الدراسات البحثيةالعلاقات الدوليةالنظم السياسي

تطور العلاقات الروسية – التركية “2016 – 2000”

 

اعداد الباحثة : فتحية محى الدين طه احمد – المركز الديمقراطي العربي 

اشراف : أ.د. نورهان الشيخ

 

 

مقدمة :

تمتلك العلاقات التركية-الروسية سجلاًّ حافلاً, منذ أن خاضت الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية قرابة 17 حربًا بين عامي 1568 و1917, فقد عرفت العلاقات التركية-الروسية خلال القرون الأربعة الماضية حروبًا ونزاعات وتوترات كبيرة. وقد نشأ عداء كبير بين تركيا العثمانية وروسيا القيصرية بسبب الصراع على النفوذ، صراع عمَقه تجاورهما الجغرافي، معطوفًا على التاريخ والثقافة والسياسة. روسيا التي كانت ترى في نفسها “روما الثالثة” وكان يراودها حلم استعادة أمجاد الماضي البيزنطي، لم تكن لتنسى أن العثمانيين هم من انتزعوا القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية الأرثوذكسية “روما الثانية” في العام 1453 لذلك كان عداؤهم لتركيا العثمانية تحرِكه أطماع إمبراطورية وتغذيه نوازع دينية.  إلى أن ورثت كل من روسيا الاتحادية والجمهورية التركية العلاقات التاريخية بخلافاتها وتقارباتها .فمع نهاية الحرب العالمية الثانية شهدت علاقة تركيا بروسيا نوعًا من الاستقرار مع قيام نظام جديد في روسيا عقب الثورة البلشفية 1917 ونهاية الخلافة العثمانية وقيام الجمهورية التركية في 1923 بزعامة مصطفى كمال أتاتورك، وإن عادت العلاقات متوترة خلال الحرب العالمية الثانية، بسبب ما رأت روسيا فيه تقاربًا تركيًّا اقتصاديًّا سياسيًّا مع ألمانيا النازية.[1]

وتعمَق التباعد مع انضمام تركيا إلى الحلف الأطلسي “الناتو” في 1952، والذي كان بمثابة تخندقًا في المعسكر المقابل للسوفيت الذين كانوا يقودون حلف وارسو، في إطار الحرب الباردة. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي تباينت المواقف التركية والروسية بشأن قضايا إقليمية كثيرة على غرار مسألة إقليم ناغورنو كاراباخ والمسألة الجورجية والتقارب الروسي-الإيراني المثير لقلق أنقرة.ومع مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سُدَّة الحكم في 2002 وانتهاجه لسياسة تصفير المشكلات مع دول الجوار ومن ضمنها الدول المطلة على البحر الأسود كروسيا طرأ تحسن ملحوظ على العلاقات الثنائية , ورغم وجود عدد من الخلافات الرئيسية بين الدولتين اللتين تعدان قوتين مؤثرتين بحكم التاريخ والجغرافيا والنفوذ والانخراط في الشؤون الدولية، إلا أن العلاقات بدأت تتخذ طابعًا تقاربيًّا أكثر فأكثر منذ 2004 حيث بدأ البعد الاقتصادي وتحديدًا في مجال الطاقة يلعب دورًا مهمًّا في التأسيس لعلاقات استراتيجية تقود لتقارب سياسي.

ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا بشكل لافت نجحت فيه بالتغطية على الخلافات السياسية، وتحولت روسيا إلى أهم شريك تجاري لتركيا، متجاوزة في 2008 بذلك ألمانيا، لاسيما في قطاع الطاقة. من جهة أخرى، احتلت السوق الروسية المرتبة الثالثة بالنسبة للصادرات التركية، وكان من المتوقع أن يصل حجم المعاملات الاقتصادية بين البلدين إلى 100 مليار دولار في العام الجاري 2015. وكان هناك توجه من الطرفين وتفاهم يتعلق ببناء أنبوب لنقل الغاز يمر عبر تركيا، بيد أن تركيا تراجعت في العام 2000 عن المضي في هذا المشروع والانضمام للتعاون مع الغرب في مشروع نباكو الذي جرى إقراره من أجل نقل الطاقة من القوقاز إلى أوروبا عبر التراب التركي، محاذيًا لروسيا ثم إيران. وقد ردت روسيا بمشروع أنبوب الجنوب، الذي ينقل الغاز لأوروبا عبر البحر الأسود.[2]

فقد التزمت تركيا الحياد قدر الإمكان عندما قامت القوات الروسية باجتياح جورجيا في 2008, كما لم تقم بالمشاركة في العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية التي بدأت في نهاية 2013 ولا تزال مستمرة إلى الآن. وتقف بعض الملفات حجر عثرة أمام تقدم استثنائي في العلاقات، منها ما هو مرتبط بتحالفات البلدين مثل تحالف تركيا مع الناتو ومع الولايات المتحدة وتحالف روسيا مع إيران والنظام السوري, ومنها ما هو متعلق بمواقف البلدين من القضايا التي تمس الطرف الآخر مثل الدعم الروسي لليونان فيما يتعلق بالمشكلة القبرصية, والموقف الروسي من العلاقات التركية-الأرمينية, وكذلك الموقف التركي من الشيشان أو من الأزمات الحديثة في سوريا وأوكرانيا.

المشكلة البحثية:

وتتمثل المشكلة البحثية فى بحث ودراسة العوامل المؤثرة على شكل العلاقات بين البلدين . حيث إنّ طبيعة العلاقات التركية الروسية يغلب عليها الطابع المميز لمسار العلاقات الدولية، ذلك المسار الذي يتراوح ما بين التقارب والتباعد على مدار التاريخ، وإن رجحت كفة أحدهما على الآخر لتصبح الطابع الغالب في مسار علاقات البلدين، فتارة تكون الطبيعة التقاربية هي السمة الغالبة لعلاقات البلدين، وتارة أخرى تكون الطبيعة الصراعية هي السمة المميزة لهما، في حين تظل السمتان على مستوى متقارب وهو ما ينطبق على مسار العلاقات التركية الروسية، فإذا كان صحيحًا أن الطرفين يحرصان على تنمية علاقاتهما والحفاظ على مستوى معين من التقارب حماية لمصالحهما المتبادلة . فعلى مدار التاريخ الطويل للدولتين مرت علاقاتهما بموجات من الصعود والهبوط ارتباطًا بتوجهات القيادة السياسية في الدولتين من ناحية، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى، وبطبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما من ناحية ثالثة، فيذكر أن هناك ميراثًا تاريخيًّا من الخلافات بين البلدين، منها: الخلافات حول المرور في مضيق البوسفور، والتّنافس على نقل بترول آسيا الوسطى، والموقف من قضية النزاع حول منطقة “ناغورنو كاراباخ”، بين أذربيجان وأرمينيا، والقضية القبرصية، والدعم الروسي لليونان، ومشكلة الشيشان والموقف التركي منها.

واليوم تمر العلاقات بين الجانبين بمرحلة تغيير واضحة الملامح، قد تظهر آثارها تباعًا لخلق صيغة عصرية لإدارة هذه العلاقة التي ربما تكون علاقة واعدة وجاذبة لعلاقات تعاونية أخرى في تلك المنطقة التي يسودها حراك جاهز لأخذ أي اتجاه . ومن جهة أخرى، يرى كل منهما في الآخر مستقبلاً مهمًّا في إطار الشراكة الاقتصادية وحتى في مجالات التعاون العسكري, ويتمثل السؤال البحثى هنا: ما مدى تاثير التغيرات المتلاحقة فى النظام العالمى على العلاقات الروسية التركية ؟

و ينبثق من هذا السؤال عدد من الاسئلة البحثية التى نسعى فى الدراسة للاجابة عليها, وتتمثل فى:

  1. ما هى محددات العلاقات الروسية التركية ؟
  2. ما هى الدوافع التى قادت العلاقات الروسية التركية الى هذا التقارب ؟
  3. ما تاثير التدخل الامريكى الغربى بدول الاتحاد السوفيتى السابق ؟
  4. ما اثر الاحداث المتلاحقة فى الشرق الاوسط على العلاقة بين البلدين ؟
  5. ما هى تداعيات ازمة الطائرة الروسية على علاقات البلدين ؟ وما هى سيناريوهات الازمة المتوقعة ؟

اهمية الدراسة:

  1. الاهمية العلميه:

تكمن فى تحليل ودراسة ابعاد صعود وهبوط العلاقات الروسية التركية وسياسات البلدين وتقاطعاتهما وافتراقاتهما, لان العلاقات الدولية بشكل عام لا تسير فى خط مستقيم, ودراسة كيفية تاثير هذا التطور الايجابى او السلبى على طبيعة العلاقات الثنائية وتاثيره على التفاعلات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. تأتي هذه الدراسة لتكشف عن مسار العلاقات الروسية التركية في ضوء الخبرة السابقة والتحولات والتغيرات الحادثة على المستوى الدولي بصفة عامة وعلى المستوى الإقليمي على وجه التحديد، حيث تمر العلاقات بين الجانبين اليوم بمرحلة تغيير واضحة الملامح، قد تظهر آثارها تباعًا لخلق صيغة عصرية لإدارة هذه العلاقة التي ربما تكون علاقة واعدة وجاذبة لعلاقات تعاونية أخرى في تلك المنطقة التي يسودها حراك جاهز لأخذ أي اتجاه. وكذلك دراسة قضايا الخلاف السياسية بين البلدين و خاصة ازمة الطائرة وقراءة حول مواقفهما تجاهها ومستقبل العلاقات الاقتصادية, بالاضافة الى الموقف الدولى تجاه هذه الازمات.

  1. الاهميه النظرية:

تعد هذه الدراسة لبنة تضاف الى المكتبة العربية نتيجة لاهمية هاتان الدولتين واهمية موقعهما واهمية دراسة العلاقة بينهما. حبث تعتبر تركيا قوة اقليمية صاعدة ذات ثقل ديمغرافىوما تتميزبه من موقع استراتيجى, كما تعتبر روسيا على وجه الخصوص دولة كبرى ودورها فاعل فى النظام الدولى . وحيث تركز الدراسة بشكل اكثر تفصيلا على ابعاد العلاقة ومساحتها الجيوسياسية وعمقها التاريخى ومستقبل البلدين .

نطاق الدراسة:

  1. النطاق الزمنى:

– بداية الدراسة وهى عام 2000 حيث يشير الى بداية تولى الرئيس بوتين الحكم فى روسيا و ما تلا ذلك من تقدم شهدته روسيا فى كافة المجالات وعلى كافة الاصعدة .

– نهاية الدراسة هى عام 2015 وهو ما ضمن الدراسة ان تكون اكثر حداثة لان الازمات التى تركز عليها الدراسة لها تاثير كبير فى مستقبل العلاقات بين البلدين, بما يحدث الكثير من التغيرات و التطورات بين البلدين .

  1. النطاق المكانى:

يتمثل اختيار الدراسة لتكون عن روسيا وتركيا لما لهم من اهمية الان على الصعيد الاقليمى و العالمى, فروسيا باعتبارها دولة عظمى واصرارها منذ تولى الرئيس بوتن الى استعادة مكانتها فى النظام الدولى واستعادة قوتها فى الداخل والخارج, و تركيا كقوة اقليمية صاعدة . بالاضافة لزيادة العلاقات التعاونية بينهم وقضايا الخلاف, وخاصة لاشتداد الازمات والصدامات بين البلدين فى القضايا الحالية.

الادبيات السابقة:

و سوف نتتبع الادبيات و الدراسات السابقة التى اهتمت بدراسة العلاقات التركية الروسية . ومنها:

  1. معمر فيصل خولى, العلاقات التركية الروسية: من ارث الماضى الى آفاق المستقبل:

وتنبع أهمية الكتاب من أنّه يتناول بالبحث المعمق العلاقات التركية – الروسية في صعودها وهبوطها، وسياسات البلدين وتقاطعاتهما وافتراقاتهما. وقسم الباحث دراسته في هذا الكتاب إلى ثلاث مراحل؛ مرحلة تأسيس الشراكة في العلاقات التركية – الروسية بين عامى 2002و2004، ومرحلة الشراكة المادية الملموسة في الفترة بين 2004و2008، والمرحلة الأخيرة هي مرحلة تنوع المصالح في تلك العلاقات للفترة الواقعة بين 2008 و 2012. ويعالج الكتاب فرضية وجود علاقة بين تطوّر العلاقات التركية – الروسية بصورة إيجابية ورغبة البلدين المشتركة في تطويق الخلافات التي تحدث نتيجة التطورات الإقليمية والدولية. وتشتمل الفرضية على متغيّرين رئيسين: المتغيّر المستقلّ، وهو وصول حكومة العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا. والمتغيّر التابع، وهو العلاقات التركية – الروسية.

يرى الباحث أنّه لا مبالغة في القول إنّ طبيعة العلاقات التركية – الروسية تتراوح بين التقارب والتباعد على مدار التاريخ. لكن لطالما اتّسمت هذه العلاقات تاريخيًّا بالعداء. وبحسب ما ورد في الكتاب، وعلى الرغم من العداء التاريخي الذي استمرّ قرونًا عدة بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية، فإنّ روسيا في ظلّ رئاسة فلاديمير بوتين وتركيا في ظلّ حكم رجب طيب أردوغان، تمكنّتا بصورة ملحوظة من تحييد العداء والتوتّر في علاقاتهما الثنائية، واستطاعتا التعاون معًا تعاونًا مثمرًا.[3]

  1. احمد نورى النعيمى, العلاقات التركية الروسية .. دراسة فى الصراع و التعاون:

تتمحور هذه الدراسة حول العلاقات الروسية القيصرية قديما بالدولة العثمانية (والجمهورية التركية فيما بعد ) بين أيدولوجيات الصراع والتعاون المشترك. وقسمت هذه الدراسة إلى اربعة فصول احتوى الفصل الاول: على العلاقات التركية السوفيتية عبر التاريخ ومن خلال السياسة الخارجية العثمانية تجاه روسيا القيصرية مع التأكيد على الجوانب الجغرافية والدينية في العلاقات بينهما., كذلك على موضوع الصراع والتعاون بين تركيا والاتحاد السوفيتي في العهد الاتاتوركي، اما الفصل الثاني: فقد تضمن العوامل المؤثرة في العلاقات التركية السوفيتية الذي احتوى الموقع الجغرافي التركي والمضايق التركية واعتبارات الانتماء التركي إلى حلف شمال الاطلسي والحركات اليسارية التركية. اما الفصل الثالث: فقد احتوى على دراسة السياسة الخارجية التركية تجاه الاتحاد السوفيتى السابق والذي تضمن سيناريوهات الصراع والتعاون بين تركيا والاتحاد السوفيتى. اما الفصل الرابع: فقد تناول فيه تركيا والجمهوريات الاسلامية في اسيا الوسطى والقوقاز ومن خلال مباحث عدة مع التأكيد على التطورات المعاصرة في سياسة تركيا الخارجية مع هذه الجمهوريات ودول القوقاز ومن خلال علاقتها مع روسيا الاتحادية.[4]

  1. جلال الورغى, الازمة الروسية التركية: محددات التاريخ والجغرافيا والتطلعات لادوار جديدة:

        تقدم هذه الدراسة بشكل مختصر تاريخ العلاقات التركية الروسية , و التطرق الى العداء الكبير بين تركيا العثمانية وروسيا القيصرية بسبب الصراع على النفوذ، والذى عمقه تجاورهما الجغرافي، بالاضافة الى التاريخ والثقافة والسياسة, ثم تطرقت الدراسة الى العلاقات الاقتصادية وكيف نجحت فى التغطية على الخلافات السياسية بين البلدين. كما ناقشت الدراسة كيفية تاثير تقلبات الشرق الاوسط على العلاقة بين البلدين, متطرقة فى ذلك الى دراسة الازمة السورية و ازمة اسقاط الطائرة الروسية , وتداعياتها على العلاقات بين البلدين .[5]

  1. عامر على راضى العلاق, ملامح جديدة فى العلاقات التركية-الروسية:

        تأتي أهمية هذه الدراسة كونها اظهرت ملامح وافـاق جديـده وكشـفت مـدى التغييـر الـذي حصـل فـي العلاقـات التركيـة- الروسـية قياسـا عمـا كانـت عليـه مـن قبـل وهـي فـي كـل الاحـوال علاقـه ذات ابعـاد اسـتراتيجية لكلـى الطرفين وتاكيد اهميتهما الاقليمية والدولية وخاصة اتجاه اوربا.

وتحاول هذه الدراسة إثبات أن التطور الحادث في علاقـات روسـيا وتركيـا هـي حركـة غيـر مسـبوقة بينهمـا وهـي محاولـة جـادة لإعـادة صـياغة العلاقـات علـى أسـس مـن التفاهمـات ذات الأبعـاد الاسـتراتيجية المتكافئـة وبآفاق واسعة من شأنها تعزيز الثقة بين الطرفين وتبديد الهواجس وتحويل بعـض المفاصـل مـن نقـاط اخـتلاف إلى نقاط تعاون والذي قد يتطلب بعـض التنـازلات لخلـق واقـع جديـد، ومـن جهـه اخـرى تاكـد تركيـا اهميتهـا بعـد دخولها في هكذا علاقات والتي قد تعزز مكانتها وانتزاع التايد الاوربي لها تدريجيا.[6]

  1. احمد دياب, ابعاد الصراع التركى_الروسى وتداعياته:

وتتناول هذه الدراسة تاريخ العلاقات الروسية التركية بشكل مختصر وتناقش التطورات التى طرأت على هذه العلاقات, وتطرقت الدراسة الى الحديث عن مواقف البلدين اتجاه عدد من القضايا ومن اهمها الازمة السورية, وازمة الطائرة الروسية, وناقشت رد الفعل الروسى اتجاه هذه الازمات . كما ناقشت الدراسة ردود الافعال الاطلسية على حادثة اسقاط الطائرة الروسية لتبين موقف الناتو المعقد اتجاه هذه الازمة.[7]

المنهج :

       تعتمد هذه الدراسة على منهج المصلحة الوطنية, حيث يعتبر هذا المنهج أن الهدف الأساسي للدولة هو تحقيق المصلحة الوطنية. وعلى هذا الأساس فإن أنصار هذا المنهج يركزون في دراسة العلاقات الدولية على كل ما يتعلق بالمصلحة الوطنية ويعتبرون أن المصلحة الوطنية تتضمن الاستمرارية في العلاقات الدولية بمفهوم المصالح.

أهم ما يؤخذ على المنهج:

  1. يعتبر هذا المنهج أن السلوك الخارجي للدولة رشيد دائما مع العلم بأن السلوك الدولي ليس دائما بهذه الحالة.
  2. أن هذا المنهج يفسر العلاقات الدولية وفقا لعامل واحد هو عامل المصلحة الوطنية، ويتناسى عوامل أخرى كالأيديولوجية أو البيئة السياسية. أيا كان الأمر فإن هذا المنهج من المناهج الهامة في دراسات العلاقات الدولية لا سيما إذا عضد بمناهج أخرى مساعدة.

وقد اعتمدت الدراسة على منهج المصلحة الوطنية من خلال دوافع كل من روسيا وتركيا لتغيير علاقتهما السياسية , وذلك على الرغم من المصالح المشتركة التى تجمع البلدين سواء على المستوى السياسى او الاقتصادى او العسكرى او الاجتماعى او الامنى. ولكن ستوضح الدراسة من خلال استخدام منهج المصلحة الوطنية ان كلا البلدين ستتجه الى تغيير سياستها اتجاه الاخرى طبقا لتغيير الظروف الداخلية والخارجية, وطبقا لما تراه يخدم مصلحتها ويجلب لها النفع .وان بالرغم من الازمات التى مرت بها العلاقات مثل الخلافات حول المرور في مضيق البوسفور، والتّنافس على نقل بترول آسيا الوسطى، والموقف من قضية النزاع حول منطقة “ناغورنو كاراباخ”، بين أذربيجان وأرمينيا، والقضية القبرصية، والدعم الروسي لليونان، ومشكلة الشيشان والموقف التركي منها, وغيرها من الازمات الحديثة الا ان البلدين حافطت على استمرار العلاقات فيما بينهم بسبب تعدد المصالح المشتركة فى المجالات المختلفة.

الاطار النظرى:

  1. النظرية:

يعتمد الاطار النظرى بهذه الدراسة على مقولات النظرية الواقعية التقليدية, وهى تعتبر اكثر النظريات اتصالا بالواقع الدولى وتعبيرا عن اوضاعه, وان الطبيعة البشرية خيره اساسا وقادرة على التعاون , وان هناك تناسق بين المصالح القومية ولهذا جاءت المدرسة الواقعية لتحلل ما هو قائم بالفعل فى العلاقات الدولية وتحديدا سياسة القوة والحرب والنزاعات . ولم تهدف كما فعلت المثالية الى تقديم مقترحات وافكار حول ما يجب ان تكون عليه العلاقات الدولية. وتعتبر هذه المدرسة الدولة القومية هى الفاعل الاساسى والوحيد فى العلاقات الدولية, اما ما دون الدول من الفاعلين قد اعطتهم اهمية ثانوية ,لان مادام العالم مكون من مجموعة من الدول وتلك الدول تتفاعل, لذلك الدول هى الفاعل الاساسى والوحيد فى العلاقات الدولية حتى يتحول العالم الى مجتمعات متفاعلة وليست حكومات متفاعلة, وهذه الدول هى فاعل عاقل ورشيد قادرة على اتخذ القرارات التى تخدم مصالحها, ولا توجد سلطة اعلى من سلطة الدولة.

كذلك تنظر هذه المدرسة للنظام الدولى بانه نظام فوضوى, تعتمد فيه الدول القومية على قدراتها , فالعالم هو عالم الصراع والحرب وهى اساس العلاقات الدولية ولا توجد سلطة عليا تحمى الامن الدولى ولا توجد دولة عالمية تحكم العالم اجمع, ونتيجة لغياب المؤسسات و الاجراءات لحل النزاعات فى العلاقات الدولية فان كل دولة تعتمد على ذاتها وقوتها الذاتية للحفاظ على امنها كما قد تلجأ الدول للدخول فى تحالفات لدعم قدراتها. كذلك ركزت المدرسة الواقعية على مفهوم المصلحة , وان كل دولة تسعى الى تحقيق مصالحها الخاصة وان هناك تضارب فى المصالح الى درجة تقود الى الحرب, ويمكن تفسير الاستمرار فى السياسات الخارجية للدول رغم تبدل الزعمات السياسية او تغير النمط الايديولوجى المسيطر والقيم السائدة وذلك بسبب وجود مجموعة من المصالح الاساسية لكل دولة تمثل مصالح عليا للدولة وهذه المصالح ثابت وقد تتغير الوسائل لخدمة هذه الغاية فتكون سلمية او حربية ولكن الغاية نفسها لا تتغير واعلى مصلحة لاى دولة هى حفظ البقاء القومى والامن القومى , وتحتل القضايا العسكرية والامنية اهمية كبيرة عند المدرسة الواقعية اكثر من القضايا الاقتصادية . وتمثل القضايا العسكرية والامنية الاستراتيجية السياسية العليا, بينما القضايا الاخرى الاقتصادية والاجتماعية تمثل السياسة الدنيا .[8]

ومن هنا تضح ان النظرية الواقعية تعتبر هى الاساس النظرى لهذه الدراسة فمن ناحية تركز هذه النظرية على مفهوم المصلحة وهو بالفعل المفهوم الاساسى الحاكم لطبيعية العلاقات الروسية التركية و التى يحكمها العديد من المصالح سواء الاقتصادية او الامنية او غيرها . ومن ناحية اخرى تركز النظرية الواقعية على مفهوم القوة الذى لا يعنى القوة العسكرية وانما مدى قدرة كل دولة على ممارسة التاثير على الدول الاخرى وهذا ما تعتمد عليه روسيا بوجه الخصوص فى سياستها الخارجية محاولة بذلك استرجاع مكانتها كقطب عالمى مؤثر فى النظام الدولى ومنافس للولايات المتحدة . و كذلك اتجاه روسيا وتركيا الى حل الازمة السورية والاوكرانية ايضا لابراز الدور البارز لكل منهما على الصعيدين الدولى والاقليمى .

  1. المفاهيم:

مفهوم المصلحة الوطنية:

مفهوم المصلحة القومية او الوطنية هو احدى الركائز الاساسية التى تقوم عليها السياسة الخارجية وعمليات ادارة وتوجيه السياسة الخارجية عادة ما يتم تبريرها فى صيغ تعبر عن المصلحة القومية للدولة وعلى قدر الاختلاف فى المصلحة القومية تتغير اتجاهات السياسة الخارجية, وترجع البدايات الاولى لمفهوم المصلحة العليا للدولة لمفهوم المصلحة العليا فى عصر النهضة الاوروبية فى المدن الايطالية تحديدا , لما كانت هذه المدن تعرف صراعات دامية حول السلطة وتقلبات سياسية متتالية وصراعات بين اجنحة متنافسة من الارستقراطية و بين الارستقراطية والفئات البرجوازية الصاعدة .

والمصلحة القومية هى الحاجات و الرغبات التى تدركها دولة ذات سيادة وعلاقة ذلك بدول اخرى ذات سيادة تشكل المجال الخارجى لهذه الدولة و تتمثل انواع المصالح القومية فى الاتى:

  • المصالح السياسية: تشمل محاولة تحسين قوة دولة ونفوذها فى الخارج وكسب الاصدقاء والحلفاء والشركاء عن طريق التحالف معهم .
  • المصالح الاقتصادية: تشمل السعى لرفع كفاءة الاقتصاد والانتعاش الاقتصادى باستخدام سياسات مصممة خصيصا لتوسيع التجارة والاستثمارات الخارجية, فى نفس الوقت الذى تتم فيه المحافظة على قيمة عملة البلاد فى مقابل العملات الاحنبية .
  • المصالح العسكرية الاستراتيجية: وتشمل السياسات المصممة للدفاع عن حدود البلاد وكيانه و سياساتها ضد اى معتدى او هى الجهود الهادفة الى تحقيق كافة اهداف السياسة الخارجية فى الخارج .
  • المصالح الايديولوجية: وتشمل دعم وتقوية سمعة النظام السياسى والاقتصادى فى الخارج وحماية وتدعيم مجموعة من القيم التى يشترك فيها المواطنون والدولة او مجموعة دول الاعتقاد فى صلاحيتها فى كل العالم .
  • المصالح الثقافية الاجتماعية: وتشمل المحافظة على القيم السياسية للقطر وتقاليده وعاداته وانماط المعيشة والحياه فيه .
  • مصالحة النظام الدولى: وتشمل الحفاظ على نظام دولى سياسى واقتصادى تستطيع الدولة ان تشعر فى اطاره بالامن ويمكن ان يمتد نشاطها التجارى خارج النطاق الجغرافى للدولة بحرية.[9]

مفهوم التعاون الاستراتيجى:

التعاون الاستراتيجى تعبير غير محدد فتعريفاته متنوعة جدا والسبب فى ذلك هو حداثة الظاهرة من جانب وانعكاساتها على المشهد الذى تتميز به الوضعية الاقتصادية من جهة اخرى واختلف الكثير فى تعريف التحالف او التعاون الاستراتيجى وارتباطه بالتكامل الاقتصادى . ويعرف التحالف الاستراتيجى بانه سمة دولة او اكثر نحو تكوين علاقة تعاونية تبادلية بهدف الاستفادة من الموارد المشتركة . ويقصد بالتحالف الاستراتيجى احلال التعاون محل المنافسة التى قد تؤدى الى خروج احد الاطراف من السوق, اذا التحالف الاستراتيجى يكمن فى روح التعاون ويرتكز على الثقة المتبادلة وتسمح للوصول الى اهداف محددة باتفاق مشترك وهو عبارة عن نمط لعلاقات متينة على الامد الطويل تتجاوز اطار العلاقات التجارية العادية, فالتحالف الاستراتيجى ينطوى على مجموعة واسعة من العلاقات التعاونية التى تنشأ بين المؤسسات المتنافسة فى اقطار مختلفة لتحقيق هدف محدد .

ويختلف التعاون الاستراتيجى فى درجاته وقوته ويعتبر التحالف الاستراتيجى اقوى صورة. ولكى يكون التعاون استراتيجيا لابد ان يتم بالاستمرارية على مدى فترة زمنية طويلة نسبيا, فالتفاهمات المرحلية او الوقتية والصفقات العارضة لا تجد تعاونا استراتيجيل مهما بلغت اهميتها . ويمكن لمصطلح التحالف ان ياخذ عدة معان والفاظ نزكر منها: التعاون- التكاتف- التنسيق- الاشتراك- المرافقة- العمل الجماعى, ولا يكفى التعبير عن اهمية التحالف الا اذا اتسم بالاستراتيجية لان عملية التحالف ليست شيئا عابرا ولا رغبة فى العمل مع الاخرين فقط, بل يمثل التحالف نظرة شمولية ذات ابعاد متعددة تسمح للمؤسسة بادراك الاهداف المنتظرة ادراكا جيدا وتحدد الوسائل الضرورية لتحقيق ذلك . فالتحالف الاستراتيجى هو سند حقيقى للمؤسسات المتحالفة للاستمرار فى النشاط والتوسع مستقبلا . وهناك خصائص للتحالف الاستراتيجى فهو يبدأ من تقارب الثقافات بين المتعاملين ويجب ان يكون متوازنا اى توازن فى السلطة والتحلف الاستراتيجى يختلف حسب نوع العلاقة والمصالح وظروف البيئة المحيطة ولا يوجد تحالف استراتيجى جامد ولكن يتغير باستمرار وفق متغيرات بيئية مستمرة وقد تكون هذه التحالفات ثنائية او متعددة الاطراف كما قد تكون فى فترة زمنية محددة او غير محددة .[10]

سابعا: تقسيم الدراسة:

الفصل الاول: محددات العلاقات الروسية-التركية

  • المبحث الاول : المحددات الداخلية للعلاقات الروسية التركية .
  • المبحث الثانى : المحددات الخارجية للعلاقات الروسية التركية .

الفصل الثانى: قضايا التقارب الروسى التركى

  • المبحث الاول : دوافع التقارب الروسى التركى .
  • المبحث الثانى : مجالات التقارب الروسى التركى .

الفصل الثالث: القضايا الخلافية بين البلدين

  • المبحث الاول : الازمة السورية .
  • المبحث الثانى : الازمة الاوكرانية .

الفصل الرابع: ازمة الطائرة الروسية و تداعياتها

  • المبحث الاول : ازمة الطائرة الروسية .
  • المبحث الثانى : تداعيات الازمة على العلاقات بين البلدين .
  • المبحث الثالث : سيناريوهات ازمة الطائرة .

الفصل الاول

محددات العلاقات الروسية التركية

سيتم فى اطار هذا الفصل بحث و تحليل المحددات و المتغيرات التى تؤثر على شكل و نمط الاعلاقات الروسية التركية, وتتنوع هذه المحددات بين محددات داخلية و اخرى خارجية, بالنسبة للمحددات الداخلية للعلاقات الروسية التركية فانها تتمثل فى : المحدد الجغرافى, والمحدد التاريخى, ودور القيادة , اما المحددات الخارجية للعلاقات بين البلدين فتتمثل فى : المحددات الاقليمية و المحددات الدولية , و تاثير العلاقات الروسية الايرانية و العلاقات التركية الامريكية و تاثيرها على العلاقات الروسية التركية . لهذا سيتم تقسيم هذا الفصل الى مبحثين رئيسيين :

  • المبحث الاول : المحددات الداخلية للعلاقات الروسية التركية .
  • المبحث الثانى : المحددات الخارجية للعلاقات الروسية التركية 
  • المبحث الاول: المحددات الداخلية للعلاقات بين البلدين

سيتم فى هذا المبحث تناول المتغيرات والمحددات الداخلية التى تؤثر على نمط سير العلاقات الروسية التركية . وسوف يتم التركيز على المحدد التاريخى, والمحدد الجغرافى, ودور القيادة .

اولا: المحدد التاريخى :

تميزت العلاقات التركية-الروسية منـذ القـدم بانهـا كانـت تحـت تـاثير قـوي مـن العلاقـات مـع كـل بلـد من البلدان الغربية الرائده-مثل بريطانيا العظمى وألمانيا- اذا كان اللاعبون الدوليون على المسـرح قـد تغيـرت مسمياتهم اليوم فإن بواعث الصراع تظل كما هي دون تغيير. وتعد الثروة والموقع الاسـتراتيجي همـا جناحـا القـوة لأي امبراطورية تطمح في التمـدد والهيمنـة، ففـي القـرن الخـامس عشـر المـيلادي كانـت المنطقـة (آسـيا الوسـطى والقوقـاز ونهـر الفولكـا) محـلا لصـراع طويـل بـين القـوى الكبـرى المهيمنـة فـي ذلـك الوقـت، وهـي الامبراطوريـة العثمانيـــة والامبراطوريـــة القيصـــرية ولـــم ينتصـــف القـــرن الخـــامس عشـــر حتـــى أصـــبح العثمـــانيون والقياصـــرة يخوضان صراعا دموياً للانفــراد والســيطرة علــى المنطقــة واعادة صياغة جغرافيتها و تاريخها كلا حسب مصالحه .[11]

وعنـد الرجـوع إلـى وصـف رئـيس الاتحـاد السـوفيتي الأسـبق غرباتشـوف فـي كتابـه البيروسـتريكا فـي تطرقه لسياق التكـوين التـاريخي للاتحـاد السـوفيتي وعلاقتـه العضـوية، إن التحـدي السياسـي والحـرب المسـتمرة مـن القـرن التاسـع حتـى نهايـة القـرن التاسـع عشـر لم تاتى مـن الغـرب إلا مـرة واحـدة، ولكنـه جـاء دومـا من الشرق الإسـلامي المتمركـز فـي آسـيا الوسـطى، والـذي ظـل يـتحكم فـي مصـائر المنطقـة الروسـية، وأصـبح هـذا الخطـر-الإسـلامي الشـرقي- الشـغل الشـاغل للدولـة الروسـية الناميـة، ويسـتمر الفعـل الروسـي حتــى قيــام ثــورة اكتــوبر ١٩١٧ التــي وضــعت حــدا لقيصــرة روســيا ولتشــيع الأمــن مــن جديــد فــي نمــط مــن التفاعلات والعلاقات السائدة في المنطقة .[12]

لـذلك يمكـن عـد العلاقـات الروسـية التركيـة مـن العلاقـات العريقـة التـي نـاهز عمرهـا خمسـة قـرون، ّ تخللتهـا علاقـات صـراعية وتـوجس كمـا حصـل تعـاون وبالتحديـد عـام ١٤٩٢ حينمـا بعـث إيفـان الثالـث الأميـر الأكبر وحاكم روسيا برسـالة إلـى السـلطان العثمـاني بايزيـد الثـاني تتعلـق بتنظـيم التجـارة البحريـة بـين الجـانبين، أما السفارة الدائمة للامبراطورية الروسية بالقسطنطينية فقد افتتحت عام ١٧٠١ . وأقيمت العلاقات الدبلوماسـية بين تركيا وروسيا السوفيتية في عـام ١٩٢٠ ،واعترفـت تركيـا فـي عـام ١٩٩١ بروسـيا الاتحاديـة كونهـا وارثـة لحقـوق الاتحـاد السـوفيتي، وتـم عقـد مايزيـد علـى 60 معاهـدة بـين روسـيا وتركيـا تخـص التعـاون فـي المجالات المختلفـة، ومـن أهـم الاتفاقيـات التـي عقـدت فـي السـنوات الأخيـرة هـي معاهـدة أسـس العلاقـات فى عـام 1992, وخطة الأعمال الخاصة بتطوير التعاون بـين البلـدين فـي القـارة الأوربيـة عـام ٢٠٠٠, واتفاقيـة التعـاون العســكري عــام ٢٠٠٢, والبيــان السياســي المشــترك حــول تعميــق الصــداقة والشــراكة عــام ٢٠٠٤ ،ثــم الحــوار السياسي على المستوى الاعلى والذي نحن بصدده .[13]

ثانيا: المحدد الجغرافى :

كان الاتحاد السوفيتى يشغل النصف الشرقى من اوروبا والثلث الشمالى من اسيا وبذلك كان يمتد من بحر البلطيق فى الغرب الى المحيط الهادى فى الشرق و فى الجهات الغربية و الجنوبية الغربية كانت تركيا و ايران و افغانستان تشكل دولا مجاورة له , ولكن باستقلال الجمهوريات التى كانت تحت حكم المركز مازالت روسيا الاتحادية تمثل مساحتها 17075200 كم مربع وهى بذلك اكبر دول الاستمرار من حيث المساحة وعدد السكان. وتضم روسيا الاتحادية ثلاثة ارباع ارض التحاد السوفيتى السابق ونصف سكانه, وتمتد الاراضى الروسية فى اسيا من اقصى شرق القارة الاسيوية الى اقصى غربها مواصلة امتدادها فى اوروبا وهى بهذا الامتداد تمثل ما يمكن تسميته بسقف القارة الاسيوية, اذ انها تحتل اقصى الجزء الشمالى منها .[14]

اما الموقع الجغرافى التركى فهى تطل على عدة بحار مثل: البحر الأسود ، والبحر الأبيض المتوسط ، وبحر إيجة ، وبحر مرمرة وتقع تركيا في أسيا الصغرى يحدها من الشرق كل من إيران وأرمينيا ، ومن الغرب بلغاريا واليونان ، ومن الشمال جورجيا وشواطئ البحر الأسود ، ومن الجنوب العراق وسوريا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط. وتبلغ مساحة الأراضي التركية حوالي 578ر814 كلم مربع. تتضح الاهمية الجغرافية للدولة التركية حيث تتوسطّ الدولة التركية قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، وقد منحها هذا الموقع منذ القدم قدرة على التفاعل الحيوي في المحيط الإقليمي بحيث تؤثّر وتتأثر بالعناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافيّة القائمة على تخومها. تقع في قلب المجال الجغرافي المصطلح على تسميته “أوراسيا” وهي بذلك تعتبر المنطقة الوسطيّة المتحكّمة في منطقة “قلب العالم الأمر الذي يؤهلها لأن تكون دولة محوريّة أو حاسمة في المجال الجيوسياسي . وهي دولة قارّية وبحرية في نفس الوقت وتحدّها ثماني دول ما يتيح لها اختيار سياسات أو تحالفات أو إقامة تجمّعات في ظل كون تركيا دولة محورية في مجالها الجغرافي.كما تحدّها المياه من ثلاث جهات تسيطر على ممرّين مائيين مهمين مما يعطيها القدرة على التحكّم.[15]

قديما كانت الحدود الاكثر تهديدا بصورة محتملة هى تلك الحدود التركية مع بلغاريا والاتحاد السوفيتى , فنجد ان الاقليم الحدودى الاغريقى التركى قد سبب كثيرا من المتاعب للمخططين الاستراتيجين لحلف شمال الاطلسى. وترجع اهمية الموقع الجغرافى التركى بسبب المضايق التركية التى تتمثل فى البسفور فى الشمال الشرقى, والدردنيل الواقع فى الجنوب الغربى, ويتوسطها بحر مرمرة . حيث ان المضايق التركية كانت لها اهميتها الاستراتيجية للاتحاد السوفيتى فضلا عن اهميتها الاقتصادية لان الف ومائة ميل من شواطئ البحر الاسود تكون حدود الاتحاد السوفيتى من ناحية الجنوب . كما طرأ بعض التغيرات على المضايق التركية, و ذلك حينما تمكن السوفيت و لاول مرة فى عام 1774 من الوصول اليها بموجب معاهدة كوجك كنارجى, وبذلك كسر السوفيت الطوق على الشواطئ الشمالية للبحر الاسود الذى كان محتكرا من قبل تركيا. ولكن حدثت تغيرات فى مسألة المضايق بعد الحرب العالمية الاولى , حيث تم وضع المضايق تحت اشراف دولى. كما تحاول روسيا منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي الاستفادة من الموقع الجغرافي لتركيا التي باتت ممرًّا إجباريًّا لموسكو نحو المياه الدافئة، وطريقًا بريًّا لصادرات روسيا لدول الشرق الأوسط وأوروبا على وجه الخصوص، لاسيما من الغاز الطبيعي؛ حيث إن نحو 50 بالمائة من تجارة روسيا الخارجية تمر عبر المضايق التركية. ليس من مبالغة القول إن طبيعة الموقع الجغرافي لتركيا هي التي حددت عبر التاريخ شكل ومسار علاقاتها مع دول الجوار، وهو ما ينطبق بصورة جلية على العلاقات التركية الروسية التي شهدت خطوات للتقارب وأخرى للتباعد طبقًا لتضارب المصالح والرؤى بينهما. فإذا كان صحيحًا أن العلاقات بين البلدين من الأهمية بمكان أن يحرص الطرفان على تنميتها والحفاظ عليها .[16]

ثالثا: رؤية القيادة :

بالنسبة الى رؤية الرئيس الروسى فلادمير بوتين لواضح فقد كرس قدرًا ملحوظًا من اهتمامه لصياغة اتجاه جديد وقوي للسياسة الخارجية الروسية، تحاول استعادة المكانة التي كان يتبوأها الاتحاد السوڤييتي السابق في مرحلة الحرب الباردة، مع إحداث بعض التغييرات الجوهرية بحيث تتفق مع الوضع الجديد؛ ليمكِّنها من تحقيق طموحاتها في عصر العولمة وحرية الأسواق. ولهذا فقد اعتمدت روسيا الاتحادية في سياستها الخارجية عدة دوائر تعتمد على مراحل نموها ومدى استقرارها السياسي والاقتصادي. وفي كل هذه الدوائر كان الهدف الأسمى هو تحقيق الإستراتيجية الأمنية على المدى البعيد.كذلك إضفاء الطابع القومي على السياسة الخارجية الروسية، والتأكيد على ضرورة استرداد روسيا المكانة التي افتقدتها منذ قيامها، وإنهاء الانفراد الأمريكي بموقع القمة. وحسب رؤية القيادة الروسية، فيجب إتباع خطة إستراتيچية وعقلانية لتحقيق ذلك تمثلت فى:

  • السعي إلى علاقات متميزة وتعاون إستراتيچي مع أصدقاء الاتحاد السوڤييتي السابقين، لا سيما الهند وإيران والصين.
  • الاتفاق مع دول الجوار الإقليمي حول كيفية إقرار السلام والاستقرار في المنطقة.
  • الواقعية في التفكير، وزيادة التعاون وتعزيز العلاقات مع كومنولث الدول المستقلة.
  • السعي إلى تعزيز النفوذ الروسي في الفضاء السياسي للاتحاد السوڤييتي السابق.
  • منع انتشار الصراعات السياسية والعسكرية المؤدية لعدم الاستقرار بآسيا الوسطى.
  • تعزيز الديمقراطية في روسيا.

وكان من أهم الخطوات التي اتخذها لتقوية سياسة بلاده الخارجية في مواجهة القوى العالمية الكبرى الأخرى اندماج روسيا في العديد من نشاطات السياسة الخارجية مثل مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، ومنتدى آسيا- باسيفيك للتعاون الاقتصادي، ورابطة الأمم لجنوب شرق آسيا، ومؤتمرات القمة الروسية مع الاتحاد الأوروبي, وغيرها.[17]

والشرق الأوسط يمثل حزامًا غير محكم الأطراف يحيط بجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز اللتين تعتبرهما روسيا مجالاً حيويًّا لها، وتُسخِّر كل إمكاناتها لمنع أي تعدٍّ يهدد تلك المناطق. لذا كان اهتمام موسكو منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بشكل خاص بكلٍّ من تركيا وإيران؛ ذلك لأنهما أكثر دولتين في الشرق الأوسط رغبةً في النفاذ إلى هاتين المنطقتين، ومحاولة اختراقهما والسيطرة عليهما؛ وهذا نظرًا لوجود نوع من الارتباط الديني أو العرقي أو اللغوي الذي بين هاتين الدولتين وبين الشعوب القوقازية وفي آسيا الوسطى .كذلك حاولت روسيا الاستفادة من الموقع الجيوسياسي الإيراني لمواجهة التغلغل التركي .[18]

فى حين بذلت تركيا جهداً هائلاً في إصلاح علاقاتها مع جيرانها.فقد شهدت السنوات الأخيرة تزايد ظهور الدور التركي والاهتمام به في غالبية القضايا المحورية في الشرق الأوسط ولاسيما بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في 2002 وإعلانه تدشين سياسة تركية جديدة تجاه المنطقة قوامها تأكيد حضور تركيا ومكانتها كقوة مركزية للاستقرار وطرف فاعل في معالجة مختلف القضايا والصراعات في المنطقة. كذلك التأكيد على تبنيهم رؤية مختلفة نوعيًّا لسياسة تركيا وعلاقاتها الخارجية في الدوائر المختلفة، وبخاصة في الدائرة الشرق الأوسطية. وعزز من هذا الاهتمام ما شهدته عناصر القوة التركية من تطورات إيجابية خلال هذه الفترة، ولاسيما في أبعادها الاقتصادية. وصاحب ذلك زيادة حضور الدور التركي ونشاطه في العديد من القضايا المحورية في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالقضية العراقية، أو الصراع العربي-الإسرائيلي بمساراته المتعددة، أو أزمة البرنامج النووي الإيراني، أو طرح تركيا كنموذج في قضايا الإصلاح في المنطقة بأبعاده المختلفة، وغيرها من القضايا. وفي مقابل ذلك، فقد تبنت حكومة العدالة والتنمية سياسة متعددة الأبعاد ترى تكاملًا لا تعارضًا بين الهويات والتوجهات المتعددة للسياسة التركية، وتتمثل عناصرها الأساسية في:

  • تغليب الحوار السياسي والمبادرات الدبلوماسية في معالجة الأزمات، ورفض سياسات الحصار والعزل، وتشجيع سياسات الانخراط الإيجابي.
  • الاهتمام بالمدخل الاقتصادي لمعالجة الخلافات، وتعزيز الاعتماد المتبادل بين اقتصادات المنطقة.
  • ضرورة الحفاظ على وحدة الكيانات القائمة وطابعها المتعدد في إطار تعزيز التعايش الثقافي
  • أهمية التنسيق الأمني ورفض سياسات المحاور وتأكيد مفهوم الأمن للجميع، مع عدم استبعاد إمكانية استخدام القوة العسكرية، لكن في إطار التوظيف الذكي لعناصر القوة التركية.
  • ضرورة تنشيط الدور التركي في المنطقة بما يتجاوز حدودها المباشرة.[19]

المبحث الثانى: المحددات الخارجية للعلاقات الروسية التركية

سيتم فى اطار هذا المبحث بحث وتحليل المحددات الخارجيةالتىتؤثر على نمط العلاقات الروسية التركية, و هذه المحددات تنبع من البيئة الخارجية المحيطة بكل من روسيا وتركيا سواء كانت اقليمية او دولية , و تتمثل المحددات الاقليمية فى تلك الدول التى تؤثر فى شكل ونمط العلاقات بين البلدين , اما المحددات الخارجية فتتمثل فى طبيعة النظام الدولى و اثره على علاقات البلدين سواء العلاقات الروسية الايرانية او العلاقات التركية الامريكية و تاثيرها على علاقات البلدين .

و لهذا سوف يتم تقسيم المحددات الخارجية للعلاقات بين البلدين الى قسمين هما : المحددات الاقليمية, والمحددات الدولية .

اولا: المحددات الاقليمية للعلاقات الروسية التركية:

وسيتم التركيز على نقطة رئيسية وهى منطقة اسيا الوسطى و القوقاز:

حيث تمثل منطقة القوقاز وآسيا الوسطى مجالًا للتنافس بين روسيا وتركيا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، إلا أن البلدين تمكنا من إيجاد أرضية مشتركة لتطوير الفرص المشتركة، خاصة منذ ولاية الرئيس فلاديمير بوتين الأولى في مارس 2000، وتولي حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان رئاسة الحكومة في عام 2002، حيث اتجهت العلاقات الروسية – التركية نحو مرحلة أكثر واقعية من شأنها أن تركز أساسًا على التعاون بدلًا من الصراع، ولذلك تم توقيع “خطة العمل المشتركة للتعاون في أوراسيا بين البلدين في 16 نوفمبر2001، وهي الوثيقة الرسمية الأولى التي ذكرت بناء “شراكة متعددة الأبعاد” .حيث تمثل هذه المنطقة المجال الحيوى لروسيا ومنطقة نفوذها الاساسية .

تمثل منطقة آسيا الوسطى والقوقاز قلب العالم، وتتاخم حدودها المباشرة عددًا من الدول الكبرى على الصعيدين الدولي والإقليمي؛ فهي تقع جنوب روسيا، وغرب الصين، وشمال أفغانستان، وشمال وشرق إيران، وشرق تركيا. ومن ثم فإن هذه المنطقة مفتاح هام وموطئ قدم استراتيجي لعدد من القوى الدولية والإقليمية، بالاضافة الى الاهمية الاقتصادية التى تتمتع بها المنطقة فى ظل احتوائها على موارد طبيعية وفيرة, واحتياطات كبيرة من مصادر النفط والغاز التى تدفع القوى الدولية والاقليمية الى محاولة السيطرة عليها .[20]

ادى انهيار الاتحاد السوفيتي السابق إلى تراجع النفوذ الروسي عن كثير من مناطق الإرث السوفيتي. وتعتبر آسيا الوسطى إحدى أهم المناطق الاستراتيجية التي بدأ فيها النفوذ الروسي في التراجع مباشرة بعد إعلان استقلالها عن الاتحاد السوفيتي حيث كانت أول من أعلنت عن استقلالها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. الملاحظ أن السياسة الخارجية الروسية تجاه هذه المنطقة لا تزال رهينة الخلفيات التاريخية ذات الارتباط بالموقع الجيوسياسي للمنطقة ومتطلبات الأمن القومي الروسي. فتاريخيا تعتبر منطقة آسيا الوسطى منطقة نفوذ روسـي درجت الأدبيات السياسية على وصفها بالحديقة الخلفية لروسيا. هذه السياسة تركزت على مجابهة تلك التحديات القادمة من الجنوب (حيث الصين والحركات الإسلامية) بالعودة إلى إعادة بعث الدور الروسي في المنطقة على جميع المستويات من خلال استراتيجية بمنظورين، أولهما “أوروبي ـ أطلنطي” والثاني “أوراسي جديد”. فطبقا للمنظور الأول ركزت روسيا على الاندماج مع الحضارة الغربية وتشجيع آسيا الوسطى على السير في ذات الاتجاه مع عدم التدخل النشيط لحماية مصالحها في آسيا الوسطى. ولكن منذ 1999 بدأت روسيا تتحول نحو رؤية أوراسية تركز على التدخل لحماية مصالحها في آسيا الوسطى والقوقاز. لقد شعرت روسيا بعد أحداث سبتمبر أن أمنها القومي يتعرض لتهديدات جدّية بسبب عدم الاستقرار السياسي وتنامي الحركات الانفصالية والإسلامية في وسط آسيا. هذه التحديات دفعت بروسيا إلى الاحتفاظ بقواعد عسكرية في طاجاكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان في إطار التنافس الدولي على عسكرة آسيا الوسطى. وعلى صعيد المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، تعمل روسيا على زيادة التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والمياه مع دول آسيا الوسطى خاصة في إطار مبادرات التكامل والتعاون الإقليميين في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي. أن روسيا تهتم أساسا بحماية مصالحها وعلى رأسها مصير الروس في تلك الدول واستقرار الأمن في تلك المنطقة.[21]

الرغم من أن تركيا ليست لها صلات جغرافية مباشرة مع آسيا الوسطى، إلا أنها بمثابة “الوطن الأم” لشعوب تلك الدول، بحكم تراثها التركي لدرجة أن تركيا لا تطلق على تلك المنطقة مصطلح آسيا الوسطى، وإنما تسميها تركستان تأكيدا لهويتها الثقافية. لقد منحت التطورات الجيوسياسية أنقرة فرصة إعادة توجيه سياستها نحو المنطقة. هذه السياسة الجديدة حظيت بموافقة ودعم الولايات المتحدة. فبعد الفراغ الناجم عن تفكك الاتحاد السوفيتي، بدأ التغلغل التركي في آسيا الوسطى مستندا على صورة تركيا لدى جمهوريات آسيا الوسطى المسلمة (أي النموذج التركي للدولة العلمانية والديمقراطية سياسيا والمتقدمة والمتطورة اقتصاديا والمتفتحة ثقافيا). لقد شكل العنصر الثقافي حجر الزاوية في الاستراتيجية التركية في علاقاتها مع مجموعة الدول الصاعدة في آسيا الوسطى.[22]

لكن التطورات التي حدثت في المنطقة مع وجود عوامل عديدة شكّلت كوابح أمام السياسة التركية. ومن أبرز هذه العوامل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في المنطقة، بالإضافة إلى ضعف الرابطة الثقافية من جراء سياسات العهد القيصري والسوفيتي التي تعرضت لها الهوية الثقافية لشعوب المنطقة. وهو ما أجبر تركيا على اعتماد سياسة جديدة أكثر واقعية تجاه المنطقة وتجاه إمكانيات الدولة التركية نفسها. هذه الواقعية ركزت على الاعتبارات الاقتصادية والطاقة وأصبحت المحور الرئيسي للسياسة التركية تجاه المنطقة ـ والتي لقيت بدورها دعما أميركيا من أجل بناء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى ميناء جيهان التركي عبر خط “باكو ـ جيهان” تفاديا لمروره عبر الأراضي الروسية أو الإيرانية فيما يعرف بحرب الأنابيب. ومع ذلك فإن الاستراتيجية التركية في آسيا الوسطى والمدعومة من الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية تواجه عقبات عديدة من أهمها: ضعف الاقتصاد التركي وقلة الإمكانيات المالية التركية في مواجهة المصاعب الاقتصادية في دول آسيا الوسطى، وتضارب المصالح التركية مع اللاعبين الإقليميين في المنطقة، خاصة إيران وروسيا.[23]

ثانيا: المحددات الدولية للعلاقات الروسية التركية:

سوف يتم تناول العلاقات الروسية الايرانية و العلاقات التركية الامريكية, و تاثير هذه العلاقات الخارجية للبلدين على العلاقات فيما بينهما . كالاتى:

العلاقات الروسية الايرانية:

فالعلاقات الروسية الايرانية تجمعها مصالح مشتركة فى منع تمدد نفوذى الولايات المتحدة وتركيا فى القوقاز واسيا الوسطى وكان دافعا لتنامى العلاقات بين البلدين. فهما يتخوفان من قيام ما يسمى “تركيا الكبرى”، ما قد يؤدي لسيطرة حلف الأطلسي على المنطقة؛ كون تركيا عضوًا فاعلاً في هذا الحلف منذ عشرات السنين. وسعي البلدان الى اعاقة بناء خط انبوب (باكو ـ جيهان) ومنع انقرة وواشنطن من توسيع نفوذها في حوض قزوين وتكثف التعاون بين الطرفين في الميدان النووي ايضا في السنوات الاخيرة، وساعدت روسيا ايران في بناء مفاعل نووي في (بوشهر) ووقعت روسيا في يوليو 2002 برنامج عمل مع ايران مدته (10 اعوام) لتوسيع التعاون تضمن خططاً لأنشاء (خمسة مفاعلات نووية) اخرى في ايران، ومع ان روسيا اصرت على ان تعاونها يقتصر على التطوير السلمي المدني للطاقة النووية، الا ان التعاون النووي المتنامي مع ايران اصبح مصدر قلق المسئولين في الولايات المتحدة الامريكية وتركيا ، كما حاولت روسيا الاستفادة من الموقع الجيوسياسي الإيراني لمواجهة التغلغل التركي، واختراق التمويل الوهابي في أوساط الجمعيات الإسلامية بجمهوريات آسيا الوسطى .[24]

العلاقات التركية الامريكية:

بدأت العلاقات الامريكية التركية تاخذ طابع التحالف فى عهد الرئيس الامريكى ترومان عام 1947 اذ اصبحت تركيا بمثابة الحصان الاسود للغرب منذ انضمامها الى حلف الناتو عام 1952, باعتبارها دولة مواجهة متقدمة لصد الاتحاد السوفيتى اثناء الحرب الباردة. وتتبع اهمية تركيا بالنسبة للولايات المتحدة من موقعها الجيواستراتيجى, حيث تطل على مناطق حيوية, كالشرق الاوسط والقوقاز, ووسط اسيا, والبلقان, ما اكسبها دورا مهما, وقد تراجع هذا الدور بانتفاء سياسة سد المنافذ بعد الحرب الباردة, وان كان قد تركز دورها بعد ذلك فى سياسة احتواء العراق وايران, وتدعيم عملية السلام من خلال توثيق علاقاتها باسرائيل, وكذلك فى مواجهة طموحات ايران وبرنامجها النووى, ومحاربة الارهاب, وتامين وصول النفط من جنوب القوقاز الى الاسواق العالمية. لكن بعد احداث سبتمبر عام2001, توطدت علاقة التحالف الاستراتيجى بين البلدين, بعد مشاركة تركيا فى التحالف الدولى لمحاربة الارهاب .[25]

فمن المعلوم أن العلاقات التركية الأمريكية ذات خصوصية متميزة، بما يفرض على تركيا أن تحسم خياراتها بشأن تقاربها مع روسيا، فإذا كان صحيحًا أن وقوف تركيا إلى جانب روسيا قد يعزز فرصها في أن تصبح مضخة لتدفقات النفط القادمة من منابع احتياطيات النفط والغاز الكبرى في العالم في آسيا الوسطى وبحر قزوين وكازاخستان، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن تقاربها يؤدي أيضًا إلى تعاظم النفوذ الروسي ومعه الإيراني في المنطقة، وهو ما يتعارض بدوره مع مواقف الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة حيث يؤدي هذا التقارب إلى تراجع لنفوذ الأمريكي وهو ما سيشكل خسارة إستراتيجية نوعية لها، بما قد يدفعها إلى استخدام بعض الأسلحة ضد تركيا كتحريك قضية الأكراد لتقويض استقرار تركيا أو إثارة القضية الأرمينية بتبني مزاعم الأرمن، وأيضًا دعم الموقف اليوناني إزاء استقلالية قبرص، فضلًا عن الورقة الكبرى وهي نسفها لطموحات تركيا وعرقلة دخولها إلى الاتحاد الأوروبي.[26]

الفصل الثانى

قضايا التقارب الروسى التركى

        ليس من مبالغة القول إن طبيعة الموقع الجغرافي لتركيا هي التي حددت عبر التاريخ شكل ومسار علاقاتها مع دول الجوار، وهو ما ينطبق بصورة جلية على العلاقات التركية الروسية التي شهدت خطوات للتقارب وأخرى للتباعد طبقًا لتضارب المصالح والرؤى بينهما. فإذا كان صحيحًا أن العلاقات بين البلدين من الأهمية بمكان أن يحرص الطرفان على تنميتها والحفاظ عليها. فعلى مدار التاريخ الطويل للدولتين مرت علاقاتهما بموجات من الصعود والهبوط ارتباطًا بتوجهات القيادة السياسية في الدولتين من ناحية، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى .

وسوف يتم التركيز فى هذا الفصل على مجالات التقارب و التعاون بين البلدين .حيث  يمثل الجانب الاقتصادي حجر الزاوية في مسار التقارب التركي الروسي، حيث تمثل تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا، وتسبق معظم أعضاء مجموعة “البريكس” لأكبر الأسواق النامية في العالم، كما أنها الوجهة الأولى للسياح الروس، وثاني أكبر أسواق التصدير بعد ألمانيا بالنسبة لشركة غاز بروم المملوكة للدولة الروسية. على الجانب الآخر، تشغل روسيا المركز الثاني بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لتركيا. حيث ان حجم التبادل التجاري في نهاية العام الماضي وصل إلى 35 مليار دولار طبقًا للتقديرات الأولية الرسمية. كذلك التعاون في مجال الطاقة.[27]

لذلك سوف يتم تقسيم الفصل الى:

المبحث الاول: دوافع التقارب الروسى التركى.

المبحث الثانى: مجالات التقارب الروسى التركى.

المبحث الاول: دوافع التقارب الروسى التركى

        تشهد العلاقات الثنائية الروسية – التركية في الفترة الحالية ذروة التطور؛ فعلى الرغم من إرث النزاع والمواجهة والتنافس على النفوذ منذ قرون، شكلت الظروف الاقتصادية والمتغيرات السياسية التي شهدتها الدولتان في بداية القرن الحالي فرصةً لإعادة النظر في طبيعة علاقاتهما السابقة. فبوصفهما دولتين كبيرتين متجاورتين، وتتبنيان إستراتيجية جديدة لاستعادة الدور الفاعل على الساحة الدولية وإحياء المكانة التاريخية، فقد تطلب صعودهما، وبخاصة الاقتصادي، ضرورة تعزيز التعاون بينهما بسبب وفرة المصالح المتبادلة و تنوعها . وبالفعل، تسارع انفتاح علاقات الدولتين تجاه بعضهما بعضًا حتى توصلا إلى تأسيس “مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى” في عام 2012، ثم القمة الروسية – التركية التي عقدت ديسمبر 2014 شراكتهما في مجالات إستراتيجية عديدة، ومنها تطوير القدرات الفضائية التركية، وبناء مفاعلها النووي الأول، واعتمادها ناقلًا وحيدًا للغاز الروسي إلى أوروبا، وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى مئة مليار دولار في المدى القريب.و سوف يتم كشف دوافع كل طرف و مصالحه من هذا التقارب التاريخى :

اولا: روسيا:

تعتمد روسيا في إطار محاولتها النهوض اقتصاديا الى التعامل مع الشركاء المستقلين الاقوياء ذوى الاقتصاديات الضخمة مثل : المانيا و فرنسا و الصين . ومع امتلاك تركيا إمكانات إستراتيجية ضخمة و تقدمها فى المجال الاقتصادى عالميا , جعل روسيا تغير نظرتها التاريخية القديمة اى الى مجرد ارتباطها بالغرب . بل اصبحت تركيا شريك تجارى وجيوستراتيجى خاصة لكونها دولة مجاورة . و لذلك هناك عدة دوافع تحرك روسيا اتجاه هذا التقارب مع تركيا . منها :

مواجهة المخاطر الاقتصادية :

نجد ان هناك العديد من الأزمات المتلاحقة التى تواجه روسيا وأثقلت كاهلها المالي. خاصة بسبب العقوبات التي يفرضها الأمريكيون والغرب عليها بسبب الأزمة في أوكرانيا ستكبدها خسائر تبلغ نحو 40 مليار دولار. حيث اعلن وزير المالية الروسى “إننا نخسر نحو 40 مليار دولار سنويا بسبب العقوبات الجيوسياسية، كما نخسر من 90 إلى 100 مليار دولار أخرى بسبب تدني أسعار النفط بحوالي 30%”. بالاضافة الى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي في روسيا نحو 100 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي لتصل إلى 428.6 مليار دولار، مقابل 524.3 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي، بسبب تدخل البنك المركزي بمليارات الدولارات لدعم الروبل. وتمنع العقوبات، التي فرضها الغرب على روسيا، من وصول موسكو إلى أسواق المال الدولية والحصول على التقنيات المتطورة .[28]

تدفع هذه الأزمات روسيا إلى التركيز بشكل أكبر على التعاون الذى سيحقق نتائج مثمرة للبلدين في مجال رئيسي وهو الاقتصاد، وهو المجال الذى تزداد فيه العلاقات قوة بين البلدين. تتطلع روسيا إلى تركيا كشريك اقتصادي قد يساهم في إعادة التوازن للاقتصاد الروسي .

محاولة استقطاب روسيا و تحييدها :

حاولت روسيا استقطاب تركيا و تحييدها عن السياسات الغربية المتعلقة بروسيا مثل العقوبات او اى سياسة احتواء جديدة باعتبار تركيا حليف تقليدى للغرب . و سعى بوتن فى ذلك بالتركيز على الاغراءات الاقتصادية و اعلن استقلال تركيا عن الغرب و توقيعها اتفاقيات استراتيجية مع روسيا . كما تسعى روسيا لخلق تباينات بين تركيا و اوروبا .كذلك الدوافع الجيوبولتيكية . ربط المصالح التركية في مجالات إستراتيجية كالفضاء والطاقة النووية والاقتصاد والسياحة بروابط وثيقة يجعل تركيا تعتمد بشكل كبير اقتصاديا و استراتيجيا على روسيا .مما يحعلها غير قادرة عن التخلى عن روسيا , كما عامل تاثير روسى داخل السياسة التركية . كذلك تسعى روسيا من خلال تعاظم المصالح مع تركيا , للتاثير على السياسة الخارجية التركية فى المنطقة العربية فى القضايا التى تتعلق بروسيا و نفوذها , خاصة فى ظل تاثير الغرب على تركيا باعتبارها عضو فى حلف الناتو  .[29]

ثانيا: تركيا:

تسعى تركيا من تطوير شراكتها الحالية مع روسيا الى تحقيق اهداف استراتيجية على الصعد الدولية و الاقليمية و المحلية , منها :

اعادة التوازن الاقليمى:

شكل اختلال توازن القوى الاقليمى غير التقليدى لمصلحة ايران و اسرائيل فى المجال النووى وتقنيات الفضاء دافع قوى لتركيا لزيادة شراكتها مع روسيا .حيث تعد روسيا مصدر مهم و متاح لتمكينها من تسريع بناء مشاريع الطاقة النووية والاقمار الاصطناعية لتضيق هذه الفجوة .حيث قام الرئيس الروسي دميتري مدفيديف يوم 12 مايو عام 2010 بزيارة تركيا والتى أسفرت عن توقيع 17 اتفاقية ،منها اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة و بناء محطة كهرذرية .ووقع الطرفان أيضا اتفاقية التعاون حول بناء وتشغيل محطة كهروذرية في موقع اككويو قرب مدينة ميرسين التركية. وأكدت الاتفاقيات الموقعة في ديسمبر2012 على استمرار هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو20 مليار دولار, والذي سيساهم في خلق نواة جيل من العلماء والفنيين الاتراك في مجال الطاقة النووية بعد أن أرسلت تركيا أكثر من مئتي طالب إلى روسيا لتلقى التعليم في هذا المجال منذ عام2011. في مجال الفضاء، فقد تم إطلاق أول قمٍر صناعي تركي –Türksat4A للاتصالات على متن صاروخ روسي فى فبراير 2014. وأكدت الاتفاقيات الاخيرة على عزم البلدين إطلاق القمر الثاني 4B-Türksat في عام 2015.[30]

كذلك تسعى تركيا لتصبح المركز الاقليمى لنقل الغاز الطبيعى و النفط من الدول النفطية الاساسية فى الشرق الى اوروبا . حيث تزود روسيا تركيا بأكثر من 70% من الغاز المستورد إلى تركيا، وقد بنت روسيا خط أنابيب خاص من أجل صادراتها من الغاز إلى تركيا، تحت البحر الأسود ويحمل اسم ” بلو ستريم”. فيما بعد تم توقيع اتفاقيات مشتركة في مجال الطاقة أيضا، وبناء على هذه الاتفاقات تتحول تركيا إلى بلد عبور رئيسي للغاز الروسي إلى أوروبا. ويقوم البلدان بمشروع مد “السيل التركي” للغاز الطبيعي بأربعة خطوط، أحدها بحجم ستة عشر مليار متر مربع، سيمتد من روسيا إلى تركيا مباشرة عبر البحر الأسود، ما سيوفر في أسعار الغاز الروسي المورد إلى تركيا، والخطوط الأخرى بحجم خمسين مليار متر من تركيا إلى اليونان لتوصيل الغاز الروسي لأوربا والذي ستستفيد تركيا منه أيضًا إلى لعب دور الموزع وتوفير فرص العمل وجذب الأموال إليها. كما وقعت روسيا وتركيا خلال زيارة مدفيديف كذلك على مذكرة للتعاون في مجال ضمان النقل الآمن للنفط في منطقة البحر الأسود. ويعطي الطرفان الأولوية لمشروع أنبوب النفط  سامسون– جيهان الذي بدأ بناؤه في أواخر ابريل عام 2010. ويمر الخط من شمال تركيا إلى جنوبها التفافا على مضيقي البوسفور والدردنيل، وسينقل النفط الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية.[31]

المكانة الاقتصادية العالمية :

نجح حزب الحرية و العدالة و حاز على كثيرا من اصوات الاتراك فى الانتخابات المتتالية على اساس التنمية الاقتصادية وتحقيق أهداف إستراتيجيته المتعلقة بعام 2023 والطامحة إلى وصول تركيا للمرتبة العاشرة عالميا, بحيث يصبح حجم اقتصادها تريليوني دولار , وصادراتها 500 مليار دولار, ودخل الفرد فيها 25 الف دولار .[32]

و تعد روسيا هى الخيار الامثل لتحقيق هذه التنمية الاقتصادية و الوصول لهذا الهدف , حيث يزداد حجم التبادل السلعي بين البلدين من سنة إلى أخرى. وقد بلغ الحجم عام 2004 قيمة 11 مليار دولار. أما في عام 2008 فبلغ قيمة قياسية قدرها 33.8 مليار دولار. ويسعى البلدان إلى تطوير حجم التبادل التجاري بينهما ليصل مستواه في الأعوام القادمة إلى مئة مليار دولار بدلًا من 40 مليار، وبناء مصارف روسية في أنقرة ، وتطوير خطوط النفط والغاز الآتية من روسيا نحو أوروبا عن طريق تركيا والتي تعتمد على البترول والغاز الروسيين بالدرجة الأولى ، فالشركات التركية التي تعمل في روسيا تصل إلى أكثر من 140 ألف شركة، ويصل حجم زوار تركيا من السواح الروس إلى أكثر من 5 ملايين سائح سنويًّا. ويذكر أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين تعززت خلال زيارة بوتين الأخيرة لتركيا، إذ اصطحب وفدًا ضخمًا من رجال الأعمال، ووقع الجانبان 11 اتفاقية تعاون مشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والسياحية والثقافية، واتفاقيات في القطاع المصرفي والصناعي والزراعي، وصولًا إلى مشروع إنشاء محطة للطاقة النووية كما سبقت الإشارة.كذلك  التعاون في قطاع الإنشاءات بالاضافة الى العديد من اتفاقيات التعاون بين البلدين .[33]

تعزيز الاهمية الغربية لتركيا :

تساهم العلاقات الاستراتيجية التركية مع روسيا فى تحقيق هدفين على صعيد سياستها الغربية: الاول , تقوية وضع تركيا التفوضى مع الاتحاد الاوروبى فى ظل حرمانها من عضويته , لذلك تسعى الى زيادة قوتها الاقتصادية حتى يزداد الاحتياج لها و كذلك توسع من شراكتها مع روسيا كبديل متاح للاتحاد الاوروبى . والثانى, على عكس المتوقع لم تتبع تركيا سياسة العقوبات التى تبنتها الدول الغربية ضد روسيا بعد الازمة الاوكرانية , بل اتجهت الى توسيع العلاقات معها و قد استفدت تركيا و حظيت بحصة كبيرة من الاسواق الروسية و من ناحية اخرى زادت الحاجة الامنية الغربية لتركيا و اهمية التعاون العسكرى معها .[34]

المبحث الثانى: مجالات التقارب الروسى التركى

تشهد العلاقات الروسية التركية العديد من مجالات التعاون و التقارب بين البلدين, وأن الطرفين يحرصان على تنمية علاقاتهما والحفاظ على مستوى معين من التقارب حماية لمصالحهما المتبادلة . و يمثل الجانب الاقتصادي حجر الزاوية في مسار التقارب الروسى التركى، حيث تمثل تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا، وتسبق معظم أعضاء مجموعة “البريكس” لأكبر الأسواق النامية في العالم، كما أنها الوجهة الأولى للسياح الروس، وثاني أكبر أسواق التصدير بعد ألمانيا بالنسبة لشركة غاز بروم المملوكة للدولة الروسية. على الجانب الآخر، تشغل روسيا المركز الثاني بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لتركيا. كما نمت التجارة بين روسيا وتركيا إلى 25.6 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2012، بزيادة قدرها أكثر من 14 في المئة عن العام السابق، ليصل حجم التبادل التجاري في نهاية العام الماضي إلى 35 مليار دولار طبقًا للتقديرات الأولية الرسمية. بالاضافة الى التعاون فى الصعيد الامنى نتيجة لطبيعة الموقع الجغرافى للبلدين . وسوف يتم التركيز فى هذا المبحث على اهم مجالات التعاون بين البلدين, و منها :

اولا: مجال الطاقة:

تعتبر روسيا المورد الرئيسي لتركيا للغاز الطبيعي المستورد حيث تعمد الأخيرة على روسيا في نحو نصف وارداتها من الغاز الطبيعي, كما تعتمد تركيا على روسيا في نحو 12 بالمئة من الواردات النفطية أيضًا. ويقوم البلدان بمشروع مد “السيل التركي” للغاز الطبيعي بأربعة خطوط، أحدها بحجم 15.75 مليار متر مربع، سيمتد من روسيا إلى تركيا مباشرة عبر البحر الأسود، وهو ما سيوفر في أسعار الغاز الروسي المورد إلى تركيا، والخطوط الأخرى بحجم 50 مليار متر من تركيا إلى اليونان لتوصيل الغاز الروسي لأوروبا والذي ستستفيد تركيا منه أيضًا إلى لعب دور الموزع وتوفير فرص العمل وجذب الأموال إليها.[35]

تعد شركة Gazprom الروسية، هذه الشركة المحتكرة بمعظمها من قبل الدولة، حيث تمت الاستفادة كثيرا من هذه الشركة بعد ارتفاع أسعار الطاقة على الأقل في التصدير. مع ثلثي الثروة الغازية العالمية، والترتيب الأول في العالم بالإنتاج والتصدير للغاز، الغاز ربما سيكون القطاع المستقبلي بالنسبة لروسيا التي تمتلك أيضا مع Gazprom قيادة القطاع في العالم، على الأقل بالنسبة للاحتياطي والإنتاج. Gazprom هي في الواقع 86 % من الإنتاج الغازي الروسي ، أو تقريبا 20 % من الإنتاج العالمي. ومن المزايا التي تحصلت عليها تركيا خلال زيارة بوتين تخفيض سعر المتر المكعب من الغاز بنسبة 15% بداية من مطلع يناير/كانون الثاني 2014، كما جرى حديث عن إمكانية زيادة نسبة التخفيض في سعر الغاز لتصل إلى 16% يُشار هنا إلى أن روسيا تستخدم سلاح الغاز بشكل فعال خاصة بعد إلغائها مشروع السيل الجنوبي الهادف لنقل الغاز إلى عدة دول أوروبية، مثل: بلغاريا والنمسا وصربيا والمجر وسلوفينيا عبر البحر األسود بسبب الموقف الاوروبي بفرض عقوبات على روسيا.[36]

كما شاركت تركيا بنجاح في المفاوضات حول بناء أنبوب غاز “ساوث ستريم” الذي يمتد من روسيا إلى أوروبا تحت البحر الأسود. حيث تعتمد شركة “بوتاس” التركية على الغاز الروسي، بواقع6 مليارات متر مكعّب من الغاز سنويًّا، حتى ديسمبر عام 2011، موعد انتهاء الاتفاقية الموقعة بين البلدين منذ عام 1986 , كما تم الاتفاق على توريد الغاز إلى تركيا على المدى البعيد، حتى 2021 و2025. فيما بعد تم توقيع اتفاقيات مشتركة في مجال الطاقة أيضا، وبناء على هذه الاتفاقات تتحول تركيا إلى بلد عبور رئيسي للغاز الروسي إلى أوروبا, ووقعت روسيا وتركيا خلال زيارة مدفيديف كذلك على مذكرة للتعاون في مجال ضمان النقل الآمن للنفط في منطقة البحر الأسود. ويعطي الطرفان الأولوية لمشروع أنبوب النفط  سامسون– جيهان الذي بدأ بناؤه في أواخر ابريل/نيسان عام 2010. ويمر الخط من شمال تركيا إلى جنوبها التفافا على مضيقي البوسفور والدردنيل، وسينقل النفط الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية.[37]

كما يمتد التعاون كذلك إلى مجال الطاقة الكهربائية والتي تعد من أكثر مجالات التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين، حيث تشارك مؤسسة ” تكنوستروي إكسبورت” الروسية للتجارة الخارجية في إنشاء السد  والمحطة الكهرذرية “ديرينر” بقدرة 670 ميغاواط ، وذلك في مقاطعة أرتفين التركية. ويذكر أنه في 29 ديسمبر عام 2008 حصلت شركة “إنتر راو ي إس – تي جي آر” التي تم تأسيسها في تركيا على ترخيص باستيراد الطاقة الكهربائية من روسيا عبر أراضي جورجيا. ومن الجدير بالإشارة أن التعاون في مجال الطاقة امتد ليشمل الطاقة النووية، حيث تكشف البيانات الواردة من البلدين عن اتجاه روسيا للمشاركة في بناء أول محطة نووية “أكاو” في تركيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة “مرسين” جنوب تركيا، و فى ظل  المناقصة الخاصة ببناء هذه المحطة التي أعلنت منذ أواخر سبتمبر/أيلول عام 2008 والتى وشاركت فيها حوالي 14 شركة رائدة في العالم. وبعد فحص العطاءات أعلنت الحكومة التركية أن الفائز في المناقصة هو الكونسورسيوم الروسي ـ التركي الذي يضم شركتي “اتوم ستروي اكسبورت” و”انتر راو يي إس” الروسيتين للطاقة وشركة “Park Teknik” التركية. حيث وافقت روسيا على الإسهام في عملية بناء محطة للطاقة النووية والتي يقوم تصميمها على إنشاء 4 مفاعلات بقدرة 1.200 ميغاوات، ومن المقرر أن تدخل الخدمة في عام 2019. ويذكر أن تكلفة المشروع تقدر بحوالي20 مليار دولار ممولة بالكامل من قبل شركة تابعة لمجموعة “روساتوم”، الحكومية الروسية للطاقة النووية، مع إرسال الوقود المستنفد إلى روسيا لإعادة المعالجة. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل سبقه قيام شركتَي “أتوم ستروي إكسبورت” الروسية و”أرغ إنشاءات تجارة وصناعة” التركية في 11 مايو عام 2007، بتوقيع مذكرة تفاهم بينهما حول إقامة التعاون الإستراتيجي في تسويق تكنولوجيات السلع  والمعدات والخدمات الخاصة بصناعة الطاقة الذرية في تركيا.[38]

ثانيا: العلاقات الاقتصادية:

تعد تركيا شريكة اقتصادية تقليدية لروسيا , ففي المجال التجاري وصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين وفق آخر الإحصاءات إلى نحو 33 مليار دولار تصل الصادرات الروسية إلى نحو 80% من هذه القيمة. وتعتبر تركيا سابع شريك تجاري لروسيا وثاني أكبر أسواق التصدير بعد ألمانيا، أنقرة كانت تتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مائة مليار دولار بحلول عام ألفين وثلاثة وعشرين.وعلى صعيد الأسواق المالية، ففي روسيا فقد سهم بنك “سيبربانك بي جي إس سي” حوالى أربعة في المائة من تعاملاته منذ يومين. بنك سيبربانك أكبر البنوك الروسية من البنوك التي تدير معظم العمليات التجارية الروسية مع تركيا. وتشغل تركيا المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين  لروسيا. ومن أهم الصادرات الروسية إلى تركيا موارد الطاقة والمنتجات الحديدية والمواد الكيميائية، أما الواردات الروسية من تركيا فتشمل النسيج ومنتجاته والماكينات ووسائل النقل ومنتجات الصناعة الكيميائية والمواد الغذائية.[39]

وتم في عام 1992 تشكيل اللجنة الحكومية المختلطة الخاصة بالتعاون التجاري الاقتصادي والعلمي والتقني. تم في عام 1991 تأسيس مجلس الأعمال التركي الروسي. وفي أكتوبر عام 2004 أسس مجلس الأعمال الروسي التركي، ويساهم المجلسان في إقامة علاقات العمل المباشرة بين الشركات والأقاليم الروسية والتركية. ووصل حجم الاستثمارات الروسية المباشرة في تركيا منذ بداية العام وإلى شهر سبتمبر إلى 755 مليون دولار وهو ما يضع موسكو في المركز الرابع عالميا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا. [40]

في المجال السياحي تعدّ روسيا من أهم الدول التي تعتمد تركيا على عدد سياحها الذين وصل عددهم العام الماضي إلى أربعة ملايين ونصف المليون سائح من أصل 36مليون سائح زاروا تركيا خلال العام بنسبة حوالى 13% لتكون روسيا في المرتبة الثانية بعد السياح الألمان بحسب إحصاءات وزارة السياحة التركية. كما تطورت العلاقات الاقتصادية في قطاع الإنشاءات، حيث يعمل في روسيا حاليًّا أكثر من 150 شركة إنشائية تركية، أنجزت منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضى وحتى اليوم  نحو 800 مشروع يبلغ الحجم الإجمالي للصفقات المعقودة 26 مليار دولار. وكانت قد عقدت الشركات التركية في عام 2007 صفقات بمبلغ 4.3 مليار دولار. وتقوم الشركات الروسية أيضًا بإنشاء مشاريع في تركيا. وقع مجمع الصلب والحديد “ماغنيتوغورسكي” الروسي والشركة التركية الكبرى المتخصصة في استيراد الفحم “أتاكاش غروب” بروتوكولًا حول إنشاء مجمع الصلب والحديد في تركيا الذي تبلغ إنتاجيته نحو 2.6 مليون طن من المنتوجات الحديدية  سنويًّا. وتقدر قيمة  الصفقة بمبلغ 1.1 مليار دولار.[41]

بالاضافة الى تبادل الزيارات , و من اهمها :

– مشاركة الرئيس الروسي “بوتين”  في عام 2005 في مراسم افتتاح خط أنابيب الغاز “السيل الأزرق”.

– مشاركة الرئيس الروسي “بوتين” في القمة التاسعة لمنظمة التعاون الاقتصادي بين دول البحر الأسود التي انعقدت في مدينة سمسون التركية في عام 2007.

– زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان روسيا عدة  مرات، أبرزها في 13 أغسطس عام 2008، حيث تقدم بمبادرة إنشاء “منطقة الاستقرار والتعاون في القوقاز”.

– زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنقرة في 6 أغسطس 2009. وتوقيع الطرفين خلالها عددًا من الوثائق الرامية إلى تطوير التعاون بينهما في مجالات النفط والغاز والطاقة النووية، ومن بينها اتفاقية حول التعاون في المجال النووي، وبروتوكول سيسمح بمدّ خط “السيل الجنوبي” لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر مياه تركيا الإقليمية في البحر الأسود، وبتنفيذ مشروع مدّ خط أنابيب الغاز “السيل الأزرق-2″، إضافة إلى بروتوكولين حول التعاون في مجال مد خط النفط “سامسون – جيهان”  واتفاقية حول بناء أول محطة كهرذرية على الأراضي التركية من قبل الخبراء الروس.

– زيارة الرئيس الروسي “دميتري مدفيديف” أنقرة في 12 مايو 2010، وتم خلالها  إنشاء مجلس للتعاون على مستوى قيادة البلدين سيقوم برسم إستراتيجية  تطوير العلاقات بينهما وتنسيق تطبيق المشاريع الكبرى في مجال التعاون السياسي، والتجاري، والاقتصادي، والثقافي، والإنساني. فضلًا عن توقيع 17 اتفاقية، منها  اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة وبناء محطة كهرذرية وفي مجال الزراعة، وأيضًا اتفاقية لإلغاء تأشيرات السفر بين البلدين.[42]

الفصل الثالث

القضايا الخلافية بين البلدين

ليس من مبالغة القول إنّ طبيعة العلاقات الروسية التركية يغلب عليها الطابع المميز لمسار العلاقات الدولية، ذلك المسار الذي يتراوح ما بين التقارب والتباعد على مدار التاريخ، وإن رجحت كفة أحدهما على الآخر لتصبح الطابع الغالب في مسار علاقات البلدين، فإذا كان صحيحًا أن الطرفين يحرصان على تنمية علاقاتهما والحفاظ على مستوى معين من التقارب حماية لمصالحهما المتبادلة، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن التاريخ شهد لحظات فارقة في مسار علاقاتهما وإن لم تدم طويلًا. فعلى مدار التاريخ الطويل للدولتين مرت علاقاتهما بموجات من الصعود والهبوط ارتباطًا بتوجهات القيادة السياسية في الدولتين من ناحية، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى، وبطبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما من ناحية ثالثة، فيذكر أن هناك ميراثا تاريخيا من الخلافات بين البلدين، منها: الخلافات حول المرور في مضيق البوسفور، والتّنافس على نقل بترول آسيا الوسطى، والموقف من قضية النزاع حول منطقة “ناغورنو كاراباخ”، بين أذربيجان وأرمينيا، والقضية القبرصية، والدعم الروسي لليونان، ومشكلة الشيشان والموقف التركي منها. و سوف يتم التركيز فى هذا الفصل على اهم القضايا الخلافية بين البلدين و كيفية تاثيرها و تداعياتها على مسار العلاقات بين البلدين ,لذلك سيتم تقسيم الفصل الى:

  • المبحث الاول: الازمة السورية.
  • المبحث الثانى: الازمة الاوكرانية.
  • المبحث الاول: الازمة السورية

لم تكن المنطقة العربية ببعيدة عن الصراع التركى الروسى , فروسيا حاضرة و تركيا حاضرتان لما لهما من مصالح استراتيجية فى المنطقة . فقد شهدت المنطقة العربية فى نهايات عام 2010و اوائل عام 2011 عدد من الثورات الشعبية و الانتفاضات و الاحتجاجات والحركات الاجتماعية, و التى تراوحت بين السلمية و العنيفة, سواء من القوى الثورية او من جانب ردود الفعل الحكومية الرسمية. و هذا ما ينطبق على الحالة السورية , حيث انطلقت الثورة السورية فى مارس 2011 ضد القمع و الفساد و كبت الحريات و تردى الاوضاع المعيشية, فى تحد غير مسبوق لحكم الرئيس بشار الاسد متاثرة بموجة الصحوة التى افاقت الشعوب العربية, من خلال الاحتجاجات الشعبية العارمة التى اندلعت فى الوطن العربى بخروج الشعوب على حكامهم, وبخاصة الثورتين التونسية و المصرية التين اطاحتا برأس النظام فى كلا البلدين, فطالب الشعب السورى باجراء اصلاحات سياسية و اقتصادية واجتماعية, رافعا شعار “حرية …حرية”, لكن قوات الامن واجهتهم بالرصاص الحى حتى تحول الشعار الى “اسقاط النظام” .[43]

اولا: الموقف الروسى:

ولكن في حالة الملف السوري ترى روسيا أن سوريا بمثابة حجر زاوية في أمن منطقة الشرق الأوسط وأن عدم استقرار الوضع فيها أو نشوب حرب أهلية سيؤدي إلى زعزعة استقرار الأوضاع في دول الجوار الإقليمي خاصة في لبنان بل وصعوبات في المنطقة بكاملها وتهديد حقيقي للأمن الإقليمي، وبالتالي كان الموقف أوضح من ذلك حين التزمت روسيا بالدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري الواضح لنظام بشار الأسد في ظل دعوات بالإصلاح السياسي والاجتماعي في الوقت الذي تدين فيه الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية الأحداث في سوريا، حتى بقى الموقف الروسي من الأزمة في سوريا هو محك العلاقات العربية الروسية وهو ما اعتبـرته الدول العربية كذلك، وعلى إثـر الأحداث في سوريا أخذت العلاقات العربية الروسية في التراجع، لأنه وقبل الحراك السوري كانت العلاقات العربية والروسية علاقات إستراتيجية واقتصادية وبقيت مرشحة لمزيد من التقارب السياسي والعلمي والعسكري مع إصرار روسيا على سياساتها المؤيدة لنظام الأسد وتصدير السلاح للنظام في وقت تنتهك فيه قوات الأسد الثوار والمواطنين السوريين، وسياسياً استخدمت روسيا الفيتو بالاعتراض على ثلاثة قرارات لمجلس الأمن الدولي لإدانة ومعاقبة النظام السوري، كل هذا جعل هناك ترقب من الجانب العربي إلى ردود الأفعال الروسية تجاه الأحداث في سوريا وساد الاعتقاد بأن ما يحرك روسيا تجاه المنطقة العربية هي مصالحها وحساباتها الخاصة. , فكان لروسيا مصالحها الاستراتيجية اتجاه هذا القرار , فقد استخدمته روسيا كاحدى اوراق المقايضة مع الولايات المتحدة, خاصة مشروع نشر الدرع الصاروخية الامريكية لحلف الاطلنطى فى الاراضى التركية, الواقعة بين كل من روسيا و سوريا من جهة, و للاستفادة الاقتصادية من المبيعات الروسية لسوريا من جهة اخرى .[44]

ثانيا: الموقف التركى:

إن تركيا، مثلها مثل سائر الدول في المنطقة، تخشى تدهور وضع سوريا وتفتّتها على أُسُس إثنية ودينية، إذ حينها يمكن أن تصبح الدول المجاورة منغمسة في الصراع عبر الانحيار إلى أيّ من المجموعات الطائفية أو الإثنية. فإن السلطات التركية تبدو محقّة في مخاوفها. إن صراعاً مفتوحاً في سوريا تتدخّل فيه قوى أجنبية، قد تكون له عواقب خطيرة على الأمن الإقليمي. بالفعل، باشرت تركيا لعب دور نشط في دعم المعارضة السورية. ونيابةً عن الحكومة التركية، تضطلع منظمات تركية غير حكومية مثل “مؤسسة حقوق الانسان والحريات والإغاثة الإنسانية” ومنظمة “مازلومدر” بمسؤولية الوساطة وجهود التعاون والتنسيق مع مجموعات المعارضة واللاجئين السوريين. هذه الحركات منظّمة إلى حدّ كبير من جانب الحكومة التركية. ويشير واقع أنّ هذه المنظمات تنشط في دعم مجموعات المعارضة السورية واللاجئين السوريين إلى أن حكومة أردوغان، على الأقلّ على المستوى غير الرسمي، قلقة للغاية وتميل إلى مساندة المقاومة السورية.كذلك، الجيش السوري الحر الضعيف بقيادة العقيد رياض الأسعد، والمكوّن من ضباط منشقّين، يتّخذ من تركيا مقرّاً له، ويرجَّح أنه خاضع إلى التأثير المباشر للجيش التركي.[45]

حظيت عقوبات الجامعة العربية ضدّ سوريا باستقبال فاتر في تركيا. ويبدي الكثيرون في تركيا قلقاً من التأثير السلبي على سير عمل الشركات التركية وعلى السكان الذين لهم ارتباطات وثيقة بسوريا. فضلاً عن ذلك، قد تضرّ العقوبات بالسكان المدنيين في سوريا لكون اقتصاد البلاد والوضع الاجتماعي فيها ضعيف. لكن على الرغم من تردّد تركيا في تبنّي العقوبات فإنها في النهاية امتثلت للأمر.عموماً، تثبت السلطات التركية أنها متردّدة أكثر من كونها استباقية في شأن سوريا. فلديها خشية على أمنها القومي، وهي قلقة في شأن تأثيرات التحرّك على صورتها الدولية ومكانتها كزعيمة إقليمية. إن لدى تركيا أردوغان الكثير لتخسره في مجال القيادة الإقليمية، إذا ماجازفت قواتها العسكرية في عملية لاتحظى بالشعبية. لهذا تتردّد في القيام بخطوة حاسمة. ومن الواضح أنّ القوات العسكرية التركية لن تدخل بمفردها الى سوريا. فقبل التدخّل، سواء لإقامة ممرّ انساني، أو منطقة حظر جوي، أو منطقة عازلة، ستطلب تركيا تفويضاً دولياً من حلف شمال الأطلسي الناتو أو من الأمم المتحدة، وبمشاركة فاعلة من الدول العربية. لاتريد أنقرة أن تظهر، خاصةً في العالم العربي في صورة إمبريالي جديد، أو قوة عثمانية في الشرق الأوسط، ولا في مظهر الخادم المخلص للغرب. إنّ صورة تركيا كدولة علمانية وحديثة لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه حاضراً في نظر الشعوب العربية.[46]

يتباين الموقفان الروسي والتركي حول الأزمة السورية، ففي الوقت الذي أعلنت فيه أنقرة دعمها للمعارضة السورية المسلحة وهو ما بدا واضحًا في دعوة الأسد للتنحي، والسماح لقيادة الجيش السوري الحرّ بالتمركز في مخيم اللاجئين. فضلًا عن دعوة أنقرة حلف شمال الأطلسي لنشر صواريخ “باترىوت” في تركيا للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريبًا بحجة أنه إجراء دفاعي على خلفية الاشتباكات بين الثوار والقوات الحكومية بالقرب من الحدود التركية، خاصة بعد إطلاق القذائف من سوريا التي سقطت في بلدة على الحدود التركية في أكتوبر2012، وسبقتها في يونيو من العام ذاته، إسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة تركية مقاتلة في شرق البحر المتوسط. على الجانب الآخر،. وقد اتسعت حدة الخلاف بين البلدين مع قيام القوات الجوية التركية في 11 أكتوبر باعتراض طائرة مدنية سورية متجهة من موسكو إلى دمشق اشتبهت أنقرة في أنها تقل شحنة عسكرية لوزارة الدفاع السورية. وأكدت روسيا أن الطائرة تقل تجهيزات رادار لا تحظرها الاتفاقات الدولية، مبررة بأن هذه الأسلحة تأتي وفقًا لاتفاقات سابقة مع الدولة السورية ولم يشملها أي قانون حظر من الأمم المتحدة التي هي وحدها المخولة بالمنع. كما أعلنت عن رفضها لقيام حلف شمال الأطلسي بنشر صواريخ “باترىوت” قرب الحدود مع سوريا تلبية لطلب أنقرة، معتبرة أن هذا الأمر يفاقم خطر اندلاع نزاع واسع يكون الناتو طرفًا فيه .[47]

ولكن، رغم هذا التباين في المواقف لم يحل دون حرص الطرفين على الحوار المشترك من أجل التوصل إلى تسوية تتفق ومواقفهما، ومن ذلك:

– لقاء المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط “ميخائيل بوجدانوف” مع النائب الأول لوزير الخارجية التركي “فيريدون سينير ليوجلو” في العاصمة التركية أنقرة في نوفمبر 2012، بشأن الوضع السوري، لتصدر وزارة الخارجية الروسية بيانًا جاء فيه :” أن السبيل إلى تحقيق السلام في سوريا هو الالتزام ببنود بيان جنيف الصادر بشأن سوريا في 30 يونيو 2012، كونه يوفر الآلية اللازمة لإنهاء حمامات الدم في سوريا وإقامة حوار وطني”.

– اتفاق يُحاك بخصوص الملف السوري الذي تقدمت به أنقرة لروسيا من خلال توجه أمريكي، طبعًا الاتفاق كان يقوم على نقطتين:مفاوضة الأسد على تسليم السلطة وتشكيل حكومة ذات صلاحيات واسعة تأمن للأسد العفو والبقاء حتى سنة 2014.تشكيل حكومة، ودعم المعارضة السورية دون الأسد، وبالتالي يفقد كل الحصانات الدولية. [48]

من الأهمية بأنه مهما بلغ تفاؤل البعض لحماسة الجانب التركي للتدخل العسكري، إلا أنهم يتناسون أن لتركيا مشكلات رئيسة يمكن أن تصنف مثل الحالة السورية، وهي مشكلات الأكراد وتمردهم، بما يجعل من الصعوبة بمكان قبول تركيا لحل عسكري يهدد أمنها واستقرارها، وهي بذلك لا تختلف عن  الموقف الروسي الذي يستحضر – إلى جانب مصالحه العسكرية والاقتصادية- الأزمة الشيشانية، وإلى أي مدى يمكن أن يتقبل تغيير النظام أو التدخل في الشأن السوري عسكريًّا، بالكيفية التي يمكن أن تشجع الشيشان على التفكير في خيارات مشابهة .

 

المبحث الثانى: الازمة الاوكرانية

        جاءت الازمة الاوكرانية لتعيد لاذهان منظرى العلاقات الدولية و المهتمين بشئونها مسارات الحرب الباردة, فتلك الازمة بدأت مسارات الاحداث الدولية فيها تمضى فى طريقها , حيث المواجهة بين الاقطاب الدولية نفسها التى تتسارع على النفوذ, ما بين قطب امريكى يستهدف استمرار الهيمنة , وما بين قطب روسى بدأ ينهض من جديد, حيث ان من اهم تداعيات الأزمة الأوكرانية على العلاقات التركية- الأمريكية والروسية، أبعاد الأزمة التي حدثت بين روسيا وأوكرانيا، هو موضوع الطاقة، إذ يتم تأمين نحو 40% من الغاز الطبيعي المستهلك للاتحاد الأوروبي من روسيا, ويرى البعض ان الولايات المتحدة صنعت الازمة الاوكرانية لغرض اساسى, هو ضرب الاقتصاد الروسى, من خلال تقويض صادرات روسيا من الطاقة الى اوروبا .[49]

تمتد شبه جزيرة القرم على مساحة عشرة آلاف ميلاً مربعاً ويصل تعداد سكانها إلى مليوني نسمة، وهي مرتبطة بالبر الرئيسي من خلال مضيق ضيق على شكل مستنقع. بيد أنها جزيرة منفصلة عن البر الرئيسي في أوكرانيا وروسيا من الناحية الفعلية، وذلك عن طريق بحر آزوف – وهو خليج ممتد من البحر الأسود يبلغ اتساعه حجم الجزيرة ذاتها. أتاحت الطبيعة الجغرافية الخاصة لشبه جزيرة القرم على حفاظها على هوية منفصلة عن البر الرئيسي في أوراسيا إلى الشمال. أما في الفترة قبل بداية العصر الحديث فقد كان سكان شبه جزيرة القرم ينتمون بشكل شبه كامل للعرق التركي ويتحدثون اللغة التتارية، مما جعل شبه جزيرة القرم ولاية في الكومنولث تحت حكم الإمبراطورية العثمانية.ورغم ذلك، فرضت الإمبراطورية الروسية سيطرتها تدريجياً على أقاليم ولاية القرم مع توسعها في حوض البحر الأسود. وفي عام 1774، تخلى العثمانيون عن سيطرتهم على ولاية القرم، التي أصبحت بعد ذلك ولاية مستقلة لكن سرعان ما ابتلعتها الإمبراطورية الروسية. وبعد ذلك رأت روسيا أن شبه جزيرة القرم تمثل منفذاً حيوياً إلى البحار الدافئة، وأنشأت أسطولها في البحر الأسود في ميناء المياه العميقة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم في عام 1783.[50]

وفي عام 1954، قام خليفة ستالين، خروتشوف بنقل القرم من الجمهورية الاشتراكية السوفيتية الروسية إلى الجمهورية الاشتراكية السوفيتية الأوكرانية “كهدية” لأوكرانيا. ونظراً للأهمية الاستراتيجية لشبه جزيرة القرم من وجهة نظر موسكو. وفي مؤشر آخر على الأهمية الاستراتيجية لشبه جزيرة القرم بالنسبة لموسكو، حافظت روسيا على تواجدها العسكري في شبه الجزيرة. ومؤخراً في عام 2010، وقّعت روسيا وأوكرانيا معاهدة لتأجير ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم لموسكو من أجل استخدامه من قبل الأسطول الروسي حتى عام 2042. ويعارض التتار بشدة عودة الحكم الروسي إلى شبه جزيرة القرم. وعقب الإطاحة بالزعيم الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في 22 فبراير، شارك العديد من التتار في مسيرات مناهضة لروسيا في شبه جزيرة القرم، التي تعد حصناً للموالين لروسيا.[51]

اولا: الموقف الروسى:

تدخل “روسيا” في الأزمة الأوكرانية كان له عدة أسباب سياسية, إستراتيجية, اقتصادية، فـعلى الجانب السياسى, تعتبر روسيا دولة ذات مكانة إستراتيجية عالية حيث كانت عاصمة الاتحاد السوفيتي ودولة عظمى، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، تراجع الدور الروسي والمعسكر الشرقي وأصبح المعسكر الغربي المسيطر وصاحب النفوذ الأكبر.ولكن مع مجيء “الرئيس بوتن” والإستراتجية الجديدة له التي تعمل على إعادة بناء الدور الروسي كقوة عالمية وإعادة مكانتها التي تكاد تكون انتهت بعد الحرب الباردة، فكان على روسيا التدخل حيث أنها ترى أن أوكرانيا بلدا تابعة لها وامتداداً لمستعمراتها وهى حق تاريخي وجغرافي لها، فقد خضعت أوكرانيا في القرن 19 للإمبراطورية الروسية لذا ترى أنه من غير المقبول التدخل فيها من قبل الدول الأخرى وخصوصا في حالة فرض نفوذ قوى من قبل القوى الغربية المتمثلة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.[52]

اما على الجانب الإستراتيجي المتمثل في:الجذب الأوروبي لها، الذي بمثابة الرغبة في أرثاء النفوذ الغربي، الأمر الذي يعمل على تهديد المصالح الروسية،وهذا أمر غير مقبول من قبل الإدارة الجديدة خصوصا أنه لا يتماشى مع “الرؤية الإستراتجية الجديدة” عند مجىء الرئيس الروسي “بوتن” , كما ياتى جانب إستراتيجي مهم متمثل في قلق روسيا ليس فقط من التقارب الأوروبي مع أوكرانيا، بل الخوف من ضمها للاتحاد الأوروبي بعد أنشاء منطقة التجارة الحرة معها، كخطوة من أجل ضمها “لحلف شمال الأطلنطي”، وهذا بطبيعة الحال يمثل تهديد إستراتيجي قوى لروسيا بس التقارب الجغرافي بينها وبين أوكرانيا، فليس من الممكن لروسيا أن يصبح حلف الناتو على بعد مسافة قصيرة من أراضيها ونتاج لهذه الرؤية، فأنه من الطبيعي أن تبدأ روسيا بمد نفوذها على الدول المجاورة لها خصوصا ذات المصالح المشتركة والخلفية التاريخية الواحدة. لذلك عمل الرئيس الروسي على إنشاء اتحاد يعرف بـ”الاتحاد الروسي”، الذي يعمل على زيادة التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى الجزء السياسي فيه، الذي يعمل على تكوين كيان سياسي بين أعضاءه، فهو بمثابة توسع “للاتحاد الاقتصادي الجمركي”صاحب التوجه الاقتصادي التجاري الصرف. [53]

و يتمثل الجانب الاقتصادى فى ان روسيا تعتبر المصدر الرئيسي لتزويد أوكرانيا بمصادر الطاقة فهي من أكبر مستهلكي الطاقة الروسية بأوروبا، وتعتمد على الغاز الطبيعي الروسي، فإنتاج أوكرانيا من الغاز الطبيعي يسد 16% من المطلب المحلى فقط بينما بقيته يعتمد على الواردات بشكل أساسي من روسي, هذا بالإضافة إلى السوق التجاري الكبير بين البلدين حيث أن التجارة بينهم من المصادر الأساسية للاقتصاد الأوكراني , بسبب وجود سوق تجارى إستراتيجي بينهم، فروسيا تستورد من أوكرانيا”محركات الآلات، عربات القطارات، والآلات المصنوعة، كذلك استرداد المنتجات الزراعية الأوكرانية مثل السكر والمواد الغذائية كما تعتبر أوكرانيا المعبر الرئيسي لتمرير الغاز الروسي إلى أوربا بالإضافة إلى أن أوكرانيا منفذ لها على البحر الأسود، فعن طريقه يتم تسهيل النقل التجاري بين البلدين.مما يمثل أهمية اقتصادية لروسيا. لذلك كان على روسيا التدخل من أجل حماية مصالحها الاقتصادية “الحيوية والإستراتيجية” المستقبلية في المنطقة بشكل عام ومع روسيا بشكل خاص.[54]

ثانيا: الموقف التركى:

بينما الموقف التركي هناك عدد من الأسباب دفعت الحكومة التركية إلى اتخاذ جانب الغرب الموالي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، تتمثل في أن سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم يعتبر تغييرا جذريا في التوازنات الاستراتيجية في البحر الأسود وتهديدا للأمن القومي التركي، حيث تعتبر شبه جزيرة القرم المنطقة الأقرب لتركيا في شمال البحر الأسود، ومن المعروف أن هناك عداء تاريخي بين تركيا وروسيا، الأمر الذي دفعها للانضمام لحلف شمال الأطلسي، كما أن منطقة القرم يتواجد بها أقلية تركية يطلق عليها تتار القرم وتنظر تركيا إليهم على أنهم جزء من العالم التركي، وبعد الانفصال عن أوكرانيا أضحت الأقلية التركية تحت رحمة الأغلبية الروسية. وتسعى تركيا من خلال هذا الموقف الداعم للغرب إلى نيل رضا الغرب والولايات المتحدة الأمريكية اللذين ينتقدان السياسة التركية الداخلية،كما ان الأزمة الأوكرانية، دفعت بتركيا إلى أن تكون بين معضلتين، بشأن العلاقات الاقتصادية مع روسيا، والعلاقات الجيوسياسية مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع تركيا للتقارب إلى روسيا مؤخرا، وعقد العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع موسكو، مع التأكيد على الموقف التركي الرسمي الداعم للقضية التتارية، والاعتراف بحقوق شعب تتار شبه جزيرة القرم، ومطالبة الجانب الروسي بالالتزام بالقوانين الدولية.[55]

فضلت تركيا خيار عدم إثارة المشاكل مع جيرانها، والذي أتى ثماره في العلاقات مع كل من روسيا وأوكرانيا في آن واحد، وذلك للحفاظ على التوازن الإقليمي لتركيا في أوروبا، وكسب الدعم الأمريكي من جانب، والحفاظ على المكاسب الاقتصادية مع روسيا، والتي تدعم الخطط المستقبلية لحكومة العدالة والتنمية. كما تدرك تركيا أن واردات الغاز الطبيعي من روسيا تمثل حاليا 60% من احتياجاتها، وعليها أن تحافظ على دور الوسيط في حل الأزمة الأوكرانية إلا أن تتمكن من التخلص من التبعية الروسية. [56]

الى جانب الازمتين السورية والاوكرانية يوجد بعد الازمات التى سوف نتناوله باختصار مثل ازمة الحركات الاسلامية, وعضوية تركيا فى حلف الناتو. فبالنسبة الى ازمة الحركات الاسلامية فنجد ان روسيا تحرص بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وعقيدته الشيوعية على إظهار أنه ليس لها مشكلة مع الاسلام محليا ولا في المنطقة العربية ولكن لديها تصورات سلبية تجاه الحركات الاسلامية السياسية و الجهادية. أما تركيا، فلديها رؤية مختلفة تماما عن روسيا تجاه الحركات الاسلامية السياسية، ولكنها تتقارب مع روسيا في مواقفها تجاه بعض الحركات الجهادية. فروسيا تخشى أن يزداد نفوذ دول أخرى مثل تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية, بما يعزز “النموذج التركي” الذي يروجه، ويزيد من محاولات محاكاته ليس في المنطقة العربية فحسب انما في مناطق الجوار الروسي في آسيا الوسطى والقوقاز. وقد يعني ذلك احتمال امتداد النفوذ التركي إلى المجال الروسي الحيوي، وتقويض مصالح روسيا في المنطقة العربية. كما تقلق روسيا على استقرارها الداخلي, فهي تخشى انتقال تأثير الجماعات الجهادية إلى المناطق المسلمة فيها وفي جوارها، مما قد يشعل حروب جديدة كحرب الشيشان.[57]

كما تمثل عضوية تركيا في حلف شمال الأطلنطي وما تفرضه هذه العضوية من التزامات على تركيا، والتي من الممكن أن تتعارض مع المصالح والأهداف الروسية حيال بعض قضايا المنطقة، فعلى سبيل المثال السياسة التركية في منطقة البحر الأسود واشتراكها في مشاريع بحر قزوين وخطط إمدادات الطاقة المنطلقة من أذربيجان وجورجيا نحو أوروبا، ربما لن تجد هذه السياسة قبولًا روسيًّا في ضوء المسعى الروسي لتعزيز نفوذه في تلك المناطق.

الفصل الرابع

ازمة الطائرة الروسية و تداعياتها

كما ذكرنا من قبل ان طبيعة العلاقات الروسية التركية يغلب عليها الطابع المميز لمسار العلاقات الدولية، فعلى مدار التاريخ الطويل للدولتين مرت علاقاتهما بموجات من الصعود والهبوط ارتباطا بتوجهات القيادة السياسية في الدولتين من ناحية، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى، وبطبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما من ناحية ثالثة، فيذكر أن هناك ميراثاً تاريخياً من الخلافات بين البلدين, و الذى تحدثنا عنها باستفاضة فى الفصل السابق .

وواحدة من اسباب تصاعد الأزمة الحالية بين الروس والاتراك هي قضية التدخل الروسي في سوريا والمصالح المتضاربة بين الروس والاتراك بين بقاء نظام بشار الاسد ورحيله، فضلاً على تعصب القيادة التركية المتمثلة بـ اوردوغان، والخلاف بين الرئيسين بوتين واوردوغان، التي وصلت لحد السجال والقاء التهم بين الاثنين في وقت سابق، ولعل الاخطر من ذلك، والذي كان يدور منذ تدخل روسيا في المنطقة قد حدث بإسقاط الطائرة الروسية، طائرة سيخوي من طراز “سو- 24” فوق جبل التركمان. لذلك سيتم تقسيم هذا الفصل كالاتى :

  • المبحث الاول: ازمة الطائرة الروسية.
  • المبحث الثانى: تداعيات الازمة على العلاقات بين البلدين.
  • المبحث الثالث: سيناريوهات ازمة الطائرة.

المبحث الاول: ازمة الطائرة الروسية

لم تكن العلاقات الروسية التركية متوترة إلى هذا الحد في تاريخها منذ 1945-1953، أي عندما انتهت مدة معاهدة الصداقة السوفييتية التركية، إذ حاول السوفييت حينها الضغط على الأتراك لتعديل شروط معاهدة موتنرو 1936 التي منحت تركيا السيطرة الكاملة على مضائق البوسفور، المنفذ الوحيد لموسكو إلى المياه الدافئة، لتتراجع موسكو عن مطلبها بعد وفاة ستالين كمحاولة لإعادة تطبيع العلاقات مع دول الشرق الأوسط والمعسكر الغربي. كما ان العلاقات الروسية التركية وإن كانت تشوبها الكثير من الخلافات السياسية بدءً من موقفهما من الأزمة السورية وكون تركيا عضواً في حلف الناتو فضلاً عن تحالف تركيا مع الولايات المتحدة، ووصولاً إلى موقف روسيا من القضية القبرصية، بالإضافة إلى تاريخ قديم من الصراعات والحروب منذ عهد القياصرة والعثمانيين، إلا أن المصالح الاقتصادية لطالما تغلبت على تلك الخلافات لدرجة أن تركيا امتنعت عن الانضمام إلى العقوبات الغربية على موسكو لدعم تلك العلاقات الاقتصادية. كما ان روسيا لم تتلق في تاريخها ضربة قوية من دولة أطلسية كالصفعة التي وجهتها لها تركيا بإسقاط طائرتها فوق الحدود السورية ، لتبدو الحادثة بمثابة خطوة كبيرة من أنقرة تحمل رسالة لموسكو مفادها أن لهذه المنطقة قواها الإقليمية، وليست ساحة مستباحة لروسيا المستفيدة إلى أقصى حدّ من الظروف الدولية والتراجع الأميركي من الجبهات الحامية. [58]

شهدت العلاقات الاقتصادية الروسية-التركية نموًا مضطردًا خلال الأعوام الأخيرة، على الرغم من الخلافات حول معظم الملفات السياسية، وكانت مقبلة على تنفيذ مشاريع ضخمة أبرزها مشروع السيل التركي، والاتفاق على إنشاء أول محطة نووية لتوليد الطاقة. كما تعتمد تركيا على الغاز الروسي في تغطية نصف احتياجاتها. بالاضافة للتطورات الحادثة فى العلاقات التجارية بين البلدين،و كذلك مجال السياحة, حيث استقبلت تركيا نحو 4.5 مليون سائح في عام2014 . كان واضحًا أن العلاقات تسير بشكل غير متوازن.

بينما نجد ان المصالح الاقتصادية لم تنجح في الحفاظ على علاقات سياسية مستقرة بين البلدين. فقد كان لتركيا بالتعاون مع السعودية وقطر دورًا محوريًا في تشكيل الحلف المعادي لسوريا، وهي تحتضن الحركات الإسلامية المتطرفة، وتعتبر ممرا للمتطرفين للدخول إلى سوريا، التى تعتبر الحليف الإستراتيجي لروسيا، ومع ذلك لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين، قبل إسقاط الطائرة الروسية.

صحيح أن المصالح الاقتصادية تشكل المحور الرئيسي في العلاقات الدولية في مرحلة العولمة الرأسمالية، والعلاقات الروسية التركية لا تخرج عن هذا الإطار، لكن من الصعب المفاضلة بين العلاقات الروسية التركية، والعلاقات الروسية السورية، فالعلاقات الروسية السورية علاقات إستراتيجية تتجاوز حدود التبادل التجاري المباشر بين البلدين، وخاصة في المرحلة التي يشهد العالم فيها تشكل نواة التعددية القطبية، فالعلاقة مع سوريا لا تخضع للابتزاز أو المساومة، خاصة وأنها أصبحت جزءًا من الأمن القومي الروسي. في الوقت الذي تعتبر فيه تركيا الحليف الإستراتيجي لأمريكا، وعضو في الحلف الأطلسي، ولديها قواعد عسكرية أمريكية.[59]

أسفرت العملية العسكرية الروسية في سوريا عن توتر شديد في العلاقات بين موسكو وأنقره بسبب اختراق سلاح الطيران الروسي الأجواء التركية (سو-30 وسو-24 حسب الناتو). وتوعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان روسيا بأنها “قد تخسر صديقاً مهما كأنقرة”، فيما أعلن الـ”ناتو” أن انتهاك سلاح الطيران الروسي كان مقصوداً. وعلى الرغم من سعي روسيا إلى التخفيف من حدة الموقف إذ عزت اختراق طائرتها إلى سوء الأحوال الجوية، لم يخفف ذلك من غضب السلطات التركية التي حذرت موسكو من تدخل حلف شمال الأطلسي.مشكلة اختراق طائرات سلاح الطيران الروسي للأجواء التركية فيما كانت في طريقها إلى الأراضي السورية، واعتراض الطائرات التركية لها، عادت إلى السطح مجدداً في الولايات المتحدة، وذلك بعد استنكار الحادث من قِبل تركيا والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، بالإضافة إلى شجب الإدارة الأمريكية له على لسان وزير الدفاع إشتون كارتر الذي وصف نهج السلاح الجوي الروسي بغير المسئول وغير المهني فيما أكدت روسيا أن الحادث هو الأول من نوعه. وحاولت السلطات الروسية تهدئة ألأمور وذلك عبر إصرار وزارة الخارجية أمس على التصريح الذي صدر يوم الاثنين عن وزارة الدفاع الروسية، والذي يفيد بأن طائرتين روسيتين اخترقتا في الثالث من أكتوبر 2015 الأجواء التركية لثوان معدودة “جراء سوء الأحوال الجوية”.[60]

ولعل الاخطر من ذلك، قد حدث بإسقاط الطائرة الروسية، طائرة سيخوي من طراز “سو- 24” فوق جبل التركمان. إذ تقول تركيا أنها اخترقت الاجواء التركية لعشرة مرات خلال 5 دقائق وتم تحذيرها بشكل متكرر ولم تستجيب الطائرة للتحذير، مما ادى إلى سقوط الطائرة وقتل الطيارين في منطقة جبل التركمان كما تشير بعض المصادر. وبالمقابل صرح الكرملين بأن الطائرة الروسية لم تخترق الاجواء التركية وكانت على بعد 4 كيلومتر أو أكثر عن الحدود المسموح بها، وهي داخل الاجواء السورية أي في المناطق التي يدور فيها قتال. وبغض النظر عن أن الطائرة اخترقت الاجواء التركية أم لم تخترقها، إلا أن من المؤكد بأن لتلك الحادثة تداعيات خطيرة على المنطقة. قد وعد الكرملين بأن حادثة اسقاط الطائرة سابقة خطيرة، وقد تلقي بضلالها على العلاقات التركية الروسية. [61]

ووصف الرئيس الروسي بوتين الحادثة خلال زيارته العاهل الأردني، بأن حادثة اسقاط الطائرة الروسية “طعنة في الظهر من قبل قوى داعمة للإرهاب”. وهذا يشير إلى الاتهام الروسي المتكرر لتركيا بأنها هي من تساعد تنظيم داعش وتدعمه اقتصادياً، محذراً تركيا بالقول: “ستكون هناك عواقب وخيمة على العلاقات بين موسكو وأنقره”. في المقابل لم يكن الموقف التركي اقل قوة من ردة الفعل الروسية، وقد جاء الرد على لسان رئيس الوزراء احمد داود أوغلو بأن “من حق تركيا الرد على انتهاك مجالها الحيوي”. وقد استدعت موسكو الملحق العسكري التركي لديها بعدما اكدت السفارة الروسية في أنقرة على استدعاء وزارة الخارجية التركية الوزير المفوض لدى سفارتها “سيرغي باتوف”. وقد طلبت تركيا من حلف الناتو اجراء مشاورات حول الحادث، و هو الامر الذى استفز روسيا, لأن حادثة سقوط الطائرة الروسية يعد الأول من نوعه من قبل دولة عضو في حلف الناتو منذ خمسينيات القرن الماضي، ولموقف الروس من حلف شمال الأطلسي اذ أن أحد أسباب خلاف الروس مع تركيا هو بسبب عضويتها بحلف الناتو.[62]

المبحث الثانى: تداعيات الازمة على العلاقات بين البلدين

وتعتبر أزمة اسقاط الطائرة الحربية الروسية، من قبل طائرة حربية تركية يوم 24 نوفمبر2015 منعطفاً خطيراً في سياق الأزمة السورية، فقد ألقى الحادث بظلاله على العلاقات الروسية التركية بشكل خاص، والعلاقات الروسية مع دول حلف الناتو بشكل عام. فمنذ اللحظة الأولى رأت روسيا أن حادثه اسقاط الطائرة السوخوي24 ، بمثابة تعدي كبير على الكرامة والكبرياء الروسي، وهو ما يفسر حجم التهديدات والغضب الروسي، والذي جاء قوياً جداً من كافة المستويات، ففي بيان صدر عن وزارة الخارجية الروسية، أكد أن هذا الحادث يعتبر انتهاكاً سافراً للمذكرة الروسية الأمريكية المشتركة حول ضمان سلامة طلعات الطائرات العسكرية في سوريا، والتي أخذت الولايات المتحدة فيه على عاتقها المسؤولية عن التزام جميع دول التحالف الدولي بالقواعد المنصوص عليها في هذه الوثيقة . وفي معرض تعقيبه على الحادث، اكد الرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين” أن ما حدث هو ضربة في الظهر من قبل دولة يفترض أنها حليفة لروسيا وتشارك في الحرب على الارهاب. وقال “أن أعوان الإرهابيين وجهوا ضربة لروسيا – في إشارة لتركيا – وحذر بوتين من عواقب وخيمة لهذا الحادث”.[63]

ففي البعد العسكري نرى أن الحادثة ستضع تركيا في مقابل روسيا. وكانت تركيا قد أوضحت بأن ما حصل كان حسب قواعد الاشتباك وأنها قامت بتحذير الطيار ونشرت صور الاختراقات التي قامت بها الطائرة الروسية. بينما ترى موسكو أن طائرتها لم تخرج عن مجال الطيران السوري وأن إسقاط الطائرة تم فوق الأراضي الروسية. ويظهر البعد العسكري هنا وكأنه جدال يدور بين الطرفين لمن معه الحق، ففي المرات السابقة كانت موسكو تحمّل مسؤولية اختراق الأجواء على الطيار وتقول إنه خطئ شخصي، بينما نراها الآن وهي تتخذ موقفًا أكثر صلابة ونديّة. اما البعد الاستراتيجي للأزمة نرى أن العلاقة التركية الروسية مهددة بالانهيار، كما وقد يمتد الأمر إلى توترات في العلاقة بين روسيا والناتو. لا تريد كل من تركيا وأوروبا أن تنحدر الأزمة إلى هذا المستوى، فالدبلوماسية التركية تسعى لتدعم أحقيتها من الناتو والأمم المتحدة. فهذه الأزمة متعلقة بشكل وثيق بالاستراتيجية الروسية على المستوى الإقليمي والعالمي.أما في البعد السياسي فإن أهمية العلاقة الثنائية التي تجمع تركيا وروسيا في المستوى السياسي والاقتصادي قد تدفع إلى تجاوز سوء التفاهم الحاصل حاليا كما كانت المرات السابقة، ورغم كل الاختلافات بينهم فيما يتعلق بالقضية السورية إلا أن صداقتهما والتعاون بينهما كان مستمرا.[64]

اما الجانب الاقتصادى و الذى يعتبر المتاثر الاكبر بالازمة , فاهم نقاط العلاقات الاقتصادية المعرضة للانهيار بين الدولتين الجارتين بسبب الصراع الساخن في الشرق الأوسط وعلى رأسه الصراع في سوريا ترتكز على خمس نقاط أساسية، وهي الغاز والمشروعات المشتركة في هذا المجال والتبادل التجاري ومحطة الطاقة النووية التركية، والسياحة الروسية إلى تركيا، والاستثمارات المتبادلة. فبالرغم من تأكيدات موسكو على لسان وزير خارجيتها أن التوتر مع أنقرة لن يتحول إلى حرب عسكرية، إلا أن القيادة الروسية دقت طبول المعركة الاقتصادية، حيث وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما رئاسيًا بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا بينها: حظر استيراد بعض السلع من تركيا ووقف الرحلات السياحية التجارية بين البلدين، فضلا عن وضع قيود على نشاط الشركات التركية في روسيا والأتراك الذين يعملون لصالح شركات روسية. كما قررت موسكو إلغاء العمل بنظام الدخول بدون تأشيرات سفر بينها وبين تركيا اعتبارا من 1 يناير. وأوقفت دائرة الهجرة الروسية 39 من رجال الأعمال الأتراك أثناء تواجدهم بموسكو بدعوى انتهاكهم قوانين الهجرة الروسية لدخولهم البلاد بتأشيرة سياحية بينما كان الغرض من زيارتهم تجاريا، وهو المشاركة في أعمال معرض زراعي جنوبي روسيا .أعلنت روسيا أيضا أنها تعيد النظر في جميع المشاريع المشتركة مع تركيا، بما فيها مشروع محطة أكويو أول مشروع محطة نووية في تركيا، كما تهدد تلك التطورات السياسية مشروع نقل الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا.[65]

وهذه الإجراءات تشكل ضربة اقتصادية قوية لتركيا. ومن بين نحو 38 مليون سائح زاروا تركيا عام 2014 كان هناك قرابة 5 ملايين روسي. وبلغ إنفاقهم قرابة 5 مليارات دولار تعادل نحو 15% من الإيرادات السياحية التركية. أما على صعيد التجارة فإن روسيا هى ثانى أهم شريك تجارى لتركيا. وبلغت قيمة الصادرات التركية لروسيا نحو 7 مليارات دولار عام 2013، بما جعل السوق الروسية فى المرتبة الرابعة بين أهم مستوردى السلع التركية بعد ألمانيا والعراق وبريطانيا. وفى جانب الواردات تأتى روسيا فى مقدمة الدول المصدرة للسلع لتركيا، حيث استوردت تركيا منها بما قيمته 25.1 مليار دولار عام 2013. ومشكلة تركيا فى هذه التجارة أن صادراتها لروسيا من الفواكه والخضر والسلع الصناعية يمكن للأخيرة ان تتحول عنها إلى الاستيراد من بلدان أخرى مثل الصين والهند وبلدان الشرق الأقصى ومصر، فى حين أن وارداتها من روسيا المتركزة فى النفط والغاز يصعب التحول عنها خاصة أن القرب الجغرافى يجعل تكلفة نقلها والتأمين عليها محدودة وهى ميزة كبيرة لتركيا.[66]

بينما استبعد “أردال طاناس قره غول”، الخبير الاقتصادي من مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (SETA)، تأثر العلاقات التركية الروسية في مجال الطاقة، على خلفية إسقاط طائرة روسية اخترقت المجال الجوي التركي،  كما إن “الاتفاقات الدولية تمنع روسيا من قطع تدفق الغاز إلى تركيا”، موضحًا أنه لا يعتقد بلجوء روسيا إلى ذلك. وأشار الخبير الاقتصادي، أن “أزمات عدة واجهت البلدين سابقاً، تباينت فيها رؤيتهما السياسية، غير أن علاقاتهما في مجال الطاقة لم يطرأ عليها أي تأثير سلبي”، مؤكداً أن “تركيا هي أكبر سوق لروسيا بعد ألمانيا”.وأضاف أن “روسيا لديها مشاريع ضخمة من ضمنها “السيل التركي” لإيصال الغاز الطبيعي إلى دول أوروبية، وفي هذا الإطار تحتل تركيا مكانة مهمة بالنسبة لها، وتعتبر بوابة في تحقيق هذه المشاريع”. و”السيل التركي” هو مشروع خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر تركيا.وأكد أنه “في حال تعثر علاقة تركيا مع موسكو في مجال الطاقة، يمكنها التوجه إلى بدائل أخرى مثل قطر والجزائر، لتلبية احتياجاتها من الغاز” [67]

كما تباينت ردود الفعل الدولية إزاء إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي اخترقت أجواءها، ما بين مؤيد لما قامت به تركيا وما بين معارض، وبين من دعا تركيا وروسيا لضبط النفس، وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها.وأبرزت هذه الأزمة تركيا على الصعيد الدولي، بأنها دولة عظمى، لها نفوذها السياسي والاقتصادي بين الشرق والغرب، سياسيا لا تستطيع دول حلف “الناتو” التخلي عن تركيا في ظل هذه الأزمة، وهي واحدة من أعضاء هذا الحلف, وفي رد حلف شمال الأطلسي على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخصوص الحادث، التي قال فيها إن تركيا وجّهت له “ضربة في الظهر” وأن طائرة بلاده “كانت تقوم بعملية ضد داعش في سوريا، ولم تشكّل خطرا على الأمن التركي, ومن الدول التي أكدت ثقتها بتركيا قطر التي أكدت على ثقتها في أن “تركيا وروسيا ستجدان طريقة للحل السياسي والدبلوماسي”، عقب حادثة إسقاط الطائرة الروسية بعد اختراقها للأجواء التركية، آملة أن لا يكون هناك تصعيد بين البلدين، وأشارت الخارجية القطرية إلى أن العلاقات بين تركيا وروسيا كفيلة بأن تجعل الدولتين تتخطيان الأزمة.كما دعت الحكومة اليابانية، روسيا وتركيا للتحلّي بالهدوء في تسوية الخلافات بشأن إسقاط الطائرة الروسية، أما فرنسا، فقد قال فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي، إنه يجب على تركيا وروسيا أن تتجنبا تصعيد الأمر بينهما بعد سقوط الطائرة، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة للتعاون مع روسيا إذا وافقت على تركيز ضرباتها على تنظيم “داعش” الإرهابي .[68]

المبحث الثالث: سيناريوهات ازمة الطائرة

وتعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية سابقة خطيرة في العلاقة بين البلدين، وتصعيد كبير في مسار الاحداث المتلاحقة في المنطقة. وبالتأكيد ستتصاعد الأزمة السياسية بين البلدين في ظل التواجد الروسي في المنطقة، وربما لن تكون حادثة اسقاط الطائرة، الحادثة الأخيرة، وقد يترتب عليها تداعياتها خطيرة، لاسيما بعد وفاة الطيارين، وربما تنذر تلك الحادثة بمواجهة أو صدام مباشر بين الطرفين في حالة تكرار الحادث، لاسيما في ظل الموقف المتشنج وتراكم الازمات بين البلدين.وفي ظل هذه المواقف المتناقضة والمتعارضة بين الجانبين؛ فيما يتعلق بالأزمة السورية بشكل عام وأزمة الطائرة الحربية الروسية بشكل خاص،الأمر الذي يفتح الباب أمام مجموعة من الاحتمالات المستقبلية التي يمكن أن تُشكّل مسار للأحداث والتطورات الميدانية والسياسية والاقتصادية، فيما يتعلق بالعلاقات التركية والروسية في المنظور القريب:

السيناريو الاول: احتمالات الصدام العسكرى :

تبين بعد إسقاط الطائرة الروسية، أن هناك سياسة تركية أكثر هجومية، خصوصا بعد الانتصار الذي حققه حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات التشريعية الأخيرة, الأمر الذي أدى إلى عاصفة من التهديدات الروسية، مما فتح الباب أمام مزيد من التوتر في العلاقة بين البلدين، مع إمكانية وصولها إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على المنطقة العربية بشكل عام ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بشكل خاص؛ نظراً لأن هذه الحرب لو اندلعت يمكن أن تكون بمثابة حرب عالمية ثالثة. فاذا حاولت تركيا استفزاز الروس مرة ثانية، سيكون للروس ردود فعل غاضبة، وقد تنذر بمواجهة عسكرية، وستكون الفصائل المسلحة التي تدعمها تركيا ودول الخليج هدفاً للطائرات الروسية بعد هذا الحادث، لاسيما وأن قتل الطيارين جاء على يد تلك الجماعات بعد هبوطهما بالمظلة. وسيحاول الروس رد الاعتبار لهم في قادم الأيام، وربما سكوت الروس لحد الآن هو لمعرفة ملابسات الحادث، والوقوف على تفاصيله، لاسيما إذا ما توافقت الرؤية الروسية مع روايتها القائلة بأن طائرتها لم تخترق الاجواء التركية. كل تلك المواقف سيكون لها أثر كبير في تحديد الموقف الروسي من الاتراك، لاسيما الموقف العسكري الذي يستبعده البعض. مما سينذر بتصاعد الأزمة بين البلدين وتصاعد حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.[69]

السيناريو الثانى: احتمالات المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية:

اتخذت الأزمة السورية بعداً آخر في طبيعة العلاقات بين روسيا وتركيا، بعد إسقاط تركيا المقاتلة الروسية، فقد تكون الأبعاد الاقتصادية والدبلوماسية هي أحد الوسائل المناسبة للرد على حادثة اسقاط الطائرة الروسية. فقد تزايدت مؤشرات توتر العلاقات، خاصة التجارية، بين موسكو وأنقرة، بعد وقف روسيا استيراد اللحوم التركية، والتلويح بعقوبات اقتصادية أخرى. فقد اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيا بأنها تقود بشكل متعمد العلاقات مع روسيا إلى طريق مسدود، وقال “أنقرة لم تعلن عن اعتذارات أو مقترحات بتعويضات عن إسقاط الطائرة الروسية، أو معاقبة مرتكبي الجريمة حتى الآن”، وأشار إلى أن الغدر التركي لا يمكن تفسيره، وطالب بوتن باعتذار رسمي من أنقرة، لكن الأخيرة رفضت. واتخذت موسكو عددا من الإجراءات العقابية من بينها وقف العلاقات العسكرية وإلغاء صفقات تجارية. وفي هذا السياق حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الحادث سيكون له “آثار وخيمة” على العلاقات بين الجانبين. الأمر الذي يزيد من احتمالات تصاعد حدة التوتر في العلاقات الروسية التركية وصولاً المقاطعة الاقتصادية شبة الكاملة، في ظل حالة التفرج الأمريكي، وعجزها عن تقديم أي مساعدة سياسية أو دبلوماسية لتركيا البلد الحليف في هذه الأزمة.[70]

السيناريو الثالث: احتمالات التوافق السياسي:

تدرك روسيا وتركيا أن التصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي ليس في مصلحة البلدين في الوقت الراهن، لذلك قد تتجه الأمور نحو التسوية السياسية والدبلوماسية، من خلال التوافق على عدم تكرار الحادثة، لأن كل طرف يمتلك وسائل ضغط على الطرف الأخر. فالخيارات العسكرية والاقتصادية المتاحة والمتبقية أمام روسيا للرد على إسقاط الطائرة قد تؤثر على الاقتصاد الروسي المتدهور أصلا , حيث ان مع العقوبات الروسية ضد تركيا يُتوقع أن يرتفع التضخم الروسي بنسبة 0,5-1% في نهاية العام الحالي ومطلع العام المقبل، وذلك بالتزامن مع الضغوط التي يشكلها انخفاض أسعار النفط على التضخم. في المقابل تملك تركيا ورقة هامة بتحكمها في مسار السفن الروسية المارة عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، رغم أن اتفاقية “مونترو” لعام 1936، التي تنظم حركة المرور عبر المضايق، لا تعطيها الحق في التضييق على الملاحة البحرية إلا إذا كانت في حالة حرب وتهديد مباشر لأمنها,. فليس من السهل على الطرفين التضحية بهذه المصالح الحيوية بسهولة، لذلك من المتوقع أن تكون هناك استجابة للطرق الدبلوماسية لتسوية الأزمة، وذلك لصعوبة فتح مواجهة عسكرية أو اقتصادية بين البلدين، في ظل هذا الوضع الدولي والاقليمي.

لقد تركت حادثة اسقاط الطائرة الروسية تداعيات كبيرة على العلاقات التركية الروسية، ووفرت فرصة ذهبية لروسيا لفرض وقائع جديدة على الأرض، لم تكن لتستطيع فرضها في الظروف الطبيعية، في المقابل لم تستطع تركيا تحقيق أي من أهدافها والتي كانت تهدف بالأساس إلى وقف تمدد النفوذ الروسي في سوريا وإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا. فتركيا الآن ومترقبة وتركز كل جهودها العسكرية والدبلوماسية ترقبا لردة الفعل الروسية. ومن المتوقع أن تلجأ تركيا إلى التراجع عن مواقفها التصعيدية و أنها ستفضل تهدئة العلاقات بينها و بين روسيا، لأنها تعلم جيداً حجم الخسائر الاقتصادية التى ستلحق بها فى حالة نشوب حرب بينهما، اما روسيا فلن تستسلم وستواصل جهودها من أجل السيطرة على سوق الغاز فى أوروبا .[71]

وفي النهاية يمكن القول أن إسقاط تركيا لطائرة روسية حربية يعتبر نقطة تحول رئيسية في مسار الاحدث في الأزمة السورية؛ الأمر الذي عمق أزمة العلاقة ما بين البلدين، وصب الزيت على النار المشتعلة بين روسيا حلفائها من جهة، وتركيا وحلف الناتو من جهة أخرى، بما ينذر بحرب عالمية ثالثة، الأمر الذي أدى إلى تعزيز التواجد العسكري الروسي على المستوي الكمي والكيفي، وتراجع للدور التركي بما يعزز فرص بقاء النظام السوري الحالي، واستمرار أمد الحرب إلى أبعد مدى.

الخاتمة:

كما اشارنا ان العلاقات الروسية التركية مرت بمراحل متعددة من الهبوط والصعود , فقد تناولنا فى الفصل الاول المحددات والمتغيرات التى اثرت على هذه العلاقات سواء بالسلب او الايجاب ,فقد تحدثنا فى المبحث الاول عن المحددات الداخلية التى تمثلت فى المحدد التاريخى و الذى تحدثنا فيه عن علاقات البلدين التاريخية, بالاضافة الى المحدد الجغرافى وكيف اثر عليهما وعلى المصالح المتبادلة بين البلدين, كما تناولنا رؤية القيادة فى كل بلد وتوجهاتها. وتناولنا فى المبحث الثانى المحددات الخارجية والتى تم تقسيمها الى اقليمية وتتمثل فى مصالح البلدين اتجاه منطقة اسيا الوسطى والقوقاز, ودولية وتمثلت فى العلاقات الخارجية للبلدين و منها العلاقات الروسية الايرانية والعلاقات التركية الامريكية .

اما الفصل الثانى فقد تناولنا القضايا التعاونية بين البلدين, والتى تعتبر المحرك الاساسى لهذه العلاقة الوثيقة بينهما, فقد تناولنا فى المبحث الاول من هذا الفصل دوافع كل بلد التى مثلت سبب فى هذا التعاون, ثم انتقلنا فى المبحث الثالث للحديث عن اهم مجالات التعاون و التى ابرزها مجال الطاقة و الغاز و العلاقات الاقتصادية . و يعتبر الفصل الثالث هو المعاكس للسابق له حيث تناول القضايا الخلافية بين البلدين , حيث تناول اهم الازمات التى حدثت فى الفترة الحديثة بينهما و اهمها الازمة الاوكرانية والازمة السورية . ثم تم التطرق باختصار لازمة الحركات الاسلامية لما لها من تاثير كبير على علاقات البلدين .

بينما تطرقنا فى الفصل الاخير للحديث عن ازمة اسقاط تركيا للطائرة الروسية, والتى تم افرداها فى فصل كامل لما لها من تداعيات على مسار ومستقبل العلاقات الروسية ,فقد مثلت هذه الحادثة ضربة غير مسبوق وغير متوقع للرئيس بوتن والمتوقع ان الرد الروسى سيكون بنفس الدرجة واكثر. فقد تناول المبحث الاول احداث هذه الازمة ثم الحديث فى المبحث الثانى عن تداعيات هذه الازمة وتاثيرها على العلاقات بين البلدين وكذلك ردود الافعال الدولية اتجاه , واخيرا تناولن الحديث عن السيناريوهات المتوقعة ردا على هذه الحادثة.

ونجد ان العلاقات الروسية التركية وصلت إلى ذروة غير مسبوقة من التعاون مع بداية القرن الحادي والعشرين، وتحول الطرفان إلى مفتاح للأمن والاستقرار في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز رغم ما فيهما من عناصر توتر كبيرة. وتدعمت هذه العلاقات بشراكة اقتصادية متميزة دعمت اقتصاديات البلدين، في وقت شهد فيه العالم أزمة اقتصادية عميقة لا تزال تلقي بظلالها على العالم إلى اليوم. وان تباين وجهات النظر بين البلدين بشأن ملفات كثيرة، لم يمنع البلدين خلال السنوات الأخيرة من اختيار التنسيق والتعاون بشأن قضايا استراتيجية حيوية، وتنسيق مواقف مشتركة كانا في حاجة إليها، مكنتهما من إحداث التوازن المطلوب في المشهد الدولي، سواء الحد من توسع “الناتو” ، أو الموقف من الاتحاد الأوروبي، وهي مواقف حدَّت من هيمنة قوى الغرب على المشهد الدولي. ومن الطبيعي أن نشهد نوعًا من التنافس وعدم الارتياح المتبادَل بين البلدين، خاصة أن الروس يراقبون الصعود الملحوظ للقوة التركية في مختلف المجالات. رغم أن خيار التهدئة واحتواء الأزمة يبدو هو السيناريو الأفضل للطرفين، فإن ما يمر به العالم اليوم من تحول كبير طال أهم الفاعلين الدوليين يجعل سيناريو التصعيد يبقى واردًا بسبب حالة الغليان التي تعيشها المنطقة. 

قائمة المراجع

اولا: المراجع العربية

الكتب

  1. معمرفيصل خولى, العلاقات التركية الروسية: من ارث الماضى الى افاق المستقبل,( بيروت والدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات, 2014) .
  2. احمد نورى النعيمى, العلاقات التركية الروسية .. دراسة فى الصراع والتعاون, (عمان والاردن: دار زهران للنشر و التوزيع, 2011) .
  3. ستروييف، جغرافية الاتحاد السوفيتى، ( موسكو : دار التقدم ،د.ت).
  4. عبدالجليل زيد المرهون، السياسة الروسية تجاه الخليج العربى، (الامارات : مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2010).
  5. لمى مضر الامارة، الاستراتيجية الروسية بعد الحرب الباردة وانعكاساتها على المنطقة العربية، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 2009).
  6. نورهان الشيخ، صناعة القرار فى روسيا والعلاقات العربية الروسية، (بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1998).
  7. نورهان الشيخ، السياسة الروسية تجاه الشرق الاوسط فى القرن الحادى والعشرين، (القاهرة : مركز الدراسات الاوروبية، 2010).
  8. ليليا شيفتونا، روسيا بوتين، ترجمة: بسام شيحة (بيروت: الدار العربية، الطبعة الاولى 2006).
  9. شريف تغيان، الشيخ الرئيس رجب طيب اردوغان: موذن اسطنبول ومحطم الصنم الاناتوركى، (دمشق-القاهرة: دار الكتاب العربى،2011).

الدوريات العلمية

  1. جلال الورغى,”الازمة الروسية-التركية:محددات التاريخ والجغرافيا والتطلعات لادوار جديدة”, مركز الجزيرة للدراسات , ديسمبر 2015.
  2. خضير عباس النداوى, “توتر العلاقات الروسية-التركية .. التدعيات والتوتر الاقليمى”, اراء حول الخليج , العدد105 , سبتمبر 2014.
  3. عامر على راضى العلاق, “ملامح جديدة فى العلاقات التركية-الروسية, دراسات دولية”, مركز الدراسات الدولية, العدد 40, ابريل 2009.
  4. احمد دياب, “ابعاد الصراع التركى-الروسى وتداعياته”, السياسة الدولية , العدد 203, يناير 2016.
  5. منعم العمار, “التوجه الروسى اتجاه الجمهوريات الاسلامية”, (القاهرة:مركز بحوث جريدة الجمهورية, العدد 2, 1993).
  6. محمد نور الدين, “الاهمية الجغرافية لتركيا”, (القاهرة: المركز العربى للدراسات السياسية و الاستراتيجية,28 يونيو 2012).
  7. احمد عبدالله الطحلاوى, “استعادة الدور: المحددات الداخلية والدولية للسياسة الروسية, (القاهرة: المركز العربى للبحوث والدراسات, 6 نوفمبر 2016).
  8. حنان ابو سكين,بين الصراع والتعاون: التنافس الدولي في آسيا الوسطى, (القاهرة: المركز العربى للبحوث والدراسات, يونيو 2014).
  9. سونر چاغاپتاي و جيمس جيفري, “ردود فعل تركيا الخافتة على أزمة جزيرة القرم”, (معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى,العدد 2219, 4 مارس 2014).
  10. احمد دياب، “روسيا و اللعبة الكبرى فى اسيا”, مجلة السياسة الدولية، عدد 167، يناير2007، مجلد42.
  11. ارزو ديلمقانى، “العلاقات الايرانية الروسية فى عهد بوتين”، مختارات ايرانية، عدد 97، اغسطس 2008.
  12. اسامة مخيمر، “الطاقة والعلاقات الروسية مع اسيا”، مجلة السياسة الدولية، عدد 170، اكتوبر 2007.
  13. السيد امين شلبى، “بوتين و سياسة روسيا الخارجية”، مجلة السياسة الدولية، عدد 175، يناير 2009، المجلد 42.
  14. السيد صدقى عابدين، “السياسة الروسية فى اسيا : الاهداف و التحديات”، مجلة السياسة الدولية، عدد 170، اكتوبر 2007، مجلد 42.
  15. محمد عبدالرحمن العبيدى, “سياسة تركيا الخارجية تجاه منطقة القوقاز”,(جامعة الموصل: مركز الدراسات الاقليمية, 2012).
  16. عماد يوسف قدورة, “روسيا وتركيا: علاقات متطورة و طموحات متنافسة فى المنطقة العربية”, المركز العربى للابحاث ودراسة السياسات, 25/5/2015 .
  17. محمود سمير الرنتيسي, “العالقات التركية-الروسية: مستقبل التعاون الاقتصادي والخلاف السياسي”, مركز الجزيرة للدراسات, 11 ديسمبر 2014.
  18. زياد عبدالوهاب النعيمي, “الرؤية الأمريكية في دور تركيا الإقليمي”, (جامعة الموصل: مركز الدراسات الاقليمية,2009).
  19. نيكولاى كوزهانوف, “علاقات روسيا مع إيران”,(معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط, 2012).
  20. ايمان أشرف أحمد, “الأبعاد الدولية للأزمة الأوكرانية”, (القاهرة: المركز الديمقراطى العربى, 2005).
  21. باسم راشد, “تهديد جيوستراتيجى: حسابات القطب الروسى فى الازمة الاوكرانية, مجلة السياسة الدولية, العدد196, ابريل 2014.
  22. جورج فيشان, “أوكرانيا والقرم في السياسية الروسية,(القاهرة: مركز الجزيرة للدراسات, 26 مارس 2014).
  23. تامر بدوي, “تركيا وجيوبوليتيك الطاقة: الخيارات المحتملة بعد الأزمة الأوكرانية”, (القاهرة: مركز الجزيرة للدراسات ,8 يوليو2014).
  24. ميثاق مناحى العيساوى, “تداعيات اسقاط طائرة السوخوى 24 على العلاقات الروسية التركية”, مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية, 25/11/2015.
  25. ابراهيم عرفات، “روسيا و الشرق الاوسط …اية عودة”، سياسة دولية, عدد 17، اكتوبر 2007.
  26. تورج حاتمى، “المصالح الامريكية و الروسية فى اسيا الوسطى”، مختارات ايرانية، عدد 14، سبتمبر2002.
  27. حسام سويلم، “القواعد العسكرية فى اسيا الوسطى”، سياسه دولية، ابريل 2006.
  28. خالد ممدوح العزى، “سياسة روسيا فى دول العالم العربى”، الحوار المتمدن، عدد 3690, 6/4/2012.
  29. محمد نور الدين، “احمد دواوود اوغلو : الاستراتيجية التركية الجديدة” ، شئون الاوسط، عدد 116، خريف 2004.
  30. مصطفى اللباد، “اوروبا وسياسة تركيا الشرق اوسطية”، مجلة السياسة الدولية، اكتوبر 2010.
  31. محمد نور الدين، “تركيا والعالم العربى علاقات محسوبة”، مجلة السياسة الدولية، العدد 129، يوليو 2007.
  32. احمد عبدالله ناهى، “روسيا والملف النووى الايرانى”, اراء حول الخليج، عدد 48، سبتمبر 2008.
  33. عبير الغندور ، “بدائل التوجه السياسى التركى المعاصر”، المجلة العربية للعلوم السياسة، العدد 33، شتاء 2012
  34. على جلال معوض، “العثمانية الجديدة: الدور الاقليمى التركى فى الشرق الاوسط”، سلسلة قضايا، العدد 8، ( القاهرة: المركز الدولى للدراسات المستقبلية و الاستراتيجية، 2009).
  35. ابراهيم البيومى، “الثورات العربية تعصف بالسياسة التركية”، ملف الاهرام الاستراتيجى، العدد197، مايو 2011.
  36. سامح راشد، “دور تركيا الاقليمى .. افاق ما بعد غزة”، شئون عربية, العدد 137، ربيع 2009.

الرسائل العلمية

  1. منى دردير محمد, “السياسة الخارجية الروسية تجاه ايران خلال الفترة (2011:2000)”, رسالة ماجستير,(جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013 ).
  2. احمد محمد متولى, “تاثير الصعود الروسى على السياسة الخارجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط-دراسة حالة الازمة السورية”, رسالة ماجستير, ( جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2015).
  3. نرمين عزت عوض, “الاستمرار والتغيير فى السياسة الخارجية الروسيةتجاه دولاسيا الوسطى و القوقاز(2010:1991) “, رسالة ماجستير, ( جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013).
  4. احمد سالم محمد, ” السياسة الروسية والامريكية تجاه الازمة السورية واثرها على النظام الدولى والامن الاقليمى”, رسالة دكتوراه, (جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2016).
  5. محمود خليفة جودة, “ابعاد الصعود الروسى فى النظام الدولى وتداعياته (2000:2013)”, رسالة ماجستير, (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2015 ).
  6. على جلال معوض، “الدور الاقليمى لتركيا فى منطقة الشرق الاوسط 2002 – 2007″، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009).
  7. مروة حامد، “اثر التغير فى النخبة التركية الحاكمة على السياسة الخارجية التركية تجاه اسرائيل فى الفترة من 2002 الى 2010″، رسالة ماجستير،( جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013).
  8. صدام احمد سليمان، “دور حزب العدالة والتنمية فى التحولات الاستراتيجية للعلاقات العربية التركية فى الفترة 2002 – 2010″، رسالة ماجستير،( جامعة الشرق الاوسط, كلية الاداب والعلوم، 2011).
  9. طايل يوسف العدوان، “الاستراتيجية الاقليمية لكل من تركيا وايران نحو الشرق الاوسط 2002-2013″، رسالة ماجستير، (جامعة الشرق الاوسط، كلية الاداب و العلوم، 2013)

الابحاث والتقرير

  1. عبدالعال عبدالرحمن الديربى, “العلاقات الروسية التركية” , التقرير الاستراتيجى الروسى السنوى,(جامعة القاهرة: كلية الاداب, 2000).
  2. غالب عبدالحسين, “العلاقات العربية الروسية واقامة المستقبل”, (بحث مقدم الى جامعة البكر للدراسات العسكريةالعليا, كليةالدفاع الوطنى), الدورة الثالثة عشرة, 1997, 1998.

الصحف والجرائد

  1. هشام محمود, المصالح الاقتصادية تعيق عقوبات اوروبية ضد روسيا, الاقتصادية , العدد 7454, 9/3/ 2014.
  2. احمد السيد النجار, “تركيا.. أوهام الإمبراطورية وغباء السعى للأزمة” ,(القاهرة: بوابة الاهرام, العدد 47110, 30 نوفمبر 2011 ).
  3. سيف محمد, “الى تتجه العلاقات التركية الروسية”,(مركز الجوار للدراسات السياسة و الاعلامية, مجلة الحوار, العدد 12, 17 مارس 2015) .
  4. مصطفى اللباد، “السياسات الاقليمية لحزب العدالة و التنمية : خلفيات ايديولوجية ام مصالح وطنية”، (مجلة شرق نامة، العدد السابع، يناير 2011).

شبكات المعلومات الدولية (الانترنت)

  1. رانية طاهر,” الدور الإقليمي التركي في ظل ثورات الربيع العربي “, رؤية تركية , فراير 2013

http://rouyaturkiyyah.com

  1. محمد طلعت, العلاقات التركية الروسية… مجالات التقارب وقضايا الخلاف, رؤية تركية , 20/6/2013

http://rouyaturkiyyah.com

  1. تركيا وروسيا.. فرقتهما السياسة وجمعهما الاقتصاد, ارم نيو, 1/12/2014, http://www.eremnews.com/news/world/164327
  2. احمد مصرى, العلاقات التركية الروسية: الاقتصاد اقوى من السياسة, تركيا بوست, 27/11/2015

http://www.turkey-post.net/p-92357

  1. صلاح نيوف, تطور العلاقات الروسية-التركية, المركز الكردى للدراسات, 4/12\2014

http://goo.gl/2uPOcj

  1. الاقتصاد التركى خلال عقد العدالة و التنمية, رؤية تركية, http://rouyaturkiyyah.com
  2. عادل عامر, العلاقات الروسية التركية في ضوء المستجدات الجديدة, مركز جنوبية, 1/12/ 2015

http://janoubia.com/2015/12/01

  1. بشير عبدالفتاح, روسيا وتركيا.. ضرورات الاقتصاد تبيح محظورات السياسة, تركيا برس, 9/12/2014

http://www.turkpress.co/node

  1. راندا موسى, العلاقات العربية – الروسية ما بعد الربيع العربى, رؤية تركية, ربيع 2013

http://rouyaturkiyyah.com

  1. بيرم بالسى, “المعضلة السورية: ردّ تركيا على الأزمة” , مركز كارنيغى للشرق الاوسط, 12/2/2012

http://carnegie-mec.org/publications/?fa=47154

  1. “هذه هي سيناريوهات الرد الروسي على تركيا” , الحياة الجديدة, 20/11/2015, http://www.alhaya.ps/ar_page.php?id=ab3003y11218947Yab3003
  2. “غيوم في أجواء العلاقات الروسية-التركية”, RT, 7/10/2015 https://arabic.rt.com/press/
  3. غولاي غوكتورك, “أزمة الطائرة الروسية: الأسباب والنتائج المتوقّعة”, تركيا بوست, 1 ديسمبر 2015

http://www.turkey-post.net/p-93410

  1. لين محمود, “روسيا تعيد ترتيب رقعة الشطرنج التركية” , المركز الوطنى للابحاث و استطلاع الرأى, 28 ديسمبر2015

http://ncro.sy/?p=3025

  1. سامي كوهين, “أبعاد أزمة الطائرة الروسية” , ترك برس, 27 نوفمبر 2015 http://www.turkpress.co/node/15673
  2. “علاقات تركيا وروسيا الاقتصادية “زواج كاثوليكي” رغم الخلافات” , الجزيرة مباشر, 26 نوفمبر 2015.

http://goo.gl/f3Z5kJ

  1. اسراء محمود,”ردود الفعل الدولية حول إسقاط تركيا للطائرة الروسية”, تركيا بوست, 2 ديسمبر 2015

http://www.turkey-post.net/p-93403

  1. سارة حمدى, “مستقبل العلاقات الاقتصادية بين روسيا و تركيا” , جريدة الجماهيرية , 4 ديسمبر 2015

http://www.news.aljamahiria.com/arab-and-world

ثانيا: المراجع الانجليزية:

BOOKS:

  1. JAMES M Goldgeier & Micheal Mcfaul, power and purpose: U.S. Policy toward Russia After the cold War, (whashington: Brookings inistitution Press, 2003).
  2. Julien Barnes & Daniel levy, The Regional struggle for Syria, Published by European Council on Foreign Relation, July 2013.

Periodicals:

  1. Azuolas Bagdonas, Russia’s interests in the Syrian conflict: Power, Prestige, and Profit, European Jornal of Economic and Political Studies “EJEPS”, Vol.5, No.2, Aug. 2012.
  2. Ekarterina Stepanova, the Syria Crisis and the Marking of Russia’s Foreign Policy, PONARS Eurasia, Policy Memo No.199, June 2012.
  3. Fahrettin Sumer, Turkey’s Changing Foreign Policy and the Arab Spring, the Innovation Journal: The Public sector Innovaton gournah, Vol. 18, No. 1, 2013.
  4. Sertif Demir &Carmen Rijnoveanu, The Impact of the Syria Crisis on the Global and Regional Political Dynamics, Journal of Turkish World studies, Vol. 8, No. 1, Summer 2013.
  5. Raziye Akkoc, Andrew Marszal, and Roland Oliphant, “Russia Launches Airstrikes in Syria—As It Happened on Wednesday 30 September,” Telegraph, September 30, 2015.
  6. Dan Williams, “Russia Sending Advanced Air Defenses to Syria: Sources,” Reuters, September 11, 2015.
  7. Robin Emmott and Laila Bassam, “NATO Rejects Russia Explanation on Turkish Air Space,” Reuters, October 6, 2015.

Studies:

  1. Thanssis Cambainas, Confronting the “Mosco Track” for Syria: What the United States and Russia can talk about if they talk about Syria, the century Foundation, September 23, 2015.
  2. Robert O. Freedman, “Russia in the Middle East under Yeltsin,” in the Middle East and the Peace Process: The Impact of the Oslo Accords, (Gainesville: University Press of Florida, 1998).

Web sites:

  1. M.K. Bhadrakumar, Russia signals interest to defrost ties with Turkey, Asia Times News & Featuers, Middel east, Marsh 26,2016 At:

http://atimes.com/2016/03/russia-signals-interest-to-defrost-ties-with-turkey

  1. John E. Herbst, Estrangedfrom Russia, Turkey and ukrine Join Forces, Europe news week, April 15, 2016 At:

http://goo.gl/DOjoeT

  1. Richard Walker, Russia Readies for War with Turkey, American Free Press, February 26, 2016, At:

http://americanfreepress.net/russia-readies-war-turkey

  1. Laura Pitel, Russian warships and naval assets sailing through Bosphorus strait has Turkey frightened, Independent, March 6, 2016, at: http://www.independent.co.uk

5. Guy Taylo, Armenia pulled into Russia-Turkey clash in Syria, The whashington Times, March 2, 2016, at:

http://goo.gl/xDh3MC

6. Dorian Jone & Elizabeth OwenMar, Turkey and Russia: History Fuels Rancor, the Mosco Time, February 16, 2016, at:

http://goo.gl/xDh3MC

7. Anthony Skinner, Grudge between Ankara and Moscow deepens in struggle for regional influence, Independent, Mar 14, 2016, at:

http://goo.gl/DOjoeT

8. M.K. Bhrdakumar, Russia signals interest to defrost ties with Turkey, Asia Times News & Featuers, Mar 26, 2016, at:

http://goo.gl/4tbg2f

  1. Dorian Jones, Erdogan-Putin Animosity Hurting Turkey-Russia Relations, Voice of America, April 12, 2016, at:

http://goo.gl/KkTAvc

  1. Tom Batchelor, Turkey and Russia to spark new Cold War: Now Putin accuses Turks of HELPING ISIS in Syria, Express, Feb 15, 2016, at: http://goo.gl/MxKtSD

[1] جلال الورغى,”الازمة الروسية-التركية:محددات التاريخ والجغرافيا والتطلعات لادوار جديدة” , مركز الجزيرة للدراسات , ديسمبر 2015, ص 2.

[2] خضير عباس النداوى, “توتر العلاقات الروسية-التركية .. التدعيات والتوتر الاقليمى”, اراء حول الخليج , العدد105 , سبتمبر 2014 .

[3] معمرفيصل خولى, العلاقات التركية الروسية: من ارث الماضى الى افاق المستقبل,( بيروت والدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات, 2014) .

[4] احمد نورى النعيمى, العلاقات التركية الروسية .. دراسة فى الصراع والتعاون, (عمان والاردن: دار زهران للنشر والتوزيع, 2011).

[5] جلال الورغى,”الازمة الروسية-التركية:محددات التاريخ والجغرافيا والتطلعات لادوار جديدة”, مركز الجزيرة للدراسات , ديسمبر 2015.

[6] عامر على راضى العلاق, “ملامح جديدة فى العلاقات التركية-الروسية, دراسات دولية”, مركز الدراسات الدولية, العدد 40, ابريل 2009.

[7] احمد دياب, “ابعاد الصراع التركى-الروسى وتداعياته” , السياسة الدولية , العدد 203 , يناير 2016 .

[8] منى دردير محمد, “السياسة الخارجية الروسية تجاه ايران خلال الفترة (2011:2000)”, رسالة ماجستير,(جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013 ), ص20:18 .

[9] مرجع سابق, ص ص21-22 .

[10] احمد محمد متولى, “تاثير الصعود الروسى على السياسة الخارجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط-دراسة حالة الازمة السورية”, رسالة ماجستير, ( جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2015) , ص 17-18 .

[11] عامر على راضى العلاق, مرجع سابق, ص110.

[12] منعم العمار, “التوجه الروسى اتجاه الجمهوريات الاسلامية” , (القاهرة: مركز بحوث جريدة الجمهورية, العدد 2, 1993) ص 4.

[13] عامر على راضى العلاق, مرجع سابق, ص 111.

[14] منى دردير محمد, “السياسة الخارجية الروسية تجاه ايران خلال الفترة (2011:2000)”, ( سالة ماجستير, جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013), ص31 .

[15] محمد نور الدين, “الاهمية الجغرافية لتركيا”, ( القاهرة: المركز العربى للدراسات السياسية و الاستراتيجية,28 يونيو 2012 )

[16] احمد نورى النعيمى, مرجع سابق, ص ص 47:44 .

[17] احمد عبدالله الطحلاوى, “استعادة الدور: المحددات الداخلية والدولية للسياسة الروسية”, (القاهرة: المركز العربى للبحوث والدراسات, 6 نوفمبر 2016) .

[18] مرجع سابق .

[19] رانية طاهر,”الدور الإقليمي التركي في ظل ثورات الربيع العربي”, رؤية تركية , فراير 2013, http://rouyaturkiyyah.com , 16/4/2016 .

[20] حنان ابو سكين,  “بين الصراع والتعاون: التنافس الدولي في آسيا الوسطى, ( القاهرة: المركز العربى للبحوث والدراسات, يونيو 2014), ص ص 5:1 .

[21] نرمين عزت عوض, “الاستمرار والتغيير فى السياسة الخارجية الروسية تجاه دول اسيا الوسطى والقوقاز(2010:1991)”, رسالة ماجستير, ( جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2013) ىص ص 32:29 .

[22] محمد عبدالرحمن العبيدى, “سياسة تركيا الخارجية تجاه منطقة القوقاز” ,( جامعة الموصل: مركز الدراسات الاقليمية, 2012).

[23] مرجع سابق .

[24] نيكولاى كوزهانوف, “علاقات روسيا مع إيران” ,(معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط, 2012) ص ص 14:11.

[25] احمد سالم محمد, ” السياسة الروسية والامريكية تجاه الازمة السورية واثرها على النظام الدولى والامن الاقليمى”, رسالة دكتوراه, (جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلم السياسية, 2016), ص84 .

[26] زياد عبدالوهاب النعيمي,  “الرؤية الأمريكية في دور تركيا الإقليمي”, (جامعة الموصل: مركز الدراسات الاقليمية,2009) .

[27] محمد طلعت, “العلاقات التركية الروسية… مجالات التقارب وقضايا الخلاف”, رؤية تركية , 20/6/2013 , http://rouyaturkiyyah.com ,20/4/2016 .

[28] “تركيا وروسيا.. فرقتهما السياسة وجمعهما الاقتصاد”, ارم نيو, 1/12/2014, http://www.eremnews.com/news/world/164327 , 20/4/2016 .

[29] عماد يوسف قدورة, “روسيا وتركيا: علاقات متطورة و طموحات متنافسة فى المنطقة العربية”, المركز العربى للابحاث ودراسة السياسات, 25/5/2015 .

[30] احمد مصرى,”العلاقات التركية الروسية: الاقتصاد اقوى من السياسة”, تركيا بوست, 27/11/2015,          http://www.turkey-post.net/p-92357  ,20/4/2016 .

[31] صلاح نيوف, “تطور العلاقات الروسية-التركية”, المركز الكردى للدراسات , 4/12\2014, http://nlka.net/index.php/2014-07-10-22-08-10/153-2014-12-04-21-52-26 ,20/4/2016 .

[32] “الاقتصاد التركى خلال عقد العدالة والتنمية”, رؤية تركية, http://rouyaturkiyyah.com , 20/4/2016 .

[33] محمد طلعت, مرجع سابق .

[34] عماد يوسف قدورة, مرجع سابق, ص11 .

[35] محمد طلعت, مرجع سابق.

[36] محمود سمير الرنتيسي, “العالقات التركية-الروسية: مستقبل التعاون الاقتصادي والخلاف السياسي”, مركز الجزيرة للدراسات, 11 ديسمبر 2014, ص 8 .

[37] صلاح نيوف, مرجع سابق .

[38] عادل عامر, “العلاقات الروسية التركية في ضوء المستجدات الجديدة”, مركز جنوبية, 1/12/ 2015, http://janoubia.com/2015/12/01 , 22/4/2016 .

[39] بشير عبدالفتاح, “روسيا وتركيا.. ضرورات الاقتصاد تبيح محظورات السياسة”, تركيا برس, 9/12/2014, http://www.turkpress.co/node ,22/4/2016 .

[40] هشام محمود, “المصالح الاقتصادية تعيق عقوبات اوروبية ضد روسيا”, الاقتصادية, العدد 7454, 9/3/ 2014.

[41] معمرفيصل خولى, مرجع سابق .

[42] محمد طلعت, مرجع سابق .

[43] محمود خليفة جودة, “ابعاد الصعود الروسى فى النظام الدولى وتداعياته(2000:2013)”, رسالة ماجستير, (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2015 ) ص:ص 153-154.

[44] راندا موسى, “العلاقات العربية – الروسية ما بعد الربيع العربى”, رؤية تركية, ربيع 2013, http://rouyaturkiyyah.com , 24/4/2016.

[45] احمد سالم محمد, “السياسة الروسية والامريكية تجاه الازمة السورية واثرها على النظام الدولى والامن الاقليمى”, رسالة دكتوراه, (جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, 2016), ص ص 113:110.

[46] بيرم بالسى, “المعضلة السورية: ردّ تركيا على الأزمة”, مركز كارنيغى للشرق الاوسط, 12/2/2012, http://carnegie-mec.org/publications/?fa=47154 , 24/4/2016 .

[47] جلال الورغى, مرجع سابق, ص5-6 .

[48] محمد طلعت, مرجع سابق .

[49] محمود خليفة جودة, مرجع سابق, ص 165 .

[50] سونر چاغاپتاي و جيمس جيفري, “ردود فعل تركيا الخافتة على أزمة جزيرة القرم”, (معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى,العدد 2219, 4 مارس 2014) .

[51] مرجع سابق .

[52] ايمان أشرف أحمد, “الأبعاد الدولية للأزمة الأوكرانية”, (القاهرة: المركز الديمقراطى العربى, 2005).

[53] باسم راشد, “تهديد جيوستراتيجى: حسابات القطب الروسى فى الازمة الاوكرانية, ( القاهرة: مجلة السياسة الدولية, العدد196, ابريل 2014) ص 123 .

[54] جورج فيشان, “أوكرانيا والقرم في السياسية الروسية,(القاهرة: مركز الجزيرة للدراسات, 26 مارس 2014).

[55] سونر چاغاپتاي و جيمس جيفري, مرجع سابق .

[56] تامر بدوي, “تركيا وجيوبوليتيك الطاقة: الخيارات المحتملة بعد الأزمة الأوكرانية”, (القاهرة: مركز الجزيرة للدراسات ,8 يوليو2014), ص ص 3-4 .

[57] احمد نورى النعيمى, مرجع سابق, ص ص120:112.

[58] “هذه هي سيناريوهات الرد الروسي على تركيا”, الحياة الجديدة, 20/11/2015, http://www.alhaya.ps/ar_page.php?id=ab3003y11218947Yab3003 ,29/4/2016 .

[59] محمود خليفة جودة, مرجع سابق, ص ص155:157.

[60] “غيوم في أجواء العلاقات الروسية-التركية”, RT, 7/10/2015, https://arabic.rt.com/press/ , 29/4/2016.

[61] عادل عامر , مرجع سابق .

[62] غولاي غوكتورك, “أزمة الطائرة الروسية: الأسباب والنتائج المتوقّعة”, تركيا بوست, 1 ديسمبر 2015, http://www.turkey-post.net/p-93410 ,29/4/2016 .

[63]لين محمود, “روسيا تعيد ترتيب رقعة الشطرنج التركية”, المركز الوطنى للابحاث و استطلاع الرأى, 28 ديسمبر2015, http://ncro.sy/?p=3025 ,29/4/2015 .

[64]سامي كوهين, “أبعاد أزمة الطائرة الروسية” , ترك برس, 27 نوفمبر 2015, http://www.turkpress.co/node/15673 ,29/4/2016 .

[65] “علاقات تركيا وروسيا الاقتصادية “زواج كاثوليكي” رغم الخلافات”, الجزيرة مباشر, 26 نوفمبر 2015. http://mubasher.aljazeera.net/news/economy/2015/11/20151126103520386385.htm , 29/4/2016 .

[66] احمد السيد النجار, “تركيا.. أوهام الإمبراطورية وغباء السعى للأزمة” , (القاهرة: بوابة الاهرام, العدد 47110, 30 نوفمبر 2011 )

[67] ميثاق مناحى العيساوى, “تداعيات اسقاط طائرة السوخوى 24 على العلاقات الروسية التركية”,  مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية, 25/11/2015.

[68] اسراء محمود,”ردود الفعل الدولية حول إسقاط تركيا للطائرة الروسية”, تركيا بوست, 2 ديسمبر 2015, http://www.turkey-post.net/p-93403 ,29/4/2016 .

[69] ميثاق مناحى العيساوى, مرجع سابق.

[70] سارة حمدى, “مستقبل العلاقات الاقتصادية بين روسيا و تركيا”, جريدة الجماهيرية , 4 ديسمبر 2015, http://www.news.aljamahiria.com/arab-and-world ,29/4/2016.

[71] سيف محمد, “الى تتجه العلاقات التركية الروسية”, (مركز الجوار للدراسات السياسة و الاعلامية, مجلة الحوار, العدد 12, 17 مارس 2015) .

3.2/5 - (6 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى