خطأ نتنياهو بشأن ضم الضفة الغربية يضعه أمام أزمة حقيقية مع ترامب ولائحة اتهام “الرشوة وخيانة الأمانة”
-المركز الديمقراطي العربي
- انهارت محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة في عام 2014 وكانت المستوطنات أحد الأسباب الرئيسية وراء فشلها.
نفت أمريكا تأكيدا إسرائيليا يوم الاثنين بأن الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية بحثتا إمكانية ضم إسرائيل مستوطنات الضفة الغربية المحتلة ووصفت التأكيد بأنه غير صحيح، وذلك في إظهار نادر للخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
وكان متحدث باسم حزب ليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو نقل عن رئيس الوزراء قوله في اجتماع مع نواب الحزب بالبرلمان ”بخصوص مسألة تطبيق السيادة، يمكنني القول إنني أتحدث مع الأمريكيين في هذا الشأن منذ بعض الوقت“.
وكان نتنياهو يشير إلى تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات وهي خطوة تعادل الضم. وتخضع المستوطنات حاليا لسلطة الجيش الإسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية منذ عام 1967.
لكن البيت الأبيض نفى في وقت لاحق الاثنين إجراء مثل هذه المباحثات، وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن نتنياهو لم يقدم لواشنطن مقترحا محددا بشأن الضم. وقال جوش رافيل المتحدث باسم البيت الأبيض ”إن التقارير التي تتحدث عن أن الولايات المتحدة بحثت مع إسرائيل خطة ضم للضفة الغربية غير صحيحة“.
- ارتكب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – الذي يُعتبر ثعلبا مخضرما في السياسة الإسرائيلية – خطأ مبتدئين.
لقد سعى إلى إرجاء مناقشة مشروع قانون يدعو إلى قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية، حتى لا يثير غضب الإدارة الأمريكية. ولكن الطريقة الغريبة التي حاول من خلالها ترويج الخطوة لقاعدة ناخبيه من اليمين انتهت بإثارة غضب البيت الأبيض، وأثارت ما بدت كأول أزمة حقيقية بين القدس وواشنطن مند أصبح دونالد ترامب رئيسا.
يقول الباحث رفائيل أهرين في تحليل نشرته تايمز أوف إسرائيل من الأرجح أن خطأ نتنياهو نتج عن مشكلتين منفصلتين يواجههما: تصاعد الضغوط السياسية من دائرته الإنتخابية المؤيدة للاستيطان، وسيف ديموقليس المتمثل في توصيات الشرطة المتوقعة بتوجيه لائحة اتهام ضده في تهمتي فساد. كلما زادت تحقيقات الفساد من تضييق الخناق عليه، كلما حاول كما يبدو السعي إلى استرضاء الجمهور المؤيد للاستيطان للالتفاف من حوله.
في جلسة أسبوعيه لكتلة حزبه “الليكود”، حاول نتنياهو شرح السبب في عدم رغبته الدفع بما يُسمى بـ”مشروع قانون السيادة”، الذي تم اقتراحه لأول مرة من قبل المشرعين يوآف كيش (الليكود) وبتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي). خطوة جوهرية كهذه، كما زعم، يجب أن تتم بالتنسيق مع إدارة ترامب.
وقال للنواب في الكنيست: “استطيع أن أقول لكم أنني أتحدث مع الأمريكيين بهذا الشأن لبعض الوقت الآن”.
وأضاف: “أسير بحسب مبدأين في هذه المسألة… التنسيق الأمثل مع الأمريكيين، الذين تُعتبر علاقتهم معنا رصيدا إستراتيجيا لإسرائيل وللحركة الإستيطانية؛ وحقيقة أن هذه الخطوة يجب أن تكون مبادرة حكومية وليس مبادرة شخصية لأنها ستكون خطوة تاريخية”.
التصريح بحد ذاته كان دراماتيكيا. للمرة الأولى منذ أصبح رئيسا للوزراء، أعرب نتنياهو علنا عن دعمه لضم كل الضفة الغربية أو أجزاء منها (على الرغم من أنه لم يحدد بالضبط أين يريد تطبيق السيادة الإسرائيلية؛ مشروع قانون سموتريتش-كيش يدعو إلى ضم المستوطنات فقط، ولكن بعض الأعضاء الكبار في “الليكود” يرغبون بضم الضفة الغربية بكاملها).
وكما هو متوقع، أشاد الصقوريون بتصريح نتنياهو: نائبة وزير الخارجية تسيبي حاطوفيلي، على سبيل المثل، احتفت به معتبره إياه “خطوة مهمة، التي من الممكن أن تؤدي إلى تغيير تاريخي”.
أما الحمائميون فأظهروا بطبيعة الحال امتعاضهم. جيريمي بن عامي، رئيس منظمة “جيه ستريت” اليهودية اليسارية الأمريكية، قال “من شأن هذه الخطوة المتطرفة أن تكون بمثابة نهاية لجهود الشعب اليهودي في ترسيخ إسرائيل كدولة يهودية ويمقراطية. بدلا من ذلك، ستخلق كابوس دولة واحدة دائم من تصاعد النزاع والظلم”.
الفلسطينيون أيضا أعربوا عن استيائهم وبشدة….أخرون أدركوا على الفور وجود شيء مريب. فبعد كل شيء، على مدى السنين بذل نتنياهو جهودا كثيرا لعرقلة مشاريع قوانين مختلفة تم طرحها على الكنيست لضم الضفة الغربية. واستمر بفعل ذلك حتى بعد انتخاب ترامب في نوفمبر 2016، ودفع مقابل ذلك ثمنا سياسيا باهظا.
وكذلك، إذا كان نتنياهو قد ناقش ضما محتملا للضفة الغربية “لبعض الوقت الآن”، لماذا قرر إعلان ذلك اليوم فقط؟
ومع ذلك، معظم الأشخاص صدقوا كلام رئيس الوزراء. قلة فقط تصورت أن يكون قد قام بالإدلاء بتصريح علني حول مسألة حساسة كهذه بكل ثقة لو لم يكن ذلك صحيحا مئة بالمئة.
إلا أن نتنياهو لم يقم فعلا بمناقشة ضم أي شيء لإسرائيل، كما أعلن البيت الأبيض بعد وقت قصير، في حين طالب مسؤولون مندهشون في الإدارة بغضب من نتنياهو التراجع عن تصريحه.
في الساعة 18:40 مساء بتوقيت إسرائيل، بعث مسؤول دبلوماسي إسرائيلي كبير، طلب عدم الكشف عن اسمه، للصحافيين رسالة وضح فيها أن نتنياهو “لم يعرض على الإدارة [الأمريكية] مقترحات ضم محددة”، وأن الولايات المتحدة على أي حال لا تدعم أيا منها، لأنها ترغب في الدفع بخطة ترامب للسلام التي لم يتم نشرها بعد.
وأشار المسؤول إلى أن ما قامت به إسرائيل هو مجرد إطلاع الولايات المتحدة على الاقتراحات المختلفة التي يطرحها أعضاء الكنيست من حين لآخر، مضيفا أن البيت الأبيض وضح بشكل لا لبس فيه أنه متشبث بخطة الرئيس، والتي بات من الواضح، كما تبين الآن، أنها لا تشمل ضما.
بعد أكثر من ساعة بقليل، أصدر المتحدث باسم البيت الأبيض جوش رافيل بيانا غير مسبوق في حدته: “إن التقارير التي تحدثت عن أن الولايات المتحدة ناقشت مع إسرائيل خططا لضم الضفة الغربية كاذبة. لم تناقش الولايات المتحدة وإسرائيل مطلقا اقتراحا كهذا، ولا يزال تركيز الرئيس منصب بالكامل على مبادرة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية الخاصة به”.
كان بإمكان رافيل، الذي لم يسبق وناقش بشكل علني شؤونا إسرائيلية-فلسطينية، أن يكون أكثر حدة، ولكن اختار اظهار بعض الرأفة فيما يتعلق بنتنياهو. فهو لم ينفي “تقارير”، لكنه نفى تصريح نتنياهو بنفسه، الذي صرح بشكل علني أن الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا مسألة الضم. إلا أن هذا التصرف بدافع الشفقة لم يخفي حقيقة أن البيت الأبيض كان غاضبا.
الأمريكيون كما يبدو لم يكونوا راضين عن التراجع الرسمي مجهول الهوية لإسرائيل عن تصريحات نتنياهو، ولذلك، بعد دقاءق قليلة، اضطر مكتب نتنياهو إلى إصدار بيان رسمي يتناقض بشكل جوهري مع ما صرح به قبل ساعات قليلة في الكنيست.
منذ إدعائه أن أدولف هتلر “لم يكن يريد إبادة اليهود” إلا أن من أقنعه القيام بذلك هو المفتي الفلسطيني، لم يسمح نتنياهو لنفسه بزلة لسان متهورة كهذه.
كان سيتم حتما التدقيق في مزاعمه بشأن الضم ويستضح في النهاية أنها كاذبة. ألم يفكر نتنياهو بأن شخصا ما سيتوجه للبيت الأبيض ويسأله حول ما إذا كانت إسرائيل قد عرضت فعلا أي مقترحات بهذا الشأن؟
كل شخص يخطئ، ولكن على عكس زلة لسان نتنياهو المؤسفة في خطابه حول المفتي، في أكتوبر 2015، فإن زلة لسان يوم الإثنين لا تتعلق بأخطاء حول حقائق تاريخية، وإنما لديها القدرة على إلحاق الضرر بعلاقات إسرائيل مع أهم حليف لها.
بعد ثماني سنوات متوترة جلس خلالها باراك أوباما في البيت الأبيض، أبدى نتنياهو حذرا شديدا في عدم قول أو القيام بأي شيء من شأنه إغضاب الرئيس الجديد. وبالفعل، فلقد أشار بشكل روتيني إلى ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة، مع قيامه بمنع جميع محاولات الضم التي تم طرحها في الكنيست.
يوم الإثنين، انتهك نتنياهو قاعدته هو، ومن دون سبب مقنع.
هفوة نتنياهو محيرة بشكل خاص إذ أنها تأتي بعد يوم واحدة من قيام صحيفته المفضلة “يسرائيل هيوم” بنشر مقابلة مع ترامب، قال فيها الرئيس الأمريكي إنه غير متأكد تماما ما إذا كانت إسرائيل معنية بالسلام. في المقابلة، قال ترامب أيضا إن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية “يعقد بصورة كبيرة وجعل دائما من صنع السلام معقدا، لذلك أعتقد أن على إسرائيل أن تكون حذرة جدا مع المستوطنات”.
إن التفسير الأكثر منطقية لهفوة نتنياهو هو أن الضغوط السياسية والمشاكل القانونية التي يواجهها نالت منه.
مدعومة من اعتراف ترامب مؤخرا بالقدس عاصمة لإسرائيل وتصريحاته المختلفة ضد الفلسطينيين، بدأت قاعدة ناخبي نتنياهو من اليمين بالضغط أكثر وأكثر من أجل الضم. حتى رئيس الدولة رؤوفين ريفلين تخلى عن حنكته السياسية المعتادة في وقت سابق الأربعاء وأعرب عن دعمه المشروط لقيام إسرائيل بضم الضفة الغربية.
مع التوقعات بقيام الشرطة بنشر توصياتها بتوجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو في الأيام القريبة، يبدو أن رغبة نتنياهو في إرضاء قاعدته السياسية تغلبت على أي اعتبارات أخرى كانت لديه عندما فكر في ما سيقوله في جلسة فصيل “الليكود” يوم الإثنين.
ويختم الباحث رفائيل أهرين المقال أنه بدلا من الحفاظ على هدوء أعصابه ومنع محاولة ضم اخرى من دون كثير من التفسير، كما فعل في مرات عدة في الماضي، سمح نتنياهو لنفسه الإدلاء بتصريحات أسعدت دائرته الإنتخابية، لكنها أثارت غضب القوة العظمى الوحيد في العالم وبدرجة كبيرة.
أبلغ مسؤولون في الشرطة رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو عن عزمهم تقديم توصيات بتوجيه تهمتي الرشوة وخيانة الأمانة في تحقيقات الفساد ضده.و
التقارير أشارت إلى أن الزوجين نتنياهو استخدما كلمتي السر “الوردي” و”أوراق الشجر” لطلب المزيد من الشمبانيا والسيجار، حيث كان يتم عندها شراؤها من قبل أشخاص يعملون لدى ميلتشان قبل أن يقوم سائقوه الخاصين بتسليمها لرئيس الوزراء وزوجته. وورد أيضا أن سارة نتنياهو طلبت من ميلتشان شراء مجوهرات باهظة الثمن لها، واشتكت بعد ذلك من أنها لم تحصل على الطقم الكامل الذي طلبته.
قال نتنياهو في مؤتمر في تل أبيب ”أود أن أطمئنكم بأن الائتلاف مستقر. ليس هناك أحد لا أنا ولا أي شخص آخر يخطط لإجراء انتخابات. سنواصل العمل معكم من أجل مصلحة مواطني إسرائيل حتى نهاية الفترة“. المصدر:وكلات + تايمز أوف إسرائيل