الدراسات البحثيةالشرق الأوسطالمتخصصةتقدير الموقفعاجل

الـــقـيادة الــعســكرية الأمــريـكــيـة الــمركــزيــة : أداة أمريكية للتطبيع العسكري العربي – الصهيوني

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في 15 يناير 2025 عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحماس بعد حرب ضروس موُرست من جانب الكيان الصهيوني كحرب إبادة للشعب الفلسطيني في غـزة  بينما مُورست من الجانب الحمساوي كحرب تـحـريـر من دنس الإحتلال الصهيوني وإستمرت هذه الحرب لنحو15 شهر من إنطلاق طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 وفي اليوم التالي لطوفان الأقصي أي في 8أكتوبر2023 يأي في 8أكتوبر2023أعلن رئيس الوزراء الصهيوني أن “إسرائيل في حالة حرب ” وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها ” وصوت مجلس الوزراء الأمني ​​الصهيوني لصالح إجراء يهدف إلى “تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس” وقام الكيان الصهيوني بقطع التيار الكهربائي عن غـزة فشركة الكهرباء الصهيونية تزوّد قطاع غزة بنسبة 80% من الكهرباء وقام الجيش الصهيوني خاصة سلاحه الجوي بغارات إسرائيلية ضربت أهداف مدنية في معظمها بالقطاع وأعلن مجلس الوزراء الأمني ​​الصهيوني رسميًا حالة الحرب علي حماس وغـزة للمرة الأولى منذ حرب يوم االسادس من أكتوبر 1973 وفي 11 أكتوبر2023 شكل الكيان الصهيوني حكومة وحدة وطنية للتعامل مع حالة الطوارئ برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع جالانت ووزير الدفاع السابق جانتس على رأس حكومة حرب وفي 13 أكتوبر2023 أصدر جيش الدفاع الصهيوني أمرًا بإخلاء التجمعات السكانية الواقعة شمال وادي غزة بما في ذلك مدينة غزة وأمر السكان وعددهم حوالي 1.1 مليون فلسطيني بالنزوح جنوبًا خلال 24 ساعة .

كانت حرب غــزة حـــربـــاً أمريكية / صهيونية بإمتياز , صحيح أن الحكومة الأمريكية لم تُعلن رسمياً هذه الحرب علي غزة لكنها كانت حــربــاً مُـــســتـترة غــيـر مـُعلــنــة والجزء الضروري الذي حرصت الإدارة الأمريكية علي إعلانه هو الدعم العسكري المباشر سواء كان في صورة المُستشارين العسكريين الأمريكيين الذين أُلحقوا برئاسة الأركان الصهيونية وفي صورة دفعات منتظمة من الأسلحة والاذخهيرة الأمريكية الصنع أو في صورة الإمداد بالمعلومات الإستخباراتية علي إختلاف الوسائل المُؤدية للحصول عليها أو في صورة الإمداد المباشر بالأفراد المُقاتلين في صفوف الجيش الصهيوني وكل ذلك وغيره تحت الشعار الأمريكي المُعلن بأن :” لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها” .

لـعـبـت القيادة الأمريكية المركزية والبنتاجون الأمريكي أو وزارة الدفاع الأمريكية دوراً موازياً لدور وزارة الحرب الصهيونية وكانت القيادة المركزية الأمريكية الذراع التنفيذي للدعم العسكري الأمريكي مختلف الصور للكيان الصهيوني طبعاً مع ملاحظة أمــر هــام عند النظر للمفهوم المبدئي الذي تبناه الكيان الصهيوني عند نزوعه لبدء هذه الحرب والمفهوم الآخر الذي تبنته الإدارة الأمريكية وهي تدعم العسكرية الصهيونية في شـــنــها لهذه الحرب التي حدد الكيان الصهيوني لها أهداف رئيسية منها أنه سيدمر حماس وسيدير قطاع غزة بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها وأنه سيغير من خريطة الشرق الأوسط , أما الإدارة الأمريكية فقد إنحصر هدفها في مواصلة الدعم للكيان الصهيوني في حربه علي غــزة وحــماس , وقد إستطاعت القيادة العسكرية المركزية الأمريكية أداء دورها المُساند والداعم للعسكرية الصهيونية بمنتهي السلاسة والإنسيابية سواء أكان هذا الدعم العسكري واللوجيستي مباشراً وثنائياً أو غير مباشر ومتعدد الأطراف العربية المنتمية لمعسكر الإعتدال فالكيان الصهيوني واقع تحت ولاية القيادة العسكرية المركزية الأمريكية منذما قبل طوفان الأقصي ففي 15 يناير 2021 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستضم “الكيان الصهيوني” حليفها الوثيق في المنطقة إلي نطاق عمل قيادتها المركزية U.S. Central Command وهي أحد 6 قيادات عسكرية أمريكية جغرافية تغطي العالم إضافة لأربع قيادات وظيفية وكان الكيان الصهيوني ولعقود مضت ضمن نطاق عمل القيادة العسكرية الأوروربية للولايات المُتحدة EUCOM وقد إرتبط هذا القرار بقرارات أخري مُتتابعة إتخذتها إدارة الرئيس Trump لصالح الكيان الصهيوني شكلت إنقلاباً في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كقرار الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان والإعتراف بضم الضفة الغربية والجولان للكيان بالإضافة إلي نقل السفارة الأمريكية نفسها للقدس وبالتالي فقد كان قرار تحويل تبعية الكيان الصهيوني للقيادة المركزية CENTCOM الذي وقع الرئيس الأمريكي Trump الأمر الرئاسي المُتعلق به قبل نحو أسبوع من إنتهاء ولايته الرئاسية الأولي لا يمكن فصله عن هذه القرارات وبالتالي فالقرار ما هو إلا إستكمال للقرارات السابقة  المُشار إليها , كما أنه قرار أوضح كثير من المراقبين بأنه يأتي في سياق دعم التقدم المُحرز في تطبيع العلاقات العربية / الصهيونية بعد توقيع الإمارات العربية والبحرين والكيان الصهيوني ما يُعرف بإتفاقيات المسخرة المُسماة أتفاقات إبراهيم , وبالتالي فسيصبح الكيان الصهيوني داخلاً في نطاق ولاية القيادة العسكرية المركزية الأمريكية التي تأسست في الأول من يناير 1983والتي يغطي نطاق ولايتها 20 دولة واقعة في مناطق الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا والممرات المائية المُحيطة بها .

ماذا يعني تحويل تبعية الكيان الصهيوني من القيادة الأوروبية للقيادة المركزية ؟

لابد من الإشارة أولاً إلي أنه من الوجهة المبدأية لا يعتبر تبعية دولة ما لقيادة عسكرية من القيادات العسكرية الأمريكية الست أن هذه الدولة فيب وضع تعاوني جاهز للعمل مع هذه القيادة أو تلك , إنما يعني فقط أن هذه الدولة تحت ولاية ومسئولية هذه القيادة العسكرية الأمريكية أو تلك , فإيران بالنسبة للقيادة الأمريكية المركزية “عدو” وكذلك كان العراق في عهد الرئيس صدام حسين وكذلك الصين وكوريا الشمالية بالنسبة للقيادة الأمريكية العسكرية الباسيفيكية USPACOM , وفينزويلا وكوبا بالنسبة لقيادة الأمريكية العسكرية الجنوبية USSOUTHCOM , أما فيما يتعلق بالكيان الصهيوني فالعلاقة الأمريكية معهما كما هي الحال مع الدول العربية الواقعة علي الخليج العربي وباكستان علاقة تحالف لكن هذه العلاقة لا تعني بالضرورة أن فعالية التحالف الأمريكي (السياسي والعسكري) مع الكيان الصهيوني كفاعلية التحالف مع مصر أو السعودية أو باقي دول الخليج الواقعة جميعاً تحت ولاية القيادة العسكرية المركزية  USCENTCOM , ولهذا الإختلاف أثر علي موضوعات التعاون العسكري والأمني بين القيادة المركزية وهذه الدول , فتعاون العسكريتين الأمريكية والصهيونية قائم علي علاقة فوق إستراتيجية ذات مكون ديني لا شك فيه بالإضافة إلي المكون التعاهدي نقطة البدء فيه العون الأمريكي في تأسيس دولة الكيان الصهيوني علي الأراضي الفلسطينية فبمجرد تأسيس دولة هذا الكيان أقرت إدارة الرئيس الأمريكي Truman قرض طوارئ لهذه الدولة بمبلغ 100 مليون دولار , وقبل إقرار المساعدات الإقتصادية والعسكرية لمصر والكيان الصهيوني بعد توقيعهما علي معاهدة السلام في واشنطن في 26 مارس 1979 منحت الولايات المتحدة الكيان الصهيوني في الفترة من 1949 حتي 1984 حوالي 28,1 مليار دولار (منحت الولايات المتحدة للكيان الصهيوني 5 مليار دولار للوفاء بتكاليف إعادة تمركز قواتها المُنسحبة من سيناء) , يُضاف إلي ذلك أن التعاون العسكري الأمريكي / الصهيوني إطاره أكثر إتساعاً من إطار التعاون العسكري الأمريكي مع كل الدول العربية مُجتمعة , فهذا الإطار الأوسع مدي هو إتفاقية التعاون الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل الموقعة في نوفمبر 1998, وكنتيجة لذلك  فإنني أري أن ضم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني للقيادة العسكرية الأمريكية المركزية :

1- ستضطرد مكانة الكيان الصهيوني العسكرية بالمنطقة فبضم هذا الكيان إلي هذه القيادة بوزنه وأهميته العسكرية للولايات المتحدة التي تتجاوز الوزن والأهمية العسكرية للدول العربية بما فيها مصر سيحظي بأولوية مُطلقة و مُتقدمة من قبل القيادة المركزية تسبق العسكريات الأخري ومنها العسكريات العربية, وذلك علي مستويات عدة منها الإمداد العسكري والتخطيط والتنسيق , وهذه حقيقة لا مراء تؤكدها رؤية الأمن القومي للولايات المتحدة المُؤسسة علي عدد من العناصر الرئيسية منها التي وردت بتقرير رسمي أمريكي عن “إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية لعام 2015” وتتعلق بأهمية الكيان الصهيوني  حيث وردت بهذا التقرير هذه العبارة: “…. ولهذا فنحن نستثمر في قدرات إسرائيل والأردن وشركاؤنا في الخليج لردع العدوان بينما نحافظ علي إلتزامنا الأكيد بأمن إسرائيل بما فيه تفوقها العسكري النوعي” , وبناء علي هذه الحقيقة فسيكون الكيان الصهيوني رائداً لتحقيق أهداف القيادة العسكرية المركزية بل وفي سياق أوسع مدي تحقيق مقومات السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط التي تتضمن فيما تتضمنه (1) تحقيق سلام دائم وعادل ” بالمقاييس الأمريكية طبعاً ” بين إسرائيل وجيرانها العرب و(2) تحقيق وتنمية أمن إسرائيل وخيرها و(3) وضع إطار أمني في الخليج العربي يكفل الوصول الأمريكي لموارد الطاقة و(4) وضع حد للإرهاب المدعوم من الدول والكيانات الأخري , وهو ما يعني بصفة غير مباشرة أن المعونات الأمريكية لمصر تُدار وتُوجه للسيطرة علي مصر , فيما المعونة الأمريكية لإسرائيل تُدار بآليات تحقق ” تنمية أمن إسرائيل وخيرها    ” .

2 – بنقل تبعية الكيان الصهيوني من القيادة الأوروبية  USEUCOM  إلي المركزية USCENTCOM تكون إدارة الرئيس Trump المُنتهية ولايته الأولي عام 2021 قد حققت الخطوة المبدأية والتنظيمية الأولي في طريق نهايته تكوين ما يُسمي بالناتو العربي/ الصهيوني وإن بصفة غير مباشرة في هذه المرحلة , إذ نشرت صحيفةTHE WALL STREET JOURNAL في 15 فبراير من مراسلتها ببيروت ماريا أبي حبيب بالإحالة علي مسئوليين شرق أوسطيين قولهم أن إدارة الرئيس الأمريكي Trump تُجري محادثات مع حلفاء عرب لتشكيل حلف عسكري يجمعهم يمكن أن يتقاسم المعلومات الإستخباراتية مع الكيان الصهيوني من أجل المساعدة في مواجهة إيران عدوهم المُشترك , وإتصالاً بذلك نشر موقع صحيفة الأهرام القاهرية في 6 مارس 2017 أن رئيس هيئة أركان الجيش المصري إلتقي الجنرال Petr Pavel رئيس اللجنة العسكرية بمنظمة حلف شمال الأطلنطي NATO بحضور عدد من قادة الجيش المصري , وأشار الموقع أنه وفقاً لبيان صادر عن الجانب المصري فإن الجانبين ناقشا مسائل إقليمية من بينها الموقف في ليبيا كما ناقشا التطورات الأخيرة ذات الصلة بالحرب علي الإرهاب والتنسيق والتعاون بينهما في هذا المجال , ومن جانبه أثني الجنرال الأمريكي علي الجهود المصرية في مواجهة الراديكالية والإرهاب وشدد علي دعم حلف الأطلنطي الكامل لهذه الجهود لتحقيق الأمن والإستقرار في الشرق الأوسط , من جهة أخري نشر موقع Middle East Eye في 2 مارس 2017 كما نشرت وكالة Anadolu التركية في13 مارس 2017 أن هناك حديث عن أن الرئيس الأمريكيDonald Trump  يبحث عن تكوين تحالف بين دول عربية والكيان الصهيوني تحت مُسمي التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA لمواجهة جماعة داعش الإرهابية وإيران وأن هذا التحالف سيشمل دول مثل مصر والأردن والتي بينها وبين إسرائيل معاهدتي سلام , والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة واللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية بإسرائيل , وأحالت الوكالة علي الإعلام الأجنبي إشارته إلي أن هذا التحالف الذي علي نمط منظمة حلف شمال الأطلنطي NATO سيُركز علي تقاسم مُنتظم للمعلومات الإستخباراتية والسماح للشركات العسكرية الإسرائيلية بالعمل في العالم العربي , كما أشارت إلي أن محللين يعتقدون أن التحالف المُقترح ما هو إلا مناورة إسرائيلية لتحويل التركيز علي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإغراء الشركاء الخليجيون , كما أن هذا التحالف يمكن أيضاً أن يكون إيذاناً لتدخل أمريكي أكبر في الشرق الأوسط يخدم بالتالي مصالح إسرائيل , وأحالت علي صحيفة الأهرام القاهرية قولها أن ورقة بحثية أعدها مركز أبحاث أمريكي عن تشكيل تحالف عسكري بالشرق الأوسط قُدمت إلي عواصم عربية , وأن هذا المُقترح سيشمل مصر والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعُمان والأردن فيما ستكون وضعية ” المراقب ”للكيان الصهيوني , وسيكون هدف التحالف الرئيسي هو مواجهة داعش وإيران والتطرف الإسلامي , وكانت آخر محاولات إدارة الرئيس Trump لتفعيل هذا التحالف المُفترض عندما دعت بولندا برعاية مُشتركة مع الولايات المتحدة لمؤتمر يُعقد في Warsaw في 13 و14 فبراير 2019 قال وزير الخارجية البولندي Jacek Czaputowicz أن نحو 70 دولة إضافة لدول الإتحاد الأوروبي وُجهت إليها الدعوة للحضور والمُشاركة في هذه القمة التي ستُركز علي شئون الشرق الأوسط وتحديداً علي إيران , وكان هذا المؤتمر أو القمة أحد المحاولات الأمريكية المُستميتة   لتوريط الدول التي تحاول الحفاظ علي علاقات متوازنة مع إيران كحالة قطر لإتخاذ موقف ظاهر وعلني ومحدد ضد إيران والموافقة علي المشاركة (Strategic Alliance (MESA , ويري محلل سياسي مصر أنس القصاص ” إن دول الخليج علي إتصال بالكيان الصهيوني بعد علاقات ضبابية معه وذلك كجزء من جهودها في البحث عن شريك قوي ضد إيران ” وفيما يتعلق بالتحالف المُشار إليه قال ” إننا نتجه إلي ذلك ” مُضيفاً قوله ” إن المعادلة مازالت بعد غير جاهزة علي أية حال ” , ومن الجدير بالذكر أن التحالف المُشار إليه هو في الواقع إحياء لمشروع قديم باسم “منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط لكنه تعثر فقد أشار الصحفي الأمريكي جيفري أرونسن في معرض بيان تعثر الخطة البريطانية / الأمريكية لإقامة نظام دفاعي بالشرق الأوسط مُتصل بجهود حلف شمال الأطلنطي لمواجهة الخطر والمد الشيوعي إلي ما نصه ” ولكن من سوء حظ وزارة الخارجية الأمريكية , فإن العسكريين كانوا لم يتولوا السلطة في مصر بعد (يقصد قادة الإنقلاب العسكري في 23 يوليو 1952) أما أولئك الذين كانوا مايزالون يتولون الحكم في مصر (أي السياسيين المدنيين) فقد نظروا إلي الإصلاحات الواردة في إقتراح القوي الأربع (الإعلان الرباعي المُشار إليه ) بإعتبارها مجرد واجهة لإستمرار إخضاع مصر سياسياً وعسكرياً , وبناء علي هذا الموقف فقد أعلن السفير المصري في واشنطن في 15 أكتوبر 1951 رفض مصرلإقتراح قيادة الشرق الأوسط علي أساس أن مصر لم تُستشر مسبقاً بشأن المقترحات المُشتركة المُقدمة إليها , ولم تُدع للمشاركة في وضعها (وهو إحساس عال من هؤلاء بالمكانة لا بالضعة) كما أن مصر لم تقف علي مضمون هذه الإقتراحات إلا يوم تقديمها , وأنه ومع ذلك فقد كانت هذه المُقترحات موضع دراسة مُتأنية من الحكومة المصرية التي وجدت فيها إستمراراً لإحتلال مصر ليس من قبل بريطانيا فحسب وإنما من قبل قوي أخري أيضاً وهو الإحتلال الذي ثارت عليه مصر علي مدي70 عاماً , وعليه فإن هذه المُقترحات لا تعترف بالأماني الوطنية المصرية ولا تضع حداً لإحتلالها من قبل بريطانيا , وكان رفض مصر لإقامة قيادة الشرق الأوسط MEDO عبارة عن قتل للمشروع حتي ولو كانت هناك ثمة إمكانية لإقامة تحالف بدون مصر تم الحديث بشأنها لوقت قليل , فالمشروع في حد ذاته تبعية من أجل تنفيذ الإستراتيجية الصهيونية / الأمريكية بمشاركة عربية وليس فيه تحقيق لأي هدف عربي حقيقي بالمرة , لكنا ها قد عدنا للمربع رقم (1) لإحياء منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط التي تعتبر إيران عدواً مُستهدفاً   .

3- سيترتب علي ضم العسكرية الأمريكية للعسكرية الصهيونية لولاية القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM إتاحة مجال أوسع مدي للصهاينة للمناورة والعمل المُشترك مع أو تحت ساتر العسكرية الأمريكية في مناطق كأفغانستان وباكستان وهما دولتان لم تطبعا علاقاتهما مع الكيان الصهيوني الذي لديه شغف للوصول إليهما من خلال عمل مُشترك مع العسكرية الأمريكية , وتدرك الأجهزة الأمنية التابعة للكيان والولايات المتحدة بدرجة تكاد وأن تكون واحدة بأن هاتين الدولتين بهما نقاط إنطلاق للتنظيمات الإسلامية مختلفة الخطورة علي مصالحهما , وهذا يعني أن بالرغم من الكيان كان لديه الدافع للوصول إلي حيث مواطن الخطر عليه إلا أنه بعد ضمه للقيادة المركزية ستكون حركة الأجهزة الأمنية الصهيونية مدعومة ةممولة جيداً من الأمريكيين , ولا يجب أن ننسي عبارة قالها أريل شارون وزير الدفاع الصهيوني ورئيس الوزراء الصهيوني الأسبق بأن ” أمن الكيان الصهيوني تصل حدوده  إلي باكستان ” , في الوقت الذي تراجعت فيه خطوط الأمن القومي لدول عربية رئيسية فأصبحت لا تتجاوز حدودها السياسيةو أحياناً العواصم السياسية لتلك الدولالعربية أو غيرها .

4 – ستُكون هناك بحكم ضم الصهاينة لولاية عمل القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM مهام عسكرية مُشتركة بين دول عربية والصهاينة مثل التدريبات والمناورات العسكرية المُشتركة والمؤتمرات المشتركة وهي بالتالي ستكون قناة إتصال مُنتظمة برعاية أمريكية للعمل علي المزيد من إذابة ما قد يكون متبقياً من فوارق مفاهيمية بين العسكرية الصهيونية والعسكريات العربية , ولإن الإدارة الأمريكية لا تعترف بدولة فلسطين فسيظل الفلسطينيين خارج نطاق أي تعاون عسكري بطبيعة الحال مع الإدارة والعسكرية الأمريكية وهو ما أقترح طالما لدي للإدارة الأمريكية الجديدة توجه لتطبيق حل الدولتين علي الأرض أن تطلب السلطة الفلسطينية ضمها للقيادة العسكرية الأمريكية المركزية USCENTCOM حتي ولو كان في ذلك معني رمزي , ولو كان هناك ثمة بعض النفوذ للعسكريات العربية المنضوية تحت ولاية عمل USCENTCOM أن تطالب الإدارة الأمريكية الجديدة بضم دولة فلسطين لهذه القيادة .

– من جهة أخري أشارت مقالة في صحيف جيروزاليم بوست الصهيونية بتاريخ 28 يناير2021 إلي أن ضم القيادة المركزية الأمريكية الآن لإسرائيل سيعزز الموقف العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط ويحسن العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقالت الصحيفة : “يتحدث مسؤولون عرب من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وأماكن أخرى علنا عن إسرائيل كشريك استراتيجي في معارضة العدوان الإيراني وتنظيم الدولة الإسلامية وجماعات إسلامية متطرفة أخرى وسواء كان ذلك منطقيا أم لا فإن فكرة أن إسرائيل يجب أن تبقى خارج القيادة المركزية قد عفا عليها الزمن بشكل واضح ” .

القيادة العسكرية الأمريكية المركزية USCENTCOM 

يقع مقرها فيMacDill Air Force Base .FL  ومجالها المنطقة الجغرافية الوسطي الواقعة بين القيادتين الأوروبية والباسيفيكية , وقد أُعلن عن إنشاء هذه القيادة في الأول من يناير من عام 1983 وبرر البعض من المُتخصصين في الشأن العسكري الأمريكي إنشاؤها بتداعيات ونتائج أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران والذين ظلوا في قبضة الإيرانيين لمدة 444 يوم متصلة مما حدا بالرئيس Jimmy Carter بإنشاء القوة المُشتركة للتموضع السريع Rapid Deployment Joint Task Force  في مارس 1980 وكذلك أزمة الغزو السوفييتي لأفغانستان , وأخذ الرئيس التاليRonald Reagan   خطوة أمامية بتطوير القوة المُشتركة للتموضع السريع لتكون قيادة عسكرية مُستقلة خلال عامين وعلي مرحلتين أولهما جعلها قوة مستقلة ثم تفعيلها كقيادة قائمة بذاتها في يناير 1983 , وقد كان إنشاء القيادة العسكرية المركزية الأمريكية تأكيد للرؤية الأمريكية عن ضرورة تعزيز القبضة الأمريكية بهذه المنطقة لحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية خاصة وأن الرئيس العراقي ومن ثم العراق كانت تمثل هدفاً أمريكياً عزيزاً لا يمكن نواله إلا بالعمل العسكري بعد أن أعيت الوسائل الإستخباراتية الممزوجة بالدبلوماسية الولايات المتحدة وأستطاع الرئيس / صدام حسين الخروج من الدائرة المفرغة التي تسبب في دخوله فيها حربه مع إيران التي إستمرت بضراوة في الفترة من 1980 حتي 1988 , ولهذا كررت الولايات المتحدة المحاولة عندما إلتقت السفيرة الأمريكية لدي العراق April Glaspie بالرئيس العراقي صدام حسين في 25 يوليو 1990 وقالت له وفقاً للنص الوارد بتسريبات Wikileaks من واقع برقيات للسفارة الأمريكية في بغداد تعقيباً منها علي الخلاف الحدودي مع الكويت ما نصه ” إنني خدمت في الكويت لمدة 20 سنة قبل ذلك ثم  كما هو الحال الآن ، لم نتخذ أي موقف بشأن هذه الشؤون العربية ” , وبالطبع لا يمكن تصور إعتبار هذه العبارة وحدها من السفيرة الأمريكية للرئيس العراقي وكأنها كافية لتسويغ غزو الولايات المتحدة للعراق ولا حتي قيام إيران بأنشطة تعدينية بالخليج العربي أو إنتهاك نظام الرئيس صدام للأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب العراقي , إن قرار الولايات المتحدة بتدمير النظام العراقي سببه الشروخ التي كانت تحدث بسبب كل ما تقدم وفي مقدمته عدم إستجابة الرئيس صدام للخضوع بالكيفية والمدي الذي يخضع له كافة قادة المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية تحقيقاً لمصالحها , وكان غزو القوات العراقية للكويت في الثاني من أغسطس 1990 المقدمة المنطقية لتدمير نظامه في النهاية بغزو العراق عسكرياً في أبريل 2003.

القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM 

في 6 فبراير2007 أعلنت الإدارة الأمريكية عن إقامة القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا وبعدها أصدر الرئيس الأمريكي  George      Bush أمراً توجيهياً بإقامتها فعلياً وتخصيص الموارد المالية اللازمة لها في سبتمبر 2008 أي قبل نهاية ولايته الثانية بثلاث أشهر , وأشار نص هذا الأمر علي أن علي هذه القيادة أن تعمل هذه القيادة بالتنسيق مع القيادات العسكرية القائمة بالفعل للولايات المتحدة uscentcom والتي تغطي المعمورة , وتم تعيين الجنرال   William E.”Kip” Ward كأول قائد لهذه القيادة ,علي أنه فيما يتعلق بنطاق عملها فإنه سيُغطي عموم القارة الأفريقية فيما عدا مصر التي تستمر في نطاق عمل القيادة المركزية الأمريكية  فيما بعد حدث تعديل في مسألة إلحاق مصر داخل ولاية AFRICOM بحيث تم إلحاقها في نطاق مُحدد ومحدود بإعتبار أن مصر تقع في نقطة جوية وسيطة و ضرورية لهذه القيادة كونها تخدم في تموين طائرات القيادة بالوقود لتتمكن من الحركة ما بين القاعدة الأمريكية في جيبوتي بمعسكر  Camp Lemonnier ومسرح العمليات بشمال أفريقيا وبالإضافة إلي غينيا الإستوائية فقد تم تضمين الجزر الآتية في نطاق عمل هذه القيادة وهي :

  • – ساوتومي وبرنسيب  .
  • – مدغشقر .
  • – سيشل  .
  • – القمر .
  • – الرأس الأخضر .
  • – موريشيوس .

حـــدود الدور الحالي للقيادة العسكرية الأمريكية المركزية في حـــرب غـــزة :

إن الدور الذي نهضت به القيادة العــســكــرية  المــركــزية الأمريكية في إطار حرب غزة ييُمكن رؤيته علي نطاقين هــمــا :

(1) نـــطـــاق إســـتـثــنـائي :

فـهذا الدور كانت له – كنتيجة طبيعية لإتساع المجال الجغرافي لحرب غــزة – حــدود تجاوزت المدي الجغرافي المُتعارف عليه لهذه القيادة نــظـــرياً في وثائق وخرائط وزارة الدفاع الأمريكية فحدود هذه القيادة كما تشير وثائق وزارة الدفاع الأمريكية الــمــفــترض أنها واقـــعــة   وفـــقــاً لهذه الوثائق في المنطقة الجغرافية الوسطي الواقعة بين القيادتين الأوروبية والباسيفيكية لكن ما حدث بسبب  غـــزة أن حدود هذه القيادة كانت وبصفتين إستثنائية ومــؤقــتة بين مقر وزارة الدفاع الأمريكية في الولايات المتحدة ودييجو جارسيا بموريشيوس بالمحيط الهندي أي في أفريقيا والجزيرة القبرصية في أوروبا في شرق المتوسط وجــيــبــوتي بأفريقيا علي مدخل البحر الأحمر حيث أُديرت جزئــيــاً الأساطيل البحرية الأمريكية بخليج عدن وبحر العــرب أمام الــســاحل الــعُمـــاني وكما أشــرت فإن دور القيادة العسكرية الأمريكية بسبب أهـــمـــية قـــضــية الحفاظ علي وتمتين أمــن الكيان الصهيوني إستلزم إســـبــأغ كــثــيــر من المرونة في إعـــادة تـحديده ولو بصفة إستثنائية ومؤقتة ليتناسب ويتواءم مع ثـــقــل وطــبــيــعـة الواجبات العسكرية المُلقاة علي عـاتـق هذه القيادة ومع ذلك إنتصرت غـــزة مـــقــاومــة وشـــعـــباً فالله ســـبحانه وتعالي كان ولا يزال معهما ومعهم صـــبــر وعزيمة الرجال والشعب والله غالب علي أمـــره وهو سبحانه قاهــراً فوق عباده وفعالاً لما يريد , هذا عن الــمــوائــمة الــوظيفية لأداء القيادة العسكرية الأمريكية دورها الذي أنيط بها في حرب غـــزة دعــمــاً للعهسكرية الصهيونية التي تهاوت منذ بدء طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 , كذلك فبــسـبب غــــزة كان من الحتمي تضافر الجهود العسكرية الأمريكية / الصهيونية من خلال البنتاجون مباشرة وبواسطة ذراعها الــعــسكري التنفيذي أي القيادة العسكرية الأمريكية المركزية USCENTCOM وربما من أجـــل إلـــحاق الــهـــزيمة التامة بحــمـــاس والفصائل الإسلامية المُقاتلة في غـــزة كان من الـضــروري وكنتيجة مباشرة corollaire أن يـنـشأ بعض التنسيق وربما التداخل العملياتي بين القيادتين العسكريتين الأمريكتين الأفريقية AFRICOM والمركزية USCENTCOM إما بصفة مباشرة بينهما أو غير مباشرة بواسطة البنتاجون في تناول بعض الأمور والقضايا فلقد أدت حرب غــزة أو تداعياتها إلي ” تـحـريـك” الفواصل الجغرافية لعمل هاتين القيادتين فمثلاً كان دور الــيــمــن الــنـــشــط وافــعــال في “جـبـهـة إسناد غـــزة ” من خلال إسـتتخــدام وسيلتين متاحتين لليمنيين هما (1) الـتـحـكـم في وإغــلاق مــضــيق باب المندب (2) التصويب الـصــاروخي الباليستي المباشر إنطلاقاً من الــيـمـــن علي أهـداف بعينها في الكيان الصهيوني وخاصة علي منطقة ميناء إيلات بجنوب الكيان الصهيوني عـامــلاً من عوامل رئيسية في دفع الكونجرس الأمريكي لتحويل الحديث عن الإعتراف الأمريكي بما يُسمي جمهورية صوماليلاند الذي ثار وتداوله الإعلام الدولي منذ الأسبوع الثاني من ديسمبر2024 إلي خطوة سياسية أمريكية فعلية إذ تقدم نائب في الكونجرس الأمريكي بإقتراح أو مشروع قانون موضوعه الإعتراف الأمريكي بصوماليلاند لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأمريكي فقد قدم النائب سكوت بيري Scott Perry من ولاية بنسلفانيا في 12 ديسمبر 2024 برعاية من النواب الجمهوريين إلي الكونجرس الأمريكي مشروع قرار يدعو إلى تحول في السياسة الأمريكية للاعتراف باستقلال جمهورية أرض الصومال المعلنة ذاتيًا ووفقاً لمشروع هذا الإقتراح / القرار يضع بيري وحلفاؤه الجمهوريون أرض الصومال كشريك استراتيجي في منطقة تواصل فيها الصين وروسيا توسيع نفوذهما وكذا لوقف تهديد اليمن في إطار عملها العسكري المُضاد للكيان الصهيوني والإقتراب من مسرح إنطلاق التهديدات العسكرية اليمنية بخليج عدن والبحر الأحمر وتظل آفاق إتخاذ هذا القرارغير مؤكدة بسبب الدعم الأمريكي الطويل الأمد للصومال الموحد ولكن هذا الإقتراحHR 10402 علي أي حـال من شــانــه أن يُثير نقاشًا مُتسعــاً وسيُواجه احتمالات تتراوح بين الرفض والقبول والتأجيل  كما أن حرب غــزة تلك نفسها أدت إلي نشوء حاجة للإتصال ما بين القيادة العسكرية الأمريكية المركزية والقيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا بسبب الحاجة لقبرص اليونانية في الإضطلاع بدور ما في مسألة الإمدادات الإغاثية الإنسانية لــغــزة بواسطة الرصيف البحري الأمريكي المُؤقت أمام ساحل غـــزة والذي أعلن  عنه في 7 مارس 2024 الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال خطابه عن حالة الاتحاد حين قال أنه سيأمر الجيش الأمريكي ببناء ميناء مؤقت في غزة لزيادة تدفق المساعدات للفلسطينيين المحتاجين إليها وهو ما حدث فعلاً ففي 9 مارس 2024أعرب وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس لوكالة الأنباء القبرصية (CYPE) عن تفاؤله بتفعيل عملية “أملثيا” لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غــزة هذا بالطبع بالإضافة إلي التنسيق بين القيادتين العسكريتين الأمريكتين فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية الجوية الأمريكية والبريطانية المنطلقة من قاعدتي أكروتيري وذيكليا البريطانيتين بقبرص اليونانية والتنسيق بين القيادتين العسكريتين الأمريكتين المركزية والأفريقية فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية الجوية الأمريكية المنطلقة من القاعدة الأمريكية بجزيرة ديجو جارسيا بموريشيوش فحرب غــزة كانت حـــربـــاً عــالــمــيــة مُـــصـــغــرة .

(2) النـــطـــاق المـــُتــعارف عــلــيـه :

بعد بدء حرب غــزة في 8 أكتوبر2023 وحتي اليوم مارست القيادة العسكرية المركزية الأمريكية دور إتـــصـــالي أو ما يمكن تجاوزاً الإصطلاح علي أنه ديبلوماسية عـــســكرية مع الدول الواقعة في نطاق الشرق الأوسط بمعناه التقليدي وهو النطاق الجغرافي الخاضع لولاية عمل هذه القيادة ويتضمن دول عربية إما طبعت العلاقات مع الكيان الصهيوني أو في سبيلها للتطبيع مُضافاً إليها دولتين من دول المواجهة مع الكيان الصهيوني وقعتا معاهدة سلام  (الأردن في وادي عربة ومصرفي واشنطن) وكل هذه الدول تروج بالرغم من توقيعها القسري أو الطوعي معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني لمفردات الإستقلال والوطنية والوطن والكرامة والإصلاح السياسي والإقتصادية مع الجماهير في أماكن عــامــة مــفــتـوحــة أما في الغرف المغلقة مع المسؤليين الأمريكيين والــصهاينة فالحديث الإيجابي معهما حديه الأقصي الخضوع التام والإســتجابة غير المشروطة لما يُطلب منهم وحده الأدني الــتــســويف لوقت قــريب مـــناسب لما يـــصدر إلـــيهم من أوامــر , فــحــرب غـــزة أمـــاطـــت الــلــثــام مـــرة وللأبد عن مــعــظم الحكام الـــعرب ولذلك يــعــمــل هؤلاء الآن بـــســفــور ومُـــجـــاهــرة لا يــلــون علي شــيئ  .

أعـــتقــد أن رصــداً لإتصالات قائد القيادة المركزية الأمريكية وحده -علي الأقـل – أثناء حــرب غــزة وحتي بعد الإعلان عن وقف إطلاق الــنــار بين الكيان الصهيوني وحماس والفصائل الفلسطينية المُقاومة في غــزة كـــفـــيل بتبين الــهــدف أو الأهداف التي تبتغيها الولايات المتحدة (والكيان الصهيون) وتسعي إلي تحقيقه أو تحقيقها في الــمـــســـتقـبل , وفيما يلي رصـــد لهذه الإتصالات المُعـلنة:

– في 25 ابريل 2025 صدر بيان مشتر امريكي عـــُماني (موقع السفارة الأمريكية في مسقط) ورد فيه :” استقبل وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة خوسيه فرنانديز معالي الشيخ خليفة بن علي بن عيسى الحارثي وكيل وزارة الخارجية العمانية، في واشنطن في 24 أبريل 2024 لحضور الحوار الاستراتيجي الثاني بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان , عزز الحوار الاستراتيجي الافتتاحي في فبراير 2023 في مسقط التعاون في ثلاثة مجالات ذات أولوية: التجارة والاستثمار، والطاقة النظيفة، والتعليم والثقافة والعلوم وقد حدد حوار هذا العام فرصا جديدة لتعزيز الشراكة الثنائية بهذه المجالات ذات الأولوية

يتمثل أحد الأهداف التجارية والاستثمارية الرئيسية في تعظيم العلاقات الثنائية بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان احتفلت الولايات المتحدة وعمان هذا العام بالذكرى الخامسة عشرة لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة وخلال الحوار الاستراتيجي الثاني أكد الجانبان على أهمية الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف رؤية عمان 2040 مع تعزيز المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة وأكدوا على قيمة مشاركة القطاع الخاص في زيادة الوصول إلى الأسواق وتعزيز التجارة والاستثمار والتصدي للتحديات المشتركة وناقشوا الفرص المتاحة للشركات الأميركية في السوق العمانية وسلطوا الضوء على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأشباه الموصلات والطاقة النظيفة كمجالات للفرص كما ناقش الجانبان سبل تعزيز الازدهار المتبادل بما في ذلك من خلال مذكرة التفاهم الموقعة العام الماضي بين بنك التصدير والاستيراد الأميركي ووزارة المالية العمانية لتسهيل شراء ما يصل إلى 500 مليون دولار من السلع والخدمات الأمريكية للمشاريع في عمان ومن خلال مكتب الملحق التجاري الذي تم إنشاؤه حديثا في سفارة عمان في واشنطن واستكشف البلدان فرصا للتعاون في عرض ونشر تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه وإزالة ثاني أكسيد الكربون بما في ذلك من خلال التبادلات الفنية والاستثمارية والبعثات التجارية تم تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان في مجال الكربون الجيولوجي من خلال ورشة عمل فنية استضافتها وزارة الطاقة والمعادن العمانية في مسقط في سبتمبر 2023 بالتعاون مع وزارة الطاقة الأمريكية وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمعادن العمانية وشركة عدن جيو باور الأمريكية لدراسة وإظهار إمكانات إنتاج الهيدروجين المحفز في عمان والتزم الجانبان بمتابعة سبل جديدة لتعزيز التعاون في تطوير حلول الطاقة النظيفة بما في ذلك من خلال الاستفادة من خبرات القطاع الخاص الأميركي فضلا عن فرص الاستثمار في المعادن الحيوية اللازمة للتحول إلى الطاقة النظيفة وتابع البلدان الأولويات البيئية في إطار مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان بشأن التعاون البيئي واستكشفوا طرقا لربط الباحثين من الجامعات العمانية بزملائهم في مراكز البحوث والجامعات الأمريكية لتعزيز البحث العلمي حول الطاقة النظيفة ورحب الجانبان بالتعاون المستمر في مجالات التعليم والثقافة والعلوم، مشيرين إلى اختيار أول مرشحين عمانيين لبرنامج فولبرايت للباحثين الزائرين منذ ما يقرب من 10 سنوات كعلامة فارقة رئيسية. تتطلع الولايات المتحدة وسلطنة عمان إلى توسيع التبادلات الثقافية والتعليمية والعلمية في المجالات ذات الأولوية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الفضاء النهائية والتعليم العالي، والطاقة النظيفة والتعليم الشامل وصناعات الإعلام والسينما كما قرر الجانبان استكشاف طرق جديدة لزيادة عدد الطلاب العمانيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة والطلاب الأمريكيين الذين يدرسون في سلطنة عمان  .

تلتزم الولايات المتحدة وسلطنة عمان بالحفاظ على تبادل الزيارات الثنائية رفيعة المستوى بما في ذلك هدف تحديد موعد الجولة التالية من الحوار الاستراتيجي في عام 2025  .

– نشر موقع القيادة العسكرية المركزية في  9 مايو 2024 أن الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة زار باكستان في الفترة بين 7 و 9 مايو2024 حيث التقى بالجنرال سيد عاصم منير  رئيس أركان الجيش وغيره من كبار قادة القوات المسلحة الباكستانية وركزت مناقشاتهم على جهود مكافحة الإرهاب والشراكة العسكرية الدائمة بين القوات المسلحة الباكستانية والأمريكية كما ناقش القادة نجاح مناورات الاتحاد الملهم 2024 البحرية الأخيرة  والفرص المستقبلية ، والدور المشترك في حل التحديات الأمنية في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية وأثناء وجوده في البلاد سافر الجنرال كوريلا إلى عدة مواقع في مقاطعة خيبر بختونخوا على الحدود لأفغانستان وهناك التقى بقيادة الفيلق الحادي عشر الباكستاني وفيلق الحدود والفرقة السابعة لمناقشة عمليات مكافحة الإرهاب على طول الحدود وقال الجنرال كوريلا: “إن قدرة القوات المسلحة الباكستانية وكفاءتها واحترافيتها غير عادية” وأتطلع إلى مواصلة تعزيز شراكتنا العسكرية التي استمرت سبعة عقود.”

– أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في 10 ديسمبر2024 أن قائدها الجنرال مايكل كوريلا زار العراق وسوريا والتقى بقادة عسكريين أمريكيين ومسؤولين عراقيين وممثلين عن الميليشيا الكردية المدعومة من واشنطن – قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان إن الجنرال “زار قادة عسكريين أمريكيين وأفراد عسكريين وكذلك شركائنا في هزيمة داعش قوات سوريا الديمقراطية في عدة قواعد في سوريا وتلقى كوريلا تقييما مباشرا لتدابير حماية القوات والوضع سريع التطوروالجهود المستمرة لمنع داعش من استغلال الوضع الحالي لوا تزال القيادة المركزية الأمريكية ملتزمة بالهزيمة الدائمة لداعش”.

– في 11 ديسمبر2024 وفي بغداد التقى كوريلا برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والعديد من المسؤولين العسكريين العراقيين الآخرين وناقش القادة “تعزيز التعاون الثنائي والأمن الإقليمي والوضع سريع التغير في سوريا فضلا عن عمليات هزيمة داعش في العراق كما ناقش القادة استمرار الشراكة بين التحالف والقوات العراقية ” و نقل البيان عن كوريلا قوله “ما زلنا ملتزمين بالهزيمة الدائمة لداعش وملتزمين بأمن شركائنا في سوريا المجاورة – بما في ذلك العراق والأردن ولبنان وإسرائيل” ولم يكن هناك نقاش حول المحادثات الأخيرة بين واشنطن وبغداد لنقل دور قوات التحالف في العراق إلى دور استشاري – فقد توقفت المفاوضات باستمرارفي أوائل سبتمبر2024 – وأعلن السوداني أن داعش لم تعد تشكل تهديدا لبلاده وجاء بيان القيادة المركزية الأمريكية بعد يومين من سقوط حكومة بشار الأسد واقتحام هيئة تحرير الشام وقوة الجيش الوطني السوري التي تربطها صلات وثيقة بداعش على مر السنين لدمشق من جهة أخري قالت حركة النجباء العراقية في بيان صدر في 10 ديسمبر2024 إن هناك “غرفة عمليات” مقرها في تركيا -تضم المخابرات البريطانية وإسرائيل ودول الناتو – تهدف إلى زعزعة استقرار العراق وتنفيذ خطط “مدمرة” و”تخريبية” في البلاد , وأضاف بيان حركة النجباء أن “الأحداث في سوريا لم تكن عرضية” فقد بدأت خلايا داعش بالفعل تكتسب زخما في سوريا بعد سقوط الأسد , ووفقاً لموقع The Cradle  في 11 ديسمبر2024 فقد ألقى مسلحو داعش القبض على “أفراد فروا من الخدمة العسكرية في الصحراء… خلال انهيار النظام” للرئيس المخلوع بشار الأسد و”إعدام 54″ منهم في منطقة السخنة في صحراء حمص، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان كما اتهم الجيش الأمريكي منذ سنوات بتقديم الدعم اللوجستي لعناصر داعش في الصحراء السورية .

– في الفترة من 11 إلى 12 يناير2025 زار الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنود الأمريكيين وأجرى ارتباطات مع القادة الرئيسيين في المملكة العربية السعودية والتقى اللواء كوريلا برئيس الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق فياض بن حامد الرويلي وأركانه الرئيسيين وناقش الجنرالان المخاوف الأمنية المشتركة والتزامهما المتبادل بالتصدي للتهديدات الناشئة في المنطقة وأهمية الاستعداد المشترك من خلال قابلية التشغيل البيني وأكد الجنرال كوريلا والجنرال رويلي على أهمية تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما من خلال التدريبات العسكرية المشتركة وبناء قابلية التشغيل البيني والجاهزية وبرامج بناء القدرات وأكد الاجتماع على الشراكة الاستراتيجية الدائمة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التي لا تزال شريكا رئيسيا في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام والازدهار الإقليمي في المنطقة وتتمتع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بشراكة استراتيجية لأكثر من ثمانية عقود وأثناء وجوده في المملكة العربية السعودية  التقى الجنرال كوريلا أيضا مع الفريق صغير حمود بن عزيز  رئيس أركان القوات المسلحة اليمنية ، الذي سافر من اليمن للزيارة وناقش القادة الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الأمني ومكافحة التهديدات الإقليمية مثل الحوثيين المدعومين من إيران وهجماتهم على السفن العسكرية والتجارية في البحر الأحمر وباب المندب كما ناقش الجانبان استراتيجيات تعزيز القدرات العملياتية للقوات المسلحة اليمنية واتفقا على مواصلة البناء على الشراكة من خلال المشاركات المستقبلية ويؤكد الاجتماع على التزام القيادة المركزية الأمريكية بتعزيز السلام والاستقرار والأمن في جميع أنحاء المنطقة  .

– في 18 يناير2025 أشار موقع wenewsenglish أن قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية Michael Kurilla التقى بالقوات التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا وحث على إعادة مقاتلي الدولة الإسلامية الأجانب إلى أوطانهم في الوقت الذي يقاتل فيه الأكراد جماعات في المنطقة وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان إن الجنرال مايكل كوريلا التقى بقادة عسكريين أمريكيين وقوات سوريا الديمقراطية “للحصول على تقييم” للجهود المبذولة لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ومنع عودته إلى الظهور في المنطقة فضلا عن “الوضع المتطور في سوريا” وشددت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى وكذلك جيران سوريا على ضرورة أن يكافح حكام البلاد الجدد “التطرف ” وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن 9,000 معتقل إضافي من داعش “من أكثر من 50 دولة مختلفة لا يزالون في أكثر من 12 مركز احتجاز تحت حراسة قوات سوريا الديمقراطية في سوريا”.

– كذلك توجه قائد القيادة الأمريكية العسكرية في توقيت متزامن مع زياراته المُشار إليها لــمــصر  في 20 يوليو2024 ثم الأردن وألتقي بالمسؤليين العسكريين في البلدين .

– هذه الزيارات المُتتابعة لدول عربية ذات صلة بالحرب في غزة لم تكن زيارات متعلقة بالعلاقات الثنائية بين القيادة الأمريكية العسكرية المركزية وبين هذه الدول وإنما كانت زيارات لخدمة أمن الكيان الصهيوني وبالتحديد لأمر تعده الولايات المتحدة لترتيب أوضاع مُستدامة فيما يُسمي باليوم التالي في غـــزة والذي يتوزع أمـــره في تحويل أفكار أمريكية / صهيونية مُتعددة إلي واقـــع منها مثلاً فــكرة تـشكــيــل قوة ناتو عربي يكون وضعها في غــزة مــثل قوة يونيفيل في جنوب لبنان أو تـــصـــفــيــة حـــركــة “حــمـــاس” علي إفتراض أمريكي/ صهيوني / عربي بغـــفـــلة هذه الحركة التي أثبتت  -علي الأقل – في مفاوضاتها لوقف إطلاق النار وعمليتي تسليم الأســـري أنها ليست بحركة بل “دولة مُـــكـــتــمــلة الأركان” بل أكثر من ذلك يمكن بكل يسر أن نــســـتـنتـج من أداء حماس الــعــالي الـــراقي في حربها ومفاوضاتها مع الأمريكيين أنها تتوفر علي كوادر لا تتوفر لدي دول جوار الكيان الصهيوني فالأداء القتالي الرائع والعقيدة القتالية المتوثبة لدي مقاتلي حماس والأداء التفاوضي الذي بدت نتيجته بجلاء للعيان مع مفاوض صهيوني عُرف عنه دهاءه وخسته ونكوصه عن إلتزاماته وبالرغم من ذلك لم يستطع المفاوض الصهيوني الفكاك من براثن المفاوض الحمساوي الذي ظفر في نهاية التفاوض , ومن المفارقات التي تدعو للسخرية أن تري الجماهيير العربية هــرولة دول عربية طالها البؤس والخذلان لتوقيع إتفاقيات خـــنــوع أخذت مُـــسمــي “إتفاقيات ابراهام” لا قيمة حقيقية لها ولا تحمل غير معني واحد هو الخضوع لأحط كيان علي وجــه المعمورة فهي إتفاقيات لا تضيف شــيــئاً بقدر ما تــخـــصــم من موقعيها الــعــرب الــكــثــيــر , والذي يدعو للدهشة وربما السخرية أن نعرف أن دافع الأمريكيين لدعم الصهاينة هو إيمانهم الآثم بأساطير خرافية يتضمنها العهد القديم أو التوراة ,فما هو دافع العرب في توقيع إتفاقيات مع هؤلاء المعتوهين الذين يتلذذون بإبادة بني جلدتنا ؟إن غـــزة فعلت في كــشــف النــفـــوس ما فعلتــه آشــــعة أكــس في الأجــساد  .

الدول العربية بين الـــقـــيــادتيـن  العسكريتين المــركــزية USCENTCOM والأفريقية AFRICOM

– ســيــظـهـر جــلــيــاً من العرض التالي أن مسالة إستضافة مـقر لـقــيـادة عــســكــرية أمريكية علي أراضي دولة أفريقية مــوضوع مــُثــير للحساسية والجدل المُحتدم لدي قادة الدول الأفريقية ونخبتها وإعلامها وجماهيير هذه الدولة الأفريقية أو تلك فيما في العالم العربي لاتثير هذه المسالة أبــداً أية حـــســـاســيــة سواء لدي القادة العرب أو الإعلام أو الجماهيير لسبب بسيط أن هؤلاء القادة يتناولون هذه المسائل وربما غيرها من المسائل المتعلقة بالعلاقات الخارجية و المسائل ذات الصلة بالسيادة الوطنية في غرف مُغلقة أو مــظاريــف مــُغــلقة أيضاً , ومنذ الإعلان عن إقامتها في فبراير 2007 مازال مـــقـــر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في شتوتجارت بالمانـــيــا ولا يبدو في الأفق المنظور أن أيا من الدول لاالأفريقيا راغبة أو طــامــعــة في إستضافة هذه القيادة العسكرية بل بالعكس فقد طــــُردت العسكريتين الأمريكية والفرنسية شـــر طـــردة من ثلاث دول أفريقية في الأعوام الثلاث الأخيرة وفككت الولايات المتحدة قاعدة طائرات مُسيرة كانت قد أقامتها في مدينة أجاديز بشمال النيجر تدعي واشنطن أنها كلفتها حوالي نصف مليار دولار ولكنها بأمر المجلس العسكري الحاكم في النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشاني الذي تولي السلطة في النيجر بإنقلاب عسكري في 26  يوليو2023 فككت قاعدتيها العسكريتين في نيامي وأجاديز في 15 سبتمبر2024( صدر بيان مشترك صادر عن وزارة الدفاع النيجيرية والجيش الأمريكي أشار إلي إنه تم سحب الأفراد والمعدات من القاعدة وإن التنسيق سيستمر خلال الأسابيع المقبلة للتأكد من اكتمال الانسحاب وأن التعاون والتواصل الفعالين بين القوات المسلحة الأمريكية والنيجيرية كفل اكتمال هذا الدوران قبل الموعد المحدد ودون تعقيدات) وقبل ذلك رحلت العسكرية الفرنسية من مالي وبوركينافاسو بل أغلقت السفارة الفرنسية في النيجر وظلت الولايات المتحدة وفرنسا ترددان نفس الأسطوانة المشروخة عن الإرهاب في هذه الدول الأفريقية الثلاث الذين تبعتهم تشاد , وبينما هذه هو الموقف في الدول الأفريقية خاصة النيجر التي أعلن وزير دفاعها ساليفو مودي في يناير2025 عن خطط لإنشاء قوة عسكرية مشتركة قوامها 5000 جندي بين أعضاء AES بهدف معالجة التحديات الأمنية الإقليمية ومن المتوقع أن تبدأ هذه القوة العمل قريبا مما يمثل تحديا جريئا لرواية مكافحة الإرهاب الفرنسية ومع النيجر مالي وبوركينافاسو وتشاد(قرر الرئيس الحالي لتشاد محمد ديبي السماح بإعادة دخول القوات الأمريكية إلى تشاد بعد أن طلب في 6 مايو2024 من الولايات المتحدة إخراج جميع الأفراد العسكريين من البلاد وامتثلت الولايات المتحدة لطلبه وسحبت 75 من أفراد القوات الخاصة الأمريكية الذين كان العديد منهم متمركزين في قاعدة عسكرية فرنسية في العاصمة نجامينا وفي ذلك الوقت لم يكن هناك ما يشير إلى أن الجيش الأمريكي سيحصل على الضوء الأخضر للعود) بل إن توجو وهي من أخلص الدول في طاعة السياسة الفرنسية في أفريقيا قالت في 25 يناير2025أنها تدرس الانضمام إلى تحالف دول الساحل الذي يضم الدول الثلاث التي تقود حالياً مناوئة فرنسا في أفريقيا ( caliber.az)وكونت تحالف دول الساحل ليكون منظمة منفصلة عن إيكواس أو التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا والذي تعتقد الدول الثلاث أنه إختراق فرنسي لأفريقيا ويشير هذا الموقف التوجولي إلى تحول محتمل في الديناميكيات الأمنية في منطقة غرب افريقيا كما يشير إلى مزيد من التراجع في نفوذ فرنسا في جميع أنحاء غرب أفريقيا وعندما سئل عن إمكانية الانضمام إلى AES(تحالف دول الساحل) قال وزير خارجية توجو روبرت دوسي “القرار يقع على عاتق رئيس الجمهورية” مضيفا أنه “ليس مستحيلا” , وبينما يحدث كل هذا للأمريكيين ومعهم الفرنسيين في غالبية الدول الأفريقية نجد القيادة العسكرية الأمريكية المركزية تستمتع بدفء شــمـــس الشرق الأوسط والخليج العربي في قــــطــــر والــبــحــرين بل ويتحرك قـــائــد القيادة العسكرية المركزية بسلاسة ويسر ويُستقبل بترحاب وربما بأشواق في عواصم العالم العربي بينما القنابل الأمريكية زنة 2000 طـن تنهمر علي رؤوس أهـــلــنــا في غـــزة وتبيدهم بلا أدني إحساس بذنب أو جـــريــرة من يُلقي بها ومن يقدمها مجاناً للكيان الصهيوني المنحط , والمُدهش أن الدول الأفريقية ليست مضارة مباشرة من الولايات المتحدة أو من الكيان الصهيوني لكنها ترفض إستضافت القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقيةAFRICOM  علي أراضيها ونحن في الدول العربية ندعوا الأمريكيين بل نرجوهم  أن يقيموا مقراتهم العسكرية علي أراضينا والأكثر مدعاة للدهشة أن قادة هذه الدول العربية يتحدثونم جهاراً نهاراً عن الـــســـيــادة غـــافـــلــيـن عن تفريطهم فيها .

– كانت النيجر شديدة الأهمية جداً للعسكرية الأمريكية (والفرنسية) وقد أثرت الانقلابات العسكرية الأخيرة في غرب إفريقيا (حاصة في مالي وبوركينافاسو والنيجر) بشدة على عمليات مكافحة الإرهاب ( وهي النغمة التي يرددها الأمريكيين والفرنسيين وأضرابهم لتسويغ تدخلاتهم في البلاد في عصرنا الحالي بعد أن كان المبررب القديم للتخل الأجنبي هو حماية الأقليات أو الأجانب) وعلي عمليات الاستخبارات الأمريكية والفرنسية في المنطقة وكانت النيجروهي حليف رئيسي في مكافحة التطرف الإسلامي (وهو المنطق الذي كان يردده رئيس النيجر الأسبقMAMADOU ISSOUFOI  عميل الفرنسيين المخلص) مركزا استراتيجيا لأفريكوم فقد كانت تستضيف قواعد طائرات بدون طيار مهمة تدعم مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في جميع أنحاء منطقة الساحل ومع اقتراب انسحاب القوات الغربية من المنطقة من الاكتمال تبحث أفريكوم وحلفاؤها عن استراتيجيات بديلة للحفاظ على مزايا ISR  بما في ذلك استكشاف قدرات جديدة للطائرات بدون طيار لتحل محل MQ-9 Reaper.ففي السنوات الأخيرة شهدت غرب إفريقيا موجة من الانقلابات العسكرية لا سيما في مالي (2020 و2021) وبوركينا فاسو (2022) والنيجر (2023) فقد أجبرت الإطاحة بحكومة النيجر التي كان يرأسها أحد عملاء فرنسا ويدعي محمد بازوم الولايات المتحدة على التنازل عن قاعدتها الجوية 101 في نيامي والقاعدة الجوية 201 في أجاديز – وهي قواعد رئيسية للطائرات بدون طيار مركزية لعمليات أفريكوم (وكانت قواعد مراقبة وتصنت وتتبع يصل مداها العملي حتي مصر وليبياوقبرص) وأجبر إغلاق المجال الجوي النيجيري في أعقاب الانقلاب أفريكوم وفرنسا على استكشاف خيارات بديلة لقواعد في البلدان المجاورة مثل غانا وبنين وساحل العاج ( شل إنسحاب فرنسا العسكري وغلق قواعدها العسكرية في  عدة دول أفريقيا قدرتها علي التدخل العسكري والأمنيبين ففيما بين عامي 1964 و 2014 نفذت فرنسا ما لا يقل عن 52 عملية عسكرية في جميع أنحاء القارة) وقد سلطت الأحداث في النيجر الضوء على قيود منصات ISR الحالية لشركة AFRICOM ولا سيما MQ-9 Reaper. وأشار رئيس قسم القدرات الاستراتيجية في أفريكوم إلى أن خطة الولايات المتحدة للتخلص التدريجي من MQ-9 بسبب وضعها القديم يمكن أن تجعل قدرات ISR الأمريكية عديمة الفائدة بحلول عام 2026 وتوفر MQ-9وهي العمود الفقري في عمليات الطائرات بدون طيار الأمريكية قدرة تحمل تبلغ حوالي 27 ساعة ويمكنها حمل حمولة تصل إلى 3850 رطلا (1746 كجم) بما في ذلك صواريخ Hellfire وقنابل GBU-12 Paveway II وحزم أجهزة استشعار مختلفة ومع ذلك فإن سرعتها المنخفضة نسبيا البالغة 230 ميلا (370 كيلومترا في الساعة) في الساعة (مقارنة ب RQ-4 Global Hawk بسرعة 357 ميلا في الساعة (575 ميلا في الساعة) والمدى التشغيلي على ارتفاعات متوسطة تحد من فعاليتها في المناطق التي يستخدم فيها الخصوم الحرب الإلكترونية والأنظمة المضادة للطائرات واعتمادها على القواعد الراسخة للإطلاق والاستعادة يجعلها أقل قدرة على التكيف مع المشهد الأمني المرن في غرب إفريقيا حيث تزداد خيارات التزود بالوقود محدودة بشكل متزايد لكن في المقابل تقدم منصات ISR الأحدث تحسينات كبيرة فعلى سبيل المثال تتميز MQ-9B SkyGuardian وهي نسخة مطورة من Reaper بقدرة تحمل تصل إلى 40 ساعة وقدرات استشعار محسنة بما في ذلك الدوريات البحرية ورادار الفتحة الاصطناعية يوفر MQ-1C Gray Eagle  والذي يستخدمه الجيش الأمريكي أيضا  ولديه قدرة تحمل مماثلة تبلغ حوالي 25 ساعة ولكنه مجهز بإلكترونيات طيران متقدمة وتكوينات حمولة أكثر مرونة مناسبة بشكل أفضل لاحتياجات ISR الحديثة ومع ذلك يتطلع البنتاجون في النهاية إلى استبدال الطائرة بدون طيار بنظام طويل التحمل قادر على الحركة لعدة أيام في كل مرة  وقد أشارت التقارير إلى اختبارات حيث حلقت طائرات استطلاع بدون طيار لمدة ثلاثة إلى ثمانية أيام متتالية وبعضها يعمل بالطاقة الشمسية  وهناك ثمة آثار جيوسياسية لفجوات ISR في غرب إفريقيا فمن دون معلومات استخباراتية ومراقبة في الوقت الفعلي تكون القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في وضع غير مؤات في اتعقب ومراقبة لحكومات وكذلك تعقب ومواجهة الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتزعم الولايات المتحدة وفرنسا أن هذه الجماعات إستفادت من تقليص وجودها الأمني و العسكري وقد أدي التخلص من الوجود العسكري الأمريكي والفرنسي إلي تحرك روسي سريع  لملآ الفراغ فنشرت مجموعة فاجنر الروسية (التي أعيدت تسميتها باسم الفيلق الأفريقي) قوات في مالي وبوركينا فاسو وأعلنت عن اتفاقية دفاع مع النيجر في أعقاب انقلاب يوليو 2023  فقد طرد المجلس العسكري في النيجر 1,500 جندي فرنسي وأنهي ما يُزعم أنه دعم لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية كما أنهى برامج التعاون مع الاتحاد الأوروبي فقد تفاقمت المشاعر المعادية للغرب بسبب تحالف النيجر مع مالي وبوركينا فاسو اللتين رفضتا بالمثل الدعم الغربي , ويُلاحظ أن بحث أفريكوم عن قدرات جديدة للطائرات بدون طيار ISR ليس مجرد ضرورة تقنية ولكنه ضرورة استراتيجية تتطلبه التحديات التي فرضتها الانقلابات الأخيرة في غرب إفريقيا والمشهد الجيوسياسي هذه التحديات التي قلصت وعرضت البأس العسكري الأمريكي للتناقص والإضمحلال في أفريقيا جنوب الصحراء فيما نري هذا البأس العسكري والأمني الأمريكي يضطرد ويقوي ويتعزز في العالم العربي البائس الذي ذابت فيه السيادة وضاع الإستقلال بسبب قـــادة الــصــدفة .

علاقة مصر بالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا  AFRICOM  :

–  كان للعسكريين المصريين وجهة نظر بمقتضاها تكون مصر داخل نطاق عمل القيادة المركزية الأمريكية USCENTCOM وفي نفس الوقت داخل نطاق عمل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا USAFRICOM , بحيث تتعادل أهمية العسكرية المصرية مع أهمية العسكرية الصهيونية لدي العسكرية الأمريكية أي تكون داخلة في نطاق عمل وخرائط قيادتين أمريكيتين , فالعسكرية المصرية لم تكن – ومازالت كذلك – مُتقبلة لحذفها من نطاق عمل أو ولاية قيادة USAFRICOM فبموجب منطوق إقامة هذه القيادة المُعلن في 6 فبراير 2007 من قبل وزارة الدفاع الأمريكية فهذه القيادة : “تعمل بالتنسيق مع القيادات العسكرية القائمة بالفعل للولايات المتحدة وتغطي المعمورة , و نطاق عمل هذه القيادة يُغطي عموم القارة الأفريقية فيما عدا مصر التي تستمر في نطاق عمل القيادة المركزية الأمريكية بالإضافة إلي غينيا الإستوائية وقد تم تضمين الجزر الآتية في نطاق عمل هذه القيادة : ساوتومي وبرنسيب , مدغشقر , سيشل , جزر القمر, موريشيوس والرأس الأخضر ” , وهوموقف أمريكي أزعج العسكرية المصرية , ويؤكد الإنزعاج المصري ماكشفت عنه وثيقة نُشرت علي موقع WikiLeaks وهي عبارة عن برقية سرية مؤرخة في 11 مارس 2008 من القاهرة إلي وزير الدفاع الامريكي وصورة مُوزعة علي القيادة العسكرية المركزية بشأن لقاء الجنرال William Ward قائد AFRICOM مع رئيس الأركان المصري وبعض كبار القادة العسكريين المصريين بمقر وزارة الدفاع المصرية في 17 فبراير 2008 , والذي إحتل فيه النقاش المصري / الأمريكي حول موضع مصر في الرؤية العسكرية الأمريكية الحيز الأكبر منه , فخلال هذا النقاش أوضح القائد الأمريكي للمسئوليين العسكريين المصريين أنه جاء للقاهرة طالباً النصح منهم( وهي كلمة تُقال لفتح الشهية) في شأن أفضل السبل التي يمكن للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا وهي في طور الإعداد للعمل أن تسلكها في شأن ذلك , كما أوضح أن مصر هي الجسر بين افريقيا والشرق الاوسط , وأكد أن وزارة الدفاع الأمريكية ليست لديها النية بأي شكل في تعطيل علاقة مصر المفتاحية مع القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM وأن نية القيادة العسكرية لأفريقيا كانت في العمل مع مصر بكل دقة في الموضوعات المُتعلقة بأفريقيا موضحاً أن هذه الرؤية تعني العمل مع الدول الأفريقية مثل مصر للترويج للسلام والإستقرار في القارة وأن ذلك لن يحدث بين ليلة وضحاها , ورد رئيس الأركان المصري علي ما تقدم بقوله أن مصر تدعم هذا النهج وأنه من المهم جداً للولايات المتحدة ألا تتصرف بإعتبارها ” شرطي”وهو ما رد عليه الجنرال Ward بالإيجاب موضحاً أن بلاده ستعمل فقط مع الدول التي تطلب المساعدة , فأمن الجنرال سامي عنان علي ذلك مضيفاً أن مصر بإمكانها أن تستخدم علاقاتها الممتازة مع الدول الأفريقية والولايات المتحدة لدعم القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا طالما أن الولايات المتحدة تسعي للإستقرار , وكانت أهم مداخلات الجانب المصري في لقاء تال لقائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا هي التي أدلي بها اللواء العصار حين قال ما نصه ” أنه سيكون من الخطأ أن تُري مصر علي أنها دولة شرق أوسطية تنتمي فقط للقيادة المركزية USCENTCOM , وأنه من المهم رؤية مصر علي أنها أفريقية أيضاً ( دلل الجانب المصري علي ذلك بإسهام مصر بنحو ألف من جنودها وضباطها في مهام حفظ السلام الأممية في أفريقيا) , وهو ما أتفق فيه الجنرال Ward مُعيداً تأكيده في نفس الوقت لأهمية الحفاظ علي العلاقة المصرية مع القيادة المركزية USCENTCOM , ومع ذلك أشار الجنرال Ward إلي أنهم في تعاملهم مع الدول الأفريقية الأخري سيكون لدي قيادته الأمل في أن مصر ستعلب دوراً قيادياً (وهوالكلام الذي يحب المصريون سماعه) كما تفعله في الشرق الاوسط , , كما أشارت وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية للسياسات السيدة Theresa Whelan إلي ما نصه : “إن تأكيد الهوية الافريقية لمصر يمكن ان يساعد ايضاً مصر في البحث عن تحسين صورتها هناك ” *( وهي إشارة غير مباشرة بالطبع لإشعار الجانب المصري بمبالغته في الإحساس أو محاولته تمرير إنطباع يراه الأمريكيون غير دقيق عن أهمية العلاقات الأفريقية لمصر لأن لا الإهتمام السياسي لمصر ولا قدراتها الإقتصادية منذ وقت طويل يتيحان لها تحقيق ذلك والأمريكيون يعرفون بل يدركون ذلك , كما أن المسئولة الأمريكية – في تقديري – بعبارتها تلك تصدر مفهوم تصحيحي للمسئولين المصريين مفاده أن صورة مصر بأفريقيا ليست كما يظنون فهي كما حاولت أنا شخصياً توضيحها مرات متعددة للقاهرة أن الأفارقة علي مستوي النخب الفاعلة سياسياً يعتقدون تماماً أن مصر تنظر شمالاً لا جنوباً وأنها تضع يافطة علي أبوابها تقول أن عنوانها بأفريقيا لكنها للأسف تقضي كل وقتها خارجها وقلما تعود , وقلت ذلك من منطق بدء تصحيح مسار علاقتنا بأفريقيا ) , والغريب في الأمر أن اللواء العصار يبدو أنه لم يفهم العبارة بعمقها ذاك لأنه وجه لها الكلام وقال أنه يتفق معها فيما قالته مُضيفاً قوله في شأن آخر ” إن التصرف الذي صدر عن الكونجرس مؤخراً بوضع شروط علي المساعدة لمصر يضرها  ”  .

إتصالاً بما تقدم يُذكــر أن الكيان الصهيوني شريك لحلف NATO كما أن مصر أيضاً لــها إرتباط بهذا الحلف من خلال ما يُسمي ببرنامج التعاون الفردي ICP مع حلف شمال الأطلنطي بدأ  في 9 أكتوبر 2007 ويركزعلي دعم التعاون الفني العسكري بين مصر وحلف NATO من خلال تبادل الخبرات والتدريب وعقد ندوات وورش عمل في مجالات عمليات حفظ السلام وامن الحدود ومكافحة الإرهاب وعمليات الإغاثة والإنقاذ ومكافحة الهريب , وبالتالي يصير الجدل بشأن تبعية مصر وإسرائيل للقيادة المركزية  USCENTCOM جدل غير مُنتج إذ أن كليهما تحت المظلة الأمريكية , لكن مع ذلك هناك ضرورة لإستبيان مبررات إستبعاد العسكرية الأمريكية لمصر من مجال عمل قيادتها العسكرية لأفريقيا AFRICOM  .

– في الواقع لا توجد إجابة أو إجابات رسمية أمريكية محددة بشأن علاقة مصر بالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM إلا أن الثابت حتي يومنا هذا أن مصر مُدرجة في ولاية القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM فقائد القيادة العسكرية الأمريكية الجنرال  William E.”Kip” Wardفي زيارته ولقاءه بالمسئولين العسكريين المصريين بالقاهرة في فبراير 2008 لم يوضح السبب الذي يفسر إبقاء مصر  مُدرجة في نطاق ولاية القيادة المركزية بالرغم من أن البعض كان يتوقع أن تدخل مصر في نطاق القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قبل الإعلان عن إنشاءها في 6 فبراير 2007 , لكن من الوجهة المبدئية وكذلك الواقعية يمكن القول أن وضع مصر المتداخل في قيادتين وضع فريد لم تتعرض له أي من الدول الواقعة داخل نطاق ولاية أي من القيادات العسكرية الأمريكية الست المنتشرة حول العالم , ومع ذلك هناك حقيقتان لابد من وضعهما في الإعتبار قبل البحث عن إجابة أو إجابات عن هذا السؤال , وهي أن الإعتبارات العسكرية وليست السياسية هي التي أملت علي المخطط العسكري الأمريكي وضع مصر في نطاق ولاية القيادة العسكرية المركزية للولايات المتحدة , كما أن مصر حتي منذ ما قبل وضع البريطانيين لها في الواجهة العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط من خلال منظمة قيادة الشرق الأوسط التي عملت العسكرية الأمريكية يداً بيد مع بريطانيا لإنشاءها , كانوا أي البريطانيون يعتبرون مصر قاعدة عسكرية للشرق الأوسط تنطلق منه العسكرية البريطانية لأبعد ما تصل إليه , ويترجم هذه الحقيقة بشكل حاد معاهدة التحالف التفضيلي Preferential Alliance أو معاهدة 26 أغسطس 1936 بين مصر وبريطانيا التي تعكس معظم المواد والملاحق المُتعلقة بها أنها معاهدة ذات طبيعة عسكرية , فبموجبها تـُري مصر كمرفق عسكري قيد الطلب في حالتي الحرب أو الطوارئ لخدمة العسكرية البريطانية , وعليه فإنه لا يمكن تفسير ميل العسكرية المصرية نحو إلحاق مصر بالولاية العسكرية الأمريكية لأفريقيا إلا علي أنه قصور في الرؤية بمعني أنه ميل قائم علي رؤية للنفس وليس للغير فالقيادات العسكرية الأمريكية تعبر عن مدي وطبيعة المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة فقط , كما أن في هذا الميل إساءة لترجمة تاريخ مصر العسكري الذي يشير إلي أن معظم المهددادت العسكرية لمصر كان مصدرها الجبهة الشرقية وأن قناة السويس تؤدي إلي بحار ومحيطات هي – من منظور عسكري أمريكي – واقعة الآن في نطاق أربع قيادات عسكرية أمريكية هي المركزية والباسيفيكية والأوروبية والأفريقية أكثرها إرتباطاً بالقناة هي المركزية التي تعتبرها الإستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة النقطة المركزية بين القيادات العسكرية الخمس الأخري وهو بالضبط ما يترجمه مُسماها  .

– أن مصر علي الرغم من دورها الأفريقي التاريخي وعلاقاتها وإنتشارها الدبلوماسي في القارة الأفريقية فإنها وفقاً لمنطوق الإعلان في 6 فبراير 2007 عن إقامة هذه القيادة مُستثناة من أن تكون داخل ولاية هذه القيادة ومن المؤكد وفقاً لذلك أن الأمريكيين لا يعنيهم إلا موقع مصر في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها المتناقص بفعل السياسات الأمريكية في هذه المنطقة , وبالتالي فإن هناك ضرورة إستراتيجية من وجهة النظر الأمريكية في الإبقاء علي مصر داخل ولاية القيادة العسكرية المركزية الأمريكية , وهو أمر في تقديري إما انه يعني أن الإدارة الأمريكية رأت إستبعاد مصر من قيادتها الأفريقية بغض النظر عن مبررات إستراتيجية وتاريخية رئيسية منها موقع مصر الجيوبوليتيكي الهام في أفريقيا وإرتباطها من خلال النيل والبحر الأحمر بهذه القارة من الوجهتين الأمنية / العسكرية والسياسية , وكذلك فالتعاون أو الإرتباط العسكري الأمريكي مع مصر وبرنامج المساعدات الأمريكية في شقه العسكري والإقتصادي والذي لا يمكن مقارنته بأي برنامج مساعدات أو تعاون عسكري مع أي من الدول الأفريقية الأخري الواقعة داخل نطاق ولاية القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا لم يكن سبباً كافياً لأن تكون مصر داخلة في نطاق ولاية القيادة العسكرية الأفريقية للولايات المتحدة , و من ثم فإن تجاوز الولايات المتحدة لهذين المبررين قد يؤكد أن من بين الأهداف الأمريكية الدائمة (لأنها إستراتيجية) حصر مصر وحصارها داخل النطاق الشرق أوسطي لأسباب معينة , وغلق السبل لأي تصور للعسكرية المصرية للنفاذ لأفريقيا وبالتحديد حوض النيل والصحراء الكبري , ولهذا نجد أن الأمريكيين عمدوا إلي إرضاء الميل الطبيعي لدي مصر بأن تُصنف كدولة أفريقية كبيرة بالرغم من إنسحاب مصر من العمل الأفريقي لفترة تزيد عن 30 عاماً مُتصلة فلا يكفي الإنتشار المصري في أفريقيا من خلال ما لا يقل عن 35 سفارة وحضور مؤتمرات قمة الإتحاد الأفريقي بوفد يرأسه وزير الخارجية المصري فرئيس مصر قرر بعد محاولة إغتياله في أديس أبابا في يونيو 1995 عدم حضور القمم الأفريقية , فوفقاً لدراسة وضعها في 3 يناير 2013 السيد    Feikert Andrew الباحث بمركز Congressional Research Service أشار فيها إلي  أن القيادة العسكرية المركزية الأمريكية ستُبقي علي علاقاتها التقليدية مع مصر بالرغم من أن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا تقوم بالتنسيق مع مصر بشأن قضايا مُتعلقة بالأمن الأفريقي  .

مــقـــر القيادة العسكرية الأمريكية المركزية  USCENTCOM:

– مـقر هذه القيادة هو قاعدة ماكديل الجوية في تامبا بولاية فلوريدا لكن القيادة العسكرية المركزية للولايات المتحدة أقامــت مقر جديد لها عام 2002 في قاعدة السيلية العسكرية بالعاصِمة القطريّة الدوحة ثمّ انتقلت عام 2009 إلى مقرها الجديد في قاعدة العديد الجوية , تستضيف البحرين بالفعل المقر الرئيسي “للقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية” و”الأسطول الخامس” بما في ذلك حوالي 9000 من أفراد الجيش الأمريكي , والأسطول الأمريكي الخامس United States Fifth Fleet أسطول  تابع لسلاح البحرية الأميركي يتخذ من المياه الإقليمية المقابلة للبحرين قاعدة له ويصفه خبراء أميركيون بأنه أكثر الأساطيل الأميركية الإستراتيجية أهمية في منطقة الخليج العربي وتُعد مملكة البحرين من أقدم الدول العربية التي أقامت تعاوناً عسكرياً مع الولايات المتحدة وبعد حرب الخليج الثانية وتحديداً بتاريخ 27 أكتوبر 1991 وقعت المنامة وواشنطن اتفاقاً عرف باسم التعاون الدفاعي ومنذ 1993 أصبحت القيادة المركزية للبحرية الأميركية مقيمة في البحرين، ومنذ يوليو 1995 استضافت البحرين الأسطول الأميركي الخامس .

– وفقاً لما نُشــر علي موقع القيادة العسكرية الأمريكية المركزية  centcom فإن هناك تحالف القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في قاعدة ماكديل الجوية (AFB) في تامبا بولاية فلوريدا وهو يُعد أحد أكبر التحالفات العسكرية في تاريخ الولايات المتحدة وقد تشكل هذا التحالف في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية في عام 2001 بهدف مشترك هو محاربة الإرهاب ابتداء من 12 سبتمبر  “وبعد (يشير الموقع) أن شقنا طريقنا إلى خطة  نفذناها أو بدأنا في تنفيذها في 7 أكتوبر  بحلول الوقت الذي وصلنا فيه إلى نهاية سبتمبر كان لدينا تحالف هنا في تامبا من كبار الممثلين الوطنيين لحوالي 15 دولة أو نحو ذلك” و قال الجنرال تومي فرانكس  قائد القيادة المركزية الأمريكية في عام 2001 ومنذ تلك الأيام الأولى ارتفع عدد دول التحالف إلى العدد الحالي البالغ 46 دولة  ممثلة في القيادة المركزية الأمريكية وساهم الأعضاء في العديد من الحملات المسماة لتشمل: عملية حرية العراق (OIR) وعملية الحرية الدائمة (OEF)  وعملية الدعم الحازم وعملية العزم الصلب على سبيل المثال لا الحصر واستمرت قوة وأهمية تحالف القيادة المركزية الأمريكية لأكثر من عقد من الزمان ولقد أثبت وجود أعضاء في التحالف في تامبا أنه لا يقدر بثمن وساعد في ضمان التنسيق والتنسيق المركزين وقدمت قوات التحالف مساهمات مهمة في مكافحة الإرهاب عبر مجموعة العمليات. وتشمل المساهمات الخاصة على سبيل المثال لا الحصر، توفير المعلومات الاستخباراتية الحيوية والأفراد والمعدات والأصول لاستخدامها في البر والجو والبحر كما قدم أعضاء التحالف فرق اتصال وشاركوا في التخطيط، وقدموا قواعد ومنحوا تصاريح تحليق بالإضافة إلى مساهمات كبيرة من المساعدات الإنسانية وتعمل دول تحالف القيادة المركزية الأمريكية على تعزيز السلام والاستقرار في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية وخارجها وتعد مساهماتهم مثالا على كيفية عمل المجتمع الدولي معا لتعزيز القدرات وتبادل المعلومات ومعالجة القضايا المزعزعة للاستقرار في المنطقة”  .

مـــقــر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM:

من المنطقي أن تضع الإدارتين العسكرية والسياسية بالولايات المتحدة منطوق إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية بمنتهي الحرص والعمومية لأنه سيُشكل الإطار العملي لهذه القيادة ذلك أنه موجه لدول لديها الحد الأقصي من الحساسية السياسية عند التعامل مع مثل هذه القيادة أو غيرها , فالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ستتعامل للمرة الأولي في أكثر المجالات حساسية لدي دول القارة الأفريقية وهو المجال العسكري ذا الصلة المُتداخلة مع المجال الأمني , ومن ثم فقد صيغ منطوق إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا بأسلوب يؤدي إلي تلقي متخذي القرار السياسي (والعسكري) الأفارقة إياه بشكل  إيجابي قدر المتوقع وكذلك لتمكينهم من إعادة إرساله عند مخاطبة القادة الأفراقة للبيئة أو للمجتمع السياسي الداخلي ببلادهم , ولذا كان لابد بالنسبة للأمريكيين صياغة إعلانهم عن إقامة الـ  AFRICOM بشكل عمومي إلي حد ما وعلي النحو الوارد  بالمنطوق المشار إليه , وذلك لسببين رئيسيين أولهما أن هناك أسئلة كثيرة مازالت إجاباتها مُعلقة حتي بعد الإعلان عن إقامة أفريكوم وكثير من هذه الأسئلة سيجيب عنها التعامل الفعلي علي الأرض وفي خضم السياسة الأفريقية وبالتالي ستحدد من خلال الإجابة عنها مسائل مهمة مثل نطاق الولاية والمنطقة المُتداخلة بين ما هو سياسي وعسكري بالنسبة لعمل هذه القيادة في أفريقيا , والسبب الثاني هو أنه من المتوقع أن تكون هناك ثمة علاقة بين سيادات هذه الدول وعمل هذه القيادة علي الأرض ومن ثم  فلا طائل من تحليل الأهداف الُمعلنة سالف الإشارة إليها إلا بقدر قليل قد يسمح بالنفاذ منها من خلال مضاهاتها بالواقع العملي وبالأسلوب الذي إنتهجته الإدارة الأمريكية لدرء مُهددات أو التنافسية العالية من قوي دولية أخري يمكن أن تؤثر علي كفاءة تحقيق المصالح الأمريكية في أفريقيا وبالتالي التأثير علي الأمن القومي للولايات المتحدة وبالتالي فإن الهدف الإستراتيجي للأفريكوم من المنطقي أن يُخفض من الآثار السلبية التي مصدرها المُهددات و / أو التنافسية صيانة  لمصالحها الأوسع مدي في أفريقيا والتي قد يكون مجالها منطقة أو مناطق ما بهذه القارة التي أصبحت بعد إنشاء أفريكوم في قبضة الولايات المتحدة التي تتحرك من خلال هذه القيادة بالتضافر مع تمثيلها الدبلوماسي الذي يغطي أفريقيا بشكل يكاد أن يكون كاملاً ومع وسائل دبلوماسية مساعدة كتعيين ممثلين خاصين للرئيس الأمريكي لتناول أزمة أو قضية أفريقية ما وإيفاد الوفود أو أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي في بعثة دقيقة أو للتمهيد لتناول أمريكي لمسألة ما وإستكشاف سبل أو قنوات التناول من خلال أفريكوم أو المبعوث الأمريكي الخاص قبل تعيينه .

هناك ثمة علاقة منطقية وعملية بين موضوع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا المُتواجدة حتي الآن فيKelley Barracks .Stuttgart. Germany والعلاقات والإتصالات الجارية بين هذه القيادة والدول الأفريقية وكوادرها العسكرية العليا , وبالرغم من أن التصريحات الرسمية لمسئولي البنتاجون والقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا تحاول أن تعطي إنطباعاً بأنه لا تفكير حالياً في إتخاذ مقر أو مقرات لهذه القيادة في بلد أو بلدان أفريقية أو أن الموضوع مطروح ولكنه ليس مُلحاً , إلا أنه في الواقع موضوع في غاية الأهمية  بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والأهداف الإستراتيجية التي تتوخاها من إنشاء قيادتها العسكرية لأفريقيا , فتموضع مقر هذه القيادة في ألمانيا للآن لا يؤدي من وجهة النظر الأمريكية إلي الإقتناع بإكتمال نجاح الإختراق الأمريكي بشكل كامل للقارة الأفريقية , فعدم قبول أي من البلاد الأفريقية لفكرة إستضافة مقر الأفريكوم للآن يعني أن الحساسية إزاء هذه الموضوع مازالت تنتابها خاصة وأنه وبغض النظر عن المميزات التي سيغدقها الأمريكيون علي البلد المُستضيف إلا أن العامل الأمني وإحتمال تآكل السيادة الوطنية بالإضافة عوامل تاريخية أخري ستعمل في الإتجاه المضاد مما سيجبر متخذ القرار في أي بلد أفريقي علي الإمتناع عن الموافقة علي إستضافة مقر هذه القيادة , ويمكن التعرف علي ذلك من الرؤية المبكرة لبعض ما كُتب في صحافة بعض الدول الأفريقية وكذلك رؤية بعض الساسة والمهتمين الأفارقة بهذا الموضوع ومن بين الأمثلة علي ذلك وهي كثيرة ما يلي :

– أشار الصحفي   Michele Ruiters بصحيفة Business Day الجنوب أفريقية والصادرة في جوهانسبرج ” أن أفريكوم سيؤدي إنشاءها إلي عدم الإستقرار الذي هو مازال بعد هشاً في القارة والمنطقة التي ستجد نفسها مُجبرة علي الإلتزام بالمصالح الأمريكي بالمعني العسكري للكلمة”.

– أشارت إفتتاحية صحيفة Daily Nation الكينية في 8 فبراير 2007 أي بعد يومين من الإعلان الأمريكي رسمياً عن إقامة القيادة العسكرية لأفريقيا ” تم الإعلان عن أفريكوم بالضبط وقت أن كان الرئيس الصيني  Hu Jintao يقوم بجولة في ثماني دول أفريقية للتفاوض علي صفقات تمكن الصين من تأمين تدفق البترول من أفريقيا ”  .

– أشارت إفتتاحية صحيفة The Post الزامبية في 12 أبريل 2007  أن ” أفريكوم تهدف إلي ممارسة النفوذ وتهديد وإقصاء المنافسين بإستخدام القوة ”  .

– أشارت صحيفة Reporter الجزائرية ´إن البلدان الأفريقية يجب عليها أن تستيقظ بعدما رأت آثار ما جري للغير أي في أفغانستان والعراق ”  .

– صرح رئيس نيجيريا Yar’Adua (الأسبق) في أول زيارة له لواشنطن في ديسمبر 2007 بدعوة من الرئيس الأمريكي ” أنه لم يوافق علي أن الأفريكوم يجب أن تكون لها قاعدة بأفريقيا ” , وأوضح قوله ” إن ما ناقشته مع الرئيس الأمريكي Bush هو أنه إذا ما كان علينا أن نفعل شيئاً لأفريقيا فيما يتعلق بالسلام والأمن , فهو أن يساهموا , وقلت له أننا كدول أفريقية لدينا خطتنا الخاصة بنا لإقامة قيادة عسكرية مُشتركة في كل منطقة من مناطق أفريقيا ( الخمس) , وعلق المتحدث باسم الرئيس النيجيري السيد Segun Adeniy علي تصريح الرئيس  Yar’Adua بقوله ” إن تعليقات الرئيس لم ترض الأمريكان ” , وقد تزامن مع هذا التصريح الرئاسي تصريح أدلي به Debo Bashorun (هو ضابط عمل بقوات نيجيريا المسلحة كما عمل سكرتيراً صحفياً الرئيس نيجيريا Ibrahim Babangida في نهاية عقد الثمانينات ومعروف عنه إنتقادالجيش النيجيري ) لمراسل CNN بنيجيريا في 13 مايو 2014 تعليقاً علي دور أفريكوم في أزمة إستعادة البنات المُختطفين بقوله ” إنه أنسب وقت للأمريكيين ليفعلوا ما يريدون فعله .

لاشك ان الولايات المتحدة وهي تخطط لإقامة أفريكوم تضع في إعتبارها مدخلات علاقاتها المتنوعة والمـُركبة ميدانياً مع خصوم أو حلفاء لها من القوي الدولية أو الإقليمية ممن يولون أفريقيا أهمية متقدمة لمصالحهم الإستراتيجية , ولذلك فهناك إعتبارات يجب علي الولايات المتحدة أن تتوقع تأثيرها علي عمل الأفريكوم , وهذه الإعتبارات مصدرها أحد حلفاء الولايات المتحدة ( كحالة فرنسا في شمال وغرب أفريقيا) أو ما قد يكون آت من خصم أو عدو ( كحالة الإتحاد الروسي والصين الشعبية وكوريا الشمالية)  أو ما قد يكون مطلوباً من حليف يمثل أحد أسس الإستراتيجية الأمريكية الكونية (كحالة إسرائيل التي تريد الولايات المتحدة تحقيق أمنها بمفهومه العريض كأن توفر لها التفوق بالشرق الأوسط والحركة الحرة في أفريقيا) وهناك مهددات أخري موضوعية تتعلق بمفاهيم تريد الولايات المتحدة تحديد مدي وعمق تطبيقها أو حتي دفعها بعيداً عن أفريقيا بأدوات مختلفة مثل الـ AGOA والـ USAID ومبادرة الألفية و الـ  AFRICOM ومن بين هذه المفاهيم الديموقراطية والشفافية الإقتصادية والحوكمة , فليس صحيحاً أن الغرب الذي دفع ودعم رتل من الحكام الفاسدين ضعيفي الشخصية والضمير بالعالم العربي وأفريقيا هو نفسه من سيدعم الديموقراطية والشفافية بالجودة والإمتياز المُتعارف عليه , بل إنه قد يـُحيل ربيع العرب إلي خريف إن أمكنه ذلك , لذلك فمهمة AFRICOM مع الوسائل الأمريكية المُشار إليها خاصة بعد ثورات العالم العربي أصبحت أثقل نسبياً عن ذي قبل   .

* تزامن الإعلان عن والترويج لـ   AFRICOMمع المناقشات التي أدت إلي تحول منظمة الوحدة الأفريقية إلي مرحلة الإتحاد الأفريقي وإقامة حكومة إتحادية أفريقية , وكان هناك ثمة مشاعر بدت في إجتماع تشاوري للإتحاد الأفريقي في Lusaka بزامبيا مفادها أن AFRICOM ما هي إلا محاولة أمريكية للإيحاء بأن الإتحاد الأفريقي يجري فحصه وإختباره في ظل تواجد عسكري أمريكي كثيف بالقارة وهذا الموقف الأفريقي حيال هذه القيادة مؤسس علي مسلسل من التدخلات العسكرية الأمريكية في أفريقيا , وبل ويتساءل البعض من الأفارقة : لماذا لم نر القوات الأمريكية وهي تتدخل لتمنع من قاموا بالتطهير العرقي في رواندا ؟ ولماذا ظلت القوات الأمريكية راسية علي ساحل ليبيريا آمنة في الوقت الذي كانت فيه هذه الدولة التي كانت مستعمرة أنشأتها الولايات المتحدة إنشاء في أفريقيا تتحلل بقسوة عام 2003 ؟ , ولماذا لم تؤيدالولايات المتحدة بعثة  AMISOM التابعة للإتحاد الأفريقي في الصومال علي حين دعمت وأيدت التدخل الإثيوبي بواسطة القوة الجوية من الـ  CJTF-HOA (Operation Enduring Freedom – Horn of Africa (OEF-HOA)) المُتمركزة في جيبوتي ؟ وهو ما يجعل المرء يلقي السؤال التالي : هل الولايات المتحدة معنية حقيقةً بإصلاح شأنها والشعور بالإحتياجات الأمنية للأفارقة  ؟ أم أن وجودها العسكري المُقترح من خلال AFRICOM يُنذر بنوع من الدمار نراه حالياً بالصومال ؟ ولماذا واشنطن ليس بقادرة لعمل شيئ ما للإستجابة لإحتياج الأفارقة لتعديل سياستها التجارية معهم ؟ وإذا ما كانت الولايات المتحدة تريد فعلاً المشاركة في عملية التنمية بالقارة فلماذا لا تؤيد إطار ” الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ” NEPAD ؟   .

* لم يُستشر الأفارقة أبداً عند وضع الولايات المتحدة للمنظور والمفهوم الفكري للقيادة العسكرية لأفريقيا , بل قدم الأمريكيون للأفارقة AFRICOM كأمر واقع Fait Accompli في الوقت الذي أدرك فيه الأفارقة مرحلة الشعور العالي بالأهمية والثقة في قيادة مصيرهم    .

* هناك ثمة قلق أفريقي من أن تزحف AFRICOM ببطء لتنتقل وتتحول من مرحلة العناية بالشئون الإنسانية – التي تضمنها منطوق إنشاءها – لمرحلة التدخل العسكري كما أكدت ذلك عملية ” إستعادة الأمل ” في الصومال عام 1992 , كما ان عملية التحول تلك يمكن أن تحدث من خلال الإرتباط القائم بين  قضايا الطاقة والفقر والإرهاب والمصالح الأمريكية بشكل أو بآخر  .

* يدرك الأفارقة تماماً سجل الولايات المتحدة في العراق ولذلك فهم قلقون من أن البنتاجون هو من يتولي ويقود دور الترويج للمصالح الأمريكية في قارتهم , وعليه فإن AFRICOM يمكن أن تُري كما أراد الرئيس الأمريكي  Bush لها أن تكون مدخلاً لإستخدام القوة العسكرية لتحقيق ومتابعة المصالح الإستراتيجية الأمريكية , وعليه فإن AFRICOM لن تعمل فقط علي عسكرة العلاقات الأمريكية الأفريقية بل وعسكرة تلك البلاد الأفريقية التي ستتمركز فيها هذه القيادة العسكرية مما قد يؤدي إلي نشوء معارضة مسلحة داخل هذه البلاد للتواجد العسكري الأمريكي سواء بدافع وطني أو بتحريض من قوي دولية أخري منافسة للولايات المتحدة .

* تلقي الأفارقة رسائل مختلطة من الولايات المتحدة أدت إلي فوضي وزيادة في الشكوك الأفريقية قبل الولايات المتحدة , ففي عام 1995 أشارت وزارة الدفاع الأمريكية في سياق ” إستراتيجية أمن الولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء ” إلي أن الولايات المتحدة ” لديها القليل من المصالح الإستراتيجية في أفريقيا ” لكننا نجد السيدة   Theresa Whelan مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تقول مؤخراً بأن أفريقيا تقدم عشرات الآلاف من الوظائف لمواطني الولايات المتحدة , وتمتلك 8% من بترول العالم وهي مصدر رئيسي للمعادن بالغة الأهمية والسلع الغذائية , كما أن السيد   Ryan Henry نائب مساعد الدفاع الأمريكي المعني بالسياسات ورجل البنتاجون المتخصص في موضوع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قال أن هذه القيادة ليست بغرض شن الحرب , ولكنها للعمل بالتوافق مع شركاء الولايات المتحدة الأفارقة من أجل بيئة أكثر إستقراراً والتي يمكن أن يكون فيها حيز للنمو والتنمية الإقتصادية , فيما قال الجنرال   Wald أول قائد للقيادة الأفريقية :” إنني أتمني أن تكون قواعد متقدمة في أفريقيا , فالعالم قد تغير ونحن ماضون لصناعة أمننا , فالأيام الذهبية قد ولت ” , كما أن الجنرال  Bantz Craddock قائد القيادة العسكرية الامريكية لأوروبا EUCOM قال للصحافة في واشنطن في يونيو 2007 أن حماية أصولنا في الطاقة خاصة في غرب أفريقيا وخليج غينيا ستقودنا إلي التركيز علي AFRICOM التي ستعين الدول ( في غرب أفريقيا ) علي تحسين أمنها في أي نوع من الإنتاج بترول أو غاز طبيعي أو معادن”  .

علق الدكتور  Wafula Okumu علي الأمر برمته فقال أن معظم الدول الأفريقية يساورها القلق من إستضافة AFRICOM وكان بعضها واضحاً في إعلان معارضته بينما أبدي البعض الآخر خشيته حتي من إستضافة بلد مجاور له لمقر  AFRICOM وهذه الدول في معظمها علي وعي بأن السخاء البادي في إرسال الولايات المتحدة لمستشاريها العسكريين إليها يمكن وبسهولة أن يتحول إلي إرسال تقليدية وعسكرية صرفة لأغراض  التدخل  .

بيد أني أري أن السؤال الأكثر أهمية هو : إن كانت AFRICOM في جزء هام من مهامها وسيلة للتنمية والعمل الإنساني فلم لا تنهض بهذه المهام مباشرة مؤسسات أو وكالات امريكية معنية ومتخصصة مثل USAID أو منظمات غير حكومية قادرة لديها سجل في التعامل مع الأوبئة والأمراض وهي كثيرة متنوعة بالولايات المتحدة وتعمل بالفعل في أفريقيا ؟ ولماذا لا تنهض الدول الأفريقية بنفسها بواجباتها الأصلية حيال مواطنيها في الشئون الصحية والإنسانية وما هي مبررات وجود وزارات الصحة والشئون الإجتماعية في الدول الأفريقية في الوقت الذي تعلن فيه القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا عن أنه من بين أهدافها الهدف الرابع الوارد في منطوق إنشاءها رسمياً وهو ” تقوية جهود الولايات المتحدة لجلب السلام والأمن لشعوب أفريقيا والـترويج لأهدافنا المشتركة في التنمية والصحة والتعليم والديموقراطية والنمو الإقتصادي ”  وتدخل هذه القيادة العسكرية القتالية في هذه الأنشطة لا ينصرف معناه في تقديري علي إساءة التقدير للوزارات المسئولة في دولها أمام برلماناتها عن كفاءة الأداء فحسب بل وأيضاً ففي نهوض AFRICOM بمهام تتعلق بالديمواطية مثلاً ما يتناقض مع طبيعتها العسكرية الصرفة كما أنه تحييد لمهمة مؤسسة المعهد الوطني الديموقراطي National Democratic Institute  , وبالإضافة إلي ذلك فلم يُلاحظ أن القيادات العسكرية الأمريكية الخمس الأخري معنية بالشئون الإنسانية بهذا القدر كما هي الحال مع AFRICOM , وكيف تعمل AFRICOM علي تحقيق تواجدها في الشأن العسكري الأفريقي في الوقت الذي يسعي فيه الأفارقة مع تبايناتهم السياسية علي البحث عن نظام دفاعي / عسكري / أمني جماعي في إطار الإتحاد الأفريقي ؟ وهو سؤال سيتضح لاحقاً عند الحديث عن الموضوع الدفاعي أو العسكري في إطار القيادات العسكرية التي تعمل في إطار الإتحاد الأفريقي وتلك التي تعمل في إطار منظمات إقليمية مثل SADC  أوECWAS وغيرهما , ولهذا يمكن القول بشكل عام أن AFRICOM ليس إلا أداة أمريكية مُكملة لمنظومات القيادات العسكرية الأمريكية التي وزعتها الإستراتيجية الدفاعية الأمريكية علي العالم جغرافياً حماية للمصالح الأمريكية الحالية والمرتقبة .

تبذل الولايات المتحدة جهوداً دبلوماسية وإعلامية (ستأتي لاحقاً إشارة للجانب الإعلامي لأفريكوم لأهميتها) من خلال القيادة العسكرية الأفريقية للولايات المتحدة وإتصالاتها بمتخذي القرار السياسي وبصناع السياسة الأفريقية و بالإعلامين الأفارقة بالعديد من الدول الأفريقية لتكوين قطاع عريض نسبياً من الأفارقة موال للمدخل العسكري الأمريكي المُضاف للعلاقات الأمريكية / الأفريقية منذ عام 2007 , بحيث يكون هذا القطاع الموالي مُروجاً لفكرة أن لا بأس من التعاون مع AFRICOM , ,ولعل أبرز الحالات أو الأمثلة الدالة علي ذلك حالة غانا التي تعتبر من نقاط الإرتكاز المهمة للأفريكوم في غرب أفريقيا وفيها نجد السيد  Abednego Orstin Rawlings القيادي بحزب المؤتمر الديموقراطي الحاكم NDC في غانا يقول في مقابلة صحفية لصحيفة غانية بعد عودته من الولايات حيث دُعي للمشاركة في في مؤتمر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ” إن الوقت قد حان للأفارقة لإحتضان القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , وأنظروا لفرنسا وما فعلته في ساحل العاج وما يجري في ليبيا من قبل الـ  NATO ” بل لقد ذهب السيد  Rawlings إلي أبعد من ذلك عندما قال ” إنني أناشد الرئيس الأمريكي   Barrack Obama ألا يتردد في إستخدام زيارته لغانا في الدفع بأجندة إنشاء الأفريكوم في القارة بمقراتها في Accra بغانا لأن الرئيس السابق  George Walker Bush ووزير الدفاع الأسبق/ Robert Gates  أعلنا عن إقامة أفريكوم في فبراير 2007 منبهين بالأهمية الإستراتيجية لأفريقيا ” بل وصل الأمر بالسيد   Rawlings بأن قال ” إن أفريكوم كانت رؤية للزعيم الغاني  Nkrumahومن يقفون موقفاً مُضاداً للأفريكوم فهم ضد Nkruma ” ( شبكة Ghana News في 27 أكتوبر 2013 ) وهو بالطبع كلام بلغ من الشذوذ مبلغه ذلك أن الرئيس الغاني الأسبق كوامي نكروما كان علي سبيل المثال يستنكر نموذج الجماعات الإتحادية غير الطبيعية Unnatural Communities التي تربط أفريقيا بقارات أخري , ولا ننسي أن الرئيس الأسبق نكروما كان ممن تمسكوا بوجوب الإتحاد الأفريقي الفوري والشامل قبل أن تمر فترة بعد الإستقلال يزيد فيها تمسك كل بلد بسيادته وتقدم بخطته للمؤتمر الأول لقمة الدول الأفريقية المستقلة بأديس أبابا في 28 مايو1963 والذي إنتهي بالتوقيع علي ميثاق أديس أبابا وكانت خطة نكروما للإتحاد الأفريقي مفصلة وتضمنت وجوب أن يكون للإتحاد الأفريقي عاصمة ودستور وعملة وبنك مركزي وسياسة خارجية مشتركة ودبلوماسية مُوحدة إلي غير ذلك , كما كان الرئيس الغاني الأسبق  Nkruma أول لمن إستخدم تعبير ” الإستعمار الجديد ” وذلك في كتابه ” إني أتحدث عن الحرية ” وهو تعبير ردده أمام مؤتمر القمة الأفريقي الأول في أديس أبابا 13 مرة ( نزيه نصيف  ميخائيل . النظم السياسية في أفريقيا  تطورها وإتجاهها نحو الوحدة . دار الكاتب العربي للطباعة والنشر 1967 . صفحة 161 و 175 )  .

–  وقد يمكن الإستدلال علي وجهة النظر الأمريكية في مسألة تموضع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في بلد أفريقي ما من خلال تتبع التصريحات الأمريكية عقب الإعلان عن إقامة القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في 6 فبراير2007 وذلك علي الوجه الآتي :

* أشار موقعNairaland Forum  بتاريخ 20 نوفمبر 2007 إلي أن  حكومة نيجيريا الفيدرالية أعلنت يوم الأثنين الماضي أنها سوف لا تستضيف القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة لأفريقيا , وأشار الموقع أن ذلك الإعلان الرسمي لموقف الحكومة إزاء هذا الموضوع أتي عندما إلتقي رئيس نيجيريا   Umaru Yar’Adua محافظي الولايات والمشرعين , وأشار الموقع إلي أن نيجيريا أيضاً ضد إتخاذ القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قاعدة لها في أي مكان آخر بغرب أفريقيا وفقاً لما قاله محافظ ولاية Kwara السيد  Bukola Saraki والذي أعلن بعد مقابلتهم للرئيس عن موقف حكومة نيجيريا الرسمي في هذا الشأن , وأشار الموقع إلي أن جنوب أفريقيا وليبيا عبرا عن تحفظاتهما حيالأي تحرك يبدو علي أنه توسع في نفوذ الولايات المتحدة بالقارة الأفريقية ويمكن أن يركز بصفة أولية علي حماية المصالح البترولية   .

* نشر موقع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في الأول من مارس 2012 مُلخصاً للشهادة التي أدلي بها بواشنطن في 29 فبراير 2012 الجنرال   Carter F. Ham أمام لجنة الخدمات المُسلحة رد فيها علي الأسئلة التي وجهها إليه أعضاء اللجنة ومن بينها سؤال عن إعادة تمركز هذه القيادة حيث أوضح ” أن بقاء مقر هذه القيادة بأوروبا هو الخيار الأكثر تكلفة وفاعلية وأن الولايات المتحدة تستفيد من قاعدة مستمرة بأفريقيا هي قاعدة معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وتتخذها قاعدة لعملياتها ولقوات حلفاءها وهي تقدم الدعم لأنشطة أمنية إقليمية ”  .

* أشار قائد الأفريكوم الجنرال   Carter Ham في زيارة له لنامبيا في نوفمبر2012 إلي أنه ” ليس لدينا نية ولا خطة ولا مصلحة ولا مال لكي نقيم قاعدة أمريكية في الجنوب الأفريقي ولا في أي مكان آخر بأفريقيا فيما عدا ذلك المكان الذي لنا تواجد دائم به في جيبوتي ” , لكنه إستدرك فقال ” لم يعرب لي أي من القادة العسكريين الأفارقة عن قلق أو عدم ترحيب بإستمرار التعاون مع الأفريكوم في خضم التقارير السلبية بشأن الأفريكوم ” وأردف قائلاً ” لم أزر بلداً أفريقياً وأسمع من مسئوليه الحكوميين يقولون أننا لا نريدك أن تعود ثانية ,  بل كانوا دائماً ما يقولون دعنا ننظر إلي المزيد من من الفرص حتي نقوم بالعمل بشأنها سوياً …. فالقضايا المهمة للأمن الأفريقي هي ذاتها المهمة للأمن الأمريكي ”

Africa: No Interest in Africom Bases in Africa

http://allafrica.com/stories/201211231308.html

* ثار جدل ونقاش في الكونجرس ومجلس النواب الأمريكي حول مسألة نقل القيادة الأفريقية للولايات المتحدة داخل أو علي الأراضي الأفريقية وتردد المسئوليين الأمريكيين في محاولة القيام بهذه الخطوة , وإتصالاً بذلك صرح الجنرال Carter Ham في 17 ديسمبر 2012 بأن ” ميزانية البنتاجون المُتقلصة تلزمه بأن ينصح البنتاجون بعدم تحريك مقرات القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية من حيث هي بألمانيا لأي مكان آخر ” وأردف قوله ” أنه قال لوزير الدفاع الأمريكي أن ذلك الأمر سيكلفنا الكثير ”  .

http://thehill.com/policy/defense/273277-dempsey-africom-headquarters-to-stay-in-germany

* أشار موقع STARS AND STRIPES التابع للجيش الأمريكي في 18 ديسمبر 2012 للإعلان الصادر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا بشأن إنشاء قوة تدخل سريع وإجابة قائد الأفريكوم الجنرال   Carter Hamعن سؤال وُجه إليه بمناسبة إلقاءه لكلمة في George Washington University مفاده : لماذا أستغرق إنشاء هذه القوة وقتاً طويلاً بالرغم من أن الأفريكوم أصبحت مُكتملة من الناحية العملياتية منذ عام 2008 وبالرغم من أن القيادات العسكرية الأمريكية الأخري كان لديها قوة للتدخل السريع خاصة بها ؟ وكان رد الجنرال أن الموضوع كان مُتعلقاً بتوفر القوات ذلك أنه كانت هناك إرتباطات لهذه القوات في مناطق عدة بالعالم , وأنه عندما نتحدث عن الإستجابة السريعة (للتدخل) فإن موضوع الموقع يصبح موضوعاً أساسياً للعمل خاصة في أفريقيا التي تتولي مسئوليتها العسكرية فيها الأفريكوم وهي قارة كبيرة تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة الولايات المتحدة تقريباً ” وقد أشار المتحدث باسم الأفريكوم   Benjamin Benson أن قوة التدخل السريع تلك ستعمل من موقع بمنطقة  Fort Carson  بولاية Colorado الأمريكية , وأوضح أن المسافة عامل رئيسي عند عمل أي شيئ في أفريقيا بوجه خاص , وعندما سُئل عما إذا كان وحدة التدخل السريع تلك ستتمركز في أوروبا أم أفريقيا ؟ إلا أن المتحدث لم يرد التعليق عن الموقع المُحدد لها بإعتبار أن تحركاتها تتسم بالسرية , وأشار الموقع إلي أنه بالنسبة لتموضع قوات من أفريكوم في أفريقيا يمكن القول أن هذه القضية  تتسم بقدر من الحساسية وهو أمر يشرح تردد أفريكوم في مناقشة تواجد قوات خاصة تابعة لها بأفريقيا , ولكن علي أية حال فإن عاملين سابقين يقولون أنهم لا يتوقعون ألا تبقي هذه القوة الخاصة وقتاً طويلاً بالولايات المتحدة فالسفر الطويل للقوة من حيث هي بالولايات المتحدة لمناطق مهامها بأفريقيا سيؤثر علي فاعلية العمل والمهام , وأشار الموقع إلي أن هذه القوة الخاصة للتدخل السريع التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ستتخذ من Fort Carson قاعدة لها  وهي في نفس الوقت قاعدة لمجموعة القوات الخاصة العاشرة , وأنه من المحتمل أن فريق عمل قوة التدخل السريع تلك سيتمركز لاحقاً في أفريقيا  .

* بث موقع  WorldTribune.com في 21 يناير 2013 ونقلت عنه مواقع أخري من واقع بيان صادر عن البنتاجون في 24 ديسمبر 2012 أن الولايات المتحدة سترسل قوات قوامها الإجمالي 3,500 فرد من الفرقة الثانية الثقيلة مشاة المُقاتلة والتابعة لقوات المشاة المتمركزة في Fort  Riley بولاية Kansas وسيتوجهون إلي خمسة وثلاثين دولة أفريقية عام 2013 للتعامل مع أنشطة القاعدة وما شابهها المُتزايدة في أفريقيا .

http://www.freepressers.com/after-policy-disasters-u-s-africom-to-deploy-troops-to-35-countries/

* أشار الجنرال   Carter F. Ham قائد الأفريكوم في بيان أدلت به   Elizabeth Robbins المتحدثة باسم البنتاجون ونشره موقع Stars and Stripes في 5 فبراير 2013 حيث أوضح فيه أن ” قرار الإحتفاظ بمقرات الأفريكوم في Stuttgart  قائم علي الإحتياجات العملياتية للقيادة , وأن وزير الدفاع الأمريكي تم إبلاغه برأي قائد الأفريكوم و بالدراسة المُتعلقة بالمواقع والتي أشارت إلي أن الموقع الحالي يخدم الإحتياجات العملياتية للأفريكوم بشكل أفضل من الموقع الذي بداخل أراضي الولايات المتحدة ” وهو ما أكده في إجتماع بمقر القيادة الأفريقية في Stuttgart في  ديسمبر 2012 الجنرال   Martin Dempsey رئيس هيئة الأركان الأمريكية المُشتركة حيث قال أن القيادة الأفريقية الأمريكية يجب ان تظل في Stuttgart    لكن تجدر الإشارة إلي أن تصريح قائد الأفريكوم  لم يكن ليستبعد إمكانية إختيار مقر هذه القيادة في بلد أفريقي فالمقارنة التي عقدها كانت ما بين الموقع الحالي لمقر القيادة بألمانيا والذي يعد قيادة  offshore والموقع البديل بداخل الولايات المتحدة في South Carolina أو Virginia  .

http://www.stripes.com/news/us-africa-command-headquarters-to-stay-in-germany-1.206605

* أرسل وزير الدفاع الأمريكي  Leon Panetta  قبل تقاعده في فبراير 2013 خطاباً للكونجرس الأمريكي يشير فيه إلي ” أنه لن يوصي بإعادة تموضع مقرات القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا علي أراضي الولايات المتحدة ” , وأوضح ” أنه لإعتبارات عملياتية بشأن النفاذ إلي القارة الأفريقية فإن تحريك القوات سيعمل علي ترجيح مسألة عدم مردودية ذلك من الوجهة المالية ” , فيما كان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق  Chuck Hagel وخلال زيارته إلي Charleston بالولايات المتحدة أشار إلي أنه سيراجع وينظر في قرار تموضع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Charleston (التي تتوفر بها بنية أساسية تصلح للأغراض العسكرية ولديها روابط تاريخية بأفريقيا) بإعتبار أنه يري أن الوقت قد حان لنقل هذه القيادة إلي Charleston فنقل القيادة إليها وفقاً لدراسة أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية عام 2008 سيوفر 800 مليون دولار علي مدي السنوات الخمس القادمة من تاريخ وضع هذه الدراسة , بما يعني أنها خطوة إيجابية في خطة خفض الميزانية الأمريكية بمبلغ 900 بليون دولار علي مدي عشر سنوات لاحقة .

http://thetandd.com/news/opinion/columns/bring-africom-to-charleston/article_4ec36d90-2252-11e3-839f-0019bb2963f4.html

* أشارت شبكة PolitiFact في 10 يونيو 2013 إلي ما ذكرته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة   Hillary Clinton في كتابها المُعنون بــ ” خيارات صعبة ” أو ” Hard Choices” حيث وصفت الوجود الأمريكي بأفريقيا بأنه يكاد أن يكون لا وجود له , وهو ما أشارت هذه الشبكة بأن ما قالته السيدة   Clinton زائف فالوجود العسكري الأمريكي كثيف في أفريقيا وهو أمر يستند إلي تصريحات صادرة عن مسئوليين بوزارة الدفاع الأمريكية , كما أن معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وحده به ما بين 2000 إلي 4000 من الأفراد العسكريين والمدنيين الأمريكيين وهم أي الأمريكلن دائماً ما يحاولون تقليص هذا العدد بوصف بعض من يعملون لدي الجيش الأمريكي بأهم متعاقدون , بالإضافة إلي ان القوات الأمريكية منخرطة بالفعل في عدد من العمليات العسكرية في أنحاء القارة الأفريقية في الجزائر وأنجولا وبنين وبوركينافاسو وبوروندي والكاميرون وجزر الرأس الأخضر والسنغال وجزر سيشل وتوجو وتونس وأوغندا وزامبيا وغيرهم (علي سبيل المثال أعلنت الولايات المتحدة في فبراير 2013 عن إقامة  قاعدة جديدة للطائرات المُوجهة عن بعد بالنيجر كما أرسلت الولايات المتحدة في مايو 2013 نحو 80 عسكري أمريكي لتشاد للعمل في قاعدة أقيمت للطائرات المُوجهة عن بعد DRONES وإدارة عملية مسح جوي للبحث عن البنات اللائي قيل أن جماعة Boko Haram إختطفتهم من منطقة بشمال نيجيريا المجاورة وبعد فترة أعترفت أفريكوم عن أنها خفضت عدد الطلعات الجوية والمسح الجوي للبحث عنهن من أجل التركيز علي مهام أخري) , كذلك أفاد المتحدث باسم السيدة   Hillary Clinton هذه الشبكة التي نشرت هذه الإفادة في نفس هذا التاريخ بأن أفريكوم لا قاعدة لها حتي في أفريقيا , فمقراتها في ألمانيا حيث 1500 من أفرادها البالغ عددهم 2000 فرد ما بين مدنيين وعسكرين ومتعاقدين مُقيمين هناك حيث القليل جداً من البنية العسكرية والتسليح المُتقدم  والقطع البحرية الحربية , أما بالنسبة لميزانية وزارة الدفاع السنوية البالغة 250 بليون دولار فنصيب القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا فيها بلغ 275 مليون دولار في ميزانية عام 2012 , فيما أفاد المتحدث باسم أفريكوم بأن أوروبا تبلغ من الوجهة الجغرافية ثلث مساحة أفريقيا ومع ذلك فبها 12 ضعف عدد القوات الأمريكية, بل إن البلاد الصغيرة كأفغانستان وكوريا الجنوبية لديها خمسة أضعاف القوات الأمريكية أي أكبر من كل القوات التي لدي أفريقيا .

* نشر موقع  STARS AND STRIPES التابع للجيش الأمريكي بتاريخ 10 سبتمبر 2013 أنه في وقت مبكر من هذا العام إختارت وزارة الدفاع الإحتفاظ بمقر القيادة العسكرية الأمريكية في Stuttgart وذلك بعد مراجعة داخلية للتكاليف والمنافع لعمل هذه القيادة من موقعها ذاك بأوروبا بدلاً من إعادة تمركزها بالولايات المتحدة الأمريكية , وأشار الموقع إلي أن مكتب محاسبات الحكومة الأمريكية يجادل فيما إذا كان التحليل المالي الذي أجرته وزارة الدفاع الأمريكية قد فشل في شرح الفوائد العملياتية من بقاء المقر بألمانيا بشكل كامل , وأنه لم يوازن بين ذلك الإختيار وبين العوامل المُضادة التي من بينها توفير ملايين الدولارات في حال ما أعيد تمركز هذه القيادة بالولايات المتحدة , كما أن مراجعة مكتب محاسبات الحكومة الأمريكية لعملية إعادة تمركز مقر القيادة أتت بناء علي تقارير تشير إلي أن وزارة الدفاع الأمريكية تنظر في إعادة تنظيم وهيكلة هذه القيادة بما في ذلك إمكانية إندماج الأفريكوم ثانية مع القيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا  EUCOM والتي كانت تتولي مسئولية معظم القارة الأفريقية قبل أن تصبح أفريكوم قيادة مُنفصلة , كما أن وزارة الدفاع الأمريكية وفقاً لمكتب محاسبات الحكومة نظرت أيضاً في عملية الدمج تلك عام 2011 لكنها تخلت عن الفكرة في ذلك الوقت , ومن جهتها وإزاء تقرير مكتب محاسبات الحكومة في هذا الشأن قالت وزارة الدفاع الأمريكية أنها سوف تنظر في عدة خيارات مُتعلقة بالموضوع لمواجهة متطلبات قانون ضبط الميزانية وما يتعلق منه بإجراء تخفيضات علي المدي البعيد , ولهذا فإن وزارة الدفاع سستقوم بإجراء تحليل شامل ومستندي موثق في هذا الأمر , ذلك أن تقرير مكتب المحاسبات أشار إلي أن علي وزارة الدفاع الشروع في وضع دراسة جديدة تركز علي النواحي العملياتية والمنافع العائدة من بدائل التمركز للأفريكوم وأشار هذا التقرير إلي أن هذه الخيارات أو البدائل لابد أن تشمل تموضع بعض مقرات أفراد الأفريكوم في مواقع متقدمة – لم يحددها التقرير – بينما يتم تحريك البعض الآخر للولايات المتحدة  .

من جهة أخري أشارت شبكة Press T.V الإيرانية في 10 سبتمبر2013 نقلاً عن تقرير حكومي أمريكي إشارته إلي أن عملية إعادة تمركز الأفريكوم ستوفر علي الحكومة الأمريكية 65 مليون دولار سنوياً وسينشأ عنها وظائف جديدة وإشارته إلي التساؤلات المتعلقة بالحكمة من خطة البنتاجون للإبقاء علي القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في ألمانيا

* تحت عنوان “Senators look at jobs and money in push to bring AFRICOM to Hampton Roads ” كتب  LAURIE SIMMONS في 12 سبتمبر 2013 أن السيناتور  Mark Warner أشار إلي ” أن مئات الملايين من الدولارات يمكن أن يوفرها البنتاجون لو أنه قرر نقل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Hampton Roads بالولايات المتحدةكما أنه يمكن في هذه الحالة إنشاء وظائف جديدة لنحو 4,300 مواطن أمريكي وتحويل نحو 450 مليون دولار للصرف داخل الإقتصاد الأمريكي وتوفير نحو 70 مليون دولار سنوياً من ميزانية وزارة الدفاع , كما أنني لا أوافق علي فكرة أن الكفاءة العملياتية يجب أن تعلو فوق وفورات يستفيد منها دافعي الضرائب الأمريكيين ” , واشار موقع The Cavalier Daily في 16 سبتمبر 2013 إلي أن كل من السيناتور/ Mark Warner والسيناتور/  Tim Kaine أرسلا  منذ نحو أسبوع خطاباً إلي وزير الدفاع الأمريكي  Chuck Hagel بشأن مقترحهما لجعل إعادة تمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا من مقرها في ألمانيا  لتكون في Hampton Roads وذلك عقب تقرير مكتب المحاسبات الحكومي الأمريكي الذي صدر منذ أيام قليلة سابقة علي خطابهما والذي جادل ضد قرار وزارة الدفاع الأمريكية المُتخذ في يناير 2013 بالإبقاء علي مقر هذه القيادة حيث هي بألمانيا , وكان أهم ما أشار إليه خطابهما أن  Hampton Roads بها بنية عسكرية مؤهلة ومنشآت للتدريب ومرافق للتعليم وموارد للقيادة والتحكم وكلها يمكن أن تدعم مهمة الأفريكوم , كما أن Hampton Roads مقر لكلية الأركان للقوات المسلحة ومقر لأحد كيانات حلف NATO وهذه وتلك كلها يمكن أن تؤدي لحوار بين أفريكوم وحلفاء الولايات المتحدة في حلف NATO والذي يقوم بجهود في تحقيق الإستقرار بأفريقيا خاصة في القرن الافريقي , كما نوها في الخطاب بأن أفريكوم عند إنشاءها عام 2007 إتخذت من Stuttgart بألمانيا مقراً مؤقتاً لها علي إعتبار أن أن الهدف النهائي كان تمركز هذه القيادة بأفريقيا , ولكن – كما أشار النائبان- عاملي التكلفة والأمان في المواقع المُقترحة لتمركز هذه القيادة أخرا نقلها , وفي تعليق علي مقترح النائبان أشار السيد   Geoff Skelley المتحدث باسم مركز السياسات أن نقل القيادة إلي Hampton Roads يمكن أن يحقق فوائد سياسية للنائبين  .

-من جهة أخري كتب LAURIE SIMMONS في 12 سبتمبر 2013 تحت عنوان “Senators look at jobs and money in push to bring AFRICOM to Hampton Roads أن السيناتور Mark Warner أشارإلي “أن مئات الملايين من الدولارات يمكن أن يوفرها البنتاجون لو أنه قرر نقل AFRICOM في Hampton Roads بالولايات المتحدة كما أنه يمكن في هذه الحالة إنشاء وظائف جديدة لنحو 4,300 مواطن أمريكي وتحويل نحو 450 مليون دولار للصرف داخل الإقتصاد الأمريكي وتوفير نحو 70 مليون دولار سنوياً من ميزانية وزارة الدفاع , كما أنني لا أوافق علي فكرة أن الكفاءة العملياتية يجب أن تعلو فوق وفورات يستفيد منها دافعي الضرائب الأمريكيين ” واشار موقع The Cavalier Daily في 16 /9 / 2013 إلي أن كل من السيناتور Mark Warner والسيناتور Tim Kaine أرسلا  منذ نحو أسبوع خطاباً إلي وزير الدفاع الأمريكي Chuck Hagel بشأن مقترحهما لجعل إعادة تمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا من مقرها في ألمانيا  لتكون في Hampton Roads وذلك عقب تقرير مكتب المحاسبات الحكومي الأمريكي الذي صدر منذ أيام قليلة سابقة علي خطابهما والذي جادل ضد قرار وزارة الدفاع الأمريكية المُتخذ في يناير 2013 بالإبقاء علي مقر هذه القيادة حيث هي بألمانيا , وكان أهم ما أشار إليه خطابهما أن  Hampton Roads بها بنية عسكرية مؤهلة ومنشآت للتدريب ومرافق للتعليم وموارد للقيادة والتحكم وكلها يمكن أن تدعم مهمة الأفريكوم , كما أن Hampton Roads مقر لكلية الأركان للقوات المسلحة ومقر لأحد كيانات حلف NATO وهذه وتلك كلها يمكن أن تؤدي لحوار بين أفريكوم وحلفاء الولايات المتحدة في حلف NATO والذي يقوم بجهود في تحقيق الإستقرار بأفريقيا خاصة في القرن الافريقي , كما نوها في الخطاب بأن  AFRICOM عند إنشاءها عام 2007 إتخذت من Stuttgart بألمانيا مقراً مؤقتاً لها علي إعتبارأن الهدف النهائي كان تمركز هذه القيادة بأفريقيا ولكن – كما أشار النائبان – عاملي التكلفة والأمان في المواقع المُقترحة لتمركز هذه القيادة أخرا نقلها , وفي تعليق علي مقترح النائبان أشار السيد Geoff Skelley المتحدث باسم مركز السياسات أن نقل القيادة إلي Hampton Roads قد يحقق فوائد سياسية للنائبين(إنشاء وظائف لأهالي دائرتهما الإنتخابيتين) .

– أوردت صحيفة New York Times في أكتوبر 2014 أن الجنرال  David M. Rodriguez قائد أفريكوم الأسبق أبلغ الكونجرس بأن العسكرية كان تبحث في زيادة تواجدها في أفريقيا بينما تتقلص إلتزاماتها في أفغانستان والعراق وأشار إلي ما نصه ” بينما نخفض من مُتطلباتنا الروتينية في مناطق القتال , فإننا نستخدم هذه القوات لتحقيق أثر عظيم في أفريقيا ” وبالطبع فإن هذه الإشارة من قائد الأفريكوم ذات معاني مُتعددة تتعلق بحقيقة وإن بمدي نسبي بالأرقام المُعلنة عن المُخصصات المالية للأفريكوم وكذلك عدد القوات الأمريكية التابعة للأفريكوم في أفريقيا  .

* نظمت القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا زيارة بدأت في 11 أغسطس 2014 للقواعد العسكرية الأمريكية في SAN DIEGO تحت مُسمي برنامج التعريف أو familiarization program , ودُعي لهذه الزيارة تسعة من كبار العسكريين من Kenya و Tunisia و Madagascar وRepublic of Congo و  Ethiopia و Botswana و Gabon و Comoros  وكان بعض هؤلاء العسكريون قد أنهي دراسات عسكرية أو شارك قبل ذلك في تدريبات متعددة الجنسيات , وربما كان في زيارة كتلك لقواعد الولايات المتحدة العسكرية في جزيرة SAN DIEGO ذات صلة بشكل أو بآخر بالخطوات التدريجية التي تقوم بها العسكرية الأمريكية لفتح منافذ لدي العسكريين الأفارقة لتقبل فكرة القواعد الأمريكية المستمرة ببلادهم وبمعني آخر قبول مسألة إستضافة مقر القيادة العسكرية الأفريقية الأمريكية  .

https://www.dvidshub.net/news/139547/african-officers-visit-san-diegotwentynine-palms

* أوردت وكالة الأنباء الفرنسية AFP في يناير 2015 أن اسبانيا بدأت التفاوض مع الولايات المتحدة لإستضافة قوة التدخل التابعة للبحرية الأمريكية من أجل التمركز لمهام في أفريقيا والتي تأسست عام 2013 بشكل مؤقت ويبلغ قوامها 800 فرد مع إسناد جوي , ونقلت الوكالة عن صحف أسبانية إشارتها إلي ان الإتفاق الجديد بين اسبانيا والولايات المتحدة في هذا الشأن ربما يؤدي إلي زيادة قوة هذه الوحدة العسكرية إلي 3,000 فرد عند الحاجة إلي ذلك  .

* أشار المركز الصحفي للقوات الجوية بوزارة الدفاع الأمريكية في 28 سبمبر 2015 إلي ” أن البنتاجون قرر الحفاظ علي مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Stuttgart بألمانيا وبالقرب من مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا وذلك علي مدي المستقبل المنظور , ونحن بالتأكيد في الوقت الحالي ننظر في عدد من البدائل ” , كما نقل المركز الصحفي للقوات الجوية بوزارة الدفاع الأمريكية عن   Bryan Whitman المتحدث باسم البنتاجون قوله ” أن مغادرة الأفريقيوم لألمانيا سيسمح للأفريكوم بإكتساب الخبرة وتطوير العلاقات مع الشركاء الأفارقة والأوروبيين , لكن في نهاية اليوم قُرر بأن أفضل موقع للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا الآن وحتي المستقبل المنظور هي في موقعها الحالي بألمانيا ” , ومن جهة أخري أشار المراقب العام   Richard Eckstrom الرئيس المُشارك للجنة المُنشأة لحماية والتوسع في التواجد العسكري بـ South Carolina ” أنه لا يمكن تجنب نقل الأفريكوم وأن الإعلان الحالي الذي صدر عن المركز الصحفي للقوات الجوية حجر عثرة علي الطريق ” وأشار إلي ” أن وزير الدفاع  Robert Gates أجل البت في مسألة إعادة تموضع مركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا لتتخذه الإدارة الأمريكية الجديدة ” , وأكد أنهم ” سيظلون متفائلين بشأن المزايا العسكرية التي بـ Charleston , من جهة أخري أشارت مصادر صحفية إلي أن مسئوليين من وزارة الدفاع الأمريكية كانوا في Charleston منذ أسبوع (أي في منتصف سبتمبر 2015 ) وكان من رأيهم إعادة تموضع الأفريكوم في ولاية Georgia الأمريكية  .

http://www.charlestonbusiness.com/news/12912-africa-command-not-coming-to-charleston?rss=0

http://www.stripes.com/news/us-africa-command-headquarters-to-stay-in-germany-1.206605

ما يتوفر من معلومات لا يشير إلي أن مسألة عدم تموضع القيادة العسكرية الأمريكية في مقر ثابت معلن بدولة أفريقية أوأكثر أعاق هذه القيادة عن الحركة الحرة نسبياً في الولوج إلي والتواجد علي أراضي دول أفريقية مما أحال موضوع توفر هذه القيادة علي مقر ثابت إلي أن يكون نظرياً , فمن بين المعلومات التي تؤكد ذلك أن الولايات المتحدة لديها في بعض الدول الأفريقية كالنيجر ونيجيريا ومالي وتشاد قواعد لإطلاق الطائرات المُوجهة عن بعد Drones وتواجد لعناصر عسكرية أمريكية في 35 بلد أفريقي بمبرر مُشترك ألا وهو محاربة الإرهاب , ففي ديسمبر 2012 وفي ندوة بجامعة Brown بالولايات المتحدة أشار الجنرال  Carter F. Ham إلي أن العسكرية الأامريكية ستبدأ أو توسع من عملياتها في مالي والسودان والجزائر والصومال وأكثر 24 دولة أفريقية أخري , وفي هذا الشأن اشارت وكالة Associated Press في ديسمبر 2012 إلي أن قيادة الجيش الأمريكي ستبدأ في إرسال فرق صغيرة إلي 35 دولة افريقية في مستهل 2013 جزء منهم لمهام تدريبية لمحاربة الإرهابيين ولتوفير قوات أمريكية مُدربة ميدانياً ومستعدة للإرسال لأفريقيا حال نشوء الحاجة لذلك , كما ان هذه الفرق في معظمها لأغراض التدريب حصرياً وسوف لا يُسمح لها بإدارة عمليات بدون موافقة محددة وإضافية من وزير الدفاع الأمريكي   .

بالرغم من أن قادة AFRICOM المتعاقبون يعمدون إما إلي تجاهل مسألة مقر هذه القيادة بصفة عامة أو التهوين من شأنها بالقول بأنها غير جوهرية أو أن هناك ثمة إكتفاء بتواجد المقر في Stuttgart  بألمانيا إلا أن دراسة بعنوان ” القيادة الأفريقية : مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية ودور عسكرية الولايات المتحدة في أفريقيا ” وضعها السيد  Lauren Ploch صادرة في 22 يوليو 2011 عن Congressional Rsearch Service  أشارت في الصفحة التاسعة إلي أن ” مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية يشددون علي أن AFRICOM مازالت قيد التطوير , وأن بعض التفاصيل فيما يتعلق بهيكل القيادة وتواجدها مازالا قيد المراجعة . وأن القرار بصدد المقرات النهائية ومواضعها أُرجئ لعام 2012 كي يتيح للقيادة إكتساب فهماً أكبر لمتطلباتها العملياتية طويلة الأمد , وأن نقل المقرات لأفريقيا كما كانت وزارة الدفاع تتصوره ربما لا يحدث لسنوات عديدة قادمة , وعليه فإن مسئولي وزارة الدفاع يفكرون بصفة أولية في تأسيس مكاتب فرعية في الأقاليم الأفريقية لكنها تلقت ما يفيد بمقاومة من الخارجية الأمريكية تقوم علي قلق من أن يكون لذلك علاقة بسلطة رئيس البعثة ( الدبلوماسية) , كما ان الرسميين يشددون علي أنه ليس هناك من خطط فيما يتعلق بإقامة قواعد عسكرية جديدة في أفريقيا , وكما أكد مرة مسئولي وزارة الدفاع في عهد الرئيس Bush  من أن إقامة AFRICOM يعكس ” تغير تنظيمي أكثر مما يعكس تغييراً في الهيكل القاعدي أو تموضع القوات في القارة ” .

– خلال لقاء بالفيديو بين رئيس نيجيريا Muhammadu Buhari ووزير الخارجية الأمريكي Anthony Blinken يوم 27أبريل 2021 حث رئيس نيجيريا حكومة الولايات المتحدة علي نقل مقر قيادتها العسكرية لأفريقيا AFRICOM من مقرها في Stuttgart بألمانيا لأفريقيا (لم يُعين الدولة الأفريقية التي سبُنقل إليها المقر) لتكون بالقرب من مسرح العمليات لأن التحديات الأمنية في نيجيريا لا تزال مصدر قلق كبير لنا وتؤثر عليها بشكل أكثر سلبية من خلال الضغوط السلبية المعقدة القائمة في منطقة الساحل ووسط وغرب إفريقيا ، فضلاً عن منطقة بحيرة تشاد , هذا وقد آثر وزير الخارجية الأمريكية عدم إبداء إلتزام ما أو Noncommittal تجاه طلب رئيس نيجيريا وذلك لسبب بسيط هو أن الولايات المتحدة مُقبلة أو هي الآن تقوم بعملية مراجعة شاملة لإنتشارها العسكري حول العالم خاصة بعد بدء الإنسحاب العسكري الأمريكي وقوات NATO المُشاركة من أفغانستان والمُتوقع إتمامه في 11 سبتمبر 2021 كما ان هناك تأثيرات لهذا القرار وقرارات عسكرية أخري تتعلق بالإنتشار والتمركز العسكري في الشرق الأوسط كان منها القرار الذي أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية في 15 يناير 2021 بضم “الكيان الصهيوني” حليفها الوثيق في المنطقة إلي نطاق عمل قيادتها المركزية , وفي هذا أشارموقع  INTERNATIONAL CENTER FOR INVESTIGATIVE REPORTING أشار في الأول من مايو 2021 إلي أن التحقيقات التي أجرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر كشفت أن حكومة الولايات المتحدة لن توافق على طلب الرئيس النيجيري Muhammadu Buhariبنقل مقر القيادة الأمريكية في إفريقيا AFRICOM إلى إفريقيا , والواقع أن الرئيس Muhammadu Buhari يدرك أن نيجيريا حاليًا على حافة الانهيار التام وتبحث عن خيارات جذرية لإنقاذ نيجيريا من الكارثة التي تلوح في الأفق  وهو ما أشار إليه John Campbell سفير الولايات المتحدة السابق لدي نيجيريا الذي قال في مدونة blog تحت عنوان : “نيجيريا: القلق من تدهور الوضع الأمني يتحول إلى حالة من الذعر” , أن القادة المعنيين لم يتوصلوا بعد إلى نهج أو استراتيجية مثالية لإنقاذ سفينة الدولة من الانهيار الوشيك , وبالفعل  كان رد وزارة الدفاع الأمريكية (Pentagon) المباشر علي طلب الرئيس Muhammadu Buhari سلبياً فقد أشارت وزارة الدفاع الأمريكية في 6 مايو 2021 إلي ” أن تكلفة القيام بهذه الخطوة ضخمة , ومع ذلك فنحن نُقدراعتراف الرئيس Buhari بمساهمة الولايات المتحدة الإيجابية في السلام والأمن الأفريقيين , وأنه  ليس لدي الولايات المتحدة خطة فورية لنقل قيادتها الإفريقية (AFRICOM) من قاعدتها الحالية في ألمانيا إلى إفريقيا على الرغم من تدهور حالة انعدام الأمن في القارة ” بل إن الأمر حتي الآن يتعلق بإعادة إنتشار القوات الأمريكية في أفريقيا فقد تردد – وفقاً لموقع The Organization for Wolrld Peace بتاريخ 17مارس2020 – أن المشرعين الأمريكيين يتجهون لإدخال تشريعات من شأنها منع سحب أو تخفيض القوات في أفريقيا  , وأن إدارة الرئيس السابق Trump تُجري مراجعة للوجود العسكري الأمريكي هناك منذ ديسمبر 2019، وهناك مخاوف واسعة النطاق في الكونجرس من أن سحب القوات يمكن أن يكون له تأثير مزعزع للاستقرار في القارة , تم تقديم التشريع من قبل النائب الديمقراطي Jimmy Panetta والجمهوري Richard Hudson والنائب الديمقراطي Jason Crow وفقًا لمسودة متقدمة حصلت عليها Foreign Policyعلى غرار الانسحاب الأمريكي من سوريا قبل عام ، أثار هذا الانسحاب المحتمل إدانة واسعة النطاق من كل من الجمهوريين والديمقراطيين فتم طرح هذه الخطوة في رسالة إلى وزير الدفاع Mark Esper على ما يُزعم لإعادة نشر القوات الأمريكية لمواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا ، لكن يخشى الكثير في الكونجرس أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية , وصرح النائبان Lindsay Graham و Chris Coonsبقولهما أنه”من المرجح أن يؤدي أي انسحاب أو خفض في القوات إلى زيادة الهجمات المتطرفة العنيفة في القارة وخارجها بالإضافة إلى زيادة التأثير الجيوسياسي للمنافسين مثل روسيا والصين ” , بل إن Graham  طرح فكرة زيادة الوجود العسكري الأمريكي في القارة (يبلغ قوام القيادة العسكرية الأامريكية لأفريقيا أكثر من 6000 جندي وهذا طيلة عقد أو يزيد من الزمان وكان قد جري تخفيض لهذا العدد بنسبة 10٪ عام 2018) , لكن حتى الآن لم يتم اتخاذ أي قرارات بشأن تخفيض القوات في أفريقيا  , لكن بالنسبة لموضوع نقل مقرات AFRICOM من ألمانيا لأفريقيا يمكن القول بأنه قدُ أُغلق ثانية حتي إشعار آخر , إلا أنه قد يُعاد فتحه في وقت ما لأنه لم يُحسم بعد  .

نــــــــتــــيــــــجــــــة :

– الدول العربية الشرق أوســـطـــيـة تقع في نـــطـــاق عـــمـــل ولاية القيادة العسكرية الأمريكية المركزية USCENTCOM التي تقرر في نهاية العهدة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب عام 2021 ضـــم الكيان الصهيوني إليها بعد أن كان الكيان واقع في نطاق عمل القيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا EUCOM وبإنطلاق طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 وبداية الحرب الصهيونية / الـحــمــســاويـة في 8 أكتوبر2023 إنخرطت القيادة الأمريكية المركزية الأمريكية في هذه الــحــرب بكل وسائلها العسكرية جنباً إلي جنب مع الجهازين الدبلوماسي والمخابراتي الأمريكيين وتضافرت هذه الأدوات الأمريكية الثلاث لترسي لأول مرة منظومة دعــم وتـعـاون مُـــعــلن للكيان الصهيوني وآلـــتـه العسكرية المـتـوحـــشـــة مُـــحاطـــة بالرضــي والصــمــت والـــعــار العربي فهذه الأسلحة العربية الثلاث ربما كانت أقــــســي وأشـــرس من الأسلحة الصهوينية والأمريكية التي أستخدمتها جيش العـصـابـة الـصـهـيـونية في إبادة المدنيين الفلسطينيين العزل  ولكن بالرغم من هذا إســتـطـاعت حماس وفصائل المقاومة الإسلامية في غـــزة دس أنف الجــيـــش الــصــهــيوني في رغــــام غـــزة ووقع صاغراً إتفاق وقف إطلاق النار في 19  يناير2025ومنذ بداية الحرب في غزة في 8 أكتوبر2025 وعلي 15 شهر وحتي وقف إطلاق النار في غــزة في 19  يناير2025 ظلت القيادة العسكرية المركزية الأمريكية تجري إتصالات مُستمرة مع العسكريين الصهاينة والعرب علي السواء لدرجة أن قائد القيادة المركزية العسكرية الأمريكية كان يتوجه للكيان الصهيوني وهو آت أو ذاهب  من أو إلي عاصمة عربية ومن الطبيعي أن يكون التنسيق بشأن غــزة هو العنوان والموضوع والمضمون الوحيد لإتصالات قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية  وهو موقف  غير مــُتاح وغير ممكن الإضطلاع به من قبل قائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM فلمدة عشرين عاماً قضيتها في العمل الدبلوماسي المصري في عدة دول أفريقيا لم أر أو أسمع عن خلاف وصل لهذا الحد بين دولة أفريقية وأخري بل حتي بين حركة تمرد مسلح والحكومة المركزية , لكن في حالة حـــمـــاس نجد الدول العربية تناصبها العداء الــمــر لمجرد أنها تعتنق الــنــهــج الإسلامي في صراعها مع دولة تعلن جهاراً نهاراً أنها دولة يهودية متمسكة بتعاليم التوراة (رغم أنها وفقاً لقراننا مجرد أساطير من تأليف أشخاص) ثم أن حــمــاس لم تُلزم أي دولة عربية بالإعلان عن تبنيها النهج الإسلامي فهي دول بلا نهج ولا طعم ولا مذاق ساعة تكون إشتراكية وساعة أخري تكون رأسمالية وساعة ثالثة بلا هوية كما هي الآن وهذا هو المناخ الــعــربي الذي يعمل فيه الأمريبكيون .

– بمقارنة موقف الدول الأفريقية من موضوع إستضافة مقر القيادة العسكرية الأفريقية بموقف الدول العربية المعلن وغير المعلن والذي من التعامل سواء في موضوع إستضافة مقر القيادة العسكرية المركزية الأمريكية أو تعاملها العدواني مع حـــمــاس يمكن بسهولة إستنتاج ماهية هذا الموقف فهناك تباين كبير بين الموقفين الأفريفي والعربي فالأفارقة متمسكين بالإستقلال والسيادة ويدركون تماما أن الأمريكيين خاصة المؤسسة العسكرية الأمريكية ولا الفرنسية ولا الروسية ولا الصينية معنية بجلب السلام والإستقرار والتنمية في البلاد الأفريقية أما نحن في العالم العربي فنحن ســــادرون في غــبــبــوبــة طويلة وفي حالة ســبــات عــمـــيق لا ندرك بسببها حقيقة واضحة مفادها أننا نتعامل مع القاتل (القيادة العسكرية المركزية الأمريكية) الذي يقتل أخي بإعتباره صديق وبغرض المقارنة أيضاً أشير إلي ما حدث في مطلع الخمسينات من القرن الماضي عندما إجتهدت الدبلوماسيتين البريطانية والأمريكية في تأمين إقامة حائط صد قوي في منطقة الشرق الأوسط المُتاخمة للإتحاد السوفيتي لمنع وردع ومواجهة المد الشيوعي المُتجه إلي هذه المنطقة وفي سبيل ذلك وفي مناخ سياسي مُضطرب بالشرق الأوسط أجري البريطانيين إتصالاتهم مع عواصم المنطقة لإقامة نظام دفاعي أخذ مُسميات قريبة من بعضها البعض لكنها في النهاية عسكرية , وفي الواقع فإن الدعوة البريطانية لإقامة هذا النظام كان في خلفيتها حدثان مؤثران علي الموقف العربي والمصري بصفة خاصة , إذ أن بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا أصدروا إعلاناً ثلاثياً في مايو 1950 بشأن ما وصفوه بجهود السلام بين إسرائيل والعرب وعرض ثلاثتهم في هذا الإعلان أي محاولة لمراجعة أو تغيير خطوط الهدنة بالقوة وترشيد شحنات الأسلحة للمنطقة ( وهو ما مثل لاحقاً نقطة إختناق في العلاقات المصرية مع بريطانيا والولايات المتحدة ولولاها لقبلت مصر مشروع قيادة الشرق الأوسط في سياق مُعين) , أما التطور الآخر فكان النقطة الحرجة التي وصلت إليها العلاقات البريطانية المصرية بسبب إصرار مصر علي السيادةعلي السودان ورفع مصر للقضية برمتها لمجلس الأمن الدولي , وكانت مصر الملكية تدرك وبوعي عميق أن طرح موضوع قيادة الشرق الأوسط محاولة إلتفاف بريطانية علي قضية الجلاء البريطاني عن قاعدة القناة البريطانية وكذلك محاولة أمريكية لتنفيذ سياسة الإحتواء Containment في الشرق الأوسط , ومن ثم قامت مصر الملكية من جانب واحد بإلغاء معاهدة 1936 وأصبح الوجود البريطاني في قاعدة القناة (شرقي السويس) إحتلالاً بيناً لابد من مقاومته وبالوسائل العسكرية , مما أعطي الدوافع الأمريكية البريطانياً مبرراً أكبر لإقامة قيادة الشرق الأوسط  , وتثبت الوثائق الرسمية الأمريكية أن الإهتمام الأمريكي بمنطقتي الشرقين الأوسط والأدني إضطرد وتسارع بعد الحرب العالمية الثانية , فبعد زهاء 4 أشهر من توليه منصبه كوزير لخارجية الولايات المتحدة قضي John Foster Dulles الفترة من 11 إلي 28 مايو 1953 في أسفار جاب خلالها دولاً عدة بهاتين المنطقتين ووضع تقريراً عن وقائع زياراته لها , ومن أهم الفقرات الواردة بهذا التقرير ما نصه ” واليوم فإن الشعوب العربية تخشي من أن الولايات المتحدة سوف تساند دولة إسرائيل الجديدة في توسعها العدواني , وهم أكثر خشية من الصهيونية من خشيتهم من الشيوعية ويخشون من ان تصبح الولايات المتحدة مساندة للتوسعية الصهيونية ” , وفي الفقرة الرابعة الخاصة بالسلام بين العرب وإسرائيل أشار وزير الخارجية Dulles إلي ” أن إسرائيل يجب أن تكون جزءاً من مجتمع الشرق الأدني وهذا ممكن , وأنه ولتحقيق ذلك فإن علي الجانبين أن يُقدما تنازلات وأن مسئولية جلب السلام للمنطقة تقع علي عاتقهما وسوف لا تتردد الولايات المتحدة في إنتهاز أي وسيلة لإستخدام نفوذها للترويج لخفض التوتر بالمنطقة خطوة خطوة ” .

في سبيل الوقوف علي السبب الحقيقي لما نراه من تلك السهولة وذلك اليسر لعمل القيادة العسكرية المركزية الأمريكية في العالم العربي وإستباحــتــهــا لــمفهــوم ” الأمــن الـقــومي العربي” فسأستعين بفقرة وردت في كتاب ( جيفري أرونسن . واشنطن تخرج من الظل / السياسة الأمريكية تجاه مصر 1946 – 1956 . تقديم محمد سيد أحمد وترجمة سامي الرزاز . دار البيادر للنشر والتوزيع طبعة أولي 1987) الذي وضعه الصحفي الأمريكي الشهير جيفري أرونسن الذي عمل في الشرق الأوسط الذي أشار في معرض بيان تعثر الخطة البريطانية / الأمريكية لإقامة نظام دفاعي بالشرق الأوسط مُتصل بجهود حلف شمال الأطلنطي لمواجهة الخطر والمد الشيوعي إلي ما نصه ” ولكن من سوء حظ وزارة الخارجية الأمريكية , فإن العسكريين كانوا لم يتولوا السلطة في مصر بعد (يقصد قادة الإنقلاب العسكري في 23 يوليو 1952) أما أولئك الذين كانوا مايزالون يتولون الحكم في مصر (أي السياسيين المدنيين) فقد نظروا إلي الإصلاحات الواردة في إقتراح القوي الأربع (الإعلان الرباعي المُشار إليه آنفاً) بإعتبارها مجرد واجهة لإستمرار إخضاع مصر سياسياً وعسكرياً , وبناء علي هذا الموقف فقد أعلن السفير المصري في واشنطن في 15 أكتوبر 1951 رفض مصر لإقتراح قيادة الشرق الأوسط علي أساس أن مصر لم تُستشر مسبقاً بشأن المقترحات المُشتركة المُقدمة إليها , ولم تُدع للمشاركة في وضعها (إحساس عال من هؤلاء بالمكانة لا بالضعة) ولم تقف علي مضمون هذه الإقتراحات إلا يوم تقديمها , وأنه ومع ذلك فقد كانت هذه المُقترحات موضع دراسة مُتأنية من الحكومة المصرية التي وجدت فيها إستمراراً لإحتلال مصر ليس من قبل بريطانيا فحسب وإنما من قبل قوي أخري أيضاً وهو الإحتلال الذي ثارت عليه مصر علي مدي70 عاماً , وعليه فإن هذه المُقترحات لا تعترف بالأماني الوطنية المصرية ولا تضع حداً لإحتلالها من قبل بريطانيا * ( المرجع السابق صفحة 68) , وكان رفض مصر لإقامة قيادة الشرق الأوسط MEDO عبارة عن قتل للمشروع حتي ولو كانت هناك ثمة إمكانية لإقامة تحالف بدون مصر تم الحديث بشأنها لوقت قليل . * ( NADAV SAFRAN . FROM WAR TO WAR .PEGASUS NEW YORK 1969 . Page 103) واشـــار الصحفي جيفري أورونسن كذلك إلي أن اللواء محمد نجيب قائد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالملك فاروق الأول ملك مصر والسودان في 23 يوليو1952 أفاده في 10 ديسمبر 1952 بــ” أن مصر لا تستطيع أن تبقي مُحايدة ولا تنوي ذلك , وأنه بالنسبة للحرب الباردة فإنها تنتمي للغرب ” , وبالإضافة إلي ذلك أعرب اللواء نجيب عن رغبته ليس فقط في الحصول علي معونة عسكرية أمريكية بل وفي وجود بعثة عسكرية مثلما هي في تركيا , وظل البريطانيين بالرغم من تأثير قوي وضاغط لمفاوضاتهم مع مصر يعملون مع الأمريكيين لتحقق نظام دفاعي عن الشرق الأوسط والذي رآه كلاهما مفيداً علي صعيدين الأول بريطاني وهو إيقاف تقلص التواجد العسكري البريطاني في الشرق الأوسط والثاني عام وهو القدر من الإمكانية المتاحة للدمج بين منظمة (أو قيادة) الدفاع عن الشرق الأوسط وبين حلف شمال الأطلنطي مع منح دور للدول العربية المتحمسة لممارسة دور المتعهد أو المقاول العسكري , ولهذا وافقت إدارة الرئيس ايزنهاور في 9 مارس 1953 علي الصفقة الكاملة التي تقدم بها رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن لتسوية المسألة المصرية والتي تضمنت : (1) الإحتفاظ بقاعدة قناة السويس في وقت السلم بحيث يُعاد تشغيلها فوراً في وقت الحرب و(2) ترتيب الدفاع الجوي عن مصر و(3) إنسحاب مرحلي للقوات البريطانية المسلحة من الأراضي المصرية و(4) إشتراك مصر في منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط و(5) برنامج للمساعدات العسكرية والإقتصادية لمصر , ولم يوافق مجلس قيادة (الثورة المصري) علي هذه المقترحات ورفض تدخل الولايات المتحدة بأكثر من بذل المساعي الحميدة وكانت المقترحات البريطانية المُشار إليها تحظي بقبول أمريكي .*( منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط :مُقترح لإقامة ناتو عربي – إسرائيلي . المركز الديموقراطي العربي في 22 مارس2017)

– إن الولايات المتحدة لا تتعامل الآن مع المؤسسات العسكرية العربية بواسطة الملاحق العسكريين الملحقين بالسفارات الأمريكية في الشرق الأوسط وخارجه علي قدر غطرسة معظمهم  بل بواسطة مسؤلي القيادة العسكرية المركزية الأمريكية مباشرة في المسائل ذات الأولوية والتي لها علاقة بأمن الكيان الصهيوني , وبالطبع هناك إختلافات وظيفية وتنظيمية بين الملاحق العسكريين وبين مسؤلي القيادة العسكرية المركزية الأمريكية التي تصمم العلاقات البينية للمؤسسات العسكرية الشرق أوسطية مع الكيان الصهيوني والمؤسسة العسكرية الأمريكية (البنتاجون والقيادة العسكرية المركزية الأمريكية) وهي العلاقات التي تتضمن فيما تتضمنه الدورات التدريبية والتمرينات العسكرية المشتركة والمهام ذات الصلة بالدفاع عن وحماية النطاق الأمني الصهيوني وهو ممتد كما قال ذات مرة أريل شارون رئيس وزراء الكيان من باكستان وافغانستان وحتي مصر والسودان وما وراءهما فالمهمة الأولي للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية كما أثبتتها وتثبتها حـــرب غـــزة هي حـمـايـة وصـــيــانــة أمــن الكـيـان الـصهـيوني كما تشير لذلك وثائق الأمن القومي الأمريكي السنوية ومذكرات التفاهم الإستراتيجي الصهيونية مع الولايات المتحدة المستوحاة من الروح التوراتية الصهيونية أمـا المهمة الثانية للقيادة المركزية الأمريكية – وهي جديرة بالتتبع – فهي تــطـــبــيــع العلاقات العسكرية بين العسكريات الشرق أوسطية والكيان الصهيوني والتي أطارها الحاكم المهمة الأولي وقد جرت حـــرب غـــزة والقيادة العسكرية المركزية الأمريكية تؤدي هاتين المهمتين واللتين أُضيف إليهما مــهــمة ثالثة تتمحور في بناء تـحــالف عـــسكري شرق أوسطي للإنقضاض في توقيت ملائم علي إيران ومواجهة وإجهاض الحركات الـــمــــســلـحــة كــحـــمــاس والجهاد الإسلامي أوالتي علي غــرارهما في المستقبل بإعتبارها العدو الطبيعي لقوي الإعــتــدال في الشرق الأوسط بما فيها الكيان الصهيوني !!! .

– إن تكوين تحالف الشرق الأوسط سيعمل علي إدماج  الكيان الصهيوني في جغرافيا الشرق الأوسط بعد أن زُيف تاريخه من أجلها , ومثلما كانت هناك محاولة صهيونية ناجحة في إلحاق إسرائيل بجغرافيا البحر المتوسط كما فعلت فرنسا ذلك عند إنشاءها ” للإتحاد من أجل المتوسط ” Union pour la Méditerranée الذي قبلت مصر والأردن الإنضمام إليه إليه علي ماهو عليه فيما رفضته الجزائر وليبيا  لذلك فالمحاولة الأمريكية المُحتملة لإقامة تحالف الشرق الأوسط لمواجهة إيران والإرهاب ستؤدي بحكم إلحاق الكيان الصهيوني في هذا التحالف علي إدماج أكثر للهذا الكيان في الترتيبات العسكرية والأمنية مع دول عربية بدون إرتباط مع تــســويــة مــا  لما يعتقد البعض أنه تبقي من التسوية السلمية للقضية الفلسطينية , بل وسيكون ذلك علي حسابها , ولا يمكن إفتراض إن هذا التحالف سوف يكون بعيداً عن التطبيقات الإستراتيجية لحلف شمال الأطلنطي فمنذ سقوط الأتحاد السوفيتي عام 1991 وإنحلال حلف وارسو تعرضت المصطلحات الجيوسياسية للتعديل والتطوير بل والإستزراع التعسفي , ومثال علي ذلك ما قاله Maurizio Massari المبعوث الإيطالي الخاص للشرق الأوسط في تصريح للصحافة الإماراتية بمناسبة جولته التي شملت دول الخليج العربي العربية المتحدة التي بدأت في 10 أبريل 2012 وأستغرقت 6 أيام , عندما أشار إلي أن مفهوم البحر المتوسط لا يشمل فقط الدول الواقعة إلي الجنوب منه أي دول شمال أفريقيا بل أيضاً دول الصحراء الكبري ليكون البحر المتوسط الأكبر Greater Mediterranean Region , وبالتالي فإن دخول دول عربية في هذا التحالف  الشرق أوسطي المُحتمل ينطوي علي قضاء مبرم – وإن بصفة غير مباشرة – علي أية ترتبات أو إتفاقات عسكرية وأمنية عربية علي إفتراض صلاحيتها أو ديمومتها .

الـــــــــــــــــــــــــســــــــــفــيـــر : بـــــــــــــــــلال الــــمــــــصــــري : –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــقـــاهـــرة / تـحـريـراً في 27 يناير 2025

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى