إيران والولايات المتحدة: هل يتكرر سيناريو العراق ؟
اعداد الباحث : أحمد أمين عبد العال- كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية- جامعة الإسكندرية
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، بدأ في اتباع نهج عدواني تصاعدي ضد إيران وسياساتها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، والتي صارت تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، إلى جانب أنها أعطت فرصة لروسيا للعودة مرة أخرى إلى مسرح الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وقد كانت قمة هلسنكي الأخيرة دليلاً على ذلك، ومن هنا فإننا سنعرف بماهية الاتفاق النووي الإيراني، وما هي أبرز بنوده، ولماذا قامت الولايات المتحدة بالانسحاب منه، وتطور العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، وفي النهاية سنضع رؤية استشرافية لمستقبل الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
التعريف بالاتفاق النووي الإيراني:
يعرف الاتفاق رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وتم توقيعه في يوليو 2015م بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا من جهة وإيران من جهة أخرى.
كان الاتفاق قد وقع بعد جولات من المفاوضات بهدف الحد من الطموح الإيراني في امتلاك سلاح نووي يهدد أمن المنطقة وخاصة إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، ما دفع الولايات المتحدة لحشد الدعم الدولي للتوصل لهذا الاتفاق. وقد كانت أبرز بنود الاتفاق النووي ما يلي:
تخفيض نسبة تخصيب إيران لليورانيوم إلى نسبة 3.67%، إلى جانب خفض المخزون الإيراني من اليورانيوم من 10 آلاف كلجم إلى 300 كلجم، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزية إلى 5060 جهازاً فقط، كذلك نص الاتفاق على تحويل المفاعل النووي الإيراني فوردو وهو المنشأة الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم إلى مركز لأبحاث الفيزياء والتكنولوجيا النووية، إلى جانب منع إنشاء أي مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل، وحظر بناء أية منشآت نووية جديدة طيلة 15 عاماً، والسماح بدخول مفتشي وكالة الطاقة الذرية الدولية إلى إيران للتأكد من التزامها ببنود الاتفاق النووي وهذا البند يسمح للمفتشين أيضاً بالدخول إلى مواقع عسكرية إيرانية وذلك بالتنسيق مع الحكومة الإيرانية، أما من جانب البرنامج الصاروخي الإيراني فقد كان الاتفاق قد نص على حظر استيراد إيران للقطع المستخدمة في تصنيع الصواريخ الباليستية لمدة ثمان سنوات إلى جانب حظر استيراد الأسلحة نفسها لمدة خمس سنوات؛ أي أن إيران محظورة من استيراد الأسلحة الباليستية حتى عام 2020م بموجب هذا الاتفاق، كل ذلك كان في مقابل رفع الغرب للعقوبات الدولية المفروضة على التعاملات المالية والتجارية مع إيران والإفراج عن الأصول المالية الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية، والسماح لإيران باستئناف تصدير النفط إلى الغرب ولكن كل ذلك بشكل تدريجي.
أسباب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي:
في حقيقة الأمر فإن هناك العديد من الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي الحالي للانسحاب من اتفاق بلاده النووي مع إيران، وذلك رغماً عن المعارضة الدولية لتلك الخطوة، وترجع تلك الخطوة بالأساس إلى سببين رئيسين هما:
إيران المستفيد الأكبر من الاتفاق:
كما أوضحنا سابقاً فإن الاتفاق النووي قد فك العقوبات الاقتصادية والتجارية عن طهران وسمح لها بالعودة إلى الاقتصاد الدولي وإبرام اتفاقات اقتصادية وتجارية مع دول العالم خاصة دول أوروبا لتصدر النفط الإيراني إليها، والسماح للشركات الأوروبية للاستثمار في السوق الإيراني الكبير، هذا إلى جانب الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة في بنوك الولايات المتحدة وأوروبا، والتي قدرها ترامب بنحو مائة مليار دولار؛ ما أعطى لإيران دفعة اقتصادية قوية قامت بتسخيرها لتحقيق مشروعها التوسعي في الشرق الأوسط أو بالأحرى لاستكماله، فالمشروع الإيراني قد بدأ منذ سقوط نظامي أفغانستان والعراق؛ حيث عملت إيران على مد نفوذها إلى هناك، كما استغلت علاقاتها الممتازة مع النظام السوري لنقل الأسلحة إلى ميليشياتها في لبنان وتدعيم نفوذها السياسي هناك، كما عملت على تدعيم حلفائها الحوثيين في اليمن.
وما إن اندلعت أحداث الربيع العربي في المنطقة حتى شرعت إيران في استكمال مشروعها فتدخلت في سوريا واليمن على سبيل التحديد، كل ذلك كان قبل توقيع الاتفاق النووي؛ ما يوضح لنا مدى الاستفادة التي حازتها إيران من هذا الاتفاق الذي أطلق يدها تقريباً في تحقيق مشروعها في الشرق الأوسط، وهدد حلفاء الولايات المتحدة وخاصة إسرائيل، التي كانت أول الرافضين لهذا الاتفاق وضغطت على القيادة الأمريكية السابقة لإلغائه.
ولكن مع وصول القيادة الجديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة بدأت في الشروع في تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة مع اقتراب النفوذ الإيراني في سوريا إلى الحدود مع إسرائيل، ما يهدد أمن أقرب حلفاء الولايات المتحدة والتي يعد الحفاظ على أمنها أحد ثوابت السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلى جانب ذلك فالقيادة الأمريكية الجديدة رأت أن الاتفاق النووي هو أسوء اتفاق عقدته الولايات المتحدة في تاريخها؛ حيث رأت أن الاتفاق أعطى إيران كل ما تحتاجه بينما لم تحصل الولايات المتحدة ولا حلفائها على الضمانات التي من أجلها عقدت الاتفاقية؛ فالاتفاقية أجلت امتلاك إيران للسلاح النووي حتى عام 2025سنة، كما أن الاتفاق حظر على إيران استيراد أو تصنيع الصواريخ الباليستية لمدة تتراوح ما بين 5 إلى 7 سنوات، وإن كان كثير من وكالات الأنباء أكدت على أن الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون على السعودية كانت إيرانية، ما يعني أن الاتفاق النووي عمل على تعزيز قدرة إيران بدلاً من تحجيمها ويعد هذا هو السبب الرئيسي لانسحاب القيادة الحالية من الاتفاق النووي.
أمن إسرائيل:
يعد أمن إسرائيل من ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة لعقد الاتفاق النووي مع إيران، بغرض اثنائها عن امتلاك سلاح نووي يجعلها قادرة على احداث توازن استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط مع إسرائيل والتي سعت الاستراتيجية الأمريكية لجعلها متفوقة استراتيجياً على دول المنطقة ما يجعلها في أمان من أي اعتداءات عسكرية عليها من جيرانها، ولكن فإن الرغبة الإيرانية في امتلاك السلاح النووي إلى جانب امتلاكها لأسلحة متطورة خاصة الصواريخ بعيدة المدى وتعاونها النووي مع روسيا، كل تلك أمور جعلت إيران مهدداً حقيقياً لأمن إسرائيل، خاصة في ظل تواجد حزب الله في لبنان على الحدود مع إسرائيل، والذي أدركت الأخيرة مدى قوته بعد حرب 2006م، ما جعلها تدرك مدى خطر إيران وميليشياتها على أمنها، خاصة في ظل تطور قدرات حزب الله بصورة كبيرة جداً عقب دخوله في الحرب السورية، فاكتسبت عناصره خبرات ميدانية في القتال، إلى جانب تضخم حجم ترسانته الصاروخية للحد الذي دفع بعض العسكريين الإسرائيليين للقول بأن حزب الله صار بإمكانه أن يضرب إسرائيل بألف صاروخ يومياً في حالة اندلاع حرب معه أو مع طهران، كذلك فإن اقتراب إيران من الحدود الجنوبية السورية مع إسرائيل أقلقت الأخيرة وتحركت بموافقة روسية لضرب مواقع عسكرية إيرانية، كما قامت بالضغط على الولايات المتحدة للتحرك ووضع حد للتمدد الإيراني في المنطقة، أيضاً فإن الاتفاق النووي لم يناقش مسألة الدعم الإيراني للميلشيات المختلفة خاصة حزب الله في لبنان.
ومن ثم يمكن القول أن القيادة الأمريكية الجديدة رأت أن اتفاق إيران النووي كان اتفاقاً عديم الجدوى، نظراً لأنه لم يحقق أهدافه، فلم يحد من نفوذ إيران الذي اتسع وصار يسيطر على أربع دول عربية هي العراق ولبنان وسوريا واليمن، إلى جانب ذلك فالاتفاق لم يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي إلى الأبد وإنما أجل حصولها عليه أو تطوريها لأسلحتها الباليستية فقط؛ ما يعني عدم حل الأزمة، بل أكثر من ذلك حصلت إيران على موارد اقتصادية ضخمة وسمح لها الاتفاق بتكوين علاقات اقتصادية وتجارية قوية مع دول أوروبا إلى جانب علاقاتها مع روسيا والصين، ما أعطاها دعماً دولياً قويا سهل لها تحقيق مشروعها التوسعي في الشرق الأوسط. جدير بالذكر أيضاً أن إسرائيل قد أرسلت معلومات سرية للولايات المتحدة تفيد بأن إيران تدير مشروعا نووياً سرياً.
إلى جانب هذان السببان هناك أسباب أخرى تتعلق بطبيعة الرئيس الأمريكي ورغبته في إثبات ذاته وأنه قادر على تحقيق المصالح الأمريكية العليا خاصة مع استمرار موضوع التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية دون حسم إلى الآن، فالانسحاب من الاتفاق النووي كان أحد الوعود الانتخابية التي أطلقها ترامب قبيل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، كما أن اقتراب تسوية الملف النووي الكوري بعد قمة سنغافورة الأخيرة والتي عُدت خطوة كبيرة نحو إقرار السلام بين الكوريتين، يعد أيضاً دافعاً لترامب لتسوية الملف النووي الإيراني الذي فشلت إدارات أمريكية متعاقبة في الوصول لحل له، كما أنها خطوة نحو الحصول على دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة خاصة مع تصاعد الاعتراضات على سياسات ترامب الداخلية والخارجية، ودخوله في أزمات شخصية تتعلق بماضيه ما قبل ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة.
تطورات العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران:
كانت إيران في الماضي ما قبل الثورة الإيرانية أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أن اندلاع الثورة الإيرانية 1979م كان سبباً في توتر العلاقات بين الدولتين خاصة بعد حادث احتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران، والذي أدى إلى فرض الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية على إيران، بل وقامت بوضعها على قائمة دول محور الشر، ويبدو أنها أيضاً كانت تخطط لضربة عسكرية ثالثة في المنطقة تكون من نصيب إيران بعد ضرب العراق وأفغانستان، ولكن فإن الخسائر التي عانتها الجيوش الأمريكية في المنطقة، وتوغل النفوذ الإيراني على حسابها بدعمها للميليشيات الشيعية في العراق وبعض الميليشيات التابعة لطالبان في أفغانستان، أدى إلى نجاة إيران من ضربة أمريكية محققة، ولكن ظلت العقوبات الاقتصادية كما هي وزادت الرغبة الأمريكية في عزل النظام الإيراني عن التفاعلات الدولية السياسية والاقتصادية.
ومع مجيئ إدارة باراك أوباما الديمقراطية إلى السلطة عملت على تسوية الملف النووي الإيراني سعياً وراء حل الأزمة وانهاء مشكلات الشرق الأوسط والتفرغ لآسيا الوسطى والباسيفك التي كانت قد شهدت سيطرة متزايدة من قبل الصين وروسيا، وبالفعل وبعد مفاوضات مطولة نجحت الولايات المتحدة في التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني بصيغته الحالية، ما جعل البعض يتنبأ ببداية صفحة جديدة في العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو؛ فرغم التزام إيران بنصوص الاتفاق النووي وتقليلها لقدراتها على تخصيب اليورانيوم، إلا أن الغرض الرئيسي من الاتفاق لم يتحقق فلم تنتهي أزمات الشرق الأوسط بل زادت وأصبحت المنطقة على شفا فوضى شاملة وزاد التدخل الإيراني في المنطقة، وتصدت للمشروع الأمريكي لنقل الغاز القطري إلى أوروبا لينافس غاز حليف إيران الرئيسي روسيا، ما دفعها للضغط على سوريا لرفض العرض الغربي، وقدمت مشروعاً بديلاً أدى إلى اندلاع رحى الحرب السورية التي شاركت فيها إيران بدعم نظام الأسد لوجيستياً ومالياً وعسكرياً عبر ميليشياتها المختلفة وعلى رأسها حزب الله، ومع تطور الأوضاع بتدخل روسيا في الحرب، وانسحاب الولايات المتحدة التدريجي من الأزمة تزايد النفوذ الإيراني في سوريا إلى حد أن صار لها قواعد عسكرية هناك، وقد تزامن ذلك مع فوز إدارة جديدة بقيادة الولايات المتحدة رأت أنه لابد من تقليص دور إيران في سوريا.
ومن هناك بدأت التوترات تزداد ما بين الدولتين وبدأت الحرب الكلامية تتصاعد بينهما، لينسحب ترامب بالولايات المتحدة من الاتفاق النووي رغم الضغوطات الدولية عليه لعدم الاقدام على تلك الخطوة، كما أعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، وتعهد بفرض عقوبات أخرى ليس ليها مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي كان له أثراً سلبياً ضخماً على الداخل الإيراني متمثلاً في الاحتجاجات الأخيرة والتي رآها النظام محاولة غربية بزعامة الولايات المتحدة لإسقاطه، خاصة مع تعهد قيادات الأخيرة بدعم هذه الاحتجاجات لتحقيق حرية الشعب الإيراني من النظام، مؤكدين على ضرورة اسقاط النظام وأن نهايته صارت قريبة، ما يدلل على مدى تدهور العلاقة بين الدولتين واتساع فجوة عدم الثقة بينهما.
من جهة أخرى بدأت طهران في اشعال الحرب الكلامية مع واشنطن مهددة بإغلاق مضيق هرمز على لسان قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ولسان رئيسها روحاني، في حال اقدام الولايات المتحدة على توجيه ضربة لها، خاصة بعد دعوة الولايات المتحدة دول العالم لمقاطعة النفط الإيراني وهو الأمر الذي رفضته تركيا وروسيا والهند والصين كما أكد قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أن البحر الأحمر لن يكون آمناً مع الوجود الأمريكي فيه، ما يوضح مدى تدهور العلاقات بين الدولتين ذلك التدهور يرجع بشكل رئيسي إلى تضاد المصالح بين الدولتين؛ فإيران تمثل تهديداً جدياً لأقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة خاصة في ظل احتياج ترامب لدعم اللوبي الصهيوني في الداخل الأمريكي، كما أن الاتفاق النووي زاد من قدراتها العسكرية والاقتصادية والسياسية في المنطقة إلى الحد الذي صارت معه إيران قادرة على تهديد التجارة الدولية خاصة النفط المار بمضيقي هرمز وباب المندب من خلال تواجد حلفائها الحوثيين في اليمن.
ولكن على الجانب الآخر فإن بعض المحللين يرون أن الولايات المتحدة تستهدف فقط تقليل النفوذ الإيراني في المنطقة وليس القضاء عليه تماماً وذلك لأن استمرار خطر إيران ونفوذها في المنطقة يهدد أمن دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والتي بدأت في توقيع صفقات عسكرية ضخمة مع الولايات المتحدة؛ فكانت الولايات المتحدة قد وقعت اتفاقيات بقيمة 460 مليار دولار مع المملكة في قمة الرياض والتي كانت أول زيارة للرئيس الأمريكي الجديد لمنطقة الشرق الأوسط، هذا إلى جانب استثمارات سعودية بقيمة 200 مليار دولار في الولايات المتحدة وقعها بن سلمان ولي العهد السعودي لاحقاً مع ترامب وتشمل الحصول على عتاد عسكري أمريكي، والجدير بالذكر أن ترامب اعتبر هذا المبلغ بمثابة فتات بالمقارنة مع ما تملكه المملكة من أموال، وهذه الصفقات والاستثمارات الضخمة التي قدمتها السعودية تساهم في خلق الوظائف وتسيير الاقتصاد الأمريكي وهو أمر يرغب في استمراره ترامب لتحقيق انجاز اقتصادي يحسن من صورته لدى الرأي العام الأمريكي، وقد كان ترامب قد أشار بالفعل إلى ذلك بقوله أن المبيعات العسكرية ساهمت في توفير نحو 40 ألف وظيفة للأمريكيين، ما يعني ضرورة الإبقاء على خطر إيران على دول الخليج فذلك يجعل الولايات المتحدة قادرة على بيع الأسلحة إلى المنطقة، إلى جانب أن ذلك يبرر التواجد الأمريكي العسكري في منطقة الخليج تحديداً، خاصة مع إعلان السعودية مؤخراً عن إيقاف نقل بترولها عبر البحر الأحمر مؤقتاً في اعقاب هجوم استهدف ناقلتي بترول سعوديتين من قبل الحوثيين المدعومين من إيران في إطار التصعيد مع الولايات المتحدة، وهو الحادث الذي يراه البعض رسالة إيرانية مفادها أنها قادرة على ضرب عصب الاقتصاد العالمي في حال التصعيد معها عسكرياً.
وفي ظل تصاعد الأوضاع ما بين الدولتين ظهرت بعد الاحتمالات التي تتحدث عن احتمالية اندلاع حرب عسكرية بين الولايات المتحدة أو على الأقل توجيه الأخيرة لضربة عسكرية ضد إيران تجبرها على القبول بالشروط الأمريكية وتقلل نفوذها في الشرق الأوسط إلى الحد الذي يتسق مع مصالح الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، وفي هذا الإطار فإننا نرى أن هناك أكثر من طريقة لدى الولايات المتحدة يمكن من خلالها أن توقف خطر إيران في المنطقة وهو ما ستناوله في رؤيتنا الاستشرافية عن مستقبل الصراع بين الولايات المتحدة وإيران
رؤية استشرافية حول مستقبل الصراع بين الولايات المتحدة وإيران:
في ظل الأوضاع الحالية المتوترة بشدة بين الولايات المتحدة وإيران تحدث البعض عن وجود احتمالية كبيرة لتوجيه الولايات المتحدة لضربة عسكرية ضد إيران، خاصة في ظل تغريدة ترامب التي حذر فيها روحاني بأن إيران قد تواجه عقبات لم يواجهها إلا قلة عبر التاريخ، ما زاد من احتمالية اندلاع حرب بين الدولتين، ولكن فإن هذا خيار له مخاطره، ما قد يدفع الولايات المتحدة لأن تلجأ إلى خيارات أخرى أقل تكلفة لتحقيق هدفها المتمثل في تقليل خطر إيران، ومن هذا المنطلق فإننا سنناقش الخيارات الأمريكية تجاه التمدد الإيراني في الشرق الأوسط ومدى فرصة تسوية الصراع فيما بينهما سلمياً.
الخيار الأول: توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية تجاه إيران:
كما أوضحنا سابقاً فقد صارت تلك الاحتمالية ذات فرص كبيرة في التحقق على أرض الواقع في ظل التطورات الحالية، إلى الحد الذي صار معه حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين على شبه يقين بأن الولايات المتحدة صارت تخطط لضرب إيران أو منشآتها النووية ضربة تدفعها للعودة والاختباء خلف حدودها منهية نفوذها الضخم في الشرق الأوسط، كما حدث من قبل في حرب الخليج الثانية، عندما قامت الولايات المتحدة بتشكيل تحالف دولي كبير لتحرير الكويت، إلا أن هدفه الأساسي كان ضرب القدرات العسكرية العراقية واجبار العراق على تقزيم دوره في الشرق الأوسط والقبول بالسيادة الأمريكية العالمية ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وهو ما تمثل بعد ذلك بقرارات الحظر الجوي التي استفاد منها الأكراد، والذين كانوا أول مسمار دق في نعش العراق بهدف تفتيته تماماً، إلى جانب فرض الحصار الاقتصادي، إلى أن جاءت الضربة القاضية بهجوم عام 2003م لتسقط العراق إلى الآن في دوامة من الصراعات، والتي كان آخرها الاستفتاء الكردي الأخير الذي رغم عدم نجاحه لأسباب إقليمية، فإن ذلك لا يعني أنه قد يعود مجدداً حال تهيئة الأوضاع الإقليمية لذلك خاصة من جانب إيران التي تعارض استقلال الأكراد بدولتهم عن بغداد، وتعد عائقاً أمام تحقيق مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط عبر إعادة تخطيطه ليتناسب مع مصالحها.
وبالتالي فإن هذا يعد أحد أهم دوافع الولايات المتحدة لضرب إيران عسكرياً لتكرار سيناريو العراق ولكن هذه المرة بعد تلافي أخطاء الماضي، ويدعم ذلك الاحتمال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مؤخراً وإعادة فرضها للعقوبات الاقتصادية مع فرض عقوبات أخرى جديدة، إلى جانب التصعيد الكلامي بينهما مؤخراً كل ذلك قد يكون تغطية أمريكية على الإعداد لضربة عسكرية، كما فعلت من قبل مع العراق؛ حينما دخلت في مفاوضات مطولة مع العراق استمرت لمدة عام؛ للتغطية على استعدادها العسكري ثم أعلنت فشلها لاحقاً ونفذت ضربتها، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت قد انسحبت من الاتفاق النووي، إلا انها قدمت على لسان وزير دفاعها ورئيس مخابراتها المركزية السابق 12 شرط لإيران أبرزها الانسحاب من سوريا وانهاء دعمها للجماعات الإرهابية، ما قد يعني إلهاء إيران في التفاوض حول هذه الشروط لحين استعداد الولايات المتحدة، ونجاحها في اقناع الجماعة الدولية بتوجيه ضربة عسكرية، ويدعم من ذلك ما قالته شبكة ABC الأمريكية عن أن الحكومة الأسترالية تتوقع ضربة عسكرية أمريكية في غضون شهر تقريباً وأن القوات العسكرية الأسترالية يمكنها أن تساهم في تحديد المواقع النووية الإيرانية التي سيتم ضربها مع تقديم الدعم الاستخباراتي أيضاً، كذلك أشار التقرير لدور يمكن أن تلعبه المخابرات البريطانية في هذا الأمر، جدير بالذكر أن الحكومة الأسترالية قد نفت على لسان رئيس وزرائها مالكولم تيرنبول أن يكون لديها أي علم بما تحدث عنه هذا التقرير قائلاً بأن الشبكة لم تتحدث معه أو مع وزير خارجيته أو مكتبه أو حتى مع وزير دفاعه أو مكتبه. وذلك على الرغم من أن وزيرة خارجية استراليا قد قالت في اليوم السابق على صدور التقرير في لقاء لها مع وزير الدفاع الأمريكي أن العلاقات الأمريكية الإيرانية أمر يهم بلادها، وأن إيران يجب أن “تجبر على السلام من أجل استقرار المنطقة” ما يعطي لدينا انطباعاً عن أن أستراليا قد تكون داعمة ومساعدة لضربة عسكرية أمريكية كما ذكر التقرير وكذلك الحال بالنسبة لبريطانيا أيضاً.
إضافة إلى ذلك فتصريحات العديد من قيادات الولايات المتحدة قد تعد داعماً لهذا الاحتمال خاصة تصريحات رئيسها ترامب الذي هدد روحاني في أحد تغريداته بأنه إذا ما هاجم الولايات المتحدة مجدداً فعليه أن يواجه العواقب التي لم يواجهها إلا قلة في التاريخ، ولكن قد يعد البعض ذلك مجرد حرباً كلامية بين البلدين سرعان ما تنتهي، خاصة وأن ترامب كان له حرباً أخرى مشابهه مع زعيم كوريا الشمالية وصلت إلى حد تهديد كل منهما للآخر باستخدام السلاح النووي، لكن الأمر انتهى بلقائهما في قمة سنغافورة الأخيرة. من جهة أخرى فإننا نرى أن الحالة العراقية لا تتشابه مع الحالة الإيرانية؛ فإيران تتمتع حالياً بدعم روسي صيني أوروبي قوي هذا التحالف نجح في حماية طهران من ضربات عسكرية أمريكية متعددة، كذلك فإن روسيا لن تقبل بتدمير أحد أهم حلفائها في الشرق الأوسط والتي كان لها الفضل في العودة الروسية القوية للشرق الأوسط بل وللعالم كله خاصة بعد قمة هلسنكي الأخيرة والتي ظهر فيها بوتن بمظهر الزعيم العالمي القوي الذي يتحدث مع قائد الولايات المتحدة الدولة الأقوى عالمياً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً من منطلق القوة والندية وليس كما كان في السابق، هذا إلى جانب تأكيده على أن بقاء إيران في سوريا هو أمر بيد الأسد وليس غيره، ما قد يدلل على دعم روسي قوي لحليفته، كذلك فإن هذه ليست هي المرة الأولى التي سعت فيها الولايات المتحدة للإعداد لضرب مواقع نووية في إيران، فقد حاولت قبل في عهد بوش الابن، إلا أن تقريراً للمخابرات الأمريكية والجيش الأمريكي أفاد بأنهما غير قادران على معرفة المواقع النووية الإيرانية بشكل تام فكثير منها سري والظاهر منها محمي بالدفاع الجوي الإيراني، إلى جانب وجوده على مسافات بعيدة تحت باطن الأرض قد تطلب استخدام أسلحة نووية تكتيكية، هذا إلى جانب كونها موجوده في مواقع مأهوله سكانياً ما يجعل الأضرار الإنسانية كبيرة جداً على نحو قد يجبر الولايات المتحدة على إنهاء مهمتها أو عدم بدئها من الأساس تجنباً للغضب الدولي الذي سيطالها، كما أن وزارة الخارجية قد أكدت ذلك وزادت عليه بأن أي هجوم على إيران سيؤدي إلى تقوية الإرهابيين التابعين لها وسيعرض التجارة الدولية عبر مضيق هرمز لخطر، كما أن المواطنين الأمريكيين قد يتعرضون لهجمات إرهابية، أيضاً فإن أي حديث حول مناقشة امتلاك إيران للسلاح النووي داخل إيران لن يكون ذا جدوى أو معنى؛ ما سيزيد الأوضاع توتراً، وعلى الرغم من أن هذه التقارير هي تقارير قديمة، لكن يبدو أن المعطيات لم تتغير إلا الآن خاصة وأن قوة ونفوذ إيران أكبر اليوم بكثير مما كانت عليه في 2006م وقت وضع هذه التقارير، كما أن الوضع الدولي الآن بات مختلفاً، فلم تعد الولايات المتحدة الدولة التي تدير مصير النسق الدولي بمفردها، فهناك صعود صيني روسي ملحوظ، كما أن مصالح أوروبا الاقتصادية أصبحت أكبر لدى طهران والشرق الأوسط بشكل عام خاصة في ظل الثروة الغازية التي صارت تتمتع بها المنطقة وصارت أوروبا أكثر تلهفاً عليه، وقد وضح تراجع قدرة الولايات المتحدة في التأثير في المنطقة في قمة هيلسنكي وفي قيام الولايات المتحدة بإنهاء الحرب التجارية مع أوروبا والتي بدأت بسبب رفض الأخيرة الخطوة الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي.
وعلى الجانب الآخر فإسرائيل والخليج حلفاء الولايات المتحدة في مرمى الصواريخ الإيرانية، ولا يفوتنا التأكيد على تنامي قوة حزب الله وامتلاكه لميليشيات أخرى تعمل لحسابه أيضاً ما يضع إسرائيل في مأزق كبير ويضع على الولايات المتحدة مهمة تأمين حلفائها من الانتقام الإيراني الكبير في حال استهدافها ما قد يؤدي إلى دخول الإقليم بالكامل في حرب مدمرة، كذلك فإن الولايات المتحدة غير متأكدة من امتلاك إيران للسلاح النووي وكذلك إسرائيل خاصة وأن الأخيرة قد قدمت معلومات تفيد بوجود برنامج عسكري نووي إيراني للولايات المتحدة، ما قد يعني أن إيران قد تلجأ إلى هذا الخيار في حال مهاجمتها ما يزيد من عتبة الخيار العسكري الأمريكي ويجعله أمراً بعيد المنال في ظل المعطيات الدولية والإقليمية الراهنة بسبب المخاطر السابقة التي كنا قد أشرنا إليها، وهو الأمر الذي قد يدفع الولايات المتحدة إلى بحث خيار آخر.
الخيار الثاني: الحرب بالوكالة:
قد يعد هذا الخيار خياراً جيداَ للقيادة الأمريكية الحالية، خاصة مع رغبتها في عدم اقحام القوات المسلحة الأمريكية بشكل مباشر كما فعلت إدارة بوش الابن من قبل، كما أن اشتعال حرب في المنطقة سيزيد من طلب دول المنطقة على السلاح الأمريكي خاصة حلفائها في الخليج ما يفيد الاقتصاد الأمريكي بطبيعة الحال وهو ما أشار إليه ترامب في أكثر من مناسبة، حيث أن فلسفته العسكرية تقوم على بيع الحماية الأمريكية حتى لحلفائها في الناتو، فيجب عليهم أن يدفعوا من أجل استمرار الحماية الأمريكية وهو الأمر ذاته بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط.
ونتيجة لذلك عملت الولايات المتحدة على تكوين تحالف يضم دول المنطقة مع إسرائيل لمواجهة إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة، وقد أكد ترامب على ذلك منذ أول زيارة له للمنطقة في قمة الرياض، والتي منها انطلقت صفقة القرن القاضية بتسوية القضية الفلسطينية باعتبارها الحائل الوحيد الذي يحول دون تأسيس تحالف بين العرب وإسرائيل، جدير بالذكر أن هذا التحالف هو فكرة قديمة طالما راودت قادة الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ حيث كانت الولايات المتحدة تسعى لاستكمال حصار الاتحاد السوفيتي من ناحية الشرق الأوسط عبر هذا التحالف، ويبدو أن الفكرة جاءت مرة أخرى لكن هذه المرة ليس فقط لمواجهة النفوذ الروسي في المنطقة وإنما أيضاً لمواجهة النفوذ الإيراني، ولكن هذا التحالف تحطم بسبب رفض القاهرة وعمان للخطة الأمريكية للسلام التي عملت على تصفية القضية الفلسطينية بدلاً من حلها، بل وعملت على نقل سفارتها إلى القدس كاعتراف ضمني منها بأنها عاصمة إسرائيل وليس تل أبيب، ورغم إعادة صياغة صفقة القرن بأكثر من صيغة وإغراء الأردن ومصر وباقي دول المنطقة بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية، إلا أن الصفقة رُفضت، ما دفع الولايات المتحدة للتحرك على محور آخر يمكن من خلاله تفكيك الرفض الخليجي المصري للصفقة عبر تأسيس ما قال عنه الرئيس الأمريكي “ناتو عربي” كتحالف سياسي أمني يجمع بين دول الخليج والأردن ومصر لمواجهة النفوذ الإيراني، والذي استقر على تسميته بـ “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” وتقرر أن تعقد قمة لبحث تأسيس هذا التحالف في أكتوبر القادم، وبحسب مصادر لشبكة رويترز فإن ترامب يرغب في تأسيس هذا التحالف بغرض التعاون الصاروخي ومكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني والاستخباراتي والدبلوماسي والاقتصادي، ما قد يعني أن الولايات المتحدة قد لجأت إلى الخطة البديلة القائمة على دفع دول المنطقة لحرب مع إيران بهدف ارجاعها إلى حدودها الطبيعية وتقليل نفوذها في المنطقة، وبالطبع فإنه في حال تحقق هذا التحالف فإن الولايات المتحدة ستكون قد تجاوزت معضلة تواجد إسرائيل في هذا التحالف، التي ربما سيقتصر دورها على تقديم الدعم الاستخباراتي فقط، بينما ستقع مهمة تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة على هذا التحالف بدعم أمريكي سياسي واقتصادي وعسكري. ويدعم من إمكانية تحقق هذا التحالف حادثة باب المندب الأخيرة التي قام بها الحوثيون عقب تهديدات ترامب وقاسم سليماني التي ذكرناها سابقاً ما قد يؤدي إلى رغبة خليجية للانضمام لهذا التحالف، ولكن قد تُعد القاهرة عقبة أخرى في طريق تحقيق هذا التحالف، بسبب سياسة عدم الانحياز التي تتبعها القاهرة حالياً، وبسبب انشغالها بالأوضاع الداخلية خاصة في سيناء، إلى جانب عدم الرغبة المصرية في تكرار أزمة اليمن من قبل، فضلاً عن أن القاهرة لا تجد ضرورة تدفعها لإرسال قواتها خارجياً لمحاربة إيران، في حرب لن يفوز فيها إلا إسرائيل، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة تراهن على الضغوطات الخليجية على القاهرة إلى جانب تقديمها للمساعدات الاقتصادية والعسكرية والسياسية للقاهرة كإغراءات تدفعها للقبول بمثل ذلك تحالف.
على الرغم من ذلك يمكن القول أن خيار الحرب بالوكالة هو خيار تتخلله عقبات كثيرة فاندلاع حرب إقليمية ليست في مصلحة أحد من دول الإقليم، كما أن هذه الحرب ستؤدي إلى ارتفاع سعر البترول والغاز ما سيؤثر على اقتصاديات حلفاء الولايات المتحدة وسيفيد الاقتصاد الروسي المعتمد على صادراته من الغاز إلى أوروبا، وإن كان هذا الاحتمال سيوفر للولايات المتحدة قدرة عالية على بيع أسلحتها إلى المنطقة، وزيادة نفوذها العسكري، إلى جانب تقليل نفوذ إيران دون أن يحدث لقدراتها العسكرية أو لصورتها الدولية أي ضرر، وقد يكون ذلك خطوة على طريق إعادة هيكلة خريطة الشرق الأوسط لتحقيق مصالح الولايات المتحدة.
الخيار الثالث: تفجير إيران من الداخل:
قد يعد هذا الاحتمال هو أقل الاحتمالات تكلفة على الولايات المتحدة؛ حيث ستؤدي إلى اسقاط النظام الإيراني المناوئ والإتيان بنظام جديد موال للولايات المتحدة كما كان هو الحال قبل الثورة الإيرانية 1979م، ويساعد على تحقق هذا الاحتمال حالة الغضب التي باتت تجتاح الشارع الإيراني بسبب التدهور الاقتصادي الحاد الذي تعانيه إيران إلى جانب تراجع قيمة عملتها أمام الدولار، هذا إلى جانب نمو طبقة مثقفه شبابية داخل إيران تطالب بإحداث تغيير سياسي شامل داخل البلاد وانهاء الحكم الديني لإيران.
إلى جانب ذلك فعامل المناخ يلعب دوره أيضاً في زيادة الاحتقان الشعبي ضد نظام إيران؛ فبحسب محاضرة فوكوياما الأخيرة في دبي والتي تحدث فيها عن الشئون العالمية وكان من بينها الشأن الإيراني، فذكر أن إيران قد تنفجر من الداخل بفضل عامل المناخ والاحتباس الحراري الذي أدى إلى نزوح الكثير من الإيرانيين من الريف إلى المدن بسبب نضوب المياه هناك، ما أدى إلى زيادة الضغوط على المدن وزيادة عدد العاطلين وازدياد نسبة الفقر، هذا إلى جانب نمو الطبقة المثقفة التي تحدثنا عنها، وهذان العاملان هما عاملان يتعلقان بالداخل الإيراني، وقد بدأت تفاعلاتهما في الظهور منذ احتجاجات 2009م، إلا أن هناك سبباً خارجياً قد يمثل دافعاً قوياً نحو اسقاط النظام من الداخل، وهو الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، وإمكانية أن تنسحب منه أوروبا هي الأخرى بسبب علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة، وبسبب تناقص الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها بعد الانسحاب الأمريكي، وإمكانية تعرض شركاتها لعقوبات اقتصادية نظراً للتعاون مع إيران.
وفي حقيقة الأمر فإن هذا العامل الدولي مع العاملين الداخليين يدفعان في طريق اسقاط النظام داخلياً، وهو أمر بات يقلق قادة النظام في طهران، فروحاني الرئيس الحالي لإيران كان قد سبق وحذر القادة الإيرانيين من عدم الاستماع إلى صوت الشعب ومن أن يلاقوا ذات مصير الشاه، ومن الجدير بالذكر أن ذلك التحذير كان في الذكرى الـ 39 للثورة الإيرانية، أيضاً فإن الرئيس السابق أحمدي نجاد وأحد أقطاب التيار المحافظ في طهران كان قد دعا إلى اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعيدة عن تدخلات المرشد الإيراني، ما يدلل على شعور قادة التيارين الإصلاحي والمحافظ بخطورة الوضع الداخلي في إيران وإمكانية انفجاره في أي لحظه خاصة مع الاحتجاجات الأخيرة التي أعلنت واشنطن تأييدها الكامل لها وتعهد قاداتها بدعمها وتحرير الشعب الإيراني من النظام الديني الإيراني كما أوضحنا سابقاً، وبالتالي فإن أكثر ما بات يقلق النظام الحالي هو تفجيره من الداخل وهي تجربه شاهدها النظام بنفسه في بلدان الربيع العربي، وقد تحدث مجدداً في بلاده مدعومة بكل تلك العوامل إلى جانب إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران وربما فرض عقوبات جديدة، وهي أمور نشرت الإحباط في الداخل الإيراني؛ حيث كان هناك تفاؤلاً شعبياً بالاتفاق النووي الإيراني الذي عدوه طوق النجاة لإيران للعودة مرة أخرى إلى التفاعلات الدولية والمساهمة في الاقتصاد العالمي، وتحسين العلاقات مع الغرب، إلا أن توجه النظام لدعم النظام السوري ودخوله في حرب بالوكالة في اليمن ضد السعودية، إلى جانب تصاعد احتمالية تصادمه مع إسرائيل بعد المناوشات الأخيرة في سوريا، وتصاعد الحرب الكلامية بين قيادات الولايات المتحدة وإيران، كل تلك أمور نشرت الإحباط الشعبي في الداخل الإيراني وجعلت هناك إمكانية للولايات المتحدة لاستخدام هذا الخيار إما للمساهمة في اسقاط النظام عبر دعم المعارضة خاصة حركة مجاهدي خلق المنفية في الغرب والمجيء بنظام موالي لها، أو باستخدامه كأداة تضغط بها على طهران للقبول بالشروط الأمريكية وقبول تعديل الاتفاق النووي بما يضمن لها حماية أمن حليفتها إسرائيل ويضمن تقليص النفوذ الإيراني والرغبة الإيرانية الدائمة في السيطرة على الخليج العربي وتحدي الهيمنة الأمريكية إقليمياً.
وعلى أية حال فإن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران تثبت أنها هي الأخرى صارت ضمن ما يعرف بقوس الأزمات الذي شمل منطقة الشرق الأوسط بالكامل ضمن الاستراتيجية الأمريكية لإعادة تخطيط المنطقة، ومن ثم فإن تفجير إيران من الداخل قد يعد خياراً حيوياً للولايات المتحدة لبناء الشرق الأوسط الجديد الذي سيتيح للولايات المتحدة بسط سيطرتها على الإقليم والاستفادة من ثرواته الهامه، وقد يتداخل هذا الاحتمال مع الاحتمال الثاني المتعلق بالحرب بالوكالة؛ فربما تؤدي الحرب الإقليمية على إيران إلى غضب شعبي ضخم يطيح بالنظام الإيراني من الداخل ويدخل إيران في فوضى مقصودة كخطوة نحو الهدف، وفي حقيقة الأمر فإن هذا الاحتمال هو أكثر ما يخشاه النظام الإيراني وهو ما يفسر تعامله بحذر مع الاحتجاجات الأخيرة حتى لا تنفجر الأوضاع وتخرج عن السيطرة ما قد يعطي الفرصة للولايات المتحدة للإطاحة بالنظام الإيراني.
ولكن على الجانب الآخر فإن القضاء على النظام الإيراني الحالي تماماً أمر لا يتفق مع المصالح الأمريكية في المنطقة، فلابد من خطر يبرر لدافع الضرائب الأمريكي وللرأي العام العالمي تواجد القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، ولا بد من خطر يضمن استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية إلى المنطقة، ولابد من خطر يلهي العرب عن قضيتهم الأساسية في فلسطين، إلى جانب ذلك فروسيا لن تقبل بإسقاط أقوى حلفائها في المنطقة كما سقط العراق من قبل في وقت عجزت فيه موسكو عن فعل شيء لإنقاذه، ومن ثم فإنها ستعمل على منع تحقق ذلك بكل تأكيد، ومن ثم يمكن القول أن هذا الاحتمال هو الآخر رغم انخفاض تكلفته بالنسبة للولايات المتحدة وإمكانية دمجه مع الاحتمال الثاني فإنه سيواجه برفض روسي ورغبة أمريكية في الإبقاء على خطر إيران، ولكن فإن ذلك قد لا يمنع الولايات المتحدة من تدعيم هذا الخيار إذا أتيح بغرض الضغط على النظام ودفعه لتقديم تنازلات داخلية وخارجية تتفق مع ما ترغب فيه الولايات المتحدة، وكذلك الحال بالنسبة للخيار الثاني.
الخيار الرابع: الوصول إلى اتفاق جديد:
هذا الخيار قد يجد صدى عالمي لما يمكن أن يتسبب فيه من حلحلة لأزمات الشرق الأوسط والتوجه نحو الاستفادة من موارده الطبيعية التي بدأت في الظهور في شرق المتوسط تحديداً؛ حيث تدفع أوروبا نحو هذا الخيار سعياً منها للتوصل إلى حل لا يضر بمصالح شركاتها العاملة في طهران، ومن جانب آخر لا يضر بعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة خاصة دخول الطرفان في حرب تجارية وإن كانت قد انتهت مؤخراً ولكن فإن معاودة التصعيد ممكنه، وعلى الرغم من تمسك أوروبا خاصة الدول الثلاث الكبرى الموقعة على الاتفاق بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالاتفاق النووي، إلا أنها لم تجد مشكلة في تعديل الاتفاق باتفاق آخر تكميلي يتضمن تنازلات إيرانية في مجال الصواريخ الباليستية الإيرانية وسياساتها التوسعية في المنطقة ودعمها للنظام السوري وغيره، إلا أن إيران رفضت بشدة أي تعديل على الاتفاق قائلة أن فشل الاتفاق بصيغته الحالية يعني أن المفاوضات كانت مضيعة للوقت.
ورغم انسحاب الولايات المتحدة فعلياً من الاتفاق كما ذكرنا فإن أوروبا لا تزال تواصل ضغوطها من أجل اتفاق يرضي جميع الأطراف ويضمن لها مصالحها في الشرق الأوسط، ويقلل من سياسات إيران غير المقبولة أوروبياً وأمريكياً، وعلى الرغم من ذلك التصعيد الأمريكي، إلا أن وزير الدفاع الأمريكي كان قد تحدث في اليوم التالي للانسحاب مباشرة عن دبلوماسية قوية تستهدف حل المشكلات دون إطلاق طلقة واحدة، ما يعني أن الولايات المتحدة ستفضل الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران بغرض اجبارها على القبول بتعديلات على الاتفاق النووي، وربما تلجأ للتلويح بالخيار الثالث إذا تطلب الأمر ذلك للضغوط عليها لتحقيق أهداف الولايات المتحدة، واخضاع إيران للشروط الـ 12 التي ذكرها وزير الخارجية والتي تفرض على إيران السماح لوكالة الطاقة الذرية بالوصول غير المشروط لكل المواقع النووية الإيرانية، إلى جانب إنهاء البرنامج الباليستي الإيراني، وإنهاء دعمها للجماعات الإرهابية وعلى رأسها حزب الله في لبنان وطالبان وفيلق القدس وغيرهم، مهدداً إيران بعقوبات اقتصادية كبيرة ستكون أشد إيلاماً على النظام الإيراني ما لم تستجب للمطالب الأمريكية، ومع تزايد هذه الضغوط قد تضطر إيران للقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف بحث هذه الشروط، فربما تنجح في تخفيض هذه المطالب أو الوصول إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، ويدعم من ذلك هو الأفعال الإيرانية الهادئة فرغم تصريحات إيران القوية، إلا أنها لم ترد على الهجوم الإسرائيلي الكبير على القواعد الإيرانية في سوريا ما بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ذلك الهجوم الذي وصفه قادة في الجيش الإسرائيلي بأنه دمر كل البنية التحتية الإيرانية في سوريا، ورغم ذلك لم تقم إيران بأي رد على هذا الهجوم، ما يوضح سعي إيران للتهدئة وعدم الانسياق وراء فخ أمريكي يشبه ذلك الفخ الذي أُحيك للعراق من قبل في الكويت، هذا إلى جانب الأزمات الداخلية التي تعانيها إيران خاصة فيما يتعلق من موقف التيار المحافظ من الاتفاق النووي منذ توقيعه، وقد زادت تلك المعارضة بعد الانسحاب الأمريكي إلى جانب الغضب الشعبي الداخلي، كل تلك أمور تدفع إيران إلى تهدئة الأمور مع الولايات المتحدة ومحاولة التفاوض وإيجاد مجال للمناورة يتيح لها الخروج من مأزقها الحالي حتى لو كان بالقبول ببعض التنازلات المتعلقة بنفوذها في المنطقة للحصول على دعم دولي خاصة أن روسيا والصين ودول أوروبا لديها مصالح اقتصادية كبيرة في إيران.
ولكن فإن هذا الخيار رغم تفضيل الولايات المتحدة له كونها ستحقق كل أهدافها بلا أي تكاليف، إلا أن هذا الخيار شديد الصعوبة على إيران التي تعاني ضغوطاً داخلية شديدة، وتواجه سياساتها الخارجية أخطاراً عديدة في سوريا واليمن. ولكن يمكن القول بأن الولايات المتحدة قد طرحت كل تلك الخيارات في إطار استراتيجية تدريجية للتعامل مع إيران وفق كل الاحتمالات الممكنة، وإن كانت حتى الآن تعمل وفقاً لهذا الخيار بالضغط الاقتصادي والسياسي لدفع إيران على التوجه نحو اتفاق تكميلي يبقي على النظام الإيراني وفقاً لمصالح الولايات المتحدة، ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تلجأ على الخيارات الأخرى، ولكن ذلك يتوقف على مدى الاستجابة الإيرانية، ومتى تهيئ الأوضاع الدولية والإقليمية اللازمة لتنفيذ أية خيارات أخرى، ولكن إلا الآن لا تزال الولايات المتحدة تمارس ضغوطها سعياً وراء اتفاق مكمل وفقاً لشروطها، ويبدو أن أوروبا قد تقبل بذلك أيضاً وتمارس ضغوطها على إيران سعياً وراء القبول بهذا الأمر.
خاتمة:
وفي الختام نكون قد عرضنا للاتفاق النووي الإيراني، وتطورات العلاقات الأمريكية الإيرانية، مع وضع رؤيتنا الاستشرافية لمستقبل الصراع الأمريكي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط والتي توصلنا فيها إلى أن الولايات المتحدة تتبع الخيار الأخير المتمثل في الضغط على إيران للقبول باتفاق تكميلي بشروط قوية على نحو ما أوضحنا مع بقاء الخيارات الأخرى متاحة.
- “ما أبرز بنود الاتفاق النووي الإيراني”، Deutsche Welle (DW) الألمانية، أكتوبر 2017م، http://www.dw.com/ar/ما-هي-أبرز-نقاط-الاتفاق-النووي-الإيراني/a-40910628 ، تمت زيارته في 26/07/2018.
- [قناة العربية]، (مايو 2018م)، ما هي بنود الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع في 2015 وانسحبت منه أميركا اليوم؟، (ملف فيديو)، تم استرجاعه من: https://youtu.be/uQthLYG1s7Y .
- حسين عمارة، “أهم بنود الاتفاق النووي الإيراني ولماذا يريد ترامب الخروج منه؟”، فرانس 24، مايو 2018م، http://www.france24.com/ar/20180508-الولايات-المتحدة-ترامب-اتفاق-دولي-نووي-إيراني ، تمت زيارته في 26/07/2018.
- دوينا تشياكو، “نتنياهو يدعو أمريكا للصمود من أجل اتفاق أفضل مع إيران”، رويترز، يوليو 2015م، https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKCN0PT0GC20150719 ، تمت زيارته في: 27/07/2018.
- فهد الخيطان، “روسيا وإيران… بوادر اختلاف حول سوريا؟”، جريدة الشرق الأوسط، مايو 2018م، https://aawsat.com/home/article/1282936/فهد-الخيطان/روسيا-وإيران-بوادر-خلاف-حول-سوريا؟ ، تمت زيارته في: 26/07/2018.
- Zack Beauchamp, “Trump’s withdrawal from the Iran nuclear deal, explained”, Vox, May 2018, https://www.vox.com/world/2018/5/8/17328520/iran-nuclear-deal-trump-withdraw , Retrieved: 26/07/2018.
- محمد محسن أبو النور، ” 10 أسباب ترجح انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران اليوم”، جريدة اليوم السابع، مايو 2018م، https://www.youm7.com/story/2018/5/8/10-أسباب-ترجح-انسحاب-ترامب-من-الاتفاق-النووى-مع-إيران/3783772 ، تمت زيارته في 26/07/2018.
- Bethan McKernan, “ran nuclear deal: Why has Trump withdrawn US from it and why does it matter?”, Independent, May 2018, https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/iran-nuclear-deal-why-trump-us-withdraw-effect-europe-rouhani-latest-a8343496.html , Reprieved: 26/07/2018
- “إسرائيل: صواريخ “حزب اللـه” ستطالنا وتجربة حقيقية لعناصره في سوريا”، سبوتنيك الروسية، إبريل 2017م، https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201704231023649307-إسرائيل-حزب-الله-صاروخ-حرب-سوريا/ ، تمت زيارته في: 27/07/2018.
- “ترامب يتحدث عن تسجيل فتاة “بلاي بوي”.. ويهاجم كوهين”، سكاي نيوز عربية، https://www.skynewsarabia.com/world/1166162-ترامب-يتحدث-تسجيل-فتاة-بلاي-بوي-ويهاجم-كوهين ، تمت زيارته في 27/07/2018.
- “مستشارا ترمب يعدان بدعم احتجاجات إيران لتغيير النظام.. ورجوي تعد بحكم ذاتي للأقليات”، إرم نيوز، https://www.eremnews.com/news/world/1395515 ، تمت زيارته في: 27/07/2018.
- “ما جدية تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز؟”، BBC عربي، يوليو 2018م، http://www.bbc.com/arabic/interactivity-44759430 ، تمت زيارته في: 27/07/2018.
- “سليماني: البحر الأحمر لم يعد آمنا مع الوجود الأمريكي”، RT الروسية، يوليو 2018م، https://arabic.rt.com/world/959556-سليماني-حذر-ترامب-البحر-الأحمر-آمن-أمريكا/# ، تمت زيارته في: 27/07/2018.
- “الولايات المتحدة والسعودية توقعان اتفاقيات بقيمة 460 مليار دولار”، جريدة اليوم السابع، مايو 2017م، https://www.youm7.com/story/2017/5/21/الولايات-المتحدة-والسعودية-توقعان-اتفاقيات-بقيمة-460-مليار-دولار/3244670 ، تمت زيارته في 27/07/2018.
- زمن البدري، “ملايير بن سلمان مجرد “فتات” بالنسبة لترامب ـ المواقع الاجتماعية تتفاعل”، DW الألمانية، مارس 2018م، https://www.dw.com/ar/ملايير-بن-سلمان-مجرد-فتات-بالنسبة-لترامب-ـ-المواقع-الاجتماعية-تتفاعل/a-43068781 ، تمت زيارته في 27/07/2018.
- “السعودية تعلن تعليق صادراتها النفطية عبر مضيق باب المندب غداة هجوم للحوثيين”، فرانس 24، يوليو 2018م، http://www.france24.com/ar/20180726-اليمن-السعودية-تعليق-الصادرات-باب-المندب-نفط-الحوثيون-التحالف ، تمت زيارته في 27/07/2018.
- سعد ناجي جواد، “المعضلة الكردية في العراق.. عوامل التأزم والمستقبل”، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للبحوث والدراسات، العدد 213، يوليو 2018م، المجلد: 53، ص ص: 51- 55.
- William Hartung, “Make No Mistake: Trump Is Paving the Way for War with Iran”, Foreign Policy in focus, May 2018, https://fpif.org/make-no-mistake-trump-is-paving-the-way-for-war-with-iran , Retrieved: 28/07/2018.
- Philip H. Gordon, “Will America Attack Iran?”, BROOKINS, June 2006, https://www.brookings.edu/opinions/will-america-attack-iran , Retrieved: 28/07/2018.
- “US-Iran tensions: Australian Government figures believe Trump could order strike”. com.au, July 2018, https://www.news.com.au/world/north-america/usiran-tensions-australian-government-figures-believe-trump-could-order-strike/news-story/99c1ac92f2379e339b37d56bf04c6024 , Retrieved: 28/07/2018.
- “أمريكا تضع 12 شرطا للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران”، سبوتنيك الروسية، مايو 2018م، https://arabic.sputniknews.com/world/201805211032507724-وزير-الخارجية-الأمريكي-إيران/ ، تمت زيارته في 28/07/2018.
- “ترحيب أوروبي حذر بالإنفراجة التجارية مع أمريكا”، الأهرام اليومي، يوليو 2018م، http://www.ahram.org.eg/News/202721/26/663724/أخبار-عربية-و-عالمية/ترحيب-أوروبى-حذر-بالانفراجة-التجارية-مع-أمريكا.aspx ، تمت زيارته في 28/07/2018.
- نديم قطيش، “فوكوياما: هكذا ستنفجر إيران”، جريدة الشرق الأوسط، فبراير 2018م، https://aawsat.com/home/article/1184016/نديم-قطيش/فوكوياما-هكذا-ستنفجر-إيران ، تمت زيارته في 28/07/2018.
- محمد السعيد إدريس، “إيران تُدفع إلى قوس الأزمات”، الأهرام اليومي، يناير 2018م، http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/630711.aspx ، تمت زيارته في 28/07/2018.
- محمد السعيد إدريس، “قراءة في الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني”، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للبحوث والدراسات، العدد: 213، يوليو 2018م، المجلد: 53، ص ص: 162- 166.
- خاص – المركز الديمقراطي العربي