الدراسات البحثيةالقانونية والعلوم الاداريةالمتخصصة

السياسات التجارية الأمريكية وانعكاساتها على العلاقات الأمريكية – الأوروبية

US Trade Policies and Their Impact on US-European Relations Shireen Ali Mohammad Mheidat

اعداد :

  • شيرين علي محمد مهيدات – طالبة دكتوراه الجامعة الأردنية – باحثة في العلوم السياسية
  • الأستاذ الدكتور محمد  أحمد المقداد – أستاذ العلوم السياسية، جامعة آل البيت

المركز الديمقراطي العربي : –

  • مجلة العلوم السياسية والقانون : العدد الخامس والأربعون أيلول – سبتمبر 2025 – المجلد 11 – وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي المانيا- برلين.
  • تُعنى المجلة في الدراسات والبحوث والأوراق البحثية عمومًا في مجالات العلوم السياسية والعلاقات الدولية،والقانون والسياسات المقارنة، والنظم المؤسسية الوطنية أو الإقليمية والدولية.

Nationales ISSN-Zentrum für Deutschland

ISSN   2566-8048     Print
ISSN  2566-8056   Online

Journal of Political Science and Law

للأطلاع على البحث من خلال الرابط المرفق : –

https://democraticac.de/wp-content/uploads/2025/09/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A3%D9%8A%D9%84%D9%88%D9%84-%E2%80%93-%D8%B3%D8%A8%D8%AA%D9%85%D8%A8%D8%B1-2025.pdf

ملخص
 هدفت الدراسة لبيان طبيعة العلاقات التجارية الأمريكية – الأوروبية، وتحليل انعكاسات السياسات التجارية الأمريكية على العلاقات الأمريكية الأوروبية، وتنبع أهمية الدراسة من تحليلها وتقييمها للعلاقات الأمريكية-الأوروبية ومستوى تأثير السياسات الاقتصادية الأمريكية على واقع ومستقبل العلاقات بينهما، واستندت الدراسة على استخدام المناهج التالية منهج دراسة الحالة، والمنهج الاحصائي الكمي في تحليل حجم التجارية الأمريكية – الأوروبية والسياسات الاقتصادية الأمريكية، وخلصت الدراسة الى وجود علاقة ارتباطية عكسية بين السياسة الحمائية التجارية الأمريكية ومستوى التعاون الاقتصادي والتجاري للولايات المتحدة الأمريكية مع دول الاتحاد الأوروبي ،حيث تواجه العلاقات التجارية بين الجانبين تحديات مثل الاختلافات التنظيمية والسياسات الحمائية، مما يتطلب إعادة التفكير في نهج التعاون لتجنب تفاقم المشاكل التي تؤثر على العلاقات السياسية بين الدولتين ، وتؤكد الدراسة أن العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا في عهد ترامب  أتسمت بتوترات تجارية متصاعدة، ونزاعات جمركية، وتوصي الدراسة بأهمية أدراك الإدارة الأمريكية لأهمية المصالح المشتركة للولايات المتحدة وأوروبا في مختلف المجالات، مثل الأمن والاقتصاد، وأن يتم تغيير السياسيات التجارية الأمريكية بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين ، وأهمية سعي دول  الاتحاد الأوروبي إلى تنويع شركائه التجاريين لتجنب الاعتماد الكبير على التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.

المفاهيم المفتاحية: السياسات، التجارية الأمريكية، الحمائية، العلاقات الأمريكية – الأوروبية.

 

Abstract                                                                                                                                                                         
The study aimed to clarify the nature of US-European trade relations and analyze the repercussions of US trade policies on US-European relations. The importance of the study stems from its analysis and evaluation of US-European relations and the level of influence of US economic policies on the reality and future of relations between them. The study relied on the use of the following methods: the case study method and the quantitative statistical method in analyzing the volume of US-European trade and US economic policies. The study concluded that there is an inverse correlation between US trade protectionism and the level of economic and trade cooperation between the United States and the European Union countries. Trade relations between the two sides face challenges such as regulatory differences and protectionist policies, which requires rethinking the approach to cooperation to avoid exacerbating problems affecting political relations between the two countries. The study confirms that the economic relationship between the United States and Europe during the Trump era has been characterized by escalating trade tensions and customs disputes. The study recommends that the US administration recognize the importance of the common interests of the United States and Europe in various fields, such as security and the economy, and that US trade policies be changed to serve the common interests of both sides. It also emphasizes the importance of EU countries seeking to diversify their trading partners to avoid dependence. The major influence on trade with the United States.

Key Concepts: Policies, US Trade, Protectionism, US-EU Relations.

 

1- المقدمة:

تتميز السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الاتحاد الأوروبي بشراكة استراتيجية قوية وتعاون وثيق في مختلف المجالات، بما في ذلك الأزمات الإقليمية والتحديات العالمية مثل مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية، كما أن هناك علاقات تجارية واستثمارية قوية بين الجانبين، وللعلاقات الأوروبية-الأمريكية جذور عميقة تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية من خلال دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب عبر مشروع مارشال، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الأوروبي عبر تأسيس حلف الناتو ودعم توسعه، ودعم وحدة أوروبا من خلال تشكيل الاتحاد الأوروبي تأسيسًا على ذلك، وصلت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين إلى درجات متقدمة من التعاون، لتصبح الأكثر تكاملًا على مستوى العالم، كما تمثل اقتصادات الطرفين ثلث التجارة العالمية في مجال السلع والخدمات، ووصلت إلى ما يقرب من ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث القوة الشرائية، كما أصبحت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، وتُمثل الحمائية أحد أهم موجهات السياسة التجارية التي تطبقها مختلف دول العالم، وتطورت أدوات السياسات الحمائية وأهدافها بشكل كبير وفقاً لتطور الحياة الاقتصادية وتعقدها وتغير قواعدها، وكانت التعريفات الجمركية تُمثل أهم أداة في السياسات التجارية حتى منتصف تسعينيات القرن العشرين عندما انتهت جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية في نيسان 1994 بإقرار إنشاء منظمة التجارة العالميةWorld Trade Organization (WTO) ، التي قامت على أساس أن تكون هي الراعي الرئيسي لمبدأ تحرير التجارة من خلال مراقبتها تخفيض التعريفات الجمركية والتخلص من التحديد الكمي للتجارة وإلغاء نظام الحصص، وإجراء مراجعة دورية للسياسة التجارية لدول العالم بهدف تقييم درجة الالتزام بأحكام الاتفاقية، وكان ينظر الرئيس الأمريكي ترامب إلى الاتحاد الأوروبي خلال ولايته الأولى (2016-2020) على أنها عدو، لذا تراجعت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وحظي مفهوم الاستقلال الاستراتيجي الذي دعت إليه فرنسا بدعم متزايد داخل الاتحاد الأوروبي، حيث دعا الرئيس الفرنسي ماكرون أوروبا إلى تولي مسؤولية مصيرها، ففي نيسان عام 2023 نشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تقريرًا بعنوان “فن التبعية”، جادل فيه بأن أوروبا “شرعت في عملية التحول لتصبح دول تابعة” (The Economist, 2025).

وتتعاون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاريًا في قطاعات متنوعة، بما في ذلك السيارات والفضاء والأدوية والتكنولوجيا والزراعة، وتُعد هذه القطاعات حيوية للنظام الاقتصادي لدى الجانبين، وتساهم في تعزيز الابتكار والتنافسية وخلق فرص العمل، كما تُعد تجارة الخدمات عبر الأطلسي مهمة، حيث تلعب قطاعات مثل المالية والسياحة والاتصالات دورًا محوريًا في مجمل العلاقة التجارية، تشهد السياسة التجارية الأميركية تحولات كبيرة منذ تولي الرئيس الأمريكي الحكم، حيث تشمل فرض تعريفات جمركية جديدة تؤثر على الصناعات الرئيسية مثل التصنيع والزراعة والتكنولوجيا، مما اثار ردود فعل دولية ويزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي، تؤدي التغييرات في السياسة التجارية الأميركية إلى ارتفاع تكاليف الانتاج وتعطيل سلاسل التوريد العالمية، من هنا تحاول الدراسة تحليل السياسات التجارية الأمريكية وأثرها على العلاقات الأمريكية – الأوروبية.

1-1 مشكلة الدراسة: تتميز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بكونها تقوم على المصالح المشتركة، بفضل القيم الديمقراطية المشتركة، والترابط الاقتصادي، والتعاون الأمني ​​من خلال حلف شمال الأطلسي، ولكن السياسات التجارية للرئيس الأمريكي ترامب من خلال فرض التعريفات الجمركية تُؤدي إلى تفاقُم التوترات بين أمريكا وأوروبا، ولاسيما إذا اعتبرها الاتحاد الأوروبي غير قانونية، وكان ينُظر إلى سياسات إدارة ترامب خلال فترة ولايته الأولى (2016-2020)، أنها تُقوض التحالف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتتسم العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تاريخيًا أنها علاقات تعاونية، ولكن النزاعات التجارية قد تؤدي إلى توتر العلاقات الدبلوماسية، لذا فمن المرجح أن يؤدي إصدار الولايات المتحدة لحزمة من التعريفات الجمركية إلى تراجع الثقة والتعاون بين الجانبين في قضايا أوسع نطاقًا مثل: (تمويل حلف شمال الأطلسي، وسياسة المناخ، والتنظيم فيما يتعلق بالتكنولوجيا)، وعلية تتحدد مشكلة الدراسة بمعالجة الفجوة البحثية المتعلقة بتحليل تأثير سياسة الحمائية التجارية الأمريكية وانعكاسها على العلاقات الأمريكية- الأوروبية، لذا تسعى الدراسة لسد الفجوة البحثية من خلال الإجابة عن التساؤل الرئيس التالي: ما العلاقة السببية بين السياسات التجارية الأمريكية والتعاون الاقتصادي الأمريكي–الأوروبي؟ ويتفرع منه التساؤلات الفرعية التالية:

  • ما أهم أبعاد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
  • ما أهم السياسات التجارية الأمريكية وأثرها على العلاقات الأمريكية -الأوروبية؟
  • ما أهم السيناريوهات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لمواجهة السياسات الاقتصادية الأمريكية؟

1-2 اهمية الدراسة: تعد الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هي المحرك الأهم للنمو الاقتصادي العالمي، وتشكل اقتصادات كلا المنطقتين مجتمعتين ما يقرب من ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث القوة الشرائية، ويُعد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الشريكين التجاريين الرئيسيين لبعضهما البعض، ويشكلان أكبر علاقة تجارية ثنائية في العالم، ومن هنا تبرز أهمية الدراسة العلمية والعملية من خلال:

  • الأهمية العلمية: تنبع أهمية هذه الدراسة من تحليلها وتقييمها للعلاقات الأمريكية-الأوروبية ومستوى تأثير السياسات الاقتصادية الأمريكية على واقع ومستقبل هذه العلاقات، التي شهدت العديد من القضايا والتطورات التي أثرت على العلاقات بين الطرفين، حيث ترتكز الدراسة على السياسات الاقتصادية التي تقوم على الحمائية التجارية وتتبنى سياسة تقوم على مبدأ (أمريكا أولاً)، مما انعكس بشكل مباشر على العلاقات الاقتصادية الأمريكية-الأوروبية.
  • الأهمية العملية: تبرز الأهمية العملية للدراسة فيما قد تضيفه من مساهمة علمية في مجال العلاقات الاقتصادية الدولية، وذلك من خلال بيان مستوى تأثير السياسات الاقتصادية على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وكذلك تكمن الأهمية العملية للدراسة الحالية للباحثين والدارسين في مجال الاقتصاد الدولي من خلال إثراء المكتبات حول هذا الموضوع الذي يقع على جانب كبير من الأهمية لما تكتسبه أمريكا والاتحاد الأوروبي من تأثير فاعل في النظام الاقتصادي الدولي والعلاقات الاقتصادية الدولية.

1-3 أهداف الدراسة: تهدف الدراسة الى :

  • بيان طبيعة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
  • تحليل للسياسات التجارية الأمريكية وأثرها على العلاقات الأمريكية -الأوروبية.
  • عرض لأهم السيناريوهات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لمواجهة السياسات التجارية الأمريكية.

1-4 منهجية الدراسة: تستند هذه الدراسة على استخدام المناهج التالية :

  • منهج دراسة الحالة: يعرف بأنه المنهج العلمي الذي يهتم بدراسة كافة الجوانب الخاصة بظاهرة ما، أو التعرف على خصائص حالة ما (العسكري، 2004)، وتم توظيف المنهج في تحليل السياسات الاقتصادية الأمريكية وأثرها على العلاقات الأمريكية- الأوروبية، حيث تم التركيز على السياسات الحمائية التجارية وتأثيرها على التعاون الاقتصادي بين أمريكا والاتحاد الأوروبي كحالة دراسة.
  • المنهج الاحصائي الكمي: هو طريقة بحثية تهدف إلى جمع وتحليل البيانات العددية باستخدام الأساليب الإحصائية، ويُعتمد في البحوث العلمية؛ لدراسة العلاقات بين المتغيرات، وقياس الظواهر بموضوعية، ويتميز هذا المنهج بالقدرة على التعامل مع عينات كبيرة، وتحليل البيانات بطريقة دقيقة (Creswell & Clark, 2017). وساعد المنهج في تحليل حجم التجارية الأمريكية – الأوروبية والسياسات الاقتصادية الأمريكية، وحجم التبادل التجاري والصادرات والواردات بين الطرفين.

1-5 مصطلحات الدراسة:

  • السياسات الاقتصادية الخارجية أو الدولية: تعرف بأنها: “علاقات الدولة مع العالم الخارجي، وتنقسم إلى مجموعتين من السياسات هما: السياسة التجارية وتتكون أدوات السياسة التجارية من التعريفة الجمركية ونظام الحصص، وإعانات الصادرات وغيرها، ومن الأدوات التي تهدف التأثير في الواردات والصادرات، ويؤثر بدوره في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي، وسياسة الصرف الأجنبي، وتتمثل أدوات هذه السياسة في تغيير سعر الصرف والخاص بتحديد قيمة العملة الوطنية بالنسبة للعملات الأجنبية، ويؤثر على التجارة الخارجية للدولة، أي على الصادرات والواردات، ويؤثر بدوره في مستوى الطلب الكلي، وفي مستوى النشاط الاقتصادي، وتتبع الدول نظماً مختلفة في تنظيم وإدارة أسواق الصرف الأجنبي فيها” (مصطفى، 2023 :130).
  • الحرب التجارية: تُعد الحرب التجارية نتيجة محتملة لإجراءات “حمائية” وتصف أجواء تكون فيها كل دولة متأهبة لاتخاذ قرارات تجارية ضد دولة أخرى من خلال زيادة المعوقات التجارية كالتعريفة الجمركية (بن عامر، شايب، 2021).

1-6 فرضية الدراسة: تنطلق الدراسة من فرضية رئيسية مفادها: “توجد علاقة ارتباطية بين السياسات الاقتصادية الأمريكية وبين مستوى التعاون الاقتصادي الدولي بين أمريكا وبين دول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة (2016-2026)، حيث كان للسياسات الاقتصادية التي تبناها الرئيس الأمريكي ترامب أثر في تراجع العلاقات الأمريكية الأوروبية”.

1-7 الدراسات السابقة:  تم عرض الدراسات السابقة التي تناولت موضوع الدراسة وتم تصنيفها إلى دراسات عربية وأجنبية وترتيبها من الأحدث إلى الأقدم كما هو مبين تالياً:

الدراسات العربية:

دراسة الكحيل (2025). بعنوان: أفق العلاقات الأوروبية – الأميركية: التحديات والمسارات، هدفت الدراسة الى تحليل أفق العلاقات الأوروبية – الأميركية، وانتهت الدراسة إلى أن الحرب التجارية ستكون مكلفة لجميع الاطراف، وأن التفاوض هو المحور الأساسي لتجنب الاثار المدمرة للحرب التجارية على النظام الاقتصاد العالمي، مع ضرورة تنويع مصادر الدعم للاتحاد الأوروبي عبر شراكات متعددة مثل التعاون مع دول الخليج.

دراسة الحديثي (2025). بعنوان: العلاقات الأوروبية–الأمريكية في ضوء المستجدات وسيناريوهات المستقبل، هدفت الدراسة لبيان أن العلاقات الأوروبية–الأمريكية تشهد حالة من الارتباك الناتجة عن موقف إدارة ترامب من قضايا عديدة في المقدمة منها الموقف من الحرب الروسية – الاوكرانية والتعريفات الجمركية، وإن أي تصور لمستقبل العلاقات الأوروبية–الأمريكية لا يمكن ان يأخذ مداه دون المرور بالأساسيات في تلك العلاقة، وتتوزع العلاقات بين الطرفين إلى تجارية وامنية وقيمية وتشكل العلاقات التجارية بينهما (60%) من مجمل الناتج الاجمالي و (33%) من التجارة العالمية في السلع و(42%) من التجارة العالمية في الخدمات، وفي ضوئه فان الولايات المتحدة تمثل شريكاً استراتيجياً في العلاقات التجارية لأوروبا.

دراسة بن عامر، شايب (2021). بعنوان: أثر أدوات السياسة النقدية غير التقليدية على النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية للفترة: 2008-2019 باستخدام نموذج (ARDL هدفت الدراسة إلى تقييم فعالية أدوات السياسة النقدية غير التقليدية على النمو الاقتصادي، وتحقيق بناء نموذج قياسي باستخدام نموذج الانحدار الذاتي للفجوات الزمنية الموزعة المتباطئة (ARDL) وبتطبيقه على الاقتصاد الأمريكي الذي عانى من انخفاض معدلات نموه بعد الأزمة المالية العالمية، ما دفع بالاحتياطي الفيديرالي الأمريكي إلى تطبيق أداتي التيسير الكمي ومعدلات الفائدة الصفرية، وخلصت الدراسة إلى وجود أثر إيجابي ومعنوي لسياسة التيسير الكمي على نمو الاقتصاد الأمريكي، بينما معدلات الفائدة الصفرية كانت آثارها غير معنوية احصائيا.

الدراسات الأجنبية:

دراسة سيولان، مويرCiolan, Moyer, (2025)، بعنوان:Navigating uncertainty: Where are EU–US relations headed?, Sage Journals، التعامل مع حالة عدم اليقين: إلى أين تتجه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟، هدفت الدراسة لبيان أن العلاقات عبر الأطلسي تمر بمرحلة إعادة تقييم حاسمة، تتميز بعودة إدارة أمريكية أكثر ميلاً إلى المعاملات التجارية، ونظام عالمي يتجه نحو التعددية القطبية. وتثير عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، متبنياً مبدأ “أمريكا أولاً”، تساؤلات حول مشاركة الولايات المتحدة في التحالف عبر الأطلسي، وخلصت الدراسة إلى أن مزاعم الرئيس الأمريكي ترامب المتكررة تعكس بأن الاتحاد الأوروبي أُنشئ “لإزعاج” الولايات المتحدة، عدم رغبة إدارته في التفاعل البنّاء مع الاتحاد الأوروبي، وعدم ثقتها بالمنتديات متعددة الأطراف، مفضلةً الاتصالات الثنائية بين الدول. 

دراسة بوش وفاراما Besch, Varma, (2025)، بعنوان: Alliance of Revisionists: A New Era for the Transatlantic Relationship، تحالف المراجعين: عصر جديد للعلاقات عبر الأطلسي، هدفت الدراسة لبيان أن ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية، إلى جانب صعود الأحزاب الشعبوية اليمينية في أوروبا، قد تُبشّر بعهد جديد من العولمة عبر الأطلسي، لقد حدد العولميون على جانبي الأطلسي عدوًا مشتركًا يتمثل في النخبة الليبرالية العابرة للحدود الوطنية، سواء في بلدانهم أو في المؤسسات متعددة الأطراف مثل الاتحاد الأوروبي، وخلصت الدراسة إلى أن العديد من العولميون متشككون في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومستسلمون للمطالب الروسية وعلى الرغم من احتمالية نشوب صراع كبير، فإن كلا الجانبين سيستفيدان من التعاون معًا، ويمكنهما العمل على إعادة التفاوض على القيم والمصالح التي توحد الولايات المتحدة وأوروبا، وفي هذه العملية، تفكيك المشروع الأوروبي.

دراسة شيلد وسيميدSchild, Schmidt, (2024)، بعنوان: EU and US Foreign Economic Policy Responses to China, The End of Naivety, ردود أفعال السياسة الاقتصادية الخارجية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تجاه الصين نهاية السذاجة، هدفت الدراسة لبيان طبيعة العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع الصين، ومحاولاتهما لتحقيق تكافؤ الفرص الاقتصادية وتضييق فجوة المعاملة بالمثل في انفتاح السوق، وخلصت الدراسة إلى أن تفسير مدى ردود فعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والاختلافات بينهما أدى الصعود الاقتصادي والسياسي المذهل بالصين.

دراسة مولان Mullan, (2023)، بعنوان:The High Geopolitical Costs of U.S. Economic Policies,، التكاليف الجيوسياسية الباهظة للسياسات الاقتصادية الأمريكية، هدفت الدراسة لبيان أن استراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن الصناعية والابتكارية الحديثة ساهمت في تسريع النمو الاقتصادي في النصف الأول من عام 2023، وإن سياسات بايدن الاقتصادية تستند إلى مبادئ (إجماع واشنطن الجديد)، الذي يهدف إلى إعادة بناء الطبقة المتوسطة، والتخفيف من آثار تغير المناخ، وتقليص التفاوت، وتعزيز مرونة سلسلة التوريد، وخلصت الدراسة إلى أن أهداف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن جديرة بالإعجاب والاعتبار، وإن الأساليب التي تستخدمها لتحقيقها، إلى جانب السياسات الاقتصادية الأميركية.

ما يميز الدراسة عن الدراسات السابقة: تختلف الدراسة الحالية من حيث الهدف عن الدراسات السابقة والتي ركزت بشكل رئيسي على تحليل  العلاقات الأوروبية–الأميركية، أو بيان طبيعة العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع الصين، فيما هدفت الدراسة الحالية الى بيان طبيعة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتحليل للسياسات التجارية الأمريكية وأثرها على الاقتصاد الأوروبي، من هنا تبرز الفجوة البحثية التي تسعى الدراسة الحالية لتغطيتها والمتمثلة ببيان العلاقة بين السياسات التجارية الأمريكية وانعكاساتها على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، لذا تتميز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة التي تم الاطلاع عليها وتلخيصها في هذه الدراسة بأنها تبحث في موضوع يتمثل في السياسات الاقتصادية الأمريكية، وذلك من خلال بيان تأثيرها على العلاقات الأمريكية-الأوروبية، حيث أن أي من الدراسات السابقة التي تم عرضها لم تتناول المتغيرات التي تناولتها الدراسة الحالية، ولم تدرس الفترة الزمنية التي تناولتها مما يميزها عن الدراسات السابقة التي تم عرضها.

2- سياسات  التجارة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية:

تُظهر النظرية الاقتصادية أن التجارة الحرة مفيدة على المستوى الوطني، مع أن فوائد وتكاليف تحرير التجارة قد تكون غير موزعة بالتساوي داخل الدولة، ونظريًا تُنتج الدول وتُصدر سلعًا وخدمات تتمتع فيها بميزة نسبية أعلى، وتستورد سلعًا وخدمات غير متوفرة محليًا أو أقل كفاءة في الإنتاج، ويفترض أن الدول تتبنى نهجًا موجهًا نحو السوق، وتلتزم بقواعد مماثلة، وتوفر وصولًا متبادلًا إلى الأسواق، وتشمل فوائد التجارة ارتفاع الأجور ونمو الوظائف، وتنوعًا أوسع في المنتجات المتاحة بأسعار أقل، وزيادة الإنتاجية كما هو الحال في الصناعات التي تُركز على التصدير، وتخصيصًا أكثر كفاءة للموارد من خلال المنافسة واقتصادات الحجم، وتشمل تكاليف تحرير التجارة فقدان بعض الوظائف، وانخفاض الأجور، بسبب منافسة الواردات ونقل الإنتاج، وقد تختلف هذه الفوائد والتكاليف باختلاف القطاع، ويصعب قياس الأثر الاقتصادي لتحرير التجارة، وهو موضع جدل واسع، ويعود ذلك جزئيًا إلى العوامل العديدة التي تؤثر على النشاط الاقتصادي، ويتفق معظم الاقتصاديين على أن تحرير التجارة يُفيد الاقتصاد الأمريكي بشكل عام، ولكنه يفرض تكاليف تكيف على قطاعات ومناطق معينة، وقد يحتاج العمال والشركات إلى مزيد من المساعدة وسياسات مُخصصة للتكيف مع آثار التجارة الحرة على الاقتصاد الأمريكي Scott, 2025)).

وعليه فالسياسة الاقتصادية هي خطط وإجراءات تتخذها الحكومة للتأثير على الأداء الاقتصادي للدولة، وتهدف هذه السياسات إلى تحقيق أهداف اقتصادية محددة، مثل تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتوفير فرص عمل، والحد من التضخم، وتحقيق الاستقرار المالي، وتلعب السياسة الاقتصادية دورًا حيويًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فمن خلال السياسات الاقتصادية المناسبة.

من أهم عناصر السياسة التجارية الخارجية للولايات المتحدة ما يلي (Russell, 2025):

  • الحد من الحواجز التجارية: تسعى الولايات المتحدة إلى خفض الحواجز التجارية والاستثمارية الدولية، مثل التعريفات الجمركية والحصص والقيود غير الجمركية، لتعزيز التجارة الحرة وتسهيل تدفق السلع والخدمات.
  • نظام تجاري قائم على القواعد: تؤيد الولايات المتحدة نظامًا تجاريًا متعدد الأطراف قائماً على القواعد من خلال منظمة التجارة العالمية (WTO)، حيث تسعى إلى ضمان الشفافية والإنصاف وعدم التمييز في التجارة الدولية.
  • اتفاقيات التجارة الحرة: أبرمت الولايات المتحدة العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع دول العالم لتعزيز التجارة والاستثمار المتبادلين، وتشمل هذه الاتفاقيات تبسيط الإجراءات الجمركية وخفض التعريفات الجمركية، ووضع قواعد مشتركة للتجارة والاستثمار.
  • التجارة التفضيلية: تقدم الولايات المتحدة برامج تجارة تفضيلية لبعض البلدان النامية، مثل مبادرة حوض البحر الكاريبي، التي تمنح هذه البلدان امتيازات تجارية خاصة لتعزيز تنميتها الاقتصادية.
  • التعريفات الجمركية والعقوبات التجارية: تستخدم الولايات المتحدة التعريفات الجمركية كأداة لتعزيز القدرة التنافسية للشركات الأمريكية وحماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية غير العادلة، كما قد تفرض عقوبات تجارية على دول أخرى لردع ممارسات تجارية غير قانونية أو غير عادلة.
  • إنفاذ الاتفاقيات التجارية: تعمل الولايات المتحدة على إنفاذ حقوقها التجارية بموجب الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، من خلال آليات التسوية والمفاوضات الثنائية أو المتعددة الأطراف.

ومن أهداف السياسة التجارية الخارجية للولايات المتحدة ما يلي (Carew and Kashyap, 2025)

  • تعزيز النمو الاقتصادي: تهدف السياسة التجارية الأمريكية إلى تعزيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة من خلال زيادة الصادرات وخلق فرص عمل وتحسين القدرة التنافسية للشركات الأمريكية.
  • حماية الأمن القومي: تستخدم الولايات المتحدة أدوات السياسة التجارية لحماية أمنها القومي من خلال تقييد تصدير التكنولوجيا الحساسة أو السلع التي قد تستخدم لأغراض عسكرية أو إرهابية.
  • تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان: تدمج الولايات المتحدة أهدافًا تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان في سياستها التجارية، من خلال ربط المساعدات التجارية أو اتفاقيات التجارة بتعزيز حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في البلدان الأخرى.
  • مواجهة الممارسات التجارية غير العادلة: تسعى الولايات المتحدة إلى مواجهة الممارسات التجارية غير العادلة، مثل الإغراق والدعم غير المشروع، لضمان تكافؤ الفرص للشركات الأمريكية.

يتبين مما سبق أن السياسة التجارية الأمريكية تواجه تحديات ومن أهمها: العجز التجاري خاصة مع دول مثل الصين، مما يثير مخاوف بشأن فقدان الوظائف والقدرة التنافسية الصناعية، والمنافسة المتزايدة من الشركات في الدول الأخرى، خاصة من الاقتصادات الناشئة، والتعقيد المتزايد للتجارة العالمية بسبب التطورات التكنولوجية والعولمة، مما يتطلب استجابات سياسية متطورة، فالتوترات الجيوسياسية تؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة ودول أخرى، مثل الصين وروسيا، على التجارة والاستثمار.

تعد السياسة التجارية للولايات المتحدة تجاه الاتحاد الأوروبي معقدة ومتغيرة، وتشمل عناصر مثل الرسوم الجمركية، والاتفاقيات التجارية، والخلافات حول معايير التجارة على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إلا أن العلاقات التجارية بينهما ليست خالية من التوترات والنزاعات، ومن العناصر الرئيسية للسياسة التجارية الأمريكية تجاه الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الاتحاد الأوروبي، خاصة في قطاعات الصلب والألمنيوم، كجزء من سياسة “أمريكا أولاً” التي ينتهجها الرئيس الأمريكي ترامب، وأثار هذا الإجراء توترات كبيرة مع الاتحاد الأوروبي، الذي رد بالمثل بفرض رسوم على بعض الواردات الأمريكية، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما من أكبر الاقتصادات في العالم، إلا أنهما لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة شاملة، رغم أنه كانت هناك محاولات سابقة لإبرام اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي، ولكنها فشلت في

تحقيق تقدم، فالخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تتزايد فيما يخص معايير السلامة الغذائية، والمعايير البيئية، والرقمنة، والضرائب على الخدمات الرقمية، وتسعى الولايات المتحدة إلى تقليص العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي من خلال معالجة هذه “الحواجز غير الجمركية”، لذا تأثرت السياسة التجارية الأمريكية تجاه الاتحاد الأوروبي بالتغيرات في الإدارة الأمريكية والمواقف السياسية والاقتصادية العالمية، على سبيل المثال، أدت سياسات الرئيس الأمريكي ترامب إلى تصعيد التوترات التجارية (Hirt and Hochstein, 2025).

ومن التحديات التي تواجه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، استمرار الرسوم الجمركية، والنزاعات حول المعايير التجارية، والغموض بشأن الاتفاقيات التجارية المستقبلية، وتأثير التوترات الجيوسياسية (US Tariffs Have Mixed Fiscal Impact, 2025)، رغم ذلك هناك فرص للتعاون في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والابتكار التكنولوجي، ومكافحة تغير المناخ، ويمكن أن يؤدي التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تعزيز النمو الاقتصادي العالمي وخلق فرص جديدة للشركات بشكل عام، فتتسم السياسة التجارية الأمريكية تجاه الاتحاد الأوروبي بالتعقيد والتغير، مع وجود تحديات وفرص، فمن المرجح أن تستمر العلاقات التجارية بين الجانبين في التطور مع تغير الظروف السياسية والاقتصادية العالمية (Cole, 2025).

2-1 العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تاريخ طويل من العلاقات التجارية يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد تأسست الجماعة الاقتصادية الأوروبية، التي تطورت لاحقًا لتصبح الكتلة التجارية للاتحاد الأوروبي عام 1957 بهدف إنشاء سوق مشتركة وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وكانت الولايات المتحدة شريكًا تجاريًا رئيسيًا للدول الأوروبية، باستثمارات كبيرة في اقتصاديات دول أوروبا، فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتبادلان سلعًا وخدمات بمليارات الدولارات سنويًا، وتُعد هذه العلاقة التجارية الثنائية حيوية، إذ تُحفّز النمو الاقتصادي، وتُوفّر فرص عمل، وتُعزّز الابتكار على جانبي الأطلسي. إضافةً إلى ذلك، تتشاطر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قيمًا مشتركة، كالديمقراطية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، مما يُعزّز روابطهما الاقتصادية، إلا أنها منذ عام 2016 تواجه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديات نتيجة عوامل مختلفة، مثل النزاعات التجارية والاختلافات التنظيمية والتوترات الجيوسياسية، ومع ذلك، لا تزال التجارة الثنائية بين الجانبين قوية، ونمت التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا بشكل كبير، لكن هذا الاتجاه انعكس عندما تبنت الولايات المتحدة موجة من السياسات الحمائية بين عامي 1929 و1932، انخفضت واردات الولايات المتحدة من أوروبا من (1.3) مليار دولار إلى (390) مليون دولار، بينما انخفضت الصادرات إلى أوروبا من (2.3) مليار دولار إلى (784) مليون دولار، بسبب قانون تعريفة سموت-هاولي لعام 1930، وهو مشروع قانون ضغطت عليه المجموعات الصناعية الأمريكية ليشمل حماية واسعة من المنافسة الأجنبية، وخاصة الزراعة الأوروبية التي تعافت بعد الحرب العالمية الأولى، وقوضت قوانين سموت-هاولي والقوانين المماثلة التعاون الاقتصادي والسياسي الدولي خلال حقبة حرجة في العلاقات العالمية، لقد تسببت في تبني شركاء تجاريين أوروبيين مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا لسياسات “إفقار الجار” المماثلة، مما ساهم في انكماش كبير في التجارة الدولية، وكانت الآثار الاقتصادية ضارة  لكل من الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، لدرجة

أنها دفعت الولايات المتحدة في النهاية إلى التخلي عن ممارستها طويلة الأمد المتمثلة في فرض تعريفات جمركية عالية على الواردات (Knigge, 2019)

دشن قانون اتفاقيات التجارة المتبادلة لعام 1934 حقبة جديدة من تحرير التجارة الأمريكية، مع التركيز على تخفيضات التعريفات الجمركية الثنائية والمتعددة الأطراف مع أوروبا ومناطق أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، وتولت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، ومن خلال خطة مارشال (1948-1952)، قدمت أكثر من (13) مليار دولار كمساعدات لإعادة بناء البنية التحتية الأوروبية واستقرار العملات وتحفيز الإنتاج الصناعي، وتحركت الدول الأوروبية نحو تكامل أعمق، وبلغت ذروتها بتشكيل الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1957، وهي عملية دعمتها الولايات المتحدة إلى حد كبير، حيث اعتبرت أوروبا حليفًا استراتيجيًا خلال الحرب الباردة، ومع ذلك، ظلت الولايات المتحدة حذرة بشأن ظهور كتلة أوروبية حمائية يمكن أن تضر بالصادرات الأمريكية، وقد أعاقت هذه المخاوف مفاوضات التجارة الدولية بين الولايات المتحدة وأوروبا طوال الستينيات من القرن العشرين، وأدى إنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO) في عام 1995 إلى ترسيخ نظام تجاري حر استفادت منه الشركات الأوروبية والأمريكية على حد سواء، وقد سهلت التعريفات الجمركية المخفضة واللوائح الموحدة والأطر القانونية المشتركة وصولاً غير مسبوق إلى الأسواق عبر الأطلسي، ووسعت الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات مثل (نستله وسيمنز ولوريال) عملياتها في الولايات المتحدة، بينما عززت شركات أمريكية مثل (فورد، وآي بي إم، وبروكتر آند جامبل) وجودها في أوروبا، مستفيدة من التقارب التنظيمي وتعزيز حماية المستثمرين (Smith, 2019).

وعلى الرغم من هذا التكامل، تباينت الولايات المتحدة وأوروبا في كثير من الأحيان في مناهج السياسات التجارية، مما أثار نزاعات تجارية متكررة، وبينما تقدموا بشكل مشترك باتفاقيات تاريخية مثل اتفاقية تكنولوجيا المعلومات لعام 1996 استمرت الخلافات بشأن الوصول إلى الأسواق والدعم الزراعي ومعايير سلامة الأغذية، وفي القرن الحادي والعشرين، بلغت الجهود المبذولة لمأسسة العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي ذروتها في مفاوضات الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي تهدف اتفاقية الشراكة التجارية عبر الأطلسي إلى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، وتهدف إلى مواءمة الأطر التنظيمية وتقليل الحواجز غير الجمركية، وبحلول عام 2016 وبعد (15) جولة من المفاوضات، انهارت المحادثات وسط معارضة سياسية ومخاوف بشأن الشفافية ومخاوف من تآكل حماية المستهلك، وثبت أن الاختلافات العميقة الجذور في معايير السلامة البيئية والعمالية والغذائية لا يمكن التغلب عليها، ولا يزال الاختلاف التنظيمي يعقد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتعلق بقضايا مثل خصوصية البيانات (القانون العام لحماية البيانات مقابل النماذج الأمريكية القطاعية) والكائنات المعدلة وراثيًا وإنفاذ مكافحة الاحتكار وتنظيم المنصات الرقمية (Knigge, 2019).

وعلية تتسم العلاقات الأمريكية الأوروبية بالتعقيد، حيث تشهد توترات بسبب سياسات الحمائية التجارية التي تنتهجها الولايات المتحدة، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، بالإضافة إلى خلافات حول قضايا أمنية ودور الولايات المتحدة في حماية أوروبا، وتثير الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على السلع الأوروبية مخاوف كبيرة في أوروبا، حيث تعتبرها بعض الدول الأوروبية غير مبررة وقد تؤدي إلى تصعيد “حرب تجارية”.

عادت التوترات التجارية إلى الظهور في عام 2018 عندما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، مستشهدة بالمادة (232) من قانون توسيع التجارة، تعريفات جمركية قائمة على الأمن القومي بنسبة (25٪) على الصلب و(10٪) على واردات الألومنيوم من الاتحاد الأوروبي، وردّ الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية انتقامية على سلع أمريكية بقيمة (3.2) مليار دولار، مستهدفًا منتجات حساسة سياسيًا مثل الدراجات النارية، وبينما غيّرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بايدن خطابها نحو التعاون، أبقت على العديد من التدابير التجارية التي فُرضت في عهد الرئيس الأمريكي ترامب الأولى، وأثارت السياسات الصناعية الأمريكية وأبرزها قانون خفض التضخم وقانون “CHIPS” والعلوم،  انتقادات من القادة الأوروبيين لاحتمال إلحاق الضرر بالشركات الأوروبية من خلال الإنتاج المحلي المدعوم من الدولة، فيما حافظت الولايات المتحدة وأوروبا على توافق استراتيجي بشأن التحديات الجيوسياسية الرئيسية، وقد أظهرت عقوباتهما المنسقة ضد روسيا في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 وغزو أوكرانيا عام 2022 مرونة التعاون عبر الأطلسي في مسائل الأمن والنظام العالمي، وكشف انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة التي تركز على إيران في عام 2018 المعارضة الأوروبية القوية وخلافات دبلوماسية مستمرة مع أوروبا، التي سعت إلى الحفاظ على الاتفاقية من جانب واحد من خلال إنشاء آلية خاصة مصممة لتسهيل التجارة مع إيران خارج نطاق العقوبات الأمريكية (Quinville, 2025).

مما سبق يتبين أن العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمر بالغ الأهمية في الاقتصاد العالمي، فكلاهما لاعبين رئيسيين في التجارة الدولية، والعلاقات الاقتصادية بينهما لها آثار بعيدة المدى على الشركات والمستهلكين والحكومات على جانبي المحيط الأطلسي.

2-2 بيانات التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

تجاوزت القيمة الإجمالية لتجارة السلع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (858.67) مليار دولار أمريكي عام 2024، و(1.09) تريليون دولار أمريكي في عام 2023، مما يجعلها واحدة من أكبر العلاقات التجارية في العالم (مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، 2025)، وبلغت واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي (655.39) مليار دولار بينما بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي (443.84) مليار دولار في الفترة (2023-2024) بناءً على بيانات التصدير الأمريكية، وفقًا لبيانات الشحن الأمريكية لعام 2024 بلغ إجمالي واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي (511.59) مليار دولار، بينما بلغت الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي (337.08) مليار دولار في عام 2024، وصدرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة تزيد عن (443) مليار دولار إلى الاتحاد الأوروبي في الفترة (2023-2024)، وصدر الاتحاد الأوروبي بضائع إلى الولايات المتحدة بقيمة (655) مليار دولار خلال الفترة نفسها، وبحسب بيانات التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لعام 2024، وعليه فإن إجمالي حجم التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبلغ (1.09) تريليون دولار، ويبلغ الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (211.55) مليار دولار في التجارة الثنائية، لقد كان الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي متوازناً نسبياً منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث استفاد الجانبان من تبادل السلع التي تشمل أهم واردات أمريكية من الاتحاد الأوروبي ومجموعة واسعة من السلع والمنتجات التي تلعب دورًا محوريًا في

الاقتصاد الأمريكي من السيارات والآلات إلى الأدوية والمعدات الطبية، تُظهر هذه الواردات ترابط التجارة العالمية (Singh, Jones, 2025).

وفيما يلي أهم السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وفقًا لإحصاءات التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبيانات الواردات الأمريكية لعام 2024 (Friedrich, 2024)

جدول (1): أهم السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي لعام 2024

السلعة قيمة المستوردات  (مليار دولار)
المنتجات الصيدلانية 116.05
المفاعلات النووية والآلات 102.92
المركبات 73.36
الآلات والمعدات الكهربائية 41.30
الأدوات البصرية والطبية والجراحية 39.44
المواد الكيميائية العضوية 31.56
الوقود المعدني والزيوت 19.13
المشروبات الروحية والخل 13.91
الأحجار الكريمة والمعادن واللؤلؤ 13.64
الطائرات والمركبات الفضائية وأجزاؤها 13.26

Reassure: US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com

تشمل أهم (10) صادرات أمريكية إلى الاتحاد الأوروبي مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، مما يُبرز قوة العلاقات التجارية بين الجانبين، وتُعد الولايات المتحدة موردًا رئيسيًا لسوق الاتحاد الأوروبي، بدءًا من الطائرات والآلات وصولًا إلى الأدوية والمعدات الطبية(US Exports Blogs, 2024)، وفيما يلي أهم (10) سلع تُصدرها الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، وفقًا لبيانات التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبيانات الصادرات الأمريكية لعام 2024.

جدول (2): أهم صادرات أمريكية إلى الاتحاد الأوروبي لعام 2024

السلعة قيمة الصادرات (مليار دولار)
الوقود المعدني والزيوت 92.52
المنتجات الصيدلانية 46.87
الطائرات والمركبات الفضائية وأجزاؤها 43.19
المفاعلات النووية والآلات 40.10
الأدوات البصرية والطبية والجراحية 34.43
الآلات والمعدات الكهربائية 31.03
المركبات 21.49
الأحجار الكريمة والمعادن واللؤلؤ 19.72
المواد الكيميائية العضوية 18.57
البلاستيك ومصنوعاته 11.01

Reassure: US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com

عند دراسة واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي حسب الدولة، من الضروري مراعاة العلاقة الاقتصادية الوثيقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتُعدّ ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا من بين أبرز الدول التي تستورد منها الولايات المتحدة سلعًا، وتغطي هذه الواردات مجموعة واسعة من المنتجات، بدءًا من السيارات ووصولًا إلى الأدوية، والدول العشر الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تستورد منها الولايات المتحدة أكبر عدد من السلع، وفقًا لبيانات الشحن الأمريكية لعام 2024 هي:

جدول (3): واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي حسب الدولة لعام 2024

الدولة قيمة الواردات (مليار دولار)
ألمانيا 163.08
أيرلندا 82.71
إيطاليا 75.20
المملكة المتحدة 65.48
فرنسا 58.92
هولندا 39.37
إسبانيا 24.08
بلجيكا 23.50
النمسا 19.61
السويد 18.86

Reassure: US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com

تختلف صادرات الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي باختلاف الدولة، حيث تلعب كل دولة دورًا محوريًا في مجمل العلاقات التجارية. وتلعب هذه الصادرات دورًا هامًا في تعزيز التعاون الاقتصادي والنمو عبر الحدود. تُعدّ هولندا أكبر شريك تصديري للولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي، تليها ألمانيا. الدول العشر الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تُصدّر الولايات المتحدة أكبر عدد من السلع إليها، وفقًا لبيانات بوليصة الشحن الأمريكية لعام 2024 هي (سناجلة، 2025):

جدول (4): الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي حسب الدولة

الدولة قيمة الصادرات (مليار دولار)
هولندا 82.18
ألمانيا 76.69
المملكة المتحدة 74.08
فرنسا 45.25
بلجيكا 38.82
إيطاليا 28.93
إسبانيا 25
أيرلندا 16.94
بولندا 11.01
السويد 8.61

Reassure: US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com/

يعتبر العجز التجاري نقطة خلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يرى الجانب الأمريكي أن هذا الخلل في الميزان التجاري يمثل خسارة للولايات المتحدة، ففي عام 2024 كانت الولايات المتحدة أكبر شريك لصادرات الاتحاد الأوروبي من السلع بنسبة (20.6%)، تليها المملكة المتحدة بنسبة (13.2%) والصين بنسبة (8.3%)، وسويسرا بنسبة (7.5%)، وتركيا بنسبة (4.3%).

 

التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في السنوات العشر الماضية:

جدول (5): بيانات الاستيراد والتصدير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (مليار دولار)

سنة واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي
2013 395.60 263.65
2014 427.02 276.86
2015 437.38 273.30
2016 425.45 271.14
2017 444.83 283.91
2018 498.40 319.44
2019 526.10 337.25
2020 475.71 290.55
2021 560.07 333.89
2022 634.59 427.74
2023 655.39 443.84

Reassure: US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com/

تبقى الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، وحقق الاتحاد فائضًا تجاريًا مع أمريكا قدره (9.6) مليار يورو، وتمثل التجارة عبر الأطلسي شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية، وهي أهم علاقة تجارية واستثمارية ثنائية في العالم. حيث تضاعفت التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في السلع والخدمات خلال العقد الماضي، متجاوزة (1.6) تريليون يورو في عام 2024، مع (867) مليار يورو من تجارة السلع و(817) مليار يورو من تجارة الخدمات، أي ما يزيد عن (4.2) مليار يورو من السلع والخدمات تعبر المحيط الأطلسي يوميًا، مما سبق نجد أن الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شهد عجزًا للولايات المتحدة، حيث تستورد الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي أكثر مما تصدر إليه، ففي عام 2023 حقق الاتحاد الأوروبي فائضًا تجاريًا في السلع مع الولايات المتحدة، بينما سجل عجزًا في تجارة الخدمات، بشكل عام، ويُعد الاتحاد الأوروبي شريكًا تجاريًا رئيسيًا للولايات المتحدة، حيث يمثل التبادل التجاري في السلع والخدمات حوالي (4.9%) من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، وتستورد الولايات المتحدة سلعًا وخدمات من الاتحاد الأوروبي أكثر مما تصدر إليه، لذا تُعد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من بين أكثر العلاقات تشابكاً وأهمية على مستوى العالم، ففي عام 2024 بلغ إجمالي تجارة السلع بين الطرفين (975.9) مليار دولار، مما يعكس عمق الترابط الاقتصادي بينهما، فإن فرض رسوم جمركية إضافية من قبل الولايات المتحدة قد يعرض هذه العلاقة للخطر، خاصة في ظل وجود عجز تجاري أمريكي متزايد مع الاتحاد الأوروبي، ويشير ذلك إلى عجز بالنسبة للولايات المتحدة يقدر بحوالي (235.6) مليار دولار، بزيادة قدرها (12.9%) وبقينة (26.9) مليار دولار، مقارنة بعام 2023، هذا العجز المتزايد يضع ضغوطًا كبيرة على صناع القرار في الولايات المتحدة، مما قد يدفعهم إلى اتخاذ إجراءات حمائية مثل فرض الرسوم الجمركية الإضافية.

3- السياسات التجارية الأمريكية وأثرها على  العلاقات الأمريكية-الأوروبية

شكَّلت خصوصية العلاقات إحدى الركائز الأساسية التي ساهمت في تشكيل النظام العالمي إبَّان مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك ما أثبتته من فاعلية خلال الحرب الباردة بين القوَّتَيْن الأمريكية والسوفييتية، وفرضت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب خلال ولايته الأولى تعريفات جمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي الرئيسة خلال الفترة (2017-2021م)، شملت الصلب والألمنيوم، وعزت ذلك إلى أهميتها في الحفاظ على أمنها القومي، لكن أشعلت هذه التدابير التوترات في العلاقات عبر الأطلسي، ودفعت الاتحاد الأوروبي إلى فرض تعريفات جُمركية انتقامية على سلع أمريكية، وطوال تاريخ علاقاتهم، كان الاتحاد الأوروبي يرد على التعريفات الجمركية الأمريكية بإجراءات انتقامية، وفي عام 2018م، فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية على سلع أمريكية بقيمة (3) مليارات دولار، ردًا على التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم (International Economics, 2025)

وقبل الحرب التجارية الأمريكية عام 2025 كان متوسط معدل التعريفة الجمركية الأمريكية على الواردات من الاتحاد الأوروبي (1.47%)، وعلى واردات الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة (1.35%)، بناءً على أحجام التجارة لعام 2023، فإن التطبيق الكامل لتعريفات الجمركية الأمريكية سيرفع متوسط معدل التعريفة الجمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى (15.2%) ومعظمها من التعريفة الجمركية التبادلية بنسبة (20%) وعلى معظم المنتجات (9.7%) بزيادة قدرها (13.7%)، بينما التعريفات الجمركية على الفولاذ والألمنيوم تقدر بحوالي (1.4%) والمركبات (2.6%) بشكل ضئيل نسبيًا، وتؤدي الإعفاءات الجمركية لبعض السلع (وخاصة الأدوية والمنتجات الإلكترونية مثل الهواتف الذكية) إلى خفض متوسط معدل التعريفة الجمركية إلى حد ما، وأدى إعلان الرئيس الأمريكي ترامب في 9 نيسان 2025 بتعليق مؤقت لمدة (90) يومًا لتطبيق بعض هذه الرسوم الجمركية بالكامل إلى خفض معدل الرسوم على معظم المنتجات القادمة من الاتحاد الأوروبي إلى (10%) ولا تزال الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم والمركبات سارية، وطالما استمر التعليق، يُقدر متوسط الرسوم الجمركية الثنائية بنسبة (9.9%)، أي بزيادة قدرها (8.4%) مقارنة بعام 2023 (المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2025).

يُمثل إعلان الرئيس الأمريكي  ترامب في أيار 2025 عن فرض تعريفة جمركية بنسبة (50%) على واردات الاتحاد الأوروبي، تصعيدًا كبيرًا في التوترات التجارية عبر الأطلسي، ويكشف تحليل البيانات الاقتصادية لعام 2025، إلى جانب استجابة السوق الفورية والتدابير المضادة للاتحاد الأوروبي (Blenkinsop, 2025) وفيما يلي عرضاً للرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها ترامب على دول الاتحاد الأوروبي.

جدول (6): الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها ترامب على دول الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي
المفاوضات – الوضع الراهن المفاوضات مستمرة – هدنة لمدة 90 يومًا اعتبارًا من 09/04/2025.
التعريفة الشاملة 0%
التعرفة الأساسية 10%
التعرفة المتبادلة الإضافية 10% ~ 40%
الإعفاءات الجمركية الأساسية والمتبادلة المنتجات التي تشملها التعريفات الجمركية الخاصة بالمنتج بموجب المادة 232، والنحاس، والمستحضرات الصيدلانية، وأشباه الموصلات وبعض المنتجات الإلكترونية، والأخشاب، وبعض المعادن الأساسية، والطاقة ومنتجات الطاقة
التعريفات الجمركية الخاصة بالمنتج بموجب المادة 232 الفولاذ: 25% الألومنيوم: 25% السيارات: 25% قطع غيار السيارات: 25%
تحقيقات المادة 232 الخاصة بالمنتج ~ التعريفات الجمركية المستقبلية المحتملة النحاس والأخشاب والخشب وأشباه الموصلات ومعدات تصنيع أشباه الموصلات والأدوية والمكونات الصيدلانية والشاحنات والمعادن الأساسية والمنتجات المشتقة والطائرات التجارية والمحركات النفاثة

Reassure: Blenkinsop, P (2025) EU urges respect not threats as Trump pushes for 50% tariff, www.reuters.com/

يتضح من الجدول أن هذه التعريفات تراكمية، ويضاف إليها التعريفات السارية بنهاية عام 2024، على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة عام 2023 تعريفة جمركية بنسبة (2.5%) على السيارات.

ونظرًا لأن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر شريك تجاري لأمريكا، حيث يُمثل نحو (4%) من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي من تجارة السلع وحدها، فإن أي تغييرات جوهرية في الرسوم الجمركية قد تُعطل قطاعات رئيسية مثل السيارات والفضاء والأدوية، والتي شكلت مجتمعةً أكثر من (250) مليار دولار من التجارة الثنائية بالنسبة لعام 2024، وبرر الرئيس الأمريكي ترامب فرض ضريبة (50%) بالإشارة إلى إجراءات تعريفية سابقة: (تعريفة عامة بنسبة (10%) على معظم الشركاء، وتعريفة بنسبة (20%) على سلع الاتحاد الأوروبي)، وأكد أن تعرفة التجارة للاتحاد الأوروبي غير الحاجزة تشوه العلاقات التجارية وتؤدي إلى تفاقم العجز التجاري إلى مستويات غير مقبولة، وأن فرض تعريفات باهظة سيضغط على الاتحاد الأوروبي لتقليص حواجزها التجارية والتفاوض على اتفاقية أكثر توازناً، ومع ذلك، فإن الزيادات الأحادية الجانب غالباً ما تُحمّل المستهلكين المحليين والصناعات التحويلية العبء المالي الأكبر، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المدخلات على الشركات المصنعة الأمريكية ويؤدي إلى تراجع حجم الاستثمار المحلي المحتمل )مركز الامارات للسياسات، 2025).

لذا أكد الاتحاد الأوروبي أنه يجب أن تتم المفاوضات على أساس الاحترام لا التهديدات، وأعد قائمة بصادرات أمريكية بقيمة إجمالية تبلغ (36) مليار دولار، قد تُفرض عليها رسوم جمركية متبادلة، مما يُظهر استعداد الاتحاد الأوروبي للرد بشكل متناسب لحماية صناعات الاتحاد الأوروبي، مما يُفاقم من خطر اندلاع حرب تجارية شاملة، حيث يُحفز كل طرف على اتخاذ إجراءات مماثلة أو أكثر من إجراءات الطرف الآخر، وكان رد فعل الأسواق العالمية سلبيًا على إعلان التعريفات الجمركية في أيار 2025، حيث شهدت (23) شركة أسهم حول العالم انخفاضات حادة، انخفض سوق الأسهم الألماني بنسبة (6%)، بينما سجل مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” أكبر خسارة أسبوعية له منذ آذار 2025، وانخفضت أسهم شركة آبل بنسبة (6%) وسط تهديدات بفرض رسوم إضافية على الهواتف الذكية غير المصنعة في الولايات المتحدة، فيما يقدر أن زيادة متوسط التعريفات الجمركية الأمريكية من (14%) إلى (21%) قد يؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار (0.5) نقطة مئوية في عام 2025، وارتفاع أسعار المستهلك بنسبة تصل إلى (1%)، وزيادة الضغوط التضخمية، مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي طفيف، وتشير التوقعات إلى أن الزيادات المفاجئة في التعريفات الجمركية تؤدي عادةً إلى انخفاض في حجم التجارة بأكثر من (20%) سنويًا، مما يؤثر سلبًا على الناتج الاقتصادي والتوظيف في القطاعات الموجهة للتصدير، ويشكل تصاعد الرسوم الجمركية تحديات هيكلية لسلاسل التوريد العالمية، ويعتمد المصنّعين الأمريكيين على مدخلات وسيطة من الاتحاد الأوروبي، مثل مكونات الآلات المتخصصة، والتي قد ترتفع تكلفتها بشكل كبير، مما يؤدي لارتفاع في التكاليف القدرة التنافسية ويعطّل جداول الإنتاج، قد تواجه الشركات صعوبات في الوصول إلى أسواق رأس المال والتكنولوجيا والشراكات الأمريكية، إذ يدفعها عدم اليقين بشأن الوصول إلى الأسواق إلى تأخير قرارات الاستثمار، كما يُشكّل الأساس القانوني للرسوم الجمركية، المُستند إلى أحكام الأمن القومي المُستخدَمة في قانون توسيع التجارة، خطرًا يُهدّد الثقة في منظمة التجارة العالمية، وقد يدفع هذا الوضع اقتصادات رئيسية أخرى إلى التفكير في اتخاذ إجراءات مماثلة، مما قد يُؤدّي إلى تفتيت نظام التجارة العالمي (Blenkinsop, 2025)

قد تُحفز التعريفات الجُمركية الشركات على فتح سلاسل توريد جديدة، بهدف تجنُب التكاليف المرتبطة بالتعريفات الجمركية، على سبيل المثال قد تحول الشركات الأوروبية الإنتاج إلى الولايات المتحدة أو دول أخرى، في حين قد تسعى الشركات الأمريكية إلى موردين بديلين خارج الاتحاد الأوروبي، مما يُقلل من التعرض للتعريفات الجمركية، الذي من شأنه أن يُعطل العلاقات الاقتصادية الطويلة الأمد، وُيقلل من الكفاءة، وخاصة في الصناعات التي تعتمد على سلاسل توريد معقدة تسير عبر الأطلسي، مثل قطاعي السيارات والفضاء، وقد تؤثر تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب بفرض تعريفات بنسبة (25%) على أسعار السيارات الأوروبية وعلى شركات صناعة السيارات الألمانية مثل “فولكس فاجن” و “بي إم دبليو”، لاسيما وأن هذه الشركات تعتمد اعتمادًا كبيرًا على السوق الأمريكية (Mason, 2025).

كما قد تواجه سياسات الرئيس الأمريكي ترامب للرسوم الجمركية معارضة من جانب الشركات والمستهلكين والمشرعين في الولايات المتحدة، وقد تُشكل ضغطًا على الصناعات التي تعتمد على الواردات الأوروبية، مثل التصنيع والبيع بالتجزئة، وقد تتحد هذه المعارضة في جبهة واحدة مُستندة على ارتفاع التكاليف وانخفاض القدرة التنافُسية، وقد تُساهم الضغوط السياسية داخليًا في الحد من نطاق ومدة الإجراءات الجمركية المحتملة على الجانب الأوروبي، لذا طوّر الاتحاد

الأوروبي أدوات للرد على النزاعات التجارية، مثل “أداة مكافحة الإكراه” التي تسمح له بالرد على الإكراه الاقتصادي، كما تُشكل التجارة المتنوعة للاتحاد الأوروبي والسوق الداخلية والتي تضم (450) مليون مستهلك حاجزًا ضد الصدمات الخارجية، ويمكن أن تُساعد هذه العوامل الاتحاد الأوروبي على تحمل تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية (Russell, 2025).

ومن أبرز تبعات الزيادات الجمركية الأمريكية، أنها أدت إلى اضطرابات في سلاسل التوريد التي تربط بين المصانع الأوروبية ونظيراتها الأمريكية، خصوصاً في قطاعات تعتمد على مكونات عالية الدقة، مثل الطيران والدواء؛ فشركة “سافران” الفرنسية، مثلاً، تُعد شريكاً رئيسياً لشركة بوينج الأمريكية في تصنيع محركات الطائرات، وتخشى من تضرر العلاقات التجارية بفعل الكلفة الإضافية للرسوم على المكونات المستوردة من أوروبا، كما أن شركات أخرى مثل “إيرباص” رغم امتلاكها خطوط تجميع داخل الولايات المتحدة، فإنها تعتمد على استيراد آلاف المكونات من أوروبا، مما سيؤثر على هامش ربحها ويضعها في موقف تنافسي صعب، ويزيد الأمر سوءاً بالنسبة إلى الشركات التي تصنع منتجات طبية معقدة، مثل المعدات الجراحية والتقنيات الطبية، التي لا يمكن تصنيعها بالكامل في السوق الأمريكية، ومن ثم ستدفع ضريبة مزدوجة بسبب ارتفاع التكاليف وخسارة التنافسية، هذا الاضطراب قد يؤدي إلى إعادة توزيع الإنتاج عالمياً، مع خسارة أوروبا بعض سلاسل القيمة العالية (International Economics, 2025).

كما أثارت القرارات الأمريكية موجة من القلق العميق بين المستثمرين الأوروبيين، ليس فقط بسبب الرسوم بحد ذاتها، بل بسبب مناخ عدم اليقين الذي أصبح يحيط بالعلاقات الاقتصادية بين ضفتي الأطلسي، وكان الانخفاض الحاد في مؤشرات الأسواق الأوروبية بعد القرارات، خصوصاً في بورصة فرانكفورت، إشارة واضحة على تراجع ثقة المستثمرين، وتَبيَّن أن المستثمرين يتخوفون من موجة تصعيد تجاري لا يمكن توقع حدودها، وقد تعيق النمو على المدى المتوسط، فالشركات الكبرى مثل شركات الأزياء ومستحضرات التجميل، التي كانت تعتمد على السوق الأمريكية كركيزة للنمو، أصبحت تُعيد النظر في خططها الاستثمارية، كما أن بعض المجموعات التجارية الأوروبية التي كانت بصدد ضخ استثمارات جديدة في الولايات المتحدة مثل “بيرنود ريكار” أو “ديور”، وجدت نفسها أمام مشكلة إما المضي قدماً رغم الخطر، وإما تجميد المشاريع والمجازفة بخسارة السوق، فهذا المناخ السلبي قد يطيل أمد حالة الانكماش التي تمر بها أوروبا (Harithas, 2025).

وكشفت السياسة الاقتصادية الأمريكية عن هشاشة الموقف الأوروبي الموحد في القضايا التجارية الكبرى، فبينما دعت دول مثل ألمانيا وإيطاليا والسويد إلى التهدئة والتفاوض، طالبت دول أخرى، كفرنسا وبولندا، بتصعيد الرد من خلال إجراءات انتقامية قوية، أما المجر فذهبت إلى حد تحميل المفوضية الأوروبية المسؤولية عن فشل التنسيق مع الولايات المتحدة، فهذه الانقسامات عرقلت اتخاذ موقف موحد، وأظهرت محدودية أدوات السياسة التجارية الأوروبية في زمن الأزمات، حتى داخل فرنسا لم يتفق القطاعان العام والخاص على كيفية التصرف، فبينما دعا الرئيس الفرنسي ماكرون إلى تعليق الاستثمارات في الولايات المتحدة، رفضت الشركات الفرنسية ذلك، هذا التباين أضعفَ الرسالة الأوروبية، وترك انطباعاً لدى الولايات المتحدة بأن الاتحاد الأوروبي غير قادر على اتخاذ موقف متماسك، مما قد يُشجع الرئيس الأمريكي ترامب على المضي قدماً في سياسته دون مخاوف حقيقية من رد فعل أوروبي موحد (Russell, 2025).

من المرجح أن يكون التأثير على الناتج المحلي الإجمالي ضئيلًا، وستتأثر الولايات المتحدة بشكل أكبر من الاتحاد الأوروبي، ويعود ذلك أساسًا إلى اعتمادها على واردات السلع الاستهلاكية النهائية ومدخلات التصنيع الأمريكية، ففي حال عدم التوصل إلى اتفاق، قد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة (0.7%)، بينما قد ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنسبة (0.3%)، ومن بين الدول الأوروبية الكبرى قد يتأثر الاقتصاد الألماني بشدة، حيث يُقدر متوسط انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (0.4%) وقد يكون التأثير على المدى القصير أكبر، لكن النماذج التي تتضمن تقديرات قصيرة وطويلة الأجل تتوقع آثارًا أكبر على المدى الطويل، لذا يُعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو (0.3%) أمرًا بالغ الأهمية، ولكنه من غير المرجح أن يدفع اقتصاد الاتحاد الأوروبي إلى الركود، حيث كان من المتوقع أن ينمو الاتحاد الأوروبي بنسبة (1.5%) في عام 2025 قبل فرض الرسوم الجمركية Mills, 2025))، ويُعد هذا التأثير ضئيلاً مقارنةً جائحة (كوفيد-19) الذي أثر على الناتج المحلي الإجمالي للإلحاد الأوروبي بانخفاض بلغ (5.6%)، وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، الذي أدى إلى انخفاض بلغ (2.4%) من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب تأثر اقتصاد الاتحاد الأوروبي المحدود نسبياً بالتجارة مع الولايات المتحدة، فبينما تذهب (21%) من الصادرات خارج الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، ولم تُمثل القيمة المضافة للاتحاد الأوروبي سوى (2.9%) من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2021، لأن معظم الاقتصادات الأخرى ستتأثر بنفس القدر بالرسوم الجمركية الأمريكية، إلا أن الصين ستتأثر بشكل أشد بكثير، وليس صدمة تنافسية سلبية مقارنة بالاقتصادات الأخرى (Kayali, 2025) .

وقد تعزز التعريفات الجمركية عزم الاتحاد الأوروبي على السعي إلى تحقيق مزيد من الاستقلال الاستراتيجي، مما يقلل من اعتماده على الولايات المتحدة في تلبية الاحتياجات الاقتصادية والأمنية، وقد يكون لهذا التحول آثار طويلة الأجل على حلف شمال الأطلسي، فقد يُعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية للاستثمارات في قدراته الدفاعية، مثل “صندوق الدفاع الأوروبي” على اعتماد المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة، رغم أن هذا قد يُعزز سيادة الاتحاد الأوروبي، لكنه قد يُضعف الوحدة عبر الأطلسي في وقت تحتدم فيه المنافسة الجيوسياسية مع الصين وروسيا، وقد توجد العلاقة المتراجعة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرصاً للصين لتوسيع نفوذها في أوروبا، حيث سعت الصين إلى توطيد علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي عبر مشاريع مثل: “مبادرة الحزام والطريق، واستثمارات في قطاعات مهمة للبنية التحتية”، وقد تدفع التعريفات الجمركية الأمريكية الاتحاد الأوروبي إلى التعامل مع أسواق وموردي جدد، مما قد يُعزز العلاقات الاقتصادية مع الصين، لكن هذا التحرك قد يُعقد مساعي الغرب في التصدي لطموحات الصين العالمية (Carew and Kashyap, 2025).

مما سبق تشهد أوروبا في عام 2025 مرحلة محورية مع تزايد التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، والتي ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل الاتحاد الأوروبي، ودوره على الساحة الدولية، فالاتحاد الأوروبي يشهد تصاعدًا في نفوذ أحزاب اليمين الشعبوي والمتطرف (أو اليمين الجديد)، وثمّة تطبيع سريع للأفكار الشعبوية لليمين المتطرف في مجتمعات أوروبية مختلفة؛ فالخطاب العنصري والتكتيكات الخطابية لليمين المتطرف تم تبنّيها بواسطة أحزاب التيار الرئيسي، ووسائل الإعلام السائدة التي أثّرت بشكل ملحوظ على سياساته، وهذا الصعود، الذي بدأ بوضوح في عام 2024، يثير تساؤلات حول مستقبل التكامل الأوروبي، حيث تسعى هذه الأحزاب إلى تقليص صلاحيات مؤسسات الاتحاد، وتعزيز السيادة الوطنية. ويقع

في صلب أفكار اليمين المتطرف نظرة عالمية تلخّص كل شيء في فكرتَي الخير والشر، وتتعارض، من ثم، مع فكرة الحلول الوسط التي تقوم عليها الديمقراطية الليبرالية.

تشهد العلاقات السياسية الأمريكية الأوروبية توتراً متزايداً في عام 2025، مع تزايد الشكوك المتبادلة حول الأسس العميقة للتحالف الأطلسي والقيم المشتركة، وتتجلى هذه التوترات في عدة مجالات، بما في ذلك الأمن والدفاع، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز سياسته الدفاعية المستقلة، معتبراً أن الولايات المتحدة لم تعد الملاذ الآمن الوحيد لأمن، وأبرز ملامح العلاقات الأمريكية الأوروبية في 2025 :(Wiseman, 2025)

  • تزايد الشكوك حول التحالف الأطلسي: يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق متزايد بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أوروبا، مما يدفعه إلى التفكير في بدائل لحلف الناتو.
  • التحول في السياسة الدفاعية الأوروبية: يتبنى الاتحاد الأوروبي سياسة دفاعية أكثر استقلالية، مع زيادة ميزانية الإنفاق الدفاعي ووضع الخطوات اللازمة لتعزيز الجاهزية الدفاعية بحلول عام 2030.
  • الخلافات حول أوكرانيا: تبرز خلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية، مع وجود تقارير عن محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا حول هذا الملف دون إشراك أوروبا.
  • توترات في القيم المشتركة :تطفو على السطح خلافات حول القيم الديمقراطية وحرية التعبير، حيث يوجه بعض المسؤولين الأمريكيين انتقادات لأوروبا في هذا الصدد.
  • ظهور نظام عالمي جديد: يرى البعض أن هذه التوترات تشير إلى بداية تشكل نظام عالمي جديد، حيث يختلف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول مصالحهما وأولوياتهما.

يتبين مما سبق أن السياسة التجارية الخارجية للولايات المتحدة تتميز بتعزيز النمو الاقتصادي والتنافسية الأمريكية من خلال الحد من الحواجز التجارية والاستثمارية، ودعم نظام تجاري قائم على قواعد مفتوح وشفاف وغير تمييزي، وإنفاذ اتفاقيات التجارة الحرة، بالإضافة إلى استخدام أدوات مثل التعريفات الجمركية والعقوبات التجارية.

ومن أهم نقاط التوتر والخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب السياسات التجارية ما يلي:

  • التكنولوجيا: انتقد الرئيس الأمريكي ترامب الاتحاد الأوروبي لتنظيمه شركات التكنولوجيا الكبرى، واشتهرت إدارته بالمشاركة النشطة للعديد من الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا، أمثال مارك زوكربيرج (ميتا) وجيف بيزوس (أمازون) وإيلون ماسك (تسلا)، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة (تيك توك)، الذين لا يظهرون بشكل بارز في السياسة الأمريكية عادةً، وتعهدت الإدارة بتخفيضات ضريبية هائلة، والترويج للعملات المشفرة وإلغاء تنظيمها، وإزالة القيود المفروضة على حرية التعبير والتحقق من الحقائق، لذا سوف تكون محاولات الاتحاد الأوروبي لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى في ظل الإدارة الأمريكية أكثر صعوبة (Samuel, 2025).
  • الطاقة: من المحتمل وجود مجال آخر للاختلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في نهجهما تجاه سياسة الطاقة وسياسة المناخ، إذ تعهد الرئيس الأمريكي ترامب بـتمويل المزيد من استخراج الوقود الأحفوري والحد من المشاريع الخضراء والمتجددة، وقد وصف تغير المناخ بأنه خدعة وأنهى مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية باريس للمناخ، فيما يواصل الاتحاد الأوروبي الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، حيث تمثل مصادر الطاقة النظيفة (70٪) من الطلب على الكهرباء عام 2024، فالولايات المتحدة التي تتخلف في مصادر الطاقة المتجددة تواجه خطر التراجع بشكل لا رجعة فيه عن معظم دول العالم النامي في إنتاج الطاقة النظيفة (Vetter, 2025).
  • القطب الشمالي: أثار نهج الرئيس الأمريكي ترامب تجاه القطب الشمالي في الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته عام 2025، وأبرزها رفضه الوعد بعدم غزو جرينلاند بالقوة، إذا لزم الأمر، إدانة واسعة النطاق من القادة الأوروبيين، وأثار ترامب فكرة شراء جزيرة جرينلاند من الدنمارك في عام 2019 خلال فترة ولايته الأولى، وأكد نيته في الاستحواذ على الجزيرة الشاسعة الغنية بالمعادن الأرضية النادرة، في مكالمة هاتفية مع رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن عام 2025، وردًا على ذلك، حظيت رئيسة الوزراء الدنماركية بدعم من رؤساء الدول الأوروبية، ومع ذلك، فإن تركيز ترامب على جزيرة جرينلاند يمكن أن يكون له آثار عميقة على توازن القوى في منطقة القطب الشمالي، وعلى الرغم من أن القطب الشمالي يُناقش بشكل متزايد من الناحية الجيوسياسية، وإن تداعيات الاقتتال الداخلي المحتمل داخل حلف شمال الأطلسي حول جزيرة جرينلاند، واحتمال أن يؤدي ذلك إلى تسريع استقلال جرينلاند، قد تعمل لصالح الصين أو روسيا وقد تؤدي إلى تعطيل توازن القوى في منطقة القطب الشمالي الذي سمح للسلام بالسيادة في القطب الشمالي (Kayali, 2025)
  • الإنفاق الدفاعي: أدى الضغط المتجدد من جانب إدارة ترامب على الحلفاء في حلف الناتو الأوروبيين لإنفاق ما لا يقل عن (5٪) من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع إلى إعادة إشعال التوترات بشأن تقاسم الأعباء عبر الأطلسي، وخلال زيارته الأولى لاجتماع وزراء دفاع الناتو، أوضح وزير الدفاع الأمريكي هيجسيث في عام 2025 أن الولايات المتحدة لم تعد ترى وجودًا أمريكيًا غير محدد في أوروبا أمرًا مضمونًا في حين أن هذه الضغوط تعكس إحباط أمريكا من عقود من الإنفاق الدفاعي غير المتكافئ، فإنها تخاطر أيضًا بتقويض تماسك التحالف من خلال المطالبة بزيادة غير واقعية في ميزانيات الدفاع الأوروبية. لقد زادت معظم الدول الأوروبية بالفعل إنفاقها العسكري بشكل كبير، حيث أنفقت بشكل مشترك (326) مليار يورو على الدفاع في عام 2024، بزيادة قدرها (30٪) منذ عام 2021، وتقترح مبادرة ReArm Europe/Readiness 2030 التي أطلقتها المفوضية الأوروبية (800) مليار يورو إضافية لمساعدة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على سد فجوات الدفاع لديها وزيادة إنتاجها وقدراتها العسكرية، فإن الدعوة إلى تصعيد مفاجئ إلى (5%) من الناتج المحلي الإجمالي تتجاهل القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل أوروبا، وقد تُثير ردود فعل عكسية بدلًا من التعاون، وإن تحديد هدف أكثر واقعية يتراوح بين (3% و3.5%) من الناتج المحلي الإجمالي يوفر مسارًا أكثر توازنًا وواقعية سياسيًا، يتماشى مع تعزيز الركيزة الأوروبية لحلف الناتو، ويمكن مناقشته كالتزام دفاعي جديد للحلف في قمة لاهاي المقبلة هذا الصيف (Erling, 2025)

يقوم الاتحاد الأوروبي بتطوير قاعدته التكنولوجية والصناعية الدفاعية الأوروبية استجابةً للواقع الأمني والجيوسياسي الجديد، ويتمثل أحد المحاور الرئيسية في الخطة في تعزيز السوق الداخلية الأوروبية للدفاع، والتي لا تزال متخلفة للغاية وتعتمد على الموردين من خارج الاتحاد الأوروبي، ولا سيما الولايات المتحدة، التي تمثل أكثر من نصف مشتريات الاتحاد الأوروبي الدفاعية، وتقترح الاستراتيجية الصناعية الدفاعية الأوروبية، التي أطلقتها المفوضية الأوروبية في عام 2024، بعض الأهداف الطموحة بحلول عام 2030، يجب أن يذهب ما لا يقل عن (50٪) من مشتريات الدفاع للدول الأعضاء إلى صناعة الدفاع الأوروبية، وترتفع إلى (60٪) بحلول عام 2035، ويجب أن يكون (40٪) من هذه المشتريات من خلال مشاريع تعاونية ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية ليست خالية من التحديات، حيث لا تزال بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما دول أوروبا الشرقية، تفضل الموردين الأمريكيين وترى شراء أنظمة الدفاع الأمريكية كوسيلة لتعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، لقد أدت عودة ترامب، إلى جانب علامات انسحاب الولايات المتحدة من أوروبا، إلى تجدد النقاش داخل الاتحاد الأوروبي حول تقليل الاعتماد على القدرات الدفاعية الأميركية والاستثمار بشكل أكبر في المعدات “المصنوعة في أوروبا”.(Liboreiro, 2025)

في الوقت نفسه، أدى تطور موقف الولايات المتحدة إلى تعقيد التعاون الصناعي الدفاعي عبر الأطلسي، وأثارت أحدث مقترحات الاتحاد الأوروبي لإعطاء الأولوية لصناعة الدفاع الأوروبية قلقًا في أمريكا قد تؤدي أي خطوة لتقييد وصول شركات الدفاع الأمريكية إلى رد فعل سياسي عنيف، حتى مع تزايد قلق القادة الأوروبيين بشأن مصداقية الالتزامات الدفاعية الأمريكية. وقد أدت الأحداث الأخيرة مثل تسييس المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وعدم القدرة على التنبؤ بمخرجات التسليح المستقبلية إلى اهتزاز الثقة الأوروبية بشكل أكبر. ولكن على الرغم من حالة عدم اليقين المتزايدة، يجب أن تظل دول الاتحاد الأوروبي مهتمة بالتعاون مع الولايات المتحدة، وليس الاستبعاد. يتمثل التحدي الآن في تحقيق التوازن: بناء سوق دفاع أوروبي أكثر استقلالية ومرونة مع الحفاظ على علاقة بناءة وتعاونية مع الولايات المتحدة (Cook, Croucher, 2025).

  • مفاوضات السلام في أوكرانيا: أصبحت مفاوضات السلام بشأن أوكرانيا نقطة خلاف رئيسية بين الإدارة الأمريكية في عهد ترامب وحلفائها الأوروبيين، والهدف الرئيسي لترامب هو إنهاء الصراع في أوكرانيا بسرعة ووضع نفسه كصانع صفقات ناجح على الساحة العالمية، أبدت إدارته استعدادها لتقديم تنازلات كبيرة لروسيا، غالبًا من جانب واحد ودون ضمان التزامات متبادلة من روسيا، قد يكون هذا النهج جزءًا من استراتيجية أوسع تشمل إضعاف تحالف روسيا مع الصين، وتأمين وصول أمريكا إلى موارد الأرض النادرة الأوكرانية، ومواصلة التحول الاستراتيجي الأمريكي الأكبر نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ حتى الآن، تسبب “صنع الصفقات” التصالحي هذا في قلق بين القادة الأوروبيين، الذين يخشون أن يؤدي اتفاق سلام متسرع أو غير متوازن إلى استسلام أوكراني قسري ويقوض الأمن والاستقرار الأوروبيين على المدى الطويل، ولذلك تصر الدول الأوروبية على أن تكون جزءاً من المناقشات حول تحديد الشكل الذي ينبغي أن يبدو عليه السلام العادل والدائم والمستدام، وهو السلام الذي يضمن سيادة أوكرانيا ويثبط العدوان الروسي الإضافي على البلاد أو القارة (Mills, 2025)

بالتوازي مع ذلك، تُصوغ الدول الأوروبية رؤيتها الخاصة للسلام الدائم، مستقلاً عن القيادة الأمريكية، تقترح المناقشات والاجتماعات التي قادتها المملكة المتحدة وفرنسا تشكيل “تحالف الراغبين” الذي سيرسل ما بين (10,000 و30,000) جندي إلى أوكرانيا لفرض وقف إطلاق نار مستقبلي، لكن الخطط تواجه عقبات كبيرة ومنها: خلافات بين الدول الأوروبية حول التزامات القوات والتفويض، ومخاوف من التصعيد في صراع مباشر مع روسيا، ونقص في عناصر تمكين الدفاع الأساسية التي لا يمكن إلا للولايات المتحدة توفيرها. بينما تدرس دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا والسويد إرسال “قوات برية” إلى أوكرانيا، لا تزال دول أوروبا الشرقية، ولا سيما بولندا، مترددة، مفضلة الالتزام بالأدوار اللوجستية بدلاً من المشاركة المباشرة. علاوة على ذلك، يسعى الحلفاء الأوروبيون إلى الحصول على دعم أمريكي صريح (لوجستي واستخباراتي وسياسي) لتعزيز مصداقية ردع قوات حفظ السلام ضد أي عدوان روسي مستقبلي. إن الطريقة التي تتطور بها مفاوضات السلام في أوكرانيا قد تكون مصدرا لمزيد من التوتر بين الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين في السنوات المقبلة (O’Sullivan, Khatsenkova, 2025)

مما سبق يتبين أن السياسات الاقتصادية الأمريكية تؤثر بشكل كبير على الاتحاد الأوروبي، خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية، وتشمل التأثيرات المحتملة زيادة التعريفات الجمركية على الواردات الأوروبية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة وتراجع الصادرات الأوروبية، كما أن التوترات التجارية قد تؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد وتراجع ثقة المستثمرين، لذا قد يسعى الاتحاد الأوروبي للرد بالمثل عبر فرض رسوم انتقامية، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي.

5- السيناريوهات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لمواجهة السياسات الاقتصادية الأمريكية

تمر العلاقات عبر الأطلسي بمرحلة إعادة تقييم حاسمة، تتميز بعودة إدارة أمريكية أكثر ميلاً إلى نظام الصفقات السياسية والاقتصادية، ونظام عالمي يتجه نحو التعددية القطبية، ومن السبل الممكنة للمضي قدماً في العلاقات الأوروبية الأطلسية تبني نهج عملي يحافظ على التعاون حيثما أمكن، مع قبول شراكة أكثر تركيزاً على المصالح، ومن المفارقات، أنه مع توجه الولايات المتحدة نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ لموازنة الصعود العالمي للصين، وقد يوفر هذا مساراً جديداً للتقارب عبر الأطلسي، ويدرك كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل متزايد ضرورة معالجة السلوك الاقتصادي والجيوسياسي الأكثر حزماً للصين، وكلاهما يرى التهديدات الاجتماعية والسياسية والأمنية المتزايدة الناجمة عن صعود هذا المحور من الاضطرابات المكون من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وبالنسبة للأوروبيين، يتطلب التعامل مع هذا المشهد الجيوسياسي المضطرب بشكل متزايد وضوحًا ونضجًا سياسيًا وشعورًا أكبر بالمسؤولية الاستراتيجية، ويجب على الاتحاد الأوروبي مواصلة الاستثمار في استقلاليته الاستراتيجية – ليس للانفصال عن الولايات المتحدة، بل ليصبح شريكًا عبر أطلسي أكثر تكافؤًا وموثوقية، ومن العوامل الرئيسية التي ستؤثر على العلاقات الأمريكية الأوروبية ما يلي:

  • التوترات الأمنية المتزايدة: قد يشهد عام 2025 تصاعدًا في التوترات الأمنية العالمية، بما في ذلك التنافس بين الولايات المتحدة والصين، والاحتمال المتزايد للصراع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
  • تغيرات في السياسة الأمريكية:قد تؤدي التغيرات في السياسة الأمريكية، بما في ذلك أي انسحاب محتمل للضمانات الأمنية الأمريكية لأوروبا، إلى تراجع الثقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما يرى خبراء في الاتحاد الأوروبي.
  • تطور الاتحاد الأوروبي:يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراته الدفاعية والأمنية، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الاستقلالية عن الولايات المتحدة في هذا المجال.

السيناريوهات المحتملة:

قد تشهد العلاقات الأمريكية الأوروبية تراجعًا في الثقة بسبب عدم اليقين بشأن الالتزامات الأمنية الأمريكية، مما قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن بدائل للتحالف مع الولايات المتحدة، وقد يتم التوصل إلى توازن جديد في العلاقات الأمريكية الأوروبية، حيث يعزز الاتحاد الأوروبي قدراته الدفاعية مع الحفاظ على التحالف مع الولايات المتحدة في بعض المجالات العسكرية.

أحدثت سياسات ترامب تغييرات عميقة في توازن القوى بين الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، بينما حاول الاتحاد الأوروبي تعزيز دوره كفاعل عالمي مستقل، لا يزال يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي في مواجهة التحديات الأمنية، وفي المستقبل، من المرجح أن يزداد التقارب الأوروبي كرد فعل لأي تراجع أمريكي، وسيعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز علاقاته مع بعض القوى الدولية، ويستمر الضغط على روسيا من خلال العقوبات والدبلوماسية، سيحاول الاتحاد الأوروبي كبح الطموحات الروسية في المنطقة، واتسمت سياسة ترامب الخارجية منذ عودته إلى الحكم بالتشكيك في جدوى التحالفات التقليدية، بما في ذلك العلاقة مع أوروبا، فقد أعاد انتقاد حلف شمال الأطلسي (الناتو) معتبرًا أنه يشكل عبئًا ماليًا على الولايات المتحدة، وطالب الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها العسكري، كما جدد مواقفه المتشددة تجاه الاتحاد الأوروبي، منتقدًا سياساته الاقتصادية والأمنية، وشجع الحركات القومية المناهضة للاتحاد الأوروبي.

ستكون المرحلة المقبلة حاسمة في رسم مسار جديد للتعاون عبر الأطلسي، مسار يُركز على زيادة الاستثمار الدفاعي الأوروبي، ونهج منسق لمواجهة التهديدات الروسية والصينية، والحاجة إلى تعاون أعمق بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وشراكة أوروبية أمريكية أكثر توازنًا، وبالتالي، سيحتاج القادة الأوروبيون إلى بذل جهود متضافرة لبناء جسور التواصل مع إدارة ترامب من خلال التركيز على مجالات التقارب والمصالح (Kelly, 2025)، وفيما يلي عرض للسيناريوهات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لمواجهة السياسات الاقتصادية الأمريكية:

  • السيناريو الأول “الحرب التجارية”: حيث من الممكن أن يكون هناك تصعيد أمريكي للرسوم الجمركية وردّ أوروبي، حيث تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية إضافية بنسبة (25%) على جميع السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي، على غرار الرسوم الجمركية التي هددت بفرضها على شركاء تجاريين رئيسيين آخرين مثل كندا والمكسيك، ردًا على ذلك، يفرض الاتحاد الأوروبي زيادات جمركية انتقامية بنسبة (25%) على الصادرات الأمريكية.
  • السيناريو الثاني “هدنة تجارية”: ويتم ذل من خلال اتفاقية ثنائية محدودة للتعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة، وتُسفر الجهود الدبلوماسية عن نجاح الاتحاد الأوروبي في التفاوض على اتفاقية تجارية قطاعية مع الولايات المتحدة، تُمنح بموجبها إعفاءات متبادلة للتعريفات الجمركية على السلع الصناعية فقط.
  • السيناريو الثالث “شركاء التجارة”: يُنوّع الاتحاد الأوروبي تجارته من خلال تعميق اتفاقيات التجارة الحرة القائمة، فبدلاً من الاعتماد على حسن النية السياسية الأمريكية للتفاوض على اتفاقية قطاعية، يُعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية لتوسيع علاقاته التجارية مع شركائه في اتفاقيات التجارة الحرة (مثل كندا، والمكسيك، واليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وفيتنام). ويشمل ذلك تخفيضات طفيفة (5%) في الحواجز غير الجمركية، مثل تبسيط اللوائح، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتخفيف الأعباء الإدارية. ولا يزال الاتحاد الأوروبي يواجه رسومًا جمركية مرتفعة من الولايات المتحدة Wiseman, 2025)).

وعلية فأن مستقبل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غير واضح، لكن من المرجح أن يشهد استمرار التوتر مع صفقات جزئية في بعض القطاعات واستمرار الرسوم الجمركية المتبادلة في قطاعات أخرى. قد تشهد العلاقات عبر الأطلسي المزيد من التحديات، لكن التحالف بين الجانبين يظل مهماً، ومن المتوقع أن يستمر التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع وجود احتمالية لعقد صفقات جزئية في بعض القضايا التجارية أو الدفاعية.

6- الخلاصة:

مما سبق يتبين أن العلاقات السياسية الأمريكية الأوروبية هي علاقات متعددة المجالات، تشمل روابط اقتصادية قوية، وتعاونًا أمنيًا عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقيمًا مشتركة في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. ومع ذلك، تواجه العلاقات عبر الأطلسي تحديات، منها اختلاف وجهات النظر حول القضايا العالمية، والخلافات التجارية، وتفاوت مستويات الثقة في المؤسسات الديمقراطية لكل منهما، وقد أثرت السياسات الاقتصادية الأمريكية، وخاصةً تلك التي تُركز على الحمائية والتجارة، بشكل كبير على العلاقات الأمريكية الأوروبية في العقد الأخير، وقد خلقت هذه السياسات، بما في ذلك التعريفات الجمركية والنزاعات التجارية، احتكاكًا وعدم يقين في العلاقات عبر الأطلسي، وبينما تهدف بعض السياسات الأمريكية إلى تعزيز الصناعات المحلية ومعالجة اختلالات الميزان التجاري، إلا أنها أدت إلى زيادة التكاليف على الشركات والمستهلكين على جانبي الأطلسي، مما قد يُعيق النمو الاقتصادي والاستثمار الأمريكي والأوروبي.

وخلقت السياسات الاقتصادية الأمريكية، وخاصة تلك التي تركز على الحمائية، تحديات وفرصًا في العلاقة الأمريكية الأوروبية، في حين أدت هذه السياسات إلى نزاعات تجارية، وزيادة التكاليف، وتراجع الثقة بين الجانبين، إلا أنها حفزت الاتحاد الأوروبي على تعزيز استقلاليته الاقتصادية ومرونته، وسيكون اتباع نهج أكثر توازنًا وتعاونًا، يشمل الحوار المفتوح والتركيز على المصالح المشتركة، أمرًا بالغ الأهمية للتعامل مع تعقيدات العلاقات عبر الأطلسي في السنوات القادمة، وهو ما يتثبت صحة  فرضية الدراسة التي مفادها: “توجد علاقة ارتباطية بين السياسات الاقتصادية الأمريكية وبين مستوى التعاون الاقتصادي الدولي بين أمريكا وبين دول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة (2016-2026)، حيث كان للسياسات الاقتصادية التي تبناها الرئيس الأمريكي ترامب أثر في زيادة الضرائب وتراجع العلاقات الأمريكية الأوروبية”.

7- النتائج:

خلصت الدراسة الى النتائج التالية :

  • تؤكد النتائج وجود علاقة ارتباطية عكسية بين السياسة الحمائية التجارية الأمريكية ومستوى التعاون الاقتصادي والتجاري للولايات المتحدة الأمريكية مع دول الاتحاد الأوروبي ،حيث تواجه العلاقات التجارية بين الجانبين تحديات مثل الاختلافات التنظيمية والسياسات الحمائية، مما يتطلب إعادة التفكير في نهج التعاون لتجنب تفاقم المشاكل التي تؤثر على العلاقات السياسية بين الدولتين .
  • بينت الدراسة أن الولايات المتحدة دخلت في نزاعات تجارية مع دول الاتحاد الأوروبي، مما زاد من توتر العلاقة الأمريكية-الأوروبية وقد أدت هذه النزاعات إلى حالة من عدم اليقين واضطرابات في تدفقات التجارة بين الجانبين ، مما أثر على الشركات والاستثمارات لدى كلا الجانبين.
  • بينت الدراسة أن سياسة “أمريكا أولاً” التي يتبناها  الرئيس الأمريكي ترامب، تعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية الأمريكية، مما اثار مخاوف بشأن مستقبل التحالف عبر الأطلسي.
  • تؤكد الدراسة أن العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا في عهد ترامب أتسمت بتوترات تجارية متصاعدة، ونزاعات جمركية، وتحديات دبلوماسية، ورغم بقاء الترابط الاقتصادي بين البلدين عميقًا، إلا أن السياسات الحمائية واتخاذ القرارات الأحادية الأمريكية أثرت على التحالف الأمريكي الأوروبي .
  • بينت الدراسة أن العلاقات الأميركية-الأوروبية تشهد توترًا متصاعدًا في ظل التغييرات الجيوسياسية، والتوجهات الأميركية، والتصريحات الصادرة عن الرئيس دونالد ترامب، والتي تُشكّل تهديدًا فعليًا للاتحاد الأوروبي، وذلك على الرغم من الترابط الاقتصادي العميق بين الطرفين، إذا تصاعدت الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا، فمن المتوقع أن تتسبب في تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي، مع تأثيرات سلبية على الشركات والمستهلكين والأسواق المالية. في البداية، ستؤدي زيادة الرسوم الجمركية بين الجانبين إلى رفع تكلفة السلع المتبادلة، مما سيضر بالشركات والمستهلكين على حد سواء.

8- التوصيات:

في ضوء نتائج الدراسة فأنها توصي بما يلي:

  • أهمية أدراك الإدارة الأمريكية لأهمية المصالح المشتركة للولايات المتحدة وأوروبا في مختلف المجالات، مثل الأمن والاقتصاد، وأن يتم تغيير السياسيات التجارية الأمريكية بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين .
  • ضرورة تركيز دول الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد على تعزيز استقلاليتها الاقتصادية، وتعزيز التعاون الداخلي فيما بين دوا الاتحاد.
  • أهمية سعي دول الاتحاد الأوروبي إلى تنويع شركائه التجاريين لتجنب الاعتماد الكبير على التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
  • تحتاج أوروبا إلى تبني استراتيجيات جديدة تقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة وتعزز نفوذها السياسي والعسكري. الاتحاد الأوروبي مطالب بتطوير سياسات أكثر استقلالية في مجالات الدفاع والطاقة، بحيث يكون أقل تأثرًا بقرارات واشنطن. كما أن تحسين العلاقات مع روسيا بشكل متوازن، بدلًا من اتباع النهج الأمريكي المتشدد، قد يساعد في خلق بيئة تفاوضية أكثر توازنًا.
  • أهمية القيام بدراسات بحثية معمقة لتحليل تأثير السياسات التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد العربي بشكل للاستفادة منها في تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذه السياسات .

المصادر والمراجع

المراجع باللغة العربية:

بن عامر، زبير، شايب، محمد (2021). أثر أدوات السياسة النقدية غير التقليدية على النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية للفترة: 2008-2019 باستخدام نموذج Ardl، مجلة افاق علوم الادارة والاقتصاد، 5 (1)، 11-30.

الحديثي، هاني (2025). العلاقات الأوروبية – الأمريكية في ضوء المستجدات وسيناريوهات المستقبل، ألمانيا: المركز الديمقراطي العربي.

سناجلة، محمد (2025). حقائق اقتصادية عن أهم الدول المستهدفة بحرب ترامب التجارية، https://www.aljazeera.net/ تاريخ الزيارة 7/7/2025.

العسكري، عبود (2004). منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية. دمشق: دار النمير.

الكحيل، نادين (2025). أفق العلاقات الأوروبية – الأميركية: التحديات والمسارات، مجلة العلاقات الدولية، أكاديمية العلاقات الدولية، تركيا، 1 (8)، 73 – 105.

مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية (2025) الصراع التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا، https://visioncntr.com/ تاريخ الزيارة 7/7/2025.

مركز الامارات للسياسات (2025). الاتحاد الأوروبي في مواجهة ترامب: فصل جديد في العلاقات عبر الأطلسي، وحدة الدراسات الأوروبية

مصطفى، مروة (2023) الاقتصاد السياسي الدولي وتنامي وتراجع القوى الكبرى، مجلة جامعة الاسکندرية، 19 (20)، 128-170.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (2025). تداعيات التعريفات الجمركية المتبادلة على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مركز الدراسات والبحوث

المراجع باللغة الأجنبية:

Besch, S Varma, T (2025). Alliance of Revisionists: A New Era for the Transatlantic Relationship, IISS, 1 (3), 7-38.

Blenkinsop, P (2025) EU urges respect not threats as Trump pushes for 50% tariff, https://www.reuters.com/ date see 1/7/2025

Carew, S and Kashyap, P (2025) Dow, S&P 500 end wild session lower, Trump digs in on tariffs, Reuters, April 8, 2025, https://www.reuters.com/ date see 2/7/2025

Ciolan, L, Moyer, J (2025) Navigating uncertainty: Where are EU–US relations headed?, Sage Journals, 24 (1), 1-10

Cole, A (2025). Trump’s Reciprocal Tariff Calculations Are Nonsense, Will Punish Mutually Beneficial Trade, at: https://taxfoundation.org. date see 1/7/2025

Cook E., Croucher S. (2025). Europe’s plan to ditch US weapons spooks Trump administration: Report. Newsweek, 2 April. https://www.newsweek.com. date see 4/7/2025

Creswell, J. & Clark, V. (2017). Designing and Conducting Mixed Methods Research. CA: Sage Publications.

Croucher, S (2024). Will Trump Withdraw US From NATO? What Analysts Said, https://www.newsweek.com. date see 6/7/2025

Erling B. (2025). Hegseth tells Europe to spend on defence as US presence may not last forever. Reuters, 14 February. https://www.reuters.com. date see 1/7/2025

Friedrich, K (2024). The future of U.S.-Europe trade, https://www.gisreportsonline.com/

Harithas, B (2025). Liberation Day” Tariffs Explained, Center for Strategic and International Studies, accessible at: https://www.csis.org date see 1/7/2025

Hirt, G and Hochstein,M (2025). Tariffs: could liberation day shackle the global economy?, Allianz Global Investors, at: https://www.allianzgi.com. date see 3/7/2025

International Economics (2025). PIIE experts react to Trump’s tariffs announced April 2, Peterson Institute for, accessible at: https://www.piie.com date see 4/7/2025

Kayali L. (2025). Trump doesn’t rule out military intervention in Greenland—again. Politico Europe, 30 March. https://www.politico.eu. date see 6/7/2025

Kelly S. (2025). Trump’s inauguration billionaires, CEOs: Ambani, Zuckerberg, Bezos attend church, ceremony. https://www.reuters.com. date see 3/7/2025

Knigge M. (2019). Washington downgrades EU mission to US. Deutsche Welle, 1 August. https://www.dw.com.. date see 5/7/2025

Liboreiro J. (2025). In first call, Kaja Kallas and Marco Rubio agree to keep ‘maximum pressure’ on Russia. https://www.euronews.com. date see 1/7/2025

Mason, J (2025) Trump tariffs sow fears of trade wars, recession and a $2,300 iPhone, Reuters, April 4, 2025, accessible at: https://www.reuters.com

Mills C. (2025). Ukraine and Russia: A shift in US policy. House of Commons Library UK Parliament, 3 April. https://commonslibrary.parliament.uk. date see 1/7/2025

Mullan, T (2023). The High Geopolitical Costs of U.S. Economic Policies, Council on Foreign Relations.

O’Sullivan D., Khatsenkova S. (2025). French President Macron announces plan for ‘reassurance force’ in Ukraine. Euronews, 27 March. https://www.euronews.com. date see 3/7/2025

Quinville R. S. (2025). Making sense of the Munich Security Conference. Wilson Center, 18 February. https://www.wilsoncenter.org. date see 8/7/2025

Russell, C (2025). Trump’s tariffs already have a major carve-out. Oil and gas: Russell, Reuters, April 3, 2025, accessible at: https://www.reuters.com date see 4/7/2025

Samuel S. (2025). The broligarchs have a vision for the new Trump term. It’s darker than you think. Vox, 20 January. https://www.vox.com. date see 1/7/2025

Schild, J Schmidt, D (2024). EU and US Foreign Economic Policy Responses to China, The End of Naivety, Routledge.

Scott, J (2025) Trump’s tariffs: what is behind them and will they work?, King’s College London, April 2, 2025, accessible at: https://www.kcl.ac. date see 1/7/2025

Singh K., Jones R. P. (2025). Trump nominates former CKE Restaurants CEO Puzder as US ambassador to EU.. https://www.reuters.com. date see 1/7/2025

Smith K. E. (2019). The Trump administration downgraded the E.U.’s diplomatic status in Washington. That’s going to hurt. The Washington Post, 8 January. https://www.washingtonpost.com. date see 1/7/2025

The Economist. (2025). Schooled by Trump, Americans are learning to dislike their allies. 31 March. https://www.economist.Com.. date see 3/7/2025

US Exports Blogs (2024). Top 10 US Main Exports in 2024, https://www.usimportdata.com/ date see 8/7/2025

US Tariffs Have Mixed Fiscal Impact, Will Not Solve Underlying Challenges, https://www.fitchratings.com date see 9/7/2025

Vetter D. (2025). As Trump dumps clean energy, fossil fuels lose their grip on Europe. Forbes, 23 January. https://www.forbes.com. date see 1/7/2025

Wiseman P. (2025). Trump once again slaps taxes on foreign steel, aluminum, a move that proved costly in his first term. The Associated Press, 10 February. https://apnews.com.. date see 1/7/2025

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى