حقوق الانسان في الوثائق الدستورية
اعداد الباحث : محمد كريم جبار – المركز الديمقراطي العربي
المبحث الاول :
حقوق الانسان :
ان عبارة حقوق الانسان تتوزع ما بين مفردتين الاولى مفردة (الحق) والثانية هي مفردة (الانسان) (1) .
لذلك لا بد ان نتعرف على ما هو الانسان ؟ وما هو الحق ؟ وكذا الحال بالنسبة لحقوق الانسان .
الانسان :-
يعرف الانسان بأنه الموجود الذي يمتلك بطبيعته عناصر فطرية تولد معه وهي تتطلب مسيرة معينة اذا اخرج عنها خرج عن الصفة الانسانية (2) واذا عومل معاملة تخالف فطرته كانت تلك الممارسة غير انسانية .
قالت العرب ان الانسان يشمل الذكر والانثى ، وهو مشتق من الانس ووزنه (( فعلان)) وهو قول اللغويين البصريين . وقيل انه مشتق من النسيان وهو قول اللغويين الكوفيين . وعلى ذلك سمي الانسان انسانا ً اما لتأنسه واما لنسيانه ، وهو يختص بالأخير بين الكائنات بأسم يميزه وهو اسم الانس (3) ويطلق لفظ الانسان في اللغة على كل فرد من افراد الجنس البشري (4) اما من الناحية الاصطلاحية يّعرف الانسان بأنه كائن بشري عكس حيوان للمذكر والمؤنث ويتميز بسمو خلقه (5) .
1 . عامر حسن فياض (مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان) الناشر صباح صادق ط1 ، بغداد ، 2003 ، ص76 .
- عالية عبد الله – الفقه السياسي الاسلامي المعاصر- مجموعة محاضرات .
- عامر حسن فياض ، مصدر سبق ذكره ، ص 78 .
- نسرين محمد عبده حسونة ، حقوق الانسان في المفهوم والخصائص والتصنيفات والمصادر ، 2015 ، ص 4 .
- نسرين محمد عبده حسونة ، نفس المصدر السابق .
اما الانسان في نظر علماء الاجتماع والفلاسفة فهو حيوان اجتماعي ، عاقل ومفكر ، وفيما يتعلق بالقران الكريم والاحاديث النبوية الشريفة ، فقد اجتمع في تعريفين جامعين :
الاول : ان الانسان مخلوق مكلّف ، والتكليف صفة بارزة من صفات الانسان ، تفصله عن الكائنات الاخرى بالفعل الذي هو منا التكليف .
الثاني : الانسان الذي خلقه الله سبحانه و تعالى مخلوق في احسن تقويم من الناحية التكوينية ومن الناحية الفطرية وكما ورد بقوله تعالى ( لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ) (6) ويختلف الانسان عن بقية الكائنات الحية بما يمتلكه من تفكير وادراك ونطق ووظائف عديدة يتميز بها عن سائر الانواع الحية ، من انتصاب للقامة ، ووزن الدماغ ، والقدرة على الكلام ، اي امتلاكه خاصية العقلانية والارادة والوعي والاحساس بالمرارة والفطرة الانسانية ، وهو اجتماعي بطبعه قادر ان يتفهم حقوقه وواجباته من خلال علاقاته بالآخرين وتطابق مصلحته مع المصالح الجماعية العامة ، فهو يحمل صفة الكائن الفردي باحتفاظه بشخصيته وكيانه ، وكذلك كائن اجتماعي يبحث عن الاجتماع بالآخرين فهذه الصفة هي التي ادت الى ظهور حقوق الانسان لأنها لا تظهر الا في مواجهة الغير والعيش في مجتمع (7) .
6 . سو ة التين – اية رقم 4 .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديمقراطية ، 2013 ، ص 11 .
اما بالنسبة للحق لغويا ً فانه يفيد معنى الثابت الذي لا يسوغ انكاره واليقين بعد الشك وهو العدل والامر المقضي والمال والملك وصدق الحديث وهو من اسماء الله تعالى او من صفاته (8) وكذلك الحق نقيض الباطل وجمعه حقوق وحقاق ، صار حقا ً وثبت وكما ورد بقوله تعالى ( وقال الذين حق عليهم القول ) (9) اي ثبت .
وكما ان الحق هو الموجود الثابت الذي لا يسوغ انكاره وهو نقيض الباطل وكما ورد بقوله تعالى ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) (10) .
وكذلك يطلق على الحق معاني كثيرة منها :- مطابقة القول للواقع الموجود حقيقة لا الموجود توهما ً ، التصور السالم من التناقض …… الخ (11) .
وان المعنى العام للحق هو الاساس الثابت لبقاء الانسان الصالح فردا ً او جماعة وهو القدر الذي توزن به الاشياء والمعيار الذي ينشده العقلاء (12) .
وهو ما ينطبق عليه قوله تعالى ( لقد حق القول على اكثرهم ) (13) .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط 1 ، 2003 ، ص 76 .
9 . سورة القصص ، اية رقم 63 .
- سورة البقرة ، اية رقم 42 .
11 . عامر حسن فياض ، مصدر سبق ذكره ، ص 76 .
12 . نسرين محمد عبده حسونة ، حقوق الانسان في المفهوم والخصائص والتصنيفات والمصادر ، 2015 ، ص 5 .
- سور يس ، اية رقم 7 .
والحق في اللغة :- هو اسم من اسماء الله تبارك وتعالى وصفته ، قال تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق وانه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير ) (14) وقوله تعالى ( فتعالى الله الملك الحق لا اله الا هو رب العرش الكريم ) (15) ومن معاني الحق (الثابت والوجوب) فيقال : (حق الله الامر حقا ً اي اثبته واوجبه) قال تعالى ( ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ) (16) وكذلك قوله عز وجل ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون ) (17) .
وهو القرآن الكريم بقوله تعالى ( فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم انباء ما كانوا به يستهزئون ) (18) .
وهو العدل ( وقُضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) (19)
ويقال (احق به) بمعنى اجدر ، ويقال ( كان حقا ً له في مال ابيه ) اي له نصيبا ً وحظا ً من ذلك المال . قال تعالى ( وفي اموالهم حق للسائل والمحروم ) . (20)
اما الحق اصطلاحا ً :- يقصد به الميزات والمصالح او الحريات التي يتوقعها الفرد او الجماعة من المجتمع او من الدولة وبما يتفق ومعاييرها (21) وكذلك هو : (مصلحة ثابتة للفرد او المجتمع او لهما معا ً ) (22) وفي الفقه القانوني فأن للحق معنيان ، الاول ما كان فعله مطابقا ً لقاعدة محكمة اي ثبت ووجب وحق المرء ان يفعل كذا والثاني ما تسمح بفعله القوانين الوضعية او ما تسمح به العادات والتقاليد والاخلاق (23) .
- سورة الحج ، اية رقم (6) .
- سورة المؤمنون ، اية رقم (116) .
- سورة الانفال ، اية رقم (7) .
- سورة الانفال ، اية رقم (8) .
- سورة البقرة ، اية رقم (42) .
- سورة الانعام ، اية رقم (5) .
- سورة الذاريات ، اية رقم (19) .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، ص 10 .
- عالية عبد الله ، الفقه السياسي الاسلامي المعاصر .
- عامر حسن فياض ، مصدر سبق ذكره ، ص 76 .
وهذا الفقه قد ميز ما بين نوعين من الحقوق وهما :- الحق الطبيعي والحق الوضعي .
الاول يقصد به مجموع الحق اللازم لطبيعة الانسان من حيث هو انسان ، اما الثاني فهو من الحق المنصوص عليه في القوانين المكتوبة والعادات الثابتة .
فالحق الطبيعي يحتضنه القانون الطبيعي واما الحق الوضعي .
والحق في القانون :- ما قام على العدالة والانصاف وسائر احكام القانون ومبادئ الاخلاق (24) ، فحق الشخص في الحياة وحقه في الحرية وحقه في ان يشترك في حكم بلده ، كل هذه حقوق ترد الى قيم ادبية او معنوية .
وقد تكون القيمة مالية ، فحق الملكية يرد على شيء مادي معين يمكن تقويمه بالنقود ، فسواء كانت القيمة مالية او غير مالية فأن ثبوتها للشخص لا يكون الا بناء ً على اعتراف من القانون . (25)
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، ص 10 .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، ص 78 .
المبحث الثاني: حقوق الانسان في الوثائق الدستورية
ان فكرة اعلان (حقوق الانسان) التي تعتبر (اصلية وازلية) ومن ثم فهي تسبق اي تشريع وتحكمه ولو كان تشريعا ً دستوريا ً قد تبلورت خلال الثورة الامريكية على بريطانيا . وقد نص اعلان استقلال الولايات المتحدة في 6 يوليو 1776م على (( ان كل الرجال قد ولدتهم امهاتهم سواسية )) وتضمن الاعلان في صدره ذكر حقوق الانسان في المساواة والحرية والحياة والسعادة وتغيير الحكومات التي لا ترعى تلك الحقوق (26) .
وعلى اثر قيام الثورة الفرنسية صدر اعلان حقوق الانسان والمواطن في 14 اغسطس 1789م وتتصدره العبارة الذائعة ( يولد الناس احرارا ً ومتساويين في الحقوق (27) ، وسادت مبادئ الاعلان الفرنسي المذكور آنفا ً الدساتير الفرنسية التالية وكثيرا ً من دساتير دول اوروبا الغربية الصادرة خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين .
وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت دساتير جديدة لبعض الدول الغربية ومنها فرنسا وايطاليا والمانيا الاتحادية وقد سبقتها اعلانات جديدة لحقوق الانسان او مقدمات للدساتير تتضمن هذه الحقوق ، واخذت تتجلى في تقرير حقوق الانسان النزعة الى تأثير الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الى جانب الحقوق السياسية والفكرية ، والى تأكيد النزعة الايجابية في تقرير حقوق الانسان ومسؤولية الدولة تجاهها ، فقد كان الاعلان الفرنسي عام 1789م مثلا ً يلزم الدولة بحدود لا تتعداها في مواجهة الفرد ضمانا ً لحريته فأصبح الاتجاه الى تخويل الفرد حقا ً يطالب به المجتمع ممثلا ً في الدولة حتى تؤدي ما ينبغي عليها من التزامات ازاء الافراد (28) .
- محمد فتحي عثمان ، حقوق الانسان بين الشريعة الاسلامية والفكر القانوني الغربي ، دار الشروق ، ط 1، 1982، ص13 .
- محمد فتحي عثمان ، مصدر سبق ذكره ، ص 13 .
- نفس المصدر السابق ، ص 14 .
ونتيجة التطور الكبير في نظم الاتصالات والتبادل الاقتصادي والثقافي بين الافراد والدول تطورت فكرة حقوق الانسان ، بعقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تخص الاعتراف وحماية حقوق الانسان وتحديد الحقوق والحريات الاساسية بمواد قانونية ملزمة للأطراف الموقعة عليها ، مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م وغيرها (29) ، فاذا كان الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن قد عبر عن الاهتمام المتزايد بحقوق الانسان ، فأن تدويل هذه الحقوق ترجع الى بداية الاهتمام المتزايد للمجتمع الدولي بهذه الحقوق والمتجسدة باهتمام الدول الاعضاء المنضوية في عصبة الامم بتضمين عهد العصبة موادا ً تصب في حقل حقوق الانسان (30) ، ونتيجة بشاعة الحرب العالمية الثانية وما افرزته من انتهاكات بعض انظمة الحكم لحقوق الانسان وتدهور الحريات الاساسية مما ادى الى المزيد من الاقتناع بوجوب اقرار نظام لحقوق الانسان وحماية دولية فعالة لها كشرط لإقرار الامن والسلام الدوليين ، وقد اقر ميثاق الامم المتحدة وخرج الى العلن في 25/يونيو/1945 وبالإجماع في مؤتمر سان فرانسيسكو مشيرا ً الى حقوق الانسان وحرياته الاساسية في عدد من الفقرات . وان معالجة هذا الميثاق لحقوق الانسان كانت بمثابة اشارات عامة مما دفع العديد من المختصين الى التأكيد الى عدم كفاية الميثاق لحل المشكلة ، خصوصا ً نه لم يشر (الميثاق) الى ما هية هذه الحقوق ؟ ، كما انه لم يوفر اجهزة معنية بالرقابة على ضمانها وحمايتها .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، بغداد ، 2013 ، ص 18 .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط1 ، بغداد ، 2003، ص 912 .
في بداية سنة 1946 انشئ المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للمنظمة الدولية لجنة خاصة بحقوق الانسان ثم بحثت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع اعلان خاص بحقوق الانسان والحريات الاساسية في دورتها المنعقدة بلندن / يناير1946 ثم ت تحويل هذا المشروع الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي بدوره احاله الى اللجنة الخاصة بحقوق الانسان كي ترجع اليه في اعداد وثيقة دولية لحقوق الانسان (31) وقد قامت تلك اللجنة في اول اجتماعاتها عام 1947 بتفويض الاشخاص المسؤولين لصياغة المسودة الاولية للوثيقة الدولية لحقوق الانسان وانتهى الامر الى اعداد صياغة رسمية لهذا الاعلان تحمل تصريحا ً بالحقوق الانسانية للإنسان والحريات والتأمينات الاجتماعية على اختلاف انواعها وميادينها والتي يجب ان يتمتع بها الانسان كما انه يحمل ثلاثين بندا ً جوهريا ً .
وقد أعلن بصفة (وثيقة) من قبل الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة والتي اجتمعت في (قصر شايو) في باريس في 10/12/1948 تحت عنوان (الاعلان العالمي لحقوق الانسان) (32) .
واهمية هذا الاعلان وفاعليته تتأتى من كونه قد وضع في وقت لم يكن فيه اعضاء الامم المتحدة يتجاوزون (56) عضوا ً وقد وافق على صدوره (48) عضوا ً وكانت ضمن الدول التي صوتت لصالح الاعلان (اربعة دول عربية) وهي ( مصر ، العراق ، سوريا ، لبنان ) وامتنعت (ثمان) دول عن التصويت وهي ( الاتحاد السوفيتي ، بيلاروسيا ، تشيكوسلوفاكيا ، بولندا ، اوكرانيا ، يوغسلافيا ، المملكة العربية السعودية ، جنوب افريقيا ) بينما لم تشارك في التصويت الا دولتين من بينهما اليمن .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط 1، بغداد ، 2003 ، ص 92 .
- عامر حسن فياض ، نفس المصدر السابق .
وهكذا فأن الاعلان العالمي لحقوق الانسان يمثل المرحلة الاولى من مراحل ثلاث شهدتها حركة الاهتمام الدولي بحقوق الانسان وهي :-
المرحلة الاولى :- مرحلة ((اعلان)) يحدد ويعين الحقوق المختلفة للإنسان والتي يجب احترامها .
المرحلة الثانية :- مرحلة الاتفاقيات التي تلزم الدول الاطراف فيها باحترام هذه الحقوق .
المرحلة الثالثة :- مرحلة التدابير والاجهزة التي تقوم على التطبيق . (33)
وبدون شك ان ميثاق الامم المتحدة يشير الى حقوق الانسان في عدة مواضع ( في الديباجة وفي المواد : 76،68،62،55،3،1 ) (34) ، ويمكن القول بأن مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان تضمنت سلسلة من الحقوق والحريات والتي يمكن ان تقسم الى اربعة انواع من الحقوق وهي :-
- الحقوق الشخصية :- (حياة الانسان ، وحريته ، وسلامته ، وكرامته ، والمساواة امام القانون ، وتحريم الرق والتعذيب والاضطهاد ) .
- الحقوق الاجتماعية :- الزواج ، الملكية ، حق اللجوء ، الحق في الجنسية .
- الحريات العامة والسياسية :- حرية المعتقد والتعبير والاجتماع والانتخاب وتكوين الجمعيات .
- الحقوق الاقتصادية والثقافية :- الحق في العمل والحريات الثقافية والثقافة والراحة والضمان الاجتماعي .
وبهذا اصبح الاعلان العالمي لحقوق الانسان مرجعا ً ومستندا ً لهيئة الامم المتحدة وللدول الاعضاء تعتمد عليه للوقوف في وجه التيارات والحركات والتصرفات الرامية الى احتقار حقوق الانسان. (35) .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، مصدر سبق ذكره ، ص 93 /94 .
- سعد حقي توفيق ، مبادئ العلاقات الدولية ، ص 600 .
- سعد حقي توفيق ، المصدر السابق ، ص 601 .
المبحث الثالث : انواع حقوق الانسان
حقوق الانسان في جوهرها حقوق في حالة حركة وتطور وليست حقوق ساكنة ، وفي الوقت نفسه تتميز بالتنوع فيما بينها ، وهذا التنوع مصدر ثراء لها ، ونظرا ً لعددها الكبير فقد وضعت معايير عديدة لأجل تصنيفها منها :-
- من حيث اهميتها تقسم الى حقوق اساسية وغير اساسية .
- من حيث اشخاصها المستفيدين منها تصنف الى حقوق فردية وحقوق جماعية .
- من حيث موضوعها تصنف الى حقوق مدنية وسياسية من جهة وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية من جهة اخرى .
- وهناك حقوق حديثة وتسمى حقوق التضامن . (36)
- الحقوق الاساسية وغير الاساسية :- وهي الحقوق اللازمة كيان الانسان والثابتة لكل شخص بمجرد وجوده لكونه انسانا ً ، وتتسم بصفة القواعد الآمرة والتي لا يجوز انتهاكها او مخالفتها والتي يعد تحقيقها وتعزيزها شرطا ً سابقا ً وجوهريا ً للتمتع بكافة حقوق الانسان الاخرى الحق في الحياة والحرية والامان الشخصي وتحريم التعذيب والمعاملة او العقوبة القاسية او اللا انسانية او المعاملة باحترام وعدم توقيف احد او اعتقاله تعسفا ً ، والمساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الاساسية على اساس العنصر او اللون وغيرها ، وتحريم الاسترقاق والاستعباد والاتجار بالرقيق وقد ورد ذكر هذه الحقوق في مقدمة ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان في المواد (8،9،6،3) (37) .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، بغداد ، 2003 ، ص 13وص 14 .
- ياسين محمد حسين ، المصدر السابق ، ص 14 .
الحقوق غير الاساسية :- وتشمل بقية الحقوق المتعلقة باستكمال حياته ورفاهه وسعادته والتي تحقق له قدرا ً كافيا ً من الكرامة والعيش الرغيد ، منها حقوق سياسية متعلقة بمشاركته في الحياة العامة ، كالحق في حرية التفكير والوجدان والدين ، وحرية التعبير والرأي ، وحرية الاجتماع وانشاء الجمعيات والاشتراك بها ، وحق المشاركة في ادارة شؤون الدولة وتقلد الوظائف والحق في العدالة القضائية وحقه في محاكمة عادلة ، وحقه بالعمل والتعليم والانتماء وحرية الفكر والضمير والرأي ….. الخ (38) وتمثلت بالمواد (19،18) فيما يخص حرية الرأي والمعتقد الديني وحرية التعبير والنشر والمادة (23) منه فيما يتعلق بحرية اختيار العمل والمواد (11،10،9) فيما يخص الحق بالعدالة وباللجوء الى المحاكم وحق التملك في المادة (17) منه . (39)
الحقوق المدنية والسياسية :- وهي الحقوق المرتبطة بالحريات اللازمة لكل فرد باعتباره عضوا ً في المجتمع ولا يمكن الاستغناء عنها وتتميز بانها حقوق للتطبيق الفوري ولا تحتمل التأخير او التدريج في تطبيقها ، وهي حقوق سهلة التطبيق لا تكلف الدولة ماديا ً ومعنويا ً ومنها حق الحياة (40) . حيث اكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان على ان (( الانسان يعد حرا ً متساويا ً في الحقوق والكرامة مع غيره )) (41) وهذا ما تتجسد في المادة (1) منه ، ويعتبر حق الحياة من اهم الحقوق المدنية والتي اكدتها الشرائع السماوية والدساتير الوضعية والاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، وعدم التعرض للتعذيب او المعاملة القاسية وهذا ما ذهبت اليه المادة (9) فقد منع الاعلان القبض او الحجز او النفي التعسفي (42) فالأصل في الانسان البراءة ما لم تثبت ادانته من محكمة علنية نزيهة تؤمن له فيها ضمانات الدفاع ، ولا يمكن ان يحكم عليه الا اذا وجد قانون يجرم الفعل وقت ارتكابه ويحدد له العقوبة الملائمة ، فلا جريمة ولا عقوبة الا بنص ( المادتان 10 و11 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، مصدر سبق ذكره ، ص 14 .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط 1 ، بغداد ، 2003 ، ص 92 .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، مصدر سبق ذكره ، ص 15 .
41 . عامر حسن فياض ، المصدر السابق ، ص 93 .
- عامر حسن فياض ، المصدر السابق ، ص 92 .
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :- وهي الحقوق التي ترتبط بالأمة ، والتي تتطلب تدخلا ً ايجابيا ً من قبل الدولة من اجل كفالتها ، وتسمى بالحقوق الايجابية اي التي تلتزم بها الحكومات بعمل اشياء معينة وبصورة تدريجية ومنها الحق في العمل والراحة والاجازة ، وحق الملكية والحق في تأسيس اسرة والحق في الضمان والتأمين الاجتماعي والحق في الصحة والحق في التربية والتعليم والحقوق التقاعدية (42) وهذا ما ذهبت اليه المادتين ( 26 و 27 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (43) وكذلك ما جاء في المادة (22) (( الضمانات الاجتماعية والحقوق الاقتصادية والتربوية لا غنى عنها لكرامة الانسان ونمو الشخصية )) (44) . وكذلك للحفاظ على كرامة الانسان وتمكينه الاستفادة من حقوقه وحرياته الاساسية ، لا بد ان يتمتع بقدر من التعليم ، لذا كان الحق في التعليم بحيث يكون الزاميا ً ومجانيا ً في المرحلة الاساسية الاولى ، ومجانيا ً في المرحلة الاساسية الثانية ، مع التأكيد على …..التعليم المهني ( المادة 26) .
حقوق التضامن :- (( وتسمى بجيل الحقوق التضامنية وهي تلك الحقوق التي تقتضيها طبيعة الحياة المعاصرة والتي وجدت نتيجة تطور النظام الدولي واتساع دائرة المعرفة وثورة الاتصالات والتقدم التكنولوجي ، وهي تفترض دورا ً ايجابيا ً على الشعوب والحكومات والمجتمع الدولي لتحقيقها ومن هذه الحقوق : الحق في السلام ، الحق في التنمية ، الحق في البيئة النظيفة ، الحق في الهدوء ، الحق في الثروات الموجودة في ماء البحار ، الحق في المياه المالحة ، الحق في الاغاثة عند الكوارث (45).
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، مصدر سابق ، ص 15 .
- عامر حسن فياض ، مصدر سابق ، ص 92 .
- عامر حسن فياض ، مصدر سابق ، ص 94 .
- نقلا ً عن ياسين محمد حسين ، ص 15 .
ويمثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان اول وثيقة دولية رسمية سجلت فيها حقوق الانسان على وجه التحديد ، بيد انه ليس من شأنه وحده حماية هذه الحقوق من انتهاكها والاخلال بها لأنه ليست للإعلان صفة الالزام وكذلك لا يتضمن اي اجراءات او عقوبات عند مخالفة احكامه ولا وجود لضمانات تنفيذه ، لهذا طلب الى لجنة حقوق الانسان وكانت مؤلفة من (ثمانية عشر دولة) ومن بينها مصر ان تعد مشروع ميثاق لهذه الحقوق تقره الدول وتتقيد به ، وان تبحث في الوسائل الكفيلة بحماية الحقوق المذكورة والجزاءات التي يمكن تطبيقها في مسألة الاخلال بها ، كما يتم تحديد الاجهزة التي تتولى هذا التطبيق على ان تقدم اللجنة مقترحات بهذا الشأن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بغية عرضها على الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ القرارات الملائمة بصددها (46) ، وقد تمكنت اللجنة من الوصول الى صياغة مشاريع لاتفاقين قامت بإعدادهما بناء ً على تكليف الجمعية العامة عام 1953 ، احدهما خاص بالحقوق المدنية والسياسية والثاني خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستغرق انجازهما عشر سنوات حتى اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة على شكل اتفاقيتين في 16/ كانون الاول – ديسمبر/ 1966 ، حيث لم تقف المصادر الدولية لحقوق الانسان عند حد الاعلان العالمي لحقوق الانسان بل واصلت الجمعية العامة للامم المتحدة جهودها الحثيثة في هذا المجال ، فقد اعتمدت اتفاقية منع جريمة ابادة الجنس البشري والمعاقبة عليها عام 1948 ، ومن الاتفاقيتين الدوليتين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية عام 1966 ودخلتا حيز التنفيذ في عام 1976 . (47) .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط 1 ، بغداد ، 2003 ، ص 95 .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، بغداد ، 2013 ، ص 51 .
حيث كان هدف الجمعية العامة للأمم المتحدة من اصدار هاتين الاتفاقيتين التأكيد على مبادئ مهمة وهي :-
- تحرير الشعوب من الاستعمار .
- تحريم الاسترقاق والتمييز العنصري .
- تقرير الحريات العامة وصيانتها من اضطهاد الحكومات .
- تقرير حماية خاصة لبعض الفئات كالطفل والمرأة والعجزة .
اولا ً : العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية :-
حيث تضمن هذا العهد مجموعة حقوق الافراد الشخصية كالحق في الحياة والامن والسلامة الشخصية ، وعدم اخضاع اي انسان للتعذيب او للعقوبة او معاملة قاسية او غير انسانية ، كما تضمن حق التنقل والاقامة والعودة الى ارض الوطن، واكد على المساواة امام القضاء وحق التمتع بحرية الفكر والضمير والديانة والحق في الترشيح والانتخابات وفي الحصول على الخدمات العامة (48) . وهذا العهد الذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 واصبح نافذا ً عام 1976 يهدف الى تعزيز وحماية الحقوق التاريخية المدنية والسياسية التي هي اساس الامن ورخاء الانسان اينما وجد دونما تفرق بين الرجال والنساء (49) .
يتكون العهد من ديباجة وثلاثة وخمسين مادة ، اشارت الى حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها والحق في المساعدة والتعاون الدولي والتعهد بضمان ممارسة الحقوق وضمان مساواة الذكور والاناث وعدم جواز حرمان احد من حياته تعسفا ً وعدم جواز الحكم بعقوبة الاعدام على جرائم ارتكبها اشخاص دون الثامنة عشر من العمر ولا يجوز تنفيذ هذه العقوبة بحق الحوامل .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط 1 ، بغداد ، 2003 .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، مصدر سبق ذكره ، ص 51 .
وتضمنت باقي المواد الاخرى الحقوق المدنية والسياسية ، وقد اطلق القانونيين على هذه الحقوق المدنية والسياسية في هذا العهد اسم ((الجيل الاول)) لحقوق الانسان ، لأنها حقوق وحريات اساسية يسعى البشر الى تحقيقها . (50)
ثانيا ً :- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :-
حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 ، ويتكون من ديباجة واحدى وثلاثون مادة ، نصت مواده على الاعتراف بالحق في العمل ، والحق في تكوين النقابات والحق في الضمان الاجتماعي ، وحق منح الاسرة اكبر حق من الحماية ، المساعدة ، والحق في الحصول على مستوى معيشي مناسب للشخص والافراد واسرته ، وحق التمتع بأعلى مستوى في الصحة الجسمية والعقلية والحق في التربية والتعليم والحق في المشاركة في الحياة الثقافية (51) ويعتبر هذا العهد تكملة للجيل الاول من حقوق الانسان والمتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، ولد الجيل الثاني لحقوق الانسان متمثلا ً بالحقوق التي تضمنتها الاتفاقية الثانية والتي حملت اسم العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (52) ، والذي تم اعداده واصداره بفعل تأثير البلدان النامية التي اخذت تعاني بعد استقلالها من مشكلات ذات طابع اقتصادي واجتماعي وثقافي يستلزم صيانة حقوقها وحقوق افرادها في هذا المضمار .
وعليه اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العهد والذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار رقم (200) في 16/كانون الاول – ديسمبر/ عام 1976.
- عامر حسن فياض ، مصدر سابق ، ص 96.
- ياسين محمد حسين ، مصدر سابق ، ص 52.
- عامر حسن فياض ، مصدر سابق ، ص 97 .
وان معظم الحقوق الواردة في هذا العهد تتوقف في تطبيقها على الدولة المعنية ونموها وتطورها ومعظم حقوق هذا العهد تتميز بالطابع الجماعي ، فيصفها الفقهاء بأنها حقوق حماية اي انها خاصة بـ(الشعوب) او بـ(الاقليات) غير انها حقوق لكل شخص ولكل فرد وبالتالي لكل انسان وعنى ذلك ان صفة الفردية هي الصفة الغالبة في النهاية على جميع تلك الحقوق أيا ً كان تكييفها وهي ملتصقة بصفة الانسان سواء أكان في عزلة او في وسط جماعة من الناس (53) ، ويشير المختصون الى ان العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان بنيا على اربعة اسس مهمة وهي :
- تحرير الشعوب من الاستعمار .
- تحرير الانسان من قهر الانسان .
- تحرير الانسان من قهر الحكومات والسلطات .
- تحرير الانسان الضعيف من اسباب ضعفه (54) .
وتشكل الوثائق التالية الشرعية الدولية لحقوق الانسان :
- الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 .
- العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 .
- البروتوكولين الملحقين بهما .
- عامر حسن فياض ، مقدمة منهجية في الرأي العام و حقوق الانسان ، الناشر صباح صادق ، ط1 ، بغداد ، 2003 ، ص 98 .
- ياسين محمد حسين ، حقوق الانسان والديموقراطية ، بغداد ، 2013 ، ص 52 .