الإعــــتــراف الأمــــريـــكـي الــــمـــُرتـــقـــــب بـــصــومـــالـــيـلانــــد مــآربـه ونـتـائجـه الــمـُحـتـمـلة علي القرن الأفريقي والشرق الأوسط
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
فـــرض طوفـان الأقـصـي الذي إنطلق في 7 أكتوبر2024وأمتد حتي أدي لحرب غـزة التي لازالت دائرة حتي اليوم وأرتــبــطــت بـهـا جبهات الإسناد في جنوب لـبـنـان والــعــراق والــيــمـــن فــرضــت هذه الأحــداث عــدداً من الـمـتـغـيرات التابــعـة لـهـا حتي أنها بـمـضـي الوقـت أصبحت في حـكـم الحقائق الجيو/سياسية في الشرق الأوسط والــقــرن الأفريقي التي تعترف بها القوي الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا والصين والحلفاء الأطــلــســيـيـن والدليل الواضح لأي مـراقـب أن هناك ثمة إستراتيجيات جديدة أو مــُعــدلة تضعها القوي الكبري الدولية وبعض القوي الإقليمية حتي تتواءم مع الـمُـتـغـيــرات والحـقـائـق التي نـتـجـت عن طوفــان الأقـصـي علي نحو ما ســـاعـــرض :
الإعـتراف الأمـــريكي الــمُـــرتــقب بما يُسمي “جمهورية صــومـــالـيـلاند”
يتداول الإعلام الغربي والأمريكي خاصة منذ 10 ديسمبر 2024 معلومات عن إحتمال إعتراف الولايات المتحدة رسمياً بما يُسمي بجمهورية أرض الصومال أو SOMALILANDونقل عنها مواقع صومالية وإثيوبية مختلفة فمثلاً نُشر علي موقع صحيفة independent البريطانية في 10 ديسمبر2024أن وزير الدفاع البريطاني الأسبق جافين ويليامسون(وهو من أبرز المؤيدين للاعتراف الرسمي بالمحمية البريطانية السابقة التي إستقلت عن الصومال منذ عام 1991وبعد سقوط نظام الرئيس الصومالي سياد بري) قال:” إنه وجد في دونالد ترامب حليفًا لإنهاء الحظر الأمريكي على الاعتراف بأرض الصومال فمن المتوقع أن يعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمحمية البريطانية السابقة كدولة رسمية وعقبت الصحيفة بقولها أن وزير الدفاع البريطاني الأسبق مارس الضغوط على الرئيس الأمريكي المنتخب وقال السير جافين ويليامسون لصحيفة independent إنه أجرى محادثات مع فريق ترامب بشأن الاعتراف الرسمي بأرض الصومال التي تتمتع بموقع استراتيجي حاسم على البحر الأحمروقال إنه واثق من أن ترامب سيتناول هذه القضية بمجرد توليه منصبه في يناير2025 وأضـاف :”يجب أن يوافقوا على ذلك رغم أنه عندما يتولى منصبه فمن المرجح أن يستغرق الأمر وقتًا أطول مما نأمل ولكنني عقدت اجتماعات جيدة حقًا مع قيادات سياسته لذا أتمنى أن يتحقق ذلك” وأضاف: “كان أحد آخر أوامر ترامب كرئيس هو سحب القوات من الصومال لكن بايدن ألغى هذا الأمر لا يوجد شيء يكرهه ترامب أكثر من أن يعارضه شخص ما لذا استخدمت ذلك لدفع الحجة للأمام ” .
كذلك نــشــر موقع SEMAFOR في10 ديسمبر2024أن أرض الصومال وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل الصومال سـتـكـون أقرب بكثير إلى الاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأحدث في العالم عندما يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير2025 وأشار الموقع إلي أن الدعم للمنطقة بين قادة السياسة الأميركية الأفريقية من الجمهوريين في الكونجرس ومراكز الأبحاث اليمينية في واشنطن ومستشاري ترامب في شؤون أفريقيا قد زاد وقال العديد من هؤلاء الأشخاص لمنظمة سيمافور أفريقيا إنهم سيشجعون ترامب على الاعتراف بأرض الصومال “حتى لو لم يكن ذلك في اليوم الأول” فالولايات المتحدة أُنهكت من مناورات الرؤساء الجيبوتيين خاصة بعد أن أتاحت جيبوتي قاعدة بحرية للصين علي أرض جيبوتي قريباً من القاعدة الأمريكية هناك(توصل الرئيس الجيبوتي جيلي مع نظيره الصيني شي جين بينج إلى اتفاق مهم يوم الاثنين 2 سبتمبر2024لرفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة كما وقعت بكين اتفاقية مع جيبوتي عام 2022 لبناء قاعدة إطلاق فضائية مستقبليةعُهد بالمشروع الذي تبلغ قيمته مليار دولار إلى شركة هونج كونج لتكنولوجيا الفضاء الصينية ومن المتوقع أن يرى النور في خليج تاجورة بحلول عام 2028كذلك قال وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف في نوفمبر2020 إن الديون المستحقة للصين تمثل الآن 71% من الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي ولذلك هناك مخاوف من أن الصين قد تتولى إدارة الميناء لتعويض الديون والولايات المتحدة تبحث عن حل) ومن شأن هذا أن يسمح للولايات المتحدة بمراقبة نشاط الحوثيين في اليمن بشكل أفضل لكن الموقع أشــار إلي أنه إذا اعترف ترامب بأرض الصومال فمن المرجح أن يكون ذلك مدمرا لمنطقة القرن الأفريقي – التي تضم الصومال وإثيوبيا وجيبوتي وإريتريا – كما يقول مراقبو الولايات المتحدة وأفريقيا بما في ذلك بعض الذين يؤيدون الفكرة وأن جوشوا ميسيرفي المحلل في مؤسسة هدسون البحثية قال : “أنا أؤيد الاعتراف بأرض الصومال لأنها أثبتت بشكل أساسي أنها قادرة على إدارة بلدها ولا يوجد سيناريو معقول حيث قد تعود طواعية إلى الصومال” وفي حين أن قادة الصومال من المرجح أن يكونوا غير راضين عن مثل هذا القرارفإن جوشوا ميسيرفي قال إنهم لم يفعلوا ما يكفي لإقناع الولايات المتحدة بعدم إعطاء الأولوية لمصالحها في المنطقة الفرعية كذلك نقل موقع SEMAFORعن كين أوبالو أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون قوله: “لا شك أن الاعتراف بأرض الصومال من شأنه أن يهز دولة الصومال ويزيد من زعزعة استقرار القرن الأفريقي ويؤدي إلى توبيخ حاد من الاتحاد الأفريقي”.(الإتحاد الأفريقي في الغالب رد فعله سواء أكان حاداً أو هـادئاً فهو في الحالتين يتم بطب وتعليمات أمريكية الدولة المانحة الأكبر) .
هذا الحديث عن الإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند يتداوله الإعلام الدولي منذ الأسبوع الثاني من ديسمبر2024 وقد تأسس علي خطوة أمريكية فعلية إذ تقدم نائب في الكونجرس الأمريكي بإقتراح أو مشروع قانون موضوعه الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند ولأسباب تتعلق بالأمن القومي الأمريكي وفي هذا الإتجاه أورد موقع avia-pro.fr في 22ديسمبر2024أن المسؤلين في صوماليلاند نفسها يتداولون هذه المعلومات أيضاً إذن أعتقد أن موضوع الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند التي تتمني هذه الخطوة الأمريكية لأنها تحقق اهم فتح الباب علي مصراعيه لدخول دول أخري للإعتراف بكيان صوماليلاند كدزولة أولهم الكيان الصهيوني بالطبع الذي تنتخذ الولايات المتحدة هذه الخطوة من أجله للإقتراب المُشترك من جبهة إسناد غـــزة في اليمن وربما وهذا تقديري أن الكيان الصهيوني وإثيوبيا مـعـاً وبتنسيق مُشترك يدفعان صانعي ومُتخذ القرار الأمريكي لإتخاذ قـرار الإعتراف بصوماليلاند الآن وليس مُستقبلاً خاضع لنقاش أمريكي الآن وقد أشار موقع avia-pro.fr إلي أن مسؤولي أرض الصومال أبدوا استعداد وقبول لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيهم ومن الممكن أن تصبح مدينة هرجيسا وهي عاصمة هذه الجمهورية غير المعترف بها نقطة أساسية للوجود الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية وأشار الموقع إلي أن هذه الإجراءات تتناسب منطقيا مع الخط العام للسياسة الأمريكية الرامية إلى زيادة نفوذها في منطقة البحر الأحمر وأنه بالإضافة إلى ذلك فإن الاقتراح الجمهوري المقدم إلى الكونجرس الأمريكي بالاعتراف بأرض الصومال لن يؤدي إلا إلى زيادة احتمالات تنفيذ خطط بناء قاعدة وبالنسبة لأرض الصومال التي تسعى إلى الاعتراف الدولي فهي فرصة لكسب دعم أحد أكبر اللاعبين العالميين حتى لو كان ذلك يعني خسارة جزء من استقلالها ( صوماليلاند خاسرة بالفعل إستقلالها فمذكرة التفاهم الإثيوبية التي وقع عليها عبدي بيهي رئيس ما يُسمي بجمهورية صوماليلاند في 1 يناير2024 ومنح بموجبها الإثيوبيين 20 كم مربع من أرض الصومال بجوار ميناء بربرة لمدة 30عام مقابل إعتراف إثيوبي بصوماليلاند كدولة تعني أن الإثيوبيين يتحكمون في هرجيسة فهي مذكرة تفاهم لا يوقعها إلا خـــاضــع) ووفقاً لـ avia-pro.fr فمن المرجح أن ترحب إثيوبيا بالإعتراف(والقاعدة الأمريكية التي ستُقام في مكان ما بصوماليلاند قد تـــُجدد وتُنعش آمال الإثيوبيين في إستعادة خطتهم في حيازة منفذ بحري وقاعدة بحرية/عسكرية في بربرة وبالتالي يُسقط مضمون الوساطة التركية التاريخية في 11 ديسمبر2024 التي تم في ختامها التوصل إلى اتفاق يمنح إثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحر في ظل ظروف تحترم سيادة الصومال لكن الشروط الدقيقة لهذا الوصول غامضة أو ليست معروفة بعد ويجب التفاوض بشأنها لكن هذه خطوة كبيرة إلى الأمام رحب بها إيمانويل ماكرون لمجرد التظاهر أمام الرأي العام الدولي ويُقال أن سبب قبول إثيوبيا التوجه لأنقرة مكالمة أجراها أنطوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة مع رئيس الوزراء الإثيوبي أُعلن عنها في 23 ديسمبر2024 دفعت تلك المكالمة آبي أحمد لزيارة أنقرة لإجراء محادثات هناك مع الصومال ويُعتقد أنه ربما تكون هذه المكالمة الهاتفية من وزير الخارجية الأمريكي أقنعت آبي أحمد بالذهاب إلى أنقرة والتوقيع على مذكرة تفاهم لتسوية النزاع بشأن مذكرة التفاهم المشؤومة وتأكيداً لذلك يُشار إلي أنه في 12 ديسمبر2024رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق الذي صدر في نهاية الوساطة التركية التي إستهدفت وضع حد للتوترات بين الجارتين وتشجيعهما على “تكثيف تعاونهما” وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان إن الولايات المتحدة ترحب بالاتفاق بين الصومال وإثيوبيا والذي يؤكد من جديد سيادة ووحدة واستقلال وسلامة أراضي كل دولة ويعزز التعاون بشأن المصالح المشتركة “, لكن الأمر الثابت رغم هذا أن علاقة نظام هرجيسة بإثيوبياعلاقةعضوية ومستمرة في النمو لأنها ضرورة لأمن إثيوبيا القومي كونها إخـــتراق إثيوبي لللصومال كله وأحد الأدلة الكثيرة علي ذلك أنه في 16 أكتوبر2024 تم وضع أساس سفارة أرض الصومال في إثيوبيا ولم يتمكن الرئيس موسى بيهي عبدي من حضور الحفل في أديس أبابا وحضر نيابة عنه وزير خارجيته الذي وضع حجر الأساس .
فرنسا عادة ما تكون حاقدة علي التحرك النشط لتركيا (في منطقة ذات إهتمام فرنسي تاريخي) وكذلك الولايات المتحدة ولذلك فعلى الرغم من تصريحات الولايات المتحدة العلنية عن دعمها لسلامة أراضي الصومال فإن مثل هذه الخطوة أي اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال ستعزز إلى حد كبير موقف الانفصاليين بصوماليلاند وقد تضطر السلطات الفيدرالية في مقديشو في مواجهة الوجود العسكري الأمريكي إلى مراعاة الحقائق الجديدةوإتخاذ قرار مُقابل يُوازنه بقبول عروض روسية وصينية سابقة بالتمركز العسكري في الصومال/مقديشيو وبذلك تكون نتيجة المبارة النهائية صـفـر مـقابل هدف واحد للصين وروسيا وكان الأقرب للأمريكيين إنهاء الحرب في غــزة لتأثيره الواضح علي الأمن القومي الأمريكي كما نـري الآن وليذهب كيان الصهاينة إلي الجحيم لولا أن الكيان الصهيوني يتلاعب بالساسة الأمريكيين من نقطة ضعفهم الرئيسية وهي الإنتخابات الأمريكية سواءالرئاسية أو النيابية بمال والإعلام كما أن الخطوة الأمريكية بالإعتراف بكيان صوماليلاند قد تسمح للسلطات الإثيوبية بتخفيف مشاركتها مع صوماليلاند والتركيز على قضاياها الداخلية .
في بيان بتاريخ 19 ديسمبر 2024 رحب حسين أدن إيجه المتحدث باسم رئيس أرض الصومال بمشروع القانون الذي تقدم به للكونجرس النائب الجمهوري Scott Perry في 12 ديسمبر2024 وإذا ما حصل مشروع القانون على موافقة الكونجرس ومجلس الشيوخ فسيكون الرئيس القادم دونالد ترامب قادرًا علىإصدار قانون بشأن اعتراف الولايات المتحدة بجمهورية أرض الصومال الانفصالية (سبق أن قُدم مشروع قانون مماثل إلى الكونجرس الأمريكي عام 2022 لكنه فشل في حشد دعم المشرعين)
من ناحية أخري أشار موقع avia-pro.frأن الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند والذي سيعقبه بالتأكيد بناء قاعدة أمريكية في هرجيسا(عاصمة صوماليلاند)سيُشكل أيضًا تحديًا كبيرًا لمصر وتركيا اللتين تحاولان جاهدتين تحقيق استقرار الوضع في الصومال والحفاظ على وحدة الحكومة الفيدرالية(في مقديشيو) وفي الوقت نفسه من المرجح أن يتوقع الجمهوريون الأمريكيون أن تعزيز وجودهم في أرض الصومال من شأنه أن يسمح لهم بالحفاظ على نفوذهم في المنطقة حتى في حالة حدوث أزمة أخرى في مقديشو (لا أعتقد أن هذا الأمر يشغل بال الأمريكيين) ويشير موقع avia-pro.fr إلي أنه على الرغم من عدم وجود تأكيد أمريكي رسمي لخطط بناء القاعدة فإن مثل هذه الإجراءات هي جزء من استراتيجيات واشنطن طويلة المدى فبالنسبة للولايات المتحدة لا يمثل ذلك وسيلة لزيادة نفوذها في شرق إفريقيا فحسب بل هو أيضًا أداة في الصراع العالمي من أجل السيطرة على الطرق البحرية الاستراتيجية وبالنسبة للمنطقة وهذا قد يعني دورة جديدة من عدم الاستقرار حيث تجد المصالح الوطنية نفسها على هامش اللعبة الكبرى للقوى العالم وتتأرجح أرض الصومال باعتبارها دولة غير معترف بها، بين إمكانية تعزيز استقلالها وخطر التحول إلى أداة أخرى في أيدي الجهات الخارجية (أنا متأكد أن هذا لا يعني أي مسؤول في صوماليلاندالآن ومُستقبلاً) ومع ذلك فإن الأهمية الجيوسياسية للمنطقة وقربها من ممرات الشحن الاستراتيجية، وموقعها قبالة ساحل البحر الأحمر تجعل من هرجيسا هدفًا رئيسيًا للانتشار(والصراع) العسكري الأجنبي .
بالتوازي مع الإعتراف الأمريكي المُحتمل بصوماليلاند ولترسيخ الإعتراف المتبادل بين كيانيين هما تايوان وصوماليلاند يعاني كلاهما من ضعف الإعتراف الدولي بهما لانهما كيانين زائفين قام المبعوث لخاص للرئيس لاي تشينج تي بزيارة ما يُسمي بجمهورية أرض الصومال في الفترة من 11 إلى 14 ديسمبر2024 لحضور حفل تنصيب الرئيس المنتخب حديثًا لصوماليلاند عبد الرحمن محمد عبد الله، وفي هذه الزيارة أكد المبعوث التايواني التزام تايوان بالعلاقات مع الدولة الأفريقية وناقش هناك مجالات التعاون الثنائي والخطط الإدارية لأرض الصومال وقالت وزارة الخارجية إن نائب الوزير التايواني التقى أيضًا بلرئيس السابق موسى بيحي عبدي وشكره على مساهماته الجوهرية في العلاقة خلال فترة ولايته .
بالطبع إهتم الإعلام الفرنسي بمتابعة موضوع الإعتراف الأمريكي المُرتقب بصوماليلاند ونشرRFI علي موقعه في 21 ديسمبر2024أن الشائعات تنتشر الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة قد تعلن إعترافها رسمياً بما يُسمي جمهورية أرض الصومال وهي الدولة الأحدث في العالم عندما يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير2025وأحالت علي محلل شؤون شرق أفريقيا عمر محمود قوله على موقع مجموعة الأزمات الدولية: “على الرغم من أنها ليست منشورا رسميا صادرا عن حملة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب فإن البيان الانتخابي المحافظ لمشروع 2025 الذي أصدره بعض حلفائه يدعو إلى الاعتراف الرسمي بأرض الصومال ويُذكر ان صوماليلاند كانت واحدة من القضايا الأفريقية القليلة التي تم ذكرها صراحةً في هذا المشروع وهو وثيقة سياسية مكونة من 900 صفحة أعدته مؤسسة هيريتيج فاونديشن البحثية المحافظة التي يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها مؤشرًا على الأولويات المحتملة للرئيس ترامب وعلى الرغم من أنه نفى رسميًا التوصيات إلا أن هذه الوثيقة تدعو إلى بذل جهود أمريكية “لمواجهة النشاط الصيني الخبيث” في جميع أنحاء أفريقيا وتقترح الاعتراف بدولة أرض الصومال كتحوط ضد تدهور موقف الولايات المتحدة في جيبوتي” , كما أحالت RFI علي بيتر فام المبعوث الأفريقي السابق في ولاية ترامب الأولى قوله لنشرة سيمافور أفريقيا الإخبارية إن العملية الديمقراطية في أرض الصومال “أثبتت جاذبيتها كشريك للولايات المتحدة ودول أخرى”وأضافت نشرة سيمافور “أن الاعتراف بأرض الصومال قد يمكّن الاستخبارات الأميركية أيضاً من إعداد عمليات طويلة الأمد لمراقبة حركة الأسلحة في المنطقة وأنشطة الصين التي لديها قاعدة عسكرية في جيبوتي المجاورة”.
تتابع فرنسا كدولة بإهتمام شديد مجريات الأمور في القرن الأفريقي بالطبع وكذلك الإقتراب الأمريكي المباشر وعلي الأرض في صوماليلاند والذي بابه الإعتراف الأمريكي بما يُسمي :”جمهورية صوماليلاند فهذا هو الدافع الرئيسي في تقديري لزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لإثيوبيا فأثناء زيارته لإثيوبيا في 21 ديسمبر2024 وفي إطار الصراع السياسي الفرنسي/ التركي وكذا الدور الفرنسي في إعادة بناء سلاح البحرية الإثيوبية منذ أن قاعدته في بحر دارداخل إثيوبيا قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن طلب الدولة غير الساحلية للوصول إلى البحر هو “مطلب مشروع” وقال إن فرنسا مهتمة بالقيام بدورها في تسهيل السبل التي يمكن من خلالها تحقيق الوصول إلى البحر بطريقة مسؤولة من خلال المحادثات بطريقة تعترف بالقوانين الدولية وتحترم الدول المجاورة (فهو يعلم أن القانون الدولي قانون بحار وليس به حيز للعواطف فكم من الدول المحرومة من إطلالة بحرية لا تتصرف بجهالة وصلف كإثيوبيا ) ومن جانبه قال آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إنه ناقش مع ماكرون بشكل شامل سعي بلاده إلى الوصول السلمي إلى البحر الأحمر وأضاف أن الرئيس الفرنسي قبل طلب إثيوبيا الدعم في سعيها للوصول إلى البحر من خلال القانون الدولي سلميا ودبلوماسيا وفي تقديري أن رئيس وزراء إثيوبيا طلب المشورة من الخبراء الفرنسيين القانونيين في القانون الدولي أي طلب إستشارة خبراء القانون الدولي الفرنسيين ليعثروا له علي ثقب أو عبارات ملتوية أو عامة بالقانون الدولي لتنفذمنه إثيوبيا كما تفعل في قضية سد النهضة مع مصر فلفرنسا دور في صياغة القانون الدولي الذي ينكره ماكرون علي تركيا فيما يتعلق بتعريفها للبحر الإقليمي والمنطقة الإقتصادية الخالصة وهو ما أثار نقاشاً مع اليونان فيما يتعلق بجزر بحـر إيـجـه .
إلى جانب مسألة الوصول إلى البحرأبدى الرئيس الفرنسي رغبته في إعطاء زخم جديد للعلاقات الفرنسية الإثيوبية فستدعم فرنسا برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح في إثيوبيا من خلال (1) دعم بقيمة 100 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية AFD(2) قرض بقيمة 80 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية أيضا لتحديث الشبكة الكهربائية مع شركات فرنسية (3) دعم تجديد القصر الوطني في أديس أبابا بمبلغ 25 مليون يوروكما أشاد إيمانويل ماكرون بإثيوبيا اوذهب إلى أسفل النصب التذكاري لمعركة(عدوة) رمز مقاومة الاستعمار(معركة عدوة وقعت يوم 1 مارس 1896م عندما حاولت إيطاليا غزو إثيوبيا في محاولة للتحكم بمدخل البحر الأحمر بعد أن استولت بريطانيا على قناة السويس) حيث لم يتم استعمار البلاد مطلقًا وتمثل هذه الزيارة نقطة تحول في العلاقات الفرنسية الإفريقية التي يرغب الرئيس الفرنسي في إرساءها على أسس جديدة(وهي مهمة مستحيلة ففرنسا تواجه بكراهية عارمة في دول الصحراء والساحل) وفي الواقع فإني أعتقد أن فرنسا رئيسها وجزء كبير من إعلامها مُتماه مع مناخ الصراع الدائم مع تركيا ويؤيد فقط ما يتسق مع الفكر السياسي الفرنسي ذو النزعة الإستعمارية في أي قضية حتي لو كان أساسها باطل فبعض الإعلام الفرنسي يري أن أن مطالبة إثيوبيا بالسيطرة على مصيرها في بيئة إقليمية صعبة للغاية مطالبة مشروعة .
واضح من هذا العرض أن ما يتداوله الإعلام لم ينشأ من فراغ فقد قدم النائب سكوت بيري Scott Perry من ولاية بنسلفانيا في 12 ديسمبر 2024 برعاية من النواب الجمهوريين إلي الكونجرس الأمريكي مشروع قرار يدعو إلى تحول في السياسة الأمريكية للاعتراف باستقلال جمهورية أرض الصومال المعلنة ذاتيًا ووفقاً لمشروع هذا الإقتراح / القرار يضع بيري وحلفاؤه الجمهوريون أرض الصومال كشريك استراتيجي في منطقة تواصل فيها الصين وروسيا توسيع نفوذهما وعلى الرغم من سجل أرض الصومال من الاستقرار منذ عام 1991فإن آفاق القرار تظل غير مؤكدة بسبب الدعم الأمريكي الطويل الأمد للصومال الموحد ولكن هذا الإقتراحHR 10402 أي حـال من شــانــه أن يُثير نقاشًا مُتسعــاً وسيُواجه احتمالات تتراوح بين الرفض والقبول والتأجيل .
إن مشروع مؤسسة التراث 2025 (مشروع قرار النائب بيري) هو خارطة طريق سياسية محافظة تبناها الجمهوريون المتحالفون مع ترامب يذكر صراحة أرض الصومال يقترح المستند الاعتراف الأمريكي بأرض الصومال كخطوة استراتيجية لمواجهة نفوذ الصين في القرن الأفريقي كذلك ينظر صناع السياسات الجمهوريون إلى استقرار أرض الصومال وحوكمتها على أنه يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية في أفريقيا فلقد شجعت انتقادات ترامب السابقة للصومال(فقد أشارترامب إلي الصومال ذات مرة على أنها “دولة فاشلة”) الجهود الرامية إلى رفع قضية أرض الصومال حيث يزعم المؤيدون أن الاعتراف بأرض الصومال من شأنه أن يوفر لواشنطن شريكًا موثوقًا به في منطقة متنازع عليها بشكل متزايد كما قال أحد كبار مستشاري السياسة الخارجية الجمهوريين: “على مدى أكثر من ثلاثة عقود أثبتت أرض الصومال نفسها كديمقراطية مسالمة وعاملة ومشروع هذا القرار هو خطوة نحو مكافأة هذا النجاح” وبطبيعة الحال فقد عارضت الحكومة الصومالية القرار بشدة ووصفته بأنه تهديد لسيادة الصومال والاستقرار الإقليمي وحذر زعماء الصومال باستمرار من أن أي تحرك للاعتراف بأرض الصومال من شأنه أن يشجع الحركات الانفصالية في جميع أنحاء أفريقيا ويعرض التقدم الهش في الصومال للخطر.
من المــعــروف أن أرض الصومال الواقعة في شمال الصومال أعلنت إنفصالها أواستقلالها عن جمهورية الصومال الفيدرالية في عام 1991 بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال ولأكثر من ثلاثة عقود تصرفت صوماليلاند كدولة بحكم الأمر الواقع وأجرت انتخابات ديمقراطية وحققت سلام نسبي وأقامت مؤسسات وظيفية تميزها عن بقية الصومال وعلى الرغم من هذه الإنجازات فلا تعترف أي دولة في العالم رسميًا بسيادة أرض الصومال فيما عدا تايوان المرتبطة عضويا بالولايات المتحدة(تُعَد أرض الصومال واحدة من الدول القليلة في العالم التي تربطها علاقات وثيقة بتايوان وقد استجابت الصين بتعميق علاقاتها مع الصومال بما في ذلك الارتقاء بالعلاقات بينهما إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية”وإرسال المساعدات) وينظر مسؤولو أرض الصومال إلى مشروع قرار بيري باعتباره اعترافًا متأخرًا بنجاحاتهم ونقطة تحول محتملة لمكانتهم الدولية وعلي كل حال يأتيمشروع هذا القرار في الوقت الذي تشتد فيه المنافسة الجيوسياسية في القرن الأفريقي فقد عمقت الصين وروسيا مشاركتهما الإقليمية من خلال صفقات البنية التحتية والشراكات العسكرية في هذه المنطقة ومنطقة الساحل والصحراء وخاصة مع أفريقيا الوسطي ومالي وبوركينافاسو والنيجر كذلك إتجهت روسيا أيضاً للسودان حيث يجري الآن إنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان على البحر الأحمر ومع أن روسيا تلعب – حتي الآن – دوراً محدوداً في الصومال إلا أنه قد يتطور بإضطراد إذا إتخذت الولايات المتحدة قرار الإعتراف بما يُسمي جمهورية أرض الـصـومـال عـلـمـاً بأن روسيا عرضت مؤخراً الدعم العسكري لمقديشيو ضد المتطرفين من حركة الشباب .
سعي صوماليلاند لنيل الإعتراف الدولي بها كدولة يتجدد مع كل رئيس يجري إنتخابه وكل رؤساء صوماليلاند السلبقين إنتهاء بالرئيس السابق موسي بيهي فشلوا فشلاً مُبيناً في تحقيق هذا الحلم وبعد أجراؤ الإنتخابات الرئاسية الأخيرة في صوماليلاند في نوفمبر2024 ألقي الفائز بهذه الدورة الرئاسية وهو عبد الرحمن محمد عبد الله (69 عاما) زعيم حزب وداني المعروف أيضا باسم “سيرو”وحصل علي تأييد بنسبة 64 % من الأصوات متغلبا على المرشح الحالي الرئيس موسى بيهي من حزب كولميي ويُشار إلي أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية بلغت 53 % – من الناخبين المسجلين – وهي نسبة أقل من الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2017عندما صوت 64 %من المسجلين وفي كلمة ألقاها محمد عبد الله في حفل تنصيبه في هرجيسا يوم 12ديسمبر2024في حضور السفير الأمريكي في الصومال ريتشارد رايلي وموظفو السفارة الأميركية في مقديشو فضلاً عن نواب من واشنطن حفل تنصيب الرئيس المُنتخب الجديد لما يُسمي جمهورية صوماليلاند قبل بضعة أسابيع قال وقال الرئيس عبد الرحمن عبد الله إنه سيولي “أهمية خاصة للسياسة الخارجية”وسيسعى للحصول على اعتراف المجتمع الدولي بأرض الصومال على أساس “حجة قانونية صالحة” وأضاف “إن أول مهمة لحكومتي الجديدة هي تجديد علاقاتها مع بقية العالم حتى نتمكن من إنشاء أرض الصومال الجديدة التي من شأنها أن تساعد في أمن المنطقة بأكملها بما في ذلك البحر الأحمر” وأشار وهو يردد نفس العبارة التي عادة ما يصف بها الغرب ساسة وإعلام صوماليلاند قال: “إن أرض الصومال هي “واحدة من أفضل الأمثلة على الديمقراطية في أفريقيا”.
يري كثير من المحللين أن موقف الصين الرافض للاعتراف بأرض الصومال يدفع الولايات المتحدة في الاتجاه المُعاكس فالمسؤلون في صوماليلاند يعتقدون أنه مع تزايد التدخل الصيني في أفريقيا سيتعين على الولايات المتحدة أن تعزز موطئ قدمها في القارة ومن المتوقع أن تتبنى إدارة ترامب استراتيجية أكثر مباشرة لمواجهة نفوذ الصين وأن إحدى الطرق للقيام بذلك هي التحالف مع جمهورية أرض الصومال التي تتمتع بموقع استراتيجي على ثلاث مسطحات / بحار تؤدي لبعضها البعض وهو وضع مُستمر حيث تتجه فيه هاتين القوتين العظميين العالميتين في تأكيد مصالحهما في القرن الأفريقي وتقدم الصين مستويات متزايدة من الدعم لمقديشو خوفاً من أن يؤدي الاعتراف بأرض الصومال إلى تحفيز سعي تايوان إلى إقامة دولة مستقلة وقد أرسلت تايوان مندوبين لحضور حفل تنصيب عبد الرحمن إرو الرئيس المنتخب حديثاً لأرض الصومال وهو ما أثار استياء بكين فأصدرت الصين منذ ذلك الحين بيانا تدين فيه أي شكل من أشكال التبادل الرسمي بين تايوان وأرض الصومال وفي الوقت نفسه عززت الولايات المتحدة من مشاركتها في أرض الصومال كما يري ساسة صوماليلاند أنه في ظل المشهد الجيوسياسي الحالي بالقرن الأفريقي فإن الاعتراف بأرض الصومال سوف يتماشى مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ويواجه نفوذ الصين في المنطقة وأن الإدارة الجمهورية الجديدة في واشنطن تؤكد على السياسة الخارجية البراجماتية لذا فالمأمول أن الولايات المتحدة سوف تغتنم الفرصة للاعتراف بسيادة أرض الصومال من أجل ضمان الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي وحماية نفوذها في نفس الوقت .
الولايات المتحدة كالكيان الصهيوني تماما فكلاهما بدايته ومسير حياته في هذا العالم تحركه النزعة الإستيطانية الإستعمارية وهذا ما سيفسر جدية الولايات المتحدة في إتخاذ قرار الإعتراف بما يُسمي جمهورية صوماليلانددون إكتراث بمبدأ وحدة أراضي الصومال فهاهي تدعم تايوان خلافاً لأمل الصين الشعبية في تحقيق مبدأ “الوطن الأم” كذلك ومؤخراً نـشر موقع axios.comفي 22 ديسمبر2024 أنه بمناسبة إختيار الرئيس الأمريكي للمؤسس المشارك لشركة باي بال السيد كين هويري ليكون سفيراً للولايات المتحدة في الدنمارك قال الرئيس الأمريكي في منشور على موقع Truth Social انه ولأغراض الأمن القومي والحريات في جميع أنحاء العالم تشعر الولايات المتحدة الأمريكية أن ملكية جرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة” وأنه يريد أن تكون جرينلاند تحت السيطرة الأمريكية ونوه الرئيس ترامب أنه و خلال إدارته الأولى كان ينظر في شراء الولايات المتحدة لجرينلاند وألغى زيارة رسمية إلى الدنمارك بعد أن قال مسؤولون دنماركيون إن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي والذي يعد جزءًا من مملكته ليس للبيع (فكرت الولايات المتحدة في عدة مناسبات منذ عام 1867 في شراء جرينلاند أو حاولت ذلك وتُعد جرينلاند أكبر جزيرة في العالم وليست قارة وهي جزء من قارة أمريكا الشمالية لكن لديها علاقات جيوسياسية وثيقة مع أوروبا كما تلقت تمويلًا من الاتحاد الأوروبي لأنها مصنفة كإقليم خارجي مرتبط بالاتحاد عبر الدنمارك) ومرة أخـري أؤكد أن هذا النمط من التفكير من أعلي سلطة تنفيذية بالولايات المتحدة وهي رئيسها ترامب يعني بمنطق بسيط أن مسألة القانون الدولي وأخلاق السياسة والقانون الدولي والعرف المرتبط بع من المسائل التي لا تعني شيئاً مُحدداً لمن يتولي السلطة في واشنطن مالم تكن مُحققة لمصالح أمريكية فقط وكنتيجة لهذا التفكير في مسألة جرينلاند فإن مسألة الإعتراف الأمريكي بما يُسمي : “جمهورية صوماليلاند” مسألة وقت ولا يرتبط القرار الأمريكي بشأنه بالقانون الدولي ولا غضب مزعوم من الإتحاد الأفريقي أو مقديشيو أو حتي سرور وسعادة إثيوبيا وفرنسا ومسؤولي صوماليلاند فالقرار أمريكي محض وسيُتخذ من أجل المصلحة الأمريكية الـعُليا دون سواها .
مع ذلك فمما قد يزيد من المخاوف وليس الإطمئنان في واشنطن كذلك أن أنصار الإعتراف بأرض الصومال يدعون أن الاعتراف من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة ميزة استراتيجية وموازنة القوى المتنافسة فقد عرضت جمهورية أرض الصومال المزعومة تقديم ميناء علي المحيط الهندي أو خليج عدن للولايات المتحدة للإستخدامات العسكرية بالطبع ولكن المحللين يحذرون من أن الاعتراف الرسمي من شأنه أن يثير معارضة شديدة من جانب الاتحاد الأفريقي (لا قيمة فعلية لهذه المعارضة فهناك نزاعات دامية لكنها مكتومة والإتحاد الأفريقي غائب تماماً عنها كنزاع كابيندا في انجولا ونزاعات أخري لا تهدأ والإتحاد الأفريقي جالس علي خط التماس ونزاع مصروالسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة فالإتحاد لا يحل ولا يربط أمراً فيه) الذي ينظر إلى مثل هذه التحركات باعتبارها تهديداً للسلامة الإقليمية لدوله الأعضاء أو هكذا يتظاهر بما في ذلك الصومال ويعود موقف الاتحاد الأفريقي إلى التاريخ الاستعماري لأفريقيا عندما رسمت القوى الأوروبية حدوداً تعسفية في مؤتمر برلين في عامي 1884 و1885 متجاهلة الحدود العرقية والقبلية والعشائرية ورغم أن هذه الحدود مصطنعة فقد تم التأكيد عليها في إعلان القاهرة عام 1964 للحفاظ على السلام والاستقرار في جميع أنحاء القارة ويُقال أن الاتحاد الأفريقي يـخـشـي أن يؤدي الاعتراف باستقلال أرض الصومال إلى فتح صندوق باندورا للمطالبات الانفصالية في أفريقيا وهي كثيرة وتشجيع الحركات الانفصالية في مناطق مثل بيافرا في نيجيريا وأمبازونيا في الكاميرون وكازامانس في السنغال وستشكل هذه السابقة – لو تحققت – خطراً يهدد بزعزعة استقرار الدول الهشة التي تعاني من الانقسامات العرقية وتحديات الحكم والنزاعات الإقليمية كذلك على الصعيد الدبلوماسي يشير المحللون إلى أن اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع الدول الأفريقية الرئيسية والهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وقد يفسر القادة الأفارقة مثل هذه الخطوة على أنها سابقة خطيرة تقوض المعايير الراسخة مما يخلق صدعاً في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا في وقت تسعى فيه واشنطن إلى مواجهة النفوذ الصيني والروسي المتزايد في القارة لكني من ناحية أخري أشك في أن هذه المخاوف تـعـبـأ بها الولايات المتحدة خاصة وأن الرئيس القادم دونالد ترامب أصدر قرار بالإعتراف بضم الصهاينة للجولان ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس وهي قرارات تلغي قرارات أممية لكن الولايات المتحدة إتخذت هذه القرارات الكارثية غير عـابـئـة فالولايات المتحدة لفرط غرورها تعتقد أنها هي التي تصوغ القانون الدولي فمثلاً أصدرت إبان الحرب الأهلية في السودان قانون السلام في السودان في تسعينات القرن الماضي ثم في حالة العراق 2003 أصدرت قانون تحرير العراق …. هكذا وهي قانون في الغالب لا يحترمها أحد لكن الأمريكيين لا يشعرون .
سواء صدر هذا المشروع بقرار رقم 10402أو لم يصدر أو ســـوفــتـه الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس ترامب فإن رد الحكم علي هذين الإحتمالين فإن مساره إلى الأمام لا يزال غير مؤكد فتاريخيًا لا يصبح سوى حوالي 5% من جميع مشاريع القوانين المقدمة إلى الكونجرس قانونًا كــمــا تنخفض الاحتمالات إلى حوالي 1-2% عندما يتضمن الاقتراح تحولًا كبيرًا في السياسة مثل تغيير الاعتراف بكيان منفصل عن دولته لذلك فمن المؤكد أن يواجه قرار النائب بيري الذي قدمه قبل أقل من شهر من انتهاء الدورة الحالية للكونجرس تحديات إجرائية كبيرة وتزيد الدورة العرجاء – وهي الفترة التي تلي الانتخابات حيث تضاءل نفوذ المشرعين المنتهية ولايتهم – من تعقيد فرص إقرار هذا المشروع ليكون قرار زد علي ذلك قيود الوقت إذ غالبًا ما تتعطل مبادرات السياسة الخارجية التي بهذا الحجم وهذه الدرجة العالية من التأثير بسبب الأولويات التشريعية المتنافسة وخاصة خلال فترة نهاية العام عندما يركز الكونجرس على الموافقات الحاسمة على الميزانية ومشاريع القوانين التي يجب تمريرها ولهذا يشير محللون كُثر إلى أن مشروع قرار النائب بيري من غير المرجح أن يتقدم إلى ما هو أبعد من مراجعة اللجنة ويُلاحظ أن هذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها النائب بيري إلى الاعتراف بأرض الصومال ففي مارس 2022 قدم”مشروع قانون استقلال جمهورية أرض الصومال” (HR 7170) والذي يسمح للرئيس بالاعتراف بأرض الصومال كدولة منفصلة ومستقلة وكما هو الحال بالنسبة للقرار الحالي تمت إحالة مشروع القانون رقم 7170 إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب لكنه لم يحرز أي تقدم ويشير موقع HIiRAAN في 16 ديسمبر2024أن عضو في الكونجرس الأمريكي سكوت بيري أكد هذه المرة أن مشروع القانون رقم 10402 لفت الإنتباه أن جمهورية أرض الصومال المزعومة منذ إنفصالها عن الصومال وهي تنعم بعقود من الاستقرار والالتزام بالديمقراطية كما أنها تحظي باهمية استراتيجية في القرن الأفريقي وهو سباب هام جداً وربما كافي ليبرر اعتراف الولايات المتحدة بهذه الجمهورية .
إن تقدم النائب سكوت بيري عن بنسلفانيا بمشروع القانون المُشار إليه الذي يقترح فيه لأسباب أوردها اعـتـراف الولايات المتحدة بجمهورية أرض الصومال المعروفة فالنائب جوردون سكوت أو Scott Perry(من مواليد 27 مايو 1962) هو سياسي أمريكي وخبير عسكري متقاعد وولد في سان دييجو وكان أسلاف سكوت مهاجرين من كولومبيا ووالدته كانت مضيفة طيران وانفصلت عن والده عن والده عندما كان صغيرًا جدًاوبعد ان بلغ سن الشباب تخرج من جامعة ولاية بنسلفانيا عام 1991 وحصل علي درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال وفي عام 2012 حصل على درجة الماجستير في التخطيط الاستراتيجي من الكلية الحربية للجيش الأمريكي وقبل ذلك وفي عام 2006 وعندما قرر ممثل الولاية بروس سميث من الدائرة 92 في مجلس النواب عن بنسلفانيا اعتزال السياسة فاز بيري في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بنسبة 41% من الأصوات كما فاز في الانتخابات العامة بنسبة 71% من الأصوات وتولى منصبه في 2 يناير 2007وفي عام 2008 أعيد انتخاب بيري بالتزكية وفي عام 2010 انتخب للمرة الثالثة بالتزكية وفي عام 2012تخلى بيري عن مقعده في مجلس النواب للترشح لمنطقة الكونجرس الرابعة وانضم على الفور إلى ذلك المجلس وكانت هذه المنطقة سابقًا هي المنطقة التاسعة عشرة ويمثلها المرشح الجمهوري تود بلاتس من المقررأن يتولى جيم ريش النائب عن ولاية أيداهو في مجلس الشيوخ رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ العام المقبل2025 بعد فوز الجمهوريين في انتخابات نوفمبر2024وقد قدم ريش قانون شراكة أرض الصومال عام 2022وهو القانون الذي لا يعترف بأرض الصومال لكنه يعزز فرص التعاون في قضايا الأمن الإقليمي .
تجدر الإشارة إلي أن تقدم النائب سكوت بيري بهذا المشروع وراءه جهد قد تكون قد بذلته إثيوبيا لحساب هرجيسة أو أرض الصومال عن طريق شركات العلاقات العامة الأمريكية وهو تصرف عادة ما تكرره حكومات العالم الثالث في واشنطن للوصول ثم التأثير في صناع القرار السياسي(ومنهم وأهمهم نواب الكونجرسكحالة سكوت بيري)أوالإقتصادي أو العسكري الأمريكي وفي المقابل تبذل حكومة الصومال في مقديشيو جهوداً مُضادة لمواجهة إثيوبيا في واشنطن لإحكام عزل موضوع الإعتراف عن البيئة الأمريكية وهي في سبيل ذلك ستأجرت عن طريق السفارة الصومالية في واشنطن واحدة من شركات الضغط الكبرى في واشنطن في الوقت الذي تستعد فيه لطريق صعب محتمل في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب فبعد شهرين فقط من توليه منصبه تعاقد سفير الصومال الفيدرالي ضاهر عبدي مع مجموعة BGR في 27 نوفمبر2024مقابل 50 ألف دولار شهريًا لمدة 12 شهرًا أو ما مجموعه 600 ألف دولار وينص العقد المودع لدى وزارة العدل الأميركية على أن BGR ستوفر “خدمات الشؤون الحكومية” للسفارة ومن بين جماعات الضغط المسجلة على العقد ليستر مونسون رئيس الأركان الجمهوري السابق في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وسكوت إيزنر الرئيس السابق لمركز الأعمال الأميركي الأفريقي التابع لغرفة التجارة الأميركية فما يشغل بال الحكومة الصومالية هو الضغط المتزايد من جانب الولايات المتحدة للاعتراف بمنطقة أرض الصومال المنفصلة كدولة مستقلة وخاصة بين الجمهوريين ومنذ العام الماضي سعت الصومال أيضاً إلى الحصول على أهلية الاستفادة من قانون النمو والفرص في أفريقيا لكن العلاقات مع الولايات المتحدة تعرضت لضربة قوية في ولاية ترامب الأولى عندما سحب نحو 700 فرد هم قوام القوة الأمريكية في الصومال وتراجع الرئيس جو بايدن عن هذا القرار في عام 2021وتقول السفارة الصومالية في واشنطن في تصريحها لصحيفة أفريقيا ريبورت : “الصومال والولايات المتحدة شريكان طبيعيان ونواصل العمل معًا في مكافحة الإرهاب (وهي اللغة المتداولة عالمياً) وغير ذلك من البرامج الأمنية المهمة ونتطلع أيضًا إلى توسيع هذا العمل والعلاقة الاقتصادية بما يخدم مصالحنا المشتركة”وموضوع أرض الصومال والإعتراف الأمريكي المرعب هو الهم الوجيد لحكومة مقديشيو في واشنطن فهناك إهتمامات صومالية أخري فقد سبق لـشركة العلاقات العامة الأمريكية BGR أن مارست الضغط لصالح وزارة المالية الصومالية في الفترة 2018- 2019للضغط من أجل مرام إقتصادية صومالية لدي الولايات المتحدة .
قــــرارالإعــــتــراف الأمريكي بصوماليلاند إمــكـــانيــة تحققه وأهــــمـــيــتــه :
بادئ ذي بدء أُشير إلي أن جمهورية أرض الصومال المزعومة أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991 لكنها لا تزال غير معترف بها من قبل أي دولة ذات سيادة وعلى الرغم من هذا فقد تمكنت المنطقة من اكتساب هوية مميزة وتبلغ مساحة أرض الصومال التي تضم ثلث سكان الصومال مساحة فلوريدا تقريبًا وقد حافظت على استقرار نسبي على عكس جارتها التي مزقتها الحرب وبفضل موقع صوماليلاند القريب من شبه الجزيرة العربية فإن الاعتراف الأمريكي بأرض الصومال يمنح الغرب والكيان الصهيوني موطئ قدم استراتيجي جديد في حربهما ضد اليمن التي حاصرت منذ أكتوبر 2023 السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني وكما أكدت سابقاً فإن هذه الخطوة تخاطر بتوتر العلاقات الأميركية مع حلفاء إقليميين رئيسيين مثل مصر وتركيا فكلاهما حقق علاقات قوية مع الصومال .
إذ كان هناك فـضل بعد فضل الله تعالي فبفضل طوفان الأقصي وحرب غــزة والإبادة الجماعية فيها وعدم كفاية الخيانات العربية عن نجدة غــزة قررت الولايات المتحدة الأمريكية التقدم بجسارة نحو إتخذ قرار التموضع في صوماليلاند فالإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند عبارة عن “فتح باب ” توصده الولايات المتحدة لا غيرها وهاهي تفتحه لأنها قررت ذلك وبالتالي فالحديث عن الإمكانية أمر مفروغ منه فهي خطوة ممكنة في سياق فهم الجينات السياسية للفكر السياسي الأمريكي فالولايات المتحدة حتي تقوم لها قائمة أبادت الـهــنــود الــحـــمــر بلا رحمة وأستعمرت أرضهم وهي في سبيل إدارة الصراع مع الصين الشعبية إعترفت بها بزيارة الرئيس السابق نيكسون ووزير خارجيته كيسينجر وهي أيضاً لإدارة الصراع مع الصين الشعبية أنشأت ودعمت جمهورية الصين الوطنية أو تايوان للحصول علي تنازلات صينية أو للإقتراب جغرافياً من الصين وإستفزازها وإنهاكها سياسياً كما أن إنسحابها المُذل من أفغانستان بعد مفاوضات في قطر كان أيضاً لان المصالح العُليا للولايات المتحدة فرضت قرار الإنسحاب فقط أما الـذل فقد أتي به الساسة والعسكريين الأمريكيين بأنفسهم للولايات المتحدة وأرتضته أيضاً من أجل المصالح العُليا للولايات المتحدة ولهذا وكنتيجة لمخرجات هذه الأمثلة وغيرها كثير فيمكن القول بأنه وبالرغم من أن القرار الأمريكي بالإعتراف بصوماليلاند به من السهولة بقدر مابه من صعوبة إلا أنه في الحالتين مـمـكـن بل وفي المتناول السياسي الأمريكي Attainable فالصومال حافظت علي تمزقه القوي الدولية الكبري كالولايات المتحدة وروسيا والصين الشعبية وروسيا وبريطانيا وإيطاليا وغيرهم وإن بمساهمات مختلفة الوزن حسب القدرة والتمكن ويُضاف إليهم ساسة الوحدات الثلاث لهذا الصومال الممزق فنظرة مُتعمقة لوضع الصومال تهدي المرء إلي إكتشاف أن هناك ثمة لأوجه شبه بين الصومال ولبنان العالمفالصومال منذ بداية تمزقه عام1991 وهو يمر بمنعطفات خطيرة مع تكثيف العديد من الجهات الفاعلة لاستعراض قوتها والصراع في الصومال فتركيا ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة وقوى إقليمية أخرى تتخذ مواقف فيما أصبح الصومال إثر ذلك وسريعًا بمثابة لبنان أفريقيا فهو بلد ممزق حيث تسعى الفصائل والكيانات الوطنية المتعددة إلى تحقيق أجندات سياسية متضاربة مما يدعو الجهات الفاعلة الأجنبية إلى تعزيز نفوذها وتعزيز مواقفها السياسية واللاعب الأكثر بروزًا في هذا التصعيد هو إثيوبيا وأطماعها في الصومال تاريخية .
في هذا الشهر ديسمبر 2024 تسيدت الولايات المتحدة الموقف في القرن الأفريقي وأهم دوله هي الصومال وهذه السيادة ستتأكد لكل من ألقي السمع وهو شهيد مستقبلاً بعد الإعلان الأمريكي بشأن إعتراف الولايات المتحدة بما يُسمي جمهورية صوماليلاند وستكون الولايات المتحدة بعد ذلك الإعلان المشؤوم أيضاً أكبر المُساهمين في الوضع الممزق للصومال فصوماليلاند وقعت منذ إنفصالها عام1991في براثن الوحش الإثيوبي الضعيف من داخله وأرتضت سيادة إثيوبيا عليها ورفضت سيادة بني جلدتها الصومال الفيدرالي وهكذا فعلت بونتلاند ففي 21 ديسمبر2024 أعلنت سلطات بونتلاند – وهي منطقة أو دولة مزعومة كصوماليلاند تقع في شمال شرق الصومال تتمسك بحكم شبه ذاتي – أعلنت أنها ستطلق عملتها الخاصة وهي الشلن بحلول عام 2025 بذريعة التحديات النقدية التي تواجه الصومال وقال رئيس بونتلاند ديني مُبرراً هذه الخطوة التي تُرسخ الإنفصال عن الحكومة الفيرالية في مقديشيو : “لقد كنا ننتظر حكومة موحدة (للصومال) لإنشاء شلن صومالي موحد لكن هذا لم يحدث” وأشار ديني إلى أن “هناك العديد من الدول الفيدرالية في العالم التي لديها عملتان” مؤكداً أن هذا الإجراء لا يعني الانفصال عن الوحدة الصومالية وأنه بمجرد التوصل إلى اتفاق وطني فإن العملة الجديدة لبونتلاند سوف تتوافق في نهاية المطاف مع النظام المالي الأكبر في الصومال” ووصف الرئيس ديني الوضع الحالي في الصومال بأنه “في مرحلة خطيرة” حيث أصبح الحفاظ على الوحدة والحكم الرشيد يشكل تحديًا متزايدًا وتجري حكومة بونتلاند حاليًا دراسات حول تطبيق عملتها الخاصة مع خطط لدمجها في النظام المالي الصومالي الأوسع نطاقًا عندما تسمح الظروف بذلك لكني أعتقد أن هذه الخطوة لها مدلولات مختلفة إذ أن توقيتها متأخر للغاية كما أن الوضع المالي للصومال الفيدرالي سيئ منذ نهاية عهد الرئيس الأخير للصومال الفيدرالي:سياد بري أي منذ أكثر من 40 عام وهذه الخطوة تأتي منتظمة في صف تطورات سيئة مضادة لوحدة أراضي الصومال الفيدرالي كالخطوة الأمريكية المُرتقبة والمُعلنة في 10 ديسمبر2024بشأن الإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند وقبلها مذكرة تفاهم صوماليلاند مع إثيوبيا في يناير2024 بشأن حيازة إثيوبيا منفذ بحري وقاعدة عسكرية /بحرية في بربرة فهذا التطور أي إصدار بونتلاند في 2025 لعملتها الخاصة ربما كان مقدمة لإنفصال تام لبونتلاند عن الحكومة المركزية للصومال الفيدرالي فالإعتراف الأمريكي بصوماليلاند سيغري زعماء بونتلاند لإعلان الإنفصال التام الفعلي عن الصومال الفيدرالي وسيمنحهم الأمريكيين والصهاينة عبر إعلامهم أو أجهزة مخابراتهم بالأسباب التي يمكن أن تبررلهم الإنفصال وبهذا ستنتهي قضية الصومال عن طريق الولايات المتحدة ببأسها المُنفذ القائد للتوجهات الإنفصالية حول العالم والذين أسهموا بالقدح المُعلي في عملية فصل جنوب السودان عن شماله والتي إنتهت في 11 يوليو2011 بالإعلان عن قيام دولة جنوب السودان ومع هذا البأس والسلوك السياسي الشاذ سيساهم يأس زعماء وقادة الصومال الفيدرالي في ترسيخ وتحقيق النزعات الإنفصالية في الصومال بدعم من التآمـــر الإثيوبي والمال الإماراتي فالإمارات ذلك الكيان الوظيفي سيتولي دور الصراف في عملية مقاولات هدم الصومال علي رؤوس أهــله .
رغم تصاعد الاشتباكات في المناطق الشرقية من الصومال منذ عام 2023 فإن الجزء الأكبر من أرض الصومال لا يزال ينعم بالسلام فهي تتمتع بموقع استراتيجي بالقرب من خليج عدن وتتحكم في ممر بحري حيوي للسفن المتجهة إلى قناة السويس واليمن ومنذ اندلاع حرب اليمن عام 2014 سعت الإمارات العربية المتحدة إلى إيجاد شركاء في منطقة القرن الأفريقي ضد الحكومة اليمنية التي يهيمن عليها أنصار الله في صنعاء وفي عام 2016 وقعت الإمارات العربية المتحدة صفقة بقيمة 442 مليون دولار لبناء ميناء في مدينة بربرة في أرض الصومال والتي تبعد 260 كيلومترًا فقط عن مدينة عدن الساحلية اليمنية وبعد مرور عام تم توسيع الميناء ليشمل قاعدة بحرية وجوية ومنذ عام 2018يتم استخدامه لضرب داخل اليمن وتستمرالقاعدة العسكرية في التوسع مع بناء حظائر لمزيد من الطائرات وتشير التقارير إلى أن الإمارات العربية المتحدة تعمل الآن على تأمين اتفاق بين أرض الصومال والكيان الصهيوني وفي ظل اهتمامها بتأمين موطئ قدم بالقرب من البحر الأحمر وخليج عدن أصبح الكيان الصهيوني في عام 2010 احد من الدول القليلة التي أقامت علاقات دبلوماسية مع أرض الصومال وإن كان ذلك دون اعتراف رسمي فقد زاد الاهتمام الصهيوني بالمنطقة منذ أن بدأت اليمن في توجيه ضربات مباشرة إليها رداً على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة كما تحتفظ بالفعل بوجود عسكري واستخباراتي مشترك مع الإمارات العربية المتحدة في جزيرة سقطرى اليمنية المحتلة وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الإمارات العربية المتحدة سيُنشئ الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية في أرض الصومال مقابل الاعتراف بها ومن شأن هذا الموطئ أن يسمح لتل أبيب بالرد مباشرة على اليمن بدلا من الاعتماد على الدول الغربية للقيام بذلك ولكن على الرغم من طموحات الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني لم تعترف أي من الدولتين بأرض الصومال وفي عام 2010 ترددت شائعات مفادها أن الكيان الصهيوني يعتزم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات لكنه تراجع , لكني أؤكد بناء علي تحرك الإمارات أن ثمن هذه التحركات الرخيصة باهظ فاليمن إن سكت الآن فسكوته مؤقت ورهن بالتفرغ لقوي ذات وزن مُعتبر وقيمة مضادة لأمن اليمن كالولايات المتحدة وحلفاؤها الأطلسيين أما الإمارات فدولة بلا قيمة لأنها دولة وظــيـــفـــيــة Functional والأجدي التعامل مع من تأتمر بأمره فتصدع له .
بالنسبة للولايات المتحدة ففي عام 1993غزت الولايات المتحدة العاصمة الصومالية مقديشوعلى أمل الإطاحة بالحكومة وكانت المعركة التي شهدت سحب جثث جنود أمريكيين في الشوارع أكثر معارك إطلاق النار دموية بين القوات الأمريكية منذ حرب فيتنام وفقًا لشبكة بي بي إس وفشلت في تحقيق هدفها وبعد بضعة أشهر انسحبت آخر القوات الأمريكية المتبقية لكن ابتداءً من عام 2007 تدخل الجيش الأمريكي مرة أخرى في الصومال بعمليات بحرية ضد القراصنة وشن غارات جوية ضد جماعة الشباب المتمردة السلفية وعلى الرغم من هذه الجهود واصلت حركة الشباب شن هجمات قاتلة ضد القوات الأمريكية وقبل شهر من ترك منصبه سحب ترامب القوات الأمريكية في عام 2022ولاحقاً عكس جو بايدن هذا المسار وأعاد 500 جندي أمريكي إلى الصومال ورغم المساعدات التي تقدمها واشنطن وبدء الحكومة الصومالية حملة عسكرية كبرى في عام 2022 فإن التأثير على حركة الشباب كان ضئيلا وخوفاً من الفراغ الأمني طلبت الصومال هذا العام من قوات الاتحاد الأفريقي تأجيل انسحابها وقد فقدت الصومال المزيد من السيطرة عندما أعلنت منطقة بونتلاند استقلالها وفي ديسمبر2023 اشتبكت القوات في جوبالاند مع قوات الحكومة الصومالية مما أسفر عن أسر 83 جنديًا صوماليًا وتسليم 600 جندي آخرين أنفسهم لكينيا عبر الحدود وعلى هذه الخلفية أشارت إدارة بايدن وكأنها تريد سحب ورقة أرض الصوما من يد إدارة ترامب القادمة بحيث يبدأ ترامب عهده وليس في يده أوراق أزمات سياسية أو قرارات هامة يتخذها ومنها قرارالتحول المحتمل في السياسة قبل الصومال ولذلك إرسل وفد رفيع المستوى لتهنئة رئيس أرض الصومال المنتخب حديثًا عبد الرحمن محمد عبد الله وقد أشادت شخصيات مثل السيناتور جيم ريش بهذه الخطوة الذي انتقد سياسة “الصومال الواحد” التي استمرت لفترة طويلة ووصفها بالفشل , فأنصار الاعتراف بأرض الصومال يؤكدون على استقرارها بحكمها الديمقراطي ومع ذلك فإن قيمتها الاستراتيجية كمركز للعمليات العسكرية الغربية ضد اليمن وثقل موازن للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة هي على الأرجح القوة الدافعة وراء هذا التحول الأمريكي المُحتمل قبل الصومال التي أعتقد أنها لو إعترفت الولايات المتحدة بأرض الصومال كجمهورية فستتخذ قراراً مُقابلاً بإستقدام الصينيين(تدير الصين منذ 2017قاعدة عسكرية كبرى في جيبوتي هي الأولى لها في العالم) وبذلك تزيد قبضة الصين في المحيطين الهندي المؤدي للمحيط الهادئ وكذا الروس بأقدامهم الثقيلة في الصومال الذين سيعوضون سريعاً خسارتهم المنتظرة في سوريا وقبرص في شرقي البحر المتوسط أي أنه سيكون قرار أمريكي خاسر حتي لو أحرزت الولايات المتحدة من إتخاذه مكاسب محدودة لكن هذا لا يمنع من إستفادة إثيوبيا في من القرار هذا الأمريكي خاصة في معركتها من أجل بربرة وستستفيد منه هرجيسة بقليل من الجهد الدبلوماسي فكأن الولايات المتحدة تقترف خطأ سياسي خاسر الوزن والعائد لكنه مفيد لآخرين وكأن لهذا الخطأ منتج عرضي By –Product , والأخطاء السياسة والعسكرية الأمريكية في العالم وأفريقيا تمثل المصدر الرئيسي للعوائد والأرباح الروسية والصينية فقد دعمت جيبوتي تصرفات الصين في هونج كونج وسمحت للسفن الإيرانية بالرسو في مينائها وهكذا ستفعل مقديشيو إن أقدمت الولايات المتحدة علي إقتراف هذا الخطأ شديد الإغراء خطأ الإعتراف بجمهورية أرض الصومال المزعومة كما طلبت جيبوتي أيضا من الولايات المتحدة عدم شن غارات جوية على اليمن فاليمن بالنسبة لجيبوتي جـــار دائم أما الكيان الصهيوني والولايات المتحدة زبونين أحدهما منحط وهم الصهاينة بالطبع والآخرمُعجب بإنحطاط رفيقه كذلك سمحت جيبوتي للسفن الإيرانية بالرسو في القاعدة العسكرية الصينيةومتوقع طبعاً أن يكون التموضع العسكري الأمريكي أو الصهيوني أو هما معاً في صوماليلاند هدفه الأولي هو العسكرية الإيرانية , فهناك خطة صهيونية طموحة لإنشاء قاعدة عسكرية في صوماليلاند أثارت عاصفة جيوسياسية في منطقة القرن الأفريقي فهذه الخطة بالتأكيد تهدف إلى تعزيز الوجود الإقليمي للكيان الصهيوني ومصالحه الأمنية لكنها خطة مُحاطة بمحاذير فالعالم بعد 7 أكتوبر2023يوم إنطلاق طوفان الأقصي وما بعده غير العالم قبل هذا اليوم لذلك فلا الوجود الأمريكي ولا الصهيوني بآمـــن في صوماليلاند 100% .
لكن الأمر المهم الذي أود الإشارة إليه هو أن الولايات المتحدة وهي مُقدمة علي إقتراف هذا الخطأ السياسي/ الدبلوماسي – فهو خطأ بالنسبة لأي مُتابع أو مراقب مُحايد – تعي أمرين يأحدهما حدث ويحدث وهو أن التهديد الذي تشكله الصين في جيبوتي والوارد في مشروع 2025وهو الذي يعتبره كثيرون بمثابة مخطط لرئاسة ترامب القادمة ويوصي المشروع “بالاعتراف بدولة أرض الصومال والأمر الثاني مُحتمل فالولايات المتحدة قد تضطر لإتخاذ قرار خطر خاسركالإعتراف بجمهورية أرض الصومال المزعومة كإجراء إحترازي ضد تدهور مُحتمل في موقف الولايات المتحدة في جيبوتي التي تعارض بل تعرقل عملية الإعتراف بصوماليلاند وهي سياسية جيبوتية تعارضها أرتريا التي تدعو – بلا تحرك سياسي فعلي – إلي الإعتراف بجمهورية صوماليلاند الزائفة وينبغي الوضع في الإعتبار ونحن نتابع هذه المواقف المتناقضة لدول القرن الأفريقي أن أشير إلي معارضة وزير خارجية أرتريا عثمان صالح محمد عـلنـاً الإقتراح الجيبوتي بشأن وصول إثيوبيا لميناء تـاجـورة الجيبوتي علي الحدود بين أرتريا وجيبوتي حيث تري أرتريا أن وصول أو تموضع إثيوبيا علي هذه الحدود تهديد لأمن أرتريا القومي .
إذا اعترفت الولايات المتحدة بأرض الصومال فمن المرجح أن يحذو حلفاؤها حذوها تمامًا كما فعلوا مع كوسوفو في عام 2008 وقبلها مع تيمور الشرقية وقد يكون القيام بذلك محفوفًا بالمخاطر نظرًا لوجود القوات الأمريكية في الصومال ولكن من المرجح أن يسحب ترامب هذه القوات تمامًا كما فعل في رئاسته السابقة وباعتبارها دولة ذات سيادة معترف بها ستتمتع أرض الصومال بأمن أكبر مما سيفيد الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني كما ستكون شريكًا أكثر موثوقية مع الضمانة الأثيوبية من جيبوتي وتصبح ثقلًا موازنًا للصين لكن – كما أشرت سابقاً – فالاعتراف بأرض الصومال قد يثير ردود فعل سلبية من جانب حلفاء الولايات المتحدة فقد تنظر مصر التي تربطها علاقات وثيقة بالصومال بسبب المخاوف المشتركة وبشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى اعتراف أرض الصومال باعتباره إهمالاً لمجمل موقفها تجاه إثيوبيا وصوماليلاند وقبلهم الصومال الفيدرالي أما إثيوبيا فالقرار الأمريكي يسير بحـذاء دورها الذي يمكن وصفه بالراغب في الهيمنة علي القرن الأفريقي كله وإثيوبيا باعتبارها دولة غير ساحلية وقعت – في إطار تحقيق حلم الهيمنة – وأرض الصومال علي مذكرة تفاهم يناير 2024 والتي توفر لإثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحرمن خلال ميناء بربرة وردت مصر التي إستفزها هذا التصرف بأن وقعت مع الصومال علي اتفاقية عن الصومال كما أن تركيا هي الأخري استثمرت إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في الصومال / مقديشيو ولــئــلا ننسي فتركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي ولاعب إقليمي رئيسي آخر بشكل كبير في الصومال بما في ذلك إنشاء أكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها في مقديشو، وفي سبيل التخديم علي تنمية دورها في الصومال قدمت تركيا – خلافاً لــمــصــر- مليار دولار كمساعدات للصومال بين عامي 2011 و2022وفي المقابل حصلت تركيا على معاملة تفضيلية في عقود التنقيب عن النفط .
عــودة إلي القرار الأمريكي المرتقب بالإعتراف المُحتمل بما يُسمي جمهورية أرض الصومال أشير إلي أن هذا الإعتراف من المؤكد أنه سيؤدي علي الأجلين القصير والبعيد إلي التأثير قد تختلف في الــحــيـز الــمــتـاح لـحـركة تـركيا ومـــصــر في الصومال كله لكن من حيث المبدأ سيكون الحيز المُتاح لتركيا أكبروأبعد مدي فـهـي عــضــو هــام ونــشــط في حــلــف شــمــال الأطلنطي أما مـــصــر فيمكنها الإحتفاظ بحيزها الحالي بـل وتـوســيــعه (وهومــحــدود بسبب تآكل وسائلها السياسية والإقتصادية والثقافية) بشرط التخلص من إنتهاج سياسة الأخذ بسياسة القوالب الجامدة وتبديل السرعات في صنع وإتخاذ القرار السياسي بشأن الصومال(وغيرها) فالسرعة الحالية ســلــحــفــائــيــة وهي بالطبع ســرعة تناسب من لا يستطيع أو لا يرغب في إتخاذ قرار سياسي/ عسكري وها نحن نري السياسة الجسورة التي قد تتخذها الولايات المتحدة في عهد الثاني للرئيس ترامب وهي جسورة إلي حــد الـتـهـور فهي تتضمن قدر عال من المخاطرة فالولايات المتحدة قد تخاطر بخسارة الصومال الفيدرالي (مقديشيو) نفسه وتقذف به في أحضان الصين وروسيا وربما إيران (تركيا ثابتة في الصومال في كل الحالات فسياستها حركية مـرنـة) وقد تخاطر الولايات المتحدة كذلك بخسارة مــصــر أو علي الأقل الإضرار بموقفها في الصومال مالم تعطي الولايات المتحدة مصر نصيباً سياسياً ذو قيمة في الصومال أو في صوماليلاند لقاء هذه المخاطرة وهو ما أستبعده فالولايات المتحدة في عهد ترامب الثاني أقل إستعداداً من ذي قبل لسياسة التعويضرغم أن مـصـرعملت مصر باستمرار على مساعدة تل أبيب (حليف الولايات المتحدة الأول والوثيق) من خلال رفض فتح حدودها مع غزة وفتح طرق تجارية بديلة وحيوية للسلع المتجهة إلى الكيان الصهيوني مثلما تفعل تركيا نفسها أيضاً فهي تواصل إرسال الصادرات الرئيسية مثل الصلب إلى الكيان الصهيوني ولذلك أعــتقد أن هناك رد مصري متوقع علي القرار الأمريكي المُحتمل بالإعتراف بصوماليلاند وقد يكون مكانه المُحتمل مكان آخر في العالم أو في الصومال نفسه أما توقيته فهو يتقرر بناء علي إختيار مـــصــر لموضوع الرد .
قد تنظر الإدارة القادمة في الولايات المتحدة إلى استقرار أرض الصومال باعتباره أصلًا استراتيجيًا على خلفية جار متقلب وفرصة لمواجهة توسع النفوذ في المنطقة من قبل منافسي واشنطن الجيوسياسيين ومع ذلك فإن مثل هذا الاعتراف يخاطر بإشعال المزيد من الاضطرابات من خلال تفاقم الانقسامات العشائرية داخل أرض الصومال واستعداء الصومال التي عارضت بشدة استقلال أرض الصومال لأكثر من ثلاثة عقود وتمتد هذه التداعيات إلى ما هو أبعد من المنطقة حيث قد تؤثر على طرق التجارة العالمية عند مضيق باب المندب الحيوي الذي يفصل بين الطرق البحرية المزدحمة في البحر الأحمر وخليج عدن وهنا، تعمل القرصنة الصومالية وتصعيد الحوثيين والوجود البحري الدولي شبه الدائم على تعقيد الديناميكيات التي تلعب دورًا في نضال دولة جديدة من أجل الولادة .
إن دولة أرض الصومال المستقلة حديثاً من شأنها أن تعيد ترتيب الديناميكيات السياسية داخل منطقة القرن الأفريقي وقد تغير التحالفات وتزيد من حدة التوترات القائمة وخاصة بين الجهات الفاعلة التي قد تكون لها مصالح راسخة في دعم أو معارضة استقلال أرض الصومال على سبيل المثال قد تؤيد إثيوبيا التي تتمتع بروابط تاريخية ومصالح استراتيجية في أرض الصومال مثل هذا الاعتراف سعياً إلى موازنة النفوذ الإريتري والصومالي في المنطقة ومع ذلك فإن الجغرافيا السياسية في القرن الأفريقي محفوفة بالمخاطر ويتعين على المجتمع الدولي أن يقرر بسرعة ما إذا كان الاعتراف بأرض الصومال من شأنه أن يجلب المزيد من الاستقرار أو يزيد من تعقيد توازن القوى الدقيق ونظراً لإمكانية الاضطرابات الإقليمية فهناك حجة لإنشاء تحالف دولي لحماية أرض الصومال بعد الاعتراف بها وينبغي لمثل هذا التحالف أن يشمل الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية الرئيسية الملتزمة بضمان انتقال أرض الصومال إلى الدولة المعترف بها سلمياً ومن شأن هذا التحالف أن يوفر ليس فقط الدعم الدبلوماسي بل وأيضاً الدعم الملموس في شكل مساعدات أمنية ومساعدات اقتصادية للمساعدة في الحماية ضد أي تدابير انتقامية فورية من الدول المجاورة أو الجهات الفاعلة غير الحكومية إن إنشاء مثل هذا التحالف من شأنه أن يبعث بإشارة إلى معارضي أرض الصومال مفادها أن المجتمع الدولي جاد في الحفاظ على الاستقرار ودعم سيادة البلاد الأمر الذي قد يردع الأعمال العدائية ضدها ومن المرجح أن تكون المعارضة للاعتراف بأرض الصومال مدفوعة في المقام الأول من جانب الصومال التي تنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها تحدياً مباشراً لسلامة أراضيها وقد يعارض الجهات الفاعلة الأخرى التي تخشى السابقة التي يفرضها هذا وخاصة تلك الموجودة في المناطق المضطربة هذه الخطوة أيضاً سعياً إلى فرض تكاليف دبلوماسية على أي تأييد وفي نهاية المطاف سوف يتطلب الإبحار عبر هذه الاضطرابات دبلوماسية تقييماً واضحاً للمخاطر والفوائد الطويلة الأجل المترتبة على احتضان أرض الصومال باعتبارها أحدث دولة في العالم ومع ذلك فمن غير الواضح في التأملات الحالية ما إذا كان دعم الإدارة الأميركية القادمة سيكون محورياً في التغلب على الجمود الدبلوماسي للاعتراف بأرض الصومال كما يقدر الخبراء وتبشر الأشهر المقبلة بموجة من المناورات في محاولة لتوضيح موقف الولايات المتحدة فيما يتصل باستقلال أرض الصومال ومرة أخرى ستكون منطقة القرن الأفريقي في مركز الاهتمام المتجدد مع تولي الإدارة الجديدة للبيت الأبيض زمام الأمور .
بالنسبة للدور الإثيوبي في منطقة القرن الأفريقي فهو دور مرشح للتصعيد في ولاية ترامب الثانية لكن هذا الدور سيتقلص في صوماليلاند بعد التموضع السياسي والعسكري والأمني الأمني في هرجيسة وبربرة رغم أهمية وخطورة هناك وبصفة مُحددة في نطاق القرن الأفريقي فقط وهذا الدورظل معزولاً في معظمه عن القرارا السياسية الأمريكية الخاصة بالقرن الأفريقي في سني إدارة بايدن والديموقراطيين وإن كان مقصورا أو يكاد أن يكون كذلك في المجال العسكري ومن خلال قناة AFRICOM تحديداًوهناك مؤشرات قوية علي ذلك منها :
(1) فـــشل إثيوبيا في الإنضمام والإستفادة من قانون الفرصة والنمو الأفريقي AGOA:
فمحاولة إثيوبيا للانضمام إلى قانون النمو والفرص في أفريقيا r] AGOAفشلت مرة أخرى فقد أعلن مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة إثيوبيا ذلك في 21سبتمبر ا2024(addisstandard) فقد أبقت الولايات المتحدة على تعليق العضوية في أحدث إعلان للمكتب وأكد هذا الإعلان أن قائمة الدول الأفريقية المؤهلة للاستفادة من قانون النمو والفرص في أفريقيا ستظل دون تغيير خلال السنة المالية المقبلة2025 مع الحفاظ على فوائد الاتفاق لـ32 دولة أفريقية مؤهلة وقال سام ميشيل المتحدث باسم مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة في هذا الإعلان إنه “بناءً على نتائج مراجعة أهلية قانون النمو والفرص في أفريقيا السنوي والتي تضمنت جلسة استماع عامة في يوليو2024 ترأسها مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة قرر الرئيس بايدن الحفاظ على فوائد قانون النمو والفرص في أفريقيا لكل دولة مؤهلة حاليًا بموجب البرنامج ولذلك ستظل قائمة البلدان المؤهلة وغير المؤهلة دون تغيير لعام 2025” .
على الرغم من المناقشات التي أجراها مسؤولون تجاريون أميركيون في يوليو2024 لاستكشاف التعديلات المحتملة على قانون النمو والفرص في أفريقياAGOA فإن القرار الأخير ترك تعليق إثيوبيا على حاله وبعد استبعادها في البداية بسبب الحرب الوحشية التي استمرت عامين في منطقة تيجراي وانتهاكات حقوق الإنسان المتفشية التي أعقبت ذلك لم تنجح بعد جهود إثيوبيا المتكررة لاستعادة أهليتها لقانون النمو والفرص في أفريقيا مما يمثل انتكاسة أخرى في محاولتها لإعادة الانضمام إلى برنامج التجارة وقد كانت آخر جهود إثيوبيا للانضمام إلى البرنامج عندما دعا تايي (وزير الخارجية آنذاك) إلى استعادة وضع إثيوبيا وحث إدارة بايدن على إعادة النظر في قرارها ومن المعلوم أنه في نوفمبر 2021، وقع الرئيس جو بايدن على أمر تنفيذي يقضي بإخراج إثيوبيا من قانون النمو والفرص في أفريقيا في أعقاب تصعيد الحرب التي بدأت قبل عام في نوفمبر2020، وشهدت “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا”وقد أدى هذا القرار إلى إغلاق العديد من الشركات الأجنبية العاملة في المناطق الصناعية في إثيوبيا فروعها بل ومغادرة إثيوبيا حيث كانت تستهدف في المقام الأول إثيوبيا بسبب أهليتها لقانون النمو والفرص في أفريقيا وبالطبع أعربت إثيوبيا عن أسفها للقرارواصفة إياه بأنه “مضلل” وقالت إنه “يفشل في مراعاة التزام حكومة الولايات المتحدة بتقدير رفاهية المواطنين العاديين”.كما زعمت إثيوبيا أن القرار يؤثر على “سبل عيش أكثر من 200 ألف أسرة من ذوي الدخل المنخفض معظمهم من النساء اللاتي لا علاقة لهن بالصراع” .
(2) الحرب التي خاضتها الحكومة الإثيوبية وتداعيتها الإنسانية المرعبة علي السكان وأثرها علي الداخل الإثيوبي:
كان ولا يزال لهذه الحرب صدي داخلي و لدي الإدارة الأمريكية كما تقدمت الإشارة وكذلك لدي المجتمع المدني الإثيوبي الذي صدرعنه بيان صحفي بعد مؤتمر الجمعيات المدنية الإثيوبية CECA في 12 نوفمبر2024أهم مافيه :
إننا نعتقد اعتقاداً راسخاً أن السياسة الخارجية الأميركية غير المدروسة تجاه إثيوبيا منذ عام 1974 كانت كارثية بالنسبة لكلا البلدين إن الرحيل الوشيك للسفير مايك هامر كمبعوث أميركي إلى منطقة القرن الأفريقي وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يوفران فرصة عظيمة لإعادة ضبط السياسة الأميركية تجاه إثيوبيا على وجه الخصوص ومنطقة القرن الأفريقي المضطربة بشكل عام ولابد من إنقاذ إثيوبيا الدولة الرئيسية في المنطقة من دكتاتوريتين متنافستين بطريقة تحترم التطلعات الديمقراطية للشعب الإثيوبي والمصالح المستنيرة للشعب الأميركي .
لقد انتهجت الولايات المتحدة للأسف الشديد نهجاً عسكرياً شديداً يتمثل في “رجلنا في القصر الرئاسي” عند كل نقطة حرجة من أجل إحداث التغيير النظامي في الماضي وكما كانت الحال في فترة الحرب الباردة تظل هذه العقلية انتهازية وتنظر إلى المنطقة باعتبارها ملحقاً بالسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط والخليج العربي والمحيط الهندي .
ومن المفهوم أن السياسة الأميركية تجاه منطقة القرن الأفريقي تتبنى أهدافاً متعددة ومتضاربة بما في ذلك تعزيز السلام والأمن من خلال المشاركة في مكافحة الإرهاب وحماية طرق التجارة الاستراتيجية في البحر الأحمر والمحيط الهندي وتعزيز الهيمنة الإقليمية من خلال إنشاء قواعد عسكرية ودعم الأنظمة التابعة من خلال الأمن والتمويل الناعم والمساعدات الإنسانية وتعزيز التنمية الاقتصادية والتجارة ذات المنفعة المتبادلة واحتواء المنافسين العالميين وخاصة الصين وروسيا .
ورغم أن هذه الأهداف الجيوسياسية مفهومة فإن الموقف غير المبدئي والمتسلط الذي تتبناه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يخون الالتزام المعلن بحقوق الإنسان وسيادة القانون وبناء الديمقراطية ولم تنقذ هذه العقلية المهيمنة السودان والصومال وإريتريا وإثيوبيا من التدهور إلى دول فاشلة فقد مات أكثر من مليون شخص على مدى السنوات الخمس الماضية وتشهد رواندا أسوأ مجاعات في العالم ونزح الملايين نتيجة للحروب الأهلية المتواصلة وكل هذا يجعل من رواندا لعبة أطفال .
ونود أن نشير هنا إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن الشعب الإثيوبي وعاقبته ظلماً على جرائم الدكتاتورية العسكرية الوحشية التي استمرت 17 عاماً (1974-1991) من خلال تسهيل الاستيلاء على الدولة من قبل ثلاث مجموعات انفصالية تدعي تمثيل الإريتريين والتيجريين والأورومو وفي أعقاب انفصال إريتريا في عام 1993 (الذي لم يكن لإثيوبيا أي منفذ بحري عليه) أسست جبهة تحرير شعب تيجراي حكماً أقلوياً إقصائياً في شكل دستورعرقي ومحسوبية عرقية صارخة واستخدام واسع النطاق للعنف لقمع المعارضة والاستيلاء على الأراضي بشكل غير مسبوق ولجعل الولايات المتحدة تغض الطرف عن ذلك عرضت جبهة تحرير شعب تيجري نفسها كحليف يمكن الاعتماد عليه ضد الإرهاب في المنطقة من خلال احتلال الصومال وتقديم جنود للإيجار في العديد من البلدان الأفريقية باسم حفظ السلام .
بعد طرد مافيا جبهة تحرير شعب تيجراي من أديس أبابا في عام 2018 من قبل فصيل يقوده مافيا أورومو التابعة لآبي أحمد حاولت استعادة السلطة من خلال إشعال حرب أهلية في أواخر عام 2020 والتي خسرتها على حساب الدمار الذي لحق بدول تيجراي وعفار وأمهرا الإقليمية وفي محاولة لإنقاذ جبهة تحرير شعب تيجراي دفع المبعوثون الأمريكيون إلى اتفاق بريتوريا بشأن وقف الأعمال العدائية في عام 2022 باعتباره محور السياسة الأمريكية وفي حين أسكتت هذه المبادرة البنادق فإن الشروط الأساسية لضمان السلام الدائم (نزع السلاح والتسريح وإعادة الإعمار والعدالة الانتقالية) لا تزال دون تنفيذ بعد عامين .
والأمر الأكثر دلالة هو أن الاستبعاد المشؤوم لميليشيات إقليم أمهرة (التي قاتلت بشجاعة مع القوات الفيدرالية لاستعادة مناطق أمهرة التي تم ضمها بشكل غير قانوني وصد القوات التيجرية المارقة) من اتفاقية بريتوريا جعلها أقل من عديمة الفائدة وخوفًا من الانتفاضات من قبل الأمهرة التي يبلغ تعدادها 50 مليون نسمة والتي طالما تعرضت للتشهير في جميع أنحاء البلاد أطلق نظام أبي أحمد المتعصب لعرق الأورومو حربًا أهلية أكثر شؤمًا في ولاية أمهرة الإقليمية (التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 30 مليون نسمة) في مايو 2023 وأماكن أخرى في البلاد وقد أدت الذريعة وراء المحاولة الانتقائية وغير المبررة لنزع سلاح ميليشيا أمهرة مع تجاهل ميليشيات الأورومو والتيجري الكبيرة إلى إشعال مقاومة شعبية شرسة تهدد بتفكك البلاد .
لقد نجحت انتفاضة حركة أمهرة فانو التي كان من الممكن تجنبها في تحرير 90% من ريف ولاية أمهرة الإقليمية في غضون عام ونصف فقط أما الجيش الإثيوبي الذي كان على وشك الهزيمة حيث ينخرط في وظائف شرطية غير قانونية لحماية النظام فقد شن حملة جوية بطائرات بدون طيار وقاذفات قنابل قتلت المدنيين دون تمييز وارتكبت عمليات اغتصاب جماعي للنساء ودمرت المدارس (مما أدى إلى حرمان حوالي 6 ملايين تلميذ من التعليم) والمستشفيات وتستخدم القوات البرية بشكل روتيني عمليات القتل العشوائي والاغتصاب الجماعي والاعتقال الجماعي والنهب الجماعي كأدوات للإرهاب الحكومي وقد شملت كل هذه الأعمال الإرهابية الحكومية التطهير العرقي وجرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية مع الإفلات من العقاب .
ولكن من المؤسف أن الصحافة العالمية لجأت إلى مؤامرة الصمت إزاء محنة شعب أمهرة ولا يرجع هذا الرد المحير إلى الافتقار إلى الأدلة فقد أصدر مجلس حقوق الإنسان الإثيوبي ومنظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمراجعة السنوية لحقوق الإنسان التي تجريها وزارة الخارجية الأميركية ومنظمة هيومن رايتس ووتش تقارير مروعة تطور لافت ولذلك فإننا نطالب الحكومة الأميركية وحلفائها بالتوقف عن الكلام الفارغ والمناوشات التي لا تنتهي من أجل إعادة ضبط السياسة تجاه أفريقيا لصالح نهج مربح للجانبين وتتلخص توصياتنا فيما يلي:
- تغيير النظام: إزاحة أبي أحمد المضطرب والحزب الحاكم يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إحالة كبار أعضاء حكومته إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وعنف سياسي بدوافع عرقية، وإبادة جماعية؛
- التسوية السياسية: الاعتراف الرسمي بالدفاع المشروع عن النفس من جانب شعب الأمهرا ضد التهجير والإبادة من خلال تجاوز الدعوات الفارغة للحوار إلى تقديم اتفاق سلام حقيقي وبرنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج مع العدالة الانتقالية والإصلاح الدستوري الذي من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي .
- دعم المعارضة الديمقراطية: تستطيع الولايات المتحدة أن تعمل كوسيط للتحول الديمقراطي من خلال دعمها العلني للحركة المدنية الإثيوبية المحاصرة والأحزاب السياسية المعارضة التي تدعو إلى التغيير الشامل لإنهاء الاستقطاب إلى الأبد وفي هذا الصدد تستطيع الجالية الإثيوبية في الخارج أن تقدم المشورة وتعمل كجسر بين البلدين لإخراج البلاد من المستنقع السياسي والاقتصادي ” .
هذا البيان يصف الوضع الداخلي الضعيف في إثيوبيا والإنقسام المجتمعي نتيجة التوترات العرقية والدينية التي تغذيها حكومة آبي أحمد ولاشك أن إدارة ترامب ستأخذ ذلك بــعــيــن الإعتبار عند تقديرها للمساحة السياسية الجديدة لإثيوبيا في نطاق الإستراتيجية الأمريكية التي بلا شك ستكون جديدة خاصة وأن الإعتراف الأمريكي المُحتمل بما يُسمي صوماليلاند لو تقرر فسوف تتغير الخريطة الجيو/ إستراتيجية للقرن الأفريقي فتأثير الإعتراف الأمريكي بما يُسمي صوماليلاند سينتج عنه موجات من التغيرات المُتتابعة في منطقة القرن الأفريقي ويصل قوياً حتي مــصــر في الشرق الأوسط التي كان يجب أن تـسـتـخـدم طوفان الأقصي وتداعياته إستخداماً إيجابياً ومــرنــاً بما يخدم الغزاويين / الفلسطينيين ومصر في آن واحد وبذلك كان يمكن أن تكوم المؤثرات السلبية في القرن الأفريقي أن تكون في أدني منسوب لها وبدلاً منأن تكون مــصــر مجرد مــُتــلقي لهذه التغييرات أو مـــُستقبل لها كان الأحريبها أن تكون مــُبادر أو مــثرسل لموجات التغيير فمكانتها التاريخية في القرن الأفريقي تبررذلك الدور وكذا المُتبقي من مكانتها السياسية في الشرق الأوسط التي تآكلت بشكل كبيرمنذ تولي مبارك ذلك الموظف الحكومي الرتيب السلطة في القاهرة في أكتوبر1981 لكنها أي مــصــر إعتمدت كعادة السياسة المصرية الساكنة Static الرتيبة منذ عــهــد مـبـارك علي إنتهاج سياسة القوالب الجامدة أو الموروثة بإعتبار أن التجارب السياسية تكرر بعضها البعض فلا إبتكار ولا إبداع في رسم السياسة الخارجية المصرية , فوزير الخارجية المصري إلتقي نظيره الصومالي في23ديسمبر2024 في القاهرة بهدف الرئيسي معالجة القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالبحر الأحمر ومسألة أرض الصومال التي تسبب في توترات متزايدةبمنطقتي القرن الأفريقي والشرق الأوسط وشدد وزير الخارجية المصري خلال اللقاء على الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمرمؤكداً مجددا علي أن أي وجود أجنبي غير إقليمي سيكون غير مقبول وشدد على أن “البحر الأحمر ينتمي إلى الدول المطلة على البحر الأحمر ووجود أي طرف آخر غير الدول المطلة على البحر الأحمر أمر غير مقبول ” والمُثير للإستغراب أن وزير الخارجية المصري يدلي بتصريح كهذا وكأنه لا يعلم التطورات كلها المُتعلقة بمجريات الأمور في صوماليلاند الآن وفي مقدمتها الإعـــتـــراف الأمـــريــكي المُحــتــمــل بما يُسمي جمهورية صوماليلاند فالولايات المتحدة ليست دولة من دول البحر الأحمر وهي قادمة ومتوجهة إلي صوماليلاند للتموضع علي نقطة ما علي ساحلها الطويل علي خليج عـن قـريـبـاً من مضيق باب المندب في أقصي جنوب البحر الأحـــمـــر لــتــاســيـس قاعدة بحرية / عسكرية فكيف لوزير الخارجية المصري أن يقول جهاراً أن وجود أي دولة / طرف آخر غير غير الدول المُطلة علي البحر غير مقبول فهذه العبارة المُتسرعـة تـعني مباشرة أن تأسيس الولايات المتحدة لقاعدة لها في صوماليلان وقبلها في جيبوتي ومعها الصين وفرنسا وألمانيا والإمارات غير مقبول ثم ماذا فــعــل أكثر من التفوه بعبارة إنشائية تقول أن للبحر الأحمـــر أهمية استراتيجية فكلنا بلا إستثناء يعرف ذلك لكن ما نعرفه هو ماذا عسي مـ،ـــصـــر أن تـفـعـله بعد إعتراف الولايات المتحدة بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند وإقامة قاعدة عسكرية بها وهي ليستدولة من دول البحر الأحمر ؟ إن الموقف الإثيوبي فيما يتعلق بمذكرة تفاهم أول يناير2024 مع صوماليلاند بشأن حصولها علي إمتياز20كم في بربرة سيقوي بعد إعتراف الولايات المتحدة بصوماليلاند وتأسيس قاعدةأمريكية بها علي الأقل ستكون الجدلية Argumentالسياسية الأثيوبية بشأن هذا الموضوع مُسلحة بمنطق أقوي !! .
الــدورين الــتــركــي والــمــصــري في الـــصــومـــال :
علي العكس من مصر كان ولايزال الدور التركي متنام وفاعل وحركي Dynamic بحيث أصبحت لدي تركيا قدرة نسبية علي تحويل التحديات لفرص مربحة للدولة التركية فأستغلت تركيا موقعها لدي طرفي صراع القرن الأفريقي أي إثيوبيا والصومال الفيدرالي للعب دور الوسيط فأنجز تلك المصالحة الغامضة التي أعلن عنها في أنقرة في 11 ديسمبر2024 والتي عملت علي تهدئة التوتر بين طرفي الصراع قليلاً فقد أستطاع الرئيس التركي رجب طيب أردوجان في ديسمبر2024 جمع رئـيـسـي إثيوبيا والصومال للتوقيع على إعلان أنقرة التاريخي ورغم أن معظم بنود الاتفاق غامضة إلا أنها كان مع ذلك بمثابة اختراق حيث وافقت إثيوبيا والصومال على احترام سلامة أراضي كل منهما (لكن يبدو لي أن النقطة الرئيسة في إتفاق أنقرة للمصالحة الأثيوبية/ الصومالية كانت بسيطة إلا أنها ذات مغزي فبدلاً من أن يكون الطرف المانح لإمتياز الـ20كم مربع لإثيوبيا في ميناء بربرة لإثيوبيا هو الحكومة الزائفة الخارجة عن سيادة جمهورية الصومال الفيدرالية في مقديشيو ســتــكــون حكومة مقديشيو الإتحادية هي من يمنح لإثيوبيا هذا الإمتياز سواء بشكل مباشــر غير مباشر أي بإصدار وثيقة تفويض من حكومة مقديشيو لحكومة هرجــيــســة بتاريخ سابق لتاريخ توقيع إثيوبيا وصوماليلاند مذكرة تفاهم أول يناير 2024 فوزير الخارجية الصومالي أحمد معلم الفقي صرح أثناء زيارته في 23 ديسمبر للقاهرة بأن”إعلان أنقرة يستجيب لمطالبنا بتأكيد سيادة الصومال واستقلاله وسلامة أراضيه” موضحا “أن الحكومة الفيدرالية الصومالية وحدها هي التي لها الحق في إبرام اتفاقيات مع الجهات الخارجية ” .
عموماً فبموجب اتفاق المصالحة الذي رعته تركيا ستواصل إثيوبيا والصومال الحوار بهدف تعميق علاقاتهما الدبلوماسية ولا يؤثر الاتفاق على وصول إثيوبيا إلى ميناء بربرة في صوماليلاند لكنه يضعف أمل الأخيرة في الحصول على اعتراف من إثيوبيا وعلي أي حال ورغم أن هناك ثمة شك موضوعي في أن يصمد إتفاق أنقرة التاريخي وسط الموقف المضطرب في القرن الأفريقي وربما يزيد هذا الإضطراب بشكل حاد بعد إعلان إعتراف الولايات المتحدة بما يُسمي جمهورية صوماليلاند الذي سيعني ببســاطـــة أن قوة كبري كالولايات المتحدة قـررت ترسيخ إنـــقــــســام الــصــومــال والأخــطـــر أن يتم هذا الإعـــتراف وذلك الترســيــخ للإنقسام الـــصــومــالي بدوافع عسكرية / أمـنـيـة أمـريـكـيـة رغم ذلك يسير إتفاق أنقرة للمصالحة وليس التسوية للصراع الصومالي/ الإثيوبي حتي الآنبشأن مخرجات مذكرة تفاهم إثيوبيا وصوماليلاند في أول يناير2024 والتي منحت بموجبها صوماليلاند 20 كم مربع لإقامة وتأسيس منفذ تجاري وقاعدة بحرية عسكرية لإثيوبيا ولمدة 30أو50 عاماً مقابل إعتراف إثيوبيا بصوماليلاند كدولة سيراً حــســنـاً ففي 23 ديسمبر2024 وصل وفد صومالي إلي إثيوبيا لتعزيز اتفاق أنقرة وإجراء محادثات مع فريق برئاسة السفير مسجانو وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن المناقشات ركزت على “تعزيز العلاقات الثنائية بين إثيوبيا والصومال” واستكشاف سبل التنفيذ الفعال لاتفاقية أنقرة كما صرح السفير ميسجانو أرجا وزير الدولة للشؤون الخارجية الإثيوبي أن إثيوبيا “ملتزمة بالتنفيذ الكامل” لاتفاق أنقرة وأن هذه الزيارة تمثل أول زيارة عمل رسمية من الصومال بعد توقيع إعلان أنقرة وأكد السفير ميسجانو أن “السلام في الصومال هو سلام لإثيوبيا” وسلط الضوء على أهمية التعاون لضمان السلام المستدام ومكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار و وذلك عقب مناقشات مع وفد صومالي برئاسة علي عمر وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية والتعاون الدولي الذي وصف هذه المناقشات بأنها “مثمرة” وأكد التزام الصومال بتنفيذ اتفاق أنقرة لتعميق التعاون مع إثيوبيا وخلال هذه المناقشات أعرب الجانبان عن “التزامهما بالحفاظ على الاستمرارية في مناقشاتهما لتنفيذ الاتفاق بشكل فعال وتعزيز العلاقات الثنائية” .
الـــــــــتـــقــــديـــــر :
في تقديري أن أقصي توقع سيئ بالنسبة للمسؤلين في صوماليلاند هو أن تؤجل إدارة ترامب إتخاذ قرار بشأن الإعتراف بما يُسمي جمهورية صوماليلاند أي أن هناك إحـتـمال لا أرجحه أن تلجأ الإدارة الأمريكية القادمة إلي تسويف إتخاذ قرار الإعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند حتي مع فرض تمرير مشروع الإقتراح بالإعتراف بهذه الجمهورية المزيفة والتسويف في إعتقادي ليس مرده الخشية من رد فعل ما فهذه الإدارة التي يقودها متطرف كترامب لا تعرف الخشية فوجهها دائما مكشوف لكن مرد التسويف هو بث نوع من الرعب الوقتي والهادف لجمهورية الصومال الفيدرالية حتي ترضخ تماماً إملاءات أمريكية وصهيونية ومن ضمنهذه الإملاءات ما يتعلق بنهاية ممر لوبيتو وهو مشروع لوجيستي أمريكي طموح من شأنه أن يؤثر سلباً علي إستراتيجية الحزام والطريق الصينية
من جهة أخري أعتقد أن الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند مسألة وقت – مالم تستجد متغيرا جديدة – فمن سيتولي الشؤون الأفريقية في إدارة ترامب القادمة متطرفين مثله بل أكثر تطرفاً منه منهم مثلاً اثنان من المتخصصين في الشؤون الأفريقية كانا في إدارة ترامب الأولى هما جون بيتر فام وهو من أصل فيتنامي وكان المبعوث الخاص للولايات المتحدة لمنطقة البحيرات العظمي في من نوفمبر 2018 ثم لمنطقة الساحل في أفريقيا من مارس 2020 حتى نهاية إدارة الرئيس دونالد ترامب في يناير 2021 وتيبور ناجي Tibor P. Nagy شغل مناصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الأفريقية وسفير الولايات المتحدة لدى غينيا وإثيوپيا وأتخذ مواقف شديدة التطرف ضد مصر في مسالة سد النهضة الإثيوبي إبان عمله سفيراً لدي أديس أبابا وقد دعـــا كل من فام وتيبور ناجي إلى إقامة علاقات أوثق بين الولايات المتحدة وأرض الصومال في ظل إدارة ترامب العام المقبل وانتقد كلاهما بشدة حكومة الصومال التي تتخذ من مقديشو مقراً لها والتي رفضت تقديم أي تنازلات(بطلب أمريكي في الغالب) لأرض الصومال في مساعيها للحصول على دولة وفي الأسبوع الأول من نوفمبر2024 انتقد تيبور ناجي مقديشو بسبب “عدم كفاءتها وفسادها” وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال إنه يأمل أن “تنسب واشنطن الفضل إلى أرض الصومال في تقدمها” كما توقع جون فام (من المتوقع على نطاق واسع أن يتم تعيينه في منصب مرتبط بأفريقيا مرة أخرى) في نوفمبر2024أن الإدارة القادمة للرئيس ترامب سوف تراجع السياسة الأمريكية بشأن الصومال وصوماليلاند بعد تولي ترامب منصبه كرئيس في يناير2025وقال السيد فام لصحيفة “جلوب آند ميل”: “لن نعرف نتائج المراجعة إلا بعد الانتهاء منها ولكن الوضع الراهن للدعم “المبني على الإيمان” لمقديشو غير قابل للاستمرار” وأضاف قوله : “أعتقد أن الرئيس ترامب اتخذ القرار الصحيح بسحب العسكريين الأميركيين من الصومال ولا أرى أي مصالح وطنية تبرر المخاطرة بالكنوز الأميركية ناهيك عن الدماء من أجل النظام في مقديشو” .
تولي رئيس متطرف لا يعنيه القانون الدولي ولا العرف الدولي ولا المبادئ الأخلاق أيرئيس مُفلس في نظر أصحاب المبادئ والمُثل العليا وبراجماتي في نظر أبناء هذه الأيام يعني أن إتخاذ قرار الإعتراف بصوماليلاند موجود علي طاولة أمامه لكنه يبحث فقط ولبرهة عن القلم لتوقيع قانون الإعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند بمجرد موافقة الكونجرس علي مشروع الإقتراح المُتعلق بالإعتراف بصوماليلاند, فهذا الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند موجود وفعال عملياً علي أرض الواقع لكن إنتقاله للمستوي الرسمي مُفيد عسكرياً للولايات المتحدة التي لن يعطيها المسؤوليين في صوماليلاند أي مــيــزة عسكرية أو أمنية(القواعد) في أرض الصومال إلا بمقابل والمقابل معروف وسبق أن عرضته صوماليلاند منذ فترة قبل إثارة نائب الكونجرس مسألة الإعتراف تلك .(يُرجي مراجعة دراسة للسفير بلال المصري بعنوان : الإعتراف بجمهورية أرض الصومـــال وعلاقة ذلك بالكيان الصهيوني بتاريخ 29 يوليو 2023) لكن حذاري فأي تحول في السياسة الأميركية تجاه صوماليلاند قد يعقبه عواقب وخيمة على منطقة القرن الأفريقي فجماعة الشباب الصومالي المسلحة سيكون لديها جبهة مفتوحة في صوماليلاند التي سوف يتمركز فيها عسكريين وأمنيين أمريكيين وصهاينة والولايات المتحدة تدرك ذلك لكنها لا تفضل الجهر بذلك لاسباب سياسية ونفسية لكن إثيوبيا ستعبر عن إعجابها وولعها بالوجود الأمريكي الصديق بجانبها في عهد ترامب الثاني وهناك دلائل تشير إلى أن إثيوبيا قد تصبح حليفًا أوثق للولايات المتحدة فقد أبدت الحكومة الإثيوبية استياءها من سياسات بايدن بما في ذلك قراره بإنهاء الامتيازات التجارية الأمريكية للبلاد في عام 2022 بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الحرب في الشمال الإثيوبي .
الاعتراف بدولة أرض الصومال بحكم الأمر الواقع الراهن وضعف قدرات جمهورية الصومال الفيدراية وحلفاؤها الإقليمين وكذلك تواضع وسائلها ومحدودية السيسات والسياسات البديلة بشأن ما تواجههمنمشاكل خاصة وأن الأنظمة الحالية في العالم العربي مُــعــرضــة Vulnerableوتحاول بإستماتة أن تمنع موجات مُتتالية من الــجــذر الـــشـــعـــي والــســـيــاســي لـقــاعــدة حكمها ولم يتبق في أياديها سوي أجـــهـــزة هي والـــحـــمـــار واحـــد والإعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند صحيح أنه قد يشكل خطوة من شأنها أن تؤكد تطلعاتها ومساهماتها نحو منطقة أكثر استقراراً كما يظن البعض الذي يدعي أن من شأن هذا الاعتراف أن يؤكد التزام المجتمع الدولي بالاستقرار وتقرير المصير على حساب الالتزام بالحدود القديمة وهو ما يضع معياراً جديداً وربما شاذاً لمعالجة حقائق جيوسياسية مماثلة فصوماليلاند تسعي يدأب إلى الحصول علي الاعتراف الدولي بها وهذا الإعتراف يحمل في طياته مجموعة من الفوائد والمخاطر المحتملة فمن ناحية إيجابية سيعزز سيادتها مما يسمح بزيادة الاستثمار الأجنبي ومساعدات التنمية التي من شأنها أن تحفز النمو الاقتصادي وتحسن البنية الأساسية بها كما أن الاعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند من شأنه أن يوفر للبلاد الفرصة للانضمام إلى المنظمات الدولية الأمروهو ما من شأنه أن يعزز من انخراطها في النظام الدبلوماسي والاقتصادي العالمي ولكن المخاطر تشمل خطر تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي بشكل مــريــع فقد يؤدي الاعتراف بصوماليلاند كدولة إلى رد فعل عنيف من جانب الصومال التي تعتبر أرض الصومال جزءاً لا يتجزأ من أراضيها ومن الممكن أيضاً أن يشكل الاعتراف سابقة لحركات انفصالية أخرى في مختلف أنحاء أفريقيا وخارجها وهو ما قد يؤدي إلى إعادة إشعال النزاعات الإقليمية الظاهرة والكامنة بالقارة وهو ما قد يمنع بعض الدول الأفريقية خاصة المُهددةبالنزاعات ذات المطالب الإنفصالية عن التماهي مع التوجه الأمريكي المُحتمل أو دعمه .
لـــكــني وعلي قـــاعـــدة من الــمــعلـومات مــؤخـــراً عـن مــيـل الولايات المتحدة من خلال الإدارة الجمهورية التي يقودها الرئيس دونالد تـرامـب لإصدر قانون مؤسس علي الموافقة المحتملة للكونجرس الجمهورية علي إقتراح قدمه في 12 ديسمبر2024نائب جمهوري بالكونجرس الأمريكي تـضـمـن مشروع قانون يـقـضي بإعتراف الولايات المتحدة بما يُسمي بجمهورية صـومـالـيـلاند لإعتبارات الأمن القومي الأمريكي أتـــوقــع مـــا يـــلــي :
1- ســيـؤدي الإعتراف الأمريكي بما يُسمي : جمهورية صوماليلاند إلي تشديد قبضة إثيوبيا ومعها صــوماليلاند ولو بواسطة ميكانيكة أو بالقصور الذاتي إلي تشديد قــبــضــة إثيوبيا في صــومـالـيـلاند فتتمسك مــرة أخــري بمذكرة تفاهم الأول من يناير 2024 التي وقــعــتـهـا مع صوماليلاند فالولايات المتحدة لن تعترف بدولة زائـــفــة مثل صوماليلاند موجودة …نعم من الوجهة الواقعية لكنها موجودة علي ركام وأشلاء هــدم بنيان ضخم لدولة مـُعترف بها للآن دولــيــاً وهو جمهورية الصومال الفيدرالية ومع ذلك ســتعترف بها الولايات المتحدة لكن ليس للتنزه هناك أو قضاء رحلة إستكشاف لإزجاء وقت فراغ أمريكي في هرجيسة او ساحل صوماليلاند المواجه لليمنيين الذين أُعتبرا بالفعل أعداء للولايات المتحة وأحــط كــيــان علي وجــه الــمــعــمــورة … لا بالطبع فالولايات المتحدة ستعترف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند لغرض أمني وعسكري بحت أي لإتخاذ جزء ما من أراضي صوماليلاند وكل أجواءها كقاعدة عسكرية قريبة وتكاد أن تكون متاخمة Adjacent لـلـيــمــن الذي سيكون هدف لعدوان أمريكي/صهيوني بفضل صوماليلاند التي لا تعبأ بالمخاطر التي قد تترتب علي الفرحة الكاذبة بإعتراف سياسي سيكون منقوصاً من أئـــمـــة العدوان والإبادة في عـالـمـنـا الولايات المتحدة والكيان الـصــهـــيــوني الآتي كنتاج لعــمــلـيـة ســـفـــاح ســـيــاسي تمت عام 1947 في الأمم المتحدة حين صدر قرار مشؤوم بتقسيم فلسطين والإعتراف الأمريكي قبل أن يتداوله الإعلام الأمريكي وزالغربي وقع في نطاق سمع وإدراك المسؤليين فيما يُسمي جمهورية صوماليلاند ولذلك وفي 16 ديسمبر2024 قالت السلطات في أرض الصومال المنفصلة عن الصومال الفيدرالي أن اتفاقها لمنح إثيوبيا – التي ليست لها منافذ بحرية – حق الوصول إلى البحر مقابل الاعتراف بها لا يزال قائما على الرغم من اتفاق الصومال وإثيوبيا لإنهاء الخلاف الإثيوبي / الصومالي بسبب علاقةمذكرة تفاهم يناير 2024 بين إثيوبيا وصوماليلاند رأت جمهورية الصومال الفيدرالية أن مــاسة بـســيـادتها ففي يناير 2024، وقعت إثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم تنص على أن إثيوبيا ستعترف بأرض الصومال كدولة مستقلة مقابل الوصول إلى البحر الأحمر وإتصالاً بذلك قال المبعوث الخاص لصوماليلاند لدى الاتحاد الأفريقي عبد الله محمود لـ DW: “إن العلاقة بين الصومال وإثيوبيا شأن خاص بنا فنحن نهتم بشؤوننا الخاصة وأي دولة تحاول التدخل في شؤوننا الداخلية فيما يتعلق بقضية الصومال في مواجهة إثيوبيا فهاتان قضيتان مختلفتان تهمان البلدين وليس نحن وفي 11 سبتمبر 2024 قالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في أرض الصومال إن الدكتور عيسى كايد وزير الخارجية ألقى كلمة أمام البعثات الدبلوماسية الدولية في هرجيسا اليوم حيث قدم تحديثات حول القضايا الإقليمية الهامة وقالت الوزارة إن الدكتور كايد أبلغ الدبلوماسيين الذين التقى بهم أن مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا “تم الانتهاء منها وأن اتفاقا قانونيا رسميا وشيك” وهذا هو البيان الرئيسي الثاني بشأن مذكرة التفاهم من أرض الصومال بعد إعلانها في فبراير2024 والذي يشير إلي أن صوماليلاند “على المسار الصحيح دون أي تردد وتظل مراقبًا” لتنفيذ مذكرة التفاهم وأنه تم تعيين فريق فني وفريق من الخبراء القانونيين الدوليين ومجموعة استشارية رفيعة المستوى لتقديم المشورة والتوجيه للعملية ويحدث هذا على الرغم من أن إثيوبيا ظلت منذ توقيع مذكرة التفاهم تلك صامتة إلى حد كبير بشأن أي تقدم عملي بشأنها إلا أن أعضاء اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا قالوا في قرار صدر في يناير 2024 إن الحزب قرر التوصل إلى “اتفاق عملي” بشأن مذكرة التفاهم مع إيلاء الاهتمام في الوقت نفسه لمبادئ الأخذ والعطاء لتأمين خيارات إضافية للوصول إلى الموانئ مع دول مجاورة أخرى وأكد الحزب الحاكم أن مذكرة التفاهم كانت بمثابة شهادة على “موقف إثيوبيا فيما يتصل بالعلاقات الاقتصادية والثقافية الإقليمية”.
2- ســيـعـقب إعـــلان الولايات المتحدة عن قرار الإعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند مباشرة تسمية السفير الأمريكي الأول لدي هذه الجمهورية المزعومة وتوجه بعثة عــســكرية ربما تكون من البناجون أو مـُفوزضة من القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM وستكون “الدولة” التالية للولايات المتحدة في الإعتراف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاندهي الــكـــيــان الــصــهـــيـوني وستكون القاعدة العسكرية في صوماليلاند في أقرب موضع آمن جــغــرافــيــا وعــسكريــا في شمال ما يُسمي بجمهورية صوماليلاند الزائـــفــة وتحديداً فالمكان المرشح كقاعدة عسكرية أمريكية وصهيونية سيكون موضع أو موضعين أو ثلاث موزعين علي الخط الساحلي وطوله 856 كم ويقع عليه ميناء بربرة وآخر نقطة في ساحل صوماليلاند هي بلدة Lawyacado فهي آخر مدينة لصوماليلاند علي وتقع علي ساحل خليج عــدن وهي متاخمة لخط الحدود بين صوماليلاند وجـــبـــوتــي كما أنها مواجهة لـــلساحل الـيـمــنــي وتتبع لوياكادو لمنطقة أودال واسم هذه المدينة مُشتق من لغة عفار وتعني العجل الأبيض وقد قُدِّر عدد سكان عام 2012 لوياكادو بنحو 37600 نسمة ينتمون لمجموعات عرقية مختلفة ومن المحتمل أن يُفضل الأمريكيين من وجهة نظر عسكرية أن يُقيموا أحد قواعدهم العسكرية بصوماليلاند في مدينة داخلية لكنها أيضاً قريبة جغرافياً لـليـمـن .
في سياق محاولات صوماليلاند السابقة لتحفيز الولايات المتحدة للإعتراف بما يُسمي جمهورية أرض الصومال أشار مـوقع Firstpost Africa أن صوماليلاند تدرس عقد صفقة مقايضة مع الولايات المتحدة بموجبها تتيح صوماليلاند أرض في صوماليلاند لإقامة قاعدةعسكرية أمريكية مقابل الاعتراف الأمريكي بها وفي هذا الصدد قال ممثل أرض الصومال لدى الولايات المتحدة بشير جوث مؤخرًا في مقابلة إن صوماليلاند مستعدة لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية في ميناء بربرة بصوماليلاند الي تنظر إلذي ينظر إليه العسكريينوالإقتصاديين الأمريكيين علي أنه أصل استراتيجي له آثار كبيرة على الأهداف الإقليمية للولايات المتحدة والنفوذ الدبلوماسي لصوماليلاند فميناء بربرة يقع على طول خليج عدن – أحد أكثر الطرق البحرية ازدحامًا في العالم – وهو في وضع مثالي لتسهيل التجارة العالمية وربط أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وبالنسبة للولايات المتحدة التي تدعي أنها تلتزم بتأمين حرية الملاحة وحماية طرق التجارة الدولية يوفر ميناء بربرة فرصة فريدة لتعزيز قدراتها اللوجستية وتعزيز الأمن الإقليمي وأحال موقع Firstpost Africa علي الخبراء المعنيين بمثل هذه الموضوعات قولهم أن دونالد ترامب قد يبدي اهتمامًا بصفقة المقايضة هذه فمنح الاعتراف الأمريكي بأرض الصومال سيعطي الولايات المتحدة ميزة عسكرية في منطقة البحر الأحمر الحيوية .
3- ســيــنــصــب تركيز الولايات المتحدة (العسكرية الأمريكية) في هذه القاعدة العسكرية التي ستكون في حوزتهم في صوماليلاندعلي سلاح الــجـــو وســيــأتي بعده في درجة الإعتمادية ســلاح البحــرية وستكون صوماليلاند من وجهة نظر عسكرية أمــريـــكــيــة نــقـــطــة تــداخــل من الوجهة الوظيفية العسكرية البحتة بين القيادتين العسكريتين الأمريكتين المركزية CENTCOM والقيادة العسكرية لأفريقيا AFRICOM وستزداد أهمية العسكرية الإثيوبية للولايات المتحدة كمصدر إســـنـــاد سواء من جهة كون القوات الإثيوبية ستصبح مصدر إمــداد مـوثـوق بالموارد البشرية وكذا ستكون العسكرية الإثيوبية أحد مصادر الدعم اللوجيستي للقاعدة الأمريكية المُحتملة في صوماليلاند وبصفة عامة فإن التموضع العسكري الأمريكي في صوماليلاند سيكون مـــفــيداً للإثيوبيين لكنه و سيكون أحد مصادر تـحـجـيـم مُحتمل للحركة الــتـركية الــحــرة في الصومال الفيدرالي .
يؤكد هذه النقطة أنه في 3 ديسمبر 2024 قام وفد أمريكي رفيع المستوى بقيادة السفير ريتشارد رايلي واللواء برايان كاشمان بزيارة صوماليلاند وقد التقى هذا الوفد أولاً بالرئيس المنتهية ولايته موسى بيحي عبدي ثم التقى بالرئيس المنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله إرو في العاصمة هرجيسا ووفقاً للسفارة الأمريكية هنأ الوفد كلا الزعيمين على الانتخابات السلمية والديمقراطية التي شهدتها أرض الصومال وناقشا الفرص المتاحة لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في منطقة القرن الأفريقي وقد أجريت مناقشات وصفها الجانبان بأنها مثمرة حول قضايا رئيسية بما في ذلك الأمن الإقليمي وتعزيز الديمقراطية وتعزيز مجالات التعاون بين أرض الصومال والحكومة الأمريكية كما نوقشت مسألة تعزيز العلاقات الدبلوماسية والأمنية بين أرض الصومال والولايات المتحدة بما يعكس المصالح المتبادلة في الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة وتناول الجانبان في محادثتهما مــيــنــاء بـربـره وهو ما يعني أن الوجود الأمريكي القادم ستكون أهم أعمدتهفي ميناءبربره إتصالاً بممر لوبيتو المشرع اللوجيستسي الهام الذي ناقشه الرئيس بايدن مع الرئيس الأنجولي جواو خلال زيارته لانجولا (أكدت الزيارات الأمريكية المتعددة التي قام بها أفراد هامين من القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا أفريكوم لميناء و مطار بربره التكهنات حول وجود عسكري أمريكي محتمل في المنطقة) وقد أشاد الوفد الأمريكي بعملية الانتخابات الشفافة والموثوقة في أرض الصومال التي حظيت بإشادة دولية باعتبارها نموذجًا للحكم الديمقراطي في المنطقة وقد راقب هذه الإنتخابات أكثر من 90 مراقب دولي .
4- قد يترتب علي التموضع العسكري الأمريكي في موضع ما علي ساحل صوماليلاند القريب من اليمن تغيير مُحتمل للتموضع العسكري الأمريكي في جـــيبــوتي بموجبه قد تنتقل القاعدة الأمريكية في جيبوتي قي Camp Lemonnier والتي تبعد بحوالي 10 كم عن القاعدة الصينية في جيبوتي إلي موضع ما في صوماليلاند ولهذا فجيبتوتي أكثر منأي دولة أخري بالقرن الأفريقي ستُضار من الإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند أو تنتقل القاعدة الأمريكية في العاصمة جيبوتي لتبعد قليلاًوتعيد تموضعها في تــاجـــورة(تقع علي بعد 100كم من الحدود الجيبوتية/الإثيوبية)التي سبق جيبوتي أن إقترحت علي إثيوبيا لتهدئة أمورها مع الصومال الفيدرالي أن تتخذها مــنــفـــذاً بـحــريــاً بدلاً من بربرة في صوماليلاند وهو إقتراح لم ترد عليه إثيوبيا رســـمـــيــاً فوفقا لبلومبرج في 5 سبتمبر2024صرح وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف إنه يتوقع أن تستجيب إثيوبيا بشكل إيجابي لاقتراح جيبوتي المتضمن تولي إثيوبيا إدارة بنسبة 100٪ لميناء تاجورة الواقع علي خليج عــدن بشمال جيبوتي كما أنه في 8 اكتوبر2024قال مستشار الأمن القومي الصومالي حسين شيخ علي لصحيفة “ذا نيو هيومنتال” إن وجود القوات الإثيوبية في الصومال يعتمد على انسحابها من اتفاقية أرض الصومال البحرية في أسرع وقت ممكن وأضاف أن إثيوبيا لديها مهلة للإنسحاب من هذه المذكرة حتى أكتوبر2024 , أعتقد أن الولايات المتحدة سوف تطلب من تركيا تسوية نزاع الصومال الفيدرالي مع إثيوبيا بشأن بربرة بحيث يكون الهدف الأمريكي من هذه التسوية إرضاء الصومال الفيدرالي التي عليها – بمقتضي هذه التسوية المُترضة – أن توفر لإثيوبيا منفذ بحري تجاري وليس قاعدة عسكرية علي الأراضي الصومالية الفيدرالية .
5- ســيــنتهي إحــتــكــار جمهورية الصومال الفيدرالية لمقعدها في الأمم المتحدة فمقعد الصومال الحالي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعضويتها في الأمم المتحدة – التي تعتبر كـــيــان صوماليلاند حتي يومنا هذا منطقة تابعة للصومال – فهذا المقعد يعني احتكار جمهورية الصومال الإتحادية تمثيل كل الشعب الصومالي والإعتراف بصوماليلاند قد يعني إنهاء هذا الإحتكار إذا ما توفرت أغلبية الثلثين في التصويت الذي قد يجري في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إنضمام جمهورية صوماليلاند المزعومة للأمم المتحدة , لكن ومع أن الإعتراف الأمريكي – لو تم – بصوماليلاند سيُعتبر إنتهاكاً و كــســراً لمبدأ وحدة أراضي الصومال إلا أنه لا يمكن إعتباره نجاحاً دبلوماسياً لصوماليلاند بقدر ماهو نجاح قضي به الله سبحانه وتعالي فالنتائج العسكرية المُتتابعة لطفان الأقصي وحرب جبهات الإسناد ضد الكيان الصهيوني خاصة القدرة الهائلة لجبهة إسناد اليمن علي إغلاق مضيق باب المندب وبالتالي إستئـصـال أنصار الله اليمنيون الكيان الصهيوني من أحدي رئتيه أي منفذهم البحري في البحر الأحمر وهذا الموقع أي صوماليلاند يُشرف ساحلها علي 3 منافذ بحرية هي : البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي وهذه كلها مجالات حـــرة لحركة البحريتين الصينية والروسية المُعاديتين للولايات المتحدة كما أن صوماليلاند ستمكن البحرية الأمريكية من تحقيق إستكشاف مُيسر لأعداء الولايات المتحدة أو منافسيها في البحار الثلاث المُشار إليها , إذن فموقع صوماليلاند الجيو / سياسي الفريد هو وليس مهارتها الدبلوماسية الذي أملي علي الولايات المتحدة الإعتراف بها وبالتالي اللجوء لموقعها الفريد , مع العلم بأن مجرد الإعتراف الأمريكي وحده سوف لا يوفر إعترافتاً دولياً فالإعتراف الدولي يتحقق كــامــلاً بعضويه صوماليلاند في الأمم المتحدة وهذا لن يتحقق بالضرورة بمجرد تحقق الإعتراف الأمريكي بصوماليلان التي لكي تكون عضوا بالأمم المتحدة وفقاً للمادة 18 من ميثاق الأمم المتحدة لابد تقوم الجمعية العامة بإجراء تصويت علي قبول صوماليلاند عضواً بالهيئة الدولية , كذلك العضوية في الأمم المتحدة تتم وفقاً للمادة 4 بند 2 والتي تقول: “قبول أية دولة في عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية مجلس الأمن أي أنه لكي تكون صوماليلاند عضواً كاملاً بالأمم المتحدة سيلزمها موافقة مجلس الأمن أولا ثم الجمعية العامة التي يجب فيها أن يوافق ثلثي أعضاءها للمصادقة على العضوية ومن جهة أخري فالصومال الفيدرالي عضو بالإتحاد الأفريقي المُلتزم دائماً بالنص فيما يتعلق بقضية السلامة الإقليمية في أفريقيا ويُخشى أن يؤدي الاعتراف بأرض الصومال إلى تعزيز “التجزئة” في أفريقيا خاصة وأن هناك حركات “انفصالية” كثيرة بأفريقيا بالإضافة إلي أن قبول الإتحاد الأفريقي بالإعتراف الأمريكي أو سواه بما يُسمي بجمهورية أرض الصومال سيشجع إنفصاليين آخرين بتكرار نفس النهج فالتجارب الناجحة تكرر بعضها علماً بأن سياسيو أرض الصومال مصرين عليالقول بأن موقفهم ليس انفصالياً ولا ينبغي لأي من كان أن ينظر إلي قضيتهم في سياق السياسة القارية ويؤكدون أن هذه القضية بالنسبة لهم تتعلق بتقرير المصير والحكومة الصومالية الفيدرالية فشلت في توفير الاستقرار والاندماج لجميع مواطنيها وطبعاً هم في أرض الصومال لا يتصورون أنهم بمسلكهم الإنفصالي أصبحوا مُــدمــجـــين في المشكلة .
6- الإعـــتراف الأمريكي الـمُحتمل بصوماليلاند أعــتــقــد أن إثيوبــيــا ســتـُســـر بـه ولكن بــمــضي وقــت ما ســـضـــيــق بـه ذرــعــاً لانـهـا ستدرك أن القوة الــمُســيـطرة علي دولة صوماليلاند هي الولايات المتحدة وستتحرك إثيوبيا نفسها بمؤسساتها العسكرية والأمنية بتعليمات أمـريــكــيـة مُحـددة أي أن الــســـادة الإثــيــوبية علي الأمور والسطة في هرجيسة ســتـنـهـي تـمــاماً فكما يقول المثل المصري: “المـركـب أم ريــســين تــغــرق ” وصومالاند نفسها ســـتــعــطــيــها الولايات المـتـحـدة الإعــتراف بها كـدولـة لـكن في مـقـابل ذلك عليها أي علي صـومــالـيـلاند أن تقنع بأن تكون مــثــلهـا مــثــل أي بلدية أو مــحــلــيــة أمـريــكـيـة تابعـة لولاية من الولايات الخمسين الأمريكية فهذه هي الصفقة الحقيقة إذ لن تُعرض دولة الولايات المتحدة نفسها للقيل والقال الدولي لمجرد الإعتراف المجرد والعطف السياسي علي دولة حــُرمــت من الإعتراف الدولي لثلاثين عاماً أو يزيد فلكل مخاطرة ربح وكما يقول علم إدارة الأعـمال : ” كلما عـظمـت المـخــاطــرة عــظــم الــربــح ” , وهذا الوضع الـمُــتـمــيــز المؤكد للولايات المتحدة في صوماليلاند حــال الإعــتــراف الأمريكي بها سينصرف علي أي دولة أخري تــعـتــرف بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند فالسيادة في هذا الكيان الإنـفــصالي الضعيف ستكون للولايات المتحدة وليس لساسة صوماليلاند الذين يتغنون بتميز صوماليلاند عن جمهورية الصومال الإتحادية بأن كـــانــهــم :صوماليلاند تـُمارس فـيـه عمليات ديموقراطية يــانـــعــة ونــاضــرة فسيكتشفون بمجرد تموضع الولايات المتحدة بسفارة مـُقــيــمــة في هرجيسة وقاعدة عسكرية في موضع ما علي ساحل صوماليلاند أنهم فقدوا إســتــقـــــلالهم عن مقديشيو بل فقدوه عن الـعـالم أيـضـاً .
7- صــومـــاليلاند ستضمها الولايات المتحدة في وقت ما مناسب للإستفادة من قانون الفرصة والنمو لأفريقيا AGOA الذي حُرمت منه إثيوبيا وسيعترف بها الكيان الصهيوني عقب أو بالتزامن مع الإعتراف الأمريكي وستتحول صوماليلاند بالتموضع الأمريكي / الصهيوني إلي قاعدة إنطلاق للأعمال العدائية ضد اليمن ومصر والعالم العربي فقرار الإعتراف يتم أو يجري إتمامه لمصلحة الولايات المتحدة أو تحديداً لصالح البنتاجون والموسسة العسكرية الأمريكية والتي تمثلها AFRICOM في وقت تجري فيه عــمليات إبادة جماعية منتظمة وممُنهجة في غزة والحرب على اليمن مستمرة فإن أرض الصومال ستظل لاعباً رئيسياً بالنسبة للغرب ومن شأن اعتراف ترامب بأرض الصومال أن يؤمن قاعدة حيوية للإمارات العربية المتحدة و الكيان الصهيوني في حين يعمل على مواجهة نفوذ الصين في جيبوتي التي ســضأر جــراء الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند فالقرار الأمريكي بالإتراف بما يُسمي جمهورية صوماليلاند قائم علي عمودين واحد عسكري لمواجهة اليمن والصين الشعبية سواء في البحر الأحمر أو المحيطين الهندي ومنه المحيط الهادئ .أما العمود الثاني فهو عمود إقتصادي بعني أن أحد موانئ صوماليلاند وهو في الغالب ميناء بربرة سيكون أحـــد نــهــايـــات مــمــر لـوبــيــتو الذي يبدأ من أنجولا لنقل معادن الجنوب الأفريقي وحاصلاته الزراعية لتصنيعها في أوروبا والولايات المتحدة وإعادتها كمنتجات نــهـــائــية Ultimate Products لأفريقيا وأسواق العالمين الثالث والرابع .
8- سيــشــجع الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند الإنفصاليين في بونت لاند المجاورة لإتخاذ خطوات جدية ومتصاعدة لإعلان الإنفصال الفعلي عن الصومال الفيدرالي بدلاً من وضعها الحالي ككيان مُتمتع بالحكم أو التسيير الذاتي .
9- سيمثل الإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند تحدياً جديداً للسياسة والأمن القومي المصري يجب إخضاعه للدراسة من الآن للعثورعلي إجابات مصرية تتعلق بكيفية بدائــل الرد بــفــرار مصري مناسب مواز للمصالح المصرية للدفاع عنها وكذا أجابات تتعلق بالمحتوي الإعلامي المصري بشأن الإعتراف الأمريكي وأرتداداته السياسية في منطقة القرن الأفريقي فلابد أن تتميز الرسائل الإعلامية المصرية بالتعقل وتوخي الحذر بدلاً من إطلاق عبارات طائشة من إعلاميين مُصابين بــعبــط أزلـي غير واعين بعواقب ما يقولونه , وإذا ما تحدثنا بــلــغــة الواقــع فـســـأقول أن إعتراف الولايات المتحدة بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند قرار من صناعة أجهزة المخابرات الأمريكية والصهيونية إطاره مذكرات التفاهم الإستراتيجي الأمريكي/ الصهيونية التي وُقع أولها في سبعينات القرن الماضي وبالتالي فهو قــرار ليس لقوة ما في العالم العربي المُتشرذم دفعها وبالتالي فليس في سعة الطاقة السياسية المصري عرقلة أو مــواجهة هكذا قــرارولذلك فالحكمة السياسية تقتضي التعامل مع قرار الإعتراف الأمريكي المُحتمل بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند علي مستويين أولهما التعامل المصري مع هذا القرار في سياق إقليمي أيبالتنسيق مع جمهورية الصومال الإتحادية والسودان فللسودانيون وفق حبرتي في العمل في السودان لما يزيد عن عشر أعوام خـــبــرة عــمــيــقة بتالصومال كله(لا يُفضل التنسيق مع تركيا فالقرارالأمريكي يفيد الأتراك سياسياً) ثانيهما التعامل المصري في سياق مقتضيات الأمن القومي المصري وفي هذا الصدد أجد أنه من الأنسب لمصر زيادة تعاونها مع الصومال الفيدرالي بل وتنميته والبعد بمسافة محسوبة ولكنها كافية لدرء شبهة الإعتراف المصري بهذا الكيان فهذا الكيان سوف يتنكب خطي السياسات الصهيونية في القرن الأفريقي وسوف يكون مصدر خطر وتهديد ثقافي وسياسي للصومال الفيدرالي ولإستحضار تجربة قد تكون مثيلة واجهتها السياسة والأمن المصري أسوق مثال إعلان إستقلال متمردي جنوب السودان عن شماله بدعم أمريكي / صهيوني ومن دول منظمة إيجاد في 9 يوليو2011 في هذه التجربة (مع الإعتراف بوجود فوارق في حالتي جنوب السودان وصوماليلاند فالجنوبيين تربطهموشائج مع مصر) فقد ظل تركيز مــصــر السياسية والشعب المصري معني بالتعامل في الحدود القصوي مع أهلنا في شمال السودان فأهل جنوب السودان روابطهم الأقوي ظلت كما كانت في الماضي مع دول أخري غير مصر مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا وتنزانيا , المهم ألا تــنـجـرف مصر الرسمية في إســقــبــال قرار إعــتــراف الولايات المتحدة بما يُسمي بجمهورية صوماليلاند بطريقة عــفــوية ولكن بطريقة مدروسة واعية بمآلات مــســتــقــبـل هذه الخطوة الأمريكية الــخــطــرة علي جــمــيع الأطراف المعنية بمن فيهم كيان صوماليلاند نـفـسـه .
السؤال للصوماليين وللعرب : هذه هي الولايات المتحدة التي لا تكترث لا بالقانون الدولي ولا بالحـــق فهاهي تعترف بكبان يعرف العالم والقانون الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي أنه كيان إنفصالي وأنه جزء من وطن كبير أسمه الصومال ومع ذلك لا تعترف الولايات المتحدة بفلسطين وكل مقومات إستقلالها كدولة موثقة بالتاريخ وبالديموجرافيا وبالجغرافيا لكنها إزدواجية المعايير الأمريكية .
الــــــــــــــســـــــفـــــيــــر : بـــــــــلال الـــمــــصـــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقـــاهــــرة تـحـــريـــراً في 25 ديسمبر2024