سياسة روسيا الخارجية تجاه المملكة العربية السعودية الفترة بعد “2011”
إعداد الباحث : مصطفى محمود شحاتة محمود
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
تعتمد روسيا في سياستها الخارجية منهج توازن القوى، إذ لا تسعى وراء نظام عالمي أحادي القطبية أو حتى ثنائي القطبية تكون طرفا فيه، وذلك نابع من إدراكها صعوبة معادلة القوة الأمريكية في أي وقت قريب. والأزمة الاقتصادية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مطلع هذا القرن، دفعت النظام العالمي للبدء في تحول هيكلي يميل للتعددية القطبية، إضافة إلى تنامي التطلعات الروسية في الآونة الأخيرة، أو بالأحرى بعد وصول فلاديمير بوتن للسلطة، ما قد يتيح لروسيا دور جديد أهم من سابقه داخل النظام العالمي، وفي المنطقة العربية التي هي محور الصراعات الدولية.
وإذا كانت روسيا قد عادت بعد فترات طويلة من الأفول، فإن ذلك يعزو في جزء كبير منه لوجود محفز قوي، بيد أن أمر انخراطها في السياسة الدولية من انكفاءها مرتبط أساسا بدافعها الأمني.
والجديد، أن روسيا باتت اليوم مهددة أمنيا بشكل أكبر، إذ أنه وبتوغل الغرب في أوروبا الشرقية ومنطقة المياه الدافئة الظاهر إبان أزمة القرم ومن قبلها الأزمة الجورجية، ظهر مهدد أكبر تمثل في صعود الإسلام السياسي في بعض بلدان الربيع العربي، وقد نظرت روسيا لذلك بمنتهى الحظر، فأمر انتقال عدوى الصعود الإسلامي لجنوبها أو الفضاء الإسلامي الموحد كما تطلق عليه، يعني تهديد صريح للأمن الداخلي الروسي، خاصة باحتوائها أقليات مسلمة بعضها مستنفر وجاهز للانتفاض.
وأن ذلك حتّم على روسيا تبني استراتيجية أمنية مختلفة، حين قررت الأخذ بزمام المبادرة، والانتقال من موقع الدفاع إلى الهجوم. وذلك يفسر التقارب الروسي مع بعض القوى في المنطقة ذات الاهتمام المشترك بالقضايا الأمنية، ومنها المملكة العربية السعودية، التي باتت مهددة هي الأخرى أكثر من أي وقت مضي، خاصة بعد التوغل الإيراني في شبه الجزيرة العربية، وسقوط أنظمة عربية كانت قادرة على صد إيران، وقد اتسم هذا التقارب بالطابع البرجماتي بعد فترات طويلة من الخلاف الأيديولوجي بينهم.
فكانت المحاولة في دراستنا لتفسير طبيعة العلاقة، وتطورها، نتيجة تأثرها بالأحداث الطارئة من جهة، وحجم وطبيعة دوافع أطرافها من جهة أخرى.
أولا، أهمية الدراسة:
تكمن الأهمية النظرية للدراسة في التراكم المعرفي والعلمي حول موضوع السياسة الخارجية الروسية وتطورها قبل وبعد عام 2011 تجاه إحدى أهم دول المنطقة العربية، بينما تحاول الأهمية العملية توظيف ذلك التراكم العلمي لمعالجة القصور في الواقع محل البحث، أو بالأقل لفت انتباه السياسي العربي لعدة نقاط بارزة، يستعين بها في تفسير منطق وأهداف الاستراتيجية الروسية تجاهه، بغية الوصول إلى رؤى مستنيرة، يدمجها في أطر تعاملاته على أرض الواقع.
ثانيا، إشكالية الدراسة:
لاحظ الباحث الصعود الروسي بعد فترات من الانكفاء، وأداءها دورا أكثر أهمية في النظام العالمي الراهن، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط المزدحمة بالأحداث والتطورات بعد عام الربيع العربي، فكان التساؤل البحثي لهذه الدراسة منصب أساسا نحو: إلى أي مدى تأثرت السياسة الخارجية الروسية تجاه المملكة العربية السعودية بالتطورات الراهنة منذ 2011؟
وينبثق عن هذا التساؤل البحثي عدة تساؤلات أخرى فرعية يدور غمارها البحث:
- ما الدور الروسي الفاعل في النظام العالمي الحالي؟
- ما محددات السياسة الخارجية الروسية؟
- ما طبيعة السياسة الخارجية الروسية تجاه المملكة العربية السعودية؟
- ما درجة استجابة تلك السياسة للأحداث الراهنة؟
- ما هي نقاط التقارب والتباعد في إحداثيات تلك العلاقة؟
- ما التصور المتوقع لمستقبل هذه العلاقة؟
ثالثا، فرضيات الدراسة:
بناء على قراءة الباحث للواقع محل الدراسة، أفرد عدة فرضيات لبحثه وسعى لاختبار صحتها:
- ثمة علاقة واضحة وقوية بين التغير في طبيعة النظام العالمي، وحجم الدور الروسي فيه.
- الدافع الأمني ممثلا في وقف الإسلام السياسي يعتبر محرك أساسي للسياسة الخارجية الروسية.
- السياسة الخارجية الروسية تشهد اندثار للدافع الأيديولوجي في مواجهة الدافع الاقتصادي.
- البدائل التي تلعب بها المملكة العربية السعودية في تسيير سياساتها الخارجية صارت محدودة.
رابعا، حدود الدراسة:
ينصرف الإطار المكاني للدراسة إلى المجال الجغرافي الذي تنفذ إليه وتطبق فيه السياسة الخارجية الروسية تجاه المملكة العربية السعودية كجزء من شبه الجزيرة العربية، في قلب منطقة الشرق الأوسط، في حين تحدد الإطار الزمني بالفترة بعد عام 2011، والتي شهدت اندلاع أحداث الربيع العربي بصورة سريعة ومتلاحقة.
خامسا، مراجعة الدراسات والأدبيات السابقة:
- ستيفن بروكس، وآخرون، ” لا لعودة أمريكا إلى الوطن”[1]: سياسة الانخراط العميق جعلت الدور الأمريكي في النظام العالمي أقل فاعلية، ودفعت قوى أخرى للصعود.
- عبد الجليل زيد، ” أمن الخليج بعد حرب العراق”[2]: هناك إمكانية لانتعاش الاستقطاب السياسي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع اختلاف التوجهات السياسية لها.
- إيمان رجب، ” إعادة تقييم النظام الإقليمي العربي في مرحلة ما بعد الثورات”[3]: تبنت دول الخليج استراتيجيات جديدة، تقوم على التوافق والتحالف المرن في إدارة علاقاتها مع القوى الخارجية المختلفة.
سادسا، منهج الدراسة:
خلال هذه الدراسة سيتم الاعتماد على منهج صنع القرار[4]: المعني بقياس درجة استجابة صانع القرار للمؤثرات البيئية الداخلية والمؤثرات البيئية الخارجية. وأهم مقولاته:
- عملية صنع القرار تمثل الجانب المحوري في الدراسات السياسية.
- ويبرز دور الشخصية والاستعداد النفسي في توجيه أمور الدولة داخليا وخارجيا.
سابعا، تعريفات أساسية:
- النظام الدولي: هو الإطار المؤسسي والدبلوماسي والسياسي والقانوني المنظم للعلاقات الدولية خلال فترة تاريخية معينة. ويعد التفاعل بين وحداته وتنظيماته السياسية محرك رئيس فيه[5]. ويختلف عن المجتمع الدولي في كون الأخير يشير إلى مجموع القوميات، إذ تتكون القومية الواحدة من شعب وإقليم وسلطة[6]. ويؤثر البنيان الدولي على سياسات وحداته الدولية، وقد يدفع بعضهم لتبني نمط معين من السياسات الدولية، إذ يتفق دارسو السياسة الخارجية على أن قدرة الوحدات الصغيرة والمتوسطة على التحرك السياسي المستقل في النسق الدولي تزداد كلما ازداد الطابع التعددي للنظام الدولي[7].
- العلاقات الدولية: ظهرت منذ فجر التاريخ كسلوك إنساني هادف، وتطورت على أسس ومبادئ أخلاقية، لذا فإنه من الخطأ اعتبار أن البداية الحقيقية للعلاقات الدولية قد نشأت في أوروبا، وتحديدا بعد معاهدة صلح ويستفاليا[8]. يمكن التمييز بين مفهومي العلاقات الدولية والسياسة الدولية، إذ يتسع المفهوم الأول ليشمل كل صور العلاقات والمجتمعات والشعوب والجماعات الحاضرة في المجتمع الدولي، في حين يتركز اهتمام الثاني في محاولة التعرف على الكيفية التي تتعامل بها الدولة مع السياسات الخارجية التي تنتهجها القوى والأطراف الفاعلة في النظام الدولي، وعلى رأسهم الدول[9].
- الأيديولوجية: هي محاولة لتمطيط الواقع، كي يخرج عن حدوده[10]. وتُقدم الأيديولوجية الأهداف العليا الأخيرة للسياسة الخارجية، وفي حالة الأيديولوجية الروسية تؤدي عدة وظائف[11]:
- نظام للمعرفة والتواصل، ومنهج للتحليل والتشخيص ومعالجة الوضع الاجتماعي.
- السعي وراء التحول بالوضع الاجتماعي إلى العهد الشيوعي الذهبي المنشود.
- تقدم رمزا للاستمرار والشرعية.
ونمو تأثير الأيديولوجيا في العلاقات الدولية يتضح في ظل تباين الأيديولوجيات القائمة إلى حد التناقض، وكذا تزايد دور الرأي العام في صنع السياسة الخارجية. وتختلف حدود الأيديولوجيات بين أيديولوجية فرعية ينتمي لها قطاع محدد من قطاعات الرأي العام الداخلي، إلى أيديولوجية قومية يشمل تأثيرها الدولة بأكملها، وتصل إلى أيديولوجية دولية يمتد تأثيرها لأكثر من دولة. وكان حرص الاتحاد السوفيتي قديما على ربط دول شرق أوروبا بأيديولوجيته بهدف حماية أمنه القومي، إذ يبدو أن مسألة الأمن القومي تشكل ركن أساس في تلك الأيديولوجية[12].
- الاستراتيجية: من الفنون العسكرية، ويقصد بِها التخطيط وتحديد الوسائل التي يجب الأخذ بِها في القمة والقاعدة، لتحقيق أهداف بعيدة، كما تستعمل في الخطاب السياسي[13]. والسياسة الخارجية الروسية تمتاز بكون أهدافها البعيدة أوضح أكثر من السياسة الخارجية لأي بلد آخر[14].
- نمط التحالفات المرنة: الأحلاف هي إحدى الأدوات التي تلجأ إليها الدولة كإطار لتنسيق أنشطتها، من أجل تحقيق أهداف مشتركة مع الآخرين، إذ لا تقدر على تحقيقها منفردة. ويختلف التحالف عن الائتلاف، كون الأخير يعبر عن علاقة غير رسمية بين أي وحدات دولية. ويتخذ الحلف أحد الأشكال الآتية[15]:
- معاهدة عدم الاعتداء: تتعهد الدول بعدم الاعتداء على بعضها.
- معاهدة دفاع مشترك: تتعهد الدول بالمشاركة الجماعية في الدفاع عن بعضهم حال أي اعتداء.
- حلف الوفاق: أكثر الأحلاف قوة وشمولا، يترتب عليه التزامات دفاعية وتعاونية شاملة في المجالات العسكرية والسياسية.
ويقصد بنمط التحالف المرن: تخلي أطراف التعاقد عن العامل الأيديولوجي رغبة في تبادل المنافع. إذ يجب أن يكون توزيع المنافع ضمن التحالف متبادلا، وإلا يصير شكل التحالف للانتفاع وحيد الطرف، الذي لا يختلف كثيراً عن معاهدات الحماية[16].
ثامنا، تقسيم الدراسة:
- تمهيد: الدور الروسي في النظام العالمي الجديد.
- المحور الأول: السياسة الخارجية الروسية.
- المحور الثاني: السياسة الخارجية الروسية تجاه السعودية.
- المحور الثالث: توصيات.
تمهيد: الدور الروسي في النظام العالمي الجديد.
كشفت التطورات التي شهدها العالم في العقد الأخير عن مجموعة من المؤشرات، تُبرز في مجملها أن النظام العالمي لم يعد ممهدا لتقبّل قوة واحدة تهيمن عليه، واتجه حديث معظم الأوساط السياسية إلى أن النظام العالمي في طريقه إلى نظام متعدد الأقطاب أو نظام لا قطبي، تحت سيطرة العديد من القوى، لن تكون للولايات المتحدة الأمريكية هيمنة على مساره. وهو الاتجاه الذي تدعمه الإستراتيجية الروسية اليوم، وقت تسعى لتوازن القوى أكثر من أي وقت مضى، فهي لم تتنازل أبدا عن النهج الإستراتيجي للدولة الروسية ذات الدور المهم في السياسة الدولية أيا كان نهج الحكم فيها، لإدراكها أن أي تنازل أو انكفاء معناه تهديد لكيان الدولة الروسية، وتعرضها لمشاكل لا حصر لها[17]. وإن كانت روسيا قد انكمشت في فترات سابقة، فهي تسعى الآن إلى الانفتاح وترسيخ قوتها الاقتصادية والعسكرية، وتقديم نفسها كقوة دولية كبيرة.
أولاً، الجديد على الساحة العالمية:
شهد النظام العالمي تغيرات جوهرية تتمثل أبرز ملامحها في:
- انهيار الاقتصاد الاشتراكي كنظام عالمي، وهيمنة الدول الصناعية الرئيسة في النظام العالمي بفضل قيادتها للثورة العلمية- التكنولوجية، وامتداد خريطة القوى الاقتصادية خارج أوروبا وأمريكا بظهور النمور الآسيوية.
- حدة التمايز مع الدول النامية، نتيجة حصار الغرب لمحاولات التنمية المستقلة، فضلاً عن سياسات الدول الصناعية التي تكرس تهميش وتبعية اقتصاديات الجنوب[18].
- ظهور إرهاصات انقسام دولي جديد بين كتلتين مرة أخرى، بمعطيات وأسس جديدة يغلب عليها الطابع البرجماتي. وتضم الكتلة الأولى: الولايات المتحدة الأمريكية وشركاءها في أوروبا والغرب. والثانية: روسيا والصين، وغيرهما من الدول الناقمة على السياسات الأمريكية وتتطلع لنظام عالمي أفضل[19]. أصبحت روسيا إذا قائدة معسكر التحدي للولايات المتحدة، وذلك بعد ما يزيد على عقد من انهيار القدرات الروسية وانكفاءها على أزماتها الداخلية المتفاقمة، وما اقترن بذلك من تراجع في دورها الإقليمي ومكانتها الدولية وقبولها بقيادة الولايات المتحدة للعالم في إطار نظام دولي أحادى القطبية.
ثانياً، حدود الدور الروسي في النظام العالمي الجديد[20]:
- روسيا ومنطقة الشرق الأوسط أصبحتا في مجال جيوسياسي مشترك بعد تأسيس الدول المستقلة في آسيا الوسطى والقوقاز، الأمر الذي أحدث قدراً كبيراً من التداخل الأمني والإستراتيجي بين المنطقتين، فعمل محرك السياسة الروسية على الحيلولة دون تحدى روسيا في مناطق نفوذها الأولى، سواء من قوى الجوار الإقليمي كإيران وتركيا، أو نفوذ قوى عالمية كالولايات المتحدة الأمريكية، أو انتشار عدوى الصعود الإسلامي في تلك المناطق.
- الدور الروسي غالبا ما يكون رد فعل موجه لسياسات الغرب.
- ينطلق الدور الروسي من قاعدة خدمة أهداف الاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي، والأمني الداخلي، وتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي.
المحور الأول: السياسة الخارجية الروسية.
أولاً، أساسيات السلوك الخارجي للوحدات الدولية:
سياسة أي بلد تتناول المحافظة على استقلاله السياسي، وأمنه القومي، ومتابعة وحماية مصالحه الاقتصادية والعسكرية[21]. والوسائل التي تتبعها الدول لدعم أمنها القومي وحماية سيادتها الإقليمية كثيرة، منها الدخول في علاقات تحالف، أو تنمية علاقاتها الخارجية بهدف تنمية مقدرات الدولة من القوة أو زيادة مستوى الثراء الاقتصادي للدولة.[22].
ثانياً، محاور الاهتمام في العلاقات السياسية الدولية[23]:
في الخمسينيات كانت بهدف التعرف علی طبيعة النظام الدولي وأبعاد الدور الذي تلعبه الدول الكبرى، وتحديد أساليب التفاعل مع أطرافه. وبعد تعددت محاور الاهتمام لتشمل:
- محاولة التعرف علی مختلف القوی السياسية وغير السياسية المؤثرة في السياسة الدولية.
- التعرف علی التطور في مجموعة الأدوات المستخدمة خلال تلك العلاقة.
- التعرف علی أوجه التمايز والاختلاف بين سياسات الدول الكبرى والصغرى الخارجية.
- محاولة التعرف علی أنماط السلوك الخارجي للوحدات السياسية، وكذا تحديات الأمن والبقاء، واختيار الآلية الأنسب في التعامل مع تلك المتغيرات.
ثالثاً، محددات السياسة الخارجية الروسية.
شهدت السياسة الخارجية الروسية عملية إعادة هيكلة أصبحت بمقتضاها أكثر واقعية، تقيس تحركاتها واتجاهاتها بحجم ما تملكه من قوة، وبمقدار ما تحققه من فائدة للصالح الوطني الروسي[24].
وتتأثر السياسة الخارجية الروسية بعدة اعتبارات ومحددات يمكن تقسيمها إلى:
- سياسيا: النظام السياسي الروسي نظام شبه رئاسي، يتولى رئيس الجمهورية الحكم لفترة رئاسية قابلة للتجديد مرة أخرى، والقيادة السياسية فيه التي هي محور السياسة الداخلية والخارجية للبلاد عازمة على استعادة المكانة الروسية العالمية، وإثبات وجود روسيا كقوة عظمى من جديد، مستغلة ثقة الشعب الروسي*[25].
- اقتصاديا: عانى الاقتصاد الروسي منذ عهد جورباتشوف مروراً بالرئيس يلتسين وصولاً إلى بوتين، فقد ورثت روسيا عن الاتحاد السوفيتي أعباءه الاقتصادية، التي كانت أهم أسباب انهياره. وبوصول بوتن وضع نظام الإصلاح الاقتصادي، والذي يهدف لرفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي، والانتقال إلى اقتصاد سوق حقيقي، وتقليل الاعتماد الكلي على صادرات النفط، فيعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على اقتصاديات الطاقة، إذ تحتل روسيا المركز الثاني عالمياً من حيث إنتاج وتصدير البترول. ومع ذلك ما زال الاقتصاد الروسي يعاني من الفساد وسيطرة رجال الأعمال[26].
- عسكريا: ورثت روسيا عن الاتحاد السوفيتي ترسانته النووية، تحتل بها المركز الثاني عالمياً من حيث القوة النووية. وقد نجح بوتن في استعادة مكانة روسيا كثاني أكبر مصدّر للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن كانت رابعاً فترة التسعينيات[27].
- تاريخيا: لطالما كانت روسيا فاعل دولي مهم، قديماً كانت روسيا القيصرية، ومن بعد الاتحاد السوفيتي- طرف الثنائية القطبية. وهذا الطابع التاريخي يساعد في حفز قدرتها على الدخول في أي علاقة دولية.
- إقليميا: روسيا ذات انتشار جغرافي واسع النطاق، شاملة مناطق مناخية مختلفة، من المناخ القطبي، والسيبيري البارد والمتجمد، إلى مناخ المنطقة المعتدلة الشمالية، وتحوي مخزون هائل من الطاقة والمواد الأولية الأخرى، ما يمنحها آفاقاً هائلة، وخيارات متعددة في سياسة الاستخدام الأمثل لمواردها[28].
- اجتماعيا: تعانى روسيا تراجعا خطيرا في تعداد سكانها، سجلت الإحصاءات نقصا في عدد السكان بمقدار نصف مليون نسمة على الأقل سنويا، رغم تشجيع الحكومة المواطنين على زيادة النسل[29].
رابعاً، الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط.
أهداف الإستراتيجية الروسية بصورة عامة[30]:
- تقوية القدرات الروسية، والحفاظ على الأمن القومي الروسي ووحدة الأراضي الروسية.
- تأمين الظروف المناسبة للتطور الاقتصادي.
- رفض قواعد المباراة الصفرية، والالتزام بصيغة توازن المصالح.
- ضرورة إقامة نظام دولي متعدد الأقطاب.
- إقرار السلام العالمي.
- حفظ الهيبة والمكانة الدولية.
- مكافحة الإرهاب.
- تطوير العلاقات مع الدول المشاركة في كومنولث الدول المستقلة.
أهداف الإستراتيجية الروسية في المنطقة:
يمكن تحديد ثلاث مصالح أساسية تحدد الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط؛ وهي[31]:
- إعادة توازن القوى للمنطقة: أي مزاحمة الولايات المتحدة في المنطقة، بإيجاد حزمة من الدول تقف في وجه الأحادية القطبية.
- تحقيق الأمن لحدودها الجنوبية: منع اندلاع أية صراعات، أو انتشار عدوى الصعود الإسلامي في الجزء الجنوبي الذي أطلقت عليه ” الفضاء الإسلامي الموحد”. وتأكيد وجودها النسبي في آسيا الوسطى والقوقاز، ومنع أي تهديد تركي أو إيراني قد يصل لتلك المناطق.
- تحقيق المصالح الاقتصادية: بعد أن كان العنصر الأيديولوجي يتغلب في معظم الأحيان على العنصر الاقتصادي.
المحور الثاني: السياسة الخارجية الروسية تجاه السعودية.
إن الواقع يفرض التقارب بين البلدين، فروسيا هي الدولة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، والقوة التي تحاول الوقوف أمام الهيمنة الأمريكية بالمنطقة، والمملكة العربية السعودية كلاعب ناجز في المنطقة ذو مكانة إسلامية وعربية مؤثرة، ودور اقتصادي كبير. لذا فإن العلاقة بين البلدين أساسها تبادل المصالح.
أولاً، نشأة وتطور العلاقة بين البلدين.
تأريخ العلاقة:
شهدت منطقة الخليج العربي في القرن التاسع عشر نشاطا كبيرا من قبل القوى الاستعمارية، التي حاولت أن تَنفذ إلى المنطقة بكل السبل المتاحة لأهداف إستراتيجية واقتصادية. ومن تلك القوى روسيا، التي حاولت الحصول على موطئ قدم لها في منطقة الخليج العربي، فافتتحت قنصلية روسية في بغداد 1881، كما عقدت اتفاقية روسية- فارسية تسهل مجال التحرك في الخليج العربي[32]. وبداية العلاقة بين البلدين تمثلت في اعتراف الاتحاد السوفيتي رسمياً بـمملكة الحجاز ونجد وملحقاتها في 6 فبراير 1926[33].
تطور العلاقة:
مرّت العلاقات بين البلدين بثلاث مراحل[34]:
- مرحلة التأسيس: بدأت بافتتاح قنصلية سوفيتية في جدة عام 1924، وبعد اعتراف الاتحاد السوفيتي بالمملكة العربية السعودية في 1926، تحولت القنصلية إلى سفارة. وفي 1938 قام الزعيم الروسي ستالين مدفوع عقائديا باستدعاء السفير الروسي، ولم يُعيَن له بديل حتى 1990.
- مرحلة الفتور: يُرجع البعض أسباب هذا التوتر إلى حملة ستالين ضد الأديان، فقد اشتعلت الخلافات الأيديولوجية بين البلدين، فعارضت السعودية النظام الشيوعي الماركسي، كما ناهضت الغزو السوفيتي لأفغانستان 1979. وانتهت حدة هذه المرحلة بتبادل كل من الدولتين الزيارات على خلفية إيجاد حل يوقف القتال في أفغانستان.
- مرحلة التقارب: بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لم تتطور علاقة روسيا تجاه الخليج العربي فترة يلتسين، إلا أن التحول الحاصل في السياسة الخارجية الروسية تمثل في عام 1996، عندما تولى يفجينى بريماكوف وزارة الخارجية الروسية، المعروف بميوله العربية، وإدراكه أهمية المنطقة العربية بالنسبة لروسيا. كما دفع توتر العلاقة السعودية- الأمريكية بعد أحداث سبتمبر 2001، المملكة للتقرب أكثر من روسيا.
ثانياً، العلاقات الراهنة.
تشهد العلاقات السعودية-الروسية تفاعلات متزايدة في الآونة الأخيرة، وذلك على نحو ما أظهرته زيارة ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا يوم 18 يونيو 2015. ويأتي هذا التقارب في ضوء مجموعة من التطورات الدولية والإقليمية[35]. أبرز صورها:
- شهد الإقليم برمته حالة من التفكك نتيجة لانهيار محاور إقليمية رئيسة، وأفضى ذلك إلى تصدع الإقليم وخلق بيئة أمنية وإستراتيجية جديدة سمتها الأساسية وجود حالة من عدم اليقين لدى أغلب الأطراف الفاعلة، ولاسيما بعد ظهور فاعلين رسميين وغير رسميين جدد[36].
- تحول الساحة العربية إلى حلقات متتالية من التوترات، أطاحت بالأنظمة السياسية وغيرت الواجهة السياسية لبعض الدول العربية، بانتهاء أنظمة سياسية كانت الأقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
- تأثرت النظم السياسية في السعودية ودول الخليج العربي سلباً، في حين استفادت إيران من سقوط بعض النظم العربية[37].
- صعود الإسلام السياسي في أكثر من دولة عربية بات تهديداً لنفوذ روسيا في الجنوب.
- تصدرت دول الخليج العربي _على رأسهم السعودية_ زعامة الدول العربية، وتراجع دور دول أخرى، كانت تلعب دور القيادة مثل: مصر والعراق.
- لم تكن تلك الثورات مناهضة للغرب، على الرغم من أن الحكم الذاتي لمصر ودول عربية أخرى سيضعف الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وهو ما يمكن أن يفتح فرصاً أكبر للنشاط الروسي[38].
المستجدات على الأمن القومي العربي:
بعد اندلاع الربيع العربي، شهد الإقليم برمته حالة من التفكك نتيجة لانهيار محاور إقليمية رئيسية، وأفضى ذلك إلى تصدع الإقليم وخلق بيئة أمنية وإستراتيجية جديدة سمتها الأساسية وجود حالة من عدم اليقين لدى أغلب الأطراف الفاعلة، ولاسيما بعد ظهور فاعلين رسميين وغير رسميين جدد[39]. ويمكن تحديد ثلاثة متغيرات رئيسة تتحكم في نمط السلوك الخارجي للوحدات العربية[40]:
- الدولة ليست الفاعل الوحيد: فقد أصبح للفاعلين من غير الدول دوراً بارزاً في الآونة الأخيرة، والفاعل المسلح من غير الدولة بات طرفاً رئيساً في السياسات الإقليمية في المنطقة، كما أصبح نمط علاقتهم مع الدولة هو العمل من داخلها.
- سيطرة نمط التحالفات المرنة: أصبحت دول المنطقة أكثر برجماتية في إدارة علاقاتها الخارجية، بما في ذلك الدول التي تمثل مصدر تهديد لها.
- ظهور قيادات متعددة ومؤقتة: تمثلت في تنامي دور دول الخليج بدرجات متفاوتة، وتراجع تأثير مصر. ومن ناحية أخرى، تميل توازنات القوى في المنطقة لصالح الدور القيادي للسعودية في مواجهة إيران.
أصبحت البنية الهيكلية للنظام الإقليمي العربي تتألف من ثلاثة مقومات رئيسة: أولها، يتمثل في حدود النظام المتعارف عليها، سواء الحدود الوطنية لدوله، أو حدوده كما تعبر عنها جامعة الدول العربية. وثانيها، القيم التي تكونت نتيجة التفاعلات فيما بينهم، وحددت هوية النظام العربي. ثالثها، يتعلق بوجود رؤى عربية حول مصادر تهديد أمنها الوطني، وكيفية التعامل معها. واندلاع الربيع العربي خلق واقع جديد يؤثر بشكل كبير على نمط السلوك الفردي للدول العربية، ومدى اتساقه مع قيم النظام، ونمط التحالفات، والأمن في النظام[41].
الاتجاهات الجديدة في السياسة الخارجية الروسية:
تدرك روسيا كون الانتفاضات العربية تعبر عن أزمة في النظام العالمي، الذي ترغب الولايات المتحدة في أن تحتويه بشعارات الديمقراطية الزائفة. ومن ثَم تعاملت مع تلك الثورات بدايةً من تونس ومصر بقدر من الحياد، فلم تعلن عن تأييدها الصريح للثوار وأخذت تنتظر مآلات الأمور، وانطلقت في رسم سياسة جديدة لتعيد نفسها في المنطقة العربية من جديد[42].
- الاتجاه الأمني: سياسة روسيا الخارجية التي تحقق أهدافها في المنطقة، توقفت على طبيعة النظم السياسية التي جاءت بها الانتفاضات العربية. إذ حتم الصعود الإسلامي على روسيا أنماط معينة من التعاون. فخوف روسيا من امتداد تلك الثورات لآسيا الوسطى، دفع الدوما الروسي لعقد جلسات استماع علنية في يونيو 2011 حول إمكانية انتشار تلك الثورات في آسيا الوسطى[43]، وخطورة ذلك على الأمن الإستراتيجي لروسيا، ما أجبر روسيا على إتباع سياسة التقارب مع النظم العربية المتبقية، وعلى رأسهم المملكة.
- الاتجاه السياسي والإستراتيجي: ممثلاً في إيران، الفاعل الذي يقاطع العلاقات الروسية- الخليجية، فيرى البعض التمدد الإيراني في المنطقة ليس في مصلحة روسيا لعدة أسباب أبرزها كون إيران دولة حدودية لمناطق النفوذ الروسية، وذات أطماع طائفية وعرقية في المنطقة، وتنامي إيران أكثر من اللازم يدفعها خارج السيطرة الدولية، إضافة إلى ضرورة حفظ موازين القوى في المنطقة، وعلى المستوى الدولي، فإن تحجيم إيران بدعم المملكة سيحد من الصدام الروسي- الغربي[44]. وأيضاً يظهر التعاون في معالجة الملفات الإقليمية العاجلة، وتحديداً الملفين السوري واليمني، ومكافحة الإرهاب المتمثل حاليًا في داعش[45].
- الاتجاه الاقتصادي التنموي: قد ينمو هذا الاتجاه، خاصة بعد الاتفاقات الاقتصادية والتنموية الموقع عليها مؤخراً من قبل الطرفين[46].
المحور الثالث: التوصيات.
أولاً، تقييم الواقع وقراءة المستقبل:
في منتصف الثمانينيات واجه النظام الإقليمي العربي أربعة تحديات أساسية أثرت على مساره في العقد التالي تشكلت في: الاتجاه نحو الواقعية السياسية المفرطة، وتعميق الطائفية، والمرحلة الجديدة من المواجهة العربية الإسرائيلية، وازدياد بؤر التوتر والاستنزاف[47]. واليوم تفاقمت تلك التحديات بجانب العديد من التحديات الأمنية الناتجة عن اندلاع الربيع العربي، فضلاً عن ارتفاع منسوب الاختراق الخارجي، وفشل الأنماط التعاونية والتفاعلية الممكنة، وتنامي التحالفات الإقليمية الدولية المتمايزة، وربما المتضادة، على حساب التهدئة والاستقرار في المنطقة، مما يعني في المحصلة، السير نحو مزيد من الاضطرابات والاحتقانات المتوالية[48].
والدافع الأمني ظل هو الغالب والمحدد لتلك العلاقة. فكانت النظرة السعودية للصعود الإسلامي محددة، من جهة رأته فرصة ضعيفة لتعزيز المذهب السني أمام التنظيمات الشيعية في الصراع الجاري في اليمن وسوريا والعراق، ومن جهة أخرى اعتبرت أن إزاحته يضمن تفردها بالزعامة الإسلامية والعربية، كما يؤمن مصالحها مع القوى الكبرى كضامن لتحجيم إيران. وكذلك كانت نظرة روسيا التي حرصت على تأمين جنوبها الإسلامي من انتشار العدوى، حتى وإن كلفها ذلك التخلي عن طابعها الأيديولوجي في التقارب مع بعض الدول.
إلا أن التطورات الجارية أوضحت أن التنازلات السعودية لم تحقق لها مطلبها، فقد اكتشفت أنها مهدد الطريق للتمدد الإيراني، بعد أن تورطت في خسارة بديل يمكن الاعتماد عليه لصالح بديل غير مضمون.
ويتحكم في مستقبل النظام الإقليمي العربي بعد 2011 عدة محددات[49]:
- أن هذا المستقبل لا يرتبط بالتوجهات الأيديولوجية، وإنما يتأثر بالممارسات العملية والواقع الجديد، وهذا الواقع يحمل مسارات وتحولات تسير ضد فكرة النظام العربي.
- أن المنطقة العربية منطقة غير مستقرة ومليئة بالمفاجآت، ولا يمكن التنبؤ بمستقبلها، أو مسار تطورها، أو نمط تفاعلاتها، فمثلاً يصعب الحديث عن لحظة انتهاء الربيع العربي.
- يصعب على الخبراء أو الدبلوماسيين أو السياسيين التنبؤ بمستقبل المنطقة في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على الإقليم.
إذاً يرى البعض أن العلاقات الراهنة بين البلدين دون مستوى تطلعاتهم المطلوب، فالسياسة الروسية ليست برجماتية إلى حد كبير في تعاملاتها مع السعودية، نتيجة ربط صانع القرار الروسي بين مصطلح الوهابية من جهة، والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، وكذا ربط الإسلام بظواهر الإرهاب في بعض الأقاليم الروسية. وأخيراً، تأثرها بالقضايا والأحداث المعاصرة، مثل: موقف المملكة من الملف السوري، والبرنامج النووي الإيراني[50].
ثانياً، استنتاجات وتوصيات الدراسة.
توصل الباحث لعدة استنتاجات أثبت من خلالها صحة فرضياته:
- توازن البنيان الدولي يضمن لروسيا دور أكثر فاعلية.
- طموحات السياسة الخارجية الروسية أكبر بكثير من محدداتها، على نحو قد ينذر بفشلها حال مزاحمة قوة كبيرة لها في مجال تطبيق تلك السياسة، إذ يمكن الاستشهاد بالوضع الراهن في الداخل السوري.
- أدركت روسيا أخيراً أن انهيار الاتحاد السوفيتي راجع في جزء منه لتمسكها بالنهج الأيديولوجي في إدارة علاقاتها الدولية، واليوم اندثر العنصر الأيديولوجي في مقابل العنصر الاقتصادي كمحرك لسياساتها الخارجية.
- الأقليات المسلمة ورقة رابحة ضد روسيا.
- الاتجاه الأمني كان هو الأهم في ذلك التقارب.
- تقارب روسيا مع تركيا أهم من تقاربها مع السعودية، وأن التقارب الروسي- السعودي ليس إلا تقارب عارض.
- خسرت السعودية من تقاربها مع روسيا بديلاً كان ممكن الاعتماد عليه في مواجهة إيران، وأصبحت خياراتها محدود، وباتت تبحث عن أقل الخسائر.
جملة توصيات:
- على المملكة أن تدرك الضامن الكافي من علاقتها بروسيا، ومرجح هي ليست علاقة تعاقدية لوقف التمدد الشيعي الإيراني في المنطقة، وأن وضع تركيا في دوائر علاقاتها الدولية وتحديداً مع القوى الكبرى، قد يحفظ آمالها في وقف إيران.
- لا ينبغي على المملكة أن تتخلى تماماً عن أيديولوجيتها في إطار نهج تحالفاتها المرنة، وما قد ينبني على تلك الأيديولوجية من التزامات وفق مكانتها الإسلامية والعربية.
- حفظ العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي قائمة، أمر ضروري لموازنة علاقتها بروسيا.
- اللعب بورقة الأقليات المسلمة في آسيا الوسطى والقوقاز ضروري.
خاتمة:
لم يعد هناك ما يمنع الاستراتيجية السعودية من أن تصبح حليف استراتيجي لروسيا، إلا أنه في الوقت الذي تطبع فيه المحرك السياسي للمملكة بالطابع البرجماتي، اتضح أن روسيا لم تكن ترغب في الانخراط مع السعودية في أكبر من التقارب اللحظي الذي يحقق مصلحتها في القضاء على التهديد الإسلامي.
والموازنة بين البدائل بعدم الاعتماد كلياً على بديل واحد هو الضامن الوحيد للمملكة لتحقيق ما كانت تنشده من هذا التقارب، أو على الأقل الاحتفاظ بروسيا كبديل ضمن بدائلها التي صارت محدودة.
[1] ستيفن بروكس، وآخرون، ” لا لعودة أمريكا إلى الوطن”، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2013، ط1)، ص19.
[2] عبد الجليل زيد، ” أمن الخليج بعد حرب العراق”، سلسلة دراسات إستراتيجية، معهد الدراسات الدبلوماسية، الرياض، 2005، ص65.
[3] إيمان رجب، ” إعادة تقييم النظام الإقليمي العربي في مرحلة ما بعد الثورات”، مجلة آفاق دولية، العدد 15، أبو ظبي، 2015، ص38.
[4] أحمد قحطان، ” المدخل إلى العلوم السياسية”، (الأردن: دار الثقافة، 2012، ط1)، ص93.
[5] —، ” النظام الدولي”، الجزيرة، بتاريخ: 31/12/2015، تاريخ الزيارة: 11/4/2017.
http://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2015/12/23/%
[6] عصام عبد الشافي، ” مفهوم العلاقات الدولية: إِشكاليات التعريف”، المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، بتاريخ: 15/2/2016، تاريخ الزيارة: 17/4/2017. http://www.eipss-eg.org/%
[7] محمد السيد سليم، ” تحليل السياسة الخارجية”، ( القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 2013، ط3)، ص 242.
[8] سمير عبد المنعم، ” العلاقات الدولية في العصور القديمة“، ( القاهرة: دار الكتب والوثائق المصرية، 1989، ط1)، ص 6.
[9] عصام عبد الشافي، المرجع نفسه.
[10] محمد مزوز، “الخطاب الأيديولوجي العربي: الوظيفة الرمزية للأيديولوجيا”، مجلة الوحدة، العدد 75، باريس، المجلس القومي للثقافة العربية، ديسمبر 1990، ص 6.
[11] روي مكريرس ( ترجمة: حسن صعب)، ” مناهج السياسة الخارجية في دول العالم”، ( بيروت: المكتبة الأهلية، 1961)، ص 191.
[12] إسماعيل صبري مقلد، ” العلاقات السياسية الدولية“، ( القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991، ط4)، ص 64:71.
[13] —، ” تعريف ومعنى إستراتيجية في معجم المعاني الجامع”، المعاني، تاريخ الزيارة: 11/4/2014.
http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%
[14] روي مكريرس، المرجع نفسه، ص 177.
[15] محمد السيد سليم، مرجع سابق، ص 250.
[16] محمد عزيز شكري، ” الأحلاف الدولية.. نظرية”، الموسوعة العربية، بدون تاريخ نشر، تاريخ الزيارة: 13/4/2017.
https://www.arab-ency.com/ar/%
[17] حميد سعدون، ” الدور الدولي الجديد لروسيا”، مجلة دراسات دولية، العدد 42، جامعة بغداد، ص1.
[18] طه عبد العليم، وآخرون ( تحرير: محمد السيد سليم)، ” الدور الروسي في النظام العالمي الجديد”، مركز البحوث والدراسات السياسية، (القاهرة: 1994، ط1)، ص169.
[19] نورهان الشيخ، ” نظام عالمي جديد بدور روسي مؤثر”، مجلة آفاق سياسية، العدد13، أبو ظبي، يناير 2015، ص47.
[20] عز الدين أبو سمهدانة، ” الإستراتيجية الروسية تجاه الشرق الأوسط 2000-2008″، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر-غزة، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، فلسطين، 2012، ص80.
[21] كارل و. دويتش ( ترجمة: محمود نافع)، ” تحليل العلاقات الدولية”، ( القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1982، ط2)، ص 111.
[22] إسماعيل صبري مقلد، مرجع سابق، ص 115، 116، 130.
[23] إسماعيل صبري مقلد، ” العلاقات السياسية الدولية: النظرية والواقع”، ( القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 2011، ط 4)، ص 12،11.
[24] باسم راشد، ” المصالح المتقاربة: دور عالمي جديد لروسيا في الربيع العربي”، سلسلة أوراق وحدة الدراسات المستقبلية، العدد9، الإسكندرية، مكتبة الإسكندرية، 2013، ص11.
* في انتخابات الرئاسة الروسية 2008، أكد بوتن على ضرورة استمرار النهج الديمقراطي في تداول السلطة، فلم يرشح نفسه لولاية ثالثة يحظرها الدستور، ولم يقم بتعديل مواد الدستور استجابة لدعوى الكثيرين من أبناء الشعب، ما يعكس حجم الثقة والشرعية التي تحظى بها القيادة الروسية الحالية من الشعب كمحدد رئيس في صنع سياستها، ورغبة تلك القيادة في الحفاظ عليها، كما أن سياسة الوسط الحزبية التي يتبعها بوتن، وقيادته لحزب روسيا الموحد، قلصت حجم المعارضة بشكل كبير، وبات ينظر البعض للنظام السياسي الروسي بصفته قائماً على الشخصية المطلقة.
[25] لبنى عبد الله، ” السياسة الخارجية لروسيا تجاه الشرق الأوسط 2011-2014″، رسالة تمهيدي ماجستير منشورة، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، 2014.
[26] لبنى عبد الله، المرجع نفسه.
[27] لبنى عبد الله، المرجع نفسه.
[28] عز الدين أبو سمهدانة، مرجع سابق.
[29] لبنى عبد الله، مرجع سايق.
[30] باسم راشد، مرجع سابق.
[31] عز الدين أبو سمهدانة، المرجع نفسه.
[32] إسماعيل نورى، “العرب والاستعمار”، (الإمارات العربية المتحدة: دار الثقافة والإعلام، 2000، ط1)، ص94.
[33] مناحي عبيد ناصر، ” العلاقات السعودية-الروسية من منظور استراتيجى2003-2013″، رسالة ماجستير منشورة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية العلوم الإستراتيجية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2014.
[34] مناحي عبيد ناصر، المرجع السابق.
[35] سعد محيو، ” التغيير في السعودية والخليج: كيف ومتى؟”، مجلة المستقبل العربي، العدد 134، 2012،ص132.
[36] محمد عبد القادر، ” الأبعاد الأمنية والعسكرية للعلاقات الخليجية-التركية”، سلسلة دراسات إستراتيجية، العدد 184، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2013، ط1.
[37] رندا موسى، ” حلقة نقاشية: مستقبل الدور الخليجي في ظل التطورات الراهنة”، مجلة السياسة الدولية، تاريخ الزيارة 22/4/2016.
http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/3360.aspx
Marcin Kaczmarski, “Russia’s Middle East Policy After The Arab Revolutions”, OSW, July 2011, Retrieved 23/4/2016.
[39] محمد عبد القادر، مرجع سابق.
[40] إيمان رجب، مرجع سابق، ص31،39.
[41] إيمان رجب، المرجع نفسه.
[42] رندا موسى، ” العلاقات العربية – الروسية ما بعد الربيع العربي”، موقع رؤية تركية، بتاريخ 2013، تاريخ الزيارة 22/4/2016.
http://rouyaturkiyyah.com/%D8%A7%
Stephen Blank, ” Russia’s Anxieties About The Arab Revolution”, Foreign Policy Research Institute, July 2011, Retrieved 23/4/2016.
http://www.fpri.org/docs/media/201107.blankrussiaarabspring.pdf
[44] عز الدين أبو سمهدانة، مرجع سابق.
[45] ماجد عبد العزيز، ” تقرير: بواعث ودلالات التقارب الروسي-السعودي”، موقع الجزيرة، تاريخ الزيارة 22/4/2016.
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/07/20157284116189985.html
[46] ماجد عبد العزيز، المرجع نفسه.
[47] علي الدين هلال، جميل مطر، ” النظام الإقليمي العربي: دراسة في العلاقات العربية السياسية”، (القاهرة: الحقوق محفوظة للمؤلف، ط5)، ص 241.
[48] نادية سعد الدين، ” مسارات التحول: المعادلات الأمنية الجديدة في النظام الإقليمي العربي”، مجلة السياسة الدولية، بدون تاريخ نشر، تاريخ الدخول: 24/3/2017. http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/3/135/9847/%
[49] إيمان رجب، مرجع سابق.
[50] مناحي عبيد ناصر، مرجع سابق.
تحريرا في 26-7-2017