مقالات

تقسيم المنطقة العربية بين الواقع والخيال

بقلم : عادل دشيله –  كاتب وباحث يمني

 

 

تمر منطقتنا العربية بظروف خطيرة وحساسة تنذر بسيناريوهات مخيفة ومفجعة سيكون تبعاتها مؤلمة على المواطن العربي. لا نعرف لماذا الأنظمة العربية سريعة الإنفعال وكثيرة العاطفة في التعامل مع الأحداث. لماذا نحن، العرب أشداء على بعضنا البعض. ألم يأن الأون أنّ نحكم صوت العقل والمنطق، وأن نوقف نزيف الدم العربي، وان نحافظ على كياننا العربي من التشظي. يكابد أبناء اليمن الحزين الفقر والمرض والموت بسبب الصراع الدائر. يرزح عراق الحضارة تحت نير عصابات إرهابية وطائفية، وسوريا التاريخ والمجد دُمرت، وفلسطين الجريحة تئن ، وليبيا العروبة تتشظى على مرأى ومسمع العالم العربي.

نخشى أن تتحقق خارطة لويس برنارد ويتقسم المقسم. يقوم مشروع لويس على” تقسيم المنطقة طبقًا لخطوط عرقية طائفية لغوية.” لن يحتل الغرب اليوم المنطقة العربية عسكريا، وإنّما سيؤججون الصراع الطائفي والمذهبي بين أبناء الأمة العربية، وينهبوا ثروات الأمة وهم مرتاحين البال. يبدو أن هذا المخطط الغربي المجرم قد تحقق في زرع الفتنة وتأليب العرب على بعضهم البعض وهو ما نراه ماثلا أمام أعيننا ولا نحتاج لمن يوضح لنا الصورة أكثر.

نشر مركز أبحاث تابع للنيويورك تايمز الأمريكية في العام 2013 تقرير مطول حول مستقبل المنطقة العربية. تحدث ذلك التقرير المشؤوم عن إمكانية تقسيم الوطن العربي إلى دويلات هشة وكانتونات صغيرة على أسس طائفية وعرقية. أكد التقرير أن سوريا ستقسم إلى ثلاث “دويلات، دولة للعلويين فِي الساحل السورِي على المتوسط، ودولة للأكراد تمتدُّ لتلتئمَ بكردستان العرَاق ودولة للسنة. أمّا العراق فسيقسم إلى ثلاث دول وعلى النحو التالي: دولة للأكراد، ودولة للشيعة في الجنوب، ودولة للسنة في الوسط. أمّا ليبيا فتقسم إلى ثلاث دويلات على أساس قبلي ومناطقي بغيض، فدولة في الشمال الغربي وعاصمتها طرابلس، ودولة في الشرق وعاصمتها بنغازي، ودولة  في فزان التابعة لسبها. أمّا بالنسبة لليمن الفقير فسيقسم إلى دولتين، دولة في الشمال، ودولة في الجنوب، كما ستقسم المملكة العربية السعودية إلى خمس دويلات على أسس قبلية ومذهبية.

لن ننسى تصريحات الوزير ة الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس حينما بشرت بمستقبل الشرق الأوسط الجديد. لقد تحقق تصريح رايس ولو جزئيا، أمّا بالنسبة لخارطة لويس برناردوا فيبدو أنّها على وشك التحقيق، الا إذا حكم العرب صوت العقل والمنطق.

تفككت الدول العربية، كما تفككت بعض الجيوش العربية، ولم يتبقى سِوى الجيش المصري وكذلك تجمع مجلس الخليج يتفاخر بهم العرب اليوم. لكن، يبدو أن الدور قادم عليهم!

تنبئ الأحداث الملتهبة في الخليج العربي بمستقبل مجهول. قطعت اليوم بعض دول الخليج علاقتها مع قطر. قطع العلاقات مع دولة قطر وإغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية تطور خطير جدا، لن يستفيد منه سِوى أعداء الأمة العربية، نتمنى أن ترجع المياه إلى مجاريها بين الأشقاء في دول الخليج العربي، كما نأمل أن يُحكم صوت العقل في هذه المرحلة الحرجة، وأن يُجهض مشروع تقسيم الوطن العربي الذي يتبناه صناع القرار في القارة العجوز.

نضع أيدينا على صدورنا ونقول أستودع الله منطقتنا العربية من مضيق هرمز إلى جبل طارق.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى