البرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

دور النخبة في إدارة التحول الديمقراطى في تونس “2011-2016”

اعداد الباحثة : سوسن زغلول السيد على مصطفى – المركز الديمقراطي العربي

اشراف : د. دلال محمود 

مقدمة :-

يعد موضوع التحول الديمقراطي من المواضيع الحديثة التي لاقت اهتمام كبير من قبل الباحثين والمفكرين السياسيين, وكانوا يسعون إلى معرفة طبيعة هذا التحول وأسبابه ومستقبله وفي هذه الدراسة سوف نحاول معرفة دور النخبة في إدارة التحول الديمقراطي([1]).

شهدت المنطقة العربية فى الآونة الأخيرة العديد من التحولات الديمقراطية ما لم تشهده طيلة عقود طويلة والتي عرفت ب “الربيع العربي” وقد بدأت بتونس, فلقد قامت الثورة التونسية أساسا؛ لتلبية احتياجات ثلاثة وهي: حاجة إنسانية تتعلق بالكرامة وحاجة اجتماعية تتعلق بالعدالة وحاجة سياسيةتتعلقبالكرامة([2]).

لقد فاجأ الحدث التونسي العالم, فلم يكن أحد يتوقع أن تنتهي بسلسلة المظاهرات الاحتجاجية بسبب شاب قام بإحراق نفسه؛ وذلك احتجاجا على سوء معاملة السلطات المحلية له بهروب الرئيس السابق بن علي الذي حكم البلاد لمدة 23 عام من عام (1987-2010)([3]).

لم تكن تونس قبل ثورة 2011 تتمتع بالديمقراطية, بل كانت دولة تسلطية مثلها مثل باقي البلدان في المنطقة العربية, ولم يكن نقاش النخبة حول المسألة الديمقراطية من حيث المشاركة السياسية والتداول السلمي على السلطة, وإنما حول غياب الديمقراطية كليا([4]).

في 14 يناير من عام 2011, نجحت الثورة التونسية بعد إنهاء حكم ديكتاتور وقد انتقل الأمر إلى النخبة السياسية؛ للتداول في شأن الترتيبات للمرحلة الإنتقالية([5]), فهي في طريقها إلى تحقيق سبق عربي في ترسيخ قواعد النظام الديمقراطي, كما سبقت في تفجير أولى الثورات الربيع العربي. لقد حصلت تونس على استقلالها عام 1956 وتولى الرئيس الحبيب بورقيبة الحكم كأول رئيس لتونس, حيث حكم من عام 1957 إلى 1974 ولم تكن في عهده حرية؛ لذا فانقلب عليه رئيس وزراءه زين العابدين فكان الواقع هو الافتقار للحريات من حرية التعبير والتدين والتحرر من الخوف كل ذلك دفع الشعب التونسي للثورة([6]).

المشكلة البحثية :-

لقد قامت الثورة التونسية في 2010 بسبب الظلم والاستبداد ضد نظام الرئيس السابق بن علي الذي امتد حكمه لمدة 23 عام ونجحت الثورة التونسية في إنهاء الظلم وبدء عهد جديد من الحرية وقد بدأت تونس بترسيخ قواعد النظام الديمقراطي.

وانطلاقا مما سبق من أهمية الدور الذي تلعبه النخبة في التأثير على العملية السياسية تتمحور إشكالية الدراسة في الإجابة عن تساؤل محوري مفاداه: إلى أي مدى ساهمت النخبة في إدارة التحول الديمقراطي في تونس في 2011؟

بالإضافة إلى السؤال المحوري هناك مجموعة من الأسئلة الفرعية المكملة له, وهي:  1- ما هي العوامل المؤثرة على مسار عملية التحول الديمقراطي في النظم المعاصرة ؟2- ما هي أهم سمات عملية التحول الديمقراطي في تونس؟3- ما هو دور النخبة السياسية التونسية في احترام حقوق الإنسان؟4- ما هو دور النخبة السياسية التونسية في تطوير المجتمع المدني؟

التحديد الزماني:

لقد حددنا في هذه الدراسة إطار زمني من 2011-2016 والسبب في ذلك أن بداية الحراك الشعبي في 2011, حيث قيام الثورة التونسية وبداية مسار التحول الديمقراطي في تونس, وتنهتهي هذه الدراسة في 2016؛ لأنه العام الذي تنتهي فيه هذه الدراسة وللوقوف على أحدث المجريات في الأمور.

التحديد المكاني :

لقد تم اختيار دولة تونس وذلك؛ بسبب تحقيقها لسبق عربي في ترسيخ قواعد النظام الديمقراطي, حيث كانت أولى الدول العربية المفجرة لثورات الربيع العربي.

الأهمية :-

تتمثل أهمية الدراسة في كونها تتناول دور النخبة في إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس وهي تجرية تستحق الدراسة, حيث شهدت المنطقة العربية العديد من عمليات التحول الديمقراطي التي بدأت بتونس وفي هذه الدراسة سنحاول التعرف على العوامل التي أدت إلى هذا التحول وكذلك مستقبل هذا التحول. كما تنبع أهمية الدراسة لعدة اعتبارات منها حداثة الموضوع, حيث الربط بين دور النخبة والتحول الديمقراطي في تونس تجعله محل أهمية داخل حقل النظم السياسية العربية, من خلال دراسة النخبة في تونس خلال فترة محددة من تاريخها السياسي, حيث يمكن التعرف على ديناميات النظام السياسي التونسي وكيفية صنع القرار بها.

الأدبيات :

يمكن تناول الدراسات السابقة من خلال تقسيمها إلى عدة محاور:

الإتجاه الأول:

الدراسات التي تناولت النخبة من هذه الدراسات: 

  • دراسة هدى حافظ متكيس بعنوان “النخبة السياسية في تونس: 1956- 1970” تقوم الدراسة على فرضية أهمية دور بورقيبة في الاستقرار السياسي في تونس إلى جانب تماسك النخبة الذي يرجع بدوره إلى تماثل الأصول التعليمية والثقافية وأيضا الجغرافية للنخبة, حيث اقتصر الحزب إلى نخبة من أبناء البرجوازية ذوي الثقافة الغربية ثم وسع دائرة نشاطه لاكتساب الطبقة العاملة فيما بعد وقد توصلت الدراسة إلى نجاح تونس في سعيها نحو التحديث إذا ما قورنت بغيرها من الدول النامية ويرجع هذا النجاح إلى العديد من العوامل أهمها سيطرة بورقيبة على الحياة السياسية في تونس قرابة نصف قرن مع ولاء نخبته السياسية وتماسكها داخل إطار الحزب ولقد أوضحت الدراسة الدور الهام الذي تقوم به الزعامة الكاريزمية في الحفاظ على تماسك النخبة ولقد اقتصرت الدراسة بتعريف النخبة السياسية على القيادة والحكومة والقيادات الحزبية داخل المكتب السياسي, فلقد استبعدت النخبة الدينية والعسكريين([7]).

2- دراسة حمود ناصر مهدي القدمي بعنوان “النخبة السياسية في اليمن (دراسة حالة النخبة البرلمانية(1990-2005)” لقد تناولت الدراسة تحديد مفهوم النخبة وعلاقتها ببعض المفاهيم, كما تناولت السمات العامة للنخبة البرلمانية وتتمثل إشكالية الدراسة في هل فعلا يوجد دوران حقيقي لهذه النخبة يصل إلى إحلال عضو مكان عضو آخر. ولقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج الهامة منها :- انتشار مجموعات النخبة البرلمانية وتمثيلها لأكبر عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية يتوقف على مدى وجود الاستقرار السياسي الداخلي, عند حدوث صراع أو نزاع داخل النخبة نتج عنه زيادة معدل دورانها نتيجة لسعي أطراف الصراع إقصاء بعضهم البعض وبالتالي اختلال في مراكز القوى وخروج قوى ودخول قوى أخرى, ضعف واضح للنخبة البرلمانية من أحزاب المعارضة وتآكل تمثيلها من مجلس نيابي إلى آخر, على المستوى الجغرافي تستأثر القبلية على العملية الانتخابية في جميع دوائر الريف البالغ نسبتها 80% من مجموع دوائر الجمهورية, تزايد متوسط أعمار النخبة البرلمانية من مجلس إلى آخر, كما اثبتت الدراسة الضعف الشديد في مشاركة المرأة في النخب البرلمانية. ولقد ذكرت الدراسة العديد من التوصيات منها: أن تتخذ جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية سلوك الحوار كما يوصي الباحث الأحزاب والتنظيمات السياسية ذات التوجهات المتقاربة والأيدولوجيات المتشابهة أن تتوحد في حزب واحد, أن تنشط وتوجه هذا النشاط إلى المناطق الريفية, أن تسعى الحكومة لتعديل قانون الانتخابات بحيث يكون الحزب ملزما بأن يخصص ما نسبته 15%- 20% من مرشحيه من الإناث فهذه الطريقة قد تساعد المرأة في أن تحصل على تمثيل معقول في المجلس النيابي بالإضافة إلى ضرورة أن تقوم الأحزاب والتنظيمات السياسية بواجبها في اختيار مرشحيها من الأفراد ذوي التأهيل العلمي العالي ومن الكوادر المتخصصة, أن يتم إدخال تعديل على النظام الانتخابي القائم على الدائرة إلى نظام القائمة خاصة فيما يتعلق بانتخابات المجلس النيابي([8] ).

3- دراسة عبد الغفار رشاد محمد بعنوان “دور النخبة في التنمية السياسية دراسة نظرية مع محاولة للتطبيق على الدول النامية ( النموذج المصري )” لقد أكدت هذه الدراسة على دور النخبة السياسية في عملية التحديث والتنمية وقد طبقت على النموذج المصري ولقد ركزت على مرحلتين وهما الديمقراطية الليبرالية والتي بدأت مع تطبيق دستور 1923 وحتى ثورة 1952 والثانية مع قيام ثورة 1952. وتناولت الدراسة خلفية النخبة وعلاقة النخبة الحاكمة بالنخبة غير الحاكمة والجماعات الأخرى فيالمجتمع وقد توصلت الدراسة إلى أن التباين والاختلاف في دور النخبة في عملية التنمية السياسية يجد مصدره في مجموعيتن رئيستين من العوامل :- أولاهما يتعلق بالنخبة السياسية وثانيهما يدور حول طبيعة عملية التنمية السياسية ذاتها. ولقد توصلت الدراسة عجز المؤسسات السياسية في ظل نخبة كبار الملاك في مصر قبل ثورة 1952. ولقد اثبتت النخبة السياسية في الدول النامية – عسكرية كانت أو مدنية اخفاقا ظاهرا في عملية بناء المؤسسات السياسية الفعالة التي تستطيع تنظيم وضبط الصراعات وتلطيف حدتها من خلال ما توفره من خبرة العمل التوفيقي على مسرح الحياة السياسية, كما قد اثبتت الدراسة أن حالة الاغتراب العامة قد عاقت تغلغل الحكومة في المجتمع المصري خاصة في المناطق الريفية والنائية, كما ساهمت نخبة الضباط الأحرار في تعميق الهوة بين الريف والحضر مع توطن الصناعات التي أقامتها في المدن والمناطق الحضرية, كذلك اثبتت الدراسة اخفاق النخبة السياسية المصرية قبل 1952 وبعدها في مواجهة أزمة المشاركة و اثبتت الدراسة تميز نخبة الضباط الأحرار بالقدرة النسبية على التأقلم والتكيف مقارنة بنخبة كبار الملاك السابقة عليها([9]) .

4- دراسة وفاء سعد محمد الشربيني بعنوان “تكوين النخبة السياسية الحاكمة في مصر 1970-1986” تطرح هذه الدراسة قضية العلاقة ما بين التغير في توجهات النظام السياسي المصري خلال التسعينات والتغير في هيكل النخبة الحاكمة ومصادر التجنيد إليها, وذلك على ضوء تناقض نتائج الدراسات السابقة التي تناولت النخبة السياسية المصرية, كما تركز الدراسة على بحث العلاقة ما بين التغير في طبيعة تكوين النخبة الحاكمة وبين التغير في سياسات النظام وتوجهاته. لقد تناولت الدراسة خصائص التكوين الاجتماعي للنخبة السياسية الحاكمة من خلال التحليل الكمي والاحصائي لبيئة متغيرات وهي الخلفية التعليمية, الخلفية الوظيفية, الخلفية العمرية, الخلفية الجغرافية, الخلفية الدينية والنوع لأعضاء النخبة السياسية الحاكمة خلال الفترة من 1970- 1986. وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج منها :- اتصفت النخبة السياسية الحاكمة خلال الفترة من 1970-1986 بتمتعها درجة عالية من التعليم والثقافة, وجود تباين في المستويات التعليمية للتقسيمات الفرعية للنخبة السياسية الحاكمة, كما اثبتت الدراسة أن النخبة الوزارية كانت أكثر النخب التي مثلت فيها التخصصات العلمية بالمقارنة بالمستويات الأخرى للنخبة مثل نخبة المحافظين ونخبة الرئاسة ورؤساء ووكلاء مجلسى الشعب والشورى, حيث سادت فيهم التخصصات الإنسانية والاجتماعية. كما خلصت الدراسة من تحليل نسبة مشاركة العسكريين خلال الفترة الثانية للدراسة, إلى تزايد دور العسكريين في النخبة السياسية الحاكمة على مستواها الإجمالي على حساب تراجع دور البيروقراطية([10]).

الاتجاه الثاني:-

الدراسات التي تناولت التحول الديمقراطي من هذه الدراسات :-

  • دراسة محمد عز العرب محمد منيب بعنوان “التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي بالتطبيق على حالة الكويت خلال الفترة 1999-2009”، تتمثل إشكالية الدراسة حول كيفية تأثير التحول الديمقراطي على الاستقرار السياسي في الكويت وذلك من خلال التعرف على المتغيرات الأصلية التي تتوسط العلاقة بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسيي في الكويت, كما تنطلق الدراسة من فرضية رئيسية مؤداها أن هناك علاقة اقتران سلبية بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسيي في الكويت خلال الفترة الزمنية 1999-2009 وذلك كل من الصعيد الحكومي والبرلماني والتنموي. وقد تناولت الدراسة الإطار النظري لمفهومي التحول الديمقراطي والاستقرار, الأسباب التى تسهم في تحفيز عملية التحول الديمقراطي في الكويت, مؤشرات وآليات التحول الديمقراطي, وصولا إلى تحديد المسارات الحاكمة لعملية التحول الديمقراطي في المستقبل, وقد تناولت أيضا أثر التحول الديمقراطي على الاستقرار السياسي في الكويت وفقا لحالات عملية. وقد توصلت الدراسة إلى أن المتغير الوسيط يمثل العامل الحاكم في تفسير تلازم أو عدم تلازم التحول الديمقراطي في دولة ما. كما انتهت الدراسة إلى إثبات صحة الفرضية ومفادها أن هناك علاقة عكسية بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي في الكويت, خلال الفترة ( 1999-2014), إذ كلما أدركت السلطة السياسية الحاكمة وجود درجة من الاستقرار السياسي فإنها تتجه إلى تضييق الهامش الديمقراطي([11]).
  • 2- دراسة فيصل سعيد قاسم المخلافي بعنوان “المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الجمهوريةاليمنية 1990-2006” تحاول هذه الدراسة رصد وتحليل منظمات المجتمع المدني في اليمن ومتابعة تطورها ومدى فاعليتها وانعكاس كل ذلك على مسيرة التحول الديمقراطي, على اعتبار أن وجود منظمات مدنية فاعلة ومتنوعة النشاط تدعيم التحول الديمقراطي, وتحافظ على ما تم من تحول, وتمنع التراجع عنه. وتتمثل إشكالية الدراسة حول أثر بروز وتطور منظمات المجتمع المدني في اليمن على التحول الديمقراطي. وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج منها :
  • 1- التحول الديمقراطي :- جاء التحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية بشكل مفاجىء, عبر مبادرة من النخبة الحاكمة بعد أن كانت تحرم التعددية السياسية والحزبية بنصوص دستورية و قانونية ولم تكن البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بعد مهيأة لعملية التحول الديمقراطي.
  • 2- الأطر الدستورية الناظمة للتحول الديمقراطي:- استمر الحوار حول دستور الوحدة بين شطرى اليمن منذ العام 1972 وحتى نوفمبر 1989 تاريخ إقراره والمصادقة عليه.
  • وتوصلت الدراسة إلى أن منظمات المجتمع المدني حققت قدرا من الديمقراطية الداخلية, ولكنها ليست النسبة المطلوبة التي تؤهلها لأن يكون لها تأثير واضح في عملية التحول الديمقراطي, كما نجحت في الدفاع عن بعض الحقوق والحريات, ولكنها فشلت في بعضها الآخر([12]).
  • 3- دراسة لعياضي يوسف بعنوان “التحولات السياسية الراهنة و أثرها على إرساء مبدأ الديمقراطية – تونس”

تتمثل إشكالية إلى أي مدى ساهمت التحولات السياسية في إرساء معالم الديمقراطية في تونس, وتقوم الدراسة على فرضية بناء دولة المؤسسات مرهون بإرساء التحول السياسي, كلما كان الحراك الشعبي مدعوم بمؤسسات المجتمع المدني الفعالة كلما يساهم ذلك في إرساء الديمقراطية. لقد تناولت الدراسة مفهوم التحول السياسي و الديمقراطي, مراحله والأنماط التي يتم من خلالها, العوامل المؤدية إلى التحول الديمقراطي, كما تطرق إلى المقاربات النظرية المفسرة لعملية التحول الديمقراطي, العوامل التي أدت إلى التحول الديمقراطي في تونس.

لقد طرح الباحث مجموعة من التوصيات أهمها : التداول السلمي على السلطة, الفصل ما بين السلطات, إقامة دولة المؤسسات والمساواة أمام القانون, تجسيد الحركة الديمقراطية وتأصيلها دستوريا, إقامة مجتمع مدني فعال يدعم الديمقراطية([13]) .

4- دراسة مينا اسحق طانيوس بولس بعنوان “التحول الديمقراطي والتغير في السياسة الخارجية دراسة لسياسة كوريا الجنوبية تجاه كوريا الشمالية (خلال الفترة من 1988 حتى 2007)”

تحاول الدراسة تحليل العلاقة بين التحول الديمقراطي على السياسة الخارجية وذلك بالتطبيق على السياسة الخارجية لكوريا الجنوبية تجاه كوريا الشمالية من 1988 حتى 2007 كحالة دراسية لها سماتها وخصائصها . كما تناولت الدراسة عملية التحول الديمقراطي من حيث التعريف والمراحل والأسباب والمؤشرات والنتائج, كما تناولت التحول الديمقراطي في كوريا الجنوبية في كوريا الجنوبية والمراحل التي مر بها ونتائجه([14]).

الاتجاه الثالث :-

الدراسات التي تناولت النخبة والتحول الديمقراطي من هذه الدراسات :

– دراسة محمد عز العرب محمد منيب بعنوان “النخبة السياسية والتحول الديمقراطي في البحرين(1992_2002)” تتمثل إشكالية الدراسة حول إلى أي مدى تلعب النخبة السياسية في البحرين دورا في التحول الديمقراطي التي شهدته البلاد خلال الفترة ( 1992_ 2002). لقد تناولت الدراسة التأصيل النظري لمفهوم النخبة السياسية والتحول الديمقراطي, النخبة السياسية الحاكمة في البحرين, التحول الديمقراطي في البحرين, النخبة السياسية والآفاق المستقبلية للتحول الديمقراطي.

لقد توصلت الدراسة إلى نتيجة رئيسية وهي أن التغير في تركيبة رأس النخبة الحاكمة هو العامل المحوري في اتجاه التحول نحو الديمقراطية في البحرين. كما قد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها: إن الدور الرئيسي في عملية صنع القرار يقوم به الملك, أما النخبة الوزارية والبرلمانية مكملة لهذا الدور, سيادة الطابع “الاحتكاري” النخبة السياسية الحاكمة في البحرين, إن معدل دوران النخبة البرلمانية في ممكلة البحرين أعلى من معدل دوران النخبة الوزارية, إن الطابع المدني هو الغالب لأعضاء النخبة السياسية الحاكمة في البحرين, إن النخبة الملكية الجديدة في البحرين تعتبر أكثر تقبلا للأفكار الحديثة, ضآالة تمثيل المرأة في النخبة السياسية الحاكمة في البحرين, إن التحول الديمقراطي ارتبط بمسار عام ولم ينطلق وفق قرار أحادي, إن التشدد لم يكن سلوكا متعلقا بالنظام البحريني الحاكم, بل أصبح متعلقا ببعض قوى المعارضة, إن التيارات السياسية المعارضة ذات التوجهات الدينية سواء السنية أو الشيعية, هي الأطراف المهيمنة على الساحة السياسية في مملكة البحرين, هناك توجها نحو إتاحة المرأة المزيد من المشاركة في الحياة السياسية, إن العوامل المتعلقة بإحداث التحول الديمقراطي في مملكة البحرين ليست هي العوامل التي تؤدي إلى تحقيق التماسك الديمقراطي, تعد المواطنة أحد المتطلبات الرئيسية؛ لتعزيز عملية التحول الديمقراطي في البحرين([15]).

2- دراسة مصطفى علاء الدين محمد العياط بعنوان “دور القيادة في التحول الديمقراطي في البحرين في الفترة من ( 1999- 2012)”

تتمثل إشكالية الدراسة فى التعرف على الأسباب التي أدت إلى اجتياح البحرين احتجاجات عارمة في 2011 على الرغم من تبني الملك لأجندة اصلاحية منذ توليه السلطة في 1999. لقد تناولت الدراسة الإطار النظرى لمفهومي القيادة السياسية والتحول الديمقراطي, محددات دور القيادة البحرينية في التحول الديمقراطي, كما ركزت على المؤشرات التي تعبر عن نوعية الدور الذي تقوم به القيادة في التحول الديمقراطي, مجموعة التحديات التي تواجه القيادة في عملية التحول الديمقراطي. وقد توصلت الدراسة إلى استناد الأنظمة الحاكمة في دول الخليج إلى مصادر شديدة التقليدية للشرعية السياسية كالعامل القبلي والوازع الديني والدور التاريخي للأسرة الحاكمة, أسهم اندلاع الاحتجاجات البحرينية 2011 في تقسيم المجتمع إلى مؤيد للسلطة وآخر مؤيد للحراك الثورى, كشفت الأحداث و التطورات منذ بدء احتجاجات 2011 عن أن العامل الخارجي في عملية التحول أصبح أكثر تأثيرا و فاعلية في العملية السياسية في البحرين, نجاح النظام الحاكم في تبني المزيد من الإصلاحات السياسية, يحتاج بناء دولة ديمقراطية إلى تنشيط الحياة الحزبية في الدول التي في طريق انتقالها إلى نظم أكثر ديمقراطية, تمسك المملكة العربية السعودية باستمرار النظام القائم في المملكة البحرينية.

