الدراسات البحثيةالمتخصصة

اقتصاد إسرائيل في عام 2024

اعداد : نورهان عبد الرحمن محمود عبد الرحمن  – مدرس اقتصاد  – معهد الوادي العالي للعلوم الإدارية والمالية نظم المعلومات – معاهد الوادي

  • المركز الديمقراطي العربي

 

 مقدمة

حين استهدفت الحرب الإسرائيلية قطاع غزة منذ عام بعد الهجمات الصاروخية الفلسطينية في 7 أكتوبر عام 2023 وإدانة المجتمع الدولي للهجمات العشوائية المستمرة من إسرائيل ضد غزة بموجب القانون الدولي؛ كان الاقتصاد الإسرائيلي يتميز باستقراره؛ فالإنتاج المحلي كان ينمو بمعدلات مرتفعة، ومستوى معيشة الفرد كانت تتميز بازدهار. ومالبث اندلعت الحرب؛ أثرت تأثيراً سلبياً على الاقتصاد الإسرائيلي؛ حيث بدأ معدلات النمو تتراجع تدريجياً إلى أن وصل معدلات منخفضة، وتأثر الفرد الإسرائيلي من حالة التراجع التي تشهدها البلاد بعد حالة الازدهار طوال الأعوام ما قبل الحرب.

وعلى هذا النحو؛ تسعى هذه الورقة إلى الوقوف على النتائج والتداعيات الاقتصادية على إسرائيل جراء الحرب التي شنتها على قطاع غزة منذ 8 أكتوبر 2023، وإن كان سرد الأبعاد الاقتصادية لأيٍ من الدولتين تبدو شأناً ثانوياً أمام الخسارة البشرية التي لا تتوقف يوماً بعد يوم في غزة، ثم بيان تصنيفها وفقاً لمؤشرات دولية، وأحيراً التعرف بحجم المساعدات الاقتصادية من جانب الدول لإسرائيل، وأخيراً التعرف على السيناريوهات المحتملة خلال الفترة القادمة.

أولاً: الوضع الاقتصادي لدولة إسرائيل

مما لا شك فيك؛ تأثر اقتصاد دولة إسرائيل حتى ولوكان طفيفاً جراء العمليات العسكرية التي شنتها ضد الدولة الفلسطينية كما سنرى بالأرقام.

  1. انخفاض معدل النمو الاقتصادي: شهدت قطاعات إسرائيل جراء الغزو الإسرائيلي من بدايته تداعيات سلبيه لم يشهدها من قبل بعد أسابيع من بداية الحصار في أكتوبر عام2023؛ حيث انخفض معدل نمو قطاع الزراعة في الربع الرابع من عام2023 إلى (2,5%) مقابل (3,6%) في الربع الرابع من عام 2022 (Trading، إسرائيل – الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة، 2023)، وكذلك قطاع البناء انخفض معدل نموه إلى (4%) في الربع الرابع من عام 2023 مقابل (9%) في الربع الرابع من عام 2022. (Trading، إسرائيل – الناتج المحلي الإجمالي من البناء، 2023)، كما تأثر قطاع النقل تأثيراً سلبياً ؛إذ انخفض معدل  تطوره إلى (1,1%) في الربع الرابع من عام 2023 مقابل (6%) من الربع الرابع من عام 2022.

وفي هذا الصدد؛ شهد عام 2024 تباطؤ شديد في معدل النمو الاقتصادي جراء الحرب التي فرضتها على غزة على مدار أكثر من 11 شهر، وعليه انخفض معدل النمو الاقتصادي ثلاث مرات  منذ بداية الحرب، فقد انخفض إلى (5,9-%) في الربع الرابع من عام 2023 مقابل (1,5%) في عام 2022م ، ثم انخفض إلى (0,43%) في الربع الأول عام 2024 إلى ( 0,57%) في الربع الأول من عام (2023) ثم إلى (0,3%) في الربع الثاني من عام 2024 مقابل (0,8%) في الربع الثاني من عام 2023 (Trading، إسرائيل – معدل نمو الناتج المحلي السنوي ، 2023).

  1. ارتفاع معدل التضخم : بالأرقام اتضح لنا ارتفع معدل التضخم شهرياً في إسرائيل بعد حدوث الحرب مباشرة؛ إذ ارتفع من ( 2,6-%) في أكتوبر لعام 2023  إلى (10,8-%) في نوفمبر وهي أعلى قراءة خلال  أكثر من عامين4 (economic، إسرائيل – معدل التضخم، 2024) لكن بفضل المساعدات من الدول الغربية على وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية؛  انخفض تدريجياً حتى وصل إلى (0) في مايو 202- ثم عاود الارتفاع ليصل إلى (3,2%) في يوليو ثم إلى (3,6%) في أغسطس، ومن المتوقع أن يظل المعدل ثابتاً وفقاً لتقدير “بلو مبوغ” جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية لتصل  إلى ( 6,3%) في أغسطس 2024 مقابل (4,5%) في مايو 2024 فيما ارتفعت أسعار خدمات النقل  بنسبة (2,8%)، وكذلك تكاليف الإسكان  بنسبة (0,6%) (economic، إسرائيل – التضخم الغذائي، 2024).
  2. ارتفاع العجز المالي: قد وصل العجز في الميزانية الحكومية جراء الغزو الإسرائيلي على غزة إلى (4,2%) في أخر 2023 مقابل (0,6%) في أخر 2022)(economics، 2023)، ومن المتوقع وصول العجز في الموازنة المُحدثة لعام 2024 إلى 6,6% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك يرجع إلى مجموعة من الأسباب بمافي ذلك:
  • ارتفاع التكاليف على الحرب: ارتفع العجز المالي جراء ارتفاع الإنفاق الحكومي على الحرب في غزة لاسيما بعد بداية الحرب مباشرة حيث وصل معدل الإنفاق نحو (16,5%) من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من عام 2023 مقابل (0,3-%) في عام 2022. وفي نفس الوقت انخفضت معدل أرباح الحكومة؛ فنجد أنها انخفضت إلى (18,8-%) في يونيو 2024 بتراجع (8%) مقابل (10,2-%) في يونيو2023 (الحكومة، 2023).كما وافقت الحكومة الإسرائيلية في 15 يناير من العام الجاري على موازنة الدولة المحدثة، والتي تشمل تعديلات على الميزانية بقيمة 16 مليار شكل لعامي 2024 و2025.
  • استمرار أسعار الفائدة دون تغيير: استقرت سعر الفائدة عند (4,50%) في ضوء التركيز على ارتفاع ضغط الأسعار مع استمرار عدم اليقين بشأن التوترات الجيوسياسية الناتجة عن الحرب، ومن المتوقع استمرارها عند هذا المعدل حتى نهاية عام 2024، وعليه أشار البنك المركزي الإسرائيلي بقوله:” في ضوء الحرب، تُركز لجنة السياسة النقدية على استقرار الأسواق والحد من حالة عدم اليقين، إلى جانب استقرار الأسعار ودعم الأنشطة الاقتصادية”.
  • بنود ميزانية 2023 و2024: تضمنت الميزانية لعامي 2023 و2024 الخطط المتمثلة في (تقوية إنفاذ القانون الذي من شأنه توسيع نطاق الإشراف الأراضي المحتلة، وتطوير مشروعات تحسين الحركة لفلسطين، إضافة إلى المشروعات التي تخدم البيئة الإسرائيلية – بمافي ذلك تنمية الدول من خلال تطوير المشروعات في مجالات الطاقة، الزراعة، المياه، وجودة المياه، إضافة إلى تنفيذ مشروعات لتحسين المحميات الطبيعية ومواقع الآثار في المنطقة والمحافظة عليها من ضمنها مشروعات التنقيب والإنقاذ وتطوير مواقع المحميات الطبيعية).
  • تحويل الأموال من بنوك إسرائيل: بحسب مجلة إيكومونسيست البريطانية؛ أن وتيرة قرار سحب الأموال من بنوك إسرائيل إلى بنوك أخرى ازدادت خلال الفترة ما بين مايو ويوليو 2024؛ جراء استسلام العملاء إلى التدهور الحادث نتيجة الحرب.
  1. تراجع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر: أدت الحرب المستمرة أكثر من 11 شهر؛ خروج دولة إسرائيل من قائمة الدول العشر الأوائل التي يُفضل الاستثمار فيها- مؤكده بأن الحرب الحالية لم تعد ملاذ آمن للمستمرين الأجانب، بل أيضاً أصبحت تُهدد النتائج الاقتصادية، وعليه انخفضت معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر نحو (55,8%) خلال الربع الأول من عام 2024 مقابل (60%) في الربع الأول من عام 2023. وسط الاستغناء عن العديد من العمالة؛ والاستثمار في مجال التكنولوجي؛ إذ أصبح يوفر تلك القطاع أكثر من نصف صادرات إسرائيل التي تُقدم نفسها على أنها “أمة الشركات الناشئة: بتفوق، فضلاً عن اهتمام العمالة الإسرائيلية بالبحث عن آفاق جديدة لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية؛ مما يُمثل تحدياً للسياسة الاقتصادية، حيث لا يوجد قرار حكومي ملائم لتمويل التداعيات الاقتصادية الناجمة عنها.(تقرير: المستثمرون الأجانب يبتعدون عن إسرائيل ورأس المال المحلي عن الهروب، 19/6/2024).
  2. ارتفاع العجز في الميزان التجاري: بحسب البيانات المنشورة؛ يتضح لنا مدى العجز في الميزان التجاري الإسرائيلي، الذي يُمثل الفرق بين الصادرات والواردات؛ حيث صاحب انخفاض معدل النمو الاقتصادي للبلاد وارتفاع معدل التضخم في نفس الوقت؛ تراجع معدل الصادرات والواردات؛ فإذا نظرنا إلى معدلات الصادرات نجد أنها انخفضت بشكل كبير خاصة بعد الحرب مباشرة حيث انخفضت إلى (1,4-%)  في نوفمبر 2023 مقابل (21,4%) نوفمبر 2022 واستمر في الانخفاض حتى ارتفعت مره أخرى وصل إلى (18,9% ) في مارس 2024 جراء استيلاء إسرائيل على أكبر مساحة في الأراضي  الفلسطينية المُحتلة منذ اتفاقيات أوسلو، بالرغم من إدانة فرنسا لتلك الاستيلاء فهو يُمثل انتهاكا للقانون الدولي لاسيما القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة (الفرنسية، إسرائيل / الأراضي الفلسطينية..( الاستيطان 14آذار/ مارس 2024))،  لكن مع استمرار الحرب – سُرعان عاود انخفاض معدل الصادرات  حتى وصل إلى (5%) في أغسطس 2024. (economic، إسرائيل – صادرات، 2024).

وتجدر الإشارة؛ بأن الصادرات الإسرائيلية نحو (40%) من الناتج المحلي الإجمالي، وتتمثل في الماس المقطوع وغير المقطوع واللؤلؤ والمعادن والأحجار الكريمة الأخرى (33% من إجمالي الصادرات) والآلات الكهربائية والمعدات والآليات الميكانيكية ومسجلات الصوت والتلفزيون ومعدات الكمبيوتر (22% من إجمالي الصادرات) والمنتجات الكيميائية (11%) (المرجع السابق ).

أما الواردات الإسرائيلية؛ فالأرقام أكدت الانخفاض الشديد الذي وصلت إليه؛ حيث انخفض معدل الواردات إلى (16,7-%) في أغسطس 2024 مقابل (0,2-%) أغسطس 2023. وقد تتمثل وارداتها في الماكينات والمعدات نحو (28%) والماس (١١٪)، النفط ووقود المعادن الأخرى (٩٪)، ومعدات النقل (٧٪). وشركاء الاستيراد الرئيسيون هم: الولايات المتحدة (١٢٪)؛ الصين (٧٪)؛ ألمانيا (٦.٢٪)؛ بلجيكا (٦٪). وتشمل الآخرين: سويسرا وإيطاليا والمملكة المتحدة وهولندا. (economic، إسرائيل -واردات، 2024).

  1. انخفاض معدلات الأجور : بالرغم من ثبات معدلات التشغيل أثناء الحرب على غزة واستقرارها عند (60,8%) في يونيو 2024 مقابل (61,6%) بتراجع طفيف قدره (0,8%)؛ إلا أن معدلات الأجور انخفضت بشكل كبير؛ إذ انخفض متوسط الأجور إلى (13,270) شيكلا ما يعادل نحو (3600 دولار) مقابل (14,79) ما يعادل نحو (3820 دولار) في مارس2023(الأجور، 2023)بانخفاض قدره (6%) جراء التضخم الذي أصاب البلاد، وفي نفس الوقت انخفاض معدلات النمو الاقتصادي؛ وعليه طالبت العُمال باتخاذ التدابير الملائمة لحماية سُبل العيش وتحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي أصبح مٌهدد (الجزيرة، تراجع متوسط الأجور في إسرائيل بـ6% في أبريل، 4/6/2024).
  2. ارتفاع ملحوظ في معدلات الفقر والبطالة: بالرغم من انخفاض معدلات الأجور إلا أن معدلات البطالة ارتفعت لتصل نحو (2,6%) في يوليو 2024 مقابل (3,5%) في يوليو2023 (economics T. , 2023,2024)؛ مما ساهم في ارتفاع معدلات الفقر لتصل نحو (25,3%) في يونيو 2024.
  3. انخفاض قيمة سعر صرف العملة : صاحب نشوب الغزو الإسرائيلي على غزة؛ انخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلي لمعدل لم يشهدها منذ فترة طويلة؛ حيث انخفض أكثر من 3% مقابل الدولار الأمريكي وصل إلى (3,73) في أول سبتمبر 2024 مقابل (3,78) في أول سبتمبر2023 (دولار أمريكي إلى شيكل إسرائيلي )، بل قد وصل إلى (3 دولار) أمريكي خلال الفترة التي تلت اغتيال “إسماعيل هنية” رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وفؤاد شكر القيادي بحزب الله؛ تبعها خسائر هائلة سجلتها مؤشرات البورصة إلى أكثر من (6%).(العربية، “الشيكل” الإسرائيلي يهبط إلى أدنى مستوى منذ 8 أعوام، 9/10/2024).
  4. تراجع معدلات السياحة: بالرغم أن قطاع السياحة ليست جزءاً مهماً في اقتصاد إسرائيل؛ إلا أن التداعيات السلبية التي شهدها جراء الحرب أثرت على الاقتصاد ؛ حيث شهد القطاع تحولاً جذرياً منذ بداية الحرب، إذ انقلبت موازين السياحة بشكل كامل، فبينما كانت الغالبية العظمى من السياح تأتي من خارج إسرائيل، فوفقاً لمكتب الإحصاء المركزي؛ انخفض عدد السائحين إلى 288,000 سائح خلال الفترة ما بين يناير وأبريل 2024 مقابل 1,3 مليون زائر لنفس الفترة لعام 2023، أي بنسبة 80% لعام 2024 مقابل 70% في 2023 (المباشر، 24/7/2024)، بل أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ تحت عنوان “حتى لو انتهت الحرب غداً لن يأتي السياح إلى إسرائيل”؛ حيث أن التداعيات السلبية جراء الحرب على السياحة طويلة المدى لبحث السيُاح عن دول أكثر أماناً واستقرار.

ثانياً: التصنيف الائتماني لدولة إسرائيل

 تأسيساً على ما سبق، وبحسب ما أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه تكاليف فائدة أعلى عند الاقتراض لتمويل النفقات العسكرية والمدنية المتضخمة بعد الحرب على قطاع غزة؛ يتراجع تصنيف إسرائيل بنظرة سلبية بحسب تقدير الوكالات الدولية (موديز، فيتش، وستاندرد آند بوردت) كما سنرى بالتفصيل:

وكالة موديز الأمريكية: صُنفت حكومة إسرائيل من “A2” من “A1” بنظرة مستقبلية “سلبية” بحسب وكالة” موديز” الأمريكية، جراء الصراع الدموي المستمر على غزة بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل منذ أكتوبر لعام 2023م، مما تؤثر سلباً إسرائيل، فضلاً عن إضعاف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية وقوتها المالية في المستقبل المنظور؛  وبالتالي يدفع  الاقتصاد الإسرائيلي إلى حالة من عدم اليقين بشكل كبيير بشأن أمن البلاد وآفاق نموها اقتصادياً على المدى الطويل (العربية، موديز تخفض تصنيف إسرائيل وسط توقعات سلبية ، 28/9/2024).

وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني: وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني حذرت بوضع دولة إسرائيل تحت المراقبة السلبية في 19/10/2023 أي بعد 12 يوماً بعد اندلاع الحرب؛ جراء التوترات الجيوسياسية والخطر المتمثل في الغزو الإسرائيلي على غزة؛ مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري وتغيير مستمر في الاستثمار، وبالتالي تدهور كبير في مقاييس الائتمان الإسرائيلية (“فيتش”، 7/10/2023).

 موقع “ذا كونفيرزيشن”: موقع ” ذا كونفيرزيشن” أقرَّ بعد مرور أكثر من 11 شهر من الغزو الإسرائيلي على غزة أنها تواجه أكبر تحدِ اقتصادي لها منذ فترة طويلة؛ بدليل البيانات التي أوضحت أن اقتصاد إسرائيل يشهد معدلا نمو اقتصادي منخفض للغاية بين أغنى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الجزيرة، 11 شهراً من الحرب على غزة تلحق أضراراً جسيمة بإقتصاد إسرائيل، 6/9/2024).

 وكالة ستاندرد آند بورز: بحسب وكالة ستاندرد آند بورز؛ انخفض التصنيفات طويلة الأجل لإسرائيل من AA- إلى A+ في أبريل2024 وسط تصاعد المواجهة مع إيران وفي ظل المخاطر الجيوسياسية المرتفعة بالفعل لإسرائيل (السابع، 10/8/2024).

ثالثاً: المساعدات المقدمة لإسرائيل:

 بالغرم من إدانة أغلب الدول لاسيما الدول العربية على ماشنته إسرائيل من هجمات وحشية على شعب غزة قُرابة عام، وتدمير البلاد أثر ذلك، فضلاً عن الخسائر البشرية- قدمت مجموعة من الدول مساعدات عسكرية ومالية لدعم إسرائيل في حربها على غزة منذ بدايتها في أكتوبر 2023 من ضمنها الدول التالية:

  1. المساعدات لعسكرية

 بريطانيا: قدمت تراخيص عسكرية وغير عسكرية؛ إذ لم ترفض بريطانيا تقديم أسلحة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حتى أوائل سبتمبر 2024؛ بالرغم من ممارسة ضغط نواب حزب العمال على وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي” في نهاية يوليو 2024 لإعلان حظر شامل على تصدير الأسلحة لإسرائيل (مباشر، 30/7/2024)، وعليه في 3/9/2024 أصدرت قراراً بتعليق نحو (30) تراخيص لتصدير أسلحة لإسرائيل، استناداً إلى تقييم يؤكد بوجود خطر جراء استخدام معدات مثل: الطائرات العسكرية، والمروحيات في انتهاك القانون الإنساني الدولي (Arabia S. N., 3/9/2024) ؛ لافتة بأن صادراتها تُعد محدودة بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية. فبحسب الإحصائيات الصادرة عن بريطانيا؛ أن الحكومة البريطانية أصدرت نحو 100 رخصة تصدير سلاح لإسرائيل خلال الفترة 7أكتوبر 2023 إلى 5 مايو 2024 بما في ذلك (37 ترخيصاً من أصل 100 رخصة بأنها عسكرية، 63 ترخيصاً بأنها غير عسكرية من ضمنها معدلات الاتصال المستخدمة من جانب الجيش الإسرائيلي)، إضافة إلى 8 تراخيص مفتوحة (الجزيرة، بريطانيا تصدر 100 رخصة تصدير سلاح لإسرائيل منذ 7 أكتوبر ، 12/6/2024).

فرنسا: بالرغم من طلب فرنسا في الآونة الأخيرة بفرض عقوبات على إسرائيل جراء الهجمات الوحشية على غزة، وفي ذلك صرح ” ستيفان سيجورنيه” وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة مع إذاعة RFE فرانس في 9 أبريل 2024 ” لابد أن تكون هناك وسائل ضغط، وهناك وسائل متعددة تصل إلى العقوبات للسماح بعبور المساعدات الإنسانية من نقاط التفتيش” (الإخبارية، 10/4/2024). ومع ذلك اتضح من خلال تحقيق أجراه موقع “ديسكلوز” الفرنسي من خلال وثائق سرية أظهرت ـأن شركة ” تاليس “الفرنسية الرائدة في مجال الصناعة العسكرية أمدت إسرائيل  بمعدات اتصال خاصة بالطائرات المسيرة استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقصف أهداف في قطاع غزة، من خلال تقرير أقرت فيه شركة تاليس  بتسليم “نظامين للاتصالات المحمولة جوا” في عام 2024 للسلطات الإسرائيلية في وقت أكدت فيه وزارة الدفاع الفرنسية  كثيراً أن صادرات السلاح الفرنسي لإسرائيل اقتصرت على معدات عسكرية دفاعية مرتبطة بالقبة الحديدة لصواريخ المقاومة الفلسطينية.

ومن قبل أُجرى تحقيق استقصائي نُشر في مارس 2024 كشف فيه أن فرنسا صدرت إلى إسرائيل شحنة ذخيرة للمدافع الرشاشة سِراً في23 أكتوبر 2023 مالا يقل عن 100,000 يستخدمها الجيش الإسرائيلي ضد المواطنين في غزة أي بعد أسبوعين من بداية الحرب (الجزيرة، تحقيق: فرنسا زودت إسرئايل بأسلحة استخدمت لقصف مستشفى بغزة ، 18/6/2024).

ألمانيا: قدمت أسلحة بكافة أشكالها لإسرائيل منذ بداية الحرب على غزة؛ حيث تُعد ألمانيا رقم واحد بعد الولايات المتحدة الأمريكية في إمدادها أسلحة لإسرائيل؛ فبحسب وزارة الشؤون الاقتصادية أن مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل وصلت إلى (326,5) مليون دولار بارتفاع عشر مرات لعام 2022؛ مما يؤكد أنها موافقه بل شريكة في العمليات العسكرية ضد غزة، وعليه طالبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية بإلزام ألمانيا بوقف دعمها لإسرائيل في تدمير الشعب الفلسطيني الذي وصفته بأنه” يتعرض لأكثر الأنشطة العسكرية تدميراً في التاريخ الحديث، حيث أكدت ألمانيا أن أمن إسرائيل “جوهر” سياستها الخارجية، عندما اتهمت الأخيرة بالإبادة الجماعية، أمام محكمة العدل الدولية، وعليه طالبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية بإلزام ألمانيا بوقف دعمها لإسرائيل في تدمير الشعب الفلسطيني الذي وصفته بأنه” يتعرض لأكثر الأنشطة العسكرية تدميراً في التاريخ الحديث.  (Arabia B.، 2/4/2024).

الولايات المتحدة الأمريكية: إرسال سفن حربية وطائرات عسكرية وإمدادها بالذخيرة والمعدات العسكرية. (24, 26/9/2024)؛ حيث كشف مسؤولان أمريكان أن عدد الذخائر التي وصلت لإسرائيل أكثر من 10,000 قنبلة شديدة التدمير زنة ألفي رطل، و6500 قنبلة ونى 500 رطل و3000 صاروخ هيلفاير سطح جو وألف قنبلة للتحصين و2600 قنبلة صغيرة القُطر. الخ. (Arabia S. n., 29/7/2024)

2) المساعدات المالية

الولايات المتحدة الأمريكية: بالرغم من طلب الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة بوقف الضرب على غزة لاعتبارات إنسانية؛ إلا أنها لم تتوقف عن دعم إسرائيل منذ بداية الحرب من إمدادها بالذخيرة والمعدات العسكرية اللازمة؛ تحت تصريح تؤكد فيه أن إسرائيل ستحصل على “كل ما تحتاجه”؛ لدعم ضرباتها ضد غزة، وعليه أقرت الولايات المتحدة بتشريعات تنص على تقديم ما لا يقل عن 12.5 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل بما في ذلك  3.8 مليار دولار في مارس 2024 (بما يتماشى مع مذكرة التفاهم الموقعة من كلٍ إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مدتها 10 سنوات بشأن المساعدات العسكرية الممتدة من 2019-2028)، إضافة إلى (8,5) مليار دولار أعلنت إسرائيل الحصول عليها في 26/9/2024 من الولايات المتحدة الأمريكية ( بمافي  ذلك 3,5 مليار دولار مُخصصة لمشتريات عسكرية، و5,2 مليار دولار مُخصصة لأنظمة الدفاع الجوي من ضمنها منظومة القبة الجديدة المضادة للصواريخ وأنظمة الليزر المتطورة)..

وتأسيساً على ما سبق؛ بالرغم من  أن المساعدات المالية التي وصلت لإسرائيل تخطت أكثر من 12 مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية فقط، إضافة إلى المساعدات العسكرية التي تخطت أكثر من 100,000 قنبلة وذخيرة وأسلحة عسكرية، ومع ذلك ارتفع العجز المالي لميزانية إسرائيل لعام 2024 جراء تكاليف الحرب والتي قٌدرت بنحو (16,5%) من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من عام 2023م، وقدر زادت خلال الـ  10 شهور من عام 2024، وستزيد إذا استمر الوضع ، وحتى عند التعافي سيتطلب الأمر استثمارات ضخمة في البنية التحتية وإعادة بناء القطاعات الاقتصادية المتضررة في ضوء التحديات المتمثلة  استعادة الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي وتعويض الخسائر الناجمة عن الصراع.؛ الأمر الذي يدفعنا بالتساؤل ماذا لو لم تُقدم الدول المساعدات التي قدمتها لإسرائيل؟  وإن كان هذا مُستبعد لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية في ضوء مذكرة التفاهم الموقعة بينهما الممتدة من (2019-2028).

وجملة ما سبق؛ بالرغم من التداعيات السلبية للحرب على اقتصاد إسرائيل، وتصنيفها الائتماني بنظرة سلبية بحسب الوكالات الدولية؛ هناك سيناريوهان كمايلي:

السيناريو الأول: استمرار الحرب وهو السيناريو الأقرب حدوثه. خاصة عندما أشار” سموت ريتش” وزير المالية المعروف بتفاؤله، بدأ يشعر بالإرهاق إذ قال نحن في أطول وأكثر الحروب تكلفة في تاريخ إسرائيل.. لقد كانت النزاعات السابقة مكلفة جدًا بالنسبة لإسرائيل، فلا تتفاجأ إذا كانت هذه الحرب كذلك”، وعليه مع استمرار الحرب من المتوقع أن يرتفع العجز المالي إلى أن يصل إلى (8,1%) من الناتج المخلي الإجمالي، أي أعلى ثلاث مرات ما من متوقعاً قبل الحرب جراء تضخم نفقات الجيش، إضافة إلى انخفاض معدل الصادرات وبالتالي التأثير بالسلب على التجارة الدولية؛ مما تُساهم في رفع خسائر الميزانية مالا يقل عن 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب ما أشار إحدى الاقتصاديين في بنك ” هيوعليم” مؤكدا أن الخسارة الحالية ستصبح الأعلى منذ حرب أكتوبر عام 1973.

السيناريو الثاني: وقف الحرب على غزة، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي.  وهذا السيناريو تسعى إليه أغلب الدول منذ بداية الحرب لاسيما الدول العربية وبعض من الدول الأجنبية مثل كندا وبالرغم من هذا السيناريو سيتبعه زيادة في الإنفاق على إعادة الإعمار لكلٍ من الدولتين، وفي نفس الوقت تخفيض التمويل المخصص للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية تلك القطاعات بهدف تعزيز الإنتاجية الاقتصادية في إسرائيل، وبالتالي التأثير بالسلب على ميزانية الدولة، مما يُحقق المزيد من الركود الاقتصادي التي تتعرض إليه البلاد.

وختاماً؛ يتطلب الوضع الراهن وجود شيء من الدبلوماسية لتفادي المزيد من الضرر الاقتصادي والإنساني لاسيما في غزة فالصراعات الإقليمية تؤثر على كافة الأطراف، كما رأينا مدى التداعيات السلبية على اقتصاد إسرائيل وتطور تلك التداعيات لو استمرت الحرب رغم تطوره.

قائمة المراجع:

  1. إسرائيل – الناتج المحلي من الزراعة، Trading، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/gdp-from-agriculture

  1. إسرائيل – الناتج المحلي من البناء، Trading، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/gdp-from-construction

  1. إسرائيل من الناتج المحلي من النقل، Trading، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/gdp-from-transport

  1. إسرائيل – معدل نمو الناتج المحلي السنوي، Trading، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/gdp-growth

  1. بسبب حرب غزة.. اقتصاد إسرائيل سيسجل أحد أدنى معدلات نموه على الإطلاق في ، العربية، 20/2/2024م ، متاح على الرابط التالي:

https://www.alarabiya.net/aswaq/economy/2024/02/20/

  1. إسرائيل، معدل التضخم، متاح على الرابط التالي: https://ar.tradingeconomics.com/israel/inflation-cpi
  2. إسرائيل – التضخم الغذائي، متاح على الرابط التالي: https://ar.tradingeconomics.com/israel/food-inflation
  3. إسرائيل – صادرات، Trading Economic، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/exports

  1. إسرائيل /الأراضي الفلسطينية – الاستيطان (26/3/2024) الدبلوماسية الفرنسية، متاح على الرابط التالي

https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/dossier-pays/afrique-du-nord-et-moyen-orient/israel/evenements-et-visites/2024/article/

  1. إسرائيل – واردات الحكومة، Trading economics، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/imports

  1. إسرائيل – إيرادات الحكومة، Trading economics، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/government-revenues

  1. تقرير: المستثمرون الأجانب يبتعدون عن إسرائيل ورأس المال المحلي بدأ في الهروب، مال وأعمال، 19/6/2024، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com/business/1575614
  2. إسرائيل – الميزانيات الحكومية، Trading economics، 2023، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/government-budget

  1. إسرائيل – الأجور، Trading economics، 2023، متاح على الرابط التالي

https://ar.tradingeconomics.com/israel/wages

  1. إسرائيل – معدل البطالة، Trading economics، 2023، متاح على الرابط التالي:

https://ar.tradingeconomics.com/israel/unemployment-rate

  1. قطاع السياحة في “إسرائيل” يواصل خسائره.. 10% من الفنادق معرضة للإغلاق، البث المباشر، 24/7/2024، متاح على الرابط التالي: https://www.almayadeen.net/news/economic
  2. موديز تخفض تصنيف إسرائيل وسط توقعات “سلبية”، العربية، 28/9/2024، متاح على الرابط التالي:

https://www.alarabiya.net/aswaq/economy/2024/09/28

  1. “فيتش” تصنيف إسرائيل الائتماني مهدد بالخفض بسبب حرب غزة، الجزيرة، 13/8/2024.

https://www.ajnet.me/ebusiness/2024/8/13/

  1. شهراً من الحرب على غزة تلحق أضراراً جسيمة باقتصاد إسرائيل، الجزيرة، 6/9/2024، متاح على الرابط التالي:

https://www.ajnet.me/ebusiness/2024/9/6/11

  1. الحرب على غزة تفاقم عجز ميزانية إسرائيل ليرتفع إلى 8,1 % في يوليو الماضي، اليوم السابع، 10/8/2024، متاح على الرابط التالي: https://www.youm7.com/story/2024/8/10/
  2. “التايمز”: بريطانيا تؤجل قرار حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل لأسابيع، RTمباشر،30/7/2024، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com/world/1586957
  3. بريطانيا تصدر 100 رخصة تصدير سلاح لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، الجزيرة ،12/6/2024، متح على الرابط التالي:

https://www.ajnet.me/news/2024/6/12/

  1. فرنسا: لا توجد خطط حالياً لفرض عقوبات على إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة، القاهرة الإخبارية، 10/4/2024، متاح على الرابط التالي: https://alqaheranews.net/news/75712/
  2. تحقيق: فرنسا زودت إسرائيل بأسلحة استخدمت لقصف مستشفى غزة، الجزيرة، 18/6/2024، متاح على الرابط التالي: https://www.ajnet.me/news/2024/6/18/
  3. مسؤولان أميركيان يكشفان حجم المساعدات العسكرية لإسرائيل، Sky News Arabi، 29/7/2024، متاح على الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1725653
5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى