ممارسات “عنصرية” ضد السوريين في لبنان بحجة حفظ الامن ؟
خرق ابو عدنان حظر التجول المفروض على اللاجئين السوريين في بلدة رميش في جنوب لبنان، ليحمل طفله الرضيع الى الطبيب، فاوقفه عناصر شرطة البلدية… لم يقتنعوا باجابته فرافقوه الى وجهته، ولم يغادروا حتى تأكدوا من عودته الى المنزل.
حظر تجول، توقيف وترحيل ومداهمات، اجبار على تنظيف الشوارع، وتحديد عدد سكان الغرف المستأجرة… اجراءات اتخذتها بلديات لبنانية في حق السوريين تحت عنوان حفظ الامن، لا سيما بعد الاعتداءات الاخيرة في بلدة القاع (شرق)، لكنها اثارت غضب شريحة واسعة من اللبنانيين، ودفعت بناشطين الى الدعوة للتظاهر الاثنين احتجاجا على ما اعتبرته اجراءات “عنصرية”.
ويروي ابو عدنان، وهو اسم مستعار، لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي “مرض مولودي الجديد وكان عمره 15 يوما، سارعت به مع زوجتي مساء الى الطبيب. اوقفنا عناصر من شرطة البلدية وبدأوا بالتحقيق معنا، الى اين انت ذاهب؟ ولماذا؟”.
ويضيف “سمحوا لنا بمواصلة طريقنا الا انهم ساروا خلفنا، انتظرونا وعادوا معنا حتى وصلنا الى البيت”.
ويقول “اصبحت الامور صعبة جدا أخيرا”.
ويروي ان “مجموعة من الشبان السكارى دخلت مرة الى سكن للاجئين سوريين في رميش، وبدأوا يضربونهم وبوجهون لهم اهانات، الا ان البلدية لم تقف مع السوريين، بل رحلت العشرات منهم”.
على صفحتها على موقع “فيسبوك”، تدعو بلدية رميش “كل مواطن لان يكون خفيرا” والتبليغ عن “اي حركة مريبة”، مؤكدة “وضعنا مشروع تنظيم الوجود السوري ضمن اولوياتنا”.
ويقول رئيس بلدية رميش مارون شبلي “كان يوجد في رميش اكثر من الف سوري، ما يفوق قدرة البلدة البالغ عدد سكانها ستة آلاف على التحمل”. واتخذ قرار بالابقاء على كل من له كفيل من اهل البلدة فقط، ولم يبق حتى الآن سوى “نحو 500 لاجئ”.
– “بوجه العنصرية”-
واعربت الباحثة في شؤون اللاجئين لدى منظمة العفو الدولية خيرونيسا دهالا عن “القلق تجاه التقارير التي تتحدث عن انتهاكات واساءة جسدية يتعرض لها اللاجئون السوريون ومنها توقيف عشوائي واخلاء بالقوة لمخيمات”.
وتم خلال الاسبوع الماضي تداول صور عبر وسائل الاعلام والانترنت حول مداهمة عناصر من شرطة بلدية عمشيت شمال بيروت، لمكان سكن لاجئين سوريين ليلا، ظهر فيها ستة سوريين على الاقل وهم راكعون على الارض، فيما يبدو في صورة اخرى اكثر من عشرة اشخاص يقفون وجوههم الى الحائط وايديهم الى الخلف.
ورفضت بلدية عمشيت اتهامها “بالعنصرية”، مؤكدة في بيان ان “الحملات التي تقوم بها وحدة الشرطة والحرس تأتي انسجاما مع مختلف التدابير الامنية المتخذة من قبل القوى الامنية والعسكرية في المناطق اللبنانية كافة لناحية استباق اي عمل او اختراق أمني تقوم به جهات ارهابية”.
وازدادت وتيرة الممارسات تجاه اللاجئين السوريين بشكل لافت بعد التفجيرات الانتحارية في بلدة القاع حيث قتل خمسة مدنيين واصيب 28 آخرون بجروح في 27 حزيران/يونيو. وذكرت تقارير ان منفذي الاعتداءات من السوريين، بينما اوقفت القوى الامنية اشخاصا على ارتباط بالاعتداءات بينهم سوريون.
وخلال الاسبوع الماضي، اعادت بلديات في مناطق عدة رفع لافتات على الطرق تطلب من السوريين عدم التجول ليلا، في اجراء تكرر السنوات الماضية.
وتروي السورية ام لؤي (اسم مستعار) في قرية خربة سلم في الجنوب “بعد تفجيرات القاع، داهم رجال الامن منازل السوريين عند الساعة العاشرة والنصف ليلا، بعثروا في الثياب وبحثوا في المحادثات على الاجهزة الخلوية واوقفوا كل من اوراقهم ليست نظامية”.
واشارت الى فرض اجراءات جديدة بعد ذلك، اذ “بات يحظر على اكثر من عائلة واحدة او اكثر من ثلاثة شبان السكن في منزل واحد”.
– تنظيف الشوارع –
وافادت صحيفة “السفير” في مقال نشر في 14 تموز/يوليو ان بلدية ترتج في قضاء جبيل (شمال بيروت) “أرغمت اللاجئين المقيمين في نطاقها على تنفيذ يوم عمل مجاني لتنظيف شوارع البلدة”.
في مدينة جونية شمال بيروت، تروي سارة كامل (موظفة) انها شاهدت الاسبوع الماضي عناصر من شرطة البلدية ينهالون ضربا على سوري ويوجهون له الفاظا نابية. وتقول “كان المشهد قاسيا، وقفت وصرت اصرخ واسألهم ماذا فعل؟، فقالوا انهم طلبوا منه التوقف بينما كان يمر على دراجته النارية ولم يفعل”.
وتتابع “لعله لا يملك اوراقا ويخشى التوقف او لعله فقط كان خائفا. في كل الاحوال لا شيء يبرر الضرب المبرح”.
وقفت سارة في وسط الطريق تصرخ بكل قوتها، وتجمع حولها سكان من الحي قالوا لعناصر الشرطة ان الرجل يقيم في المكان منذ عشرين عاما وله عائلة ويجمع النفايات، لكن عناصر الشرطة كانوا “يجيبونني: غدا عندما يدخل الى بيتك ويسرقه، تعالي ودافعي عنه”.
على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت تعليقات منددة بـ”العنصرية” في التعامل مع السوريين. ودعا ناشطون تحت عنوان “لاجئون مقيمون متضامنون، كلنا بوجه العنصرية”، الى مسيرة مساء اليوم الاثنين بين مقري وزراتي الخارجية والداخلية في بيروت.
وجاء في بيان الدعوة “سنمشي معا لبنانيين وسوريين والى أي جنسية انتمينا، (…) بمسيرة صامتة لندين استخدام الخوف الأمني المشروع لدى المواطنين من أجل التحريض العنصري ضد اللاجئين السوريين”.
وتابع “سنمشي معا للمطالبة بوضع حد لجميع أشكال العقوبات الجماعية والتمييز والتهميش والوصم والقمع الموجه ضد اللاجئين”.
ويستضيف لبنان اكثر من مليون لاجئ سوري يعيش معظمهم في ظروف بائسة للغاية، ويشكو اللبنانيون من العبء الاقتصادي الكبير على البلد الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة.
وكانت بلدية فالوغا شرق بيروت رفعت لافتة منع التجول للسوريين قبل ان تتراجع “لعدم الضرورة”، بحسب ما يقول نائب رئيس البلدية سامي العندراي.
ويوضح “وجدت البلدية ان الامر معيب انسانيا، خصوصا انها تلقت اتصالات من اشخاص كثر عبروا عن رفضهم”.
ويقول “الحذر واجب، علينا مراقبتهم فقط لابلاغ الجهات المعنية عن اي حركة نجدها غير طبيعية”، قبل ان يضيف “نحن مع ضبط شؤون اللاجئين وغير اللاجئين، السوريين وغير السوريين”.المصدر:أ ف ب