كما قد قدمت الدراسة العديد من المقترحات للخروج من الأزمة السياسية في البحرين ومنها :_

على الملك أحمد تبني سياسات فعالة؛ لمعالجة الاختلال في توزيع الثروات والدخول بين فئات المجتمع, البدء في اتخاذ اجراءات من شأنها إعادة بناء الثقة بين كافة أبناء البحرين, الشروع في حوار حقيقي وموسع مع المعارضة, تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على طرح مبادرات للحل السياسي, إحداث تواصل بين مكونات المجتمع وبين القيادات السياسية والدينية, العمل على إدماج الشباب البحريني في كافة المؤسسات العمل السياسي, أما على المعارضة التوافق على مشروع معارضة في إطار وطني بعيدا عن أمر الطائفية, الاعتراف بضرورة الإصلاح وفقا لأجندة وطنية خالصة وتحت راية نظام حكم الملك حمد بن عيسى آل خليفة([16]).

3- دراسة مبارك مبارك أحمد عبد الله بعنوان “التغير في القيادة السياسية والتحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية في التسعينات” تتمحور مشكلة الدراسة في محاولة الإجابة عن تساؤل محوري وهو إلى أي مدى يؤدي تغير القيادة السياسية إلى التحول الديمقراطي في الدول التي شهدت تغيرا في قيادتها في فترة التسعينات وهي قطر, سوريا, الجزائر, الأردن, البحرين, المغرب وبرزت اتجاهات عديدة بشأن الإجابة على هذا التساؤل الرئيسي فهناك اتجاه أشار إلى أن هؤلاء القادة لن يساهموا على في تدشين التحول الديمقراطي وهناك اتجاه آخر أن القادة الجدد في طريقهم لشرعيتهم الجديدة أن يجدوا أفضل من شرعية التحول الديمقراطي. ويمكن رصد تأثير تغير القادة على التحول الديمقراطي من خلال عنصرين رئيسين لهما وهما تأثير القادة الجدد مقارنة بأسلافهم داخل كل نظام ومقارنة القادة الجدد ببعضهم البعض.

وقد تناولت الدراسة إطار نظري لتحليل العلاقة بين تغير القيادة والتحول الديمقراطي, تغير القيادة والانتخابات النيابية, تغير القيادة والمجتمع المدني وتغير القيادة وحقوق الإنسان, وقد توصلت الدراسة إلى أن معظم الحالات التي شهدت تغيرا في قياداتها لم تشهد صراعا واضحا في السلطة([17]).

الإطار المفاهيمي:

هذه الدراسة تركز على مفهومين رئيسين هما : التحول الديمقراطي والنخبة وبالنسبة لكل منهما:

أولا: النخبة:- 

يشير مصطلح النخبة Elite في اللغة الإنجليزية إلى جماعة وتشتق كلمة النخبة في اللغة العربية من الفعل انتخب والانتخاب هو الاختيار والانتقاء. ويشير إلى أولئك الذين يمسكون بأيديهم المراكز العليا في التنظيم الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي في المجتمع, كما أنهم جماعة من الأفراد يتمتعون بنفوذ سياسي أكثر من الآخرين ويستند مفهوم النخبة السياسية إلى فكرة التوزيع غير المتكافىء للنفوذ السياسي في المجتمع , فهناك من يؤثر ومن يتأثر, وهناك من يحكم ويحكم([18]).

ثانيا:  التحول الديمقراطى: 

يعني مفهوم التحول الديمقراطي بدلالاته اللفظية المرحلة الانتقالية بين نظام غير ديمقراطي ونظام ديمقراطي وهو ما يعني أن هناك فارقا بين النظام السياسى المتحول نحو الديمقراطية والنظام الديمقراطى بالفعل([19]).

المنهج:

تم اختيار منهج النخبة السياسية؛ لأن الدراسة تنصب أساسا على النخبة, كما أنه الأنسب والأكثر ملاءمة للدراسة, ذلك أن أي نظام سياسي لا يخلو من نخبة سياسية وبالتالي يمكن المقارنة بين نظام سياسي وغيره من خلال دراسة دور هذه النخبة في إدارة التحول الديمقراطي.

ولهذا المنهج عدة اقترابات ولكننا سنركز على اقتراب المنصب الرسمي على اعتبار أن أولئك الذين يحتلون المناصب الرسمية, المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية لأي مجتمع هم أنفسهم أصحاب القوة في ذلك المجتمع, وأن سلطة الفرد مرتبطة بمنصبه في التدرج الرسمي في المجتمع([20]).

تقسيم الدراسة :-

الفصل الأول:  الإطار النظري لتحليل مفهومي النخبة والتحول الديمقراطي.

  • المبحث الأول: التعريف بمفهوم النخبة.
  • المبحث الثاني: التعريف بمفهوم التحول الديمقراطي.

الفصل الثاني: التحول الديمقراطي في تونس .

  • المبحث الأول: الأسباب التي أدت إلى حدوث التحول الديمقراطي .
  • المبحث الثاني: مؤشرات عملية التحول الديمقراطي في تونس .

الفصل الثالث:  النخبة و التحول الديمقراطي في تونس .

  • المبحث الأول: استراتيجيات إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس.
  • المبحث الثاني: تأثير عملية التحول الديمقراطي على الاستقرار السياسي. 

الإطار النظري

الفصل الأول

تعد قضية التعريف بمفاهيم النخبة والتحول الديمقراطي على الصعيدين النظري والإجرائي من القضايا الأساسية في العلوم الاجتماعية, ومنها علم السياسة.

يتناول هذا الفصل التأصيل النظري لمفهومي النخبة والتحول الديمقراطي, عبر مبحثين أساسيين وهما :

  • المبحث الأول : التعريف بمفهوم النخبة.
  • المبحث الثاني : التعريف بمفهوم التحول الديمقراطي.

المبحث الأول:

التعريف بمفهوم النخبة:

لقد أثار مفهوم “النخبة” في مجال العلوم الاجتماعية نقاشا واسعا, فاهتم كثير من المفكرين, في عقود وأزمنة تاريخية مختلفة بدراسة مشكلة “النخبة”.

يشير مدلول النخبة إلى أحد سمات البناء الاجتماعي, وهو اختلاف درجتي النفوذ والتأثير اللتين يتمتع بها أعضاء تنظيم اجتماعي ما, ففي كل مجتمع توجد مجموعة من الأفراد الذين يمارسون السلطة والنفوذ أكثر من الآخرين, ففي المجتمعات البدائية على سبيل المثال كان هناك كبار السن من رجال الدين وزعماء العشائر والقبائل وقادة الجند والمحاربين, وهذه المجموعة هي ما تسمى ب “النخبة أو الصفوة”, وبعبارة أخرى النخبة هي “تلك الأقلية التي تتميز عن باقي أفراد المجتمع من حيث نفوذها وتأثيرها([21]).

تعود جذور دراسة النخبة إلى كتابات أفلاطون وأرسطو, غير أن المنهج النخبوي لم يتبلور إلا في العصر الحديث بفضل إسهامات عدد من المفكرين والكتاب, وكانت بداية الاهتمام بدراسة النخبة كجزء من حقل العلوم السياسية جاءت في اواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين, ويرجع الفضل في ذلك إلى عالمين إيطاليين هما فلفريدو باريتو (1848- 1923) وجاتيانو موسكا ( 1858-1923)([22]).

أولا: الـتأصيل اللغوي لمفهوم النخبة:-

تشتق كلمة النخبة في اللغة العربية من الفعل “نَخبَ” فهو ناخب الشىء أخذ أحسنه, ونُخَب جمع نُخبة أي المختار من كل شىء, والنخب ما اُختير منه, ونخبة القوم تعني خيارهم. والنخبة كلمة تدل على الشىء الأفضل, الذي يستأهل أن يقع عليه الخيار, أما “النُخَبُ” أي جمع نخبة فهي الفئات الأكثر ثقافة في المجتمع, ومن ثم الأكثر قدرة على إدارة هذا المجتمع وعلى خدمته([23]).

أما كلمة صفوة في اللغة العربية فهي تدل على معنى الخلاصة فيقال صفوة الشىء خالصه وخياره, أي أفضل ما يستخلصه الإنسان من الشىء ويقال أصفاه أي اختاره, والصفوة في الماء ونجوه تعني القليل, وانتخب الشىء اختاره, ونخبة القوم خيارهم, الانتخاب هو الاختيار والانتقاء ومنه النخبة وهم جماعة تختار من الرجال. وقد عرف قاموس علم الاجتماع النخبة بأنها “جماعة صغيرة في مجتمع ما, وفي ظرف تاريخي معين, تحمل هذا الاسم نظرا لأنها تتمتع بأهمية تعطيها لنفسها أو يعطيها لها الآخرون”([24]).

وهكذا تشير النخبة بمعناها اللغوي الواسع إلى أي طائفة تتوافر فيها صفات ذات قيمة كالقدرة الفكرية والهيبة والسلطة والنفوذ الواسع, وقد تكون هذه الفئة المنتخبة أو المختارة بواسطة الجماعة أو الطبيعة, أو بالاعتراف العام المبني على معايير الجدارة أو الاستحقاق([25]).

أما في اللغات الأجنبية يشتق لفظ elite من اللفظ اللاتيني eligere أي اختيار الشىء وتعني الجزء المختار, وبوجه عام, يشير المصطلح (elite) في اللغة الإنجيلزية إلى جماعة أو جزء منها اختير أو نظر إليه على أنه الأفضل والأكثر نفوذا وقدرة, وتعرف بأنها الفئة القائمة على صنع السياسة وتنفيذها وتلك القادرة على التأثير والمشاركة([26]).

في حين أن النخبة في القواميس الفرنسية تشير إلى الأشخاص والجماعات التي تتوفر لهم إمكانية امتلاك القوة أو التأثير للمشاركة في صناعة تاريخ جماعة معينة, عبر وسائل وسبل وطرائق عديدة كاتخاذ القرارات, أو اقتراح الأفكار وإبداء المشاعر.

ثانيا: التأصيل النظري لمفهوم النخبة:-

لقد اختلفت وتنوعت تعريفات النخبة من الناحية النظريةوأثارت جدلا كبيرا بين الباحثين, ويرجع هذا الاختلاف إلى الغموض الفكري الذي يميز هذا المنهج بشكل عام. فالمفاهيم الأساسية مثل النخبة والقوة والنفوذ والسلطة لم تعرف بعد تعريف دقيقا([27]).يرى “توماس بوتومو” أن أقدم استخدام لكلمة “النخبة” في اللغة الإنجليزية وفقا لقاموس أكسفورد كان في سنة 1823, حيث أنه تم توظيف مفهوم “النخبة” (elite) في القرن السابع عشر؛ لوصف السلع ذات النوعية الممتازة, ثم اتسع هذا المفهوم للدلالة عن الجماعات الاجتماعية العليا لبعض الوحدات العسكرية العليا أو المراتب العليا من النبالة.أما “باريتو” فيرى بأن النخبة هم أفراد توفرت فيهم شروط التميز والنجاح في إطار نشاط اجتماعي معين([28]).أما “روبرت دال” فقد عرف النخبة بأنها أقلية من الأفراد تسود تفضيلاتهم في حالة اختلاف التفضيلات بصدد القضايا الأساسية في المجتمع”,ويعرف” رأيت ميلز” نخبة القوة بأنها أولئك الذين يشغلون الأوضاع القيادية,  ويرى “باري جرانيت” أن النخبة أقلية من الأشخاص في داخل المجتمع تملك وتتحكم في القرارات الرئيسة في المجتمع, في حين يقصر”بانتام” النخبة السياسية على أولئك الذين لهم سلطة أكبر على الآخرين وفي هذه الحالة تقتصر النخبة السياسية على البرلمانيين والوزراء ورؤساء الدولة فضلا عن كبار الموظفين([29]).

وقد عرف هارولد لاسويل (النخبة السياسية) بأنها تشمل الحائزين للقوة في الهيكل السياسي وهم القادة والتكوينات الاجتماعية التي أتى منها هؤلاء القادة والذين يتحملون مسئولية تجاها خلال جيل محدد, فالنخبة السياسية هي رأس هرم طبقة القوة, أما روبرت داهل ولقد عرف النخبة الحاكمة بأنها جماعة ضبط وتوجيه أقلية من الأفراد تسود دائما تفضيلاتهم بصدد القضايا السياسية الكبرى في المجتمع, كما يرى جيمس ميلز إطلاق لفظ النخبة على أي جماعة قيادية صغيرة([30]).

ويعرفها دوم هوف بأنها “أولئك الأشخاص الذين لديهم أعظم قدر من القوة نظرا لهرمية المؤسسات التي يسيطرون عليها”, بينما يرى كارل دويتش أن النخبة هي “الفئة القليلة من الأفراد التي لا تزيد على 5% من السكان في مجتمع ما وتتوافر لديها قيمة واحدة على الأقل من القيم الإنسانية أكثر من باقي السكان”.

ويعرفها لويل فيلد وجون هايلي بأنها “الأشخاص الذين يحتلون المواقع الاستراتيجية في المنظمات البيروقراطية العامة والخاصة مثل الحكومات والأحزاب وواتحادات العمال والتجار ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والتعليمية وجماعات المعارضة المنظمة المختلفة”([31]).

وفي مقابل ذلك تعددت تعريفات النخبة السياسية في الفكر السياسي العربي فعلى سبيل المثال قد عرف الدكتور حامد ربيع النخبة الحاكمة بأنها “الفئة المختارة التي تتحكم في الوجود السياسي وهي في ذلك تتعاون مع قوى سائدة لترتبط من خلالها بالطبقات الحاكمة”, ولقد عرفها الدكتور كمال المنوفي بأنها “مجموعة من الأفراد الذين يمتلكون مصادر وأدوات قوة السياسة في المجتمع بحيث تستطيع التحكم في رسم السياسة العامة وصنع القرارات الرئيسية في المجتمع”, كما يعرفها الدكتور علي الدين هلال بأنها “تلك الأقلية التي تتمايز عن باقي أفراد المجتمع من حيث نفوذها وتأثيرها, ومن ثم فالنخب تعبرعن مجموعات مختلفة كالنخبة السياسية وهي التي تعمل على تحقيق الأهداف العامة للمجتمع, وهناك النخبة الاقتصادية والنخبة العسكرية, ونخبة المثقفين”([32]).                                                                                                                                         ويرى دكتور علي الصاوي النخبة بأنها جماعة أو جماعات من الأفراد الذين لهم خصائص مميزة, تجعلهم يقومون بأداور أكثر تميزا في مجتمعاتهم, ومؤشر هذا التميز في الأدوار تأثيرهم البالغ على مجريات الحياة وتوجيهها, كما ينعكس في تأثيرهم على عملية صنع القرارات المهمة في مختلف مجالات الحياة , كما يعرفها دكتور تيسير الناشف بأنها مجموعة من الأشخاص يمتلكون السلطة السياسية ويمارسونها بدرجة أعظم من بقية أفراد المجتمع([33]).

ويرى إيليا حريق النخبة بأنها : السراة وهم الأفراد الذين في يدهم أمر الحل والربط ويمكن استخدام كلمة “سراة” بدلا من مفهوم النخبة الذي يرى أنه محمل قيما, فيقول : إن هذه الكلمة فصيحة من جهة, ومهملة من جهة أخرى, فلم يستخدمها أحد حتى الآن في العلوم الاجتماعية والسياسية على الرغم من أنها تفي بالغرض وأنها تعني أعلى الشىء, ومن معانيها أول الشىء وسراة القوم سادتهم ورؤساؤهم([34]).

ويعرفها الدكتور أحمد زايد بأنها : جماعة اجتماعية تمتلك وعيا اجتماعيا وقدرة على التماسك الداخلى أو أنها تشير إلى الأفراد أو الجماعات التي تمتلك القوة وتمارسها, ويقول الدكتور أحمد زايد أنه لا شك في أن مثل هذا التعريف يمكننا من أن نفهم النخبة السياسية على أنها جماعات اجتماعية.

ومن خلال ما تم عرضه من التعريفات السابقة لمفهوم النخبة يتبين أن هناك مشكلة مفاهيمية ارتبطت بالتحليل النخبوي التقليدي والتحليل النخبوي المعاصر. إذ ما يزال هناك عدم وضوح مفاهيمي, ليس فقط بالنسبة للمفاهيم الثانوية المحددة لمفهوم النخبة, بل في المفهوم المحوري ذاته وهو “مفهوم النخبة”([35]).

ثالثا: علاقة مفهوم النخبة ببعض المفاهيم:-

إن مفهوم النخبة قد يتدخل في علاقات تقاطع سواء بشكل أفقي أو رأسي مع مفاهيم مختلفة, وهذا التقاطع يعبر عن أرضيات مشتركة بين هذه المفاهيم ومفهوم النخبة مثل مفهوم الجماعة ومفهوم الطبقة السياسية والقيادة السياسية والاستقراطية والأوليجاركية وهذه المفاهيم هي:

  • 1- النخبة والقيادة السياسية:

يستخدم كثير من علماء الاجتماع مصطلح القيادة السياسية للدلالة على مفهوم النخبة الحاكمة, فالقيادة السياسية هي السياسيون مثل رئيس السلطة التنفيذية, والوزراء, بالإضافة إلى أعضاء البرلمان, ومع أن كلا من مفهومي القيادة والنخبة يتعلقان بجانب التوجيه في العملية السياسية, إلا أنه يجب التمييز بينهما من الناحية التحليلية, فالقيادة التحليلية في جوهرها ظاهرة فردية والنخبة في أساسها ظاهرة جماعية.

  • 2-النخبة والطبقة:

التقى مفهوم الطبقة ومفهوم النخبة على بعض المبادىء, أبرزها التأكيد على مفهوم الإنقسام والتدرج من حيث الثروة والسلطة والنفوذ, أو المكانة, ثم التأكيد على ظاهرة الصراع التي تنبع من عدم المساواة.

أما بالنسبة لأوجه الاختلاف بين المفهومين, فيشير مفهوم النخبة إلى جانب واحد من التدرج (جانب النخبة), هذا بينما يشير مفهوم الطبقة إلى أكثر من خط التدرج, أنه يشير إلى دراسة للمجتمع كله, وتحظى الشرائح الدنيا بنفس الاهتمام الذي تحظى به الشرائح الأخرى, كما أن المنهج النخبوي يرى إن عملية التحديث والتنمية تأتي من أعلى من القيادة على خلاف المنهج الطبقي الذي يرى أنه يمكن دراستها من أسفل (الجماهير), ومن أعلى (الحكام).

  • 3-النخبة والجماعة:

تركز دراسات الجماعة على مجموعات الأفراد التي تتفاعل مع بعضها؛ لتحقيق أهداف مشتركة, أي أن الاهتمام الأساسي ينصب على الجماعة وليس الفرد, حيث تعد الجماعة وحدة التحليل, أما بالنسبة لمنهج النخبة, فيركز على سلوك عدد صغير من صناع القرار وليس على مؤسسات الحكم

  • 4-البرجوازية:

طبقة اجتماعية من أصحاب المهن الحرة نشأت في القرون الوسطى الأوروبية, لعبت هذه الطبقة دورا هاما في إنجاح الثورة الفرنسية, وتشكل البرجوازية من مجموع المالكين الفرديين أو الجماعيين لوسائل الإنتاج, وكبار الملاك, ومن الأنظمة الديمقراطية أصبحت البرجوازية تتميز بامتلاكها لوسائل الإنتاج والسلطة الاجتماعية تقوم على مفهوم النخبة.

  • 5-الاستقراطية: تعني كلمة الاستقراطية لغويا حكم الأفضل, ووفقا لأرسطو تمثل الحكم الأكثر رشدا من أشكال الحكم, إلا أن المعنى التاريخي أو التطبيق السياسيى للاستقراطية مختلف تماما, فإنها تحمل معاني النخبة والطبقة الحاكمة من حيث محدودية العدد والتميز.
  • 6-الأوليجاركية: تعني الأوليجاركيةحكم الأقلية, وقد استخدم روبرت داهل عالم الاجتماع الأمريكي لفظ “الأوليجاركية” كمرادف للصفوة الحاكمة, أما موسكا فاعتبر الأوليجاركية شكلا من أشكال الطبقة الحاكمة.
  • 7- النخبة والتجنيد السياسي: مفهوم التجنيد السياسي يستخدم عادة للإشارة إلى الأدوار السياسية النخبوية, أي تتيح لأصحابها درجة أعلى من المشاركة في عمليات صنع واتخاذ القرار سواءفي نطاق مؤسسات معينة, أو على مستوى مؤسسات الدولة بشكل عام([36]).

رابعا: أنماط النخبة ومستوياتها:-

ميز عدد من الدراسات بين نماذج متنوعة من النخب طبقا للعلاقات المدنية والعسكرية والخلفية المهنية والتعليمية والمكانة الاجتماعية وتختلف هذه التقسيمات باختلاف المجتمعات ودرجة تطورها.

ويكمن التمييز بين نوعين أساسيين من النخب:

الأول: نخبة مدنية تتكون من رجال الدين والمثقفين والبيروقراطية, أو مديري المشروعات الصناعية, وكبار الملاك حيث تسيطر واحدة أو أكثر من هذه الجماعات على مركز القرار.

الثاني: وهو النمط العسكري حيث تسيطر المؤسسة العسكرية على المراكز الرئيسة في المجتمع.

ويلاحظ أن النوع الأول يسود بصفة عامة في المجتمعات الغربية, أما النمط النخبوي فهو شائع في دول العالم الثالث([37]).

وفي السياق العربي يمكن التمييز بين عدة أنماط من النخب السياسية ولذلك بحسب المعايير الآتية:

  • معيار توجهها التنموي العام, يتم التمييز بين النخب التقليدية التكيفية, والنخب الإصلاحية التحديثية, وتلك الثورية التعبوية.
  • 2- معيار الأيدولوجية السياسية أو الحزب السياسي الذي تنتمي إليه النخب, يتم التمييز بين سياسة قومية, وأخرى ليبرالية, وثالثة إسلامية, ورابعة ماركسية.
  • 3- معيار مصدر التجنيد, ويمكن التمييز بين نخب مدنية, أو عسكرية, أو مزيجا بينهما.
  • 4- معيار مصدر الأصول الاجتماعية والطبقة للنخبة, ويمكن التمييز بين كبار الملاك الزراعيين والبرجوازية الرأسمالية من ناحية, والنخبة المنبثقة من الوسطى, أو تلك التي تستند إلى أسس عمالية أو فلاحية من ناحية أخرى([38]).

خامسا: الاتجاهات النظرية لدراسة النخبة:-

هناك العديد من الاتجاهات لدراسة مفهوم النخبة, منها الاتجاه السيكولوجي, والاتجاه التنظيمي, والاتجاه النظامي, والاتجاه الاقتصادي, والاتجاه البيئي, وإن كان يعتبر الاتجاه المتكامل في تحليل النخبة هو الاتجاه السائد في هذه الأيام, فهو نمط من التحليل الشامل الذي يحلل شخصية النخبة.

  • الاتجاه التنظيمي:

يقوم هذا الاتجاه على فكرة أساسية, مؤداها أن النخبة تمتلك مقاليد القوة وذلك بما لها من قدرات تنظيمية, وبما لها من براعة في تقدير مصادر القوة في المجتمع, ويتزعم هذا الاتجاه كل من موسكا وميشلز حيث يتفق هذان المفكران في تفسير حكم النخبة بإرجاعه إلى عوامل تنظيمية تميز النخبة عن اللانخبة, حيث يستبعدان أي عامل نفسي أو فطري لانقسام المجتمع إلى أقلية حاكمة أو أغلبية محكومة([39]).

  • الاتجاه السيكولوجي:

هذا الاتجاه تمثله كتابات باريتو(pareto) فالنخبة لديه ليس نتاجا لقوى اقتصادية كما يذهب ماركس, ولا تستند في قوتها إلى قدراتها التنظيمية كما يذهب موسكا وميشلز, ولكنها نتاج لما أطلق عليه “الخصائص الإنسانية الثابتة غير التاريخية, حيث أن باريتو ينطلق مفهومه للنخبة من البناء الفكري لطبيعة الإنسان, وبيئة المجتمع, ففكرته عن البشر أنهم غير متساوين سواء في القوة الجسمانية أو في الذكاء أو الإرادة. وفي هذا الإطار قد ميز باريتو بين النخبة فقسمها إلى فريقين:

  • الأول: نخبة حاكمة Governing Elite وهي التي تلعب دورا كبيرا في عملية الحكم إما بطريق مباشر أو غير مباشر.
  • الثاني: نخبة غير حاكمة Non-Governing Elite تضم الأشخاص المرموقين في ميادين لا صلة له بالعمل السياسي.

الاتجاه الاقتصادي:

يتمثل هذا الاتجاه في كتابات كل من “كارل ماركس” و”بيرنهام”, حيث عبر كارل ماركس في كتابه “الأيدولوجية الألمانية” بأن السياسة تتبع الاقتصاد والدولة هي الأداة التي تحول القوة الاقتصادية إلى قوة سياسية, وبالتالي فالطبقة الحاكمة هي الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج, وهي التي تمارس القوة السياسية عبر مؤسسات الدولة, أما بالنسبة لبيرنهام أكد في كتابه Managerial Revolution أن النظام الرأسمالي سيتحول تدريجيا إلى مجتمع تسيطر عليه نخبة إدارية تتولى شئونه الاقتصادية والسياسية, ومن الجدير بالذكر أن نظرية بيرنهام للنخبة تقوم على المزاوجة بين مفهوم كل من موسكا وميشلز وباريتو.

  • الاتجاه النظامي:

يمثل هذا الاتجاه (رأيت ميلز) الذي يرى أن مكانة النخبة وبناءها لا يتوقفان على مواهب الأفراد, أو خصائصهم السيكولوجية, بل يعود إلى طبيعة الأدورار والصلاحيات التي يباشرونها الأفراد من خلال المنظمات التي تتدرج هرميا من حيث المكانة والسلطة, ولا يخلو منها أي من المجتمعات الحديثة.

ولقد اهتم “ميلز” بتحليل بناء القوة في المجتمع الأمريكي في منتصف هذا القرن, وقد بدا تحليله بانتقاد مفهوم “الطبقة الحاكمة” حيث يرى أنه مصطلح اقتصادي لا يستوعب عمليتي التحكم السياسي والعسكري, والإسهام الذي قدمه ميلز أنه أظهر نخبة القوة وكأنها طبقة حاكمة من نوع جديد([40]).

  • الاتجاه البيئي:

أضاف البعض البعد البيئي هذا البعد باعتبار أن البيئة تلعب دورا أساسيا ومحوريا في تشكيل توجهات الأفراد والجماعات, حيث يقوم هذا الاتجاه على دراسة النخبة في ظل نوع البيئة التي ينشا في ظلها الأفراد التي يحيط بها الإطارين الاجتماعي والاقتصادي, وليس على ضوء المهارات التنظيمية والخصائص النفسية فقط.

وبعد عرض الاتجاهات السابقة لدراسة النخبة, فالتداخل بين هذه الاتجاهات سوف يكون موجودا, وهو الأمر الذي يجعل هذه الاتجاهات المختلفة قد تتكامل فيما بينها لدراسة النخبة, فالنخبة المستندة على عوامل سيكولوجية لا يمكن أن تظهر إلا في وجود مؤسسات أو إطار تنظيمي([41]).

سادسا: اقترابات النخبة:-

هناك أربعة اقترابات من خلالها يمكن تحديد جماعة النخبة في أي مجتمع سياسي, قديما أو حديثا, ديمقراطيا أو غير ديمقراطي وهي:

  • اقتراب الملاحظة التاريخية:

هو أقدم المصادر استخداما ويعتمد على مهارة الباحث في تتبع جماعات النخبة خلال فترة زمنية ممتدة, ومن خلال المصادر التاريخية التي يمكن الرجوع إليها يتم تحديد من يمكن أن يكون من ضمن النخبة.

  • اقتراب المنصب الرسمي:

ينصب هذا الاقتراب على تحديد عدد المناصب الرئيسة في المجتمع التي يعد شاغلوها أعضاء النخبة السياسية, على اعتبار أن أولئك الذين يحتلون المناصب الرسمية في المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأي مجتمع هم أنفسهم أصحاب القوة في ذلك المجتمع, وأن سلطة الفرد مرتبطة بمنصبه في التدرج الرسمي في المجتمع.

وإن كان هناك مأخذ على هذا الاقتراب من حيث أنه وفي كثير من الدول والأنظمة السياسية- خاصة في دول العالم الثالث- يكون هناك أفراد يتولون مناصب, ولكن لا يشاركون فعلا في ترتيب وتوزيع القوة الحقيقية للنظام, وأن هناك أفراد وقوى غير رسمية يكون تأثيرها أكثر فعالية من بعض الأفراد الذين يتولون المناصب الرسمية([42]).

  •  اقتراب صنع القرار:

هذا الاقتراب قائم على مقولة مؤداها أن الأفراد الذين يشاركون في صنع القرار وهؤلاء يمكن أن نطلق عليهم النخبة, فإذا تم معرفة من يشارك في صنع القرارات فذلك يسهل معرفة النخبة.

  • اقتراب السمعة:

يقوم هذا الاقتراب أساسا على افتراض أن من لهم سمعة وشهرتهم واسعة, فهم فعلا ذوي قوة سياسية في المجتمع, وهم أصحاب القوة فيه, فالسمعة تعتعبر أحد مصادر قوة النخبة.

ويتم التعرف على سمعة الشخص من خلال استبيان يتم توزيعه على عينة مختارة من المجتمع ويجب أن تكون هذه العينة ممثلة لجميع فئات المجتمع, من خلال هذا الاستبيان يتم الاستيضاح من الفئة المبحوثة عن وجهة نظرهم في أصحاب النفوذ في المجتمع, وبذلك يمكن معرفة من هم أعضاء النخبة([43]).

سابعا: سمات النخبة:-

هناك مجموعة محددات أساسية يجب معرفتها, والتي من خلالها يمكن معرفة سلوك النخبة واتجاهاتها الفكرية والأيدولوجيةوالطبقة وبالتالي مواقفها السياسية ومن هنا يتم تناول هذه المحددات (السمات)كالتالي:

  • الخلفية:

أي الخلفية الاجتماعية, والسياسية, والجغرافية, والمهنية, والعمرية, والنوع, والتي ينحدر منها أعضاء النخبة.

  • السلوك السياسي الاجتماعي:

وهي تلك الأفعال التي يباشرونها فعلا في حياتهم السياسية والاجتماعية, والمواقف التي يتخذونها نحو القضايا السياسية والاجتماعية, سواء ظهر هذا السلوك في إطار الجماعة أو منفردا, ومن الأمثال التطبيقية لدراسة السلوك السياسي والاجتماعي للنخبة, لدراسة التي قاما بها الكاتبان “فيليكسإم كيسنج” و”ماري إم كيسنج” حول اتصال النخبة بالبيئة المحيطة به.

  •  نظرتهم لأنفسهم ولمن حولهم:

ويتم ذلك من خلال تحليل مضمون خطاباتهم أو مقابلتهم, بهدف التعرف على رؤاهم حول بعض القضايا أو الإشكاليات المتداولة على الساحة التي تكون محط أنظار المجتمع([44]).

ثامنا: القضايا التي يثيرها مفهوم النخبة:-

–  دوران النخبة: يقصد به تغير أو تبديل في تولي الأفراد أو جماعات من الأفراد في مواقع القوة, ويشير “باريتو” إلى تحول فيقوةالطبقاتالاجتماعيةوالاقتصادية. فقد قام باريتو بتقسيم المجتمع إلى شريحتينعليا ودنيا مع ملاحظة أن انقسام المجتمع إلى شريحتين على هذا النحو لا يعني أن الانتقال صعودا وهبوطا من إحداهما إلى الأخرى غير ممكن أو صعب الحدوث تماما, ولكن قصارى ما يعنيه أن هذا الانتقال إنما يتوقف بشكل أساسي على وضعية الظروف الخاصة بالمجتمع والأفراد .

– التجنيد السياسي: يقصد به العملية التي بموجبها يتم إلحاق الأفراد بالأدوار السياسية النشطة. ويرى “سيلجمان” أنه في كل نظام سياسي توجد أدوار متعددة, ويشير تجنيد النخبة إلى العملية التي بها إحلال وشغل هذه الأدوار عن طريق تنشئة وإعداد الأشخاص من مختلف البيئات والطبقات والثقافات والعقائد والانتماءات العرقية ووضعهم في أدوار متخصصة في النظام.– الثقافة السياسية للنخبة: هي مجموعة من الاتجاهات والأحسايس التي تعطي العمليات السياسية معناها كما أنها هي التي تمدنا بالقواعد والفروض الإجرائية السياسية. ومفهوم الثقافة السياسية مفهوم تهتم به الحكومات المختلفة من أجل ثقافة سياسية لدى المواطنين لما لهذه من قدرة على جمع شمل جماهير الشعب وطوائفه المختلفة المتباينة الأفكار والمذاهب([45]).

المبحث الثاني

التعريف بمفهوم التحول الديمقراطي

من أجل الوصول إلى فهم أكثر دقة ووضوحا لمفهوم التحول الديمقراطي ينبغي التمييز بينه وبين بعض المفاهيم التي ترتبط به, حيث تم الخلط بين التحول الديمقراطي والديمقراطية.

فمفهوم الديمقراطية يرتبط ارتباط وثيقا بمفهوم التحول الديمقراطي وذلك؛ لأن الديمقراطية تعتبر غاية التحول الديمقراطي, فعملية التحول الديمقراطي ليست غاية في حد ذاتها, بل وسيلة لتحقيق الديمقراطية وترسيخها([46])  .                                         الديمقراطية مفهوم شهد دلالات مختلفة بدءا من الفكر اليوناني القديم, الذي اعتبرها نظاما يساوي بين الناس من خلال تعزيز مبدأ الحرية والمشاركة, وقد عرفها أرسطو بأنها السبيل لتوفير أسباب السعادة واعتبر أن الحرية الفردية هي ركيزة الديمقراطية والبعض يعتبرها قائمة على العقد الاجتماعي, أما البعض الآخر اعتبر حرية الرأي, حرية العبادة, حرية التملك والحرية الشخصية([47]).

أولا: مفهوم الديمقراطية:-

مفهوم الديمقراطية هو مفهوم واسع الانتشار منذ أقدم العصور, فنجد أنه لايوجد نظام حكم لا يعتبر الديمقراطية من سماته وخصائصه الرئيسية, فالديمقراطية تتكون من مقطعين يونانيين هما “Demos” أي الشعب, و “Kratia”بمعنى حكم, وبالتالي فإن الديمقراطية تعني ” حكم الشعب ” كله, وليس مجرد فئة أو طبقة أو قطاع من هذا الشعب([48]) .

تعرف الديمقراطية بأنها “النظام السياسي الذي في إطاره تصبح إرادة الشعب هي قانون الدولة أو نظامها القانوني”. كما يتوافق في نفس الوقت مع النظريات الاجتماعية الحديثة التي تعتبر الديمقراطية بمثابة تجميع لتفضيلات الأفراد في قرار الجماعة. كما تعرف بأنها نسق سياسي يتيح فرصا دستورية منتظمة لتغيير المسئولين الحكوميين, كما يتيح آلية اجتماعية تسمح لأكبر عدد ممكن من الشعب بالتأثير في القرارات الرئيسية عبر الاختيار من بين المتنافسين على المناصب السياسية([49]).

كما أن الديمقراطية تعد وسيلة اجرائية يتم من خلالها تداول السلطة, فقد عرفها إبراهام لنكولن بأنها هى “حكم الشعب بالشعب وإلى الشعب” وعرفها جورج بيروا على أنها “فلسفة, وطريقة, وحياة, ودين, وهي الحكم التي يتضمن الحرية في الحياة السياسية كما قد عرفها ليسلي لييبسون بقوله إن الديمقراطية” هي نظام سياسي يترك سلطة زعمائها أبدا تحت المراقبة, وقيد الإشراف مع إفساح المجال لعبقرية الفرد السياسية للتعبير عن ذاتها”. كما قد عرفها شومبيتر “إن الديمقراطية هي التدابير المؤسسية التي تتخذ من أجل التوصل إلى القرارات السياسية والتي يكتسب من خلالها الأفراد سلطة واتخاذ القرار والتنافس على الأصوات([50]).

وقد عرفها برهان غليون تعريف أكثر شمولا بأنها “معركة اجتماعية وسياسية من أجل تعديلات بناءة في طبيعة الدولة والمجتمع معا”. كما قد عرفها فرنسيس فوكوياما بأنها “هي الحق المعترف به من الجميع لكافة المواطنين في أن يكون لهم نصيب في السلطة السياسية, أي الحق لكافة المواطنين في اختراع النظام السياسي والمشاركة فيه”.

كما قد حث الإسلام على الديمقراطية وعلى المشاركة في الحكم, وقد جعل الإسلام الشورى أساسا من أسس الدولة ويقول محمد عبده “إن مصطلح المصلحة عند المسلمين يقابل المنفعة عند الغربيين وإن الشورى تقابل الديمقراطية, وإن الاجتماع يقابل رأي الأغلبية”, كما يقول د.يوسف القرضاوي عن الديمقراطية والشورى “كل المبادىء والقيم التي قامت عليها الديمقراطية من الحرية والكرامة ورعاية حقوق الإنسان: هي مبادىء إسلامية يعتبرونها هم حقوقا, وهي عندنا فرائض فما يعتبر الديمقراطية حقا يعتبر في الإسلام فرضا”([51]).

كما قد عرفها صمويل هنتجتون إلى أن الديمقراطية كشكل للحكومة يعود إلى الفلاسفة اليونان إلا أن استخدامها الحديث يعود إلى فترة التطورات الثورية في المجتمع الغربي في نهايات القرن 18. وفي أواسط القرن العشرين, تبلور النقاش حول معنى الديمقراطية في ثلاثة اقترابات, هي تعريف الديمقراطية كشكل للحكومة, تعريف الديمقراطية على أنها مصدر سلطة الحكومة, ثم تعريف الديمقراطية من منظور الإجراءات التي تأخذ بها من أجل تأسيس هيئاتها([52]).

ثانيا: التحول الديمقراطي:-

أولا: مفهوم التحول الديمقراطي:-

تعرضت أدبيات عديدة لمفهوم التحول الديمقراطي وذلك باعتباره أحد أهم المفاهيم التي ظهرت على الساحة الفكرية, حيث أصبح موضوع التحول الديمقراطي من المواضيع الحديثة التي لقت اهتماما كبيرا من الباحثين والمفكرين السياسيين.

يتكون هذا المفهوم من شقين “التحول” و “الديمقراطية” ولقد تناولنا مفهوم الديمقراطية,  يشير لفظ التحول إلى التغير والتنقل فيقال حول الشىء إلى غيره, أو نقله من حال إلى آخر, وفي الإنجليزية كلمة التحول تقابلها كلمة transition وتعني المرور أو الانتقال من حالة معينة أو مرحلة إلى حالة أو مرحلة أخرى وعملية التحول تتعلق بالوقت, وهو يمثل الفترة من الوقت وبين أسلوب حكم آخر([53]).

التحول الديمقراطي بالمعنى اللفظي المرحلة الانتقالية, بين نظام غير ديمقراطي, ونظام ديمقراطي, فالنظام السياسي الذي يشهد تحولا ديمقراطيا يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي([54]).

فالتحول الديمقراطي هي عملية الانتقال إلى نظام يأخذ بالتعددية السياسية ويعترف بوجود معارضة للنظام الحاكم ويكفل هذا النظام حرية الرأي والتعبير ويؤمن بالمشاركة الشعبية وتغيير الحكومة بطرق سلمية من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة([55]).

كما تم تعريف التحول الديمقراطي بأنها عملية تدريجية, قد تتحول إليها المجتمعات عن طريق تعديل المؤسسات السياسية, بالإضافة إلى اتجاهات هذه المؤسسات وذلك عن طريق إجراءات ترتبط بطبيعة الأحزاب السياسية وبنية السلطة التشريعية و نمط الثقافة السياسية و شرعية السلطة السياسية([56]).

لقد عرف Schmitter  “Democratization”أو “التحول إلى الديمقراطية “بأنها عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواء في مؤسسات لم تطبق من قبل أو تطبيقها على أفراد أو امتدادها لموضوعات لم تشملها من قبل بما يشمل ذلك من حرية الانتخابات والمحاسبة السياسية, حيث إنها يتم اتخاذ إجراءات للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر”([57]).

كما قد عرف برهان غليون التحول الديمقراطي بأنه العمل على امتصاص التناقضات الكبرى والعنيفة, وتخفيف درجة التوتر العالي الذي لايكمن احتماله ويهدد المسيرة الديمقراطية قبل أن تبدأ, أما التعريف الذي قدمه”Etel Solingen”  فيعرف التحول الديمقراطي بأنه حركة النظام السياسي تجاه الأخذ بالإجراءات التالية: نواب منتخبين عبر انتخابات حرة ونزيهة, حق تولي المناصب العامة والوصول إلى السلطة, حرية التعبير وتوافر مصادر بديلة للمعلومات مدعومة قانونيا, واستقلالية مؤسسية([58]).

ولقد ذهبت مؤسسة “كارتر” في الولايات المتحدة إلى تعريف التحول الديمقراطي على أنه إجراء الانتخابات الحرة, الانتخابات التنافسية متعددة الأحزاب, كما قد عرف “جون جروجل” التحول الديمقراطي بأنه له تعريف أضيق وتعريف أوسع وحسب التعريف الأضيق فإنه يعتمد على الانتخابات النزيهة وتطبيق المعايير الأساسية التي تجعلها ممكنة مثل التنافس بين حزبين اتنين على الأقل, ونظام الاقتراع العام بينما التعريف الأوسع يشمل ما سبق بالإضافة إلى توفير واحترام حقوق فردية ليبرالية, واحترام جميع الحريات, وخلق نظام متعدد القوى([59]).

وهناك دراسات عدة حاولت قياس درجة التحول الديمقراطي بشكل إجرائي والتي يمكن خلالها تحديد وجود تحول ديمقراطي في مجتمع ما بناء على عدة معايير أهمها:

-1- المشاركة الجماهيرية في الحكم عبر الانتخابات.

  • المنافسة الحرة بين المرشحين.
  • حماية الحريات السياسية والمدنية([60]) .
  • الابتعاد عن نمط الحكم السلطويوالتوجه نحو نمط الحكم الديمقراطي.
  • سيادة القانون وخضوع الحكام والمحكومين لسلطة القانون دون تمييز.
  • إعادة تصميم الهيكل المؤسسي للدولة, والإصلاح البرلماني والقضائي, الفصل بين السلطات والتوازن بينهما([61]).

عملية التحول الديمقراطي تتسم بعدد من السمات ولعل أهمها هي:-

  • أنها عملية معقدة للغاية .
  • أن عملية التحول الديمقراطي تتسم بعدم التأكد, كما تتضمن مخاطر الارتداد مرة أخرى إلى النظام السلطوي.

3- تمر عملية التحول الديمقراطي بمرحلتين نوعيتين, تتمثلان في مرحلة التحول إلى الليبرالية ثم مرحلة التحول إلى الديمقراطية([62]).

ثانيا: أنماط التحول الديمقراطي:-

يقصد بأنماط التحول الديمقراطي هي المسارات التي تتخذها للوصول إلى الديمقراطية, كما يعكس كل نمط من أنماط التحول حقيقة علاقات القوى السائدة في الدولة قي فترة التحول, والأزمات والضغوط التي تدفع بالمعارضة للمطالبة بتغيير الأوضاع.

وهناك أربعة أنماط من التحول الديمقراطي وهي تتمثل فيما يلي:

1- نمط التحول من أعلى Transformation : في هذا النمط تتم عملية الانتقال الديمقراطي بمبادرة من داخل النظام السلطوي, ودون تدخل من جهات أخرى, سواء كانت قوى المعارضة أو المجتمع ككل([63]), وفي أحسن الأحوال, تتمثل النتيجة الأكثر احتمالا لهذا الشكل من التحول الديمقراطي في قيام ديمقراطية محدودة تتميز باستمرار الهيمنة السياسية لعدد صغير نسبيا من النخب, ولقد كان هذا النمط الغالب لعمليات الانتقال الديمقراطي في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية([64]).

ويرى “صامويل هانتنجون” أن هذا النمط يرتبط بظهور قادة إصلاحيين لديهم ميول إلى الإصلاح السياسي فهم مؤمنين بالتحرك تجاه الديمقراطية, ولكن غالبا ما تكون مبادرة القيادة تجاه التحول الديمقراطي غير حقيقية, فيكون هناك نوع من المراوغة والخدعة السياسية, ونجد في بعض الأحيان أن القيادة تقوم ببعض الإصلاحات الديمقراطية؛ وذلك لامتصاص السخط وعدم الرضاء الشعبي ومثال على ذلك النمط تعتبر تونس سواء في عهد الرئيس بورقيبة أو في عهد الرئيس بن علي.

  • التحول من خلال التفاوض:

في هذا النمط يحدث التحول نتيجة التفاوض أو رضاء مشترك بين الحكومة والمعارضة, حيث ينخرط النظام السلطوي في حوار مع القوى السياسية والاجتماعية المختلفة, وذلك رغبة في وضع أسس مشتركة؛ لإنهاء النظام السلطوي وإقامة نظام ديمقراطي بديل([65]).

وتختلف أسباب اتباع هذا النمط من حالة إلى أخرى إلا أن بعض السمات العامة المشتركة بين الحالات التي حصرها “صامويلهانتنجون” من بين 35 حالة من حالات التحول الديمقراطي خلال عقدي السبعينات والثمانينات شهدت إجراء مفاوضات على قرار هذا النمط وتمثلت الأسباب :-  

  • فقدان النظام القائم للشرعية.
  • انهيار الأيدولوجية القائم عليها.
  • تردي الأوضاع الاقتصادية مما يؤدي إلى فشل النظام في تلبية الحد الأدنى من المطالب والاحتياجات للشعب.
  • ضغوط خارجية على النظام سواء كانت معونات عسكرية أو مساعدات اقتصادية.
  • عجز القوى السياسية على الإطاحة بالنظام القائم واستبداله بنظام آخر.

فهذه الأسباب تدفع النظام نحو القبول بالدخول في مفاوضات مع القوى المعارضة والمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية([66]).

ودائما ما يشهد هذا النمط حالة اتفاق تضمن تحقيق مصالح أطراف العملية التفاوضية, بمعنى أن يتخلى النظام عن مجموعة من القيودات التي يفرضها على الحريات وحقوق الأفراد, ومن الضروري في هذا النمط ألا تتعارض مواقع النخب المهيمنة في النظام التسلطي, كذلك من المهم أيضا لضمان الاستقرار السياسي بعد المرحلة الانتقالية دمج النخب ضمن المؤسسات الديمقراطية الفعالة التي لا تهدد مصالح هذه النخب([67]).

  • نمط التحول من خلال الشعب (من أسفل) Replacement :يعد هذا النمط أكثر الأنماط اتساما بالعنف, وفي هذا النمط يكون التحول الديمقراطي مفروضا من الشعب بعد صراعات عنيفة مع السلطة, وغالبا ما يكون استجابة لضغوط اجتماعية وأزمات اقتصادية قوية حادة, حيث بدأت قوى النظام تفقد قوتها وتفقد مصداقيتها وشعبيتها على المستوى الاجتماعي في ظل قوة المعارضة, ومن خلال التأييد الشعبي الذي ضاق بالنظام مع إخفاقه في تحقيق الحد الأدنى من احتياجات ومطالب الشعب, مما أدى إلى إحلال قوى المعارضة محل النظام القائم وهو ما يطلق عليه “صامويلهانتنجون” نمط الإحلال([68]).
  • 4- نمط التدخل الأجنبي(foreign intervention) :

يحدث هذا النمط نتيجة تداخلات وضغوط من أطراف أجنبية, بالإضافة إلى الشكل العسكري للتدخل, فقد كان نفوذ الدول والمؤسسات الدولية المانحة للإعانات الاقتصادية قويا ومؤثرا في قرارات التحول الديمقراطي في بعض النظم التسلطية الفقيرة, حيث تم وضع سياسات وبرامج اقتصادية متوافقة مع نظام السوق والليبرالية الاقتصادية([69]).

غير أن الفاعلين الخارجين, مهما بلغت درجة تأثيرهم ومدى قوتهم الاقتصادية والعسكرية والسياسية لا يستطيعون فرض خياراتهم السياسية لمدى طويل على بلاد لا ترغب في ذلك, فقد يؤدي التدخل الأجنبي إلى تغيير التوازن لصالح عملية الديمقراطية غير أن الديمقراطية لكي تترسخ تستلزم عدة شروط محددة.

إن القوى والأدوات الرئيسية للتحول الديمقراطي الذي شهدته دول مختلفة في العالم, كانت في بعض الأحيان داخلية, وكانت في حالات أخرى خارجية, في حين كانت مزيجا بين الجانبين في حالات ثالثة([70]).

ثالثا:عوامل التحول الديمقراطي:-

يمكن تقسيم عوامل التحول الديمقراطي إلى عوامل داخلية وعوامل إقليمية وعوامل خارجية, علما بأن موجات التحول الديمقراطي قد نمت في إطار تداخل وتشابك شديد الترابط بين كل من العوامل الداخلية والإقليمية والخارجية.

أولا:العوامل الداخلية للتحول الديمقراطي:-

  • انهيار شرعية النظام التسلطي

  إذا فقد النظام السياسي شرعيته لم يعد هناك ما يبرر بقاءه؛ لأنه في غياب هذه الشرعية لن يستطيع النظام الصمود طويلا, ويكون أحد العوامل المسئولة عن انهيار النظم السلطوية هو استنفاد هذه النظم الغرض الذي قامت من أجله([71]).

وهناك الكثير من الأسباب التي يؤدي توافرها أو بعضها إلى أزمة في شرعية النظام مما يسهم في إحداث التحول الديمقراطي لتجاوز هذه الأزمة ومنها:-

  • قد تكون أزمة الشرعية في أساسها دستورية؛ حيث تكون المؤسسات السياسية أو من يشغلونها لا يحظون بالرضا أو القبول العام.
  • ضعف دور ومكانة البرلمان في النظام السياسي.
  • عدم تمثيل النظام السياسي لمختلف قيم ومصالح المجتمع؛ فالتمييز الذي قد يمارس ضد جماعة معينة يكون سببا في عدم قبول تلك الجماعة للنظام وبالتالي تزداد فرص عدم استقرار النظام السياسي.
  • التغير في القيم الاجتماعية التي تصبح أقل تقبلا للحكم التسلطي, أي لم يعد مقبولا ما كان مقبولا من قبل([72]).

وفي ظل تآكل شرعية الأنظمة السلطوية نجد هذه الأنظمة تحاول مواجهة ذلك, حيث تتصرفبواحدة من طرق خمس:-

1- يمكن أن ترفض الاعتراف بضعفها المتزايد على أمل استعادة قوتها في السلطة.

2- يحاول النظام السلطوي أن يبقى في السلطة بزيادة القمع وكبت الحريات للأفراد.

3- إثارة نزاع خارجي والسعي لاستعادة الشرعية بالاستناد إلى النزعة الوطنية.

4- محاولة إقامة صورة باهتة من الشرعية الديمقراطية للنظام السلطوي([73]).

2-دور القيادة السياسية:

تعد القيادة السياسية من أهم العوامل التي تدفع لاتخاذ أوعدم الاتخاذ بالقرار للتحول الديمقراطي وكذلك في نجاح أو فشل التحول الديمقراطي, حيث أن عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلى قيادة لديها القدرة والجرأة التي تتمكن من مواجهة المعارضين وتوسيع نطاق المشاركة في عملية صنع القرار,ووفقا “صامويلهانتنجون” فإن هناك عدة عوامل تساعد على انتشار الديمقراطية والتي من بينها دور القيادة السياسية, واعتبر أنه لايمكن قياس أهمية عامل القيادة دون النظر إلى البيئة الثقافية المحيطة, ويؤكد كلمن “لارى دياموند” , “جون لينز” و” مارتن ليبست” على الدور الحاسم للقيادة التي تتسم بالكفاءة والالتزام بالديمقراطية في المبادرة إلى إدخال إصلاح سياسي على النظام السلطوي([74]).

وبعد انحسار ظاهرة وجود الزعامات الكاريزمية في مجتمعات العالم الثالث ذات الأنظمة السلطوية من أحد أهم أسباب تحول العديد من تلك النظم نحو الديمقراطية, حيث من الزعامات الكاريزمية دائما ما يرتبط ظهورها بأوقات الأزمات الحادة أو عند حدوث تغيرات اجتماعية وسياسية جذرية كالثورات والانقلابات العسكرية التي أخذت على عاتقها التقدم والدفاع عن البلاد في مواجهة القوى الخارجية وهو ما ينطبق بالفعل على النظام التونسي سواء مع بداية عهد الرئيس بورقيبة, حيث التخلص من الاستعمار الفرنسي والبدء في تنمية وتحديثالبلاد, أو في عهد الرئيس زين العابدين بن علي, حيث إخراج البلاد من حالة الانسداد والأزمة التي دخلت فيها أواخر عهد الرئيس([75]).

أما عن الأسباب التي تجعل قادة النظم السلطوية يتجهون نحو تأييد الخيار الديمقراطي, فتتمثل في الأسباب الآتية: 

  • تردي الشرعية السياسية للنظم.
  • إدراك القيادة بأن تكاليف بقاءها في السلطة مرتفعة للغاية.
  • اعتقاد القادة بأن التحول الديمقراطي سوف ينجم عنه اكتسابهم العديد من المنافع مثل زيادة الشرعية الدولية, والتخفيف من العقوبات التي تفرضها الدول المانحة على دولتهم, وفتح باب المساعدات الاقتصادية والعسكرية والحصول على القروض من صندوق النقد الدولي.

4- استنفد مبررات وجوده ولم يعد قادرا على مواجهة احتياجات المجتمعأو الضغوط الداخلية والخارجية([76]).

  • المجتمع المدني:

لقد تزايد الاهتمام بمفهوم المجتمع المدني مع تزايد الاهتمام الأكاديمي بمفهوم الديمقراطية والتحول الديمقراطي, حيث شغل المجتمع المدني حيزا كبيرا في هذا الإطار باعتباره من أكثر العوامل تأثيرا في عمليات التحول الديمقراطي.

يعرف المجتمع المدني بأنه قطاع من المواطنين الذين يعملون بصورة جماعية أو تطوعية في مجال من المجالات الاجتماعية أو أكثر بهدف التعبير عن أفكار ومصالح مشتركة,وبفضل ثورة الاتصالات التي يشهدها العالم أصبح للمجتمع المدني دور وقوة لا يستهان بها في مواجهة النظم الاستبدادية([77]), في حين عرف “والزر” المجتمع المدني بوصفه الفضاء بين الدولة والفرد, والذي تشغله الروابط والتجمعات التي تنوب عن الفرد والجماعة,كما قد قدمه “جون هول” على أنه قيمة اجتماعية ومجموعة من المؤسسات الاجتماعية في نفس الوقت([78]).

يشكل المجتمع المدني بمؤسساته وهيئاته المختلفة حائلا أمام احتمال عودة النظام التسلطي وعاملا حيويا في تعزيز التحول نحو الديمقراطية وهو ما أكدته تجارب دول عديدة في مناطق مختلفة من العالم, بفضل الضغوط التي تمارسها منظمات المجتمع المدني , لإعادة قواعد اللعبة السياسية بإتجاه تصحيح آليات ممارسة إدارة العملية السياسية([79]).    ومن ثم يمكن القول, أن وجود أو نمو المجتمع المدني يلعب دورا هاما في تدعيم وترسيخ المبادىء الديمقراطية, وعادة لا تهدف قوى المجتمع المدني إلى الاستيلاء على السلطة, ولكن يمكن أن تساهم في ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر وذلك لصالح قوى أخرى تهدف لذلك([80])

.4-العوامل الاقتصادية:

يعد العامل الاقتصادي أحد المحددات المحورية في التحول نحو الديمقراطية, حيث إن العلاقة بين النمو الاقتصادي والديمقراطية تتسم بالتعقيد فإن احتمالات فشل الإصلاح تكون أكبر وتزيد في حالة إذا بدأت الدولة عمليتي الإصلاح السياسي والاقتصادي بشكل متزامن وذلك؛ لأن المشاكل التي تواجهها الدولة تكون أكبر([81]), ولقد اشار “هانتجتون” إلى أسبقية التطور الاقتصادي لإمكانية تحقيق الديمقراطية, بينما اشترط “بارينتون مور” وجود طبقة برجوازية لوجود الديمقراطية, بينما نجد أن “سيمور مارتن ليست” تحدث عن العلاقة بين التنمية الاقتصادية والديمقراطية السياسية حيث أشار أنه كلما تزايدت قدرة الدولة ونموها الاقتصادي كلما كانت فرصتها في تدعيم الديمقراطية أكبر, إلا أن “فرانسيس فوكوياما” أن الديمقراطية عملية سياسية وغير مرتبطة بالاقتصاد, مشيرا إلى تجربة النمور الآسيوية, حيث قد حققت معدلات تنمية اقتصادية عالية في حين أن أنها لا تشهد إصلاحات ديمقراطية إلا في مرحلة لاحقة بل ومتأخرة على التنمية الاقتصادية.

مما يعني أن العلاقة بين التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي إنما هي قضية خلافية([82]).5- لجوء الدول للحكم العسكري:

تهدف أغلب الانقلابات أو محاولات الانقلابات إلى تغيير النخبة أو منع حدوث تغيرات اقتصادية أو اجتماعية تضر بمصالحها, والقليل منها فحسب يهدف لإدخال تحولات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كبيرة.وتختلف نتائج التحول من النظام العسكري التسلطي للحكم الديمقراطي فقد تؤدي إلى العودة للسلطة المدنية وظهور تحالف ديمقراطي منتخب, وقد تؤدي لاستمرارية الحكم العسكري مع إدخال بعض الإصلاحات الديمقراطية لضمان الاستمرار في السلطة أو قد يحدث تراجع عن التحول الديمقراطي والعودة للحكم العسكري أو قد يحدث انهيار الدولة المركزية القائمة وظهور كيانات جديدة([83]).

6-مركزية العامل الثقافي:

هناك ثلاثة متغيرات ثقافية تؤثر في إنضاج التحول الديمقراطي في بلد ما, على النحو التالي: التراكم التاريخي لسنوات من الديمقراطية السابقة, فكلما طال أمد خبرة سابقة مع شكل من أشكال الديمقراطية , ازداد احتمال نجاح الاستراتيجية المتبعة. التجانس الديني كلما كان المجتمع يتسم بوجود دين واحد له الهيمنة ازداد النجاح والتأثير في ذات المجموعة. التجانس العرقي واللغوي فكلما زاد تجانس المجتمع عرقيا ولغويا, ازدادت قدرة هذه العوامل على النجاح([84]).

ثانيا:العوامل الإقليمية:-

  • ظاهرة الانتشار أو العدوى:

قد تنتقل الأحداث المحلية ومنها التحولات الديمقراطية من دولة إلى أخرى عن ظاهرة الانتشار أو العدوى, فنجاح التحول الديمقراطي في دولة ما يشجع دولة أخرى على القيام بعملية التحول الديمقراطي, سواء لتشابه المشاكل التي تواجههم أو للاعتقاد بأن نجاح التحول الديمقراطي يوفر الحل لهذه المشاكل, وقد أطلق “صامويل هانتجتون” على ظاهرة العدوى أو الانتشار ظاهرة (كرات الثلج) التي تتزايد حجما كلما تدحرجت من أعلى إلى أسفل([85]).

وقد ازدادت أهمية ظاهرة الانتشار أو العدوى مع ثورة الاتصالات, بعد الحرب العالمية الثانية, التي جعلت العالم بمثابة قرية صغيرة, وبالتالي قد أصبح على الحكومات السلطوية السيطرة على تدفق المعلومات من العالم الخارجي.

إن ظاهرة الانتشار أو العدوى قد ساعدت على نشر الوعي بطرق الحياة الديمقراطية وكشف زيف الديمقراطية في النظم السلطوية([86]).

  • الحرب أو التدخل الخارجي:

قد تؤدي الهزيمة في الحرب أو وقوع الدولة فريسة للاحتلال إلى عدم رضا داخلي وإلى مطالبة الشعب بتغيير الحكام. وأن التدخل أو الغزو الخارجي من قبل قوى ديمقراطية تفرض الحكم الديمقراطي كبديل للنظام السلطوي القائم وهو ما يتضمن محاولة هذه القوى القضاء على جميع مؤسسات النظام السلطوي وإتاحة الفرصة لظهور نظام ديمقراطي([87])

.ثالثا:العوامل الخارجية:-

إضافة إلى الأسباب الداخلية للتحول الديمقراطي هناك أيضا أسباب خارجية تؤثر في اتجاه إيجابي نحو إجراء تحولات ديمقراطية في تلك الأنظمة التي لم تأخذ بعد بالديمقراطية, وتمثل العوامل الخارجية مجموعة المتغيرات السياسية والاقتصادية والأيدولوجية التي تنبع من المجتمع الدولي وتدفع في اتجاه التحول نحو الديمقراطية.                                                                      1- ضغوط الدول الكبرى والمنظمات الدولية:

تمارس الدول الكبرى, خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي, دورا قويا في الدفع نحو التحول الديمقراطي.

– دور الولايات المتحدة الأمريكية: 

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أهم القوى التي تؤيد عملية التحول الديمقراطي, فالولايات المتحدة تتخذ دعم الديمقراطية كهدف لتحقيق مصالحها وتدعيم نفوذها, فكثيرا ما يتم استخدام هدف دعم الديمقراطية للضغط على نظم بعينها تصنف على أنها معادية للولايات المتحدة, بينما يتم غض الطرف عن النظم السلطوية الصديقة لها. وفي إطار دعم الولايات المتحدة للديمقراطية أنشأت إدارات خاصة تابعة لوزارة الخارجية؛ للإضطلاع بمهمة دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه الإدارات لديها قناعة بأن دعم الديمقراطية يساعد على خلق بيئة أكثر أمانا وازدهارا([88]).

– دور الاتحاد الأوروبي:

يساهم الاتحاد الأوروبي بشكل واضح في مجال دعم الديمقراطية وتشجيع التحول الديمقراطي في مناطق عديدة من العالم. وفي هذا الإطار يهدف الاتحاد الأوروبي, كفاعل دولي مهم وكأكبر المانحين الدوليين, إلى تشجيع الديمقراطية من خلال دعم فعالية الحكومات والبرلمانات والمؤسسات الرسمية الأخرى والفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني وتشجيع الحكم الديمقراطي, واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والحد من الفقر وتحقيق المساواة([89])

– دور المنظمات الدولية:

تمارسالمنظمات الدولية, وفي مقدمتها الأمم المتحدة, دورا واضحا في دفع التحول الديمقراطي, عبر برامج دعم الديمقراطية والحكم الديمقراطي, وتقوم الأمم المتحدة بالعديد من الأنشطة, كالوساطة السياسية, والانتخابات, وإرساء الحكم على المبادىء الدولية لحقوق الإنسان, والعمل على مكافحة الفقر, وتحقيق المساواة بين الجنسين([90]).

كما أنالبنكالدولي وصندوق النقد الدولي قد ربطوا المساعدات المالية بالإصلاحات السياسية, ورغم أن ميثاق البنك الدولي يمنعه من اتخاذ قرارات سياسية أو التدخل في الشؤون السياسية للدول الأعضاء, ومع ذلك ينخرط البنك الدولي في العديد من أنشطة دعم الحكم الديمقراطي, فضلا عن المنظمات غير الحكومية والحكومية لهم دور في حفز عملية التحول الديمقراطي([91]).

2-تأثير العولمة:

تمارس التغيرات المرتبطة بالعولمة تأثيرا كبيرا على التحول الديمقراطي, حيث ترتبط المظاهر السياسية والاقتصادية والثقافية للعولمة بشكل قوي بالتحول الديمقراطي([92]).

فالعولمة تؤثر تأثيرا قويا في تحفيز التحول الديمقراطي من خلال ضغوطها الاقتصادية, وتدعيمها لنفوذ المؤسسات الدولية الضاغطة بدورها من أجل الديمقراطية, الأمر الذي يزيد الضغوط على النظم السلطوية, زيادةاحتمالية تعاطف الرأي العام العالمي مع مطالب الشعوب بالديمقراطية([93]) .

3-عولمة قضايا حقوق الإنسان: 

فقد تزايد الوعي بمفهوم المواطنة والمطالبة من حقوق وواجبات, ويرجع ذلك إلى انتشار التعليم, وسهولة المعرفة وهذا جعل المواطنين يقارنوا بين أوضاعهم وأوضاع الآخرين في الدول الديمقراطية وهذا أدى إلى شعور عدم الرضا والانتقاد بصوت عالي([94]).

رابعا:مراحل التحول الديمقراطي:-

إن عملية التحول الديمقراطي عملية معقدة تمر بأربع مراحل للوصول إلى حكم ديمقراطي وتتمثل هذه المراحل في:

المرحلة الأولى: مرحلة القضاء على النظام السلطوي

هي الفترة الزمنية التي تمر بين الانتقال من النظام السلطوي إلى النظام الديمقراطي, حيث يشهد المجتمع خلالها العديد من الصراعات بهدف إرضاء مصالح من يقودون عملية التحول وتحديد قواعد اللعبة السياسية([95]).

المرحلة الثانية: أخذ قرار بالتحول أو إقامة النظام الديمقراطي:

هي مرحلة خطيرة في عملية التحول الديمقراطي نظرا لازدياد خطر الارتداد فيها إلى الحكم السلطوي. فهناك دول حققت استقرارا من خلال التحول الديمقراطي ودول أخرى عانت من عدم الاستقرار بسبب التحول الديمقراطي في الجزائر([96]).

المرحلة الثالثة: الترسيخ الديمقراطي:  

يعرف “دياموند” بأنه عملية تحقيق الشرعية العميقة الواسعة, بمعنى إيمان كافة الفاعلين السياسيين الرئيسيين على مستوى النخبة والجماهير بأن النظام الديمقراطي هو النظام الأمثل للمجتمع مقارنة بأي بديل واقعي آخر, حيث ينبغي على اللاعبين السياسيين أن يدركوا أن الديمقراطية بما تنطوي عليه من إجراءات وقوانين ومؤسسات هي اللعبة الوحيدة في البلدة([97]).

المرحلة الرابعة:النضج الديمقراطي:

وهي أعلى مراحل التحول الديمقراطي, حيث تتضمن عمليتين مستقلتين, ولكنهما مترابطتان, وهما الديمقراطية الاجتماعية والديمقراطية الاقتصادية, ويقصد بالديمقراطية الاجتماعية يجب أن يكون المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات, أما الديمقراطية الاقتصادية فهي ترتكز على امتلاك المواطنين الحد الأدنى من مصادر الاستقلال الاقتصادي, وذلك من خلال تأمين حقوقهم الاقتصادية([98]), تهدف هذه المرحلة إلى تحسين الأداء وزيادة قدرة المواطنين على المشاركة السياسية وتحقيق الرفاهية([99]).

خامسا: مؤشرات التحول الديمقراطي:-

حدد “صمويل هنتجتون” و”كينث بولن” عدة مؤشرات للتحول الديمقراطي:

  • حرية ونزاهة العملية الانتخابية:

لا يمكن الحديث عن وجود تحول ديمقراطي بدون وجود انتخابات حرة ونزيهة تتسم بقدر عال من الشفافية تضمن بفرص متساوية لأي تيار الوصول إلى السلطة ويتمكن من خلالها المواطنون ممارسة حق الاختيار بحرية كاملة([100]).

  • البنية المؤسسية للدولة:

الديمقراطية بحكم التعريف لا تقوم بدون مؤسسات قوية تدعمها, فمستوى المؤسسية في المجتمع يعد معيارا أساسيا للديمقراطية وأنه بغياب تلك المؤسسات لا يمكن الوصول إلى ديمقراطية حقيقيةFull Democracy[101], تلك المؤسسات تلغي الاعتبارات الشخصية, أو القبلية أو العصبية, فهي تتجنب ما يعرف بظاهرة “شخصنة السلطة” , بالإضافة إلى تغليب الدور الرقابي للمصلحة العامة والحد من ظاهرة الفساد, وهذه المؤسسات تسمح للأفراد بالمشاركة السياسية والمشاركة في صنع القرار فيما يطلق عليه “هندسة المؤسسات”([102]).

  • حرية الرأي والصحافة: حرية الصحافة وحرية الرأي بمعناها الواسع, بمعنى حرية الوصول إلى المعلومات وحرية إبداء الرأي وحرية تبادل المعلومات والآراء. ومعنى الحرية الفكرية أن يكون للإنسان قدرة على إظهار أفكاره بلا مانع, أما حرية الصحافة فتعني أن لا تكون هناك رقابة من قبل السلطة على ما تنشره الصحف, وتسهم بها في توعية الجماهير والرقابة على أجهزة الدولة ومحاربة الفساد و مناقشة السياسات العامة.

4- دولة القانون:

وهو ما يعني قيام الدولة على نظام قانوني يتصف بالعمومية, وذلك من شأنه تنظيم شتى علاقات المجتمع, حيث الالتزام والقبول بالقواعد القانونية من قبل الحاكمين والمحكومين على حد سواء دونما تمييز([103]), إلا أن النظرية الماركسية تعتبر القانون والدستور من مكونات البناء العلوي للمجتمع, إن انهيار القانون بسبب أعمال العصيان والتمرد والإرهاب يمثل عائقا أمام التحول الديمقراطي, بل وغلى عدم استقرار النظام ذاته وانخفاض درجة شرعيته([104]).

الفصل الثاني

التحول الديمقراطي في تونس

تعد قضية التحول الديمقراطي هي من القضايا المهمة التي شغلت طموح المجتمع السياسي في عديد من الدول, حيث أصبحت الديمقراطية تحتل المرتبة الأولى في سلم المعايير السياسية التي يجب أن تتحقق في الدول في العالم الحديث حتى تستطيع أن تلحق بركب التنمية والتطور وأصبحت مطلب أساسيا من بين المطالب الاجتماعية الأولى, بل من الضرورات والاحتياجات الأولى التي أصبح المواطن في أمس الحاجة إليها([105]).

يتناول هذا الفصل التحول الديمقراطي في تونس, عبر مبحثين أساسيين وهما:- 

  • المبحث الأول: الأسباب التي أدت إلى حدوث التحول الديملقراطي.
  • المبحث الثاني: المؤشرات المعبرة عن عملية التحول الديمقراطي في تونس.

المبحث الأول:

الأسباب التي أدت إلى حدوث التحول الديمقراطي 

انطلقت الاحتجاجات التونسية كثورة شعبية ذات مطالب اجتماعية واقتصادية, فكانت بداية الثورة ضد الفساد والتهميش, ولعل التاريخ يبين أن أغلب الثورات كانت في بدايتها ثورات خبز حتى الثورة الفرنسية في بدايتها كانت كذلك, إذا فالثورة التنوسية مثل كرة الثلج بدأت بالمطالب الاجتماعية, ثم كبرت هذه المطالب لتصبح رغبة في تغيير راديكالي لنظام برمته, ولاقتلاع حزب لهو أكثر من نصف قرن في الحياة السياسية باعتباره تجسيدا لمنظومة الفساد, هذه المنظومة ترتكز على ثلاثية الاستبداد وهي: الاستبداد السياسي, الاستبداد الاقتصادي, الاستبداد الاجتماعي([106]).

لذلك سوف نقسم هذه العوامل إلى عوامل داخلية وإقليمية  وخارجية :

أولا: العوامل الداخلية للتحول الديمقراطي في تونس

1- الدوافع الاقتصادية:

لقد مثل العامل الاقتصادي الأرضية الخصبة؛ لتنامي الحركة الإحتجاجية والتي تحولت إلى حراك شعبي حيث, أن الضغوط الكبيرة من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين على تونس, وتتبع ذلك إجراءات خاصة ما تعلق بزيادة الضرائب وتقليص الإنفاق العام وتخلي الدولة عن سياسىة التوظيف, لحقت أضرار بالفقراء والمهمشين بالإضافة إلى توسع الهوه بين الطبقات, وازدياد حدة التناقضات والإختلالات داخل المجتمع التونسي([107]).

كانت تونس اقتصادية اشتراكية في الفترة الممتدة من 1961-1969, ثم قامت القيادة السياسية بتغير نهج البلاد الاقتصادي والتحول إلى الليبرالية الإقتصادية التي حققت تقدما كبيرا في مجال الصناعة التصديرية والسياحة, لكنها خلقت العديد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد وعلى المجتمع.

في بداية الثمانينات عرف الاقتصاد التونسي ركودا واجهته القيادة السياسية التونسية باتخاذ مجموعة من الخطوات منها رفع الدعم الحكومي على السلع الأساسية مما أدى إلى ارتفاع أسعارها, ولقد تزامن تدهور الاقتصاد التونسيمع اكتساح العالم الأزمة الاقتصادية [108]1986.2

-الدوافع الاجتماعية: 

لعب العامل الاجتماعي دورا مهما في التأثير على التحول الديمقراطي في تونس, من خلال مجموعة من المشكلات المطروحة بشدة في الساحة السياسية في تونس وتتمثل في:

– البطالة :

ارتفعت نسبة البطالة خاصة بين خريجي الجامعات والمعاهد في تونس في الفترة التي سبقت الحراك الشعبي, حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 700 ألف منهم 170 ألف من خريجي الجامعات, وفي ظل هذه الظروف أصبحت البطالة بمثابة القنبلة الموقوتة داخل المجتمع التونسي([109]).

وتعتبر حادثة حرق الشاب محمد البوعزيزي لجسده في 17 ديسمبر 2010 في مدينة سيدي بوزيد والتي اندلعت على إثرها احتجاجات المواطنين على السياسات القائمة, لقد أدت الظروف غير المستقرة والمأساوية إلى تدهور مستمر للمقدرة الشرائية لفئات الشعب الفقيرة, وإلى حالة من تعميم التفقير بلغت درجاتها خصوصا في الجهات الداخلية التي كانت تعاني أساسا من انعدام التوازن في التنمية ومن البطالة والتفقير([110]).

–غياب العدالة الاجتماعية :

فشل السياسة التنموية في تونس أدت بشكل مباشر على ظهور فوارق إجتماعية أو ما يسمى بالطبقية المجتمعية مما أدى الشعور بالكراهية في نفوس طبقة كبيرة من المجتمع التونسي نتيجة إستيلاء مجموعة من العائلات على مقدرات البلاد الإقتصادية مما أدى إلى تدحرج الطبقة الوسطى في ظل غلاء المعيشة وصعوبة العيش في المدن الكبرى([111]).

3- الدوافع السياسية :

قد استخدم الرئيس زين العابدين في فترة حكمه سياسة مزدوجة مع الشعب فمن جهة ينادي بالديمقراطية والمشاركة السياسية والتداول على السلطة ومن جهة أخرى يعمل على كبت الشعب والمعارضة من خلال منع المظاهرات وحرية الرأي والتعبير, بالإضافة إلى ماسبق اتبع سياسة اقتصادية مكنته من تحقيق نمو اقتصادي معتبر, إلا أنها أنتجت العديد من السلبيات أثرت على المجتمع كسوء توزيع عوائد النمو والاهتمام بقطاع الخدمات والسياحة.

أما من الناحية الثقافية سار زين العابدين عمل على حجب الفضائيات و المواقع الإلكترونية الدينية ومنع زيارة العلماء وفي مقابل ذلك عمل على نشر الفساد والانحلال الأخلاقي بالمجتمع([112]).

ويمكن تلخيص العوامل الداخلية في مجموعة من النقاط مالآتي :

– تفاقم المحسوبية والرشوة: حيث أدت المحسوبية إلى عدم تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب الواحد, كما أدت الرشوة إلى فساد كبير في الاقتصاد جعله يتميز بعدن الشفافية وافتقاد المصداقية.- انتهاك النظام التونسي لحقوق الإنسان, حيث لم يبد أي احترام لسيادة القانون وهو ما كان أحد الأسباب الهامة التي أشعلت نار الثورة لتضع  نهاية لمعاناة الشعب التونسي سنوات طويلة.–النظام التونسي لا صلة بمزاج الشارع والرأي العام في تونس وقد بدا غير مبال بالقضايا العربية ورتب علاقاته مع إسرائيل منذ أوسلو.

– الظلم المتزايد والفقر المنتشر في الكثير من المناطق.– تفشي الفساد المالي: اقترن القمع والاستبداد السياسي للنظام طيلة حكم بن علي بالفساد المالي واستغلال النفوذ واستيلاء أفراد عائلته على خيرات البلاد وسيطرتهم على الاقتصاد في البلاد.

لقد كان الفساد في عهد بن علي مؤسسة قائمة الذات تنشط في الظل, ولا يمكن أن يطول القانون أعمالها باعتبارات السلطة البوليسية بزعامة بن علي نفسه هي التي أنشأها ورعتها وحمتها وسهلت لها لتطيل بقاءه في السلطة.

– القمع والتعتيم الإعلامي: تمثل ذلك في:

  • التعذيب الممنهج لسجناء الرأي وخصوصا أصحاب الاتجاه الإسلامي.
  • ترهيب وتهديد الحقوقين والتضييق على أنفسهم([113]).

– توسع الفجوة بين الخطاب السياسي والواقع الاجتماعي.

– طرح مشروع يكرس مبدأ الرئاسة مدى الحياة والحكم الفردي.

– ضعف الأحزاب السياسية المعارضة, وعدم تعبيرها عن مصالح الشباب.

– تغيب النزاهة الانتخابية([114]).

إن هذه العوامل إلى جانب الكثير من العوامل الأخرى هي التي دفعت بالشباب التونسي إلى أن يثور في وجه الظلم والطغيان. والأحداث على مدار التاريخ تؤكد أن أعظم ما يؤدي إلى تدهور وانهيار النظم السياسية هو تفشي الظلم والطغيان في المجتمعات.

ثانيا: العوامل الإقليمية المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي في تونس:

 لقد طرأت العديد من المتغيرات الإقليمية على الساحة العربية والمغاربية كان لها دور كبير في التأثير في عملية التحول الديمقراطي نذكر منها:

– التضييق الكبير المفروض على الشعب التونسي على مستوى المغرب العربي خاصة فيما تعلق بالقيود الإدارية والرسوم المالية والمضايقات الحدودية التي تعيق تنقل التونسيين إلى التنقل إلى بلدان المغرب العربي بغرض العملأو التجارة والتي تعتبر المصدر الرئيسي لرزق الكثير من البلدان الحدودية, وهو ما أدى إلى تأجيج الحراك الاجتماعي.

– التباين في نسبة الإنفتاح على الحريات بين تونس والجزائر, حيث تشهد الجزائر في هذا الإطار مستوى مقبول من الإنفتاح في مجال الحريات العامة والخاصة, وبالعودة إلى التقارير الدولية التي تنفي وجود معتقلات سرية في الجزائر وعدم وجود سجناء للرأي والكلمة بالإضافة إلى جو يساعد المعارضة على النشاط ولو بنسب ضعيفة, في حين يختلف الوضع تماما في تونس من ناحية الإنقلاب والمتابعات القضائية في حق النشطاء بالإضافة إلى معارضة مشتتة في أوروبا مثل حركة النهضة وعدم وجود حريات وأصوات متنقلة في المنابر الإعلامية, بالإضافة أيضا طغاء المؤسسة الأمنية على الساحة, بحيث أصبحت تشكل هاجس المواطن التونسي وترعبه كل هذا التباين الإقليمي بين الشعب التونسي ونظيره الجزائري أجج نوع من الضغوط النفسية ساهمت بشكل كبير في إشعال فتيل الحراك الشعبي الذي أسقط النظام التسلطي ومهد الطريق أمام الإنتقال الديمقراطي.

– الاختلاف في النظام الاقتصادي بين تونس والجزائر كدولة إقليمية مجاورة لتونس ساهم في الحراك الشعبي الذي سارع في وتيرة التحول الديمقراطي على إعتبار عدم قدرة تونس على التصدي للحراك الشعبي بواسطة شراء السلم الاجتماعي, وهو ما حدث في الجزائر من خلال جملة البرامج والمشاريع الموجهة للشباب, وسياسات التشغيل والسكن والتي ساعد الربح البترولي في إنجاحها, ما أجل التحول الديمقراطي إلى أجال غير مسمات في حين قرب أجالها في تونس([115]).

ثالثا: العوامل الخارجية للتحول الديمقراطي في تونس:

في مرحلة الثمانينات:

1- انهيار الاتحاد السوفيتي (انتهاء الحرب الباردة):

 أثر انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة تحولت الكثير من دول العالم الثالث إلى الديمقراطية وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القطب الوحيد في العالم الذي يفرض أفكاره وسياسته على مختلف الدول في ظل هذه الظروف تأثرت تونس كغيرها من الدول بهذه الموجة.

2- ضغوطات المؤسسات العالمية والتقليدية:

واجه النظام التونسي مشكلات اقتصادية واجتماعية هائلة في فترة الثمانينات, زادت حدتها الأزمة العالمية 1986, مما جعل النظام التونسي عاجز على مواجهة تلبية مطالب شعبه, فالتجأ إلى الاستدانة من المؤسسات النقدية العالمية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) اللذين فرضا سياسات الإصلاح السياسي القائمة على تبني الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان مقابل الحصول على المساعدات([116]).

أما الدوافع التي بعد مرحلة الثمانينات فيمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط:

1- الأحوال العامة في الوطن العربي: يعيش المواطن العربي في ظل سياسات الخوف والترقب من المستعمر في كل حين ووقت, ففي البلاد العربية هناك سياسات متتاليةلطمس الهوية العربية المشتركة بين أبناء البلاد العربية واستبدالها بعالم هويات مستوردة ومليئة بالنزاعات.

2- سياسات غير مواكبة للتطورات: لم يعد الحجب مجديا كثيرا في ظل الإنفلات الإعلامي مثل القنوات الفضائية والانترنت, ولقد ساهمت عدة قنوات ومواقع الكترونية في نشر الصورة الأخرى لحقيقة الثورة الشعبية مما أدى إلى قناعة التنوسييين بقضيتهم وإلى مواصلة الانتفاضة التي وصلت إلى وزارة الداخلية في تونس العاصمة في إجماع شعبي غير مسبوق على تحدي الأمن والوصول إلى مطالبه إضافة إلى ذلك كان هناك فارق شاسع بين الإعلام الرسمي والحقيقة في الشارع.

3- الضغوط التي فرضتها الدولة المانحة حيث تربط مساعدتها الاقتصادية بضرورة توسيع عملية المشاركة السياسية وقاعدة الحريات العامة في الدول التي تتلقى المساعدات.

4- اتساع مساحة الديمقراطية على الصعيد الدولي بعد انهيار المعسكر الشيوعي وتأثير العولمة السياسية والثقافية والاقتصادية, حيث سارعت الدول المغربية عامة وتونس على وجه الخصوص الإقدام على مجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية تحت ضغوطات المؤسسات المالية الدولية والدول الغربية عامة.

5- التدخل السياسي الأمريكي في الشؤون الداخلية التونسية؛ نظرا لأن امريكا كانت الراعي الرئيسي للاصلاحات الاقتصادية في فترة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة, ولقد تعزز الدور الأمريكي في فترة بن علي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001, حيث أعلنت استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية من خلال شن حروب استباقية؛ لمواجهة الإرهاب وفي هذا الشأن شرعت تونس هي الأخرى في إصلاحات إستباقية تماشيا مع الرغبة الأمريكية([117]).

رابعا: العوامل الدولية المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي في تونس: 

تعتبر العوامل الدولية من أهم المؤثرات على مسار التحول والديمقراطي في أي مجتمع, وهي في نفس الوقت دافع أساسي وسبب حقيقي يدفع الشعوب إلى المطالبة بالديمقراطية كآلية للحكم ونمط للحياة من أبرز هذه المؤثرات نجد:

– تطور منظومة الإعلام والإتصالات:

إن ثورة المعلومات والاتصالات تشكل أحد تجليات ظاهرة العولمة بأبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية. وقد وفرت هذه الثورة مصادر مستقلة للمعلومات, الأمر الذي كسر احتكار الأنظمة الحاكمة للمعلومات, فلم يعد بمقدور هذه الأنظمة منع التدفق الإعلامي والمعلوماتي القادم إليها من الخارج عبر الإنترنت والفضائيات, كما أن قدرتها على إخفاء المعلومات على الصعيد الداخلي أصبحت تتراجع بمعدل متسارع. علاوة على ذلك, فإن ثورة المعلومات والاتصالات تسهم في رفع مستوى تطلعات المواطنين و تخلق تطلعات جديدة لديهم, حيث تنقل لهم صورا عن أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية أفضل ليس في عالم الشمال فقط, بل في دول الجنوب أيضا([118]).

لقد لعبت ثورة المعلومات الجديدة دورا كبيرا في تخلي المجتمع التونسي على الخوف السياسي وكسر الصمت الإعلامي, حيث قام الشباب بالحراك الشعبي والإنتفاضة في وجه السلطة مطالبا بالديمقراطية, حيث أن وسائل الإتصال والإعلام الجديدة أقنعته أنه لا يختلف عن شعوب العالم الأخرى وأنه جدير بالديمقراطية, وفي ظل المنظومة الإعلامية الكبيرة لم يعد النظام قادر على إخفاء التجاوزات الخطيرة في حقوق الإنسان, وذلك من خلال منح القدرة للحركة الاحتجاجية على إيصال صوتها للعالم, كما أن مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر إلى إيصال صوت المواطن, بالإضافة إلى نقل صور الاحتجاجات عبر يوتيوب, ولقد قام موقع ويكليكس بنشر العديد من الوثائق السرية والحساسة عن ملفات ثقيلة في تونس مثل الفساد وحقوق الإنسان.

– دور منظمة المجتمع المدني العالمي الحقوقية:

لعبت هذه المنظمات العالمية دورا كبيرا في التأثير على النظام التسلطي وإسقاطه من خلال الأنشطة والممارسات بالإضافة إلى إصدار تقارير ونشرات ضد النظام, وهو ما يعتبر قوة ضغط كبيرة خاصة أن معظم الدول الكبرى في العالم تعمل وفق هذه التقارير, وهو ما جعل فرنسا تقوم بتجميد أصول وأموال تعود إلى الحكومة التونسية وأفراد من عائلة الرئيس ما جعل من النظام يتسم بحالة من العزلة سرعت في إسقاطه وهو ما اعتبر الخطوة الأولى في طريق التحول الديمقراطي([119]).

المبحث الثاني

مؤشرات عملية التحول الديمقراطي في تونس

هناك مجموعة من المؤشرات التي تدل على أن هناك تحولا ديمقراطيا منها الانتخابات, حيث تعد الانتخابات بمختلف أنواعها أحد أهم مؤشرات المشاركة السياسية على الرغم من اختلاف دلالاتها ونتائجها, وتمثل انتخابات المجلس التأسيسي في أي بلد قيمة مضافة, حيث يتولى المجلس صياغة دستور البلاد ليكون أساس القواعد القانونية الذي يفتح المجال لإنشاء دولة القانون.

انتخابات المجلس التأسيسي 2011:

لقد ساد انطباع عام لدى المتابعين للانتخابات التونسية في اكتوبر 2011 أن التونسيين اقبلوا بتدافع وبكثافة على صناديق الاقتراع, وهو أمر صحيح ظاهريا خاصة إذا قورن بالانتخابات التي جرت سابقا, فبعد نجاح الثورة كان التونسيون متعطشون للمشاركة السياسية والتعددية الحزبية وكان المواطن التونسي واثق من أن صوته لن يزور في ظل انتخابات تتمتع بالشفافية والشرعية.

نتائج انتخابات المجلس التأسيسي:

لقد فازفيهذهالانتخاباتحزب “حركةالنهضة” الإسلاميبأغلبيةكبيرةاغضب الإعلان عن النتائج الأولية سكان سيدسي بوزيد, أو الداعمين القوائم العريضة الشعبية, فأحرقوا بعض المرافق في المدينة ضمن حالة الغضب, غير أن موقف المحكمة الإدارية الذي نظر في الطعون التي قدمها أصحاب العريضة ارجع الهدوء بعد أن أعاد للعريضة مقاعدها التي أسقطتها الهيئة العليا للانتخابات وأكد هذا الحكم مجددا نزاهة الانتخابات وشفافيتها([120]).

الانتخابات التشريعية 2014:

شهدت تونس إجراء أول انتخابات تشريعية تنافسية في 26 أكتوبر, وتعد هذه الانتخابات نهاية الانتقال الديمقراطي الذي بدأ عقب ثورة تونس في أكتوبر2010, والإطاحة بحكم زين العابدين بن على. وتعتبر هذه الانتخابات هي الأولى من نوعها بعد إقرار دستور تونس من قبل المجلس الوطني التأسيسي. ورسخت الانتخابات التشريعية التونسية تجربة التعددية الحزبية, بعد تجربة امتدت لأكثر من نصف قرن مع حكم الحزب الواحد. ومنذ عام 1956, تاريخ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي, وحتى عام 2011 لم تعرف تونس سوى نظام حكم الحزب الواحد, حيث أن بورقيبة عزز من صلاحياته الواسعة كرئيس وزعيم للحزب الاشتراكي الدستوري وريث الحزب الدستوري الحر الذي قاد معركة التحرير ضد فرنسا.

وعلى الرغم من بروز تيارات معارضة, إسلاميين ويساريين بشكل خاص, لنظام الحزب الواحد فإنه لم يكن متاحا في ظل حكم بورقيبة تركيز أسس الديمقراطية وتقديم منافسين له على الحكم, لذا منح تعديل دستوري عام 1976 الراحل الرئاسة مدى الحياة. ومع قدوم زين العابدين بن علي عبر انقلاب في نوفمبر 1987 على الرئيس بورقيبة, قامت المعارضة بالتوقيع على ميثاق وطني يكرس في مضمونه الديمقراطية والتعددية, لكن لم يدم الأمر أكثر من ثلاث سنوات, لتدخل البلاد حقبة جديدة من نظام الحزب الواحد مع التجمع الدستوري الذي قاد حملة ضد المعرضة وقادة التيار الإسلامي. وكرست التعديلات المتلاحقة للدستور من صلاحيات الرئيس على حساب باقي المؤسسات, ما أضعف تماما الدور الرقابي للبرلمان وأدى إلى تفشي الفساد والمحسوبية على مدى 23 عاما من الحكم([121]).   بلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس النواب لعام 2014 نحو 6520 ألف مترشح بين ذكور وإناث مراعاة لمبدأ التناصف في القوائم بين النساء والرجال ويعكس هذا العدد الضخم رغبة التونسيين في المشاركة في الشأن العام بعد عقود طويلة من الاستبداد وتوزعت القوائم المترشحة بين حزبية ومستقلة وائتلافية.

المنتصرون في الانتخابات التشريعية:

  • نداء تونس: تمكن حزب نداء تونس من الفوز بالأغلبية في أول انتخابات يشارك فيها بعد أقل من سنتين ونصف من تأسيسه, وقد جرى تقديم تفسيرات مختلفة لهذه النتيجة منها أن الحزب تمكن من ترسيخ صورة لدى قطاع واسع من التونسيين مفادها قدرته على حماية تونس من “تغول النهضة”, ولقد تعمقت هذه الفكرة بخاصة بعد فوز الاسلاميين سنة 2011, فأصبحت ممهد لها بالنجاح حتى قبل تأسيسه.
  • الإتحاد الوطني الحر: الحزب الثاني الذي صعد في الانتخابات التشريعية بطريقة لافتة.
  •  الجبهة الشعبية : عرفت الجبهة الشعبية مشاكل عاصفة, بعضها داخلي وبعضها خارجي, لكنها تمكنت من تجاوزها والفوز.
  • حزب آفاق تونس
  • التيار الديمقراطي: على الرغم من حداثة تكوينه, تمكن هذا الحزب على ثلاث مقاعد.
  •  حزب المبادرة
  • أما حركة النهضة فقد تراجع مركزه مقارنة بالانتخابات السابقة, فتحول من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية.

التحالف الديمقراطي:

أسسه المنشقون عن “الحزب الديمقراطي التقدمي” بعد رفضهم اندماجحزبهممعحزب آفاق تونس, احتجاجا عن ممارسات أمنية العام غير الديمقراطية, وعلى الرغم مما بذلته القيادة من مجهودات ودعاية وحضور اعلامي مكثف في الفضائيات والصحف لم يتمكن الحزب إلا من الحصول على على مقعد واحد([122]).

لوحظ في هذه الانتخابات:

–  الحضور المكثف للمرأة التونسية ترشحا وتصويتا, ولم يكن حضور المرأة التونسية في المشهد التشريعي الراهن استثناء, فقد كان جليا بشكل عام في الحراك السياسي الذي تعيشه تونس منذ اندلاع ثورتها في نهاية العام 2010.

–احترام كل أطراف المعادلة السياسية ما أفرزته الانتخابات, ولعل إقرار النهضة بهزيمتها بل وتهنئتها حركة “نداء تونس”, حيث أن ذلك يعبر عن الفهم والالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية الحديثة.

– اقتصر دور المؤسسة الأمنية في تونس التي اقتصر دورها على تأمين العملية الانتخابية بعيدا عن التجاذبات السياسية.

– في أبرز ردود الفعل الدولية, هنأ البيت الأبيض التونسيين بالاقتراع, وقال وزير خارجية تونس فابيوس: إن التونسيين قطعوا مرحلة تاريخية بتصويتهم لانتخاب برلمان, وقدموا الدليل أن الديمقراطية ممكنة في العالم العربي.

– ارتفاع نسبة المشاركة التي تخطت حاجز ال60%, وتعكس نسبة المشاركة درجة التشبع باليقين الديمقراطي كحل وحيد لتجاوز المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية([123]).

الانتخابات الرئاسية:

 اعتبرت الانتخابات الرئاسية الخطوة الأخيرة في عملية انتقال تونس إلى الديمقراطية بعد ثورة عام 2011 التي أطاحت بنظام استبدادي قاده زين العابدين بن علي على مدى 23 عاما, وكانت الإطاحة لهذا النظام مصدر إلهام لانتفاضات “الربيع العربي”.

تم فتح الباب للترشح للانتخابات الرئاسية يوم 8 سبتمبر 2014 وأغلق في 22 سبتمبر 2014, قدم 70 شخص ملف ترشحهم لهذه الانتخابات, قبلت منهم الهيئة 27 مترشحا ورفضت 41 فيما انسحب اثنان, شهدت هذه الانتخابات ترشح عدة شخصيات من نظام بن علي المخلوع بعد الثورة مثل الباجي قايد السبسي وعبد الرحيم الزواري وكمال مرجان ومصطفى كمال النابلي وحمودة بن سلامة ونور الدين حشاد, أما الحزب الأكبر في البلاد (حركة النهضة) لم يقدم مترشحا للرئاسة, واكتفى بإعطاء الحرية للمنتمين له ودعوتهم لاختيار “الشخصية المناسبة التي ستقود المسار الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة”([124]).

نتائج الانتخابات الرئاسية 2014:

بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 60.11% من إجمالي الناخبين الذين يحق لهم التصويت, وقد فاز الباجي قائد السبسي, مرشح حزب نداء تونس, وأصبح رئيسا للجمهورية طبقا لما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس, فقد حسم السبسي السباق ضد منافسه منصف المرزقيالرئيس المؤقت المنتهية ولايته بحصوله على نسبة 55.68% من الأصوات مقابل 44.32% للمرزوقي.

وبذلك يكون السبسي البالغ من العمر 88 عاما, الرئيس السادس في تاريخ تونس الحديث, والرابع بعد ثورة 2011, وللرئيس السبسي تاريخ طويل في العمل السياسي منذ استقلال البلاد, فلقد شغل مناصب سياسية عدة في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة. وبعد الإطاحة بهذا الأخير تولى السبسي مسؤوليات سياسية هامة في عهد إدارة زين العابدين بن علي([125]).       تجرى الإستعدادت القانونية والسياسية لإجراء الإنتخابات البلدية في تونس. استحقاق انتخابي هو الأول بعد الثورة, الذي سينقل بمؤسسات الحكم المحلية من الوضع المؤقت إلى الدائم([126]).

ثانيا: احترام حقوق الإنسان:

صار احترام حقوق الإنسان واحدا من أبرز مؤشرات التحول الديمقراطي في الدول والمجتمعات. وما يزيد من أهمية هذا الموضوع من منظور عملية التحول الديمقراطي, هو أن قضية حقوق الإنسان لم تعد شأنا داخليا, بل أصبحت مسألة دولية بفضل تنامي الاهتمام العالمي بهذا الملف([127]).                                                                                                                    حققت تونس الكثير من التقدم في تدعيم حماية حقوق الإنسان عقب تبني دستور جديد في 26 يناير 2014, حيث شهد عام 2014 إصلاحات هامة, تتضمن تبني قوانين جديدة لمكافحة التعذيب وتشكيل لجنة للحقيقة لكشف الانتهاكات الحقوقية السابقة.

أهم التطورات السياسية:

حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات: 

الأطراف الدولية الرئيسية: قرر الاتحاد الأوروبي تجميد أصول مالية لستة وأربعين شخصا من أقارب زين العابدين بن علي وزوجته. ورحبت السلطات الانتقالية بزيارة مقرري الأمم المتحدة المعنيين بالتعذيب ومكافحة الإرهاب ومكنتهم من دخول مراكز الاعتقال, التي واصلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر زيارتها بشكل منتظم. كما منحت السلطات تراخيص قانونية لعمل فروع المنظمات الحقوقية الدولية, بما في ذلك هيومن رايتس ووتش, وسمحت لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة بفتح مكتب في تونس.

الاجئون والمهاجرون: مع بداية الانتفاضة الليبية, واجهت تونس أزمة إنسانية جراء تدفق الاجئين والمهاجرين عبر حدودها مع ليبيا, حيث استقبلت تونس ما لايقل عن 195241 مواطنا أجنبيا, وفي العموم بذلت السلطات العسكرية, بمساعدة المجتمع المدني في تونس, والمنظمات الدولية, والمتطوعين, جهودا كبيرة للاستجابة إلى الاحتياجات الإنسانية([131]).

دور المجتمع المدني:

المجتمع المدني هو ما يعرف بالاتحادات والجمعيات الأهلية أو المدنية, حيث المنظمات غير الحكومية بمعنى تلك القوى الاجتماعية العاملة في الوسط الموجود بين الأسرة والسلطة, الأحزاب السياسية (خارج السلطة), ومنظمات حقوق الإنسان, والمنظمات الدينية, والنقابات المهنية, وسائل الإعلام المستقلة, المنظمات غير الحكومية الأخرى([132]).

لقد قاومت منظمات المجتمع المدني المستقلة الاستبداد وحافظت على وجودها واستمراريتها, وهو ما مكنها من أن تساهم بشكل فعال في محاولة تصحيح مسار الأوضاع في مرحلة ما بعد الثورة. وكنتيجة لنضالات المجتمع المدني جاء مرسوم 88 لسنة 2011 ويليه الفصل 34 من الدستور لينص على حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات مضمونة, حيث لا يزال النضال مستمرا من أجل مأسسة الحريات بما يتماشى مع المعاهدات والمبادىء الدولية([133]).

بعد الحراك الشعبي في تونس نجد أن حصيلة المنظمات والجمعيات في تزايد مستمر من حيث العدد والنوع والاختصاص, عدد منهم برز بروزا ملحوظا والبعض الآخر يبدو أنه اندثر وذلك لغياب الخبرة لحداثة عهدها بالنشاط المدني, إلا أن ذلك لا ينفي أن للمجتمع المدني له دور فعال في تغيير الأحداث والضغط على الحكومة من جهة وعلى المجلس الوطني التأسيسي من جهة أخرى, كما لايمكن نفي أهمية مختلف المنظمات والجمعيات التي سهرت على إنجاح كافة مراحل العملية الانتخابية إما بالمشاركة في عملية المراقبة أو التدريب. حتى أن بعض المراقبين والخبراء ربطوا تحرك الجمعيات والمنظمات حسب الظروف والأحداث وحسب ما تقتضيه المرحلة فلم تجد بعد طريقها للمشاركة في إنجاح المرحلة الإنتقالية([134]).

إن منظمات المجتمع المدني لعبت خلال انتخابات 2011 دورا مهما في ملاحظة سيرالعملية الانتخابية, رغم أن تجربتها في هذا المجال كانت محدودة, وتميز عمل هذه المنظمات بالجدية في تطبيق المشاريع الخاصة بمراقبة الانتخابات, وفي العمل الميداني والتواصل مع المواطنين, وفي التنسيق مع هيئة الانتخابات في إطار ما تخوله لها من صلاحياتها.

دور الإعلام في ثورة الشعب:

لم يكن الإعلام, والإعلام الجديد على وجه التحديد, مجرد ناقل لأحداث الثورة في تونس, وإنما تحول بطبيعته التفاعلية, واتساع نطاق استخدامه بين فئات الشباب خاصة, إلى واحد من محركات الثورة, حيث إن الإعلام الجديد خلق بيئة اتصالية, تغيرت فيها أنماط التواصل الاجتماعي والسياسي, وأصبح للإعلام فيها تأثير غير مسبوق,

الفصل الثالث:

دور النخبة في إدارة التحول الديمقراطي في تونس:

تزامنت الثورة التونسية مع توافر مجموعة من الأسباب والمتغيرات التي عجلت باندلاعها ومن أهمها التضامن مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإحراق النار في جسده (17 ديسمبر 2010), تعبيرا عن غضبه على الظروف الاجتماعية التي كان يعيشها, ما أدى إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم (18 ديسمبر 2010), وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه من أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية, وتفاقم الفساد داخل نظام الحكم حيث اجبرت الرئيس زين العابدين على وضع بعض الإصلاحات التي لم ترقى للمستوى المطلوب وإقالة العديد من الوزراء وتقرير وعود لمعالجة المشاكل, لكن الاحتجاجات توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية, مما اجبره على التنحي عن السلطة وحدث الفراغ المؤسسي الذي استلزم ضرورة إجراء تعديلات لتنظيم شؤون البلاد([137]).

ويتناول هذا الفصل دور النخبة في إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس و وتم تقسيم هذا الفصل إلى مباحث وهي:

  • المبحث الأول: استراتيجيات إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس.
  • المبحث الثاني: تأثير التحول الديمقراطي على الاستقرار في تونس.

المبحث الأول

استراتيجيات إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس:

إن مرحلة الانتقال الديمقراطي أكثر المراحل خطورة في عملية التحول إلى النظام الديمقراطي؛ نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها للانتكاسات, حيث أن هذه المرحلة تكون ذات طبيعة مختلطة تتعايش فيها مؤسسات النظام القديم والحديث, ويشارك كل من ذوي الاتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة عن طريق الصراع أو الاتفاق, ولذلك فإن هذه المرحلة من مراحل التحول الديمقراطي تتسم بتنوع أشكالها خاصة أنه في إطارها تتم صياغة أساليب وقواعد حل الصراعات بطرق سلمية وتنتهي مع وضع دستور ديمقراطي وعقد انتخابات حرة وتوسع نطاق المشاركة السياسية.

وعلى ضوء ذلك, يتم تناول أهم استراتيجيات الانتقال الديمقراطي من خلال مستويين: المستوى المؤسسي والمستوى الاقتصادي. ففي المحور المسمى ب”استراتيجية البعد المؤسسي والدستوري”, هنا يجب الإشارة أن الباحثين اعتبروا أن البعد المؤسسي هو الإستراتيجية الأساسية والهامة للتحول الديمقراطي داخليا؛ نظرا لما للهياكل المؤسسية من أهمية خاصة في إرساء دعائم هذه التغيرات, ذلك أن تأسيس عدد من المؤسسات السياسية التي تمكن الأفراد من المشاركة في السلطة على نحو ديمقراطي, كذلك أشارت بعض الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية إلى أهمية النخبة في صياغة إستراتيجيات الإصلاح السياسي وإدارك البدائل المتاحة وتقديم اختيارات عقلانية للبدائل المؤسسية والسياسية([138]).

لم تكن تونس قبل ثورة 14 يناير 2011 بدعا من الوضع العربي العام, فقد كان نصيبها من حكم الدولة العربية التسلطية وافرا, ولم يكن نقاش النخبة حول المسألة الديمقراطية و المشاركة السياسية والتداول السلمي على السلطة, وإنما كان حول غياب الديمقراطية كلية.

فمنذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 آلت شؤون الحكم إلى نخبة تحديثية, تمثلت أولى إنجازاتها في إقامة نظام سياسي شمولي بامتياز يتعارض مع أبسط قواعد النظم السياسية الحديثة. فقد جمع نظام الرئيس بورقيبة, الذي حكم تونس من 1957 إلى 1987, بين يديه مختلف أنواع السلط وأمم الحياة العامة وارتقى بموقع الرئاسة إلى ما يشبه موقع الربوية, فوق المعارضة والمساءلة والمحاسبة, إلى أن بورقيبة سنة 1974 رئيسا مدى الحياة. وبذلك أغلقت كل السبل أمام التداول السلمي على السلطة, ولم يبق أمام الراغبين في الوصول إلى الحكم غير طريق الانقلاب العسكري أو الانتظار إلى حين وفاة الرئيس, فانقلب عليه رئيس وزرائه ووزير داخليته زين العابدين بن علي بعد أن بلغ أرذل العمر. لقد كان في عهد بن علي فجوة بين الخطاب السياسي والممارسة العملية, كما توجد فجوة أخرى بين استبدادية المنظومة الحقيقية وديمقراطية الواجهات المزيفة.

لقد اقام نظام بن علي عالمين متوازيين ومتقابلين في الوقت ذاته, عالم الحكم الشمولي الذي يتحكم في مفاصل الدولة والسلطة بمختلف أنواعها, وعالم الديمقراطية الشكلية التي تسوق للعالم في هيئة برلمان وانتخابات دورية منتظمة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني بلغ عدد جمعياته الأهلية قبل الثورة أكثر من 9000 حتى قامت الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بن علي . على إثر انهيار النظام السابق وهروب الرئيس بن علي في 14يناير 2011, آل الأمر برمته إلى النخبة السياسية للتداول في شأن ترتيبات المرحلة الانتقالية. ولعل ما سهل على تلك النخبة ان تلعب دورا حاسما في توجيه دفة الأحداث ورسم خارطة طريق للمرحلة الانتقالية أمران أساسيان: استمرارية الدولة وأجهزتها الأساسية في العمل دون توقف, وقدرة النخبة ذاتها على الالتقاء على الحد الأدنى من الرؤية السياسية التي أطرت عملية الانتقال, ولعل التراث الدستوري العريق لتونس قد أسهم في توجيه هذه المرحلة وتغليب الطابع الدستوري على ما سواه, حيث لم يكن هذا التراث الدستوري غائبا عن وعي النخبة السياسية التونسية وهي تضع ترتيبات نقل مقاليد السلطة([139]).

لقد كان لجهاز الدولة إسهام كبير في تأمين ذلك الانتقال, فرغم الطبيعة  الثورية للتغيير الذي أطاح برأس النظام, ورغم المناخ الثوري الذي كان سائدا في تلك المرحلة, لقد أسهم جهاز الدولة بمظهرين اثنين:

– دستورية انتقال السلطة: 

استطاع جهاز الدولة أن يحتفظ بالمبادرة في ترتيب وضع السلطة الجديدة ضمن الأطر الدستورية التي كانت تحكم النظام السياسي, بعد هروب بن علي أعلن رئيس الوزراء الأسبق محمد الغنوشي توليه مسؤولية الرئاسة بمقتضي الفصل 56 من الدستور الذي ينص على أن يفوض الرئيس مهامه إلى رئيس وزرائه في حالة عجزه مؤقتا عن مزازلة تلك المهام, ولكن بعد ساعات تم تصحيح الوضع بمقتضى قراءة أخرى لأحكام الدستور الخاصة بشغور منصب الرئاسة وذلك لأن بن علي هرب ولم يقم بتفويض مهامه إلى رئيس الوزراء.

– انخراط مسؤولي النظام السابق في تأمين عملية انتقال السلطة:فتمثلت في تولي فؤاد المبزع, بصفته رئيسا لمجلس النواب منصب رئيس الجمهورية وأعاد تسمية الغنوشي رئيسا للحكومة الانتقالية. كما شارك في حكومة الغنوشي وفي الحكومة التي أعقبتها برئاسة الباجي قايد السبسي, الذي تقلد مناصب وزارية متعددة في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة, عدد من وزراء النظام السابق.

في هذه الاستمرارية لجهاز الدولة وفي إطار من التوافق العام الذي طبع علاقة النخبة ببعضها وجعلها تلتقي على القواعد الأساسية للعمل المشترك, نشأت المؤسسات الأولى التي رسمت ملامح المرحلة الانتقالية.

بناء المؤسسات الانتقالية:

– الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي, لقد مثلت تلك الهيئة الإطار الأساسي لحوارات النخبة ومشاوراتها ومفاوضاتها, لم تنشأ الهيئة العليا من فراغ بل سبقتها ومهدت لها هيئتان وهما:

المجلس الوطني لحماية الثورة، والذي تشكل كليا خارج الأطر الرسمية وضم أحزابا سياسية ومنظمات وطنية وشخصيات عامة وسعى للحصول على موافقة رئاسة الدولة في محاولة لاعتماده الإطار الرسمي لتحقيق أهداف الثورة وإدارة المرحلة الانتقالية, أما الهيئة الثانية هي “اللجنة العليا للإصلاح السياسي” وهي إحدى ثلاث لجان استشارية شكلتها حكومة الغنوشي بهدف الشروع في عملية إصلاحية في مجالات أساسية تتعلق بالإطار السياسي والقانوني, وقضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام في العهد السابق, والتجاوزات الأمنية التي حصلت منذ اندلاع الثورة وذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى ومن أبرز أهدافها تحقيقها تنقية المنظومة القانونية المتعلقة بالعملية الانتخابية بما في ذلك مراجعة المجلة الانتخابية وقانوني الصحافة والأحزاب وتنقيح القوانين المنظمة للحريات الأساسية([140]).ولقد كان للنخبة دور في تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية كما تناولنا ذلك بالتفصيل في الفصل السابق.

وهنا يجب الإشارة إلى دور حركة النهضة التونسية سواء كان هذا الدور إيجابيا أم سلبيا على مسار التحول الديمقراطي في تونس.

أولا: الدور الإيجابي لحركة النهضة التونسية في مسار التحول الديمقراطي:

مثل الإسلاميون رؤية جديدة, ونمطا مغايرا, يتعارض مع المبادىء التي تأسست عليها الدولة التونسية الحديثة, فالحركة الإسلامية التي ظهرت منذ أوائل السبعينات, قد استطاعت أن تضع وعيا جديدا, وتشيع قيما ايجابية, وتبني جيلا نظيفا مشهودا له بالعطاء النضالي, والنظافة على الصعيد الأخلاقي, وذلك من خلال الاعتماد على وسائل كثيرة, مثل: المحاضرة والدرس والندوة والدعوة والجريدة والمجلة, ثم في مابعد الانخراط في الجمعيات, والمنظمات النقابية والاجتماعية.

كما نجحت الحركة في رد الاعتبار للغة العربية, وترغيب الشباب في القراءة, وهو ما كان سببا في الانتشار والتوسع, حتى غدت الحركة الإسلامية ظاهرة بارزة في المجتمع, ثم لم تلبث أن بدأت تثير حفيظة الخصوم, وبدا أنها تؤسس لنمط مجتمعي جديد, يتعارض مع النمط الذي قامت عليه الدولة البورقيبية, وهو ما استعدى نظام الحكم في مرحلة مبكرة([141]).

ثانيا: الدور السلبي لحركة النهضة التونسية في مسار التحول الديمقراطي:– إن تكرار المواجهات كان سببا في ابتلاء الحركات الإسلامية, والحد من دورها في التوعية والإصلاح وصناعة الوعي, كما كان سببا في توجيه جهود الأنظمة لحماية نفسها ومصالح القائمين عليها وأهدرت بسسب ذلك إمكانياتها وأوقاتها وأموالها, في تقوية آلة الأمن والدعاية, واحتكرت الإعلام والثقافة, واعتدت على الحريات.

كما أن الإسلاميين من أعضاء (حركة الاتجاه الإسلامي) كانوا أيضا غير مطمئنين للنظام الجديد, فما كادوا يشاركون في مراسم التوقيع على الميثاق الوطني, حتى عادوا واعرضوا عن المشاركة في الهيئة العليا للميثاق, ولم يقدروا على ضبط أنفسهم, والتحكم في خطابهم وفي تحركاتهم, وذلك وفق ما يقتضيه الوضع الجديد, كما أن هذه المرحلة الجديدة لم تكن تخلو من المشاكل, حيث تم تشويه صورة الإسلاميين في نظر خصومهم, خصوصا إذا علمنا أنه يحمل مشروعا جديدا, يقطع أو يظن انه يتقاطع مع الحداثة, التي تأسس عليها النظام البورقيبي, ويبشر بالإسلامية وما تعنيه الكلمة من منظور خصوم الإسلاميين من ظلامية, ورجعية واستبداد, تراجع عن الحرية والديمقراطية, وتراجع في مكاسب تحرير المرأة.

– لم يكن يمضي ثلاث سنوات على قيام النظام الجديد, حتى تجدد الاشتباك ودخلت البلاد في معركة عنيفة, طرفاها هما: حركة النهضة من جهة, والنظام الفتي الجديد من جهة أخرى, حيث نتج عن هذا الصدام ما يلي:

  • الابتعاد عن التعددية
  • إهدار الطاقات
  • اهتزاز الهوية
  • الانحراف عن التنمية
  • انجرار الجميع للصراع([142]).

دور المؤسسة العسكرية:

شهد المجتمع التونسي خلال أيام الثورة وبعدها صعودا لدور المؤسسة العسكرية التي كانت شبه غائبة عن الساحة السياسية والاجتماعية قبل ذلك, حيث أن هذه المؤسسة كانت قد أزعجت الرئيس بورقيبة على أثر محاولة الانقلاب العسكري في العام 1962, في حين انتقل الحكم إلى زين العابدين بن علي, لم يدخر جهدا لمواصلة سياسات بورقيبة, وفي عهده وقعت أيضا أحداث 1991 التي اتهمت فيها مجموعة من الضباط بالإعداد لانقلاب عسكري.

لكن حديثا, فالجيش لم يعد يطمع بالسلطة السياسية لأنه يفتقد إلى التجربة والتاريخ السياسيين والإيدولوجيا, فالجيش ساعد في الحفاظ على مؤسسات الدولة حين سقط النظام أثناء ثورة 14 يناير, كما أن وزارة الدفاع تؤكد مرارا وتكرارا بأن هدفها هو تأمين المسار الديمقراطي والمدني وليس فرض سلطة العسكر, فالجيش اكتفى بتوفير الأمن وحماية الشعب من أعمال الشغب والقنص والنهب والفوضى التي تفشت في البلاد, فالمؤسسة العسكرية متماسكة فلم يهرب عناصرها من الميدان, بل حموا المصالح العامة والخاصة والمؤسسات السيادية والاقتصادية([143]).   نجحت المؤسسة العسكرية في الاحتفاظ بالمصداقية والشرعية القانونية, في حين كانت باقي مؤسسات الدولة تفقد الشرعية الشعبية, خاصة منها مؤسسة الأمن الداخلي التي كانت تعرف بفسادها وبأنها العصا الغليظة لبن علي التي تسببت بقتل المتظاهرين وقمعهم إبان الثورة وبالطبع قبلها, بالإضافة إلى الدور التي لعبته المؤسسة العسكرية في انتخابات المجلس التأسيسي, فقد وفرت الحماية للانتخابات, كما اضطلعت بدور لوجستي فيها عبر توفير كل المعدات والمستلزمات من نقل بري وبحري وجوي, حيث تم نشر 22 ألف جندي في كل أنحاء البلاد لتأمين مراكز الاقتراع والفرز([144]).

تعتقد بعض النخب أنه لايوجد أية مخاوف تجاه الجيش التونسي لأنه ليست له تركيبة تقليدية, فهو غير مبني على أساس ديني او عرقي أو جهوي أو طائفي, بل يستند إلى معايير أكاديمية, وتضيف هذه النخب في هذا السياق أن وجود الجيش في الشأن العام في هذه المرحلة هو الضمان شبه الوحيد للانتقال إلى الديمقراطية, وهذا بالطبع بالتعاون مع مكونات المجتمع المدني, لأن الشعب هو من قام بالثورة وليس الجيش([145]).

مؤسسات المجتمع المدني:

يعتبر المجتمع المدني “صمام الأمان” ومن الشروط الرئيسية لنجاح الانتقال من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي, وفي خضم الصراعات الحزبية والسياسية تضطلع منظمات المجتمع المدني بدور تعديلي وتوافقي هام مكن من تواصل المسار الانتقالي رغم الصعوبات والتغيرات التي طرأت عليه, فعلى الرغم من أن المجتمع المدني  كان تحت سيطرة النظام السابق من (1987-2011)باعتبار أن الدولة كانت تهيمن على المجتمع وتسعى إلى احتواء الجمعيات والمنظمات المهنية والنقابية, وبالرغم من هذه الوضعية برزت بعض المنظمات التي ساهمت بشكل كبير في معارضة الاستبداد وفي الضغط على النظام وكانت جاهزة مع اندلاع ثورة 14 يناير إذ تولت أهم الجمعيات والمنظمات التاريخية(الاتحاد العام التونسي للشغل, الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان, هيئة المحامين, جمعية القضاة, نقابة الصحافيين, جمعية النساء الديموقراطيات).

وتولت نفس المنظمات التاريخية بالتعاون مع الأحزاب السياسية الفاعلة المساهمة في تسيير المرحلة الانتقالية الأولى. ويعتبر المجتمع المدني الركيزة الأساسية لإنجاح المسار الانتقالي في مرحلته الثانية التي تلت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي, حيث بينت مختلف الأزمات التي مر بها المسار الانتقالي أهمية تواجد مجتمع مدني ناجح وفاعل لتفادي مخاطر الانسياق نحو العنف والفوضى([146]).

منحت اللجنة النرويجية القائمة على جوائز نوبل, جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي لدوره الفاعل في عملية بناء الديمقراطية في تونس, بعد ثورة 2011. وهو مؤلف من أربع منظمات هي الاتحاد العام التونسي للشغل, والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية, والرابطة التونسية لحقوق الإنسان, ونقابة المحامين التونسية([147]).          

المبحث الثاني

تأثير عملية التحول الديمقراطي على الاستقرار السياسي

إن التصور المستقر في الاتجاه الرئيسي لدراسات التحول الديمقراطي هو أن التحول الانتقالي من النظم السلطوية إلى النظم الديمقراطية يقود تباعا إلى الاستقرار السياسي, باعتبار أن التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية وإجراء الانتخابات الدورية واحترام حقوق الإنسان وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني, تدفع نحو أوضاع مستقرة داخل الدول, حتى لو كانت ذات تعددية مجتمعية أو منقسمة دينيا, بحيث يتحقق التوافق المبني على مبدأ المواطنة, والتوافق الذي يخلق الشرعية السياسية, وهو ما يؤدي بدوره إلى تراجع العنف السياسي الذي تمارسه المعارضة في حالة النظم السلطوية.

مع اندلاع الانتفاضات والثورات الشعبية المطالبة بالتغيير والديمقراطية في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا, تنامت المخاوف والهواجس بشأن الاستقرار والأمن, ولا سيما في ظل تصاعد مؤشرات عدم الاستقرار في تلك الدول بدرجة خطيرة وهو أمر وإن كان طبيعيا في مراحل التغيير والتحولات الكبرى([148]).

إن طبيعة العلاقة بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي هي علاقة جدلية وثيقة بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي, حيث من المفترض أن تؤدي الآليات والممارسات الديمقراطية المتضمنة في عملية التحول الديمقراطي دورا مهما في تحقيق الشرعية والاستقرار. وعلى الرغم من تناقض مفهمومي التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي ظاهريا, باعتبار التحول الديمقراطي نمطا من التغيير, وكون الاستقرار السياسيي مرادفا لعدم التغيير, إلا أن العلاقة الوثيقة بين كلا المفهومين, فالتغيير قد يكون نوعا من عدم الاستقرار, لكنه سعى نحو تحقيق الاستقرار في حالة التحول الديمقراطي. وعندما يبدأ نظام سياسي ما في السير قدما في عملية التحول الديمقراطي, فمن الطبيعي أن تتزايد التوقعات بالمردود الإيجابي لتلك العملية على الاستقرار السياسي في هذا النظام.

لكن رغم نجاح العديد من الدول في تدعيم الاستقرار السياسي من خلال التحول الديمقراطي, ارتبطت تجارب التحول الديمقراطي في العاالم العربي منذ بداياتها المبكرة بعدم الاستقرار, فعلى سبيل المثال دخلت الجزائر مرحلة صعبة من عدم الاستقرار السياسي مع عملية التحول الديمقراطي والتي بدأت منذ تسعينات القرن العشرين, حيث دخلت البلاد في مرحلة صدام مسلح مرير بين الحكومة والإسلاميين, وفي اليمن ترافقت تجربة التحول الديمقراطي التي بدأت منذ قيام الوحدة اليمنية عام 1990 مع عدم الاستقرار السياسي, والذي وصل ذروته باندلاع الصراع المسلح بين شريكي السلطة (حزب المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي) عام 1994م. كذلك ارتبطت خطوات التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في مصر والمغرب وتونسوالأردن بالعديد من مؤشرات عدم الاستقرار وإن كان بشكل أقل حدة من حالتي الجزائر واليمن. ومن اللافت أنه على الرغم من أن كل جهود التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية كانت مدفوعة بالرغبة في تحقيق الاستقرار السياسي و تدعيمه, إلا أن نتائج تلك الجهود جاءت في الغالب الأعم على عكس ما كان مرجوا أو متوقعا, لتصل الأمور إلى مرحلة الانفجار الشامل باندلاع العديد من الانتفاضات والثورات الشعبية في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا([149]).

وقد مثلت الأوضاع الاقتصادية عاملا محوريا حاسما في فشل جهود وخطوات التحول الديمقراطي في تدعيم الاستقرار, والدفع نحو تفجر الأوضاع في المنطقة العربية, فقد ترافقت تلك الجهود والخطوات مع تدهور الظروف الاقتصادية في الغالب لقطاعات واسعة من الشعوب, ولم تفلح التصريحات الحالمة للمسئولين الرسميين عن المردودات الإيجابية لسياسات الإصلاح الاقتصادي. إن الاستقرار الاقتصادي والكفاءة في إشباع الحاجات والمتطلبات الأساسية لأكبر عدد ممكن من أفراد الشعب يعتبر بمثابة البنية التحتية للاستقرار السياسي, حتى أن النظم التسلطية قد تنعم بقدر معين من الاستقرار في حالة نجاحها في تحقيق درجات معقولة من الإنجاز الاقتصادي, إلا أن تحقق الاستقرار أو استمراره في ظل ترافق الاستبداد والتسلطية مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية يعد أمرا مستحيلا, لذلك أضحى من الصعب على النظم العربية الاستبدادية أن تحافظ على استقرارها أو على بقائها في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لقطاعات عريضة من شعوبها ولاسيما الشبابية منها([150]).

ولكن أداء الحكومة  في تونس لم يكن مقنعا خاصة في مجالات مقاومة الفساد وإصلاح القضاء ومحاسبة المسؤولين الذين فر الكثير منهم خارج البلاد, ولم يكن أداء الحكومة على مايرام في ملفات ضمان استمرارية الدولة وضمان الأمن والاستقرار, حيث برزت مشاكل العروشية (القبلية) واستفحلت الإضرابات والإضطرابات, ولم يكن ملف التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأحسن حال.

الوضع الاقتصادي:

يقوم النموذج الاقتصادي التونسي على جلب استثمارات خارجية في الصناعات التصديرية الأروروبية والاندماج في الاقتصاد والتجارة المعولمة بدعم الشراكة والتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي وتم فشل هذا النموذج الاقتصادي بسبب تخلي تونس المبكر عن التخطيط الاستراتيجي للتنمية وعن بناء منظومة صناعية وطنية عصرية جاذبة للاستثمارات الغربية ذات القيمة المضافة القادرة على استيعاب وتطوير التقنيات والتكنولوجيا الحديثة وتوظيفها لإنتاج سلع تونسية ذات قدرة تنافسية عالية على غرار البلدان الصناعية الصاعدة.

ولعل أهم المآخذ التي يمكن توجيهها للطبقة السياسية الحاكمة بعد الثورة هو تجاهل المخاطر الناجمة عن الخضوع للضغوط والمصالح الخارجية في تحديد الخيارات الاقتصادية الكبرى وما يتصل بها من توجهات على الصعيد الدبلوماسي, خضوع الاقتصاد التونسي بعد الثورة إلى البرامج الإصلاحية لصندوق النقد الدولي الذي يعمل وفق قواعد تحددها المراكز والقوى المالية والمجموعات الاقتصادية والصناعية الكبرى والمهيمنة تقليديا على الأسواق التجارية والمالية الدولية عبر آليات تسعى من خلالها إلى الإبقاء على سيطرتها الاقتصادية وتحكمها في الأسواق والسياسات الاقتصادية للدول الأخرى.

فقد تفاقمت المشاكل ولم يتم إيجاد مواطن شغل جديدة مع غلق عديد المصانع والمؤسسات المنتجة. وتأثر قطاع السياحة بعدم استتباب الأمن وانخفض الترقيم السياسي بثلاث درجات وتراجعت نسبة النموالاقتصادي إلى أدنى مستوياتها فبلغت 0.5 بالمائة في 2015م, مع ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم المديونية والعجز التجاري واضطراب في الاسقرارالسياسي([151]).

لقد جاء دور الأجهزة الأمنية والعسكرية ليكون سببا من أسباب مشكلة عدم الاستقرار في غالبية الدول العربية, عوضا على أن يكون جزءا من الحل, فبدلا من أن تمثل تلك الأجهزة عاملا للاستقرار أصبحت عائقا له, نتيجة لتضخمها وتغولها في المجتمع, وتركيز جهودها على حماية أمن الأنظمة الحاكمة على حساب حماية أمن الأوطان, وذلك في سيلق غلبة الطابع القمعي لأنظمة الحكم. لذلك لا عجب أن مثلت الممارسات الأمنية الوحشية القشة التي قصمت ظهر أنظمة الحكم الاستبدادية, والشرارة التي اشعلت الثورات في كل من تونس ومصر و اليمن وليبيا وسوريا.

الإرهاب:

إن هذه الظاهرة تؤثر على الاسقرار السياسي,لقد عرفت تونس ظاهرة الإرهاب قبل الثورة, لكنها كانت محدودة لم تؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية والاقتصادية, حيث كانت الأحداث الإرهابية تتم بنسق بطىء ومتابعدة بمعدل عمل إرهابي كل 8 سنوات تقريبا, لكن برزت جماعة أنصار الشريعة وهي من التيارات السلفية الجهادية, فلقد شهدت البلاد العديد من الاعتداءات المتكررة على رجال السياسة ورجال الفكر والمعالم الدينية والزوايا, وكانت سنة 2013م, سنة الانتشار الإرهاب في تونس, وتطور الخطر الإرهابي بشكل مفزع في حيز زمني وجيز, تم تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي, وتواصل اليوم حرب تونس على الإرهاب وقد تم ضبط استراتيجية للتصدي تقوم على العمل الميداني الناجح والتصدي الفوري لكن كذلك في إطار برنامج فوري وآخر طويل المدى. وكان من الضروري السيطرة على مسالك الإمداد والتمويل لهذه العناصر وكذلك مسالك الاستقطاب والإنتدابات التي تستهدف الشباب عبر الإنترنت والمساجد والجمعيات, ورسم خطط وطنية للتنمية والشغل, وضبط سياسة شبابية فاعلة تحد من عمليات استقطاب الشباب([152]).

الخاتمة

لقد تم تقسم الدراسة إلى : مقدمة, وثلاثة فصول, وخاتمة, بالإضافة إلى قائمة المصادر, وتوضح المقدمة الموضوع العام للدراسة, ومشكلة وتساؤلات البحث وموضع الدراسة من الأدبيات السابقة ذات العلاقة, والإطار المفاهيمي والمنهجي للدراسة.

يتناول الفصل الأول: الإطار النظري, ويضم مبحثين, يناقش أولهما: التعريف بمفهوم النخبة, بينما ثانيهما: التعريف بمفهوم التحول الديمقراطي.

أما الفصل الثاني: فكان تحت عنوان: التحول الديمقراطي في تونس, وتناول في مبحثه الأول: الأسباب التي أدت إلى حدوث التحول الديمقراطي في تونس, أما المبحث الثاني تطرق إلى المؤشرات المعبرة عن عملية التحول الديمقراطي في تونس.

الفصل الثالث: فجاء تحت عنوان: النخبة والتحول الديمقراطي, فتناول المبحث الأول: استراتيجيات إدارةعملية التحول الديمقراطي في تونس.

أما المبحث الثاني: تأثيرالتحول الديمقراطي على الاستقرار في تونس, وقد جاءت خاتمة الدراسة بيانا موجزا ومركزا لأهم ما خلصت إليه الدراسة من نتائج وتوصيات.لم تكن تونس قبل ثورة 14 يناير 2011 بدعا من الوضع العربي العام, فقد كان نصيبها من حكم الدولة العربية التسلطية وافرا, ولم يكن نقاش النخبة حول مسألة الديمقراطية والمشاركة السياسية والتداول السلمي على السلطة, وإنما كان حول غياب الديمقراطية كلية. فمنذ استقلال البلادعن الاستعمار الفرنسي عام 1956 آلت شؤون الحكم إلى نخبة تحديثية, تمثلت أولى إنجازاتها في إقامة نظام سياسي شمولي بامتياز يتعارض مع أبسط قواعد النظم السياسية الحديثة, فقد جمع نظام الرئيس بورقيبة, الذي حكم تونس من 1957 إلى 1987, بين يديه مختلف أنواع السلطة وأمم الحياة العامة وارتقى بموقع الرئاسة إلى مايشبه موقع الربوية, فوق المعارضة والمساءلة والمحاسبة, إلى أن بورقيبة سنة 1974 رئيسا مدى الحياة.

وبذلك أغلقت كل السبل أمام التداول السلمي على السلطة, ولم يبق أمام الراغبين فيالوصول الىالحكم غيرطريق الانقلاب العسكري أو الانتظار إلى حين وفاة الرئيس, فانقلب عليه رئيس وزرائه ووزير داخليته زين العابدين بن علي بعد أن بلغ أرذلال عمر.

ظل المطلب الديمقراطي بما تعنيه من تعددية حزبية ومشاركة سياسية وسيادة القانون وبسط للحريات العامة والخاصة للشعب, فكان من أول انجازات الثورة التونسية حتى قبل اسقاط نظام بن علي وضعها المطلب الديمقراطي في قلب الحركة الثورية وذلك بتكريس ارادة الشعب.

إن الثورة التونسية فاجأت الجميع في إطار غير مسبوق وهو اطار الانتقال الديمقراطي, حيث لها نتائج على المستويين الداخلي والخارجي فعلى المستوى الداخلي كانت أهم هذه النتائج هي كسر حاجز الخوف الذي أكد بأن ارادة الشعب قادرة على الفعل بالإضافة إلى التطور الواضح في مجال السياسة الاعلامية التونسية, حيث بدأت وسائل الاعلام المختلفة تدرك رسالتها وتعمل على طرح العديد من القضايا السياسية الاقتصادية والاجتماعية والتي كانت منذ وقت قصير من الممنوعات أو المحرمات, أما على المستوى الخارجي فقد كان لها تأثير كبير على العديد من الدول ليست العربية فقط وإنما امتد إلى الصين والتي قامت بتعديل الدستور, وفي نتائج الثورة على الدول العربية أهمها ما حدث في مصر من تنحي الرئيس مبارك عن السلطة.   لقد نجحت تونس في عملية التحول الديمقراطي وكانت بارقة أمل لعديد من الدول العربية مثل مصر وليبيا واليمن ولا يجب أن ننسى أن هذا النجاح كان بفضل إدارة النخبة لعملية التحول الديمقراطي, فقد نجحت النخبة في مهامها في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية حتى تمت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والانتخابات التشريعية وصولا إلى الانتخابات الرئاسية.

من خلال دراستنا سنحاول تقديم مجموعة من التوصيات من أهمها :

  • التداول السلمي على السلطة وهي من أهم المعايير لوجود نظام ديمقراطي, والتي يقصد بها وجود آلية لانتقال المنصب السياسي.
  • الفصل ما بين السلطات والذي يشكل حجرا أساسيا للتحول السياسي, حتى تتم الرقابة والمسألة وعدم الاحتكارلسلطة واحدة على باقي السلطات.
  • تجسيد الحركة الديمقراطية وتأصليها دستوريا, ويكون بسن سياسة دستورية تهدف إلى مواكبة النسق السياسي والاجتماعي.
  • إقامة دولة المؤسسات والمساواة أمام القانون وذلك بعدم التمييز بين الأفراد والطبقات من حيث خضوعها للقانون والقضاء.
  • إقامة مجتمع مدني فعال يدعم الديمقراطية ويخولها إلى قيمة اجتماعية وأخلاقية.
  • تجسيد قانون حزبي وانتخابي يكرس عملية التحول السياسي من خلال إلغاء القيود على الأحزاب التي تحدها من العمل باستقلالية.

المراجع:

أولا:الرسائل العلمية:

1- ابتسام علي مصطفى, التحول الديمقراطي في تركيافي الفترة مابين عام 1990- ديسمبر 2004, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2005.

2- أحمد جمال عبدالعظيم, التحول الديمقراطي في الصين( 1991-2008), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2011.

3- أميرة إبراهيم حسن دياب, التحول الديمقراطي في المغرب ودورالمؤسسة الملكية (1992-1998), رسالة ماجيستر, كليةالاقتصادوالعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 2002.

4- إيمان أحمدعبدالحليم مهدي, التحول الديمقراطي والأمن القومي: مع التطبيق على مصروالعراق 1991-2005, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 2008.

5- بلقيس أحمدمنصور أبو أصبع, النخبة السياسية الحاكمة في اليمن (1978-1990), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 1997 .

6- ثائرجمال علي طميزة, النخبة السياسية الفلسطينية وصنع القرار(دراسة لأعضاء مجلس الوزراء لفترة 2006-2013), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2016.

7- حمود ناصر مهدي القدمي, النخبة السياسية في اليمن( دراسة حالة النخبة البرلمانية 1990-2005), رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2008.

8- عبد الغفار رشاد محمد, دور النخبة في التنمية السياسية دراسة نظرية مع محاولة للتطبيق على الدول النامية ( النموذج المصري),  رسالةماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1978.

9-عصام عبدالوهاب محمدأيوب, متغير القيادة والتعددية السياسية في تونس 1994-2002, رسالةماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2006.

9- علاء أبوالوفا محمد محمود, تأثير التحول الديمقراطي على عدم الاستقرار السياسي في مصروبولندا , رسالةماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 2015.

10- فيصل سعيد قاسم المخلافي, المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية 1990-2006 , رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة ,2010.

11- مبارك مبارك أحمد عبد الله, التغير في القيادة السياسية والتحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية في التسعينات, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2006.

12- محمد حسن عبدالحليم, التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي في النظم السياسية الغربية , رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2014.

12-محمد عز العرب محمد منيب, التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي بالتطبيق على حالة الكويت خلال الفترة 1999-2009, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة,2015.

13-  محمد عز العرب محمدمنيب, النخبة السياسية والتحول الديمقراطي في البحرين (1992-2002), رسالة ماجسيتر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة , 2008.

14-  مصطفى علاء الدين محمدالعياط, دور القيادة في التحول الديمقراطي في البحرين في الفترة من ( 1999-2012), كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2015.

15- مصطفى غلام نبي, التحول الديمقراطي في أفغانستان والعراق2001-2010 من منظور مقارن , رسالة ماجسيتر, معهد البحوث والدراسات العربية, جامعة الدول العربية, 2012.

16- مينا اسحق طانيوسبولس, التحول الديمقراطي والتغير في السياسة الخارجية دراسة لسياسة كوريا الجنوبية تجاه كوريا الشمالية ( خلال الفترة من 1988حتى 2007), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 2012.

17- نادية حلمي موسى الشافعي, النخبة السياسية والإصلاح السياسي في الصين 1991- 2008, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 2011.

18- نايف حامد إبراهيم حسين, النخبة السياسية في العراق بعدالاحتلال الأمريكي (2003-2009), رسالةماجيستر, معهدالبحوث والدراسات العربية, جامعة الدول العربية, 2011.

19- هالة جمال ثابت, ظاهرة التحول الديمقراطي في أوعندا: 1986-1996 دراسة تحليلية في الأسباب والنتائج, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة, 1999.

20- هدى حافظ متكيس , النخبة السياسية فيتونس : 1956-1970, رسالةماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعةالقاهرة,1981.

22- وفاء سعد محمد الشربيني, تكوين النخبة السياسية الحاكمة في مصر 1970-1986, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1996.

ثانيا: المواقع الإلكترونية:

1- أسامة معقافي, النخبة الحاكمة ومسار التحول الديمقراطي دراسة حالة تونس (1987-2010), كلية العلوم السياسية والإعلام, جامعة الجزائر, 2011, متاح على biblio.univ-alger.

2- أرضية عمل المجتمع المدني التونسي, متاح على www.petitions24.net.

3- التقرير العالمي 2015: تونس, متاح على www.hrw.org.

4- الأحزاب الرابحة من الانتخابات التشريعية 2014, تاريخ النشر 2014, متاح على www.ALManar.com.

5- الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل, (الجمعية العامة, الدورة الحادية والعشرون, 2012), متاح على www.ohchr.org.

6- المختاربن نصر, المشهد ما بعد ثورة الياسمين: التونس لم تعبر عنق الزجاجة, متاح على araa.sa.

7- أي مسار لمكونات المجتمع المدني في تونس بعد سنة ونصف من الثورة؟, متاح على www.arabsi.org.

8- بدرة قعلول, الجيش سيعود إلى ثكنه: دور المؤسسة العسكرية التونسية في المرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية, المركز الكارنيغي, تاريخ النشر 3-11-2011, متاح على carnegieendowment.org.

9- بلال مبروك, إستعدادات قانونية وسياسية لإجراء الإنتخابات البلدية في تونس, تاريخ النشر 2-4-2016, متاح على www.almayadeen.net.

10- 10تقرير.. القوات المسلحة بدول الربيع العربي أثبتت قدرتها على حماية التحول الديمقراطي, تاريخ النشر 24-12-2012, متاح على elbadil.com.

11- تونس ..أحداث عام 2011, متاح على www.google.com.eg.

12- جلولي بوجلطية, التحول الديمقراطي: مفاهيم ومقاربات, تاريخ النشر 3-5-2012, متاح على: regionalstuties.arabepro.com.

13- عائشة التائب, ملف الثورات والإصلاح والتحول الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية, تاريخ النشر 3-5-2011, متاح على www.dohainstitute.org.

14- عبد العظيم محمود حنفي, استراتيجيات الانتقال الديمقراطي, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات, تاريخ النشر 12-3-2013, متاح على www.dohainstitute.org.

15-عبد الله كبار, النخبة الجامعية والمجتمع المدني في الجزائر (قراءة سوسيولوجية في جادلية الواقع والممارسة), مجلة العلوم الإنسانية والإجتماعية, العدد 11, 2013, متاح على despace.univ-ouargla.dz.

16- عز الدين عبد المولى, أضواء على التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي, تاريخ النشر 14-1-2013, متاح على studies.aljazeera.net.

17- علي عبده محمود, الثورة التونسية الأسباب – عوامل النجاح – النتائج, متاح على www.sis.gov.eg.

18- غارو حبيسة, دور الأحزاب السياسية في رسم السياسة العامة- دراسة حالة الجزائر من (1997-2007), ماجيستر, كلية الحقوق والعلوم السياسية, جامعة مولود معمري- تيزي وزو, 2012, متاح على www.ummto.dz.

19- قطاف تمام أسماء, دور الحركات الإسلامية في مسار التحول الديمقراطي في البلدان المغاربية “حركة النهضة التونسية نموذجا”, رسالة ماجيستر, كلية الحقوق والعلوم السياسية, جامعة محمد خيضر-بسكرة, 2013, متاح على dspace.univ-biskra.dz.

20- لعياضي يوسف, التحولات السياسية الراهنة وأثرها على إرساء مبدأ الديمقراطية-تونس, كلية الحقوق والعلوم السياسية , جامعة محمد خيضر – بسكرة , 2014, متاح علىdspace-univ-biskra.dz.

21- كرم سعد, تعزيز الديمقراطية: تونس بين خفوت الإسلاميين وصعود تيارات الحداثة (المركز العربي للبحوث والدراسات), تاريخ النشر 19-11-2014, متاح على www.acrseg.org.

22- محمد المهدي شنين, التحول في تونس.. أسبابه.. معوقاته.. وتداعياته, تاريخ النشر 13-2-2011, متاح على boothe.blogspot.com.

23- محمد حسن القاضي, الثورات العربية وجدلية التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي, تاريخ النشر18-1-2012, متاح على www.elsysai.com.

24- محمد عز العرب, “المتغيرات الوسيطة” للعلاقة بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي, مجلة الديمقراطية, العدد 55, تاريخ النشر 31-8-2014, متاح على democracy.ahram.org .eg.

25- منير السنوسي, البيئة القانونية لمؤسسات المجتمع المدني في تونس: الواقع والآفاق, متاح على www.icnl.org.

26- منير الكشو, تونس بين تطلعات الثورة وآمال الإصلاح الديمقراطي, متاح على hekmah.org.

27- هشام ديردجي, العوامل المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي في تونس, تاريخ النشر 12-3-2015, متاح على derradjihicham.wordpress.com.

28- هل حققت الثورة في تونس أهدافها بعد الانتخابات الرئاسية؟, تاريخ النشر 22-12-2014, متاح على www.bbc.com.

29- يوسف البمراوي, التحول الديمقراطي في العالم العربي, تاريخ النشر 1-2-2011, متاح على www.alnad.net.

30- 10مشاهد تلخص الحياة التونسية بعد 5 سنوات على الثورة, تاريخ النشر 17-12-2015, متاح على raseef22.com .

[1]لعياضي يوسف, التحولات السياسية الراهنة وأثرها على إرساء مبدأ الديمقراطية-تونس , كلية الحقوق والعلوم السياسية , جامعة محمد خيضر – بسكرة , 2014, ص1, متاح على dspace-univ-biskra.dz, تاريخ الإطلاع 28-2-2016.

[2]عز الدين عبد المولى, أضواء على التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي, تاريخ النشر 14-1-2013, متاح على studies.aljazeera.net, تاريخ الإطلاع 20-12-2015.

[3]منير الكشو, تونس بين تطلعات الثورة وآمال الإصلاح الديمقراطي, متاح على hekmah.org, تاريخ الإطلاع 20-12-2015.

[4]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص5, متاح على  dspace-univ-biskra.dz.

[5]عز الدين عبد المولى, مرجع سبق ذكره, متاح على studies.aljazeera.net.

[6]علي عبده محمود, الثورة التونسية الأسباب – عوامل النجاح – النتائج, متاح على www.sis.gov.eg, تاريخ الإطلاع 20-12-2015.

[7]هدى حافظ متكيس, النخبة السياسية في تونس : 1956-1970, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1981.

[8]حمود ناصر مهدي القدمي, النخبة السياسية في اليمن ( دراسة حالة النخبة البرلمانية 1990-2005), رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2008.

[9]عبد الغفار رشاد محمد, دور النخبة في التنمية السياسية دراسة نظرية مع محاولة للتطبيق على الدول النامية ( النموذج المصري) , رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1978.

[10]وفاء سعد محمد الشربيني, تكوين النخبة السياسية الحاكمة في مصر 1970-1986, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1996.

[11]محمد عز العرب محمد منيب, التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي بالتطبيق على حالة الكويت خلال الفترة 1999-2009, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2015.

[12]فيصل سعيد قاسم المخلافي , المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية 1990-2006, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2010.

[13]لفياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[14]مينا اسحق طانيوس بولس, التحول الديمقراطي والتغير في السياسة الخارجية دراسة لسياسة كوريا الجنوبية تجاه كوريا الشمالية ( خلال الفترة من 1988حتى 2007) , رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2012.

[15]محمد عز العرب محمد منيب, النخبة السياسية والتحول الديمقراطي في البحرين (1992-2002), رسالة ماجسيتر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2008.

[16]مصطفى علاء الدين محمد العياط, دور القيادة في التحول الديمقراطي في البحرين في الفترة من ( 1999-2012), كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة  2015.

[17]مبارك مبارك أحمد عبد الله, التغير في القيادة السياسية والتحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية في التسعينات, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2006.

[18]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص6.

[19]المرجع السابق ذكره, ص7.

[20]نايف حامد إبراهيم حسين, النخبة السياسية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي (2003-2009), رسالة ماجيستر, معهد البحوث والدراسات العربية, جامعة الدول العربية, 2011, ص25.

[21]نادية حلمي موسى الشافعي, النخبة السياسية والإصلاح السياسي في الصين 1991- 2008, رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2011, ص19.

[22]محمود خليفة جودة محمد, اقتراب النخبة في دراسة النظم السياسية المقارنة, متاح على democraticac.de, تاريخ الإطلاع 12-4-2016.

[23]نايف حامد إبراهيم حسين, مرجع سبق ذكره, ص13.

[24]أسامة معقافي, النخبة الحاكمة ومسار التحول الديمقراطي دراسة حالة تونس (1987-2010), كلية العلوم السياسية والإعلام, جامعة الجزائر, 2011, ص56, متاح على biblio.univ-alger.dz, تاريخ الإطلاع 12-4-2016.

[25]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص35.

[26]محمود خليفة جودة محمد, مرجع سبق ذكره, متاح على democraticac.de.

[27]نايف حامد إبراهيم حسين, مرجع سبق ذكره, ص14.

[28]عبد الله كبار, النخبة الجامعية والمجتمع المدني في الجزائر (قراءة سوسيولوجية في جادلية الواقع والممارسة), مجلة العلوم الإنسانية والإجتماعية, العدد 11, 2013, ص216 ومابعدها, متاح على despace.univ-ouargla.dz, تاريخ الإطلاع 12-4-2016.

[29]نايف حامد إبراهيم حسين, مرجع سبق ذكره, ص15.

[30]ثائر جمال علي طميزة, النخبة السياسية الفلسطينية وصنع القرار (دراسة لأعضاء مجلس الوزراء لفترة 2006-2013), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2016, ص10.

[31]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص39.

[32]محمود خليفة جودة محمد, مرجع سبق ذكره, متاح على democraticac.de.

[33]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص40.

[34]بلقيس أحمد منصور أبو أصبع, النخبة السياسية الحاكمة في اليمن (1978-1990), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1997, ص13.

[35]نايف حامد إبراهيم حسين, مرجع سبق ذكره, ص16.

[36]ثائر جمال علي طميزة, مرجع سبق ذكره, ص11-13.

[37]عبدالله كبار, مرجع سبق ذكره, ص219, متاح علىdespace.univ-ouargla.dz.

[38]نايف حامد إبراهيم حسين, مرجع سبق ذكره, ص17.

[39]أسامة معقافي, مرجع سبق ذكره, ص77. متاح علىbiblio.univ-alger.dz.

[40]ثائر جمال علي طميزة, مرجع سبق ذكره, ص35-39.

[41]حمود ناصر مهدي القدمى, مرجع سبق ذكره, ص29.

[42]نادية حلمي موسى الشافعي, مرجع سبق ذكره, ص30 ومابعدها.

[43]بلقيس أحمد منصور أبو أصبع, مرجع سبق ذكره, ص23 ومابعدها.

[44]نادية حلمي موسى الشافعي, مرجع سبق ذكره, ص42وما بعدها.

[45]بلقيس أحمد منصور أبو أصبع, مرجع سبق ذكره, ص29-32.

[46]محمد حسن عبد الحليم, التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي في النظم السياسية الغربية , رسالة دكتوراة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2014, ص18.

[47]جلولي بوجلطية, التحول الديمقراطي: مفاهيم ومقاربات, تاريخ النشر 3-5-2012, متاح على: regionalstuties.arabepro.com, تاريخ الإطلاع 10-4-2016.

[48]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, التحول الديمقراطي والأمن القومي: مع التطبيق على مصر والعراق 1991-2005, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2008, ص2.

[49]محمد حسن عبد الحليم, مرجع سبق ذكره, ص19.

[50]مصطفى غلام نبي, التحول الديمقراطي في أفغانستان والعراق2001-2010 من منظور مقارن, رسالة ماجسيتر, معهد البحوث والدراسات العربية, جامعة الدول العربية, 2012, ص12.

[51]المرجع السابق, ص13وما بعدها.

[52]ابتسام علي مصطفى, التحول الديمقراطي في تركيا في الفترة ما بين عام 1990- ديسمبر 2004, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسبة, جامعة القاهرة, 2005, ص26.

[53]عصام عبد الوهاب محمد أيوب, متغير القيادة والتعددية السياسية في تونس 1994-2002, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2006, ص54.

[54]مبارك مبارك أحمد عبد الله, مرجع سبق ذكره, ص27.

[55]هالة جمال ثابت, ظاهرة التحول الديمقراطي في أوعندا: 1986-1996 دراسة تحليلية في الأسباب والنتائج, رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1999, ص1-4.

[56]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص41.

[57]هالة جمال ثابت, مرجع سبق ذكره, ص4.

[58]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص7.

[59]ابتسام علي مصطفى, مرجع سبق ذكره, ص23ومابعدها.

[60]أحمد جمال عبد العظيم, التحول الديمقراطي في الصين(2011-2008), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2011, ص20.

[61]محمد حسن عبد الحليم, مرجع سبق ذكره, ص18.

[62]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص8.

[63]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص59.

[64]مبارك مبارك أحمد عبد الله, مرجع سبق ذكره, ص30.

[65]عصام عبد الوهاب محمد أيوب, مرجع سبق ذكره, ص63.

[66]مصطفى علام نبي, مرجع سبق ذكره, ص25.

[67]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص28.

[68]مصطفى علام نبي, مرجع سبق ذكره, ص26.

[69]مبارك مبارك أحمد عبد الله, مرجع سبق ذكره, ص33.

[70]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص64.

[71]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص49.

[72]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص13.

[73]أميرة إبراهيم حسن دياب, التحول الديمقراطي في المغرب ودور المؤسسة الملكية (1992-1998), رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2002, ص39.

[74]عصام عبد الوهاب محمد أيوب, مرجع سبق ذكره, ص58.

[75]المرجع السابق, ص59.

[76]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص12.

[77]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص53.

[78]إبتسام علي مصطفى, مرجع سبق ذكره, ص42.

[79]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص42.

[80]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص54.

[81]المرجع السابق, ص52.

[82]مصطفى علام نبي, مرجع سبق ذكره, ص20.

[83]المرجع السابق, ص19.

[84]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص42.

[85]مصطفى غلام نبي, مرجع سبق ذكره, ص22.

[86]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص54 وما بعدها.

[87]المرجع السابق, ص56.

[88]المرجع السابق, ص58.

[89]محمد حسن عبد الحليم, مرجع سبق ذكره, ص36.

[90]المرجع السابق, ص37.

[91]هبة محمد فؤاد, مرجع سبق ذكره, ص61.

[92]محمد حسن عبد الحليم, مرجع سبق ذكره, ص38.

[93]المرجع السابق, ص40.

[94]مبارك مبارك أحمد عبد الله, مرجع سبق ذكره, ص41.

[95]علاء أبو الوفا محمد محمود, تأثير التحول الديمقراطي على عدم الاستقرار السياسي في مصر وبولندا , رسالة ماجيستر, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2015, ص27.

[96]مصطفى غلام نبي, مرجع سبق ذكره, ص17.

[97]محمد حسن عبد الحليم, مرجع سبق ذكره, ص44.

[98]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص24.

[99]علاء أبو الوفا محمد محمود, مرجع سبق ذكره, ص29.

[100]أحمد جمال عبد العظيم, مرجع سبق ذكره, ص34.

[101]مصطفى غلام نبي, مرجع سبق ذكره, ص28.

[102]أحمد عبد جمال عبد العظيم, مرجع سبق ذكره, ص35.

[103]إيمان أحمد عبد الحليم مهدي, مرجع سبق ذكره, ص33.

[104]مصطفي غلام نبي, مرجع سبق ذكره, ص28.

[105]غارو حبيسة, دور الأحزاب السياسية في رسم السياسة العامة- دراسة حالة الجزائر من (1997-2007), ماجيستر, كلية الحقوق والعلوم السياسية, جامعة مولود معمري- تيزي وزو, 2012, ص4, متاح على www.ummto.dz, تاريخ الإطلاع 20-4-2016.

[106]محمدالمهدي شنين, التحول في تونس.. أسبابه.. معوقاته.. وتداعياته, تاريخ النشر 13-2-2011, متاح على boothe.blogspot.com, تاريخ الإطلاع, 20-4-2016.

[107]هشام ديردجي, العوامل المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي في تونس, تاريخ النشر 12-3-2015, متاح على derradjihicham.wordpress.com, تاريخ الإطلاع 22-4-2016.

[108]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص36, متاح علىdspace-univ-biskra.dz.

[109]عائشة التائب, ملف الثورات والإصلاح والتحول الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية, تاريخ النشر 3-5-2011, متاح علىwww.dohainstitute.org, تاريخ الإطلاع 22-4-2016.

[110]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص40, متاح علىdspace-univ-biskra.dz.

[111] هشام ديردجي, مرجع سبق ذكره, متاح على derradjihicham.wordpress.com.

[112]عز الدين عبد المولى, مرجع سبق ذكره, متاح على studies.aljazeera.net.

[113]علي عبده محمود, مرجع سبق ذكره, متاح على www.sis.gov.eg,.

[114]هشام ديردجي, مرجع سبق ذكره, متاح على derradjihicham.wordpress.com.

[115]هشام ديردجي, مرجع سبق ذكره, متاح على derradjihicham.wordpress.com.

[116]يوسف البمراوي, التحول الديمقراطي في العالم العربي, تاريخ النشر 1-2-2011, متاح على www.alnad.net, تاريخ الإطلاع 25-4-2016.

[117]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص41 ومابعدها, متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[118]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص173.

[119]هشام ديردجي, مرجع سبق ذكره, متاح على derradjihicham.wordpress.com.

[120] لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص49-51, متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[121] منير الكشو , مرجع سبق ذكره,  متاح على hekmah.org , تاريخ الإطلاع 25-4-2016.

[122]الأحزاب الرابحة من الانتخابات التشريعية 2014, تاريخ النشر 2014, متاح على www.ALManar.com, تاريخ الإطلاع 1-5-2016.

[123]كرم سعد, تعزيز الديمقراطية: تونس بين خفوت الإسلاميين وصعود تيارات الحداثة (المركز العربي للبحوث والدراسات), تاريخ النشر 19-11-2014, متاح علىwww.acrseg.org, تاريخ الإطلاع 2-5-2016.

[124]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص58 , متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[125]هل حققت الثورة في تونس أهدافها بعد الانتخابات الرئاسية؟, تاريخ النشر 22-12-2014, متاح على www.bbc.com, تاريخ الإطلاع 3-5-2016.

[126]بلال مبروك, إستعدادات قانونية وسياسية لإجراء الإنتخابات البلدية في تونس, تاريخ النشر 2-4-2016, متاح على www.almayadeen.net, تاريخ الإطلاع 3-5-2016.

[127]محمد عز العرب محمد منيب, مرجع سبق ذكره, ص180.

[128]تونس ..أحداث عام 2011, متاح على www.google.com.eg, تاريخ الإطلاع 5-5-2016.

[129]التقرير العالمي 2015: تونس, متاح على www.hrw.org, تاريخ الإطلاع 5-5-2016.

[130]الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل, (الجمعية العامة, الدورة الحادية والعشرون, 2012). ص5, متاح على www.ohchr.org, تاريخ الإطلاع 5-5-2016.

[131] مرجع سبق ذكره, متاح على www.google.com.eg.

[132]مصطفى غلام نبي, مرجع سبق ذكره, ص141.

[133]أرضية عمل المجتمع المدني التونسي, متاح على www.petitions24.net, تاريخ الإطلاع 1-5-2016.

[134]أي مسار لمكونات المجتمع المدني في تونس بعد سنة ونصف من الثورة؟, ص1, متاح على www.arabsi.org, تاريخ الإطلاع 6-5-2016.

[135]كرم سعيد, مرجع سبق ذكره, متاح على http://www.acrseg.org/.

[136]عز الدين عبد المولى, مرجع سبق ذكره, متاح على www.dohainstitute.org.

[137]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص39, متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[138]عبد العظيم محمود حنفي, استراتيجيات الانتقال الديمقراطي, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات, تاريخ النشر 12-3-2013, متاح على www.dohainstitute.org, تاريخ الإطلاع 5-5-2016.

[139]عز الدين عبد المولى, مرجع سبق ذكره, متاح على studies.aljazeera.net.

[140]لعياضي يوسف, مرجع سبق ذكره, ص45 وما بعدها, متاح على dspace-univ-biskra.dz.

[141]قطاف تمام أسماء, دور الحركات الإسلامية في مسار التحول الديمقراطي في البلدان المغاربية “حركة النهضة التونسية نموذجا”, رسالة ماجيستر, كلية الحقوق والعلوم السياسية, جامعة محمد خيضر-بسكرة, 2013, ص190, متاح على dspace.univ-biskra.dz, تاريخ الإطلاع 12-5-2016.

[142]المرجع السابق, ص191.

[143]نور الدين جبنون, مرجع سبق ذكره, متاح على www.dohainstitute.org.

[144]تقرير.. القوات المسلحة بدول الربيع العربي أثبتت قدرتها على حماية التحول الديمقراطي, تاريخ النشر 24-12-2012, متاح على elbadil.com, تاريخ الإطلاع 5-5-2016.

[145]بدرة قعلول, الجيش سيعود إلى ثكنه: دور المؤسسة العسكرية التونسية في المرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية, المركز الكارنيغي, تاريخ النشر 3-11-2011, متاح على carnegieendowment.org, تاريخ الإطلاع 10-5-2016.

[146]منير السنوسي, البيئة القانونية لمؤسسات المجتمع المدني في تونس: الواقع والآفاق, ص3, متاح على www.icnl.org, تاريخ الإطلاع 6-5-2016.

[147]10 مشاهد تلخص الحياة التونسية بعد 5 سنوات على الثورة, تاريخ النشر 17-12-2015, متاح على raseef22.com, تاريخ الإطلاع 12-5-2016.

[148]محمد عز العرب, “المتغيرات الوسيطة” للعلاقة بين التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي, مجلة الديمقراطية, العدد 55, تاريخ النشر 31-8-2014, متاح على democracy.ahram.org .eg, تاريخ الإطلاع 15-5-2016.

[149]محمد حسن القاضي, الثورات العربية وجدلية التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي, تاريخ النشر18-1-2012, متاح على www.elsysai.com, تاريخ الإطلاع 15-5-2016.

[150]المختاربن نصر, المشهد ما بعد ثورة الياسمين: التونس لم تعبر عنق الزجاجة, متاح على araa.sa, تاريخ الإطلاع 15-5-2016.

[151] مرجع السابق, متاح على araa.sa.

[152]محمد حسن القاضي, مرجع سبق ذكره, متاح على www.elsyasi.com.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى