق، ص 35.

[119]حسين طلال مقلد، المعوقات التي تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مجلة جامعة دمش للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد 3، 2011، ص 215 وما بعدها.

[120]المرجع السابق،ص ص 240: 243.

[121]نورهان الشيخ، “هل تصبح الطاقة سلاحاً جديداً لاستعادة المكانة الدولية”، في: http://www.siyassa.org.eg/، تاريخ الدخول: 20/ 6/ 2016.

[122]مصطفى علوي سيف، “خريطة جديدة: تحولات أمن الطاقة ومستقبل العلاقات الدولية”، السياسة الدولية،  عدد 204، أبريل/ 2016، ص 9.

[123]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[124]ريساردا فورموسويكس، مرجع سابق، ص3.

[125]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[126]Klena A korosteleva, The European Union, Russia and the Eastern region, saga, dol 10, 2016.

[127]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[128]إبراهيم منشاوي، “مستقبل العلاقات الأوروبية – الروسية في ضوء أزمة القرم”، في: http://www.acrseg.org/5839، تاريخ الدخول: 17/ 6/ 2016

[129]جورج فيشان، “أوكرانيا والقرم، في السياسة الروسية”، مركز الجزيرة للدراسات، مارس/ 2015، ص 2 وما بعدها.

[130]إبراهيم منشاوي، مرجع سابق.

[131]“العقوبات بعد شبه جزيرة القرم: هل نجحت؟”، في: http://www.nato.int/docu/review/2015/Russia/sanctions-after-crimea-have-they-worked/AR/index.htm ، تاريخ الدخول 17/ 6/ 2016 .

[132]وائل بن فرج، “هل يقدم الحل الاوروبي للأزمة الأوكرانية طوق النجاة لروسيا؟”، في: http://www.alarab.co.uk/?id=44633، تاريخ الدخول: 17/ 6/ 2016 .

[133]فلورنس جوب، “أزمة الغاز بأوروبا والدور القطري البديل”، مركز الجزيرة للدراسات، في:http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2014 ، تاريخ الإطلاع: 17/ 6/ 2016

[134]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[135]أنس الطراونة، “قراءات وتحليلات: تداعيات الأزمة الأوكرانية في العلاقات الروسية- الغربية”، المركز الديمقراطي العربي، في:http://democraticac.de/?p=28438، تاريخ الدخول: 17/ 6/ 2016.

[136]نورهان الشيخ، مرجع سابق

[137]أنس الطراونة، مرجع سابق.

[138]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[139]نهلة صلاح، “روسيا: بوادر أزمة اقتصادية “، حالة العالم، العدد 12، 2014، ص 7.

[140]نورهان الشيخ، مرجع سابق.

[141]هاجر محمد أحمد عبد النبي،” رؤية مستقبلية: دوافع وتداعيات التدخل العسكري الروسي في سوريا”، المركز العربي للبحوث والدراسات، في:http://rawabetcenter.com/archives/14401، تاريخ الدخول: 17/ 6/2016.

[142]عاطف معتمد عبد الحميد، استعادة روسيا مكانة القطب الدولي، قطر، الدار العربية للعلوم ناشرون، مركز الجزيرة للدراسات، 2009، ص 45 وما بعدها.

[143]كارن أبو الخير، “روسيا: السعي لاستعادة المكانة العالمية من بوابة الشرق الأوسط”، حالة العالم، العدد. 2، سبتمير 2003،ص 3.

[144]هاجر محمد أحمد عبدالنبي، مرجع سابق.

[145]كارن أبو الخير، مرجع سابق، ص 3 وما بعدها

[146]مجموعة عمل العلاقات الدولية، “شراكة صينية – روسية جديدة؟”، حالة العالم، العدد.9، يوليو/ 2014، ص 3 .

[147]Nodari A. simonia, Russia and Energy Security in The Asia- Pacific region, lynne rienner, vol.23, no.1, 1999, pg, 8.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى