الصراع الفلسطيني الإسرائيلي : دراسة في آليات إدارة الصراع 1948 – 2024
The Palestinian-Israeli Conflict A Study of Conflict Management Mechanisms 1948-2024

اعداد : أحمد محمد أسامه إبراهيم البوصيرى السيد , سارة محمد عبد العزيز الصاوي , إسراء عماد لبيب عبدالرحمن غيث , حنين السعيد حلمي محمد , محمد السيد محمد منصور – إشراف : د. رجب عيد الطلخاوي – كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية – جامعة الإسكندرية
- المركز الديمقراطي العربي
ملخص :
يُعدّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي من أكثر الصراعات تعقيدًا واستمرارية في النظام الدولي، إذ لم يشهد استقرارًا منذ اندلاعه عام 1948 وحتى عملية “طوفان الأقصى” في عام 2023. يتداخل في هذا الصراع البعدان السياسي والديني، ويتجسد في مواجهة بين مشروع استيطاني توسعي مدعوم بالقوة العسكرية والتحالفات الغربية، ومشروع مقاوم يسعى إلى استعادة الحقوق الوطنية لشعب يعاني النكبة والشتات والحصار وتدهور الأوضاع الإنسانية. كما يسهم الانقسام الفلسطيني الداخلي، إلى جانب تدخلات القوى الإقليمية والدولية، في تعقيد المشهد وإضعاف فرص التسوية. وفي ظل تعثّر أدوات الحل السياسي، تستمر العمليات العسكرية، ويُترك الشعب الفلسطيني أمام تحديات وجودية بين طموحات إقامة الدولة وواقع الاحتلال، ما يستدعي إعادة صياغة استراتيجية شاملة ترتكز إلى مبادئ القانون الدولي والعدالة الإنسانية لتفادي مزيد من التصعيد.
تقدم الدراسة تحليلًا معمقًا لتطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عام (1948) وحتى عام (2024)، مبينة جذوره التاريخية والسياسية والدينية المتشابكة، وتأثير الأحداث المفصلية مثل النكبة 1948، والنكسة (1967)، واتفاقيات أوسلو (1993)، وانتفاضة الأقصى (2000)، وحروب غزة المتكررة، وصولًا إلى عملية “الطوفان” في أكتوبر (2023). على الصعيد المحلي، برزت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة فتح منذ عام (1964) بنهج تفاوضي، في مقابل حركة حماس التي تسيطر على غزة منذ (2007) بخيار المقاومة المسلحة، بينما شهدت إسرائيل صعود أحزاب اليمين المتطرف، خاصة الليكود منذ (1977)، إضافة إلى تنامي نفوذ الصهيونية الدينية. إقليميًا، لعبت مصر دور الوسيط منذ اتفاقيات كامب ديفيد عام (1978)، وسعت إيران منذ ثورة (1979) لتعزيز نفوذها عبر دعم فصائل المقاومة، في حين تبنت دول عربية مثل الإمارات والأردن نهجًا براغماتيًا تجاه إسرائيل. دوليًا، حافظت الولايات المتحدة والدول الغربية على دعم تقليدي لإسرائيل، مقابل دعم نسبي من بعض الدول العربية والإسلامية ودول الجنوب العالمي للفلسطينيين، بينما دعت روسيا والصين إلى حل الدولتين واحترام القانون الدولي، وتميل بريطانيا، التي لعبت دورًا تأسيسيًا في الصراع منذ وعد بلفور عام (1917)، إلى دعم حل الدولتين. استخدم الطرفان أدوات متباينة لإدارة الصراع، شملت الدبلوماسية التي تعثرت مثل قمة كامب ديفيد الثانية عام (2000)، والضغوط الاقتصادية مثل بروتوكول باريس (1994)، والإعلام والدعاية لتشكيل الرأي العام، إلى جانب الاستخدام المتكرر للقوة العسكرية منذ عام (1948). وخلصت الدراسة إلى أن هذه الأدوات لم تسفر عن حل شامل وعادل حتى عام (2024)، ما يستدعي إعادة تقييم جذرية لمسارات الحل لتجنب مزيد من التصعيد والانقسام.
Abstract
The Palestinian-Israeli conflict is considered one of the most complex and enduring conflicts in the international system, having not witnessed stability since its outbreak in 1948 until the “Al-Aqsa Flood” operation in 2023. This conflict intertwines political and religious dimensions, manifested in a confrontation between an expansionist settlement project supported by military power and Western alliances, and a resistance project that seeks to restore the national rights of a people suffering from catastrophe, diaspora, siege, and deteriorating humanitarian conditions. The internal Palestinian division, along with interventions from regional and international powers, contributes to complicating the scene and weakening the chances for settlement. In light of the stagnation of political solution tools, military operations continue, leaving the Palestinian people facing existential challenges between the aspirations of statehood and the reality of occupation, which necessitates the reformation of a comprehensive strategy based on the principles of international law and humanitarian justice to avoid further escalation.
The study provides an in-depth analysis of the developments in the Palestinian-Israeli conflict from 1948 to 2024, highlighting its intertwined historical, political, and religious roots, and the impact of pivotal events such as the Nakba 1948, the Six-Day War 1967, the Oslo Accords 1993, the Al-Aqsa Intifada 2000, and the recurring wars in Gaza, culminating in Operation “Flood” in October 2023. Locally, the Palestine Liberation Organization, led by Fatah since 1964, has adopted a negotiating approach, in contrast to Hamas, which has controlled Gaza since 2007 with an armed resistance option, while Israel has witnessed the rise of far-right parties, particularly Likud since 1977, alongside the growing influence of religious Zionism. Regionally, Egypt has played a mediating role since the Camp David Accords in 1978, while Iran has sought to enhance its influence since the 1979 revolution by supporting resistance factions, whereas Arab countries like the UAE and Jordan have adopted a pragmatic approach towards Israel. Internationally, the United States and Western countries have maintained traditional support for Israel, in contrast to relative support from some Arab, Islamic, and Global South countries for the Palestinians, while Russia and China have called for a two-state solution and respect for international law, with Britain, which played a foundational role in the conflict since the Balfour Declaration in 1917, leaning towards supporting a two-state solution. Both sides have employed varying tools to manage the conflict, including faltering diplomacy such as the second Camp David Summit in 2000, economic pressures like the Paris Protocol in 1994, media and propaganda to shape public opinion, alongside the repeated use of military force since 1948. The study concluded that these tools have not yielded a comprehensive and just solution by 2024, necessitating a radical reassessment of solution pathways to avoid further escalation and division.
المقدمة
لا يشبه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أي صراع آخر في العالم؛ فهو ليس مجرد خلاف جغرافي أو صدام عسكري، بل يمثل عقدة تاريخية مركبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والدينية والثقافية والإنسانية، ليصبح أحد أطول وأعقد الصراعات المعاصرة، وأكثرها إثارة للجدل والانقسام في الرأي العام العالمي. إنه صراع يتجاوز مفردات الاحتلال والمقاومة، ويتحدى مبادئ القانون الدولي وفعالية المؤسسات الأممية.
بدأت ملامح التغيير في فلسطين منذ أواخر القرن التاسع عشر، تلوح في الأفق مع تزايد الهجرات اليهودية المدفوعة بالفكر الصهيوني، الذي روّج لفكرة “العودة إلى أرض الميعاد” على حساب السكان الأصليين. هذا المشروع، الذي لم يكن وليد رغبة دينية فقط، بل نتاج حسابات استعمارية بريطانية وأوروبية، بدأ يتحول إلى واقع ملموس مع بداية الانتداب البريطاني عام 1920، وتوج بوعد بلفور عام 1917، الذي شكل أول اعتراف دولي بحق اليهود في إقامة وطن قومي في فلسطين، رغم أن الغالبية الساحقة من سكانها آنذاك كانوا من العرب الفلسطينيين.
تسارعت وتيرة الاستيطان مع مرور الوقت، وبدأت السياسات البريطانية تميل أكثر فأكثر لدعم المؤسسات الصهيونية، في تجاهل واضح للمطالب الوطنية الفلسطينية. جاءت نكبة عام 1948 لتكون الذروة المأساوية الأولى، حيث قامت دولة إسرائيل على أنقاض ما يزيد عن 500 قرية فلسطينية دمرت، وشُرِّد أكثر من 750 ألف فلسطيني، في واحدة من أكبر عمليات التهجير القسري في التاريخ الحديث. لم تكن النكبة مجرد خسارة جغرافية، بل جرحًا غائرًا في الوعي الجمعي الفلسطيني، ما زال ينزف حتى اليوم، ويشكل أساسًا لصياغة الهوية الوطنية.
ظن البعض أن نكسة عام 1967 ستكون آخر محطات الانكسار، جاءت الهزيمة لتضيف مزيدًا من التعقيد للصراع، بعدما فقد الفلسطينيون ما تبقى لهم من أرض تحت سيطرة عربية. ولكن هذه النكسة، التي شكلت زلزالًا سياسيًا وعقائديًا للعالم العربي، كانت أيضًا نقطة تحوّل في مسار المقاومة الفلسطينية، إذ شهدت تلك المرحلة انطلاقة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتأسيس حركات وطنية وفدائية، عبّرت عن روح جديدة في مواجهة الاحتلال، وكرّست دور الفلسطيني كفاعل وليس مجرد ضحية.
مرت القضية الفلسطينية بتحولات استراتيجية كبرى، منها الانتقال من الكفاح المسلح إلى محاولات الانخراط في العملية السياسية الدولية، خاصة مع انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ومن ثم توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي كان يفترض أن يشكل بداية لمرحلة انتقالية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. غير أن هذا الاتفاق، وعلى الرغم من آماله الوردية، لم يحقق الحد الأدنى من التطلعات الفلسطينية، بل أدى إلى إقامة سلطة بلا سيادة، في ظل استمرار الاستيطان وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية بجدار الفصل العنصري ونقاط التفتيش، فضلًا عن استمرار سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاقتحامات اليومية.
ثم جاءت الانتفاضة الثانية عام 2000، كرد فعل شعبي على انسداد الأفق السياسي، وسرعان ما تحولت إلى مواجهة مفتوحة استخدمت فيها إسرائيل أقصى درجات القوة. وقد كشفت تلك المرحلة هشاشة الأسس التي قام عليها مسار أوسلو، وأبرزت فشل المجتمع الدولي في فرض احترام الاتفاقات. ومنذ ذلك الحين، دخلت القضية في دوامة من العنف والتصعيد، تمثلت في سلسلة من الحروب على قطاع غزة، الذي أصبح رمزًا مزدوجًا للمعاناة من الاحتلال والحصار والانقسام الداخلي.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل التحولات الإقليمية والدولية التي ألقت بظلالها على الصراع، من بينها صعود موجة التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، والانقسام الفلسطيني الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ما أدى إلى تآكل المشروع الوطني الفلسطيني وتراجع حضوره في الأجندة السياسية الدولية.
جاءت عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، لتعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة المشهد العالمي من جديد، وتكشف عن عمق الاحتقان المتراكم، وعن حدود القوة الإسرائيلية رغم تفوقها العسكري. لم تكن العملية مجرد رد على سلسلة من الانتهاكات، بل مثلت لحظة فارقة أعادت تعريف قواعد الاشتباك ومفاهيم الردع.
تهدف هذه الدراسة إلى تجاوز السرد الكلاسيكي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، من خلال تحليل أعمق لآليات التصعيد والتهدئة، ودراسة تأثير التحولات الإقليمية والدولية على مجرياته. كما تسعى للإجابة عن تساؤلات محورية حول إمكانية إنقاذ المشروع السياسي في ظل غياب أفق تفاوضي، وفرص الفلسطينيين في استعادة زمام المبادرة وتوحيد صفوفهم، إضافة إلى البحث في إمكانية التوصل إلى حل عادل لهذا الصراع الممتد لأكثر من قرن، بعيدًا عن منطق القوة وحده.
أولًا : مشكلة البحث
يُعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أطول الصراعات وأكثرها تعقيدًا، متجذرًا في خلفيات تاريخية ودينية وسياسية متشابكة. ورغم تعدد المبادرات والوساطات، فشلت الأدوات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية في تحقيق سلام دائم، وسط تدخلات إقليمية ودولية زادت من تعقيد المشهد. تتمحور مشكلة البحث في تساؤل رئيسي هو، ما آليات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال الفترة من 1948 إلى 2024 ؟ ويندرج تحت هذا التساؤل الرئيسي مجموعة من التساؤلات الفرعية منها :
- ما مفهوم إدارة الصراع وآلياته ؟
- ما مراحل تطور الصراع ؟
- كيف ساهمت القوى المختلفة في إدارة الصراع ؟
- ما دور الأداة الدبلوماسية في إدارة الصراع ؟
- ما دور الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع ؟
- كيف أثرت الأداة الدعائية في إدارة الصراع ؟
- هل حسمت الأداة العسكرية الصراع ؟
ثانيًا : هدف الدراسة
يتمثل الهدف الرئيسي للدراسة في محاولة الإجابة عن تساؤلات المشكلة البحثية ويتفرع من هذا الهدف عدة
أهداف فرعية تتمثل في :
- محاولة التعرف على مفهوم إدارة الصراع.
- استقراء مراحل تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
- تناول دور القوى المختلفة في إدارة الصراع.
- الوقوف على أثر الأداة الدبلوماسية في إدارة الصراع.
- الوقوف على أثر الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع.
- الوقوف على أثر الأداة الدعائية في إدارة الصراع.
- الوقوف على أثر الأداة العسكرية في إدارة الصراع.
ثالثًا : أهمية الدراسة
الأهمية العلمية : تعد هذه الدراسة إضافة نوعية إلى المكتبة العربية في مجال دراسات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تقدم تحليلاً شاملاً ومتكاملاً لآليات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر مراحل تاريخية متعددة. وتسهم الدراسة في سد الفجوة البحثية المتعلقة بفهم كيفية تفاعل الأدوات الدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية في إدارة الصراعات طويلة الأمد. كما تقدم مادة علمية متكاملة يمكن أن يعتمد عليها الباحثون والدارسون في مجالات العلوم السياسية، والعلاقات الدولية، والدراسات الاستراتيجية، لفهم أعمق للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتوفر الدراسة مرجعاً غنياً للمكتبات الجامعية العربية، يسلط الضوء على تجارب ناجحة وأخرى فاشلة في إدارة الصراع، مما يفتح المجال أمام دراسات مستقبلية تقترح آليات جديدة أكثر فاعلية.
الأهمية العملية : تقدم الدراسة لصناع القرار في العالم العربي رؤية متكاملة حول الأدوات والآليات التي وُظفت في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع تحليل نقاط القوة والضعف في تلك الأدوات. وتساعد الدراسة المسؤولين السياسيين والدبلوماسيين في تبني سياسات أكثر فعالية عند التعامل مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي. كما تطرح الدراسة مجموعة من التوصيات العملية لتعزيز المسار التفاوضي وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية وتوفر مقترحات محددة حول كيفية تفعيل دور القوى الإقليمية والعربية لدعم الحقوق الفلسطينية ضمن إطار أكثر فاعلية على المستوى الدولي.
رابعًا : منهج الدراسة :
المنهج الاستقرائي : وهو المنهج الذي يقوم على استقراء الواقع، حيث يبدأ بملاحظة الواقع ويقف عند حد وصفه، فلا يتجاوز ذلك إلى التعميم. ويستخدم هذا المنهج في دراسات الحالة، وهي الدراسات التي تستهدف دراسة مجموعة معينة من الوقائع كدراسة وصفية لا تحليلية، مثل دراسة شخصية سياسية معينة، أو حزب سياسي معين، أو جماعة معينة وتأثيرها في عالم السياسة([1]) وارتباطا بهذا المنهج تقوم الدراسة على استقراء الأحداث والوقائع المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، مثل تتبع الاعتداءات الإسرائيلية، ردود الفعل الفلسطينية، والمواقف الدولية.
المنهج التاريخي : يعتبر المنهج التاريخي من أكثر المناهج التقليدية استخداماً في دراسة العلاقات الدولية، إذ يركز على تتبع تطور الأحداث والوقائع الدبلوماسية عبر الزمن. وينطلق هذا المنهج من أن العلاقات الدولية الراهنة ليست منفصلة عن سياقاتها التاريخية، بل هي امتداد لتفاعلات وصراعات سابقة. ولذلك، فإن فهم هذه الخلفيات التاريخية يعد أمراً أساسيا لفهم طبيعة العلاقات الدولية اليوم، فالعوامل التاريخية، مثل التحالفات القديمة، والصراعات المتجذرة، والمشاعر القومية، تعد من العوامل المؤثرة بقوة في صياغة السياسات الخارجية للدول،([2]) وارتباطا بهذا المنهج تقوم الدراسة بتتبع جذور تاريخية في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي تعود إلى نكبة 1948 وتأسيس إسرائيل، وما تبعها من تهجير ونزاعات ، و يُبرز كيف أن التحالفات القديمة، والانتفاضات، واتفاقيات السلام ، شكّلت مراحل متراكمة تُفسر واقع الصراع وصولاً للوضع الراهن.
اقتراب الصراع الدولي : تشير نظريات الصراع في العلاقات الدولية إلى مجموعة من الأطر الفكرية التي تسعى إلى تفسير سلوك الدول الخارجي من زوايا متعددة، حيث تركز كل نظرية على جانب معين من جوانب الصراع، ولا تقتصر على التفسير فقط، بل تقدم كذلك آليات واستراتيجيات لإدارة الصراعات الدولية.([3])
خامسًا : حدود الدراسة
الإطار الزمني للدراسة : تعالج الدراسة فترة زمنية محددة تبدأ من عام 1948 إلى عام 2024، وقد تم اختيار هذه الفترة لعدة أسباب؛ إذ يعد عام 1948 نقطة تحول محورية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث شهد إعلان قيام دولة إسرائيل، وما تبعه من اندلاع أول حرب عربية إسرائيلية “النكبة”، والتي أسفرت عن تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وفقدانهم لأراضيهم، كما يمثل بداية الصراع السياسي والعسكري بشكل رسمي بين الدول العربية وإسرائيل، مما يجعل هذا التاريخ بداية منطقية لدراسة تطور آليات إدارة الصراع، حيث بدأت منذ ذلك الحين محاولات دولية وإقليمية لإدارة الصراع عبر مفاوضات واتفاقيات متعددة. أما عام 2024، فقد تم اختياره كنهاية للدراسة لكونه يمثل أحدث نقطة زمنية يمكن من خلالها رصد التطورات الأخيرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يشمل المستجدات السياسية والدبلوماسية، وتطور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأثير التغيرات الإقليمية والدولية على مسار الصراع.
الإطار المكاني للدراسة : يتناول البحث المناطق الجغرافية المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي والدول العربية المجاورة، مثل مصر وسوريا، ولبنان. ويركز على الأماكن التي شهدت الصراعات المسلحة والتطورات السياسية، مثل القدس، وغزة والضفة الغربية. كما يشمل البحث أيضاً التأثيرات الإقليمية والدولية التي امتدت إلى خارج المنطقة المباشرة للصراع.
سادسًا : دراسات سابقة
حظى موضوع الدراسة باهتمام عدد من الباحثين، الذين تناولوه من زوايا متعددة، وأسهمت دراساتهم في إغناء المعرفة حول أبعاده المختلفة، ونستعرض أبرز الإسهامات العلمية التي تناولت الموضوع، ومنها :
دراسات عربية :
- عبد الوهاب المسيري، “اليهود واليهودية والصهيونية“، ( القاهرة : دار الشروق، 1999 )
قُسمت هذه الدراسة إلى خمسة أجزاء، حيث تناول في “الجزء الأول” إشكالية التطبيع والدولة الوظيفية، والتي فسّر فيها عدة مفاهيم من شاكلة التطبيع، الشذوذ البنيوي، والتطبيع المعرفي، كما تناول في هذا الجزء السمات الأساسية للمشروع الصهيوني، وتحدث عن الصهيونية كغزو عسكري وسياسي واقتصادي للعالم العربي. أما في “الجزء الثاني” فقد تناول الدولة الاستيطانية الإحلالية، وتحدث فيه عن إشكالية الاستعمار الاستيطاني اليهودي، وهجرة اليهود السوفيت الأوائل، والتهجير الغربي لبعض جماعات اليهود مثل يهود العراق. وجاء “الجزء الثالث” بعنوان “العنصرية والإرهاب الصهيونيان”، حيث تناول فيه العنصرية اليهودية ضد اليهود العرب، والإرهاب الصهيوني حتى عام 1948. وفي “الجزء الرابع”، المعنون “النظام الاستيطاني الصهيوني”، تناول العلاقة بين الاستيطان ونمو الاقتصاد، وميّز بين التوسع الجغرافي والنمو الاقتصادي، كما تحدث عن النظام السياسي في إسرائيل، متناولاً نظرية أمن دولة إسرائيل في المستقبل. أما “الجزء الأخير”، المعنون “أزمة الصهيونية والمسألة الإسرائيلية”، فقد تناول فيه الصهيونية في التسعينيات وتحدث عن شاكلة المسألة الفلسطينية، متناولاً فيها مفاهيم مثل السلام الشامل والدائم، وحق العودة الفلسطيني.
- عبد الوهاب المسيرى، “الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى“، ( القاهرة : دار الشروق، 2002)
يعد كتاب “الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى” لعبد الوهاب المسيري دراسة شاملة ومفصلة حول تاريخ الصهيونية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يتناول بداية الاستيطان الصهيوني في فلسطين وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000. يقدم المسيري تحليلاً نقدياً للفكر الصهيوني وسياساته، ويوضح كيف أسهمت هذه السياسات في تأجيج الصراع، كما يناقش دور العنف في هذا السياق، سواء من جانب الصهاينة أو من جانب الفلسطينيين. يتناول “الفصل الأول” من الكتاب بدايات الاستيطان وتحولات الفكر الصهيوني، بينما يعرض “الفصل الثاني” تطورات الصراع خلال القرن العشرين، ويقدم رؤية نقدية لدور العنف فيه، أما “الفصل الثالث” فيتناول انتفاضة الأقصى وتحليل تأثيراتها على الصراع. وتساهم هذه الدراسة في تعميق الفهم لأصول الصراع وتطوراته وتوفر إطاراً نقدياً لتحليل السياسات الصهيونية والإسرائيلية وانعكاساتها الإقليمية. وفي هذا الإطار، تأتي الدراسة الحالية لتستكمل ما بدأه المسيري، من خلال التركيز على جوانب محددة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والاستفادة من التحليل التاريخي لتطوير رؤى واستراتيجيات أكثر فاعلية في فهم هذا الصراع المعقد.
- محمد محمود المغني، “موقف جامعة الدول من القضية الفلسطينية من خلال القرارات والبيانات الرسمية الصادرة عنها من 1987 – 2006“، ( رسالة ماجستير، كلية الأداب، الجامعة الإسلامية، 2016 )
قسمت هذه الدراسة أولًا إلى “فصل تمهيدي”، تحدث فيه عن لمحة تاريخية عن جامعة الدول العربية، نشأتها، أهدافها وهيكلها التنظيمي، كما تناول في هذا الفصل الحديث عن موقف جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية من عام 1945 حتى عام 1986. ثم جاء “الفصل الأول”، الذي تناول موقف جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية من عام 1987 حتى عام 1993، وتحدث فيه عن موقف الجامعة من الانتفاضة الفلسطينية وسبل دعمها، كما تناول موقف الجامعة من مشاريع التسوية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وفي “الفصل الثاني”، تناول موقف جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية من عام 1994 حتى عام 1999، وتطرق إلى الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني خلال هذه الفترة، كما تحدث عن موقف الجامعة من قضية اللاجئين والتنمية في الأراضي الفلسطينية. أما “الفصل الثالث”، فقد تناول القضايا نفسها الواردة في الفصل السابق، مع اختلاف الفترة الزمنية، حيث ناقش القضية الفلسطينية من عام 2000 حتى عام 2006، متناولًا قمة شرم الشيخ عام 2005، ويوصي في نهايته بدعوة المنظمات العربية إلى توحيد جهودها لممارسة ضغط عربي مشترك من أجل حل القضية الفلسطينية. وقد استفدنا من هذه الدراسة في فصلنا الثاني، الذي تناول الحديث عن دور القوى المحلية والإقليمية والدولية في القضية الفلسطينية، حيث تعتبر دراسة محمد محمود المغني مصدرًا غنيًا حول القوى الإقليمية المؤثرة في القضية، وتعد جامعة الدول العربية من أبرز الفاعلين الإقليميين في هذه المسألة، لما لها من دور بارز على مر تاريخ القضية.
- علاء محمد فوزي دنديس، “الكفاح المسلح الفلسطيني إلى انتفاضة الأقصى ٢٠٠٠ – فتح في جبل الخليل نموذجاً“، ( رسالة ماجستير، كلية الأداب، جامعه بيرزيت، ٢٠١٧ )
نلاحظ أن “الفصل الأول” من هذه الدراسة حاول الكشف عن واقع الكفاح المسلح الفلسطيني في الفترة الواقعة ما بين “عملية السلام” أوسلو عام 1994 حتى تقهقر الانتفاضة الثانية عام 2005. أما “الفصل الثاني” من الدراسة، فبحث في الأداء العسكري لحركة فتح خلال هذه الفترة في الأراضي المحتلة عام 1967، وسعى إلى معرفة الظروف والتحولات السياسية التي أدت بدورها إلى تحييد العمل المسلح وتهميشه كخيار في العلاقة مع الكيان الصهيوني حتى خبو الانتفاضة الثانية. في حين أن “الفصل الثالث” من الدراسة تناول فئة المقاتلين الذين انخرطوا في الكفاح المسلح تحت مظلة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وتحديدًا الذين ينحدرون من منطقة الجنوب الفلسطيني في “جبل الخليل”، من سكان المدينة والقرية والمخيم، باعتبار هذه الفئة نموذجًا تحاول من خلاله الدراسة معرفة الدوافع والظروف التي أدت إلى التحول عن الكفاح المسلح كشعار وأداة تحرير في مواجهة سياسات الكيان الصهيوني في الحقبة التي شهدت تراجع العمليات المسلحة. وقد بحث “الفصل الرابع” من الدراسة في دور ومكانة المقاتلين في هذه التحولات، ومدى الانسجام بين الخطاب السياسي الرسمي لقيادة الحركة والواقع الفعلي على الأرض.
- محسن محمد صالح، “القضية الفلسطينة خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة“، ( بيروت : مركز الدراسات والاستشارات، ٢٠٢٢ )
تناول الدكتور محسن محمد صالح في دراسته “القضية الفلسطينية خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة” السياق التاريخي الشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تتبع تطورات القضية الفلسطينية من جذورها القديمة حتى المرحلة المعاصرة 1918 – 2021. بدأ بعرض الخلفيات الدينية والتاريخية لفلسطين، مفندًا المزاعم الصهيونية ومبينًا استمرارية الحضور العربي والإسلامي في الأرض الفلسطينية. ثم انتقل إلى تحليل مرحلة الاحتلال البريطاني، موضحًا آليات الدعم الغربي للمشروع الصهيوني، وتكوّن الحركة الوطنية الفلسطينية، وتبلور المقاومة في مواجهة الاحتلال. خصص فصولًا مستقلة لكل مرحلة زمنية، حيث عرض الكفاح المسلح بعد نكبة 1948، ثم تناول نشوء منظمة التحرير وحركة فتح والانتفاضات الفلسطينية، ونشوء حركتي حماس والجهاد الإسلامي. كما رصد مسارات التسوية السلمية منذ اتفاق أوسلو حتى المفاوضات المتعثرة في العقد الأخير، وسلط الضوء على الأوضاع الداخلية الفلسطينية والانقسام السياسي، مع تحليل دقيق لبنية النظام السياسي وأزمة القيادة والمؤسسات. تميزت هذه الدراسة بتقديم رؤية شاملة للقضية الفلسطينية من خلال تتبع تطورها التاريخي والسياسي عبر المراحل المختلفة، بما يسمح بفهم السياق العام للصراع وتحليل العوامل التي شكلت ملامحه، سواء من خلال السياسات الاستعمارية والدعم الغربي للمشروع الصهيوني أو عبر التفاعلات الفلسطينية الداخلية وتحولات العمل الوطني والمقاومة. كما تسعى إلى تفسير التعقيدات المعاصرة المرتبطة بالقضية، واستشراف مستقبلها في ضوء المعطيات الراهنة، من خلال توظيف منهج تحليلي يجمع بين البعد التاريخي والواقعي، ويؤمن بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وهويته الوطنية، مع التأكيد على أهمية تفعيل الأبعاد الإسلامية والعربية والدولية في إدارة الصراع.
دراسات أجنبية :
- Benny, Morris, “The Birth of the Palestinian Refugee Problem 1947:1949“, (UK: Cambridge University Press, 1987)
يُعدّ كتاب “نشأة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين” للمؤرخ بني موريس دراسة تاريخية شاملة ومعمقة حول جذور هذه القضية المعقدة، حيث يمكن تقسيمه إلى عدة أجزاء رئيسية. في الجزء الأول، يُعتبر الكتاب أول دراسة تاريخية شاملة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ويعتمد على وثائق حكومية وحزبية تم رفع السرية عنها مؤخرًا من إسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مجموعات من الأوراق الخاصة التي لم تُستخدم سابقًا. يتتبع الجزء الثاني المراحل المختلفة للنزوح الذي حدث بين عامي 1947 و 1949 في سياق الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، مع تحليل الأسباب المختلفة وراء حالات الفرار وشرح آليات اتخاذ القرار لدى كل من الجانبين اليهودي والعربي على المستويات الوطنية والمحلية، العسكرية والسياسية، بما في ذلك تبلور القرار الإسرائيلي بمنع عودة اللاجئين. ويصف الجزء الثالث النزوح الذي وقع بين شهري أبريل ومايو 1948، وعمليات الطرد التي جرت في يوليو من العام نفسه، إضافة إلى فرار المجتمعات الريفية في الجليل الأعلى والنقب الشمالي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 1948، وكذلك العمليات العسكرية لتطهير الحدود الإسرائيلية في الفترة من نوفمبر 1948 حتى يوليو 1949. أما الجزء الرابع، فيتناول مصير القرى والمدن العربية المهجورة، مركّزًا على تدميرها أو إعادة توطينها بالمهاجرين اليهود. بينما يستعرض الجزء الخامس السياق الدولي للحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، والصراعات الدبلوماسية في واشنطن ولندن والأمم المتحدة بشأن جهود توطين أو إعادة اللاجئين، وينتهي بالمحادثات التي جرت في لوزان والتي أغلقت فعليًا ملف اللاجئين. يتميّز الكتاب بمنهجيته العلمية الصارمة، إذ يعتمد المؤلف على مصادر أرشيفية دقيقة وتحليل معمق للأحداث والقرارات.
- Khalidi, Rashid, “The Hundred Years’ War on Palestine: A History of Settler Colonial Conquest and Resistance, 1917 – 2017. (New York: Metropolitan Books. 2020)
في هذه الدراسة، يبدأ رشيد خالدي بمقدمة يستعرض فيها خلفيته الشخصية وعلاقته بالقدس وتاريخ عائلته هناك، مما يضع القارئ في سياق تاريخي وشخصي غني قبل التعمق في تفاصيل الصراع. ثم ينتقل إلى الفصل الأول: “إعلان الحرب الأول، 1917 – 1939″، الذي يغطي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وبداية المشروع الصهيوني، وتأثيره على المجتمع الفلسطيني، بالإضافة إلى تشكيل بذور الصراع الأولية خلال تلك الفترة. الفصل الثاني: “إعلان الحرب الثاني، 1947 – 1948″، يتناول الفترة الحاسمة التي شهدت حرب 1948 وتأسيس دولة إسرائيل، مما أسفر عن تهجير واسع النطاق للفلسطينيين وتأسيس واقع جديد في المنطقة. الفصل الثالث: “إعلان الحرب الثالث، 1967″، يركز على حرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وتأثير هذه الحرب على مسار الصراع واتجاهاته اللاحقة. الفصل الرابع: “إعلان الحرب الرابع، 1982″، يناقش غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 وتأثيره على الوجود الفلسطيني في لبنان وتأثيره على الديناميكيات الإقليمية للصراع. الفصل الخامس: “إعلان الحرب الخامس، 1987″، يغطي فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى وتطوراتها المختلفة، وصولًا إلى توقيع اتفاقيات أوسلو وما حملته من آمال وتحديات. الفصل السادس: “إعلان الحرب السادس، 2000 – 2014″، يستعرض الانتفاضة الفلسطينية الثانية والحروب المتعددة على قطاع غزة، بالإضافة إلى التطورات السياسية والميدانية حتى عام 2014. أخيرًا، تقدم الخاتمة تحليلًا شاملًا وتقييمًا لمئة عام من الصراع، مؤكدًا على التحديات المستمرة ويعرض رؤية مستقبلية محتملة بناءً على مفهومي المساواة والعدالة.
في ضوء ما سبق، أسهمت دراسة عبد الوهاب المسيري في كشف الأبعاد الفكرية والاستعمارية للمشروع الصهيوني ودوره في تكريس العنف كأداة رئيسة في إدارة الصراع، ما يوضح الخلفية الأيديولوجية لسلوك إسرائيل، في حين تناولت دراسة محمد المغني دور جامعة الدول العربية، مبيّنة حدود التأثير الإقليمي العربي في دعم القضية الفلسطينية، وضعف أدوات الضغط الدبلوماسي. وركّزت دراسة دنديس على تحولات الكفاح المسلح، موضحة تراجع هذا الخيار بفعل المتغيرات السياسية، بينما تتبعت دراسة صالح المسار التاريخي للصراع، كاشفة عن تعقيداته نتيجة تداخل العوامل الداخلية والخارجية. وبيّن بيني موريس جذور أزمة اللاجئين باعتبارها من أعقد ملفات التسوية، في حين قدّم رشيد الخالدي قراءة تحليلية للصراع باعتباره مشروعًا استيطانيًا طويل الأمد، موضحًا محدودية الأدوات التقليدية في تحقيق العدالة. وتستفيد هذه الدراسة من تلك الإسهامات لتقييم أدوات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتفسير إخفاقها. وقد ركّزت على تتبع تطوّر الصراع منذ عام 1948 حتى اليوم، مع تحليل التحولات السياسية والميدانية، واستعراض أدوار الفاعلين المحليين كفتح وحماس والأحزاب الإسرائيلية، والإقليميين كمصر وإيران، والدوليين كالولايات المتحدة والصين، في تأجيج الصراع أو احتوائه، إضافة إلى تحليل آليات إدارة الصراع بما يشمل الأدوات الدبلوماسية والعسكرية، والضغوط الاقتصادية والدعائية بأشكالها المختلفة.
سابعًا : تقسيم الدراسة
- تنقسم الدراسة إلي أربع فصول وخاتمة على النحو التالي :
- الفصل التمهيدي : الإطار النظري للدراسة
- المبحث الأول : مفهوم الصراع وعلاقته بالمفاهيم الأخرى
- المبحث الثاني : مفهوم إدارة الصراع وآلياته
- الفصل الأول : مراحل تطور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي خلال الفترة (1948 : 2024)
- المبحث الأول : من النكبة إلى النكسة : مراحل تأسيس الكيان الصهيوني وتصاعد التوترات
- المبحث الثاني : من المفاوضات إلى الانسحاب : محطات السلام والصراع
- المبحث الثالث : التحولات العسكرية والسياسية : من حروب غزة إلى طوفان الأقصى
- الفصل الثاني : تأثير القوى المختلفة على الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي
- المبحث الأول : القوى المحلية وتأثيرها في ديناميكيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الثاني : الشرق الأوسط وأثر القوى الإقليمية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الثالث : دور القوى الدولية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الدعم إلى الضغوط
- الفصل الثالث : أدوات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الأول : دور الأداة الدبلوماسية كأداة رئيسية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الثاني : تأثير الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الثالث : تأثير الأداة الدعائية في تشكيل مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المبحث الرابع : دور الأداة العسكرية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- الخاتمة : ويتم فيها عرض مُلخص الدراسة والتوصيات وأبرز النتائج التي توصلت لها الدراسة
الفصل التمهيدي
الإطار النظري للدراسة
تمهيد :
يمثل الصراع ظاهرة إنسانية واجتماعية وسياسية متأصلة، تنبثق من تضارب المصالح والأهداف والقيم والموارد على مختلف المستويات. ولا يقتصر فهمه على بعد واحد، بل يتجلى في تفاعلات معقدة تبدأ من المنظور النفسي الفردي، حيث يتجلى كتضارب داخلي للدوافع والرغبات، ويمتد ليشمل التفاعلات البينية الناجمة عن اختلافات شخصية وتوقعات متباينة. ويتسع المفهوم في بعده السياسي ليغطي التنافس وصراعات القوة بين الكيانات السياسية سعيًا للنفوذ والسيطرة، بينما يبرز في بعده الاجتماعي كتفاعل بين جماعات ذات مصالح أو قيم متعارضة تؤدي إلى توترات واحتكاكات. ويضيف البعد الأنثروبولوجي عمقًا لفهم جذوره الثقافية والتطورية في المجتمعات، وكيف تشكل الأعراف أسباب الصراع وأساليب إدارته. وعلى المستوى الدولي، تتعدد أسباب الصراع بدءًا من التنافس على الموارد الطبيعية ومرورًا بالصراعات العرقية والإثنية الناجمة عن الخلافات التاريخية والثقافية والتنافس على السلطة، وصولًا إلى تأثير التطور التكنولوجي وسباق التسلح الذي يخلق بيئة من عدم الثقة والتهديد المتبادل، فضلًا عن الصراع الإيديولوجي وتناقض الأفكار والتوجهات بين الأنظمة والقيم المختلفة. يتطور الصراع الدولي عبر مراحل ومستويات تبدأ بالتوتر وتنتهي بالحرب، مرورًا بالأزمة والنزاع، وتتنوع وسائل وأساليب إدارته من الدبلوماسية والقضاء إلى الأدوات الاقتصادية والتهديد بالقوة أو استخدامها الفعلي. وفي جوهره، يرتبط مفهوم الصراع ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم أخرى كالتنافس والأزمة والحرب والسلام والأمن، حيث يمثل نقطة مفصلية بين الاستقرار والاضطراب، مما يجعل فهم أبعاده وعلاقته بتلك المفاهيم ضروريًا لتحليل ديناميكياته والسعي نحو حلول سلمية.
المبحث الأول
مفهوم الصراع وعلاقته بالمفاهيم الأخرى
نشأ حقل إدارة الصراع كفرع مستقل في الخمسينيات من القرن العشرين، حيث بدأ بتشكيل دوائر أكاديمية ومصطلحات خاصة، ولكنه ظل محدود الانتشار حتى نهاية الحرب الباردة، حينما زادت الحاجة لفهم آليات إدارة الصراعات بعد التغيرات السياسية الكبرى التي شهدها العالم، مثل انهيار الاتحاد السوفيتي وصعود صراعات جديدة كالإرهاب الدولي والصراعات الإثنية. تطور هذا الحقل بشكل متسارع، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، مما جعلها إحدى القضايا المحورية في الدراسات الأكاديمية والعلاقات الدولية. تعددت التعريفات لمفهوم الصراع من زوايا معرفية مختلفة والتي سنتناولها في الأسطر القادمة.([4])
أولًا : مفهوم الصراع
تعد ظاهرة الصراع ظاهرة معقدة ومتشابكة للغاية، وتمثل أحد السمات الثابتة للواقع البشري. فقد ارتبطت الخبرة الإنسانية بالصراع منذ العصور الأولى لنشأة الإنسان، حيث تجلى في علاقاته سواء كانت فردية أو جماعية. وقد اتخذ الصراع أشكالًا متعددة في مختلف الأبعاد، سواء كانت نفسية أو ثقافية، سياسية أو اقتصادية، أو اجتماعية وتاريخية. وعند النظر إلى المسار التاريخي للبشرية، نجد أن الصراع يعد من الحقائق الأساسية التي تميز واقع الإنسان والجماعات عبر مختلف المستويات. ففي الإطار البيولوجي نجد الصراع بين الأجناس والأفراد، وفي الإطار النفسي يعاني الإنسان من صراع داخلي مع ذاته، بينما يظهر الصراع في الأبعاد الأنثروبولوجية من خلال التوترات الثقافية، بالإضافة إلى الصراعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتعدد وتتداخل في أشكال مختلفة.
فى إطار استعراض بعض التعريفات اللغوية التى تقدمها دوائر المعارف والقواميس اللغوية لمفهوم الصراع، فإن دائرة المعارف الأمريكية تعرف الصراع بأنه عادة ما يشير إلى حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسى الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته. أما دائرة معارف العلوم الاجتماعية فإن اهتمامها ينصرف إلى إبراز الطبيعة المعقدة لمفهوم الصراع، والتعريف بالمعانى والدلالات المختلفة للمفهوم فى أبعاده المتنوعة.([5])
مفهوم الصراع من المنظور النفسي : يشير مفهوم الصراع إلى موقف يكون لدى الفرد فيه دافع للتورط أو الدخول فى نشاطين أو أكثر، لهما طبيعة متضادة تماما، وهنا يؤكد “موراى” على أهمية مفهوم الصراع فى فهم الموضوعات المتعلقة بقدرة الفرد على التكيف الإنسانى وعمليات الاختلال العقلى أيضاً.([6])
مفهوم الصراع في بعده السياسي : يشير الصراع إلى موقف تنافسى خاص، يكون طرفاه أو أطرافه، على دراية بعدم التوافق فى المواقف المستقبلية المحتملة، والتى يكون كل منهما أو منهم، مضطراً فيها إلى تبنى أو اتخاذ موقف لا يتوافق مع المصالح المحتملة للطرف الثانى أو الأطراف الأخرى.([7])
مفهوم الصراع في بعده الاجتماعي : يمثل الصراع صراعًا حول قيم أو مطالب أو أوضاع معينة أو موارد محدودة أو نادرة. الهدف في هذا السياق لا يقتصر فقط على تحقيق القيم المرغوبة، بل يشمل أيضًا تحييد أو إلحاق الأذى أو القضاء على المنافسين أو التخلص منهم. وكما يوضح “كوزر”، فإن الصراع في مثل هذه الحالات يمكن أن يحدث بين الأفراد، أو بين الأفراد والجماعات، أو بين الجماعات بعضها البعض، أو حتى داخل نفس الجماعة أو الجماعات. ويرجع “كوزر” سبب ذلك إلى أن الصراع يعد جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية وتطوراتها.([8])
البعد الأنثربولوجي للصراع : يظهر الصراع نتيجة للتنافس بين طرفين على الأقل، حيث يمكن أن يكون أحد الأطراف فردًا، أو أسرة، أو مجموعة بشرية معينة، أو حتى مجتمعًا بأسره. علاوة على ذلك، قد يكون طرف الصراع متمثلًا في طبقة اجتماعية، أو مجموعة من الأفكار، أو منظمة سياسية، أو قبيلة، أو حتى دين.([9])
ثانيًا : مفهوم الصراع وعلاقته بالمفاهيم الأخرى
أدى التركيز على الجوانب الإيجابية للصراع إلى دفع الباحثين للانخراط بعمق في دراسة وسائل بديلة لحل الصراعات، مثل التفاوض، والوساطة، وتيسير إيجاد الحلول. ويسهم نجاح هذه الأدوات في تعزيز فرص التعاون والتفاهم بين الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، يبرز أولاً ضرورة التفرقة الواضحة بين الصراع وغيره من المفاهيم القريبة منه أو المتداخلة معه، لضمان تشخيص دقيق للحالة الصراعية واختيار الاستراتيجيات المناسبة للتعامل معها بفعالية.
يتداخل مفهوم الصراع مع عدة مفاهيم أخرى مثل الاختلاف، والتوتر، والحرب، وعدم الاتفاق، والمشكلة، والنزاع، والأزمة، لكن لكل منها دلالته الخاصة. فالاختلاف يعكس تنوعًا طبيعيًا بين البشر ولا يؤدي بالضرورة إلى صراع، أما عدم الاتفاق فيرتبط بتباين التفضيلات ولا يسبب بالضرورة ضررًا، في حين أن المشكلة تنشأ عندما يؤدي هذا التباين إلى نتائج سلبية لأحد الأطراف. يُعرف النزاع بأنه مجادلة أو تعارض في الحقوق يمكن تسويته قانونيًا أو سياسيًا، أما الأزمة فهي نقطة تحول حادة تنشأ فجأة وتُخرج الوضع عن مساره المعتاد وقد تكون عنيفة أو غير عنيفة. وتعد الأزمة الدولية مرحلة متقدمة من الصراع تتسم بتصعيد مفاجئ نتيجة لتفاقم الخلافات القائمة.([10])
مفهوم التوتر : يعد نتيجة لمجموعة من المواقف والمشاعر المرتبطة بالشك وعدم الثقة بين الأطراف. وفقًا لتعريف “ميرل“، التوتر يشير إلى مواقف صراعية لا تستدعي، على الأقل في الوقت الراهن، استخدام القوة العسكرية. التوتر يعبر عن حالة من العداء والخوف والشكوك مع تصور لتباين المصالح. لذا، يُعتبر التوتر مرحلة سابقة تسبق النزاع.([11])
مفهوم الأزمة : تشير الأزمة إلى حالة مفاجئة تهدد الاستقرار وتحدد مصير الوضع الراهن، سواء إلى الأفضل أو الأسوأ. كما يوضح “روبرت نورث“، هي تصاعد في التوترات بين الدول يؤدي إلى زيادة التهديدات، لكن لا تنتهي دائمًا بالحرب. يُستخدم مصطلح الأزمة في عدة مجالات من العلوم الاجتماعية للدلالة على لحظة فارقة تحدد ما إذا كانت ستؤدي إلى حل أو صراع طويل الأمد.([12])
مفهوم النزاع : يشير “جوزيف ناي” إلى أن فهم النزاعات الدولية ضروري لفهم تعقيدات السياسة العالمية، فيما يرى “ريمون أرون” أن هذه النزاعات قديمة وتنتج عن تضارب المصالح. وتتمحور أسباب النزاع الدولي حول الصراع على الموارد، وتقاسم السلطة، والخلافات حول الهوية، والأوضاع الاجتماعية، واختلاف القيم مثل الأيديولوجيا والدين.([13])
مفهوم الحرب : تُعد الحرب الشكل الأكثر تطرفًا للصراع الدولي، حيث تمثل لحظة التصادم العسكري المباشر بين الدول عندما تفشل الوسائل السلمية في حل التناقضات العميقة. وهي تُعتبر نهاية حتمية لبعض النزاعات التي لا تنجح فيها البدائل الأخرى. ورغم غياب تعريف موحد لها، فإن “دوكاكي” يصفها من منظور قانوني بأنها حالة تسمح لطرفين أو أكثر بمواصلة الصراع عبر استخدام القوة المسلحة بشكل مشروع ومتبادل.([14])
المبحث الثاني
مفهوم إدارة الصراع وآلياته
تُعد الصراعات الدولية من أبرز مظاهر التوتر وعدم الاستقرار في النظام العالمي، وقد شهد التاريخ البشري نماذج متعددة لها، اختلفت في أسبابها وسياقاتها ومظاهرها. ومن الملاحظ أن هذه الصراعات لا تنشأ من فراغ، بل تتعدد وتتشابك أسبابها، لتعكس تعقيد العلاقات بين الدول واختلاف المصالح والقيم والأهداف. ويمكن القول إن للصراع الدولي جملة من الأسباب المتداخلة. وفيما يلي، نتناول أبرز الأسباب المحركة للصراع الدولي.
أولًا : أسباب الصراع الدولى
الصراع على الموارد الطبيعية : تُشير “لعنة الموارد الطبيعية” إلى أن وفرة الثروات كالنفط والذهب في الدول النامية غالبًا ما تؤدي إلى صراعات داخلية بدلًا من التنمية. فحوالي 40% من النزاعات الداخلية في الستين عامًا الماضية ارتبطت بالموارد، مما يزيد فرص تصاعدها مبكرًا. ومنذ 1990، اندلع أكثر من 18 صراعًا لأسباب متعلقة بالموارد، كما في الحرب الأهلية في أنغولا المدعومة بتجارة الألماس غير المشروعة، والتوترات في شرق المتوسط بسبب التنافس على الغاز والطاقة.([15])
الصراعات العرقية والإثنية : يشكّل الصراع العرقي والإثني أحد أخطر أشكال الصراعات الداخلية، وينشأ غالبًا بسبب التمييز في تقاسم السلطة والثروات بين جماعات مختلفة، ما يدفع بعضها للمطالبة بالحكم الذاتي أو الانفصال. وتؤدي هذه التوترات إلى اندلاع العنف، خاصة عندما تتداخل مع عوامل دينية أو طائفية كما في العراق ودارفور. وقد شهدت دول مثل كندا والسودان وسريلانكا وبريطانيا نماذج لهذا النوع من الصراع، الذي ساهم في تفكك كيانات كبرى كالاتحاد السوفيتي.([16])
التطور التكنولوجى وسباق التسلح بين الدول : يساهم سباق التسلح في تأجيج الصراعات الدولية من خلال تعميق الفجوة بين الدول المتقدمة عسكريًا وتلك الأقل تطورًا، ما يشجع الأولى على افتعال الحروب. كما يخلق جوًا من الشك بسبب السرية في تطوير الأسلحة، وتستغل جماعات المصالح هذا الوضع للضغط على الحكومات للإبقاء على بؤر التوتر خدمةً لمصالحها.([17])
الصراع الأيديولوجى وتناقض الأفكار والتوجهات : ينشأ التعقيد في الصراعات الأيديولوجية من تناقض الرؤى والاختلافات الجذرية في المعتقدات، مما يجعل من الصعب الوصول إلى تسويات عبر التفاوض أو المساومة. وتزداد حدة هذه الصراعات عندما تتداخل المصالح مع الانقسامات الفكرية، حيث يسهم البعد الأيديولوجي في تعقيد المواقف ويقلل من فرص التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف المعنية.([18])
ثانيًا : بعض المداخل المفسرة للصراع
المدخل النفسى أو السيكولوجى : يعتمد المدخل النفسي في تفسير الصراع على فهم الدوافع والمشاعر الفردية والجماعية التي تؤدي إلى نشوء الصراع سواء على المستوى الفردي أو الدولي. فعلى المستوى الفردي، ينشأ الصراع نتيجة لتضارب الدوافع والرغبات، مثل العدوانية، والتحامل، والإحباط، والرغبة في السيطرة، مما يؤدي إلى سلوكيات صراعية متنوعة. أما على المستوى الدولي، فتُفسر الصراعات من خلال أربعة اتجاهات نفسية : أولها يربط الصراع بالنزعة العدوانية في الطبيعة البشرية كما عند فرويد ووالتز، والثاني يربطه بالإحباط الناتج عن خيبات الأمل القومية كما عند فروم وفلوغل، والثالث يركز على الشخصية القومية العدوانية، والرابع على أنماط المعتقدات القومية السلبية أو النمطية. وتكمن أهمية هذا المدخل في قدرته على التنبؤ بأنماط السلوك الصراعي من خلال فهم العوامل النفسية المؤثرة في أطراف الصراع.([19])
المدخل الجيوبوليتيكي : تُفسِّر الجغرافيا السياسية الصراعات الدولية باعتبارها نتاجاً لضغوط بيئية ومكانية مثل ندرة الموارد، والموقع الجغرافي، وتزايد السكان، ما يدفع الدول إلى تبني سياسات توسعية. وتؤكد “نظرية المجال الحيوي” لفردريك راتزل أن الدولة ككائن حي تسعى للتوسع، وأن الحدود الثابتة قد تعيق نموها، مما يؤدي إلى صراعات دولية لإعادة رسم هذه الحدود.([20])
المدخل الاقتصادي : تُظهر الدراسات أن الأوضاع الاقتصادية تلعب دورًا رئيسيًا في نشوء السياسات العدوانية والصراعات الدولية، خاصة عند عجز الدول عن تلبية حاجات شعوبها. ويرى الاقتصاديون، خصوصًا الماركسيين، أن الصراع ينشأ بسبب التفاوتات الاقتصادية، ويُقاس بمؤشرات مثل تغير الدخل الفردي. ومع توسع العولمة الاقتصادية واندماج الأسواق، تزداد المنافسة بين الدول، ما يخلق توترات قد تتطور إلى صدامات مسلحة، كما حدث تاريخيًا في النزاعات على الموارد والأسواق والممرات التجارية.([21])
مدخل النظام السياسي : تؤثر العوامل السياسية مثل طبيعة النظام واستقرار الحكومة والصراعات الداخلية على فرص الحرب أو السلام. وتُعد الأنظمة السلطوية أكثر عرضة للصراعات بسبب غياب الشرعية، التي تُعد أساس الاستقرار وتمنح الدولة تماسكاً في مواجهة الانقسامات والصراعات.([22])
مدخل سباق التسلح : يُعد سباق التسلح الدولي بمختلف أشكاله أحد أبرز محركات الصراع على الساحة العالمية، حيث تسهم تراكمات الأسلحة في إثارة الشكوك بين الدول وتصعيد التوترات. وتتجلى أدوات هذا الصراع في وسائل متعددة كالحصار، والضغط، والتهديد، والتحالفات، والتحريض، وغيرها، فيما تظل الحرب الخيار الأخير في مسار التصعيد عندما تفشل سبل التأثير الأخرى.([23])
ثالثًا : الصراع عند بعض المفكرين
توماس هوبز : يرى توماس هوبز أن الإنسان أناني بطبعه، يسعى دائمًا لتحقيق مصالحه وتعظيم قوته، مما يجعله في صراع دائم مع الآخرين. ووفقًا له، تُعد السلطة الوسيلة الأهم لضمان المكاسب وتحقيق الأمن، ولهذا تنشأ الحروب كامتداد طبيعي لصراع المصالح. كما يؤمن هوبز أن غياب المؤسسات المنظمة يؤدي إلى “حرب الجميع ضد الجميع”. وقد برر “جون ديوي” هذا التصور المتشائم بظروف الاضطراب والفساد التي عاشها هوبز، معتبرًا أن نظرية هوبز تعكس واقعًا اجتماعيًا أكثر من كونها وصفًا للطبيعة البشرية عمومًا.([24])
نيكولا مكيافيللي : يرى مكيافيللي أن الإنسان أناني، مادي، ومتقلب، لا يفعل الخير إلا إذا اضطر، ويميل إلى الخضوع بدافع الخوف أكثر من الحب. وبحسبه، يحكم الصراع الحياة السياسية نتيجة لرغبة الجماهير في الأمان مقابل سعي الحكام إلى تعزيز سلطتهم، ما يجعل الصراع سمة دائمة في المجتمعات.([25])
رابعًا : أدوات إدارة الصراع الدولي
تُعد أدوات إدارة الصراع الدولي من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الفاعلون الدوليون لتحقيق أهدافهم في احتواء أو تسوية الصراعات، وتشمل هذه الأدوات الوسائل الدبلوماسية، الاقتصادية، العسكرية، والدعائية. وقد حظيت الوسائل الدبلوماسية كالتفاوض، والمساومة، والوساطة بأكبر قدر من اهتمام الباحثين، حيث يُعد التفاوض وسيلة فعالة لتقريب وجهات النظر، بينما تُعرف المساومة بأنها عملية اقتسام المكاسب وقد تكون تصالحية أو إكراهية، أما الوساطة فهي تدخل طرف ثالث محايد لمساعدة أطراف الصراع في إيجاد حل سلمي. تتنوع أشكال الدبلوماسية، مثل الدبلوماسية الوقائية التي تستهدف منع اندلاع الصراع، والدبلوماسية متعددة الأطراف التي تستند إلى تحركات جماعية تشمل دولًا ومنظمات لمواجهة الصراعات المعقدة. أما الأداة الاقتصادية فتتمثل في العقوبات التي تُستخدم كوسيلة ضغط لتغيير سياسات الدول المستهدفة. ويشمل الاستخدام العسكري التهديد بالقوة أو التدخل المباشر، مثل التدخل الإنساني أو العسكري لفرض الديمقراطية. وتُعد الحرب الشكل الأكثر تطرفًا لاستخدام القوة، وتُعرف بأنها أعمال عنف بين دول ذات سيادة. وأخيرًا، تُستخدم الأداة الدعائية للتأثير على الرأي العام والتبرير السياسي، وقد تطورت هذه الأداة مع تقدم تكنولوجيا الاتصالات، مما جعلها أداة فعالة في الصراعات والحروب، كما يظهر من التجارب التاريخية مثل النازية والأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى.([26])
الأداة الدبلوماسية : يُعتمد في إدارة الصراعات على مختلف أشكال الدبلوماسية، سواء التقليدية أو غير التقليدية، بهدف التوصل إلى تفاهم أو اتفاق بين الأطراف المتنازعة. وتشمل هذه الجهود أدوات متعددة مثل التفاوض، والوساطة، والمساعي الحميدة، إلى جانب آليات التحقيق والتوفيق بين وجهات النظر.([27])
التقاضي : يعتمد هذا الأسلوب على اللجوء إلى الهيئات والمؤسسات القضائية المختصة للفصل في النزاعات، أو لتفعيل القوانين والمواثيق الدولية بهدف ممارسة الضغط القانوني على أطراف الصراع. وتتنوع الجهات القضائية التي تُرجع إليها الدول لحل خلافاتها، إلا أن النزاعات المتعلقة بالحدود البحرية غالبًا ما تُعرض على محكمة العدل الدولية أو المحكمة الدولية لقانون البحار، بوصفهما الجهات المختصة بهذا النوع من القضايا.([28])
الأداة الاقتصادية ( العقوبات الاقتصادية ) : تُعد الوسائل القسرية من أدوات إدارة الصراعات، وتشمل فرض ضغوط من خلال إجراءات عقابية ذات طابع اقتصادي، كالعقوبات والحصار. وتُعرّف العقوبات الاقتصادية، وفقًا لـ”Naylor“، بأنها مجموعة من التدابير العقابية التي يتخذها فاعل دولي – سواء دولة أو منظمة دولية – ضد طرف دولي آخر، بهدف تحقيق غايات سياسية. وغالبًا ما تستهدف هذه الإجراءات دفع الطرف المُعاقَب إلى تعديل مواقفه أو سياساته، بما يتوافق مع مصالح أو رغبات الجهة التي تفرض العقوبات.([29])
الأداة العسكرية : يتضمن هذا الأسلوب بشكل رئيسي التلويح باستخدام القوة العسكرية أو اللجوء الفعلي إليها بهدف الضغط على أحد أطراف الصراع ودفعه للامتثال، ويُعد هذا الأسلوب شكلاً من أشكال الدبلوماسية لكنه أكثر حدة وعنفًا. ويُنظر إلى استخدام القوة المسلحة كخيار أخير، لا يتم اللجوء إليه إلا بعد تعثر أو فشل كافة الوسائل الأخرى في إدارة الصراع الدولي.([30])
خلاصة ما سبق، بعد استعراض الأبعاد المتنوعة لمفهوم الصراع، يتضح لنا أنه ليس مجرد حدث عابر أو حالة بسيطة من الخلاف، بل هو لبنة أساسية في فهم طبيعة التفاعلات الإنسانية المعقدة على كافة المستويات؛ فإدراكنا لجذوره المتشعبة، بدءًا من المستوى النفسي الفردي حيث يتجلى الصراع كجزء أصيل من التجربة الإنسانية وقد يكون محفزًا للتغيير والنمو، مرورًا بالعلاقات بين الأفراد والجماعات حيث يصبح الاختلاف في الآراء والمصالح محركًا للصراع الاجتماعي ويتطلب آليات للتسوية، وصولًا إلى الساحة الدولية المعقدة حيث يتخذ الصراع أبعادًا أكثر تركيبًا وتشابكًا بتداخل المصالح الوطنية والتوازنات الإقليمية والسعي نحو النفوذ والموارد، يكشف عن تعدد أبعاده من السياسي الذي يركز على صراع القوة والسلطة، والاجتماعي الذي يسلط الضوء على التوترات الناشئة عن التباينات الطبقية والثقافية، والأنثروبولوجي الذي يتعمق في الجذور الثقافية والتطورية للصراع وأساليب التعامل معه. وعلى صعيد الأسباب الجذرية للصراعات الدولية، نجد تنوعها وتعقيدها بدءًا من التنافس على الموارد الطبيعية والنزاعات العرقية والإثنية وصولًا إلى تأثير التطور التكنولوجي وسباق التسلح والصراعات الإيديولوجية. كما أن تتبع مراحل ومستويات الصراع الدولي من التوتر إلى الأزمة فالنزاع ثم الحرب، وفهم وسائل وأساليب إدارته المتنوعة من الدبلوماسية والقضاء إلى الأدوات الاقتصادية والتهديد بالقوة، يؤكد على الطبيعة الديناميكية للنزاعات ومدى تعقيد جهود التعامل معها. وفي نهاية المطاف، فإن إدراك الترابط الوثيق بين مفهوم الصراع والمفاهيم الأخرى المرتبطة به كالأزمة والسلام والأمن يمثل خطوة حاسمة نحو بناء فهم شمولي لهذه الظاهرة المعقدة والمتعددة الأوجه، وهو ما يهيئ الأرضية لوضع استراتيجيات أكثر فعالية في إدارة الصراعات وتسويتها وتعزيز ثقافة التعايش السلمي على كافة الأصعدة، إذ أن فهم الصراع ليس غاية بل وسيلة لتحقيق عالم أكثر أمنًا واستقرارًا.
شهد عام 1948 لحظة مفصلية في التاريخ الفلسطيني، حيث انطلقت مرحلة جديدة اتسمت بالألم والتشريد، وبدأت نيران الحرب تشتعل في المنطقة، لتفتح فصولاً دامية من الصراع المستمر. تحت وقع المعارك المتلاحقة، تهاوت الطموحات وتبددت الآمال، لتبدأ ما يُعرف بالنكبة، التي شكّلت منعطفًا مظلمًا في الذاكرة الجماعية الفلسطينية. لكن هذا الفصل لا يقتصر على الألم، بل يرصد تفاصيل أحداث مفصلية ساهمت في تشكيل الحاضر، وغيّرت مسار التاريخ في المنطقة، وهذا ما سنتحدث عنه باستفاضة في الفصل القادم.
الفصل الأول
مراحل تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال الفترة من 1948 : 2024
تمهيد :
في ربيع عام 1948، شهدت فلسطين النكبة مع تهاوي القرى وتهجير اللاجئين بالتزامن مع إعلان قيام الكيان الصهيوني، لتنطلق مرحلة دامية من الصراع. استمرت تداعيات النكبة وتفاقمت مع مرور العقود، فمن نكسة 1967 وبروز منظمة التحرير الفلسطينية في 1982، استمر التاريخ الفلسطيني يُكتب بالدم. ثم جاءت الانتفاضة الأولى عام 1987 التي أظهرت قدرة الشعب الفلسطيني الأعزل على تغيير موازين القوى. في أوائل التسعينيات، دخلت القضية منعطفًا حاسمًا تُوج باتفاق أوسلو عام 1993، الذي حمل آمالًا بإنهاء الصراع ولكنه أثار أيضًا مخاوف بشأن التنازلات. بعد اتفاق أوسلو عام 1993، الذي بدا بداية لحل الصراع، واجه مسار التسوية تحديات كبيرة بدأت باغتيال رابين وتجمد المفاوضات، وصولًا إلى الانتفاضة الأقصى عام 2000 والانقسام الفلسطيني عام 2007 وسلسلة حروب غزة واستمرار الاستيطان وتراجع حل الدولتين. في ظل الجمود السياسي وظهور أجيال جديدة من المقاومة، ومع دخول العقد الثالث بعد أوسلو، برزت تحولات إقليمية واتفاقات تطبيع وحرب غزة عام 2021 وأخيرًا زلزال 7 أكتوبر 2023 وما تلاه من دمار واسع، مؤكدة أن القضية الفلسطينية عادت إلى الواجهة أكثر تعقيدًا، مما يستدعي دراسة شاملة لهذا المسار بكل ما فيه من آمال وإخفاقات.
المبحث الأول
من النكبة إلى النكسة : مراحل تأسيس الكيان الصهيوني وتصاعد التوترات
تُمثل النكبة عام 1948 وحرب 1967 محطتين مفصلية في دراسة تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أحدثتا تحولات بنيوية في الجغرافيا السياسية والإدارة الإقليمية. ففي أعقاب النكبة، نشأت هياكل حكم متباينة للأجزاء المتبقية من فلسطين التاريخية؛ إذ وُضع قطاع غزة تحت الإشراف الإداري المصري، بينما شهدت الضفة الغربية إدارة أردنية، توجت بقرار الضم الرسمي من قبل الأردن عام 1950. وقد أثار هذا الضم نقاشات أكاديمية وسياسية حول مدى توافقه مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني. بيد أن هذه الترتيبات الإدارية المؤقتة سرعان ما تبدلت مع نشوب حرب 1967، التي أدت إلى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، مما أفضى إلى إعادة تعريف ديناميكيات السيطرة والنفوذ في المنطقة، وفتح فصول جديدة في مسار الصراع الممتد.
حرب فلسطين 1948 ( النكبة )
تُعد حرب فلسطين عام 1948 محطة مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط، حيث مثّلت “حرب الاستقلال” للإسرائيليين، في حين كانت نكبة كارثية للعرب. دامت الحرب نحو عشرين شهرًا، من صدور قرار تقسيم فلسطين (181) حتى توقيع هدنة إسرائيل وسوريا في يوليو 1949، وأسفرت عن تغيّر جذري في خريطة المنطقة. لم تقتصر تداعياتها على خسارة الأرض، بل هزّت ثقة الشعوب العربية بأنظمتها، بعد هزيمة كشفت هشاشة البنى السياسية والعسكرية، وأثّرت بعمق في الوعي العربي تجاه قضاياه المصيرية.([31])
تعود الأسباب الرئيسية لحرب عام 1948 إلى سيطرة بريطانيا على فلسطين التاريخية بعد انهيار الدولة العثمانية، حيث كانت تضم أغلبية عربية وأقلية يهودية. بدأت التوترات تتصاعد مع منح المجتمع الدولي بريطانيا حق إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهي الأرض التي ادّعى اليهود أنها أرض أجدادهم، بينما رآها الفلسطينيون وطنهم التاريخي، فعارضوا ذلك بشدة. واشتدت حدة التوتر مع تزايد أعداد المهاجرين اليهود خلال عشرينيات وأربعينيات القرن العشرين، ومعظمهم فارّون من الاضطهاد في أوروبا، خاصة بعد الهولوكوست، ما أدى إلى تصاعد العنف بين اليهود والعرب، وكذلك مع السلطات البريطانية. وفي عام 1947، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، مع جعل القدس منطقة دولية، وهو القرار الذي قبله الزعماء اليهود ورفضه العرب رفضًا قاطعًا. وبناءً عليه، فإن الانتداب البريطاني وقرار التقسيم، المنبثق عن وعد بلفور، شكّلا السببَين المباشرين لاندلاع حرب عام 1948.([32])
كانت النتيجة الرئيسية لحرب عام 1948، وتحديدًا في ربيع ذلك العام، هي طرد أول موجة كبيرة من الفلسطينيين؛ حيث يُقدّر أن هذا التهجير القسري واللاإنساني شمل ما يقرب من نصف عدد السكان الأصليين، من أصل 750 ألف فلسطيني، أصبحوا لاجئين بلا وطن. بعد هذه النكبة، التي امتدت من عام 1947 حتى عام 1948، تلاشى الأمل في قيام الدولة العربية التي نص عليها مشروع تقسيم فلسطين، إذ سقط هذا الحلم تحت وطأة التفوق العسكري الإسرائيلي، والتجاهل الدولي، وتخاذل معظم الدول العربية، بل وتآمر بعض الزعماء العرب مع بريطانيا على حساب الشعب الفلسطيني. وانتهت المواجهات بتوقيع اتفاقية الهدنة عام 1949 بين إسرائيل والدول العربية، بعد أن بسطت إسرائيل سيطرتها على أكثر من 400 قرية من أصل نحو 500 قرية فلسطينية، وتم تهجير سكان هذه القرى قسرًا أو فرّوا تحت وقع الإرهاب، ثم مُنعوا من العودة إلى أراضيهم، لتبدأ مأساة اللاجئين الفلسطينيين التي ما زالت قائمة حتى اليوم.([33])
تُعتبر مجزرة “دير ياسين” واحدة من أسوأ محطات حرب 1948 وأبشع الجرائم الإنسانية في القرن العشرين. ففي السابع من أبريل، تسللت إلى قرية دير ياسين قوات إسرائيلية، يُعد أفرادها من مجرمي الحرب. وبعد قتال استمر لأكثر من 12 ساعة، سقطت القرية. لم تكن دير ياسين أول قرية فلسطينية تُعتدى عليها من قبل القوات الإسرائيلية، فقد سبقتها العديد من القرى، لكنها اكتسبت شهرة مميزة نتيجة لبشاعة أحداثها التي تميزت بوحشية وإجرام لا إنساني.([34])
الإشراف المصري على قطاع غزة
بدأ الإشراف المصري على قطاع غزة في 26 مايو 1948 بإدارة عسكرية بسبب المعارك الدائرة، واستمرت السيطرة المصرية بموجب اتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية عام 1949. وفي أغسطس من العام نفسه، منح وزير الحربية المصري الحاكم الإداري للقطاع صلاحيات واسعة، حيث عُيّن اللواء “أحمد سالم باشا” حاكمًا إداريًا. لاحقًا، تولت مصر إدارة مدنية للقطاع بالتعاون مع مسؤولين عسكريين، وأعادت تفعيل الدوائر الحكومية مثل التعليم والصحة والزراعة والمحاكم، كما طبقت النظام التعليمي المصري، واستقبلت الجامعات المصرية طلابًا من غزة، وأشرف الأزهر على المعهد الديني. في المجال الصحي، أنشأت مصر “مستشفى الشفاء” ونفذت حملات لمكافحة الأمراض. ورغم إدارة مصر للقطاع، لم تطالب بأراضٍ فلسطينية أو تمنح الجنسية للفلسطينيين، ولم تسمح لهم بالتحرك بحرية إليه، حرصًا على عدم إخلاء القطاع من الفلسطينيين.([35])
ضم الأردن للضفة الغربية 1950
بدأ ضم الأردن للضفة الغربية عام 1950 بقرار من البرلمان الأردني، وذلك بعد سلسلة من المؤتمرات التي نظمها وجهاء فلسطينيون موالون للأردن، وأيدوا الوحدة مع المملكة. من أبرز هذه المؤتمرات مؤتمر “أريحا” عام 1948، الذي دعا إلى وحدة الضفتين ومبايعة “الملك عبدالله” ملكًا على فلسطين. تبع ذلك قرارات حكومية أردنية لمنح الجنسية الأردنية لسكان الضفتين وإجراء انتخابات نيابية مشتركة. وفي 24 أبريل 1950، صادق أول مجلس نيابي مشترك على الوحدة بين الضفتين. إلا أن هذه الخطوة قوبلت برفض عربي وفلسطيني واسع، لكن سيطرة القوات الأردنية على الضفة الغربية مكّنتها من تنفيذ قراراتها.([36])
حرب يونيو 1967 ( النكسة )
شهدت الأراضي الفلسطينية تحولًا مصيريًا بعد حرب يونيو 1967، حين احتلت كامل فلسطين التاريخية. مثّل هذا الاحتلال امتدادًا للنكبة الفلسطينية التي بدأت عام 1948، وفتح فصلًا جديدًا من التهجير والمعاناة الجماعية، خاصة في القدس الشرقية التي شهدت موجات تهجير قسري، وفقد فيها كثير من الفلسطينيين منازلهم. اتبعت إسرائيل سياسات منظمة لتفكيك المجتمع الفلسطيني وإضعاف وجوده في المناطق المحتلة من خلال التهجير الجسدي وتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية.([37])
فاقمت السياسات الإسرائيلية المعاناة الإنسانية، حيث واجه الفلسطينيون تشريدًا جديدًا بعد أقل من عشرين عامًا على نكبة 1948، في ظل تدمير مرافق التعليم والصحة والخدمات الأساسية، مما جعل العودة أو الاستقرار أمرًا شبه مستحيل. فرضت إسرائيل نظامًا عسكريًا صارمًا تضمن قوانين طوارئ، ومحاكم عسكرية، وقيودًا على حركة السكان. كما بنت “الجدران العازلة” ووسّعت الاستيطان، مما زاد التوترات. لجأ الفلسطينيون إلى تشكيل فصائل مقاومة مثل “حركة فتح” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، لتتحوّل المقاومة من رد فعل إلى استراتيجية نضالية منظمة تعبّر عن وعي متطور.([38])
تدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير نتيجة الحرب، حيث دمّرت إسرائيل البنية التحتية واستولت على الموارد الطبيعية، وفرضت سياسة الربط الاقتصادي لإبقاء الاقتصاد الفلسطيني تابعًا لها، مما أدى إلى انتشار الفقر والبطالة. قيّدت إسرائيل حركة السكان، مما أعاق ممارستهم لأنشطتهم اليومية، واضطر الكثير منهم للاعتماد على سلطات الاحتلال لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما فاقم شعور العجز والاستضعاف.([39])
المبحث الثاني
من المفاوضات إلى الانسحاب : محطات السلام والصراع
يمثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحد أكثر الصراعات استدامة وتعقيدًا في التاريخ الحديث، وقد شهد محطات مفصلية أثرت في مساره. فمنذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، التي رسمت أولى خطوات السلام بين إسرائيل ودولة عربية، تبلورت أوضاع إقليمية جديدة تمثلت في سيطرة مصر على قطاع غزة والإدارة الأردنية للضفة الغربية. ومع مرور العقود، تصاعدت حدة التوتر لتنفجر الانتفاضة الثانية عام 2000، معبرة عن عمق الإحباط الفلسطيني. وفي سياق البحث عن حلول، جاء الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005 كخطوة حملت في طياتها آمالًا وتساؤلات حول مستقبل الصراع ومآلاته.
معاهدة كامب ديفيد 1978
كان لمعاهدة كامب ديفيد آثارها الملحوظة على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث كان “السادات” يعي التعقيدات الكبرى التي تحيط بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. أدرك السادات أن ذهابه إلى “الكنيست“ ومد يده للرأي العام الإسرائيلي سيحدث تفاعلات في أوساطه لا تقل أهمية وعمقًا عن تلك التي أثارتها معارك العبور وحروب الدبابات في سيناء وعلى جبهة الجولان. ولأنه خشي آثار وتداعيات زيارته لإسرائيل، خصوصًا بعد تعرضه لسيل من الاتهامات بالتخلي عن القضية الفلسطينية والذهاب إلى سلام منفرد مع “تل أبيب“، فقد حرص السادات على ربط المسارين المصري والفلسطيني. فكان أول من ابتدع نظرية “تلازم المسارين”، على الأقل في الفترة الممتدة من الزيارة إلى المعاهدة، وقبل أن يكتشف بأن ما يباعد بين العرب والإسرائيليين ليس حاجزًا نفسيًا فحسب، وإنما فجوات هائلة من تناقض المصالح وتناحرها، ومن النوع العصي على الردم والتجسير والتسويات، كما سيتضح في تطورات السنوات الثلاثين اللاحقة للمعاهدة.([40])
انتهت مغامرة السلام المنفرد بين مصر وإسرائيل بسقوط كافة المحاولات التي بذلها الرئيس السادات لإقناع الإسرائيليين بقبول حل على المسار الفلسطيني يلتقي مع الحد الأدنى المقبول فلسطينيًا. فإسرائيل لم تكن أبدًا تنوي الانسحاب إلى خطوط 4 يونيو 1967، بما فيها القدس الشرقية. وإسرائيل لم تكن أبدًا مستعدة للقبول بعودة اللاجئين إلى ديارهم عملاً بقرارات الشرعية الدولية. وإسرائيل لم تكن أبدًا ستقبل بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة فوق أرضه.([41])
الانتفاضة الأولى 1987 – 1993 ( انتفاضة الحجارة )
بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 8 ديسمبر 1987 عقب حادثة دهس أربعة عمال فلسطينيين على حاجز إسرائيلي، فشكّلت هذه الحادثة شرارة انفجار غضب شعبي راكمته عقود من القمع الإسرائيلي، من احتلال واستيطان ومصادرة أراضٍ، وحرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم. تصاعدت المواجهات سريعًا، واتخذت شكل انتفاضة جماهيرية شاملة استخدمت فيها الحجارة والمولوتوف والإطارات المشتعلة، مقابل ردع دموي إسرائيلي تجسّد في القتل المباشر وتكسير العظام والاعتقالات الجماعية. برز دور اللجان الشعبية، والمساجد، والإعلام الشعبي في التعبئة والتنظيم، وظهرت رموز وطنية مثل الشيخ “أحمد ياسين”، الذي شكّل إبعاده مع مئات آخرين إلى “مرج الزهور” ذروة التصعيد الإسرائيلي. واكبت الانتفاضة وسائل تعبير متنوعة، من الصحافة والشعارات إلى الأغاني والمظاهرات، مما جعلها حركة مقاومة شاملة تجاوزت الشكل المسلح. ومع دخول التسعينيات، تراجعت بفعل الضغوط الاقتصادية والقمع، وانتهت فعليًا بتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993، بعد مفاوضات سرية قادتها النرويج بين منظمة التحرير وإسرائيل.([42])
مؤتمر مدريد للسلام 1991
عُقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط في 30 أكتوبر 1991، في “قاعة العمدان” بالقصر الملكي في مدريد، تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي آنذاك، بمشاركة وفود من سوريا ولبنان ومصر، بالإضافة إلى وفد أردني – فلسطيني مشترك ضم شخصيات بارزة من الضفة الغربية وقطاع غزة مثل “حيدر عبد الشافي” و”فيصل الحسيني”، استجابة للضغوط الإسرائيلية التي رفضت مشاركة “منظمة التحرير الفلسطينية” بشكل مباشر. ورغم ذلك، كانت هذه الشخصيات على تواصل غير مباشر مع قيادة المنظمة. استمر المؤتمر لمدة أسبوع، حيث ألقى رؤساء الوفود كلماتهم الافتتاحية، ثم انطلقت جلسات المفاوضات الثنائية التي تناولت قضايا معقدة مثل مراقبة التسلح، إدارة المياه، الأمن الإقليمي، وتطوير البنى الاقتصادية في المنطقة. ومن الجدير بالذكر أن المؤتمر لم يكن يملك صلاحيات تنفيذية، لكنه ترك أثرًا سياسيًا كبيرًا في إسرائيل، حيث أدى إلى انهيار حكومة “إسحاق شامير” بعد انسحاب أحزاب اليمين المتطرف من الائتلاف الحاكم، ما أسهم في فوز حزب العمل بقيادة “إسحاق رابين” في انتخابات 1992. عقب المؤتمر، بدأت قنوات تفاوض سرية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بوساطة نرويجية، والتي أسفرت عن توقيع اتفاق أوسلو في 1993، كما مهد الطريق لمعاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية “اتفاق وادي عربة” في 1994، التي رُعيت من قبل إدارة الرئيس الأمريكي “بيل كلينتون”.([43])
اتفاقية أوسلو 1993
توصل الفلسطينيون والإسرائيليون في أوسلو عام 1993 إلى أول اتفاق بينهم خلال فترة تقل عن تسعة أشهر من المفاوضات السرية، في ظل متغيرات دولية وإقليمية مثل الانتفاضة الفلسطينية والوفاق الدولي السائد آنذاك. تضمنت اتفاقية أوسلو 17 بندًا، أبرزها إعلان المبادئ الذي ينظم ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية ويشمل حل المنازعات والتعاون الإسرائيلي – الفلسطيني في مجالات عدة. التزمت منظمة استخدام الوسائل الدبلوماسية لحل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة. كما نصت الاتفاقية على إقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي فلسطينية ومجلس تشريعي منتخب في الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة لا تتجاوز خمس سنوات، مع العمل على تسوية دائمة. كما تعهدت الاتفاقية بالتعامل مع القضايا العالقة مثل اللاجئين، القدس، الحدود، والعلاقات مع الجيران.([44])
رغم ما حملته اتفاقية أوسلو عام 1993 من آمال لتحقيق تسوية سلمية، فإنها أفرزت مشكلات جوهرية، أبرزها التنازل عن الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في معظم أرضه، وإتاحة الفرصة لإسرائيل لإدارة مسار التسوية بما يخدم أهدافها التوسعية. ونتج عن الاتفاق انقسام فلسطيني حاد، حيث انفرد فصيل باتخاذ قرار مصيري تضمن تسوية غير عادلة، اعتُبرت تنازلًا تاريخيًا. ومع تعثر المفاوضات، وتصاعد الإحباط الشعبي، واستمرار الاستيطان، تفجرت الأوضاع مجددًا عام 2000 معلنةً بداية الانتفاضة الثانية، التي شكلت نقطة تحول في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.([45])
الانتفاضة الفلسطينية الثانية انتفاضة الأقصى ( 2000 : 2005 )
توطدت العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد أوسلو عبر التنسيق الأمني، مما مكّن إسرائيل من توجيه مسار التسوية لصالحها، وأدى إلى تصاعد الغضب الشعبي الفلسطيني. تفجّرت انتفاضة الأقصى في 29 سبتمبر 2000 عقب زيارة “أريئيل شارون” الاستفزازية للمسجد الأقصى، وردّت الشرطة الإسرائيلية بقتل سبعة المفرط، وأسفر الأسبوع الأول عن مقتل سبعين فلسطينيًا، في مشهد أصبح رمزًا له استشهاد الطفل “محمد الدرة”. امتدت الاحتجاجات إلى الداخل الفلسطيني، حيث قُتل عشرة متظاهرين بنيران الشرطة. واجه “ياسر عرفات” ضغوطًا متزايدة وسط انقسام داخل فتح؛ إذ تبنّى “مروان البرغوثي” خيار المواجهة، فيما عارض “محمود عباس” التصعيد العسكري. أما حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية فدعمت الانتفاضة ورفضت نهج المفاوضات، بينما حاولت قوى دولية، كالرئيس الفرنسي “جاك شيراك”، دفع عرفات نحو الحوار، وهو ما تعقّد مع فوز شارون بالانتخابات الإسرائيلية.([46])
يُعدّ التصعيد العسكري في الفترة ما بين 2001 و2003 سمة بارزة في انتفاضة الأقصى، حيث تمكن المقاتلون الفلسطينيون من الالتفاف على الحواجز الإسرائيلية، وشهدت هذه الفترة عمليات نوعية، مثل عملية “ثائر حماد” التي قُتل فيها عشرة جنود إسرائيليين. كما لجأت حركات المقاومة الفلسطينية، كحماس والجهاد الإسلامي، إلى أسلوب العمليات الاستشهادية كردّ فعل على العنف الإسرائيلي. وشهدت هذه المرحلة أيضًا إعادة احتلال إسرائيل للمنطقة أ في الضفة الغربية، مما أدى إلى مواجهات عسكرية عنيفة وسقوط مئات الشهداء الفلسطينيين، بالإضافة إلى حصار “ياسر عرفات“ في مقرّه برام الله. وقد اتبعت القوات الإسرائيلية تكتيكات عسكرية جديدة، مثل استخدام القناصة، والطائرات المروحية، والجرافات المدرعة، لمواجهة أساليب حرب العصابات التي اعتمدها المقاتلون الفلسطينيون. وبرزت معركة “مخيم جنين” كاستثناء، حيث استمرت المواجهات عشرة أيام، وكبّدت القوات الإسرائيلية خسائر فادحة. وقد أظهرت المقاومة الفلسطينية في المخيم قدرة عالية على التنظيم والقتال، وأصبحت نموذجًا يُحتذى به في المواجهات المسلحة اللاحقة، خاصة في قطاع غزة.([47])
الانسحاب من غزة 2005
يُعدّ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في أغسطس 2005 نقطة تحول مركزية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد اتخذت إسرائيل قرارًا بالانسحاب الأحادي الجانب من القطاع دون اتفاق مع السلطة الفلسطينية، في خطوة اعتُبرت آنذاك مفصلية في إعادة تشكيل خريطة الصراع. تعود أسباب الانسحاب إلى تصاعد العمليات الفلسطينية في بداية الألفية، خلال الانتفاضة الثانية 2000 – 2005، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى من الطرفين. وتزامن ذلك مع إدراك المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن الاستمرار في السيطرة المباشرة على قطاع غزة مكلف أمنيًا وديموغرافيًا، خاصة مع الكثافة السكانية العالية للفلسطينيين هناك. فأعلن رئيس الوزراء “أريئيل شارون” خطته للانسحاب في عام 2004، والتي اعتُبرت تحولًا جذريًا في موقفه، إذ كان من أبرز الداعمين للاستيطان في الماضي.([48])
انسحب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي كان يتمركز فيها داخل القطاع، مع احتفاظه بالسيطرة على الحدود البرية، والبحرية، والمجال الجوي. حظي قرار الانسحاب بدعم دولي، خاصة من الولايات المتحدة التي اعتبرته خطوة شجاعة تفتح الباب أمام إعادة إحياء عملية السلام. ومع ذلك، لم يكن هناك إطار تفاوضي دولي ينظم ما بعد الانسحاب، كما لم تُحدّد المسؤوليات الأمنية والمدنية بدقة، مما ترك فراغًا خطيرًا استُغل لاحقًا من قِبل قوى محلية داخل غزة. وقد وفر هذا الفراغ السياسي الناتج عن الانسحاب الفرصة لحركة حماس لتعزيز شعبيتها، خاصة بعد أن صوّرت الخطوة الإسرائيلية كانتصار للمقاومة، مما أدى إلى فوز الحركة في انتخابات 2006، وتفاقم الخلاف مع حركة فتح، والذي انتهى باقتتال داخلي عام 2007، وانقسام النظام السياسي الفلسطيني بين الضفة وغزة.([49])
المبحث الثالث
التحولات العسكرية والسياسية : من حروب غزة إلى طوفان الأقصى
شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تصعيدات متلاحقة اتسمت بالعنف والتأثير العميق على المنطقة. ففي عام 2008، كشفت حرب غزة الأولى عن هشاشة التهدئة القائمة، لتتبعها جولة أخرى من المواجهات في عام 2012، مُسلطة الضوء على استمرار جذور الأزمة. وفي عام 2014، تجددت العمليات العسكرية في غزة بشكل أوسع، مخلفةً خسائر فادحة وتساؤلات حول آفاق الحل. وبين هذه الجولات، برزت محاولات الانتفاضة الثالثة كشكل من أشكال المقاومة الشعبية يعكس الإحباط المتزايد. ومع حلول عام 2021، شهدت المنطقة تصعيدًا جديدًا ومؤثرًا، قبل أن تهز عملية “طوفان الأقصى” في عام 2023 المشهد برمته، لتفتح فصلًا جديدًا ومثيرًا للقلق في تاريخ هذا الصراع المعقد، وتُعيد تشكيل الأولويات والتحديات الإقليمية والدولية. هذه المحطات المتتالية ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي مؤشرات دالة على استمرار جوهر الصراع وتأثيره العميق على مستقبل المنطقة.
حرب غزة 2008 ( عملية الرصاص المصبوب / معركة الفرقان )
يُعتبر قطاع غزة، قبيل شن إسرائيل عملية “الرصاص المصبوب” في 27 ديسمبر 2008، خاضعًا لحصار خانق شمل مختلف جوانب الحياة، حيث بلغت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حدًّا بالغ القسوة، مع تفشي الفقر، وانهيار البنية التحتية، وشحّ في الوقود والمواد الأساسية، ما دفع “حماس” لمواجهة ضغوط داخلية متزايدة للتحرك لكسر الحصار أو تحسين شروط التهدئة القائمة. وبينما كانت الحركة تدرس خياراتها، قامت إسرائيل في 15 ديسمبر باغتيال قائد بارز في حركة الجهاد الإسلامي “بجنين”، ما أشعل جولة من التصعيد المتبادل. وفي 18 ديسمبر، أعلنت “حماس” رسميًا عدم نيتها تجديد التهدئة، وبعدها بأيام قُتل ثلاثة من عناصرها قرب السياج الحدودي، مما مثّل خرقًا إضافيًا للتهدئة. وفي ظل هذا التصاعد، صادق وزير الدفاع الإسرائيلي “إيهود باراك”، في 26 ديسمبر، على خطة الهجوم العسكري التي عُرفت باسم “الرصاص المصبوب”، بينما سمتها “حماس” “معركة الفرقان” في إشارة رمزية إلى صراع بين الحق والباطل. وعلى الرغم من الحملة العسكرية الإسرائيلية الواسعة، لم تحقق إسرائيل نصرًا حاسمًا أو أهدافًا استراتيجية بعيدة المدى؛ إذ خرج قادة ومقاتلو “حماس” من العملية دون خسائر تذكر، واحتفظت الحركة بترسانتها العسكرية واستمرّت شبكة الأنفاق النشطة مع مصر، مما أبقى قدراتها على تهريب السلاح قائمة. ووجدت إسرائيل نفسها أمام مأزق مركّب، حيث استخدمت قدرًا كبيرًا من القوة لإضعاف “حماس” مؤقتًا دون أن تملك الرغبة أو القدرة على إعادة احتلال القطاع، وهو ما كان ضروريًا لتحقيق نصر عسكري حاسم، فبقيت نتائج العملية محدودة وأثارها موضع جدل واسع.([50])
أظهرت نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة أن حركة حماس تمكنت من إرباك الأداء السياسي والأمني الإسرائيلي من خلال فاعلية أدائها العسكري وتفوقها الصاروخي، مما حال دون تحقيق أهداف الاحتلال الاستراتيجية. كما بيّنت الحرب أن الحل العسكري وحده غير كافٍ لإنهاء سيطرة حماس أو فرض معادلات أمنية مستقرة، في ظل غياب إرادة سياسية عربية موحدة. وأسهمت المواجهة في إحداث تحول سياسي وفكري عربي تجاه القضية الفلسطينية، وفرضت توازنات جديدة بين أطراف الصراع.([51])
حرب غزة 2012 ( عملية عامود السحاب / حجارة السجيل )
اندلعت حرب “حجارة السجيل” في نوفمبر 2012 نتيجة تصاعد التوتر بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، وجاء اغتيال القيادي في كتائب القسام “أحمد الجعبري” كشرارة مباشرة للمواجهة، ضمن سياسة إسرائيلية هدفت لتوجيه ضربة استباقية لقدرات حماس قبيل الانتخابات. وقد وقعت الحرب في سياق “الربيع العربي”، ما وفّر لحماس دعمًا شعبيًا ورسميًا، خصوصًا من مصر بقيادة الرئيس “محمد مرسي”، فحاول الاحتلال اختبار مواقف النظام المصري وكشف قدرات المقاومة دون السعي لإسقاط حكم حماس، بل لفرض تهدئة طويلة كما أشار “إيهود يعاري”. وردت المقاومة بقوة ونوعية، إذ قصفت العمق الإسرائيلي لأول مرة منذ عقود، ما أربك الجبهة الداخلية الإسرائيلية وكشف هشاشة نظريتها الأمنية رغم اعتمادها على “القبة الحديدية”. في المقابل، أظهرت الحرب تماسك الجبهة الداخلية في غزة، ورسخت قدرة حماس على إدارة المعركة عسكريًا وسياسيًا، بينما رأى الاحتلال أن استمرار الحصار وسوء الأوضاع الاقتصادية يشكلان دافعًا لضرب غزة. وقد حدد وزير الدفاع الإسرائيلي “إيهود باراك” أهداف الحرب بإلحاق أضرار جسيمة بترسانة المقاومة ووقف إطلاق الصواريخ واستعادة الردع، بينما سعى “نتنياهو” لتعزيز مكانته السياسية قبيل الانتخابات.([52])
بعد انتهاء عملية “حرب السجيل”، ادعى كل طرف تحقيق النصر؛ حيث أعلنت حكومة “إسرائيل” أن جميع أهداف العملية قد تم تحقيقها، في حين صرحت قيادة حركة حماس بأن “إسرائيل” استجابت لجميع مطالبها، وأكدت أن القصف الصاروخي سيجعل “إسرائيل” تفكر ألف مرة قبل أن تهاجم القطاع مجددًا. ومن الواضح أن كل طرف يقدم صورة جزئية عن الأحداث، ويبالغ في تصوير ما جرى. بعد أن خرجت “إسرائيل” من المعركة في وضع غير مريح، كان لابد للحكومة الإسرائيلية من تقديم نفسها لشعبها على أنها المنتصرة، التي حققت أهدافها، وقضت على أكبر منظمة إرهابية في نظرها، وهي حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، معتبرة أن أبرز إنجازاتها كان اغتيال قادة المقاومة، وعلى رأسهم أحمد الجعبري.([53])
حرب غزة 2014 ( عملية الجرف الصامد / العصف المأكول )
شنّ الاحتلال الإسرائيلي في السابع من يوليو 2014، عدواناً واسعاً على قطاع غزة استمر 51 يوماً، فيما عُرف “بمعركة العصف المأكول” أو “الجرف الصامد”، وهو الهجوم الثالث خلال ست سنوات، وجاء في ظل تغيّرات إقليمية غير مواتية للمقاومة، خاصة بعد التحولات في مصر عام 2013 التي أدت إلى إغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق وتشديد الحصار، إلى جانب حملات إعلامية وقضائية ضد حماس. سبق العدوان تصعيد بدأ باختطاف ثلاثة مستوطنين في “الخليل“، تلاه حملة اعتقالات بحق قادة المقاومة وأسرى “صفقة شاليط”، وإغلاق عدد من المؤسسات الخيرية، ثم تصاعد الغضب الشعبي بعد اختطاف وقتل الطفل “محمد أبو خضير” على يد مستوطنين، ما فجّر موجة احتجاجات، وردّت المقاومة بإطلاق مئات الصواريخ على المستوطنات القريبة. في المقابل، أعلنت إسرائيل بدء عملية “الجرف الصامد”، مستهدفة عشرات المواقع في غزة، بما فيها منازل المدنيين، ما دفع المقاومة لتوسيع مدى قصفها ليشمل العمق الإسرائيلي. وعلى الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي، استطاعت المقاومة الصمود وإدارة المعركة بفعالية، محققة إنجازاً استراتيجياً تمثل في زعزعة ثقة الاحتلال بقوة ردعه، بينما عززت حضورها وتماسكها في المشهدين الإقليمي والدولي.([54])
استهدفت إسرائيل من خلال هذه الحرب إضعاف المقاومة الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، عبر ضرب قدراتها العسكرية وتدمير أنفاقها ومخازن أسلحتها وشلّ منظومة الصواريخ، بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية، وذلك من خلال ضربات جوية، واجتياح بري، ومفاوضات للتهدئة، ثم تصعيد ميداني لإجبار المقاومة على الاستسلام، مستخدمة تفوقها الاستخباراتي والقوة الجوية والبرية. بالمقابل، هدفت المقاومة إلى رفع الحصار وتحسين الوضع المعيشي، وإحداث توازن ردع من خلال قصف المدن الإسرائيلية وأسر الجنود لصفقات تبادل، معتمدة على الأنفاق والصواريخ والعمليات النوعية، بالإضافة إلى الحرب النفسية والإعلامية لتعزيز موقفها وإضعاف العدو داخلياً وخارجياً.([55])
ورغم ما تحققه المقاومة من إنجازات استراتيجية وتكتيكية، فإن معاناة قطاع غزة تتفاقم نتيجة تنسيق خفي بين السلطة الفلسطينية، والنظام المصري، والاحتلال الإسرائيلي لإبقاء الحصار، وتعطيل المصالحة، وتحميل المقاومة تبعات الأزمة لتأليب الشارع عليها.([56])
الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ( انتفاضة الأقصى 2015 – 2016 )
اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة نتيجة تراكمات أبرزها الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى من قبل المستوطنين تحت حماية قوات الاحتلال، حيث وصلت الاقتحامات إلى مستويات غير مسبوقة بمشاركة وزراء ونواب إسرائيليين، ما شكّل استفزازًا كبيرًا للفلسطينيين ودفع العديد من الشباب لتنفيذ عمليات فردية ردًا على تلك الانتهاكات. كما ساهمت محاولات “تهويد الأقصى” وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا – على غرار “الحرم الإبراهيمي” – في تأجيج الغضب الشعبي، بدعم رسمي من سلطات الاحتلال. في السياق ذاته، فاقمت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية من التوتر، إذ وثقت مئات الجرائم، منها إحراق الطفل محمد أبو خضير حيًا وعائلة دوابشة، وسط تواطؤ سلطات الاحتلال وتوفيرها الحماية للمستوطنين. وقد شكّلت هذه العوامل الثلاثة الشرارة الرئيسية لاشتعال الانتفاضة الثالثة، التي وحّدت الفلسطينيين في الداخل والخارج، وأكدت أن المساس بالقدس والأقصى سيبقى وقودًا دائمًا للمقاومة الشعبية.([57])
تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة بأنها انطلقت بشكل شعبي وعفوي دون قيادة سياسية وقادها شباب صغار السن رفضوا ظلم الاحتلال ونفذوا عمليات فردية بأسلحة بسيطة تصاعد الغضب بسبب جرائم الاحتلال التي وثقتها وسائل الإعلام مما فضح إسرائيل وأظهر ضعف جيشها كما شملت الانتفاضة كل مناطق فلسطين ودفع ذلك الاحتلال لتشديد إجراءاته لكن هذه السياسات زادت من الغضب واستمرار المواجهات.([58])
انتفاضة القدس التي انطلقت في أكتوبر 2015 شكلت واحدة من أهم التطورات التي أقلقت سلطات الاحتلال، حيث بدت الأخيرة عاجزة عن القضاء على ما أسمته “موجة الإرهاب”، رغم الإجراءات والسياسات القمعية التي اتبعتها. تميزت هذه الانتفاضة بعمليات مقاومة فردية، خاصة عمليات الطعن والدعس، التي ابتكرها الفلسطينيون لتكون وسيلة نضال ضد الاحتلال. وقد تراوحت وتيرة هذه العمليات، في الوقت الذي استمرت فيه أعمال رشق الحجارة والاشتباكات مع قوات الاحتلال في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم انخفاض عدد العمليات في بعض الفترات، إلا أن العمليات النوعية توالت بشكل غير منتظم، مما يدل على أن هذا الانخفاض لا يعكس تراجعًا في تطور الانتفاضة. فالدوافع لا تزال
قائمة، والمحتل ما زال يمارس سياسات الاستيطان، وتهويد الأماكن، وطرد الفلسطينيين، فضلاً عن الاعتداءات المستمرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، مما يعكس إصرار الشعب الفلسطيني على رفض التنازلات في الدفاع عن مقدساته وأرضه.([59])
حرب غزة 2021 ( سيف القدس / حارس الأسوار )
لم تكن معركة “سيف القدس / حارس الأسوار” في مايو 2021 مواجهة عادية، بل شكلت محطة فاصلة في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ استمرت 11 يومًا خاضت خلالها المقاومة الفلسطينية قتالًا عنيفًا ضد جيش الاحتلال، وأظهرت خلالها صمودًا وإرادة قوية رغم شدة القصف والدمار. جسدت المعركة روح الإيمان والثبات لدى المقاومين، مستلهمين صبرهم من سيرة النبي “محمد صلى الله عليه وسلم “. وقد مثّلت هذه المعركة تحوّلًا كبيرًا من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم المبادر، خاصة مع تحديد ساعة الصفر، مما أعاد التأكيد على مركزية القدس في الصراع الفلسطيني. جاءت شرارة المعركة بعد تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، خاصة مع محاولات تهجير عشرات العائلات من “حي الشيخ جراح”، وازدياد الاستفزازات بحق المسجد الأقصى، من منع إقامة الشعائر إلى محاولة تفريغ “باب العامود” من المصلين خلال رمضان. ومع دعوات المستوطنين لاقتحام الأقصى عبر “مسيرة الأعلام”، وتصعيد حكومة “نتنياهو” لإجراءاتها الاستفزازية، جاء تدخل المقاومة ردًا على هذا التصعيد، استجابةً لمطالب الفلسطينيين في القدس وكل الأرض المحتلة.([60])
بدأت ملامح المواجهة تتضح مع مطلع شهر “رمضان“، حيث تمكن المقدسيون من إجبار الاحتلال على التراجع عن بعض إجراءاته القمعية. وفي ظل تصاعد التوتر، وجّه “محمد الضيف”، قائد أركان كتائب القسام، إنذارًا حاسمًا يطالب بوقف اقتحامات المسجد الأقصى ومحاولات تهجير أهالي حي الشيخ جراح، ملوحًا برد عسكري في حال عدم الاستجابة. ومع تعنت الاحتلال، أطلقت كتائب القسام صواريخ باتجاه القدس، ما أدى إلى إفشال مخططات المستوطنين وأشعل مواجهة مفتوحة. وفي مساء العاشر من مايو 2021، اندلعت رسميًا معركة “سيف القدس”، حيث امتدت الضربات الصاروخية لتشمل مدنًا إسرائيلية كبرى مثل “تل أبيب” و”بئر السبع” و”أسدود” و”عسقلان” و”اللد”، مما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة الطيران وإغلاق مطار “بن غوريون”. وردًا على ذلك، شنّ الاحتلال قصفًا مكثفًا على قطاع غزة، استهدف خلاله المدنيين والأبراج السكنية والبنى التحتية. ومع ذلك، تمكنت المقاومة من الحفاظ على قدرتها القتالية بفضل شبكة أنفاق معقدة ساعدت في تقليل خسائرها البشرية. وقد تكبد الاحتلال خسائر مادية وبشرية كبيرة قُدرت بمليارات الشواقل، مع اعترافه بمقتل وإصابة العشرات من المستوطنين وتضرر مئات الوحدات السكنية. أما في غزة، فقد أسفر العدوان عن استشهاد قرابة 280 فلسطينيًا وإصابة الآلاف، إلى جانب تدمير مئات المنازل والمنشآت، مما تسبب في أزمة إنسانية واقتصادية خانقة.([61])
تميزت معركة سيف القدس بكونها أول مواجهة عسكرية تخوضها المقاومة الفلسطينية في غزة لأسباب تتجاوز حدود القطاع، إذ جاءت ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك 1442هـ، مما عزز مكانة المدينة المقدسة كقضية مركزية تحرك كل أطياف الشعب الفلسطيني. وقد مثّلت المعركة تحولًا نوعيًا، حيث بادرت المقاومة لأول مرة بتحديد ساعة الصفر، في مشهد لم يتكرر منذ حرب أكتوبر 1973. وقد ظهرت المقاومة أكثر تطورًا من ذي قبل، فصواريخها كانت أبعد مدى وأكثر دقة وفتكًا، ما أدى إلى مفاجأة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه. كما قدمت المقاومة نموذجًا قتاليًا متقدمًا في إدارة المعركة، والتصدي لخطط الاحتلال، مما حدّ من قدرته على إطالة أمد عدوانه، ورسخ صورة جديدة عن قدرات المقاومة في الوعي الفلسطيني والعربي.([62])
تتصدر غزة من جديد، واجهة الدم والنار، في حرب إسرائيلية أخرى تُضاف إلى سجل حافل بالمجازر، من دون أن يتغير المشهد الدولي والعربي: صمت رسمي، تنديد شكلي، وعجز تام عن ردع آلة القتل. حرب 2023 على غزة ليست إلا امتدادًا لسلسلة من الحروب الوحشية، تبدأ ولا تنتهي، تُحصد فيها أرواح الأبرياء، ويُترك القطاع الأعزل يواجه مصيره وحده، كما في 2009، و2012، و2014، و2021. ومع كل جولة، كان الأمل أن يكسر صمود الغزيين الحصار، لكن بدلاً من ذلك تحولت الإبادة البطيئة إلى إبادة سريعة، بينما تواصل إسرائيل عدوانها بغطاء دولي وبحصانة ممتدة، حتى باتت غزة رمزًا إنسانيًا عالميًا للمعاناة والمقاومة.([63])
حرب غزة 2023 ( عملية طوفان الأقصى )
تفاجأت إسرائيل في صباح اليوم التالي ليوم “الغفران اليهودي” بهجوم غير متوقع من حركة حماس، حيث اجتاحت مجموعات من مقاتليها السياج الفاصل بين غزة وغلافها الذي يضم مستوطنات وقطعًا عسكرية. استخدم المقاتلون طرقًا متعددة للتسلل، مثل الطيران الشراعي والأنفاق، وسيطروا على معظم المواقع. استفادوا من حالة الاسترخاء التي عاشها الجيش الإسرائيلي بسبب العيد، حيث كان العديد من الجنود في إجازات. أسفر الهجوم عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، منهم 200 ضابط، وأسر أكثر من 100 إسرائيلي. استغرقت إسرائيل ثلاثة أيام لاستعادة السيطرة. أثار الهجوم تساؤلات حول قدرة المقاومة الفلسطينية على تنفيذ مثل هذه العملية رغم الحصار، وأدى إلى صدمة كبيرة للجيش الإسرائيلي بسبب فشل أجهزة الأمن في اكتشافها أو الاستعداد لها. هذا الهجوم قد يدفع إسرائيل للانتقام من غزة، ولكن السؤال هل ستظل المواجهة محصورة في القطاع؟، أم ستفتح جبهات أخرى في المنطقة؟ وهل سيدفع هذا الحادث إسرائيل للبحث عن حل عادل مع الفلسطينيين؟، أم أن القوى المتطرفة في إسرائيل ستستمر في رفض أي حل؟.([64])
تعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها كتائب القسام في السابع من أكتوبر 2023، بمثابة نقلة نوعية في مسيرة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. جاءت هذه العملية كرد فعل على تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والانتهاكات المتواصلة بحق الفلسطينيين، لكنها تعكس أيضًا استمرارية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال منذ بداية انتفاضة القدس وحركة حماس في 1987. تم التحضير للعملية بعناية فائقة، حيث استندت على تكتيك المفاجأة والتنسيق العالي بين فصائل المقاومة، مستفيدة من التقنيات العسكرية الحديثة ودراسة الجغرافيا العسكرية. كما كانت العملية مدعومة بتعاون إقليمي من محور المقاومة الذي يشمل “إيران” و”سوريا” و”حزب الله” في لبنان، مما عزز من قوتها وأدى إلى تحقيق نتائج مؤثرة. “طوفان الأقصى” ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو رسالة للمجتمع الدولي أن المقاومة الفلسطينية قادرة على مواجهة الاحتلال بشتى الوسائل.([65])
تلقت إسرائيل ضربة قوية أثرت على هيبتها، وسيكون لها تأثيرات كبيرة داخل البلاد بعد بدء التحقيقات لتحديد المسؤولين عن الفشل الاستخباراتي والعملياتي. كما كان متوقعًا من حكومة يمينية، كان رد الفعل الأولي لإسرائيل هو شن عمليات قصف جوي مكثف وعشوائي على قطاع غزة، شمل أكثر من 2000 هدف، بما في ذلك قصف “معبر رفح” لتعطيل حركة النزوح ومنع دخول المساعدات. أسفر القصف عن مقتل 560 فلسطينيًا وإصابة 5000 آخرين، بينما نزح 250 ألف شخص من غزة، لجوءًا إلى “مدارس الأونروا” أو الحدود مع رفح. فرضت إسرائيل حصارًا خانقًا على القطاع بقطع الماء والكهرباء والطعام. كما فعلت إسرائيل البند الثامن من قانون الدفاع، الذي يسمح بالحرب الشاملة، واستدعت 300 ألف جندي احتياط. رحب نتنياهو بدعوة زعيم المعارضة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بينما كثف تصريحاته النارية لتهدئة الوضع الداخلي، مشيرًا إلى أن إسرائيل تواجه “حربًا وجودية” وأن رد فعلها سيغير معادلات الصراع في الشرق الأوسط، رغم أن تعديل الخرائط ليس بأيديها.([66])
أسفرت عملية طوفان الأقصى عن نتائج استراتيجية عميقة على المستويات الفلسطينية والإقليمية والدولية. فعلى الصعيد الفلسطيني، شكلت العملية تحولاً في مسار الكفاح الوطني، حيث انتقلت زمام المواجهة من الجيوش النظامية إلى الحركات الشعبية المسلحة، ما عزز دور المقاومة كفاعل رئيسي يحظى بتأييد شعبي واسع. كما ساهمت العملية في تسريع تحوّل الرأي العام الدولي بشكل غير مسبوق، إذ بدأت المجتمعات الغربية، بما فيها الأكثر عداءً للحقوق الفلسطينية، في إعادة النظر في مواقفها نتيجة حجم المعاناة الإنسانية ووضوح اختلال ميزان العدالة.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، دفعت العملية العقل السياسي والأمني إلى إعادة تقييم التصورات المتفائلة بمستقبل “إسرائيل” الآمن الذي لطالما روج له اليمين الصهيوني، خصوصاً في ظل الخسائر التي تكبدها الكيان. وفي المقابل، فإن العدوان الإسرائيلي الوحشي أفضى إلى دمار هائل طال البنية التحتية والسكان في قطاع غزة، مما يجعل إعادة إعمار القطاع تحدياً هائلاً يتطلب أكثر من خمسين مليار دولار، في ظل عراقيل مالية وسياسية قد تُستخدم للضغط على المقاومة.([67])
خلاصة ما سبق، يُظهر التاريخ الفلسطيني مرونة الشعب في مواجهة التحديات، فرغم إخفاقات التسويات السياسية مثل مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو، ظل الأمل في دولة حرة ومستقلة حيًا في قلوب الفلسطينيين، رغم الانقسامات والصعوبات. لم تحقق التسويات أهدافها، بل عمقت الانقسام وعززت السيطرة الإسرائيلية، مما يستدعي إعادة تقييمها وتحديد ما إذا كانت مقدمة لحل أو لمزيد من المعاناة، فيما يبقى الأمل في العدالة والحرية دافعًا للنضال الفلسطيني. وقد مثلت الانتفاضة الثانية عام 2000 إدراكًا لفشل المفاوضات ورسوخ الاحتلال، وكشف انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 عن إعادة تموضع دون تنازلات. أما حروب غزة بين 2008 و2014 فشهدت استخدامًا مفرطًا للقوة، بينما جسدت “هبة القدس” عام 2015 جيلًا جديدًا فاقدًا للثقة بالمفاوضات. وأظهر استمرار المقاومة، وصولًا إلى حرب 2021 و”طوفان الأقصى”، تحولًا في العمل الفلسطيني ووحدة الصف، مؤكدًا أن الوضع الراهن غير مستدام، وأن إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم، بما فيها العودة وتقرير المصير، هو الحل العادل والشامل.
تغيرت ملامح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بتغير المواقف الدولية، حيث أصبحت المآسي أدوات ضغط في لعبة المصالح الكبرى. اتخذت القوى العالمية أدوارًا متنوعة؛ فبعضها أعلن دعمه، بينما انخرط البعض الآخر في أشد أنواع التواطؤ تحت غطاء الوساطة. تباينت حدة اللهجة بين التصعيد والتهدئة، لكن الثابت الوحيد كان استمرار النزيف الفلسطيني. في الفصل التالي، سنستعرض تداخل الأدوار الدولية والإقليمية والمحلية، من الدعم المعلن إلى الضغوط الخفية، لفهم تأثيرها العميق على مسار الصراع، وهذا ما سنتحدث عنه باستفاضة في الفصل القادم.
الفصل الثاني
تأثير القوى المختلفة على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تمهيد :
يشكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي صراعاً معقداً تتداخل فيه العوامل الداخلية والخارجية، وتعد القوى المحلية الفلسطينية والإسرائيلية جوهره، حيث تلعب دوراً حاسماً في رسم معالم المواجهة؛ فمن الجانب الفلسطيني، تمثل منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح الممثل التاريخي للشعب الفلسطيني بنهجها التفاوضي، بينما تبرز حركة حماس بخيار المقاومة المسلحة وإدارتها لقطاع غزة، مما يعكس انقساماً داخلياً يزيد من تعقيد الموقف. أما على الجانب الإسرائيلي، فيحكم المشهد السياسي توازنات حزبية دقيقة، حيث تلعب أحزاب اليمين المتطرف والليكود والصهيونية الدينية دوراً بارزاً في دعم الاستيطان ورفض حل الدولتين، وفهم أدوار ودوافع هذه القوى المحلية ضروري لفهم تطورات الصراع. ويتشابك هذا الصراع مع الشرق الأوسط الذي يواجه مستقبلاً خطيراً نتيجة لتوسعه وتشعبه، مما أدى إلى فوضى إقليمية وسعي إسرائيل لتغييرات ديموغرافية، وسط إشارات إلى أن الحرب الحالية ستغير المنطقة، مع دور إقليمي مؤثر لمصر وإيران والإمارات والأردن. وعلى الصعيد الدولي، تتعدد القوى المؤثرة في هذا الصراع، حيث تبرز مواقف دول مثل روسيا والصين وبريطانيا بدور هام. فروسيا، تاريخيًا داعمة للحقوق الفلسطينية، تسعى حاليًا للحفاظ على توازن في علاقاتها وتعتبر وسيطًا محتملاً، منتقدة الاستيطان ومؤكدة على حل الدولتين. أما الصين، فتتخذ موقفًا تقليديًا داعمًا للفلسطينيين وتقدم مبادرات سلام، بينما يتزايد دورها الاقتصادي في المنطقة. في المقابل، تدعم بريطانيا رسميًا حل الدولتين وتنتقد الاستيطان والعنف، ولكن علاقاتها القوية بإسرائيل قد تحد من مواقفها الانتقادية. هذه الدول الثلاث، بتوجهاتها ومصالحها المختلفة، تشكل جزءًا من الديناميكية الدولية المعقدة التي تؤثر على مسار الصراع. وتنوعت المواقف بين دعم إسرائيل من الولايات المتحدة والدول الغربية، ودعم الحقوق الفلسطينية من دول عربية وإسلامية وجنوبية، وتأثرت هذه المواقف بسياقات سياسية واقتصادية متغيرة كالحرب الباردة وصعود اليمين، وتسعى الدراسة لتحليل هذا الدور الدولي وتأثير أنماط الدعم والضغوط على مسار الصراع وفرص التسوية وأوضاع الفلسطينيين، مع تحليل الفجوة بين الخطاب الدولي والسياسات وتأثير التوازنات الدولية على تحقيق العدالة.
المبحث الأول
القوى المحلية وتأثيرها في ديناميكيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
لم يكن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي مجرد صراع حدودي أو سياسي تقليدي، بل هو صراع معقّد تتشابك فيه العوامل الداخلية مع التأثيرات الخارجية، وتشكل القوى المحلية سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية جوهر هذا التعقيد حيث تلعب دورًا حاسمًا في رسم معالم المواجهة وتحديد مساراتها، من الجانب الفلسطيني تُعد منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح الممثل التاريخي للشعب الفلسطيني، وقد تبنّت نهج التفاوض والحلول السياسية، في حين تبرز حركة حماس كلاعب رئيسي يتبنى خيار المقاومة المسلحة ويدير قطاع غزة بشكل شبه مستقل، مما يعكس حالة انقسام داخلي تزيد من تعقيد الموقف الفلسطيني، أما على الجانب الإسرائيلي فالمشهد السياسي تحكمه توازنات دقيقة بين الأحزاب، حيث تلعب أحزاب مثل الليكود والصهيونية الدينية دورًا بارزًا في دعم سياسات الاستيطان ورفض الحلول القائمة على مبدأ الدولتين، ومن هنا فإن فهم الأدوار والدوافع التي تحكم هذه القوى المحلية يُعد أمرًا أساسيًا لفهم تطورات هذا الصراع واستشراف مستقبله، وفي ضوء تعدد الفاعلين المحليين المؤثرين في مسار الصراع، يمكن تناول أدوارهم لتوضيح رؤيتهم وممارساتهم على الأرض.
- حركة حماس
تبنت حركة حماس منذ نشأتها في أواخر الثمانينات، موقفًا معاديًا للمفاوضات مع إسرائيل ورفضًا لوجودها. مؤسسو الحركة استلهموا توجهاتهم من مقاومة الاحتلال عبر العمل المسلح، وأكدوا على أن فلسطين بأكملها هي حق تاريخي للشعب الفلسطيني. وقد كان رفض الحركة لأي تسوية سياسية مع إسرائيل جزءًا أساسيًا من برنامجها، حيث تُصر على “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر”.([68])
أظهرت حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، وسيطرتها على قطاع غزة، عزماً كبيراً في تعزيز المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما أسفر عن سلسلة من العمليات العسكرية والمواجهات مع إسرائيل. خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في عام 2021، جددت حماس موقفها القوي من ضرورة مقاومة الاحتلال، ورفض أي حلول سلام أو تطبيع مع إسرائيل، رغم الضغوط الدولية والمحلية.([69])
قامت حماس في أكتوبر 2023، مع اندلاع عملية “طوفان الأقصى”، بالتصعيد العسكري ضد إسرائيل عبر هجمات متتالية، وهو ما قوبل بردود فعل متباينة من المجتمع الدولي. بينما بررت الحركة هجماتها بأنها جزء من حق الدفاع المشروع عن الشعب الفلسطيني، اتهمت حماس إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. تصاعدت المواجهات بشكل غير مسبوق، حيث شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد البنية التحتية لحماس، ما أدى إلى تدمير مناطق واسعة في غزة.([70])
- حركة فتح
تبنت فتح نهجًا تفاوضيًا مع إسرائيل، رغم استمرار الاحتلال وممارسات الاستيطان. وعلى الرغم من دعمها لحل الدولتين، فإن فتح تعرضت لانتقادات من قبل قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني بسبب ما اعتُبر تنازلات في مفاوضاتها مع إسرائيل. وعقب الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس في عام 2007، شهدت فتح تراجعًا في شعبيتها داخل قطاع غزة، حيث فشلت في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.([71])
كان موقف فتح في عملية “طوفان الأقصى” عام 2023، أكثر تحفظًا بالمقارنة مع حماس. على الرغم من دعمها لحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، إلا أن فتح رفضت التصعيد العسكري الذي تبنته حماس في تلك الفترة، معتبرة أن الحل الوحيد يكمن في إنهاء الاحتلال عبر المفاوضات السلمية. كما انتقدت فتح استخدام القوة العسكرية بشكل مفرط من طرف حماس في القطاع، واعتبرت أن هذا التصعيد يعزز من القمع الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين دون تحقيق مكاسب سياسية حقيقية.([72])
سعت فتح في الوقت ذاته إلى الحصول على دعم دولي للموقف الفلسطيني عبر قنوات دبلوماسية، خاصة بعد أن تكثف العدوان الإسرائيلي على غزة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك عملية “طوفان الأقصى”. كانت فتح تتوجه إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق الضغط الدولي على إسرائيل من أجل التوصل إلى حل سلمي يعترف بحقوق الفلسطينيين.([73])
- منظمة التحرير الفلسطينية
دعمت منظمة التحرير الفلسطينية، منذ تأسيسها، حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولعبت المنظمة، في السبعينيات والثمانينيات، دورًا مهمًا في تشكيل الهوية الفلسطينية على المستوى الدولي، وحققت اعترافًا دبلوماسيًا كبيرًا، بما في ذلك حصولها على عضوية الأمم المتحدة عام 1974. وركزت جهودها على رفض الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسط معاناة شديدة جراء سياسات الاحتلال.([74])
بدأ موقف المنظمة يتغير تدريجيًا في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، نحو الاعتراف بحلول سياسية تشمل التسوية السلمية مع إسرائيل، وهو ما تجسد في توقيع اتفاقية أوسلو في 1993. الاتفاقية، التي كانت تعد بداية لمفاوضات حول “حل الدولتين”، كانت تتضمن منح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا في الضفة الغربية وقطاع غزة. إلا أن الاتفاقية، رغم كونها خطوة نحو السلام، لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة على الأرض، بل تزايدت الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية وتعميق الاحتلال.([75])
خلال الانتفاضة الثانية 2000 – 2005، شهدت المنظمة تحولًا في استراتيجيتها، إذ ازدادت الأنشطة العسكرية للمقاومة الفلسطينية في ظل تعثر المفاوضات. هذا التوجه لم يكن يتماشى مع الجهود السلمية التي كان يسعى إلى تحقيقها الطرف الإسرائيلي، وبالتالي سعت بعض الفصائل الفلسطينية إلى تصعيد المقاومة المسلحة في ظل الفشل الواضح للعملية السلمية.([76])
شهدت منظمة التحرير الفلسطينية مع اندلاع عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، تحديًا كبيرًا في موازنة موقفها بين الدعوة إلى وحدة الصف الفلسطيني وبين الجهود للضغط على المجتمع الدولي لتفعيل مواقف مؤيدة لحقوق الفلسطينيين. هذه العملية، التي انطلقت من قطاع غزة تحت قيادة حركة حماس، استهدفت إظهار قوة المقاومة الفلسطينية في وجه التصعيد الإسرائيلي، وهو ما تمثل في الهجمات على مستوطنات ومدن إسرائيلية، مما أسفر عن رد فعل عنيف من الجيش الإسرائيلي، وتصعيد كبير في الحصار على القطاع.([77])
الأحزاب الصهيونية
منذ تأسيس إسرائيل، لعبت الأحزاب الصهيونية دورًا جوهريًا في ترسيخ المشروع الاستيطاني وتثبيت أركان الاحتلال، وساهمت في تعميق النكبة الفلسطينية عبر أدوات تشريعية وعسكرية وإعلامية.
- حزب الليكود ( ذراع الدولة الأمنية الاستيطانية )
يقوم حزب الليكود على الأيديولوجية الصهيونية التي تسعى إلى إعادة تجمع الشعب اليهودي في “أرض إسرائيل” التاريخية. ويتبنى الحزب مفاهيم الحركة الصهيونية التي حددت منذ عام 1919 معالم الدولة الصهيونية لتشمل كامل فلسطين تحت الانتداب البريطاني، والضفة الشرقية من نهر الأردن، وأجزاء من جنوب لبنان وسيناء. ويعكس الليكود هذه الرؤية التوسعية من خلال تمسكه بمبدأ السيطرة الكاملة على الأراضي التي يعتبرها جزءًا من الحق التاريخي والديني لليهود، مع التركيز على استغلال الموارد الطبيعية الحيوية مثل جبل الشيخ لدعم استمرار المشروع الصهيوني.([78])
يحافظ حزب الليكود، رغم تراجع شرعيته بسبب الحرب على غزة في عام 2023، على دعم مؤسسي وشعبي قوي داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين المستوطنين. وتمكن من تمرير قوانين تحد من رقابة المحكمة العليا، مما يصعّب صعود الأحزاب الليبرالية أو اليسارية إلى الحكم. وحتى مع احتمال تغير رئيس الحكومة، سيبقى الحكم بيد اليمين المتطرف، مستفيدًا من الدعم الشعبي والإطار الديني والأمني الذي يروّج له، مع ترجيح استمرار سيطرة الليكود على المشهد السياسي الإسرائيلي في المستقبل القريب. وقد قاد الحزب، خلال عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، حملة عسكرية شرسة على قطاع غزة، ورفض أي مقترحات لوقف إطلاق النار، متذرعًا “بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، وهو الخطاب ذاته الذي استخدمته بريطانيا لتبرير صمتها أمام الانتهاكات، كما مارس تضليلًا إعلاميًا، ووظف التحالفات الغربية لتعطيل قرارات الإدانة في المحافل الدولية، بما يعكس تقاطعًا واضحًا بين السياسات الحزبية الإسرائيلية والمواقف الدولية المنحازة.([79])
- حزب الصهيونية الدينية ( الواجهة الفاشية للاستعمار الاستيطاني )
مثلما دعمت بريطانيا المشروع الصهيوني منذ بدايته، يدفع حزب “الصهيونية الدينية” باتجاه نسف أي فرصة لحل الدولتين، بل يذهب أبعد من ذلك بدعوته العلنية إلى ترحيل الفلسطينيين، وفرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية. خلال طوفان الأقصى، دعا قادته – وعلى رأسهم سموتريتش وبن غفير – إلى قطع الكهرباء والمياه عن غزة، ومنع دخول أي مساعدات إنسانية، وقصف المدنيين بشكل عشوائي. الخطاب العلني للحزب تماهى مع الفاشية الصريحة، حيث اعتبر أن “الرحمة في الحرب خيانة”، ما يؤكد دوره في شرعنة المجازر، على غرار تغطية بريطانيا للمجازر الصهيونية عام 1948.([80])
المبحث الثاني
الشرق الأوسط وأثر القوى الإقليمية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
يواجه مستقبل المنطقة خطرًا كبيرًا ومصيرًا مجهولًا بسبب توسع الصراع وتشعبه إلى جبهات متعددة، مما أدى إلى انغماس الشرق الأوسط في فوضى إقليمية كما تسعى إسرائيل إلى إحداث تغييرات ديمغرافية تخدم أهدافها الاستيطانية، و أشار نتنياهو إلى أن الحرب الحالية ستغير المنطقة وهذا الوضع يلبي تطلعات إسرائيل بتطبيق نظرية الفوضى الخلاقة على النطاق الإقليمي، حيث يتم تطبيق هذه النظرية على نطاق أوسع من السابق، مما يعني أننا في مرحلة فوضى إقليمية كبيرة. هذا الصراع يُعد خطراً حقيقياً على الاستقرار الإقليمي نتيجة السياسات الإسرائيلية العدوانية وسوف نتطرق في هذا السياق إلى دور بعض الدول الإقليمية المؤثرة في القضية الفلسطينية، وهي مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والأردن. كل من هذه الدول لها موقفها الخاص وتأثيرها الفريد على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسنناقش أدوارها وتأثيراتها في هذا السياق.
- – إيران
يُلاحظ أن الاعتبارات الجيوسياسية والتطلعات الإقليمية الإيرانية تحدد السياسة الإيرانية تجاه فلسطين وإسرائيل منذ عام 1947 حتى اليوم، بما في ذلك عهد “الشاه” السابق. وقد أبدعت السياسة الإيرانية في استخدام دعمها للقضية الفلسطينية كأداة رئيسية في سياستها الإقليمية في الخليج والمشرق العربي، كعامل جذب للمؤيدين وردع للمعارضين.([81])
يشهد الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط اهتمامًا كبيرًا من قبل مختلف الأطراف، وذلك بسبب تأثيره الواسع الذي لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يمتد ليشمل أبعادًا جيوبوليتيكية واستراتيجية، إضافة إلى تأثيرات ثقافية ودينية. ويُعتبر هذا الدور جزءًا من سياسة إيران الخارجية التي تتسم بالتعقيد والغموض، مما يجعل فهمها وتحليلها أمرًا صعبًا وفقًا للعديد من المحللين والمتابعين. وقد تصاعد صراع النفوذ الإيراني الإسرائيلي منذ حرب تحرير الكويت في التسعينيات، وتفاقم بعد احتلال العراق عام 2003، ليحل محل الصراع العربي الإسرائيلي بعد تبني العرب للتسوية وعجزهم عن فرضها. كما عرقلت إيران اتفاق أوسلو عبر حلفائها الفلسطينيين خدمةً لمصالحها الجيوسياسية، وأصبحت في العقد الأخير قوة إقليمية مؤثرة تقود تحالفًا واسعًا في النظام الإقليمي العربي.([82])
تؤثر إيران بشكل كبير على الأمن الإقليمي في المنطقة، سواء في أوقات الحرب أو السلم، وذلك من خلال دعمها لحلفائها مثل “حزب الله” و”حركة حماس” في مواجهاتهم مع إسرائيل. كما أنها تسيطر على مضيق هرمز الحيوي، الذي يمر عبره جزء كبير من إمدادات الطاقة العالمية. وبفضل علاقاتها مع التنظيمات الفلسطينية، تستطيع إيران التأثير على المصالح الأمريكية في المنطقة، مثل إمدادات النفط وأمن إسرائيل. لذلك، تسعى إيران إلى عقد صفقة مع الولايات المتحدة تحقق مصالح الطرفين، وتضمن لها دورًا قياديًا في المنطقة. الدافع الرئيسي لهذه الصفقة هو الملف النووي الإيراني، الذي يدفع القوى الغربية إلى التفاوض معها.([83])
بعد “عاصفة الحزم”، وجدت جماعة الحوثي نفسها معزولة إقليميًا باستثناء تحالفها مع إيران، التي قدمت لها دعمًا عسكريًا نوعيًا شمل أسلحة متطورة وطائرات مسيّرة، فضلاً عن تعزيز قدراتها الصاروخية. وقد استفاد الحوثيون من الفراغ الناتج عن انهيار مؤسسات الدولة في شمال اليمن لبناء كيان موازٍ ذو بنية عسكرية واقتصادية، مما عزز مكانتهم كقوة إقليمية فاعلة. مكنهم ذلك من تنفيذ ضربات نوعية ضد السعودية والإمارات، ما أثر على ميزان القوى الإقليمي. ورغم المصالحة السعودية – الإيرانية، استمرت إيران في دعم الحوثيين عسكريًا وسياسيًا، ما يعكس تحالفًا إستراتيجيًا عميقًا، رغم أن تطور السياسة الإيرانية قد يعيد تشكيل هذه العلاقة.([84])
فاجأ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 إيران، التي كانت منشغلة حينها باتفاق تبادل الأسرى مع الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات مع السعودية، وسارعت طهران إلى نفي أي دور مباشر لها، مؤكدة استقلالية القرار الفلسطيني، رغم استمرار دعمها السياسي والعسكري غير المعلن. دعم إيران للمقاومة تجلى سياسيًا من خلال التصريحات والاستقبالات، مع إعلانها الوقوف ضد العدوان الإسرائيلي وسعيها لوقف إطلاق النار دبلوماسيًا، دون انخراط مباشر في المعركة. كما شجعت حلفاءها الإقليميين على دعم المقاومة. وعندما قصفت إسرائيل قنصليتها في دمشق في 1 أبريل 2024، ردت إيران بحذر في 13 أبريل بعملية عسكرية محدودة، ثم عملت على احتواء الأزمة بعد الرد الإسرائيلي في 19 أبريل، في ظل دعم شعبي واسع للفلسطينيين داخل إيران.([85])
- – الإمارات العربية المتحدة
منذ تأسيسها عام 1971، أولت دولة الإمارات العربية المتحدة القضايا العربية اهتمامًا بالغًا في سياستها الخارجية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي دعمتها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. تجلى هذا الدعم في مشاريع عديدة داخل الأراضي الفلسطينية، خاصة في القدس الشريف، شملت إعادة إعمار وترميم “قبة الصخرة“ ومشاريع بنية تحتية.([86])
رغم سياسات إسرائيل العنصرية والعدوانية وحصارها الاقتصادي الذي تجسد في جدار الفصل العنصري وتأثيره المدمر على الضفة الغربية وقطاع غزة، استمرت دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقوف ضد هذا الحصار. وعلى الصعيد الإنساني، قدمت الإمارات مساعدات متنوعة للقضية الفلسطينية محليًا بتعمير ما دمرته إسرائيل ومخيمات اللاجئين، وتقديم الدعم المادي والفوري، والدعم السياسي بافتتاح أول مكتب لمنظمة التحرير، والمساعدات الطبية، وتعزيز الوعي بالقضية. ودوليًا، دعت الإمارات المجتمع الدولي لإيجاد حلول عادلة من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن لفضح الممارسات الإسرائيلية ودعم المؤسسات الإنسانية وتنفيذ مبادرة السلام ودعم وكالة غوث اللاجئين.([87])
تبنت الإمارات بعد وفاة “الشيخ زايد”، سياسة جديدة تجاه القضية الفلسطينية تميل إلى العداء للفلسطينيين وحركات المقاومة، لتصبح شريكة للاحتلال الإسرائيلي في هذا العداء. ومع حصار غزة عام 2006، كثفت جهودها الأمنية ضد المقاومة بتجفيف منابعها المالية وتقديم معلومات استخباراتية لإسرائيل، انطلاقًا من توافق الرؤى في محاربة ما يعتبرونه “قوى راديكالية”. وتجلى ذلك في تسهيل دخول وفد إماراتي إلى غزة عام 2014 وسط شكوك فلسطينية، وتقارير عن اتصالات سرية للقضاء على حماس بتمويل إماراتي، واعتقال وترحيل رجال أعمال مقربين من حماس، ودعم منتجات المستوطنات، والتستر على اغتيال “المبحوح”، وشراء منازل في القدس للمستوطنين، واستضافة قادتهم، والتنسيق العسكري في سيناء واليمن، والتضييق على الجالية الفلسطينية، مما يشير إلى دور إماراتي متزايد الخطورة يخدم الأهداف الإسرائيلية ضد القضية الفلسطينية وحركات المقاومة.([88])
أعلنت الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس 2020، عن تطبيع العلاقات الثنائية بموجب الاتفاق “الإبراهيمي للسلام” برعاية أمريكية، الموقع رسميًا في 15 سبتمبر 2020. واعتبرت الإمارات هذه الاتفاقية بداية لرؤية جديدة لمستقبل مستقر ومزدهر للشرق الأوسط، يؤمن بتمكين الشباب العربي، ويرى فيها خطوة أولى نحو عصر الأمن والاستقرار يفتح آفاقًا واسعة للتعاون الدبلوماسي والعلمي والثقافي والاقتصادي مع إسرائيل. وقد بدأت بالفعل جهود التعاون في مجالات متنوعة لتعزيز السلام والأمن والازدهار في المنطقة وخارجها.([89])
دعا بيان لوزارة الخارجية الإماراتية إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، بعد هجمات حركة حماس وضربات إسرائيلية، معربًا عن قلقها الشديد إزاء تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأهمية الحفاظ على أرواح المدنيين. كما قدمت الوزارة تعازيها للضحايا، مؤكدة على ضرورة ضبط النفس والوقف الفوري لإطلاق النار لتجنب تداعيات خطيرة، ودعت إلى إعادة تفعيل اللجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي الإسرائيلي، وحثت المجتمع الدولي على دفع الجهود لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة. في سياق آخر، يمثل التطبيع الإماراتي مع إسرائيل تطورًا هامًا يخدم مصالح الإمارات والمخطط الأمريكي الإسرائيلي لمحاصرة إيران، بدلاً من التركيز على القضية الفلسطينية، مما يقوض مبدأ استعادة الأراضي ويشرعن الوجود الإسرائيلي، ورغم المخاطر الداخلية والخارجية، بما في ذلك المعارضة والتوترات الإقليمية، تظهر الإمارات تمسكًا بهذا الخيار.([90])
- – مصر
تبنت مصر موقفاً معقداً ومتقلباً تجاه القضية الفلسطينية منذ نكبة عام 1948، حيث كانت في البداية من أبرز أطراف المواجهة مع المشروع الصهيوني، وشاركت في الحروب العربية الإسرائيلية دفاعاً عن فلسطين. أرسلت مصر خلال حرب 1948 قواتها إلى فلسطين لمحاربة القوات الصهيونية، ولكن غياب التنسيق العربي والتواطؤ الدولي أديا إلى هزيمة الجيوش العربية وقيام دولة إسرائيل. ثم جاءت حرب 1956، التي خاضتها مصر ضد العدوان الثلاثي الذي شاركت فيه إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، ما عزز من مكانة مصر إقليمياً باعتبارها رأس الحربة في مواجهة الصهيونية. إلا أن هذا الموقف شهد تحولات جذرية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، التي مثلت تحولاً استراتيجياً في علاقة مصر بإسرائيل، وكرست واقعاً جديداً في الصراع.([91])
تلقّت مصر في حرب 1967، هزيمة قاسية أدت إلى احتلال سيناء والضفة وغزة والقدس والجولان، ما شكّل نكسة كبرى وأضعف الموقف العربي والفلسطيني. ثم جاءت حرب 1973 التي استعادت فيها مصر بعض هيبتها العسكرية، ولكنها مهّدت في الوقت نفسه لمسار سياسي انتهى بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وإخراج مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي.([92])
مثّلت اتفاقية كامب ديفيد نقطة تحول في الدور المصري؛ إذ انتقلت القاهرة من موقع المواجهة إلى موقع الوساطة، ومن دعم المقاومة الفلسطينية إلى ممارسة ضغوط على الفصائل، بحجة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.([93])
تبنّت مصر خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين، سياسة مزدوجة : دعائية تدعم القضية الفلسطينية في الخطاب الرسمي، وواقعية تلتزم بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بإدارة معبر رفح والحصار المفروض على قطاع غزة. وبعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007، ساهمت مصر فعليًا في حصار غزة عبر إغلاق المعبر لفترات طويلة، والتضييق على حركة البضائع والأفراد، ما زاد من المعاناة الإنسانية للسكان.([94])
كانت مصر تلعب دور الوسيط في كل عدوان إسرائيلي على غزة، لوقف إطلاق النار، لكنها في الوقت نفسه تغلق حدودها وتحكم قبضتها على الدعم اللوجستي للفصائل، ما يُظهر توازنًا حساسًا بين الدور الإنساني والدور الأمني المرتبط بالتفاهمات الإقليمية والدولية.([95])
تُظهر المحطات التاريخية في مصر مدى ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية، حيث تُعد العلاقات المصرية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي رهينة بيد أي رئيس يتولى الحكم في البيت الأبيض عبر العصور. فمصر، كونها أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث القوة العسكرية والسياسية والاجتماعية، تلعب دورًا محوريًا في قضايا المنطقة. ومن المتوقع أن يستمر التعاون الأمني والعسكري بين البلدين لتعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة الصراعات الموجودة في المنطقة.([96])
- – الأردن
شارك الجيش الأردني في حرب 1948 ضد العصابات الصهيونية، وسيطر على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وضمّها لاحقًا إلى المملكة، في خطوة أثارت جدلًا واعتُبرت محاولة لاحتواء القضية الفلسطينية ضمن السيادة الأردنية.([97])
انتهت حرب 1967 بخسارة الأردن للضفة الغربية والقدس الشرقية، ما شكّل ضربة قاسية للنظام الأردني وتسبب بنزوح واسع للفلسطينيين إلى شرق النهر، مما زاد التوترات الداخلية. ومع تصاعد المقاومة، اندلع صدام دامٍ بين الفصائل المسلحة والسلطة في عام 1970، انتهى بخروج منظمة التحرير من الأردن واستعادة عمّان سيادتها الداخلية.([98])
تبنّى الأردن سياسة منذ ذلك الحين، تقوم على دعم منظمة التحرير “كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني”، وفي الوقت ذاته تمسّك بحقوقه كوصيّ على المقدسات الدينية في القدس، ما أضفى على دوره بعدًا دينيًا وسياسيًا معقدًا.([99])
وقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في وادي عربة عام 1994، ليصبح ثاني دولة عربية تطبع علاقاتها رسميًا بعد مصر، ما أثار انتقادات واسعة في ظل استمرار الاحتلال. ومنذ ذلك الحين، أصبح الدور الأردني أقرب إلى دور الوسيط والضامن للاستقرار، مع حماية مصالحه الحيوية في الضفة الغربية والقدس دون مواجهة مباشرة مع السياسات الإسرائيلية.([100])
أظهر الأردن تضامنًا شعبيًا ورسميًا مع الفلسطينيين خلال الانتفاضتين، لكنه اكتفى بالبيانات والدعوات للمفاوضات دون اتخاذ إجراءات سياسية حازمة ضد إسرائيل. تمحور موقفه حول دعم حل الدولتين ورفض التهجير والتوطين، نظرًا لاعتبارات داخلية تتعلق بالهوية الوطنية والتوازن السكاني، كما رفض مشاريع “الوطن البديل” وضم الضفة الغربية، مع استمرار التنسيق الأمني والدبلوماسي مع تل أبيب.([101])
كما رفض الأردن بشكل واضح خطة “صفقة القرن” الأمريكية، واعتبرها مساسًا بحل الدولتين وبمكانة القدس، لكنه لم يقم بخطوات عملية لتغيير موازين القوى، بل استمر في لعب دور “الوسيط الغاضب” أكثر من كونه طرفًا فاعلًا في مقاومة الاحتلال.([102])
المبحث الثالث
دور القوى الدولية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الدعم إلى الضغوط
تنوّعت أوجه هذا الدور الدولي بين مواقف داعمة لإسرائيل، خصوصًا من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، وأخرى داعمة للحقوق الفلسطينية، كما هو الحال لدى بعض الدول العربية والإسلامية وعدد من دول الجنوب العالمي. إلا أن المواقف الدولية لم تكن متجانسة أو ثابتة، بل تأثرت بسياقات سياسية واقتصادية متغيرة، كالحرب الباردة، وصعود التيارات اليمينية، وتبدلات الأولويات في النظام الدولي. وتسعى هذه الدراسة إلى تحليل هذا الدور الدولي بأبعاده المختلفة، من خلال تتبع أنماط الدعم والضغوط التي مارستها الأطراف الدولية الرئيسية، مع التركيز على كيفية تأثير هذه المواقف على مسار الصراع، وفرص التسوية، وأوضاع الفلسطينيين ميدانيًا وحقوقيًا. كما تحلل الدراسة الفجوة بين الخطاب الدولي وواقع السياسات، وتأثير التوازنات الدولية على فرص تحقيق العدالة في هذا الصراع المستمر.
- الولايات المتحدة الأمريكية
دعمت الولايات المتحدة قيام دولة إسرائيل عام 1948، وكانت أول دولة تعترف بها رسميًا، ما شكّل انحيازًا واضحًا ضد الشعب الفلسطيني. خلال حرب 1948 وما تلاها، غضّت واشنطن الطرف عن عمليات التهجير القسري للفلسطينيين. ورغم أن موقفها كان ضد العدوان الثلاثي في حرب 1956، إلا أن ذلك لم يغيّر من جوهر دعمها لإسرائيل. ثم في حرب 1967، دعمت واشنطن إسرائيل سياسيًا بعد احتلالها للضفة والقدس وغزة والجولان. ومنذ ذلك الحين، أصبح الدعم الأمريكي ثابتًا وغير مشروط تقريبًا.([103])
ساندت الولايات المتحدة إسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، وقدّمت لها جسرًا جويًا من السلاح ساعدها في قلب موازين المعركة. بعد الحرب، دفعت واشنطن نحو اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، التي أدت إلى انسحاب مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي. كما عملت أمريكا على رعاية مفاوضات السلام بين إسرائيل والدول العربية، لكن تلك الجهود كانت في الغالب منحازة. واستمرت في تزويد إسرائيل بالأسلحة والدعم السياسي، واستخدمت الفيتو لمنع قرارات دولية تُدين الاحتلال، مما ساهم في ترسيخ هيمنته.([104])
تولّت الولايات المتحدة رعاية مفاوضات أوسلو عام 1993، لكنها لم تكن وسيطًا نزيهًا، إذ فشلت في وقف الاستيطان و ضمان الحقوق الفلسطينية. بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، دعمت واشنطن القمع الإسرائيلي للانتفاضة تحت شعار “محاربة الإرهاب”. كما دعمت بناء الجدار العازل، وأدرجت حركات المقاومة الفلسطينية ضمن قوائم الإرهاب. ورغم الحديث المتكرر عن حل الدولتين، لم تُمارس واشنطن أي ضغط على إسرائيل، بل زادت من دعمها المادي والعسكري.([105])
بلغ الانحياز الأميركي ذروته خلال إدارة ترامب، التي نقلت السفارة إلى القدس عام 2018، واعترفت بسيادة إسرائيل على الجولان، وقدّمت خطة صفقة القرن التي ألغت عمليًا حق العودة والقدس كعاصمة فلسطينية. ثم جاءت إدارة بايدن لتُظهر موقفًا أقل تطرفًا في الخطاب، لكنها واصلت نفس السياسات عمليًا. وعندما اندلعت عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، أعلنت واشنطن انحيازها الكامل لإسرائيل، وأرسلت حاملات طائرات، وزوّدتها بالأسلحة، متجاهلة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة.([106])
يعكس الموقف الأمريكي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سياسة قائمة على المصالح والتحالفات لا المبادئ، إذ تنحاز واشنطن بشكل دائم لإسرائيل بحجة الأمن القومي والاستقرار الإقليمي. هذا الانحياز يجعلها طرفًا في الصراع لا وسيطًا، ويُفقدها المصداقية أمام العالم العربي والإسلامي. كما أن تجاهلها للحقوق الفلسطينية يعمّق من جذور الأزمة، ويجعل فرص السلام أقل واقعية. وبينما تدّعي دعم حل الدولتين، فإن سياساتها الفعلية تكرّس الاحتلال وتُغذّي الغضب الشعبي والانفجار الدوري للأوضاع.([107])
- الصين
اعترفت الصين بدولة إسرائيل عام 1992، لكنها حافظت على دعمها الخطابي للقضية الفلسطينية منذ وقت مبكر. ودعمت بكين الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ورغم هذا الدعم، بقي محصورًا في المجال الدبلوماسي دون أن يتحول إلى تأثير فعلي. خلال الحروب العربية الإسرائيلية، أبدت الصين تعاطفًا مع العرب واعتبرت الصراع جزءًا من مقاومة الإمبريالية الغربية، لكنها لم تكن طرفًا فاعلًا نتيجة تركيزها على قضاياها الداخلية.([108])
طورت الصين سياستها الخارجية بالتوازن بين دعمها لحل الدولتين ورفض الاستيطان، وبين تعميق علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، ما أثار انتقادات لتناقض بين خطابها السياسي وممارساتها. كما أنها لم تُشارك في مفاوضات أوسلو أو المبادرات الرئيسية الأخرى.([109])
دعت الصين إلى استئناف المفاوضات ووقف العنف دون طرح خطة واضحة أو تبني دور الوسيط، وامتنعت عن تصنيف حركات المقاومة كمنظمات إرهابية، مؤكدة أهمية الحوار. ورغم خطابها المتزن، لم تمارس ضغوطًا حقيقية على إسرائيل أو تتخذ خطوات ملموسة لحماية الحقوق الفلسطينية.([110])
واصلت الصين استخدام لغة دبلوماسية معتدلة تجاه إسرائيل، حتى مع تصاعد العنف. ومع عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، دعت لوقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين، لكنها تجنبت إدانة مباشرة لإسرائيل، ما يعكس نهجها الحذر والمتوازن في التعامل مع الصراع.([111])
- روسيا
دعمت روسيا الاتحاد السوفيتي سابقًا قيام دولة إسرائيل عام 1948، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بها رسميًا، ما شكّل انحيازًا ضمنيًا ضد تطلعات الشعب الفلسطيني. ولم تلعب موسكو دورًا فاعلًا في مناهضة التهجير القسري الذي رافق النكبة، بل اتبعت موقفًا متوازنًا ظاهريًا يخدم مصالحها الدولية.([112])
قدّمت موسكو دعمًا سياسيًا وعسكريًا للدول العربية خلال العدوان الثلاثي عام 1956، لكنها لم تحافظ على موقف ثابت تجاه الصراع. وتغيّرت أولوياتها لاحقًا مع تحولات النظام الدولي، خصوصًا بعد حرب 1967، التي شجبتها روسيا علنًا دون أن تتمكن من التأثير على واقع الاحتلال الجديد.([113])
دعمت روسيا الدول العربية في حرب أكتوبر 1973، لكن هذا الدعم لم يكن حاسمًا لتغيير موازين القوى، ما أتاح للولايات المتحدة السيطرة على مسار المفاوضات. وتزامن ذلك مع بداية تراجع الدور السوفيتي لصالح واشنطن، التي أصبحت اللاعب الأبرز في عملية السلام.([114])
تبنّت روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سياسة خارجية براغماتية، ركزت على بناء علاقات متوازنة مع كل من إسرائيل والدول العربية. وشاركت بشكل رمزي في مفاوضات أوسلو عام 1993، دون أن تؤدي دورًا فعّالًا في ضمان الحقوق الفلسطينية أو وقف الاستيطان.([115])
اكتفت موسكو خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2023، والذي جاء بعد عملية “طوفان الأقصى”، بالدعوة إلى وقف إطلاق النار دون إدانة صريحة للانتهاكات الإسرائيلية. وانتقدت بعض أعمال المقاومة التي مست المصالح الدولية كحرية الملاحة، ما أثار استياءً عربيًا وإسلاميًا. وأظهرت مواقفها ترددًا في الانحياز للفلسطينيين رغم علاقاتها بفصائل رئيسية، ما جعل حضورها باهتًا وغير مؤثر.([116])
- بريطانيا
دعمت بريطانيا المشروع الصهيوني منذ بداياته، إذ أصدرت وعد بلفور عام 1917، مانحة اليهود وطنًا قوميًا في فلسطين على حساب السكان الأصليين. وعند فرض انتدابها على فلسطين 1920 – 1948، وفّرت الغطاء السياسي والعسكري للاستيطان والتهجير، وأسهمت في تفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية. وعندما أنهت انتدابها عام 1948، انسحبت بطريقة مهّدت لقيام إسرائيل واندلاع النكبة، ما شكّل انحيازًا صارخًا ضد الفلسطينيين.([117])
تواطأت بريطانيا مع الجرائم الصهيونية خلال حرب 1948 بصمتها عن المجازر وعمليات التهجير رغم نفوذها القوي آنذاك. ثم شاركت بشكل مباشر في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إلى جانب فرنسا وإسرائيل، في محاولة لاستعادة نفوذها عبر قناة السويس، ما كشف تقاطع مصالحها مع المشروع الإسرائيلي ضد الحركات التحررية العربية.([118])
تبنّت بريطانيا موقفًا رماديًا خلال حرب 1967، فامتنعت عن إدانة الاحتلال الإسرائيلي رغم توسعه ليشمل الضفة وغزة والقدس والجولان. ورغم انسحابها الرسمي من الملف الفلسطيني، استمرت في تبرير سلوك إسرائيل بحق الدفاع عن النفس، واتبعت لاحقًا سياسة متأرجحة بين النقد المحدود والدعم الضمني، ما أضعف دورها كوسيط سلام.([119])
دعمت بريطانيا إسرائيل خلال انتفاضاتها، وساهمت في تصنيف فصائل المقاومة ضمن قوائم الإرهاب، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. وتذرّعت “بأمن إسرائيل” لدعم بناء الجدار العازل وفرض قيود على المساعدات الموجهة للسلطة الفلسطينية، منخرطة في خلط الصراع الفلسطيني بما سُمّي “بالحرب على الإرهاب”.([120])
عزّزت بريطانيا علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل خلال العقدين الأخيرين، رغم إعلانها دعم حل الدولتين. ولم تمارس أي ضغط حقيقي لوقف الاستيطان، بل استخدمت مواقف ناعمة في المحافل الدولية تتجنب محاسبة إسرائيل. وشهدت مجالات التكنولوجيا والتسليح تعاونًا متصاعدًا، ما رسّخ الانحياز البريطاني.([121])
بلغ الانحياز البريطاني ذروته في السنوات الأخيرة، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في 2021 و2023، إذ برّرت لندن ممارسات إسرائيل بذريعة “حق الدفاع عن النفس”، وتجاهلت الجرائم ضد المدنيين. وعندما اندلعت عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، أعلنت بريطانيا تضامنها الكامل مع إسرائيل، وأرسلت مساعدات استخباراتية ودبلوماسية، متجاهلة الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.([122])
وخلاصه ما سبق، يتضح الترابط المعقد بين الأدوار المحلية والإقليمية والدولية في صراع القضية الفلسطينية الإسرائيلية. فعلى الصعيد المحلي، يمثل الانقسام الفلسطيني العميق بين حركتي حماس، المتبنية للمقاومة الشاملة والرافضة للتسوية مما أدى لعزلتها الدولية رغم تأييد البعض لها، وفتح الساعية للحل السلمي رغم التحديات، عائقًا جوهريًا أمام تحقيق وحدة وطنية لمواجهة المشروع الصهيوني الذي يحظى بدعم قوي من الائتلاف اليميني الإسرائيلي، والذي لعب دورًا محوريًا في تصعيد الحرب الأخيرة وتبرير العنف بدعم من قوى غربية، الأمر الذي يساهم في إطالة أمد الصراع وتقويض فرص الحل العادل. إقليميًا، تتسم مواقف دول مثل مصر والأردن بتحول نحو البراغماتية، حيث أصبحت المصالح الوطنية والأمنية والاقتصادية غالبًا ما تطغى على المواقف المبدئية، مما يضعف دورها كوسيط نزيه ويساهم بشكل غير مباشر في تكريس الانقسام الفلسطيني. بينما تتجه الإمارات نحو المصالح الاقتصادية والتطبيع، تتبنى إيران موقفًا أيديولوجيًا داعمًا للمقاومة الفلسطينية، مما يجعل دورها مثيرًا للجدل. أما على الصعيد الدولي، فتنحاز الولايات المتحدة لإسرائيل، مما يفقدها المصداقية كوسيط، وتركز روسيا على توازن النفوذ، وتتبنى الصين براغماتية وحذرًا، وتستمر بريطانيا في دعم الرواية الإسرائيلية. هذه المواقف المتشابكة للقوى المحلية والإقليمية والدولية، والتي غالبًا ما تحركها مصالح متباينة، تعيق بشكل كبير تحقيق حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما يؤكد على الحاجة الماسة إلى إرادة دولية موحدة تتجاوز هذه المصالح الضيقة من أجل تحقيق العدالة والاستقرار المنشودين في المنطقة.
انفجر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ لحظاته الأولى، مدفوعًا بصراع الإرادات وتعدد الأدوات. تلاحقت المبادرات السياسية، وتغلغلت المصالح الاقتصادية، وتعالت أصوات الدعاية، فيما كانت فوهات البنادق تحسم المشهد في كثير من اللحظات. لم يكن هذا الصراع تقليديًا، بل كان معركة مفتوحة على كل الجبهات: تفاوض، حصار، رصاص، وخطاب. وفي الفصل القادم، سوف نكشف كيف تم توظيف هذه الأدوات المختلفة لإدارة صراع لم يخفت منذ عام 1948 حتى اليوم.
الفصل الثالث
أدوات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تمهيد :
منذ أن فقد الشعب الفلسطيني عنصره السيادي لفترة طويلة، واجه صعوبات في بناء دبلوماسية خاصة به، مما جعله يفتقر إلى الخبرة والأدوات المتاحة للدول الأخرى، رغم تأسيس كيان سياسي معنوي لاحقًا. وبينما راكم الفلسطينيون تجارب نضالية في الميدانين السياسي والعسكري، بقيت خبراتهم الدبلوماسية محدودة، فاعتمدت السلطة الفلسطينية في تحركاتها على أدوات متعددة كالتواصل الثنائي مع الدول الفاعلة، والدبلوماسية المؤسسية نحو الأمم المتحدة، والدبلوماسية البرلمانية لتعزيز الحضور الفلسطيني دوليًا. بالتوازي، لم يكن استخدام الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع مجرد تكتيك عابر، بل شكّل منذ بداية المشروع الصهيوني وسيلة مركزية لتكييف البيئة الفلسطينية، عبر أدوات كالسيطرة على الموارد واستغلال اتفاقيات مثل “بروتوكول باريس” وترويج مفاهيم “السلام الاقتصادي” كبدائل للحلول السياسية. برز أيضًا دور الدعاية كسلاح ناعم وفعّال في تشكيل الرأي العام وحشد الدعم، من خلال الإعلام التقليدي والحديث والفنون والرموز الوطنية، ما جعل الحرب الإعلامية جزءًا أساسيًا من الصراع. أما على صعيد القوة الصلبة، فقد شكّل الاستخدام العسكري الإسرائيلي منذ النكبة مرورًا باجتياح لبنان وحروب غزة، وخاصة “أنفاق 2014″، فصولًا دامية في مسار القضية الفلسطينية، التي ما زالت تتفاقم تحت وطأة التفوق العسكري الإسرائيلي ومعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة في نضاله من أجل حقوقه المشروعة.
المبحث الأول
دور الأداة الدبلوماسية كأداة رئيسية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تُعتبر الدبلوماسية، في جوهرها، فنًا يتطلب مهارة في إدارة العلاقات الدولية وتوجيهها من خلال المفاوضات بين ممثلي الدول، بهدف تعزيز التعاون وتحقيق المصالح المشتركة. ومع ذلك، فإن الشعب الفلسطيني، الذي فقد هذا العنصر السيادي لفترة طويلة، لم يكن لديه دبلوماسية خاصة به، نظرًا لعدم امتلاكه دولة أو كيان سياسي معترف به. وعندما استطاع تأسيس كيانه السياسي المعنوي في وقت متأخر، وجد نفسه يفتقر إلى الخبرة والأدوات والتقاليد الدبلوماسية التي تمتلكها الدول الأخرى، يجب على المحلل أن يأخذ في اعتباره هذه الظروف عند تقييم الوضع، حيث اكتسب الفلسطينيون تجارب وأدوات معقولة في مجالات نضالية أخرى، مثل المجال العسكري من خلال عمليات المقاومة والاشتباكات والحروب، والمجال السياسي من خلال الانخراط في التنظيمات الفلسطينية والقومية والدولية، والمجال التنظيمي من خلال تأسيس الاتحادات والخلايا السرية والعَلَنية، إلا أنهم لم يرثوا من مراحل نضالهم السابقة في المجال الدبلوماسي سوى خبرات تفاوضية بسيطة، تمثلت في الرسائل والوفود والبعثات المتفرقة،كما كانت أدواتهم الدبلوماسية ذات تأثير محدود، حيث اقتصرت على مندوبين ومحامين ونشطاء نقابيين، بالإضافة إلى إمكانيات دبلوماسية متناثرة تجسدت في شخصيات فلسطينية أو عربية ذات أصول فلسطينية عملت في بعثات دبلوماسية لدول شقيقة.
تعتمد السلطة الفلسطينية في مساعيها السياسية والدبلوماسية على مجموعة من الآليات المتنوعة، من بينها التواصل الثنائي مع الدول الفلسطينية ومع دول الاتحاد الأوروبي بشكل منفصل، مما يعزز من جهود الدبلوماسية الفلسطينية. كما توجد دبلوماسية موجهة نحو الأطر الأوروبية، تهدف إلى التأثير على الرأي العام الأوروبي عبر وسائل الإعلام، لدعم مبادرات مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني. وتتواصل السلطة مع منظمات دولية كـ المنتدى الاجتماعي والمدني، التي تعزز مكانة المجتمع المدني وتأثيره على الحكومات الأوروبية. إلى جانب ذلك، تُمارس دبلوماسية برلمانية تستهدف برلمانات الدول الأوروبية لتعزيز دور فلسطين دوليًا.([123])
يخوض الفلسطينيون رحلة شاقة نحو السلام منذ أكثر من أربعين عام من خلال مفاوضات لا تنتهي، بعد أن اختارت قيادة منظمة التحرير، التي تمثل الشعب الفلسطيني، أن تتخلى عن الكفاح المسلح وتتبنى نهجًا سلميًا لتحقيق الاستقلال. ومع ذلك، فإن المعطيات المتاحة حول هذه المفاوضات ونتائجها، بدءًا من الفترة الزمنية التي جرت فيها الجولات التفاوضية، وصولاً إلى المواقف الحالية للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بشأن قضايا الحل النهائي، تشير إلى أن تحقيق استقلال حقيقي للفلسطينيين لا يزال بعيد المنال.([124])
دور الوساطة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي
- الدور المصري
لعبت الوساطة دوراً بارزاً في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، تعتبر مصر من أبرز الدول العربية التي لعبت دوراً بارزاً في هذا السياق ؛ وعلى مر الأزمات التي مرت بها العلاقات المصرية – الإسرائيلية منذ توقيع اتفاق السلام عام 1979 وحتى الآن، أثبتت مصر صدق نواياها نحو السلام ورفضها استخدام السلاح كوسيلة للحوار، كما أن انطلاقها نحو السلام من موقع القوة بعد انتصار أكتوبر لم يكن على حساب القضية الفلسطينية، بل كان نابعًا من إيمانها بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.([125])
من أبرز إنجازات مصر سعيها لانتزاع وثيقة الحكم الذاتي للفلسطينيين خلال مفاوضات كامب ديفيد عام 1978، ودعمها لاتفاقيات أوسلو عام 1993 رغم محدوديتها، واستمرارها في دعم خيارات الشعب الفلسطيني، خاصة خلال انتفاضة 2000. كما حافظت على الحياد بين السلطة وحماس، وعملت على توحيد الصف الفلسطيني. ومنذ 2008، بذلت جهودًا لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على غزة وقدمت مساعدات مالية لتخفيف معاناة سكان القطاع.([126])
- الدور الأوروبي
تزايدت الفجوات بين الدول الأوروبية بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما يحد من قدرة الاتحاد الأوروبي على أداء دوره الدبلوماسي المتوقع. ومع ذلك، تبقى هناك فرص يمكن استغلالها، مثل اضطلاع جوزيب بوريل بدور أوضح في توضيح موقف الاتحاد وتنفيذه، إلى جانب وساطته بين الأطراف المعنية. ورغم التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية، خصوصًا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، لا يزال بإمكان الاتحاد تسهيل الحوار الإقليمي ودعم جهود منع تصعيد الصراع.([127])
- الدور الأمريكي
سعت الولايات المتحدة للعب دور الوسيط في الصراع العربي الإسرائيلي بعد حرب 1967، بالتعاون مع قوى دولية. لكن حرب 1973 شكلت تحولًا حاسمًا، إذ تولت أمريكا زمام المبادرة دبلوماسيًا رغم الانتصار العسكري الإسرائيلي، بعد أن تلقت إسرائيل ضربة نفسية من العرب. كما تسبب الحظر النفطي العربي في أزمة داخلية أمريكية، وازدادت التوترات مع الاتحاد السوفيتي، ما كاد أن يؤدي إلى مواجهة نووية. وشكلت الحرب فرصة للقضية الفلسطينية، إذ اعترفت جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير ممثلًا شرعيًا وحيدًا للفلسطينيين عام 1974.([128])
- مبادرات السلام
شهد الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي العديد من مبادرات السلام، أبرزها اتفاقية كامب ديفيد، ومؤتمر مدريد عام 1991، واتفاقية أوسلو، ومعاهدة وادي عربة بين إسرائيل والأردن عام 1994 لتسوية الخلافات الحدودية. كما برزت مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز وأُقرت في قمة بيروت 2002، والتي دعت لإنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967، وجعل القدس الشرقية عاصمتها، مع انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وحل عادل لقضية اللاجئين.([129])
- قرارات مجلس الأمن
شكّلت قرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار 242 بعد حرب 1967، محورًا أساسيًا في عملية السلام، إذ رسّخ مبدأ “الأرض مقابل السلام” ودعا لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة مقابل سلام شامل. وفي عام 2001، عبّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة عن قلقها من تصعيد العنف، متهمة إسرائيل بعدم الالتزام بالاتفاقات وشن عمليات عسكرية واسعة، بما في ذلك احتلال القدس ومواقع فلسطينية. كما أكدت اللجنة فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات فعالة، مطالبة بتنفيذ تقرير لجنة ميتشل ضمن إطار زمني واستئناف المفاوضات وفق قراري 242 و 338.([130])
المبحث الثاني
تأثير الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
لم يكن استخدام الأداة الاقتصادية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجرد خيار عابر أو تكتيك مؤقت، بل أصبح منذ بداية المشروع الصهيوني أحد الأسس الرئيسية لترسيخ واقع الاحتلال وتكييف البيئة الفلسطينية بما يتماشى مع الأهداف الإسرائيلية. منذ عام 1948، اعتمدت إسرائيل على أدوات السيطرة الاقتصادية كوسيلة لتعميق التبعية الفلسطينية وفرض قيود منهجية على سبل التنمية المستقلة. وقد تطورت هذه السياسات عبر مراحل تاريخية متعاقبة، حيث كان من أبرزها استغلال اتفاقيات مثل “بروتوكول باريس” وترويج مفاهيم “السلام الاقتصادي” كبدائل شكلية للحلول السياسية الحقيقية. في هذا السياق، يهدف هذا المبحث إلى تحليل كيفية تم استخدام الأداة الاقتصادية كوسيلة لإدارة الصراع، وتقييم آثارها الفعلية على الواقع الفلسطيني، خاصة في ظل مشاريع التطبيع الإقليمي والمبادرات الدولية التي سعت إلى استخدام الاقتصاد كأداة للتهدئة دون معالجة الأسباب السياسية الجذرية للصراع.
اقتصاد الاحتلال : مصادرة الأرض وخنق التنمية الفلسطينية
اتبعت إسرائيل منذ عام 1948 سياسات اقتصادية تهدف إلى تعزيز استقلالها الذاتي على حساب الاقتصاد الفلسطيني، مما ساهم في تعميق جذور الصراع. فقد صادرت السلطات الإسرائيلية مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية واستثمرتها في تطوير الزراعة والصناعة الإسرائيلية، بينما حُرم الفلسطينيون من حقوقهم في الأرض والتنمية. لم يكن المشروع الصهيوني مجرد مشروع سياسي أو عسكري، بل كان بالأساس مشروعًا اقتصاديًا استيطانيًا استبداليًا، سعى إلى بناء اقتصاد يهودي مستقل دون الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والتنموية للفلسطينيين. وقد أسهم الدعم الدولي، خصوصًا من الولايات المتحدة وألمانيا الغربية، في تمويل هذا المشروع وترسيخ أركانه. في المقابل، تعرض الفلسطينيون داخل الخط الأخضر لسياسات تهميش ممنهجة فرضت قيودًا على فرص العمل والتعليم والاستثمار، فيما ظل اللاجئون الفلسطينيون في الدول المجاورة يعتمدون على الإغاثة الدولية دون رؤية تنموية حقيقية. وهكذا، شكل الاقتصاد أداة مركزية في ترسيخ واقع الاحتلال وتعميق مأساة الفلسطينيين.([131])
نموذج السلام الاقتصادي الإسرائيلي
روّجت إسرائيل منذ مطلع الألفية لمفهوم “السلام الاقتصادي” كبديل للحلول السياسية، متجنبة معالجة قضايا جوهرية كقضية اللاجئين والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967. اعتمد هذا النهج على تحسين محدود للظروف المعيشية للفلسطينيين مع الإبقاء على السيطرة الاستعمارية، وكرّسه “بروتوكول باريس” الذي عمّق تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي. تبنّى بنيامين نتنياهو هذا النموذج، معتبرًا أن تحسين حياة الفلسطينيين قد يقلل احتمالات المقاومة، كما استُخدم لتطبيع العلاقات مع العالم العربي بعيدًا عن الالتزامات السياسية. غير أن النتائج جاءت عكسية، إذ تعمقت التبعية الاقتصادية، وتدهورت القطاعات الإنتاجية، واتسعت الفجوة الاجتماعية، مما جعل “السلام الاقتصادي” أداة لإدامة الاحتلال وتثبيت استقرار زائف يخدم المصالح الإسرائيلية.([132])
عاد موضوع “السلام الاقتصادي” إلى الواجهة بقوة بعد عام 2020، خاصة بين عامي 2020 و2024، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي في عام 2024 عن تقديم مساعدات كبيرة للسلطة الفلسطينية بهدف تعزيز قدرتها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها غزة. وقد وصف وزير الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” الوضع في غزة والضفة الغربية بأنه كارثي، مؤكدًا أن الحل المستدام يتطلب إقامة دولتين تعيشان بسلام. من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشددة على عدم وجود أي مبرر لعرقلتها([133])
بروتوكول باريس 1994
وقع بروتوكول باريس في 29/4/1994 بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ضمن إطار اتفاق أوسلو، بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية. لكنه أدى عمليًا إلى تعزيز تبعية الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل، إذ ظلت السيطرة الإسرائيلية قائمة عبر التحكم بالواردات والصادرات، وفرض الشيكل عملة رسمية، وربط معظم التجارة الفلسطينية بالاقتصاد الإسرائيلي. فشل البروتوكول في خلق بيئة اقتصادية متوازنة، حيث تجاوزت الواردات غير المباشرة عبر وسطاء إسرائيليين 70٪ من إجمالي الواردات، مما قوض سيطرة السلطة الفلسطينية على تجارتها. ومع تصاعد القيود والإغلاقات، تراجعت الصادرات وازداد العجز التجاري، ليعتمد الاقتصاد الفلسطيني على المساعدات الخارجية بدلًا من التنمية الذاتية، مما عمق هشاشته وربطه بالقرار الإسرائيلي.([134])
خطة كيري الاقتصادية : محاولة لتحريك السلام عبر دعم الاقتصاد الفلسطيني
سعى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري عام 2013 إلى استخدام الأداة الاقتصادية لتعزيز جهود التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عبر خطة بقيمة أربعة مليارات دولار لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية، من خلال جذب الاستثمارات، وتعزيز السياحة، وتطوير مشروعات البنية التحتية، بتكليف من توني بلير، ممثل اللجنة الرباعية الدولية. رُوج للخطة باعتبارها الأكبر منذ اتفاق أوسلو، حيث قُدر أنها قد ترفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات، وتخفض البطالة من 21% إلى 8%، مع زيادة الرواتب بنسبة 40%، خاصة في قطاع الإسكان المتوقع أن يخلق أكثر من مئة ألف وظيفة. ورغم الطموحات الكبيرة، ظل نجاح الخطة مرهونًا بتعقيدات سياسية وإجرائية، لا سيما مع تأخر المساعدات نتيجة الخلافات السياسية عقب المساعي الفلسطينية لنيل اعتراف دولي.([135])
طرحت الولايات المتحدة “ورشة المنامة” في يونيو 2019، بإشراف جاريد كوشنر، كجزء من الجانب الاقتصادي لصفقة القرن، بهدف جذب استثمارات بقيمة خمسين مليار دولار لتنمية الأراضي الفلسطينية ودول مجاورة. ركزت الخطة على مشاريع مثل إنشاء ممر نقل بين الضفة وغزة وتوفير مليون فرصة عمل، مع اعتبار النمو الاقتصادي وسيلة لتهدئة الصراع. غير أن الورشة تجاهلت القضايا السياسية الأساسية كالاحتلال والحدود وحق العودة، ما قوبل برفض فلسطيني واسع، إذ قاطعت السلطة الفلسطينية الورشة واعتبرتها محاولة لتجاوز الحقوق الوطنية. وأكد محمد اشتية أن الخطة ساقطة شرعيًا ولا تلبي الطموحات الفلسطينية، بينما شهدت غزة احتجاجات شعبية رفضًا لما اعتُبر محاولة لشراء الحقوق الفلسطينية بأموال مشروطة. وأثبتت التجربة أن الاقتصاد، دون حل سياسي عادل، لا يمكن أن ينهي الصراع.([136])
من المقاطعة إلى التطبيع : تحولات الدعم العربي للقضية الفلسطينية
استخدمت الدول العربية سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد المشروع الصهيوني منذ 1945 لإضعاف اقتصاد إسرائيل ومنع الهجرة، لكنها لم تنجح بالكامل بسبب استمرار بعض التبادلات التجارية. ومع توقيع اتفاقيات مثل أوسلو 1993 ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية 1994، تراجعت المقاطعة تدريجيًا، وبدأت الشركات العالمية دخول السوق الإسرائيلي. شكلت اتفاقيات أبراهام 2020 تحولًا نحو التطبيع الاقتصادي، أبرزها اتفاقية التجارة الحرة بين الإمارات وإسرائيل عام 2022. بالمقابل، قدمت دول عربية دعمًا ماليًا كبيرًا للفلسطينيين، لكنه تراجع منذ 2020 مع تغير الأولويات السياسية.([137])
الأونروا بين دعم اللاجئين ومحاولات التصفية السياسية
لعبت وكالة الأونروا دورًا اقتصاديًا حيويًا منذ تأسيسها عام 1949، بتقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة لما يقرب من ستة ملايين لاجئ فلسطيني، خاصة خلال الأزمات والحصار، مما جعلها عنصر استقرار يومي وحافظًا للبعد السياسي لقضية اللاجئين. إلا أن الوكالة واجهت أزمة مالية غير مسبوقة مع بداية عام 2024، بعد اتهامات إسرائيلية بمشاركة بعض موظفيها في هجمات 7 أكتوبر 2023، مما دفع دولًا مانحة رئيسية إلى تعليق دعمها. أسفر ذلك عن تقليص كبير في خدمات الأونروا، ما عرض حياة اللاجئين لمخاطر معيشية وفتح المجال لفراغ اقتصادي واجتماعي قابل للاستغلال سياسيًا. وهكذا، تجاوزت الأزمة بعدها المالي لتصبح تهديدًا استراتيجيًا لحق العودة، في سياق محاولات تصفية القضية الفلسطينية.([138])
المبحث الثالث
تأثير الأداة الدعائية في تشكيل مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تبرز دور الأداة الدعائية كقوة مؤثرة وحاسمة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث تتجاوز وظيفتها مجرد نقل المعلومات لتصبح سلاحًا فعالًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوك. يستخدم كلا الطرفين هذه الأدوات لتشويه صورة الخصم، وتبرير أعماله، وحشد الدعم لقضاياه الوطنية. تتنوع وسائل الدعاية المستخدمة، بدءًا من وسائل الإعلام التقليدية وصولًا إلى وسائل الإعلام الحديثة والفنون والرموز الوطنية، وتلعب وسائل الإعلام الحديثة دورًا متزايد الأهمية في هذا الصراع، حيث تسمح بنشر المعلومات والآراء بسرعة وفعالية، وتصل إلى جمهور واسع في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يواجه كلا الطرفين تحديات في استخدام الدعاية، حيث يجب عليهما التغلب على مصداقية الطرف الآخر، والوصول إلى جمهور متنوع، وتجنب ردود الفعل السلبية. إن الصراع الإعلامي هو جزء لا يتجزأ من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويؤثر بشكل كبير على كيفية فهم العالم لهذا الصراع.
الدعاية الإسرائيلية : سلاح استراتيجي لقلب الحقائق وتزييف الوعي
تعتبر الدعاية سلاح قديم استخدمته الدول للتأثير على الرأي العام، وقد زاد تأثيرها مع التطور التكنولوجي. في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، استخدم الاحتلال الإسرائيلي الدعاية بشكل مكثف منذ نشأته، بل وقبلها بعقود في الترويج للفكرة الصهيونية، حيث وظف النظريات الحديثة في علم النفس والاجتماع والإعلام لتعميق تأثيره على الجماهير. أنشأ الاحتلال الإسرائيلي منظومة إعلامية متنوعة لتمرير مخططاته وتبرير اعتداءاته، شملت الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، واستغل مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء ما يزيد عن 60 صفحة لجذب الجماهير العربية وتأييد مواقفه. هدفت الدعاية الإسرائيلية إلى قلب الحقائق وتزييفها لتهيئة الرأي العام لتقبل سلوكه السياسي والعسكري وخلال الحروب المستمرة على قطاع غزة، استخدم الاحتلال مواقع التواصل الاجتماعي لبث رسالته الدعائية للعالم العربي والدولي، وتأكيد حقه في الدفاع عن نفسه وتبرير عدوانه.([139])
الإعلام الغربي والانحياز لإسرائيل في إخفاء الحقيقية
تخلت غالبية وسائل الإعلام الغربية عن المهنية وأظهرت ازدواجية معايير فاضحة في تغطيتها للعدوان على غزة، إذ ركزت بشكل أحادي الجانب على عمليات القتل التي تدعي إسرائيل أن حماس ارتكبتها، متجاهلة سياق الاحتلال الإسرائيلي والقمع المستمر للفلسطينيين. وعند تغطية قصف المستشفيات والضحايا المدنيين الفلسطينيين، عمدت معظم هذه الوسائل إلى إخفاء أو تضليل مصدر القصف والتدمير. بل وصل الأمر إلى حذف تهديدات قادة الاحتلال العلنية بإبادة غزة وسكانها، وتجاهل التصريحات العنصرية والإجرامية الواضحة حول جرائمهم، في انتهاك صارخ لأخلاقيات مهنة الصحافة وتستر سافر على جرائم إسرائيل.([140])
أثار انحياز وسائل الإعلام الغربية لإسرائيل استياءً واسعًا، حيث وقّع أكثر من 750 صحفيًا خطابًا مفتوحًا يدين قتل الصحفيين في غزة وينتقد التغطية المتحيزة، محملين غرف الأخبار مسؤولية اللغة التي تبرر التطهير العرقي. وكشف الخطاب عن انقسامات داخل المؤسسات الإعلامية، وسط طرد بعض الصحفيين لمواقفهم. ولم يقتصر الانحياز على الإعلام التقليدي، بل شمل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حذف “فيسبوك” وحده أكثر من 795 ألف منشور مؤيد لفلسطين، ما أثار موجة انتقادات رغم محاولات القمع.([141])
دور التلفزيون الفلسطيني في تعزيز الهوية الوطنية وتوعية الأجيال في ظل الاحتلال
في ظل النكبات والاحتلال المستمر الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني عبر الزمن، كان للإعلام دوراً فعالاً في زيادة وعي الشعب بقضاياه وهويته من خلال إلقاء الضوء على تاريخه وثقافته وكفاحه، مما يبرز أهمية المحافظة على التراث والهوية. تناولت دراسة دور التلفزيون الفلسطيني منذ نكبة عام 1948، مشددة على ضرورة وجود برامج خاصة تهدف إلى تعريف الفلسطينيين بوطنهم وشعبهم وتراثهم وتاريخهم. ورغم ذلك، بيّنت الدراسة أن التلفزيون الفلسطيني ما زال محدود التأثير في المشهد العام بسبب توافق سياسته مع خطاب السلطة، مما يُضعف جاذبيته خاصة بين الشباب العربي. ولتحسين هذا الدور، يقترح البحث إدخال تغييرات منهجية لمعالجة أسباب ابتعاد الشباب الفلسطيني عن متابعته، وذلك عبر تقديم برامج وخطاب سياسي شامل يعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية الوطنية، وبالتالي جذب اهتمام الشباب إليه.([142])
في إطار تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية، يلعب التلفزيون دورًا أساسيًا في توعية الأجيال الشابة بقضاياهم ونقل آرائهم بوضوح، مما يعزز شعور الانتماء والانتماء الوطني. يتحقق ذلك عبر إنتاج برامج متنوعة، خاصة البث المباشر الذي يقدم منصة لجميع فئات المجتمع، وخاصة الشباب، للتعبير عن آرائهم. رغم التحديات التي قد تعترض هذا الدور، مثل “الحرية العمياء” التي ربما تؤدي إلى نفور الجمهور، يتمكن التلفزيون الفلسطيني من الإسهام بفاعلية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال اعتماد خطة برامجية تهدف إلى تقليل الانقسامات الداخلية، التركيز على القضايا الوطنية العامة، توضيح مفهوم المصلحة الوطنية، رفع الوعي بمخاطر الاحتلال على كافة المستويات، تغطية الأحداث الوطنية بشكل متكامل، دعم تحقيق الوحدة الوطنية، متابعة قضايا المواطنين، تعزيز الفخر بالرموز الوطنية، الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وتشجيع المشاركة المجتمعية النشطة.([143])
الرموز الثقافية والخطاب الدعائي في النضال الفلسطيني
تتنوع رموز النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتتطور مع مرور الوقت لتكون بمثابة أدوات دعائية قوية في مواجهة محاولات طمس الهوية الفلسطينية. فالبطيخ، الذي مُنع استخدامه عام 1967 بعد حرب 1967 لتشابه ألوانه مع العلم الفلسطيني، تحول إلى رمز للتحدي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987 – 1993، وعاد للظهور في رسومات الفنانين ووسائل التواصل الاجتماعي خلال العدوان على غزة المُسمى بطوفان الاقصى عام 2023. ومفتاح العودة، الذي حمله المهجرون قسراً منذ النكبة عام 1948، يجسد حقهم في العودة، وقد أطلقت حملات مثل “جهزوا مفاتيحكم” في قطر والكويت للتأكيد على هذا الحق. أما الكوفية، التي استخدمها الفلاحون لإخفاء هويتهم عن المستعمرين البريطانيين خلال ثورة 1936 – 1939، فقد أصبحت رمزاً للمقاومة والهوية الوطنية، يرتديها الفلسطينيون في كل مكان.([144])
- حنظلة رمز الصمود
يجسد “حنظلة”، الذي ابتكره ناجي العلي عام 1987، رمزًا للصمود الفلسطيني، حيث بقي الطفل في العاشرة من عمره معبرًا عن توقف الزمن عند لحظة ضياع الوطن، ولن يكبر إلا بعودة فلسطين. كما تمثل الحجارة، التي اقترنت بالانتفاضة الأولى، قوة الشعب الأعزل في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية. أما “الدحية”، الرقصة الشعبية التقليدية، فقد أصبحت وسيلة للتعبير عن الهوية الفلسطينية في المحافل الدولية. وتُعد هذه الرموز ركائز أساسية في النضال الفلسطيني وأدوات فاعلة في صون الهوية وتعزيز الدعم للقضية.([145])
- أبو عبيدة قائد سلاح الحرب الدعائية
يُعد “أبو عبيدة”، المتحدث الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام، من أبرز الشخصيات التي استخدمت الدعاية ببراعة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لاسيما خلال معركة كشف من خلالها عن بطولات المقاومة وفضح جرائم الاحتلال، مما هزّ أركان الرواية الإسرائيلية. لم يقتصر دوره على سرد الحقائق، بل اعتمد أساليب إقناعية فعّالة، جمعت بين المنطق والإحصاءات الموثقة، والعاطفة الجياشة التي استنهضت همم الفلسطينيين وأشعلت حماسهم للنضال. كما استهدف برسائله الأحرار حول العالم، داعيًا إلى دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الرواية الصهيونية. واستطاع من خلال هذه الأدوات أن يحوّل كلماته إلى سلاح في معركة الوعي، يزرع الخوف في قلوب جنود الاحتلال، ويعزز ثقة الجماهير بالمقاومة الفلسطينية وعزيمتها التي لا تلين.([146])
الدعاية الإسرائيلية خلال عدوان 2023 ( عملية طوفان الأقصى )
شهد عدوان عام 2023 تصعيدًا غير مسبوق في شراسة الهجمات الإسرائيلية، حيث استخدم الاحتلال الحصار والتجويع ومنع العلاج لمعاقبة سكان غزة، إلى جانب توظيف الدعاية لتجميل صورته وتبرير انتهاكاته. أنشأ الاحتلال صفحات على مواقع التواصل لاستمالة الجماهير العربية وتبرير عدوانه، مروّجًا لروايات تُظهره كضحية وتُشوّه صورة الفلسطينيين، مستخدمًا تقنيات دعائية تقوم على قلب الحقائق وتزييف الوقائع وتمرير مخططاته. وتنوّعت موضوعات دعايته بين تبرير العدوان، وتشويه الفلسطينيين، واستعطاف العالم، عبر مصطلحات وأساليب تُشرعن أفعاله وتُجمّلها.([147])
استغل الكيان الصهيوني الإعلام كسلاح فتاك لنشر أيديولوجياته وتضليل الرأي العام الغربي، وذلك عبر سيطرته الواسعة على وسائل الإعلام وتوجيه “صناعة الرأي العام”. لكن، خلال العدوان الوحشي على غزة، أظهر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قدرة فائقة على نقل الحقائق المجردة من التزييف، فبثوا مباشرة صور القصف والتدمير والقتل والتجويع الذي مارسته آلة الحرب الإسرائيلية، وكشفوا زيف الدعاية الإسرائيلية التي روجت لأحداث 7 أكتوبر 2023. ونجحت الكاميرات والهواتف المحمولة والمراسلون في توثيق الجرائم الجماعية والمجاعة الإنسانية والكارثة الصحية التي حلت بالقطاع، ليتحول الإعلام بذلك إلى سلاح فعال في مواجهة الادعاءات الإسرائيلية.([148])
المبحث الرابع
دور الأداة العسكرية في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي العديد من الأحداث الهامة والمحورية التي أثرت بشكل كبير على مسار الصراع في إطار الأداة العسكرية، يمكننا ملاحظة تأثير حروب 1948 و1967 واجتياح اسرائيل للبنان ١٩٨٢ وتوابع حرب ٢٠١٢، ٢٠١٤، 2016، 2021، 2023 على تعقيدات الصراع وهذه الحروب أدت إلى تغييرات جذرية في الوضع السياسي والعسكري في المنطقة، إضافة إلى ذلك، اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية كان له تأثير كبير على ديناميكية الصراع اما في الوقت الحالي، تُرتكب إسرائيل أعمال إبادة وتهجير للفلسطينيين، مما يزيد من تعقيدات الوضع ويجعل الحل أكثر صعوبة.
حرب فلسطين 1948 النكبة
مثّلت الأداة العسكرية في حرب 1948 نقطة تحول حاسمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث استخدمت العصابات الصهيونية القوة لإعلان قيام “دولة إسرائيل” والسيطرة على نحو 77% من أرض فلسطين بعد هزيمة الجيوش العربية. كما لعبت دورًا أساسيًا في تنفيذ عمليات تطهير عرقي، أدت إلى تشريد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني وتهجير عشرات الآلاف داخل الأرض المحتلة. لم تكن الأداة العسكرية وسيلة دفاع، بل أداة هجومية لتغيير الواقع الديمغرافي والسياسي، ما أدى إلى تمزيق المجتمع الفلسطيني وفرض واقع ما زال يشكل جوهر الصراع حتى اليوم.([149])
حرب يونيو 1967 النكسة
مثّلت الأداة العسكرية في حرب 1967 نقطة تحول حاسمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث فرضت إسرائيل واقعًا جغرافيًا واستراتيجيًا جديدًا باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضٍ عربية أخرى، ما عزز قوتها بسيطرتها على مصادر مياه ومضائق استراتيجية. في المقابل، شكّلت الهزيمة دافعًا لبروز الكفاح المسلح الفلسطيني، وظهور “فتح” كرمز للهوية الوطنية، مع تحوّل الأداة العسكرية إلى وسيلة مقاومة بعد تراجع دور الجيوش العربية، لتصبح عنصرًا دائمًا في إدارة الصراع.([150])
حرب لبنان الأولى 1982
أبرزت حرب 1982 في لبنان دور الأداة العسكرية كوسيلة رئيسية لإسرائيل في إدارة الصراع، حيث هدفت إلى إنهاء الوجود المسلح لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال اجتياح شامل. وعلى الرغم من تحقيق إنجازات عسكرية، كإخراج المنظمة من بيروت، فإن إسرائيل فشلت في تحقيق مكاسب سياسية دائمة، خاصة بعد اغتيال بشير الجميل وانهيار اتفاق 17 أيار. كما أن الاحتلال الطويل للجنوب اللبناني تسبب بخسائر بشرية كبيرة، وانتهى بانسحاب أحادي في عام 2000، ما عُدّ إخفاقًا استراتيجيًا. في المقابل، ساهمت نتائج الحرب في صعود “حزب الله” كقوة مقاومة غير تقليدية، طورت قدراتها بشكل نوعي، وغيّرت طبيعة الصراع نحو حروب غير متناظرة أقل قابلية للحسم العسكري.([151])
حرب لبنان الثانية 2006
أبرزت حرب تموز 2006 تحوّلًا في دور الأداة العسكرية ضمن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ لم تعد المواجهة تقتصر على الجيوش النظامية، بل برزت التنظيمات غير النظامية، كحزب الله والمقاومة الفلسطينية، كلاعبين مؤثرين. أظهرت تجربة حزب الله قدرة التنظيمات المسلحة على إلحاق أذى بالغ بجيوش متفوقة عبر تكتيكات غير تقليدية وأسلحة نوعية، ما دفع المقاومة الفلسطينية إلى تبني هذا النموذج وتطوير ترسانة صاروخية وبنية تحتية قتالية. في المقابل، عملت إسرائيل على تعزيز دفاعاتها الجوية والتقنيات السيبرانية لمواجهة التهديدات الجديدة. وهكذا أصبحت الأداة العسكرية وسيلة مزدوجة: تكنولوجية متقدمة لدى إسرائيل، وغير متكافئة ومرنة لدى المقاومة، مما زاد من تعقيد وكلفة الصراع.([152])
حرب غزة 2008
لعبت الأداة العسكرية دورًا محوريًا في حرب غزة 2008–2009، حيث سعت إسرائيل لفرض واقع أمني جديد، وإضعاف حماس، واستعادة الردع، وتحقيق مكاسب سياسية داخلية، إلى جانب تجربة أسلحة وتكتيكات جديدة، من خلال عمليات جوية وبرية مكثفة مدعومة بمعلومات استخباراتية. ورغم الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين، لم تحسم المعركة. في المقابل، اعتمدت المقاومة، بقيادة كتائب القسام، على استراتيجية دفاعية وعمليات نوعية، وأطلقت مئات الصواريخ، ما كبّد إسرائيل خسائر وأربك خططها. استخدم الطرفان القوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية وميدانية، ما جعل الحرب نموذجًا لتوظيف الأداة العسكرية في إدارة الصراع.([153])
حرب غزة 2012
لعبت الأداة العسكرية دورًا حاسمًا في حرب 2023 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. اعتمدت إسرائيل على قوتها المتطورة، كالقبة الحديدية والضربات الجوية، لاستعادة الردع وإعادة الاستقرار في الجنوب، بينما ردّت الفصائل، بقيادة كتائب القسام، بإطلاق أكثر من 1500 صاروخ، مستهدفة تل أبيب والقدس، ما أظهر قدرتها على إيذاء إسرائيل. سعت المقاومة لتعزيز شرعيتها، وإبراز قوتها، وفرض هدنة بشروطها، أبرزها تخفيف الحصار. في المقابل، هدفت إسرائيل لتدمير قدرات الفصائل وتعزيز موقفها الداخلي قبيل الانتخابات. مثّلت الحرب اختبارًا لقدرات الطرفين، إذ تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة، فيما نجحت الفصائل في فرض توازن رعب غيّر من معادلات إدارة الصراع.([154])
حرب غزة 2014
في حرب غزة 2014، سعى كل من الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية لتحقيق أهداف استراتيجية عبر القوة المسلحة. إسرائيل هدفت لتعزيز تماسك حكومتها، دعم تحالف مناهض للإسلام السياسي، إفشال المصالحة الفلسطينية، وتقويض المقاومة عبر حرب دورية تفرض اتفاقًا لنزع سلاح غزة، مستخدمة ضربات جوية ثم هجومًا بريًا بثلاثة محاور لتدمير الأنفاق. أما المقاومة، بقيادة كتائب القسام، فوظّفت الأداة العسكرية لفرض معادلة ردع جديدة، من خلال عمليات نوعية وصواريخ طويلة المدى أربكت إسرائيل. تحولت الحرب إلى وسيلة لإدارة الصراع، بين محاولة إسرائيل فرض شروطها بالقوة، وسعي المقاومة لتكريس معادلات ميدانية وسياسية من موقع الندية.([155])
حرب غزة 2021
في حرب غزة 2021، سعى الطرفان لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز المعركة الميدانية. استخدمت إسرائيل قوتها العسكرية لاستعادة الردع وتدمير قدرات الفصائل، لكنها واجهت مأزقًا استخباراتيًا ومحدودية في بنك الأهداف. في المقابل، أظهرت الفصائل الفلسطينية تطورًا نوعيًا باستخدام صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة وغواصات موجهة، وأدارت المعركة بفعالية، مؤكدة حضورها السياسي وربط المعركة بالقدس. ورغم بعض المكاسب التكتيكية، كشفت الحرب عن حدود الأداة العسكرية، التي بقيت وسيلة لإدارة الصراع لا لحسمه، في ظل تحديات إعادة الإعمار والتوازن الأمني والضغوط السياسية.([156])
حرب غزة 2023 طوفان الأقصى
عكست عملية “طوفان الأقصى” تحولات كبيرة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث لعبت الأداة العسكرية دورًا محوريًا في إدارة الصراع. فلسطينيًا، أعادت العملية القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، وأسهمت في تعزيز الوعي بها لدى الأجيال الجديدة، واستخدمت كوسيلة للضغط على إسرائيل لتحرير الأسرى، وإفشال مشاريع كـ”صفقة القرن” والتطبيع. كما عززت مكانة حماس وأظهرت قوة محور المقاومة بأساليبه القتالية غير التقليدية. إسرائيليًا، كشفت العملية عن تآكل الردع، وفشل استخباري وعسكري كبير، وزادت الكلفة البشرية والمادية، مما فاقم الضغوط الداخلية على الحكومة. بالمجمل، شكّلت العملية نموذجًا لاستخدام الأداة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية، وأبرزت ضعف أداء الجيش الإسرائيلي في مواجهة المقاومة.([157])
التصعيدات العسكرية
أولًا : الاغتيالات
منذ تأسيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في ديسمبر 1987، كانت قياداتها السياسية والعسكرية هدفًا للاغتيالات التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي داخل وخارج فلسطين. كان على رأس قائمة الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين 2004 ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية 2024 ويحيى السنوار 2024 ومحمد الضيف 2025.
- الشيخ أحمد ياسين
اعتقلت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين عدة مرات، وكان آخرها في 1989، حيث حكم عليه بالسجن المؤبد قبل أن يُفرج عنه بصفقة تبادلية بين الأردن وإسرائيل بعد محاولة اغتيال مشعل عام 1997. ورغم محاولات إسرائيل لتصفيته، نجحت في اغتياله في مارس 2004، عندما استهدفته مروحية أباتشي وهو على كرسيه المتحرك بعد صلاة الفجر في غزة، مما أسفر عن استشهاده مع 7 من رفاقه وجرح اثنين من أبنائه، وكان عمره 68 عامًا.([158])
- إسماعيل هنية
تعرض إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لمحاولات اغتيال متعددة من قبل إسرائيل، إذ أُصيبت يده في سبتمبر 2003 إثر غارة جوية استهدفت عدداً من قادة الحركة، كما قصفت إسرائيل منزله في قطاع غزة عدة مرات خلال حروبها على القطاع بهدف اغتياله. وفي تطور خطير، أعلنت حركة حماس صباح يوم 31 يوليو 2024 تصفية هنية في غارة استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان يزور إيران للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، مما يعكس تصعيداً غير مسبوق في استهداف قادة المقاومة خارج الأراضي الفلسطينية.([159])
- يحي السنوار
نشر الجيش الإسرائيلي في يوم الخميس 17 أكتوبر 2024 وجهاز الشاباك بياناً مشتركاً أعلنا فيه قتل 3 أشخاص في عملية نفذها الاحتلال في قطاع غزة وقال البيان إن الجيش وجهاز الشاباك يحققان في احتمال مقتل السنوار لعدم التمكن من الجزم في هذه المرحلة بشأن هوية الأشخاص المستهدفين فيها وذكرت القوات الإسرائيلية استمرار عملية التأكد من فحص الحمض النووي الذي لديها منذ أن كان قائد حماس معتقلا لديها، ويوم الجمعة 18 أكتوبر نعت حركة حماس قائدها يحيى السنوار، وأكدت استشهاده. وقال القيادي في الحركة خليل الحية في كلمة مصورة بثتها قناة الجزيرة أن السنوار استشهد في مواجهة مع جنود الاحتلال.([160])
- محمد الضيف
حاولت إسرائيل اغتيال محمد الضيف 7 مرات فاشلة، وهو يعد أبرز المطلوبين لديها. من أشهر محاولاتها كانت في سبتمبر 2002، عندما قصفت مروحيات إسرائيلية سيارات في حي الشيخ رضوان بغزة، حيث نجا الضيف بأعجوبة لكنه أصيب إصابة جعلته مشلولًا ويعتمد على كرسي متحرك.([161])
أعلنت حماس في أغسطس 2023 استشهاد زوجة محمد الضيف وابنه في غارة إسرائيلية استهدفته. وفي 13 يوليو 2024، شن الاحتلال غارات على المواصي في خان يونس مستهدفًا الضيف، لكن حماس نفت وجوده واعتبرت الهجوم محاولة لتغطية المجزرة. وفي 30 يناير 2025، نعى أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، محمد الضيف وعددًا من القادة الآخرين.([162])
ثانيًا : الإبادة
تعمدت السلطات الإسرائيلية فرض أوضاع حياتية مُصممة لإبادة جزء من السكان في غزة وذلك عبر حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الحصول على المياه بشكل كافٍ مما أدى إلى آلاف الوفيات وتتحمل السلطات الإسرائيلية بهذا الفعل المسؤولية عن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة وعن أفعال الإبادة الجماعية وقد يَرتقي هذا النمط من السلوك إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين كانوا يرغبون في تدمير فلسطين في غزة إلى جريمة الإبادة الجماعية وقال هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم أن السلطات الإسرائيلية تتعمد حرمان المدنيين الفلسطينيين في غزة من المياه الكافية منذ أكتوبر 2023 مما أدى على الأرجح إلى وفاة الآلاف وفي التقرير الصادر في 179 صفحة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية تعمد إسرائيل حرمان الفلسطينيين في غزة من المياه، وجدت هيومن رايتش ووتش أن السلطات الإسرائيلية منعت الفلسطينيين في غزة عمدًا من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة لحدٍ أدنى لبقاء الإنسان على قيد الحياة.([163])
بعد الهجمات التي شنتها الفصائل المسلحة الفلسطينية بقيادة حماس في 7 أكتوبر 2023، التي اعتبرتها هيومن رايتس ووتش جرائم حرب، باشرت إسرائيل بوقف الكهرباء والوقود عن قطاع غزة. وفي 9 أكتوبر، أعلن وزير الدفاع يوآف غالانت حصاراً شاملاً لغزة، حيث منعت إسرائيل دخول المياه، الوقود، والغذاء والمساعدات الإنسانية. كما قامت بتخريب نظام الرعاية الصحية في غزة، مما أدى إلى تفشي الأمراض المرتبطة بالمياه والجفاف والجوع، وأصاب مئات الآلاف.([164])
خلاصة ما سبق، يتشابك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع احتياجات إنسانية أساسية كالأمن والهوية والسلطة، ما يجعل جهود السلام معقدة ويحوّل الهدن إلى أدوات لإدارة الصراع بدلًا من حلّه، خاصة في ظل تحديات سياسية وإنسانية تعرقل التسوية وتستلزم جهودًا إقليمية ودولية مضاعفة. وقد بيّنت التجربة أن الأدوات الاقتصادية، مثل بروتوكول باريس، لم تحسن حياة الفلسطينيين بل عمقت التبعية للاحتلال، بينما عزز “السلام الاقتصادي” وهم الاستقرار دون معالجة جوهر الصراع وحقوق الفلسطينيين. كما ارتبطت التحركات الدولية والعربية بالمصالح السياسية، ما أضعف فعاليتها، لتظل التنمية الاقتصادية أداة لفرض الأمر الواقع في غياب الربط بينها وبين التحرر. وباستعراض محطات الصراع من نكبة 1948 إلى طوفان الأقصى وما تبعه من إبادة، يتضح أن المأساة مستمرة، ما يفرض الحاجة إلى حل جذري وعادل يضمن الحقوق الفلسطينية كاملة، ويُنهي الاحتلال عبر جهود إقليمية ودولية تضمن حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، إذ إن تجاهل جذور الصراع سيُبقي حالة اللااستقرار قائمة.
الخاتمة
بعد استعراض هذه الدراسة المتكاملة حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يمكن القول إننا تناولنا هذا الموضوع من جميع جوانبه من خلال خطة بحثية منهجية، بدأت بمقدمة بيّنا فيها أهمية الصراع باعتباره من أكثر الصراعات تعقيدًا في العصر الحديث، وما يمثله من تهديد مستمر للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، حيث برزت أهمية الدراسة من خلال تسليط الضوء على البعد التاريخي والسياسي للصراع وتحليل تأثيراته المتعددة على مختلف الأطراف. وقد انطلقت الدراسة من إشكالية محورية تمثلت في فهم أبعاد هذا الصراع وآلياته المتغيرة، مع تحديد أهداف البحث في تحليل مراحل تطور الصراع والعوامل المؤثرة فيه، معتمدين على منهج علمي يجمع بين المنهج التاريخي والاستقرائي لتقديم رؤية شاملة، ضمن حدود زمانية ومكانية واضحة وأدوات منهجية مناسبة لجمع وتحليل البيانات. وفي الإطار التمهيدي، تناولنا المفاهيم والنظريات المرتبطة بالصراع وأسباب استمراريته، وعلاقته بمفاهيم كالأزمة والحرب. وتناول الفصل الأول مراحل تطور الصراع من 1948 إلى 2024، مستعرضين أبرز الأحداث والتحولات، بينما ركز الفصل الثاني على القوى المؤثرة في الصراع، سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الإقليمية والدولية، ودورها في التأثير على مسار التسوية. أما الفصل الثالث، فقد تناول أدوات إدارة الصراع، بما يشمل الأدوات السياسية والعسكرية والدبلوماسية، إضافة إلى الأبعاد الاقتصادية والإعلامية ودور القوى الكبرى في توجيه مساراته. وفي الختام، خلصت الدراسة إلى أن استمرار الصراع يعود إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية، وتضارب مصالح القوى الدولية، والتحديات البنيوية لدى الطرفين، مع تقديم توصيات تدعو إلى تفعيل الدور الدولي النزيه، وتعزيز الوحدة الفلسطينية، وتبني حلول عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية.
النتائج التي توصلت لها الدراسة
- ) توصلت الدراسة إلى أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يُعد صراعًا طويل الأمد ومتجذرًا، حيث تعود جذوره إلى عام 1948 ولا يزال مستمرًا حتى اليوم، في ظل حالة من عدم الوضوح بشأن المتغيرات التي قد تؤثر في مستقبله. وقد تبين أن الهزيمة في حرب 1948 وغيرها من المواجهات تعود إلى ضعف القدرات العسكرية للجيوش العربية، نتيجة حداثة استقلالها وخروجها من الحقبة الاستعمارية.
- ) كشفت الدراسة كذلك أن الانقسام الداخلي بين القوى الفلسطينية أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية وأثر سلبًا على وحدة الموقف الفلسطيني، في حين اتسمت معظم حركات المقاومة، لا سيما خلال الانتفاضات، بالعشوائية وضعف التنسيق الاستراتيجي، ما أعاق قدرتها على تحقيق أهدافها. كما أظهرت النتائج أن محاولات التسوية السياسية عبر اتفاقيات مثل أوسلو وكامب ديفيد لم تنجح في إنهاء الصراع، بسبب ضعف الأداء الدبلوماسي الفلسطيني وتعنّت إسرائيل.
- ) أشارت الدراسة إلى أن تداخل القوى المحلية والإقليمية والدولية، وتضارب مصالحها، ساهم في تعقيد الصراع وأعاق فرص التوصل إلى تسوية شاملة، حيث كان لتدخل دول مثل مصر، الأردن، سوريا، إيران، ودول الخليج أثر في تعقيد التوازنات الإقليمية، مما جعل القضية الفلسطينية مركزًا لصراعات إقليمية تهدد استقرار المنطقة. وأظهرت النتائج وجود تباين في مواقف القوى الكبرى، بين مؤيد لإسرائيل كأمريكا وبريطانيا، ومساند للفلسطينيين بشكل غير مباشر كالصين، ما انعكس على طبيعة التوازنات الدولية.
- ) كما بيّنت الدراسة أن الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية لم تكن كافية لتحقيق حل حقيقي، بينما استمر الاعتماد على القوة كخيار رئيسي، ما فاقم الأزمة. وأخيرًا، تبيّن أن الطرفين تبنّيا أساليب حروب الجيلين الرابع والخامس، مثل الإعلام، والدعاية، والهجمات السيبرانية، والاغتيالات، ما أضفى على الصراع طابعًا معقدًا وغير تقليدي يميّزه عن غيره من الصراعات المعاصرة.
واستنادًا إلى النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، يمكن تقديم عدد من التوصيات التي من شأنها أن تُسهم في الإدارة الفعالة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. تهدف هذه التوصيات إلى توجيه صناع القرار والباحثين لمزيد من التطوير والمعالجة الفاعلة للقضية الفلسطينية.
- ) توصلت الدراسة إلى ضرورة تنشيط الجهود البحثية لفهم جذور الصراع منذ عام 1948، والعمل على إعداد استراتيجيات مرنة وطويلة الأمد تتكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية المحتملة. كما شددت على أهمية تطوير القدرات القتالية للجيوش العربية من خلال إصلاحات هيكلية وتحديثات استراتيجية، مع الاستفادة من دروس الماضي لتجنب الإخفاقات التي سببها ضعف الاستقلال العسكري والسياسي في بدايات الصراع.
- ) أوصت الدراسة بضرورة توحيد الجهود الوطنية الفلسطينية، وتعزيز الوحدة بين الفصائل المختلفة، لما لذلك من أثر مباشر في تقوية الجبهة الداخلية وتمكين الموقف الفلسطيني على الصعيدين السياسي والميداني. كما أكدت على أهمية تنسيق حركات المقاومة الفلسطينية تحت مظلة استراتيجية موحدة تعتمد على التخطيط والتكامل، بما يضمن فاعلية الأداء وتحقيق الأهداف الوطنية.
- ) في الجانب الدبلوماسي، دعت الدراسة إلى إعادة تقييم النهج التفاوضي المتّبع، وتطوير أدوات تفاوض فعّالة ترتكز إلى إرادة سياسية قوية قادرة على تجاوز إخفاقات اتفاقيات سابقة، مثل أوسلو وكامب ديفيد، مع التأكيد على أهمية إطلاق مبادرات دبلوماسية شاملة تأخذ بعين الاعتبار تشابك القوى المؤثرة في الصراع، وتقليل تضارب المصالح من خلال بناء تحالفات قائمة على تحقيق الاستقرار الإقليمي.
- ) شددت التوصيات على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي بين دول الشرق الأوسط، من خلال إدارة جماعية تسهم في تقليل التوترات ومعالجة التداخلات في القضية الفلسطينية، ما يدعم استقرار المنطقة ككل. إلى جانب ذلك، تم التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتحقيق توازن سياسي في المواقف تجاه القضية، وتشجيع القوى العالمية مثل الصين على تبني مواقف أكثر فعالية، وعرض القضية الفلسطينية في المحافل الدولية باستمرار.
- ) أوصت الدراسة أيضًا باعتماد مقاربة شاملة لإدارة الصراع تجمع بين الجهود الدبلوماسية والأدوات الاقتصادية المقننة وضبط استخدام القوة، لتجنب التصعيد وتوفير توازن استراتيجي. وأخيرًا، شددت على ضرورة الاستعداد لمواجهة الحروب الحديثة، خاصة حروب الجيلين الرابع والخامس، من خلال رفع الوعي الإعلامي والمجتمعي، وتعزيز الدفاعات السيبرانية، والحد من تأثير حملات الدعاية والتضليل التي تسعى لتشويه الحقائق وتعقيد المشهد.
قائمة المراجع
أولاً المراجع باللغة العربية:-
أ/ الكتب
- أحمد رسلان. نظرية الصراع الدولي: دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986.
- أشرف عثمان بدر. إسرائيل وحماس: جدلية التدافع والتواصل والتفاوض 1987–2014. بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016.
- أمين هويدي. حرب 1967 أسرار وخبايا. القاهرة: المكتب المصري الحديث، 2006.
- إسماعيل صبري المقلد. العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991.
- إسماعيل عبد السلام هنية. العدوان على غزة 2014: قراءة تحليلية. غزة: دار الأرقم، 2015.
- إيوجين روجان، وآفي شليم. حرب فلسطين: إعادة كتابة تاريخ 1948. ترجمة ناصر عفيفي. دمشق: مؤسسة روزاليوسف، 2001.
- بيات عبد الضيفي ميثاق. السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل في عهد إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور. عمان: دار غيداء للنشر والتوزيع، 2010.
- حسن نافعه. مصر والصراع العربي الإسرائيلي من الصراع المحتوم إلى التسوية المستحيلة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1986.
- رشيد الخالدي. حرب المائة عام على فلسطين: قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة 1917 – 2017. بيروت: الدار العربية للعلوم، 2021.
- رشيد الخالدي. القفص الحديدي: قصة الصراع الفلسطيني من بداياته إلى اليوم. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2008.
- عزم أحمد جميل. قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016.
- علي زياد العلي. المرتكزات النظرية في السياسة الدولية. القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، 2017.
- عمر صالح العمري. الأردن والقضية الفلسطينية دراسة في الموقف من مشاريع التسوية. عمان: وزارة الثقافة، 2021.
- كاظم هاشم نعمة. روسيا والشرق الأوسط بعد الحرب الباردة. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016.
- كمال الأشقر. القانون الدولي ومشكلة الإرهاب. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات، 2005.
- لطفي الخولي. الانتفاضة والدولة الفلسطينية. القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، مؤسسة الأهرام، 1988.
- محمد خالد الأزعر. الجماعة الأوروبية والقضية الفلسطينية. عمّان: دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، 2007.
- محمد خير الوادي. العلاقات الصينية الإسرائيلية: الحسابات الباردة. لبنان: دار الفارابي، 2012.
- منير شفيق، وعدنان أبو عامر، وآخرون. العدوان على غزة: قراءة تحليلية. غزة: دار الأرقم، 2015.
- محسن محمد صالح. حركة المقاومة الإسلامية حماس: دراسات في الفكر والتجربة. بيروت: دار الكتب، 2015.
- محسن محمد صالح. التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2016–2017. بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2018.
- محسن محمد صالح. القضية الفلسطينية خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة. بيروت: دار الكتب، 2012.
- محسن محمد صالح. منظمة التحرير الفلسطينية: تقييم التجربة وإعادة البناء. بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2007.
- محسن محمد صالح، وربيع محمد الدنان، وآخرون. يوميات معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2024.
- محمد محمد قاسم ، المدخل الى مناهج البحث العلمي ، (بيروت ، دار النهضة العربية ،١٩٩٩)
- نضال فلاح، وعلي فلاح وآخرون. الدعاية والحرب الإلكترونية. عمان: دار الإعصار العلمي، 2015.
- وليد عبد الحي. سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى. بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2024.
- وليد حسن المدلل، وعدنان عبد الرحمن أبو عامر. دراسات في القضية الفلسطينية. غزة: جامعة الأمة للتعليم المفتوح، 2013.
ب/ الدوريات العلمية
- أحمد محمد وهبان. استاذ العلوم السياسية. “تحليل إدارة الصراع الدولي – دراسة مسحية.” مجلة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، جامعة الملك سعود.
- أحمد جميل عزم. “إعادة تعريف مصطلح إدارة الصراع.” المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 35 (صيف 2012): ص76–87.
- أحمد جلال محمود. “سياسات إيران الإقليمية في المنطقة العربية وتأثيرها على أمن الشرق الأوسط.” مجلة بحوث الشرق الأوسط، عدد 58 (نوفمبر 2020): ص125.
- أثر المتغيرات الدولية على العلاقات الروسية الإسرائيلية بعد عام 2020. مجلة كلية الدراسات والاقتصاد، عدد 21 (2024): 143–144.
- أيوب مخرمش، ومحمد خميس. “التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي بين مقاربتين متناقضتين.” مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، المجلد 15، العدد 1 (مارس 2024): ص521.
- جمال محمد إبراهيم. “الثالثة: تسميتها وأسبابها ودوافعها وأهم ما يميزها عن الانتفاضتين السابقتين.” مجلة جامعة الأقصى، المجلد 11، العدد 1 (يناير 2017): 113–124.
- حيدر عيد. “غزة 2023.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 137 (شتاء 2024).
- حسين علي حسين العزاوي ، فوزي السيد المصري، وآخرون. “دور دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم قضية فلسطين (1968–2004).” المجلة العلمية بكلية الآداب، عدد 42 (2021): ص1.
- رزون عيسى، خاروف نور، وآخرون. “المشهد الحقوقي الفلسطيني: رصد لأهم الإصدارات والنشاطات الفلسطينية على مدار الأسبوع.” مجلة الحقوق الفلسطينية، عدد 175 (مايو 2023): ص2.
- زهرة مجامعية الزبيدي. “الدور الوظيفي للحركات الدبلوماسية في حل النزاعات الدولية.” المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية، عدد 2 (ديسمبر 2016): 67–68.
- سعدون ظاهر، “التطبيق العنصري لنظرية المجال الحيوي: دراسة في الجغرافيا السياسية.” مجلة البحوث الجغرافية، العدد 5 (ديسمبر 2004): ص97.
- شيماء ماجد. “التحالفات الخطابية حول سياسة حزب الليكود تجاه النظام القضائي في إسرائيل من فبراير إلى ديسمبر 2023.” المجلة الدولية للسياسات العامة في مصر، مجلد 3، عدد 1 (يناير 2024).
- عبد القادر محمد فهمي. “روسيا الاتحادية والمنطقة العربية: دراسة مقارنة للسلوك السياسي الخارجي السوفييتي الروسي حيال المنطقة العربية.” مجلة شؤون عربية، العدد 150 (2001): 184–186.
- عزام شعث. “أزمة الأونروا: تقليص التمويل أم تصفية قضية اللاجئين.” مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 140 (خريف 2024): ص114.
- عبدالعال عبدالرحمن الديربي. “اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية وأثرها على القضية الفلسطينية: دراسة حالتي الإمارات والبحرين.” مجلة الدراسات السياسية والاقتصادية، العدد 4 (أكتوبر 2022): 239.
- علاء نسيم،”الموقف السوفيتي من قيام دولة إسرائيل.” المجلة العلمية بكلية الآداب، جامعة طنطا، عدد 54 (2024): ص1175.
- عبد العليم محمد. “اتفاقيات أبراهام والنموذج الجديد للتطبيع: قراءة تحليلية.” مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 140 (خريف 2024): ص173.
- فريد عبد الفتاح أبو ضهير، نيفين نسيم علاونة، وآخرون. “الأساليب الإقناعية وتقنيات الدعاية في خطابات الناطق الرسمي لكتائب القسام في حركة حماس (أبو عبيدة) خلال معركة طوفان الأقصى.” مجلة جامعة صنعاء للعلوم الإنسانية 3، عدد 5 (سبتمبر 2024): ص26.
- “فك الارتباط الإسرائيلي الأحادي الجانب من بداية الفكرة حتى عشية الحرب.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 80–81 (شتاء 2009): 60–63.
- محمد أحمد العواودة، وعبد السلام أندلوسي. “أساليب الدعاية الإسرائيلية في مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الحرب على غزة عام 2023–2024: دراسة تطبيقية على صفحة إسرائيل تتكلم العربية.” مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، عدد 111 (أغسطس 2024).
- مصطفى اللباد. “إيران والقضية الفلسطينية: مشاعر التضامن وحسابات المصالح.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 94 (ربيع 2013): ص75.
- منير محمود بدوي. “مفهوم الصراع: دراسة في الأصول النظرية للأسباب والأنواع.” مجلة الدراسات المستقبلية، العدد 3 (يوليو 1997): ص36.
- ماجد كيالي. “الانتفاضة والمقاومة والعمليات الاستشهادية: التأثيرات والإشكاليات.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 52 (خريف 2002): 37–52.
- محمود ميعاري. “تحولات في التأييد الحزبي والاتجاهات نحو حل القضية الفلسطينية.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 125 (شتاء 2021): ص11.
- هديل أحمد ابراهيم. “العلاقات الأمريكية الإسرائيلية رؤية تحليلية للقضايا والمحددات في ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة.” مجلة كلية السياسة والاقتصاد، عدد 24 (2024): ص91–93.
- وليد الخالدي. “دير ياسين الجمعة ٩/٤/١٩٤٨.” مجلة الدراسات الفلسطينية، 1999، المجلد ١٠، العدد ٤٠: ص203.
- يوسف حمودة، دور تيارات الفكر المحافظ الأمريكية في رسم السياسة الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 7، العدد 1، ( أكتوبر 2021 )، ص 119
- يوسف صايغ. “البعد الاقتصادي للصراع الصهيوني / الإسرائيلي.” مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 36 (خريف 1998): 20–24.
ج/ الرسائل العلمية
١) أنيس تيسير. “دور الدبلوماسية الفلسطينية في التأثير على مواقف وسياسات الاتحاد الأوروبي تجاه عملية التنمية السياسية في فلسطين.” رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، 2015.
٢) إبراهيم مبارك ضحى أبو مقيريعة المنصوري. “موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من القضية الفلسطينية”. رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة بيروت العربية، 2015.
٣) أحمد زكريا الباسوسي. تأثيرات تهديد أمن الطاقة على الصراع الدولي على الغاز الطبيعي: دراسة حالة منطقة حوض شرق البحر المتوسط،( رسالة دكتوراه، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2018).
٤) تيسير محمد موسى عطاونه. “أثر بروتوكول باريس على الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية.” (رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليل، 2021)
٥) ثائر محمود محمد هديب. “اتفاقيات كامب ديفيد 1978 وتداعياتها على القضية الفلسطينية”. رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2003.
٦) حمزة إبراهيم. “السياسة الإسرائيلية في إدارة الصراع وأثرها على مستقبل التسوية.”( رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، الجامعة الإسلامية، 2022)
٧) خالد حماد أحمد عياد. “سياسة الولايات المتحدة الأمركية اتجاه عملية السلام العربية الإسرائيلية 1973–2013″. رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، 2014.
٨) خلف رمضان محمد بلال. دور المنظمات الدولية في تسوية المنازعات. رساله ماجستير ، كليه القانون، جامعه الموصل،٢٠١٣
٩) رفيق يونس صالح المصري. “تأثير وسائل الإعلام الرسمية على تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية – فضائية فلسطين: حالة دراسية.”( رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2016)
١٠ رزگار علي ميكائيل ناوي. الصراع الأمريكي – الصيني في ظل المتغيرات الجديدة: دراسة في الأبعاد السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، فترة 2008 – 2020، (رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الشرق الأدنى، 2021)
١١) زياد خضر العبد مطر، “اتفاقية كامب ديفيد المصرية ـ الإسرائيلية وأثرها على القضية الفلسطينية ١٩٧٨ ـ ١٩٩٣”، ( رسالة ماجستير، كلية الآداب، الجامعة الإسلامية، ٢٠١٢ )
١٢) سميرة بوذيبة، “اتفاقية أوسلو ١٩٩٣وأثرها على القضية الفلسطينية“، ( رسالة ماجستير، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد خيضر، ٢٠١٣ ـ ٢٠١٤ ).
١٣) محمود عبد الرازق محمد البريم. “علاقة حركة حماس مع مصر وأثرها على القضية الفلسطينية 2014–2018″. رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2019.
١٤) رمين يوسف. “حزب الليكود ودوره في السياسة الإسرائيلية 1977–1992.” رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، 2001.
١٥) هدى خطاب. “سياسة الهيمنة الأيرانية على الشرق الأوسط”. رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 20 أوت 1955، 2017.
د/التقارير والمؤتمرات
- أحمد قاسم حسين. تقرير مؤتمر خمسون عامًا على حرب يونيو 1967 : مسارات الحرب وتداعياتها. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. مايو ٢٠١٧
- تقرير اللجنه المعنيه بممارسه الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابله للتصرف. الجمعيه العامه للامم المتحده. الدوره 56. الملحق رقم 35. 2001
ه/المصادر الإلكترونية
- احمد وهبان. استاذ العلوم السياسية. “تناغم بين مصر والصين حول القضية الفلسطينية”. جريدة الوطن، 14 يناير 2024. شوهد في 12/4/2025. https://2u.pw/7LcqE
- انيس فوزي قاسم، الممارسات الاسرائيليه و احترام الدور الاردنى في القدس : دراسة قانونيه. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ٢٠٢٣، شوهد في ٢٧ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/TLehO
- أحمد وهبان. استاذ العلوم السياسية. محاضرات في مقرر إدارة الصراع الدولي. قسم العلوم السياسية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية.
- الأمم المتحدة. “النزاعات والموارد الطبيعية.”شوهد في 25 أبريل 2025. https://2u.pw/JoINY
- “العلاقات الثنائية”. وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة. شوهد في 22/4/2025 https://2h.ae/RhUe
- الجزيرة. “15 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من غزة: أهم الإنجازات وأبرز الإخفاقات.” نُشر في 15 أغسطس 2020. شوهد في 10 أبريل 2025. https://2u.pw/0ZxX5
- العربي. “الوصاية الهاشمية على القدس من منح الأردن هذا الدور وماذا نعرف عنه؟”. 5 أبريل 2023. شوهد في 15/4/2025. https://2u.pw/elNLA
- العربي الجديد. “سموتريش وبن غفير يطالبان بـ’فرض السيادة’ على الضفة الغربية”. 19 يوليو 2024. شوهد في 10/4/2025. https://2u.pw/r0Sbv
- المعهد الدولي للدراسات الإيرانية. “عملية طوفان الأقصى: الأسباب والتداعيات والسيناريوهات المتوقعة.” نُشر في 13 أكتوبر 2023. شوهد في 27 أبريل 2025. https://2u.pw/aR7i6uHH
- الشارع السياسي. “عملية طوفان الأقصى: الأداء القتالي للمقاومة الفلسطينية ودوافعها ومكاسبها.” نُشر في 23 نوفمبر 2023. شوهد في 27 أبريل 2025. https://2u.pw/ubmtR
- أميرة محمد عبد الحليم. “طوفان الأقصى والحرب على غزة.” مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. نُشر في ديسمبر 2023. شوهد في 27 أبريل 2025. https://2u.pw/Lom9p
- إسراء محمد فوزي. “السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الصراعات العرقية في إفريقيا.” المركز الديمقراطي العربي. نُشر في 16 يوليو 2017. شوهد في 25 أبريل 2025. https://2u.pw/lzmA3M0
- بي بي سي عربي. “ماذا تريد الصين من محاولة التوسط في حرب غزة؟”. BBC News، 31 أكتوبر 2023. شوهد في 12/4/2025. https://2u.pw/hEtRh
- براءة درزي. قراءات في معركة سيف القدس. ، مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2021، شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥ علي الرابط التالي https://2u.pw/OLsZM
- حقوق الإنسان ووتش. “إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية في غزة”، نُشر في 19/12/2024، شُوهد في 20/4/2025. https://2u.pw/coTiTTCF
- خليل أبو كرش. “نظرية الصراع الدولي – غزة 2014.” المركز الديمقراطي العربي. نُشر في 28 ديسمبر 2017. شوهد في 25 أبريل 2025. https://2u.pw/VqzLu
- سعيد عكاشة. “نجاح متكرر للوساطة المصرية بين إسرائيل والجهاد.” مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية. نُشر في 15 مايو 2023. شوهد في 16 أبريل 2025. https://2u.pw/EQOw3
- سي إن إن بالعربية. “الإمارات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة”. 7 أكتوبر 2023. شوهد في 22/4/2025. https://2h.ae/sapn
- شبكة قدس الإخبارية. “قدس تكشف: أبحاث لمنظمة التحرير الفلسطينية تؤكد ضرورة ‘طوفان الأقصى’ وتوقيته المناسب.” نُشر في 10 ديسمبر 2024. شوهد في 9 أبريل 2025. https://qudsn.co/post/207978
- شعاع جلال نايف كممجي. حرب حجارة السجيل 2012 وانعكاساتها على حركة حماس. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2022، شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/cXVZd
- صالح الحاج حسن. معركة سيف القدس في الميزان: رمضان 1442هـ – أيار/ مايو 2021. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2022.شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥ علي الرابط التالي https://2u.pw/dvwqK
- عاطف الجولاني. “محددات السياسة الإيرانية تجاه معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة”. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٩ مايو ٢٠٢٤. شوهد في ١٢/٤/٢٠٢٥. https://2u.pw/BTS8I7Vl
- “قطار نقل السفارات إلى القدس.. تسلسل زمني”. الجزيرة، 12 أكتوبر 2022. شوهد في 13/4/2025. https://2u.pw/BCMMN
- كوشنر في افتتاح “ورشة المنامة”: هذه “فرصة القرن” وليست “صفقة القرن”.. المسار الاقتصادي شرط للسلام في الشرق الأوسط، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٢٦/٦/٢٠١٩، شوهد في ٢٦ ابريل ٢٠٢٥ ، ص ٤ ، ص ٥، ص١٧ ، ص١٨ علي الرابط التالي https://2u.pw/2atgD
- معين الطاهر. “حركة ‘فتح’ والحرب: الموقف والتحولات والتداعيات.” مؤسسة الدراسات الفلسطينية. نُشر في 2024. شوهد في 12 أبريل 2025. https://www.palestine-studies.org/ar/node/1655331
- محمد لعروسي. “الاتحاد الأوروبي والحرب في غزة: تناقض الأدوار الدبلوماسية وتعاظم الهواجس الأمنية.” مركز أبعاد للدراسات السياسية. نُشر في 20 ديسمبر 2023. شوهد في 16 أبريل 2025. https://2h.ae/AaGT
- محمد بن المختار الشنقيطي . “الدولة والصراع.” الجزيرة. نُشر في 3 أكتوبر 2004. شوهد في 30 أبريل 2025. https://2u.pw/0OoyU
- محسن محمد صالح. الحرب الكارثة حزيران 1967. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2020، شُوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/OLsZM
- محسن محمد صالح . “مقال: السبع الموبقات لاتفاق أوسلو.” مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات. نُشر في 13 مارس 2025. شوهد في 8 أبريل 2025. https://2u.pw/ul6qE
- نادين الكحيل. “دور وسائل الإعلام في إدارة الأزمات الدولية: حرب غزة نموذجًا.” مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية. نُشر في 13 أغسطس 2024. شوهد في 27 أبريل 2025. https://2u.pw/l3v0Lef7
- نرمين ناصر. “دور تاريخي: مصر والقضية الفلسطينية منذ عام 1948.” المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. نُشر في 15 مايو 2024. شوهد في 8 أبريل 2025. https://ecss.com.eg/45642/
- وكالة الصحافة اليمنية. “كيف تخلَّت الإمارات عن الفلسطينيين ودعمت الإسرائيليين للنيل من المقاومة؟”. 20 مايو 2021. شوهد في 22/4/2025. https://www.ypagency.net/364393
ثانياً المراجع باللغة الاجنبية
A/Books
1) Dorsey, James. M. China and the Middle East: Venturing into the Maelstrom. New York: Palgrave Macmillan, 2018.
2) Kurtzer, Daniel C., ed. Pathways to Peace: America and the Arab-Israeli Conflict. New York: Macmillan, 2012.
3) Roy، Sara, “The Gaza Strip: The Political Economy of De-development”, (Washington, Institute for Palestine Studies, 2016).
B/Electronic sources
- Foreign, Commonwealth & Development Office and The Rt Hon James Cleverly MP. “UK and Israel to sign landmark agreement deepening tech, trade and security ties.” Published on March 21, 2023. Accessed on April 27, 2025. https://2u.pw/yP5da
2) Georgy, Michael, and Jana Choukeir. “Arab states and the Palestinians: an uneasy relationship.” Reuters. Published on April 7, 2025. Accessed on April 15, 2025. https://2u.pw/hiVEj
3) Hamas calls on UK government to remove it from list of banned terrorist groups. The Guardian. Published on April 9, 2025. Accessed on April 28, 2025. https://2u.pw/iqtLz
4) House of Commons Library. “Israel and the Occupied Palestinian Territories: UK policy and humanitarian response to the conflict.” Published on April 16, 2025. Accessed on April 27, 2025. https://2u.pw/2JybD
5)Robinson, Kali. “Iran’s Support of the Houthis: What to Know.” Published on March 24, 2025. Accessed on April 27, 2025. https://2u.pw/juQiJ
6)Robinson, Kali. “What Is U.S. Policy on the Israeli-Palestinian Conflict?” Council on Foreign Relations. Published on July 12, 2023. Accessed on April 16, 2025. https://2u.pw/UvzHAWgR
[1] عادل فتحي ثابت، “النظرية السياسية المعاصرة دراسة في النماذج والنظريات التي قدمت لفهم وتحليل عالم السياسة“، ( الإسكندرية : الدار الجامعية، 2007 )، ص 79 : 80
[2] إسماعيل صبري مقلد، “العلاقات السياسية الدولية دراسة في الأصول والنظريات“، ( القاهرة : المكتبة الأكاديمية، ١٩٩١ )، ص ١٤
[3] جمال سلامة علي، “تحليل العلاقات الدولية : دراسة في إدارة الصراع“، ( القاهره : دار النهضة العربية، 2٠١٤ )، ص ٥٠
[4] أحمد جميل عزم، “إعادة تعريف مصطلح إدارة الصراع”، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 35، ( صيف 2012 )، ص 67 : 78
[5] أحمد وهبان، أستاذ العلوم السياسية، “محاضرات في مقرر إدارة الصراع الدولي”، قسم العلوم السياسية”، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، ص 28 : 29
[6] منير محمود بدوى، “مفهوم الصراع دراسة فى الأصول النظرية للأسباب والأنواع”، مجلة الدراسات المستقبلية، العدد 3، ( يوليو 1997 )، ص 36
[7] أحمد وهبان، “محاضرات في مقرر إدارة الصراع الدولي”، مرجع سبق ذكره، ص 29
[8] المرجع السابق، ص 29
[9] أحمد زكريا الباسوسى، “تأثيرات تهديد أمن الطاقة على الصراع الدولي على الغاز الطبيعي دراسة حالة منطقة حوض شرق البحر المتوسط“، ( رسالة دكتوراه، كلية الاقتصاد والعلوم السياسة، جامعة القاهرة، 2018 )، ص 31
[10] احمد وهبان، “محاضرات في مقرر إدارة الصراع الدولي”، مرجع سبق ذكره، ص ٣١، 32، 33، 34، 44
[11] على زياد العلى، “المرتكزات النظرية في السياسة الدولية“، ( القاهرة : دار الفجر للنشر والتوزيع ، 2017 )، ص 69
[12] خليل أبو كرش، “نظرية الصراع الدولي – غزة 2014″، المركز الديمقراطى العربى، نُشر في 28/12/2017، شُوهد في 25/4/2025، متاح على https://2u.pw/VqzLu
[13] خلف رمضان محمد بلال. دور المنظمات الدولية في تسوية المنازعات. رساله ماجستير ، كليه القانون، جامعه الموصل،٢٠١٣
[14] على زياد العلى، مرجع سبق ذكره، ص 72
[15] “النزاعات والموارد الطبيعية”، الأمم المتحدة، شُوهد في 25/4/2025، متاح على https://2u.pw/JoINY
[16] إسراء محمد فوزي، “السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الصراعات العرقية فى افريقيا”، المركز الديمقراطي العربي، نُشر في 16/7/2017، شُوهد في 25/4/2025، متاح على https://2u.pw/lzmA3M0
[17] إسماعيل صبري مقلد، “العلاقات السياسية الدولية دراسة فى الاصول والنظريات”، ( القاهرة : المكتبة الاكاديمية، 1991 )، ص 223
[18] منير محمود بدوى، مرجع سبق ذكره، ص 58
[19] أحمد رسلان، “نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة“، ( القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986 )، ص 7
[20] سعدون ظاهر، “التطبيق العنصري لنظرية المجال الحيوي دراسة في الجغرافيا السياسية”، مجلة البحوث الجغرافية، العدد 5، ( ديسمبر 2004 )، ص 97
[21] أحمد رسلان، مرجع سبق ذكره، ص 63
[22] محمد بن المختار الشنقيطي، “الدولة والصراع”، الجزيرة، نُشر في 3/10/2004، شُوهد في 30/4/2025، متاح على https://2u.pw/0OoyU
[23] رزگارعلي ميكائيل ناوي، “الصراع الأمريكي – الصيني في ظل المتغيرات الجديدة – دراسة في الأبعاد السياسية والاستراتيجية والاقتصادية فترة ٢٠٠٨ – 2020 )“، ( رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الشرق الأدنى، 2021 )، ص 10
[24] المرجع السابق، ص 10 : 11
[25] المرجع السابق، ص 11 : 12
[26] نضال فلاح، علي فلاح، وآخرون، “الدعاية والحرب الإلكترونية“، ( عمان : دار الإعصار العلمي، 2015 )، ص 67
[27] مجامعية زهرة، “الدور الوظيفي للحركات الدبلوماسية في حل النزاعات الدولية”، المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية، عدد 2، ( ديسمبر 2016 )، ص 67 : 68
[28] أحمد زكريا الباسوسى، مرجع سبق ذكره، ص 40
[29] أحمد محمد وهبان،استاذ العلوم السياسية، “تحليل إدارة الصراع الدولى – دراسة مسحية”، مجلة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، جامعة الملك سعود، 2014، ص 28
[30] المرجع السابق، ص 33 : 34
[31] إيوجين روجان آفي شليم، ترجمة ناصر عفيفي، “حرب فلسطين إعادة كتابة تاريخ ١٩٤٨“، ( دمشق : مؤسسة روزاليوسف، 2001، تُرجم في 2001 )، ص ١١
[32] رشيد الخالدي، “القفص الحديدي : قصة الصراع الفلسطيني من بداياته إلى اليوم“، ( بيروت : مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2008 )، ص 41 : 43
[33] إيوجين روجان آفي شليم، مرجع سبق ذكره، ص ٢٠
[34] وليد الخالدي، “دير ياسين الجمعة ٩/٤/١٩٤٨”، مجلة الدراسات الفلسطينية، 1999، المجلد ١٠، العدد ٤٠، ص ٢٠٣
[35] نرمين ناصر، “دور تاريخي : مصر والقضية الفلسطينية منذ عام 1948″، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، نُشر في ١٥/٥/٢٠٢٤، شُوهد في 8/4/2025، متاح على https://2u.pw/NC89E
[36] محسن محمد صالح، “القضيه الفلسطينة خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة“، ( بيروت : دار الكتب، 2012 )، ص 74
[37] رشيد الخالدي، “حرب المائة عام على فلسطين : قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة 1917 : 2017“، ( بيروت : الدار العربية للعلوم، 2021 )، ص 335 : 336
[38] محسن محمد صالح، “مرجع سبق ذكره“، ص 89 : 90
[39] Sara Roy, ” The Gaza Strip: The Political Economy of De-development“, (Washington, Institute for Palestine Studies, 2016), pp 35:39
[40] زياد خضر العبد مطر، “اتفاقية كامب ديفيد المصرية ـ الإسرائيلية وأثرها على القضية الفلسطينية ١٩٧٨ ـ ١٩٩٣“، ( رسالة ماجستير، كلية الآداب، الجامعة الإسلامية، ٢٠١٢ )، ص ٥٢ : ٥٤
[41] المرجع السابق، ص 55 : 57
[42] لطفي الخولي، “الانتفاضة و الدولة الفلسطينية“، ( القاهرة : مركز الأهرام للترجمة والنشر مؤسسة الأهرام، ١٩٨٨ )، ص ٥٢ : ٥٧
[43] سميرة بوذيبة، “اتفاقية أوسلو ١٩٩٣وأثرها على القضية الفلسطينية“، ( رسالة ماجستير، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد خيضر، ٢٠١٣ ـ ٢٠١٤ )، ص ٥٦ : ٦٢
[44] المرجع السابق، ص 65 : 69
[45] محسن محمد صالح، “مقال : السبع الموبقات لاتفاق أوسلو”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، نُشر في 13/3/2025، شوهد فى 8/4/2025 متاح على https://2u.pw/ul6qE
[46] أحمد يوسف القرعي، “انتفاضة الأقصى“، ( القاهرة : مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ٢٠٠١ )، ص ١٣ : ١٥
[47] المرجع السابق، ص 16 : 20
[48] “15 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من غزة : أهم الإنجازات وأبرز الإخفاقات”، الجزيرة نت، نُشر في 15/8/2020، شُوهد في 10/4/2025، متاح على https://2u.pw/0ZxX5
[49] محسن محمد صالح، “حركة المقاومة الإسلامية حماس دراسات في الفكر والتجربة“، ( بيروت : دار الكتب، ٢٠١٥ )، ص ٥١ : ٥٩
[50] “فك الارتباط الإسرائيلي الأحادي الجانب من بداية الفكرة حتى عشية الحرب”، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 80 – 81، ( شتاء 2009 )، ص 60 : 63
[51] عبد الحميد الكيالي، “دراسات في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عملية الرصاص المصبوب“، ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٢٠٠٩ )، ص 90 : 91
[52] شعاع جلال نايف كممجي. حرب حجارة السجيل 2012 وانعكاساتها على حركة حماس. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2022، شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/cXVZd
[53] المصدر السابق، ص 23
[54] منير شفيق، عدنان أبو عامر، وآخرون، “العدوان على غزة : قراءة تحليلية“، ( غزة : دار الأرقم، 2015 )، ص 1 : 77
[55] المرجع السابق، ص 82 : 89
[56] إسماعيل عبد السلام هنيه، رئيس الوزراء السابق، “العدوان على غزة ٢٠١٤ قراءة تحليلية“، ( غزه : دار الارقم ، ٢٠١٥ )، ص 117 : 118
[57] جمال محمد إبراهيم، “الانتفاضة الثالثة تسميتها وأسبابها ودوافعها وأهم ما يميزها عن الانتفاضتين السابقتين”، مجلة جامعة الأقصى، المجلد 11، العدد 1، ( يناير ۲۰۱۷ )، ص 113 : 124
[58] المرجع السابق، ص 124 : 133
[59] محسن محمد صالح، “التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2016 – 2017“، ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ، ٢٠١٨)، ص 208 : 209
[60] صالح الحاج حسن. معركة سيف القدس في الميزان: رمضان 1442هـ – أيار/ مايو 2021. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2022.شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥ علي الرابط التالي https://2u.pw/dvwqK
[61] براءة درزي. قراءات في معركة سيف القدس. ، مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2021، شوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥ علي الرابط التالي https://2u.pw/OLsZM
[62] صالح الحاج حسين، مرجع سبق ذكره، ص 8 : 9
[63] حيدر عيد، “غزة ٢٠٢٣”، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد ١٣٧، ( شتاء ٢٠٢٤ )، ص 12 : 13
[64] “عملية طوفان الأقصى الأسباب والتداعيات والسيناريوهات المتوقعة”، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2023 ، نُشر في 13/10/2023، شُوهد في 27/4/2025، متاح على https://2u.pw/aR7i6uHH
[65] “عملية طوفان الأقصي الأداء القتالي للمقاومة الفلسطينية ودوافعها ومكاسبها”، الشارع السياسي، نُشر في 23/11/2023، شُوهد في 27/4/2025، متاح على https://2u.pw/ubmtR
[66] أميرة محمد عبد الحليم، ” طوفان الأقصى والحرب على غزة”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، نُشر في 12/2023، شُوهد في 27/4/2025، متاح على https://2u.pw/Lom9p
[67] وليد عبد الحي، “سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصي“، ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٢٠٢٤ )، ص 10 : 12
[68] أشرف عثمان بدر، “إسرائيل وحماس : جدلية التدافع والتواصل والتفاوض 1987 : 2014″، ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016 )، ص 12 : 15
[69] محسن محمد صالح، “حركة المقاومة الإسلامية حماس دراسات في الفكر والتجربة”، مرجع سبق ذكره، ص 385 : 386
[70] محمد محسن صالح، ربيع محمد الدنان، وآخرون، “يوميات معركة طوفان الأقصي والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة” ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٢٠٢٤ )، ص 26 : 27
[71] محمود ميعاري، “تحولات في التأييد الحزبي والاتجاهات نحو حل القضية الفلسطينية”، مجله الدراسات الفلسطينية، العدد ١٢٥، ( شتاء ٢٠٢١ )، ص ١١٦
[72] معين الطاهر، “حركة ‘فتح’ والحرب : الموقف والتحولات والتداعيات”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، نُشر في 2024، شُوهد في 12/4/2025، متاح على https://2u.pw/1dgLt
[73] المصدر السابق
[74] محسن محمد صالح، “منظمة التحرير الفلسطينية: تقييم التجربة وإعادة البناء”، ( بيروت : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2007 )، ص 13 : 14
[75] رشيد الخالدي، مرجع سبق ذكره، ص 280 : 310
[76] ماجد كيالي، “الانتفاضة والمقاومة والعمليات الاستشهادية: التأثيرات والإشكاليات”، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 52، ( خريف 2002 )، ص 37 : 52
[77] “قدس تكشف : أبحاث لمنظمة التحرير الفلسطينية تؤكد ضرورة ‘طوفان الأقصى’ وتوقيته المناسب”، شبكة قدس الإخبارية، نُشر في 10/12/2024، شُوهد في 9/4/2025، متاح على https://2u.pw/bGjJk
[78] نرمين يوسف، “حزب الليكود ودوره في السياسة الإسرائيلية 1977 : 1992“، ( رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، 2001 )، ص 47 : 48
[79] شيماء ماجد، “التحالفات الخطابية حول سياسة حزب الليكود تجاه النظام القضائي في إسرائيل من فبراير إلي ديسمبر 2023″، المجلة الدولية للسياسات العامة في مصر، مجلد 3، عدد 1، ( يناير 2024 )، ص 141
[80] “سموتريش وبن غفير يطالبان بـ”فرض السيادة” على الضفة الغربية”، العربي الجديد، نُشر في 19/7/2024، شُوهد في 10/4/2025، متاح على https://2u.pw/r0Sbv
[81] مصطفى اللباد، “إيران والقضية الفلسطينية : مشاعر التضامن وحسابات المصالح”، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد ٩٤، ( ربيع ٢٠١٣ )، ص 75
[82] هدى خطاب، “سياسة الهيمنة الأيرانية على الشرق الأوسط“، ( رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 20 أوت 1955، 2017 )، ص 30
[83] أحمد جلال محمود، “سياسات إيران الإقليمية في المنطقة العربية وتأثيرها على أمن الشرق الأوسط”، مجلة بحوث الشرق الأوسط، عدد 58، ( نوفمبر 2020)، ص ١٢٥
[84] Kali Robinson. “Iran’s Support of the Houthis: What to Know“. Published on 24/3/2025. accessed on 27/4/2025. available at https://2u.pw/juQiJ
[85] عاطف الجولاني، محددات السياسة الإيرانية تجاه معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٩ مايو ٢٠٢٤، شوهد في ١٢/٤/٢٠٢٥، متاح على https://2u.pw/BTS8I7Vl
[86] حسين علي حسين العزاوي، فوزي السيد المصري، آخرون، “دور دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم قضية فلسطين (١٩٦٨ _ ٢٠٠٤)”، المجله العلمية بكليه الاداب، عدد ٤٢، ( ٢٠٢١ )، ص ١
[87] إبراهيم مبارك ضحى أبو مقيريعة المنصوري، “موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من القضية الفلسطينية“، ( رسالة دكتوراه، كلية الأداب، جامعة بيروت العربية، ٢٠١٥، ص 234 : 236
[88] “كيف تخلَّت الإمارات عن الفلسطينيين ودعمت الإسرائيليين للنيل من المقاومة؟”، وكالة الصحافة اليمنية، نٌشر في 20/5/2021، شُوهد في 22/4/2025، متاح على
[89] “العلاقات الثنائية”، وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، شُوهد في 22/4/2025، متاح على https://2h.ae/RhUe
[90] “الإمارات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة”، سي إن إن بالعربية، نُشر في 7/10/2023، شُوهد في 22/4/2025، متاح على https://2h.ae/sapn
[91] حسن نافعة، “مصر والصراع العربي الإسرائيلي من الصراع المحتوم إلى التسوية المستحيلة“، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1986 )، ص 18 : 27
[92] أحمد قاسم حسين، “خمسون عامًا على حرب حزيران/ يونيو 1967مسارات الحرب وتداعياتها”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد 26، ( مايو 2017 )، ص 158 : 162
[93] ثائر محمود محمد هديب،”اتفاقيات كامب ديفيد 1978 وتداعياتها على القضية الفلسطينية” ( رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2003 )، ص 76
[94] محمود عبد الرازق محمد البريم، “علاقة حركة حماس مع مصر وأثرها على القضية الفلسطينية 2018 : 2014“، ( رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2019 )، ص 35
[95] المصدر السابق، ص 22
[96] أحمد الحمراوي، “الموقف المصري من القضية الفلسطينية ثابت تاريخيا”، مجلة الإسكندر، عدد 4، ( إبريل 2025 )، متاح على https://2h.ae/Egsc
[97] عمر صالح العمري، “الأردن والقضية الفلسطينية دراسة في الموقف من مشاريع التسوية“، ( عمان : وزارة الثقافة، 2021، )، ص 312 : 369
[98] أمين هويدي، “حرب 1967 أسرار وخبايا“، ( القاهرة : المكتب المصري الحديث، 2006 )، ص 104 : 105
[99] “الوصاية الهاشمية على القدس من منح الأردن هذا الدور وماذا نعرف عنه؟”، العربي، نُشر في 5/4/2023، شُوهد في 15/4/2025، متاح على https://2u.pw/elNLA
[100] انيس فوزي قاسم، الممارسات الاسرائيليه و احترام الدور الاردنى في القدس : دراسة قانونيه. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ٢٠٢٣، شوهد في ٢٧ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/TLehO
[101] Michael Georgy. Jana Choukeir. “Arab states and the Palestinians: an uneasy relationship”, reuters. Published on 7/4/2025. accessed on 15/4/2025, available at https://2u.pw/hiVEj
[102] رزون عيسي، نورخاروف، آخرون، “المشهد الحقوقي الفلسطيني : رصد لأهم الإصدارات والنشاطات الفلسطينية على مدار الأسبوع”، مجلة الحقوق الفلسطينية، عدد 175، ( مايو 2023 )، ص 2
[103] ميثاق بيات عبد الضيفي، “السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل في عهد أدارة الرئيس دوايت أيزنهاور“، ( عمان : دار غيداء للنشر و التوزيع، 2010 )، ص 52 : 55
[104] خالد حماد أحمد عياد، “سياسة الولايات المتحدة الأمركية اتجاه عملية السلام العربية الإسرائيلية 2013 : 1973“، ( رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، 2014 )، ص 18 : 20
[105] يوسف حمودة، “دور تيارات الفكر المحافظ الأمريكية في رسم السياسة الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 7، العدد 1،
( أكتوبر 2021 )، ص 119
[106] “قطار نقل السفارات إلى القدس – تسلسل زمني”، الجزيرة ، نُشر في 12/10/2022، شُوهد في 13/4/2025، متاح على https://2u.pw/BCMMN
[107] هديل أحمد إبراهيم، “العلاقات الأمريكية الإسرائيلية رؤية تحليلية للقضايا و المحددات في ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة”، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، عدد 24،
( أكتوبر 2024 )، ص 91 : 93
[108] محمد خير الوادي، “العلاقات الصينية الإسرائيلية : الحسابات الباردة“، ( لبنان : دار الفارابي، 2012 )، ص 17 : 20
[109] James M. Dorsey, “China and the Middle East: Venturing into the Maelstrom“, (New York, Palgrave Macmillan, 2018), pp 171: 174
[110] ماذا تريد الصين من محاولة التوسط في حرب غزة؟، BBC News، نُشر في 31/10/2023، شُوهد في 12/4/2015، متاح علىhttps://2u.pw/hEtRh
[111] أحمد وهبان، أستاذ العلوم السياسية، “تناغم بين مصر والصين حول القضية الفلسطينية”، جريدة الوطن، نُشر في 14/1/2024، شُوهد في 12/4/2025، متاح على https://2u.pw/7LcqE
[112] علاء نسيم، “الموقف السوفيتي من قيام دولة إسرائيل”، المجلة العلمية بكلية الأداب جامعة طنطا، عدد 54، ( 2024 )، ص 1175
[113]عبد القادر محمد فهمي ، “روسيا الاتحادية والمنطقة العربية : دراسة مقارنة للسلوك السياسي الخارجي السوفييتي الروسي حيال المنطقة العربية”، مجلة شؤون عربية، العدد 150،
( ۲۰۰۱ )، ص 184 : 186
[114] Daniel C. Kurtzer, “American Policy, Strategy and Tactics in: Daniel C. (3) Kurtzer, eds. Pathways to Peace: America and the Arab-Israeli Conflict” (New York, Macmillan, 2012), pp 193: 209
[115] كاظم هاشم نعمة ، “روسيا و الشرق الأوسط بعد الحرب الباردة“، ( بيروت : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016 )، ص 82 : 83
[116] “أثر المتغيرات الدولية على العلاقات الروسية الإسرائيلية بعد عام 2020″، مجلة كلية الدراسات و الاقتصاد، عدد 21، ( 2024 )، ص 143 : 144
[117] عزم أحمد جميل، “قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني“، ( بيروت : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016 )، ص 163 : 165
[118] محمد خالد الأزعر، “الجماعة الأوروبية و القضية الفلسطينية“، ( عمان : دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، 2007 )، ص 128
[119] Moshe Gat. “BRITAIN AND THE OCCUPIED TERRITORIES AFTER THE 1967 WAR”. Middle East Review of International Affairs. Vol. 10, No. 4, (December 2006), pp 72
[120] “Hamas calls on UK government to remove it from list of banned terrorist groups”, The Guardian, Published on 9/4/2025, accessed on 28/4/2025, available at https://2u.pw/iqtLz
[121] “Foreign, Commonwealth & Development Office and The Rt Hon James Cleverly MP, UK and Israel to sign landmark agreement deepening tech”, trade and security ties, Published on 21/3/2023, accessed on 27/4/2025, available at https://2u.pw/yP5da
[122] “Israel and the Occupied Palestinian Territories: UK policy and humanitarian response to the conflict”, House of Commons Library, Published on 16/4/2025, accessed on 27/4/2025, available at https://2u.pw/2JybD
[123] أنيس تيسير، “دور الدبلوماسية الفلسطينية في التأثير علي مواقف وسياسات الاتحاد الأوروبي تجاه عملية التنمية السياسية في فلسطين“، ( رسالة ماجستير، جامعة النجاح الدولية، كليه الدراسات العليا، ٢٠١٥ )، ص ١٣٩
[124] أيوب مخرمش، محمد خميس، “التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي بين مقاربتين متناقضتين”، مجلة الحقوق والعلوم الانسانيه، العدد 1، المجلد 15، ( مارس ٢٠٢٤ )، ص ٥٢١
[125] سعيد عكاشه، “نجاح متكرر للوساطة المصرية بين إسرائيل والجهاد”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، نُشر في 15/5/2023، شُوهد في 16/4/2025، متاح على https://2u.pw/EQOw3
[126] المرجع السابق
[127] محمد لعروسي، “الاتحاد الأوروبي والحرب في غزة : تناقُص الأدوار الدبلوماسية وتعاظُم الهواجس الأمنية”، مركز أبعاد للدراسات السياسية، نُشر في 20/12/2023، شُوهد في 16/4/2025، متاح على https://2h.ae/AaGT
[128] Kali Robinson, “What Is U.S. Policy on the Israeli-Palestinian Conflict?”, Council Foreign Relations. Published on 12/7/2023, accessed on 16/4/2025, available at, https://2u.pw/UvzHAWgR
[129] عبدالعال عبدالرحمن الديربي، “اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية وأثرها علي القضية الفلسطينية دراسة حالتي الإمارات والبحرين”، مجله الدراسات السياسية والاقتصادية،
العدد 4 ( أكتوبر ٢٠٢٢ )، ص ٢٣٩
[130] “تقرير اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف”، الجمعية العامة للأمم المتحدة، ٢٠٠١، الدورة ٥٦، الملحق ٣٥
[131] يوسف صايغ، “البعد الاقتصادي للصراع الصهيوني / الإسرائيلي“، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 36، ( خريف 1998 )، ص 20 : 24
[132] حمزة إبراهيم، “السياسة الإسرائيلية في إدارة الصراع وأثرها على مستقبل التسوية“، ( رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، الجامعة الإسلامية، 2022 )،
ص 78 : 80
[133] “دعوة أوروبية لتكثيف المساعدات لغزة وخلافات بشأن قطع الحوار مع إسرائيل”، الجزيرة، نُشر في 18/11/2024، شُوهد في 20/4/2025، متاح على https://2u.pw/ZH9l7
[134] تيسير محمد موسى عطاونه، “أثر بروتوكول باريس على الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية“، ( رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليل، ٢٠٢١ )، ص 4، 5، 48
[135] “حمزة إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص 118 : 120
[136] كوشنر في افتتاح “ورشة المنامة”: هذه “فرصة القرن” وليست “صفقة القرن”.. المسار الاقتصادي شرط للسلام في الشرق الأوسط، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ٢٦/٦/٢٠١٩، شوهد في ٢٦ ابريل ٢٠٢٥ ، ص ٤ ، ص ٥، ص١٧ ، ص١٨ علي الرابط التالي https://2u.pw/2atgD
[137] عبد العليم محمد، “اتفاقيات أبراهام والنموذج الجديد للتطبيع قراءه تحليلية”، مجله الدراسات الفلسطينية، العدد 140، ( خريف 2024 )، ص 173
[138] عزام شعث، “أزمة الأونروا : تقليص التمويل أم تصفية قضية اللاجئين”، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 140، ( خريف 2024 )، ص 114
[139] محمد أحمد العواودة، عبد السلام أندلوسي، “أساليب الدعاية الإسرائيلية في مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الحرب على غزة عام 2023 – 2024 ( دراسة تطبيقية على صفحة إسرائيل تتكلم العربية )”, مجله الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، عدد 111، ( أغسطس ٢٠٢٤ )، متاح على https://2u.pw/eS0DF
[140] أسماء الحسيني، ازدواجية الإعلام الغربي في تغطية العدوان الإسرائيلي علي غزة، مجلة آفاق استراتيجية، العدد ٨، ( ديسمبر ٢٠٢٣ )، ص ٦٣
[141] المرجع السابق، ص 64 : 65
[142] رفيق يونس صالح المصري، “تأثير وسائل الإعلام الرسمية علي تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية – فضائية فلسطين – حاله دراسية“، ( رسالة ماجيستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، ٢٠١٦ )، ص ٦٨
[143] المرجع السابق، ص 69 : 70
[144] عمرو حسني، “أبرز 6 رموز لنضال الشعب الفلسطينى ضد الاحتلال الإسرائيلي ليست الكوفية فقط”، صحيفة الوطن، نُشر في 9/11/2023، شُوهد في ١٤/٤/٢٠٢٥، متاح على https://2u.pw/ZOduf
[145] المرجع السابق
[146] فريد عبدالفتاح أبو ضهير، نيفين نسيم علاونة، آخرون، “الأساليب الإقناعية وتقنيات الدعاية في خطابات الناطق الرسمي لكتائب القسام في حركة حماس ( أبو عبيدة) خلال معركة طوفان الأقصى، مجلة جامعة صنعاء للعلوم الإنسانيه، مجلد٣، عدد ٥، ( سبتمبر ٢٠٢٤ )، ص ٢٦
[147] المرجع السابق
[148] نادين الكحيل، “دور وسائل الإعلام في إدارة الأزمات الدولية : حرب غزة نموذجًا، مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية، نُشر في 13/8/2024، شُوهد في ٢٧/٤/٢٠٢٥، متاح على https://2u.pw/l3v0Lef7
[149] محسن محمد صالح، “القضيه الفلسطينة خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة”، مرجع سبق ذكره، ص 63 : 65
[150] ممحسن محمد صالح. الحرب الكارثة حزيران 1967. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2020، شُوهد في ٢٥ ابريل ٢٠٢٥، علي الرابط التالي https://2u.pw/OLsZM
[151] رندة حيدر، “حرب إسرائيل على لبنان ١٩٨٢ لاتزال تثير جدلاً”، مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد ١٣٢، ( خريف ٢٠٢٢ )، ص 69 : 70
[152] عبد الرؤوف سنّو، “الحرب الإسرائيلية – اللبنانية 2006 الخلفيات والمواقف والأبعاد”، مجلة حوار العرب، عدد 22، ( سبتمبر 2022 )، ص 9 : 12
[153] حاتم يوسف أبو زايدة، “الحرب الأولى على غزة 2008 – 2009“، ( فلسطين : مركز أبحاث المستقبل، 2010 )، ص 19 : 28
[154] رفيق إبراهيم أبو هاني، “الآثار الاستراتيجية للحروب على غزة في ظل التحولات الإقليمية“، ( غزة : معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، 2016 )، ص 32 : 38
[155] المرجع السابق، ص 41 : 55
[156] عبير ياسين، “القضية الفلسطينية : من الحرب إلى التهدئة – حرب غزة الرابعة”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2021، ص 14 : 17،
متاح على https://2u.pw/AehIZVBD
[157] نبيل محسن بدر الدين، “تداعيات عملية طوفان الأقصي علي القضية الفلسطينية”، مجلة جامعة الملكة أروى العلمية المحكمة، العدد ٢٦، ( ديسيمبر ٢٠٢٣ )، ص 12 : 14
[158] محمد عزت صالح، “الشيخ ياسين – السيرة، الاغتيال، المستقبل“، ( القاهرة : الدار الذهبية، 2005 )، ص 85 : 95
[159] “اغتيال إسماعيل هنية في طهران – الدوافع والرسائل والتداعيات”، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2024، ص 3 : 10، متاح على https://2u.pw/juZSw
[160] طارق بلقين، “كيف قُتل يحيى السنوار وما قصة المسيّرة الإسرائيلية التي لاحقته ومصير جثمانه؟”، فرانس 24، نُشر في 18/10/2024، شُوهد في 5/5/2025، متاح على https://2u.pw/Lnp57OmC
[161] “مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: مؤشرات جديدة على مقتل محمد الضيف”، الشرق الأوسط، نًشر في 1/11/2024، شُوهد في 5/5/2025، متاح على https://2u.pw/DnvxT
[162] المرجع السابق
[163] “إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية في غزة”، Human Rights Watch، نُشر في 19/12/2024، شُوهد في 20/4/2025، متاح على https://2u.pw/coTiTTCF
[164] المرجع السابق



